وَالَعِينُ سَاكِنَةٌ عَلَى أَطْلَــائِهَا ... عُوذٌ تَأَجَّلَ بِالْفَضَاءِ بِهَامُهَا
تَأَجَّلَ: تَصِيرُ آجَالًا، أَيْ قُطُعًا. وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ مُلَازَمَةِ وَلَدِهَا إِيَّاهَا، أَوْ مُلَازَمَتِهَا إِيَّاهُ.
عفش: عَفَشَه يَعْفِشُه عَفْشاً: جمعه. وفي نوادر الأَعراب: به عُفَاشةٌ
من الناس ونُخاعةٌ ولُفاظةٌ، يعني من لا خير فيه من الناس.
همم: الهَمُّ: الحُزْن، وجمعه هُمومٌ، وهَمَّه الأَمرُ
هَمّاً ومَهَمَّةً وأَهَمَّه فاهْتَمَّ واهْتَمَّ به. ولا هَمامِ لي:
مبنية على الكسر مثل قَطامِ أَي لا أَهُمُّ. ويقال: لا مَهَمّةَ لي،
بالفتح، ولا هَمامِ، أَي لا أَهُمّ بذلك ولا أَفْعَلُه؛ قال الكميت يمدح أَهل
البيت:
إِن أَمُتْ لا أَمُتْ، ونَفْسِيَ نَفْسا
نِ من الشَّكِّ في عَمىً أَو تَعامِ
عادِلاً غيرَهم من الناسِ طُرّاً
بِهِمُ، لا هَمامِ لي لا هَمامِ
أَي لا أَهُمُّ بذلك، وهو مبني على الكسر مثل قَطامِ؛ يقول: لا أَعْدِل
بهم أَحداً، قال: ومثلُ
قوله لا هَمامِ قراءةُ من قرأَ: لا مَساسِ؛ قال ابن جني: هو الحكاية
كأَنه قال مَساسِ
فقال لا مَساسِ، وكذلك قال في هَمامِ إِنه على الحكاية لأَنه لا يبنى
على الكسر، وهو يريد به الخبر. وأَهَمَّني الأَمرُ
إِذا أَقْلَقَك وحَزَنَك. والاهتمامُ: الاغتمامُ، واهْتَمِّ له
بأَْمرِه. قال أَبو عبيد في باب قلّة اهتِمامِ
الرجلِ بشأْن صاحِبه: هَمُّك ما هَمَّك، ويقال: هَمُّك ما أَهَمَّك؛
جعلَ ما نَفْياً في قوله ما أَهَمَّك أََي لم يُهِمَّك هَمُّك، ويقال: معنى
ما أَهَمَّكَ أَي ما أَحْزَنَك، وقيل: ما أَقْلَقَك، وقيل: ما أَذابَك.
والهِمَّةُ: واحدةُ الهِمَمِ.
والمُهِمَّاتُ من الأُمور: الشائدُ المُحْرِقةُ. وهَمَّه السُّقْمُ
يَهُمُّه هَمّاً أَذابَه وأَذْهَبَ لَحمه. وهَمَّني المرضُ: أَذابَني. وهَمَّ
الشحمَ يَهُمُّه هَمّاً: أَذابَه؛ وانْهَمَّ هو.
والهامومُ: ما أُذِيبَ من السنام؛ قال العجاج يصف بَعيرَه:
وانْهَمَّ هامومُ السَّدِيفِ الهاري
عن جَرَزٍ منه وجَوْزٍ عاري
(* قوله «الهاري» أنشده في مادة جرز: الواري، وكذا المحكم والتهذيب).
أَي ذهب سِمَنُه. والهامومُ من الشحمِ: كثيرُ الإِهالةِ. والهامومُ: ما
يَسيل من الشَّحْمةِ إِذا شُوِيَت، وكلُّ شيء ذائبٍ يُسمَّى هاموماً. ابن
الأَعرابي: هُمَّ إِذا أُغْلِيَ، وهَمَّ إِذا غَلى. الليث: الانْهِمامُ
في ذَوَبانِ
الشيء واسْتِرْخائه بعد جُمودِه وصَلابتِه مثل الثلج إِذا ذابَ، تقول:
انْهَمَّ. وانْهَمَّت البقُولُ إِذا طُبِخَتْ في القدر. وهَمَّت الشمسُ
الثلجَ: أَذابَتْه. وهَمَّ الغُزْرُ الناقةَ يَهُمُّها هَمّاً: جَهَدَها
كأَنه أَذابَها. وانْهَمَّ الشحمُ والبَرَدُ: ذابا؛ قال:
يَضْحَكْن عنْ كالبَرَد المُنْهَمِّ،
تحتَ عَرَانِينِ أُنوفٍ شُمِّ
والهُمامُ: ما ذابَ منه، وقيل: كلُّ مُذابٍ مَهْمومٌ؛ وقوله:
يُهَمُّ فيها القوْمُ هَمَّ الحَمِّ
معناه يَسيل عرقهم حتى كأَنهم يَذُوبون. وهُمامُ الثلج: ما سالَ منْ
مائِه إِذا ذابَ؛ وقال أَبو وجزة:
نواصح بين حَمَّاوَيْنِ أَحْصَنَتا
مُمَنَّعاً، كهُمامِ الثَّلْج بالضَّرَبِ
أَراد بالنواصح الثَّنايا. ويقال: همَّ اللبَنَ في الصحْنِ إِذ حَلَبَه،
وانْهَمَّ العرَقُ في جَبينِه إِذا سالَ؛ وقال الراعي في الهَماهِمِ
بمعنى الهُموم:
طَرَقا، فتِلكَ هَماهِمِي أَقْرِيهِما
قُلُصاً لَواقحَ كالقِسيِّ وحُولا
وهَمَّ بالشيءَ يهمُّ هَمّاً: نواه وأَرادَه وعزَم عليه. وسئل ثعلب عن
قوله عز وجل: ولقد هَمَّت به وهمَّ بها لولا أَنْ رَأَى بُرْهانَ ربِّه؛
قال: هَمَّت زَلِيخا بالمعصية مُصِرّةً على ذلك، وهَمَّ يوسفُ، عليه
السلام، بالمعصية ولم يأْتِها ولم يُصِرَّ عليها، فَبَيْن الهَمَّتَيْن
فَرْقٌ. قال أَبو حاتم: وقرأْتُ غريبَ القرآن على أَبي عبيدة فلما أَتيتُ على
قولِه: ولقد هَمَّت به وهَمَّ بها (الآية) قال أَبو عبيدة: هذا على
التقديم والتأْخير كأَنه أَراد: ولقد هَمَّت به، ولولا أَنْ رَأَى بُرْهانَ
ربّه لَهَمَّ بها. وقوله عز وجل: وهَمُّوا بما لم يَنالوا؛ كان طائفةٌ
عَزَمُوا على أَن يغْتالُوا سيّدنا رسولَ الله، صلى الله عليه وسلم، في سفَرٍ
وقَفُوا له على طريقِه، فلما بَلغهم أَمَرَ بتَنْحيَتِهم عن طريقِه
وسَمّاهم رجلاً رجلاً؛ وفي حديث سَطِيح:
شَمِّرْ فإِنّك ماضي الهَمِّ شِمِّيرُ
أَي إِذَا عَزمت على أَمرٍ أَمْضَيْتَه. والهَمُّ: ما همّ به في
نَفْسِه، تقول: أَهَمَّني هذا الأَمرُ. والهَمَّةُ والهِمَّةُ: ما هَمَّ به من
أَمر ليفعله. وتقول: إِنه لَعظيمُ الهَمّ وإِنه لَصغيرُ الهِمّة، وإِنه
لَبَعيدُ الهِمَّةِ والهَمّةِ، بالفتح.
والهُمامُ: الملكُ العظيم الهِمّة، وفي حديث قُسٍّ: أَيها الملكُ
الهُمامُ، أَي العظيمُ الهِمَّة. ابن سيده: الهُمام اسمٌ من أَسماء الملك
لِعِظمِ هِمّته، وقيل: لأَنه إِذا هَمَّ بأَمر أَمْضاه لا يُرَدُّ عنه بل
يَنْفُذ كما أَراد، وقيل: الهُمامُ السيِّدُ الشجاعُ السَّخيّ ولا يكون ذلك
في النساء. والهُمامُ: الأَسدُ، على التشبيه، وما يَكادُ ولا يَهُمُّ
كَوْداً ولا مَكادَةً وهَمّاً ولا مَهَمَّةً.
والهَمَّةُ والهِمَّةُ: الهَوى. وهذا رجلٌ هَمُّك من رجلٍ وهِمَّتُك من
رجل أَي حسْبُك. والهِمُّ، بالكسر: الشيخ الكبيرُ البالي، وجمعه
أَهْمامٌ. وحكى كراع: شيخٌ هِمَّةٌ، بالهاء، والأُنثى هِمَّةٌ بيِّنة الهَمَامةِ،
والجمع هِمَّات وهَمائمُ، على غير قياس، والمصدر الهُمومةُ والهَمامةُ،
وقد انْهَمَّ، وقد يكون الهِمُّ والهِمَّةُ من الإِبل؛ قال:
ونابٌ هِمَّةٌ لا خَيْرَ فيها،
مُشرَّمةُ الأَشاعِرِ بالمَدارِي
ابن السكيت: الهَمُّ من الحُزْن، والهَمُّ مَصْدَرُ هَمَّ الشَّحمَ
يَهُمُّه إِذا أَذابَه. والهَمُّ: مصدر هَمَمْت بالشيء هَمّاً. والهِمُّ:
الشيخ البالي؛ قال الشاعر:
وما أَنا بالهِمِّ الكبيرِ ولا الطِّفْلِ
وفي الحديث: أَنه أُتِيَ برجل هِمٍّ؛ الهِمُّ، بالكسر: الكبيرُ الفاني.
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: كان يأْمرُ جُيُوشه أَن لا يَقْتُلوا هِمّاً
ولا امرأَةً؛ وفي شعر حُميد:
فحَمَّلَ الهِمَّ كِنازاً جَلْعَدا
(* قوله «كنازاً إلخ» تقدم هذا البيت في مادة جلعد بلفظ كباراً والصواب
ما هنا)
والهامّةُ: الدابّةُ. ونِعْمَ الهامّةُ هذا: يعني الفرسَ؛ وقال ابن
الأَعرابي: ما رأَيتُ هامّةً أَحسنَ منه، يقال ذلك للفرس والبعير ولا يقال
لغيرهما. ويقال للدابّة: نِعْمَ الهامّةُ هذا، وما رأَيت هامَّةً أَكْرمَ
من هذه الدابّة، يعني الفرس، الميمُ مشدَّدة. والهَمِيمُ: الدَّبِيبُ. وقد
هَمَمْتُ أَهِمُّ، بالكسر، هَمِيماً. والهَمِيمُ: دوابُّ هوامِّ الأَرض.
والهوامُّ: ما كان من خَشاش الأَرض نحو العقارب وما أَشبهها، الواحدة
هامّة، لأَنها تَهِمّ أَي تَدِبّ، وهَمِيمُها دبِيبُها؛ قال ساعدة بن
جُؤَيَّة الهذليّ يصف سيفاً:
تَرى أَثْرَهُ في صَفْحَتَيْه، كأَنه
مَدارِجُ شِبْثانٍ لَهُنَّ هَمِيمُ
وقد هَمَّتْ تَهِمُّ، ولا يقع هذا الاسم إِلاَّ على المَخُوف من
الأَحْناش. وروى ابن عباس عن النبي، صلى الله عليه وسلم: أَنه كان يُعَوِّذ
الحسنَ والحسَينَ فيقول: أُعيذُكُما بكلمات الله التامه، من شرّ كل شيطانٍ
وهامّه، ومن شرِّ كل عين لامّه، ويقول: هكذا كان إِبراهيمُ يعوّذ إِسمعيل
وإِسحق، عليهم السلام؛ قال شمر: هامّة واحدة الهوامِّ، والهوامُّ:
الحيَّاتُ وكلُّ ذي سَمٍّ يَقْتُلُ سَمُّه، وأَما ما لا يَقْتُلُ ويَسُمُّ فهو
السَّوامُّ، مشدَّدة الميم، لأَنها تَسُمُّ ولا تبلُغ أَن تَقتل مثل
الزُّنْبورِ والعقرب وأَشباهِها، قال: ومنها القَوامُّ، وهي أَمثال القَنافِذ
والفأْرِ واليَرابيع والخَنافِس، فهذه ليست بهَوامَّ ولا سَوامَّ،
والواحدة من هذه كلها هامّة وسامّة وقامّة. وقال ابن بُزُرْج: الهامّة الحيّةُ
والسامّة العقربُ. يقال للحية: قد همّت الرجلَ، وللعقرب: قد سمَّتْه،
وتقع الهامّة على غير ذواتِ السّمّ القاتِل، أَلا ترى أَن النبي، صلى الله
عليه وسلم، قال لكعب بن عُجْرة: أَيُؤْذِيكَ هَوامُّ رأْسِك؟ أَراد بها
القَمْل، سمّاها هَوامَّ لأَنها تَدِبُّ في الرأْس وتَهِمُّ فيه. وفي
التهذيب: وتقع الهوامُّ على غير ما يَدِبُّ من الحيوان، وإِن لم يَقْتُلْ
كالحَشَرات.
ابن الأَعرابي: هُمَّ لنَفْسِك ولا تَهُمَّ لهؤلاء أَي اطْلُبْ لها
واحْتَل. الفراء: ذهبْتُ أَتَهَمَّمُه أَنْظر أَينَ هو، وروي عنه أَيضاً:
ذهبتُ أَتَهَمَّمُه أَي أَطلُــبه. وتَهمَّم الشيءَ: طلَبه.
والهَمِيمةُ: المطرُ الضعيف، وقيل: الهَميمةُ من المطر الشيءُ الهيِّنُ،
والتَّهْميمُ نحوُه؛ قال ذو الرمة:
مَهْطولة من رياض الخُرْج هيَّجها،
مِن لَفِّ سارِيَةٍ لَوْثاءَ، تَهْميمُ
(* قوله «من لف» كذا في الأصل والمحكم، وفي التهذيب: من لفح، وفي
التكملة: من صوب)
والهَميمةُ: مطرٌ ليّنٌ دُقاقُ القَطْر. والهَمومُ: البئر الكثيرة
الماء؛ وقال:
إِنَّ لنا قَلَيْذَماً هَموما،
يَزيدُه مَخْجُ الدِّلا جُموما
وسحابة هَمومٌ: صَبوبٌ للمطر. والهَميمةُ من اللبَن: ما حُقِن في
السِّقاء الجديد ثم شُرب ولم يُمْخَض. وتهَمَّمَ رأْسَه: فَلاه. وهَمَّمَت
المرأَةُ في رأْس الصبي: وذلك إِذا نوَّمَتْه بصوت تُرَقِّقُه له. ويقال: هو
يَتَهَمَّمُ رأْسَه أَي يَفْلِيه. وهَمَّمَت المرأَةُ في رأْس الرجل:
فلَّتْه. وهو من هُمَّانِهم أَي خُشارَتهم كقولك من خُمَّانِهم.
وهَمَّام: اسم رجل.
والهَمْهَمة: الكلام الخفيّ، وقيل: الهَمْهَمة تَرَدُّد الزَّئير في
الصَّدْر من الهمّ والحَزَن، وقيل: الهَمْهَمة تَرْديد الصوت في الصدر؛
أَنشد ابن بري لرجل قاله يوم الفتح يخاطب امرأَته:
إِنَّكِ لو شَهِدْتِنا بالحَنْدَمهْ،
إِذْ فَرَّ صَفْوان وفَرَّ عِكْرِمَهْ،
وأَبو يَزيدَ قائمٌ كالمُؤْتِمَهْ،
واسْتَقْبَلَتْهُم بالسيوف المُسْلِمَهْ،
يَقْطَعْنَ كلَّ ساعِدٍ وجُمْجُمَهْ
ضَرْباً، فما تَسْمع إِلا غَمْغَمهْ،
لهُمْ نَهيتٌ خَلْفَنا وهَمْهَمَهْ،
لَمْ تَنْطِقي باللَّوْم أَدنى كلِمَهْ
(* رواية هذه الأبيات في مادة خندم تختلف عما هي عليه هنا)
وأَنشد هذا الرجز هنا الحَنْدَمة، بالحاء المهملة، وأَنشده في ترجمة
خندم بالخاء المعجمة. والهَمْهَمة: نحوُ أَصوات البقر والفِيَلَة وأَشباه
ذلك. والهَماهِم: من أَصوات الرعد نحو الزَّمازِم. وهَمْهَمَ الرَّعْدُ
إِذا سمعتَ له دَوِيّاً. وهَمْهَم الأَسدُ، وهمْهَم الرجلُ إِذا لم يُبَيِّن
كلامه. والهمْهَمة: الصوت الخفيّ، وقيل: هو صوت معه بحَحٌ.
ويقال للقصَب إِذا هزَّته الريح: إِنه لَهُمْهوم. قال ابن بري:
الهُمْهوم المُصَوِّت؛ قال رؤبة:
هزّ الرياحِ القَصَبَ الهُمْهوما
وقيل: الهَمْهمةُ ترديد الصوت في الصدر. وفي حديث ظبْيان: خرج في
الظُّلمة فسَمِع هَمْهَمةً أَي كلاماً خفيّاً لا يُفْهَم، قال: وأَصل
الهَمْهَمة صوت البقرة. وقَصَبٌ هُمْهوم: مُصوِّت عند تَهْزيز الريح. وعَكَرٌ
هُمْهوم: كثير الأَصوات: قال الحَكَم الخُضْريّ وأَنشده ابن بري مستشهداً به
على الهُمْهوم الكثير:
جاءَ يَسوقُ العَكَرَ الهُمْهوما
السَّجْوَرِيُّ لا رَعى مُسِيما
والهُمْهومة والهَمْهامة: العَكَرة العظيمة. وحِمار هِمْهيم: يُهَمْهِم
في صوته يُردِّد النهيق في صدره؛ قال ذو الرمة يصف الحمار والأُتُن:
خَلَّى لها سَرْبَ أُولاها وهَيَّجها،
مِن خَلْفِها، لاحِقُ الصُّقْلَينِ هِمْهيمُ
والهِمْهيم: الأَسد، وقد هَمْهَم. قال اللحياني: وسمع الكسائي رجلاً من
بني عامر يقول إِذا قيل لنا أَبَقِيَ عندكم شيء؟ قلنا: هَمْهامْ
وهَمْهامِ يا هذا، أَي لم يَبْقَ شيء؛ قال:
أَوْلَمْتَ، يا خِنَّوْتُ، شَرَّ إِيلامْ،
في يومِ نَحْسٍ ذي عجاجٍ مِظْلامْ
ما كان إِلاّ كاصْطِفاقِ الأَقْدامْ،
حتى أَتيناهم فقالوا: هَمْهامْ
أَي لم يبق شيء. قال ابن بري: رواه ابن خالويه خِنَّوْت على مثال
سِنَّوْرٍ، قال: وسأَلت عنه أَبا عُمر الزاهد فقال: هو الخَسيس. وقال ابن جني:
هَمْهامِ وحَمْحامِ ومَحْماحِ اسم لفتىً مثل سَِرْعانَِ ووَشْكان وغيرهما
من أَسماء الأَفعال التي استُعْمِلت في الخبر. وجاء في الحديث: أَحبُّ
الأَسماء إِلى الله عبدُ الله وهَمَّامٌ. وفي رواية: أَصدقُ الأَسماء
حارثة وهَمَّام، وهو فَعَّال من هَمَّ بالأَمر يَهُمّ إِذا عزَم عليه، وإِنما
كان أَصدَقها لأَنه ما من أَحد إِلا وهو يَهُمّ بأَمرٍ، رَشَِدَ أَم
غَوِيَ.
أَبو عمرو: الهَموم الناقة الحسَنة المِشْية، والقِرْواحُ التي تَعافُ
الشُّربَ مع الكِبار، فإِذا جاءت الدَّهْداهُ شرِبت معهنّ، وهي الصغار.
والهَموم: الناقة تُهَمِّم الأَرضَ بفيها وترتَع أَدنى شيء تجده، قال: ومنه
قول ابنة الخسّ: خيرُ النوق الهَموم الرَّموم التي كأَنَّ عَينَيْها
عَيْنا محموم. وقوله في الحديث في أَولاد المشركين: هُمْ من آبائهم، وفي
رواية: هم منهم، أَي حكمُهم حكم آبائهم وأَهلِهم.
ذود: الذَّوْد: السَّوق والطرد والدفع.
تقول: ذُدْتُه عن كذا، وذاده عن الشيءِ ذَوْداً وذِياداً، ورجل ذائد أَي
حامي الحقيقة دفاع، من قوم ذُوَّذٍ وذُوَّادٍ؛ وزَادَه وأَذاده: أَعانه
على الذَّيادِ. وفي حديث الحوض: إِني لَبِعُقْرِ حوضي أَذُودُ الناس عنه
لأَهل اليمن أَي أَطردهم وأَدفعهم؛ وفي الحديث: لَيُذادَنَّ رجال عن حوضي
أَي ليُطْرَدَنَّ، ويروى فلا تُذادُنَّ أَي لا تفعلوا فعلاً يوجب طردكم
عنه؛ قال ابن أَثير: والأَول أَشبه، وفي الحديث: وأَما إِخواننا بنو
أُمية فقادة ذادَةٌ؛ الذادة جمع ذائد وهو الحامي الدافع؛ قيل: أَراد أَنهم
يذودون عن الحرم.
والمِذْوَدُ: اللسانُ لأَنه يذاد به عن العِرض؛ قال عنترة:
سيأْتيكمُ مني، وإِن كنت نائياً،
دخانُ العَلَنْدى دون بيتي، ومِذودي
قال الأَصمعي: أَراد بمذوده لسانه، وببيته شَرَفَه؛ وقال حسان بن ثابت:
لساني وسيفي صارمان كلاهما،
ويبلغ ما لا يبلغ السيفُ مِذْوَدِي
ومِذْوَدُ الثور: قرنه؛ وقال زهير يذكر بقرة:
ويَذُبُّها عنها بأَسْحَمَ مِذْوَدِ
ويقال: ذِدت فلاناً عن كذا أَذُودُه أَي طردته فأَنا ذائد وهو مَذُود.
ومَعْلَفُ الدابة: مِذْوَدُه؛ قال ابن الأَعرابي: المَذادُ والمَرادخ
المَرْتَع؛ وأَنشد:
لا تَحْبِسا الحَوْساءَ في المَذادِ
وذُدت الإِبل أَذودها ذَوْذاً إِذا طردتها وسقتها، والتذويد مثله،
والمُذِيدُ: المُعِين لك على ما تَذُودُ، وهذا كقولك: أَطلــبت الرجل إِذا
أَعنته على ما طلبته، وأَحلبته أَعنته على حلب ناقته؛ قال الشاعر:
ناديتُ في القوم: أَلا مُذِيدا؟
والذَّوْدُ: للقطيع من الإِبل الثلاث إِلى التسع، وقيل: ما بين الثلاث
إِلى العشر؛ قال أَبو منصور: ونحو ذلك حفظته عن العرب، وقيل: من ثلاث إِلى
خمس عشرة، وقيل: إِلى عشرين وفُوَيقَ ذلك، وقيل: ما بين الثلاث إِلى
الثلاثين، وقيل: ما بين الثنتين والتسع، ولا يكون إِلاّ من الإِناث دون
الذكور؛ وقال النبي، صلى الله عليه وسلم: ليس فيما دون خمس ذَوْدٍ من الإِبل
صدقة، فأَنثها في قوله خمس ذود. قال ابن سيده: الذَّود مؤَنث وتصغيره
بغير هاء على غير قياس توهموا به المصدر؛ قال الشاعر:
ذَوْدُ صَفايا بينها وبيني،
ما بين تسع وإِلى اثنتين،
يُغْنِينَنا من عَيْلة ودَين
وقولهم: الذَّوْدُ إِلى الذَّود إِبل يدل على أَنها في موضع اثنتين لأَن
الثنتين إِلى الثنتين جمع؛ قال: والأَذوادُ جمع ذَوْدٍ، وهي أَكثر من
الذود ثلاث مرات؛ وقال أَبو عبيدة: قد جعل النبي، صلى الله عليه وسلم، في
قوله ليس في أَقل من خمس ذود صدقة، جعل الناقة الواحدة ذوداً؛ ثم قال:
والذود لا يكون أَقل من ناقتين؛ قال: وكان حدّ خمس ذود عشراً من النوق ولكن
هذا مثل ثلاثة فئة يعنون به ثلاثة، وكان حدّ ثلاثة فئة أَن يكون جمعاً
لأَن الفئة جمع؛ قال أَبو منصور: وهو مثل قولهم: رأَيت ثلاثة نفر وتسعة رهط
وما أَشبهه؛ قال أَبو عبيد: والحديث عام لأَن من ملك خمسة من الإِبل
وجبت عليه فيها الزكاة ذكوراً كانت أَو إِناثاً، وقد تكرر ذكر الذود في
الحديث، والجمع أَذواد؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
وما أَبْقَت الأَيامُ مِ المالِ عِنْدَنا،
سوى حِذْم أَذواد مُحَذَّفَة النَّسل
معنى محذفة النسل: لا نسل لها يبقى لأَنهم يعقرونها وينحرونها، وقالوا:
ثلاث أَذواد وثلاث ذَوْد، فأَضافوا إِليه جميع أَلفاظ أَدنى العدد جعلوه
بدلاً من أَذواد؛ قال الحطيئة:
ثلاثةُ أَنُفسٍ وثلاثُ ذَوْدٍ،
لقد جار الزمانُ على عيالي
ونظيره: ثلاثة رَحْلَة جعلوه بدلاً من أَرحال؛ قال ابن سيده: هذا كله
قول سيبويه وله نظائر. وقد قالوا: ثلاث ذود يعنون ثلاث أَينق؛ قال
اللغويون: الذود جمع لا واحد له من لفظه كالنعم؛ وقال بعضهم: الذود واحد وجمع.
وفي المثل: الذود إِلى الذود إلى، وقولهم ابلى بمعنى مع أَي القليل يضم
إِلى القليل فيصير كثيراً.
وذَيَّاد وذوّاد: اسمان.
والمَذَاد: موضع بالمدينة.
والذائد: اسم فرس نجيب جدّاً من نَسْلِ الحَرُون؛ قال الأَصمعي: هو
الذائد بن بُطَينِ بن بطان بن الحَرُون.
فوق: فَوْقُ: نقيض تحت، يكون اسماً وظرفاً، مبني، فإذا أًضيف أًعرب،
وحكى الكسائي: أَفَوْقَ تنام أَم أَسفَلَ، بالفتح على حذف المضاف وترك
البناء، قوله تعالى: إن الله لا يستحي أن يضرب مثلاً مّا بعوضةً فما فَوْقَها؛
قال أبو عبيدة: فما دونها، كما تقول إذا قيل لك فلان صغير تقول وفَوْقَ
ذلك أي أصغر من ذلك؛ وقال الفراء: فما فَوْقَها أي أعظم منها، يعني
الذُّباب والعَنْكبوت. الليث: الفَوْقَ نقيض التحت، فمن جعله صفة كان سبيله
النصب كقولك عبد الله فَوْقَ زيدٍ لأنه صفة، فإن صيرته اسماً رفعته فقلت
فوقُه رأسُه، صار رفعاً ههنا لأنه هو الرأس نفسه، ورفعت كلَّ واحد منهما
بصاحبه الفَوْقُ بالرأس، والرأسُ بالفَوْقِ. وتقول: فَوْقَهُ
قَلَنْسُوتُهُ، نصبت الفَوْقَ لأنه صفة عين القَلَنْسُوة، وقوله تعالى: فخرَّ عليهم
السقف من فَوْقِهِمْ، لا تكاد تظهر الفائدة في قوله من فَوْقِهِمْ لأن
عليهم قد تنوب عنها. قال ابن جني: قد يكون قوله من فَوْقِهِم هنا مفيداً،
وذلك أن قد تستعمل في الأفعال الشاقة المستثقلة عَلى، تقول قد سِرْنا عشْراً
وبَقيَتْ علينا ليلتان، وقد حفظت القرآن وبقيت عَلَيَّ منه سورتان، وقد
صمنا عشرين من الشهر وبقي علينا عشر، وكذلك يقال في الاعتداد على الإنسان
بذنوبه وقُبْح أفعاله: قد أَخرب عليّ ضَيْعَتي وأعْطَبَ عليَّ عَواملي،
فعلى هذا لو قيل فخرَّ عليهم السقف ولم يُقَلْ من فوقهم، لجاز أن يظن به
أنه كقولك قد خربت عليهم دارهم، وقد هلكت عليهم مواشيهم وغلالهم، فإذا
قال من فوقهم زال ذلك المعنى المحتمل، وصار معناه أنه سقط وهم من تحته،
فهذا معنىً غيرُ الأول، وإنما اطّردَتْ على في الأفعال التي قدمنا ذكرها مثل
خربت عليه ضَيْعَتُه، وبطلت عليه عَواملهُ ونحو ذلك من حيث كانت عَلى في
الأصل للاستعلاء، فلما كانت هذه الأحوال كُلَفاً ومَشاقَّ تخفضُ الإنسان
وتَضَعُه وتعلوه وتَتَفَرَّعُه حتى يخضع لها ويَخْنع لما يَتَسَدَّاه
منها، كان ذلك من مواضع عَلى، ألا تراهم يقولون هذا لك وهذا عليك؟
فتَسْتعمل اللام فيما تُؤثِرهُ وعلى فيما تكرهه؛ قالت الخنساء:
سَأحْمِلُ نَفْسي على آلَةٍ،
فإمَّا عَلَيْها وإمَّا لَها
وقال ابن حلزة:
فلَهُ هنالِكَ، لا عَلَيْهِ، إذا
دَنِعَتْ نفوسُ القومِ للتَّعْسِ
فمِنْ هنا دخلت على هذه في هذه الأفعال. وقوله تعالى: لأكلوا من فوقهم
ومن تحت أرجلهم؛ أراد تعالى: لأكلوا من قَطْر السماء ومن نبات الأرض،
وقيل: قد يكون هذا من جهة التوسعة كما تقول فلان في خير من فَرْقِهِ إلى
قَدَمه. وقوله تعالى: إذ جاؤوكم من فَوْقِكم ومن أسْفَلَ منكم؛ عَنى الأحزاب
وهم قريش وغَطَفان وبنو قُرَيظةُ قد جاءتهم من قَوقهم وجاءت قريش وغطَفان
من ناحية مكة من أسفل منهم.
وفاقَ الشيءَ فَوْقاً وفَواقاً: علاهُ. وتقول: فلان يَفُوقَ قومه أي
يعلوهم، ويفوق سطحاً أي يعلوه. وجارية فائِقةٌ: فاقَتْ في الجمال. وقولهم في
الحديث المرفوع: إنه قَسَم الغنائم يوم بدر عن فُواقٍ أي قسمها في قدر
فُواقِ ناقةٍ، وهو قدر ما بين الحلبتين من الراحة، تضم فاؤه وتفتح، وقيل:
أراد التفضيل في القسمة كأنه جعل بعضهم أفْوقَ من بعضٍ على قدر غَنائهم
وبَلائهم، وعن ههنا بمنزلتها في قولك أعطيته عن رَغْبَةٍ وطِيبِ نفس، لأن
الفاعل وقت إنشاء الفعل إذا كان متصفاً بذلك كان الفعل صادراً عنه لا
محالة ومجاوزاً له؛ وقال ابن سيده في الحديث: أرادوا التفضيل وأنه جعل بعضهم
فيها فَوْق بعض على قدر غنائهم يومئذ؛ وفي التهذيب: كأنه أراد فَعَل ذلك
في قدر فُواق ناقة، وفيه لغتان: من فَواق وفُواق. وفاقَ الرجل صاحبه:
علاه وغلبه وفَضَلَهُ. وفاقَ الرجل أصحابه يَفُوقهم أي علاهم بالشرف. وفي
الحديث حُبّب إليّ الجمال حتى ما أُحب أن يَفُوقني أحد بشِراك نعل؛ فُقْت
فلاناً أي صرت خيراً منه وأعلى وأشرف كأنك صرت فَوْقه في المرتبة؛ ومنه
الشيء الفائقُ وهو الجيد الخالص في نوعه؛ ومنه حديث حنين:
فما كان حِصْنٌ ولا حَابِسٌ
يَفُوقانِ مِرْدَاسَ في مَجْمَعِ
وفَاقَ الرجلُ فُوَاقاً إذا شخصت الريح من صدره. وفلان يَفُوق بنفسه
فُؤوقاً إذا كانت نفسه على الخروج مثل يَرِيقُ بنفسه. وفَاقَ بنفسه
يَفُوقعند الموت فَوقاً وفُؤوقاً: جاد، وقيل: مات.
ابن الأعرابي: الفَوْق نفس الموت. أبو عمرو: الفُوق الطريق الأول،
والعرب تقول في الدعاء: رجع فلان إلى فُوقه أي مات؛ وأنشد:
ما بالُ عِرْسي شَرِقَتْ بِريقِها،
ثُمَّتَ لا يَرجِعْ لها في فُوقِها؟
أي لا يرجع ريقها إلى مجراه. وفَاقَ يَفُوق فُؤوقاً وفُواقاً: أَخذه
البَهَرُ. والفُواقُ: ترديد الشَّهْقة العالية. والفُواق: الذي يأخذ
الإنسانِ عند النزع، وكذلك الريح التي تَشْخَصُ من صدره، وبه فُواق؛ الفراء:
يجمع الفُواق أفِيقَةً، والأصل أفْوِقَة فنقلت كسرة الواو لما قبلها فقلبت
ياء لإنكسار ما قبلها؛ ومثله: أقيموا الصلاة؛ الأصل أقْوِمُوا فألقوا حركة
الواو على القاف فانكسرت وقلبوا الواو ياء لكسرة القاف فقُرِئَتْ
أقيموا، كذلك قولهم أفِيقة. قال: وهذا ميزان واحد، ومثله مُصيبة كانت في الأصل
مُصْوبِة وأفْوِقَة مثل جواب وأجْوِبة. والفُوَاق والفَوَاق: ما بين
الحلبتين من الوقت لأنها تحلب ثم تُتْرَك سُوَيعةً يُرضعها الفَصيل لتَدِرّ
ثم تحلب. يقال: ما أقام عنده إلا فُوَاقاً. وفي حديث علي: قال له الأسير
يوم صفِّين: أنْظِرْني فُوَاق ناقة أي أخِّرني قدر ما بين الحلبتين. وفلان
يفوق بنفسه فُؤوقاً إذا كانت نفسه على الخروج. وفُوَاق الناقة وفَواقها:
رجوع اللبن في ضرعها بعد حلبها. يقال: لا تنتظره فُوَاق ناقة، وأقام
فُوَاق ناقة، جعلوه ظرفاً على السعة. وفُوَاق الناقة وفَواقها: ما بين
الحلبتين إذا فتحتَ يدك، وقي: إذا قبض الحالب على الضَّرْع ثم أرسله عند
الحلب. وفيقَتُها: درّتها من الفُواق، وجمعها فيقٌ وفَيقٌ، وحكى كراع فَيْقَةَ
الناقة، بالفتح، ولا أدري كيف ذلك. وفَاقَت الناقة بدِرّتها إذا
أرسلتْها على ذلك. وأفَاقَتِ الناقة تُفِيق إفاقةً أي اجتمعت الفِيقةُ في ضرعها،
وهي مُفِيق ومُفِيقةٌ: دَرّ لبنها، والجمع مَفَاويق. وفَوّقَها أهلُها
واسْتَفَاقوها: نَفَّسوا حلبها؛ وحكى أبو عمرو في الجزء الثالث من نوادره
بعد أن أنشد لأبي الهيثم التغلبي يصف قِسيّاً:
لنا مسائحُ زُورٌ، في مَراكِضِها
لِينٌ، وليس بها وَهْيٌ ولا رَفَقُ
شُدَّت بكل صُهَابيّ تَئِطُّ به،
كما تَئِطُّ إذا ما رُدَّتِ الفُيُقُ
قال: الفُيُق جمع مُفِيق وهي التي يرجع إليها لبنها بعد الحلب، وذلك
أنهم يحلبون الناقة ثم يتركونها ساعة حتى تفيق. يقال: أفَاقَت الناقة
فاحْلُبْها. قال ابن بري: قوله الفُيُق جمع مُفِيقٍ قياسه جمع فَيُوق أو
فَائقٍ. وأفاقَتِ الناقةُ واسْتَفَاقها أهلُها إذا نَفَّسوا حلبها حتى تجتمع
دِرّتها. والفُواقَ والفَوَاق: ما بين الحلبتين من الوقت، والفُواق ثائب
اللبن بعد رضاع أو حلاب، وهو أن تُحْلب ثم تُتْرك ساعة حتى تَدِرّ؛ قال
الراجز:
أَلا غلامٌ شَبَّ من لِدَاتِها،
مُعاوِدٌ لشُرْبِ أفْوِقَاتِها
أفْوِقاتٌ: جمع أفْوقِةٍ، وأفْوقةٌ جمع فُوَاقٍ. وقد فاقَتْ تَفُوقُ
فُوَاقاً وفِيقةً؛ وكلما اجتمع من الفُواق دِرَّةٌ، فاسمها الفِيقةُ. وقال
ابن الأعرابي: أفاقتِ الناقةُ تُفِيقُ إفاقةً وفُوَاقاً إذا جاء حين
حلبها. ابن شميل: الإفاقةُ للنافة أن تَرِدَ من الرعي وتُتْرك ساعة حتى تستريح
وتفيق، وقال زيد بن كُثْوة: إفاقةُ الدِّرة رجوعها، وغرارُها ذهابها.
يقال: اسْتَفِقِ الناقةَ أي لا تحلبها قبل الوقت؛ ومنه قوله: لا تَسْتَفِقْ
من الشراب أي لا تشربه في الوقت، وقيل: معناه لا تجعَلْ لشربه وقتاً
إنما تشربه دائماً. ابن الأعرابي: المُفَوَّقُ الذي يُؤخَذ قليلاً قليلاً من
مأكول أو مشروب. ويقال: أفاقَ الزمانُ إذا أخصب بعد جَدْب؛ قال الأعشى:
المُهِيِنينَ ما لَهُمْ في زمان السْـ
سوءِ، حتى إذا أفَاقَ أفَاقُوا
يقول: إذا أفاقَ الزمانُ بالخِصْب أفاقُوا من نحر الإبل. وقال نصير:
يريد إذا أفاقَ الزمانُ سهمِه ليرميهم بالقحط أفاقُوا له سِهامهم بنحر
الإبل.وأفَاوِيقُ السحاب: مطرها مرة بعد مرة. والأفاويقُ: ما اجتمع من الماء
في السحاب فهو يُمطر ساعة بعد ساعة؛ قال الكميت:
فباتَتْ تَثِجُّ أفاوِيقُها،
سِجالَ النِّطافِ عليه غِزَارَا
أي تثجُّ أفاويقُها على الثور الوحشي كسجال النطاف؛ قال ابن سيده: أراهم
كَسَّرُوا فُوقاً على أَفْواقٍ ثم كسّروا أفْواقاً على أفاوِيقَ. قال
أبو عبيد في حديث أبي موسى الأشعري وقد تذاكر هو ومعاذ قراءةَ القرآن فقال
أبو موسى: أما أنا فأَتَفَوَّقُه تَفَوُّقَ اللَّقوح؛ يقول لا أقرأ جزئي
بمرة ولكن أقرأ منه شيئاً بعد شيء في آناء الليل والنهار، مشتق من فُوَاق
الناقة، وذلك أنها تُحلب ثم تترك ساعة حتى تدرّ ثم تحلب، يقال منه: فاقت
تَفُوق فُواقاً وفِيقةً؛ وأنشد:
فأضْحَى يَسُحُّ الماءَ من كل فِيقةٍ
والفيِقةُ، بالكسر: اسم اللبن الذي يجتمع بين الحلبتين، صارت الواو ياء
لكسرة ما قبلها؛ قال الأعشى يصف بقرة:
حتى إذا فِيقة في ضرعها اجْتَمَعَتْ،
جاءت لتُرْضِع شِقَّ النَّفْسِ، لو رَضَعا
وجمعها فيقٌ وأفْواقٌ مثل شِبْر وأشبار، ثم أفاوِيقُ؛ قال ابن هَمّام
السلولي:
وذَمُّوا لَنَا الدُّنْيا، وهم يَرْضَعُونها
أفاوِيقَ، حتى ما يَدِرُّ لها ثعْلُ
قال ابن بري: وقد يجوز أن تجمع فِيقةٌ على فِيقٍ، ثم تجمع فِيَقٌ على
أفْواقٍ، فيكون مثل شِيعَةٍ وأَشِيَاعٍ؛ وشاهد أفواق قول الشاعر:
تَعْتادُهُ زَفَرَاتٌ حين يَذْكرُها،
يَسْقِينَهُ بكؤوس الموت أفْواقا
وفَوَّقْتُ الفصيل أي سقيته اللبن فُواقاً فُواقاً. وتَفَوَّقَ الفصيل
إذا شرب اللبن كذلك؛ وقوله أنشده أبو حنيفة:
شُدَّت بكل صُهَابيٍّ تِئِطُّ به،
كما تَئِطُّ إذا ما رُدَّتِ الفُيُقُ
فسر الفُيُقَ بأنها الإبل التي يرجع إليها لبنها بعد الحلب، قال:
والواحدة مُفِيقٌ؛ قال أبو الحسن: أما الفُيُقُ فليست بجمع مُفِيق لأن ذلك إنما
يجمع على مَفَاوق ومفَاوِيق، والذي عندي أنها جمع ناقة فَووق، وأصله
فُوُقٌ فأبدل من الواو ياء استثقالاً للضمة على الواو، ويروى الفِيَقُ، وهو
أقيس، وقوله تعالى: ما لها من فَوَاقٍ؛ فسره ثعلب فقال: معناه من
فَتْرَةٍ، قال الفراء: ما لها من فَوَاقٍ، يقرأ بالفتح والضم، أي ما لها من راحة
ولا إفاقة ولا نظرة، وأصلها من الإفاقة في الرضاع إذا ارتضعت البَهْمةُ
أُمَّها ثم تركتها حتى تنزل شيئاً من اللبن فتلك الإفاقة الفَواقُ. وروي
عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: عيادة المريض قَدْرُ فُوَاقِ
ناقةٍ. وتقول العرب: ما أقام عندي فُواقَ ناقةٍ، وبعض يقول فَوَاق ناقة
بمعنى الإفاقة كإفاقةِ المَغْشِيّ عليه؛ تقول: أفَاقَ يُفِيقُ إفَاقَةً
وفَواقاً؛ وكل مغشيٍّ عليه أو سكران معتوهٍ إذا انجلى ذلك عنه قيل: قد أفاقَ
واسْتَفَاقَ؛ قالت الخنساء:
هَرِيقي من دُوموعك واسْتَفيقي * وصَبراً إن أَطقْتِ ولن تُطِيقي
قال أبو عبيدة: من قرأ من فَوَاقٍ، بالفتح، أراد ما لها من إفاقةٍ ولا
راحة، ذهب بها إلى إفاقة المريض، ومن ضمها جعلها من فُوَاق الناقة، وهو ما
بين الحلبتين، يريد ما لها من انتظار. قال قتادة: ما لها من فواق من
مرجوع ولا مَثْنَوِيّةٍ ولا ارتداد. وتَفَوَّقَ شرابَهُ: شربه شيئاً بعد
شيء.وخرجوا بعد أفاوِيق من الليل أي بعدما مضى عامة الليل، وقيل: هو كقولك
بعد أقطاع من الليل؛ رواه ثعلب.
وفِيقةُ الضحى: أوَّلها. وأفاق العليلُ إفاقة واسْتَفاقَ: نَقِه، والاسم
الفُواقَ، وكذلك السكران إذا صحا. ورجل مْستَفيق: كثير النوم؛ عن ابن
الأعرابي، وهو غريب. وأفاقَ عنه النعاسُ: أقلع.
والفَاقةُ: الفقر والحاجة، ولا فعل لها. يقال من القافَةِ: إنه
لمُفْتاقٌ ذو فاقةٍ. وافتاق الرجلُ أي افتقر، ولا يقال فاق. وفي الحديث: كانوا
أهل بيت فاقةٍ؛ الفاقةُ: الحاجة والفقر. والمُفْتاق: المحتاج؛ وروى الزجاجي
في أماليه بسنده عن أبي عبيدة قال: خرج سامة بن لؤَي بن غالب من مكة حتى
نزل بعُمَان وأنشأَ يقول:
بَلِّغا عامِراً وكَعْباً رسولاً:
إنْ نَفْسي إليهما مُشْتاقَةْ
إن تكنْ في عُمَانَ دَاري، فإني
ماجدٌ، ما خرجْتُ من غير فَاقَهْ
ويروى: فإني غالبيّ خرجت؛ ثم خرج يسير حتى نزل على رجل من الأزْدِ
فَقَرَاهُ وبات عنده، فلما أصبح قعد يَسْتَنُّ، فنظرت إليه زوجة الأزدي
فأعجبها، فلما رمى سواكه أخذتها فمصتها، فنظر إليه زوجها، فحلب ناقة وجعل في
حلابها سمّاً وقدمه إلى سامة، فغمزته المرأة فَهَراقَ اللبنَ وخرج يسير،
فيينا هو في موضع يقال له جوف الخَمِيلةِ هَوَتْ ناقته إلى عَرْفَجةٍ
فانْتَشَلَتْها وفيها أفْعى فنفَحَتْها، فرمت بها على ساق سامة فنهشتها فمات،
فبلغ الأزدية فقالت ترثيه:
عينُ بَكِّي لسامةَ بنِ لُؤيٍّ،
علِقَتْ ساقَ سامةَ العَلاَّقَة
لا أرَى مثلَ سامةَ بن لُؤيٍّ،
حَمَلَتْ حَتْفَهُ إليه النّاقَة
رُبَّ كأسٍ هَرَقْتَها ابنَ لؤيٍّ،
حَذَرَ الموت، لم تكن مُهراقَةْ
وحُدُوسَ السُّرى تَرَكْت رديئاً،
بعد جِدٍّ وجُرْأةٍ ورَشاقَة
وتعاطيت مَفْرَقاً بحُسَامٍ،
وتَجَنَّبْتَ قالة العَوّاقَةْ
وفي حديث علي، عليه السلام: إن بني أمية ليُفَوَّقونني تُراثَ محمد
تَفْوْيِقاً أي يعطونني من المال قليلاً قليلاً. وفي حديث أبي بكر في كتاب
الزكاة: من سئل فَوقَها فلا يعطه أي لا يعطي الزيادة المطلوبة، وقيل: لا
يعطيه شيئاً من الزكاة أصلاً لأنه إذا طلب ما فوق الواجب كان خائناً، وإذا
ظهرت منه خيانة سقطت طاعته.
والفُوقُ من السهم: موضع الوَتَر، والجمع أفْوَاق وفُوَقٌ. وفي حديث
علي، عليه السلام، يصف أبا بكر، رضي الله عنه: كنتَ أخفضهم صوتاً وأعلاهم
فُوقاً أي أكثرهم حظّاً ونصيباً من الدين، وهو مستعار من فُوقِ السهم موضع
الوَتَر منه. وفي حديث ابن مسعود: اجتمعنا فأمّرْنا عثمان ولم نَألُ عن
خيرنا ذا فُوقٍ أي ولَّيْنَا أعلانا سهماً ذا فُوقٍ؛ أراد خيرنا وأكملنا
تامّاً في الإسلام والسابقة والفضل. والفُوق: مَشَقُّ رأس السهم حيث يقع
الوَتَر، وحرفاة زَنَمتَاهُ، وهذيل تسمي الزَّنَمَتَينِ الفُوقَتَينِ؛
وأنشد:
كأنَّ النَّصْلَ والفُوقَيْنِ منه،
خلالَ الرأًس، سِيطَ به مُشِيحُ
وإذا كان في الفُوقِ مَيَل أو انكِسَارٌ في إحدى زَنَمتَيْه، فذلك السهم
أفْوَق، وفعله الفَوَقُ؛ وأنشد لرؤبة:
كَسَّر من عَيْنَيْه تقويم الفَوَقْ
والجمع أفْوَاقٌ وفُوَق. وذهب بعضهم إلى أن فُوَقاً جمع فُوقةٍ؛ وقال
أبو يوسف: يقال فُوقَةٌ وفُوَقٌ وأفْوَاق، وأنشد بيت رؤبة أيضاً، وقال: هذا
جمع فُوقَةٍ، ويقال فُقْوَة وفُقاً، على القلب. ابن الأعرابي:
الفَوَقَةُ الأدباءُ الخطباء. ويقال للإنسان تشخص الريح في صدره: فاقَ يَفُوقُ
فُوَاقاً. وفي حديث عبد الله بن مسعود في قوله: إنَّا أصحابَ محمد اجتمعنا
فأمَّرْنا عثمان ولم نَألُ عن خيرنا ذا فُوقٍ؛ قال الأصعمي: قوله ذا فُوقٍ
يعني السهم الذي له فُوقٌ وهو موضع الوَتَرِ، فلهذا خصَّ ذا الفُوقَ،
وإنما قال خيرنا ذا فُوقٍ ولم يقل خيرنا سَهْماً لأنه قد يقال له سهمٌ، وإن
لم يكن أُصْلِح فُوقُه ولا أُحْكِمَ عملهُ، فهو سهم وليس بتامّ كاملٍ،
حتى إذا أُصْلِح فُوقُه وأُحْكِمَ عملهُ فهو حينئذ سهم ذو فُوقٍ، فجعله
عبد الله مثلاً لعثمان، رضي الله عنه؛ يقول: إنه خيرنا سهماً تامّاً في
الإسلام والفضل والسابقة، والجمع أفْواقٌ، وهو الفُوقَةُ أيضاً، والجمع
فُوَقٌ وفُقاً مقلوب؛ قال الفِنْدْ الزِّمَّانيّ شَهْلُ بن شَيْبان:
ونَبْلي وفُقَاها كَـ
مَراقِيبِ قَطاً طُحْلِ
وقال الكميت:
ومن دُونِ ذاكَ قِسِيُّ المَنُو
نِ، لا الفُوقُ نَبْلاً ولا النُّصَّل
أي ليست القوس بفَوْقاءِ النَّ
بْل وليست نِبالُها بفُوقٍ ولا بِنُصَّلٍ أي بخارجة النصال من أرعاظها،
قال: ونصب نبلاً على توهم التنوين وإخراج اللام كما تقول: هو حسنٌ
وَجْهاً وكريمٌ والداً. والفَوَق: لغة في الفُوق. وسهم أفْوَقُ: مكسور الفُوقِ.
وفي المثل: رددته بأفْوَقَ ناصلٍ إذا أخْسَسْتَ حظه. ورجع فلان بأفْوَقَ
ناصلٍ إذا خس حظه أو خاب. ومثَل للعرب يضرب للطالب لا يجد ما طلب: رجع
بأفْوَقَ ناصلٍ أي بسهم منكسر الفُوقِ لا نصل له أي رجع بحَظٍّ ليس بتمام.
ويقال: ما بَلِلْتُ منه بأفْوقَ ناصلٍ، وهو السهم المنكسر. وفي حديث
عليّ، رضي الله عنه: ومَن رَمى بكم فقد رَمى بأفْوَقَ ناصلٍ أي رمى بسهم
منكسر الفُوقِ لا نصل له. والأفْوَقُ: السهم المكسور الفُوقِ. ويقال:
مَحالةٌ فَوْقاءُ إذا كان لكل سِنٍّ منها فُوقَانِ مثل فُوقَيِ السهم.
وانْفَاقَ السهمُ: انكسر فُوقُه أو انشق. وفُقْتُه أنا أفُوقُه: كسرت
فُوقَه. وفَوَّقْتُه تَفْوِيقاً: عملت له فُوقاً. وأفَقْتُ السهم
وأوفَقْتُه وأوفَقْتُ به، كلاهما على القلب: وضعته في الوَتَر لأرْمي به، وفي
التهذيب: فإن وضعته في الوتر لترمي به قلت فُقْتُ السهم وأفْوَقْتهُ. وقال
الأصمعي: أفَقْتُ بالسهم وأوْفَقْتُ بالسهم،بالباء، وقيل: ولا يقال
أوْفَقُتُه وهو من النوادر. الأصمعي: فَوَّق نبله تَفْويقاً إذا فرضها وجعل لها
أفْواقاً. ابن الأعرابي: الفُوقُ السهام الساقطات النُّصُول. وفاق الشيءَ
يفُوقُه إذا كسره؛ قال أبو الربيس:
يكاد يَفُوقِ المَيْسَ، ما لم يَرُدّها
أمينُ القوَى من صُنْعِ أيْمَنَ حادر
أمين القوى: الزمام، وأيْمَنُ: رجل، وحادر: غليظ. والفُوق: أعلى
الفصائل؛ قال الفراء: أنشدني المفضل بيت الفرزدق:
ولكن وجَدْتُ السهمَ أهْوَنَ فُوقُهُ
عليكَ، فَقَدْ أوْدَى دَمٌ أنت طالبُهْ
وقال: هكذا أنشدنيه المفضل، وقال: إياك وهؤلاء الذين يروونه فُوقَة؛ قال
أبو الهيثم: يقال شَنَّة وشِنان وشَنّ وشِنَان، ويقال: رمينا فُوقاً
واحداً، وهو أن يرمي القوم المجتمعون رمية بجميع ما معهم من السهام، يعني
يرمي هذا رمية وهذا رمية. والعرب تقول: أقْبِلْ على فُوقِ نَبْلك أي
أقْبِلْ على شأنك وما يعنيك. النضر: فُوقُ الذكر أعلاه، يقال: كَمَرَةٌ ذات
فُوقٍ؛ وأنشد:
يا أيُّها الشيخُ الطويلُ المُوقِ،
اغْمِزْ بهنَّ وَضَحَ الطَّريق
غَمْزَك بِالحَوْقاءِ ذاتِ الفُوقِ،
بين مَنَاطَيْ رَكَبٍ محلوق
وفُوقُ الرَّحِم: مَشَقّه، على التشبيه.
والفَاقُ: البانُ. وقيل: الزيت المطبوخ؛ قال الشماخ يصف شعر امرأة:
قامَتْ تُرِيكَ أثِيثَ النبْتِ مُنْسدِلاً،
مثل الأسَاوِد قد مُسِّحْنَ بالفاقِ
وقال بعضهم: أراد الإنفاق وهو الغض من الزيت، ورواه أبو عمرو: قد
شُدِّخن بالفاقِ، وقال: الفاقُ الصحراء. وقال مرة: هي الأرض الواسعة. والفاقُ
أيضاً: المشط؛ عن ثعلب، وبيت الشماخ محتمل لذلك. التهذيب: الفاقُ
الجَفْنة المملوءَة طعاماً؛ وأنشد:
تَرَى الأضيافَ يَنْتَجِعُونَ فاقي
السُّلَمِيُّ: شاعر مُفْلِقٌ ومُفِيق، باللام والياء. والفائقُ: مَوْصل
العنق في الرأس، فإذا طال الفائقُ طال العنق. واسْتَفَاق من مرضه ومن
سكره وأفاق بمعنى. وفي حديث سهل بن سعد: فاستْفاقَ رسول الله، صلى الله عليه
وسلم، فقال: أيْنَ الصبيُّ؟ الاسْتِفاقةُ: استفعال من أفاقَ إذا رجع إلى
ما كان قد شغل عنه وعاد إلى نفسه. وفي الحديث: إِفاقةُ المريض
(* قوله
«وفي الحديث إفاقة المريض إلخ» هكذا في الأصل، وفي النهاية بعد قوله وعاد
إلى نفسه: ومنه إفاقة المريض). والمجنون والمغشي عليه والنائم. وفي حديث
موسى، عليه السلام: فلا أدري أفاقَ قَبْلي أي قام من غَشيْته.
الفُواقَ، وكذلك السكران إذا صحا. ورجل مْستَفيق: كثير النوم؛ عن ابن
الأعرابي، وهو غريب. وأفاقَ عنه النعاسُ: أقلع.
والفَاقةُ: الفقر والحاجة، ولا فعل لها. يقال من القافَةِ: إنه
لمُفْتاقٌ ذو فاقةٍ. وافتاق الرجلُ أي افتقر، ولا يقال فاق. وفي الحديث: كانوا
أهل بيت فاقةٍ؛ الفاقةُ: الحاجة والفقر. والمُفْتاق: المحتاج؛ وروى الزجاجي
في أماليه بسنده عن أبي عبيدة قال: خرج سامة بن لؤَي بن غالب من مكة حتى
نزل بعُمَان وأنشأَ يقول:
بَلِّغا عامِراً وكَعْباً رسولاً:
إنْ نَفْسي إليهما مُشْتاقَةْ
إن تكنْ في عُمَانَ دَاري، فإني
ماجدٌ، ما خرجْتُ من غير فَاقَهْ
ويروى: فإني غالبيّ خرجت؛ ثم خرج يسير حتى نزل على رجل من الأزْدِ
فَقَرَاهُ وبات عنده، فلما أصبح قعد يَسْتَنُّ، فنظرت إليه زوجة الأزدي
فأعجبها، فلما رمى سواكه أخذتها فمصتها، فنظر إليه زوجها، فحلب ناقة وجعل في
حلابها سمّاً وقدمه إلى سامة، فغمزته المرأة فَهَراقَ اللبنَ وخرج يسير،
فيينا هو في موضع يقال له جوف الخَمِيلةِ هَوَتْ ناقته إلى عَرْفَجةٍ
فانْتَشَلَتْها وفيها أفْعى فنفَحَتْها، فرمت بها على ساق سامة فنهشتها فمات،
فبلغ الأزدية فقالت ترثيه:
عينُ بَكِّي لسامةَ بنِ لُؤيٍّ،
علِقَتْ ساقَ سامةَ العَلاَّقَة
لا أرَى مثلَ سامةَ بن لُؤيٍّ،
حَمَلَتْ حَتْفَهُ إليه النّاقَة
رُبَّ كأسٍ هَرَقْتَها ابنَ لؤيٍّ،
حَذَرَ الموت، لم تكن مُهراقَةْ
وحُدُوسَ السُّرى تَرَكْت رديئاً،
بعد جِدٍّ وجُرْأةٍ ورَشاقَة
وتعاطيت مَفْرَقاً بحُسَامٍ،
وتَجَنَّبْتَ قالة العَوّاقَةْ
وفي حديث علي، عليه السلام: إن بني أمية ليُفَوَّقونني تُراثَ محمد
تَفْوْيِقاً أي يعطونني من المال قليلاً قليلاً. وفي حديث أبي بكر في كتاب
الزكاة: من سئل فَوقَها فلا يعطه أي لا يعطي الزيادة المطلوبة، وقيل: لا
يعطيه شيئاً من الزكاة أصلاً لأنه إذا طلب ما فوق الواجب كان خائناً، وإذا
ظهرت منه خيانة سقطت طاعته.
والفُوقُ من السهم: موضع الوَتَر، والجمع أفْوَاق وفُوَقٌ. وفي حديث
علي، عليه السلام، يصف أبا بكر، رضي الله عنه: كنتَ أخفضهم صوتاً وأعلاهم
فُوقاً أي أكثرهم حظّاً ونصيباً من الدين، وهو مستعار من فُوقِ السهم موضع
الوَتَر منه. وفي حديث ابن مسعود: اجتمعنا فأمّرْنا عثمان ولم نَألُ عن
خيرنا ذا فُوقٍ أي ولَّيْنَا أعلانا سهماً ذا فُوقٍ؛ أراد خيرنا وأكملنا
تامّاً في الإسلام والسابقة والفضل. والفُوق: مَشَقُّ رأس السهم حيث يقع
الوَتَر، وحرفاة زَنَمتَاهُ، وهذيل تسمي الزَّنَمَتَينِ الفُوقَتَينِ؛
وأنشد:
كأنَّ النَّصْلَ والفُوقَيْنِ منه،
خلالَ الرأًس، سِيطَ به مُشِيحُ
وإذا كان في الفُوقِ مَيَل أو انكِسَارٌ في إحدى زَنَمتَيْه، فذلك السهم
أفْوَق، وفعله الفَوَقُ؛ وأنشد لرؤبة:
كَسَّر من عَيْنَيْه تقويم الفَوَقْ
والجمع أفْوَاقٌ وفُوَق. وذهب بعضهم إلى أن فُوَقاً جمع فُوقةٍ؛ وقال
أبو يوسف: يقال فُوقَةٌ وفُوَقٌ وأفْوَاق، وأنشد بيت رؤبة أيضاً، وقال: هذا
جمع فُوقَةٍ، ويقال فُقْوَة وفُقاً، على القلب. ابن الأعرابي:
الفَوَقَةُ الأدباءُ الخطباء. ويقال للإنسان تشخص الريح في صدره: فاقَ يَفُوقُ
فُوَاقاً. وفي حديث عبد الله بن مسعود في قوله: إنَّا أصحابَ محمد اجتمعنا
فأمَّرْنا عثمان ولم نَألُ عن خيرنا ذا فُوقٍ؛ قال الأصعمي: قوله ذا فُوقٍ
يعني السهم الذي له فُوقٌ وهو موضع الوَتَرِ، فلهذا خصَّ ذا الفُوقَ،
وإنما قال خيرنا ذا فُوقٍ ولم يقل خيرنا سَهْماً لأنه قد يقال له سهمٌ، وإن
لم يكن أُصْلِح فُوقُه ولا أُحْكِمَ عملهُ، فهو سهم وليس بتامّ كاملٍ،
حتى إذا أُصْلِح فُوقُه وأُحْكِمَ عملهُ فهو حينئذ سهم ذو فُوقٍ، فجعله
عبد الله مثلاً لعثمان، رضي الله عنه؛ يقول: إنه خيرنا سهماً تامّاً في
الإسلام والفضل والسابقة، والجمع أفْواقٌ، وهو الفُوقَةُ أيضاً، والجمع
فُوَقٌ وفُقاً مقلوب؛ قال الفِنْدْ الزِّمَّانيّ شَهْلُ بن شَيْبان:
ونَبْلي وفُقَاها كَـ
مَراقِيبِ قَطاً طُحْلِ
وقال الكميت:
ومن دُونِ ذاكَ قِسِيُّ المَنُو
نِ، لا الفُوقُ نَبْلاً ولا النُّصَّل
أي ليست القوس بفَوْقاءِ النَّ
بْل وليست نِبالُها بفُوقٍ ولا بِنُصَّلٍ أي بخارجة النصال من أرعاظها،
قال: ونصب نبلاً على توهم التنوين وإخراج اللام كما تقول: هو حسنٌ
وَجْهاً وكريمٌ والداً. والفَوَق: لغة في الفُوق. وسهم أفْوَقُ: مكسور الفُوقِ.
وفي المثل: رددته بأفْوَقَ ناصلٍ إذا أخْسَسْتَ حظه. ورجع فلان بأفْوَقَ
ناصلٍ إذا خس حظه أو خاب. ومثَل للعرب يضرب للطالب لا يجد ما طلب: رجع
بأفْوَقَ ناصلٍ أي بسهم منكسر الفُوقِ لا نصل له أي رجع بحَظٍّ ليس بتمام.
ويقال: ما بَلِلْتُ منه بأفْوقَ ناصلٍ، وهو السهم المنكسر. وفي حديث
عليّ، رضي الله عنه: ومَن رَمى بكم فقد رَمى بأفْوَقَ ناصلٍ أي رمى بسهم
منكسر الفُوقِ لا نصل له. والأفْوَقُ: السهم المكسور الفُوقِ. ويقال:
مَحالةٌ فَوْقاءُ إذا كان لكل سِنٍّ منها فُوقَانِ مثل فُوقَيِ السهم.
وانْفَاقَ السهمُ: انكسر فُوقُه أو انشق. وفُقْتُه أنا أفُوقُه: كسرت
فُوقَه. وفَوَّقْتُه تَفْوِيقاً: عملت له فُوقاً. وأفَقْتُ السهم
وأوفَقْتُه وأوفَقْتُ به، كلاهما على القلب: وضعته في الوَتَر لأرْمي به، وفي
التهذيب: فإن وضعته في الوتر لترمي به قلت فُقْتُ السهم وأفْوَقْتهُ. وقال
الأصمعي: أفَقْتُ بالسهم وأوْفَقْتُ بالسهم،بالباء، وقيل: ولا يقال
أوْفَقُتُه وهو من النوادر. الأصمعي: فَوَّق نبله تَفْويقاً إذا فرضها وجعل لها
أفْواقاً. ابن الأعرابي: الفُوقُ السهام الساقطات النُّصُول. وفاق الشيءَ
يفُوقُه إذا كسره؛ قال أبو الربيس:
يكاد يَفُوقِ المَيْسَ، ما لم يَرُدّها
أمينُ القوَى من صُنْعِ أيْمَنَ حادر
أمين القوى: الزمام، وأيْمَنُ: رجل، وحادر: غليظ. والفُوق: أعلى
الفصائل؛ قال الفراء: أنشدني المفضل بيت الفرزدق:
ولكن وجَدْتُ السهمَ أهْوَنَ فُوقُهُ
عليكَ، فَقَدْ أوْدَى دَمٌ أنت طالبُهْ
وقال: هكذا أنشدنيه المفضل، وقال: إياك وهؤلاء الذين يروونه فُوقَة؛ قال
أبو الهيثم: يقال شَنَّة وشِنان وشَنّ وشِنَان، ويقال: رمينا فُوقاً
واحداً، وهو أن يرمي القوم المجتمعون رمية بجميع ما معهم من السهام، يعني
يرمي هذا رمية وهذا رمية. والعرب تقول: أقْبِلْ على فُوقِ نَبْلك أي
أقْبِلْ على شأنك وما يعنيك. النضر: فُوقُ الذكر أعلاه، يقال: كَمَرَةٌ ذات
فُوقٍ؛ وأنشد:
يا أيُّها الشيخُ الطويلُ المُوقِ،
اغْمِزْ بهنَّ وَضَحَ الطَّريق
غَمْزَك بِالحَوْقاءِ ذاتِ الفُوقِ،
بين مَنَاطَيْ رَكَبٍ محلوق
وفُوقُ الرَّحِم: مَشَقّه، على التشبيه.
والفَاقُ: البانُ. وقيل: الزيت المطبوخ؛ قال الشماخ يصف شعر امرأة:
قامَتْ تُرِيكَ أثِيثَ النبْتِ مُنْسدِلاً،
مثل الأسَاوِد قد مُسِّحْنَ بالفاقِ
وقال بعضهم: أراد الإنفاق وهو الغض من الزيت، ورواه أبو عمرو: قد
شُدِّخن بالفاقِ، وقال: الفاقُ الصحراء. وقال مرة: هي الأرض الواسعة. والفاقُ
أيضاً: المشط؛ عن ثعلب، وبيت الشماخ محتمل لذلك. التهذيب: الفاقُ
الجَفْنة المملوءَة طعاماً؛ وأنشد:
تَرَى الأضيافَ يَنْتَجِعُونَ فاقي
السُّلَمِيُّ: شاعر مُفْلِقٌ ومُفِيق، باللام والياء. والفائقُ: مَوْصل
العنق في الرأس، فإذا طال الفائقُ طال العنق. واسْتَفَاق من مرضه ومن
سكره وأفاق بمعنى. وفي حديث سهل بن سعد: فاستْفاقَ رسول الله، صلى الله عليه
وسلم، فقال: أيْنَ الصبيُّ؟ الاسْتِفاقةُ: استفعال من أفاقَ إذا رجع إلى
ما كان قد شغل عنه وعاد إلى نفسه. وفي الحديث: إِفاقةُ المريض
(* قوله
«وفي الحديث إفاقة المريض إلخ» هكذا في الأصل، وفي النهاية بعد قوله وعاد
إلى نفسه: ومنه إفاقة المريض). والمجنون والمغشي عليه والنائم. وفي حديث
موسى، عليه السلام: فلا أدري أفاقَ قَبْلي أي قام من غَشيْته.
عكرش: العِكْرِش نبات شِبه الثِّيل خَشِنٌ أَنشد خشونة من الثيل تأْكله
الأَرانب:
والعِكْرِشةُ: الأَرْنب الضخمة؛ قال ابن سيده: هي الأَرنب الأُنثى، سميت
بذلك لأَنها تأْكل هذه البَقْلة؛ قال الأَزهري: هذا غلط، الأَرانبُ تسكن
عَذَواتِ البِلاد النائية عن الرِّيفِ والماءِ ولا تَشْربُ الماء،
ومراعها الحَلَمة والنَّصِيُّ وقَمِيمُ الرُّطَب إذا هاجَ؛ والخُزَزُ الذكَر
من الأَرانب، قال: وسمِّيت أُنثى الأَرانب عِكْرِشةً لكثرة وَبرِها
والْتِفافِه، شُبِّه بالعِكْرِش لالْتِفافِه في منابِتِه. وفي حديث عمر: قال له
رجل: عَنَّت لي عِكْرِشةٌ فشَنَّقْتُها بِجَبُوبةٍ، فقال: فيها جَفْرةٌ؛
العِكْرِشةُ أُنثى الأَرانب، والجَفْرةُ: العَناقُ من المعز.
الأَزهري: العِكْرِشُ مَنْبِتُه نُزُوزُ الأَرض الدقيقة وفي أَطرافِ
ورقِه شوكٌ إِذا تَوَطَّأَه الإِنسانُ بقدميه أَدماهما؛ وأَنشد أَعرابي من
بني سعد يُكْنى أَبا صبرة:
اعْلِف حِمارَك عِكْرِشا،
حتى يَجِدَّ ويَكْمُشا
والعَكْرَشةُ: التقبُّضُ. وعِكْراشٌ رجلٌ كان أَرْمَى أَهلِ زمانِه، قال
الأَزهري: هو عِكْراشُ ابن ذُؤَيْب كان قَدِم على النبي، صلى اللَّه
عليه وسلم، وله رواية إِن صحَّت. الأَزهري: عجوز عِكْرِشةٌ، وعِجْرِمةٌ
وعَضْمّزَةٌ وقَلَمّزةٌ، وهي اللئيمة القصيرة.
عيس: العَيْسُ: ماء الفَحْل؛ قال طرفة:
سأَحْلُب عَيْساً صَحْن سُمّ
قال: والعَيْس يقتل لأَنه أَخبث السُّم؛ قال شمر: وأَنشدنيه ابن
الأَعرابي: سأَحلب عنساً، بالنون، وقيل: العَيْس ضِراب الفحل. عاس الفحلُ
الناقةَ يَعِيسُها عَيْساً: ضَرَبها.
والعِيَس والعِيسَة: بياض يُخالِطُه شيء من شُقْرة، وقيل: هو لون أَبيضُ
مُشْرَب صَفاءً في ظُلمة خفِية، وهي فُعْلَة، على قياس الصُّهبة
والكُمْتة لأَنه ليس في الأَلوان فِعْلَة، وإِنما كُسِرت لتصح الياء كبيض. وجَمل
أَعْيَس وناقة عَيْساء وظَبْيٌ أَعْيَس: فيه أُدْمَة، وكذلك الثَّور؛
قال:
وعانَقَ الظِّلَّ الشَّبُوبُ الأَعْيَسُ
وقيل: العِيس الإِبل تضرب إِلى الصُّفرة؛ رواه ابن الأَعرابي وحده. وفي
حديث طهفة: تَرْتَمِي بِنَا العِيس؛ هي الإِبل البيض مع شُقرة يسيرة،
واحدها أَعْيَس وعَيْساء؛ ومنه حديث سَوادِ بنِ قارب:
وشدَّها العِيسُ بأَحْلاسِها
ورجُل أَعْيسَ الشَّعَر: أَبيضه. ورَسْم أَعْيَس: أَبيض.
والعَيْساء: الجَرادَة الأُنثى. وعَيْساء: اسم جدّة غَسَّان السَّلِيطي؛
قال جرير:
أَساعِية عَيْساء، والضَّأْن حُفَّلٌ،
كما حاولَتْ عَيساء أَمْ ما عَذِيرُها؟
قال الجوهري: العِيس، بالكسر، جمع أَعْيَس. وعَيْساء: الإِبلُ البِيض
يُخالِطُ بياضَها شيء من الشُّقرة، واحدها أَعْيَس، والأُنثى عَيْساء
بَيِّنا العِيس. قال الأَصمعي: إِذا خالط بياض الشعَر شُقْرة فهو أَعْيَس؛
وقول الشاعر:
أَقول لِخارِبَيْ هَمْدان لمَّا
أَثارَا صِرْمةً حُمراً وعِيسَا
أَي بيضاً. ويقال: هي كرائم الإِبل.
وعِيسَى: اسم المسيح، صلوات اللَّه على نبينا وعليه وسلم؛ قال سيبويه:
عيسى فِعْلَى، وليست أَلفه للتأْنِيث إِنما هو أَعجمي ولو كانت للتأْنيث
لم ينصرف في النكرة وهو ينصرف فيها، قال: أَخبرني بذلك من أَثِق به، يعني
بصَرْفِه في النكرة، والنسب إِليه عِيْسِيٌّ، هذا قول ابن سيده، وقال
الجوهري: عِيسى اسم عِبْرانيّ أَو سُرياني، والجمع العِيسَوْن، بفتح السين،
وقال غيره: العِيسُون، بضم السين، لأَن الياء زائدة
(* قوله «لأن الياء
زائدة» أطلــق عليها ياء باعتبار أنها تقلب ياء عند الإمالة، وكذا يقال فيما
بعده.)، قال الجوهري: وتقول مررت بالعِيسَيْنَ ورأَيت العِيسَيْنَ، قال:
وأَجاز الكوفيون ضم السين قبل الواو وكسرها قبل الياء، ولم يجزه
البَصريون وقالوا: لأَن الأَلف لما سقطت لاجتماع الساكنين وجَب أَن تبقى السين
مفتوحة على ما كانت عليه، سواء كانت الأَلف أَصلية أَو غير أَصلية، وكان
الكسائي يَفْرق بينهما ويفتح في الأَصلية فيقول مُعْطَوْنَ، ويضم في غير
الأَصلية فيقول عِيسُون، وكذلك القول في مُوسَى، والنسبةُ إِليهما عِيسَويّ
ومُوسَويّ، بقلب الياء واواً، كما قلت في مَرْمًى مَرْمَوِيّ، وإِن شئت
حذفت الياء فقلت عِيسِيّ وموسِيّ، بكسر السين، كما قلت مَرْميّ ومَلْهيّ؛
قال الأَزهري: كأَن أَصل الحرف من العَيَس، قال: وإِذا استعملت الفعل
منه قلت عَيِس يَعْيَس أَو عاس يَعِيس، قال: وعِيسى شبه قِعْلى، قال
الزجاج: عيسى اسم عَجَمِيّ عُدِلَّ عن لفظ الأَعجمية إِلى هذا البناء وهو غير
مصروف في المعرفة لاجتماع العُجمة والتعريف فيه، ومَنال اشتقاقه من كلام
العرب أَن عيسى فِعْلى فالأَلف تصلُح أَن تكون للتأْنيث فلا ينصرف في
معرفة ولا نكرة، ويكون اشتقاقه من شيئين: أَحدهما العَيَس، والآخر من
العَوْس، وهو السِّياسة، فانقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها، فأَما اسم نبيّ
اللَّه فعدول عن إِيسُوع، كذا يقول أَهل السريانية، قال الكسائي: وإِذا
نسبت إِلى موسى وعيسى وما أَشبهها مما فيه الياء زائدة قلت مُوسِيّ وعيسيّ،
بكسر السين وتشديد الياء.
وقال أَبو عبيدة: أَعْيَس الزرعُ إِعْياساً إِذا لم يكن فيه رطب،
وأَخْلَس إِذا كان فيه رَطْب ويابِس.
طيش: الطَّيْش: خفَّة العقل، وفي الصحاح: النَّزَقُ والخفَّة، وقد طاشَ
يَطِيش طَيْشاً، وطاش الرجلُ بعد رَزانتِهِ. قال شمر: طَيْشُ العقل
ذهابُه حتى يجهل صاحبُه ما يُحاوِلُ، وطَيْشُ الحِلْم خفَّته، وطَيْشُ السهم
جَوْرُه عن سَنَنِه؛ وقولُ أَبي كبير:
ثم انصرفتُ، ولا أَبثُّك حِيبَتي،
رَعِشَ البَنانِ، أَطِيشُ مشْيَ الأَصْوَرِ
أَراد: لا أَقْصِدُ. وفي حديث السحابة
(* قوله «وفي حديث السحابة» كذا في
الأصل، والذي في النهاية: في حديث الحساب.): فطاشَتِ السِّجِلاّتُ
وثَقُلَت البِطاقةُ؛ الطَّيْشُ: الخفَّة. وفي حديث عمرو بن أَبي سلمة
(* قوله
عمرو بن أَبي سلمة» الذي في النهاية: عمر بن أَبي سلمة.): كانت يَدِي
تَطِيش في الصَّحْفَة أَي تَخِفُّ وتتناوَلُ من كل جانب. وفي حديث ابن شبرمة
وسُئل عن السُّكْر فقال: إِذا طاشت رِجْلاه واختلطَ كلامُه؛ وقول أَبي
سهم الهذلي:
أَخالِدُ، قد طاشَتْ عن الأُمّ رِجْلُه،
فكيف إِذا لم يَهْدِ بالخُفّ مَنْسِمُ؟
عدَّاه بعن لأَنه في معنى راغَتْ وعدَلَت، فكيف إِذا لم يهتد بالخف
منسِم، عدَّاه بالياء أَيضاً لأَنه في معنى لم يُدَلّ به ونحوه، وكانت
رِجْلُه قد قطعت. ورجل طائشٌ من قوم طاشةٍ، وطَيَّاشٌ من قوم طيَّاشةٍ: خفاف
العقول .
وطاشَ السهمُ عن الهَدَف يَطيش طَيشاً إِذا عدَل عنه ولم يقصِد الرميَّة
وأَطاشه الرَّامي. وفي حديث جرير: ومنها العَصِلُ الطائشُ أَي الزالُّ
عن الهدَف.
والأَطْيَشُ: طائرٌ.