أساطين [جمع]: مف أُسطُون: ثقاتٌ ومُبرِّزون يُعتمد عليهم "ابن سينا من أساطين العلم- أساطينُ الأدب".
أساطين [جمع]: مف أُسطُون: ثقاتٌ ومُبرِّزون يُعتمد عليهم "ابن سينا من أساطين العلم- أساطينُ الأدب".
سطن: الساطِنُ: الخَبيث. والأُسْطُوانُ: الرَّجلُ الطويل الرِّجْلينِ
والظهرِ. وجَمَل أُسْطُونٌ: طويل العُنُق مُرْتَفِع، ومنه الأُسْطُوانة؛
قال رؤبة:
جَرَّبْنَ منّي أُسْطواناً أَعْنَقا،
يَعْدِلُ هَدْلاءَ بِشِدْقٍ أَشْدَقا
والأَعْنَق: الطويل العُنُق. والأُسْطُوانة: السارِيَة معروفَة، وهو من
ذلك، وأُسْطُوان البيت معروف، وأَساطِينُ مُسَطَّنَةٌ، ونون الأُسْطُوانة
من أَصل بناء الكلمة، وهو على تقدير أُفْعُوالة، وبيان ذلك أَنهم يقولون
أَساطينُ مُسَطَّنَةٌ؛ قال الفراء: النون في الأُسْطوانة أَصلية، قال:
ولا نظير لهذه الكلمة في كلامهم، قال الجوهري: النون أَصلية وهو
أُفْعُوالةٌ مثل أُقْحوانةٍ، وكان الأَخفش يقول هو فُعْلُوانة، قال: وهذا يُوجِب
أَن تكون الواو زائدةً وإلى جَنْبِها زائدتان الأَلف والنونُ، قال: وهذا
لا يكاد يكون، قال: وقال قوم هو أُفْعُلانةٌ، ولو كان كذلك لما جُمِعَ على
أَسَاطِينَ، لأَنه لا يكون في الكلام أَفاعينُ، قال ابن بري عند قول
الجوهري إن أُسْطُوانة أُفَعُوالة مثل أُقْحُوانة، قال: وزنها أُفْعُلانة
وليست أُفْعُوالة كما ذكَر، يَدُلُّك على زيادة النون قولُهم في الجمع
أَقاحِيُّ وأَقاحٍ، وقولُهم في التصغير أُقَيْحية، قال: وأَما أُسْطُوانة
فالصحيح في وزنها فُعْلُوانة لقولهم في التكسير أَساطين كسَراحِين، وفي
التصغير أُسَيْطِينة كسُرَيْحِين، قال: ولا يجوز أَن يكون وزنها أُفْعُوالة
لقلة هذا الوزن وعدم نظيره، فأَمّا مُسَطَّنة ومُسَطَّن فإِنما هو بمنزلة
تَشَيْطَنَ فهو مُتَشَيْطِن، فيمن زعم أَنه من شَاطَ يَشيطُ، لأَن العرب
قد تَشْتقُّ من الكلمة وتُبقي زوائده كقولهم تَمَسْكَنَ وتَمَدْرَعَ،
قال: وما أَنكره بعدُ من زيادة الأَلف والنون بعد الواو المزيدة في قوله
وهذا لا يكادُ يكون، فغير منكر بدليل قولهم عُنْظُوان وعُنْفُوان، ووزْنُهما
فُعْلُوان بإِجماع، فَعَلى هذا يجوز أَن يكون أُسْطُوانة كعُنْظُوانة،
قال: ونظيره من الياء فِعْليان نحو صِلِّيان وبِلِّيان وعِنْظيان، قال:
فهذه قد اجتمع فيها زيادة الأَلف والنون وزيادة الياء قبلها ولم يُنْكر ذلك
أَحد. ويقال للرجل الطويل الرجلين والدابة الطويل القوائم: مُسَطَّن،
وقوائمه أَساطينُــه. والأَسْطان: آنية الصُّفْر. قال الأَزهري: الأُسْطُوانُ
إِعراب
(* قوله «قال الأزهري الأُسطوان إعراب إلخ» عبارته: لا أحسب
الأسطوان معرباً والفرس تقول أستون اهـ. زاد الصاغاني: الأسطوانة من أسماء
الذكر). أُستُون.
عمد: العَمْدُ: ضدّ الخطإِ في القتل وسائر الجنايات. وقد تَعَمَّده
وتعمِد له وعَمَده يعْمِده عَمْداً وعَمَدَ إِليه وله يَعْمَّد عمداً
وتعمَّده واعتَمَده: قصده، والعمد المصدر منه. قال الأَزهري: القتل على ثلاثة
أَوجه: قتل الخطإِ المحْضِ وهو أَن يرمي الرجل بحجر يريد تنحيته عن موضعه
ولا يقصد به أَحداً فيصيب إِنساناً فيقلته، ففيه الدية على عاقلة الرامي
أَخماساً من الإِبل وهي عشرون ابنة مَخاض، وعشرون ابنة لَبُون، وعشرون ابن
لبون، وعشرون حِقَّة وعشرون جَذَعة؛ وأَما شبه العمد فهو أَن يضرب
الإِنسان بعمود لا يقتل مثله أَو بحجر لا يكاد يموت من أَصابه فيموت منه فيه
الدية مغلظة؛ وكذلك العمد المحض فيه ثلاثون حقة وثلاثون جذعة وأَربعون ما
بين ثَنِيَّةٍ إِلى بازِلِ عامِها كلها خَلِفَةٌ؛ فأَما شبه العمد فالدية
على عاقلة القائل، وأَما العمد المحض فهو في مال القاتل. وفعلت ذلك
عَمْداً على عَيْن وعَمْدَ عَيْنٍ أَي بِجدٍّ ويقين؛ قال خفاف بن ندبة:
إِنْ تَكُ خيلي قد أُصِيبَ صَميمُها.
فعَمْداً على عَيْنٍ تَيَمَّمْتُ مالِكا
وعَمَد الحائط يَعْمِدُه عَمْداً: دعَمَه؛ والعمود الذي تحامل الثِّقْلُ
عليه من فوق كالسقف يُعْمَدُ بالــأَساطينِ المنصوبة. وعَمَد الشيءَ
يَعْمِدُه عمداً: أَقامه. والعِمادُ: ما أُقِيمَ به. وعمدتُ الشيءَ فانعَمَد
أَي أَقمته بِعِمادٍ يَعْتَمِدُ عليه. والعِمادُ: الأَبنية الرفيعة، يذكر
ويؤَنث، الواحدة عِمادة؛ قال الشاعر:
ونَحْنُ، إِذا عِمادُ الحَيِّ خَرَّتْ
على الأَحَفاضِ، نَمْنَعُ مَنْ يَلِينا
وقوله تعالى: إِرَمَ ذاتِ العِماد؛ قيل: معناه أَي ذات الطُّولِ، وقيل
أَي ذات البناءِ الرفيع؛ وقيل أَي ذات البناءِ الرفيع المُعْمَدِ، وجمعه
عُمُدٌ والعَمَدُ اسم للجمع. وقال الفراء: ذاتِ العِماد إِنهم كانوا أَهل
عَمَدٍ ينتقلون إِلى الكَلإِ حيث كان ثم يرجعون إِلى منازلهم؛ وقال
الليث: يقال لأَصحاب الأَخبِيَة الذين لا ينزلون غيرها هم أَهل عَمود وأَهل
عِماد. المبرد: رجل طويلُ العِماد إِذا كان مُعْمَداً أَي طويلاً. وفلان
طويلُ العِماد إِذا كان منزله مُعْلَماً لزائريه. وفي حديث أُم زرع: زوجي
رفيعُ العِمادِ؛ أَرادت عِمادَ بيتِ شرفه، والعرب تضع البيت موضع الشرف في
النسب والحسب. والعِمادُ والعَمُود: الخشبة التي يقوم عليها البيت.
وأَعمَدَ الشيءَ: جعل تحته عَمَداً.
والعَمِيدُ: المريض لا يستطيع الجلوس من مرضه حتى يُعْمَدَ من جوانبه
بالوَسائد أَي يُقامَ. وفي حديث الحسن وذكر طالب العلم: وأَعْمَدَتاه
رِجْلاه أَي صَيَّرَتاه عَمِيداً، وهو المريض الذي لا يستطيع أَن يثبت على
المكان حتى يُعْمَدَ من جوانبه لطول اعتماده في القيام عليها، وقوله:
أَعمدتاه رجلاه، على لغة من قال أَكلوني البراغيثُ، وهي لغة طيء.
وقد عَمَدَه المرضُ يَعْمِدُه: فَدَحَه؛ عن ابن الأَعرابي؛ ومنه اشتق
القلبُ العَمِيدُ. يَعْمِدُه: يسقطه ويَفْدَحُه ويَشْتَدُّ عليه. قال: ودخل
أَعرابي على بعض العرب وهو مريض فقال له: كيف تَجدُك؟ فقال: أَما الذي
يَعْمِدُني فَحُصْرٌ وأُسْرٌ. ويقال للمريض مَعمود، ويقال له: ما
يَعْمِدُكَ؟ أَي يُوجِعُك. وعَمَده المرض أَي أَضناه؛ قال الشاعر:
أَلا مَنْ لِهَمٍّ آخِرَ الليل عامِدِ
معناه: موجع. روى ثعلب أن ابن الأَعرابي أَنشده لسماك العامليّ:
كما أَبَداً ليلةٌ واحِدَه
وقال: ما مَعْرِفَةٌ فنصب أَبداً على خروجه من المعرفة كان جائزاً
(*
قوله «وقال ما معرفة إلى قوله كان جائزاً» كذا بالأصل).
قال الأَزهري: وقوله ليلة عامدة أَي مُمْرضة موجعة.
واعْتَمَد على الشيء: توكّأَ. والعُمْدَةُ: ما يُعتَمَدُ عليه.
واعْتَمَدْتُ على الشيء: اتكأْتُ عليه. واعتمدت عليه في كذا أَي اتَّكَلْتُ عليه.
والعمود: العصا؛ قال أَبو كبير الهذلي:
يَهْدي العَمُودُ له الطريقَ إِذا هُمُ
ظَعَنُوا، ويَعْمِدُ للطريق الأَسْهَلِ
واعْتَمَد عليه في الأَمر: تَوَرَّك على المثل. والاعتماد: اسم لكل سبب
زاحفته، وإِنما سمي بذلك لأَنك إِنما تُزاحِفُ الأَسباب لاعْتِمادها على
الأَوْتاد. والعَمود: الخشبة القائمة في وسط الخِباء، والجمع أَعْمِدَة
وعُمُدٌ، والعَمَدُ اسم للجمع. ويقال: كل خباء مُعَمَّدٌ؛ وقيل: كل خباء
كان طويلاً في الأَرض يُضْرَبُ على أَعمدة كثيرة فيقال لأَهْلِه: عليكم
بأَهْل ذلك العمود، ولا يقال: أَهل العَمَد؛ وأَنشد:
وما أَهْلُ العَمُودِ لنا بأَهْلٍ،
ولا النَّعَمُ المُسامُ لنا بمالِ
وقال في قول النابغة:
يَبْنُونَ تَدْمُرَ بالصُّفَّاح والعَمَدِ
قال: العمد أَساطين الرخام. وأَما قوله تعالى: إِنها عليهم مؤصدة في
عَمَدٍ مُمَدَّدة؛ قرئت في عُمُدٍ، وهو جمع عِمادً وعَمَد، وعُمعد كما قالوا
إِهابٌ وأَهَبٌ وَأُهُبٌ ومعناه أَنها في عمد من النار؛ نسب الأَزهري
هذا القول إِلى الزجاج، وقال: وقال الفراء: العَمَد والعُمُد جميعاً جمعان
للعمود مثل أَديمٍ وأَدَمٍ وأُدُمٍ وقَضيم وقَضَمٍ وقُضُمٍ. وقوله تعالى:
خلق السموات بغير عمد ترونها؛ قال الزجاج: قيل في تفسيره إِنها بعمد لا
ترونها أَي لا ترون تلك العمد، وقيل خلقها بغير عمد وكذلك ترونها؛ قال:
والمعنى في التفسير يؤول إِلى شيء واحد، ويكون تأْويل بغير عمد ترونها
التأْويل الذي فسر بعمد لا ترونها، وتكون العمد قدرته التي يمسك بها السموات
والأَرض؛ وقال الفراء: فيه قولان: أَحدهما أَنه خلقها مرفوعة بلا عمد
ولا يحتاجون مع الرؤية إِلى خبر، والقول الثاني انه خلقها بعمد لا ترون تلك
العمد؛ وقيل: العمد التي لا ترى قدرته، وقال الليث: معناه أَنكم لا ترون
العمد ولها عمد، واحتج بأَن عمدها جبل قاف المحيط بالدنيا والسماء مثل
القبة، أَطرافها على قاف من زبرجدة خضراء، ويقال: إِن خضرة السماء من ذلك
الجبل فيصير يوم القيامة ناراً تحشر الناس إِلى المحشر.
وعَمُودُ الأُذُنِ: ما استدار فوق الشحمة وهو قِوامُ الأُذن التي تثبت
عليه ومعظمها. وعمود اللسان: وسَطُه طولاً، وعمودُ القلب كذلك، وقيل: هو
عرق يسقيه، وكذلك عمود الكَبِد. ويقال للوَتِينِ: عَمُودُ السَّحْر، وقيل:
عمود الكبد عرقان ضخمان جَنَابَتَي السُّرة يميناً وشمالاً. ويقال: إِن
فلاناً لخارج عموده من كبده من الجوع. والعمودُ: الوَتِينُ. وفي حديث عمر
بن الخطاب، رضي الله عنه، في الجالِبِ قال: يأْتي به أَحدهم على عمود
بَطْنِه؛ قال أَبو عمرو: عمود بطنه ظهره لأَنه يمسك البطن ويقوِّيه فصار
كالعمود له؛ وقال أَبو عبيد: عندي أَنه كنى بعمود بطنه عن المشقة والتعب
أَي أَنه يأْتي به على تعب ومشقة، وإِن لم يكن على ظهره إِنما هو مثل،
والجالب الذي يجلب المتاع إِلى البلاد؛ يقولُ: يُتْرَكُ وبَيْعَه لا يتعرض له
حتى يبيع سلعته كما شاء، فإِنه قد احتمل المشقة والتعب في اجتلابه وقاسى
السفر والنصَب. والعمودُ: عِرْقٌ من أُذُن الرُّهَابَةِ إِلى السَّحْرِ.
وقال الليث: عمود البطن شبه عِرْق ممدود من لَدُنِ الرُّهَابَةِ إِلى
دُوَيْنِ السّرّة في وسطه يشق من بطن الشاة. ودائرة العمود في الفرس: التي
في مواضع القلادة، والعرب تستحبها. وعمود الأَمر: قِوامُه الذي لا يستقيم
لا به. وعمود السِّنانِ: ما تَوَسَّط شَفْرتَيْهِ من غيره الناتئ في
وسطه. وقال النضر: عمود السيف الشَّطِيبَةُ التي في وسط متنه إِلى أَسفله،
وربما كان للسيف ثلاثة أَعمدة في ظهره وهي الشُّطَبُ والشَّطائِبُ.
وعمودُ الصُّبْحِ: ما تبلج من ضوئه وهو المُسْتَظهِرُ منه، وسطع عمودُ الصبح
على التشبيه بذلك. وعمودُ النَّوَى: ما استقامت عليه السَّيَّارَةُ من
بيته على المثل. وعمود الإِعْصارِ: ما يَسْطَعُ منه في السماء أَو يستطيل
على وجه الأَرض.
وعَمِيدُ الأَمرِ: قِوامُه. والعميدُ: السَّيِّدُ المُعْتَمَدُ عليه في
الأُمور أَو المعمود إِليه؛ قال:
إِذا ما رأَتْ شَمْساً عَبُ الشَّمْسِ، شَمَّرَتْ
إِلى رَمْلِها، والجُلْهُمِيُّ عَمِيدُها
والجمع عُمَداءُ، وكذلك العُمْدَةُ، الواحد والاثنان والجمع والمذكر
والمؤنث فيه سواء. ويقال للقوم: أَنتم عُمْدَتُنا الذين يُعْتَمد عليهم.
وعَمِيدُ القوم وعَمُودُهم: سيدهم. وفلان عُمْدَةُ قومه إِذا كانوا يعتمدونه
فيما يَحْزُبُهم، وكذلك هو عُمْدتنا. والعَمِيدُ: سيد القوم؛ ومنه قول
الأَعشى:
حتى يَصِيرَ عَمِيدُ القومِ مُتَّكِئاً،
يَدْفَعُ بالرَّاح عنه نِسْوَةٌ عُجُلُ
ويقال: استقامَ القومُ على عمود رأْيهم أَي على الوجه الذي يعتمدون
عليه.واعتمد فلان ليلته إِذا ركبها يسري فيها؛ واعتمد فلان فلاناً في حاجته
واعتمد عليه.
والعَمِيدُ: الشديد الحزن. يقال: ما عَمَدَكَ؟ أَي ما أَحْزَنَك.
والعَمِيدُ والمَعْمُودُ: المشعوف عِشْقاً، وقيل: الذي بلغ به الحب مَبْلَغاً.
وقَلبٌ عَمِيدٌ: هدّه العشق وكسره. وعَمِيدُ الوجعِ: مكانه. وعَمِدَ
البعَيرُ عَمَداً، فهو عَمِدٌ والأُنثى بالهاء: وَرِمَ سنَامُه من عَضِّ
القَتَب والحِلْس وانْشدَخَ؛ قال لبيد يصف مطراً أَسال الأَودية:
فَبَاتَ السَّيْلُ يَرْكَبُ جانِبَيْهِ،
مِنَ البَقَّارِ، كالعَمِدِ الثَّقَالِ
قال الأَصمعي: يعني أَن السيل يركب جانبيه سحابٌ كالعَمِد أَي أَحاط به
سحاب من نواحيه بالمطر، وقيل: هو أَن يكون السنام وارياً فَيُحْمَلَ عليه
ثِقْلٌ فيكسره فيموت فيه شحمه فلا يستوي، وقيل: هو أَن يَرِمَ ظهر
البعير مع الغُدَّةِ، وقيل: هو أَن ينشدخ السَّنَامُ انشداخاً، وذلك أَن
يُرْكَب وعليه شحم كثير.
والعَمِدُ: البعير الذي قد فَسَدَ سَنَامُه. قال: ومنه قيل رجل عَمِيدٌ
ومَعْمُودٌ أَي بلغ الحب منه، شُبه بالسنام الذي انشدخ انشداخاً. وعَمِدَ
البعيرُ إِذا انفضح داخلُ سَنَامِه من الركوب وظاهره صحيح، فهو بعير
عَمِدٌ.
وفي حديث عمر: أَنّ نادبته قالت: واعُمراه أَقام الأَودَ وشفى
العَمَدَ. العمد، بالتحريك: ورَمٌ ودَبَرٌ يكون في الظهر، أَرادت به أَنه أَحسن
السياسة؛ ومنه حديث عليّ: لله بلاء فلان فلقد قَوَّم الأَوَدَ ودَاوَى
العَمَدَ؛ وفي حديثه الآخر: كم أُدارِيكم كما تُدارَى البِكارُ العَمِدَةُ؟
البِكار جمع بَكْر وهو الفَتيُّ من الإِبل، والعَمِدَةُ من العَمَدِ:
الورَمِ والدَّبَرِ، وقيل: العَمِدَةُ التي كسرها ثقل حملها. والعِمْدَةُ:
الموضع الذي ينتفخ من سنام البعير وغاربه. وقال النضر: عَمهدَتْ
أَلْيَتَاهُ من الركوب، وهو أَن تَرِمَا وتَخْلَجَا. وعَمدْتُ الرَّجُلَ أَعْمِدُه
عَمْداً إِذا
(* قوله «أعمده عمداً إذا إلخ» كذا ضبط بالأَصل ومقتضى
صنيع القاموس أنه من باب كتب.) ضربته بالعمود. وعَمَدْتُه إِذا ضربت عمود
بطنه. وعَمدَ الخُراجُ عَمَداً إِذا عُصرَ قبل أَن يَنْضَجَ فَوَرِمَ ولم
تخرج بيضته، وهو الجرح العَمِدُ. وعَمِدَ الثَّرى يَعْمَدُ عَمَداً:
بَلَّلَه المطر، فهو عَمِدٌ، تقَبَّضَ وتَجَعَّدَ ونَدِيَ وتراكب بعضه على
بعض، فإِذا قبضت منه على شيء تَعَقَّدَ واجتمع من نُدُوَّته؛ قال الراعي يصف
بقرة وحشية:
حتى غَدَتْ في بياضِ الصُّبْحِ طَيِّبَةً،
رِيحَ المَباءَةِ تَخْدِي، والثَّرَى عَمِدُ
أَراد طيبة ريِحِ المباءَةِ، فلما نَوَّنَ طيبةً نَصعبَ ريح المباءة.
أَبو زيد: عَمِدَتِ الأَرضُ عَمَداً إِذا رسخ فيها المطر إِلى الثرى حتى
إِذ قَبَضْتَ عليه في كفك تَعَقَّدَ وجَعُدَ. ويقال: إَن فلاناً لعَمِدُ
الثَّرَى أَي كثير المعروف.
وعَمَّدْتُ السيلَ تَعْميداً إِذا سَدَدْتَ وَجْهَ جَريته حتى يجتمع في
موضع بتراب أَو حجارة.
والعمودُ: قضِيبُ الحديد.
وأَعْمَدُ: بمعنى أَعْجَبُ، وقيل: أَعْمَدُ بمعنى أَغْضبُ من قولهم
عَمِدَ عليه إِذا غَضِبَ؛ وقيل: معناه أَتَوَجَّعُ وأَشتكي من قولهم عَمعدَني
الأَمرُ فَعَمِدْتُ أَي أَوجعني فَوَجِعتُ.
الغَنَويُّ: العَمَدُ والضَّمَدُ والغَضَبُ؛ قال الأَزهري: وهو العَمَدُ
والأَمَدُ أَيضاً. وعَمِدَ عليه: غَضب كَعَبِدَ؛ حكاه يعقوب في المبدل.
ومن كلامهم: أَعْمَدُ من كَيلِ مُحِقٍّ أَي هل زاد على هذا. وروي عن أَبي
عبيد مُحِّقَ، بالتشديد. قال الأَزهري: ورأَيت في كتاب قديم مسموع من
كَيْلٍ مُحِقَ، بالتخفيف، من المَحْقِ، وفُسِّر هل زاد على مكيال نُقِصَ
كَيْلُه أَي طُفِّفَ. قال: وحسبت أَن الصواب هذا؛ قال ابن بري: ومنه قول
الراجز:
فاكْتَلْ أُصَيَّاعَكَ مِنْهُ وانْطَلِقْ،
وَيْحَكَ هَلْ أَعْمَدُ مِن كَيْلٍ مُحِقْ
وقال: معناه هل أَزيد على أَن مُحِقَ كَيْلي؟ وفي حديث ابن مسعود: أَنه
أَتى أَبا جهل يوم بدر وهو صريع، فوضع رجله على مُذَمَّرِهِ لِيُجْهِزَ
عليه، فقال له أَبو جهل: أَعْمَدُ من سيد قتله قومه أَي أَعْجَبُ؛ قال
أَبو عبيد: معناه هل زاد على سيد قتله قومه، هل كان إِلا هذا؟ أَي أَن هذا
ليس بعار، ومراده بذلك أَن يهوّن على نفسه ما حل به من الهلاك، وأَنه ليس
بعار عليه أَن يقتله قومه؛ وقال شمر: هذا استفهام أَي أَعجب من رجل قتله
قومه؛ قال الأَزهري: كأَن الأَصل أَأَعْمَدُ من سيد فخففت إِحدى
الهمزتين؛ وقال ابن مَيَّادة ونسبه الأَزهري لابن مقبل:
تُقَدَّمُ قَيْسٌ كلَّ يومِ كَرِيهَةٍ،
ويُثْنى عليها في الرَّخاءِ ذُنوبُها
وأَعْمَدُ مِنْ قومٍ كفَاهُمْ أَخوهُمُ
صِدامَ الأَعادِي، حيثُ فُلَّتْ نُيُوبُها
يقول: هل زدنا على أَن كَفَينَا إخوتنا.
والمُعْمَدُ والعُمُدُّ والعُمُدَّات والعُمَدَّانيُّ: الشابُّ الممتلئ
شباباً، وقيل هو الضخم الطويل، والأُنثى من كل ذلك بالهاء، والجمع
العُمَدَّانِيُّونَ. وامرأَة عُمُدَانِيَّة: ذاتُ جسم وعَبَالَةٍ. ابن
الأَعرابي: العَمودُ والعِمادُ والعُمْدَةُ والعُمْدانُ رئيس العسكر وهو
الزُّوَيْرُ.
ويقال لرِجْلَي الظليم: عَمودانِ. وعَمُودانُ: اسم موضع؛ قال حاتم
الطائي:
بَكَيْتَ، وما يُبْكِيكَ مِنْ دِمْنَةٍ قَفْرِ،
بِسُقفٍ إِلى وادي عَمُودانَ فالغَمْرِ؟
ابن بُزُرج: يقال: جَلِسَ به وعَرِسَ به وعَمِدَ به ولَزِبَ به إِذا
لَزِمَه. ابن المظفر: عُمْدانُ اسم جبل أَو موضع؛ قال الأَزهري: أُراه أَراد
غُمْدان، بالغين، فصحَّفه وهو حصن في رأْس جبل باليمن معروف وكان لآل ذي
يزن؛ قال الأَزهري: وهذا تصحيف كتصحيفه يوم بُعاث وهو من مشاهير أيام
العرب أَخرجه في الغين وصحفه.
وطد: وَطَدَ الشيءَ يَطِدُه وَطْداً وطِدةً، فهو مَوْطودٌ ووطَيدٌ:
أَثْبَتَه وثَقَّلَه، والتوطِيدُ مثله؛ وتال يصف قوماً بكثرة العدد:
وهُمْ يَطِدُونَ الأَرضَ، لَولاهُمُ ارْتَمَتْ
بِمَنْ فَوْقَها، مِنْ ذِي بَيانٍ وأَعْجَما
وتَوَطَّدَ أَي تَثَبَّتَ. والواطِدُ: الثابتُ، والطادِي مقلوب منه؛
المحكم: وأَنشد ابن دريد قال وأَحسبه لَكذَّاب بني الحِرْمازِ:
وأُسُّ مَجْدٍ ثابِتٌ وطِيدُ،
نالَ السمَاءَ دِرْعُها المَدِيدُ
وقد اتَّطَدَ ووَطَّدَ له عنده منزلة: مَهَّدَها. وله عنده وطِيدَةٌ أَي
منزلة ثابتة؛ عن يعقوب. ووَطَّدَ الأَرضَ: رَدَمَها لِتَصْلُبَ.
والمِيطَدَةُ: خَشَبَةٌ يُوَطَّدُ بها المكان من أَساسِ بناءٍ أَو غيره
لِيَصْلُب، وقيل: المِيطَدةُ خَشَبَةٌ يُمْسَكُ بها المِثْقَب. والوطائدُ: قواعدُ
البُنْيانِ. وَوطَدَ الشيءُ وَطْداً: دامَ ورَسا. وفي حديث ابن مسعود:
أَن زيادَ بن عديّ أَتاه فَوَطَده إِلى الأَرض، وكان رجلاً مَجْبُولاً،
فقال عبدُ الله: اعْلُ عني، فقال: لا، حتى تُخْبِرَني من يَهْلِكُ الرجل
وهو يعلم، قال: إِذا كان عليه إِمام إِنْ أَطاعَه أَكفَرَه، وإِن عَصاه
قتَله. قال أَبو عمرو: الوَطْدُ غمْزُك الشيءَ إِلى الشيء وإِثباتُك إِياه؛
يقال منه: وطَدْتُه أَطِدُه وَطْداً إِذا وَطِئتَه وغَمَزْتَه وأَثبتَّه،
فهو مَوْطُود؛ قال الشماخ:
فالْحَقْ بِبَجْلَةَ ناسِبْهُمْ وكُنْ مَعَهُمْ،
حتى يُعِيرُوك مَجْداً غيرَ مَوطُودِ
قال ابن الأَثير: قوله في الحديث فَوَطدَه إِلى الأَرض أَي غَمَزَه فيها
وأَثْبَتَه عليها ومنعه من الحركة. ويقال: وَطَدْتُ الأَرضَ أَطِدُها
إِذا دُستَها لتتَثلَّب؛ ومنه حديث البراء بن مالك: قال يوم اليمامة لخالد
بن الوليد: طِدْني إِليك أَي ضُمَّني إِليك واغْمِزْني. ووَطَدَه إِلى
الأَرض: مثل رَهَصَه وغَمَزَه إِلى الأَرض. والطادي: الثابتُ من وَطَد
يَطِدُ فقلب من فاعِل إِلى عالِف؛ قال القطامي:
ما اعْتادَ حُبُّ سُلَيْمى حَيْنَ مُعْتادِ،
ولا تَقَضَّى بَواقي دِيْنِها الطادِي
قال أَبو عبيد: يُرادِ به الواطِدُ فأَخر الواو وقَلَبَها أَلفاً.
ويقال: وطَّدَ اللهُ للسلطانِ مُلْكَه وأَطَّدَه إِذا ثَبَّتَه. الفراء: طادَ
إِذا ثَبَت، وداطَ إِذا حَمُق، ووَطَدَ إِذا حَمُق، ووَطَدَ إِذا سارَ.
وقد وطَدْتُ على باب الغار الصخر إِذا سددته به ونَضَّدْته عليه. وفي حديث
أَصحاب الغار: فوقع الجبل على باب الكهف فَأَوْطَدَه أَي سَدَّه بالهدم؛
قال ابن الأَثير: هكذا روي وإِنما يقال وطَدَه، قال: ولعله لغة، وقد روي
فَأَوْصَدَه، بالصاد، وقد تقدم.
أسا: الأَسا، مفتوح مقصور: المُداواة والعِلاج، وهو الحُزْنُ أَيضاً.
وأَسا الجُرْحَ أَسْواً وأَساً: داواه. والأَسُوُّ والإساءُ، جميعاً:
الدواء، والجمع آسِيَة؛ قال الحطيئة في الإساء بمعنى الدواء:
هُمُ الآسُونَ أُمَّ الرَّأْس لَمَّا
تَواكَلَها الأَطِبَّةُ والإساءُ
والإساءُ، ممدود مكسور: الدواء بعينه، وإن شئت كان جمعاً للآسي، وهو
المُعالِجُ كما تقول رَاعٍ ورِعاءٌ. قال ابن بري: قال علي بن حمزة الإساء في
بيت الحطيئة لا يكون إلا الدواء لا غير. ابن السكيت: جاء فلان يَلْتَمِس
لجراحِه أَسُوّاً، يعني دواء يأْسُو به جُرْحَه. والأَسْوُ: المصدر.
والأَسُوُّ، على فَعُول: دواء تَأْسُو به الجُرْح. وقد أَسَوْتُ الجُرح
آسُوه أَسْواً أَي داويته، فهو مأْسُوٌّ وأَسِيٌّ أَيضاً، على فَعِيل. ويقال:
هذا الأَمرُ لا يُؤْسى كَلْمُه. وأَهل البادية يسمون الخاتِنَة آسِيةً
كناية. وفي حديث قَيْلة: اسْتَرْجَع وقال رَبِّ أُسني لما أَمضَيْت
وأَعِنِّي على ما أَبْقَيْت؛ أُسْني، بضم الهمزة وسكون العين، أَي عَوِّضْني.
والأَوْس: العَوْضُ، ويروى: آسِني؛ فمعناه عَزِّني وصَبِّرْني؛ وأَما قول
الأَعشى:
عِنْدَه البِرُّ والتُّقى وأَسا الشَّقْـ
قِ وحَمْلٌ لمُضْلِع الأَثْقال
أراد: وعنده أَسْوُ الشَّقِّ، فجعل الواو أَلفاً مقصورة، قال: ومثل
الأَسْوِ والأَسا اللَّغْوُ واللَّغا، وهو الشيء الخَسيس والآسي: الطَّبِيب،
والجمع أُساةٌ وإساء. قال كراع: ليس في الكلام ما يَعتَقِب عليه فُعلة
وفِعالٌ إلا هذا، وقولهم رُعاةٌ ورِعاءٌ في جمع راع. والأَسِيُّ:
المَأْسُوُّ؛ قال أَبو ذؤيب:
وصَبَّ عليها الطِّيبَ حتى كأَنَّها
أَسِيٌّ على أُمِّ الدِّماغ حَجِيجُ
وحَجِيجٌ: من قولهم حَجَّة الطبيبُ فهو مَحْجُوجٌ. وحَجِيجٌ إذا سَبر
شَجَّتَه؛ قال ابن بري: ومثله قول الآخر:
(* قوله «ومثله قول الآخر» أورد
في المغني هذا البيت بلفظ: أسيّ إنني من ذاك إنه
وقال الدسوقي: أسيت حزنت، وأسيّ حزين، وإنه بمعنى نعم، والهاء للسكت أو
إِن الناسخة والخبر محذوف).
وقائلةٍ: أَسِيتَ فقُلْتُ: جَيْرٍ
أَسِيٌّ، إنَّني مِنْ ذاكَ إني
وأَسا بينهم أَسْواً: أَصْلَح. ويقال: أَسَوْتُ الجُرْحَ فأَنا آسُوه
أَسْواً إذا داويته وأَصلحته. وقال المُؤَرِّج: كان جَزْءُ بن الحرث من
حكماء العرب، وكان يقال له المُؤَسِّي لأَنه كان يُؤَسِّي بين الناس أَي
يُصْلِح بينهم ويَعْدِل.
وأَسِيتُ عليه أَسىً: حَزِنْت. وأَسِيَ على مصيبته، بالكسر، يأْسى أَسً،
مقصور، إذا حَزِن. ورجل آسٍ وأَسْيانُ: حزين. ورجل أَسْوان: حزين،
وأَتْبَعوه فقالوا: أَسْوان أَتْوان؛ وأَنشد الأَصمعي لرجل من
الهُذَلِيِّين:ماذا هُنالِكَ من أَسْوانَ مُكْتَئِبٍ،
وساهِفٍ ثَمِل في صَعْدةٍ حِطَمِ
وقال آخر:
أَسْوانُ أَنْتَ لأَنَّ الحَيَّ مَوْعِدُهم
أُسْوانُ، كلُّ عَذابٍ دُونَ عَيْذاب
وفي حديث أُبيّ بن كعب: والله ما عَلَيْهِم آسى ولكن آسى على مَنْ
أَضَلُّوا؛ الأَسى، مفتوحاً مقصوراً: الحُزْن، وهو آسٍ، وامرأَة آسِيةٌ
وأَسْيا، والجمع أَسْيانون وأَسْيانات
(* قوله «وأسيانات» كذا في الأصل وهو جمع
اسيانة ولم يذكره وقد ذكره في القاموس). وأَسْيَيات وأَسايا. وأَسِيتُ
لفلان أَي حَزِنْت له. وسَآني الشيءُ: حَزَنَني؛ حكاه يعقوب في المقلوب
وأَنشد بيت الحرث ابن خالد المخزومي:
مرَّ الحُمُولُ فما سَأَوْنَك نَقْرةً،
ولقد أَراكَ تُساءُ بالأَظْعان
والأُسْوَةُ والإسْوَةُ: القُدْوة. ويقال: ائتَسِ به أي اقتدَ به وكُنْ
مثله. الليث: فلان يَأْتَسِي بفلان أَي يرضى لنفسه ما رضيه ويَقْتَدِي به
وكان في مثل حاله. والقوم أُسْوةٌ في هذا الأَمر أَي حالُهم فيه واحدة.
والتَّأَسِّي في الأُمور: الأُسْوة، وكذلك المُؤَاساة. والتَّأْسِية:
التعزية. أسَّيْته تأْسِيةً أَي عَزَّيته. وأَسَّاه فَتَأَسَّى: عَزَّاه
فتَعزَّى. وتَأَسَّى به أَي تعزَّى به. وقال الهروي: تَأَسّى به اتبع فعله
واقتدى به. ويقال: أَسَوْتُ فلاناً بفلان إذا جَعَلْته أُسْوته؛ ومنه قول
عمر، رضي الله عنه، لأَبي موسى: آسِ بين الناس في وَجْهك ومَجْلِسك
وعَدْلِك أَي سَوِّ بَينَهم واجْعل كل واحد منهم إسْوة خَصْمه. وتآسَوْا أَي
آسَى بعضُهم بعضاً؛ قال الشاعر:
وإنَّ الأُلَى بالطَّفِّ من آلِ هاشمٍ
تَأَسَوْا، فسَنُّوا للكِرامِ التَّآسِيا
قال ابن بري: وهذا البيت تَمَثَّل به مُصْعَب يوم قُتِل. وتَآسَوْا فيه:
من المُؤَاساة كما ذكر الجوهري، لا من التَّأَسِّي كما ذكر المبرد،
فقال: تآسَوْا بمعنى تَأَسَّوْا، وتَأَسّوْا بمعنى تَعَزَّوا. ولي في فلان
أُسْوة وإسْوة أَي قُدْوَة. وقد تكرر ذكر الأُسْوة والإسْوة والمُواساة في
الحديث، وهو بكسر الهمزة وضمها القُدْوة. والمُواساة: المشاركة
والمُساهَمة في المعاش والرزق؛ وأَصلها الهمزة فقلبت واواً تخفيفاً. وفي حديث
الحُدَيْبِيةَ: إن المشركين وَاسَوْنا للصُّلْح؛ جاء على التخفيف، وعلى
الأَصل جاء الحديث الآخر: ما أَحَدٌ عندي أَعْظَمُ يَداً من أَبي بكر آساني
بنفسه وماله. وفي حديث عليّ، عليه السلام: آسِ بَيْنَهم في اللَّحْظَة
والنَّظْرة. وآسَيْت فلاناً بمصيبته إذا عَزَّيته، وذلك إذا ضَربْت له
الأُسَا، وهو أَن تقول له مالَك تَحْزَن. وفلان إسْوَتُك أَي أَصابه ما أَصابك
فصَبَر فَتأَسَّ به، وواحد الأُسَا والإسَا أُسْوَة وإسْوة. وهو إسْوَتُك
أَي أَنت مثله وهو مثلك. وأْتَسَى به: جَعَله أُسْوة. وفي المثل: لا
تَأْتَسِ بمن ليس لك بأُسْوة. وأَسْوَيْته: جعلت له أُسْوة؛ عن ابن
الأَعرابي، فإن كان أَسْوَيْت من الأُسْوة كما زعم فوزنه فَعْلَيْتُ كَدَرْبَيْتُ
وجَعْبَيْتُ. وآساهُ بمالِه: أنالَه منه وجَعَله فيه أُسْوة، وقيل: لا
يكون ذلك منه إلا من كَفافٍ، فإن كان من فَضْلةٍ فليس بمؤَاساة. قال أَبو
بكر: في قولهم ما يؤَاسِي فلان فلاناً فيه ثلاثة أَقوال؛ قال المفضل بن
محمد معناه ما يُشارِك فلان فلاناً، والمؤَاساة المشاركة؛ وأَنشد:
فإنْ يَكُ عَبْدُ الله آسَى ابْنَ أُمِّه،
وآبَ بأَسْلابِ الكَمِيِّ المُغاوِر
وقال المُؤَرِّج: ما يُؤَاسِيه ما يُصِيبه بخير من قول العرب آسِ فلاناً
بخير أَي أَصِبْه، وقيل: ما يُؤَاسيه من مَوَدَّته ولا قرابته شيئاً
مأْخوذ من الأَوْسِ وهو العَوْض، قال: وكان في الأَصل ما يُؤَاوِسُه،
فقدَّموا السين وهي لام الفعل، وأَخروا الواو وهي عين الفعل، فصار يؤَاسِوهُ،
فصارت الواو ياء لتحركها وإنكسار ما قبلها، وهذا من المقلوب، قال: ويجوز
أَن يكون غير مقلوب فيكون يُفاعِل من أَسَوْت الجُرْح. وروى المنذري عن
أَبي طالب أَنه قال في المؤاساة واشتقاقها إن فيها قولين: أَحدهما أَنها من
آسَى يُؤاسِي من الأُسْوة وهي القُدْوة، وقيل إنها من أَساه يَأْسُوه
إذا عالجه وداواه، وقيل إنها من آسَ يَؤُوس إذا عاض، فأَخَّر الهمزة
ولَيَّنهاولكلٍّ مقال. ويقال: هو يؤاسِي في ماله أَي يساوِي. ويقال: رَحِم
اللهُ رَجُلاً أَعْطى من فَضْلٍ وآسَى من كَفافٍ، من هذا. الجوهري: آسَيْتُه
بمالي مُؤاساةً أَي جعلته أُسْوتي فيه، وواسَيْتُه لغة ضعيفة. والأُسْوة
والإسْوة، بالضم والكسر: لغتان، وهو ما يَأْتَسِي به الحَزينُ أَي
يَتَعَزَّى به، وجمعها أُساً وإساً؛ وأَنشد ابن بري لحُرَيْث بن زيد
الخيل:ولَوْلا الأُسِى ما عِشتُ في الناس ساعة،
ولكِنْ إذا ما شئْتُ جاوَبَني مِثْلي
ثم سُمِّي الصبر أُساً. وَأْتَسَى به أَي اقتدى به. ويقال: لا تَأْتَسِ
بمن ليس لك بأُسْوة أَي لا تقتد بمن ليس لك بقدوة. والآَسِيَة: البناء
المُحْكَم. والآسِيَة: الدِّعامة والسارية، والجمع الأَواسِي؛ قال
النابغة:فإنْ تَكُ قَدْ وَدَّعْتَ، غيرَ مُذَمَّمٍ،
أَواسِيَ مُلْكٍ أَثْبَتَتها الأَوائلُ
قال ابن بري: وقد تشدّد أَواسِيّ للــأَساطين فيكون جمعاً لآسِيٍّ، ووزنه
فاعُولٌ مثل آرِيٍّ وأوارِيّ؛ قال الشاعر:
فَشَيَّدَ آسِيّاً فيا حُسْنَ ما عَمَر
قال: ولا يجوز أَن يكون آسِيٌّ فاعِيلاً لأَنه لم يأْت منه غير آمِين.
وفي حديث ابن مسعود: يُوشِك أَن تَرْمِيَ الأَرضُ بأَفلاذ كبدها أَمثال
الأَواسِي؛ هي السَّواري والــأَساطينُ، وقيل: هي الأَصل، واحدتها آسِيَة
لأَنها تُصْلِحُ السَّقْفُ وتُقيمه، من أَسَوْت بين القوم إذا أَصلحت. وفي
حديث عابد بني إسرائيل: أَنه أوْثَق نَفسه إلى آسِيَةٍ من أَواسِي
المَسْجِد. وأَسَيْتُ له من اللحم خاصة أَسْياً: أَبقيت له. والآَسِيَةُ، بوزن
فاعلة: ما أُسِّسَ من بنيان فأُحْكِم، أَصله من ساريةٍ وغيرها.
والآسِيَّة: بقية الدار وخُرْثيُّ المتاع. وقال أَبو زيد: الآسِيُّ خُرْثِيُّ الدار
وآثارُها من نحو قِطْعة القَصْعة والرَّماد والبَعَر؛ قال الراجز:
هَلْ تَعْرِف الأَطْلالَ بالحويِّ
(* قوله «بالحوي» هكذا في الأصل من غير ضبط ولا نقط لما قبل الواو، وفي
معجم ياقوت مواضع بالمعجمة والمهملة والجيم).
لم يَبْقَ من آسِيَّها العامِيِّ
غَيرُ رَمادِ الدَّارِ والأُثْفِيِّ
وقالوا: كُلُوا فلم نُؤَسِّ لَكُم، مشدد، أَي لم نَتَعَمَّدكم بهذا
الطعام. وحكى بعضهم: فلم يُؤَسَّ أَي لم تُتَعمَّدوا به.
وآسِيَةُ: امرأَة فرعون. والآسِي: ماء بعينه؛ قال الراعي:
أَلَمْ يُتْرَكْ نِساءُ بني زُهَيْرٍ،
على الآسِي، يُحَلِّقْنَ القُرُونا؟
قعع: القُعاعُ: ماءٌ مُرّ غليظ. ماءٌ قُعٌّ وقُعاعٌ: مُرٌّ غليظ، وقيل:
هو الذي لا أَشدّ مُلُوحةً منه تَحْتَرِقُ منه أَجْوافُ الإِبلِ، الواحد
والجمع فيه سواء. قال ابن بري: ماءٌ قُعاعٌ وزُعاقٌ وحُراقٌ، وليس بعد
الحُراقِ شيء، وهو الذي يحرق أَوبار الإِبل، والأُجاجُ المِلْحُ المُرّ
أَيضاً.
وأَقَعَّ القومُ إِِقْعاعاً إِذا أَنْبَطُوه. يقال: أَقَعَّ أَي
أَنْبَطَ ماءً قُعاعاً. وأَقَعَّتِ البئرُ: جاءت بهذا الضرب من الماء، ومِياهُ
الإِمْلاحاتِ كلُّها قُعاعٌ.
والقَعْقَعةُ: حكايةُ أَصوات السِّلاحِ والتِّرَسةِ والجُلُودِ اليابسة
والحجارة والرَّعْدِ والبَكْرةِ والحُليِّ ونحوها؛ قال النابغة:
يُسَهَّدُ من لَيْلِ التَّمامِ سَلِيمُها،
لحَلْيِ النساءِ في يَدَيهِ قَعاقِعُ
وذلك أَن المَلْدُوغَ يوضع في يديه شيء من الحَلْيِ لئلا يَنامَ فيَدِبَّ
السمُّ في جسَدِه فيقتله. وتَقَعْقَعَ الشيء: اضْطَرَبَ وتحرّك.
وقَعْقَعْتُ القارُورةَ وزَعْزَعْتُها إِذا أَرَغْتَ نَزْعَ صِمامِها من رأْسها.
وقَعْقَعْتُه وقَعْقَعْتُ به: حرَّكْته. وفي حديث أُم سلمة: قَعْقَعُوا لك
بالسِّلاحِ فطارَ سِلاحُك
(* قوله« سلاحك» كذا بالأصل والنهاية ايضاً،
وبهامش الأصل صوابه: فؤادك.) وفي المثل: فلانٌ لا يُقَعْقَعُ له بالشِّنانِ
أَي لا يُخْدَعُ ولا يُرَوَّعُ، وأَصله من تحريك الجلد اليابس للبعير
ليَفْزَع؛ أَنشد سيبويه للنابغة:
كأَنَّكَ مِنْ جِمالِ بَني أُقَيْشٍ،
يُقَعْقَعُ خَلْفَ رِجْلَيْهِ بِشَنِّ
أَراد كأَنك جَمَلٌ فحذف الموصوف وأَبقى الصفة كما قال:
لو قُلْتَ ما في قَوْمِها لم تِيثَمِ،
يَفْضُلُها في حَسَبٍ ومِيسَمِ
أَراد من يفضلها فحذف الموضول وأَبقى الصلة.
والتَّقَعْقُعُ: التحرّك. وقال بعض الطائيين: يقال قَعَّ فلان فلاناً
يَقُعُّه قَعّاً إِذا اجْتَرأَ عليه بالكلام. وتَقَعْقَعَ الشيءُ: صَوَّتَ
عند التحريك. وقَعْقَعْتُه قَعْقَعةً وقِعْقاعاً: حركته، والاسم
القَعْقاعُ، بالفتح. قال ابن الأَعرابي: القَعْقَعةُ والعَقْعَقةُ والشَّخْشَخةُ
والخَشَخَشةُ والخَفْخَفةُ والفَخْفَخةُ والنَّشْنَشةُ والشَّنْشَنةُ،
كله: حركةُ القِرْطاسِ والثوْبِ الجديدِ. وفي الحديث: أَنّ ابناً لِبِنْتِ
النبي، صلى الله عليه وسلم، حُضِرَ فدخل النبي، صلى الله عليه وسلم، فجيءَ
بالصبيّ ونفسُه تَقَعْقَعُ أَي تَضْطَرِبُ؛ قال خالد بن جَنْبةَ: معنى
قوله نفسه تَقَعْقَعُ أَي كلَّما صَدَرَتْ إِلى حال لم تَلْبَثْ أَن تصير
إِلى حال أُخرى تقرّبه من لموت لا تثبت على حال واحدة. وفي الحديث: آخُذُ
بِحَلْقةِ الجنةِ فأُقَعْقِعُها أَي أُحَرِّكُها. والقَعْقَعةُ: حكاية حركة
لشيء يُسْمَعُ له صوْتٌ، ومنه حديث أَبي الدرداء: شَرُّ النساء
السَّلْفَعةُ التي تُسْمَعُ لأَسنانِها قَعْقَعةٌ. ورجل قَعْقاعٌ وقُعْقُعانيّ:
تَسْمَعُ لِمَفاصِلِ رجليه تَقَعْقُعاً إِذا مشَى، وكذلك العَيْرُ إِذا
حَمَلَ على العانةِ وتَقَعْقَعَ لَحْياه يقال له قُعْقُعانيٌّ. وحِمارٌ
قُعْقُعانيُّ الصوتِ، بالضم، أَي شديد الصوت، في صوته قَعْقَعَةٌ؛ قال
رؤبة:شاحِيَ لَحْيَيْ قُعْقُعانيّ الصَّلَقْ
قَعْقَعةَ المِحْوَرِ خُطَّافَ العَلَقْ
والأَسَدُ ذُو قَعاقِعَ أَي إِذا مشَى سمعت لِمَفاصِله قَعْقَعةً.
والقَعْقَعةُ: تَتابُعُ صوت الرَّعْدِ في شدَّةٍ؛ وجمعه القَعاقِعُ. ورجل
قُعاقِعٌ: كثير الصوت؛ حكاه ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
وقُمْتُ أَدْعُو خالداً ورافِعا،
جَلْدَ القُوَى ذا مِرَّةٍ قُعاقِعا
وتَقَعْقَعَ بنا الزمانُ تَقَعْقُعاً: وذلك من قلة الخير وجَوْرِ
السلطانِ وضِيقِ السِّعْرِ. والمُقَعْقِعُ: الذي يُجِيلُ القِداحَ في الميسر؛
قال كُثيِّر يصف ناقته:
وتُعْرَفُ إِنْ ضَلَّتْ فَتُهْدَى لِرَبِّها
لِمَوْضِعِ آلاتٍ مِنَ الطَّلْحِ أَرْبَعِ
وتُؤْبَنُ مِنْ نَصِّ الهَواجِرِ والضُّحَى،
بِقِدْحَيْنِ فازا مِنْ قِداحِ المُقَعْقِعِ
عليها، ولَمَّا يَبْلُغا كلَّ جَهْدِها،
وقد أَشْعَراها في أَظَلَّ ومَدْمَعِ
الآلات: خَشَبات تبنى عليها الخيمة، وتُؤْبَنُ أَي تُتَّهَمُ وتُزَنّ؛
يقول: هزلت فكأَنها ضُرِبَ عليها بالقِداحِ فخرج المُعَلَّى والرَّقِيبُ
فأَخذا لحمها كله، ثم قال: ولما يبلغا كل جَهْدِها أَي وفيها بقية.
وقوله:قد أَشْعَراها أَي وهذان القِدْحانِ قد اتصل عملهما بالأَظَلِّ حتى
دَمِيَ فَنَقِبَ وبالعين حتى دَمَعَت من الإِعياء، والضمير في أَشْعَراها يعود
على الهواجِرِ، والسُّرَى على ما قاله ابن بري إِن الذي وقع في شعر كثيِّر
نَصَّ الهواجِرِ والسُّرَى؛ قال: وأَصله من إِشْعارِ البدنة، وهو
طَعْنُها في أَصل سَنامِها بحديدة، قال ابن بري: يقول أَثَرُ قوائم هذه الناقة في
الأَرض إِذا بركت كأَثَرِ عيدان من الطلْحِ فيستدل عليها بهذه الآثار؛
وقد نسب الأَزهريّ قوله:
بِقِدْحَيْنِ فازا من قِداحِ المُقَعْقِعِ
إِلى ابن مُقْبلٍ. ويقال للمهزول: صار عظاماً يَتَقَعْقَعُ من هزاله. وكل
شيء يسمع عند دقه صوت واحد فإِنكَ لا تقول تَقَعْقَعَ، وإِذا قلت لمثل
الأَدَمِ اليابسة والسِّلاح ولها أَصوات قلت تَتَقَعْقَعُ؛ قال الأَزهري:
وقول النابغة:
يُقَعْقَعُ خَلْفَ رِجْلَيْهِ بِشَنِّ
يخالف هذا القول لأَنّ الشنّ من الأَذَمِ وقد تقدّم. وقَعْقَعَ في الأَرض
أَي ذهب. وتمرٌ قَعْقاعٌ أَي يابس. قال الأَزهري: سمعت البحرانِيِّينَ
يقولون للقَسْب إِذا يبِسَ وتَقَعْقَع: تَمْرٌ سَحٌّ وتَمْرُ قَعْقاعٌ.
والقَعْقاعُ: الحُمَّى النافِضُ تُقَعْقِعُ الأَضْراس، قال مُزَرِّدٌ أَخو
الشمّاخ:
إِذا ذُكِرَتْ سَلْمَى على النَّأْي، عادَني
ثُلاجِيّ قعْقاعٍ، من الوِرْدِ، مُرْدِم
ويقال للقوم إِذا كانوا نزولاً ببلد فاحتملوا عنه: قد تَقَعْقَعَتْ
عُمُدُهم أَي ارتحلوا؛ قال جرير:
تَقَعْقَعَ نَحْوَ أَرْضِكُمُ عِمادي
وفي المثل: مَنْ يَجْتَمِعُ تَتَقَعْقَعُ عُمُدُه، كما يقال: إِذا تَمَّ
أَمْرٌ دنَا نَقْصُه، ومعنى من يجمع تتقعقع عمده أَي من غُبِطَ بكثرة
العَدَدِ واتِّساقِ الأَمر فهو بِعَرضِ الزوال والانتشار؛ وهذا كقول لبيد
يصف تغير الزمان بأَهله:
إِنْ يُغْبَطُوا يَهْبِطُوا، وإِنْ أُمِرُوا
يَوْماً، يَصِيرُوا لِلْهُلْكِ والنَّكَدِ
والقُعْقُعُ، بالضم: طائر أَبْلَقُ فيه سواد وبياض ضخم طويل المِنْقارِ
وهو من طير البر، والقَعْقَعةُ صوته. والقُعْقُعُ، بضم القافين:
العَقْعَقُ.
وقُعَيْقِعانُ: جبل، وقيل: موضع بمكة كانت فيه حرب بين قبيلتين من قريش،
وهو اسم معرفة، سمي بذلك لقَعْقَعةِ السِّلاح الذي كان به، وقيل: سمي
بذلك لأَنّ جُرْهُماً كانت تجعل قِسيَّها وجِعابَها ودَرَقَها فيه فكانت
تُقَعْقِعُ وتصوّت، قال ابن بري: وسمي بذلك لأَنه موضع سلاح تُبَّعٍ كما
سمي الجبل الذي كان موضع خيله أَجْياداً. وقُعَيقِعانُ أَيضاً: جبل
بالأَهواز في حجارته رخاوة تنحت منه الــأَساطِينُ، ومنه نحتت أَساطين مسجد
البَصْرةِ.
وطريقٌ قَعْقاعٌ ومُتَقَعْقِعٌ: لا يُسْلَكُ إِلا بِمَشَقّةٍ وذلك إِذا
بَعُدَ واحْتاجَ السابِلُ فيه إِلى الجَدِّ، وسمي قَعْقاعاً لأَنه
يُقَعْقِعُ الرِّكابَ ويتعبها؛ قال ابن مقبل يصف ناقة:
عَمِل قَوائِمُها على مُتَقَعْقعٍ،
عَتِبِ المَراقِبِ خارجٍ مُتَنَشِّرِ
وقَرَبٌ قَعْقاعٌ: شديدٌ لا اضْطِرابَ فيه ولا فُتُورَ،وكذلك خِمْسٌ
قَعْقاعٌ وحَثْحاثٌ إِذا كان بعيداً والسيرُ فيه مُتْعِباً لا وَتِيرةَ فيه
أَي لا فُتُورَ فيه، وسَيْرٌ قَعْقاعٌ. والقَعْقاعُ: طريق يأْخذ من
اليمامة إِلى الكوفة، وقيل إِلى مكة، معروف. وقَعْقاعٌ: اسم رجل؛ قال:
وكُنْتُ جَلِيسَ قَعْقاعِ بنِ شَوْرٍ،
ولا يَشْقَى بِقَعْقاعٍ جَلِيسُ
وبالشُّرَيْفِ من بلادِ قَيْسٍ مواضعُ يقال لها القَعاقِعُ. وقال
الأَصمعي: إِذا طَرَدْتَ الثور قلت له: قَعْ قَعْ، وإِذا زجرته قلت له: وحْ
وَحْ
(* قوله« وح وح» هو بهذا الضبط في الأصل، وفي القاموس وح، قال شارحه
بالتشديد مبنياً على «الكسر،) وقد قَعْقَعتُ بالثور قَعْقَعةً.
نزل: النُّزُول: الحلول، وقد نَزَلَهم ونَزَل عليهم ونَزَل بهم يَنْزل
نُزُولاً ومَنْزَلاً ومَنْزِلاً، بالكسر شاذ؛ أَنشد ثعلب:
أَإِنْ ذَكَّرَتْك الدارَ مَنْزِلُها جُمْلُ
أَراد: أَإِن ذكَّرتكُ نُزولُ جُمْلٍ إِياها، الرفع في قوله منزلُها
صحيح، وأَنَّث النزولَ حين أَضافه إِلى مؤنَّث؛ قال ابن بري: تقديره أَإِن
ذكَّرتك الدار نُزولَها جُمْلُ، فَجُمْلُ فاعل بالنُّزول، والنُّزولُ
مفعول ثانٍ بذكَّرتك.
وتَنَزَّله وأَنْزَله ونَزَّله بمعنىً؛ قال سيبويه: وكان أَبو عمرو
يفرُق بين نَزَّلْت وأَنْزَلْت ولم يذكر وجهَ الفَرْق؛ قال أَبو الحسن: لا
فرق عندي بين نَزَّلْت وأَنزلت إِلا صيغة التكثير في نزَّلت في قراءة ابن
مسعود: وأَنزَل الملائكة تَنْزِيلاً؛ أَنزل: كنَزَّل؛ وقول ابن جني:
المضاف والمضاف إِليه عندهم وفي كثير من تَنْزِيلاتِهم كالاسم الواحد، إِنما
جمع تَنْزِيلاً هنا لأَنه أَراد للمضاف والمضاف إِليه تَنْزيلات في وجُوه
كثيرة منزلةَ الاسم الواحد، فكنى بالتَّنْزيلات عن الوجوه المختلفة، أَلا
ترى أَن المصدر لا وجه له إِلاَّ تشعُّب الأَنواع وكثرتُها؟ مع أَن ابن
جني تسمَّح بهذا تسمُّح تحضُّرٍ وتحذُّق، فأَما على مذهب العرب فلا وجه
له إِلاَّ ما قلنا.
والنُّزُل: المَنْزِل؛ عن الزجاج، وبذلك فسر قوله تعالى: وجعلنا جهنم
للكافرين نُزُلاً؛ وقال في قوله عز وجل: جناتٌ تجري من تحتها الأَنهارُ
خالدين فيها نُزُلاً من عِند الله؛ قال: نُزُلاًمصدر مؤكد لقوله خالدين فيها
لأَن خُلودهم فيها إِنْزالُهم فيها. وقال الجوهري: جناتُ الفِرْدَوْسِ
نُزُلاً؛ قال الأَخفش: هو من نُزول الناس بعضهم على بعض. يقال: ما وجدْنا
عندكم نُزُلاً.
والمَنْزَل، بفتح الميم والزاي: النُّزول وهو الحلول، تقول: نزلْت
نُزولاً ومَنْزَلاً؛ وأَنشد أَيضاً:
أَإِن ذَكَّرَتك الدارُ مَنْزَلَها جُمْلُ
بَكيْتَ، فدَمْعُ العَيْنِ مُنْحَدِر سَجْلُ؟
نصب المَنْزَل لأَنه مصدر.
وأَنزَله غيرُه واستنزله بمعنى، ونزَّله تنزيلاً، والتنزيل أَيضاً:
الترتيبُ. والتنزُّل: النُّزول في مُهْلة. وفي الحديث: إِن الله تعالى وتقدّس
يَنزِل كل ليلة إِلى سماء الدنيا؛ النُّزول والصُّعود والحركة والسكونُ
من صفات الأَجسام، والله عز وجل يتعالى عن ذلك ويتقدّس، والمراد به نُزول
الرحمة والأَلطافِ الإِلهية وقُرْبها من العباد، وتخصيصُها بالليل
وبالثُلث الأَخيرِ منه لأَنه وقتُ التهجُّد وغفلةِ الناس عمَّن يتعرَّض لنفحات
رحمة الله، وعند ذلك تكون النيةُ خالصة والرغبةُ إِلى الله عز وجل
وافِرة، وذلك مَظِنَّة القبول والإِجابة. وفي حديث الجهاد: لا تُنْزِلْهم على
حُكْم الله ولكن أَنزِلْهم على حُكْمِك أَي إذا طَلب العدوُّ منك الأَمان
والذِّمامَ على حكم اللّه فلا تُعْطيهم، وأَعطِهم على حكمك، فإِنك
ربَّما تخطئ في حكم الله تعالى أَو لا تفي به فتأْثَم. يقال: نزلْت عن الأَمر
إِذا تركتَه كأَنك كنت مستعلياً عليه مستولياً.
ومكان نَزِل: يُنزَل فيه كثيراً؛ عن اللحياني.
ونَزَل من عُلْوٍ إِلى سُفْل: انحدر. والنِّزالُ في الحربْ: أَن
يتَنازَل الفريقان، وفي المحكم: أَن يَنْزل الفَرِيقان عن إِبِلهما إِلى
خَيْلهما فيَتضاربوا، وقد تنازلوا.
ونَزالِ نَزالِ أَي انزِلْ، وكذا الاثنان والجمعُ والمؤنثُ بلفظ واحد؛
واحتاج الشماخ إِليه فثقَّله فقال:
لقد عَلِمَتْ خيلٌ بمُوقانَ أَنَّني
أَنا الفارِسُ الحامي، إِذا قيل: نَزَّال
(* قوله «لقد علمت خيل إلخ» هكذا في الأصل بضمير التكلم، وأَنشده ياقوت
عند التكلم على موقان للشماخ ضمن ابيات يمدح بها غيره بلفظ:
وقد علمت خيل بموقان أنه * هو الفارس الحامي إذا قيل
تنزال).الجوهري: ونَزَالِ مثل قَطامِ بمعنى انْزِل، وهو معدول عن المُنازَلة،
ولهذا أَنثه الشاعر بقوله:
ولَنِعْم حَشْوُ الدِّرْعِ أَنتَ، إِذا
دُعِيَتْ نَزالِ، ولُجَّ في الذُّعْرِ
قال ابن بري: ومثله لزيد الخيل:
وقد علمتْ سَلامةُ أَن سَيْفي
كَرِيهٌ، كلما دُعِيَتْ نزالِ
وقال جُرَيبة الفقعسي:
عَرَضْنا نَزالِ، فلم يَنْزِلوا،
وكانت نَزالِ عليهم أَطَمْ
قال: وقول الجوهري نَزالِ معدول من المُنازلة، يدل على أَن نَزالِ بمعنى
المُنازلة لا بمعنى النُّزول إِلى الأَرض؛ قال: ويقوِّي ذلك قول الشاعر
أَيضاً:
ولقد شهدتُ الخيلَ، يومَ طِرادِها،
بسَلِيم أَوْظِفةِ القَوائم هَيْكل
فَدَعَوْا: نَزالِ فكنتُ أَولَ نازِلٍ،
وعَلامَ أَركبُه إِذا لم أَنْزِل؟
وصف فرسه بحسن الطراد فقال: وعلامَ أَركبُه إِذا لم أُنازِل الأَبطال
عليه؟ وكذلك قول الآخر:
فلِمْ أَذْخَر الدَّهْماءَ عند الإِغارَةِ،
إِذا أَنا لم أَنزِلْ إِذا الخيل جالَتِ؟
فهذا بمعنى المُنازلة في الحرب والطِّراد لا غير؛ قال: ويدلُّك على أَن
نَزالِ في قوله: فَدعَوْا نَزالِ بمعنى المُنازلة دون النُّزول إِلى
الأَرض قوله:
وعَلامَ أَركبه إِذا لم أَنزل؟
أَي ولِمَ أَركبُه إِذا لم أُقاتل عليه أَي في حين عدم قتالي عليه،
وإِذا جعلت نَزالِ بمعنى النزول إِلى الأَرض صار المعنى: وعَلام أَركبه حين
لم أَنزل إِلى الأَرض، قال: ومعلوم أَنه حين لم ينزل هو راكب فكأَنه قال:
وعلام أَركبه في حين أَنا راكب؛ قال ومما يقوي ذلك قول زهير:
ولَنِعْم حَشْوُ الدِّرْعِ أَنت، إِذا
دُعِيَتْ نَزال، ولُجَّ في الدُّعْرِ
أَلا تَرى أَنه لم يمدحه بنزوله إِلى الأَرض خاصة بل في كل حال؟ ولا
تمدَح الملوك بمثل هذا، ومع هذا فإِنه في صفة الفرس من الصفات الجليلة وليس
نزوله إِلى الأَرض مما تمدَح به الفرس، وأَيضاً فليس النزول إِلى الأَرض
هو العلَّة في الركوب. وفي الحديث: نازَلْت رَبِّي في كذا أَي راجعته
وسأَلته مرَّة بعد مرَّة، وهو مُفاعَلة من النّزول عن الأَمر، أَو من
النِّزال في الحرب.
والنَّزِيلُ: الضيف؛ وقال:
نَزِيلُ القومِ أَعظمُهم حُقوقاً،
وحَقُّ اللهِ في حَقِّ النَّزِيلِ
سيبويه: ورجل نَزيل نازِل. وأَنْزالُ القومِ: أَرزاقهم.
والنُّزُل وتلنُّزْل: ما هُيِّئَ للضيف إِذا نزل عليه. ويقال: إِن
فلاناً لحسن النُّزْل والنُّزُل أَي الضيافة؛ وقال ابن السكيت في قوله:
فجاءت بِيَتْنٍ للنِّزَالة أَرْشَما
قال: أَراد لِضِيافة الناس؛ يقول: هو يَخِفُّ لذلك، وقال الزجاج في
قوله: أَذَلكَ خيرٌ نُزُلاً أَم شجرة الزَّقُّوم؛ يقول: أَذلك خير في باب
الأَنْزال التي يُتَقَوَّت بها وتمكِن معها الإِقامة أَم نُزُل أَهلِ النار؟
قال: ومعنى أَقمت لهم نُزُلهم أَي أَقمت لهم غِذاءَهم وما يصلُح معه أَن
ينزلوا عليه. الجوهري: والنُّزْل ما يهيَّأُ للنَّزِيل، والجمع
الأَنْزال. وفي الحديث: اللهم إِني أَسأَلك نُزْلَ الشهداء؛ النُّزْل في الأَصل:
قِرَى الضيف وتُضَمّ زايُه، يريد ما للشهداء عند الله من الأَجر والثواب؛
ومنه حديث الدعاء للميت: وأَكرم نُزُله.
والمُنْزَلُ: الإِنْزال، تقول: أَنْزِلْني مُنْزَلاً مُباركاً.
ونَزَّل القومَ: أَنْزَلهم المَنازل. وتَزَّل فلان عِيرَه: قَدَّر لها
المَنازل. وقوم نُزُل: نازِلون.
والمَنْزِل والمَنْزِلة: موضع النُّزول. قال ابن سيده: وحكى اللحياني
مَنْزِلُنا بموضع كذا، قال: أُراه يعني موضع نُزولنا؛ قال: ولست منه على
ثقة؛ وقوله:
دَرَسَ المَنَا بِمُتالِعٍ فأَبَانِ
إِنما أَراد المَنازل فحذف؛ وكذلك قول الأَخطل:
أَمستْ مَناها بأَرض ما يبلِّغُها،
بصاحب الهمِّ، إِلا الجَسْرةُ الأُجُدُ
أَراد: أَمستْ مَنازلها فحذف، قال: ويجوز أَن يكون أَراد بمناها قصدَها،
فإِذا كان كذلك فلا حذف. الجوهري: والمَنْزِل المَنْهَل، والدارُ
والمنزِلة مثله؛ قال ذو الرمة:
أَمَنْزِلَتَيْ مَيٍّ، سلامٌ عليكما
هلِ الأَزْمُنُ اللاَّئي مَضَيْنَ رَواجِعُ؟
والمنزِلة: الرُّتبة، لا تجمَع. واستُنْزِل فلان أَي حُطَّ عن مرتبته.
والمَنْزِل: الدرجة. قال سيبويه: وقالوا هو مني منزِلة الشَّغَاف أَي هو
بتلك المنزِلة، وكلنه حذف كما قالوا دخلت البيت وذهبت الشامَ لأَنه بمنزلة
المكان وإِن لم يكن مكاناً، يعني بمنزلة الشَّغَاف، وهذا من الظروف
المختصة التي أُجريت مُجرى غير المختصَّة. وفي حديث ميراث الجدِّ: أَن أَبا
بكر أَنزله أَباً أَي جعل الجدَّ في منزلة الأَب وأَعطاه نصيبَه من
الميراث.
والنُّزَالة: ما يُنْزِل الفحلُ من الماء، وخص الجوهري فقال: النُّزالة،
بالضم، ماءُ الرجل. وقد أَنزل الرجلُ ماءه إِذا جامع، والمرأَة تستنزِل
ذلك. والنَّزْلة: المرة الواحدة من النُّزول.
والنازِلة: الشديدة تنزِل بالقوم، وجمعها النَّوازِل. المحكم: والنازِلة
الشدَّة من شدائد الدهر تنزل بالناس، نسأَل الله العافية. التهذيب: يقال
تنزَّلَت الرحمة. المحكم: نزَلَتْ عليهم الرحمة ونزَل عليهم العذاب
كِلاهما على المثل. ونزَل به الأَمر: حلَّ؛ وقوله أَنشده ثعلب:
أَعْزْرْ عليَّ بأَن تكون عَلِيلا
أَو أَن يكون بك السَّقام نَزيلا
جعله كالنَّزِيل من الناس أَي وأَن يكون بك السَّقام نازِلاً. ونزَل
القومُ: أَتَوْا مِنَى؛ قال ابن أَحمر:
وافَيْتُ لمَّا أَتاني أَنَّها نزلتْ،
إِنّ المَنازلَ مما تجمَع العَجَبَا
أَي أَتت مِنَى؛ وقال عامر بن الطفيل:
أَنازِلةٌ أَسماءُ أَم غيرُ نازِلَه؟
أَبيني لنا، يا أَسْمَ، ما أَنْت فاعِلَه
والنُّزْل: الرَّيْعُ والفَضْلُ، وكذلك النَّزَل. المحكم: النُّزْل
والنَّزَل، بالتحريك، رَيْعُ ما يُزرع أَي زَكاؤه وبركتُه، والجمع أَنْزال،
وقد نَزِل نَزَلاً. وطعامٌ نَزِل: ذو نَزَل، ونَزِيلٌ: مبارك؛ الأَخيرة عن
ابن الأَعرابي. وطعام قليل النُّزْل والنَّزَل، بالتحريك، أَي قليل
الرَّيْع، وكثير النُّزْل والنَّزَل، بالتحريك. وأَرض نَزْلة: زاكية الزَّرْع
والكَلإِ. وثوب نِزِيل: كامِلٌ. ورجل ذو نَزَلٍ: كثير الفَضْل والعطاءِ
والبركة؛ قال لبيد:
ولَنْ تَعْدَمُوا في الحرْب لَيْثاً مُجَرَّباً
وَذا نَزَلٍ، عندَ الرَّزِيَّةِ، باذِلا
والنَّزْلةُ: كالزُّكام؛ يقال: به نَزْلة، وقد نُزِلَ
(* قوله «وقد نزل»
هكذا ضبط بالقلم في الأصل والصحاح، وفي القاموس: وقد نزل كعلم) وقوله
عز وجل: ولقد رآه نَزْلةً أُخرى؛ قالوا: مرَّة أُخرى.
والنَّزِلُ: المكان الصُّلب السريعُ السَّيْل. وأَرض نَزِلة: تَسيلُ من
أَدنى مطر. ومكان نَزِل: سريعُ السيل. أَبو حنيفة: وادٍ نَزِلٌ يُسِيله
القليل الهيِّن من الماء. والنَّزَل: المطرُ. ومكان نَزل: صُلب شديدٌ.
وقال أَبو عمرو: مكان نَزْل واسعٌ بعيدٌ؛ وأَنشد:
وإِنْ هَدَى منها انتِقالُ النَّقْلِ،
في مَتْنِ ضَحَّاكِ الثَّنايا نَزْلِ
وقال ابن الأَعرابي: مكان نَزِل إِذا كان مَجالاً مَرْتاً، وقيل:
النَّزِل من الأَودية الضيِّق منها. الجوهري: أَرض نَزِلة ومكان نَزِلٌ بيِّن
النَّزالة إِذا كانت تَسِيل من أَدنى مطر لصَلابتها، وقد نَزِل، بالكسر.
وحَظٌّ نَزِل أَي مجتَمِع.
ووجدت القوم على نَزِلاتهم أَي مَنازلهم. وتركت القوم على نَزَلاتهم
ونَزِلاتهم أَي على استقامة أَحوالهم مثل سَكِناتهم؛ زاد ابن سيده: لا يكون
إِلا في حسن الحال.
ومُنازِلُ بن فُرْعان
(* قوله «ومنازل بن فرعان» ضبط في الأصل بضم
الميم، وفي القاموس بفتحها، وعبارة شرحه: هو بفتح الميم كما يقتضيه اطلاقه
ومنهم من ضبطه بضمها اهـ. وفي الصاغاني: وسموا منازل ومنازلاً بفتح الميم
وضمها): من شعرائهم؛ وكان مُنازِل عقَّ أَباه فقال فيه:
جَزَتْ رَحِمٌ، بيني وبين مُنازِلٍ،
جَزاءً كما يَسْتَخْبِرُ الكَلْبَ طالِبُهْ
فعَقَّ مُنازلاً ابنُه خَلِيج فقال فيه:
تَظَلَّمَني مالي خَلِيجٌ، وعقَّني
على حين كانت كالحِنِيِّ عِظامي
عقر: العَقْرُ والعُقْرُ: العُقْم، وهو اسْتِعقْامُ الرَّحِم، وهو أَن
لا تحمل. وقد عَقُرَت المرأَة عَقَارةً وعِقارةً وعَقَرت تَعْقِرِ عَقْراً
وعُقْراً وعَقِرَت عَقاراً، وهي عاقرٌ. قال ابن جني: ومما عدُّوه شاذّاً
ما ذكروه من فَعُل فهو فاعِلٌ، نحو عَقُرَت المرأَة فهي عاقِرٌ، وشَعُر
فهو شاعرٌ، وحَمُض فهو حامِضٌ، وطَهُرَ فهو طاهِرٌ؛ قال: وأَكثر ذلك
وعامَّتُه إِنما هو لُغات تداخَلَت فَتَركَّبَت، قال: هكذا ينبغي أَن
تعتَقِد، وهو أَشَبهُ بحِكمةِ العرب. وقال مرَّة: ليس عاقرٌ من عَقُرَت بمنزلة
حامِضٍ من حَمُض ولا خاثرٍ من خَثُر ولا طاهِرٍ من طَهُر ولا شاعِرٍ من
شَعُر لأَن كل واحد من هذه اسم الفاعل، وهو جارٍ على فَعَل، فاستغني به عما
يَجْرِي على فَعُل، وهو فَعِيل، ولكنه اسمٌ بمعنى النسب بمنزلة امرأَة
حائضٍ وطالَقٍ، وكذلك الناقة، وجمعها عُقَّر؛ قال:
ولو أَنَّ ما في بَطْنِه بَيْنَ نِسْوَةٍ
حَبِلْنَ، ولو كانت قَواعِدَ عُقّرا
ولقد عَقُرَت، بضم القاف، أَشدَّ العُقْر وأَعْقَر اللهُ رَحِمَها، فهي
مُعْقَرة، وعَقُر الرجلُ مثل المرأَة أَيضاً، ورجال عُقَّرٌ ونساء
عُقَّرٌ. وقالوا: امرأَة عُقَرة، مثل هُمَزة؛ وأَنشد:
سَقَى الكِلابيُّ العُقَيْليَّ العُقُرْ
والعُقُر: كل ما شَرِبه
(*
قوله: «والعقر كل ما شربه إلخ» عبارة شارح القاموس العقر، بضمتين، كل ما
شربه إِنسان فلم يولد له، قال: «سقى الكلابي العقيلي العقر» قال
الصاغاني: وقيل هو العقر بالتخفيف فنقله للقافية). الإِنسان فلم يولد له، فهو
عُقْرٌ له. ويقال: عَقَر وعَقِر إِذا عَقُر فلم يُحْمَل له. وفي الحديث: لا
تَزَوَّجُنَّ عاقِراً فإِني مُكاثِرٌ بكم؛ العاقرُ: التي لا تحمل. وروي
عن الخليل: العُقْرُ اسْتِبْراءُ المرأَة لتُنْظَرَ أَبِكْرٌ أَم غير
بكر، قال: وهذا لا يعرف. ورجل عاقرٌ وعَقِيرٌ: لا يولد له بَيْن العُقْر،
بالضم، ولم نسمع في المرأَة عَقِيراً. وقال ابن الأَعرابي: هو الذي يأْتي
النساء فيُحاضِنُهنّ ويُلامِسهُنّ ولا يولد له.
وعُقْرةُ لعهدهم: النِّسْيانُ: والعُقَرة: خرزة تشدُّها المرأَة على
حَِقْوَيْها لئلا تَحْبَل. قال الأَزهري: ولسنا العرب خرزةٌ يقال لها
العُقَرة يَزْعُمْن أَنها إِذا عُلِّقَت على حِقْوِ المرأَة لم تحمل إِذا
وُطِئت. قال الأَزهري: قال ابن الأَعرابي العُقَرة خرزةٌ تعلَّق على العاقر
لتَلِدَ. وعَقُر الأَمرُ عُقْراً: لم يُنْتِجْ عاقِبةً؛ قال ذر الرمة يمدح
بلال بن أَبي بردة:
أَبوكَ تَلافَى الناسَ والدِّينَ بعدما
تَشاءَوْا، وبَيْتُ الدِّين مُنْقطِع الكَسْر
فشدَّ إِصارَ الدِّينِ أَيَّامَ أَذْرُحٍ
ورَدَّ حُروباً لَقِحْن إِلى عُقْرِ
الضمير في شدَّ عائد على جد الممدوح وهو أَبو موسى الأَشعري.
والتَّشائِي: التبايُنُ والتَّفَرُّق. والكَسْرُ؛ جانب البيت. والإِصَارُ: حَبْل
قصير يشدّ به أَسفلُ الخباء إِلى الوتد، وإِنما ضربه مثلاً. وأَذْرُح:
موضع؛ وقوله: وردَّ حُروباً قد لَقِحْنَ إِلى عُقْرِ أَي رَجَعْن إِلى
السكون. ويقال: رَجَعَت الحربُ إِلى عُقْرٍ إِذا فَتَرَتْ. وعَقْرُ النَّوَى:
صَرْفُها حالاً بعد حال. والعاقِرُ من الرمل: ما لا يُنْبِت، يُشَبَّه
بالمرأَة، وقيل: هي الرملة التي تُنْبِت جَنَبَتَاها ولا يُنْبِت وَسَطُها؛
أَنشد ثعلب:
ومِن عاقرٍ يَنْفِي الأَلاءَ سَراتُها،
عِذَارَيْنِ عَنْ جَرْداءَ، وَعْثٍ خُصورُها
وخَصَّ الأَلاء لأَنه من شجر الرمل، وقيل: العاقر رملة معروفة لا تنبت
شيئاً؛ قال:
أَمَّا الفُؤادُ، فلا يَزالُ مُوكَّلاً
بهوى حَمامةَ، أَو بِرَيّا العاقِر
حَمامَةُ: رملة معروفة أَو أَكَمَة، وقيل: العاقِرُ العظيم من الرمل،
وقيل: العظيم من الرمل لا ينبت شيئاً؛ فأَما قوله أَنشده ابن الأَعرابي:
صَرَّافةَ القَبِّ دَموكاً عاقِرا
فإِنه فسره فقال: العاقِرُ التي لا مثل لها. والدَّمُوك هنا: البَكَرة
التي يُسْتقى بها على السانِية، وعَقَرَه أَي جَرَحَه، فهو عَقِيرٌ
وعَقْرَى، مثَّل جريح وجَرْحَى والعَقْرُ: شَبِيهٌ بالحَزِّ؛ عَقَرَه يَعْقِره
عَقْراً وعَقَّره. والعَقِيرُ: المَعْقورُ، والجمع عَقْرَى، الذكر
والأُنثى فيه سواء. وعَقَر الفرسَ والبعيرَ بالسيف عَقْراً: قطع قوائمه؛ وفرس
عَقِيرٌ مَعْقورٌ، وخيل عَقْرى؛ قال:
بسِلَّى وسِلِّبْرَى مَصارعُ فِتْيةٍ
كِرامٍ، وعَقْرَى من كُمَيْتٍ ومن وَرْدِ
وناقةٌ عَقِيرٌ وجمل عَقِير. وفي حديث خديجة، رضي الله تعالى عنها، لما
تزوجت رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، كَسَتْ أَباها حُلَّةً
وخَلَّقَتْه ونَحَرَتْ جزوراً، فقال: ما هذا الحَبِيرُ وهذا العَبِيرُ وهذا
العَقِيرُ؟ أَي الجزور المنحور؛ قيل: كانوا إِذا أَرادوا نَحْرَ البعير عَقَرُوه
أَي قطعوا إِحدى قوائمه ثم نَحرُوه، يفْعل ذلك به كَيْلا يَشْرُد عند
النَّحْر؛ وفي النهاية في هذا المكان: وفي الحديث: أَنه مَرَّ بحِمارٍ
عَقِيرٍ أَي أَصابَه عَقْرٌ ولم يَمُتْ بعد، ولم يفسره ابن الأَثير. وعَقَرَ
الناقة يَعْقِرُها ويَعْقُرها عَقْراً وعَقَّرَها إِذا فعل بها ذلك حتى
تسقط فَنَحَرَها مُسْتمكناً منها، وكذلك كل فَعِيل مصروف عن مفعول به
فإِنه بغير هاء. قال اللحياني: وهو الكلام المجتمع عليه، ومنه ما يقال
بالهاء؛ وقول امرئ القيس:
ويومَ عَقَرْتُ للعَذارَى مَطِيَّتي
فمعناه نحرتها. وعاقَرَ صاحبَه: فاضَلَه في عَقْر الإِبل، كما يقال
كارَمَه وفاخَرَه. وتعاقَر الرجُلان: عَقَرا إِبلِهَما يَتَباريَان بذلك
ليُرَى أَيُّهما أَعْقَرُ لها؛ ولما أَنشد ابن دريد قوله:
فما كان ذَنْبُ بنِي مالك،
بأَنْ سُبَّ منهم غُلامٌ فَسَبَّ
بأَبْيَضَ ذِي شُطَبٍ باتِرٍ
يَقُطُّ العِظامَ ويَبْرِي العَصَبْ
فسره فقال: يريد مُعاقرةَ غالب بن صعصعة أَبي الفرزدق وسُحَيم بن وَثِيل
الرياحي لما تَعاقَرَا بِصَوْأَر، فعقر سحيم خمساً ثم بدَا له، وعَقَر
غالبٌ أَبو الفرزدق مائة. وفي حديث ابن عباس: لا تأْكلوا من تَعاقُرِ
الأَعراب فإِني لا آمَنُ أَن يكون مما أْهِلَّ به لغير الله؛ قال ابن
الأَثير: هو عَقْرُهم الإِبل، كان الرجلان يَتَباريانِ في الجود والسخاء
فيَعْقِر هذا وهذا حتى يُعَجِّزَ أَحدُهما الآخر، وكانوا يفعلونه رياءً وسُمْعة
وتفاخُراً ولا يقصدون به وجه الله تعالى، فشبَّهه بما ذُبح لغير الله
تعالى. وفي الحديث: لا عَقْرَ في الإِسلام: قال ابن الأَثير: كانوا
يَعْقِرون الإِبل على قبور المَوْتَى أَي يَنْحَرُونها ويقولون: إِن صاحبَ القبر
كان يَعْقِر للأَضياف أَيام حياته فتُكافِئُه بمثل صَنِيعه بعد وفاته.
وأَصل العَقْرِ ضَرْبُ قوائم البعير أَو الشاة بالسيف، وهو قائم. وفي
الحديث: ولا تَعْقِرنّ شاةً ولا بَعِيراً إِلاَّ لِمَأْكَلة، وإِنما نهى عنه
لأَنه مُثْلة وتعذيبٌ للحيوان؛ ومنه حديث ابن الأَكوع: وما زِلْتُ
أَرْمِيهم وأَعْقِرُ بهم أَي أَقتُلُ مركوبهم؛ يقال: عَقَرْت به إِذا قتلت مر
كوبه وجعلته راجلاً؛ ومنه الحديث: فَعَقَرَ حَنْظَلةُ الراهب بأَبي
سُفْيَان بن حَرْب أَي عَرْقَبَ دَابّته ثم اتُّسِعَ في العَقْر حتى استعمل في
القَتْل والهلاك؛ ومنه الحديث: أَنه قال لمُسَيْلِمةَ الكذّاب: وإِن
أَدْبَرْتَ ليَعْقرَنَّك الله أَي ليُهْلِكَنّك، وقيل: أَصله من عَقْر النخل،
وهو أَن تقطع رؤوسها فتَيْبَس؛ ومنه حديث أُم زرع: وعَقْرُ جارِتها أَي
هلاكُهَا من الحسد والغيظ. وقولهم: عَقَرْتَ بي أَي أَطَلْت جَبْسِي كأَنك
عَقَرْت بَعِيرِي فلا أَقدر على السير، وأَنشد ابن السكيت:
قد عَقَرَتْ بالقومِ أُمُّ خَزْرج
وفي حديث كعب: أَن الشمس والقَمَرَ ثَوْرانِ عَقِيران في النار؛ قيل
لمّا وصَفَهما الله تعالى بالسِّبَاحة في قوله عز وجل: وكلٌّ في فَلَكٍ
يَسْبَحُون، ثم أَخبر أَنه يجعلهما في النار يُعَذِّب بهما أَهْلَها بحيث لا
يَبْرَحانِها صارا كأَنهما زَمِنان عَقِيران. قال ابن الأَثير: حكى ذلك
أَبو موسى، وهو كما تراه. ابن بزرج: يقال قد كانت لي حاجة فعَقَرَني عنها
أَي حَبَسَنِي عنها وعاقَنِي. قال الأَزهري: وعَقْرُ النَّوَى منه
مأْخوذ، والعَقْرُ لا يكون إِلاَّ في القوائم. عَقَرَه إِذا قطع قائِمة من
قوائمه. قال الله تعالى في قضيَّة ثمود: فتاطَى فعَقَرَ؛ أَي تعاطَى الشقِيُّ
عَقْرَ الناقةِ فبلغ ما أَراد، قال الأَزهري: العَقْرُ عند العرب كَشْفُ
عُرْقوب البعير، ثم يُجْعَل النَّحْرُ عَقْراً لأَن ناحِرَ الإِبل
يَعْقِرُها ثم ينحرها. والعَقِيرة: ما عُقِرَ من صيد أَو غيره. وعَقِيرةُ
الرجل: صوتُه إِذا غَنّى أَو قَرَأَ أَو بَكى، وقيل: أَصله أَن رجلاً عُقِرَت
رجلُه فوضع العَقِيرةَ على الصحيحة وبكَى عليها بأَعْلى صوته، فقيل: رفع
عَقِيرَته، ثم كثر ذلك حتى صُيِّر الصوتُ بالغِنَاء عَقِيرة. قال
الجوهري: قيل لكل مَن رفع صوته عَقِيرة ولم يقيّد بالغناء. قال: والعَقِيرة
الساقُ المقطوعة. قال الأَزهري: وقيل فيه هو رجل أُصِيبَ عُضْوٌ من أَعضائه،
وله إِبل اعتادت حُداءَه، فانتشرت عليه إِبلُه فرفع صوتَه بالأَنِينِ
لِمَا أَصابه من العَقْرِ في بدنه فتسمَّعت إِبلُه فحَسِبْنه يَحْدو بها
فاجتمعت إِليه، فقيل لكل من رفع صوته بالغناء: قد رفع عَقِيرته.
والعَقِيرة: متهى الصوت؛ عن يعقوب؛ واسْتَعْقَرَ الذئبُ رَفَع صوتَه بالتطريب في
العُواء؛ عنه أَيضاً؛ وأَنشد:
فلما عَوَى الذئبُ مُسْتَعِقْراً،
أَنِسْنا به والدُّجى أَسْدَفُ
وقيل: معناه يطلب شيئاً يَفْرِسُه وهؤلاء قومٌ لُصوصٌ أَمِنُوا الطلب
حين عَوَى الذئب. والعَقِيرة: الرجل الشريف يُقْتَل. وفي بعض نسخ الإِصلاح:
ما رأَيت كاليوم عَقِيرَةً وَسْطَ قوم. قال الجوهري: يقال ما رأَيت
كاليوم عَقِيرةً وَسْطَ قوم، للرجل الشريف يُقْتَل، ويقال: عَقَرْت ظهر
الدابة إِذا أَدْبَرْته فانْعَقَر واعْتَقَر؛ ومنه قوله:
عَقَرْتَ بَعِيري يا امْرَأَ القَيْسِ فانْزِلِ
والمِعْقَرُ من الرِّحالِ: الذي ليس بِواقٍ. قال أَبو عبيد: لا يقال
مِعْقر إِلاَّ لما كانت تلك عادته، فأَمّا ما عَقَر مرة فلا يكون إِلاَّ
عاقراً؛ أَبو زيد: سَرْجٌ عُقَرٌ؛ وأَنشد للبَعِيث:
أَلَدُّ إِذا لافَيْتُ قَوْماً بِخُطَّةٍ،
أَلَحَّ على أَكتافِهم قَتَبٌ عُقَرْ
وعَقَرَ القَتَبُ والرحل ظهر الناقة، والسرجُ ظهرَ الدابة يَعْقِرُه
عَقْراً: حَزَّه وأََدْبَرَه. واعْتَقَر الظهرُ وانْعَقَرَ: دَبِرَ. وسرجٌ
مِعْقار ومِعْقَر ومُعْقِرٌ وعُقَرَةٌ وعُقَر وعاقورٌ: يَعْقِرُ ظهر
الدابة، وكذلك الرحل؛ وقيل: لا يقال مِعْقَر إِلاَّ لما عادته أَن يَعْقِرِ.
ورجل عُقَرة وعُقَر ومِعْقَر: يَعقِر الإِبل من إِتْعابِه إِيّاها، ولا
يقال عَقُور. وكلب عَقُور، والجمع عُقْر؛ وقيل: العَقُور للحيوان،
والعُقَرَة للمَواتِ. وفي الحديث: خَمْسٌ مَن قَتَلَهُنّ، وهو حَرامٌ، فلا جُناح
عليه. العَقْرب والفأْرة والغُراب والحِدَأُ والكلبُ والعَقُور؛ قال: هو
كل سبع يَعْقِر أَي يجرح ويقتل ويفترس كالأَسد والنمر والذئب والفَهْد
وما أَشبهها، سمّاها كلباً لاشتراكها في السَّبُعِيَّة؛ قال سفيان بن
عيينة: هو كل سبع يَعْقِر، ولم يخص به الكلب. والعَقُور من أَبنية المبالغة
ولا يقال عَقُور إِلاَّ في ذي الروح. قال أَبو عبيد: يقال لكل جارحٍ أَو
عاقرٍ من السباع كلب عَقُور. وكَلأُ أَرضِ كذا عُقَارٌ وعُقَّارٌ: يَعْقِر
الماشية ويَقْتُلُها؛ ومنه سمِّي الخمر عُقَاراً لأَنه يَعْقِرُ
العَقْلَ؛ قاله ابن الأَعرابي. ويقال للمرأَة: عَقْرَى حَلْقى، معناه عَقَرها
الله وحَلَقها أَي حَلَقَ شَعَرها أَو أَصابَها بوجع في حَلْقِها، فعَقْرى
ههنا مَصْدَرٌ كدَعْوى في قول بَشِير بن النَّكْث أَنشده سيبويه:
وَلَّتْ ودَعْلأاها شديدٌ صَخَبُهْ
أَي دعاؤُها؛ وعلى هذا قال: صَخَبُه، فذكّر، وقيل: عَقْرى حَلْقى
تَعِقْرُ قومها وتَحْلِقُهم بشُؤْمِها وتستأْصلهم، وقيل: العَقْرى الحائض. وفي
حديث النبي، صلى الله عليه وسلم، حين قيل له يوم النَّفْر في صَفِيَّة
إِنها حائضٌ فقال: عَقْرَى حَلقى ما أُراها إِلاَّ حابِسَتَنا؛ قال أَبو
عبيد: قوله عَقْرى عَقَرَها اللهُ؛ وحَلْقى خَلَقَها اللهُ تعالى، فقوله
عَقَرَهَا الله يعني عَقَرَ جسدَها، وحَلْقى أَصابَها الله تعالى بوجعٍ في
حَلْقِها؛ قال: وأَصحاب الحديث يروونه عَقْرى حَلْقِى، وإِنما هو عَقْراً
وحَلْقاً، بالتنوين، لأَنهما مصدرا عَقَرَ وحَلَقَ؛ قال: وهذا على مذهب
العرب في الدعاء على الشيء من غير إِرادة لوقوعه. قال شمر: قلت لأَبي
عبيد لم لا تُجِيزُ عَقْرى؟ فقال: لأَنّ فَعْلى تجيء نعتاً ولم تجئ في
الدعاء. فقلت: روى ابن شميل عن العرب مُطَّيْرى، وعَقْرى أَخَفّ منه، فلم
يُنْكِرْه؛ قال ابن الأَثير: هذا ظاهرُه الدعاء عليها وليس بدعاء في الحقيقة،
وهو في مذهبهم معروف. وقال سيبويه: عَقَّرْته إِذا قلت له عَقْراً وهو
من باب سَقْياً ورَعْياً وجَدْعاً، وقال الزمخشري: هما صِفتان للمرأَة
المشؤومة أَي أَنها تَعْقِرُ قومَها وتَحْلِقُهم أَي تستأْصِلُهم، من شؤمها
عليهم، ومحلُّها الرفع على الخبرية أَي هي عَقْرى وحَلْقى، ويحتمل أَن
يكونا مصدرين على فَعْلى بمعنى العَقْر والحَلْق كالشَّكْوى للشَّكْوِ،
وقيل: الأَلف للتأْنيث مثلها في غَضْبى وسَكْرى؛ وحكى اللحياني: لا تفعل ذلم
أُمُّك عَقْرى، ولم يفسره، غير أَنه ذكره مع قوله أُمك ثاكِلٌ وأُمُّك
هابِلٌ. وحكى سيبويه في الدعاء: جَدْعاً له وعَقْراً، وقال: جَدَّعْتُه
وعَقَّرْته قلت له ذلك؛ والعرب تقول: نَعُوذُ بالله من العَواقِر
والنَّواقِر؛ حكاه ثعلب، قال: والعواقِرُ ما يَعْقِرُ، والنَّواقِرُ السهامُ التي
تُصيب.
وعَقَرَ النخلة عَقْراً وهي عَقِرةٌ: قطع رأْسها فيبست. قال الأَزهري:
وعَقْرُ النَّخْلة أَنُ يُكْشَطَ لِيفُها عن قَلْبها ويؤخذ جَذَبُها فإِذا
فعل ذلك بها يَبِسَتْ وهَمَدت. قال: ويقال عَقَر النخلة قَطَع رأْسَها
كلَّه مع الجُمّار، فهي مَعْقورة وعَقِير، والاسم العَقَار. وفي الحديث:
أَنه مَرَّ بأَرضٍ تسمى عَقِرة فسماها خضِرَة؛ قال ابن الأَثير: كأَنه
كرِه لها اسم العَقْر لأَن العاقِرَ المرأَةُ التي لا تحمل، وشجرة عاقر لا
تحمل، فسماها خَضِرة تفاؤلاً بها؛ ويجوز أَن يكون من قولهم نخلة عَقِرةٌ
إِذا قطع رأْسها فيبست. وطائر عَقِرٌ وعاقِرٌ إِذا أَصاب ريشَه آفةٌ فلم
ينبت؛ وأَما قول لبيد:
لَمَّا رأَى لُبَدُ النُّسورَ تطايَرَتْ،
رَفَعَ القَوادِمَ كالعَقِير الأَعْزلِ
قال: شبَّه النَّسْرَ، لمّا تطاير ريشُه فلم يَطِرْ، بفرس كُشِفَ
عرقوباه فلم يُحْضِرْ. والأَعْزَلُ المائل الذنب.
وفي الحديث فيما روى الشعبي: ليس على زانٍ عُقْرٌ أَي مَهْر وهو
للمُغْتَصَبةِ من الإِماء كمَهْرِ المثل للحُرَّة. وفي الحديث: فأَعْطاهم
عُقْرَها؛ قال: العُقْرُ، بالضم، ما تُعْطاه المرأَة على وطء الشبهة، وأَصله
أَن واطئ البِكْر يَعْقِرها إِذا اقْتَضَّها. فسُمِّيَ ما تُعْطاه
للعَقْرِ عُقْراً ثم صار عامّاً لها وللثيّب، وجمعه الأَعْقارُ. وقال أَحمد بن
حنبل: العُقْرُ المهر. وقال ابن المظفر: عُقْرُ المرأَة دبةُ فرجها إذا
غُصِبَت فَرْجَها. وقال أَبو عبيدة: عُقْرُ المرأَة ثَوابٌ تُثابُه
المرأَةُ من نكاحها، وقيل: هو صداق المرأَة، وقال الجوهري: هو مَهْرُ المرأَة
إِذا وُِطِئت على شبهة فسماه مَهْراً. وبَيْضَةُ العُقْرِ: التي تُمْتحنُ
بها المرأَةُ عند الاقْتِضاض، وقيل: هي أَول بيضة تبَِيضُها الدجاجة
لأَنها تَعْقِرها، وقيل: هي آخر بيضة تبيضها إِذا هَرِمَت، وقيل: هي بيضة
الدِّيك يبيضها في السنة مرة واحدة، وقيل: يبيضها في عمره مرة واحدة إِلى
الطُّول ما هي، سميِّت بذلك لأَن عُذْرةَ الجارية تُخْتَبَرُ بها. وقال
الليث: بَيْضةُ العُقْر بَيْضةُ الدِّيك تُنْسَبُ إِلى العُقْر لأَن الجارية
العذراء يُبْلى ذلك منها بِبَيْضة الدِّيك، فيعلم شأْنها فتُضْرَبُ بيضةُ
الديك مثلاً لكل شيء لا يستطاع مسُّه رَخاوةً وضَعْفاً، ويُضْرَب بذلك
مثلاً للعطية القليلة التي لا يَرُبُّها مُعْطِيها بِبِرّ يتلوها؛ وقال
أَبو عبيد في البخيل يعطي مرة ثم لا يعود: كانت بيْضَة الدِّيك، قال: فإِن
كان يعطي شيئاً ثم يقطعه آخر الدهر قيل للمرة الأَخيرة: كانت بَيْضةَ
العُقْر، وقيل: بيضة العُقْر إِنما هو كقولهم: بَيْض الأَنُوق والأَبْلق
العَقُوق، فهو مثل لما لا يكون. ويقال للذي لا غَنَاء عنده: بَيْضَة العقر،
على التشبيه بذلك. ويقال: كان ذلك بَيْضَة العقر، معناه كان ذلك مرة
واحدة لا ثانية لها. وبَيْضةَ العقر، معناه كان ذلك مرة واحدة لا ثانية لها.
وبَيْضة العُقْر: الأَبْترُ الذي لا ولد له. وعُقْرُ القوم وعَقْرُهم:
مَحَلّتُهم بين الدارِ والحوضِ. وعُقْرُ الحوض وعُقُره، مخففاً ومثقلاً:
مؤخَّرُه، وقيل: مَقامُ الشاربة منه. وفي الحديث: إِني لِبعُقْرِ حَوْضِي
أَذُودُ الناس لأَهل اليَمَنِ؛ قال ابن الأَثير: عُقْرُ الحوض، بالضم،
موضع الشاربة منه، أَي أَطْرُدُهم لأَجل أَن يَرِدَ أَهلُ اليمن. وفي المثل:
إِنما يُهْدَمُ الحَوْضُ من عُقْرِه أَي إِنما يؤتى الأَمرُ من وجهه،
والجمع أَعقار، قال:
يَلِدْنَ بأَعْقارِ الحِياضِ كأَنَّها
نِساءُ النَّصارى، أَصْبَحَتْ وهي كُفَّلُ
ابن الأَعرابي: مَفْرَغُ الدَّلْو من مُؤَخَّرِه عُقْرُه، ومن
مُقَدَّمِه إزاؤه. والعَقِرةُ: الناقةُ التي لا تشرب إِلاَّ من العُقْرِ،
والأَزِيَة: التي لا تَشْرَبُ إِلاَّ من الإِزاءِ؛ ووصف امرؤ القيس صائداً حاذقاً
بالرمي يصيب المَقاتل:
فَرماها في فَرائِصِها
بإِزاءِ الحَوْضِ، أَو عُقُرِهْ
والفرائِصُ: جمع فَرِيصة، وهي اللحمة التي تُرْعَدُ من الدابة عند مرجع
الكتف تتّصل بالفؤاد. وإِزاءُ الحوض: مُهَراقُ الدَّلْوِ ومصبُّها من
الحوض. وناقةٌ عَقِرةٌ: تشرب من عُقْرِ الحوض. وعُقْرُِ البئر: حيث تقع
أَيدي الواردة إِذا شربت، والجمع أَعْقارٌ. وعُقْرُ النار وعُقُرها: أَصلها
الذي تأَجَّجُ منه، وقيل: معظمها ومجتمعها ووسطها؛ قال الهذلي يصف
النصال:وبِيض كالسلاجِم مُرْهَفات،
كأَنَّ ظُباتِها عُقُرٌ بَعِيج
الكاف زائدة. أَراد بيض سَلاجِم أَي طِوَا لٌ.
والعُقْر: الجمر. والجمرة: عُقْرة. وبَعِيجٌ بمعنى مبعوج أَي بُعِج
بِعُودٍ يُثارُ به فشُقَّ عُقْرُ النار وفُتِح؛ قال ابن بري: هذا البيت
أَورده الجوهري وقال: قال الهذلي يصف السيوف، والبيت لعمرو ابن الداخل يصف
سهاماً، وأَراد بالبِيضِ سِهاماً، والمَعْنِيُّ بها النصالُ. والظُّبَةُ:
حدُّ النصل. وعُقْرُ كلِّ شيء: أَصله. وعُقْرُ الدار: أَصلُها، وقيل:
وسطها، وهو مَحلّة للقوم. وفي الحديث: ما غُزِيَ قومٌ في عُقعرِ دارهم إلاَّ
ذَلُّوا؛ عقْر الدار؛ بالفتح والضم: أَصلُها؛ ومنه الحديث: عُقْرُ دارِ
الإِسلام الشامُ أَي أَصله وموضعه، كأَنه أَشار به إِلى وقت الفِتَن أَي
يكون الشأْم يومئذٍ آمِناً منها وأَهلُ الإِسلام به أَسْلَمُ. قال
الأَصمعي: عُقْرُ الدار أَصلُها في لغة الحجاز، فأَما أَهل نجد فيقولون عَقْر،
ومنه قيل: العَقَارُ وهو المنزل والأَرض والضِّيَاع. قال الأَزهري: وقد خلط
الليث في تفسير عُقْر الدار وعُقْر الحوض وخالف فيه الأئمة، فلذلك
أَضربت عن ذكر ما قاله صفحاً. ويقال: عُقِرَت رَكِيّتُهم إِذا هُدِمت. وقالوا:
البُهْمَى عُقْرُ الكلإِ. وعُقَارُ الكلإِ أَي خيارُ ما يُرْعى من نبات
الأَرض ويُعْتَمَد عليه بمنزلة الدار. وهذا البيت عُقْرُ القصيدة أَي
أَحسنُ أَبياتها. وهذه الأَبيات عُقارُ هذه القصيدة أَي خيارُها؛ قال ابن
الأَعرابي: أَنشدني أَبو مَحْضة قصيدة وأَنشدني منها أَبياتاً فقال: هذه
الأَبيات عُقَارُ هذه القصيدة أَي خِيارُها.
وتَعَقَّرَ شحمُ الناقة إِذا اكْتَنَزَ كلُّ موضعٍ منها شَحْماً.
والعَقْرُ: فَرْجُ ما بين كل شيئين، وخص بعضهم به ما بين قوائم المائدة.
قال الخليل: سمعت أَعرابيّاً من أَهل الصَّمّان يقول: كل فُرْجة تكون
بين شيئين فهي عَقْرٌ وعُقْر، لغتان، ووضَعَ يديه على قائمتي المائدة ونحن
نتغدَّى، فقال: ما بنيهما عُقْر.
والعَقْرُ والعَقارُ: المنزل والضَّيْعةُ؛ يقال: ما له دارٌ ولا عَقارٌ،
وخص بعضهم بالعَقار النخلَ. يقال للنخل خاصة من بين المال: عَقارٌ. وفي
الحديث: مَن باع داراً أَو عَقاراً؛ قال: العَقارُ، بالفتح، الضَّيْعة
والنخل والأَرض ونحو ذلك. والمُعْقِرُ: الرجلُ الكثير العَقار، وقد
أَعْقَر. قالت أُم سلمة لعائشة، رضي الله عنها، عند خروجها إِلى البصرة: سَكَّنَ
الله عُقَيْراكِ فلا تُصْحِريها أَي أَسكَنَكِ الله بَيْتَك وعقَارَك
وسَتَرَكِ فيه فلا تُبْرِزيه؛ قال ابن الأَثير: هو اسم مصغَّر مشتق من
عُقْرِ الدار، وقال القتيبي: لم أَسمع بعُقَيْرى إِلاَّ في هذا الحديث؛ قال
الزمخشري: كأَنها تصغير العَقْرى على فَعْلى، من عَقِرَ إِذا بقي مكانه لا
يتقدم ولا يتأَخر فزعاً أَو أَسَفاً أَو خجلاً، وأَصله من عَقَرْت به
إِذا أَطَلْتَ حَبْسَه، كأَنك عَقَرْت راحلته فبقي لا يقدر على البَراحِ،
وأَرادت بها نفسها أَي سكِّني نفْسَك التي حقُّها أَن تلزم مكانها ولا
تَبْرُز إِلى الصحراء، من قوله تعالى: وقَرْنَ في بُيوتِكُنّ ولا تَبَرَّجْن
تَبرُّجَ الجاهلية الأُولى. وعَقَار البيت: متاعُه ونَضَدُه الذي لا
يُبْتَذلُ إِلاَّ في الأَعْيادِ والحقوق الكبار؛ وبيت حَسَنُ الأَهَرةِ
والظَّهَرةِ والعَقارِ، وقيل: عَقارُ المتاع خيارُه وهو نحو ذلك لأَنه لا
يبسط في الأَعْيادِ والحُقوقِ الكبار إِلاَّ خيارُه، وقيل: عَقارُه متاعه
ونَضَدُه إِذا كان حسناً كبيراً. وفي الحديث: بعث رسولُ الله، صلى الله
عليه وسلم، عُيَيْنَةَ بن بدر حين أَسلم الناس ودَجا الإِسلام فهجَمَ على
بني علي بن جُنْدب بذات الشُّقُوق، فأَغارُوا عليهم وأَخذوا أَموالهم حتى
أَحْضَرُوها المدينةَ عند نبي الله، فقالت وفُودُ بني العَنْبرِ: أُخِذْنا
يا رسولُ الله، مُسْلِمين غير مشركين حين خَضْرَمْنا النَّعَمَ، فردّ
النبي، صلى الله عليه وسلم، عليهم ذَرارِيَّهم وعَقَار بُيوتهم؛ قال
الحربيّ: ردّ رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، ذَرارِيَّهمْ لأَنه لم يَرَ أَن
يَسْبِيهَم إِلاَّ على أَمر صحيح ووجدهم مُقِرّين بالإِسلام، وأَراد
بعَقارِ بيوتهم أَراضِيهَم، ومنهم مَنْ غلّط مَنْ فسّر عَقارَ بيوتهم
بأَراضيهم، وقال: أَراد أَمْتِعةَ بيوتهم من الثياب والأَدوات. وعَقارُ كل شيء:
خياره. ويقال: في البيت عَقارٌ حسنٌ أَي متاع وأَداة.
وفي الحديث: خيرُ المال العُقْرُ، قال: هو بالضم، أَصل كل شيء، وبالفتح
أَيضاً، وقيل: أَراد أَصل مالٍ له نماءٌ؛ ومنه قيل للبُهْمَى: عُقْرُ
الدار أَي خيرُ ما رَعَت الإِبل؛ وأَما قول طفيل يصف هوادج الظعائن:
عَقَارٌ تَظَلُّ الطَّيرُ تَخْطِفُ زَهْوَه
وعالَيْن أَعْلاقاً على كل مُفْأَم
فإِنَّ الأَصمعي رفع العين من قوله عُقار، وقال: هو متاع البيت، وأَبو
زيد وابن الأَعرابي رَوياه بالفتح، وقد مر ذلك في حديث عيينة بن بدر. وفي
الصحاح والعُقارُ ضَرْبٌ من الثياب أَحمر؛ قال طفيل: عقار تظل الطير
(وأَورد البيت).
ابن الأَعرابي: عُقارُ الكلإِ البُهْمى؛ كلُّ دار لا يكون فيها يُهْمى
فلا خير في رعيها إِلاَّ أَن يكون فيها طَرِيفة، وهي النَّصِيّ
والصَّلِّيان. وقال مرة: العُقارُ جميع اليبيس. ويقال: عُقِرَ كلأُ هذه الأَرض إذا
أُكِلَ. وقد أَعْقَرْتُكَ كلأَ موضعِ كذا فاعْقِرْه أَي كُلْه. وفي
الحديث: أَنه أَقطع حُصَيْنَ بن مُشَمّت ناحية كذا واشترط عليه أَن لا
يَعْقِرَ مرعاها أَي لا يَقْطعَ شجرها.
وعاقَرَ الشيءَ مُعاقرةً وعِقاراً: لَزِمَه. والعُقَارُ: الخمر، سميت
بذلك لأَنها عاقَرت العَقل وعاقَرت الدَّنّ أَي لَزِمَتْه؛ يقال: عاقَرَه
إِذا لازَمَه وداوم عليه. وأَصله من عُقْر الحوض. والمُعاقَرةُ: الإِدمان.
والمُعاقَرة: إِدْمانُ شرب الخمر. ومُعاقَرةُ الخمر: إِدْمانُ شربها.
وفي الحديث: لا تُعاقرُوا أَي لا تُدْمِنُوا شرب الخمر. وفي الحديث: لا
يدخل الجنةَ مُعاقر خَمْرٍ؛ هو الذي يُدْمِنُ شربها، قيل: هو مأْخوذ من
عُقْر الحوض لأَن الواردة تلازمه، وقيل: سميت عُقَاراً لأَن أَصحابها
يُعاقِرُونها أَي يلازمونها، وقيل: هي التي تَعْقِرُ شارِبَها، وقيل: هي التي لا
تَلْبَثُ أَن تُسكر.، ابن الأَنباري: فلان يُعاقِرُ النبيذَ أَي
يُداوِمهُ، وأَصله مِنْ عُقْر الحوض، وهو أَصله والموضع الذي تقوم فيه الشاربة،
لأَن شاربها يلازمها مُلازمةَ الإِبل الواردةِ عُقْرَ الحوض حتى تَرْوى.
قال أَبو سعيد: مُعاقَرةُ الشراب مُغالبَتُه؛ يقول: أَنا أَقوى على شربه،
فيغالبه فيغلبه، فهذه المُعاقَرةُ.
وعَقِرَ الرجلُ عَقَراً: فجِئَه الرَّوْعُ فدَهشَ فلم يقدر أَن يتقدم
أَو يتأَخر. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم،
لمَّا مات قرأَ أَبو بكر: رضي الله عنه، حين صَعِدَ إِلى مِنْبره فخطب:
إِنّكَ ميَّتٌ وإِنهم مَيَّتون؛ قال: فعَقِرْت حتى خَرَرتْ إِلى الأَرض؛
وفي المحكم: فعَقِرْت حتى ما أَقْدِرُ على الكلام، وفي النهاية: فَعقِرْت
وأَنا قائم حتى وقعت إلى الأَرض؛ قال أَبو عبيد: يقال عَقِر وبَعِل وهو
مثل الدَّهَشِ، وعَقِرْت أَي دَهِشْت. قال ابن الأَثير: العَقَرُ، بفتحتين،
أَن تُسْلِمَ الرجلَ قَوائِمُه إِلى الخوف فلا يقدر أَن يمشي من الفَرَق
والدَّهَش، وفي الصحاح؛ فلا يستطيع أَن يقاتل. وأَعْقَرَه غيرُه:
أَدْهَشَه. وفي حديث العباس: أَنه عَقِرَ في مجلسه حين أُخْبِر أَن محمداً
قُتِل. وفي حديث ابن عباس: فلما رأَوا النبي، صلى الله عليه وسلم، سَقَطَتْ
أَذْقانُهم على صدورهم وعَقِرُوا في مجالسهم. وظَبْيٌ عَقِيرٌ: دَهِشٌ؛
وروي بعضهم بيت المُنَخَّل اليشكري:
فلَثَمتُها فتنَفَّسَت،
كتنَفُّسِ الظَّبْيِ العَقِيرْ
والعَقْرُ والعُقْر: القَصْرُ؛ الأَخيرة عن كراع، وقيل: القصر المتهدم
بعضه على بعض، وقيل: البنَاء المرتفع. قال الأَزهري: والعَقْرُ القصر الذي
يكون مُعْتَمداً لأَهل القرية؛ قال لبيد بن ربيعة يصف ناقته:
كعَقْر الهاجِرِيّ، إِذا ابْتَناه
بأَشْباهٍ حُذِينَ على مثال
(* قوله: «إِذا ابتناه كذا في الأَصل وياقوت. وفي الصحاح وشارح القاموس
إِذا بناه).
وقيل: العَقْرُ القصر على أَي حال كان. والعَقْرُ: غيْمٌ في عَرْض
السماء. والعَقْرُ: السحاب الأَبيض، وقيل: كل أَبيض عَقْرٌ. قال الليث:
العَقْر غيم ينشأُ من قِبَل العين فيُغَشِّي عين الشمس وما حواليها، وقال
بعضهم: العَقْرُ غيم ينشأَ في عرض السماء ثم يَقْصِد على حِيَالِه من غير أَن
تُبْصِرَه إِذا مرّ بك ولكن تسمع رعده من بعيد؛ وأَنشد لحميد بن ثور يصف
ناقته:
وإِذا احْزَ أَلَّتْ في المُناخِ رأَيْتَها
كالعَقْرِ، أَفْرَدَها العَماءُ المُمْطِرُ
وقال بعضهم: العَقْرُ في هذا البيت القصرُ، أَفرده العماء فلم يُظلِّلْه
وأَضاء لِعَينِ الناظر لإِشراق نُورِ الشمس عليه من خَلَلِ السحاب. وقال
بعضهم: العَقْر القطعة من الغمام، ولكلٍّ مقال لأَن قِطَعَ السحاب
تشبَّه بالقصور. والعَقِيرُ: البَرْق، عن كراع.
والعَقّار والعِقّيرُ: ما يُتَداوى به من النبات والشجر. قال الأَزهري:
العَقاقِير الأَدْوية التي يُسْتَمْشى بها. قال أَبو الهيثم: العَقّارُ
والعَقاقِرُ كل نبت ينبت مما فيه شفاءٌ، قال: ولا يُسمى شيء من العَقاقِير
فُوهاً، يعني جميع أَفواه الطيب، إِلا ما يُشَمُّ وله رائحة.
قال الجوهري: والعَقاقِيرُ أُصول الأَدْوِية.
والعُقّارُ: عُشْبة ترتفع قدر نصف القامة وثمرُه كالبنادق وهو مُمِضٌّ
البتَّة لا يأْكله شيء، حتى إِنك ترى الكلب إِذا لابَسَه يَعْوي، ويسمى
عُقّار ناعِمَةَ؛ وناعِمةُ: امرأَة طبخته رجاء أَن يذهب الطبخ بِغائِلته
فأَكلته فقتلها.
والعَقْر وعَقاراء والعَقاراء، كلها: مواضع؛ قال حميد ابن ثور يصف
الخمر:رَكُودُ الحُمَيّا طَلّةٌ شابَ ماءَها،
بها من عَقاراءِ الكُرومِ، ربِيبُ
أَراد من كُرومِ عَقاراء، فقدّم وأَخّر؛ قال شمر: ويروى لها من عُقارات
الخمور، قال: والعُقارات الخمور. رَبيب: مَن يَرُبُّها فيَمْلِكُها. قال:
والعَقْر موضع بعينه؛ قال الشاعر:
كَرِهْتُ العَقْرِ، عَقْرَ بني شُلَيْلٍ،
إِذا هَبَّتْ لِقارِبها الرِّياح
والعُقُور، مثل السُّدُوس، والعُقَير والعَقْر أَيضاً: مواضع؛ قال:
ومِنَّا حَبِيبُ العَقِر حين يَلُفُّهم،
كما لَفَّ صِرْدانَ الصَّرِيمة أَخْطَبُ
قال: والعُقَيْر قرية على شاطئ البحر بحذاء هجر.
والعَقْر: موضع ببابل قتل به يزيد بن المهلب يوم العَقْر.
والمُعاقَرةُ: المُنافرةُ والسِّبابُ والهِجاء والمُلاعنة، وبه سمَّى
أَبو عبيد كتاب المُعاقرات.
ومُعَقِّر: اسم شاعر، وهو مُعَقِّر بن حمار البارِقيِّ حليف بني نمير.
قال: وقد سمر مُعَقِّراً وعَقّاراً وعُقْرانَ.
قعد: القُعُودُ: نقيضُ القيامِ.
قَعَدَ يَقْعُدُ قُعوداً ومَقْعَداً أَي جلس، وأَقْعَدْتُه وقَعَدْتُ
به. وقال أَبو زيد: قَعَدَ الإِنسانُ أَي قام وقعد جلَس، وهو من الأَضداد.
والمَقْعَدَةُ: السافِلَةُ. والمَقْعَدُ والمَقْعَدَةُ: مكان القُعودِ.
وحكى اللحياني: ارْزُنْ قي مَقْعَدِكَ ومَقْعَدَتِكَ. قال سيبويه: وقالوا:
هو مني مَقْعَدَ القابلةِ أَي في القربِ، وذلك إِذا دنا فَلَزِقَ من بين
يديك، يريد بتلك المَنَزلة ولكنه حذف وأَوصل كما قالوا: دخلت البيت أَي
في البيت، ومن العرب من يرفعه يجعله هو الأَول على قولهم أَنت مني مَرأًى
ومَسْمَعٌ.
والقِعْدَةِ، بالكسر: الضرب من القُعود كالجِلْسَة، وبالفتح: المرّة
الواحدة؛ قال اللحياني: ولها نظائر وسيأْتي ذكرها؛ اليزيدي: قَعَد قَعْدَة
واحدة وهو حسن القِعْدة. وفي الحديث: أَنه نهى أَن يُقْعَدَ على القبر؛
قال ابن الأَثير: قيل أَراد القُعودَ لقضاء الحاجة من الحدث، وقيل: أَراد
الإِحْدادَ والحُزْن وهو أَن يلازمه ولا يرجع عنه؛ وقيل: أَراد به احترام
الميتِ وتهويِلَ الأَمرِ في القُعود عليه تهاوناً بالميتِ والمَوْتِ؛
وروي أَنه رأَى رجلاً متكئاً على قبر فقال: لا تؤْذِ صاحبَ القبر.
والمَقاعِدُ: موضِعُ قُعُودِ الناس في الأَسواق وغيرها. ابن بُزُرج:
أَقْعَدَ بذلك المكان كما يقال أَقام؛ وأَنشد:
أَقْعَدَ حتى لم يَجِدْ مُقْعَنْدَدَا؛
ولا غَداً، ولا الذي يَلي غَدا
ابن السكيت: يقال ما تَقَعَّدني عن ذلك الأَمر إِلا شُغُلٌ أَي ما
حبسني. وقِعْدَة الرجل: مقدار ما أَخذ من الأَرض قُعُودُه. وعُمْقُ بِئرِنا
قِعدَةٌ وقَعْدَة أَي قدر ذلك. ومررت بماءٍ قِعْدَةَ رجل؛ حكاه سيبويه قال:
والجر الوجه. وحكى اللحياني: ما حفرت في الأَرض إِلا قِعْدَةً وقَعْدَة.
وأَقْعَدَ البئرَ: حفرها قدر قِعْدة، وأَقعدها إِذا تركها على وجه
الأَرض ولم ينته بها الماء.
والمُقْعَدَةُ من الآبار: التي احتُفِرَتْ فلم يَنْبُط ماؤها فتركت وهي
المُسْهَبَةُ عندهم. وقال الأَصمعي: بئرٌ قِعْدَة أَي طولها طول إِنسان
قاعد.
وذو القَعْدة: اسم الشهر الذي يلي شوًالاً وهو اسم شهر كانت العرب
تَقْعد فيه وتحج في ذي الحِجَّة، وقيل: سمي بذلك لقُعُودهم في رحالهم عن الغزو
والميرة وطلب الكلإِ، والجمع ذوات القَعْدَةِ؛ وقال الأَزهري في ترجمة
شعب: قال يونس: ذواتُ القَعَداتِ، ثم قال: والقياس أَن تقول ذواتُ
القَعْدَة. والعرب تدعو على الرجل فتقول: حَلَبْتَ قاعداً وشَرِبْتَ قائماً؛
تقول: لا ملكت غير الشاء التي تُحْلَبُ من قعود ولا ملكت إِبلاٌ تَحْلُبُها
قائماً، معناه: ذهبت إِبلك فصرتَ تحلب الغنم لأَن حالب الغنم لا يكون
إِلا قاعداً، والشاء مال الضَّعْفَى والأَذلاَّءِ، والإِبلُ مال الأَشرافِ
والأَقوياء ويقال: رجل قاعد عن الغزو، وقوم قُعَّادٌ وقاعدون. والقَعَدُ:
الذين لا ديوان لهم، وقيل: القَعَد الذين لا يَمْضُون إِلى القتال، وهو
اسم للجمع، وبه سمي قَعَدُ الحَرُورِيَّةِ. ورجل قَعَدِيٌّ منسوب إِلى
القَعَد كعربي وعرب، وعجميّ وعجَم. ابن الأَعرابي: القَعَدُ الشُّراةُ الذين
يُحَكِّمون ولا يُحارِبون، وهو جمع قاعد كما قالوا حارس وحَرَسٌ.
والقَعَدِيُّ من الخوارج: الذي يَرى رأْيَ القَعَد الذين يرون التحكيم حقاً غير
أَنهم قعدوا عن الخروج على الناس؛ وقال بعض مُجَّان المُحْدَثِين فيمن
يأْبى أَن يشرب الخمر وهو يستحسن شربها لغيره فشبهه بالذي يريد التحكيم
وقد قعد عنه فقال:
فكأَنِّي، وما أُحَسِّنُ منها،
قَعَدِيٌّ يُزَيِّنُ التَّحْكيما
وتَقَعَّدَ فلان عن الأَمر إِذا لم يطلبه. وتقاعَدَ به فلان إِذا لم
يُخْرِجْ إِليه من حَقِّه. وتَقَعَّدْتُه أَي رَبَّثْتُه عن حاجته
وعُقْتُه.ورجل قُعَدَةٌ ضُجَعَة أَي كثير القعود والاضطجاع. وقالوا: ضربه
ضَرْبَةَ ابنَةِ اقْعدِي وقُومي أَي ضَرْبَ أَمَةٍ، وذلك لقعودها وقيامها في
خدمة مواليها لأَنها تُؤْمَرُ بذلك، وهو نص كلام بان الأَعرابي. وأُقْعِدَ
الرجلُ: لم يَقْدِرْ على النهوض، وبه قُعاد أَي داء يُقْعِدُه. ورجل
مُقْعَدٌ إِذا أَزمنه داء في جسده حتى لا حراكَ به. وفي حديث الحُدُود: أُتيَ
بامرأَة قد زنت فقال: ممن؟ قالت: من المُقْعَد الذي في حائِطِ سَعْد؛
المُقْعَد الذي لا يَقْدِر على القيام لزَمانة به كأَنه قد أُلزِمَ
القُعُودَ، وقيل: هو من القُعاد الذي هو الداء الذي أْخذ الإِبل في أَوراكها
فيميلها إِلى الأَرض.
والمُقْعَداتُ: الضَّفادِع؛ قال الشماخ:
توَجَّسْنَ واسْتَيْقَنَّ أَنْ ليْسَ حاضِراً،
على الماءِ، إِلا المُقْعَداتِ القَوافِزُ
والمُقْعَداتُ: فِراخُ القَطا قبل أَن تَنْهَضَ للطيران؛ قال ذو الرمة:
إِلى مُقْعَداتٍ تَطْرَحُ الرِّيحَ بالضُّحَى
عَلَيْهِنَّ رَفْضاً مِن حَصادِ القُلاقِلِ
والمُقْعَدُ: فَرْخُ النسْرِ، وقيل: فَرْخُ كلِّ طائر لم يستقلّ
مُقْعَدٌ. والمُقَعْدَدُ: فرخ النسر؛ عن كراع؛ وأَما قول عاصم بن ثابت
الأَنصاري:أَبو سليمانَ وَرِيشُ المُقْعَدِ،
ومُجْنَأٌ من مَسْكِ ثَوْرٍ أَجْرَدِ،
وضالَةٌ مِثلُ الجَحِيمِ المُوْقَدِ
فإِن أَبا العباس قال: قال ابن الأَعرابي: المقعد فرخ النسر وريشه
أَجوَد الريش، وقيل: المقعد النسر الذي قُشِبَ له حتى صِيدَ فَأُخِذ رِيشُه،
وقيل: المقعد اسم رجل كان يَرِيشُ السِّهام، أَي أَنا أَبو سليمان ومعي
سهام راشها المقعد فما عذري أَن لا أُقاتل؟ والضالَةُ: من شجر السِّدْر،
يعمل منها السهام، شبه السهام بالجمر لتوقدها.
وقَعَدَتِ الرَّخَمَةُ: جَثَمَتْ، وما قَعَّدَك واقْتعدك أَي حَبَسَك.
والقَعَدُ: النخل، وقيل النخل الصِّغار، وهو جمع قاعد كما قالوا خادم
وخَدَمٌ. وقَعَدَت الفَسِيلَة، وهي قاعد: صار لها جذع تَقْعُد عليه. وفي
أَرض فلان من القاعد كذا وكذا أَصلاً ذهبوا إِلى الجِنس. والقاعِدُ من
النخل: الذي تناله اليد. ورجل قِعْدِيٌّ وقُعْدِيٌّ: عاجز كأَنه يُؤثِرُ
القُعود.
والقُعْدَة: السرجُ والرحل تَقْعُد عليهما. والقَعْدَة، مفتوحة:
مَرْكَبُ الإِنسان والطِّنْفِسَةُ التي يجلس عليها قَعْدَة، مفتوحة، وما
أَشبهها. وقال ابن دريد: القُعْداتُ الرحالُ والسُّرُوجُ. والقُعَيْداتُ:
السُّروجُ والرحال. والقُعدة: الحمار، وجمْعه قُعْدات؛ قال عروةُ بن
معديكرب:سَيْباً على القُعُداتِ تَخْفِقُ فَوْقَهُم
راياتُ أَبْيَضَ كالفَنِيقِ هِجانِ
الليث: القُعْدَةُ من الدوابِّ الذي يَقْتَعِدُه الرجل للركوب خاصة.
والقُعْدَةُ والقُعْدَةُ والقَعُودَةُ والقَعُودُ من الإِبل: ما اتخذه
الراعي للركوب وحَمْلِ الزادِ والمتاعِ، وجمعه أَقْعِدَةٌ وقُعُدٌ وقِعْدانٌ
وقَعَائِدُ. واقْتَعَدَها: اتخذها قَعُوداً. قال أَبو عبيدة: وقيل
القَعُود من الإِبل هو الذي يَقْتَعِدُه الراعي في كل حاجة؛ قال: وهو بالفارسية
رَخْتْ وبتصغيره جاء المثل: اتَّخَذُوه قُعَيِّدَ الحاجات إِذا
امْتَهَنوا الرجلَ في حوائجهم؛ قال الكميت يصف ناقته:
مَعْكُوسَةٌ كقَعُودِ الشَّوْلِ أَنَطَفَها
عَكْسُ الرِّعاءِ بإِيضاعٍ وتَكْرارِ.
ويقال: نعم القُعْدَةُ هذا أَي نعم المُقْتَعَدُ.
وذكر الكسائي أَنه سمع من يقول: قَعُودَةٌ للقلوصِ، وللذكر قَعُودٌ. قال
الأَزهري: وهذا عند الكسائي من نوادر الكلام الذي سمعته من بعضهم وكلام
أَكثر العرب على غيره. وقال ابن الأَعرابي: هي قلوص للبكْرة الأُنثى
وللبكْر قَعُود مثل القَلُوصِ إِلى أَن يُثْنِيا ثم هو جَمَل؛ قال الأَزهري:
وعلى هذا التفسير قول من شاهدت من الرعب لا يكون القعود إِلا البكْر
الذكر، وجمعه قِعْدانٌ ثم القَعَادِينُ جمع الجمع، ولم أَسمع قَعُودَة بالهاء
لغير الليث. والقَعُود من الإِبل: هو البكر حين يُرْكَب أَي يُمَكّن
ظهره من الركوب، وأَدنى ذلك أَن يأْتي عليه سنتان، ولا تكون البكرة قعوداً
وإِنما تكون قَلُوصاً. وقال النضر: القُعْدَةُ أَن يَقْتَعِدَ الراعي
قَعوداً من إِبله فيركبه فجعل القُعْدة والقَعُود شيئاً واحداً.
والاقْتِعادُ: الركوب. يقول الرجل للراعي: نستأْجرك بكذا وعلينا قُعْدَتُك أَي علينا
مَرْكَبُكَ، تركب من الإِبل ما شئت ومتى شئت؛ وأَنشد للكميت:
لم يَقْتَعِدْها المُعْجِلون
وفي حديث عبد الله: من الناس من يُذِلُّه الشيطانُ كما يُذلُّ الرجل
قَعُودَهُ من الدوابّ؛ قال ابن الأَثير: القَعُودُ من الدوابِّ ما
يَقْتَعِدُه الرجل للركوب والحمل ولا يكون إِلا ذكراً، وقيل: القَعُودُ ذكر،
والأُنثى قعودة؛ والقعود من الإِبل: ما أَمكن أَن يُركب، وأَدناه أَن تكون له
سنتان ثم هو قَعود إِلى أن يُثْنِيَ فيدخل في السنة السادسة ثم هو جمل.
وفي حديث أَبي رجاء: لا يكون الرجل مُتَّقِياً حتى يكون أَذَلَّ من
قَعُودٍ، كلُّ من أَتى عليه أَرْغاه أَي قَهَره وأَذَلَّه لأَن البعير إِنما
يَرْغُو عن ذُلٍّ واستكانة. والقَعُود أَيضاً: الفصيل. وقال ابن شميل:
القَعُودُ من الذكور والقَلوص من الإِناث. قال البشتي: قال يعقوب بن السكيت:
يقال لابن المَخاض حين يبلغ أَن يكون ثنياً قعود وبكر، وهو من الذكور
كالقلوص من الإِناث؛ قال البشتي: ليس هذا من القَعُود التي يقتعدها الراعي
فيركبها ويحمل عليها زاده وأَداته، إِنما هو صفة للبكر إِذا بلغ
الأَثْنَاءَ؛ قال أَبو منصور: أَخطأَ البشتي في حكايته عن يعقوب ثم أَخطأَ فيما
فسره من كِيسه أَنه غير القعود التي يقتعدها الراعي من وجهين آخرين، فأَما
يعقوب فإِنه قال: يقال لابن المخاض حتى يبلغ أَن يكون قنياً قعود وبَكر
وهو الذكور كالقَلوص، فجعل البشتي حتى حين وحتى بمعنى إِلى، وأَحد
الخطأَين من البشتي أَنه أَنَّث القعود ولا يكون القعود عند العرب إِلا ذكراً،
والثاني أَنه لا قعود في الإِبل تعرفه العرب غير ما فسره ابن السكيت، قال:
ورأَيت العرب تجعل القعود البكر من الإِبل حين يُركب أَي يمكن ظهره من
الركوب، قال: وأَدنى ذلك أَن يأْتي عليه سنتان إِلى أَن يثني فإِذا أَثنى
سمي جملاً، والبكر والبَكْرَة بمنزلة الغلام والجارية اللذين لم يدركا،
ولا تكون البكرة قعوداً. ابن الأَعرابي: البَكر قَعود مثل القَلوص في
النوق إِلى أَن يُثْنِيَ.
وقاعَدَ الرجلَ: قعد منه. وقَعِيدُ الرجلِ: مُقاعِدُه. وفي حديث الأَمر
بالمعروف: لا يَمْنَعُه ذلك أَن يكون أَكِيلَه وشَرِيبَه وقَعِيدَه؛
القَعِيدُ الذي يصاحبك في قُعودِكَ، فَعِيلٌ بمعى مفاعل؛ وقَعِيدا كلِّ
أَمرٍ: حافظاه عن اليمين وعن الشمال. وفي التنزيل: عن اليمين وعن الشمال
قَعِيدٌ؛ قال سيبويه: أَفرد كما تقول للجماعة هم فريق، وقيل: القعيد للواحد
والاثنين والجمع والمذكر والمؤَنث بلفظ واحد وهما قعيدان، وفَعِيلٌ وفعول
مما يستوي فيه الواحد والاثنان والجمع، كقوله: أَنا رسول ربك، وكقوله:
والملائِكةُ بعد ذلك ظَهِيرٌ؛ وقال النحويون: معناه عن اليمين قعيد وعن
الشمال قعيد فاكتفى بذكر الواحد عن صاحبه؛ ومنه قول الشاعر:
نحْنُ بما عِنْدَنا، وأَنتَ بما
عِنْدَك راضٍ، والرَّأْيُ مُخْتَلِفُ
ولم يقل راضِيان ولا راضُون، أَراد: نحن بما عندنا راضون وأَنت بما عندك
راضٍ؛ ومثله قول الفرزدق:
إِني ضَمِنْتُ لمنْ أَتاني ما جَنَى
وأتى، وكان وكنتُ غيرَ غَدُورِ
ولم يقل غدُوَرينِ. وقَعِيدَةُ الرجل وقَعِيدَةُ بيِته: امرأَتُه؛ قال
الأَشعَرُ الجُعْفِيُّ:
لكن قَعِيدَةُ بَيْتِنا مَجْفِوَّةٌ،
بادٍ جنَاجِنُ صَدْرِها ولها غِنَى
والجمع قَعائدُ. وقَعِيدَةُ الرجلِ: امرأَته. وكذلك قِعادُه؛ قال عبد
الله بن أَوفى الخزاعي في امرأَته:
مُنَجَّدَةٌ مثلُ كَلْبِ الهِراش،
إِذا هَجَعَ الناسُ لم تَهْجَعِ
فَلَيْسَتْ قِعادُ الفَتَى وحدْهَا،
وبِئْسَتْ مُوَفِّيَةُ الأَرْبَعِ
قال ابن بري: مُنَجَّدَةٌ مُحَكَّمَةٌ مُجَرَّبَةٌ وهو مما يُذَمُّ به
النساءُ وتُمْدَحُ به الرجال. وتَقَعَّدَتْه: قامت بأَمره؛ حكاه ثعلب وابن
الأَعرابي. والأَسَلُ: الرِّماحُ.
ويقال: قَعَّدْتُ الرجلَ وأَقْعدْتُه أَي خَدَمْتُه وأَنا مُقْعِدٌ له
ومُقَعِّدٌ؛ وأَنشد:
تَخِذَها سرِّيَّةً تُقَعِّدُه
وقال الآخر:
وليسَ لي مُقْعِدٌ في البيتِ يُقْعِدُني،
ولا سَوامٌ، ولا مِنْ فِضَّةٍ كِيسُ
والقَعِيدُ: ما أَتاك من ورائك من ظَبْيٍ أَو طائر يُتَطَّيرُ منه بخلاف
النَّطِيح؛ ومنه قول عبيد بن الأَبرص:
ولقد جَرَى لهُمِ، فلم يَتَعَيَّفُوا،
تَيْسٌ قَعِيدٌ كالوَشِيجَةِ أَعْضَبُ
الوَشِيجَةُ: عِرْقُ الشجرةِ، شبَّه التَّيْسَ من ضُمْرِه به، ذكره أَبو
عبيدة في باب السَّانِحِ والبارِحِ وهو خلاف النَّطِيح. والقَعِيدُ:
الجرادُ الذي لم يَسْتَوِ جناحاه بعد. وثَدْيٌ مُقْعَدٌ: ناتِئٌ على النحر
إذا كان ناهِداً لم يَنْثَنِ بَعْدُ؛ قال النابغة:
والبَطنُ ذو عُكَنٍ لطيفٌ طَيُّهُ،
والإِتْبُ تَنْفُجُه بِثَدْيٍ مُقْعَدِ
وقَعَدَ بنو فلانٍ لبني فلان يَقْعُدون: أَطاقوهم وجاو وهم بأَعْدادِهم.
وقَعَدَ بِقِرْنِهِ: أَطاقَه. وقَعَدَ للحرب: هَيَّأَ لها أَقرانَها؛
قال:
لأُصْبِحَنْ ظالماً حَرْباً رَباعِيَةً،
فاقعُدْ لها، ودَعَنْ عنْكَ الأَظانِينا
وقوله:
سَتَقْعُدُ عبدَ اللهِ عَنَّا بِنَهْشَل
أَي سَتُطيقها وتَجِيئُها بأَقْرانها فَتَكْفينا نحن الحرب. وقَعَدَتِ
المرأَةُ عن الحيض والولدِ تَقْعُدُ قُعوداً، وهي قاعد: انقطع عنها،
والجمع قَواعِدُ. وفي التنزيل: والقَواعِدُ من النساء؛ وقال الزجاج في تفسير
الآية: هن اللواتي قعدن عن الأَزواج. ابن السكيت: امرأَة قاعِدٌ إِذا قعدت
عن المحيض، فإِذا أَردت القُعود قلت: قاعدة. قال: ويقولون امرأَة واضِعٌ
إِذا لم يكن عليها خمار، وأَتانٌ جامِعٌ إِذا حملت. قال أَبو الهيثم:
القواعد من صفات الإِناث لا يقال رجال قواعِدُ، وفي حديث أَسماءَ
الأَشْهَلِيَّة: إِنا مَعاشِرَ النساءِ محصوراتٌ مقصوراتٌ قواعِدُ بيوتِكم
وحوامِلُ أَولادِكم؛ القواعد: جمع قاعِدٍ وهي المرأَة الكبيرة المسنة، هكذا يقال
بغير هاء أَي أَنها ذات قعود، فأَما قاعدة فهي فاعلة من قَعَدَتْ
قعوداً، ويجمع على قواعد فهي فاعلة من قَعَدَتْ قعوداً، ويجمع على قواعد
أَيضاً. وقعدت النخلة: حملت سنة ولم تحمل أُخرى.
والقاعِدَةِ: أَصلُ الأُسِّ، والقَواعِدُ: الإِساسُ، وقواعِد البيت
إِساسُه. وفي التنزيل: وإِذ يَرفَعُ ابراهيمُ القواعِدَ من البيتِ وإِسمعيلُ؛
وفيه: فأَتى اللهُ بُنيانَهم من القواعد؛ قال الزجاج: القَواعِدُ
أَساطينُ البناء التي تَعْمِدُه. وقَواعِدُ الهَوْدَج: خشبات أَربع معترضة في
أَسفله تُركَّبُ عِيدانُ الهَوْدَج فيها. قال أَبو عبيد: قواعد السحاب
أُصولها المعترضة في آفاق السماء شبهت بقواعد البناء؛ قال ذلك في تفسير حديث
النبي، صلى الله عليه وسلم، حين سأَل عن سحابة مَرَّت فقال: كيف
تَرَوْنَ قواعِدَها وبواسِقَها؟ وقال ابن الأَثير: أَراد بالقواعد ما اعترض منها
وسَفَل تشبيهاً بقواعد البناء. ومن أَمثال العرب: إذا قامَ بكَ الشَّرّْ
فاقْعُدْ، يفسَّر على وجهين: أَحدهما أَن الشر إِذا غلبك فَذِلَّ له ولا
تَضْطَرِبْ فيه، والثاني أَن معناه إِذا انتصب لك الشرُّ ولم تجد منه
بُدًّا فانتِصبْ له وجاهِدْه؛ وهذا مما ذكره الفراء.
والقُعْدُدُ والقُعْدَدُ: الجبانُ اللئيمُ القاعدُ عن الحرب والمكارِمِ.
والقُعْدُدُ: الخامل. قال الأَزهري: رجل قُعْددٌ وقَعْدَدٌ إِذا كان
لئيماً من الحَسَبِ. المُقْعَدُ والقُعْدُدُ: الذي يقعد به أَنسابه؛
وأَنشد:قَرَنْبَى تَسُوفُ قَفَا مُقْرِفٍ
لَئِيمٍ، مآثِرُهُ قُعْدُد
ويقال: اقْتَعَدَ فلاناً عن السخاءِ لؤْمُ جِنْثِه؛ ومنه قول الشاعر:
فازَ قدْحُ الكَلْبْيِّ، واقتَعَدَتْ مَغْـ
ـراءَ عن سَعْيِهِ عُرُوقُ لَئِيمِ
ورجل قُعْدُدٌ: قريب من الجَدِّ الأَكبر وكذلك قعدَد. والقُعْدُدُ
والقُعْدَدُ: أَملك القرابة في النسب.
والقُعْدُدُ؛ القُرْبَى. والمِيراث القُعْدُدُ: هو أَقربُ القَرابَةِ
إِلى الميت. قال سيبويه: قُعْدُدٌ ملحق بجُعْشُمٍ، ولذلك ظهر فيه
المثلان.وفلان أَقْعَد من فلان أَي أَقرب منه إِلى جده الأَكبر، وعبر عنه ابن
الأَعرابي بمثل هذا المعنى فقال: فلان أَقْعَدُ من فلان أَي أَقلُّ آباء.
والإِقْعادُ: قِلَّةُ الآباء والأَجداد وهو مذموم، والإِطْرافُ كَثَرتُهم
وهو محمود، وقيل: كلاهما مدح. وقال اللحياني: رجل ذو قُعْدد إِذا كان
قريباً من القبيلة والعدد فيه قلة. يقال: هو أَقْعَدُهم أَي أَقربهم إِلى
الجد الأَكبر، وأَطْرَفُهم وأَفْسَلُهم أَي أَبعدهم من الجد الأَكبر.
ويقال: فلان طَرِيفٌ بَيِّنُ الطَّرافَة إِذا كان كثير الآباء إِلى الجد
الأَكبر ليس بذي قُعْدُود؛ ويقال: فلان قعيد النسب ذو قُعْدد إِذا كان قليل
الآباءِ إِلى الجد الأَكبر؛ وكان عبد الصمد بن علي بن عبد الله بن العباس
الهاشمي أَقعَدَ بني العباس نسباً في زمانه، وليس هذا ذمًّا عندهم، وكان
يقال له قعدد بني هاشم؛ قال الجوهري: ويمدح به من وجه لأَن الولاء للكُبر
ويذم به من وجه لأَنه من أَولادِ الهَرْمَى ويُنسَب إِلى الضَّعْفِ؛ قال
دريد بن الصِّمَّة يرثي أَخاه:
دَعاني أَخي والخيلُ بيْني وبيْنَه،
فلما دَعاني لم يَجِدْني بِقُعْدُدِ
وقيل: القعدد في هذا البيت الجبانُ القاعِدُ عن الحربِ والمكارِمِ
أَيضاً يَتَقَعَّد فلا ينهض؛ قال الأَعشي:
طَرِفُونَ ولاَّدُونَ كلَّ مُبارَكٍ،
أَمِرُونَ لا يَرِثُونَ سَهمَ القُعْدُدِ
وأَنشده ابن بري:
أَمِرُونَ ولاَّدُونَ كلَّ مُبارَكٍ،
طَرِفُونَ . . . . . .
وقال: أَمرون أَي كثيرون. والطرف: نقيض القُعدد. ورأَيت حاشية بخط بعض
الفضلاء أَن هذا البيت أَنشده المَرْزُبانيُّ في معجم الشعراء لأَبي
وجْزَةَ السعدي في آل الزبير. وأَما القُعدد المذموم فهو اللئيم في حسبه،
والقُعْدُد من الأَضداد. يقال للقريب النسب من الجد الأَكبر: قعدد، وللبعيد
النسب من الجد الأَكبر: قعدد؛ وقال ابن السكيت في قول البعيث:
لَقًى مُقْعَدِ الأَسبابِ مُنْقَطَعٌ به
قال: معناه أَنه قصير النسب من القعدد. وقوله منقَطَعٌ به مُلْقًى أَي
لا سَعْيَ له إِن أَراد أَن يسعى لم يكن به على ذلك قُوَّةُ بُلْقَةٍ أَي
شيء يَتَبَلَّغُ به. ويقال: فلان مُقْعَدُ الحَسَبِ إِذا لم يكن له شرف؛
وقد أَقْعَدَه آباو ه وتَقَعَّدُوه؛ وقال الطرماح يهجو رجلاً:
ولكِنَّه عَبْدٌ تَقَعَّدَ رَأْيَه
لِئامُ الفُحولِ وارْتخاضُ المناكِحِ
(* قوله «وارتخاض» كذا بالأَصل، ولعله مصحف عن ارتخاص من الرخص ضد
الغلاء أو ارتحاض بمعنى افتضاح.) أَي أَقعد حسبه عن المكارم لؤْم آبائه
وأُمهاته.
ابن الأَعرابي: يقال ورث فلان بالإِقْعادِ، ولا يقال وَرِثه بالقعود.
والقُعادُ والإِقْعادُ: داءٌ يأْخُذُ الإِبل والنجائب في أَوراكها وهو شبه
مَيْل العَجُزِ إِلى الأَرض، وقد أُقْعِدَ البعير فهو مُقْعَدٌ.
والقَعَدُ: أَن يكون بِوَظِيفِ البعير تَطامُنٌ واسْتِرْخاء. والإِقعادُ في رجل
الفرس: أَن تُقْرَشَ
(* وقوله «تفرش» في الصحاح تقوس.) جدّاً فلا
تَنْتَصِبَ. والمُقْعَدُ: الأَعوج، يقال منه: أُقعِدَ الرجلُ، تقول: متى أَصابك
هذا القُعادُ؟ وجملٌ أَقْعَدُ: في وظِيفَيْ رجليه كالاسترخاء.
والقَعِيدَةُ: شيء تَنْسُجُه النساء يشبه العَيْبَةَ يُجْلَسُ عليه، وقد
اقْتَعَدَها؛ قال امرؤ القيس:
رَفَعْنَ حوايا واقْتَعَدْنَ قَعائِداً،
وحَفَّفْنَ مِنْ حَوْكِ العِراقِ المُنَمَّقِ
والقَعِيدَةُ أَيضاً: مثل الغِرارَةِ يكون فيها القَدِيدُ والكعكُ،
وجمعها قَعائِدُ؛ قال أَبو ذؤيب يصف صائداً:
له مِنْ كَسْبِهِنَّ مُعَذْ لَجاتٌ
قَعائِدُ، قد مُلِئْنَ مِنَ الوَشِيقِ
والضمير في كسبهن يعود على سهام ذكرها قبل البيت. ومُعَذْلَجاتٌ:
مملوءات. والوشِيقُ: ما جَفَّ من اللحم وهو القَدِيدُ؛ وقال ابن الأَعرابي في
قول الراجز:
تُعْجِلُ إِضْجاعَ الجَشِير القاعِدِ
قال: القاعِدُ الجُوالقُ الممتلئُ حَبًّا كأَنه من امتلائه قاعد.
والجَشِيرُ: الجُوالِقُ. والقَعِيدَةُ من الرمل: التي ليست بمُسْتَطِيلة،
وقيل: هي الحبْل اللاطِئُ بالأَرض، وقيل: وهو ما ارْتَكَم منه. قال الخليل:
إِذا كان بيت من الشِّعْر فيه زِحافٌ قيل له مُقْعَدٌ؛ والمُقْعَدُ من
الشعر: ما نَقَصَتْ من عَرُوضِه قُوَّة، كقوله:
أَفَبَعْدَ مَقْتَلِ مالِكِ بنِ زُهَيرٍ
تَرْجُو النساءُ عَوَاقِبَ الأَطْهارِ؟
قال أَبو عبيد: الإِقواء نقصان الحروف من الفاصلة فَيَنْقُص من عَرُوضِ
البيت قُوَّةٌ، وكان الخليل يسمى هذا المُقْعَدَ. قال أَبو منصور: هذا
صحيح عن الخليل وهذا غير الزحاف وهو عيب في الشعر والزحاف ليس بعيب.
الفراء: العرب تقول قَعَدَ فلان يَشْتُمُني بمعنى طَفِقَ وجَعَل؛ وأَنشد
لبعض بني عامر:
لا يُقْنِعُ الجارِيَةَ الخِضابُ،
ولا الوِشاحانِ، ولا الجِلْبابُ
مِنْ دُونِ أَنْ تَلْتَقيَ الأَركابُ،
ويَقْعُدَ الأَيْرُ له لُعابُ
وحكى ابن الأَعرابي: حَدَّدَ شَفْرَتَه حتى قَعدتْ كأَنها حَربَةٌ أَي
صارت. وقال: ثَوْبَكَ لا تَقْعُدُ تَطِيرُ به الريحُ أَي لا تَصِيرُ
الريحُ طائرةً به، ونصب ثوبك بفعل مضمر أَي احفظ ثوبك. وقال: قَعَدَ لا
يَسْأْلُه أَحَدٌ حاجةً إِلا قضاها ولم يفسره؛ فإِن عنى به صار فقد تقدم لها
هذه النظائر واستغنى بتفسير تلك النظائر عن تفسير هذه، وإِن كان عنى القعود
فلا معنى له لأَن القعود ليست حال أَولى به من حال، أَلا ترى أَنك تقول
قعد لا يمر به أَحد إِلا يسبه، وقد لا يسأَله سائل إِلا حرمه؟ وغير ذلك
مما يخبر به من أَحوال القاعد، وإِنما هو كقولك: قام لا يُسأَلُ حاجَةً
إِلا قضاها.
وقَعِيدَكَ اللهَ لا أَفعلُ ذلك وقَِعْدَك؛ قال مُتَمِّمُ بنُ
نُوَيْرَةَ:
قَعَِيدَكِ أَن لا تُسْمِعيني مَلامَةً،
ولا تَنْكَئِي قَرْحَ الفؤَادِ فَيِيجَعَا
وقيل: قَِعْدَكَ اللهَ وقَعيدَكَ اللهَ أَي كأَنه قاعدٌ معك يحفظ عليك
قولك، وليس بقويّ؛ قال أَبو عبيد: قال الكسائي: يقال قِعْدكَ الله أَي
اللهُ معك؛ قال وأَنشد غيره عن قُرَيْبَةَ الأَعرابية:
قَعِيدَكِ عَمْرَ الله، يا بِنْتَ مالِكٍ،
أَلم تَعْلَمِينا نِعْمَ مَأْوى المُعَصِّبِ
قال: ولم أَسمع بيتاً اجتمع فيه العَمْرُ والقَعِيدُ إِلا هذا. وقال
ثعلب: قَِعْدَكَ اللهَ وقَعِيدَكَ اللهَ أَي نَشَدْتُكَ اللهَ. وقال: إِذا
قلت قَعِيدَكُما الله جاءَ معه الاستفهام واليمين، فالاستفهام كقوله:
قَعِيدَ كما اللهَ أَلم يكن كذا وكذا؟ قال الفرزدق:
قَعِيدَ كما اللهَ الذي أَنْتُما له،
أَلم تَسْمَعا بالبَيْضَتَيْنِ المُنادِيا؟
والقَسَمُ: قَعِيدَكَ اللهَ لأُكْرِمَنَّكَ. وقال أَبو عبيد: عَلْيا
مُضَر تقول قَعِيدَك لتفعلن كذا؛ قال القِعَيدُ الأَب؛ وقال أَبو الهيثم:
القَعِيد المُقاعِدُ؛ وأَنشد بيت الفرزدق:
قَعيدَكُما اللهَ الذي أَنتما له
يقول: أَينما قعدت فأَنت مقاعد لله أَي هو معك. قال: ويقال قَعِيدَك
الله لا تَفْعل كذا، وقَعْدَكَ الله، بفتح القاف، وأَما قِعْدَكَ فلا
أَعْرِفُه. ويقال: قعد قعداً وقعوداً؛ وأَنشد:
فَقَعْدَكِ أَن لا تُسْمِعِيني مَلامَةً
قال الجوهري: هي يمين للعرب وهي مصادر استعملت منصوبة بفعل مضمر،
والمعنى بصاحبك الذي هو صاحب كل نجوى، كما يقال: نشدتك الله، قال ابن بري في
ترجمة وجع في بيت متمم بن نويرة:
قَعِيدَكِ أَن لا تُسْمِعِيني مَلامَةً
قال: قَعِيدَك اللهَ وقَِعدك الله استعطاف وليس بقسم؛ كذا قال أَبو
عليّ؛ قال: والدليل على أَنه ليس بقسم كونه لم يُجَبْ بجوابِ القَسَم.
وقَعِيدَكَ اللهَ بمنزلة عَمْرَكَ اللهَ في كونه ينتصب انتصاب المصادر الواقعة
موقع الفعل، فعمرك اللهَ واقع موقع عَمَّرَك اللهُ أَي سأَلْتُ اللهَ
تَعْمِيرَك، وكذلك قِعْدَكَ اللهَ تَقْديره قَعَّدْتُك اللهَ أَي سأَلت الله
حفظك من قوله: عن اليمين وعن الشمال قَعِيد أَي حفيظ.
والمُقْعَدُ: رجلٌ كان يَرِيشُ السهام بالمدينة؛ قال الشاعر:
أَبو سُلَيْمان ورِيشُ المُقْعَدِ
وقال أَبو حنيفة: المُقْعدانُ شجر ينبت نبات المَقِرِ ولا مرارة له يخرج
في وسطه قضيب بطول قامة وفي رأْسه مثل ثمرة العَرْعَرَة صُلْبة حمراء
يترامى به الصبيان ولا يرعاه شيء.
ورجل مُقْعَدُ الأَنف: وهو الذي في مَنْخِرِه سَعة وقِصَر.
والمُقْعَدَةُ: الدَّوْخَلَّةُ من الخُوصِ.
ورحًى قاعِدَةٌ: يَطْحَنُ الطاحِنُ بها بالرَّائِدِ بيَدِه.
وقال النضر: القَعَدُ العَذِرَةُ والطَّوْفُ.
نطس: رجل نَطْس ونَطُسٌ ونَطِسٌ ونَطِيس ونِطاسِيٌّ: عالم بالأُمور حاذق
بالطب وغيره، وهو بالرومية النِّسْطاسُ، يقال: ما أَنْطَسَه؛ قال أَوس
ابن حجر:
فهَلْ لَكُمْ فيها إِليَّ فَإِنَّني
طَبِيبٌ بما أَعْيا النِّطاسِيَّ حِذْيَما
أَراد ابن حذيم كما قال:
يَحْمِلْنَ عَبَّاس بن عَبْدِ المُطَّلِبْ
يعني عبدَ اللَّه بنَ عباس، رضي اللَّه عنهما. والنُّطُسُ: الأَطباء
الحُذَّاق. ورجل نَطِس ونَطُس: للمبالغ في الشيء.
وتَنَطَّسَ عن الأَخبار: بَحَثَ. وكل مُبالغ في شيء مُتَنَطِّس.
وتَنَطَّسْتُ الأَخبار: تَجَسَّسْتُها. والنَّاطِسُ: الجاسوس. وتَنَطَّس:
تَقَزَّزَ وتَقَذَّرَ. والتَنَطُّسُ: المبالغة في التَّطَهُّرِ. والتَنَطُّس:
التَقَذُّرُ. ومنه حديث عمر، رضي اللَّه عنه: أَنه خرج من الخَلاء فدعا
بطعام فقيل له: أَلا تَتَوَضَّأُ؟ قال: لولا التَّنَطُّس ما باليت أَن لا
أَغْسِل يدي؛ قال الأَصمعي: وهو المبالغة في الطُّهُور والتَّأَنُّق فيه.
وكل من تَأَنَّق في الأُمور ودقق النظر فيها، فهو نَطِس ومُتَنَطِّس؛
وكذلك كل من أَدَقَّ النظر في الأُمور واسْتَقصى عليها، فهو مُتَنَطِّس، وقد
نَطِس، بالكسر، نَطَساً؛ ومنه قيل للطبيب: نِطاسِيٌّ ونِطِّيس مثل
فِسِّيقٍ، وذلك لدقة نظره في الطِّبِّ؛ وقال البعيث بن بشر يصف شَجَّة أَو
جراحة:
إِذا قاسَها الآسِي النِّطاسِيُّ أَدْبَرَتْ
غَثِيثَتُها، وازْدادَ وَهْياً هُزُومُها
قال أَبو عبيد: وروي النِّطاسِي، بفتح النون؛ وقال رؤبة:
وقَدْ أَكُونُ مَرَّةً نِطِّيسا،
طَبّاً بأَدْواء الصِّبا نِقْرِيسا
قال: النِّقْريس قريب المعنى من النِّطِّيس وهو الفَطِنُ للأُمور العالم
بها. أَبو عمرو: امرأَة نَطِسَة على فَعِلَةٍ إذا كانت تَنَطَّس من
الفُحْشِ أَي تَقَزَّزُ. وإِنه لشديد التَّنَطُّس أَي التَّقَزُّز. ابن
الأَعرابي: المُتَنَطِّس والمُتَطَرِّسُ المتَنَوِّقُ المُخْتار. وقال:
النَّطَس المبالغة في الطهارة، والنَّدَس الفِطْنة والكَيْس.
هدكر: رجل هُداكِرٌ: مُنَعَّم. وامرأَة هَيْدَكُرٌ وهُدْكُورَةٌ
وهَيْدَكُورَة:كثيرة اللحم. ابن شميل: الهَيْدَكُور الشابة من النساء الضخمة
الحسنة الدَّلِّ في الشباب؛ وأَنشد:
بَهْكَنَةٌ هَيْفاءُ هَيْدَكُورُ
قال أَبو علي: سأَلت محمد بن الحسن عن الهَيْدَكور فقال: لا أَعرفه،
قال: وأَظنه من تحريف النَّقلَةِ؛ أَلا ترى إِلى بيت طَرَفَةَ:
فَهْيَ بَدَّاءُ، إِذا ما أَقْبَلَتْ،
فَخْمَةُ الجِسْمِ رَداحٌ هَيْدَكُرْ
فكأَنّ الواو حذفت من هَيْدَكُور ضرورة. والهَيْدَكُورُ: اللبن الخاثر؛
قال:
قُلْنَ له: اسْقِ عَمَّكَ النَّمِيرَا
ولَبَناً، يا عَمْرُو، هَيْدَكُورَا
النضر: الهُدَكِرُ أَخْثَرُ اللبنِ ولم يَحْمُضْ جِدًّا. وهَيْدَكُورٌ:
لقب رجل من العرب.