Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: أريد

شَهَرَ

(شَهَرَ)
(هـ س) فِيهِ «صُوموا الشَّهْرَ وسِرَّه» الشَّهْرُ: الْهِلَالُ، سُمِّى بِهِ لِشُهْرَتِهِ وظُهُوره، أرادَ صُوموا أَوَّلَ الشَّهر وآخِرَه. وَقِيلَ سِرُّه وسَطه.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «الشَّهْرُ تسعٌ وعشْرون» وَفِي روايةٍ «إنَّما الشَّهْرُ» أَيْ إنَّ فائدةَ ارْتقابِ الهِلالِ لَيْلَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ ليُعْرَف نقصُ الشَّهْرِ قَبْلَهُ، وَإِنْ أُرِيد بِهِ الشَّهْرُ نفسُه فتكونُ اللامُ فِيهِ لِلعَهْد.
وَفِيهِ «سُئِل أيُّ الصَّوْمِ أفضَلُ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ؟ فَقَالَ: شَهْرُ اللَّهِ المحرَّمُ» أضافَ الشَّهْرَ إِلَى اللهِ تَعْظِيمًا لَهُ وَتَفْخِيمًا، كَقَوْلِهِمْ بَيت اللهِ، وَآلُ اللَّهِ، لقُرَيشٍ.
(س) وَفِيهِ «شَهْرَا عيدٍ لَا ينقُصاَن» يُريد شَهْرَ رَمَضَانَ وذَا الحجَّة: أَيْ إنْ نَقَص عدَدُهما في الحِساَب فحكمُهما عَلَى التَّمام، لِئَلَّا تَحْرَجَ أُمَّتُه إِذَا صاَمُوا تِسعةً وَعِشْرِينَ، أوْ وَقَع حَجُّهم خطَأ عَنِ التَّاسع أَوِ الْعَاشِرِ، لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ قَضاَء، وَلَمْ يَقَع فِي نُسُكهم نقصٌ. وَقِيلَ فِيهِ غَيْرُ ذَلِكَ.
وَهَذَا أشْبَه.
(س) وَفِيهِ «مَن لَبس ثوبَ شُهْرَةٍ ألْبَسه اللَّهُ ثوبَ مّذَلة يَوْمَ الْقِيَامَةِ» الشُّهْرَةُ: ظُهور الشَّيء فِي شُنْعة حَتَّى يَشْهَرَهُ النَّاسُ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ «خَرَجَ أَبِي شَاهِراً سَيْفَهُ رَاكباً راحِلَته» تَعْنِي يومَ الرِّدَّةِ: أَيْ مُبْرِزاً لَهُ مِنْ غِمْده.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ الزُّبَيْرِ «مَنْ شَهَرَ سَيفه ثُمَّ وَضَعه فدَمُه هَدَرٌ» أَيْ مَنْ أخْرجَه مِنْ غِمْدِهِ لِلْقِتَالِ، وَأَرَادَ بوضَعَه ضَرَب بِهِ. (هـ) وَفِي شِعْرِ أَبِي طَالِبٍ:
فإنِّي والضوابِحِ كُلَّ يومٍ ... وَمَا تَتْلُو السَّفاَسِرَة الشُّهُورُ
أَيِ العُلَماء، واحدُهم شَهْرٌ. كَذَا قَالَ الْهَرَوِيُّ.

سَعِدَ

(سَعِدَ)
(س) فِي حَدِيثِ التَّلبية «لَبَّيك وسَعْدَيْكَ» أَيْ سَاعَدْت طاعَتك مُسَاعَدَةً، بَعْدَ مُساَعَدةٍ، وإِسْعَاداً بَعْدَ إسْعاَد، وَلِهَذَا ثُنّى، وَهُوَ مِنَ المصاَدر المنصُوبة بفِعْل لَا يَظْهر فِي الإسْتِعمال.
قَالَ الجَرْمى: لَمْ يُسْمع سَعْدَيْكَ مُفْرِدًا.
(هـ) وَفِيهِ «لَا إِسْعَادَ وَلَا عَقْر فِي الْإِسْلَامِ» هُوَ إِسْعَادُ النِّسَاءِ فِي المنَاحات، تقومُ المرأةُ فَتَقُومُ مَعَهَا أُخْرى مِنْ جاَرَاتها فَتُسَاعِدُهَا عَلَى النِّياحَة. وَقِيلَ كَانَ نِساءُ الجَاهِلية يُسْعِدُ بعضُهن بَعْضًا عَلَى ذَلِكَ سَنَةً فنُهيِن عَنْ ذَلِكَ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ «قَالَتْ لَهُ أُمٌّ عَطِيَّةَ: إنَّ فُلانة أَسْعَدَتْنِي فــأُرِيد أَنْ أُسْعِدَهَا، فَمَا قَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا. وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: فاذْهَبي فَأَسْعِدِيهَا ثُمَّ بَايعيني» قَالَ الْخَطَّابِيُّ: أَمَّا الْإِسْعَادُ فخاصٌّ فِي هَذَا الْمَعْنَى. وَأَمَّا الْمُسَاعَدَةُ فعامَّة فِي كُلِّ معُونة. يُقَالُ إنَّها مِنْ وضْع الرَّجُلِ يدَه عَلَى سَاعِدِ صَاحِبِهِ إِذَا تماشَيا فى حاجة. (هـ) وَفِي حَدِيثِ البَحيرة «سَاعِدُ اللَّهِ أشدُّ، ومُوساَه أحَدُّ» أَيْ لَوْ أرَاد اللَّهُ تَحْرِيمَهَا بِشَقِّ آذَانِهَا لخَلقها كَذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَقُولُ لَهَا كُونِي فَتَكُونُ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ سَعْدٍ «كُنَّا نَكْري الْأَرْضَ بِمَا عَلَى السَّواقي وَمَا سَعِدَ مِنَ الماءِ فِيهَا، فَنَهَانَا رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ» أَيْ مَا جَاءَ مِنَ المْاء سَيْحا لَا يحتاجُ إِلَى دَالِيَةٍ.
وَقِيلَ مَعْنَاهُ مَا جَاءَ مِنْ غَيْرِ طَلب. قَالَ الأزْهَري: السَّعِيدُ: النهرُ، مأخوذٌ مِنْ هَذَا وجمعُه سُعُدٌ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «كُنَّا نُزارِع عَلَى السَّعِيدِ» .
(هـ) وَفِي خُطْبَةِ الْحَجَّاجِ «انْجُ سَعْدُ فَقَدْ قُتل سُعَيْدٌ» هَذَا مثلٌ سائرٌ، وأصلُه أَنَّهُ كَانَ لضَبَّة ابْنَانِ سَعْدٌ وسُعَيْدٌ فَخَرَجَا يطلُبان إِبِلًا لَهُمَا، فرَجَع سَعْد وَلَمْ يَرْجع سُعَيد، فَكَانَ ضَبَّة إِذَا رَأَى سَوَادًا تحتَ اللَّيْلِ قَالَ: سَعْد أَمْ سُعَيد، فَسَارَ قولُه مَثَلًا يُضْرب فِي الاسْتِخْبار عَنِ الأمْرَين الخَير وَالشَّرِّ أيَّهما وقَع.
(س) وَفِي صِفَةِ مَنْ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ «يَهْتَزُّ كَأَنَّهُ سَعْدَانَة» هُوَ نبتٌ ذُو شَوكٍ، وَهُوَ مِنْ جَيِّد مَراعي الْإِبِلِ تسْمَن عَلَيْهِ.
وَمِنْهُ الْمَثَلُ «مرعَى وَلَا كَالسَّعْدَان» .
وَمِنْهُ حَدِيثُ الْقِيَامَةِ والصِراط «عَلَيْهَا خَطاطيف وكلاليبُ وحَسَكةٌ لَهَا شوكةٌ تكونُ بنَجْد يُقَالُ لَها السَّعْدَانُ» شبَّه الخطاطيفَ بشَوك السَّعْدان. وَقَدْ تكرَّر فِي الْحَدِيثِ.

رَفَاهِيَّة

رَفَاهِيَّة
الجذر: ر ف هـ

مثال: يعيش حياة الرفَاهِيَّة
الرأي: مرفوضة
السبب: لعدم ورودها في المعاجم القديمة.

الصواب والرتبة: -يعيش حياة الرفَاهِيَة [فصيحة]-يعيش حياة الرفَاهِيَّة [فصيحة]
التعليق: جاء ضمن قرارات مجمع اللغة المصري أنه «إذا أريد صنع مصدر من كلمة يزاد عليها ياء النسب والتاء»، وقد اعتمد مجمع اللغة المصري على هذه الصيغة اعتمادًا كبيرًا لتكوين مصطلحات جديدة تعبِّر عن مفاهيم العلم الحديث، وكان قد انتهى فريق من العلماء واللغويين إلى وجود أصل لهذه الصيغة في لغة العرب، فقد جاء في القرآن الكريم «جاهليّة» و «رهبانيّة»، وجاء في الشعر والنثر الجاهليين كثير من الأمثلة، منها: «لصوصيّة» و «عبوديّة» و «حريّة» و «رجوليّة» و «خصوصيّة»، وقد انتهى هذا الفريق - بعد دراسة أجراها على المصادر الصناعية المستعملة حديثًا- إلى أنَّ المصدر الصناعي يصاغ من معظم أنواع الكلام العربيّ، فيصاغ من المصدر الصريح كما في هذه الكلمة، فهي مصدر صناعي من «الرفاهة».

رَفْرَفَ

(رَفْرَفَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ وَفَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «فَرُفعَ الرَّفْرَفُ فرَأينا وجْهَه كَأَنَّهُ ورَقَة» الرَّفْرَفُ: البِسَاط ، أَوِ السِّتْر، أَرَادَ شَيْئًا كَانَ يَحْجُبُ بيَنهم وَبَيْنَهُ، وكُلُّ مَا فضَل مِنْ شَيْءٍ فَثُنِي وعُطِف فَهُوَ رَفْرَفٌ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ «فِي قَوْلِهِ تَعَالَى «لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى» قال رَأَى رَفْرَفاً أخْضَر سدَّ الأُفُق» أَيْ بِسَاطا. وَقِيلَ فرَاشا. وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَل الرَّفْرَفَ جَمْعا، وَاحِدُهُ رَفْرَفَةٌ، وَجَمْعُ الرَّفْرَفِ رَفَارِفُ. وَقَدْ قُرِئَ بِهِ «متَّكئين عَلَى رَفَارِفَ خُضْرٍ» .
(هـ) وَفِي حَدِيثِ الْمِعْرَاجِ ذِكْرُ «الرَّفْرَف» وأُريد بِهِ البِسَاط. وَقَالَ بعضُهم: الرَّفْرَفُ فِي الأصْل مَا كَانَ مِنَ الدِّيَباجِ وَغَيْرِهِ رَقِيقًا حَسَن الصَّنْعة، ثُمَّ اتُّسِع فِيهِ.
(س) وَفِيهِ «رَفْرَفَتِ الرَّحْمَةُ فَوْقَ رَأْسِهِ» يُقَالُ رَفْرَفَ الطَّائِرُ بجَناحَيه إِذَا بسَطهما عِنْدَ السُّقُوطِ عَلَى شَيْءٍ يَحُومُ عَلَيْهِ لِيَقَعَ فَوْقَهُ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ أُمِّ السَّائِبِ «أَنَّهُ مَرَّ بِهَا وَهِيَ تُرَفْرِفُ مِنَ الحُمَّى، فَقَالَ: مَا لَكِ تُرَفْرِفِينَ!» أَيْ تَرْتَعِدُ. ويُروى بالزَّاي، وسُيذْكَر.

انبغى

(انبغى) يُقَال يَنْبَغِي لفُلَان أَن يعْمل كَذَا يحسن بِهِ وَيسْتَحب لَهُ وَمَا يَنْبَغِي لفُلَان أَن يفعل كَذَا لَا يَلِيق بِهِ وَلَا يحسن مِنْهُ وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {مَا كَانَ يَنْبَغِي لنا أَن نتَّخذ من دُونك من أَوْلِيَاء}
وندر اسْتِعْمَال غير الْمُضَارع من هَذِه الْمَادَّة وَإِذا أُرِيد الْمَاضِي قيل كَانَ يَنْبَغِي وَمَا كَانَ يَنْبَغِي

وَقَا

(وَقَا)
(هـ) فِيهِ «فَوَقَى أحَدُكُم وجْهَه النارَ» وَقَيْتُ الشَّيءَ أَقِيهِ، إِذَا صُنْتَه وسَتَرْتَه عَنِ الْأَذَى. وَهَذَا اللَّفْظُ خَبَرٌ أريدَ بِهِ الْأَمْرُ: أَيْ لِيَقِ أحَدُكم وجَّهَه النارَ، بِالطَّاعَةِ والصَّدَقة.
وَفِي حَدِيثِ مُعَاذٍ «وتَوَقَّ كَرائمَ أموالِهِم» أَيْ تَجَنَّبْها، لَا تأخُذْها فِي الصَّدَقَةِ؛ لِأَنَّهَا تَكْرُم عَلَى أَصْحَابِهَا وتَعِزُّ، فَخُذ الوَسَط، لَا العالِيَ وَلَا النازلَ. وتَوَقَّى واتَّقَى بمعْنَىً. وأصْلُ اتَّقَى: أوْتَقَى، فقُلبت الْوَاوُ يَاءً لِلْكَسْرَةِ قبْلَها، ثُمَّ أبْدلَتْ تَاءً وأُدغمت.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «تَبَقَّهْ وتَوَقَّهْ» أَيِ اسْتَبْقِ نَفْسَك وَلَا تُعَرِّضْها للتَّلَف، وتَحَرَّزْ مِنَ الآفاتِ واتَّقِها.
وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ «الِاتِّقَاءِ» فِي الْحَدِيثِ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «كُنَّا إِذَا احْمرَّ البأسُ اتَّقيْنا بِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» أَيْ جَعْلناه وِقَايَةً لنَا مِنَ العَدُوّ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «مَن عَصَى اللَّه لَمْ تَقِهْ مِنَ اللَّهِ وَاقِيَةٌ» .
(س) وَفِيهِ «أَنَّهُ لَمْ يُصْدِقِ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ أَكْثَرَ مِنْ ثِنْتَيْ عَشْرَة أوقيَّةً وَنَشّ» الْأُوقِيَّةُ، بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ: اسْم لِأَرْبَعِينَ دِرْهَما. وَوَزْنُهُ: أُفْعُولة، وَالْأَلْفُ زَائِدَةٌ.
وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ «وُقِيَّة » بغَيْر أَلِفٍ، وَهِيَ لغةٌ عامِّيَّة. وَالْجَمْعُ: الْأَوَاقِىُّ، مُشَدَّدا. وَقَدْ يَخَفَّف. وَقَدْ تَكَرَّرَتْ فِي الْحَدِيثِ، مُفْرَدَة ومَجْموعة. 

دَيَنَ

(دَيَنَ)
فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى «الدَّيَّانُ» قِيلَ هُوَ القهَّارُ. وَقِيلَ هُوَ الحاكمُ وَالْقَاضِي، وَهُوَ فعَّالٌ، مِنْ دَانَ الناسَ: أَيْ قَهَرَهم عَلَى الطاعةِ، يُقَالُ دِنْتُهُمْ فَدَانُوا: أَيْ قَهَرتُهم فأطاعُوا.
وَمِنْهُ شِعْر الْأَعْشَى الحِرْمازي، يُخاطبُ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
يَا سَيَّدَّ الناسِ ودَيَّانَ العَرَبْ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «كَانَ عليُّ دَيَّانَ هَذِهِ الأمةِ» .
وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي طَالِبٍ قَالَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أريدُ مِنْ قُرَيْشٍ كَلمةً تَدِينُ لَهُمْ بِهَا العربُ» أَيْ تُطِيُعهم وتَخْضَع لَهُمْ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «الكَيِّسُ مَن دَانَ نَفْسَه وعَمِل لِمَا بَعْدَ المَوتِ» أَيْ أذَلَهَّا واستعْبَدَها، وَقِيلَ حاسَبَها.
(هـ) وَفِيهِ «أنَّه عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ عَلَى دِينِ قَومِهْ» لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الشَّرْك الَّذِي كَانُوا عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّهُ كَانَ عَلَى مَا بَقِي فِيهِمْ مِنْ إِرْثِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السلامُ مِنَ الْحَجِّ والنِّكاح والميرَاثِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أحْكَام الْإِيمَانِ. وَقِيلَ هُوَ مِنَ الدِّينِ: العَادَة، يُريد بِهِ أخْلاقَهم في الكرم والشّجاعة وغيرها. وَفِي حَدِيثِ الْحَجِّ «كَانَتْ قُرَيش وَمَنْ دَانَ بِدِينِهِمْ» أَيِ اتَّبَعَهُمْ فِي دِينِهِمْ وَوَافَقَهُمْ عَلَيْهِ واتَّخَذَ دِينَهُمْ لَهُ دِيناً وعِبَادةً.
وَفِي دُعاء السَّفَرِ «أسْتَودعُ اللهَ دِينَكَ وأمانَتَك» جَعَل دِينَه وأمانَته مِنَ الودَائِع؛ لِأَنَّ السَّفَر تُصِيبُ الْإِنْسَانَ فِيهِ المشقَّةُ والخوفُ فَيَكُونُ ذَلِكَ سَبباً لإهْمَال بَعْض أُمور الدِّين، فَدعَا لَه بالمَعُونة والتَّوفِيق. وَأَمَّا الأمانَةُ هاهُنا فيُريدُ بِهَا أهلَ الرَّجل ومالَه وَمَنْ يُخْلِفُه عِنْدَ سَفَره.
وَفِي حَدِيثِ الْخَوَارِجِ «يَمْرُقُون مِنَ الدِّينِ مُروقَ السَّهم مِنَ الرَّمِيَّة» يُريدُ أَنَّ دُخُولهم فِي الإسْلاَم ثُمَّ خُرُوجَهم مِنْهُ لَمْ يَتَمَسَّكوا مِنْهُ بِشَيْءٍ، كالسَّهم الَّذِي دخَل فِي الرَّميَّةِ ثُمَّ نَفَذ فِيهَا وخَرَج مِنْهَا وَلَمْ يَعْلَقْ بِهِ مِنْهَا شيءٌ. قَالَ الخَطَّابي: قَدْ أجْمَعُ عُلماءُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ الخَوارِجَ عَلَى ضَلالَتهِم فرقةٌ مِنْ فِرق المُسلمين، وأجازُوا مُنَاكَحَتهم، وأكْلَ ذَبَائحهم، وقَبولَ شَهادَتهم. وسُئل عَنهُم عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقِيلَ: أكُفَّارٌ هُم؟ قَالَ: منَ الكُفْر فَرُّوا، قِيلَ: أفَمُنَافِقُونُ هُمْ؟ قَالَ:
إنَّ المُنَافِقينَ لَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا
، وهؤُلاء يذكُرُون اللَّهَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا. فَقِيلَ: مَا هُمْ؟
قَالَ: قومٌ أصابَتْهُم فِتنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا. قَالَ الخطَّابي: فمعْنى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمرُقُون مِنَ الدِّينِ، أرادَ بِالدِّينِ الطَّاعَة: أَيْ أَنَّهُمْ يَخْرجون مِنْ طَاعَةِ الإمَام المُفْتَرَضِ الطَّاعَة، ويَنْسَلِخُون مِنْهَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(س) وَفِي حَدِيثِ سَلمانَ «إِنَّ اللَّهَ لَيَدِينُ للجَمَّاء مِنْ ذَاتِ القَرْنِ» أَيْ يَقْتَصُّ ويَجْزي.
والدِّينُ: الجَزَاءُ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عمرو «لا تَسُبُّوا السُّلطَانَ، فإنْ كان لا بُدَّ فقولُوا: اللَّهُمَّ دِنْهُمْ كَمَا يَدِينُونَنَا» أَيِ اجْزِهم بِمَا يُعَامِلُوننا بِهِ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «إِنَّ فُلَانًا يَدِينُ وَلَا مَالَ لهُ» يُقَالُ دَانَ واسْتَدَانَ وادَّانَ مُشَدَّداً:
إِذَا أخَذَ الدَّيْنَ واقْتَرض، فَإِذَا أعْطى الدَّيْنَ قِيلَ أَدَانَ مُخَفَّفاً.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُهُ الْآخَرُ عَنْ أسَيْفِعِ جُهَينة «فَادَّانَ مُعْرِضاً» أَيِ اسْتَدَانَ مُعْرِضاً عَنِ الوَفَاءِ. وَفِيهِ «ثلاثةٌ حقٌّ عَلَى اللَّهِ عَوْنُهُم، مِنْهُمُ الْمِدْيَانُ الَّذِي يُريدُ الأَدَاءَ» الْمِدْيَانُ: الكَثيرُ الدَّيْن الَّذِي عَلَته الدُّيُونُ، وَهُوَ مِفعال مِنَ الدَّين للمبَالغة.
(س) وَفِي حَدِيثِ مَكْحُولٍ «الدَّيْنُ بَيْنَ يَدَي الذَّهب والفِضَّة، والعُشْرُ بَيْنَ يَدَي الدَّيْن فِي الزَّرْع والإبِلِ والبَقَر والغَنَم» ، يَعْنِي أَنَّ الزَّكاةَ تُقَدَّم عَلَى الدَّينِ، والدَّين يُقَدَّم عَلَى المِيرَاثِ.

جَلَلَ

(جَلَلَ)
- فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى «ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ»
الجَلَال: العَظَمه.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «ألِظُّوا بِيَا ذَا الجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ» .
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ «أَجِلُّوا اللَّهَ يَغْفِرْ لَكُم» أَيْ قُولُوا يَا ذَا الجَلَال وَالْإِكْرَامِ. وَقِيلَ:
أَرَادَ عَظِّمُوه. وَجَاءَ تَفْسِيرُهُ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: أَيْ أسْلِمُوا. ويُروَى بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَهُوَ كَلَامُ أَبِي الدَّرْدَاء فِي الْأَكْثَرِ.
وَمِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى «الجَلِيل» وَهُوَ المَوْصُوف بِنُعُوت الجَلَال، والحَاوِي جَمِيعَها هو الجَلِيل المٌطْلَق، وهُو راجِع إِلَى كَمَالِ الصِّفَاتِ، كَمَا أنَّ الكَبير راجعٌ إِلَى كَمَالِ الذَّات، والعَظِيم رَاجِعٌ إِلَى كَمال الذَّات وَالصِّفَاتِ.
وَفِي حَدِيثِ الدعاء «اللهمّ اغفرلى ذَنْبي كلَّه؛ دِقَّهُ وجِلَّهُ» أَيْ صَغِيرَه وكَبِيرَه. وَيُقَالُ: مَا لَهُ دِقٌّ وَلَا جِلٌّ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ الضَّحَّاكِ بْنِ سُفْيَانَ «أخذتَ جِلَّةَ أمْوَالهم» أَيِ العِظَام الكِبَار مِنَ الْإِبِلِ. وَقِيلَ هِيَ المسَانّ مِنْهَا. وَقِيلَ هُوَ مَا بَيْن الثَّنِىِّ إِلَى البَازِل. وجُلُّ كُلِّ شَيْءٍ بالضَّم: مُعْظَمُه، فيَجُوز أَنْ يَكُونَ أرادَ: أخَذْت مُعْظَم أمْوالِهم.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «تَزوّجتُ امْرَأَةً قَدْ تَجَالَّتْ» أَيْ أَسَنَّتْ وكَبِرَتْ.
(س) وَحَدِيثُ أُمِّ صُبَيَّة «كنَّا نَكُونُ فِي المسجدِ نسْوَةً قَدْ تَجَالَلْنَ» أَيْ كَبِرْنَ. يُقَالُ:
جَلَّتْ فَهِيَ جَلِيلَة، وتَجَالَّتْ فَهِيَ مُتَجَالَّة.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «فَجَاءَ إبْليسُ فِي صُورَة شَيْخ جَلِيل» أَيْ مُسِنّ .
(هـ) وَفِيهِ «أَنَّهُ نَهى عَنْ أكْل الجَلَّالَة ورُكوبها» الجَلَّالَة مِنَ الحَيوان: الَّتِي تَأْكُلُ العَذِرَة، والجِلَّةُ: البَعَر، فوُضِع مَوْضِعَ الْعَذِرَةِ. يُقَالُ جَلَّتِ الدَّابَّةُ الجِلَّةَ، واجْتَلَّتْهَا، فَهِيَ جَالَّةٌ، وجَلَّالة: إِذَا الْتَقَطَتْها.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «فإِنما قذِرتُ عَلَيْكُمْ جَالّة القُرَى» .
(هـ) وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ «فَإِنَّمَا حَرَّمْتُها مِنْ أجْل جَوَالِّ القَرْيَة» الجَوَالُّ بِتَشْدِيدِ اللَّامِ: جَمْع جَالَّة، كَسامَّة وسوامٍّ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا «قَالَ لَهُ رَجُلٌ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أصْحبَك، قَالَ لَا تَصْحَبْني عَلَى جَلَّال» وَقَدْ تَكَرَّرَ ذكْرها فِي الْحَدِيثِ. فَأَمَّا أكْلُ الجَلَّالَة فَحلال إِنْ لَمْ يَظْهر النَّتْنُ فِي لَحْمِهَا، وَأَمَّا رُكُوبها فلعَله لِمَا يَكْثُر مِنْ أكْلِها العَذِرَة والبَعر، وتَكْثُر النَّجاسة على أجْسَامها وأفْواهها، وتَلْمس راكبَها بفَمها وثَوْبَه بعَرَقهَا وَفِيهِ أَثَرُ العَذِرة أَوِ البَعَر فَيَتَنَجَّس. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(س) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «قَالَ لَهُ رَجُلٌ: الْتَقَطْتُ شَبَكَة عَلَى ظَهْر جَلَّال» هُوَ اسْم لِطَريق نَجْد إِلَى مَكَّةَ.
(س) وَفِي حَدِيثِ سُوَيْد بْنِ الصَّامِتِ «قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَعلَّ الَّذِي معَك مثْلُ الَّذِي مَعي، فَقَالَ: وَمَا الَّذِي مَعَكَ؟ قَالَ: مَجَلَّةُ لُقْمان» كُلُّ كِتَابٍ عِنْدَ العَرب مَجَلَّة، يُريد كتَاباً فِيهِ حكْمة لُقْمان.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «ألْقِي إليْنا مَجَالَّ» هِيَ جَمْع مَجَلَّة، يَعْنِي صُحُفا.
قِيلَ: إِنَّهَا معَرّبة مِنَ العِبْرانية. وقيل هي عَرَبِيَّةٌ. وَهِيَ مَفْعَلة مِنَ الجَلَال، كَالْمَذَلَّةِ مِنَ الذُّلِّ.
وَفِيهِ «أَنَّهُ جَلَّلَ فَرَساً لَهُ سَبَق بُرْداً عَدَنيًّا» أَيْ جَعَل البُرْد لَه جُلّا.
وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا «أنه كان يُجَلِّلُ بُدْنَه القِبَاطيّ» .
(س) وَحَدِيثُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «اللَّهُم جَلِّلْ قَتَلة عُثْمَانَ خِزْياً» أَيْ غَطّهم بِهِ وألْبسهم إيَّاه كَمَا يَتَجَلَّلُ الرجُل بالثَّوب.
(س) وَحَدِيثُ الِاسْتِسْقَاءِ «وَابِلاً مُجَلِّلًا» أَيْ يُجَلِّلُ الْأَرْضَ بمَائه، أَوْ بنَباته. ويُروى بِفَتْحِ اللَّامِ عَلَى الْمَفْعُولِ.
(س) وَفِي حَدِيثِ الْعَبَّاسِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «قَالَ يَوْمَ بَدْر: الْقَتْلُ جَلَلٌ مَا عَدَا مُحمَّداً» أَيْ هَيّن يَسير. والجَلَلُ مِنَ الأضْداد، يَكُونُ للْحَقِير والعظِيم.
(س) وفيه «يَسْتُر المُصَلّيَ مثْلُ مؤْخِرة الرَّحْل فِي مِثْل جُلَّةِ السَّوْط» أَيْ فِي مثْل غِلَظِه.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ أُبَيّ بْنِ خَلَفٍ «إِنَّ عنْدي فَرساً أُجِلُّها كُلَّ يَوْم فَرَقا من ذُرَّة أقتُلُكَ عليها، فقال صلى الله عليه وسلم: بَلْ أَنَا أقْتُلك عَلَيْهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ» أَيْ أَعْلِفُها إيَّاه، فوضَع الإِجلال مَوْضِعَ الإعْطَاء، وأصْلُه مِنَ الشَّيْءِ الجَلِيل (س) وَفِي شِعْرِ بِلَالٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
ألاَ لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أبِيتَنَّ لَيْلَة ... بِوَادٍ وحَوْلِي إذْخِرٌ وجَلِيل
الجَلِيل: الثُّمام، وأحِده جَلِيلة. وَقِيلَ هُوَ الثُّمَام إذا عَظُم وجلّ.
(37- النهاية 1) 

الْكِنَايَة

(الْكِنَايَة) (فِي علم الْبَيَان) لفظ أُرِيد بِهِ لَازم مَعْنَاهُ مَعَ جَوَاز إِرَادَة الْمَعْنى الْأَصْلِيّ لعدم وجود قرينَة مَانِعَة من إِرَادَته وَهِي أَنْوَاع
1 - كِنَايَة عَن مَوْصُوف نَحْو أمة الدولار أمريكا الناطقين بالضاد الْعَرَب أَو الْمُتَكَلِّمين بِالْعَرَبِيَّةِ
2 - كِنَايَة عَن صفة نَحْو نظافة الْيَد الْعِفَّة وَالْأَمَانَة
3 - كِنَايَة عَن نِسْبَة صفة لموصوف نَحْو الذكاء ملْء عين هَذَا الرجل فَكل من الصّفة (الذكاء) والموصوف (الرجل) مَذْكُور وَالْمرَاد أَن الرجل يَتَّصِف بِصفة الذكاء
الْكِنَايَة: عِنْد عُلَمَاء الْبَيَان تطلق على مَعْنيين: أَحدهمَا: الْمَعْنى المصدري الَّذِي هُوَ فعل الْمُتَكَلّم أَعنِي ذكر اللَّازِم وَإِرَادَة الْمَلْزُوم مَعَ جَوَاز إِرَادَة اللَّازِم أَيْضا فاللفظ يكنى بِهِ وَالْمعْنَى مكنى عَنهُ. وَالثَّانِي: اللَّفْظ الَّذِي أُرِيد لَازم مَعْنَاهُ مَعَ جَوَاز إِرَادَة ذَلِك الْمَعْنى مَعَ لَازمه كَلَفْظِ طَوِيل النجاد وَالْمرَاد بِهِ لَازم مَعْنَاهُ أَعنِي طَوِيل الْقَامَة مَعَ جَوَاز أَن يُرَاد بِهِ حَقِيقَة طول النجاد أَيْضا وَمثل فلَان كثير الرماد وجبان الْكَلْب ومهزول الفصيل أَي كثير الضَّيْف. وَقد عرفت الْفرق بَين الْمجَاز وَالْكِنَايَة فِي الْمجَاز بِأَنَّهُ لَا بُد فِي الْمجَاز من قرينَة مَانِعَة عَن إِرَادَة الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ بِخِلَاف الْكِنَايَة فَإِنَّهُ لَا يجوز فِي قَوْلنَا رَأَيْت أسدا يَرْمِي مثلا أَن يُرَاد بالأسد الْحَيَوَان المفترس. وَيجوز فِي طَوِيل النجاد أَن يُرَاد لَازم مَعْنَاهُ أَعنِي طَوِيل الْقَامَة مَعَ إِرَادَة الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ أَعنِي طول النجاد.
والسكاكي فرق بَين الْكِنَايَة وَالْمجَاز بِأَن الِانْتِقَال فِي الْكِنَايَة يكون من اللَّازِم إِلَى الْمَلْزُوم كالانتقال من طول النجاد الَّذِي هُوَ لَازم لطول الْقَامَة إِلَيْهِ والانتقال فِي الْمجَاز يكون من الْمَلْزُوم إِلَى اللَّازِم كالانتقال من الْغَيْث الَّذِي هُوَ ملزوم النبت إِلَى النبت وَمن الْأسد الَّذِي هُوَ ملزوم الشجاع إِلَى الشجاع. وَهَذَا الْفرق يَنْبَغِي أَن يوضع على الْفرق تَحت الْمِيزَاب حَتَّى يحصل لَهُ الْفرق لِأَن اللَّازِم مَا لم يكن ملزوما لم ينْتَقل مِنْهُ لِأَن اللَّازِم من حَيْثُ إِنَّه لَازم يجوز أَن يكون أَعم من الْمَلْزُوم وَلَا دلَالَة للعام على الْخَاص بل إِنَّمَا يكون ذَلِك على تَقْدِير تلازمهما وتساويهما وَإِذا كَانَ اللَّازِم ملزوما يكون الِانْتِقَال من الْمَلْزُوم إِلَى اللَّازِم كَمَا فِي الْمجَاز فَلَا يتَحَقَّق الْفرق. والسكاكي قد اعْترف بِأَنَّهُ مَا لم تكن الْمُسَاوَاة بَين اللَّازِم والملزوم أَي الْمُلَازمَة لَا يُمكن الِانْتِقَال والانتقال حِينَئِذٍ من اللَّازِم إِلَى الْمَلْزُوم يكون بِمَنْزِلَة الِانْتِقَال من الْمَلْزُوم إِلَى اللَّازِم.
وَقَالَ السَّيِّد السَّنَد الشريف الشريف قدس سره الْكِنَايَة كل مَا استتر المُرَاد مِنْهُ بِالِاسْتِعْمَالِ وَإِن كَانَ مَعْنَاهُ ظَاهرا فِي اللُّغَة سَوَاء كَانَ المُرَاد مِنْهُ الْحَقِيقَة أَو الْمجَاز فَيكون تردد فِيمَا أُرِيد بِهِ فَلَا بُد من النِّيَّة أَو مَا يقوم مقَامهَا من دلَالَة الْحَال كَحال مذاكرة الطَّلَاق ليزول التَّرَدُّد وَيتَعَيَّن المُرَاد.
وَاعْلَم أَن كنايات الطَّلَاق مثل أَنْت بَائِن أَنْت حرَام يُطلق عَلَيْهَا لفظ الْكِنَايَة مجَازًا لَا حَقِيقَة فَإِن حَقِيقَة الْكِنَايَة مَا استتر المُرَاد بِهِ ومعاني هَذِه الْأَلْفَاظ ظَاهِرَة غير مستترة لَكِنَّهَا شابهت الْكِنَايَة من جِهَة الْإِبْهَام فِيمَا يتَعَلَّق بمعانيها فَإِن الْبَائِن مثلا مَعْنَاهُ ظَاهر غير مستتر وَهُوَ الْبَيْنُونَة لَكِنَّهَا مُبْهمَة من حَيْثُ متعلقها فَإِنَّهُ لَا يعلم أَن الْبَيْنُونَة إِمَّا عَن النِّكَاح أَو غَيره فَالنِّكَاح وَغَيره من متعلقات الْبَيْنُونَة. وَالْكِنَايَة عِنْد عُلَمَاء الْبَيَان هِيَ أَن يعبر عَن شَيْء لفظا كَانَ أَو معنى بِلَفْظ غير صَرِيح فِي الدّلَالَة عَلَيْهِ لغَرَض من الْأَغْرَاض كالإبهام على السَّامع نَحْو جَاءَنِي فلَان أَو لنَوْع فصاحة نَحْو فلَان كثير الرماد انْتهى.

التّثنية

التّثنية:
[في الانكليزية] Cutting in two ،dual
[ في الفرنسية] Mise au duel d'un nom ،coupure en deux
دو تا كردن- قسمة الشيء إلى نصفين- وعند النحاة ويسمّى المثنى أيضا هو اسم لحق آخره ألف أو ياء مفتوح ما قبلها ونون مكسورة ليدلّ على أنّ معه مثله من جنسه، كذا قال ابن الحاجب في الكافية. فقوله آخره بتقدير المضاف أي آخر بمفرده أي واحده، أو قدّر بعد قوله ونون مكسورة قولنا مع لواحقه فحينئذ أيضا يكون التثنية مجموع المفرد والألف أو الياء والنون، ولو لم يقدّر لما صدق التعريف إلّا على مسلم من مسلمان ومسلمين كما لا يخفى، ولو اكتفي بظهور المراد لاستغنى عن هذه التكلفات. وقوله ليدلّ إلى آخره أي ليدلّ ذلك اللحوق على أنّ معه أي مع مفرده مثله في العدد، يعني الواحد حال كون ذلك المثل من جنسه أي من جنس مفرده باعتبار دخوله تحت جنس الموضوع له، بوضع واحد مشترك بينهما.
ولو أريد بقوله مثله ما يماثله في الوحدة والجنس جميعا لاستغنى عن قوله من جنسه.
وفي هذا القول إشارة إلى فائدة لحوق هذه الحروف بالاسم المفرد وإلى أنه لا يجوز تثنية الاسم باعتبار معنيين مختلفين، فلا يقال قرآن ويراد به الطهر والحيض على الصحيح خلافا للأندلسي، فإنه يجوز عنده تثنية المشترك اللفظي. فإن قلت يشكل هذا بالأبوين للأب والأم والقمرين للقمر والشمس. قلنا جاز أن نجعل الأم مسماة باسم الأب ادّعاء لقوة التناسب بينهما ثم يؤوّل الاسم بمعنى المسمّى به، ليحصل مفهوم متناول لهما، فيتجانسان، فيثنّى باعتباره، فيكون معنى الأبوين المسمّين بالأب وكذا الحال في الشمس بالنسبة إلى القمر، ويسمّى هذا بالتثنية التغليبي. فإن قلت فليعتبر مثل هذا في القرء أيضا بلا احتياج إلى ادعاء اسميته للطهر والحيض فإنه موضوع لهما حقيقة وليؤوّل بالمسمّى ليحصل مفهوم يتناولهما. قلنا لا شبهة في صحة هذا الاعتبار، لكن الكلام في جواز تثنيته بمجرد الاشتراك اللفظي بينهما، وهو الذي اختلف فيه. وبهذا الاعتبار صحّ تثنية الأعلام المشتركة حقيقة أو ادعاء وجمعها، فزيد مثلا إذا كان علما للكثيرين يؤول بالمسمّى بزيد ثم يثنّى ويجمع، وكذا عمر إذا صار علما ادعائيا لأبي بكر يؤوّل بالمسمّى بعمر ثم يثنّى ويجمع. وردّه البعض وقال الأولى أن يقال: الأعلام لكثرتها استعمالا وكون الخفة مطلوبة فيها يكفي لتثنيتها وجمعها مجرّد الاشتراك في الاسم، بخلاف أسماء الأجناس، فعلى هذا القول ينبغي أن لا يذكر في تعريف التثنية قيد من جنسه. هذا كله خلاصة ما في شروح الكافية.
فائدة:
قد يثنى الجمع أو اسم الجمع بتأويل الفريقين نحو الجمالين والقومين، وقد جاء المثنّى بلفظ الجمع مضافا إلى مثنى هو بعضه نحو فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما وفَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما ولا يقال أفراسكما لعدم البعضية، كذا في الوافي وحواشيه.

أَطَطَ

(أَطَطَ)
- فِيهِ «أَطَّتِ السَّمَاءُ وحُقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ» الأَطِيط صَوْتُ الْأَقْتَابِ. وأَطِيطُ الْإِبِلِ:
أصْوَاتُها وحَنِينُها. أَيْ أَنَّ كَثْرَةَ ما فيها من الملائكة قد أنقلها حَتَّى أَطَّتْ. وَهَذَا مَثَل وَإِيذَانٌ بِكَثْرَةِ الْمَلَائِكَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ َثم أَطِيطٌ، وَإِنَّمَا هُوَ كلامُ تَقْرِيبٍ أُرِيدَ بِهِ تَقْرِيرُ عَظَمَةِ اللَّهِ تَعَالَى.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ «العَرْش عَلَى مَنْكب إِسْرَافِيلَ، وَإِنَّهُ لَيَئِطُّ أَطِيطَ الرَّحْل الجديدِ» يَعْنِي كُوَر النَّاقة، أَيْ أَنَّهُ لَيَعْجِز عَنْ حَمْله وعَظَمَتِه، إِذْ كَانَ مَعْلُومًا أنَ أَطِيطَ الرّحل بالراكب إنما يكون لقوّة مافوقه وَعَجْزِهِ عَنِ احْتِمَالِهِ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ أُمِّ زَرْع «فجعلَني فِي أهْلِ أَطِيط وصَهِيل» أَيْ فِي أَهْلِ إِبِلٍ وخَيْل.
وَمِنْهُ حَدِيثُ الِاسْتِسْقَاءِ «لَقَدْ أَتَيْنَاكَ وَمَا لَنَا بَعِيرٌ يَئِطُّ» أَيْ يحنّ ويصيح، يريد مالنا بَعير أصلاً، لأن البعير لابُدَّ أَنْ يَئِطَّ.
وَمِنْهُ الْمَثَلُ «لَا آتِيكَ ماَ أَطَّتِ الْإِبِلُ» .
وَمِنْهُ حَدِيثُ عُتْبَة بْنِ غَزْوان «ليأتيَنَّ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ وقتٌ يَكُونُ لَهُ فِيهِ أَطِيطٌ» أَيْ صَوْت بالزِّحَام.
وَفِي حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ «كُنْتُ مَع أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِأَطِيط وَالْأَرْضُ فَضْفَاض» أَطِيط: موضعٌ بَيْنَ البَصْرة وَالْكُوفَةِ.

زحزح

زحزح
زحزحَ يزحزح، زحزحةً، فهو مُزحزِح، والمفعول مُزحزَح
• زحزح الرَّجلَ/ زحزح الرَّجلَ عن طريقه/ زحزح الرَّجلَ من طريقه: نحّاه وأبعده "زحزح الحجر من الطريق- الإيمان يزحزح الجبل [مثل]- {وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ} - {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ} ". 

تزحزحَ عن/ تزحزحَ من يتزحزح، تزحزُحًا، فهو مُتزحزِح، والمفعول مُتزحزَح عنه
• تزحزح عن مجلسه/ تزحزح من مجلسه: مُطاوع زحزحَ: تنحّى عنه وابتعد، انتقل أو تحرَّك تحرُّكًا ضئيلاً "دخل أستاذي فتزحزحت عن مجلسي إكرامًا له" ° لم يتزحزح عن رأيه قِيْد أُنْمُلةٍ/ شعرةٍ: تمسَّك به. 

زحزح


زَحْزَحَ
a. Took away, removed; shook.
ز ح ز ح

تزحزح له عن مجلسه. ومالي عنك متزحزح " فمن زحزح عن النار ".
ز ح ز ح : زَحْزَحَهُ فَتَزَحْزَحَ أَيْ بَاعَدَهُ فَتَبَاعَدَ وَتَزَحْزَحَ عَنْ مَجْلِسِهِ تَنَحَّى. 
(ز ح ز ح) : (زَحْزَحَهُ) فَتَزَحْزَحَ أَيْ بَاعَدَهُ فَتَبَاعَدَ وَدَخَلْتُ عَلَى فُلَانٍ فَتَزَحْزَحَ لِي عَنْ مَجْلِسِهِ أَيْ تَنَحَّى.
زحزح: زحزح: استعملت في المنصوري في غير معناها الأصلي أي أنها استعملت بمعنى هَزَّ (معجم المنصوري).
مُزَحْزَح: خفيف العقل، طائش، قليل الصبر، متهور (ألكالا)، وقد أضاف الاسم ازحزوح.
[زحزح] نه: من صام يومًا في سبيل الله "زحزحه" الله عن النار، أي نحاه عن مكانه وباعده منها مسافة تقطع في سبعين سنة. ومنه ح على لسليمان بن صرد لما حضره بعد فراغه من الجمل: "تزحزحت" وتربصت فكيف رأيت الله صنع. ومنه ح الحسن بن علي: كان إذا فرغ من الفجر لم يتكلم حتى تطلع الشمس وإن "زحزح" أي وإن أريد تنحيته عنه وأزعج وحمل على الكلام. ط: "زحزح" نفسه، أي نحاه. وفيه: جاء رجل "فتزحه، أي تنحى عن مكان هو فيه وأن تزحزح بيان لحقها، وفيه استحباب إكرام الداخل وإجلاسه في صدور المجلس.

بلي

(بلي) الثَّوْب بلَى وبلاء رث وَالدَّار وَنَحْوهَا فنيت

بلي


بَلَى(n. ac. بِلًى [ ])
a. Was worn out, used up, consumed.

أَبْلَيَa. Wore out, used up, consumed.

بِلْيa. see 21
بَاْلِيa. Worn out, wasted, decayed; consumed.

بَلِيّa. Wearied, jaded, exhausted.

بِلًى
a. Worn, wasted; wear; wear and tear.

بَلَى
a. Yes, Yea, verily.

بَمّ
P. (pl.
بُلُوْي)
a. Bass-note (music).
بِمَ
a. Why? Wherefore?

بِمَاأَن
a. Because.
ب ل ي : بَلِيَ الثَّوْبُ يَبْلَى مِنْ بَابِ تَعِبَ بِلًى بِالْكَسْرِ وَالْقَصْرِ وَبَلَاءً بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ خَلُقَ فَهُوَ بَالٍ وَبَلِيَ الْمَيِّتُ أَفْنَتْهُ الْأَرْضُ.

وَبَلَاهُ اللَّهُ بِخَيْرٍ أَوْ شَرٍّ يَبْلُوهُ بَلْوًا وَأَبْلَاهُ بِالْأَلِفِ وَابْتَلَاهُ ابْتِلَاءً بِمَعْنَى امْتَحَنَهُ وَالِاسْمُ بَلَاءٌ مِثْلُ: سَلَامٍ وَالْبَلْوَى وَالْبَلِيَّةُ مِثْلُهُ.

وَبَلَى حَرْفُ إيجَابٍ فَإِذَا قِيلَ مَا قَامَ زَيْدٌ وَقُلْتَ فِي الْجَوَابِ بَلَى فَمَعْنَاهُ إثْبَاتُ الْقِيَامِ وَإِذَا قِيلَ أَلَيْسَ كَانَ كَذَا وَقُلْتَ بَلَى فَمَعْنَاهُ التَّقْرِيرُ وَالْإِثْبَاتُ وَلَا تَكُونُ إلَّا بَعْدَ نَفْيٍ إمَّا فِي أَوَّلِ الْكَلَامِ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِمَّا فِي أَثْنَائِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {أَيَحْسَبُ الإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ} [القيامة: 3] {بَلَى} [القيامة: 4] وَالتَّقْدِيرُ بَلَى نَجْمَعُهَا وَقَدْ يَكُونُ مَعَ النَّفْيِ اسْتِفْهَامٌ وَقَدْ لَا يَكُونُ كَمَا تَقَدَّمَ فَهُوَ أَبَدًا يَرْفَعُ حُكْمَ النَّفْيِ وَيُوجِبُ نَقِيضَهُ وَهُوَ الْإِثْبَاتُ.

وَقَوْلُهُمْ لَا أُبَالِيه وَلَا أُبَالِي بِهِ أَيْ لَا أَهْتَمُّ بِهِ وَلَا أَكْتَرِثُ لَهُ وَلَمْ أُبَالِ وَلَمْ أُبَلِ لِلتَّخْفِيفِ كَمَا حَذَفُوا الْيَاءَ مِنْ الْمَصْدَرِ فَقَالُوا لَا أُبَالِيه بَالَةً وَالْأَصْلُ بَالِيَةٌ مِثْلُ: عَافَاهُ مُعَافَاةً وَعَافِيَةً قَالُوا وَلَا تُسْتَعْمَلُ إلَّا مَعَ الْجَحْدِ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُهُمْ تُبَالِي الْقَوْمُ إذَا تَبَادَرُوا إلَى الْمَاءِ الْقَلِيلِ فَاسْتَقَوْا فَمَعْنَى لَا أُبَالِي: لَا أُبَادِرُ إهْمَالًا لَهُ وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ مَا بَالَيْتُ بِهِ مُبَالَاةً وَالِاسْمُ الْبِلَاءُ وِزَانُ كِتَابٍ وَهُوَ الْهَمُّ الَّذِي تُحَدِّثُ بِهِ نَفْسَكَ. 
[ب ل ي] بَلِيَ الثَّوْبُ بِلىً وَبَلاءً وَأَبْلاهُ هُو قالَ

(والمرءُ يُبْلِيهِ بَلاَءَ السِّربَالْ ... )

أَرَادَ إِبْلاءَ السَّرْبْاَلِ أَو أَرَادَ فَيَبْلَى بَلاءَ السَّرْبَالْ وَبَلاهُ كأَبْلاهُ قالَ العُجَيْرُ السَّلُولِيُّ

(وَقَائِلَةٍ هذا العُجَيْرُ تَقَلَّبَتْ ... بِهِ أَبْطُنٌ بَلَّيْنَهُ وظُهُورُ)

(رَأَتْنِي تَحَادَبْتُ وَمنْ يَكُنْ ... فَتًى عَامَ عَامَ الماءِ فهو كَبِيرُ)

وقالَ ابنُ أَحْمَرَ

(لَبِسْتُ أَبِي حَتَّى تَمَلَّيْتُ عُمْرَهُ ... وَبَلَّيْتُ أَعْمَامِيْ وَبَلَّيْتُ خَالِيَا)

يُرِيدُ أَنِّي عِشْتُ المُدَّةَ الَّتِي عَاشَهَا أَبِي وقِيلَ عَامَرْتُهُ طُوْلَ حَيَاتِهِ وَبَلاَّهُ السَّفَرُ وَبَلَّى عَلَيْهِ أَنشدَ ابن الأَعْرَابِيّ

(قَلُوصَانِ عَوْجَاوَانِ بلى عَلَيْهِمَا ... دَءُوْبُ السُّرَى ثُمَّ اقْتِرَاحُ الهَوَاجِر)

وَأَبْلاهُ كذلِكَ وَفُلانٌ بِلْيُ أَسْفَارٍ إِذَا كانَ قَدْ بَلاَّه السَّفَرُ والهَمُّ وَنَحْوُهُمَا وَجَعَلَ ابنُ جِنِّيٍّ اليَاءَ في هَذَا بَدَلاً مِنَ الوَاوِ وَلِضَعْفِ حَجْرِ اللامِ كَمَا تَقَدَّمَ في قَوْلِهِم فُلانٌ مِنْ عِلْيَةِ النَّاسِ وَهُوَ بِذِي بَلَّيْ وبِلَّيْ وَبَلِيٍّ وَبِلِيٍّ وَبِلِّيَانٍ وَبَلَيَانٍ بِفَتْحِ البَاءِ واللامِ إِذَا بَعُدَ عَنْكَ حَتَّى لا تَعْرِفَ مَوْضِعَهُ وَقَالَ ابنُ جِنِّيٍّ قَوْلُهُم أَتَى عَلَى ذِي بِلِّيَانَ غَيْرُ مَصْرُوفٍ هُوَ عَلَمٌ للبُعْدِ وَقَوْلُه

(يَنَامُ وَيَذْهَبُ الأَقْوَامُ حَتَّى ... يُقَالَ أَتَوا عَلَى ذِي بِلَيَانٍ)

فَإِنَّهُ صَرَفَهُ عَلَى مَذْهَبِهِ للضَّرُورَةِ وفي حَدِيثِ خَالِدِ بن الوَلِيد إِذَا كانَ النَّاسُ بِذِي بَلِيٍّ أَرَادَ تَفَرُّقَهُمْ وَأَنْ يَكُونُوا طَوَائِفَ والبَلِيَّةُ النَّاقَةُ يَمُوتُ رَبُّهَا فَتُشَدُّ عند قَبْرِه حَتَّى تَمُوتَ وَتَبْلَى وبَلِيٌّ اسمُ قَبِيْلَةٍ
بلي
: (ي} بَلِيَ الثَّوْبُ، كرَضِيَ، {يَبْلَى) .
(قالَ شيْخُنا: جَرَى على خِلافِ قواعِدِه فإنَّه وَزَنَ الفِعْل برَضِيَ فدَلَّ على أنَّه مَكْسورُ المَاضِي مَفْتوحُ المُضارِع، ثمَّ أَتْبَعَه بالمُضارِعِ فدَلَّ على أنَّه كضَرَبَ، وَالثَّانِي لَا قائِلَ بِهِ، فَهِيَ زِيادَةٌ مفسدَةٌ.
(} بِلىً) ، بالكسْرِ والقَصْرِ، ( {وبَلاءً) ، بالفتْحِ والمدِّ وقَضيَّة يَقْتَضي الفَتْح فيهمَا وليسَ كَذلِكَ.
قالَ الجَوْهريُّ: إنْ كَسَرْتَها قَصَرْتَ، وَإِن فَتَحْتَها مَدَدْتَ.
قُلْتُ: ومثْلُه القِرَى والقَراءُ والصِّلى والصَّلاءُ.
(} وأبْلاهُ هُوَ) ؛) وأَنْشَدَ الجَوْهرِيُّ للعجَّاجِ: والمَرْءُ {يُبْلِيهِ} بَلاءَ السِّرْبالْ
كرُّ اللَّيَالِي واخْتِلافُ الأَحْوالْويقالُ للمُجِدِّ: {أَبْلِ ويُخْلِفُ الله.
قُلْتُ: وقَوْلُ العجَّاجِ: بَلاءَ السِّرْبالْ، أَي} إبْلاء السِّرْبال، أَو فيَبْلى بَلاءَ السِّرْبال.
( {وبَلاَّهُ) ، بالتَّشْديدِ؛ وَمِنْه قولُ العُجَيْر السَّلولي:
وقائِلَةٍ هَذَا العُجَيْرُ تَقَلَّبَتْ
بهِ أَبْطُنٌ} بَلَّيْنَهُ وظُهوررَأَتنِي تَجاذَبْتُ العَدَاةَ ومَنْ يَكُنْ
فَتىً عامَ عامَ عَام فَهْوَ كَبيروأَنْشَدَ ابنُ الأعْرابيِّ:
قَلُوصانِ عَوْجاوانِ {بَلَّى عَليهِما
دُؤوبُ السُّرَى ثمَّ اقْتِداحُ الهَواجِر (وَفُلَان} بلْيُ أَسْفارِ {وبلْوُها) ، بكسْر الباءِ فيهمَا: (أَي} بَلاَهُ الهَمُّ والسَّفَرُ والتَّجارِبُ) .
(وَالَّذِي فِي الصِّحاحِ والأَساسِ: ناقَةٌ {بِلْوُ سَفَرٍ} وبِلْيُ سَفَرٍ للَّتي قد {أَبْلاَها السَّفَرُ؛ والجَمْعُ} أَبْلاءٌ؛ وأَنْشَدَ الأَصْمعيُّ:
ومَنْهَلٍ من الأَنِيس نائي شَبيهِ لَوْنِ الأَرْضِ بالسَّماءِ داوَيْتُه برُجَّعٍ أَبْلاءِ قُلْتُ: وَهُوَ قَوْلُ جَنْدَل بنِ المُثَنَّى.
زادَ ابنُ سِيدَه: وكَذلِكَ الرَّجُلُ والبَعيرُ.
فكأنَّ المصنِّفَ أَخَذَه مِن هُنَا، وزادَ كابنِ سِيدَه الهَمّ والتَّجارِبَ وَلم يَشِرْ إِلَى الناقَةِ أَو البَعيرِ، وَلَا إِلَى الجَمْعِ وَهُوَ قُصُورٌ. كَمَا أنَّ الجَوْهرِيَّ لم يَذْكر الرّجلَ واقْتَصَر على {بَلاهُ السَّفَر.
(و) رجُلٌ (} بِلْيُ شَرَ) أَو خَيْرٍ ( {وبِلْوُهُ) :) أَي (قَوِيٌّ عَلَيْهِ} مُبْتَلىً بِهِ.
(و) هُوَ ( {بِلْوٌ} وبِلْيٌ مِن {أَبْلاءِ المالِ) :) أَي (قَيِّمٌ عَلَيْهِ) ؛) يقالُ ذلِكَ للرَّاعي الحَسَنِ الرِّعْيَة، وكَذلِكَ هُوَ حِبْلٌ مِن أَحْبالِها، وعِسْلٌ مِن أَعْسالِها؛ وزِرٌّ مِن أَزْرارِها؛ قالَ عمرُ بن لَجأٍ:
فصادَفَتْ أَعْصَلَ من} أَبْلائِها
يُعْجِبُه النَّزْعَ إِلَى ظمائِهاقُلِبَتِ الواوُ فِي كلِّ ذلِكَ يَاء للكسْرَةِ، وضعْفِ الحاجِزِ فصارَتِ الكسْرَةُ كأَنَّها باشَرَتِ الواوَ.
قالَ ابنُ سِيدَه: وجَعَلَ ابنُ جنِّي الياءَ فِي هَذَا بَدَلا مِن الواوِ لضعْفِ حجزِ اللامِ كَمَا سيُذْكَر فِي قوْلِهم: فلانٌ من عِلْيَةِ الناسِ.
(و) يقالُ: (هُوَ بِذِي {بَلَّى، كحَتَّى) ، الجارَّةِ، (وإلاَّ) الاسْتِثْنائِيَّة، (ورَضِيَ ويُكْسَرُ،} وبَلَيانٍ، محرَّكةً، و) بِذِي {بِلِيَّانٍ، (بكَسْرَتَيْن مُشددةَ الثَّالثِ) ، وَكَذَا بتَشْديدِ الثَّانِي وَقد مَرَّ فِي اللامِ؛ وأَنْشَدَ الكِسائيُّ فِي رجلٍ يطيلُ النَّومَ:
تَنامُ ويَذْهَبُ الأَقْوامُ حَتَّى
يُقالَ أَتَوْا على ذِي} بِلّيان ِيقالُ ذلِكَ (إِذا بَعُدَ عَنْك حَتَّى لَا تَعْرِفَ مَوْضِعَهُ) .
(وقالَ الكِسائيُّ فِي شرْحِ البيتِ المَذْكورِ: يعْنِي أنَّه أَطالَ النَّوْمَ ومَضَى أَصْحابُه فِي سَفَرِهم حَتَّى صارُوا إِلَى المَوْضِعِ الَّذِي لَا يَعْرِف مَكانَهم مِن طُولِ نَوْمِه.
قالَ ابنُ سِيدَه: وصَرَفَه على مَذْهَبِه.
وقالَ ابنُ جنِّي قَوْلُهم أَتَى على ذِي بِلِيَّانَ غَيْر مَصْروفٍ وَهُوَ عَلَم البعدِ.
وَفِي حدِيث خالِدِ بن الوَلِيدِ: (وَلَكِن ذاكَ إِذا كانَ الناسُ بِذِي {بَلِيٍّ وذِي بَلّى) .
قالَ أَبو عبيدٍ: أَرادَ تفرّقَ الناسِ وأَن يكُونوا طَوائِفَ وفِرقاً مَعَ غيرِ إمامٍ يَجْمعُهم، وكَذلِكَ كُلّ مَنْ بَعُدَ عنْكَ حَتَّى لَا تَعْرِفَ مَوْضِعَه فَهُوَ بذِي بلّيَ، وجعلَ اشْتِقاقَه مِن بَلَّ الأَرض: إِذا ذَهَبَ، أَرادَ ضِياعَ أُمورِ الناسِ بَعْده؛ وَقد ذُكِرَ هَذَا الحدِيثُ فِي بثن، وتقدَّمَ زِيادَة تَحْقيق فِي بَلل.
وقالَ ابنُ الأعْرابيِّ: يقالُ: فلانٌ بِذِي بِليَ وذِي} بِليَّان إِذا كانَ ضائِعاً بعِيداً عَن أَهْلِه.
( {والبَلِيَّةُ) ، كغنِيَّةٍ: (النَّاقَةُ) الَّتِي (يموتُ رَبُّها فَتُشَدُّ عندَ قبرِهِ) فَلَا تُعْلَفُ وَلَا تُسْقَى (حَتَّى تموتَ) جُوعاً وعَطَشاً، أَو يُحْفَرُ لَهَا وتُتْرَكُ فِيهَا إِلَى أَنْ تَموتَ، لأنَّهم (كَانُوا يقولونَ: صاحِبُها يُحْشَرُ عَلَيْهَا) .
(وَفِي الصِّحاحِ: كَانُوا يزْعمُونَ أنَّ الناسَ يُحْشَرُونَ ركباناً على} البَلايَا، ومُشاةً إِذا لم تُعْكَس مَطايَاهُم عنْدَ قُبورِهم، انتَهَى.
وَفِي حدِيثِ عبْدِ الرزَّاقِ: كَانُوا فِي الجاهِلِيَّةِ يَعْقِرُونَ عندَ القبْرِ بَقَرةً أَو ناقَةً أَو شَاة ويُسمُّونَ العَقِيرَةَ! البَلِيَّة.
وقالَ السَّهيلي: وَفِي فِعْلِهم هَذَا دَلِيلٌ على أنَّهم كَانُوا يرونَ فِي الجاهِلِيَّةِ البَعثَ والحَشْرَ بالأَجْسادِ، وهُم الأَقَلّ، وَمِنْهُم زُهَيْرٌ.
وأَوْرَدَ مثْلَ ذلِكَ الخطابيُّ وغيرُهُ. (وَقد {بُلِيَتْ، كعُنِيَ) ، هَكَذَا فِي النسخِ، وَالَّذِي فِي المُحْكَم: قالَ غَيْلان الرَّبعِيّ:
باتَتْ وباتُوا} كَبَلايا {الأَبْلاءْ
مطلنفئين عِندَها كالأَطْلاءيَصِفُ حَلْبَة قادَها أَصْحابُها إِلَى الغايَةِ، وَقد بُلِيَتْ، فقَوْلُه: وَقد} بُلِيَتْ إنَّما مرْجعُ ضَمِيره إِلَى الحَلْبة لَا إِلَى البَلِيَّة كَمَا زَعَمَه المصنِّف، فتأَمَّل ذلِكَ.
( {وبَلِيٌّ، كرَضِيَ؛) قالَ الجَوْهرِيُّ: فَعِيل؛ (قَبيلَةٌ م) مَعْروفَةٌ، وَهُوَ ابنُ عَمْرو بن الحافي بن قُضاعَةَ، (وَهُوَ} بَلَوِيٌّ) ، كعَلَوِيَ، مِنْهُم فِي الصَّحابَةِ، وَمن بعْدِهم خَلْقٌ كَثيرٌ يُنْسَبُونَ هَكَذَا.
( {وبَلْيانَةُ) ، بفتْحٍ فسكونٍ: (د بالمَغْرِبِ) .) وضَبَطَه الصَّاغانيُّ بالكسْرِ، وقالَ: بالأَنْدَلُسِ.
(} وابْتَلَيْتُهُ: اخْتَبَرْتُه) وجَرَّبْتُه.
(و) {ابْتَلَيْتُ (الرَّجُلَ} فأَبْلانِي) :) أَي (اسْتَخْبَرْتُه فأَخْبَرَني) .
(قالَ ابنُ الأعْرابيِّ: {أَبْلَى بمعْنَى أَخْبَرَ؛ وَمِنْه حدِيثُ حذيفَةَ: (لَا} أُبْلي أَحداً بَعْدَك أَبَداً) ، أَي لَا أُخْبِرُ، وأَصْلُه مِن قَوْلِهم: أَبْلَيْتُ فلَانا يَمِيناً.
(و) {ابْتَلَيْتُه: (امْتَحَنْتُه واخْتَبَرْتُه) ؛) هَكَذَا فِي النسخِ والصَّوابُ: اخْتَرْتُه؛ وَمِنْه حدِيثُ حذيفَةَ: (أَنَّه أُقِيمَتِ الصَّلاةُ فتَدَافَعُوها فتَقَدَّمَ حديفةُ فلمَّا سَلَّم مِن صلاتِهِ قَالَ:} لتَبْتَلُنَّ لَهَا إِمَامًا أَو لتُصَلُّنَّ وُحْداناً) .
قالَ شَمِرٌ: أَي لتَخْتارُنَّ لَهَا إِمَامًا، وأَصْلُ {الابْتِلاءِ الاخْتِبار؛ (} كَبَلَوْتُه {بَلْواً} وبَلاءً) .
(قالَ الرَّاغبُ: وَإِذا قيلَ ابتلى فلانٌ كَذَا! وأَبَلاَهُ فذلِكَ يَتَضَمَّنُ أَمْرَيْن: أَحَدُهما: تَعَرّفُ حالهُ والوُقُوفُ على مَا يُجْهَلُ مِن أَمْرِه؛ وَالثَّانِي: ظهورُ جودَتِه ورَداءَتِه، ورُبَّما قُصِدَ بِهِ الأَمْران، ورُبَّما يُقْصَدُ بِهِ أَحَدُهما، فَإِذا قيلَ فِي الله {بَلَى كَذَا أَو} ابْتَلاه، فليسَ المُراد مِنْهُ إلاَّ ظُهُور جودَتِه ورَداءَته دونَ التَّعرُّفِ لحالِهِ والوُقُوفِ على مَا يجهَلُ مِنْهُ، إِذْ كانَ اللَّهُ علاَّمَ الغُيوبِ، وعَلى هَذَا قَوْلُه تَعَالَى: {وَإِذا {ابْتَلَى إِبْرَاهِيم ربه بكلماتٍ فأَتَمَّهُنَّ} .
(والاسْمُ} البَلْوَى {والبَلِيَّةُ) ، كغَنِيَّةٍ؛ كَذَا بخطِّ الصّقليّ فِي نسخةِ الصِّحاحِ، وبخطِّ أَبي زكريَّا} البِلْيَة بالكسْرِ؛ ( {والبِلْوَةُ، بالكسْرِ) كَمَا فِي الصِّحاحِ أَيْضاً، وجَمَعَ بعيْنهما ابنُ سِيدَه زادَ:} والبَلاءُ.
(والبَلاءُ: الغَمُّ كأنَّه {يُبْلي الجِسْمَ) ، نَقَلَهُ الرَّاغبُ؛ قالَ: (والتَّكْليفُ} بَلاءٌ) مِن أَوْجُهٍ، (لأنَّه شاقٌّ على البَدَنِ) ، فصارَ بِهَذَا الوَجْه بَلاءٌ، (أَو لأنَّه اخْتِبارٌ) ، وَلِهَذَا قالَ تَعَالَى: { {ولنَبْلونَّكُم حَتَّى نَعْلَم المُجاهِدِينَ منْكُم والصَّابِرِين} ؛ أَو لأنَّ اخْتِبارَ اللَّهِ العِبادَ تارَةً بالمَسَار ليَشْكرُوا وتارَةً بالمَضارِّ ليَصْبُروا.
(و) لهَذَا قَالُوا: (} البَلاءُ يكونُ مِنْحَةً ويكونُ مِحْنَةً) ، فالمِحْنَةُ مُقْتَضِيةٌ للصَّبْرِ، والمِنْحَةُ أَعْظَمَ {البَلاءَيْنِ. وَبِهَذَا النَّظَرِ قالَ عُمَرُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ: (} بُلِينا بالضَّرَّاءِ فصَبَرْنا! وبُلِينا بالسَّرَّاءِ فَلم نَصْبر) . وَلِهَذَا قالَ عليٌّ، رضِيَ اللَّهُ عَنهُ: (مَنْ وسِّع عَلَيْهِ دُنْياهُ فَلم يَعْلَم أنَّه مَكْرٌ بِهِ فَهُوَ مَخْدوعٌ عَن عَقْلِه) .
وقالَ تَعَالَى: { {ونَبْلُوكُم بالشَّرِّ والخَيْر فِتْنَة} ، {} - وليُبليَ المُؤْمِنِين مِنْهُ بَلاءً حَسَناً} ؛ وقَوْلُه: {وَفِي ذَلِكُم بَلاءٌ مِن رَبِّكم عَظِيمٌ} ، رَاجِعٌ إِلَى الأَمْرَيْن: إِلَى المِحْنَةِ الَّتِي فِي قوْلِه: {يذبحون أَبْناءَكُمْ} ، الآيَة؛ وَإِلَى المِنْحَة الَّتِي أَنْجاهُم، وكَذلِكَ قَوْلُه تَعَالَى: {وآتَيْناهُم مِن الآياتِ مَا فِيهِ بَلاءٌ مُبِينٌ} ، راجِعٌ إِلَى الأَمْرَين، كَمَا وَصَفَ كتابَه بقَوْله: {قُلْ هُوَ للَّذين آمَنُوا هُدىً} ، الآيَة، انتَهَى.
(و) يقولونَ: (نَزَلَتْ {بَلاءٍ) على الكُفَّارِ، (كقَطامِ، أَي البَلاءُ) .
قالَ الجَوْهرِيُّ: حَكَاهُ الأَحْمر عَن العَرَبِ.
(} وأَبْلاهُ عُذْراً: أَدَّاهُ إِلَيْهِ فَقَبِلَهُ) ؛ وقيلَ: بَيَّنَ وَجْهَ العذْرِ ليُزِيلَ عَنهُ اللّومَ؛ وكَذلِكَ {أَبْلاهُ جُهده ونائِلَهُ.
وَفِي الأساسِ: وحَقِيقَتُه جَعَله بالِياً لعُذْرِه، أَي خَابِراً لَهُ عالِماً بكُنْهِه.
وَفِي حدِيثِ برِّ الوَالِدَيْن: (} أَبْلِ الله تَعَالَى عُذْراً فِي بِرّها) أَي أَعْطِه وأَبْلِغ العُذْرَ فِيهَا إِلَيْهِ، المعْنَى أَحْسِن فيمَا بَيْنك وبَيْنَ اللَّهِ ببِرِّك إيَّاها.
(و) {أَبْلَى (الرَّجُلَ) يَمِيناً} إِبلاءً (أَحْلَفَهُ و) أَبْلَى الرَّجُلَ: (حَلَفَ لَهُ) فطَيَّبَ بهَا نَفْسَه؛ قالَ الشاعِرُ:
وَإِنِّي {لأُبْلِي الناسَ فِي حُبِّ غَيْرها
فأَمَّا على جُمْلٍ فإنيَ لَا} أُبْلي أَي أَحْلف للناسَ إِذا قَالُوا هَل تحبُّ غَيْرها أَنِّي لَا أُحبُّ غَيْرَها، فأَمَّا عَلَيْهَا فَإِنِّي لَا أَحْلف؛ وقالَ أَوْس:
كأنَّ جَدِيدَ الأَرضِ {يُبْلِيكَ عَنْهُمُ
تَقِيُّ اليَمِينِ بَعْدَ عَهْدِكَ حالِفُأَي يَحْلفُ لَكَ جَدِيدُ الأَرضِ أنَّه مَا حَلَّ بِهَذِهِ الدارِ أَحَدٌ لدُرُوسِ مَعاهِدِها؛ وقالَ الراجزُ:
فَأَوْجِع الجَنْبَ وأَعْرِ الظَّهْرا
أَو} يُبْلِيَ الله يَمِيناً صَبْرَا فَهُوَ (لازِمٌ مُتَعَدَ.
( {وابْتُلِيَ: اسْتُحْلِفَ واسْتُعْرِفَ) ؛ قالَ الشَّاعِرُ:
تُبَغّي أَباها فِي الرِّفاقِ} وتَبْتَلِي
وأَوْدَى بِهِ فِي لُجَّةِ البَحْرِ تَمْسَحُأَي تَسْأَلُهم أَنْ يَحْلفُوا لَهَا، وتقولُ لَهُم: ناشَدْتُكم اللَّهَ هَل تَعْرِفُونَ لأَبي خَبراً؟
وقالَ أَبو سعيدٍ: تَبْتَلِي هُنَا تَخْتَبِر؛ {والابْتِلاءُ: الاخْتِبارُ بيَمِينٍ كانَ أَو غَيْرها؛ وقالَ آخَرُ:
تُسائِلُ أَسْماءُ الرِّفاقَ وتَبْتَلي
ومِنْ دُونِ مَا يَهْوَيْنَ بابٌ وحاجبُ (و) يقالُ: (مَا} أُبالِيه {بالَةً} وبِلاءً) ، بالكسْرِ والمدِّ، ( {وبالاً} ومُبالاةً) .
قالَ ابنُ دُرَيْدٍ: {البَلاءُ هُوَ أَنْ يقولَ لَا أُبالِي مَا صَنَعْتُ} مُبالاةً {وبِلاءً، وليسَ هُوَ مِن بَلِيَ الثَّوبُ.
وَفِي كَلامِ الحَسَن: لم} يُبالِهِمْ اللَّهُ بالَةً.
وقوْلُهم: مَا! أُبالِيهِ، (أَي مَا أَكْتَرِثُ) لَهُ.
قالَ شيْخُنا: وَقد صَحَّحوا أنَّه يَتَعدَّى بالباءِ أَيْضاً كَمَا قالَهُ البَدْرُ الدّمامِيني فِي حواشِي المغْنِي، انتَهَى.
أَي يُقالُ: مَا {بالَيْتُ بِهِ، أَي لم أَكْتَرِثْ بِهِ؛ وَبِهِمَا رُوِي الحدِيثُ: (وتَبْقَى حُثالَةٌ لَا} يُبالِيهمُ اللَّهُ {بالةً) ؛ وَفِي رِوايَةٍ: (لَا} يُبالِي بِهمْ بالَةً) .
وَلَكِن صَرَّحَ الزَّمَخْشريّ فِي الأساسِ: أنَّ الأُولى أَفْصَح، وفَسَّر {المُبالاةَ هُنَا بعَدَمِ الإكْتِراثِ؛ ومَرَّ لَهُ فِي الثاءِ تَفْسِيره بعَدَمَ المُبالاةِ، والأكْثَر فِي اسْتِعْمالِهما لازِمَيْن للنَّفْي، والمعْنَى: لَا يَرْفع لَهُم قَدْراً وَلَا يُقيمُ لَهُم وَزْناً.
وَجَاء فِي الحدِيثِ: (هَؤُلَاءِ فِي الجنَّةِ وَلَا} أُبالِي وَهَؤُلَاء فِي النارِ وَلَا أُبالي.
وحَكَى الأزْهرِيُّ عَن جماعَةٍ مِن العُلماءِ أَنَّ مَعْناه لَا أَكْرَه.
قالَ الزَّمَخْشرِيُّ: وقيلَ لَا {أُبالِيهِ: قَلْبُ لَا أُبَاوِلُه مِن البَالِ أَي لَا أَخْطِرهُ ببَالِي وَلَا أُلْقِي إِلَيْهِ بَالا.
قالَ شيْخُنا:} وبالَةُ قيلَ: اسمُ مَصْدَرٍ، وقيلَ: مَصْدَر {كالمُبالاةِ؛ كَذَا فِي التَوْشيحِ.
قُلْتُ: ومَرَّ عَن ابنِ دُرَيْدٍ مَا يُشِيرُ إِلَى أنَّه مَصْدرٌ؛ قالَ ابنُ أَحْمر:
وشَوْقاً لَا} يُبالِي العَيْنَ بَالا (و) قَالُوا: (لم {أُبالِ وَلم} أُبَلْ) ، حَذَفُوا الألفَ تَخْفِيفاً لكَثْرةِ الاسْتِعْمالِ، كَمَا حَذَفُوا الياءَ مِن قوْلِهم لَا أَدْرِ، وكَذلِك يَفْعلُونَ فِي المَصْدَرِ فيَقُولونَ مَا {أُبالِيهِ بالَةً، والأصْلُ} بالِيَةً، مثْل عَافَاهُ اللَّهُ عافِيَةً، حَذَفُوا الياءَ مِنْهَا بِنَاء على قَوْلِهم لم أُبَلْ، وليسَ مِن بابِ الطاعَةِ والجابَةِ والطاقَةِ؛ كَذَا فِي الصِّحاحِ.
قالَ ابنُ بَرِّي: لم تُحْذَفِ الأَلفُ مِن قَوْلِهم: لم أُبَل تَخْفِيفاً، وإنَّما حُذِفَتْ لالْتِقاءِ الساكِنَيْنِ.
وَفِي المُحْكَم: قالَ سِيْبَوَيْه: وسَأَلْتُ الخَلِيلَ عَن قَوْلِهِم لم أُبَلْ فقالَ: هِيَ من {بالَيْتُ، ولكنَّهم لمَّا أَسْكَنُوا اللامَ حَذَفُوا الأَلِفَ لئَلاَّ يَلْتَقِي ساكِنانِ، وإنَّما فَعَلُوا ذلِكَ بالجَزْمِ لأنَّه مَوْضِعُ حَذْفٍ، فلمَّا حَذَفُوا الياءَ، الَّتِي هِيَ مِن نَفْسِ الحَرْفِ بَعْد اللامِ، صارَتْ عنْدَهُم بمنْزِلَةِ نونِ يكنْ حيثُ أُسْكِنَتْ، فإسْكانُ اللامِ هُنَا بمنْزِلَةِ حَذْف النونِ مِن يكنْ، وإنَّما فَعَلُوا هَذَا بِهَذَيْنِ حَيْثُ كَثُرَ فِي كَلامِهم حَذْفُ النونِ والحَرَكاتِ، وذلِكَ نَحْو مُذْ ولد، وإنَّما الأَصْلُ مُنْذ ولدن، وَهَذَا مِن الشَّواذ وليسَ ممَّا يُقاسُ عَلَيْهِ، (و) زَعَمَ أَنَّ نَاسا مِنَ العَرَبِ قَالُوا: (لم} أُبَلِ، بكسْرِ الَّلامِ) ، لَا يزيدُونَ على حَذْفِ الأَلفِ كَمَا حَذَفُوا عُلَبِطاً، حيثُ كَثُرَ الحَذْفُ فِي كَلامِهم، وَلم يَحْذفُوا لَا أُبالِي لأَنَّ الحَذْفَ لَا يَقْوَى هُنَا وَلَا يلزَمُه حَذْف، كَمَا أنَّهم إِذْ قَالُوا لم يكن الرَّجُل فكانتْ فِي مَوْضِع تحرّك لم تُحْذَفْ، وجَعَلُوا الأَلفَ تثبتُ مَعَ الحَرَكَةِ، أَلا تَرى أَنَّها لَا تُحْذَفُ فِي أُبالِي فِي غَيْرِ مَوْضِع الجَزْمِ، وإنَّما يحذفُ فِي المَوْضِعِ الَّذِي تُحْذَفُ مِنْهُ الحركَةُ.
( {والأَبْلاءُ: ع) .
وقالَ ياقوتُ، اسمُ بئْرٍ.
وقالَ ابنُ سِيدَه: وليسَ فِي الكَلامِ اسمٌ على أَفْعال إلاَّ الأَنْبارِ والأَبْواء والأَبْلاء.
(و) } أُبْلَى، (كحُبْلَى: ع بالمَدينَةِ) بينَ الأَرْحَضية وقُرَّانَ؛ هَكَذَا ضَبَطَه أَبو نُعَيمٍ وفَسَّره.
وقالَ عَرَّامٌ: تمْضِي مِن المدينَةِ مُصْعداً إِلَى مكَّةَ فتميلُ إِلَى وادٍ يقالُ لَهُ عُرَيْفِطان، وحِذاءَهُ جِبالٌ يقالُ لَهَا أُبْلَى فِيهَا مِياهٌ مِنْهَا بِئْر مَعُونَةَ وذُو ساعِدَةَ وذُو جَماجِم والوَسْبَا، وَهَذِه لبَني سُلَيْم وَهِي قِنانٌ مُتَّصِلَةٌ بعضُها ببعضٍ؛ قالَ فِيهَا الشاعِرُ:
أَلا لَيْتَ شِعْري هَل تغير بَعْدَنا
أَرُوم فآرام فشَابَة فالحَضْرُوهل تركتْ أُبْلَى سوادَ جِبالها
وَهل زالَ بَعْدِي عَن قنيته الحِجْرُ؟ (! وبَلَى: جَوابُ اسْتِفْهامٍ مَعْقُودٍ بالجَحْدِ) ؛ وَفِي الصِّحاحِ: جَوابٌ للتَّحْقِيقِ؛ (تُوجِبُ مَا يقالُ لَك) ، لأنَّها ترك للنَّفْي، وَهِي حَرْفٌ لأَنَّها نَقِيضةُ لَا.
قالَ سِيْبَوَيْه: ليسَ بَلَى ونَعَم اسْمَيْن، انتَهَى.
وقالَ الرَّاغبُ: بَلَى رَدٌّ للنَّفْي، نَحْو قَوْله تَعَالَى: {وَقَالُوا لن تَمسَّنا النَّار} ، الآيَةُ، {بَلَى مِن كسب سَيِّئَة} ؛ وجوابٌ لاسْتِفْهامٍ مُقْتَرنٍ بنَفْيٍ نَحْو: {أَلَسْتُ برَبِّكم؟ قَالُوا: بَلَى} ؛ ونَعَم يقالُ فِي الاسْتِفْهامِ نَحْو {هَل وَجَدْتُم مَا وَعَد رَبّكم حَقّاً؟ قَالُوا: نَعَم} ، وَلَا يُقالُ هُنَا بَلَى، فَإِذا قيلَ: مَا عنْدِي شيءٌ، فقُلْتُ بَلَى، فَهُوَ رَدُّ لكَلامِه، فَإِذا قُلْت نَعَم فإقْرارٌ منْكَ، انْتَهَى.
وقالَ الأَزْهرِيُّ: إنَّما صارَتْ بَلَى تَتَّصِل بالجَحْدِ لأنَّها رجوعٌ عَن الجَحْدِ إِلَى التّحْقِيقِ، فَهُوَ بمنْزِلَةِ بَلْ، وبَلْ سَبِيلُها أَنْ تأْتي بَعْدَ الجَحْدِ كقَوْلِكَ: مَا قامَ أَخُوكَ بَلْ أَبُوكَ، وَإِذا قالَ الرَّجُلُ للرَّجُلِ أَلا تَقومُ؟ فَقَالَ لَهُ: بَلَى، أَرادَ: بَلْ أَقُومُ، فزادُوا الألِفَ على بَلْ ليحسن السُّكوتُ عَلَيْهَا، لأنَّه لَو قالَ بَلْ كانَ يتوقَّعُ كَلاماً بَعْد بَلْ، فَزادُوا الألِفَ ليزولَ عَن المخاطبِ هَذَا التَّوهُّم.
وقالَ المبرِّدُ: بَلْ حكمُها الاسْتِدْراك أَيْنما وَقَعَتْ فِي جَحْدٍ أَو إِيجابٍ، وبَلَى يكونُ إِيجَابا للنَّفْي لَا غَيْر.
قالَ ابنُ سِيدَه: وَقد قيلَ إنَّ الإمالَةَ جائِزَةٌ فِي بَلَى، فَإِذا كانَ ذلِكَ فَهُوَ مِن الياءِ.
وقالَ بعضُ النَّحْوِيين: إنَّما جازَتِ الإمالَةُ فِي بَلَى لأنَّها شابَهَتْ بتَمامِ الكَلامِ واسْتِقلالِه بهَا وغِنائِها عمَّا بَعْدَها كالأَسْماءِ المُسْتَقِلّةِ بأَنْفُسِها، فَمن حَيْثُ جازَتْ إمالَةُ الأسْماءِ جازَتْ أَيْضاً إمالَةُ بَلَى، كَمَا جازَتْ فِي أَي وَمَتى.
( {وابْلَوْلَى العُشْبُ: طالَ واسْتَمْكَنَتْ مِنْهُ الإِبِلُ.
(و) قوْلُهم: (بِذِي} بُلَّى، كرُبَّى) ، مَرَّ ذِكْرُه (فِي الَّلامِ) ، وَكَذَا بَقِيَّة لُغاتِها.
وممَّا يُسْتدركُ عَلَيْهِ:
جَمْعُ {البَلِيَّةِ} البَلايا، قالَ الجَوْهرِيُّ: صَرَفُوا فَعائِل إِلَى فَعالَى، كَمَا قيلَ فِي إِداوة؛ وَهِي أَيْضاً جَمْعُ البَلِيَّة للناقَةِ المَذْكُورَة؛ قالَ أَبو زبيد:
{كالبَلايا رُؤُوسُها فِي الوَلايا
مَا نِجاةِ السَّمومِ حُرَّ الخُدُودِوقد} بَلَّيْتُ {وأَبْلَيْتُ؛ وأَنْشَدَ الجَوْهرِيُّ للطّرمَّاح:
مَنازِل لَا تَرَى الأَنْصابَ فِيهَا
وَلَا حُفَرَ} المُبَلّي للمَنُون أَي أَنَّها مَنازلُ أَهْلِ الإِسْلامِ دُونَ الجاهِلِيَّةِ. {وبَلِيَّةُ بِمَعْنى} مُبْلاةٍ أَو {مُبَلاَّة كالرَّدِيَّةِ بمعْنَى المُرَدَّاةِ، فَعِيلَةٌ بمعْنَى مُفْعَلة.
} وأَبْلاهُ اللَّهُ {ببَلِيَّةٍ وأَبْلاه إبْلاءً حَسَناً: إِذا صَنَعَ بِهِ صُنْعاً جَمِيلاً وأبْلاه مَعْروفاً؛ قالَ زُهَيْرٌ:
جَزَى اللَّهُ بالإحْسانِ مَا فَعَلا بِكُمْ
} وأَبْلاهُما خيرَ البَلاءِ الَّذِي {يَبْلُو أَي صَنَعَ بهما خيرَ الصَّنيعِ الَّذِي يَبْلُو بِهِ عِبادَه.
وأَبْلاهُ: امْتَحَنَه؛ وَمِنْه الحدِيثُ: (اللَّهُمَّ لَا} تُبْلِنا إلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن) ، أَي لَا تَمْتَحِنَّا.
وَفِي الحدِيثِ: (إنَّما النّذْرُ مَا {ابْتُلِيَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ) ، أَي أُرِيد بِهِ وَجْههُ وقُصِدَ بِهِ.
وقالَ ابنُ الأَعْرابيِّ: يقالُ أَبْلَى فلانٌ إِذا اجْتَهَدَ فِي صفَةِ حَرْبٍ أَو كرمٍ.
يقالُ: أَبْلَى ذلِكَ اليومَ بَلاءً حَسَناً، قالَ: ومِثْله} بَالَى {مُبالاةً؛ وأَنْشَدَ:
مَا لي أَراكَ قَائِما} تُبالي
وأَنتَ قد قُمتَ من الهُزالِ؟ قالَ: سَمعه وَهُوَ يقولُ أَكَلْنا وشَرِبْنا وفَعَلْنا، يُعَدِّد المَكارِمَ وَهُوَ فِي ذلِكَ كاذبٌ؛ وقالَ فِي مَوْضِع آخر: معْنَى تُبالِي تَنْظُرُ أَيّهم أَحْسَن بَالا وأَنْتَ هالِكٌ، قالَ: ويقالُ {بَاَلاه مُبالاةً فاخَرَهُ،} وبَالاهُ {يُبالِيهِ إِذا ناقَضَهُ.
} وبالَى بالشَّيءِ! يُبالِي بهِ: اهْتَمَّ بِهِ {وتَبَلاّه مثْل} بَلاّهُ؛ قالَ ابنُ أَحْمر:
لَبِسْتُ أَبي حَتَّى {تَبَلَّيْتُ عُمْرَه
} وبَلَّيْتُ أَعْمامِي وبَلَّيْتُ خالِيايُريدُ: عشْتُ المدَّةُ الَّتِي عَاشَها أَبي، وقيلَ: عامَرْتُه طُول حَياتِي.
{وبَلَّى عَلَيْهِ السَّفَرَ:} أَبْلاَهُ.
وناقَةٌ {بَلِيَّة: الَّتِي ذَكَرَها المصنِّف فِي معْنى مُبْلاةٍ أَو} مُبْلاَّة، والجَمْعُ البَلايا؛ وَقد مَرَّ شاهِدُه مِن قَوْل غَيْلان الرَّبعِي.
وقالَ ابنُ الأَعْرابيِّ: {البَلِيُّ} والبَلِيَّةُ {والبَلايا الَّتِي قد أَعْيَت وصارَتْ نِضْواً هالِكاً.
} وتَبْلَى، كترضى: قَبيلَةٌ مِن العَرَبِ.
{وبَلِيٌّ، كغَنِيَ: قَرْيَةٌ ببَلَخ، مِنْهَا أَحْمَدُ بنُ أَبي سعيدٍ} البَلَويُّ رَوَى لَهُ المَالِيني.
وأَبو {بُلَيّ، مُصَغَّراً: عبيدُ بنُ ثَعْلبةَ مِن بَني مجاشع بنِ دَارِم جَدّ عَمْرو بنِ شاسٍ الصَّحابيّ.
} وبُلَيٌّ، مُصَغّراً: تَلّ قَصْر أَسْفَل حاذة بَيْنها وبينَ ذاتِ عِرْق، ورُبَّما يُثَنَّى فِي الشِّعْر؛ قالَهُ نَصْر.
{وأُبْلِيُّ، بضمٍ فسكونٍ فكسْرِ الَّلامِ وتَشْديدِ الياءِ: جَبَلٌ عندَ أَجَأَ وسُلْمَى؛ قالَ الأَخطَل:
يَنْصَبّ فِي بطن} أُبْليَ ويَبْحَثهُ
فِي كلّ مُنْبَطحٍ مِنْهُ أخاديدُ {وبَلَوْتُ الشَّيءَ: شَمَمْتُه؛ وَهُوَ مجازٌ كَمَا فِي الأساسِ.
} وبُلَيَّةُ، كسُمَيَّة: جَبَلٌ بنَواحِي اليَمامَة، عَن نَصْر. 

بردر

بردر
بر عن الآرامية بمعنى ابن، ودر عن اللغة العبرية بمعنى لؤلؤة.
بردر
: (بَرْدَرَايَا) ، بِالْفَتْح، أَهملَه الجماعةُ، وَهُوَ (ع) أَظنّه بالنَّهْروان من بغدَادَ، كَذَا فِي المُعجَم (عَن سِيبَوَيْهِ) ، كَذَا ذَكَرَه أَئِمَّةُ التَّصْرِيفِ عَنهُ، وَهُوَ فِي الْكتاب، قَالُوا: فِيهِ ثلاثةُ زوائدَ كلُّها فِي آخِرِه، فَإِذا أُرِيدَ تَصْغِيرُه حُذِفَتْ تِلْكَ الزَّوائدُ كلُّها، وَقيل: بُرَيْدِر، وِزَان جُعَيْفِرٍ، قَالَه شيخُنا.

بِدايات

بِدايات
الجذر: ب د أ

مثال: كَانَت بِدايات حياته متواضعة
الرأي: مرفوضة
السبب: لجمع المصدر، والأصل فيه ألا يُثَنَّى ولا يُجمع.

الصواب والرتبة: -كانت بِدايات حياته متواضعة [فصيحة]
التعليق: منع بعض اللغويين تثنية المصدر وجمعه مطلقًا، وأجاز ذلك بعضهم إذا أريد بالمصدر العدد أو كان آخره تاء المرَّة، مثل: «رَمْيَة: رَمْيَتان ورميات»، و «تسبيحة: تسبيحتان وتسبيحات»، وكذلك إذا تعددت الأنواع، مثل: «تصريح: تصريحان وتصريحات»، وذلك اعتمادًا على ما جاء في الاستعمال القرآني في قوله تعالى: {وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا} الأحزاب/10، حيث جاءت «الظنون» وهي جمع «الظن» وهو مصدر. وقد أجاز مجمع اللغة المصري إلحاق تاء الوحدة بالمصادر الثلاثية والمزيدة، ثم جمعها جمع مؤنث سالمًا، كما أجاز تثنية المصدر وجمعه جمع تكسير أو جمع مؤنث سالِمًا عندما تختلف أنواعه؛ ومن ثَمَّ يمكن تصويب الاستعمال المرفوض. وأورد الأساسي «بدايات» جمعًا لـ «بداية».

الفَصْل بين «سوف» والفعل المضارع بعدها

الفَصْل بين «سوف» والفعل المضارع بعدها
الأمثلة: 1 - سَوْف لا تخفض معوناتها 2 - سَوْف لا يحدث 3 - سَوْف لا يحقق هدفه
الرأي: مرفوضة عند بعضهم
السبب: للفصل بين «سوف» والفعل بحرف النفي.

الصواب والرتبة:
1 - لن تخفض معوناتها [فصيحة]
2 - لن يحدث [فصيحة]
3 - لن يحقق هدفه [فصيحة]
التعليق: لا تدخل «سوف» إلا على المضارع المثبت، فإذا أريد الدلالة على المستقبل المنفي فالأداة الواجب استخدامها حينئذ هي «لن».

ردا

[ردا] فيه ح: بعير "تردى" في بئر ذكه من حيث قدرت، تردى أي سقط، ردى وتردى لغتان كأنه من الردى الهلاك أي اذبحه في أي موضع أمكن إذا لم تتمكن من نحره. ومنه: من نصر قومه على غير الحق فهو كبعير "ردى" فهو ينزع بذنبه، أراد أنه وقع في الإثم وهل كبعير تردى وأريد نزعه بذنبه فلا يقدر عليه. ط: أي من أراد أن يرفع نفسه بنصر قومه على الباطل فهو كبعير سقط فيها فما يجدي أن ينزع بذنبه وإن جهد كل الجهدز نه وفيه: ليتكلم بالكلمة من سخط الله "ترديه" بُعد ما بين السماء والأرض أي توقعه في مهلكة. وفيه
مجأواء "تردى" حافتيه المقانب
أي تعدو، ويقال: ردى الفرس يردى، إذا أسرع بين العدو والمشي الشديد. وفي ح ابن الأكوع: "فرديتهم" بالحجارة، أي رميتهم بها، من ردى يردى إذا رمى، والمردى والمرداة الحجر الثقيل. ومنه ح أحد: قال أبو سفيان: من "رداه" أي رماه. وفيه: من أراد البقاء والإبقاء فليخفف "الرداء" وفسره بقلة الدين، سمي رداء لقولهم دينك في ذمتي وفي عني ولازم في رقبتي، وهو موضع الرداء وهو الثوب أو البرد الذي تضعه على عاتقيك وبين كتفيك فوق ثيابك، وسمي السيف رداء لأن من تقلده فكأنه تردى به. ومنه ح: "تردوا" بالصماصم أي صيروا السيوف بمنزلة الأردية. وح: نعم "الرداء" القوس، لأنها تحمل موضع الرداء من العانق. ك: دسته تحت ثوبي و"ردتني" ببعضه، من التردية أي جعلته رداء، ي، والرداء بكسر راء ما يستر أعالي البدن فقط. ط: ما بين القوم وبين أن ينظروا إلا رداء" الكبرياء على وجهه في جنتهن على وجهه حال من رداء، وفي الجنة يتعلق بمعنى الاستقرار في الظرف فيفيد انتفاء هذا الحصر في غير الجنة، يريد من دخل الجنة يرتفع عنه الحجب ويضمحل موانع النظر إلا ما يصدهم من هيبة الجلال وسبحات الجمال فلا يرتفع ذلك إلا برحمته، ويتم في ك. ن: فجعلت "اُرديهم" بالحجارة، بضم همزة وفتح راء وتشديد دال أي أرميهم بالحجارة التي تسقطهم وتنزلهم. و"أردوا" فرسين، روى الجمهور بدال مهملة أي أهلكوهما وأتعبوهما حتى أسقطوهما، وروى بمعجمة ويجيء. غ: ردى هلك، وأرداه غيره، وإذا تردى مات فتردى في قبره أو في النار أي سقط من رديت الحجر، ومنه المتردية. مد: "تردت" من جبل أو في بئر فماتت. و"ليردوهم" ليهلكوهم بالإغواء. بابه مع الذال

عَتَتْ

عَتَتْ
: (} عَتَّهُ) {يَعُتُّه} عَتًّا: (رَدَّ) دَ (عَلَيْهِ الكَلاَمَ مَرَّةً بعدَ مَرَّةٍ) وَكَذَلِكَ عَاتَّهُ.
(و) {عَتَّهُ (بِالمسأَلَةِ: أَلَحَّ عَلَيْهِ) ، وَفِي حَدِيث الْحسن: (أَنَّ رَجُلاً حَلَفَ أَيْمَاناً فَجَعَلُوا} يُعَاتُّونَهُ، فقَالَ: عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ) أَي يُرَادُّونَهُ فِي القَوْلِ، وَيُلِحُّونَ عَلَيْهِ فيُكَرِّرُ الحَلِفَ. (و) عَتَّهُ (بالكَلاَمِ) يَعُتُّه عَتًّا (: وَبَّخَهُ) وَوَقَمَهُ، والمَعْنَيانِ مُتَقَارِبانِ، وَقد قِيلَ بالثَّاءِ.
( {وَعَاتَّهُ} مُعاتَّةً {وعِتَاتاً) وَفِي نُسْخَة اللِّسَانِ} عتاتَه، إِذا (خَاصَمَهُ) ، وَعَن أَبي عمرٍ و، مَا زِلْتُ {أُعاتُّهُ وأُصَاتُّهُ} عِتَاتاً وصِتَاتاً، وَهِي الخُصُومة. قلت: وَقد تَقَدَّمَ الإِشَارَةُ إِليه فِي صتت.
( {والعُتْعتُ، كَبُلْبُلٍ) عَن ابْن الأَعْرَابِيّ، (و) ضَبَطَه أَو عمرٍ وبالفَتْح مثل (رَبْرَبِ) ، وَهُوَ (الجَدْيُ) ، فَلَو قَال:} العُتْعُتُ كَبُلْبُل: الجَدْيُ، ويُفْتَحُ، كَانَ أَحسنَ.
وَقَالَ ابنُ الأَعْرَابِيّ: هُوَ {العُتْعُتُ، والعُطْعُطُ، والعَرِيضُ، والإِمَّرُ، والهِلَّعُ، والطَّلِيُّ، واليَعْمُورُ، والرَّعَامُ والَرَمُ، (والرَّغَّال، واللَّسَادُ) .
(و) العُتْعَتُ: بالضَّم: الشَّابُّ (القَوِيُّ الشَّدِيدُ) ، قَالَهُ أَبو عمرٍ و، وأَشند:
لَمَّا رَأَتْهُ مُؤْدَناً عِظْيَرَّا
قَالَتْ أُرِيدُ العُتْتُتَ الذِّفِرَّا
فَلاَ سَقَاهَا الوَابِلَ الجِوَرَّا
إِلاهُهَا وَلَا وَقَاهَا العَرَّا
(و) } العُتْعُتُ (: الرَّجُلُ الطَّوِيلُ التَّامُّ، أَو) هُوَ (الطَّوِيلُ المُضْطَرِبُ) ( {والعَتَتُ، مُحَرَّكَةً: غِلَظٌ فِي الكَلاَمِ) وغَيْرِه، أَو شَبِيهٌ بغِلَظٍ.
(} والعَتْعَتَةُ: الجُنُونُ) ، عَن ابْن الأَعْرَابِيّ، كالعَبْعَبَةِ، بموحَّدتين، كَمَا تقدّم، (ودُعَاءُ الجَدْيِ {بِعَتْ} عَتْ) ، وَفِي الصّحاح: حَكَاهُ أَو حاتِمٍ، أَو زَجْرٌ لَهُ، وَقد عَتْعَتَ اراعي؛ بالجَدْيِ، إِذا زَجَرَهُ، و (قِيل: {عَتْعَتَ) بِهِ: دَعَاه.
(} وَتَعَتَّتَ فِي كَلامِهِ) {تَعَتَّتاً: تَرَدَّدَ و (لَمْ يَسْتَمِرَّ فِيهِ) .
(} وعَتَّى لُغَةٌ فِي حَتَّى) ، وَقد تقدّمت الإِشَارَة إِلَيْهِ فِي حَتَّ، وقَرَأَ ابْن مَسْعُود (! عَتَّى حِين) فِي معنى {حَتَّى حِينٍ} (سُورَة يُوسُف، الْآيَة: 35) ، قَالَ شَيخنَا: ونقلها فِي العُبَابِ عَن هُذَيْل وثَقِيفٍ، وَاقْتصر فِي التَّسْهِيلِ على أَنها ثَقَفِيَّةٌ، قَالَ الصاغانيّ: وَجَمِيع الْعَرَب إِنَّمَا يَقُولُونَ: حَتّى بالحاءِ.

رجعِ

رجعِ
رَجَعتُه فرَجَعَ، رُجًوْعاً ورَجْعاً. وأرجعتُكَ ناقتي: أعْطَيْتُكَها تَرْجع عليها. ورَجَعَ الحوضُ الى ازائه: كَثُرَ ماؤه. ورَجَعَتِ الناقَةُ والأتَانُ، رِجَاعاً، وهي رَاجِعٌ: إذا قدرتَها حَمَلَت ثُم أخْلَفَت. وقيل: إِذا ألْقَتْ وَلَداً قَبْلَ أن يَسْتَبِيْنَ خَلْقُه. وليس منه رَجْعٌ: أي مَنْفَعَة.
وهو مَرْجع: أي مُجْدٍ نافِعٌ. وقد أرْجَعَ اللهُ بَيْعَتَه: أرْبَحَها. وقد أرْجَعَتِ الناقَةُ: كانتْ مَهْزُولَةً فَسَمِنَتْ. والرجْعُ: الافْتِراء، يُقال: رَجَع الإبلوارْتَجَعَها وتَرَجعَها: أي اشْتَراها، ومنه: سُوْقُ الرَّجْع. والرجْعَةُ: كُل ما ارْتَجَعْتَ لأهْلِكَ من مَتَاع تَشْتَرِيْه لهم أو إبِلٍ.
ومُرَاجَعَةُ الرجُل أهْلَه بَعْدَ الطَلاق، فأمّا إذا رَجَعَ إلى خَيْرٍ فلا يُقالُ إلا مُرَاجَعَة، وحُكي الرجْعَةُ - بالفتح - في هذا أيضاً.
ويُقال لِمَنْ يَفْزَعُ ثم تؤوبُ إليه نَفْسُه: رَجَعَ. ورجع الكلام فيه؛ والعلف: نجع.
ورجع الكَتِف ومَرْجعُه: أسْفَلُه. ورَجْعُ الذَفْرى: مُنْعَطَفُها، ويُقال: رَجَعَ ذِفْراه: أي رَدًها. والرجْع والرَّجِيْعُ: العَرَقُ. ونَجْوُ السَّبُع. والفِعْلُ فيهما: رَجَعَ. ورجعَ الرجُلُ: من الرجِيْع، وأرْجَعَ أيضاً.
والرجْعُ: تَرْجِيْعُ الدّابةِ يَدَيْها في السَّيْر. ورَجْعُ الجَوابِ وإرْجَاعُهُ: ردُهُ. ورجع الرشق في الرمي: ما يُرد على صَاحبه. والمَرْجُوْعَةُ: جَوابُ الرِّسالة.
ولَيْسَ لهذا البَيعِ مَرْجُوْعٌ ولا فيه رِجَاعَة: أي لا يُرْجَعُ فيه. ودَابَّةٌ لها رجُوْعٌ، أي إذا أرِيْدَ بَيْعُه وُجِدَ له ثَمَن. ومَتَاع مُرْجِعٌ: له مَرْجُوْعٌ.
وارْتَجَعْتُ مِنْهُ كذا، رِجْعَةً. وأعْطِني رِجْعَةً: أي حُجةً أرْتَجِعُ بها على صاحِبي.
وارْتَجَعَ ورجعَ واسْتَرْجَعَ: قال إِنا لله وإنّا إليه راجِعون.
ورجعَ في القِراءةِ والغِناء تَرْجِيْعاً: وهو تَقَارُبُ ضُرُوْبِ الحَرَكات في الصوت. ورَجعَ الوَشْيَ والنقْشَ تَرجِيْعاً.
والرجِيعُ: من الإبلوالدواب: ما رَجَعْتَه من سَفَرٍ الى سَفَر. والكَلام المُكَرر. والجِرة. وما أعِيدَ من الشواء على النًار. وَفأسُ اللجام. والنخِيل. وفُسر َقولُه تعالى: " والسماءِ ذاتِ الرجْع ": أي المَطَر. ورُجعانُ الأودِيَة ِ - جَمْعُ الرجْع -: مَحَابِس مَائها.
وعَامُ الرجْعَانِ: أي الخِصْبِ؛ يَرْجعُ فيه مَنْ كان جَالِياً لِلْقَحْطِ. والرجْعَان من الأرْض: ما امْتد فيه السيْلُ ثم نَفَذ؛ بمنزِلَةِ الجِحَرَةِ.
والرجَاعُ: حَبْلٌ يُخْطَمُ على خَطْم البَعيرِ، والجَميعُ: الأرْجِعَةُ والرجعُ. وارْجِعْ على بَعيرِك. والرَّواجِعُ: الضوَال، والواحِدُ: رَاجِعَةٌ. وامرأة رَاجِعٌ: ماتَ عنها زَوْجُها فَرَجَعَتْ إلى دارِ أبَويها. ورُجْعَانُ الكِتابِ: جَوابُه. والإرْجَاعُ: أنْ تُهْويَ بِيدِكَ إلى الشَّيْء.

سَرَقُسْطَةُ

سَرَقُسْطَةُ:
بفتح أوّله وثانيه ثمّ قاف مضمومة، وسين مهملة ساكنة، وطاء مهملة: بلدة مشهورة بالأندلس تتصل أعمالها بأعمال تطيلة، ذات فواكه عذبة لها فضل على سائر فواكه الأندلس، مبنية على نهر كبير، وهو نهر منبعث من جبال القلاع، قد انفردت بصنعة السّمّور ولطف تدبيره تقوم في طرزها
بكمالها منفردة بالنسج في منوالها، وهي الثياب الرقيقة المعروفة بالسرقسطية، هذه خصوصية لأهل هذا الصقع، وهذا السّمّور المذكور هنا لا أتحقق ما هو ولا أيّ شيء يعنى به وإن كان نباتا عندهم أو وبر الدابّة المعروفة، فإن كانت الدابّة المعروفة فيقال لها الجندبادستر أيضا، وهي دابّة تكون في البحر وتخرج إلى البرّ وعندها قوّة ميز، وقال الأطباء:
الجندبادستر حيوان يكون في بحر الروم ولا يحتاج منه إلّا إلى خصاه فيخرج ذلك الحيوان من البحر ويسرح في البر فيؤخذ ويقطع منه خصاه ويطلق فربّما عرض له الصيادون مرّة أخرى فإذا علم أنّهم ماسكوه استلقى على ظهره وفرّج بين فخذيه ليريهم موضع خصيتيه خاليا فيتركوه حينئذ، وفي سرقسطة معدن الملح الذّرآني وهو أبيض صافي اللون أملس خالص، ولا يكون في غيرها من بلاد الأندلس، ولها مدن ومعاقل، وهي الآن بيد الأفرنج صارت بأيديهم منذ سنة 512، وينسب إلى سرقسطة أبو الحسن عليّ بن إبراهيم بن يوسف السرقسطي، قال السلفي: كان من أهل المعرفة والخط، وكان بيني وبينه مكاتبة، وهو الذي تولى أخذ إجازات الشيوخ بالأندلس سنة 512، وروى في تآليفه عن صهر أبي عبد الله بن وضّاح وغيره كثيرا، وصنّف كتابا في الحفّاظ فبدأ بالزهري وختم بي، كلّه عن السلفي، وأنبل من نسب إلى سرقسطة ثابت بن حزم بن عبد الرحمن بن مطرف بن سليمان بن يحيى العوفي من ولد عوف بن غطفان، وقيل: بل الرواية عبد الرحمن بن عوف الزهري أبو القاسم، سمع بالأندلس من محمد بن وضّاح والخشني وعبد الله بن مرّة وإبراهيم بن نصر السرقسطي ومحمد بن عبد الله بن الفار بن الزبير بن مخلد، رحل إلى المشرق هو وابنه قاسم في سنة 288 فسمعا بمكّة من عبد الله بن عليّ بن الجارود ومحمد بن عليّ الجوهري وأحمد بن حمزة، وبمصر من أحمد بن عمر البزّاز وأحمد بن شعيب النسائي، وكان عالما متقنا بصيرا بالحديث والفقه والنحو والغريب والشعر، وقيل إنّه استقضى ببلده، وتوفي بسرقسطة سنة 313 عن 95 سنة، ومولده سنة 217، وابنه قاسم بن ثابت، كان أعلم من أبيه وأنبل وأروع، ويكنى أبا محمد، رحل مع أبيه فسمع معه وعني بجمع الحديث واللغة فأدخل إلى الأندلس علما كثيرا، ويقال إنّه أوّل من أدخل كتاب العين للخليل إلى الأندلس وألّف قاسم كتابا في شرح الحديث ممّا ليس في كتاب أبي عبيد ولا ابن قتيبة سمّاه كتاب الدلائل، بلغ فيه الغاية في الإتقان، ومات قبل كماله فأكمله أبوه ثابت بعده، قال ابن الفرضي: سمعت العبّاس بن عمرو الورّاق يقول سمعت أبا عليّ القالي يقول: كتبت كتاب الدلائل وما أعلم وضع في الأندلس مثله، ولو قال إنّه ما وضع في المشرق مثله ما أبعد، وكان قاسم عالما بالحديث والفقه متقدّما في معرفة الغريب والنحو والشعر، وكان مع ذلك ورعا ناسكا أريد على أن يلي القضاء بسرقسطة فامتنع من ذلك وأراد أبوه إكراهه عليه فسأله أن يتركه يتروّى في أمره ثلاثة أيّام ويستخير الله فيه، فمات في هذه الثلاثة أيّام، يقولون إنّه دعا لنفسه بالموت، وكان يقال إنّه مجاب الدعوة، وهذا عند أهله مستفيض، قال الفرضي: قرأت بخط الحكم المستنصر بالله توفي قاسم بن ثابت سنة 302 بسرقسطة، وابنه ثابت بن قاسم بن ثابت من أهل سرقسطة، سمع أباه وجدّه، وكان مليح الخط، حدث بكتاب الدلائل، وكان مولعا بالشراب، وتوفي سنة 352، قال: وجدته بخط المستنصر بالله
أمير المؤمنين. وسرقسطة أيضا: بليد من نواحي خوارزم، عن العمراني الخوارزمي.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.