Academy of the Arabic Language in Cairo, al-Muʿjam al-Wasīṭ (1998) المعجم الوسيط لمجموعة من المؤلفين
Permalink (الرابط القصير إلى هذا الباب):
http://arabiclexicon.hawramani.com/?p=69971#174356
(أدكن) دكن
دكن: الدَّكْن والدَّكَن والدُّكْنة: لون الــأَدْكن كلون الخَزِّ الذي
يضربُ إلى الغُبرة بين الحمرة والسواد، وفي الصحاح: يضرب إلى السواد، دَكِن
يَدْكَن دَكَناً وأَدْكَن وهو أَدْكَنُ؛ قال رؤبة يخاطب بلال بن أَبي
بُرْدة:
فالله يَجْزِيكَ جَزاءَ المُحْسِنِ،
عن الشرِيف والضعِيفِ الأَوْهَنِ
سَلمتَ عرضاً ثوبُه لم يَدْكَن،
وصافياً غَمْرَ الحِبا لم يَدْمَنِ
والشيءُ أَدْكَنُ؛ قال لبيد: أُغْلي السِّباءَ بكلّ أَدْكَنَ عاتِقٍ،
أَو جَوْنةٍ فُدِحَت وفُضّ خِتامُها
(* قوله «فدحت» بالحاء المهملة في
الأصل والصحاح، ولعلها بالخاء المعجمة أو الدال مبدلة من التاء المثناة من
فوق). يعني زِقّاً قد صَلَح وجاد في لونه ورائحته لعِتْقه. وفي حديث
فاطمة، رضوان الله عليها: أَنّها أَوْقَدت القِدْرَ حتى دَكِنَت ثِيابُها؛
دَكِن الثوبُ إذا اتسخ واغبرَّ لونُه يَدْكَنُ دَكَناً؛ ومنه حديث أُم
خالد في القميص: حتى دَكِن؛ وفي قصيدة مُدح بها سيدنا رسول الله
(* قوله
«مدح بها سيدنا إلخ» الذي في النهاية: مدح بها أصحاب النبي، صلى الله عليه
وسلم). صلى الله عليه وسلم:
عليٌّ له فضلانِ: فضلُ قرابةٍ،
وفضْلٌ بنَصْلِ السيف والسُّمُرِ الدُّكْلِ.
قال: الدُّكْل والدُّكْن واحد، يريدُ لونَ الرماح. ودَكَن المتاعَ
يَدْكُنه دَكْناً ودَكَّنه: نَضّد بعضَه على بعض؛ ومنه الدُّكان مشتق من ذلك؛
قال: وهو عند أَبي الحسن مشتق من الدَّكَّاء، وهي الأَرض المُنبسطة، وهو
مذكور في موضعه، والدُّكّان فُعّال، والفعل التَّدْكِين. الجوهري:
الدُّكَّان واحد الدكاكين، وهي الحوانيت، فارسي معرَّب. وفي حديث أَبي هريرة:
فبَنَيْنا له دُكَّاناً من طين يجلس عليه؛ الدُّكَّان: الدّكَّة
المبنِيَّة للجلوس عليها، قال: والنون مختلف فيها، فمنهم من يَجْعلُها أَصلاً،
ومنهم مَن يجعلها زائدة. ودَكَّن الدُّكَّانَ: عَمِله. وثريدة دَكْناء: وهي
التي عليها من الأَبزار، ما دَكَّنها من الفُلْفُل وغيره. والدُّكَيْناء،
ممدود: دُوَيْبَّة من أَحناش الأَرض. ودُكَيْن ودَوْكَن: اسمان.
جرج: الجَرِجُ: الجائل القَلِقُ.
وقد جَرِجَ جَرَجاً: قَلِقَ واضطرب؛ قال:
جاءَتْكَ تَهْوِي، جَرِجاً وضِينُها
وجَرِجَ الخَاتَمُ في يدي يَجْرَجُ جَرَجاً إِذا قلق واضطربَ من سَعَته
وجال. وفي مناقب الأَنصار: وقتلت سَرَواتهم وجَرِجُوا؛ قال ابن الأَثير:
هكذا رواه بعضهم بجيمين من الجَرَجِ، وهو الاضطراب والقَلَقُ، قال:
والمشهور من الرواية: وجُرِحُوا، مِن الجِراحِ. وسِكِّينٌ جَرِجُ النِّصابِ:
قَلِقُهُ؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
إِني لأَهْوَى طَفْلَةً فيها غَنَجْ،
خَلْخَالُها في ساقها غَيرُ جَرِجْ
وجَرِجَ الرَّجلُ إِذا مشى في الجَرَجَةِ، وهي المَحَجَّةُ وجادَّةُ
الطريق؛ قال الأَزهري: وهما لغتان.
ابن سيده: جَرَجَةُ الطريق وَسَطُه ومعظمه.
والجَرَجُ: الأَرضُ ذات الحجارة. والجَرَجُ: الأَرض الغليظة؛ وأَرضٌ
جَرِجَةٌ.
وركبَ فلانٌ الجادَّة والجَرَجَةَ والمَحَجَّة: كُلُّهُ وَسَطُ الطريق.
الأَصمعي: خَرَجَةُ الطريق، بالخاء، وقال أَبو زيد: جَرَجَةُ؛ قال
الرياشي: والصواب ما قال الأَصمعي.
وجَرَجَتِ الإِبلُ المَرْتَعَ: أَكلته.
والجُرْجُ: وعاء من أَوعية النساء؛ وفي التهذيب: الجُرْجَةُ والجَرَجَةُ
ضرب من الثياب. والجُرْجَةُ: خريطةٌ من أَدَمٍ كالخُرْجِ، وهي واسعة
الأَسفل ضيقة الرأْس يجعل فيها الزاد؛ قال أَوس بن حجر يصف قوساً حسنة، دفع
من يسومها ثلاثَة أَبرادٍ وأَدْكَنَ أَي زقّاً مملوءاً عسلاً:
ثلاثةُ أَبرادٍ جيادٍ، وجُرْجَةٌ،
وأَدْكَنُ، مِنْ أَرْيِ الدَّبورِ، مُعَسَّلُ
وبالخاء تصحيف، والجمعُ جُرْجٌ مثل بُسْرَةٍ وبُسْرٍ؛ ومنه جُرَيج: مصغر
اسم رجل. والجُرْجَةُ، بالضم: وعاء مثل الخُرْجِ. وابن جُريج: رجلٌ. قال
ابن بري في قوله الجَرَجَةُ، بتحريك الراء: جادَّةُ الطريق؛ قد اختلف في
هذا الحرف، فقال قوم: هو خَرَجَة، بالخاء المعجمة ذكره أَبو سهل ووافقه
ابن السكيت وزعم أَن الأَصمعي وغيره صحفوه فقالوا: هو جَرَجَة، بجيمين،
وقال ابن خالويه وثعلب: هو جَرَجَة، بجيمين؛ قال أَبو عمرو الزاهد: هذا هو
الصحيح؛ وزعم أَن من: يقول هو خَرَجَة، بالخاء المعجمة، فقد صحفه؛ وقال
أَبو بكر بن الجراح: سأَلت أَبا الطيب عنها، فقال: حكى لي بعض العلماء عن
أَبي زيد أَنه قال: هي الجَرَجَةُ، بجيمين، فلقيت أَعرابيّاً فسأَلته
عنها فقال: هي الجَرَجَةُ، بجيمين، قال: وهو عندي من جَرِجَ الخاتَمُ في
إِصبعي؛ وعند الأَصمعي أَنه من الطريق الأَخْرَجِ أَي الواضح، فهذا ما
بينهم من الخلاف، والأَكثر عندهم أَنه بالخاء، وكان الوزير ابن المغربي يسأَل
عن هذه الكلمة على سبيل الامتحان ويقول: ما الصواب من القولين؟ ولا
يفسره.
رنب: الأَرْنَبُ: معروفٌ، يكونُ للذكَرِ والأُنثى. وقيل: الأَرْنَبُ
الأُنْثى، والخُزَزُ الذَّكر، والجمعُ أَرانِبُ وأَرانٍ عن اللحياني. فأَما
سيبويه فلم يُجِزْ أَرانٍ إِلاَّ في الشِّعْر؛ وأَنشد لأَبي كاهل
اليَشْكُريّ ، يشَبِّه ناقَتَه بعُقابٍ:
كأَنَّ رَحْلي، على شَغْواءَ حادِرَةٍ، * ظَمْياءَ، قد بُلَّ مِن طَلّ خَوافِـيها
لها أَشارِيرُ من لَـحْمٍ، تُتَمِّرُهُ * منَ الثَّعالي، وَوَخْزٌ مِنْ أَرَانِـيها
يريد الثَّعالِبَ والأَرانِبَ، ووَجَّهه فقال: إِن الشاعر لما احتاجَ إِلى الوَزْنِ، واضْطُرَّ إِلى الياءِ، أَبْدَلَها من الباءِ؛ وفي الصحاح: أَبدلَ من الباءِ حرفَ اللِّينِ.
والشَّغْواءُ: العُقابُ، سميت بذلك من الشَّغَى،
وهو انْعِطافُ مِنْقارِها الأَعْلى. والحادِرة: الغليظة. والظَّمْياءُ: المائلة إِلى السَّوادِ.
وخَوافِـيها: يريدُ خَوَافيَ رِيشِ جَنَاحَيْها. والأَشاريرُ: جمعُ
إِشْرارَةٍ، وهي اللحمُ الـمُجَفَّف. وتُتَمِّرُه: تُقَطِّعُه. واللحمُ الـمُتَمَّر: الـمُقَطَّع؛ والوَخْزُ: شيءٌ منه، ليس بالكثيرِ.
وكِساءٌ مَرْنَبانيٌّ: لوْنُه لونُ الأَرْنَبِ.
ومُؤَرْنَبٌ ومُرْنَبٌ: خُلِطَ في غَزْلِه وَبَرُ الأَرْنَبِ؛ وقيل: المؤَرْنَبُ كالـمَرْنَبانيّ؛ قالت لَيْلَى الأَخْيَلِـيَّة تَصِفُ قَطَاةً تَدَلَّت على فِراخِها، وهي حُصُّ الرُّؤُوسِ، لا رِيشَ عليها:
تَدَلَّتْ، على حُصِّ الرُّؤُوسِ، كأَنها * كُراتُ غُلامٍ، مِنْ كِسَاءٍ مُؤَرْنَبِ
وهو أَحَدُ ما جاءَ على أَصْلِهِ، مثلُ قولِ خِطام المجاشعي:
لم يَبْقَ مِنْ آيٍ، بها يُحَلَّيْنْ، * غيرُ خِطامٍ، ورَمادٍ كِنفَيْنْ
وغيرُ وَدٍّ جاذِلٍ، أَو وَدَّيْنْ، * وصالِـياتٍ كَكَما يُـؤَثْفَيْنْ
أَي لم يَبْقَ من هذه الدارِ التي خَلَت من أَهلها، مما تُحَلَّى به
وتُعْرَفُ، غيرُ رَمادِ القِدْرِ والأَثافي؛ وهي حِجارةُ القِدْرِ والوَتِدِ
الذي تُشَدُّ إِليه حِـبالُ البُيوت؛ والوَدُّ: الوَتِدُ إِلاّ أَنه أَدْغَم التاءَ في الدالِ، فقال وَدٍّ. والجاذِلُ: المنتصِبُ؛ قال ابن بري ومثلُه قولُ الآخر:
فإِنه أَهْلٌ لأَنْ يُـؤَكْرَمَا
والمعروفُ في كلامِ العَرَب: لأَنْ يُكْرَمَ؛ وكذلك هو مع حروفِ
الـمُضارَعَة نحو أُكْرِمُ، ونُكْرِمُ، وتُكْرِمُ، ويُكْرِمُ؛ قال: وكان قياس
يُـؤَثْفَيْن عنده يُثْفَيْن، من قولك أَثْفَيْتُ القِدْر إِذا جَعَلْتَها على الأَثافيِّ، وهي الـحِجارةُ.
وأَرضٌ مُرْنِـبَة ومُؤَرْنِـبَة، بكسر النونِ، الأَخيرة عن كُراع:
كثيرةُ الأَرانِبِ؛ قال أَبو منصور، ومنه قول الشاعر:
كُراتُ غُلامٍ مِنْ كِسَاءٍ مُؤَرْنَبِ
قال: كان في العَرَبِـيَّة مُرْنَبِ، فرُدَّ إِلى الأَصْل. قال الليث:
أَلِفُ أَرْنَبٍ زائدة. قال أَبو منصور: وهي عندَ أَكثرِ النَّحْوِيِّـين
قَطْعِـيَّة. وقال الليث: لا تجيءُ كَلِمةٌ في أَوَّلِها أَلِفٌ، فتكون
أَصْلِـيَّة، إِلاَّ أَن تكون الكَلِمَةُ ثَلاثَة أَحْرُفٍ مثل الأَرض والأَرْش والأَمْر.
أَبو عمرو: الـمَرْنَبَةُ القَطِـيفَةُ ذاتُ الخَمْلِ.
والأَرْنَبَةُ: طَرَفُ الأَنْفِ، وجَمْعُها الأَرانبُ. يقال: هم شُمُّ
الأُنُوفِ، وارِدَةٌ أَرانِـبُهمْ. وفي حديث الخُدْريّ: فلقد رأَيتُ على
أَنْفِ رسولِ اللّهِ، صلى اللّه عليه وسلم، وأَرْنَبَتِهِ أَثَرَ الطِّينِ. الأَرْنَبَةُ: طَرَفُ الأَنْف؛ وفي حديث وائل: كان يسجدُ على
جَبْهَتِهِ وأَرْنَبَتِه.
واليَرْنَبُ والـمَرْنَبُ: جُرَذٌ، كاليَرْبُوعِ، قَصِـيرُ الذَّنَبِ.
والأَرْنَبُ: موضِـعٌ؛ قال عَمْرُو بنُ مَعْدي كَرِب:
عَجَّتْ نِساءُ بَني زُبَيْدٍ عَجَّةً، * كَعَجِـيجِ نِسْوَتِنا، غداةَ الأَرْنَبِ
والأَرْنَبُ: ضَرْبٌ مِنَ الـحُلِـيِّ؛ قال رؤبة:
وعَلَّقَتْ مِنْ أَرْنَبٍ ونَخْلِ
والأُرَيْنِـبَةُ: عُشْبةٌ شَبِـيهةٌ بالنَّصِـيِّ، إِلاَّ أَنها أَرَقُّ وأَضْعَفُ وأَليَنُ، وهي ناجِعةٌ في المالِ جِدّاً،ولها، إِذا جَفَّتْ، سَفًى، كُـلَّما حُرِّكَ تَطايَرَ فارْتَزَّ في العُيونِ والـمَناخِر؛ عن أَبي حنيفة. وفي حديث اسْتِسْقاءِ عمر، رضي اللّه عنه: حتى رأَيت الأَرْنَبَةَ تأْكلها صغار الإِبل. قال ابن الأَثير: هكذا يرويه أَكثر المحدِّثين، وفي معناها قولان، ذكرهما القتيبي في غريبه: أَحدهما أَنها واحدة الأَرانِب، حَملَها السَّيْلُ، حتى تَعَلقت في الشجر، فأُكِلَتْ؛ قال: وهو بعيد لأَن الإِبل لا تأْكل اللحم. والثاني: أَن معناه أَنها نبت لا يكاد يطول، فأَطاله هذا المطر حتى صار للإِبل مرعى.
والذي عليه أَهل اللغة: أَن اللفظة إِنما هي الأَرِينةُ، بياءٍ تحتها
نُقْطتانِ، وبعدها نون، وهو نَبْتٌ معروف، يُشْبِـه الخِطْمِـيَّ، عَرِيضُ الوَرقِ، وسنذكره في أَرن. الأَزهري: قال شمر قال بعضهم: سأَلت الأَصمعي عن الأَرْنَبةِ، فقال: نَبْت؛ قال شمر: وهو عندي الأَرِينةُ، سَمِعْتُ في الفصيح من أَعْرابِ سَعْدِ بن بكر، بِـبَطْنِ مَرٍّ، قال: ورأَيته نَباتاً يُشْبِه الخِطْمِـيَّ، عَرِيضَ الوَرَقِ. قال شمر: وسمعت غيرَه من أَعْرابِ كِنانةَ يقول: هو
الأَرِينُ. وقالت أَعْرابِـيَّةٌ، مِنْ بَطْنِ مَرٍّ: هي الأَرِينةُ، وهي
خِطْمِـيُّنا، وغَسُولُ الرأْسِ؛ قال أَبو منصور: وهذا الذي حكاه شمر صحيح، والذي رُوي عن الأَصمعي أَنه الأَرنبة من الأَرانِبِ غير صحيح؛ وشمر مُتْقِنٌ، وقد عُنِـيَ بهذا الـحَرْفِ، فسأَلَ عنه غير واحِد من الأَعْراب حتى أَحْكَمَه، والرُّواةُ رُبَّـما صَحّفُوا وغَيَّرُوا؛ قال: ولم أَسمع الأَرْنبةَ، في باب النَّباتِ،
من واحِد، ولا رأَيتُه في نُبُوتِ البادِية. قال: وهو خَطَـأٌ عندي.
قال: وأَحْسَبُ القُتَيْبـيَّ ذكر عن الأَصمعي أَيضاً الأَرْنَبةَ، وهو غير صحيح. وأَرْنَبُ: اسم امرأَةٍ؛ قال مَعْنُ بن أَوْس:
مَتى تَـأْتِهِمْ، تَرْفَعْ بَناتي بِرَنَّةٍ، * وتَصْدَحْ بِـنَوْحٍ، يُفْزِعُ النَّوحَ، أَرْنَبُ
عتق: العِتْقُ: خلاف الرِّق وهو الحرية، وكذلك العَتاقُ، بالفتح،
والعَتاقةُ؛ عَتَقَ
العبدُ يَعْتِقُ عِتْقاً وعَتْقاً وعَتاقاً وعَتاقَةً، فهو عَتيقٌ
وعاتِقٌ، وجمعه عُتَقاء، وأَعْتَقْتُه أَنا، فهو مُعْتَقٌ وعَتيقٌ، والجمع
كالجمع، وأَمَةٌ عَتيقٌ وعَتيقَةٌ في إِماءٍ عَتائِق. وفي الحديث: لن يَجْزي
ولدٌ والده إِلاَّ أَن يجده مملوكاً فيشتريه فيَعْتِقَه؛ قال ابن
الأَثير: وقوله فيَعْتِقَه ليس معناه استئناف العِتْقِ فيه بعد الشراء لأَن
الإجماع منعقد أَن الأَب يَعْتقُ
على الابن إِذا ملكه في الحال وإِنما معناه أَنه إِذا اشتراه فدخل في
ملكه عتق عليه، فلما كان الشِّراءُ
سبباً لعَتقِه أُضيف العِتقُ إِليه، وإِنما كان هذا جَزاء له لأَن
العِتْقَ أَفضل ما يُنْعِم به أَحدٌ على أَحد، إِذ خلصه بذلك من الرقِّ وجَبَر
به النقص الذي له وتكمل له أَحكام الأَحرار في جميع التصرفات.
وفلان مَولى عَتاقَةٍ ومَوْلىً عَتيقٌ ومَوْلاةٌ عتيقةٌ ومَوالٍ
عُتَقاء ونساء عَتائق: وذلك إِِذا أُعْتِقْنَ. وحلف بالعَتاقِ أَي
الإِعْتاق.وعَتيقٌ: اسم الصدِّيق، رضي الله عنه، قيل: سمي بذلك لأَن الله تبارك
وتعالى أَعْتَقَه من النار، واسمه عبد الله بن عثمان؛ روت عائشة أَن أَبا
بكر دخل على النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: يا أَبا بكر أَنت عَتيقُ
الله من النار، فمِنْ يومئذ سُمِّي عَتيقاً. وفي حديث أَبي بكر، رضي الله
عنه: أَنه سمي عَتيقاً لأَنه أُعْتِقَ من النار؛ سماه به النبي، صلى الله
عليه وسلم، وقيل: كان يقال له عَتيقٌ لجماله.
وعَتَقَتْ عليه يمينٌ تَعْتِقُ: سبقت وتقدمت، وكذلك عَتُقَتْ، بالضم،
أَي قَدُمت ووجبت كأَنه حفظها فلم يحنث. وعَتَقَتْ منِّي يمين أَي سبقت؛
وأَنشد لأَوس بن حجر:
عليّ أَليَّةٌ عَتَقَتْ قديماً،
فليس لها، وإِن طُلِبَتْ، مَرامُ
أَي لزمتني، وقيل أَي ليس لها حيلة وإِن طُلِبَتْ. أَبو زيد: أَعْتَقَ
يمينَه أَي ليس لها كفارة. وعَتَقَت الفرسُ تَعْتِقُ وعَتُقتِ عِتْقاً:
سبقت الخيل فَنَجَتْ. وفرس عاتِقٌ: سابق. ورجل مِعْتاقُ الوَسيقَة إِذا
طَرَدَ طَريدةً سبق بها، وقيل: سَبَقَ بها وأَنجاها؛ قال أَبو المثلم يرثي
صخراً:
حامِي الحَقيقَةِ نسَّالُ الوَدِيقة، مِعْـ
ـتاقُ الوَسيقَةِ، لا نِكْسٌ ولا واني
قال: ولا يقال مِعْناق.
والعاتِقُ: الناهض من فِراخ القطا. قال أَبو عبيد: ونرى أَنه من السبق
على أَنه يَعْتقُ
أَي يسبق. يقال: هذا فرخ قطاة عاتِقٌ إِذا كان قد اسْتَقَلّ وطار.
وعِتاقُ
الطير: الجوارح منها، والأَرْحَبِيَّاتُ العِتاقُ: النجائب منها، وقيل:
العاتِقُ من الطير فوق الناهض، وهو في أَول ما يَتَحَسَّرُ ريشه الأَول
وينبت له ريش جُلْذِيّ أَي شديد، وقيل: العاتِقُ من الحمام ما لم يُسِنّ
ويَسْتَحْكِم، والجمع عُتَّق. وجارية عاتِقٌ: شابة، وقيل: العاتِقُ البكر
التي لم تَبِنْ عن أَهلها، وقيل: هي التي بين التي أَدركت وبين التي
عَنَسَتْ: والعاتِقُ: الجارية التي قد أَدركت وبلغت فخُدِّرَتْ في بيت أَهلها
ولم تتزوج، سمّيت بذلك لأنها عَتَقَتْ عن خدمة أَبويها ولم يملكها زوج
بعدُ، قال الفارسي: وليس بقوي؛ قال الشاعر:
أَقِيدي دَماً، يا أُمَّ عمرو، هَرَقْتِه
بكفَّيْك، يوم الستر، إِذ أَنْتِ عاتِقُ
وقيل: العاتِقُ الجارية التي قد بلغت أَن تَدَرَّعَ وعَتَقَتْ من
الصِّبا والاستعانة بها في مِهْنَةِ
أَهلها، سمِّيت عاتِقاً بها، والجمع في ذلك كله عَواتِق؛ قال زهير بن
مسعود الضبي:
ولم تَثِقِ العَواتِقُ من غٍيورٍ
بغَيْرَتِه، وخَلَّيْنَ الحِجالا
وفي الحديث: خرجب أُم كلثوم بنت عقبة وهي عاتِقٌ قبل هجرتها؛ قال ابن
الأَثير: العاتِقُ الشابة أَول ما تُدْرِكُ، وقيل: هي التي لم تَبِنْ من
والديها ولم تتزوج وقد أَدركت وشَبَّت، ويجمع على العُتَّقِ، ومنه حديث أُم
عطية: أُمِرْنا أَن نخرج في العيدين الحُيَّض والعُتَّق، وفي رواية:
العَواتِق؛ يقال: عَتَقَتِ الجارية، فهي عاتِقٌ، مثل حاضَتْ، فهي حائضٌ. وكل
شيء بلغ إِناهُ فقد عَتَقَ.
والعَتقُ: الكريم الرَّائعُ من كل شيء والخيارُ
من كل شيء التمر والماء والبازي والشَّحْم. والعِتْقُ: الكَرَمُ؛ يقال:
ما أَبْيَنَ العِتْقَ في وجه فلان يعني الكرم. والعِتْقُ: الجمال. وفرس
عَتقٌ: رائع كريم بَيِّن العِتْقِ، وقد عَتُقَ عَتاقَةً، والاسم
العِتْقُ، والجمع العِتاقُ. وامرأَة عَتِيقةٌ: جميلة كريمة؛ وقوله:
هِجانُ المُحَيَّا عَوْهَجُ الخَلْقِ، سُرْبِلَتْ
من الحُسْنِ سِرْبالاً عَتِيقَ البَنائقِ
يعني حَسَن البنائق جميلها. والعُتُقُ: الشجر التي يتخذ منها القسيّ
العربية؛ عن أَبي حنيفة، قال: يراد به كَرَمُ القوس لا العِتْق الذي هو
القِدَم. وقال مُرَّة عن أَبي زياد: العِتْق الشجر التي تعمل منها القِسِيُّ،
قال: كذا بلغني عن أَبي زياد والذي نعرفه العُتُق. والعَتيقُ: فحل من
النخل معروف لا تَنْفُضُ نخلته. وعَتيقُ الطير: البازي؛ قال لبيد:
فانْتَضَلْنا، وابنُ سَلْمى قاعدٌ،
كعَتيقِ الطير يُغْضى ويُحَلّ
ابن سلمى: النعمان، وإِنما ذكر مقامته مع الربيع بين يدي النعمان. ابن
الأَعرابي: كلُّ شيء بلغ النهاية في جودةٍ أَو رداءة أَو حسن أَو قبح، فهو
عَتيقٌ، وجمعه عَتُقٌ. والعاتِقةُ من القوس: مثل العاتِكَةِ، وهي التي
قَدُمت واحْمَرّت. والعَتيقُ: القديم من كل شيء حتى قالوا رجل عَتيقٌ أَي
قديم. وفي الحديث: عليكم بالأَمر العَتيقِ أَي القديم الأَول، ويجمع على
عِتاقٍ كشريف وشِرافٍ. ومنه حديث ابن مسعود: إِنهنَّ من العِتاقِ
الأُوَلِوهنِّ من تلادي؛ أَراد بالعِتاقِ الأُولِ
السور اللاتي أُنْزِلت أَولاً بمكة وأَنها من أَول ما تعلَّمه من ا
لقرآن. وقد عَتُقَ عِتْقاً وعَتاقَةً أَي قَدُم وصار عَتيقاً، وكذلك عَتَقَ
يَعْتُقُ مثل دَخَل يدخُل، فهو عاتِقٌ، ودنانير عُتُقٌ، وعتَّقْتُه أَنا
تَعْتيقاً. وفي التنزيل: ولْيَطَّوَّفوا بالبيت العَتيقِ. وفي حديث ابن
الزبير أَن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: إِنما سَمَّى الله
البيتَالعَتيقَ لأَن الله أَعْتَقَه من الجبابرة فلم يَظْهر عليه جَبَّار قط،
والبيت العَتيقُ بمكة لقدمه لأَنه أَول بيت وضع للناس؛ قال الحسن: هو
البيت القديم، دليله قوله تعالى: إن أَول بيت وُضِعَ للناس للَّذِي بِبَكَّة
مباركاً؛ وقيل: لأَنه أُعْتِقَ من الغرق أَيام الطوفان، دليله قوله
تعالى: وإُذْ بوَّأْنا لإِبراهيم مكان البيت؛ وهذا دليل على أَن البيت رُفِع
وبقي مكانُه، وقيل: إِنه أُعْتِقَ من الجبابرة ولم يَدَّعِهِ منهم أُحد،
وقيل: سمي عَتيقاً لأَنه لم يملكه أَحد، والأَول أَولى. وقال بعض حُذَّاق
اللغويين. العِتْقُ للمَوَات كالخمر والتمر، والقِدَمُ للمَوَات
والحيوانِ جميعاً. وخمر عَتِيقةٌ: قديمة حُبست زماناً
في ظرفها؛ فأَما قول الأَعشى:
وكأَنَّ الخَمْر العَتيقَ من الإِسْـ
ـفَنْطِ مَمْزوجةٌ بماءٍ زُلالٍ
فإِنه قد يُوَِجَّه على تذكير الخمر، فإِما أَن يكون تذكير الخمر
معروفاً. وإِما أَن يكون وَجهَّهَا على إِرادة الشراب، ومثله كثير، أَعني الحمل
على المعنى، قال أَبو حنيفة: وإِن شئت جعلت فَعيلاً هنا في معنى مفعول
كما تقول عينٌ كحيلٌ، فتكون الخمر مؤنثة على اللغة المشهورة. ويقال
لجَيَّدِ الشراب عاتقٌ، والعاتِقُ: الخمر القديمة؛ قال حسان:
كالمِسْكِ تَخْلِطُه بماء سَحابةٍ
أَو عاتِقٍ، كدم الذَّبيحِ مُدَامِ
وقد عَتَقَت الخمرُ
وعَتَّقَها. والمُعَتَّقَةُ: من أَسماء الطِّلاء والخمر؛ قال الأَعشى:
وسَبيئَة مما تُعَتِّقُ بابِلٌ،
كدَمِ الذَّبيحِ سَلَبْتُها جِرْيالَها
والمُعَتَّقَةُ: الخمر التي عَتِّقَتْ زماناً حتى عَتُقَتْ. والعاتِقُ:
كالعَتِيقَةِ، وقيل: هي التي لم يَفُضَّ أَحدٌ ختامها كالجارية العاتِقِ،
وقيل: هي لم تُفْتَضَّ؛ قال لبيد:
أُغْلي السِّباءَ بكل أَدْكَنَ عاتِقٍ،
أَو جَونةٍ قُدِحَت وفُضَّ خِتامُها
وبَكْرَةٌ عَتيقَةٌ إِذا كانت نجيبة كريمة. وقال أَعرابي: لا نَعُدُّ
البَكْرةَ
بَكْرَةً حتى تَسْلم من القَرْحة والعُرَّة، فإِذا منهما فقد عَتُقَتْ
وثبتت، ويروى نبتت. وعَتُقت: قدُمت؛ وكل ذلك عن ابن الأَعرابي. وقال ثعلب:
قد عَتَقَتْ، بالفتح، تَعْتِق عِتْقاً أَي نَجَتْ فسبقت. وأعْتقها
صاحبها أَي أََعجلها وأَنجاها. وعَتَق السمن وعَتْق: يعني قَدُم؛ عن اللحياني.
والعَتيقُ: الماء، وقيل: الطِّلاء والخمر، وقيل: اللبن. وعَتَّقَ بِفِيه
يُعَتِّقُ إِذا بَزَمَ وعض.
والعِتْقُ: صلاح المال. وعَتَقَ المال عِتْقاً: صلح، وعَتَقَه وأَعْتَقه
فَعَتَق: أَصلحه فصلح، وعَتُقَ فلان بعد استعلاج يَعْتُق، فهو عَتيقٌ:
رقَّ وصار عَتيقاً، وهو رقة الجلد، أَي رَقَّت بَشَرته بعد الغلظ والجفاء،
وعَتَقَ التمر وغيره وعَتُقَ، فهو عَتيقٌ: رقَّ جلده، وعَتُقَ
يَعْتُق إِذا صار قديماً. وقال أَبو حنيفة: العَتيقُ اسم للتمر عَلَم؛
وأَنشد قول عنترة:
كَذَب العَتيقُ وماءُ شَنّ باردٌ،
إِن كنتِ سائِلَتي غَبُوقاً فاذهبي
قيل: إِنه أَراد بالعَتيق التمر الذي قد عَتُق؛ خاطب امرأَته حين عاتبته
على إِيثار فرسه بأَلبان إِبله فقال لها: عَلَيك بالتمر والماء البارد
وذَرِي اللبن لفرسي الذي أَحميك على ظهره، وقال: هو الماء نفسه؛ وهذه
الأَبيات قيل إِنها لعنترة، وقال ابن خالويه: إِنها لخُزَز بن لَوْذَان
السدوسي، وهي:
كَذَب العتيقُ وماء شنّ باردٌ،
إِن كنت سائِلَتي غَبوقاً فاذهبي
لا تُنْكِري فرسي وما أَطعمْتُه،
فيكونَ لونُكِ مثلَ لون الأَجْرَبِ
إِني لأَخْشَى أَن تَقول حَليلَتي:
هذا غُبار ساطعٌ فَتَلَبَّبِ
إنِّ الرجالَ لهُمْ إِليك وسِيلةٌ
أَن يأْخذوك تَكَحَّلي وتخَضَّبي
ويكون مَرْكَبُكِ القَلوصَ وظِلَّهُ،
وابنُ النَّعامَةِ يوم ذلك مَرْكَبي
قال: والعَتيقُ التمر الشهْريزُ، وجمعه عَتُق.
والعاتِقُ: ما بين المَنْكب والعُنُقِ، مذكر وقد أُنث وليس بثبت؛ وزعموا
أَن هذا البيت مصنوع وهو:
لا نَسَبَ اليومَ ولا خُلَّةٌ،
اتِّسَعَ الفَتْقُ على الراتِقِ
لا صُلْحَ بيني، فاعْلَموهُ، ولا
بينكُمُ، ما حَمَلَتْ عاتِقي
سيفي وما كنَّا بنَجْدٍ، وما
قَرْقَر قُمْرُ الوادِ بالشاهِقِ
قال ابن بري: والعاتِقُ مؤنثة، واستشهد بهذه الأَبيات ونسبها لأبي عامر
جدِّ العباس بنِ مِرْداس وقال: ومن روى البيت الأَول:
اتَّسَعَ الخرقُ على الراقِع
فهو لأَنس بن العباس بن مرداس؛ قال اللحياني: هو مذكر لا غير، وهما
عاتِقانِ والجمع عُتْق وعُتَّق وعواتِقُ. ورجل أَمْيَلُ العاتِقِ: معْوَجُّ
موضع الرداء. والعاتِقُ: الزِّقُّ الواسع الجيد؛ وبه فسر بعضهم قول
لبيد:أَغْلى السِّباءَ بكل أَدْكَنَ عاتِقٍ
وقد تقدم؛ قال الأَزهري: جعل العاتِقَ زقاًّ لما رآه نعتاً للــأَدْكن
وإِنما أراد بالعاتِقِ جيّدَ الخمر وهو كقوله: أَو جَوْنةٍ قُدِحَتْ، وإِنما
قدح ما فيها، والجَونة: الخابية، والقَدْح الغَرْف. وقال الجوهري: هو
الزِّقّ الذي طابت رائحته، وقوله بِكُلّ يعني من كل، والسِّباء: اشتراء
الخمر. والعاتِقُ أَيضاً: المزادة الواسعة. والمُعَتَّقةُ: ضرب من
العطر.وأَبو عَتيقٍ: كنية، ومنه ابن أَبي عَتيقٍ هذا الماجِنُ المعروف، وإِنما
قيل قَنْطرة عَتيقَةٌ، بالهاء، وقنطرة جَديدٌ، بلا هاء، لأَن العَتيقَةَ
بمعنى الفاعلة والجديد بمعنى المفعولة ليُفْرَقَ
بين ما له الفعل وبين ما الفعل واقع عليه.
وسب: الوِسْبُ: العُشْبُ واليَبيسُ. وسَبَتِ الأَرضُ وأَوْسَبَتْ:
كَثُرَ عُشْبُها، ويقال لنَباتِها: الوِسْبُ، بالكسر. والوَسْبُ: خَشَبٌ
يُوضَع في أَسفل البئر لئلا تَنهالَ، وجمعه وُسُوبٌ.
ابن الأَعرابي: الوَسَبُ الوَسَخُ؛ وقد وَسِبَ وَسَباً، ووَكِبَ
وَكَباً، وحَشِنَ حَشَناً، بمعنى واحد.
سبأ: سَبَأَ الخَمْرَ يَسْبَؤُها سَبْأً وسِباءً ومَسْبَأً واستَبَأَها:
شَراها. وفي الصحاح: اشتراها لِيَشْرَبَها. قال ابراهيم بن هَرْمةَ:
خَوْدٌ تُعاطِيكَ، بعد رَقْدَتِها، * إِذا يُلاقِي العُيونَ مَهْدَؤُها
كأْساً بِفِيها صَهْباء، مُعْرَقة، * يَغْلُو بأَيدي التِّجارِ مَسْبَؤُها
مُعْرَقةٌ أَي قليلةُ المِزاجِ أَي إِنها من جَوْدَتِها يَغْلُو اشتِراؤُها. واسْتَبَأَها: مِثله. ولا يقال ذلك إِلاَّ في الخَمرِ خاصة. قال مالك بن أَبي كعب:
بَعَثْتُ إِلى حانُوتِها، فاسْتَبَأْتُها * بغيرِ مِكاسٍ في السِّوام، ولا غَصْبِ
والاسم السِّباءُ، على فِعالٍ بكسر الفاءِ. ومنه سميت الخمر سَبِيئةً.
قال حَسَّانُ بن ثابِتٍ رضي اللّه تعالى عنه:
كأَنَّ سَبِيئةً من بَيْتِ رأس، * يكونُ مِزاجَها عسلٌ وماءُ
وخبر كأَنَّ في البيت الثاني وهو:
على أَنْيابها، أَو طَعْمُ غَضٍّ * مِنَ التُّفَّاحِ، هَصَّرَه اجْتِناءُ
وهذا البيت في الصحاح:
كأَنَّ سَبِيئةً في بيت رأْسٍ
قال ابن بري: وصوابه مِن بَيْتِ رأْسٍ، وهو موضع بالشام.
والسَّبَّاءُ: بَيَّاعُها. قال خالد بن عبداللّه لعُمر بن يوسف الثَّقفي: يا ابن السَّبَّاءِ، حكى ذلك أَبو حنيفة. وهي السِّباءُ والسَّبِيئةُ، ويسمى الخَمَّار سَبَّاءً. ابن الأَنباري: حكى الكسائي: السَّبَأُ الخَمْرُ، واللَّظَأُ: الشيءُ الثَّقيل(1)
(1 قوله «اللظأ الشيء الثقيل» كذا في التهذيب بالظاء المشالة أيضاً والذي في مادة لظأ من القاموس الشيء القليل.)،
حكاهما مهموزين مقصورين. قال: ولم يحكهما غيره. قال: والمعروف في الخَمْرِ السِّباءُ، بكسر السين والمدّ، وإِذا اشتريت الخمر لتحملها إِلى بلد آخر قلت: سَبَيْتُها، بلا همز. وفي حديث عمر رضي اللّه عنه: أَنه دَعا بالجِفانِ فسَبَأَ الشَّرابَ فيها.
قال أبو موسى: المعنى في هذا الحديث، فيما قيل: جَمَعَها وخَبَأَها.
وسَبَأَتْه السِّياطُ والنارُ سَبْأً: لَذَعَتْه، وقيل غَيَّرتْه
ولَوَّحَتْه، وكذلك الشمسُ والسَّيْرُ والحُمَّى كلهن يَسْبَأُ الإِنسانَ أَي
يُغَيِّره. وسَبَأْتُ الرجلَ سَبْأً: جَلَدْتُه. وسَبَأَ جِلْدَه سَبْأً: أَحْرَقَه، وقيل سلَخَه.
وانْسَبَأَ هو وسَبَأْتُه بالنار سَبْأً إِذا أَحْرَقْته بها.
وانْسَبَأَ الجِلْد: انْسَلَخَ. وانْسَبَأً جلْدُه إِذا تَقَشَّر. وقال:
وقد نَصَلَ الأَظفارُ وانْسَبَأَ الجِلْدُ
وإِنك لتريدُ سُبْأَةً أَي تُرِيد سَفَراً بَعِيداً يُغَيِّرُك. التهذيب: السُّبْأَةُ: السَّفَر البعيد، سمي سُبْأَةً لأَن الإِنسان إِذا طال سَفَرُه سَبَأَتْهُ الشمسُ ولَوَّحَتْه، وإِذا كان السفر قريباً قيل: تريد سَرْبةً.والـمَسْبَأُ: الطريقُ في الجبل.
وسَبَأَ على يَمِينٍ كاذبة يَسْبَأُ سَبْأً: حَلَف، وقيل: سبَأَ على يَمِينٍ يَسْبَأُ سَبْأً مَرَّ عليها كاذباً غير مُكْتَرِثٍ بها.
وأَسْبَأَ لأَمر اللّه: أَخْبَتَ. وأَسْبَأَ على الشيءِ: خَبَتَ له قَلْبُه.
وسَبَأُ: اسم رجل يَجْمع عامَّةَ قَبائل اليَمن، يُصْرَفُ على إِرادة
الحَيِّ ويُتْرَك صرْفُه على إرادة القَبِيلة. وفي التنزيل: «لقَدْ كانَ
لِسَبَإٍ في مَساكِنِهم» وكان أَبو عمرو يَقرأُ لِسَبَأَ. قال:
مَنْ سَبَأَ الحاضِرِينَ مَأْرِبَ، إِذْ * يَبْنُونَ، مِنْ دُونِ سَيْلِها، العَرِما
وقال:
أَضْحَتْ يُنَفِّرُها الوِلدانُ مِنْ سَبَإٍ، * كأَنهم، تَحتَ دَفَّيْها، دَحارِيجُ
وهو سَبَأُ بن يَشْجُبَ بن يَعْرُبَ بن قَحْطانَ، يُصرف ولا يُصرف، ويمدُّ ولا يمدّ. وقيل: اسم بلدة كانت تَسْكُنها بِلْقِيسُ. وقوله تعالى:
وجِئْتُك مِنْ سَبَإٍ بنَبَإٍ يقين. القُرَّاءُ على إِجْراءِ سَبَإٍ، وإِن لم
يُجْروه كان صواباً. قال: ولم يُجْرِه أَبو عمرو بن العَلاءِ. وقال
الزجاج: سَبَأٌ هي مدينة تُعرَف بِمَأْرِب مِن صَنْعاءَ على مَسِيرةِ ثلاثِ ليالٍ، ومن لم يَصْرِفْ فلأَنه اسم مدينة، ومن صرفه فلأَنه اسم البلَد، فيكون مذكراً سمي به مذكر. وفي الحديث ذكر سَبَأ قال: هو اسم مدينة بلقيس باليمن. وقالوا: تَفَرَّقُوا أَيْدِي سَبا وأَيادِي سَبا، فبنوه. وليس بتخفيف عن سَبَإٍ لأَن صورة تحقيقه ليست على ذلك، وإِنما هو بدل وذلك لكثرته في كلامهم، قال:
مِنْ صادِرٍ، أَو وارِدٍ أَيْدِي سَبَا
وقال كثير:
أَيادِي سَبَا، يا عَزَّ، ما كُنْتُ بَعْدَكُمْ، * فَلَمْ يَحْلَ للعَيْنَيْنِ، بَعْدَكِ، مَنْزِلُ
وضَرَبَتِ العَرَبُ بِهِم الـمَثَلَ في الفُرْقة لأَنه لـمَّا أَذْهَبَ اللّهُ عنهم جَنَّتَهم وغَرَّقَ مكانَهُم تَبَدَّدُوا في البلاد. التهذيب: وقولهم ذَهَبُوا أَيْدِي سَبَا أَي مُتَفَرِّقين، شُبِّهُوا بأَهلِ سَبأ لـمَّا مَزَّقهم اللّه في الأَرض كلَّ مُمَزَّقٍ، فأَخذ كلُّ طائفةٍ منهم طريقاً على حِدةٍ. واليَدُ: الطَّرِيق، يقال: أَخَذَ القَومُ يَدَ
بَحْرٍ. فقيل للقوم، إِذا تَفَرَّقوا في جهاتٍ مختلفة: ذَهَبوا أَيدي سَبَا أَي فَرَّقَتْهم طُرُقُهم التي سَلَكُوها كما تَفَرَّقَ أَهل سَبأ في مذاهبَ
شَتَّى. والعرب لا تهمز سبا في هذا الموضع لأَنه كثر في كلامهم، فاسْتَثْقَلوا فيه الهمزة، وإِن كان أَصله مهموزاً. وقيل: سَبَأٌ اسم رجل ولَدَ عشرة بَنِينَ، فسميت القَرْية باسم أَبِيهم.
والسَّبائِيَّةُ والسَّبَئِيةُ من الغُلاةِ ويُنْسَبُون إِلى عبداللّه ابن سَبَإٍ.
رفن: فرس رِفَنٌّ، كرِفَلٍّ: طويل الذنب، بتشديد النون. وبعير رِفَنٌّ:
سابغ الذنب ذَيَّالُه؛ قال النابغة الجَعْدي:
وهم دَلَفُوا بِهُجْرٍ في خَميسٍ
رَحِيبِ السِّربِ، أَرْعَن مُرْجَحِنّ
بكلِّ مُجَرِّبٍ كالليثِ يَسْمُو
إلى أَوصالِ ذَيَّالٍ رِفَنِّ
(* قوله «وهم دلفوا إلخ» مثله في الصحاح، قال الصاغاني: وهو تصحيف
ومداخلة، والرواية:
وهم ساروا لحجر في خميس * وكانوا يوم ذلك عند ظني
غداة تعاورته ثمّ بيض * رفعن إليه في الرهج المكنّ
وهم زحفوا لغسان بزحف * رحيب السَّرب أرعن مرجحنّ
ويروى: مرثعن وحجر بضم فسكون والمكن بضم فكسر). أَراد رِفَلاًّ، فَحوَّل
اللام نوناً. ابن الأَعرابي: الرَّفْنُ النَّبض. والرَّافِنَة:
المتبخترة في بَطَرٍ. الأَصمعي: المُرْفَئِنُّ الذي نفر ثم سكن؛ وأَنشد:
ضَرْباً وِلاءً غيرَ مُرْثَعِنِّ
حتى تَرِنِّي، ثم تَرْفَئِنِّي
وارْفأَنَّ الرجلُ، على وزن اطْمَأَنَّ، أَي نفر ثم سكن. يقال:
ارفَأَنَّ غَضَبِي؛ وأَنشد ابن بري للعجاج:
حتى ارْفَأَنَّ الناسُ بعد المَجْوَلِ.
المَجْوَلُ، مَفْعَل: من الجَوَلان. وفي الحديث: أَنَّ رجلاً شكا إليه
التَّعَزُّبَ فقال: عَفِّ شعرَك، ففعل فارْقَأَنَّ أَي سكن ما كان به.
يقال: ارْفَأَنَّ عن الأَمر وارْفَهَنَّ. قال ابن الأَثير: ذكره الهروي في
رفأَ على أَن النون زائدة، وذكره الجوهري في حرف النون على أَنها
أَصلية، وقال ابن بري: حَقُّ رُفَهْنِية أَن تذكر في فصل رفه في باب الهاء،
لأَنَّ الأَلف والنون زائدتان، وهي ملحقة بخُبَعْثِنَة، قال: وليس لرفهن هنا
وجه وذكرها في فصل رفه، وقال: هي ملحقة بالخماسي.
قدح: القَدَحُ من الآنية، بالتحريك: واد الأَقداحِ التي للشرب، معروف؛
قال أَبو عبيد: يُرْوِي الرجلين وليس لذلك وقت؛ وقيل: هو اسم يَجْمَعُ
صغارها وكبارها، والجمع أَقْداح، ومُتَّخِذُها: قَدَّاحٌ، وصِناعَتُه:
القِداحةُ.
وقَدَحَ بالزَّنْدِ يَقْدَحُ قَدْحاً واقْتَدَح: رام الإِيراءَ به.
والمِقْدَحُ والمِقْداحُ والمِقْدَحَةُ والقَدَّاحُ، كله: الحديدة التي
يُقْدَحُ بها؛ وقيل: القَدَّاحُ والقَدَّاحة الحجر الذي يُقْدَحُ به
النار؛ وقَدَحْتُ النارَ. الأَزهري: القَدَّاحُ الحجر الذي يُورى منه النار؛
قال رؤبة:
والمَرْوَ ذا القَدَّاحِ مَضْبُوحَ الفِلَقْ
والقَدْحُ: قَدْحُك بالزَّنْد وبالقَدَّاح لتُورِيَ؛ الأَصمعي: يقال
للذي يُضْرَبُ فتخرج منه النار قَدَّاحة. وقَدَحْتُ في نسبه إِذا طعنت؛ ومنه
قول الجُلَيْح يهجو الشَّمَّاخَ:
أَشَمَّاخُ لا تَمْدَحْ بِعِرْضِكَ واقْتَصِدْ،
فأَنتَ امْرٌؤٌ زَنْداكَ للمُتَقادِحِ
أَي لا حَسَبَ لك ولا نَسَب يصح؛ معناه: فأَنت مثل زَنْدٍ من شجر
مُتَقادِح أَي رِخْوِ العيدان ضعيفها، إِذا حركته الريح حك بعضه بعضاً فالتهب
ناراً، فإِذا قُدِحَ به لمنفعة لم يُورِ شيئاً.
قال أَبو زيد: ومن أَمثالهم: اقْدَحْ بِدِفْلى في مَرْخٍ؛ مَثَلٌ يضرب
للرجل الأَريبِ الأَديب؛ قال الأَزهري: وزِنادُ الدِّفْلى والمَرْخِ كثيرة
النار لا تَصْلِدُ.
وقَدَحَ الشيءُ في صدري: أَثَّر، من ذلك؛ وفي حديث عليّ، كرم الله وجهه:
يَقْدَحُ الشكُّ في قلبه بأَوَّلِ عارِضةٍ من شُبْهةٍ؛ وهو من ذلك.
واقْتَدَحَ الأَمرَ: دَبَّره ونظر فيه، والاسم القِدْحة؛ قال عمرو بن
العاص:
يا قاتَلَ اللهُ وَرْداناً وقِدْحَتَه
أَبْدى، لَعَمْرُكَ، ما في النَّفْسِ، وَرْدانُ
وَرْدانُ: غلام كان لعمرو بن العاص وكان حَصِيفاً، فاستشاره عمرو في
أَمر علي، رضي الله عنه، وأَمر معاوية إِلى أَيهما يذهب، فأَجابه وَرْدانُ
بما كان في نفسه، وقال له: الآخرة مع علي والدنيا مع معاوية وما أُراك
تختار على الدنيا، فقال عمرو هذا البيت؛ ومَن رواه: وقَدْحَتَه؛ أَراد به
مرة واحدة؛ وكذلك جاء في حديث عمرو بن العاص، وقال ابن الأَثير في شرحه ما
قلناه، وقال: القِدْحةُ اسم الضرب بالمِقْدَحَةِ، والقَدْحةُ المَرَّة،
ضربها مثلاً لاستخراجه بالنظر حقيقةَ الأَمرِ. وفي حديث حذيفة: يكون عليكم
أَمير لو قَدَحْتُموه بشعرةٍ أَوْرَيْتُموه أَي لو استخرجتم ما عنده
لظهر لضعفه كما يَستخرِجُ القادحُ النار من الزَّند فيُوري؛ فأَما قوله في
الحديث: لو شاء الله لجعل للناسِ قِدْحةَ ظُلْمة كما جعل لهم قِدْحةَ
نُورٍ، فمشتقٌّ من اقتداح النار؛ وقال الليث في تفسيره: القِدْحةُ اسم مشتق
من اقتداح النار بالزَّنْد؛ قال الأَزهري وأَما قول الشاعر:
ولأَنْتَ أَطْيَشُ، حين تَغْدُو سادِراً
رَعِشَ الجَنانِ، من القَدُوحِ الأَقْدَحِ
فإِنه أَراد قول العرب: هو أَطيش من ذُباب؛ وكل ذُباب أَقْدَحُ، ولا
تراه إِلا وكأَنه يَقْدَحُ بيديه؛ كما قال عنترة:
هَزِجاً يَحُكُّ ذِراعَه بِذراعِه،
قَدْحَ المُكِبِّ على الزِّنادِ الأَجْذَمِ
والقَدْحُ والقادحُ: أَكالٌ يَقَعُ في الشجر والأَسنان. والقادحُ:
العَفَنُ، وكلاهما صفة غالبة. والقادحةُ: الدودة التي تأْكل السِّنّ والشجر؛
تقول: قد أَسرعت في أَسنانه القَوادحُ؛ الأَصمعي: يقال وقع القادحُ في
خشبة بيته، يعني الآكِلَ؛ وقد قُدِحَ في السنّ والشجرة، وقُدِحتا قَدْحاً،
وقَدَح الدودُ في الأَسنان والشجر قَدْحاً، وهو تَأَكُّل يقع فيه.
والقادحُ: الصَّدْعُ في العُود، والسَّوادُ الذي يظهر في الأَسنان؛ قال
جَمِيلٌ:رَمَى اللهُ في عَيْنَيْ بُثَيْنَةَ بالقَذَى،
وفي الغُرِّ من أَنيابها بالقَوادِحِ
ويقال: عُود قد قُدِحَ فيه إِذا وَقَعَ فيه القادحُ؛ ويقال في مَثَل:
صَدَقَني وَسْمُ قِدْحِه أَي قال الحَقَّ؛ قاله أَبو زيد. ويقولون:
أَبْصِرْ وَسْمَ قِدْحِك أَي اعرِف نَفْسَك؛ وأَنشد:
ولكنْ رَهْطُ أُمِّكَ من شُيَيْمٍ،
فأَبْصِرْ وَسْم قِدْحِكَ في القِداحِ
وقَدَحَ في عِرْض أَخيه يَقْدَحُ قَدْحاً: عابه. وقَدَحَ في ساقِ أَخيه:
غَشَّه وعَمِلَ في شيء يكرهه. الأَزهري عن ابن الأَعرابي: تقول فلان
يَفُتُّ في عَضُدِ فلان ويَقْدَحُ في ساقِه؛ قال: والعَضُدُ أَهل بيته،
وساقُه: نفسه.
والقَديحُ: ما يبقَى في أَسفل القِدْرِ فيُغْرَفُ بجَهْد؛ وفي حديث أُم
زرع: تَقْدَحُ قِدْراً وتَنْصِبُ أُخرى أَي تَغْرِفُ؛ يقال: قَدَحَ
القِدْرَ إِذا غرف ما فيها؛ وفي حديث جابر: ثم قال ادْعِي خابِزَةً
فلْتَخْبِزْ معك واقْدَحِي في بُرْمَتِكِ أَي اغْرِفي. وقَدَحَ ما في أَسفل
القِدْرِ يَقْدَحُه قَدْحاً، فهو مَقْدُوحٌ وقَديحٌ، إِذا غَرَفَه بجَهْدٍ؛ قال
النابغة الذُّبْيانيّ:
يَظَلُّ الإِماءُ يَبْتَدِرْنَ قَديحَها،
كما ابْتَدَرَتْ كلبٌ مِياهَ قَراقِرِ
وهذا البيت أَورده الجوهري: فظَلَّ الإِماءُ، قال ابن بري: وصوابه يظل،
بالياء كما أَوردناه؛ وقبله:
بَقِيَّة قِدْرٍ من قُدُورٍ تُوُورِثَتْ
لآلِ الجُلاحِ، كابِراً بعدَ كابِرِ
أَي يَبْتَدِرُ الإِماءُ إِلى قَديح هذه القِدْر كأَنها ملكهم، كما
يبتدر كلبٌ إِلى مياه قَراقِر لأَنه ماؤهم؛ ورواه أَبو عبيدة: كما
ابْتَدَرَتْ سَعْدٌ، قال: وقَراقِرُ هو لسعدِ هُذَيْمٍ وليس لكلب. واقتِداحُ
المَرَقِ: غَرْفُه. وفي الإِناء قَدْحةٌ وقُدْحة أَي غُرْفةٌ؛ وقيل: القَدْحة
المرّة الواحدة من الفعل. والقُدْحَةُ: ما اقْتُدِحَ. يقال: أَعطني
قُدْحَةً من مَرَقَتِكَ أَي غُرْفةً. ويقال: يَبْذُلُ قَديحَ قِدْرِه يعني ما
غَرَفَ منها؛ والقَديحُ: المَرَقُ.
والمِقْدَحُ والمِقْدَحة: المِغْرَفَة؛ وقال جرير:
إِذا قِدْرُنا يوماً عن النارِ أُنْزِلَتْ،
لنا مِقْدَحٌ منها، وللجارِ مِقْدَحُ
ورَكِيٌّ قَدُوحٌ: تُغْتَرَفُ باليد.
والقِدْحُ، بالكسر: السهمُ قبل أَن يُنَصَّلَ ويُراشَ؛ وقال أَبو حنيفة:
القِدْحُ العُودُ إِذا بلغ فَشُذِّبَ عنه الغُصْنُ وقُطِعَ على مقدار
النَّبْل الذي يراد من الطُّول والقِصَر؛ قال الأَزهري: القِدْحُ قِدْحُ
السهم، وجمعه قِداح، وصانعه قَدَّاحٌ أَيضاً. ويقال: قَدَحَ في القِدْحِ
يَقْدَحُ وذلك إِذا خَرَق في السهم بسِنْخِ النَّصْل. وفي الحديث: أَن عمر
كان يُقَوِّمُهم في الصف كما يُقَوِّمُ القَدَّاحُ القِدْحَ؛ قال: وأَوّل
ما يُقْطَع ويُقْضَبُ يسمى قِطْعاً، والجمع القُطُوعُ، ثم يُبْرَى
فيُسَمَّى بَرِيّاً وذلك قبل أَن يُقَوَّمَ، فإِذا قُوِّمَ وأَنَى له أَن
يُراشَ ويُنْصَلَ، فهو القِدْحُ، فإِذا رِيشَ ورُكِّبَ نَصْلُه فيه صار
نَصْلاً؛ وقِدْحُ المَيْسِر، والجمع أَقْدُحٌ وقِداحٌ وأَقاديحُ، الأَخيرة جمع
الجمع؛ قال أَبو ذؤيب يصف إِبلاً:
أَمَّا أُولاتُ الذُّرَى منها فعاصِبَةٌ،
تَجُولُ، بين مَناقِيها، الأَقادِيحُ
والكثير قِداحٌ. وقوله فعاصبة أَي مجتمعة. والذُّرى: الأَسْنِمة.
وقُدُوحُ الرحْلِ: عِيدانُه، لا واحد لها؛ قال بِشْرُ بن أَبي خازم:
لها قَرَدٌ، كجَثْوِ النَّمْل، جَعْدٌ،
تَعَضُّ بها العَراقِي والقُدُوحُ
وحديث أَبي رافع: كنت أَعْمَلُ الأَقْداحَ، هو جمع قَدَحٍ، وهو الذي
يؤْكل فيه، وقيل: جمع قِدْحٍ، وهو السهم الذي كانوا يَسْتَقْسِمون أَو الذي
يُرْمى به عن القوس. وفي الحديث: إِنه كان يُسَوِّي الصفوف حتى يَدَعها
مثل القِدْحِ أَو الرَّقِيمِ أَي مثل السهم أَو سَطْرِ الكتابة. وحديث
أَبي هريرة: فَشَرِبْتُ حتى استوى بطني فصار كالقِدْح أَي انتصبَ بما حصل
فيه من اللبن وصار كالسهم، بعد أَن كان لَصِقَ بظهره من الخُلُوِّ. وحديث
عمر: أَنه كان يُطْعِمُ الناس عام الرَّمادة، فاتخذ قِدْحاً فيه فَرْضٌ،
أَي أَخذ سهماً وحَزَّ فيه حَزًّا عَلَّمَهُ به، فكان يَغْمِزُ القِدْحَ
في الثريد، فإِن لم يَبْلُغْ موضعَ الحَزِّ لامَ صاحبَ الطعام وعَنَّفَه.
وفي الحديث: لا تَجْعَلوني كَقَدَح الراكب أَي لا تُؤَخِّرُوني في
الذِّكْرِ، لأَن الراكب يُعَلِّقُ قَدَحَه في آخر رَحْلِه عند فراغه من
تَرْحاله ويجعله خلفه؛ قال حَسَّان:
كما نِيطَ، خَلْفَ الراكبِ، القَدَحُ الفَرْدُ
وقَدَحْتُ العينَ إِذا أَخرجتَ منها الماءَ الفاسِدَ. وقَدَحَتْ عينُه
وقَدَّحتْ: غارت، فهي مُقَدِّحةٌ، وخيل مُقَدِّحةٌ: غائرة العيون،
ومُقَدَّحةٌ، على صيغة المفعول: ضامرة كأَنها ضُمِّرَتْ، فُعِلَ ذلك بها.
وقَدَّحَ فرسَه تَقْدِيحاً: ضَمَّره، فهو مُقَدَّحٌ. وقَدَحَ خِتامَ الخابية
قَدْحاً: فَضَّه؛ قال لبيد:
أَغْلِي السِّباءَ أَدْكَنَ عاتِقٍ،
أَو جَوْنةٍ قُدِحَتْ، وفُضَّ خِتامُها
والقَدَّاحُ: نَوْرُ النبات قبل أَن يَتَفَتَّح، اسم كالقَذَّاف.
والقَدَّاحُ: الفِصْفِصَةُ الرَّطْبةُ، عِراقِيَّةٌ، الواحدة قَدَّاحة؛ وقيل:
هي أَطراف النبات من الورق الغَضِّ؛ الأَزهري: القَدَّاحُ أَرْآدٌ
رَخْصَةٌ من الفِصْفِصة. ودارَةُ القَدَّاح: موضع؛ عن كراع.
كلح: الكُلُوحُ: تَكَشُّرٌ في عُبوس؛ قال ابن سيده: الكُلُوحُ والكُلاحُ
بُدُوُّ الأَسنان عند العُبوس. كَلَحَ يَكْلَحي كُلُوحاً وكُلاحاً
وتَكَلَّحَ؛ وأَنشد ثعلب:
ولَوَى التَّكَلُّحَ، يَشْتَكي سَغَباً،
وأَنا ابنُ بَدْرٍ قاتِلُ السَّغَبِ
التكلح هنا يجوز أَن يكون مفعولاً من أَجله ويجوز أَن يكون مصدراً للوى
لأَن لوى يكون في معنى تَكلَّحَ، وقد أَكلحه الأَمرُ؛ قال لبيد يصف
السهام:
رَقَمِيَّات عليها ناهِضٌ،
تُكْلِحُ الأَرْوَقَ منها والأَيَلّ
وفي التنزيل: تَلْفَحُ وجوهَهم النارُ وهم فيها كالحون: قال أَبو إِسحق:
الكالحُ الذي قد قَلَصَتْ شَفَتُه عن أَسنانه نحو ما ترى من رؤوس الغنم
إِذا برزت الأَسنانُ وتَشَمَّرت الشِّفاه. والكُلاحُ، بالضم: السنة
المُجْدِبة؛ قال لبيد:
كانَ غِياثَ المُرْمِلِ المُمْتاحِ،
وعِصْمةً في الزَّمَنِ الكُلاحِ
وفي حديث عليّ: إِن من ورائكم فِتَناً وبَلاءً مُكْلِحاً أَي يُكْلِحُ
الناسَ بشدَّته؛ الكُلُوحُ: العُبُوس.
يقال: كَلَحَ الرجلُ وأَكْلَحه الهَمُّ ودهرٌ كالحٌ على المَثَل.
وكَلاحِ معدولٌ: السنة الشديدة؛ قال الأَزهري: ودهر كالح وكُلاحٌ شديد؛ وأَنشد
للبيد:
وعِصْمةً في السَّنةِ الكُلاحِ
وسنة كَلاحِ، على فَعالِ بالكسر، إِذا كانت مُجْدِبة، قال: وسمعت
أَعرابيّاً يقول لجمل يَرْغو وقد كَشَر عن أَنيابه: قَبَحَ الله كَلَحَته يعني
الفم؛ وقال ابن سيده: قَبَحَ اللهُ كَلَحَته يعني الفم وما حوله. ورجل
كَوْلَحٌ: قبيح.
والمكالَحة: المُشارَّةُ.
وتَكَلَّحَ البرقُ: تَتابَعَ. وتَكَلَّحَ البرقُ تَكَلُّحاً: وهو دوام
برقه واسْتِسْراره في الغمامة البيضاء، وهذا مثل قولهم: تَكَلَّحَ إِذا
تَبَسَّمَ؛ وتَبَسَّمَ البرقُ مثله.
قال الأَزهري: وفي بيضاء بني جَذِيمةَ ماء يقال له كلح، وهو شَروبٌ عليه
نخل بَعْلٌ قد رَسَختْ عروقها في الماء.
دكل: الدَّكَلة، بالتحريك: الطِّينُ الرقيق. دَكَلَ الطِّينَ يَدْكِلُه
ويَدْكُلُه دَكْلاً: جَمَعه بيده ليُطَيِّن به. والدَّكَلة: القوم الذين
لا يُجِيبون السلطان من عِزِّهم. يقال: هم يَتَدَكَّلون على السلطان أَي
يَتَدلَّلون. وتَدَكَّلوا عليه: اعْتَزُّوا وتَرَفَّعوا في أَنفسهم،
وقيل: كل من تَرَفَّع في نفسه فقد تَدَكَّل. وتَدَكَّل عليه: تَدَلَّل
وانبسط. أَبو زيد: تَدَكَّلت عليه تَدَكُّلاً أَي تَدَلَّلت؛ وأَنشد:
يا ناقتي ما لَكِ تَدَأْلِينا،
عَلَيَّ بالدَّهْنا تَدَكَّلِينا؟
وقال آخر:
قَوْم لهم عَزَازةُ التَّدَكُّل
وأَنشد أَبو عمرو لأَبي حُيَيَّة الشيباني:
تَدَكَّلتْ بعدي وأَلْهَتها الطُّبَن،
ونحن نعْدُو في الخَبار والجَرَن
يعني الجَرَل فأَبدل من اللام نوناً؛ وقال ابن أَحمر:
أَقول لكَنَّاز: تَدَكَّل فإِنه
أَبىً، لا أَظُنُّ الضأْنَ منه نواجِيا
ويروى: تَرَكَّل، ومعناهما واحد؛ وأَنشد أَبو عمرو:
عَليٌّ له فَضْلانِ: فَضْلُ قرابة،
وفَضْلٌ بنَصْل السيف والسُّمُر الدُّكْل
قال: الدُّكْل والدُّكْن واحد، يريد لون الرماح التي فيها دُكْنة.
دكك: الدَّكُّ: هدم الجبل والحائط ونحوهما، دَكَّه يَدُكُّه دَكّاً.
الليث: الدَّكّ كسر الحائط والجبل. وجبل دُكٌّ: ذليل، وجمعه دِكَكَةٌ مثل
جُحْر وجِحرَة. وقد تَدَكْدَكَتِ الجبالُ أَي صارت دَكَّاوَات، وهي رواب من
طين، واحدتها دَكَّاء. وقوله سبحانه وتعالى: وحُمِلت الأَرض والجبالُ
فدُكَّتَا دَكَّةً واحدة؛ قال الفراء: دَكُّها زلزلتها، ولم يقل فدكِكْنَ
لأنه جعل الجبال كالواحدة، ولو قال فدُكَّتْ دَكَّةً لكان صواباً. قال ابن
الإعرابي: دَكَّ هَدَم ودُكَّ هُدِمَ.
والدِّكَكُ: القيرانُ المُنْهالة. والدِّكَكُ: الهِضاب المفسَّخة.
والدَّكُّ: شبيه بالتل. والدَّكَّاءُ: الرَّابية من الطين ليست بالغليظة،
والجمع دَكَّاوَاتٌ، أَجروه مجرى الأسماء لغلبته كقولهم ليس في الخَضْرَاواتِ
صدقة. وأَكَمة دَكَّاء إذا اتسع أَعلاها، والجمع كالجمع نادر لأن هذا
صفة. والدَّكَّاواتُ: تلال خلقة، لا يفرد لها واحد؛ قال ابن سيده: هذا قول
أَهل اللغة، قال: وعندي أَن واحدتها دَكَّاءِ كما تقدم. قال الأصمعي:
الدَّكَّاوَاتُ من الأَرض الواحدة دَكَّاء وهي رَوَابٍ من طين ليست بالغِلاظ،
قال: وفي الأَرض الدِّكَكَةُ، والواحد دُكّ، وهي رََوابٍ مشرفة من طين
فيها شيء من غلظ، ويُجْمَع الدَّكَّاءُ من الأَرض دَكَّاوات ودُكّاً، مثل
حَمْراوات وحُمْر.
والدُّكُكُ: النوق المنفضِخة الأَسْنِمَةِ. وبعير أَدَكُّ: لا سنام له،
وناقة دَكَّاءِ كذلك، والجمع دُكّ ودَكَّاوات مثل حُمْر حُمْراوات قال
ابن بري: حَمْراء لا يجمعع بالألف والتاء فيقال حَمْراوات كما لا يجمع
مذكره بالواو والنون فيقال أَحْمَرُون، وأَما دَكَّاءِ فليس لها مذكر ولذلك
جاز أَن يقال دَكَّاوَات، وقيل: ناقة دَكَّاءُ للتي افترش سنامها في جنبيها
ولم يُشْرِف، والاسم الدَّكَكُ، وقد اندك. وفرس مَدْكُوك: لا إشْرَاف
لِحَجَبَتِه. وفرس أَدَكُّ إذا كان مُتدانياً عريض الظهر. وكتب أبو موسى
إلى عمر: إنَّا وجدنا بالعِراق خيلاً عِرَاضاً دُكَّا فما يرى أَمير
المؤمنين من أَسهامها أَي عِراض الظهور قصارها. وخيل دُكٌّ وفرس أَدَكّ إذا كان
عريض الظهر قصيراً؛ حكاه أَبو عبيدة عن الكسائي، قال: وهي البَرَاذين.
والدَّكَّةُ: بناء يسطح أَعلاه. وانْدَكَّ الرمل: تلبد، والدُّكَّانُ من
البناء مشتق من ذلك. الليث: اختلفوا في الدُّكَّان فقال بعضهم هو
فَعْلان من الدَّكّ، وقال بعضهم هو فُعّال من الدَّكَن، وقال الجوهري:
الدَّكَّة والدُّكَّانُ الذي يقعد عليه؛ قال المُثَقّب العبدي:
فأَبقَى باطِلِي، والجِدُّ منها،
كدُكَّآنِ الدَّرَابِنَةِ المَطِين
قال: وقوم يجعلون النون أَصلية، والدَّرَابِنَة: البَوَّابُون، واحدهم
دَرْبانٌ. والدَّكُّ والدَّكَّةُ: ما استوى من الرمل وسهل، وجمعها دِكاكٌ.
ومكان دَكٌّ مسْتَوٍ. وفي التزيل العزيز: حتى إِذا جاء وعد ربي جعله
دَكّاً؛ قال الأَخفش في قوله دَكّاً بالتنوين قال: كأَنه قال دَكَّهُ دَكّاً
مصدر مؤَكد، قال: ويجوز جعله أَرضاً ذا دَكٍّ كقوله تعالى: واسأَلِ
القريةَ، قال: ومن قرأَها دَكَّاءَ ممدوداً أَراد جَعَله مثل دَكَّاءَ وحذف
مثل؛ قال أَبو العباس: ولا حاجة به إلى مثل وإِنما المعنى جعل الجبل
أَرضاً دَكَّاء واحداً
(* قوله واحداً: هكذا في الأصل)، قال: وناقة دَكَّاءُ
إذا ذهب سنَامها. قال الأَزهري: وأَفادني ابن اليزيدي عن أَبي زيد جعله
دَكَّاً، قال المفسرون ساخ في الأرض فهو يذهب حتى الآن، ومن قرأَ دَكَّاءَ
على التأَنيث فلتأْنيث الأَرض جَعَله أَرضاً دَكَّاء. الأَخفش: أَرض
دَكٌّ والجمع دُكُوك. قال الله تعالى: جعله دَكَّا، قال: ويحتمل أَن يكون
مصدراً لأنه حين قال جعَلَه كأَنه قال دَكَّه فقال دَكَّهُ فقال دَكّاً، أَو
أَراد جَعله ذا دَكٍّ فحذف، وقد قُرئ بالمد، أي جعله أرضاً دَكَّاء محذف
لأَن الجبل مذكر.
ودَكَّ الأَرضَ دَكّاً: سَوّى صَعُودَها وهَبُوطها، وقد انْدَكَّ
المكان. ودَكَّ الترابَ يَدُكُّه دَكّاً: كبسه وسَوّاه. وقال أَبو حنيفة عن
أَبي زيد: إِذا كبس السطح بالتراب قيل دَكّ التراب عليه دَكّاً. ودَكَّ
التراب على الميت يَدُكُّه دَكّاً: هاله.
ودَكَكْتُ التراب على الميت أَدُكُّه إِذا هِلْته عليه. ودَكْدَكْتُ
الرَّكِيَّ أَي دفنته بالتراب. ودَكَّ الرَّكِيّة دَكّاً: دفنها وطَمَّها.
والدَّك: الدقّ، وقد دَكَكْتُ الشيء أَدُكُّه دَكّاً إذا ضربته وكسرته حتى
سوّيته بالأَرض؛ ومنه قوله عز وجل: فَدُكَّتا دَكَّةً واحدة.
والدِّكْدِكُ والدَّكْدَكُ والدَّكْدَاكُ من الرمل. ما تَكَبَّس واستوى، وقيل:
هوبطن من الأَرض مستو، وقال أَبو حنيفة: هو رمل ذو تراب يتلبد. الأَصمعي:
الدَّكْدَاكُ من الرمل ما الْتَبَد بعضه على بعض بالأَرض ولم يرتفع كثيراً.
وفي الحديث: أَنه سأَل جرير بن عبد الله عن منزله فقال: سَهْلٌ
ودَكْدَاكٌ وسَلَمٌ وأَراكٌ أَي أَن أَرضهم ليست ذات خُزُونة؛ قال لبيد:
وغيث بدَكْدَاكٍ، يَزِينُ وِهَادَهُ
نباتٌ كوَشْي العَبْقَريِّ المُخَلَّب
والجمع الدَّكادِك والدَّكادِيك؛ وفي حديث عمرو بن مرة:
إليك أَجُوبُ القُورَ بعد الدَّكادِكِ
وقال الراجز:
يا دار سَلْمَى بدَكادِيكِ البُرَقْ
سَقْياً فقد هَيَّجْتِ شَوْق المُشْتَأَقْ
والدَّكْدَك والدِّكْدَكُ والدِّكْدَاكُ: أَرض فيها غلظ. وأَرض مَدْكوكة
إذا كثر بها الناس ورُِعاة المال حتى يفسدها ذلك وتكثر فيها آثار المال
وأَبواله، وهم يكرهون ذلك إلا أَن يجمعهم أَثر سحابة فلا يجدون منه
بدّاً. وقال أَبو حنيفة: أَرض مَدْكوكة لا أَسناد لها تُنْبتُ الرِّمْث.
ودُكَّ الرجل، على صيغة ما لم يسم فاعله، فهو مَدْكوك إذا دَكَّتْه الحُمَّى
وأَصابه مرض. ودَكَّتْه الحمى دكّاً: أضعفته. وأَمة مِدَكَّةٌ: قوية على
العمل. ورجل مِدَكٌّ، بكسر الميم: شديد الوطء على الأَرض. الأَصمعي:
صَكَمْتُه ولَكَمْتُه وصَكَكْتُه ودَكَكْتُه ولَكَكْتُه كله إذا دفعته. ويوم
دَكِيك: تامّ، وكذلك الشهر والحول. يقال: أَقمت عنده حولاً دَكيكاً أَي
تامّاً. ابن السكيت: عامٌ دَكِيكٌ كقولك حول كَرِيتٌ أَي تامٌّ؛ قال:
أَقمت بجُرْجَانَ حولاً دَكِيكا
وحَنْظل مُدَكّكٌ: يؤكل بتمر أَو غيره. ودَكَّكه: خلطه. يقال: دَكَّكُوا
لنا. وتَدَاكَّ عليه القوم إذا ازدحموا عليه. وفي حديث عليّ: ثم
تَدَاكَكْتم عليَّ تَدَاكُكَ الإبل الهِيم على حياضها أَي ازدحمتم، وأَصل
الدَّكّ الكسر. وفي حديث أَبي هريرة: أَنا أَعلم الناس بشفاعة محمد يوم
القيامة، قال فتَدَاكَّ الناس عليه. أَبو عمرو: دَكَّ الرجل جاريته إذا جهدها
بإلقائه ثقله عليها إذا أَراد جماعها؛ وأَنشد الإبادي:
فقَدْتُكَ من بَعْلٍ عَلامَ تَدُكُّني
بصدرك، لا تُغْني فَتِيلاً ولا تُعْلي؟
دبس: الدَّبْسُ والدِّبْسُ: الكثير. ابن الأَعرابي: الدَّبِْسُ الجمع
الكثير من الناس. ويقال: مال دَِبْسٌ ورَبْسٌ أَي كثير، بالراء.
والدِّبْسُ والدِّبِسُ: عَسَلُ التمر وعُصارته، وقال أَبو حنيفة: هو
عُصارة الرُّطَب من غير طبخ، وقيل: هو ما يسيل من الرطب.
والدَّبُوسُ: خُلاصة التمر تلقى في السمن مطيبة للسمن.
والدُّبْسَةُ: لونٌ في ذوات الشعر أَحمرُ مُشْرَبٌ. والأَدْبَسُ من
الطير والخيل: الذي لونه بين السواد والحمرة، وقد ادْبَسَّ ادْبِساساً.
والدُّبْسَةُ: حُمْرَةٌ مُشْرَبَةٌ سواداً، وقد ادْباسَّ وهو أَدْبَسُ، يكون
في الشاء والخيل. والدَّبْسُ: الأَسْوَدُ من كل شيء ! وادْباسَّتِ
الأَرضُ: اختلط سوادُها بخُضْرَتها. وقال أَبو حنيفة: أَدْبَسَت الأَرض رؤي أَول
سواد نبتها، فهي مُدْبِسَةٌ.
والدُّبْسِيُّ: ضرب من الحمام جاء على لفظ المنسوب وليس بمنسوب، قال:
وهو منسوب إِلى طير دُبْسٍ، ويقال إِلى دِبْسِ الرُّطَبِ لأَنهم يغيرون في
النسب ويضمون الدال كالدُّهْريِّ والسُهْليِّ. وفي الحديث: أَن أَبا طلحة
كان يصلي في حائط له فطار دُبْسِيٌّ فأَعجبه؛ قال: هو طائر صغير قيل هو
ذكر اليمام. وجاءَ بأُمور دُبْسٍ أَي دَواهٍ مُنْكَرَة، وأَنكر ذلك على
أَبي عبيد فقال: إِنما هو رُبْس، ويقال للسماء إِذا مَطَرَتْ، وفي التهذيب
إِذا خالت للمطر: دُرِّي دُبَسُ؛ عن ابن الأَعرابي، ولم يفسره بأَكثر من
هذا؛ قال ابن سيده: وعندي أَنه إِنما سميت بذلك لاسودادها بالغيم.
ودَبَّسَ الشيءَ واراه؛ عن ابن الأَعرابي، وأَنشد:
إِذا رآه فَحْلُ قومٍ دَبَّسا
وأَنشد أَيضاً لِرَكَّاضٍ الدُّبَيْريّ:
لا ذَنْبَ لي إِذ بِنْتُ زُهْرَةَ دَبَّسَتْ
بغيرِك أَلْوَى، يُشْبِهُ الحقَّ باطِلُهْ
ودَبَّسْتُه: وارَيْتُه. والدَّبُّوس: معروف. والدِّبَاساتُ، بتخفيف
الباء: الخلايا الأَهليةُ؛ عن أَبي حنيفة. والدَّبَاساءُ، ممدود: إِناث
الجراد، واحدتها دَِباساءَةٌ،،؛ وقول لَقِيط بن زُرارَةَ:
لو سَمِعُوا وَقْعَ الدَّبابيسِ
واحدها دَبُّوسٌ، قال: وأُراه معرَّباً.
عسل: قال الله عز وجل: وأَنهارٌ من عَسَل مُصَفى؛ العَسَلُ في الدنيا هو
لُعاب النَّحْل وقد جعله الله تعالى بلطفه شِفاءً للناس، والعرب
تُذَكِّر العَسَل وتُؤنِّثه، وتذكيره لغة معروفة والتأْنيث أَكثر؛ قال
الشماخ:كأَنَّ عُيونَ الناظِرِين يَشُوقُها
بها عَسَلٌ، طابت يدا من يَشُورُها
بها أَي بهذه المرأَة كأَنه قال: يَشُوقُها بِشَوْقِها إِيَّاها عَسَلٌ؛
الواحدة عَسَلةٌ، جاؤوا بالهاء لإِرادة الطائفة كقولهم لَحْمة ولبَنَة؛
وحكى أَبو حنيفة في جمعه أَعْسال وعُسُلٌ وعُسْلٌ وعُسُولٌ وعُسْلانٌ،
وذلك إِذا أَردت أَنواعه؛ وأَنشد أَبو حنيفة:
بَيْضاءُ من عُسْلِ ذِرْوَةٍ ضَرَبٌ،
شِيبَتْ بماء القِلاتِ من عَرِم
القِلاتُ: جمع قَلْتٍ، والعَرِمُ: جمع عَرِمة، وهي الصُّخور تُرْصَف
ويُقْطَع بها الوادي عَرْضاً لتكون رَدّاً للسَّيْل. وقد عَسَّلَتِ النَّحْل
تعسيلاً. والعَسَّالة: الشُّورة التي تَتَّخِذ فيها النَّحْلُ العَسَلَ
من راقُودٍ وغيره فتُعَسِّل فيه. والعَسَّالة والعاسِلُ: الذي يَشْتارُ
العَسَلَ من موضعه ويأْخُذه من الخَلِيَّة؛ قال لبيد:
بأَشْهَبَ من أَبكارِ مُزْنِ سَحابة،
وأَرْيِ دُبُورٍ شارَهُ النَّحْلَ عاسِلُ
أَراد شارَه من النَّحْل فعدّى بحذف الوَسِيط كاخْتارَ مُوسى قومَه
سَبْعِين رَجُلاً. ومَكانٌ عاسِلٌ: فيه عَسَلٌ؛ وقول أَبي ذؤيب:
تَنَمَّى بها اليَعْسُوبُ حَتَّى أَقَرَّها
إِلى مَأْلَفٍ، رَحْبِ المَباءةِ، عاسِلِ
إِنما هو على النَّسَب أَي ذي عَسَلٍ، والعرب تُسَمِّي صَمْغَ العُرْفُط
عَسَلاً لحلاوته، وتقول للحديث الحُلْو: مَعْسُولٌ. واستعار أَبو حنيفة
العَسَلَ لِدِبْس الرُّطَب فقال: الصَّقْرُ عَسَلُ الرُّطَب وهو ما سال
من سُلافَتِه، وهو حُلْوٌ بمَرَّةٍ، وعَسَلُ النَّحْل هو المنفرد بالاسم
دون ما سواه من الحُلْو المسمَّى به على التشبيه.
وعَسَلَ الشيءَ يَعْسِلُه ويَعْسُله عَسْلاً وعَسَّله: خَلَطَه بالعَسَل
وطَيّبه وحَلاَّه. وعَسَّلْتُ الرجُلَ: جَعَلْتُ أُدْمَه العَسَل.
واسْتَعْسَلَ القومُ: اسْتَوْهَبوا العَسَل. وعَسَّلْتُ القومَ: زوَّدتهم
إِيَّاه. وعَسَلْتُ الطعامَ أَعْسِلُه وأَعْسُله أَي عمِلْته بالعَسَل.
وزَنْجَبِيل مُعَسَّل أَي مَعْمول بالعَسَل؛ قال ابن بري: ومنه قول
الشاعر:إِذا أَخَذَتْ مِسْواكَها مَنَحَتْ به
رُضاباً، كطَعْم الزَّنْجَبِيل المُعَسَّل
وفي الحديث في الرجل يُطَلِّق امرأَته ثم تَنْكِح زوجاً غيره: فإِن
طَلَّقها الثاني لم تَحِلَّ للأَوَّل حتى يَذُوقَ من عُسَيْلَتِها وتَذُوقَ
من عُسَيْلَته، يعني الجِماع على المَثَل. وقال النبي، صلى الله عليه
وسلم، لامرأَة رِفاعة القُرَظِيِّ، وقد سأَلَتْه عن زوج تَزَوَّجَتْه
لِتَرْجِع به إِلى زَوْجِها الأَوَّل الذي طَلَّقها، فلم يَنْتَشِرْ ذَكَرُه
للإِيلاج فقال له: أَتُرِيدينَ أَن تَرْجِعي إِلى رِفاعة؟ لا، حَتَّى
تَذُوقي عُسَيْلَتَه ويَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ، يعني جِماعَها لأَن الجِماع هو
المُسْتَحْلى من المرأَة، شَبَّهَ لَذَّة الجماع بذَوْق العَسَل فاستعار لها
ذَوْقاً؛ وقالوا لكُلِّ ما اسْتَحْلَوْا عَسَلٌ ومَعْسول، على أَنه
يُسْتَحْلى اسْتِحْلاء العَسَل، وقيل في قوله: حتى تَذُوقي عُسَيْلَته ويَذوق
عُسَيْلَتَك، إِنَّ العُسَيْلة ماء الرجل، والنُّطْفَةُ تُسَمَّى
العُسَيْلة؛ وقال الأَزهري: العُسَيْلة في هذا الحديث كناية عن حَلاوة الجِماع
الذي يكون بتغييب الحَشَفة في فرج المرأَة، ولا يكون ذَواقُ
العُسَيْلَتَيْن معاً إِلا بالتغييب وإِن لم يُنْزِلا، ولذلك اشترط عُسَيْلَتهما
وأَنَّثَ العُسَيْلة لأَنه شَبَّهها بقِطْعة من العَسَل؛ قال ابن الأَثير:
ومن صَغَّرَه مؤنثاً قال عُسَيْلة كَقُوَيْسة وشُمَيْسة، قال: وإِنما
صَغَّرَه إِشارة إِلى القدر القليل الذي يحصل به الحِلُّ.
ويقال: عَسَلْت من طَعامه عَسَلاً أَي ذُقْت. وعَسَلَ المرأَةَ
يَعْسِلُها عَسْلاً: نكَحها، فإِمَّا أَن تكون مشتقَّة من قوله حتى تَذُوقي
عُسَيْلته ويَذُوق عُسَيْلتك، وإِمَّا أَن تكون لفظَةً مُرْتَجَلَة على حِدَة،
قال ابن سيده: وعندي أَنها مشتقة.
والمَعْسُلة
(* قوله «والمعسلة» هكذا ضبط في الأصل وفي موضعين من المحكم
بضم السين وعليه علامة الصحة، ووزنه في القاموس بمرحلة) الخَلِيَّة؛
يقال: قَطَفَ فلان مَعْسُلَتَه إِذا أَخذ ما هنالك من العَسَل، وخَلِيَّة
عاسِلةٌ، والنَّحْل عَسَّالة.
وما أَعرف له مَضْرِبَ عَسَلة: يعني أَعْراقَه؛ ويقال: ما لِفُلان
مضرِبُ عَسَلَة يعني من النسب، لا يستعملان إِلاَّ في النفي؛ وقيل: أَصل ذلك
في شَوْر العَسَل ثم صار مثلاً للأَصل والنسب.
وعَسَلُ اللُّبْنى: شيءٌ يَنْضَحُ من شَجَرِها يُشْبِه العَسَل لا
حَلاوة له. وعَسَلُ الرِّمْث: شيء أَبيض يخرج منه كأَنَّه الجُمَان. وعَسَلَ
الرجُلَ: طَيَّب الثناءَ عليه؛ عن ابن الأَعرابي، وهو من العَسَل لأَن
سامِعَه يَلَذُّ بِطيبِ ذِكْرِه. والعَسَلُ: طِيبُ الثناء على الرجل. وفي
الحديث: إِذا أَراد الله بعبد خيراً عَسَلَه في الناس أَي طَيَّب ثَناءه
فيهم؛ وروي أَنه قيل لرسول الله، صلى الله عليه وسلم: ما عَسَلَه؟ فقال:
يَفْتَح له عَمَلاً صالحاً بين يَدَيْ موته حتى يَرْضى عنه مَنْ حَوْلَه
أَي جَعَل له من العمل الصالح ثناء طَيِّباً، شَبَّه ما رَزَقَه اللهُ من
العمل الصالح الذي طاب به ذِكْرُه بين قومه بالعَسَل الذي يُجْعَل في
الطعام فَيَحْلَوْلي به ويَطِيب، وهذا مَثَلٌ، أَي وفَّقَه الله لعمل صالح
يُتْحِفه كما يُتْحِف الرجل أَخاه إِذا أَطعمه العَسَل.
ويقال: لَبَنَهُ ولَحَمه وعَسَلَهُ إِذا أَطعمه اللبن واللحم والعَسَل.
والعُسُلُ: الرجال الصالحون، قال: وهو جمع عاسِلٍ وعَسُول، قال: وهو مما
جاء على لفظ فاعل وهو مفعول به، قال الأَزهري: كأَنه أَراد رجل عاسِلٌ
ذو عَسَل أَي ذو عَمَلٍ صالِحٍ الثَّناء به عليه يُسْتَحْلى كالعَسَل.
وجارية مَعْسُولة الكلام إِذا كانت حُلْوة المَنْطِق مَلِيحة اللفظ طَيِّبة
النَّغْمة. وعَسَلَ الرُّمْحُ يَعْسِلُ عَسْلاً وعُسُولاً وعَسَلاناً:
اشْتَدَّ اهتزازُه واضْطَرَب. ورُمْحٌ عَسَّالٌ وعَسُولٌ: عاسِلٌ
مُضْطَرِبٌ لَدْنٌ، وهو العاتِرُ وقد عَتَرَ وعَسَلَ؛ قال:
بكُلِّ عَسَّالٍ إِذا هُزَّ عَتَر
وقال أَوس:
تَقاكَ بكَعْبٍ واحدٍ وتَلَذُّه
يَداكَ، إِذا ما هُزَّ بالكَفِّ يَعْسِلُ
والعَسَلُ والعَسَلانُ: أَن يَضْطَرِم الفرسُ في عَدْوِه فيَخْفِق
برأْسه ويَطَّرِد مَتْنُه. وعَسَل الذِّئْبُ والثعلبُ يَعْسِلُ عَسَلاً
وعَسَلاناً: مَضَى مُسْرِعاً واضْطَرب في عَدْوِه وهَزَّ رأْسَه؛ قال:
واللهِ لولا وَجَعٌ في العُرْقُوب،
لكُنْتُ أَبْقَى عَسَلاً من الذِّيب
استعاره للإِنسان؛ وقال لبيد:
عَسَلانَ الذِّئْب أَمْسَى قارِباً،
بَرَدَ اللَّيْلُ عليه فنَسَل
وقيل: هو للنابغة الجعدي، والذئب عاسِلٌ، والجمع العُسَّل والعَواسِل؛
وقول ساعدة بن جُؤَيَّة:
لَدْنٌ بِهَزِّ الكَفِّ يَعْسِلُ مَتْنُه
فيه، كما عَسَلَ الطَّريقَ الثَّعْلَبُ
أَراد عَسَلَ في الطريق فحذف وأَوْصل، كقولهم دَخَلْتُ البيت، ويروى
لَذٌّ. والعَسَلُ حَبابُ الماء إِذا جَرَى من هُبوب الرِّيح. وعَسَلَ الماءُ
عَسَلاً وعَسَلاناً: حَرَّكَتْه الريحُ فاضْطَرَب وارْتَفَعَتْ حُبُكُه؛
أَنشد ثعلب:
قد صبَّحَتْ والظِّلُّ غَضٌّ ما زَحَل
حَوْضاً، كأَنَّ ماءه إِذا عَسَل
من نافِضِ الرِّيحِ، رُوَيْزِيٌّ سَمَل
الرُّوَيْزِيُّ: الطَّيْلَسانُ، والسَّمَل: الخَلَق، وإِنما شَبَّه
الماءَ في صَفائه بخُضْرة الطَّيْلَسان وجعله سَمَلاً لأَن الشيء إِذا
أَخْلَق كان لونُه أَعْتَق. وعَسَلَ الدَّليلُ بالمَفازة: أَسرع.
والعَنْسَل: الناقةُ السريعة، ذهب سيبويه إِلى أَنه من العَسَلانِ. وقال
محمد بن حبيب: قالوا للعَنْس عَنْسَل، فذهب إِلى أَن اللام من عَنْسَل
زائدة، وأَن وزن الكلمة فَعْلَلٌ واللام الأَخيرة زائدة؛ قال ابن جني: وقد
تَرَك في هذا القول مذهب سيبويه الذي عليه ينبغي أَن يكون العمل، وذلك
أَن عَنْسَل فَنْعَلٌ من العَسَلانِ الذي هو عَدْوُ الذئب، والذي ذهب
إِليه سيبويه هو القول، لأَن زيادة النون ثانيةً أَكثر من زيادة اللام، أَلا
ترى إِلى كثرة باب قَنْبَر وعُنْصُل وقِنْفَخْرٍ وقِنْعاس وقلة باب ذلِك
وأُولالِك؟ قال الأَعشى:
وقد أَقْطَعُ الجَوْزَ، جَوْزَ الفَلا،
ةِ بالحُرَّةِ البازِلِ العَنْسَل
والنون زائدة. ويقال: فلان أَخْبَثُ من أَبي عِسْلة ومن أَبي رِعْلة ومن
أَبي سِلْعامَة ومن أَبي مُعْطة، كُلُّه الذِّئب.
ورَجُلٌ عَسِلٌ: شديد الضَّرْب سَرِيعُ رَجْعِ اليد بالضَّرْب؛ قال
الشاعر:
تَمْشِي مُوالِيةً، والنَّفْس تُنْذِرُها
مع الوَبِيلِ، بكَفِّ الأَهْوَجِ العَسِل
والعَسِيلُ: مِكْنَسة الطِّيب، وهي مِكْنَسَة شَعَرٍ يَكْنِس بها
العطَّارُ بَلاطَه من العِطْر؛ قال:
فَرِشْني بخَيْرٍ، لا أَكونُ ومِدْحَتي
كَناحِتِ، يوماً، صَخْرةٍ بِعَسِيل
فَصَلَ بين المضاف والمضاف إِليه بالظرف
(* قوله «فصل بين المضاف
والمضاف إليه بالظرف» هذه عبارة المحكم وضبط صخرة فيه بالجر. وقوله «أراد إلخ»
هذه عبارة التهذيب وضبط صخرة فيه بالنصب وعليه يتم تمثيله ببيت أبي
الأسود فهما روايتان في البيت كما لا يخفى، وقوله بعد «وقيل أراد لا أكونن»
لعله سقط قبل هذا ما يحسن العطف عليه، وفي التهذيب والصحاح: لا أكونن، بنون
التوكيد) ؛ أَراد كناحِتٍ صَخْرةً يوماً بعَسِيلٍ، هكذا أُنشد عن
الفراء؛ ومثله قول أَبي الأَسود:
فأَلْفَيْتُه غَيْرَ مُسْتَعْتِبٍ،
ولا ذاكِرِ اللهَ إِلا قليلا
أَراد: ولا ذاكِرٍ اللهَ؛ وأَنشد الفراء أَيضاً:
رُبَّ ابْن عَمٍّ لسُلَيْمَى مُشْمَعِلْ،
طَبَّاخِ ساعاتِ الكَرَى زادَ الكَسِلْ
وقيل: أَراد لا أَكونَنْ ومِدْحَتي.
والعَسيل: الرِّيشة التي تُقْلَع بها الغالِية، وجمعها عُسُلٌ.
وإِنه لَعِسْلٌ من أَعْسالِ المالِ أَي حَسَنُ الرِّعية له، يقال عِسْلُ
مالٍ كقولك إِزاء مالٍ وخالُ مالٍ أَي مُصْلح مالٍ. والعَسيل: قَضيب
الفيل، وجمعه عُسُلٌ. والعَسَلُ والعَسَلانُ: الخبَب. وفي حديث عمر: أَنه
قال لعمرو بن مَعْدِيكَرِب: كَذَبَ، عليْك العَسَلَ أَي عليْك بسُرْعة
المَشْي؛ هو من العَسَلان مَشْيِ الذئب واهتزاز الرمح، وعَسَلَ بالشيء
عُسُولاً.
ويقال: بَسْلاً له وعَسْلاً، وهو اللَّحْيُ في المَلام. وعَسَلِيُّ
اليهودِ: علامَتُهم. وابن عَسَلة: من شعرائهم؛ قال ابن الأَعرابي: وهو
عَبْدالمَسيح بن عَسَلة. وعاسِلُ بن غُزَيَّة: من شُعَراء هُذَيل. وبَنُو
عِسْلٍ: قَبيلةٌ يزعمون أَن أُمَّهم السِّعْلاة. وقال الأَزهري في ترجمة
عسم: قال وذكر أَعرابي
(* قوله «قال وذكر أعرابي» القائل هو النضر بن شميل
كما يؤخذ من التهذيب) أَمَةً فقال: هي لنا وكُلُّ ضَرْبَةٍ لها من
عَسَلةٍ؛ قال: العَسَلة النَّسْل.