(أَخَاف زيادا أَن يكون عطاؤه أداهم سُودًا أَو محدرجة سمرا)
(أَخَاف زيادا أَن يكون عطاؤه أداهم سُودًا أَو محدرجة سمرا)
فجل: فَجَّل الشيءَ: عرّضه. ورجل أَفْجَل: متباعد ما بين الساقين.
وفَجِلَ الشيء وفَجَلَ يَفْجُل فَجْلا وفَجَلاً: استرخى وغلُظ.
والفُجْل والفُجُل؛ جميعاً عن أَبي حنيفة: أُرومة نبات خبيثة الجُشاء
معروف، واحدته فُجْلة وفُجُلة، وهو من ذلك؛ وإِياه عنى بقوله وهو مجهز
السفينة يهجو رجلاً:
أَشْبَه شيء بِجُشاء الفُجْلِ
ثِقْلاً على ثِقْل، وأَيّ ثِقْلِ
والفَنْجلة والفَنْجَلى: مِشْية فيها استرخاء يسحَب رجله على الأَرض؛
قال ابن سيده: وإِنما قضيت على نونها بالزيادة لقولهم فَجِل إِذا استرخى.
الصحاح: الفَنْجَلة مِشْية فيها استرخاء كمِشية الشيخ؛ وقال صخر بن
عمير:فإِنْ تَريني في المَشيب والعِلَهْ،
فصِرْتُ أَمشي القَعْوَلى والفَنْجَلَهْ،
وتارةً أَنْبُثُ نَبْثاً نَقْثَلَهْ
النَّقْثَلة: مِشْية الشيخ يُثِير التراب إِذا مشى. والفَنْجَل: الذي
يمشي الفَنْجَلة؛ قال الراجز:
لا هِجْرَعاً رِخْواً ولا مُثَجَّلا،
ولا أَصَكَّ أَو أَفَجَّ فَنْجَلا
والفاجِلُ: القامِرُ.
جوف: الجَوْفُ: المطمئن من الأَرض. وجَوْفُ الإنسان: بطنه، معروف. ابن
سيده: الجَوْفُ باطِنُ البَطْنِ، والجَوْفُ ما انْطَبَقَتْ عليه الكَتِفان
والعَضُدان والأَضْلاعُ والصُّقْلانِ، وجمعها أَجوافٌ.
وجافَه جَوْفاً: أَصابَ جَوْفَه. وجافَ الصَّيْدَ: أَدخل السهم في
جَوْفِه ولم يظهر من الجانب الآخر. والجائفةُ: الطعْنةُ التي تبلغ الجوف.
وطعْنَةٌ جائفة: تُخالِط الجوْف، وقيل: هي التي تَنْفُذُه. وجافَه بها
وأَجافَه بها: أَصابَ جوفه. الجوهري: أَجَفْتُه الطعْنةَ وجُفْتُه بها؛ حكاه عن
الكسائي في باب أَفْعَلْتُ الشيء وفَعَلْتُ به. ويقال: طَعَنْتُه
فجُفْتُه وجافَه الدَّواءُ، فهو مَجُوفُ إذا دخل جَوْفَه.
ووِعاء مُسْتَجافٌ: واسِعٌ. واسْتَجافَ الشيءُ واسْتَجْوَفَ: اتَّسَعَ؛
قال أَبو دواد:
فَهْيَ شَوْهاءُ كالجُوالِقِ، فُوها
مُسْتَجافٌ يَضِلُّ فيه الشَّكِيمُ
واسْتَجَفْتُ المكانَ: وجدته أَجْوَفَ.
والجَوَفُ، بالتحريك: مصدر قولك شيء أَجْوَفُ. وفي حديث خلق آدم، عليه
السلام: فلما رآه أَجْوَفَ عَرَفَ أَنه خَلْقٌ لا يَتَمالَكُ؛ الأَجْوَفُ:
الذي له جَوْفٌ، ولا يتمالَك أَي لا يَتَماسَكُ. وفي حديث عِمْران: كان
عمر أَجْوَفَ جليداً أَي كبير الجوْفِ عظيمه. وفي حديث خُبَيْب:
فَجافَتْني؛ هو من الأَوّل أَي وصلت إلى جَوْفي. وفي حديث مسروق في البعير
الـمُتَرَدِّي في البئر: جُوفُوه أَي اطْعَنُوه في جوفه. وفي الحديث: في
الجائفة ثُلُثُ الدِّيةِ؛ هي الطعنة التي تَنْفُذُ إلى الجوف. يقال: جُفْتُه
إذا أَصَبْتَ جَوْفَه، وأَجَفْتُه الطَّعْنَة وجُفْتُهُ بها. قال ابن
الأَثير: والمراد بالجوف ههنا كلُّ ما له قوة مُحِيلةٌ كالبَطْن والدِّماغ.
وفي حديث حُذيْفَة: ما مِنَّا أَحَدٌ لو فُتِّشَ إلا فُتِّش عن جائفةٍ أَو
مُنَقِّلةٍ؛ الـمُنَقِّلَةُ من الجراح: ما ينقل العظم عن موضعه، أَراد
ليس أَحدٌ إلا وفيه عَيْب عظيم فاستعار الجائفةَ والمنقِّلةَ لذلك.
والأَجْوَفانِ: البَطْنُ والفَرْجُ لاتِّساعِ أَجْوافِهما. أَبو عبيد في قوله في
الحديث: لا تَنْسَوُا الجوْفَ وما وَعَى أَي ما يدخل فيه من الطعام
والشراب، وقيل فيه قولان: قيل أَراد بالجوف البطن والفرج معاً كما قال إن
أَخْوَفَ ما أَخافُ عليكم الأَجْوفان، وقيل: أَراد بالجوْفِ القلب وما وَعى
وحَفِظَ من مَعْرِفةِ اللّه تعالى. وفرس أَجْوَفُ ومَجُوف ومُجَوَّفٌ:
أَبيضُ الجوْفِ إلى منتهى الجنبين وسائرُ لونِه ما كان. ورجل أَجْوَفُ:
واسع الجوْفِ؛ قال:
حارِ بْنَ كَعْبٍ، أَلا الأَحْلامُ تَزْجُرُكم
عَنّا، وأَنـْتُمْ من الجُوفِ الجَماخِيرِ؟
(* قوله «ألا الاحلام» في الاساس: ألا أحلام.)
وقول صخر الغَيّ:
أَسالَ منَ الليلِ أَشْجانَه،
كأَنَّ ظَواهِرَه كُنَّ جُوفا
يعني أَن الماء صادَفَ أَرضاً خَوَّارةً فاسْتَوْعَبَتْه فكأَنها جوفاء
غير مُصْمَتةٍ. ورجل مَجوفٌ ومُجَوَّف: جَبانٌ لا قَلْبَ له كأَنه خالي
الجوْفِ من الفُؤَادِ؛ ومنه قول حَسّان:
أَلا أَبْلِغْ أَبا سُفْيانَ عَنِّي:
فأَنت مُجَوَّفٌ نَخِبٌ هَواء
أَي خالي الجوف من القلب. قال أَبو عبيدة: الـمَجُوف الرَّجُل الضخم
(*
قوله «الرجل الضخم» كذا في الأصل وشرح القاموس وبعض نسخ الصحاح، وفي بعض
آخر: الرحل، بالحاء، وعليه يجيء الشاهد.) الجوف؛ قال الأَعشى يصف ناقته:
هِيَ الصَّاحِبُ الأَدْنى وبَيْني وبَيْنَها
مَجُوفٌ عِلافيٌّ، وقِطْعٌ ونُمْرُقُ
يعني هي الصاحِب الذي يَصْحَبُني. وأَجَفْتُ البابَ: رددْتُه؛ وأَنشد
ابن بري:
فَجِئنا من البابِ الـمُجافِ تَواتُراً،
وإنْ تَقعُدا بالخَلْفِ، فالخَلْفُ واسِعُ
وفي حديث الحج: أَنه دخل البيت وأَجافَ البابَ أَي ردّه عليه. وفي
الحديث: أَجِيفُوا أَبوابَكم أَي رُدُّوها. وجَوْفُ كل شيء: داخِلُه. قال
سيبويه: الجَوفُ من الأَلفاظ التي لا تستعمل ظرفاً إلا بالحروف لأَنه صار
مختصاً كاليد والرجل. والجَوْفُ من الأَرض: ما اتَّسع واطْمَأَنَّ فصار
كالجوف؛ وقال ذو الرمة:
مُوَلَّعةً خَنْساء ليسَتْ بنَعْجةٍ،
يُدَمِّنُ أَجْوافَ المِياهِ وَقِيرُها
وقول الشاعر:
يَجْتابُ أَصْلاً قالِصاً مُتَنَبِّذاً
بِعُجُوبِ أَنـْقاءٍ، يَمِيلُ هَيامُها
من رواه يجتاف، بالفاء، فمعناه يدخل، يصف مطراً. والقالص: الـمُرْتفع.
والـمُتَنَبِّذ: الـمُتَنَحّي ناحيةً. والجوف من الأَرض أَوسع من الشِّعْب
تَسِيلُ فيه التِّلاعُ والأَودية وله جِرَفةُ، وربما كان أَوْسَعَ من
الوادي وأَقْعَر، وربما كان سهلاً يُمْسك الماء، وربما كان قاعاً مستديراً
فأَمسك الماء. ابن الأَعرابي: الجَوْف الوادي. يقال: جوْفٌ لاخٌ إذا كان
عَميقاً، وجوف جِلواح: واسِعٌ، وجَوْفٌ زَقَبٌ: ضَيِّقٌ. أَبو عمرو: إذا
ارتفع بَلَقُ الفرس إلى جنبيه فهو مُجَوَّفٌ بَلَقاً؛ وأَنشد:
ومُجَوَّف بَلَقاً مَلَكْتُ عِنانَه،
يَعْدُو على خَمْسٍ، قَوائِمُه زَكا
أَراد أَنه يعدو على خمس من الوحْش فيصيدها، وقوائمه زكا أَي ليست خَساً
ولكنها أَزواج، ملكْتُ عِنانَه أَي اشترؤيته ولم أَسْتَعِرْه. أَبو
عبيدة: أَجْوَفُ أَبْيَضُ البطنِ إلى منتهى الجَنْبَيْنِ ولون سائره ما كان،
وهو الـمُجَوَّفُ بالبلَق ومُجَوَّفٌ بلَقاً. الجوهري: المجوّف من
الدوابّ الذي يَصْعَدُ البلق حتى يَبْلُغَ البطنَ؛ عن الأَصمعي؛ وأَنشد
لطفيل:شَميط الذنابى جُوِّفَتْ، وهي جَوْنةٌ
بِنُقْبة دِيباجٍ، ورَيْطٍ مُقَطَّعِ
واجتافَه وتَجَوَّفَه بمعنى أَي دخل في جوْفِه. وشيء جُوفيٌّ أَي واسِعُ
الجَوْفِ. ودِلاءٌ جُوفٌ أَي واسِعة. وشجرة جَوْفاء أَي ذات جَوْفٍ.
وشيء مُجَوَّفٌ أَي أَجْوَفُ وفيه تَجْوِيفٌ. وتَلْعة جائفةٌ: قَعِيرةٌ.
وتِلاعٌ جَوائِفُ، وجَوائِفُ النَّفْسِ: ما تَقَعَّرَ من الجوْفِ ومَقارّ
الرُّوحِ؛ قال الفرزدق:
أَلم يَكْفِني مَرْوانُ، لَـمّا أَتَيْتُهُ
زِياداً، وردَّ النَّفْسَ بَيْنَ الجَوائِفِ؟
وتَجَوَّفَتِ الخُوصةُ العَرْفَجَ: وذلك قبل أَن تخرج وهي في جَوْفِه.
والجَوَفُ: خَلاء الجوْفٍ كالقَصبةِ الجَوْفاء. والجُوفانُ: جمع
الأَجْوَفِ. واجتافَ الثَّوْرُ الكِناسَ وتَجَوَّفَه، كلاهما: دخل في جوْفه؛ قال
العجاج يصف الثورَ والكِناسَ:
فهْو، إذا ما اجْتافَه جُوفيُّ،
كالخُصِّ إذْ جَلَّلَه الباريُّ
وقال ذو الرمة:
تَجَوَّفَ كلِّ أَرْطاةٍ رَبُوضٍ
من الدَّهْنا تَفَرَّعَتِ الحِبالا
والجَوْفُ: موضع باليمن، والجَوْفُ: اليمامة، وباليمن وادٍ يقال له
الجوف؛ ومنه قوله:
الجَوْفُ خَيْرٌ لَكَ من أَغْواطِ،
ومِنْ أَلاءَاتٍ ومِنْ أُراطِ
(* قوله «أراط» في معجم ياقوت: أراط، بالضم، من مياه بني نمير، ثم قال:
وأراط باليمامة. وفي اللسان في مادة أرط: فأما قوله الجوف إلخ فقد يجوز
أن يكون أراط جمع أرطاة وهو الوجه وقد يكون جمع أرطى ا هـ. وفيه أيضاً ان
الغوط والغائط المتسع من الأرض مع طمأنينة وجمعه اغواط ا هـ. وألاءات
بوزن علامات وفعالات كما في المعجم وغيره موضع.)
وجَوْفُ حِمارٍ وجوْفُ الحِمار: وادٍ منسوب إلى حِمارِ بن مُوَيْلِعٍ
رجل من بقايا عاد، فأَشرك باللّه فأَرسل اللّه عليه صاعقةً أَحْرَقَتْه
والجَوْفَ، فصار مَلْعباً للجن لا يُتَجَرَّأُ على سلوكه؛ وبه فسر بعضهم
قوله:
وخَرْقٍ كَجَوْف العَيْرِ قَفْرٍ مَضَلّة
أَراد كجوف الحِمار فلم يستقم له الوزن فوضع العيرَ موضعه لأَنه في
معناه؛ وفي التهذيب: قال امروء القيس:
ووادٍ كَجَوْفِ العَيْرِ قَفْرٍ قَطَعْتُه
قال: أَراد بجوف العير وادياً بعينه أُضيف إلى العير وعرف بذلك.
الجوهري: وقولهم أَخلى من جوف حمار هو اسم وادٍ في أَرض عادٍ فيه ماء وشجر،
حماها رجل يقال له حِمار وكان له بنون فأَصابتهم صاعقة فماتوا، فكفر كفراً
عظيماً، وقتل كل من مرَّ به من الناس، فأَقبلت نار من أَسفل الجوف فأَحرقته
ومن فيه، وغاضَ ماؤه فضربت العرب به المثل فقالوا: أَكْفَرُ من حِمار،
ووادٍ كجوف الحمار، وكجوف العَير، وأَخْرَبُ من جوف حمار. وفي الحديث:
فَتَوقَّلَتْ بنا القِلاصُ من أَعالي الجَوْف؛ الجَوْفُ أَرْض لمُرادٍ،
وقيل: هو بطن الوادِي. وقوله في الحديث قيل له: أَيُّ الليلِ أَسمَعُ؟ قال:
جَوْفُ الليلِ الآخِرُ أَي ثلثه الآخِرُ، وهو الجزء الخامس من أَسْداس
الليل، وأَهل اليمن والغَوْر يسمون فَساطِيطَ العُمّال الأَجْوافَ.
والجُوفانُ: ذكر الرجل؛ قال:
لأَحْناء العِضاه أَقَلُّ عاراً
من الجُوفانِ، يَلْفَحُه السَّعِيرُ
وقال المؤرجُ: أَيْرُ الحِمار يقال له الجُوفان، وكانت بنو فزارةَ
تُعَيَّرُ بأَكل الجُوفانِ فقال سالم بن دارةَ يهجو بني فَزارةَ:
لا تَأْمَنَنَّ فَزارِيّاً خَلَوْتَ به
على قَلُوصِكَ، واكْتُبْها بأَسْيَارِ
لا تأْمَنَنْه ولا تأْمَنْ بَوائقَه،
بَعْدَ الذي امْتَلَّ أَيْرَ العَيْرِ في النارِ
منها:
أَطْعَمْتُمُ الضَّيْفَ جُوفاناً مُخاتَلةً،
فلا سَقاكم إلهِي الخالِقُ البارِي
والجائفُ: عِرْق يجري على العَضُد إلى نُغْض الكتف وهو الفلِيقُ.
والجُوفيُّ والجُوافُ، بالضم: ضرب من السمك، واحدته جُوافَةٌ؛ وأَنشد
أَبو الغَوْث:
إذا تَعَشَّوْا بَصَلاً وخلاًّ،
وكَنْعَداً وجُوفِياً قد صلاَّ،
باتُوا يَسُلُّونَ الفُساء سَلاَّ،
سَلَّ النَّبِيطِ القَصَبَ الـمُبْتَلاَّ
قال الجوهري: خففه للضرورة. وفي حديث مالك ابن دينار: أَكلتُ رغيفاً
ورأْسَ جُوافةٍ فعلى الدنيا العَفاء؛ الجُوافةُ، بالضم والتخفيف: ضرب من
السمك وليس من جَيِّدِه.
والجَوفاء: موضع أَو ماء؛ قال جرير:
وقد كان في بَقْعاء رِيٌّ لشائكُم،
وتَلْعَةَ والجَوفاء يَجْري غَدِيرُها
(* قوله «لشائكم» في معجم ياقوت في عدة مواضع: لشأنكم.)
وقوله في صفة نهر الجنة: حافتاه الياقوتُ الـمُجَيَّب؛ قال ابن الأَثير:
الذي جاء في كتاب البخاري اللُّؤلؤ الـمُجَوَّفُ، قال: وهو معروف، قال:
والذي جاء في سنن أَبي داودَ المجيَّب أَو المجوف بالشك، قال: والذي جاء
في مَعالِمِ السُّنن المجيَّب أَو المجوَّب، بالباء فيهما، على الشك،
قال: ومعناه الأَجوف.
غمس: الغَمْسُ: إِرْسابُ الشيء في الشيء السَّيَّال أَو النَّدَى أَو في
ماء أَو صِبْغ حتى اللّقمة في الحَلِّ، غَمَسَه يَغْمِسُه غَمْساً أَي
مَقَلَه فيه، وقد انْغَمَسَ فيه واغْتَمَس.
والمُغَامَسَة: المُمَاقَلَة، وكذلك إِذا رمَى الرجل نفسه في سِطَة
الحرب أَو الخطب. وفي الحديث عن عامر قال: يكتحِل الصائم ويَرْتَمِسُ ولا
يَغْتَمِس. قال: وقال علي بن حجر: الاغْتِماس أَن يُطِيل اللبُّثَ فيه،
والارْتماس أَن لا يطيل المكث فيه. واخْتَضَبَتِ المرأَة غَمْساً: غَمَسَتْ
يدَيها خِضاباً مُسْتَوِياً من غير تَصْوِير.
والغمَّاسَة: طائر يَغْتَمِس في الماء كثيراً. التهذيب: الغَمَّاسَة من
طير الماء غَطَّاط ينغمس كثيراً.
والطَّعْنَة النَّجْلاء: الواسِعَة، والغَمُوس مثلُها. ابن سيده: الطعنة
الغَمُوس التي انغمست في اللَّحم، وقد عُبِّر عنها بالواسعة النافذة؛
قال أَبو زيد:
ثم أَنقَضْتُه، ونَفَّسْتُ عنه
بغَمُوسٍ أَو طعنةٍ أُخْدُودِ
والأَمر الغَمُوس: الشديد. وفي حديث المَوْلود: يكون غَمِيساً أَربعين
ليلة أَي مَغْمُوساً في الرَّحمِ ؛ ومنه الحديث: فانْغَمَسَ في العَدُوِّ
فقتلوه أَي دخل فيهم وغاصَ. واليمينُ الغَموس: التي تَغْمِس صاحبَها في
الإِثم ثم في النار، وقيل: هي التي لا استثناء فيها، وقيل: هي اليمين
الكاذبة التي تُقْتَطع بها الحُقوق، وسُمِّست غموساً لغمسها صاحبها في الإِثم
ثم في النار. وقال ابن مسعود: أَعظمُ الكبائر اليمين الغَمُوس، وهو أَن
يَحلِف الرجل وهو يعلم أَنه كاذب ليقتطع بها مال أَخيه. وفي الحديث:
اليمين الغَمُوسُ تَذَرُ الدِّيار بَلاقِعَ؛ هي اليمين الكاذبة الفاجرة،
وفَعُول للمبالغة. وفي حديث الهجرة: وقد غَمَس حِلْفاً في آل العاصِ أَي
أَخذَ نصيباً من عَقْدهم وحلفهم يأْمن به، وكانت عادتُهم أَن يُحْضِروا في
جَفْنَةٍ طِيباً أَو دَماً أَو رَماداً فيُدخِلُون فيه أَيديَهم عند
التَّحالف لِيَتِمَّ عقدُهم عليه باشتراكهم في شيء واحد. وناقة غَمُوس: في
بطنِها ولَدٌ، وقيل: هي التي لا تَشُول ولا يُسْتَبان حملُها حتى تُقْرِب.
ابن شميل: الغَمُوس، وجمعها غُمُس: الغَدَويّ، وهي التي في صُلْب الفحل من
الغنم كانوا يتبايعون بها. الأَثرم عن أَبي عبيدة: المَجْرُ ما في بطن
الناقة، والثاني حَبَل الحَبَلَة، والثالث الغَمِيسُ؛ وقال غيره: الثالث من
هذا النوع القُباقب، قال: وهذا هو الكلام، وقيل: الغَمُوس الناقة التي
يُشَك في مُخِّها أَرِيرٌ أَمْ قَصِيدٌ؛ وأَنشد:
مُخْلِصٌ بي لَيْسَ بالمَغْمُوسِ
(* قوله «وأَنشد مخلص بي إلخ» انظر
المستشهد عليه.)
ورجل غَمُوسٌ: لا يُعَرِّس ليلاً حتى يُصبح؛ قال الأَخطل:
غَمُوسُ الدُّجَى يَنْشَقُّ عن مُتَضَرِّمٍ،
طَلُوبُ الأَعادي لا سؤومٌ ولا وَجْبُ
والمُغَامَسة: المداخلة في القتال، وقد غامسهم. والغَمُوس: الشديد من
الرجال الشجاع، وكذلك المُغامِس. يقال: أَسد مُغامس، ورجل مُغامِسٌ، وقد
غامَس في القتال وغامز فيه. قال: ومُغَامَسة الأَمر دخولك فيه؛ وأَنشد:
أَخُو الحرْبِ، أَما صادراً فَوَشِيقُهُ
حَمِيلٌ، وأَمَّا وارِداً فَمُغامِسُ
والشيء الغَمِيس: الذي لم يظهر للناس ولم يُعرف بَعْدُ. يقال: قَصِيدة
غَمِيس والليل غَميس والأَجمة وكلُّ مُلْتَفّ يُغْتَمَس فيه أَي
يُسْتَخْفَى غَمِيس؛ وقال أَبو زُبَيْد يصف أَسداً:
رَأَى بالمُسْتَوِي سَفْراً وعَيْراً
أُصَيلالاً، وجُنَّته الغَمِيسُ
وقيل: الغَمِيس الليل. ويقال: غامِسْ في أَمرك أَي اعْجَلْ. والمُغامِس:
العَجْلان؛ وقال قعنب:
إِذا مُغَمَّسة قِيلتْ تَلَقَّفَها
ضَبٌّ، ومِنْ دُون منْ يَرْمِي بها عَدَنُ
والتَغْمِيس: أَن يِسْقِيَ الرجل إِبلَه ثم يَذْهب؛ عن كراع.
والغَمِيس من النَّبات: الغَمِير تحت اليَبِيس. والغَمِيس والغَمِيسَة:
الأَجمة، وخص بها بعضهم أَجمة القَصَب؛ قال:
أَتانا بِهِمْ من كلِّ فَجٍّ أَخافُــهُ
مِسَحٌّ، كسِرْحان الغَمِيسة، ضامِرُ
والغَمِيس: مَسِيل ماء، وقيل: مَسِيل صغير يَجْمَع الشجر والبَقْل.
والغُمَيْس: موضع. والمُغُمَِّس: موضع من مكة.
هيب: الـهَيْبةُ: الـمَهابةُ، وهي الإِجلالُ والـمَخافة. ابن سيده:
الـهَيْبةُ التَّقِـيَّةُ من كل شيءٍ.
هابَهُ يَهابُه هَيْباً ومَهابةً، والأَمْرُ منه هَبْ، بفتح الهاءِ، لأَن أَصله هابْ، سقطت الأَلف لاجتماع الساكنين، وإِذا أَخبرت عن نفسِك
قلتَ: هِـبْتُ، وأَصله هَيِـبْتُ، بكسر الياءِ، فلما سكنت سقطت لاجتماع الساكنين ونُقِلَت كسرتها إِلى ما قبلها، فَقِسْ عليه؛ وهذا الشيء مَهْيَبةٌ لكَ.
وهَيَّبْتُ إِليه الشيءَ إِذا جَعَلْته مَهيباً عنده. ورجل هائِبٌ، وهَيُوبٌ، وهَيَّابٌ، وهَيَّابة، وهَيُّوبة، وهَيِّبٌ، وهَيَّبانٌ،
وهَيِّبانٌ؛ قال ثعلب: الـهَيَّبانُ الذي يُهابُ، فإِذا كان ذلك كان الـهَيَّبانُ في معنى المفعول، وكذلك الـهَيُوب قد يكون الهائِبَ، وقد يكون الـمَهِـيبَ. الصحاح: رجل مَهِـيبٌ أَي يهابُه الناسُ، وكذلك رجل مَهُوبٌ، ومكانٌ مَهُوب، بُنيَ على قولهم: هُوبَ الرجلُ، لـمَّا نُقِلَ من الياءِ إِلى الواو، فيما لم يُسَمَّ فاعِلُه؛ أَنشد الكسائي لـحُمَيْدِ بن ثَور:
ويأْوي إِلى زُغْبٍ مَساكينَ، دونَهُم * فَـلاً، لا تَخَطَّاه الرِّفاقُ، مَهُوبُ
قال ابن بري: صواب إِنشاده: وتأْوي بالتاءِ، لأَنه يصف قَطاةً؛ وقبله:
فجاءَتْ، ومَسْقاها الذي وَرَدَتْ به، * إِلى الزَّوْر، مَشْدودُ الوَثاقِ، كَتِـيبُ
والكَتِـيبُ: من الكَتْبِ، وهو الخَرْزُ؛ والمشهور في شعره:
تَعِـيثُ به زُغْباً مساكينَ دونَهم
ومكانٌ مَهابٌ أَي مَهُوبٌ؛ قال أُمَيَّة بن أَبي عائذ الـهُذَليُّ:
أَلا يا لَقَومِ لِطَيْفِ الخَيالْ، * أَرَّقَ من نازحٍ، ذي دَلالْ،
أَجازَ إِلينا، على بُعْدِهِ، * مَهاوِيَ خَرْقٍ مَهابٍ مَهالْ
قال ابن بري: والبيت الأَول من أَبياتِ كتاب سيبويه، أَتى به شاهداً على فتح اللام الأُولى، وكسر الثانية، فرقاً بين الـمُسْتغاث به والمستغاث من أَجله. والطَّيفُ: ما يُطِـيفُ بالإِنسان في المنام من خَيال محبوبته.
والنازحُ: البعيد. وأَرَّقَ: مَنَعَ النَّومَ. وأَجازَ: قَطَع، والفاعل
المضمر فيه يعود على الخَيال. ومَهابٌ: موضعُ هَيْبة. ومَهالٌ: موضع هَوْلٍ. والـمَهاوِي: جمعُ مَهْـوًى ومَهْواةٍ، لما بين الجبلين ونحوهما.
والخَرْقُ: الفَلاةُ الواسعة.
والـهَيَّبانُ: الجَبانُ.
والـهَيُوبُ: الجَبانُ الذي يَهابُ الناسَ. ورجل هَيُوبٌ: جَبانٌ يَهابُ
من كلِّ شيءٍ. وفي حديث عُبَيدِ بن عُمَيْرٍ: الإِيمانُ هَيُوبٌ أَي
يُهابُ أَهْلُه، فَعُولٌ بمعنى مفعول، فالناس يَهابونَ أَهلَ الإِيمان
لأَنهم يَهابونَ اللّهَ ويَخافونَه؛ وقيل: هو فَعُول بمعنى فاعل أَي إِن
المؤمنَ يَهابُ الذُّنوبَ والمعاصِـيَ فيَتَّقِـيها؛ قال الأَزهري: فيه وجهان: أَحدهما أَن المؤمن يَهابُ الذَّنْبَ فيَتَّقِـيه، والآخر: المؤمنُ هَيُوبٌ أَي مَهْيُوبٌ، لأَنه يَهابُ اللّهَ تعالى، فيَهابُه الناسُ، حتى يُوَقِّرُوه؛ ومنه قول الشاعر:
لم يَهَبْ حُرْمةَ النَّدِيمِ
أَي لم يُعَظِّمْها.
يقال: هَبِ الناسَ يَهابوكَ أَي وَقِّرْهُمْ يُوَقِّرُوكَ.
يقال: هابَ الشيءَ يَهابُه إِذا خافَه، وإِذا وَقَّرَه، وإِذا عظَّمَهُ. واهْتابَ الشَّيءَ كَهَابَهُ؛ قال:
ومَرْقَبٍ، تَسْكُنُ العِقْبانُ قُلَّتَهُ، * أَشْرَفْتُه مُسْفِراً، والشَّمْسُ مُهْتابَهْ
ويقال: تَهَيَّبَني الشيءُ بمعنى تَهَيَّبْتُه أَنا. قال ابن سيده: تَهَيَّبْتُ الشيءَ وتَهَيَّبَني: خِفْتُه وخَوَّفَني؛ قال ابن مُقْبِـل:
وما تَهَيَّبُني الـمَوْماةُ، أَرْكَبُها، * إِذا تَجَاوَبَتِ الأَصْداءُ بالسَّحَر
قال ثعلب: أَي لا أَتَهَيَّبُها أَنا، فنَقَلَ الفِعلَ إِليها. وقال الجَرْمِـيُّ: لا تَهَيَّبُني الـمَوْماةُ أَي لا تَمْـلأُني مَهابةً.
والـهَيَّبانُ: زَبَدُ أَفْواهِ الإِبلِ. والـهَيَّبانُ: الترابُ؛ وأَنشد:
أَكُلَّ يَوْمٍ شِعِرٌ مُسْتَحْدَثُ؟ * نحْنُ إِذاً، في الـهَيَّبانِ، نَبْحَثُ
والـهَيَّبانُ: الرَّاعي؛ عن السيرافي. والـهَيَّبانُ: الكثيرُ مِن كل
شيءٍ. والـهَيَّبانُ: الـمُنْتَفِشُ الخَفيفُ؛ قال ذو الرمة:
تَمُجُّ اللُّغامَ الـهَيَّبانَ، كأَنهُ * جَنَى عُشَرٍ، تَنْفيه أَشداقُها الـهُدْلُ
وقيل: الـهَيَّبانُ، هنا، الخفيف النَّحِزُ. وأَورد الأَزهري هذا البيت
مستشهداً به على إِزبادِ مَشافِرِ الإِبل، فقال: قال ذو الرمة يصف إِبلاً وإِزْبادها مشافِرَها. قال: وجَنى العُشَرِ يَخْرُجُ مِثْلَ رُمّانة
صغيرة، فتَنْشَقُّ عن مِثْلِ القَزّ، فَشَبَّه لُغامَها به، والبَوادي
يَجْعَلُونه حُرَّاقاً يُوقِدُونَ به النارَ.
وهابْ هابْ: مِن زَجْرِ الإِبل.
وأَهابَ بالإِبل: دَعاها. وأَهابَ بصاحِـبه: دَعاهُ، وأَصله في الإِبل.
وفي حديث الدُّعاءِ: وقَوَّيْتَني على ما أَهَبْتَ بي إِليه من طاعتِكَ.
يقال: أَهَبْتُ بالرجل إِذا دَعَوْتَه إِليك؛ ومنه حديث ابن الزبير في
بناءِ الكعبة. وأَهابَ الناسَ إِلى بَطْحِه أَي دَعاهم إِلى تَسويَتِه.
وأَهابَ الراعي بغَنَمِه أَي صاح بها لِتَقِفَ أَو لتَرْجِـعَ. وأَهاب
بالبعير؛ وقال طَرَفةُ بن العبد:
تَرِيعُ إِلى صَوْتِ الـمُهِـيبِ، وتَتَّقي، * بذِي خُصَلٍ، رَوْعاتِ أَكلَفَ مُلْبِدِ
تَرِيعُ: تَرْجِـعُ وتَعُودُ. وتتَّقِـي بِذي خُصَل: أَراد بذَنَبٍ ذي
خُصَل. ورَوْعات: فَزَعات. والأَكلَفُ: الفَحْلُ الذي يَشُوبُ حُمْرتَه
سَوادٌ. والـمُلْبِدُ: الذي يَخطِرُ بذَنَبِه، فيَتَلَبَّد البولُ على
وَرِكَيْه. وهابِ: زَجْرٌ للخَيْل. وهَبِـي: مِثلُه أَي أَقْدِمي وأَقْبِلي،
وهَلاً أَي قَرِّبي؛ قال الكميت:
نُعَلِّمها هَبِـي وهَـلاً وأَرْحِبْ
والهابُ: زَجْرُ الإِبل عند السَّوْق؛ يقال: هابِ هابِ، وقد أَهابَ بها الرجلُ؛ قال الأَعشى:
ويَكْثُرُ فيها هَبِـي، واضْرَحِـي، * ومَرْسُونُ خَيْلٍ، وأَعطالُها
وأَما الإِهابةُ فالصوت بالإِبل ودُعاؤها، قال ذلك الأَصمعي وغيره؛ ومنه قول ابن أَحمر:
إِخالُها سمِعَتْ عَزْفاً، فتَحْسَبُه * إِهابةَ القَسْرِ، لَيْلاً، حين تَنْتَشِرُ
وقَسْرٌ: اسمُ راعي إِبل ابن أَحمر قائلِ هذا الشعر. قال الأَزهري:
وسمعتُ عُقَيْلِـيّاً يقول لأَمَةٍ كانت تَرْعَى روائدَ خَيْلٍ، فَجَفَلَتْ
في يوم عاصفٍ، فقال لها: أَلا وأَهِـيبي بها، تَرِعْ إِليكِ؛ فجعَل دُعاءَ الخيل إِهابةً أَيضاً. قال: وأَما هابِ، فلم أَسْمَعْه إِلا في الخيل دون الإِبل؛ وأَنشد بعضهم:
والزَّجْرُ هابِ وَهَـلاً تَرَهَّبُهْ
هتر: الهَتْرُ: مَزْقُ العِرْضِ؛ هَتَرَه يَهْتِرُه هَتْراً وهَتَّرَه.
ورجل مُسْتَهْتَرٌ: لا يبالي ما قيل فيه ولا ما قيل له ولا ما شُتِمَ به.
قال الأَزهري: قول الليث الهَتْرُ مَزْقُ العرض غير محفوظ، والمعروف
بهذا المعنى الهَرْت إِلا أَن يكون مقلوباً كما قالوا جَبَذَ وجَذَبَ، وأَما
الاسْتِهْتارُ فهو الوُلوعُ بالشيء والإِفراط فيه حتى كأَنه أُهْتِرَ
أَي خَرِفَ. وفي الحديث: سبق المُفْرِدُونَ؛ قالوا: وما المُفْرِدُونَ؟
قال: الذين أُهْتِرُوا في ذكر الله يَضَعُ الذِّكْرُ عنهم أَثْقالَهُمْ
فيأْتون يوم القيامة خِفافاً؛ قال: والمُفْرِدُونَ الشيوخُ الهَرْمى، معناه
أَنهم كَبِرُوا في طاعة الله وماتت لذاتهم وذهب القَرْنُ الذين كانوا فيهم،
قال: ومعنى أُهْتِرُوا في ذكر الله أَي خَرِفُوا وهم يذكرون الله. يقال:
خرف في طاعة الله أَي خَرِفَ وهو يطيع الله؛ قال: والمُفْرِدُونَ يجوز
أَن يكون عني بهم المُتَفَرِّدُونَ المُتَخَلُّونَ لذكر الله،
والمُسْتَهْتَرُونَ المُولَعُونَ بالذكر والتسبيح. وجاء في حديث آخر: هم الذين
اسْتُهْتِرُوا بذكر الله أَي أُولِعُوا به. يقال: اسْتُهْتِرَ بأَمر كذا وكذا
أَي أُولِعَ به لا يتحدّثُ بغيره ولا يفعلُ غيرَه.
وقولٌ هِتْرٌ: كَذِبٌ. والهِتْرُ، بالكسر: السَّقَطُ من الكلام والخطأُ
فيه. الجوهري: يقال هِتْرٌ هاتِرٌ، وهو توكيد له؛ قال أَوسُ بنُ حَجَرٍ:
أَلمَّ خَيالٌ مَوْهِناً من تُماضِرٍ
هُدُوّاً، ولم يَطْرُقْ من الليل باكرا
وكان، إِذا ما الْتَمَّ منها بِحاجَةٍ،
يُراجِعُ هِتْراً من تُماضِرَ هاتِرَا
قوله هُدُوّاً أَي بعد هَدْءٍ من الليل. ولم يطرق من الليل باكراً أَي
لم يطرق من أَوله. والْتَمَّ: افْتَعَلَ من الإِلمام، يريد أَنه إِذا
أَلمَّ خَيالُها عاوَدَه خَبالُه فَقْدَ كلامِهِ. وقوله يُراجِعُ هِتْراً أَي
يعود إِلى أَن يَهْذِيَ بذكرها. ورجلٌ مُهْتَرٌ: مُخْطِئٌ في كلامه.
والهُتْرُ، بضم الهاء: ذهاب العقل من كبر أَو مرض أَو حزن. والمُهْتَرُ:
الذي فَقَدَ عقلَه من أَحد هذه الأَشياء، وقد أَهْتَرَ، نادرٌ. وقد
قالوا: أَهْتَرَ وأُهْتِرَ الرجلُ، فهو مُهْتَرٌ إِذا فقد عقله من الكِبَرِ
وصار خَرِفاً. وروى أَبو عبيد عن أَبي زيد أَنه قال: إِذا لم يَعْقِلْ من
الكِبَرِ قيل أُهْتِرَ، فهو مُهْتَرٌ، والاستهتارُ مثله. قال يعقوب: قيل
لامرأَة من العرب قد أُهْتِرَتْ: إِن فلاناً قد أَرسل يَخْطُبُكِ، فقالت:
هل يُعْجِلُني أَن أَحِلَّ؛ ما لَه؟ أُلَّ وغُلَّ معنى قولها: أَن
أَحلَّ أَن أَنزل، وذلك لأَنها كانت على ظهر طريق راكبة بعيراً لها وابنها
يقودها. ورواه أَبو عبيد: تُلَّ وغُلَّ أَي صُرِعَ، من قوله تعالى:
وتَلَّهُ للجبين. وفلان مُسْتَهْتَرٌ بالشراب أَي مُولَعٌ به لا يبالي ما قيل
فيه. وهَتَره الكِبَرُ، والتَّهْتارُ تَفْعال من ذلك، وهذا البناء يجاء به
لتكثير المصدر. والتَّهَتُّرُ: كالتَّهْتارِ. وقال ابن الأَنباري في
قوله: فلان يُهاتِرُ فلاناً معناه يُسابُّه بالباطل من القول، قال: هذا قول
أَبي زيد، وقال غيره: المُهاتَرَةُ القول الذي يَنْقُضُ بعضُه بعضاً.
وأُهْتِرَ الرجلُ فهو مُهْتَرٌ إِذا أُولِعَ بالقول في الشيء. واسْتُهْتِرَ
فهو مُسْتَهْتَرٌ إِذا ذهب عقله فيه وانصرفت هِمَمُه إِليه حتى أَكثر
القول فيه بالباطل. وقال النبي، صلي الله عليه وسلم: المُسْتَبَّانِ شيطانان
يَتَهاتَرانِ ويَتَكاذَبانِ ويَتقاوَلانِ ويَتَقابَحانِ في القول، من
الهِتْرِ، بالكسر، وهو الباطل والسَّقَطُ من الكلام. وفي حديث ابن عمر، رضي
الله عنهما: اللهم إِني أَعوذ بك أَن أَكون من المُسْتَهْتَرين. يقال:
اسْتُهْتِر فلان، فهو مُسْتَهْتَر إِذا كان كثير الأَباطيل، والهِتْرُ:
الباطلُ. قال ابن الأَثير: أَي المُبْطِلينَ في القول والمُسْقِطِينَ في
الكلام، وقيل: الذين لا يبالون ما قيل لهم وما شتموا به، وقيل: أَراد
المُسْتَهْتَرِينَ بالدنيا. ابن الأَعرابي: الهُتَيْرَةُ تصغير الهِتْرَةِ، وهي
الحَمْقَةُ المُحْكَمَةُ. الأَزهري: التَّهْتارُ من الحُمْقِ والجهل؛
وأَنشد:
إِن الفَزارِيَّ لا يَنْفَكُّ مُغْتَلِماً،
من النَّواكَةِ، تَهْتاراً بِتَهْتارِ
قال: يريد التَّهَتُّرَ بالتَّهَتُّرِ، قال: ولغة العرب في هذه الكلمة
خاصة دَهْداراً بِدَهْدارِ، وذلك أَن منهم من يجعل بعض التاءات في الصدور
دالاً، نحو الدُّرْياقِ والدِّخْرِيص لغة في التِّخْرِيص، وهما معرّبان.
والهِتْرُ: العَجَبُ والداهية. وهِتْرٌ هاتِرٌ: على المبالغة؛ وأَنشد بيت
أَوس بن حَجَرٍ:
يراجع هتراً من تماضر هاترا
وإِنه لهِتْرُ أَهْتارٍ أَي داهية دَواهٍ. الأزهري: ومن أَمثالهم في
الداهي المُنْكَرِ: إِنه لهِتْرُ أَهْتارٍ وإِنه لَصِلُّ أَصْلالٍ.
وتَهاتَرَ القومُ: ادّعى كل واحد منهم على صاحبه باطلاً. ومضى هِتْرٌ من الليل
إِذا مضى أَقَلُّ من نصفه؛ عن ابن الأَعرابي.
هشش: الهَشُّ والهَشِيشُ من كل شيء: ما فيه رَخاوَةٌ ولين، وشيءٌ هَشٌ
وهشِيشٌ، وهَشَ يَهِشُّ هَشاشةً، فهو هَشٌّ وهَشِيشٌ. وخُبْزة هَشَّةٌ:
رِخْوة المَكْسَر، ويقال: يابسة؛ وأَتْرُجَّةٌ هَشَّةٌ كذلك.وهَشَّ الخبْزُ
يَهِشُّ، بالكسر: صار هَشّاً. وهَشَّ هُشُوشةً: صار خَوَّاراً ضعيفاً.
وهشَّ يَهِشُّ: تَكَسَّر وكَبِر. ورجل هَشٌ وهَشِيشٌ: بَشٌ مُهْتَرٌ
مَسْرورٌ.
وهشَّشْتُه وهَشِشْتُ به، بالكسر، وهشَشْت؛ الأَخيرة عن أَبي
العَمَيْثَل الأَعرابيِّ، هَشاشةً: بَشِشْت، والاسم الهَشَاشُ. والهَشَاشةُ:
الارْتِياحُ والخِفَّة للمعروف. الجوهري: هشِشْتُ بفلان، بالكسر، أَهَشّ
هَشاشةً إِذا خَّفَفْت إِليه وارْتَحْت له وفَرِحْت به؛ ورجل هَشٌّ بَشٌّ. وفي
حديث ابن عمر: لقد راهَنَ النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، على فرس له يقال
له سَبْحَةُ فجاءَت سابقةً فلَهَشَ لذلك وأَعْجَبه أَي فلقد هشَّ، واللام
جواب القسم المحذوف أَو للتأْكيد. وهَشَشْت وهَشِشْت للمعروف هَشّاً
وهَشَاشةً واهْتَشَشْت: ارْتَحْتُ له واشْتَهَيْته؛ قال مُلَيح
الهُذَلي:مُهْتَشَّة لِدَلِيجِ الليلِ صادِقَة
وَقْع الهجيرِ، إِذا ما شَحْشَحَ الصُّرَدُ
وفي حديث عمر، رضي اللَّه عنه، أَنه قال: هشِشْت يوماً فَقَبَّلْتُ
وأَنا صائم، فسأَلتُ عنه رسول اللَّه، صلى اللَّه عليه وسلم؛ قال شمر: هشِشت
أَي فَرِحْت واشتهيت؛ قال الأَعشى:
أَضْحَى ابنُ ذِي فائشٍ سَلامةً ذي الـ
ـتفضال هَشّاً، فُؤَادُه جَذِلا
قال الأَصمعي: هشّاً فُؤَادُه أَي خفيفاً إِلى الخَيْر. قال: ورَجل هشٌّ
إِذا هشَّ إلى إِخوانِه. قال: والهَشَاشُ والأَشَاشُ واحدٌ.
واسْتَهشَّنِي أَمرُ كذا فَهَشَِشْت له أَي اسْتَخَفَّنِي فخَفَفْت له. وقال أَبو
عمرو: الهَشِيشُ الرجلُ الذي يَفْرح إِذا سأَلته. يقال: هو هاشٌ عند
السؤَال وهَشِيشٌ ورائحٌ ومُرْتاحٌ وأَرْيَحِيٌّ؛ وأَنشد أَبو الهَيْثَم في صفة
قِدْر:
وحاطِبانِ يهُشَّان الهَشيمَ لها،
وحاطِبُ الليلِ يلْقى دُونَها عنَنا
يَهُشَّان الهَشيمَ: يُكَسِّرانِه للقدْر. وقال عمرٌو. الخيلُ تُعْلَفُ
عند عَوَز العلَف هَشِيمَ السَمَك، والهَشِيشُ لِخُيُول أَهلِ الأَسْيافِ
خاصة؛ وقال النمر بن تَوْلَب:
والخَيْلُ في إِطْعامِها اللحمَ ضَرَرْ،
نُطْعِمها اللحمَ، إِذا عَزَّ الشَجَرْ
قال ذلك في كَلِمته التي يقول فيها:
اللَّهُ من آياتِه هذا القَمَرْ
قال: وتُعْلَفُ الخيلُ اللحمَ إِذا قلَّ الشجرُ. ويقال للرجل إِذا
مُدِحَ: هو هَشُّ المَكْسَِرِ أَي سَهْل الشأْن فيما يُطْلَبُ عنده من
الحوائج. ويقال: فلان هَشُّ المَكْسِرِ والمَكْسَرِ سَهْلُ الشأْن في طلَب
الحاجةِ، يكون مَدْحاً وذمّاً، فإِذا أَرادوا أَن يقولوا ليس هو بصَلاَّدِ
القِدْح، وإِذا أَرادوا أَن يقولوا هو خَوَّارُ العُودِ فهو ذمٌ. الجوهري:
الفَرَسُ الهَشُّ خِلاف الصَّلُود. وفرس هَشٌّ: كثيرُ العَرَق. وشاةٌ
هَشُوشٌ إِذا ثرَّتْ باللَّبَنِ. وقِرْبةٌ هَشَّاشةٌ: يَسِيل ماؤها
لرِقَّتِها، وهي ضد الوَكِيعةِ؛ وأَنشد أَبو عمرو لطَلْق بن عدي يصف
فرساً:كأَنَّ ماءَ عِطْفِه الجَيَّاشِ
ضَهْلُ شِنانِ الحَوَرِ الهَشَّاشِ
والحَوَرُ: الأَدِيمُ، والهَشُّ: جَذْبك الغُصْنَ من أَغصان الشجَرة
إِليك، وكذلك إِن نَثَرْتَ ورَقَها بعصاً هشَّه يهُشُّه هَشّاً فيهما. وقد
هشَشْتُ أَهُشُّ هَشّاً إِذا خَبَطَ الشجرَ فأَلْقاه لغَنَمِه. وهشَشْتُ
الورَقَ أَهُشُّه هَشّاً: خبَطْتُه بِعصاً ليتَحاتَّ؛ ومنه قوله عز وجل:
وأَهُشُّ بها على غَنَمِي؛ قال الفراء: أَي أَضرِب بها الشجرَ اليابس
ليَسْقُطَ ورَقُها فتَرْعاه غنَمُه؛ قال أَبو منصور: والقول ما قاله الفراءُ
والأَصمعي في هَشَّ الشجرَ، لا ما قاله الليث إِنه جَذْبُ الغُصْن من
الشجر إِليك. وفي حديث جابر: لا يُخْبَطُ ولا يُعْضَد حِمَى رسولِ اللَّه،
صلى اللَّه عليه وسلم، ولكن هُشُّوا هَشّاً أَي انثُرُوه نَثْراً بلِينِ
ورِفْقِ. ابن الأَعرابي: هَشَّ العودُ هُشُوشاً إِذا تكَسَّرَ، وهشَّ
للشيء يَهِشُّ إِذا سُرَّ به وفَرِحَ. وفَرَسٌ هَشُّ العِنَان: خَفِيفُ
العِنَان.
قال شمر: وهاشَ بمعنى هشَّ؛ قال الراعي:
فكَبَّر للرُّؤْيا وهاشَ فُؤَادُه،
وبَشَّرَ نَفْساً كان قَبْلُ يَلُومُها
قال: هاش طَرِبَ. ابن سيده: والهَشِيشةُ الورَقَةُ أَظُنُّ ذلك.
وهَشَاهِشُ القومِ: تحرُّكهم واضطرابُهم.
جأث: جَئِثَ الرجلُ جَأَثاً: ثَقُلَ عند القيام أَو حمل شيء ثقيل،
وأَجْأَثَهُ الحِمْلُ.
الليث: الجَأْثُ ثِقَلُ المَشْي؛ يقال: أَثْقَلَه الحِمْلَ حتى جَأَثَ.
غيره: الجَأَثانُ ضَرْبٌ من المَشْي؛ وأَنشد:
عَفَنْجَجٌ، في أَهله، جَأْآثُ
وجَأَثَ البعيرُ بحملِه يَجْأَثُ: مَرَّ به مُثقَلاً؛ عن ابن الأَعرابي.
أَبو زيد: جأَثَ البعيرُ جَأْثاً، وهو مِشْيَتُه مُوقَراً حَمْلاً.
وجُئِثَ جَأْثاً: فَزِعَ. وقد جُئِثَ إِذا أُفْزِعَ، فهو مَجْؤُوثٌ أَي
مَذْعُور. وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم: أَنه رأَى حبريلَ، عليه
السلام، قال: فجُئِثْتُ منه فَرَقاً حين رأَيتُه أَي ذُعِرْتُ وخِفْتُ.
الأَصمعي: جَأَثَ يَجْأَثُ جَأْثاً إِذا نَقَلَ الأَخبار؛ وأَنشد:
جَأْآثُ أَخْبارٍ، لها، نَبَّاثُ
ورجلٌ جَأْآثٌ: سَيِّءُ الخُلُقِ.
وانْجَأَثَ النخلُ: انْصَرَع.
وجُؤْثة: قبيلة، إِليها نُسِبَ تميم.
وجُؤَاثَى: موضع؛ قال امرؤُ القيس:
ورُحْنا، كأَني من جُؤَاثَى، عَشِيَّةً،
نُعالي النِّعاجَ بَيْنَ عِدْلٍ ومُحْقِبِ
وضبطه عليُّ بن حَمْزة في كتاب النبات جُواثَى، بغير همز، فإِما أَن
يكون على تخفيف الهمز، وإِما أَن يكون أَصله ذلك.
وقيل: جُواثَى قرية بالبحرين معروفة.
جدر: هو جَدِيرٌ بكذا ولكذا أَي خَلِيقٌ له، والجمع جَدِيرُونَ
وجُدَراءُ، والأُنثى جَدِيرَةٌ. وقد جَدُرَ جَدارَة، وإِنه لمَجْدَرَةٌ أَن يفعل،
وكذلك الاثنان والجمع، وانها لمَجْدَرَةٌ بذلك وبأَن تفعل ذلك، وكذلك
الاثنتان والجمع؛ كله عن اللحياني. وعنه أَيضاً: لَجدِير أَن يفعل ذلك
وإِنهما لجَدِيرانِ؛ وقال زهير:
جَدِيرُونَ يوماً أَن يَنالوا فَيَسْتَعْلُوا
ويقال للمرأَة: إِنها لجَدِيرَةٌ أَن تفعل ذلك وخليقة، وأَنهن جَدِيراتٌ
وجَدائِرُ؛ وهذا الأَمر مَجْدَرَةٌ لذلك ومَجْدَرَةٌ منه أَي
مَخْلَقَةٌ. ومَجْدَرَةٌ منه أَن يَفْعَل كذا أَي هو جَدِيرٌ بفعله؛ وأَجْدِرْ بِهِ
أَن يفعل ذلك. وحكى اللحياني عن أَبي جعفر الرَّوَاسي: إِنه لمَجْدُورٌ
أَن يفعل ذلك، جاء به على لفظ المفعول ولا فعل له. وحكى: ما رأَيت من
جَدَارتِهِ، لم يزد على ذلك.
والجُدَرِيُّ
(* قوله: «والجدري» هو داء معروف يأخذ الناس مرة في العمر
غالباً. قالوا: أول من عذب به قوم فرعون ثم بقي بعدهم، وقال عكرمة: أوّل
جدري ظهر ما أصيب به أبرهة، أفاده شارح القاموس). والجَدَرِيُّ، بضم
الجيم وفتح الدال وبفتحهما لغتان: قُروحٌ في البدن تَنَفَّطُ عن الجلد
مُمْتَلِئَة ماءً، وتَقَيَّحُ، وقد جُدِرَ جَدْراً وجُدِّرَ وصاحبها جَدِيرٌ
مُجَدَّرٌ، وحكى اللحياني: جَدِرَ يَجْدَرُ جَدَراً. وأَرضٌ مَجْدَرَة: ذات
جُدَرِيّ.
والجَدَرُ والجُدَرُ: سِلَعٌ تكون في البدن خلقة وقد تكون من الضرب
والجراحات، واحدتها جَدَرَة وجُدَرَةٌ، وهي الأَجْدارُ. وقيل: الجُدَرُ إِذا
ارتفعت عن الجلد وإِذا لم ترتفع فهي نَدَبٌ، وقد يدعى النَّدَبُ جُدَراً
ولا يدعى الجُدَرُ نَدَباً. وقال اللحياني: الجُدَرُ السِّلَع تكون
بالإِنسان أَو البُثُورُ الناتئة، واحدتها جُدَرَةٌ. الجوهري: الجَدَرَةُ
خُرَاجٌ، وهي السِّلْعَةُ، والجمع جَدَرٌ؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
يا قاتَلَ اللهُ ذُقَيْلاً ذا الجَدَرْ
والجُدَرُ: آثارُ ضربٍ مرتفعةٌ على جلد الإِنسان، الواحدة جُدَرَةٌ، فمن
قال الجُدَرِيُّ نَسَبَه إِلى الجُدَرِ، ومن قال الجَدَريُّ نسبه إِلى
الجَدَر؛ قال ابن سيده: هذا قول اللحياني، قال: وليس بالحسن.
وجَدِرَ ظهرهُ جَدَراً: ظهرت فيه جُدَرٌ. والجُدَرَةُ في عنق البعير:
السِّلْعَةُ، وقيل: هي من البعير جُدَرَةٌ ومن الإِنسان سِلْعَةٌ وضَواةٌ.
ابن الأَعرابي: الجَدَرَةُ الوَرْمَةُ في أَصل لَحْيِ البعير النضر.
الجَدَرَةُ: غُدَدٌ تكون في عنق البعير يسقيها عِرْقٌ في أَصلها نحو السلعة
برأْس الإِنسان. وجَمَلٌ أَجْدَرُ وناقة جَدْراء. والجَدَرُ: وَرَمٌ يأْخذ
في الحلق. وشاة جَدْراء: تَقَوَّب جلدها عن داء يصيبها وليسَ من
جُدَرِيّ. والجُدَرُ: انْتِبارٌ في عنق الحمار وربما كان من آثار الكَدْمِ، وقد
جَدَرَتْ عنقه جُدُوراً. وفي التهذيب: جَدِرَتْ عنقه جَدَراً إِذا
انْتَبَرَتْ؛ وأَنشد لرؤبة:
أَو جادِرْ اللِّيتَيْنِ مَطْوِيُّ الحَنَقْ
ابن بُزُرج: جَدِرَتْ يدَهُ تَجْدَرُ ونَفِطَتْ ومَجِلَتْ، كل ذلك
مفتوح، وهي تَمْجَلُ وهو المَجْلُ؛ وأَنشد:
إِنِّي لَساقٍ أُمَّ عَمْرٍو سَجْلا،
وابن وجَدْتُ في يَدَيَّ مَجْلا
وفي الحديث: الكَمْأَةُ جُدَرِيُّ الأَرض، شبهها بالجُدَرِيِّ، وهو الحب
الذي يظهر في جسد الصبي لظهورها من بطن الأَرض، كما يظهر الجُدَرِيُّ من
باطن الجلد، وأَراد به ذمّها. ومنه حديث مَسْرُوق: أَتينا عبدالله في
مُجَدَّرِينَ ومُحَصَّبِينَ أَي جماعة أَصابهم الجُدَرِيُّ والحَصْبَةُ.
والحَصْبَةُ: شِبْه الجُدَرِيّ يظهر في جلد الصغير.
وعامِرُ الأَجْدَارِ: أَبو قبيلة من كَلْبٍ، سمي بذلك لِسِلَعٍ كانت في
بدنه.
وجَدَرَ النَّبْتُ والشجر وجَدَّرَ جَدارَةً وجَدْرَ وأَجْدَرَ: طلعت
رؤوسه في أَوّل الربيع وذلك يكون عَشْراً أَو نصف شهر، وأَجْدَرَتِ الأَرض
كذلك. وقال ابن الأَعرابي: أَجْدَرَ الشجرُ وجَدَّرَ إِذا أَخرج ثمره
كالحِمَّصِ؛ وقال الطرماح:
وأَجْدَرَ مِنْ وَادِي نَطاةَ وَلِيعُ
وشجر جَدَرٌ. وجَدَرَ العَرْفَجُ والثُّمامُ يَجْدُر إِذا خرج في
كُعُوبه ومُتَفَرّق عِيدانِه مثلُ أَظافير الطير. وأَجْدَرَ الوَلِيعُ وجادَرَ:
اسْمَرَّ وتغير؛ عن أَبي حنيفة، يعني بالوليع طَلْعَ النخل والجَدَرَةُ:
الحَبَّةُ من الطلع. وجَدَّرَ العنَبُ: صار حبه فُوَيْقَ النَّفَض.
ويقال: جَدِرَ الكَرْمُ يَجْدَرُ جَدَراً إِذا حَبَّبَ وهَمَّ بالإِيراق.
والجِدْرَ: نَبْتٌ؛ وقد أَجْدَرَ المكانُ.
والجَدَرَةُ، بفتح الدال: حَظِيرة تصنع للغنم من حجارة، والجمع جَدَرٌ.
والجَدِيرَة: زَرْبُ الغَنم. والجَدِيرَة: كَنِيفٌ يتخذ من حجارة يكون
لِلْبَهْم وغيرها. أَبو زيد: كنيف البيت مثل الجُحْرَة يجمع من الشجر، وهي
الحظيرة أَيضاً. والحِظَارُ: ما حُظِرَ على نبات شجر، فإِن كانت الحظيرة
من حجارة فهي جَدِيرَة، وإِن كان من طين فهو جِدارٌ.
والجِدارُ: الحائط، والجمع جُدُرٌ، وجُدْرانٌ جمع الجمع مثل بَطْنٍ
وبُطْنانٍ
(* قوله: «مثل بطن وبطنان» كذا في الصحاح. ولعل التمثيل: إِنما هو
بين جدران وبطنان فقط بقطع النظر عن المفرد فيهما. وفي المصباح: والجدار
الحائط والجمع جدر مثل كتاب وكتب والجدر لغة في الجدار وجمعه جدران)؛ قال
سيبويه: وهو مما استغنوا فيه ببناء أَكثر العدد عن بناء أَقله، فقالوا
ثلاثة جُدُرٍ؛ وقول عبدالله بن عمر أَو غيره: إِذا اشتريت اللحم يضحك
جَدْرُ البيت؛ يجوز أَن يكون جَدْرٌ لغةً في جِدارٍ؛ قال ابن سيده: والصواب
عندي تضحك جُدُرُ البيت، وهو جمع جِدارٍ، وهذا مَثَلٌ وإِنما يريد أَن
أَهل الدار يفرحون. الجوهري: الجَدْرُ والجِدَارُ الحائط. وجَدَرَه
يَجْدُرُه جَدْراً: حَوَّطه. واجْتَدَرَهُ: بناه؛ قال رؤبة:
تَشْيِيد أَعْضادِ البِناء المُجْتَدَرْ
وجَدَّرَهُ: شَيَّدَهُ؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
وآخَرُون كالحَمِيرِ الجُشَّرِ،
كأَنَّهُمْ في السَّطْحِ ذِي المُجَدَّرِ
إِنما أَراد ذي الحائط المجدّر، وقد يجوز أَن يكون أَراد ذي التجدير أَي
الذي جُدّر وشُيِّدَ فأَقام المُفَعَّل مقامَ التَّفْعيل لأَنهما جميعاً
مصدران لفَعَّلَ؛ أَنشد سيبويه:
إِنَّ المُوَقَّى مِثْلُ ما لَقِيتُ
أَي إِن التوقية.
وجَدَرَ الرجلُ: توارى بالجِدارِ؛ حكاه ثعلب، وأَنشد:
إِنَّ صُبَيْحَ بن الزُّبَيْرِ فأَرَا
في الرَّضْمِ، لا يَتْرُك منه حَجَرا
إِلاَّ مَلاه حِنْطَةً وجَدَرا
قال: ويروى حشاه. وفأَر: حفر. قال: هذا سرق حنطة وخبأَها.
والجَدَرَةُ: حَيٌّ من الأَزد بَنَوْا جِدارَ الكعبة فسُمُّوا الجَدَرَة
لذلك. والجَدْرُ: أَصلُ الجِدارِ. وفي الحديث: حتى يبلغ الماء جَدْرَهُ
أَي أَصله، والجمع جِدُورٌ، وقال اللحياني: هي الجوانب؛ وأَنشد:
تَسْقي مَذانِبَ قد طالَتْ عَصِيفتُها،
جُدُورُها من أَتِيِّ الماء مَطْمُومُ
قال: أَفرد مطموماً لأَنه أَراد ما حول الجُدُورِ، ولولا ذلك لقال
مطمومة. وفي حديث الزبير حين اختصم هو والأَنصاري إِلى النبي، صلى الله عليه
وسلم، في سُيول شِراجِ الحَرَّةِ: اسْقِ أَرْضَكَ حتى يَبْلُغَ الماءُ
الجَدْرَ؛ أَراد ما رفع من أَعضاد المزرعة لتُمْسكَ الماء كالجدار، وفي
رواية: قال له احبس الماء حتى يبلغَ الجُدَّ؛ هي المُسنَّاةُ وهو ما رفع حول
المزرعة كالجِدارِ، وقيل: هو لغة في الجدار، وروي الجُدُر، بالضم، جمع
جدار، ويروى بالذال؛ ومنه قوله لعائشة، رضي الله عنها: أَخاف أَن يَدْخُلَ
قُلُوبَهُمْ أَنْ أُدْخِلَ الجَذْرَ في البيت؛ يريد الحِجْرَ لما فيه من
أُصول حائط البيت. والجُدُرُ: الحواجز التي بين الدِّبارِ الممسكة الماء.
والجَدِيرُ: المكان يبنى حوله جِدارٌ. الليث: الجَدِيرُ مكان قد بني
حواليه مَجْدورٌ؛ قال الأَعشى:
ويَبْنُونَ في كُلِّ وادٍ جَدِيرا
ويقال للحظيرة من صخر: جَدِيرَةٌ. وجُدُورُ العنب: حوائطه، واحدها
جَدْرٌ. وجَدْراءُ الكَظَامَة: حافاتها، وقيل: طين حافتيها.
والجِدْرُ: نبات
(* قوله: «والجدر نبات إلخ» هو بكسر الجيم وأما الذي من
نبات الرمل فبفتحها كما في القاموس). واحدته جِدْرَةٌ. وقال أَبو حنيفة:
الجَدْرُ كالحلمة غير أَنه صغير يَتَرَبَّلُ وهو من نبات الرمل ينبت مع
المَكْرِ، وجمعه جُدُورٌ؛ قال العجاج ووصف ثوراً:
أَمْسَى بذاتِ الحاذِ والجُدُورِ
التهذيب: الليث: الجَدْرُ ضرب من النبات، الواحدة جَدْرَةٌ؛ قال العجاج:
مَكْراً وجَدْراً واكْتَسَى النَّصِيُّ
قال: ومن شجر الدِّقِّ ضروب تنبت في القِفاف والصِّلابِ، فإِذا أَطلعت
رؤوسها في أَول الربيع قيل: أَجْدَرَتِ الأَرْضُ. وأَجْدَرَ الشجر، فهو
جَدْرٌ، حتى يطول، فإِذا طال تفرقت أَسماؤه.
وجَدَرٌ: موضع بالشام، وفي الصحاح: قرية بالشام تنسب إِليها الخمر؛ قال
أَبو ذؤيب:
فما إِنْ رَحيقٌ سَبَتْها التِّجَا
رُ مِنْ أَذْرِعَاتٍ، فَوَادي جَدَرْ
وخمر جَيْدَرِيَّةٌ: منسوب إِليها، على غير قياس؛ قال معبد بن سعنة:
أَلا يا آصْبَحَاني قَبْلَ لَوْمِ العَواذِلِ،
وقَبْلَ وَدَاعٍ مِنْ رُبَيْبَةَ عاجِلِ
أَلا يا آصْبَحَاني فَيْهَجاً جَيْدَرِيَّةً،
بماءٍ سَحَابٍ، يَسْبِقِ الحَقَّ باطِلي
وهذا البيت أَورده الجوهري أَلا يا آصْبَحِينا، والصواب ما أَوردناه
لأَنه يخاطب صاحبيه. قال ابن بري: والفيهج هنا الخمر وأَصله ما يكال به
الخمر، ويعني بالحق الموت والقيامة، وقد قيل: إِن جَيْدَراً موضع هنالك
أَيضاً فإِن كانت الخمر الجيدرية منسوبة إِليه فهو نسب قياسي.
وفي الحديث ذكر ذي الجَدْرِ، بفتح الجيم وسكون الدال، مَسْرَحٌ على ستة
أَميال من المدينة كانت فيه لِقاحُ النبي، صلى الله عليه وسلم، لما أُغير
عليها. والجَيْدَرُ والجَيْدَرِيُّ والجَيْدَرانُ: القصِير، وقد يقال له
جَيْدَرَةٌ على المبالغة، وقال الفارسي: وهذا كما قالوا له دَحْداحة
ودِنَّبَةٌ وحِنْزَقْرَة. وامرأَة جَيْدَرَةٌ وجَيْدَرِيَّةٌ؛ أَنشد
يعقوب:ثَنَتْ عُنُقاً لم تَثْنِها جَيْدرِيَّةٌ
عَضَادٌ، ولا مَكْنُوزة اللحمِ ضَمْزَرُ
والتَّجْدِيرُ: القِصَرُ، ولا فعل له؛ قال:
إِني لأَعْظُمُ في صَدْرِ الكَمِيِّ، على
ما كانَ فيَّ مِنَ التَّجْدِيرِ والقِصَرِ
أَعاد المعنيين لاختلاف اللفظين، كما قال:
وهِنْدٌ أَتَى من دونِها النَّأَْيُ والبُعْدُ
الجوهري: وجَنْدَرْتُ الكتاب إِذا أَمررت القَلَم على ما دَرَسَ منه
ليتبين؛ وكذلك الثوب إِذا أَعدت وَشْيَه بعدما كان ذهب، قال: وأَظنه
معرّباً.
جور: الجَوْرُ: نقيضُ العَدْلِ، جارَ يَجُورُ جَوْراً. وقوم جَوَرَةٌ
وجارَةٌ أَي ظَلَمَةٌ. والجَوْرْ: ضِدُّ القصدِ. والجَوْرُ: تركُ القصدِ
في السير، والفعل جارَ يَجُورُ، وكل ما مال، فقد جارَ. وجارَ عن الطريق:
عَدَلَ. والجَوْرُ: المَيْلُ عن القصدِ. وجار عليه في الحكم وجَوَّرَهُ
تَجْويراً: نسَبه إِلى الجَوْرِ؛ قول أَبي ذؤيب:
(* قوله: «وقول أَبي ذؤيب»
نقل المؤلف في مادة س ي ر عن ابن بري أَنه لخالد ابن أُخت أَبي ذؤيب).
فإِنَّ التي فينا زَعَمْتَ ومِثْلَها
لَفِيكَ، ولكِنِّي أَراكَ تَجُورُها
إِنما أَراد: تَجُورُ عنها فحذف وعدَّى، وأَجارَ غيرَهُ؛ قال عمرو بن
عَجْلان:
وقُولا لها: ليس الطَّريقُ أَجارَنا،
ولكِنَّنا جُرْنا لِنَلْقاكُمُ عَمْدا
وطَريقٌ جَوْرٌ: جائر، وصف بالمصدر. وفي حديث ميقات الحج: وهو جَوْرٌ عن
طريقنا؛ أَي مائل عنه ليس على جادَّته، من جارَ يَجُورُ إِذا مال وضل؛
ومنه الحديث: حتى يسير الراكبُ بينَ النّطْفَتَيْنِ لا يخشى إِلاّ
جَوْراً؛ أَي ضلالاً عن الطريق؛ قال ابن الأَثير: هكذا روى الأَزهري، وشرح: وفي
رواية لا يَخْشَى جَوْراً، بحذف إِلاَّ، فإِن صح فيكون الجور بمعنى
الظلم. وقوله تعالى: ومنها جائر؛ فسره ثعلب فقال: يعني اليهود والنصارى.
والجِوارُ: المُجاوَرَةُ والجارُ الذي يُجاوِرُك وجاوَرَ الرجلَ
مُجاوَرَةً وجِواراً وجُواراً، والكسر أَفصح: ساكَنَهُ. وإِنه لحسَنُ الجِيرَةِ:
لحالٍ من الجِوار وضَرْب منه. وجاوَرَ بني فلان وفيهم مُجاوَرَةً
وجِواراً: تَحَرَّمَ بِجِوارِهم، وهو من ذلك، والاسم الجِوارُ والجُوارُ. وفي
حديث أُم زَرْع: مِلْءُ كِسائها وغَيظُ جارَتها؛ الجارة: الضَّرَّةُ من
المُجاورة بينهما أَي أَنها تَرَى حُسْنَها فَتَغِيظُها بذلك. ومنه الحديث:
كنتُ بينَ جارَتَيْنِ لي؛ أَي امرأَتين ضَرَّتَيْنِ. وحديث عمر قال
لحفصة: لا يَغُركِ أَن كانت جارَتُك هي أَوْسَم وأَحَبّ إِلى رسول الله، صلى
الله عليه وسلم، منك؛ يعني عائشة؛ واذهب في جُوارِ الله. وجارُكَ: الذي
يُجاوِرُك، والجَمع أَجْوارٌ وجِيرَةٌ وجِيرانٌ، ولا نظير له إِلاَّ قاعٌ
وأَقْواعٌ وقِيعانٌ وقِيعَةٌ؛ وأَنشد:
ورَسْمِ دَارٍ دَارِس الأَجْوارِ
وتَجاوَرُوا واجْتَوَرُوا بمعنى واحد: جاوَرَ بعضهم بعضاً؛ أَصَحُّوا
اجْتَوَرُوا إِذا كانت في معنى تَجاوَرُوا، فجعلوا ترك الإِعلال دليلاً على
أَنه في معنى ما لا بد من صحته وهو تَجاوَرُوا. قال سيبويه: اجْتَوَرُوا
تَجاوُراً وتَجاوَرُوا اجْتِواراً، وضعوا كل واحد من المصدرين موضع
صاحبه، لتساوي الفعلين في المعنى وكثرة دخول كل واحد من البناءين على صاحبه؛
قال الجوهري: إِنما صحت الواو في اجْتَوَرُوا لأَنه في معنى ما لا بدّ له
أَن يخرّج على الأَصل لسكون ما قبله، وهو تَجَاوَرُوا، فبني عليه، ولو
لم يكن معناهما واحداً لاعتلت؛ وقد جاء: اجْتَارُوا مُعَلاًّ؛ قال مُليح
الهُذلي:
كدَلَخِ الشَّرَبِ المُجْتارِ زَيَّنَهُ
حَمْلُ عَثَاكِيلَ، فَهْوَ الواثِنُ الرَّكِدُ
(* قوله: «كدلخ إلخ» كذا في الأَصل).
التهذيب: عن ابن الأَعرابي: الجارُ الذي يُجاوِرُك بَيْتَ بَيْتَ.
والجارُ النِّقِّيح: هو الغريب. والجار: الشَّرِيكُ في العَقار. والجارُ:
المُقاسِمُ. والجار: الحليف. والجار: الناصر. والجار: الشريك في التجارة،
فَوْضَى كانت الشركة أَو عِناناً. والجارة: امرأَة الرجل، وهو جارُها.
والجَارُ: فَرْجُ المرأَة. والجارَةُ: الطِّبِّيجَةُ، وهي الاست. والجارُ: ما
قَرُبَ من المنازل من الساحل. والجارُ: الصِّنَارَةُ السَّيِّءُ
الجِوارِ. والجارُ: الدَّمِثُ الحَسَنُ الجِوارِ. والجارُ: اليَرْبُوعِيُّ.
والجار: المنافق. والجَار: البَراقِشِيُّ المُتَلَوِّنُ في أَفعاله. والجارُ:
الحَسْدَلِيُّ الذي عينه تراك وقلبه يرعاك. قال الأَزهري: لما كان الجار
في كلام العرب محتملاً لجميع المعاني التي ذكرها ابن الأَعرابي لم يجز
أَن يفسر قول النبي، صلى الله عليه وسلم: الجارُ أَحَقُّ بصَقَبِه، أَنه
الجار الملاصق إِلاَّ بدلالة تدل عليه، فوجب طلب الدلالة على ما أُريد به،
فقامت الدلالة في سُنَنٍ أُخرى مفسرة أَن المراد بالجار الشريك الذي لم
يقاسم، ولا يجوز أَن يجعل المقاسم مثل الشريك. وقوله عز وجل: والجارِ ذي
القُرْبَى والجارِ الجُنُبِ؛ فالجار ذو القربى هو نسيبك النازل معك في
الحِواءِ ويكون نازلاً في بلدة وأَنت في أُخْرَى فله حُرَمَةُ جِوارِ
القرابة، والجار الجنب أَن لا يكون له مناسباً فيجيء إِليه ويسأَله أَن يجيره
أَي يمنعه فينزل معه، فهذا الجار الجنب له حرمة نزوله في جواره ومَنَعَتِه
ورُكونه إِلى أَمانه وعهده. والمرأَةُ جارَةُ زوجها لأَنه مُؤْتَمَرٌ
عليها، وأُمرنا أَن نحسن إِليها وأَن لا نعتدي عليها لأَنها تمسكت بعَقْدِ
حُرْمَةِ الصِّهْرِ، وصار زوجها جارها لأَنه يجيرها ويمنعها ولا يعتدي
عليها؛ وقد سمي الأَعشى في الجاهلية امرأَته جارة فقال:
أَيا جارَتَا بِينِي فإِنَّكِ طالِقَهْ
ومَوْمُوقَةٌ، ما دُمْتِ فينا، ووَامِقَهْ
وهذا البيت ذكره الجوهري، وصدره:
أَجارَتَنَا بيني فإِنك طالقه
قال ابن بري: المشهور في الرواية:
أَيا جارتا بيني فإِنك طالقه،
كذَاكِ أُمُورُ النَّاسِ: عادٍ وطارِقَهْ
ابن سيده: وجارة الرجل امرأَته، وقيل: هواه؛ وقال الأَعشى:
يا جَارَتَا ما أَنْتِ جَارَهْ،
بانَتْ لِتَحْزُنَنا عَفَارَهْ
وجَاوَرْتُ في بَني هِلالٍ إِذا جاورتهم. وأَجارَ الرجلَ إِجَارَةً
وجَارَةً؛ الأَخيرة عن كراع: خَفَرَهُ. واسْتَجَارَهُ: سأَله أَن يُجِيرَهُ.
وفي التنزيل العزيز: وإِنْ أَحَدٌ من المشركين استجارك فأَجِرُهُ حتى
يعسْمَعَ كلامَ الله؛ قال الزجاج: المعنى إِن طلب منك أَحد من أَهل الحرب
أَن تجيره من القتل إِلى أَن يسمع كلام الله فأَجره أَي أَمّنه، وعرّفه ما
يجب عليه أَن يعرفه من أَمر الله تعالى الذي يتبين به الإِسلام، ثم
أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ لئلا يصاب بسوء قبل انتهاه إِلى مأْمنه. ويقال للذي
يستجير بك: جارٌ، وللذي يُجِيرُ: جَارٌ. والجار: الذي أَجرته من أَن يظلمه
ظالم؛ قال الهذلي:
وكُنْتُ، إِذا جَارِي دَعَا لِمَضُوفَةٍ،
أُشَمِّرُ حَتَّى يُنْصِفَ السَّاقَ مِئْزَرِي
وجارُك: المستجيرُ بك. وهم جارَةٌ من ذلك الأَمر؛ حكاه ثعلب، أَي
مُجِيرُونَ؛ قال ابن سيده: ولا أَدري كيف ذلك، إِلاَّ أَن يكون على توهم طرح
الزائد حتى يكون الواحد كأَنه جائر ثم يكسر على فَعَلةٍ، وإِلاَّ فَلا وجه
له. أَبو الهيثم: الجارُ والمُجِيرُ والمُعِيذُ واحدٌ. ومن عاذ بالله أَي
استجار به أَجاره الله، ومن أَجاره الله لم يُوصَلْ إِليه، وهو سبحانه
وتعالى يُجِيرُ ولا يُجَارُ عليه أَي يعيذ. وقال الله تعالى لنبيه: قل
لَنْ يُجِيرَني من الله أَحدٌ؛ أَي لن يمنعنى من الله أَحد. والجارُ
والمُجِيرُ: هو الذي يمنعك ويُجْيرُك. واستْجَارَهُ من فلان فَأَجَارَهُ منه.
وأَجارَهُ الله من العذاب: أَنقذه. وفي الحديث: ويُجِيرُ عليهم أَدناهم؛
أَي إِذا أَجار واحدٌ من المسلمين حرّ أَو عبد أَو امرأَة واحداً أَو جماعة
من الكفار وخَفَرَهُمْ وأَمنَّهم، جاز ذلك على جميع المسلمين لا
يُنْقَضُ عليه جِوارُه وأَمانُه؛ ومنه حديث الدعاء: كما تُجِيرُ بين البحور؛ أَي
تفصل بينها وتمنع أَحدها من الاختلاط بالآخر والبغي عليه. وفي حديث
القسامة: أُحب أَن تُجِيرَ ابْنِي هذا برجل من الخمسين أَي تؤمنه منها ولا
تستحلفه وتحول بينه وبينها، وبعضهم يرويه بالزاي، أَي تأْذن له في ترك
اليمين وتجيزه. التهذيب: وأَما قوله عز وجل: وإِذْ زَيَّنَ لهم الشيطانُ
أَعْمَالَهُمْ وقال لا غالَب لَكُم اليومَ من الناسِ وإِني جَارٌ لكم؛ قال
الفرّاء: هذا إِبليس تمثل في صورة رجل من بني كنانة؛ قال وقوله: إِني جار
لكم؛ يريد أَجِيركُمْ أَي إِنِّي مُجِيركم ومُعيذُكم من قومي بني كنانة
فلا يَعْرِضُون لكم، وأَن يكونوا معكم على محمد، صلى الله عليه وسلم، فلما
عاين إِبليس الملائكة عَرَفَهُمْ فَنَكَصَ هارباً، فقال له الحرثُ بن
هشام: أَفراراً من غير قتال؟ فقال: إِني بريء منكم إِني أَرَى ما لا
تَرَوْنَ إِني أَخافُ الله واللهُ شديدُ العقاب. قال: وكان سيد العشيرة إِذا
أَجار عليها إِنساناً لم يخْفِرُوه. وجِوارُ الدارِ: طَوَارُها. وجَوَّرَ
البناءَ والخِبَاءَ وغيرهما: صَرَعَهُ وقَلَبهَ؛ قال عُرْوَةُ بْنُ
الوَرْدِ:
قَلِيلُ التِماسِ الزَّادِ إِلا لِنَفْسِهِ،
إِذا هُوَ أَضْحَى كالعَرِيشِ المُجَوَّرِ
وتَجَوَّرَ هُوَ: تَهَدَّمَ. وضَرَبَهُ ضربةً تَجَوَّرَ منها أَي
سَقَطَ. وتَجَوَّرَ على فِرَاشه: اضطجع. وضربه فجوّره أَي صَرَعَهُ مثل
كَوَّرَهُ فَتَجَوَّرَ؛ وقال رجل من رَبِيعةِ الجُوعِ:
فَقَلَّما طَارَدَ حَتَّى أَغْدَرَا،
وَسْطَ الغُبارِ، خَرِباً مُجَوَّرَا
وقول الأَعلم الهذلي يصف رَحِمَ امرأَةٍ هجاها:
مُتَغَضِّفٌ كالجَفْرِ باكَرَهُ
وِرْدُ الجَميعِ بِجائرٍ ضَخْمِ
قال السُّكَّريُّ: عنى بالجائر العظيم من الدلاء.
والجَوَارُ: الماءُ الكثير؛ قال القطامي يصف سفينة نوح، على نبينا وعليه
الصلاة والسلام:
وَلَوْلاَ اللهُ جَارَ بها الجَوَارُ
أَي الماء الكثير. وغَيْثٌ جِوَرٌّ: غَزِيرٌ كثير المطر، مأْخوذ من هذا،
ورواه الأَصمعي: جُؤَرٌّ له صَوْتٌ؛ قال:
لا تَسْقِهِ صَيَّبَ عَزَّافٍ جُؤَرّ
ويروى غَرَّافٍ. الجوهري: وغَيْثٌ جِوَرٌّ مثال هِجَفٍّ أَي شديد صوت
الرعد، وبازِلٌ جِوَرٌّ؛ قال الراجز:
زَوْجُكِ يا ذاتَ الثَّنَايا الغُرِّ،
أَعْيَا قَنُطْنَاهُ مَنَاطَ الجَرِّ
دُوَيْنَ عِكْمَيْ بازِلٍ جِوَرِّ،
ثم شَدَدْنا فَوْقَهُ بِمَرِّ
والجِوَرُّ: الصُّلْبُ الشديد. وبعير جِوَرٌّ أَي ضخم؛ وأَنشد:
بَيْنَ خِشَاشَيْ بازِلٍ جِوَرِّ
والجَوَّارُ: الأَكَّارُ: التهذيب: الجَوَّارُ الذي يعمل لك في كرم أَو
بستان أَكَّاراً.
والمُجَاوَرَةُ: الاعتكاف في المسجد. وفي الحديث: أَنه كان يُجَاوِرُ
بِحِراءٍ، وكان يجاور في العشر الأَواخر من رمضان أَي يعتكف. وفي حديث
عطاء: وسئل عن المُجَاوِرِ يذهب للخلاء يعني المعتكف. فأَما المُجاوَرَةُ
بمكة والمدينة فيراد بها المُقَامُ مطلقاً غير ملتزم بشرائط الاعتكاف
الشرع.والإِجارَةُ، في قول الخليل: أَن تكون القافية طاء والأُخرى دالاً ونحو
ذلك، وغيره يسميه الإِكْفاءَ. وفي المصنف: الإِجازة، بالزاي، وقد ذكر في
أَجز. ابن الأَعرابي: جُرْجُرْ إِذا أَمرته بالاستعداد للعدوّ. والجارُ:
موضع بساحل عُمانَ. وفي الحديث ذِكْرُ الجارِ، هو بتخفيف الراء، مدينة
على ساحل البحر بينها وبين مدينة الرسول، صلى الله عليه وسلم، يوم وليلة.
وجيرانُ: موضع (قوله: «وجيران موضع» في ياقوب جيران، بفتح الجيم وسكون
الياء: قرية بينها وبين أَصبهان فرسخان؛ وجيران، بكسر الجيم: جزيرة في البحر
بين البصرة وسيراف، وقيل صقع من أَعمال سيراف بينها وبين عمان. اهـ.
باختصار)؛ قال الراعي:
كأَنها ناشِطٌ حُمٌّ قَوائِمُهُ
مِنْ وَحْشِ جِيرانَ، بَينَ القُفِّ والضَّفْرِ
وجُورُ: مدينة، لم تصرف الماكن العجمة. الصحاح: جُورُ اسم بلد يذكر
ويؤنث.
جذع: الجَذَعُ: الصغير السن. والجَذَعُ: اسم له في زمن ليس بسِنٍّ تنبُت
ولا تَسْقُط وتُعاقِبُها أُخرى. قال الأزهري: أَما الجَذَع فإِنه يَختلف
في أَسنان الإِبل والخيل والبقر والشاء، وينبغي أَن يفسر قول العرب فيه
تفسيراً مُشْبعاً لحاجة الناس إِلى مَعرِفته في أَضاحِيهم وصَداقاتهم وغيرها،
فأَما البعير فإِنه يُجْذِعُ لاسْتِكماله أَربعةَ أَعوام ودخوله في السنة
الخامسة، وهو قبْلَ ذلك حِقٌّ؛ والذكر جَذَعٌ والأُنثى جَذَعةٌ وهي التي
أَوجبها النبي، صلى الله عليه وسلم، في صدَقة الإِبل إِذا جاوزَتْ
ستِّين، وليس في صدَقات الإِبل سنٌّ فوق الجَذَعة، ولا يُجزئ الجَذَعُ من
الإِبلِ في الأَضاحِي. وأَما الجَذَع في الخيل فقال ابن الأَعرابي: إِذا
استَتمَّ الفرس سنتين ودخل في الثالثة فهو جذع، وإِذا استتم الثالثة ودخل في
الرابعة فهو ثَنِيٌّ، وأَما الجَذَعُ من البقر فقال ابن الأَعرابي: إِذا طلَع
قَرْنُ العِجْل وقُبِض عليه فهو عَضْبٌ، ثم هو بعد ذلك جذَع، وبعده
ثَنِيٌّ، وبعده رَباعٌ، وقيل: لا يكون الجذع من البقر حتى يكون له سنتانِ
وأَوّل يوم من الثالثة، ولا يجزئ الجذع من البقر في الأَضاحي. وأَما الجَذَعُ
من الضأْن فإِنه يجزئ في الضحية، وقد اختلفوا في وقت إِجذاعه، فقال أَبو
زيد: في أَسنان الغنم المِعْزى خاصّة إِذا أَتى عليها الحول فالذكر تَيْسٌ
والأُنثى عَنْز، ثم يكون جذَعاً في السنة الثانية، والأُنثى جذعة، ثم
ثَنِيًّا في الثالثة ثم رَباعيّاً في الرابعة،ولم يذكر الضأْن. وقال ابن
الأَعرابي: الجذع من الغنم لسنة، ومن الخيل لسنتين، قال: والعَناقُ يُجْذِعُ
لسنة وربما أَجذعت العَناق قبل تمام السنة للخِصْب فتَسْمَن فيُسْرِع
إِجذاعها، فهي جَذَعة لسنة، وثَنِيَّة لتمام سنتين: وقال ابن الأَعرابي في
الجذع من الضأْن: إِن كان ابن شابَّيْن أَجْذَعَ لستة أَشهر إِلى سبعة أَشهر،
وإِن كان ابن هَرِمَيْن أَجْذَعَ لثمانية أَشهر إِلى عشرة أَشهر، وقد
فَرَق ابن الأَعرايّ بين المعزى والضأْن في الإِجْذاع، فجعل الضأْن أَسْرعَ
إِجذاعاً. قال الأَزهري: وهذا إِنما يكون مع خِصب السنة وكثرة اللبن
والعُشْب، قال: وإِنما يجزئ الجذع من الضأْن في الأَضاحي لأَنه يَنْزُو
فيُلْقِحُ، قال: وهو أَوّل ما يسطاع ركوبه، وإِذا كان من المعزى لم يُلقح حتى
يُثْني، وقيل: الجذع من المعز لسنة، ومن الضأْن لثمانية أَشهر أَو تسعة.
قال الليث: الجذع من الدوابِّ والأَنعام قبل أَن يُثْني بسنة، وهو أَول ما
يستطاع ركوبه والانتفاعُ به. وفي حديث الضحية: ضَحَّيْنا مع رسول الله،
صلى الله عليه وسلم، بالجَذَع من الضأْن والثنيّ من المعز. وقيل لابنة
الخُسِّ: هل يُلْقِحُ الجَذَع؟ قالت: لا ولا يَدَعْ، والجمع جُذعٌ
(* قوله«
والجمع جذع» كذا بالأصل مضبوطاً، وعبارة المصباح: والجمع جذاع مثل جبل
وجبال وجذعان بضم الجيم وكسرها ونحوه في الصحاح والقاموس. وجُذْعانٌ
وجِذْعانٌ والأُنثى جَذَعة وجَذعات، وقد أَجْذَعَ، والاسم الجُذُوعةُ، وقيل:
الجذوعة في الدواب والأَنعام قبل أَن يُثْني بسنة؛ وقوله أَنشده ابن
الأَعرابي:إِذا رأَيت بازِلاً صارَ جَذَعْ
فاحْذر، وإِن لم تَلْقَ حَتْفاً، أَن تَقَعْ
فسره فقال: معناه إِذا رأَيت الكبير يَسْفَه سَفَه الصغير فاحْذَرْ أَن
يقَعَ البلاءَ ويَنزل الحَتْفُ؛ وقال غير ابن الأَعرابي: معناه إِذا
رأَيت الكبير قد تحاتَّتْ أَسنانه فذهبت فإِنه قد فَنِيَ وقَرُب أَجَلُه
فاحذر، وإِن لم تَلْق حَتْفاً، أَن تَصير مثلَه، واعْمَلْ لنفسك قبل الموت ما
دُمْت شابّاً. وقولهم: فلان في هذا الأَمر جَذَعٌ إِذا كان أَخذ فيه
حديثاً. وأَعَدْتُ الأَمْرَ جَذعاً أَي جَدِيداً كما بَدَأَ. وفُرَّ الأَمرُ
جَذَعاً أَي بُدئ. وفَرَّ الأَمرَ جذَعاً أَي أَبْدَأَه. وإِذا طُفِئتْ
حَرْبٌ بين قوم فقال بعضهم: إِن شئتم أَعَدْناها جَذَعةً أَي أَوّلَ ما
يُبتَدَأُ فيها.
وتجاذع الرجلُ: أَرى أَنه جَذَعٌ
على المَثَل؛ قال الأَسود:
فإِن أَكُ مَدْلولاً عليّ، فإِنني
أَخُو الحَرْبِ، لا قَحْمٌ ولا مُتَجاذِعُ
والدهر يسمى جَذَعاً لأَنه جَدِيد. والأَزْلَمُ الجَذَعُ: الدهر
لجِدَّته؛ قال الأَخطل:
يا بِشْر، لو لم أَكُنْ منكم بِمَنْزِلةٍ،
أَلقى علَيّ يدَيْه الأَزْلَمُ الجَذَعُ
أَي لولاكُمْ لأَهْلكني الدهْر. وقال ثعلب: الجَذَعُ من قولهم الأَزْلم
الجذَعُ كلُّ يوم وليلة؛ هكذا حكاه، قال ابن سيده: ولا أَدري وجْهَه،
وقيل: هو الأَسد، وهذا القول خطأٌ. قال ابن بري: قولُ مَن قال إِن الأَزلَم
الجذَعَ الأَسَدُ ليس بشيء. ويقال: لا آتِيكَ الأَزلمَ الجَذَعَ أَي لا
آتيك أبداً لأَنَّ الدهر أَبداً جديد كأَنه فَتِيٌّ لم يُسِنُّ. وقول
ورقَةَ ابن نَوْفل في حديث المَبْعَث:
يا لَيْتني فيها جَذَعْ
يعني في نبوَّة سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أَي ليتني أَكون
شابَّا حين تَظْهَرُ نبوَّته حتى أُبالِغَ في نُصْرته.
والجِذْعُ: واحد جُذوع النخلة، وقيل: هو ساق النخلة، والجمع أَجذاع
وجُذوع، وقيل: لا يَبين لها جِذْع حتى يبين ساقُها.
وجَذَع الشيءَ يَجْذَعُه جَذْعاً: عفَسَه ودَلَكه.
وجَذَع الرجلَ يَجْذَعُه جَذْعاً: حبَسَه، وقد ورد بالدال المهملة، وقد
تقدَّم. المَجْذُوعُ: الذي يُحْبَسُ على غير مَرْعىً. وجَذَعَ الرجلُ
عِيالَه إِذا حبَس عنهم خيراً. والجَذْعُ: حَبْسُ الدابَّة على غير عَلَف؛
قال العجاج:
كأَنه من طول جَذْعِ العَفْسِ،
ورَملانِ الخِمْسِ بعد الخِمْسِ،
يُنْحَتُ من أَقْطارِه بفَأْسِ
وفي النوادر: جَذَعْت بين البَعِيرين إِذا قَرَنْتَهَما في قَرَنٍ أَي
في حَبْل. وجِذاعُ الرجُل: قوْمهُ لا واحد له؛ قال المُخَبَّل يهجو
الزِّبْرقان:
تَمَنَّى حُصَيْنٌ أَن يَسُودَ جِذاعُه،
فأَمسَى حُصينٌ قد أَذَلَّ وأَقْهَرا
أَي قد صار أَصحابه أَذِلاء مَقْهُورِين، ورواه الأَصمعي
(* قوله «ورواه
الأَصمعي إلخ» بمراجعة مادة قهر يعلم عكس ما هنا.) قد أُذِلَّ
وأُقْهِرَا، فأُقْهِرَا في هذا لغةٌ في قُهِرَ أَو يكون أُقْهِر وُجِد
مَقْهُوراً. وخص أَبو عبيد بالجِذاع رَهْط الزِّبْرقان.
ويقال: ذهب القومُ جِذَعَ مِذَعَ إِذا تفرَّقوا في كل وجه.
وجُذَيْعٌ: اسم. وجِذْعٌ أَيضاً: اسم. وفي المثل: خُذْ من جِذْعٍ ما
أَعطاكَ؛ وأَصله أَنه كان أَعْطى بعضَ المُلوك سَيْفَه رَهناً فلم يأْخذه
منه وقال: اجعل هذا في كذا من أُمِّك، فضرَبه به فقتله. والجِذاعُ: أَحْياء
من بني سعد مَعْروفون بهذا اللقب. وجُذْعانُ الجِبال: صِغارُها؛ وقال ذو
الرمة يصف السراب:
جَوارِيه جُذْعانَ القِضافِ النَّوابِك
أَي يَجرِي فيُرِي الشيءَ القَضِيفَ كالنّبَكة في عِظَمِه. والقَضَفةُ:
ما ارتَفَعَ من الأَرض.
والجَذْعَمةُ: الصغير. وفي حديث علي: أَسلم والله أَبو بكر، رضي الله
عنهما، وأَنا جَذْعَمةٌ؛ وأَصله جَذَعةٌ والميم زائدة، أَراد: وأَنا جذَع
أَي حديث السنِّ غير مُدْرِك فزاد في آخره ميماً كما زادوها في سُتْهُم
العَظِيم الاسْتِ وزُرْقُم الأَزْرَق، وكما قالوا للابن ابْنُم، والهاء
للمبالغة.
جشع: في الحديث: أَنَّ معاذاً لما خرج إلى اليمن شيَّعَه رسولُ الله،
صلى الله عليه وسلم، فبكى معاذ جَشَعاً لفِراق رسولِ الله، صلى الله عليه
وسلم؛ الجَشَعُ: الجزَعُ لِفراق الإِلْفِ. وفي حديث جابر: ثم أَقبل علينا
فقال: أَيُّكم يُحِب أَن يُعْرِضَ الله عنه؟ قال: فجَشِعْنا أَي
فَزِعْنا. وفي حديث ابن الخَصاصِيَّة: أَخافُ إِذا حضَر قِتالٌ جَشِعَتْ نفسي
فكَرِهَتِ الموتَ. والجَشَعُ: أَسْوَأُ الحِرْصِ، وقيل: هو أَشدُّ الحِرْص
على الأَكل وغيره، وقيل: هو أَن تأْخذ نصيبك وتَطْمَعَ في نصيب غيرك؛
جَشِعَ، بالكسر، جَشَعاً، فهو جَشِعٌ من قوم جَشِعِين وجَشاعى وجُشَعاء
وجِشاعٌ وتَجَشَّعَ مثله؛ قال سويد:
وكِلابُ الصيْدِ فيهنّ جَشَعْ
ورجل جَشِعٌ بَشِعٌ: يجمع جَزَعاً وحِرْصاً وخبثَ نَفْس.
وقال بعض الأَعراب: تجاشَعْنا الماء نتَجاشَعهُ وتناهَبْناه
وتَشاحَحْناه إِذا تضايَقْنا عليه وتَعاطَشْنا. والجَشِعُ: المُتَخَلِّق بالباطل وما
ليس فيه.
ومُجاشِعٌ: اسم رجل من بني تميم وهو مُجاشِع بن دارِم بن مالك بن
حنْظَلة بن مالك بن عمرو بن تميم.
جندع: جَنادِعُ الخَمْر: ما تَراءى منها عند المَزْج.
والجُنْدُعُ:
جُنْدَب أَسود له قَرْنانِ طويلان وهو أَضْخَم الجَنادِب، وكل جُندب
يؤكل إِلا الجُنْدُعَ. وقال أَبو حنيفة: الجُندع جندب صغير. وجنادِعُ
الضَّبّ: دوابُّ أَصغرُ من القِرْدان تكون عند جُحْره، فإِذا بدت هي علم أَنّ
الضبّ خارجٌ فيقال حينئذ: بدَتْ جَنادِعُه، وقيل: يخرجن إِذا دنا الحافر
من قَعْر الجُحْر، قال الجوهري: تكون في جِحَرَةِ اليَرابِيع والضِّباب.
ويقال للشرّير المُنتَظَر هلاكُه: ظهرت جَنادِعُه والله جادِعُه؛ وقال
ثعلب: يضرب هذا مثلاً للرجل الذي يأْتي عنه الشر قبل أَن يُرى. الأَصمعي: من
أَمثالهم: جاءت جَنادِعُه، يعني حَوادِثَ الدهْر وأَوائلَ شرّه. ويقال:
رأَيت جَنادِعَ الشرّ أَي أَوائلَه، الواحدة جُنْدُعة وهو ما دبّ من
الشر؛ قال محمد بن عبد الله الأَزدي:
لا أَدْفَع ابْنَ العَمِّ يَمْشِي على شَفاً،
وإِنْ بَلَغَتْني من أَذاه الجَنادِع
والجُنْدُعة من الرّجال: الذي لا خير فيه ولا غَناء عنده، بالهاء؛ عن
كراع؛ أَنشد سيبويه للراعي:
بِحَيٍّ نُمَيْرِيٍّ عليه مَهابةٌ
جَمِيع، إِذا كان اللِّئامُ جَنادِعا
ويقال: القومُ جَنادِعُ إِذا كانوا فِرَقاً لا يجتمع رأْيهم، يقول
الراعي: إِذا كان اللّئام فرقاً شَتَّى فهم جَميع. وجُنْدُعٌ وذاتُ الجَنادِع
جميعاً: الدّاهيةُ، والنون زائدة. ورجل جُنْدُع: قصير؛ وأَنشد الأَزهري:
تَمَهْجَروا، وأَيُّما تَمَهْجُرِ،
وهم بَنُو العَبْد اللّئيم العُنْصُرِ
ما غَرَّهُم بالأَسَدِ الغَضَنْفَرِ،
بَني اسْتِها، والجُنْدُعِ الزَّبَنْتَرِ
الليث: جُنْدُع وجَنَادِعُ الآفاتُ. وفي الحديث: إِني أَخافُ عليكم
الجَنادِع أَي الآفات والبَلايا. والجَنادعُ: الدَّواهِي. وجُنْدُعٌ: اسم.
والجَنادُع أَيضاً: الأَحْناشُ.
جوه: جُهْتُه بشرٍّ وأَجَهْتُه. والجاه: المنزلة والقَدْرُ عند السلطان،
مقلوب عن وَجْهٍ، وإِن كان قد تغير بالقلب فتَحَوَّلَ
من فَعْلٍ إِلى فَعَلٍ فإِن هذا لا يستبعد في المقلوب والمقلوب عنه
ولذلك لم يجعل أَهل النظر من النحويين وزنَ لاهِ أَبوك فَعْلاً، لقولهم
لَهْيَ أَبوك، إِنما جعلوه فَعَلاً وقالوا إِن المقلوب قد يتغير وزنه عما كان
عليه قبل القلب. وحكى اللحياني: أَن الجاهَ ليس من وَجُهَ، وإِنما هو من
جُهْْْتُ، ولم يفسر ما جُهْتُ. قال ابن جني: كان سبيلُ
جاهٍ، إِذ قُدِّمَت الجيم وأُخرت الواو، أَن يكون جَوْه فتسكن الواو كما
كانت الجيم في وَجْه ساكنة، إِلا أَنها حركت لأَن الكلمة لما لحقها
القلب ضعفت، فغيروها بتحريك ما كان ساكناً إِذ صارت بالقلب قابلة للتغيير،
فصار التقدير جَوَهٌ، فلما تحرَّكت الواو وقبلها فتحة قلبت أَلفاً، فقيل
جاهٌ. وحكى اللحياني أَيضاً: جاهٌ وجاهَةٌ وجاهْ جاهِ وجاهٍ جاهْ وجاهِ
جاهٍ. الجوهري: فلان ذو جاه وقد أَوْجَهْتُه أَنا ووَجَّهْتُه أَنا أَي
جعلته وَجِيهاً، ولو صغرت قلت جُوَيْهَة. قال أَبو بكر: قولهم لفلان جاهٌ
فيهم أَي منزلة وقَدْرٌ، فأَخرت الواو من موضع الفاء وجعلت في موضع العين،
فصارت جَوْهاً، ثم جعلوا الواو أَلفاً فقالوا جاه. ويقال: فلان أَوْجَهُ
من فلان، ولا يقال أَجْوَه.
والعرب تقول للبعير: جاهِ لا جُهْتَ
(* قوله «لا جهت» أي لا مشيت كذا في
التكملة). وهو زجر للجمل خاصة. قال ابن سيده: وجُوهْ جُوهْ
(* قوله
«وجوه جوه» كذا بضبط الأصل والمحكم بضم الجيمين وسكون الهاءين وضبط في
القاموس بفتح الجيمين وكسر الهاءين). ضربٌ من زجر الإِبل. الجوهري: جاهِ زجر
للبعير دون الناقة، وهو مبني على الكسر، وربما قالوا جاهٍ بالتنوين؛
وأَنشد:إِذا قُلتُ جاهٍ، لَجَّ حتى تَرُدَّهُ
قُوَى أَدَمٍ، أَطْرافُها في السلاسل
ويقال: جاهَهُ بالمكروه جَوْهاً أَي جَبَهَهُ.
غرب: الغَرْبُ والـمَغْرِبُ: بمعنى واحد. ابن سيده: الغَرْبُ خِلافُ الشَّرْق، وهو الـمَغْرِبُ. وقوله تعالى: رَبُّ الـمَشْرِقَيْن ورَبُّ الـمَغْرِبَيْنِ؛ أَحدُ الـمَغْرِبين: أَقْصَى ما تَنْتَهي إِليه الشمسُ في الصيف، والآخَرُ: أَقْصَى ما تَنْتَهِي إِليه في الشتاءِ؛ وأَحدُ
الـمَشْرقين: أَقْصى ما تُشرِقُ منه الشمسُ في الصيف، وأَقْصَى ما تُشْرِقُ منه في الشتاءِ؛ وبين المغرب الأَقْصَى والـمَغْربِ الأَدْنى مائةٌ وثمانون مَغْرباً، وكذلك بين الـمَشْرقين. التهذيب: للشمس مَشْرِقانِ ومَغْرِبانِ: فأَحدُ مشرقيها أَقْصَى الـمَطالع في الشتاءِ، والآخَرُ أَقصى مَطالعها في القَيْظ، وكذلك أَحدُ مَغْرِبَيْها أَقصى الـمَغارب في الشِّتاءِ، وكذلك في الجانب الآخر. وقوله جَلَّ ثناؤُه: فلا أُقْسِمُ برَبِّ الـمَشارق والـمَغارِب؛ جَمعَ، لأَنه أُريد أَنها تُشْرِقُ كلَّ يومٍ من موضع، وتَغْرُبُ في موضع، إِلى انتهاءِ السنة. وفي التهذيب: أَرادَ مَشْرِقَ كلِّ يوم ومَغْرِبَه، فهي مائة وثمانون مَشْرقاً، ومائة وثمانون مغْرِباً.
والغُرُوبُ: غُيوبُ الشمس.
غَرَبَتِ الشمسُ تَغْرُبُ غُروباً ومُغَيْرِباناً: غابَتْ في الـمَغْرِبِ؛ وكذلك غَرَبَ النجمُ، وغَرَّبَ. ومَغْرِبانُ الشمسِ: حيث تَغرُبُ.
ولقيته مَغرِبَ الشمسِ ومُغَيْرِبانَها ومُغَيرِباناتِها أَي عند غُروبها.
وقولُهم: لقيته مُغَيْرِبانَ الشمسِ، صَغَّروه على غير مُكَبَّره، كأَنهم
صغروا مَغرِباناً؛ والجمع: مُغَيْرِباناتُ، كما قالوا: مَفارِقُ الرأْس،
كأَنهم جعلوا ذلك الـحَيِّز أَجزاءً، كُـلَّما تَصَوَّبَتِ الشمسُ ذَهَبَ
منها جُزْءٌ، فَجَمَعُوه على ذلك. وفي الحديث: أَلا إِنَّ مَثَلَ آجالِكُم في آجالِ الأُمَمِ قَبْلَكم، كما بين صلاةِ العَصْر إِلى مُغَيْربانِ
الشمس أَي إِلى وَقتِ مَغِـيبها. والـمَغرِبُ في الأَصل: مَوْضِعُ
الغُروبِ ثم استُعْمِل في المصدر والزمان، وقياسُه الفتح، ولكن استُعْمِل بالكسر كالـمَشْرِق والمسجِد. وفي حديث أَبي سعيدٍ: خَطَبَنا رسولُ اللّهِ، صلى اللّه عليه وسلم، إِلى مُغَيربانِ الشمسِ.
والـمُغَرِّبُ: الذي يأْخُذُ في ناحية الـمَغْرِبِ؛ قال قَيْسُ بنُ الـمُلَوّح:
وأَصْبَحْتُ من لَيلى، الغَداة، كناظِرٍ * مع الصُّبْح في أَعْقابِ نَجْمٍ مُغَرِّبِ
وقد نَسَبَ الـمُبَرِّدُ هذا البيتَ إِلى أَبي حَيَّةَ النُّمَيْري.
وغَرَّبَ القومُ: ذَهَبُوا في الـمَغْرِبِ؛ وأَغْرَبُوا: أَتَوا الغَرْبَ؛
وتَغَرَّبَ: أَتَى من قِـبَلِ الغَرْب. والغَرْبيُّ من الشجر: ما أَصابته
الشمسُ بحَرِّها عند أُفُولها. وفي التنزيل العزيز: زَيْتُونةٍ لا
شَرْقِـيَّةٍ ولا غَرْبِـيَّةٍ.
والغَرْبُ: الذهابُ والتَّنَحِّي عن الناسِ. وقد غَرَبَ عنا يَغْرُبُ
غَرْباً، وغَرَّبَ، وأَغْرَبَ، وغَرَّبه، وأَغْرَبه: نَحَّاه. وفي الحديث:
أَن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، أَمَر بتَغْريبِ الزاني سنةً إِذا لم
يُحْصَنْ؛ وهو نَفْيُه عن بَلَده.
والغَرْبة والغَرْبُ: النَّوَى والبُعْد، وقد تَغَرَّب؛ قال ساعدة بن
جُؤَيَّة يصف سحاباً:
ثم انْتَهى بَصَري وأَصْبَحَ جالِساً، * مِنْه لنَجْدٍ، طَائفٌ مُتَغَرِّبُ
وقيل: مُتَغَرِّبٌ هنا أَي من قِـبَل الـمَغْرب.
ويقال: غَرَّبَ في الأَرض وأَغْرَبَ إِذا أَمْعَنَ فيها؛ قال ذو الرمة:
أَدْنَى تَقاذُفِه التَّغْريبُ والخَبَبُ
ويُروى التَّقْريبُ.
ونَـوًى غَرْبةٌ: بعيدة. وغَرْبةُ النَّوى: بُعْدُها؛ قال الشاعر:
وشَطَّ وليُ النَّوَى، إِنَّ النَّوَى قُذُفٌ، * تَيَّاحةٌ غَرْبةٌ بالدَّارِ أَحْيانا
النَّوَى: المكانُ الذي تَنْوي أَنْ تَـأْتِـيَه في سَفَرك.
ودارُهم غَرْبةٌ: نائِـيَةٌ.
وأَغْرَبَ القومُ: انْتَوَوْا.
وشَـأْوٌ مُغَرِّبٌ ومُغَرَّبٌ، بفتح الراءِ: بعيد؛ قال الكميت:
عَهْدَك من أُولَى الشَّبِـيبةِ تَطْلُبُ * على دُبُرٍ، هيهاتَ شَـأْوٌ مُغَرِّبُ
وقالوا: هل أَطْرَفْتَنا من مُغَرِّبةِ خَبَرٍ؟ أَي هل من خَبَر جاءَ من
بُعْدٍ؟ وقيل إِنما هو: هل من مُغَرِّبةِ خَبَرٍ؟ وقال يعقوب إِنما هو:
هل جاءَتْك مُغَرِّبةُ خَبَرٍ؟ يعني الخَبَر الذي يَطْرَأُ عليك من بلَدٍ
سوَى بلدِك. وقال ثعلب: ما
عِنْدَه من مُغَرِّبةِ خَبرٍ، تَسْتَفْهِمُه أَو تَنْفِـي ذلك عنه أَي طَريفةٌ. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: أَنه قال لرجل قَدِمَ عليه من بعض الأَطْرافِ: هل من مُغَرِّبةِ خَبَر؟ أَي هل من خبَرٍ جديدٍ جاءَ من بلدٍ بعيدٍ؟ قال أَبو عبيد: يقال بكسر الراءِ وفتحها، مع الإِضافة فيهما. وقالها الأُمَوِيُّ، بالفتح، وأَصله فيما نُرَى من الغَرْبِ، وهو البُعْد؛ ومنه قيل: دارُ فلانٍ غَرْبةٌ. والخبرُ
الـمُغْرِبُ: الذي جاءَ غريباً حادثاً طريفاً.
والتغريبُ: النفيُ عن البلد.
وغَرَبَ أَي بَعُدَ؛ ويقال: اغْرُبْ عني أَي تباعَدْ؛ ومنه الحديث: أَنه أَمَرَ بتَغْريبِ الزاني؛ التغريبُ: النفيُ عن البلد الذي وَقَعَتِ
الجِنايةُ فيه. يقال: أَغرَبْتُه وغَرَّبْتُه إِذا نَحَّيْتَه وأَبْعَدْتَه.والتَّغَرُّبُ: البُعْدُ. وفي الحديث: أَن رجلاً قال له: إِنَّ امرأَتي لا تَرُدُّ يَدَ لامِس، فقال: غرِّبْها أَي أَبْعِدْها؛ يريدُ الطلاق.
وغَرَّبَت الكلابُ: أَمْعَنَتْ في طلب الصيد.
وغَرَّبه وغَرَّبَ عليه: تَرَكه بُعْداً.
والغُرْبةُ والغُرْب: النُّزوحُ عن الوَطَن والاغْتِرابُ؛ قال
الـمُتَلَمِّسُ:
أَلا أَبْلِغا أَفناءَ سَعدِ بن مالكٍ * رِسالةَ مَن قد صار، في الغُرْبِ، جانِـبُهْ
والاغْتِرابُ والتغرُّب كذلك؛ تقول منه: تَغَرَّبَ، واغْتَرَبَ، وقد
غَرَّبه الدهرُ. ورجل غُرُب، بضم الغين والراء، وغريبٌ: بعيد عن وَطَنِه؛ الجمع غُرَباء، والأُنثى غَريبة؛ قال:
إِذا كَوْكَبُ الخَرْقاءِ لاحَ بسُحْرةٍ * سُهَيْلٌ، أَذاعَتْ غَزْلَها في الغَرائبِ
أَي فَرَّقَتْه بينهنّ؛ وذلك أَن أَكثر من يَغْزِل بالأُجرة، إِنما هي غريبةٌ. وفي الحديث: أَن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، سُئِلَ عن الغُرباء، فقال: الذين يُحْيُونَ ما أَماتَ الناسُ من سُنَّتِـي. وفي حديث آخر: إِنّ الإِسلامَ بَدأَ غريباً، وسيعود غريباً كما بَدأَ، فطوبَـى للغُرباءِ؛ أَي إِنه كان في أَوّلِ أَمْرِه كالغريبِ الوحيدِ الذي لا أَهل له عنده، لقلة المسلمين يومئذ؛ وسيعودُ غريباً كما كان أَي يَقِلُّ المسلمون في آخر الزمان فيصيرون كالغُرباء، فطُوبى للغُرَباء؛ أَي الجنةُ لأُولئك المسلمين الذين كانوا في
أَوّل الإِسلام، ويكونون في آخره؛ وإِنما خَصَّهم بها لصبْرهم على أَذى الكفار أَوَّلاً وآخراً، ولُزومهم دينَ الإِسلام. وفي حديث آخر: أُمَّتِـي كالمطر، لا يُدْرَى أَوَّلُها خير أَو آخِرُها. قال: وليس شيءٌ من هذه الأُحاديث مخالفاً للآخر، وإِنما أَراد أَن أَهلَ الإِسلام حين بَدأَ كانوا قليلاً، وهم في آخر الزمان يَقِلُّون إِلاَّ أَنهم خيارٌ. ومما يَدُلُّ على هذا المعنى الحديثُ الآخر: خِـيارُ أُمَّتِـي أَوَّلُها وآخِرُها، وبين ذلك ثَبَجٌ أَعْوَجُ ليس منكَ ولَسْتَ منه. ورَحَى اليدِ يُقال لها: غَريبة، لأَنّ الجيران يَتعاورُونها بينهم؛ وأَنشد بعضُهم:
كأَنَّ نَفِـيَّ ما تَنْفِي يَداها، * نَفِـيُّ غريبةٍ بِـيَدَيْ مُعِـينِ
والـمُعينُ: أَن يَسْتعينَ الـمُدير بيد رجل أَو امرأَة، يَضَعُ يده على
يده إِذا أَدارها.
واغْتَرَبَ الرجلُ: نَكَح في الغَرائبِ، وتَزَوَّجَ إِلى غير أَقاربه.
وفي الحديث: اغْتَرِبُوا لا تُضْوُوا أَي لا يتزوّج الرجلُ القرابة
القريبةَ، فيجيءَ ولدُه ضاوِيّاً. والاغْتِرابُ: افتِعال من الغُرْبة؛ أَراد: تَزَوَّجُوا إِلى الغرائب من النساءِ غير الأَقارب، فإِنه
أَنْجَبُ للأَولاد. ومنه حديث الـمُغِـيرة: ولا غريبةٌ نَجِـيبةٌ أَي إِنها مع كونها غريبةً، فإِنها غيرُ نَجيبةِ الأَولاد. وفي الحديث: إِنّ فيكم مُغَرِّبين؛ قيل: وما مُغَرِّبون؟ قال: الذين يَشترِكُ فيهم الجنُّ؛ سُمُّوا مُغَرِّبين لأَنه دخل فيهم عِرْقٌ غريبٌ، أَو جاؤُوا من نَسَبٍ بعيدٍ؛ وقيل: أَراد بمشاركة الجنّ فيهم أَمْرَهم إِياهم بالزنا، وتحسينَه لهم، فجاء أَولادُهم عن غير رِشْدة، ومنه قولُه تعالى: وشارِكْهُم في الأَموال والأَولاد. ابن الأَعرابي: التغريبُ أَن يأْتي ببنينَ بِـيضٍ، والتغريبُ أَن يأْتِـيَ ببَنينَ سُودٍ، والتغريبُ أَن يَجْمَعَ الغُرابَ، وهو الجَلِـيدُ والثَّلْج، فيأْكلَه.
وأَغْرَبَ الرجلُ: صار غريباً؛ حكاه أَبو نصر.
وقِدْحٌ غريبٌ: ليس من الشجر التي سائرُ القِداحِ منها. ورجل غريبٌ: ليس من القوم؛ ورجلٌ غريبٌ وغُرُبٌ أَيضاً، بضم الغين والراءِ، وتثنيته غُرُبانِ؛ قال طَهْمانُ بن عَمْرو الكِلابيّ:
وإِنيَ والعَبْسِـيَّ، في أَرضِ مَذْحِجٍ، * غَريبانِ، شَتَّى الدارِ، مُخْتلِفانِ
وما كان غَضُّ الطَّرْفِ منا سَجِـيَّةً، * ولكننا في مَذْحِجٍ غُرُبانِ
والغُرباءُ: الأَباعِدُ. أَبو عمرو: رجل غَريبٌ وغَريبيٌّ وشَصِـيبٌ
وطارِيٌّ وإِتاوِيٌّ، بمعنى.
والغَريبُ: الغامِضُ من الكلام؛ وكَلمة غَريبةٌ، وقد غَرُبَتْ، وهو من ذلك.
وفرس غَرْبٌ: مُتَرامٍ بنفسه، مُتَتابعٌ في حُضْره، لا يُنْزِعُ حتى
يَبْعَدَ بفارسه. وغَرْبُ الفَرَسِ: حِدَّتُه، وأَوَّلُ جَرْيِه؛ تقول: كَفَفْتُ من غَرْبه؛ قال النابغة الذبياني:
والخَيْلُ تَمْزَعُ غَرْباً في أَعِنَّتِها، * كالطَّيْرِ يَنْجُو من الشُّؤْبُوبِ ذي البَرَدِ
قال ابن بري: صوابُ انشادِهِ: والخيلَ، بالنصب، لأَنه معطوف على المائة من قوله:
الواهِبِ المائةَ الأَبْكارَ زَيَّنَها، * سَعْدانُ تُوضِـحَ، في أَوبارِها اللِّبَدِ
والشُّؤْبُوبُ: الدَّفْعةُ من الـمَطر الذي يكون فيه البَرَدُ.
والـمَزْعُ: سُرْعةُ السَّيْر. والسَّعْدانُ: تَسْمَنُ عنه الإِبل، وتَغْزُر
أَلبانُها، ويَطِـيبُ لحمها. وتُوضِـحُ: موضع. واللِّبَدُ: ما تَلَبَّدَ من
الوَبر، الواحدةُ لِبْدَة، التهذيب: يقال كُفَّ من غَرْبك أَي من
حِدَّتك.والغَرْبُ: حَدُّ كلِّ شيء، وغَرْبُ كلِّ شيءٍ حَدُّه؛ وكذلك غُرابه.
وفرسٌ غَرْبٌ: كثيرُ العَدْوِ؛ قال لبِـيد:
غَرْبُ الـمَصَبَّةِ، مَحْمودٌ مَصارِعُه، * لاهي النَّهارِ لسَيْرِ الليلِ مُحْتَقِرُ
أَراد بقوله غرْبُ الـمَصَبَّة: أَنه جَوَادٌ، واسِعُ الخَيْر والعَطاء
عند الـمَصَبَّة أَي عند إِعْطاءِ المال، يُكْثِرُه كما يُصَبُّ الماءُ.
وعينٌ غَرْبةٌ: بعيدةُ الـمَطْرَح. وإِنه لغَرْبُ العَين أَي بعيدُ مَطْرَح العين؛ والأُنثى غَربةُ العين؛ وإِياها عَنَى الطِّرمَّاحُ بقوله:
ذَاكَ أَمْ حَقْباءُ بَيْدانَةٌ، * غَرْبةُ العَيْنِ جَهادُ الـمَسَامْ
وأَغْرَبَ الرجلُ: جاءَ بشيءٍ غَريب. وأَغْرَب عليه، وأَغْرَب به: صَنَع به صُنْعاً قبيحاً. الأَصمعي: أَغْرَب الرجلُ في مَنْطِقِه إِذا لم يُبْقِ شَيْئاً إِلاَّ تكلم
به. وأَغْرَبَ الفرسُ في جَرْيه: وهو غاية الاكثار. وأَغْرَبَ الرجلُ إِذا اشْتَدَّ وجَعُه من مرضٍ أَو غيره. قال الأَصمعي وغيره: وكُلُّ ما وَاراك وسَتَرك، فهو مُغْرِبٌ؛ وقال ساعدة الـهُذَليُّ:
مُوَكَّلٌ بسُدُوف الصَّوْم، يُبْصِرُها * من الـمَغارِبِ، مَخْطُوفُ الـحَشَا، زَرِمُ
وكُنُسُ الوَحْش: مَغارِبُها، لاسْتتارها بها.
وعَنْقاءُ مُغْرِبٌ ومُغْرِبةٌ، وعَنْقاءُ مُغْرِبٍ، على الإِضافة، عن
أَبي عليّ: طائرٌ عظيم يَبْعُدُ في طَيرانه؛ وقيل: هو من الأَلْفاظِ
الدالةِ على غير معنى. التهذيب: والعَنْقاءُ الـمُغْرِبُ؛ قال: هكذا جاءَ عن العَرَب بغير هاء، وهي التي أَغْرَبَتْ في البلادِ، فَنَـأَتْ ولم تُحَسَّ ولم تُرَ. وقال أَبو مالك: العَنْقاءُ الـمُغْرِبُ رأْسُ الأَكمَة في أَعْلى الجَبَل الطويل؛ وأَنْكر أَن يكون طائراً؛ وأَنشد:
وقالوا: الفتى ابنُ الأَشْعَرِيَّةِ، حَلَّقَتْ، * به، الـمُغْرِبُ العَنْقاءُ، إِنْ لم يُسَدَّدِ
ومنه قالوا: طارَتْ به العَنْقاءُ الـمُغْرِبُ؛ قال الأَزهري: حُذفت هاء التأْنيث منها، كما قالوا: لِحْيةٌ ناصِلٌ، وناقة ضامر، وامرأَة عاشق.
وقال الأَصمعي: أَغْرَبَ الرجلُ إِغراباً إِذا جاءَ بأَمر غريب. وأَغْرَبَ الدابَّةُ إِذا اشْتَدَّ بياضُه، حتى تَبْيَضَّ مَحاجِرُه وأَرْفاغُه،
وهو مُغْرِبٌ. وفي الحديث: طارتْ به عَنْقاءُ مُغْرِبٌ أَي ذَهَبَتْ به
الداهيةُ.
والـمُغْرِبُ: الـمُبْعِدُ في البلاد.
وأَصابه سَهْمُ غَرْبٍ وغَرَبٍ إِذا كان لا يَدْري مَن رَماه. وقيل:
إِذا أَتاه مِن حيثُ لا يَدْرِي؛ وقيل: إِذا تَعَمَّد به غيرَه فأَصابه؛ وقد
يُوصَف به، وهو يسكَّن ويحرك، ويضاف ولا يضاف، وقال الكسائي والأَصمعي: بفتح الراءِ؛ وكذلك سَهْمُ غَرَضٍ. وفي الحديث: أَن رجلاً كان واقِفاً معه في غَزاةٍ، فأَصَابَه سَهْمُ غَرْبٍ أَي لا يُعْرَفُ راميه؛ يقال: سَهْمُ غرب وسهمٌ غَربٌ، بفتح الراءِ وسكونها، بالإِضافة وغير الإِضافة؛ وقيل: هو بالسكون إِذا أَتاه مِن حيثُ لا يَدْرِي، وبالفتح إِذا رماه فأَصاب غيره. قال ابن الأَثير والهروي: لم يثبت عن الأَزهري إِلا الفتح.
والغَرْبُ والغَرْبة: الـحِدَّةُ. ويقال لِحَدِّ السيف: غَرْبٌ. ويقال: في لسانه غَرْبٌ أَي حِدَّة. وغَرْبُ اللسانِ: حِدَّتُه. وسيفٌ غَرْبٌ: قاطع حديد؛ قال الشاعر يصف سيفاً:
غَرْباً سريعاً في العِظامِ الخُرْسِ
ولسان غَرْبٌ: حَديدٌ. وغَرْبُ الفرس: حِدَّتُه. وفي حديث ابن عباس ذَكَر الصِّدِّيقَ، فقال: كانَ واللّهِ بَرّاً تَقِـيّاً يُصَادَى غَرْبُه؛
(يتبع...)
(تابع... 1): غرب: الغَرْبُ والـمَغْرِبُ: بمعنى واحد. ابن سيده: الغَرْبُ خِلافُ... ...
وفي رواية: يُصَادَى منه غَرْبٌ؛ الغَرْبُ: الحِدَّةُ؛ ومنه غَرْبُ السيف؛ أَي كانَتْ تُدَارَى حِدَّتُه وتُتَّقَى؛ ومنه حديث عمر: فَسَكَّنَ من غَرْبه؛ وفي حديث عائشة، قالت عن زينب، رضي اللّه عنها: كُلُّ خِلالِها مَحْمودٌ، ما خَلا سَوْرَةً من غَرْبٍ، كانت فيها؛ وفي حديث الـحَسَن: سُئل عن القُبلة للصائم، فقال: إِني أَخافُ عليك غَرْبَ الشَّباب أَي حِدَّته. والغَرْبُ: النَّشاط والتَّمادِي.
واسْتَغْرَب في الضَّحِك، واسْتُغْرِبَ: أَكْثَرَ منه. وأَغْرَبَ:
اشْتَدَّ ضَحِكُه ولَجَّ فيه. واسْتَغْرَبَ عليه الضحكُ، كذلك. وفي الحديث: أَنه ضَحِكَ حتى استَغْرَبَ أَي بالَغَ فيه. يُقال: أَغْرَبَ في ضَحِكه، واسْتَغْرَبَ، وكأَنه من الغَرْبِ البُعْدِ؛
وقيل: هو القَهْقهة. وفي حديث الحسن: إِذا اسْتَغْرَب الرجلُ ضَحِكاً في الصلاة، أَعادَ الصلاةَ؛ قال: وهو مذهب أَبي حنيفة، ويزيد عليه إِعادةَ الوضوء. وفي دُعاءِ ابنِ هُبَيْرَة: أَعُوذُ بك من كل شيطانٍ مُسْتَغْرِبٍ، وكُلِّ نَبَطِـيٍّ مُسْتَعْرِبٍ؛ قال الـحَرْبيُّ: أَظُنُّه الذي جاوَزَ القَدْرَ في الخُبْثِ، كأَنه من الاسْتِغْراب في الضَّحِك، ويجوز أَن يكون بمعنى الـمُتَناهِي في الـحِدَّةِ، من الغَرْبِ: وهي الـحِدَّةُ؛ قال الشاعر:
فما يُغْرِبُونَ الضَّحْكَ إِلاَّ تَبَسُّماً، * ولا يَنْسُبُونَ القولَ إِلاَّ تَخَافِـيَا
شمر: أَغْرَبَ الرجلُ إِذا ضَحِكَ حتى تَبْدُوَ غُروبُ أَسْنانه.
والغَرْبُ: الرَّاوِيَةُ التي يُحْمَلُ عليها الماء. والغَرْبُ: دَلْو عظيمة من مَسكِ ثَوْرٍ، مُذَكَّرٌ، وجمعهُ غُروبٌ. الأَزهري، الليث: الغَرْبُ يومُ السَّقْيِ؛ وأَنشد:
في يوم غَرْبٍ، وماءُ البئر مُشْتَرَكُ
قال: أُراه أَراد بقوله في يوم غَربٍ أَي في يوم يُسْقَى فيه بالغَرْبِ، وهو الدلو الكبير، الذي يُسْتَقَى به على السانية؛ ومنه قول لبيد:
فصَرَفْتُ قَصْراً، والشُّؤُونُ كأَنها * غَرْبٌ، تَخُبُّ به القَلُوصُ، هَزِيمُ
وقال الليث: الغَرْبُ، في بيت لبيدٍ: الرَّاوية، وإِنما هو الدَّلْو
الكَبيرةُ. وفي حديث الرؤيا: فأَخَذَ الدَّلْوَ عُمَرُ، فاسْتَحالَتْ في
يَدِه غَرْباً؛ الغَرْبُ، بسكون الراءِ: الدلو العظيمة التي تُتَّخَذُ من
جلدِ ثَوْرٍ، فإِذا فتحت الراء، فهو الماء السائل بين البئر والحوض، وهذا تمثيل؛ قال ابن الأَثير: ومعناه أَن عمر لما أَخذ الدلو ليستقي عَظُمَتْ في يده، لأَن الفُتُوح كان في زمنه أَكْثَرَ منه في زمن أَبي بكر، رضي اللّه عنهما. ومعنى اسْتَحالَتْ: انقلبتْ عن الصِّغَر إِلى الكِـبَر. وفي حديث الزكاة: وما سُقِـيَ بالغَرْبِ، ففيه نِصْفُ العُشْر. وفي الحديث: لو أَنَّ غَرْباً من جهنم جُعِلَ في الأَرض، لآذى نَتْنُ رِيحِه وشِدَّة حَرِّه ما بين الـمَشْرق والمغرب. والغَرْبُ: عِرْقٌ في مَجْرَى الدَّمْع يَسْقِـي ولا يَنْقَطِـع، وهو كالناسُور؛ وقيل: هو عرقٌ في العين لا ينقطع سَقْيُه. قال الأَصمعي: يقال: بعينه غَرْبٌ إِذا كانت تسيل، ولا تَنْقَطع
دُمُوعُها. والغَرْبُ: مَسِـيلُ الدَّمْع، والغَرْبُ: انْهِمالُه من العين.
والغُرُوبُ: الدُّموع حين تخرج من العين؛ قال:
ما لكَ لا تَذْكُر أُمَّ عَمْرو، * إِلاَّ لعَيْنَيْكَ غُروبٌ تَجْرِي
واحِدُها غَرْبٌ.
والغُروبُ أَيضاً: مَجارِي الدَّمْعِ؛ وفي التهذيب: مَجارِي العَيْنِ.
وفي حديث الحسن: ذَكَر ابنَ عباس فقال: كان مِثَجّاً يَسِـيلُ غَرْباً.
الغَرْبُ: أَحدُ الغُرُوبِ، وهي الدُّمُوع حين تجري. يُقال: بعينِه غَرْبٌ إِذا سالَ دَمْعُها، ولم ينقطعْ، فشَبَّه به غَزَارَة علمه، وأَنه لا
ينقطع مَدَدُه وجَرْيُه. وكلُّ فَيْضَة من الدَّمْع: غَرْبٌ؛ وكذلك هي من الخمر.
واسْتَغْرَبَ الدمعُ: سال.
وغَرْبَا العين: مُقْدِمُها ومُؤْخِرُها. وللعين غَرْبانِ: مُقْدِمُها
ومُؤْخِرُها.
والغَرْبُ: بَثْرة تكون في العين، تُغِذُّ ولا تَرْقأُ.
وغَرِبَت العينُ غَرَباً: وَرِمَ مَـأْقُها.
وبعينه غَرَبٌ إِذا كانت تسيل، فلا تنقطع دُموعُها. والغَرَبُ،
مُحَرَّك: الخَدَرُ في العين، وهو السُّلاقُ.
وغَرْبُ الفم: كثرةُ ريقِه وبَلَلِه؛ وجمعه: غُرُوبٌ. وغُروبُ
الأَسنانِ: مَناقِـعُ ريقِها؛ وقيل: أَطرافُها وحِدَّتُها وماؤُها؛ قال
عَنترة:
إِذْ تَستَبِـيكَ بِذي غُروبٍ واضِـحٍ، * عَذْبٍ مُقَبَّلُه، لَذِيذ الـمَطْعَمِ وغُروبُ الأَسنانِ: الماءُ الذي يَجرِي عليها؛ الواحد: غَرْبٌ. وغُروبُ الثَّنايا: حدُّها وأُشَرُها. وفي حديث النابغة: تَرِفُّ غُروبُه؛ هي جمع غَرْب، وهو ماء الفم، وحِدَّةُ الأَسنان. والغَرَبُ: الماءُ الذي يسيل من الدَّلْو؛ وقيل: هو كلُّ ما انصَبَّ من الدلو، من لَدُنْ رأْسِ البئر إِلى الحوضِ. وقيل: الغَرَبُ الماءُ الذي يَقْطُر من الدِّلاءِ بين البئر والحوض، وتتغير ريحُه سريعاً؛ وقيل: هو ما بين البئر والحوض، أَو حَوْلَهُما من الماءِ والطين؛ قال ذو الرمة:
وأُدْرِكَ الـمُتَبَقَّى من ثَميلَتِه، * ومن ثَمائِلها، واسْتُنشِئَ الغَرَبُ
وقيل: هو ريح الماء والطين لأَنه يتغير ريحُهُ سريعاً. ويقال للدَّالج بين البئر والحوْض: لا تُغْرِبْ أَي لا تَدْفُقِ الماءَ بينهما
فتَوْحَل.وأَغْرَبَ الـحَوضَ والإِناءَ: ملأَهما؛ وكذلك السِّقاءَ؛ قال بِشْر بن أَبي خازِم:
وكأَنَّ ظُعْنَهُمُ، غَداةَ تَحَمَّلُوا، * سُفُنٌ تَكَفَّـأُ في خَليجٍ مُغْرَبِ
وأَغربَ الساقي إِذا أَكثر الغَرْبَ. والإِغرابُ: كثرةُ المال، وحُسْنُ
الحال من ذلك، كأَنَّ المالَ يَمْلأُ يَدَيْ مالِكِه، وحُسنَ الحال يَمْلأُ نفسَ ذي الحال؛ قال عَدِيُّ بن زيد العِـبادِيّ:
أَنتَ مما لَقِـيتَ، يُبْطِرُكَ الإِغـ * ـرابُ بالطَّيشِ، مُعْجَبٌ مَحبُورُ
والغَرَبُ: الخَمْرُ؛ قال:
دَعِـيني أَصْطَبِـحْ غَرَباً فأُغْرِبْ * مع الفِتيانِ، إِذ صَبَحوا، ثُمُودا
والغَرَبُ: الذَّهَبُ، وقيل: الفضَّة؛ قال الأَعشى:
إِذا انْكَبَّ أَزْهَرُ بين السُّقاة، * تَرامَوْا به غَرَباً أَو نُضارا
نَصَبَ غَرَباً على الحال، وإِن كان جَوْهراً، وقد يكون تمييزاً. ويقال الغَرَب: جامُ فِضَّةٍ؛ قال الأَعشى:
فَدَعْدَعا سُرَّةَ الرَّكاءِ، كما * دَعْدَعَ ساقي الأَعاجِمِ الغَرَبا
قال ابن بري: هذا البيت للبيد، وليس للأَعشى، كما زعم الجوهري، والرَّكاء، بفتح الراءِ: موضع؛ قال: ومِن الناسِ مَن يكسر الراء، والفتح أَصح. ومعنى دَعدَعَ: مَلأَ. وصَفَ ماءَينِ التَقَيا من السَّيل، فملآ سُرَّة الرَّكاءِ كما ملأَ ساقي الأَعاجِمِ قَدَحَ الغَرَب خمْراً؛ قال: وأَما بيت الأَعشى الذي وقع فيه الغَرَبُ بمعنى الفضة فهو قوله:
تَرامَوا به غَرَباً أَو نُضارا
والأَزهر: إِبريقٌ أَبيضُ يُعْمَلُ فيه الخمرُ، وانكبابُه إِذا صُبَّ
منه في القَدَح. وتَراميهم بالشَّراب: هو مُناوَلةُ بعضهم بعضاً أَقداحَ الخَمْر. والغَرَبُ:
الفضة. والنُّضارُ: الذَّهَبُ. وقيل: الغَرَبُ والنُّضار: ضربان من الشجر تُعمل منهما الأَقْداحُ. التهذيب: الغَرْبُ شَجَرٌ تُسَوَّى منه الأَقْداحُ البِـيضُ؛ والنُّضار: شَجَرٌ تُسَوَّى منه أَقداح صُفْر، الواحدةُ: غَرْبَةٌ، وهي شَجَرة ضَخْمةٌ شاكة خَضراءُ، وهي التي يُتَّخَذُ منها الكُحَيلُ، وهو القَطِرانُ، حِجازية.
قال الأَزهري: والأَبهَلُ هو الغَرْبُ لأَنَّ القَطِرانَ يُسْتَخْرَجُ منه. ابن سيده: والغَرْبُ، بسكون الراءِ: شجرة ضَخْمة شاكة خَضْراءُ
حِجازِيَّة، وهي التي يُعْمَلُ منها الكُحيلُ الذي تُهْنأُ به الإِبلُ،
واحِدَتُه غَرْبة. والغَرْبُ: القَدَح، والجمع أَغْراب؛ قال الأَعشى:
باكَرَتْهُ الأَغْرابُ في سِنَةِ النَّوْ * مِ، فتَجْري خِلالَ شَوْكِ السَّيالِ
ويُروى باكَرَتْها. والغَرَبُ: ضَرْبٌ من الشجر، واحدته غَرَبَةٌ؛ قاله الجوهري (1)
(1 قوله «قاله الجوهري» أي وضبطه بالتحريك بشكل القلم وهو مقتضى سياقه فلعله غير الغرب الذي ضبطه ابن سيده بسكون الراء.) ؛ وأَنشد:
عُودُكَ عُودُ النُّضارِ لا الغَرَبُ
قال: وهو اسْبِـيدْدارْ، بالفارسية.
والغَرَبُ: داء يُصِـيبُ الشاةَ، فيتَمَعَّط خُرْطُومُها، ويَسْقُطُ منه
شَعَرُ العَين؛ والغَرَبُ في الشاة: كالسَّعَفِ في الناقة؛ وقد غَرِبَت
الشاةُ، بالكسر.
والغارِبُ: الكاهِلُ من الخُفِّ، وهو ما بين السَّنام والعُنُق، ومنه
قولهم: حَبْلُكِ على غارِبكِ. وكانت العربُ إِذا طَلَّقَ أَحدُهم امرأَته، في الجاهلية، قال لها: حَبْلُك على غارِبك أَي خَلَّيتُ سبيلك، فاذْهَبي حيثُ شِئْتِ. قال الأَصمعي: وذلك أَنَّ الناقة إِذا رَعَتْ وعليها خِطامُها، أُلْقِـيَ على غارِبها وتُرِكَتْ ليس عليها خِطام، لأَنها إِذا رأَت الخِطامَ لم يُهْنِها الـمَرْعى. قال: معناه أَمْرُكِ إِلَيكِ، اعمَلي ما شِئْتِ. والغارِب: أَعْلى مُقَدَّم السَّنام، وإِذا أُهْمِلَ البعيرُ طُرِحَ حَبلُه على سَنامه، وتُرِكَ يَذْهَبُ حيث شاءَ. وتقول: أَنتَ مُخَلًّى كهذا البعير، لا يُمْنَعُ من شيءٍ، فكان أَهل الجاهلية يُطَلِّقونَ بهذا. وفي حديث عائشة، رضي اللّه عنها، قالت ليَزِيدَ بن الأَصَمِّ: رُمِيَ بِرَسَنِك على غارِبك أَي خُلِّـيَ سَبِـيلُك، فليس لك أَحدٌ يمنعك عما تريد؛ تَشْبيهاً بالبعير يُوضَعُ زِمامُه على ظهرِه، ويُطْلَقُ يَسرَح أَين أَراد في المرْعى. وورد في الحديث في كنايات الطلاق: حَبْلُكِ على غارِبِك أَي أَنتِ مُرْسَلةٌ مُطْلَقة، غير مشدودة ولا مُمْسَكة بعَقْدِ النكاح.
والغارِبانِ: مُقَدَّمُ الظهْر ومُؤَخَّرُه.
وغَوارِبُ الماءِ: أَعاليه؛ وقيل: أَعالي مَوْجِه؛ شُبِّهَ بغَوارِبِ
الإِبل.
وقيل: غاربُ كلِّ شيءٍ أَعْلاه. الليث: الغارِبُ أَعْلى الـمَوْج،
وأَعلى الظَّهر. والغارِبُ: أَعلى مُقَدَّمِ السَّنام. وبعيرٌ ذُو غارِبَين
إِذا كان ما بَينَ غارِبَيْ سَنامِه مُتَفَتِّقاً، وأَكثرُ ما يكون هذا في
البَخاتِـيِّ التي أَبوها الفالِـجُ وأُمها عربية. وفي حديث الزبير: فما
زال يَفْتِلُ في الذِّرْوَةِ والغارِب حتى أَجابَتْه عائشةُ إِلى الخُروج. الغاربُ: مُقَدَّمُ السَّنام؛ والذِّرْوَةُ أَعلاه. أَراد: أَنه ما زال يُخادِعُها ويَتَلطَّفُها حتى أَجابَتهُ؛ والأَصل فيه: أَن الرجل إِذا أَراد أَن يُؤَنِّسَ البعيرَ الصَّعْبَ، لِـيَزُمَّه ويَنْقاد له، جَعَل يُمِرُّ يَدَه عليه، ويَمسَحُ غاربَه، ويَفتِلُ وبَرَه حتى يَسْـتَأْنِسَ، ويَضَعَ فيه الزِّمام.
والغُرابانِ: طَرَفا الوَرِكَينِ الأَسْفَلانِ اللَّذان يَلِـيانِ أَعالي الفَخِذَين؛ وقيل: هما رُؤُوس الوَرِكَين، وأَعالي فُرُوعهما؛ وقيل: بل هما عَظْمانِ رَقيقانِ أَسفل من الفَراشة. وقيل: هما عَظْمانِ شاخصانِ، يَبْتَدّانِ الصُّلْبَ. والغُرابانِ، من الفَرس والبعير: حَرفا الوَرِكَينِ الأَيْسَرِ والأَيمنِ، اللَّذانِ فوقَ الذَّنَب، حيث التَقَى رأْسا الوَرِكِ اليُمْنى واليُسْرى، والجمع غِربانٌ؛ قال الراجز:
يا عَجَبا للعَجَبِ العُجابِ،
خَمْسَةُ غِرْبانٍ على غُرابِ
وقال ذو الرمة:
وقَرَّبْنَ بالزُّرْقِ الـحَمائلَ، بَعْدما * تَقَوَّبَ، عن غِرْبان أَوْراكها، الخَطْرُ
أَراد: تَقَوَّبَتْ غِرْبانُها عن الخَطْرِ، فقلبه لأَن المعنى معروف؛ كقولك: لا يَدْخُلُ الخاتَمُ في إِصْبَعِي أَي لا يَدْخُلُ إِصْبَعي في خاتَمي. وقيل: الغِرْبانُ أَوْراكُ الإِبل أَنْفُسها؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
سأَرْفَعُ قَوْلاً للـحُصَينِ ومُنْذِرٍ، * تَطِـيرُ به الغِرْبانُ شَطْرَ الـمَواسم
قال: الغِرْبانُ هنا أَوْراكُ الإِبِلِ أَي تَحْمِلُه الرواةُ إِلى المواسم. والغِرْبانُ: غِرْبانُ الإِبِلِ، والغُرابانِ: طَرَفا الوَرِك، اللَّذانِ يَكونانِ خَلْفَ القَطاةِ؛ والمعنى: أَن هذا الشِّعْرَ يُذْهَبُ به على الإِبِل إِلى الـمَواسم، وليس يُرِيدُ الغِربانَ دونَ غيرِها؛ وهذا كما قال الآخر:
وإِنَّ عِتاقَ العِـيسِ، سَوْفَ يَزُورُكُمْ * ثَنائي، على أَعْجازِهِنَّ مُعَلَّقُ
فليس يريد الأَعجاز دون الصُّدور. وقيل: إِنما خصَّ الأَعْجازَ
والأَوْراكَ، لأَنَّ قائِلَها جَعل كِتابَها في قَعْبَةٍ احْتَقَبها، وشدَّها على
عَجُز بعيره.
والغُرابُ: حَدُّ الوَرك الذي يلي الظهْرَ.
والغُرابُ: الطائرُ الأَسْوَدُ، والجمع أَغْرِبة، وأَغْرُبٌ، وغِرْبانٌ،
وغُرُبٌ؛ قال:
وأَنْتُم خِفافٌ مِثْلُ أَجْنحةِ الغُرُبْ
وغَرابِـينُ: جمعُ الجمع. والعرب تقول: فلانٌ أَبْصَرُ من غُرابٍ، وأَحْذَرُ من غُرابٍ، وأَزْهَى من غُرابٍ، وأَصْفَى عَيْشاً من غُرابٍ، وأَشدُّ سواداً من غُرابٍ. وإِذا نَعَتُوا أَرْضاً بالخِصْبِ، قالوا: وَقَعَ في أَرْضٍ لا يَطِـير غُرابُها. ويقولون: وجَدَ تَمْرَةَ الغُرابِ؛ وذلك أَنه يتَّبِـعُ أَجودَ التَّمْر فيَنْتَقِـيه. ويقولون: أَشْـأَمُ من غُرابٍ، وأَفْسَقُ من غُراب. ويقولون: طارَ غُرابُ فلانٍ إِذا شاب رأْسُه؛ ومنه قوله:
ولـمَّا رَأَيْتُ النَّسْرَ عَزَّ ابنَ دَايةٍ
أَراد بابْنِ دايةٍ الغُرابَ. وفي الحديث: أَنه غَيَّرَ اسمَ غُرابٍ، لـمَا فيه من البُعْدِ، ولأَنه من أَخْبَث الطُّيور. وفي حديث عائشة، لـمّا
نَزَلَ قولُه تعالى: ولْيَضْرِبْنَ بخُمُرِهِنَّ على جُيوبِهِنَّ: فأَصْبَحْنَ على رؤوسِهِنَّ الغِرْبانُ. شَبَّهَتِ الخُمُرَ في سوادها بالغِرْبان، جمع غُراب؛ كما قال الكميت:
كغِرْبانِ الكُروم الدوالِجِ
وقوله:
زَمانَ عَليَّ غُرابٌ غُدافٌ، * فطَيَّرَهُ الشَّيْبُ عنِّي فطارا
إِنما عَنى به شِدَّةَ سوادِ شعره زمانَ شَبابِه. وقوله:
(يتبع...)
(تابع... 2): غرب: الغَرْبُ والـمَغْرِبُ: بمعنى واحد. ابن سيده: الغَرْبُ خِلافُ... ...
فَطَيَّرَه الشَّيْبُ، لم يُرِدْ أَن جَوْهَرَ الشَّعر زال، لكنه أَراد أَنّ السَّوادَ أَزالَه الدهرُ فبَقِـي الشعرُ مُبْيَضّاً.
وغُرابٌ غاربٌ، على المبالغة، كما قالوا: شِعْرٌ شاعِرٌ، ومَوتٌ مائِتٌ؛ قال رؤبة:
فازْجُرْ من الطَّيرِ الغُرابَ الغارِبا
والغُرابُ: قَذالُ الرأْس؛ يقال: شابَ غُرابُه أَي شَعَرُ قَذالِه.
وغُرابُ الفأْسِ: حَدُّها؛ وقال الشَّمّاخ يصف رجلاً قَطَعَ نَبْعةً:
فأَنْحَى، عليها ذاتَ حَدٍّ، غُرابُها * عَدُوٌّ لأَوْساطِ العِضاهِ، مُشارِزُ
وفأْسٌ حديدةُ الغُرابِ أَي حديدةُ الطَّرَف.
والغرابُ: اسم فرسٍ لغَنِـيٍّ ، على التشبيه بالغُرابِ من الطَّيرِ.
ورِجْلُ الغُراب: ضَرْبٌ من صَرِّ الإِبلِ شديدٌ، لا يَقْدِرُ الفَصِـيلُ على أَن يَرْضَعَ معه، ولا يَنْحَلُّ. وأَصَرَّ عليه رِجْلَ الغرابِ:
ضاقَ عليه الأَمْرُ؛ وكذلك صَرَّ عليه رِجلَ الغُرابِ؛ قال الكُمَيْتُ:
صَرَّ، رِجْلَ الغُرابِ، مُلْكُكَ في النا * سِ على من أَرادَ فيه الفُجُورا
ويروى: صُرَّ رِجْلَ الغُراب مُلْكُكَ. ورجلَ الغرابِ: مُنْتَصِبٌ على الـمَصْدَر، تقديره صَرّاً، مِثْلَ صَرِّ رِجْلِ الغراب.
وإِذا ضاقَ على الإِنسان معاشُه قيل: صُرَّ عليه رِجْلُ الغُرابِ؛ ومنه قول الشاعر:
إِذا رِجْلُ الغُرابِ عليَّ صُرَّتْ، * ذَكَرْتُكَ، فاطْمأَنَّ بيَ الضَّمِـيرُ
وأَغرِبةُ العَرَبِ: سُودانُهم، شُبِّهوا بالأَغْرِبَةِ في لَوْنِهِم.
والأَغْرِبَةُ في الجاهلية: عَنْترةُ، وخُفافُ ابن نُدْبَةَ السُّلَمِـيُّ، وأَبو عُمَيرِ بنُ الـحُبابِ السُّلَمِـيُّ أَيضاً، وسُلَيْكُ بنُ السُّلَكَةِ، وهشامُ ابنُ عُقْبة بنِ أَبي مُعَيْطٍ، إِلا أَنَّ هشاماً هذا مُخَضْرَمٌ، قد وَلِـيَ في الإِسلام. قال ابن الأَعرابي: وأَظُنُّهُ قد وَلِـيَ الصائفَةَ وبعضَ الكُوَر؛ ومن الإِسلاميين: عبدُاللّه بنُ خازم، وعُمَيْرُ بنُ أَبي عُمَير بنِ الـحُبابِ السُّلَمِـيُّ، وهمّامُ بنُ مُطَرِّفٍ التَّغْلَبِـيّ،
ومُنْتَشِرُ بنُ وَهْبٍ الباهِليُّ، ومَطَرُ ابن أَوْفى المازِنيّ، وتأَبـَّطَ شَرّاً، والشّنْفَرَى، (1)
(1 ليس تأبّط شراً والشنفرى من الإسلاميين وإنما هما جاهليّان.)
وحاجِزٌ؛ قال ابن سيده: كل ذلك عن ابن الأَعرابي. قال: ولم يَنْسُبْ حاجزاً هذا إِلى أَب ولا أُم، ولا حيٍّ ولا مكانٍ، ولا عَرَّفَه بأَكثر من هذا. وطار غرابُها بجَرادتِكَ: وذلك إِذا فات الأَمْرُ،
ولم يُطْمَعْ فيه؛ حكاهُ ابنُ الأَعرابي.
وأَسودُ غُرابيٌّ وغِرْبيبٌ: شديدُ السوادِ؛ وقولُ بِشْر بن أَبي خازم:
رأَى دُرَّة بَيْضاءَ، يَحْفِلُ لَوْنَها * سُخامٌ، كغِرْبانِ البَريرِ، مُقَصَّبُ
يعني به النضيج من ثَمَر الأَراك. الأَزهري: وغُرابُ البَرِيرِ
عُنْقُودُه الأَسْوَدُ، وجمعه غِرْبانٌ، وأَنشد بيت بشر بن أَبي خازم؛ ومعنى يَحْفِلُ لَوْنَها: يَجْلُوه؛ والسُّخَامُ: كُلُّ شيءٍ لَيِّن من صوف، أَو قطن، أَو غيرهما، وأَراد به شعرها؛ والـمُقَصَّبُ: الـمُجَعَّدُ.
وإِذا قلت: غَرابيبُ سُودٌ، تَجْعَلُ السُّودَ بَدَلاً من غَرابيبِ لأَن
توكيد الأَلوان لا يتقدَّم. وفي الحديث: إِن اللّه يُبْغِضُ الشيخَ
الغِرْبِـيبَ؛هو
الشديدُ السواد، وجمعُه غَرابيبُ؛ أَراد الذي لا يَشيبُ؛وقيل: أَراد الذي يُسَوِّدُ شَيْبَه. والـمَغارِبُ: السُّودانُ. والـمَغارِبُ: الـحُمْرانُ. والغِرْبِـيبُ: ضَرْبٌ من العِنَب بالطائف، شديدُ السَّوادِ، وهو أَرَقُّ العِنَب وأَجْوَدُه، وأَشَدُّه سَواداً.
والغَرَبُ: الزَّرَقُ في عَيْنِ الفَرس مع ابْيضاضِها.
وعينٌ مُغْرَبةٌ: زَرْقاءُ، بيضاءُ الأَشْفارِ والـمَحاجِر، فإِذا ابْيَضَّتْ الـحَدَقةُ، فهو أَشدُّ الإِغرابِ. والـمُغْرَبُ: الأَبيضُ؛ قال مُعَوية الضَّبِّـيُّ:
فهذا مَكاني، أَو أَرَى القارَ مُغْرَباً، * وحتى أَرَى صُمَّ الجبالِ تَكَلَّمُ
ومعناه: أَنه وَقَعَ في مكان لا يَرْضاه، وليس له مَنْجًى إِلاّ أَن
يصير القارُ أَبيضَ، وهو شِـبه الزفت، أَو تُكَلِّمَه الجبالُ، وهذا ما لا يكون ولا يصح وجوده عادة.
ابن الأَعرابي: الغُرْبةُ بياض صِرْفٌ، والـمُغْرَبُ من الإِبل: الذي تَبْيَضُّ أَشْفارُ عَيْنَيْه، وحَدَقَتاه، وهُلْبُه، وكلُّ شيء منه.
وفي الصحاح: الـمُغْرَبُ الأَبيضُ الأَشْفارِ من كل شيءٍ؛ قال الشاعر:
شَرِيجَانِ من لَوْنَيْنِ خِلْطانِ، منهما * سَوادٌ، ومنه واضِـحُ اللَّوْنِ مُغْرَبُ
والـمُغْرَبُ من الخَيل: الذي تَتَّسِـعُ غُرَّتُه في وجهِه حتى تُجاوِزَ عَيْنَيْه.
وقد أُغْرِبَ الفرسُ، على ما لم يُسمَّ فاعله، إِذا أَخَذَتْ غُرَّتُه
عينيه، وابْيَضَّت الأَشفارُ؛ وكذلك إِذا ابيضتْ من الزَّرَق أَيضاً.
وقيل: الإِغرابُ بياضُ الأَرْفاغ، مما يَلي الخاصرةَ.
وقيل: الـمُغْرَب الذي كلُّ شيء منه أَبيضُ، وهو أَقْبَحُ البياض.
والـمُغْرَبُ: الصُّبْح لبياضه، والغُرابُ: البَرَدُ، لذلك. وأُغْرِبَ الرجلُ: وُلِدَ له وَلدٌ أَبيضُ. وأُغْرِبَ الرجلُ إِذا اشْتَدَّ وَجَعُه؛ عن
الأَصمعي. والغَرْبِـيُّ: صِـبْغٌ أَحْمَرُ. والغَرْبيُّ: فَضِـيخُ النبيذِ. وقال أَبو حنيفة: الغَرْبِـيُّ يُتَّخَذُ من الرُّطَب وَحْده، ولا يَزال
شارِبُه مُتَماسِكاً، ما لم تُصِـبْه الريحُ، فإِذا بَرَزَ إِلى الهواءِ،
وأَصابتْه الريحُ، ذَهَبَ عقلُه؛ ولذلك قال بعضُ شُرَّابه:
إِنْ لم يكنْ غَرْبِـيُّكُم جَيِّداً، * فنحنُ باللّهِ وبالرِّيحِ
وفي حديث ابن عباس: اخْتُصِمَ إِليه في مَسِـيلِ الـمَطَر، فقال:
الـمَطَرُ غَرْبٌ، والسَّيْلُ شَرْقٌ؛ أَراد أَن أَكثر السَّحاب يَنْشَـأُ من
غَرْبِ القِـبْلَة، والعَيْنُ هناك، تقول العربُ: مُطِرْنا بالعَيْن إِذا
كان السحابُ ناشئاً من قِـبْلة العِراق. وقوله: والسَّيْلُ شَرْقٌ، يريد
أَنه يَنْحَطُّ من ناحيةِ الـمَشْرِقِ، لأَن ناحيةَ المشرق عاليةٌ، وناحية
المغرب مُنْحَطَّة، قال ذلك القُتَيْبي؛ قال ابن الأَثير: ولعله شيء يختص بتلك الأَرض، التي كان الخِصَام فيها. وفي الحديث: لا يزالُ أَهلُ الغَرْبِ ظاهرين على الحق؛ قيل: أَراد بهم أَهلَ الشام، لأَنهم غَرْبُ الحجاز؛ وقيل: أَراد بالغرب الـحِدَّةَ والشَّوْكَةَ، يريد أَهلَ الجهاد؛ وقال ابن المدائني: الغَرْبُ هنا الدَّلْوُ، وأَراد بهم العَرَبَ لأَنهم أَصحابها، وهم يَسْتَقُون بها. وفي حديث الحجاج:
لأَضْرِبَنَّكم ضَرْبةَ غَرائبِ الإِبلِ؛ قال ابن الأَثير: هذا مَثَلٌ
ضَرَبه لنَفْسه مع رعيته يُهَدِّدُهم، وذلك أَن الإِبل إِذا وردت الماء، فدَخَلَ
عليها غَريبةٌ من غيرها، ضُرِبَتْ وطُرِدَتْ حتى تَخْرُجَ عنها. وغُرَّبٌ: اسم موضع؛ ومنه قوله:
في إِثْرِ أَحْمِرَةٍ عَمَدْنَ لِغُرَّبِ
ابن سيده: وغُرَّبٌ ، بالتشديد، جبل دون الشام، في بلاد بني كلب، وعنده عين ماء يقال لها: الغُرْبة، والغُرُبَّةُ، وهو الصحيح.
والغُراب: جَبَلٌ؛ قال أَوْسٌ:
فَمُنْدَفَعُ الغُلاَّنِ غُلاَّنِ مُنْشِدٍ، * فنَعْفُ الغُرابِ، خُطْبُه فأَساوِدُهْ
والغُرابُ والغَرابةُ: مَوْضعان (1)
(1 قوله «والغراب والغرابة موضعان» كذا ضبط ياقوت الأول بضمه والثاني بفتحه وأنشد بيت ساعدة.) ؛ قال ساعدةُ ابنُ جُؤَيَّةَ:
تذَكَّرْتُ مَيْتاً، بالغَرابةِ، ثاوِياً، * فما كانَ لَيْلِـي بَعْدهُ كادَ يَنْفَدُ
وفي ترجمة غرن في النهاية ذِكْرُ غُران: هو بضم الغين، وتخفيف الراء: وادٍ قريبٌ من الـحُدَيْبية، نَزَلَ به سيدُنا رسولُ اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، في مسيره، فأَما غُرابٌ بالباءِ، فجبل بالمدينة على طريق الشام. والغُرابُ: فرسُ البَراءِ بنِ قَيْسٍ.
والغُرابِـيُّ: ضَرْبٌ من التمر؛ عن أَبي حنيفة.
كيت: التَّكْيِيتُ: تَيْسِيرُ الجَِهازِ.
وكَيَّتَ الجَهازَ: يَسَّرَهُ. وتقول: كَيِّتْ جَِهازَكَ؛ قال:
كَيِّت جَهازَكَ، إِمَّا كُنْتَ مُرْتَحِلاً،
إِني أَخافُ على أَذوادِكَ السَّبُعا
وكان من الأَمر كَيْتَ وكَيْتَ، وإِن شئت كسرت التاء، وهي كناية عن
القِصَّة أَو الأُحْدوثة؛ حكاها سيبويه. قال الليث: تقول العرب كانَ من
الأَمر كَيْتَ وكَيْتَ، قال؛ وهذه التاء في الأَصل هاء، مثل ذَيْتَ، وأَصلها
كَيَّه وَذيَّه، بالتشديد، فصارت تاء في الوصل. وفي الحديث: بئسما
لأَحدِكم أَن يقولَ: نَسِيتُ آيةَ كَيْتَ وكَيْتَ قال ابن الأَثير: هي كناية عن
الأَمر، نحو كذا وكذا. وفي النوادر: كَيَّتَ الوِكاءَ تَكْييتاً وحَشاه،
بمعنى واحدٍ.
كفر: الكُفْرُ: نقيض الإِيمان؛ آمنَّا بالله وكَفَرْنا بالطاغوت؛ كَفَرَ
با يَكْفُر كُفْراً وكُفُوراً وكُفْراناً. ويقال لأَهل دار الحرب: قد
كَفَرُوا أَي عَصَوْا وامتنعوا.
والكُفْرُ: كُفْرُ النعمة، وهو نقيض الشكر. والكُفْرُ: جُحود النعمة،
وهو ضِدُّ الشكر. وقوله تعالى: إِنا بكلٍّ كافرون؛ أَي جاحدون. وكَفَرَ
نَعْمَةَ الله يَكْفُرها كُفُوراً وكُفْراناً وكَفَر بها: جَحَدَها وسَتَرها.
وكافَرَه حَقَّه: جَحَدَه. ورجل مُكَفَّر: مجحود النعمة مع إِحسانه. ورجل
كافر: جاحد لأَنْعُمِ الله، مشتق من السَّتْر، وقيل: لأَنه مُغَطًّى على
قلبه. قال ابن دريد: كأَنه فاعل في معنى مفعول، والجمع كُفَّار وكَفَرَة
وكِفارٌ مثل جائع وجِياعٍ ونائم ونِيَامٍ؛ قال القَطامِيّ:
وشُقَّ البَحْرُ عن أَصحاب موسى،
وغُرِّقَتِ الفَراعِنةُ الكِفَارُ
وجمعُ الكافِرَة كَوافِرُ. وفي حديث القُنُوتِ: واجْعَلْ قلوبهم كقُلوبِ
نساءٍ كوافِرَ؛ الكوافرُ جمع كافرة، يعني في التَّعادِي والاختلاف،
والنساءُ أَضعفُ قلوباً من الرجال لا سيما إِذا كُنَّ كوافر، ورجل كَفَّارٌ
وكَفُور: كافر، والأُنثى كَفُورٌ أَيضاً، وجمعهما جميعاً كُفُرٌ، ولا يجمع
جمع السلامة لأَن الهاء لا تدخل في مؤنثه، إِلا أَنهم قد قالوا عدوة
الله، وهو مذكور في موضعه. وقوله تعالى: فأَبى الظالمون إِلا كُفُرواً؛ قال
الأَخفش: هو جمع الكُفْر مثل بُرْدٍ وبُرودٍ. وروي عن النبي، صلى الله
عليه وسلم، أَنه قال: قِتالُ المسلمِ كُفْرٌ وسِبابُه فِسْقٌ ومن رغِبَ عن
أَبيه فقد كَفَرَ؛ قال بعض أَهل العلم: الكُفْرُ على أَربعة أَنحاء: كفر
إِنكار بأَن لا يعرف الله أَصلاً ولا يعترف به، وكفر جحود، وكفر معاندة،
وكفر نفاق؛ من لقي ربه بشيء من ذلك لم يغفر له ويغفر ما دون ذلك لمن
يشاء. فأَما كفر الإِنكار فهو أَن يكفر بقلبه ولسانه ولا يعرف ما يذكر له من
التوحيد، وكذلك روي في قوله تعالى: إِن الذين كفروا سواء عليهم
أَأَنذرتهم أَم لم تنذرهم لا يؤمنون؛ أَي الذين كفروا بتوحيد الله، وأَما كفر
الجحود فأَن يعترف بقلبه ولا يقرّ بلسانه فهو كافر جاحد ككفر إِبليس وكفر
أُمَيَّةَ بن أَبي الصَّلْتِ، ومنه قوله تعالى: فلما جاءهم ما عَرَفُوا
كَفَرُوا به؛ يعني كُفْرَ الجحود، وأَما كفر المعاندة فهو أَن يعرف الله
بقلبه ويقرّ بلسانه ولا يَدِينَ به حسداً وبغياً ككفر أَبي جهل وأَضرابه، وفي
التهذيب: يعترف بقلبه ويقرّ بلسانه ويأْبى أَن يقبل كأَبي طالب حيث
يقول:ولقد علمتُ بأَنَّ دينَ محمدٍ
من خيرِ أَديانِ البَرِيَّةِ دِينَا
لولا المَلامةُ أَو حِذارُ مَسَبَّةٍ،
لوَجَدْتَني سَمْحاً بذاك مُبِيناً
وأَما كفر النفاق فأَن يقرّ بلسانه ويكفر بقلبه ولا يعتقد بقلبه. قال
الهروي: سئل الأَزهري عمن يقول بخلق القرآن أَنسميه كافرراً؟ فقال: الذي
يقوله كفر، فأُعيد عليه السؤال ثلاثاً ويقول ما قال ثم قال في الآخر: قد
يقول المسلم كفراً. قال شمر: والكفر أَيضاً بمعنى البراءة، كقول الله تعالى
حكاية عن الشيطان في خطيئته إِذا دخل النار: إِني كفرت بما
أَشْركْتُمونِ من قَبْلُ؛ أَي تبرأْت. وكتب عبدُ الملك إِلى سعيد بن جُبَيْر يسأَله
عن الكفر فقال: الكفر على وجوه: فكفر هو شرك يتخذ مع الله إِلهاً آخر،
وكفر بكتاب الله ورسوله، وكفر بادِّعاء ولد الله، وكفر مُدَّعي الإِسْلام،
وهو أَن يعمل أَعمالاً بغير ما أَنزل الله ويسعى في الأَرض فساداً ويقتل
نفساً محرّمة بغير حق، ثم نحو ذلك من الأَعمال كفرانِ: أَحدهما كفر نعمة
الله، والآخر التكذيب بالله. وفي التنزيل العزيز: إِن الذين آمنوا ثم
كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفراً لم يكن الله ليغفر لهم؛ قال أَبو
إِسحق: قيل فيه غير قول، قال بعضهم: يعني به اليهود لأَنهم آمنوا بموسى،
عليه السلام، ثم كفروا بعزيز ثم كفروا بعيسى ثم ازدادوا كفراً بكفرهم
بمحمد؛ صلى الله عليه وسلم؛ وقيل: جائز أَن يكون مُحاربٌ آمن ثم كفر، وقيل:
جائز أَن يكون مُنافِقٌ أَظهر الإِيمانَ وأَبطن الكفر ثم آمن بعد ثم كفر
وازداد كفراً بإِقامته على الكفر، فإِن قال قائل: الله عز وجل لا يغفر كفر
مرة، فلمَ قيل ههنا فيمن آمن ثم كفر ثم آمن ثم كفر لم يكن الله ليغفر
لهم، ما الفائدة في هذا ففالجواب في هذا، والله أَعلم، أَن الله يغفر
للكافر إِذا آمن بعد كفره، فإِن كفر بعد إِيمانه لم يغفر الله له الكفر الأَول
لأَن الله يقبل التوبة، فإِذا كَفَر بعد إِيمانٍ قَبْلَه كُفْرٌ فهو
مطالبَ بجميع كفره، ولا يجوز أَن يكون إِذا آمن بعد ذلك لا يغفر له لأَن
الله عز وجل يغفر لكل مؤْمن بعد كفره، والدليل على ذلك قوله تعالى: وهو الذي
يقبل التوبة عن عباده؛ وهذا سيئة بالإِجماع. وقوله سبحانه وتعالى: ومن
لم يحكم بما أَنزل الله فأُولئك هم الكافرون؛ معناه أَن من زعم أَن حكماً
من أَحكام الله الذي أَتت به الأَنبياء، عليهم السلام، باطل فهو كافر.
وفي حديث ابن عباس: قيل له: ومن لم يحكم بما أَنزل الله فأُولئك هم
الكافرون وليسوا كمن كفر بالله واليوم الآخر، قال: وقد أَجمع الفقهاء أَن من
قال: إِن المحصنَين لا يجب أَن يرجما إِذا زنيا وكانا حرين، كافر، وإِنما
كفر من رَدَّ حُكماً من أَحكام النبي، صلى الله عليه وسلم، لأَنه مكذب له،
ومن كذب النبي، صلى الله عليه وسلم، فهو قال كافر. وفي حديث ابن مسعود،
رضي الله عنه: إذا الرجل للرجل أَنت لي عدوّ فقد كفر أَحدهما بالإِسلام؛
أَراد كفر نعمته لأَن الله عز وجل أَلف بين قلوبهم فأَصبحوا بنعمته
إِخواناً فمن لم يعرفها فقد كفرها. وفي الحديث: من ترك قتل الحيات خشية النار
فقد كفر أَي كفر النعمة، وكذلك الحديث الآخر: من أَتى حائضاً فقد كفر،
وحديث الأَنْواء: إِن الله يُنْزِلُ الغَيْثَ فيُصْبِحُ قومٌ به كافرين؛
يقولون: مُطِرْنا بِنَوْءِ كذا وكذا، أَي كافرين بذلك دون غيره حيث
يَنْسُبون المطر إِلى النوء دون الله؛ ومنه الحديث: فرأَيت أَكثر أَهلها النساء
لكفرهن، قيل: أَيَكْفُرْنَ بالله؟ قال: لا ولكن يَكْفُرْنَ الإِحسانَ
ويَكْفُرْنَ العَشِيرَ أَي يجحدن إِحسان أَزواجهن؛ والحديث الآخر: سباب
المسلم فسوق وقتاله كفر، ومن رغب عن أَبيه فقد كفر ومن ترك الرمي فنعمة كفرها؛
والأَحاديث من هذا النوع كثيرة، وأَصل الكفر تغطية الشيء تغطية تستهلكه.
وقال الليث: يقال إِنما سمي الكافر كافراً لأَن الكفر غطى قلبه كله؛ قال
الأَزهري: ومعنى قول الليث هذا يحتاج إِلى بيان يدل عليه وإِيضاحه أَن
الكفر في اللغة التغطية، والكافر ذو كفر أَي ذو تغطية لقلبه بكفره، كما
يقال للابس السلاح كافر، وهو الذي غطاه السلاح، ومثله رجل كاسٍ أَي ذو
كُسْوَة، وماء دافق ذو دَفْقٍ، قال: وفيه قول آخر أَحسن مما ذهب إِليه، وذلك
أَن الكافر لما دعاه الله إِلى توحيده فقد دعاه إِلى نعمة وأَحبها له
إِذا أَجابه إِلى ما دعاه إِليه، فلما أَبى ما دعاه إِليه من توحيده كان
كافراً نعمة الله أَي مغطياً لها بإِبائه حاجباً لها عنه. وفي الحديث: أَن
رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال في حجة الوداع: أَلا لا تَرْجِعُنَّ
بعدي كُفَّاراً يَضْرِب بعضُكم رقابَ بعض؛ قال أَبو منصور: في قوله كفاراً
قولان: أَحدهما لابسين السلاح متهيئين للقتال من كَفَرَ فوقَ دِرْعِه
إِذا لبس فوقها ثوباً كأَنه أَراد بذلك النهيَ عن الحرب، والقول الثاني
أَنه يُكَفِّرُ الماسَ فيَكْفُر كما تفعل الخوارجُ إِذا استعرضوا الناسَ
فيُكَفِّرونهم، وهو كقوله، صلى الله عليه وسلم: من قال لأَخيه يا كافر فقد
باء به أَحدهما، لأَنه إِما أَن يَصْدُقَ عليه أَو يَكْذِبَ، فإِن صدق فهو
كافر، وإِن كذب عاد الكفر إِليه بتكفيره أَخاه المسلم. قال: والكفر
صنفان: أَحدهما الكفر بأَصل الإِيمان وهو ضده، والآخر الكفر بفرع من فروع
الإِسلام فلا يخرج به عن أَصل الإِيمان. وفي حديث الردّة: وكفر من كفر من
العرب؛ أَصحاب الردّة كانوا صنفين: صنف ارتدوا عن الدين وكانوا طائفتين
إِحداهما أَصحاب مُسَيْلِمَةَ والأَسْودِ العَنْسِيّ الذين آمنوا بنبوتهما،
والأُخرى طائفة ارتدوا عن الإِسلام وعادوا إِلى ما كانوا عليه في
الجاهلية وهؤلاء اتفقت الصحابة على قتالهم وسبيهم واستولد عليّ، عليه السلام، من
سبيهم أُمَّ محمدِ بن الحنيفة ثم لم ينقرض عصر الصحابة، رضي الله عنهم،
حتى أَجمعوا أَن المرتد لا يُسْبى، والصنف الثاني من أَهل الردة لم
يرتدوا عن الإِيمان ولكن أَنكروا فرض الزكاة وزعموا أَن الخطاب في قوله تعالى:
خذ من أَموالهم صدقة؛ خاصة بزمن النبي، صلى الله عليه وسلم، ولذلك اشتبه
على عمر، رضي الله عنه، قِتالهم لإِقرارهم بالتوحيد والصلاة، وثبت أَبو
بكر، رضي الله عنه، على قتالهم بمنع الزكاة فتابعه الصحابة على ذلك
لأَنهم كانوا قَرِيبي العهد بزمان يقع فيه التبديل والنسخ، فلم يُقَرّوا على
ذلك، وهؤلاء كانوا أَهل بغي فأُضيفوا إِلى أَهل الردة حيث كانوا في زمانهم
فانسحب عليهم اسمها، فأَما بعد ذلك فمن أَنكر فرضية أَحد أَركان
الإِسلام كان كافراً بالإِجماع؛ ومنه حديث عمر، رضي الله عنه: أَلا لا
تَضْرِبُوا المسلمين فتُذِلُّوهم ولا تَمْنَعُوهم حَقَّهم فتُكَفِّروهم لأَنهم
ربما ارتدُّوا إِذا مُنِعوا عن الحق. وفي حديث سَعْدٍ، رضي الله عنه:
تَمَتَّعْنا مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ومُعَاوية كافر بالعُرُش قبل
إِسلامه؛ والعُرُش: بيوت مكة، وقيل معناه أَنه مقيم مُخْتَبِئٌ بمكة لأَن
التمتع كان في حجة الوداع بعد فتح مكة، ومُعاوية أَسلم عام الفتح، وقيل:
هو من التكفير الذُّلِّ والخضوعِ. وأَكْفَرْتُ الرجلَ: دعوته كافراً.
يقال: لا تُكْفِرْ
أَحداً من أَهل قبلتك أَي لا تَنْسُبْهم إِلي الكفر ولا تجعلهم كفاراً
بقولك وزعمك. وكَفَّرَ الرجلَ: نسبه إِلى الكفر. وكل من ستر شيئاً، فقد
كَفَرَه وكَفَّره. والكافر الزرَّاعُ لستره البذر بالتراب. والكُفَّارُ:
الزُّرَّاعُ. وتقول العرب للزَّرَّاعِ: كافر لأَنه يَكْفُر البَذْر
المَبْذورَ بتراب الأَرض المُثارة إِذا أَمَرّ عليها مالَقَهُ؛ ومنه قوله
تعالى: كمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الكفارَ نباتُه؛ أَي أَعجب الزُّرَّاْعَ
نباته، وإِذا أَعجب الزراع نباته مع علمهم به غاية ما فهو يستحسن، والغيث
المطر ههنا؛ وقد قيل: الكفار في هذه الآية الكفار بالله وهم أَشد إِعجاباً
بزينة الدنيا وحرثها من المؤمنين.
والكَفْرُ، بالفتح: التغطية. وكَفَرْتُ الشيء أَكْفِرُه، بالكسر، أَي
سترته. والكافِر: الليل، وفي الصحاح: الليل المظلم لأَنه يستر بظلمته كل
شيء. وكَفَرَ الليلُ الشيءَ وكَفَرَ عليه: غَطَّاه. وكَفَرَ الليلُ على
أَثَرِ صاحبي: غَطَّاه بسواده وظلمته. وكَفَرَ الجهلُ على علم فلان: غَطّاه.
والكافر: البحر لسَتْرِه ما فيه، ويُجْمَعُ الكافِرُ كِفَاراً؛ وأَنشد
اللحياني:
وغُرِّقَتِ الفراعِنَةُ الكِفَارُ
وقول ثعلب بن صُعَيْرة المازني يصف الظليم والنعامة ورَواحَهما إِلى
بيضهما عند غروب الشمس:
فَتَذَكَّرا ثَقَلاً رثِيداً بَعْدَما
أَلْقَتْ ذُكاءُ يمينَها في كافِرِ
وذُكاء: اسم للشمس. أَلقت يمينها في كافر أَي بدأَت في المغيب، قال
الجوهري: ويحتمل أَن يكون أَراد الليل؛ وذكر ابن السكيت أَن لَبِيداً سَرَق
هذا المعنى فقال:
حتى إِذا أَلْقَتْ يداً في كافِرٍ،
وأَجَنَّ عَوْراتِ الثُّغُورِ ظَلامُها
قال: ومن ذلك سمي الكافر كافراً لأَنه ستر نعم الله عز وجل؛ قال
الأَزهري: ونعمه آياته الدالة على توحيده، والنعم التي سترها الكافر هي الآيات
التي أَبانت لذوي التمييز أَن خالقها واحد لا شريك له؛ وكذلك إِرساله
الرسل بالآيات المعجزة والكتب المنزلة والبراهين الواضحة نعمة منه ظاهرة، فمن
لم يصدّق بها وردّها فقد كفر نعمة الله أَي سترها وحجبها عن نفسه.
ويقال: كافرني فلان حقي إِذا جحده حقه؛ وتقول: كَفَر نعمةَ الله وبنعمة الله
كُفْراً وكُفْراناً وكُفُوراً. وفي حديث عبد الملك: كتب إِلى الحجاج: من
أَقرّ بالكُفْر فَخَلِّ سبيله أَي بكفر من خالف بني مَرْوانَ وخرج عليهم؛
ومنه حديث الحجاج: عُرِضَ عليه رجلٌ من بني تميم ليقتله فقال: إِني لأَر
رجلاً لا يُقِرّ اليوم بالكُفْر، فقال: عن دَمي تَخْدَعُني؟ إِنّي
أَكْفَرُ من حِمَارٍ؛ وحمار: رجل كان في الزمان الأَول كفر بعد الإِيمان وانتقل
إِلى عبادة الأَوثان فصار مثلاً. والكافِرُ: الوادي العظيم، والنهر كذلك
أَيضاً. وكافِرٌ: نهر بالجزيرة؛ قال المُتَلَمِّسُ يذكر طَرْحَ صحيفته:
وأَلْقَيْتُها بالثِّنْي من جَنْبِ كافِرٍ؛
كذلك أَقْنِي كلَّ قِطٍّ مُضَللِ
وقال الجوهري: الكافر الذي في شعر المتلمس النهر العظيم؛ ابن بري في
ترجمة عصا: الكافرُ المطرُ؛ وأَنشد:
وحَدَّثَها الرُّوَّادُ أَنْ ليس بينهما،
وبين قُرَى نَجْرانَ والشامِ، كافِرُ
وقال: كافر أَي مطر. الليث: والكافِرُ من الأَرض ما بعد الناس لا يكاد
ينزله أَو يمرّ به أحد؛ وأَنشد:
تَبَيَّنَتْ لَمْحَةً من فَرِّ عِكْرِشَةٍ
في كافرٍ، ما به أَمْتٌ ولا عِوَجُ
وفي رواية ابن شميل:
فأَبْصَرَتْ لمحةً من رأْس عِكْرِشَةٍ
وقال ابن شميل أَيضاً: الكافر لغائطُ الوَطِيءُ، وأَنشد هذا البيت. ورجل
مُكَفَّرٌ: وهو المِحْسانُ الذي لا تُشْكَرُ نِعْمَتُه. والكافِرُ:
السحاب المظلم. والكافر والكَفْرُ: الظلمة لأَنها تستر ما تحتها؛ وقول
لبيد:فاجْرَمَّزَتْ ثم سارَتْ، وهي لاهِيَةٌ،
في كافِرٍ ما به أَمْتٌ ولا شَرَفُ
يجوز أَن يكون ظلمةَ الليل وأَن يكون الوادي.
والكَفْرُ: الترابُ؛ عن اللحياني لأَنه يستر ما تحته. ورماد مَكْفُور:
مُلْبَسٌ تراباً أَي سَفَتْ عليه الرياحُ الترابَ حتى وارته وغطته؛ قال:
هل تَعْرِفُ الدارَ بأَعْلى ذِي القُورْ؟
قد دَرَسَتْ غَيرَ رَمادٍ مَكْفُورْ
مُكْتَئِبِ اللَّوْنِ مَرُوحٍ مَمْطُورْ
والكَفْرُ: ظلمة الليل وسوادُه، وقد يكسر؛ قال حميد:
فَوَرَدَتْ قبل انْبِلاجِ الفَجْرِ،
وابْنُ ذُكاءٍ كامِنٌ في كَفْرِ
أَي فيما يواريه من سواد الليل. وقد كَفَر الرجلُ متاعَه أَي أَوْعاه في
وعاءٍ.
والكُفْر: القِيرُ الذي تُطْلى به السُّفُنُ لسواده وتغطيته؛ عن كراع.
ابن شميل: القِيرُ ثلاثة أَضْرُبٍ: الكُفْرُ والزِّفْتُ والقِيرُ،
فالكُفْرُ تُطْلى به السُّفُنُ، والزفت يُجْعَل في الزقاق، والقِيرُ يذاب ثم
يطلى به السفن.
والكافِرُ: الذي كَفَر دِرْعَه بثوب أَي غطاه ولبسه فوقه. وكلُّ شيء غطى
شيئاً، فقد كفَرَه. وفي الحديث: أَن الأَوْسَ والخَزْرَجَ ذكروا ما كان
منهم في الجاهلية فثار بعضهم إِلى بعض بالسيوف فأَنزلَ اللهُ تعالى: وكيف
تكفرون وأَنتم تُتْلى عليكم آيات الله وفيكم رَسولُه؟ ولم يكن ذلك على
الكفر بالله ولكن على تغطيتهم ما كانوا عليه من الأُلْفَة والمودّة.
وكَفَر دِرْعَه بثوب وكَفَّرَها به: لبس فوقها ثوباً فَغَشَّاها به. ابن
السكيت: إِذا لبس الرجل فوق درعه ثوباً فهو كافر. وقد كَفَّرَ فوقَ دِرْعه؛
وكلُّ ما غَطَّى شيئاً، فقد كَفَره. ومنه قيل لليل كافر لأَنه ستر بظلمته
كل شيء وغطاه. ورجل كافر ومُكَفَّر في السلاح: داخل فيه.والمُكَفَّرُ:
المُوثَقُ في الحديد كأَنه غُطِّيَ به وسُتِرَ. والمُتَكَفِّرُ: الداخل في
سلاحه. والتَّكْفِير: أَن يَتَكَفَّرَ المُحارِبُ في سلاحه؛ ومنه قول
الفرزدق:
هَيْهاتَ قد سَفِهَتْ أُمَيَّةُ رَأْيَها،
فاسْتَجْهَلَت حُلَماءَها سُفهاؤُها
حَرْبٌ تَرَدَّدُ بينها بتَشَاجُرٍ،
قد كَفَّرَتْ آباؤُها، أَبناؤها
رفع أَبناؤها بقوله تَرَدَّدُ، ورفع آباؤها بقوله قد كفَّرت أَي
كَفَّرَتْ آباؤها في السلاح. وتَكَفَّر البعير بحباله إِذا وقعت في قوائمه، وهو
من ذلك.
والكَفَّارة: ما كُفِّرَ به من صدقة أَو صوم أَو نحو ذلك؛ قال بعضهم:
كأَنه غُطِّيَ عليه بالكَفَّارة. وتَكْفِيرُ اليمين: فعل ما يجب بالحنث
فيها، والاسم الكَفَّارةُ. والتَّكْفِيرُ في المعاصي: كالإِحْباطِ في
الثواب. التهذيب: وسميت الكَفَّاراتُ كفَّاراتٍ لأَنها تُكَفِّرُ الذنوبَ أَي
تسترها مثل كَفَّارة الأَيْمان وكَفَّارة الظِّهارِ والقَتْل الخطإِ، وقد
بينها الله تعالى في كتابه وأَمر بها عباده. وأَما الحدود فقد روي عن
النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: ما أَدْرِي أَلْحُدُودُ كفاراتُ
لأَهلها أَم لا. وفي حديث قضاء الصلاة: كَفَّارَتُها أَن تصليها إِذا ذكرتها،
وفي رواية: لا كفارة لها إِلا ذلك. وتكرر ذكر الكفارة في الحديث اسماً
وفعلاً مفرداً وجمعاً، وهي عبارة عن الفَعْلَة والخَصْلة التي من شأْنها
أَن تُكَفِّرَ الخطيئة أَي تمحوها وتسترها، وهي فَعَّالَة للمبالغة،
كقتالة وضرابة من الصفات الغالبة في باب الأَسمية، ومعنى حديث قضاء الصلاة
أَنه لا يلزمه في تركها غير قضائها من غُرْم أَو صدقة أَو غير ذلك، كما يلزم
المُفْطِر في رمضان من غير عذر، والمحرم إِذا ترك شيئاً من نسكه فإِنه
تجب عليه الفدية. وفي الحديث: المؤمن مُكَفَّرٌ أَي مُرَزَّأٌ في نفسه
وماله لتُكَفَّر خَطاياه.
والكَفْرُ: العَصا القصيرة، وهي التي تُقْطَع من سَعَف النخل. ابن
الأَعرابي: الكَفْرُ الخشبة الغليظة القصيرة.
والكافُورُ: كِمُّ العِنَب قبل أَن يُنَوِّر. والكَفَرُ والكُفُرَّى
والكِفِرَّى والكَفَرَّى والكُفَرَّى: وعاء طلع النخل، وهو أَيضاً
الكافُورُ، ويقال له الكُفُرَّى والجُفُرَّى. وفي حديث الحسن: هو الطِّبِّيعُ في
كُفُرَّاه؛ الطِّبِّيعُ لُبُّ الطَّلْع وكُفُرَّاه، بالضم وتشديد الراء
وفتح الفاء وضمها، هو وعاء الطلع وقشره الأَعلى، وكذلك كافوره، وقيل: هو
الطَّلْعُ حين يَنْشَقُّ ويشهد للأَول
(* قوله« ويشهد للاول إلخ» هكذا في
الأصل. والذي في النهاية: ويشهد للاول قوله في قشر الكفرى.) قولُه في
الحديث قِشْر الكُفُرَّى، وقيل: وعاء كل شيء من النبات كافُوره. قال أَبو
حنيفة: قال ابن الأَعرابي: سمعت أُمَّ رَباح تقول هذه كُفُرَّى وهذا
كُفُرَّى وكَفَرَّى وكِفِرَّاه وكُفَرَّاه، وقد قالوا فيه كافر، وجمع الكافُور
كوافير، وجمع الكافر كوافر؛ قال لبيد:
جَعْلٌ قِصارٌ وعَيْدانٌ يَنْوءُ به،
من الكَوَافِرِ، مَكْمُومٌ ومُهْتَصَرُ
والكافُور: الطَّلْع. التهذيب: كافُورُ الطلعة وعاؤُها الذي ينشق عنها،
سُمِّي كافُوراً لأَنه قد كَفَرها أَي غطَّاها؛ وقول العجاج:
كالكَرْم إِذ نَادَى من الكافُورِ
كافورُ الكَرْم: الوَرَقُ المُغَطِّي لما في جوفه من العُنْقُود، شبهه
بكافور الطلع لأَنه ينفرج عمَّا فيه أَيضاً. وفي الحديث: أَنه كان اسم
كِنانَةِ النبي، صلى الله عليه وسلم، الكافُورَ تشبيهاً بغِلاف الطَّلْع
وأَكْمامِ الفَواكه لأَنها تسترها وهي فيها كالسِّهام في الكِنانةِ.
والكافورُ: أَخْلاطٌ تجمع من الطيب تُرَكَّبُ من كافور الطَّلْع؛ قال ابن دريد:
لا أَحسب الكافور عَرَبيًّا لأَنهم ربما قالوا القَفُور والقافُور. وقوله
عز وجل: إِن الأَبرار يَشْرَبُون من كأْس كان مِزاجُها كافُوراً؛ قيل:
هي عين في الجنة. قال: وكان ينبغي أَن لا ينصرف لأَنه اسم مؤنث معرفة على
أَكثر من ثلاثة أَحرف لكن صرفه لتعديل رؤوس الآي، وقال ثعلب: إِنما
أَجراه لأَنه جعله تشبيهاً ولو كان اسماً للعين لم يصرفه؛ قال ابن سيده: قوله
جعله تشبيهاً؛ أَراد كان مزاجُها مثل كافور. قال الفراء: يقال إِنها
عَيْنٌ تسمى الكافور، قال: وقد يكون كان مِزاجُها كالكافور لطيب ريحه؛ وقال
الزجاج: يجوز في اللغة أَن يكون طعم الطيب فيها والكافور، وجائز أَن يمزج
بالكافور ولا يكون في ذلك ضرر لأَن أَهل الجنة لا يَمَسُّهم فيها نَصَبٌ
ولا وَصَبٌ. الليث: الكافور نبات له نَوْرٌ أَبيض كنَوْر الأُقْحُوَان،
والكافورُ عينُ ماءٍ في الجنة طيبِ الريح، والكافور من أَخلاط الطيب. وفي
الصحاح: من الطيب، والكافور وعاء الطلع؛ وأَما قول الراعي:
تَكْسُو المَفَارِقَ واللَّبَّاتِ، ذَا أَرَجِ
من قُصْبِ مُعْتَلِفِ الكافُورِ دَرَّاجِ
قال الجوهري: الظبي الذي يكون منه المسك إِنما يَرْعَى سُنْبُلَ الطيب
فجعله كافوراً. ابن سيده: والكافورُ نبت طيب الريح يُشَبَّه بالكافور من
النخل. والكافورُ أَيضاً: الإَغْرِيضُ، والكُفُرَّى: الكافُورُ الذي هو
الإِغْرِيضُ. وقال أَبو حنيفة: مما يَجْرِي مَجْرَى الصُّمُوغ الكافورُ.
والكافِرُ من الأَرضين: ما بعد واتسع.
وفي التنزيل العزيز: ولا تُمَسِّكُوا بِعصَمِ الكَوافِر؛ الكوافرُ
النساءُ الكَفَرة، وأَراد عقد نكاحهن.
والكَفْرُ: القَرْية، سُرْيانية، ومنه قيل وكَفْرُ عاقِبٍ وكَفْرُبَيَّا
وإِنما هي قرى نسبت إِلى رجال، وجمعه كُفُور. وفي حديث أَبي هريرة، رضي
الله عنه، أَنه قال: لَتُخرِجَنَّكم الرومُ منها كَفْراً كَفْراً إِلى
سُنْبُكٍ من الأَرض، قيل: وما ذلك السُّنْبُكُ؟ قال: حِسْمَى جُذام أَي من
قرى الشام. قال أَبو عبيد: قوله كفراً كفراً يعني قرية قرية، وأَكثر من
يتكلم بهذا أَهل الشام يسمون القرية الكفر. وروي عن مُعَاوية أَنه قال:
أَهل الكُفُورِ هم أَهل القُبُور. قال الأَزهري: يعني بالكفور القُرَى
النائيةَ عن الأَمصار ومُجْتَمَعِ اهل العلم، فالجهل عليهم أَغلب وهم إِلى
البِدَع والأَهواء المُضِلَّة أَسرعُ؛ يقول: إِنهم بمنزلة الموتى لا
يشاهدون الأَمصارَ والجُمعَ والجماعاتِ وما أَشبهها. والكَفْرُ: القَبْرُ، ومنه
قيل: اللهم اغفر لأَهل الكُفُور. ابن الأَعرابي: اكْتَفَر فلانٌ أَي لزم
الكُفُورَ. وفي الحديث: لا تسكُنِ الكُفُورَ فإن ساكنَ الكُفور كساكن
القُبور. قال الحَرْبيّ: الكُفور ما بَعْدَ من الأَرض عن الناس فلا يمرّ به
أَحد؛ وأَهل الكفور عند أَهل المدن كالأَموات عند الأَحياء فكأَنهم في
القبور. وفي الحديث: عُرِضَ على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ما هو
مفتوح على أُمَّته من بعده كَفْراً كَفْراً فَسُرَّ بذلك أَي قرية قرية.
وقول العرب: كَفْرٌ على كَفْرٍ أَي بعض على بعض.
وأَكْفَرَ الرجلُ مُطِيعَه: أَحْوَجَه أَن يَعْصِيَه. التهذيب: إِذا
أَلجأْت مُطِيعَك إِلى أَن يعصيك فقد أَكْفَرْتَه. والتَّكْفِير: إِيماءُ
الذمي برأْسه، لا يقال: سجد فلان لفلان ولكن كَفَّرَ له تَكْفِيراً.
والكُفْرُ: تعظيم الفارسي لِمَلكه. والتَّكْفِيرُ لأَهل الكتاب: أَن يُطَأْطئ
أَحدُهم رأْسَه لصاحبه كالتسليم عندنا، وقد كَفَّر له. والتكفير: أَن يضع
يده أَو يديه على صدره؛ قال جرير يخاطب الأَخطل ويذكر ما فعلت قيس بتغلب
في الحروب التي كانت بعدهم:
وإِذا سَمِعْتَ بحَرْبِ قيْسٍ بَعْدَها،
فَضَعُوا السِّلاحَ وكَفِّرُوا تَكْفِيرَا
يقول: ضَعُوا سِلاحَكم فلستم قادرين على حرب قيس لعجزكم عن قتالهم،
فكَفِّروا لهم كما يُكَفِّرُ العبد لمولاه، وكما يُكَفِّر العِلْجُ
للدِّهْقانِ يضع يده على صدره ويَتَطامَنُ له واخْضَعُوا وانْقادُوا. وفي الحديث
عن أَبي سعيد الخدريّ رفعه قال: إِذا أَصبح ابن آدم فإن الأَعضاء كلها
تُكَفِّرُ للسان، تقول: اتق الله فينا فإِن استقمت استقمنا وإِن اعوججت
اعوججنا. قوله: تكفر للسان أَي تَذِلّ وتُقِرّ بالطاعة له وتخضع لأَمره.
والتَّكْفِير: هو أَن ينحني الإِنسان ويطأْطئ رأْسه قريباً من الركوع كما
يفعل من يريد تعظيم صاحبه. والتكفير: تتويج الملك بتاج إِذا رؤي كُفِّرَ
له. الجوهري: التكفير أَن يخضع الإِنسان لغيره كما يُكَفِّرُ العِلْجُ
للدَّهاقِينِ، وأَنشد بيت جرير. وفي حديث عمرو بن أُمية والنجاشي: رأَى
الحبشة يدخلون من خَوْخَةٍ مُكَفِّرين فوَلاَّه ظهره ودخل. وفي حديث أَبي
معشر: أَنه كان يكره التكفير في الصلاة وهو الانحناء الكثير في حالة القيام
قبل الركوع؛ وقال الشاعر يصف ثوراً:
مَلكٌ يُلاثُ برأْسِه تَكْفِيرُ
قال ابن سيده: وعندي أَن التكفير هنا اسم للتاج سمّاه بالمصدر أَو يكون
اسماً غير مصدر كالتَّمْتِينِ والتَّنْبِيتِ.
والكَفِرُ، بكسر الفاء: العظيم من الجبال. والجمع كَفِراتٌ؛ قال عبدُ
الله بن نُمَيْرٍ الثَّقَفِيُّ:
له أَرَجٌ من مُجْمِرِ الهِنْدِ ساطِعٌ،
تُطَلَّعُ رَيَّاهُ من الكَفِراتِ
والكَفَرُ: العِقابُ من الجبال. قال أَبو عمرو: الكَفَرُ الثنايا
العِقَاب، الواحدة كَفَرَةٌ؛ قال أُمية:
وليس يَبْقَى لوَجْهِ اللهِ مُخْتَلَقٌ،
إِلا السماءُ وإِلا الأَرْضُ والكَفَرُ
ورجل كِفِرِّينٌ: داهٍ، وكَفَرْنى: خاملٌ أَحمق. الليث: رجل كِفِرِّينٌ
عِفِرِّينٌ أَي عِفْريت خبيث. التهذيب: وكلمة يَلْهَجُونَ بها لمن يؤمر
بأَمر فيعمل على غير ما أُمر به فيقولون له: مَكْفورٌ بِكَ يا فلان
عَنَّيْتَ وآذَيْتَ. وفي نوادر الأَعراب: الكافِرَتانِ والكافِلَتانِ
الأَلْيَتانِ.
خضر: الخُضْرَةُ من الأَلوان: لَوْنُ الأَخْضَرِ، يكون ذلك في الحيوان
والنبات وغيرهما مما يقبله، وحكاه ابن الأَعرابي في الماء أَيضاً، وقد
اخْضَرَّ، وهو أَخْضَرُ وخَضُورٌ وخَضِرٌ وخَضِيرٌ ويَخْضِيرٌ ويَخْضُورٌ؛
واليَخْضُورُ: الأَخْضَرُ؛ ومنه قول العجاج يصف كناس الوَحْشِ:
بالخُشْبِ، دونَ الهَدَبِ اليَخْضُورِ،
مَثْواةُ عَطَّارِينَ بالعُطُورِ
والخَضْرُ والمَخْضُورُ: اسمان للرَّخْصِ من الشجر إِذا قُطِعَ وخُضِرَ.
أَبو عبيد: الأَخْضَرُ من الخيل الدَّيْزَجُ في كلام العجم؛ قال: ومن
الخُضْرَةِ في أَلوان الخيل أَخْضَرُ أَحَمُّ، وهو أَدنى اللخُضْرَةِ إِلى
الدُّهْمَةِ وأَشَدُّ الخُضْرَةِ سَواداً غير أَنَّ أَقْرابَهُ وبطنه
وأُذنيه مُخْضَرَّةٌ؛ وأَنشد:
خَضْراء حَمَّاء كَلَوْنِ العَوْهَقِ
قال: وليس بين الأَخضر الأَحمّ وبين الأَحوى إِلاَّ خضرة منخريه
وشاكلته، لأَن الأَحوى تحمر مناخره وتصفر شاكلته صفرة مشاكلة للحمرة؛ قال: ومن
الخيل أَخضر أَدغم وأَخضر أَطحل وأَخضر أَورق. والحمامُ الوُرْقُ يقال
لها: الخُضْرُ.
واخْضَرَّ الشيء اخْضِراراً واخْضَوْضَرَ وخَضَّرْتُه أَنا، وكلُّ غَضٍّ
خَضِرٌ؛ وفي التنزيل: فأَخرجنا منه خَضِراً نُخْرِجُ منه حَبّاً
مُتَراكباً؛ قال: خَضِراً ههنا بمعنى أَخْضَر. يقال: اخْضَرَّ، فهو أَخْضَرُ
وخَضِرٌ، مثل اعْوَرَّ فهو أَعور وعَوِرٌ؛ وقال الأَخفش: يريد الأَخضر، كقول
العرب: أَرِنِيها نَمِرةً أُرِكْها مَطِرَةً؛ وقال الليث: الخَضِرُ ههنا
الزرع الأَخضر. وشَجَرَةٌ خَضْراءُْ: خَضِرَةٌ غضة. وأَرض خَضِرَةٌ
ويَخْضُورٌ: كثيرة الخُضْرَةِ. ابن الأَعرابي: الخُضَيْرَةُ تصغير
الخُضْرَةِ، وهي النَّعْمَةُ. وفي نوادر الأَعراب: ليست لفلان بخَضِرَةٍ أَي ليست
له بحشيشة رطبة يأْكلها سريعاً. وفي صفته، صلى الله عليه وسلم: أَنه كان
أَخْضَرَ الشَّمَط، كانت الشعرات التي شابت منه قد اخضرت بالطيب والدُّهْن
المُرَوَّح. وخَضِرَ الزرعُ خَضَراً: نَعِمَ؛ وأَخْضَرَهُ الرِّيُّ.
وأَرضٌ مَخْضَرَةٌ، على مثال مَبْقَلَة: ذات خُضْرَةٍ؛ وقرئ: فتُصْبِحُ
الأَرضُ مَخْضَرَةً. وفي حديث علي: أَنه خطب بالكوفة في آخر عمره فقال:
اللهم سلط عليهم فَتَى ثَقِيفٍ الذّيَّالَ المَيَّالَ يَلْبَسُ فَرْوَتَهَا
ويأْكل خَضِرَتَها، يعني غَضَّها وناعِمَها وهَنِيئَها. وفي حديث القبر:
يُملأُ عليه خَضِراً؛ أَي نِعَماً غَضَّةً. واخْتَضَرْتُ الكَلأَ إِذا
جَزَزْتَهُ وهو أَخْضَرُ؛ ومنه قيل للرجل إِذا مات شابّاً غَضّاً: قد
اخْتُضِرَ، لأَنه يؤخذ في وقت الحُسْنِ والإِشراق. وقوله تعالى: مُدْهامَّتَان؛
قالوا: خَضْراوَانِ لأَنهما تضربان إِلى السواد من شدّة الرِّيِّ، وسميت
قُرَى العراق سَواداً لكثرة شجرها ونخيلها وزرعها. وقولهم: أَباد اللهُ
خَضْراءَهُمْ أَي سوادَهم ومُعظَمَهُمْ، وأَنكره الأَصمعي وقال: إِنما
يقال: أَباد الله غَضْرَاءَهُمْ أَي خيرهم وغَضَارَتَهُمْ. واخْتُضِرَ
الشيءُ: أُخذ طريّاً غضّاً. وشابٌّ مُخْتَضَرٌ: مات فتيّاً. وفي بعض
الأَخبار: أَن شابّاً من العرب أَولِعَ بشيخ فكان كلما رآه قال: أَجْزَرْتَ يا
أَبا فلان فقال له الشيخ: أَي بُنَيَّ، وتُخْتَضَرُونَ أَي تُتَوَفَّوْنَ
شباباً؛ ومعنى أَجْزَزْتَ: أَنَى لك أَن تُجَزَّ فَتَمُوتَ، وأَصل ذلك
في النبات الغض يُرْعى ويُخْتَضَرُ ويُجَزُّ فيؤكل قبل تناهي طوله. ويقال:
اخْتَضَرْتُ الفاكهة إِذا أَكلتها قبل أَناها. واخْتَضَرَ البعيرَ:
أَخذه من الإِبل وهو صعب لم يُذَلَّل فَخَطَمَهُ وساقه. وماء أَخْضَرُ:
يَضْرِبُ إِلى الخُضْرَةِ من صَفائه.
وخُضارَةُ، بالضم: البحر، سمي بذلك لخضرة مائه، وهو معرفة لا يُجْرَى،
تقول: هذا خُضَارَةُ طامِياً. ابن السكيت: خُضارُ معرفة لا ينصرف، اسم
البحر. والخُضْرَةُ والخَضِرُ والخَضِيرُ: اسم للبقلة الخَضْراءِ؛ وعلى هذا
قول رؤبة:
إِذا شَكَوْنا سَنَةً حَسُوسَا،
نأْكُلُ بعد الخُضْرَةِ اليَبِيسَا
وقد قيل إِنه وضع الاسم ههنا موضع الصفة لأَن الخُضْرَةَ لا تؤكل، إِنما
يؤكل الجسم القابل لها.
والبقول يقال لها الخُضَارَةُ والخَضْرَاءُ، بالأَلف واللام؛ وقد ذكر
طرفة الخَضِرَ فقال:
كَبَنَاتِ المَخْرِ يَمْأَدْنَ، إِذا
أَنْبَتَ الصَّيْفُ عَسالِيجَ الخَضِرْ
وفي فصل الصيف تَنْبُتُ عَسالِيجُ الخَضِرِ من الجَنْبَةِ، لها خَضَرٌ
في الخريف إِذا برد الليل وتروّحت الدابة، وهي الرَّيَّحَةُ والخِلْفَةُ،
والعرب تقول للخَضِرِ من البقول: الخَضْراءُ؛ ومنه الحديث: تَجَنَّبُوا
من خَضْرائكم ذَواتِ الريح؛ يعني الثوم والبصل والكراث وما أَشبههما.
والخَضِرَةُ أَيضاً: الخَضْراءُ من النبات، والجمع خَضِرٌ. والأَخْضارُ: جمع
الخَضِرِ؛ حكاه أَبو حنيفة. ويقال للأَسود أَخْضَرُ. والخُضْرُ: قبيلة من
العرب، سموا بذلك لخُضْرَةِ أَلوانهم؛ وإِياهم عنى الشماخ بقوله:
وحَلاَّها عن ذي الأَراكَةِ عامِرٌ،
أَخُو الخُضْرِ يَرْمي حيثُ تُكْوَى النَّواحِزُ
والخُضْرَةُ في أَلوان الناس: السُّمْرَةُ؛ قال اللَّهَبِيُّ:
وأَنا الأَخْضَرُ، من يَعْرِفْني؟
أَخْضَرُ الجِلْدَةِ في بيتِ العَرَبْ
يقول: أَنا خالص لأَن أَلوان العرب السمرة؛ التهذيب: في هذا البيت
قولان: أَحدهما أَنه أَراد أَسود الجلدة؛ قال: قاله أَبو طالب النحوي، وقيل:
أَراد أَنه من خالص العرب وصميمهم لأَن الغالب على أَلوان العرب
الأُدْمَةُ؛ قال ابن بري: نسب الجوهري هذا البيت للهبي، وهو الفضل بن العباس بن
عُتْبَة بن أَبي لَهَبٍ، وأَراد بالخصرة سمرة لونه، وإِنما يريد بذلك خلوص
نسبه وأَنه عربي محض، لأَن العرب تصف أَلوانها بالسواد وتصف أَلوان العجم
بالحمرة. وفي الحديث: بُعثت إِلى الحُمرة والأَسود؛ وهذا المعنى بعينه
هو الذي أَراده مسكين الدارمي في قوله:
أَنا مِسْكِينٌ لمن يَعْرِفُني،
لَوْنِيَ السُّمْرَةُ أَلوانُ العَرَبْ
ومثله قول مَعْبَدِ بن أَخْضَرَ، وكان ينسب إِلى أَخْضَرَ، ولم يكن
أَباه بل كان زوج أُمه، وإِنما هو معبد
بن علقمة المازني:
سَأَحْمِي حِماءَ الأَخْضَرِيِّينَ، إِنَّهُ
أَبى الناسُ إِلا أَن يقولوا ابن أَخْضَرا
وهل لِيَ في الحُمْرِ الأَعاجِمِ نِسْبَةٌ،
فآنَفَ مما يَزْعُمُونَ وأُنْكِرا؟
وقد نحا هذا النحو أَبو نواس في هجائه الرقاشي وكونه دَعِيّاً:
قلتُ يوماً للرَّقاشِـ
ـيِّ، وقد سَبَّ الموالي:
ما الذي نَحَّاكَ عن أَصْـ
لِكَ من عَمٍّ وخالِ؟
قال لي: قد كنتُ مَوْلًى
زَمَناً ثم بَدَا لي
أَنا بالبَصْرَةِ مَوْلًى،
عَرَبِيٌّ بالجبالِ
أَنا حَقّاً أَدَّعِيهِمْ
بِسَوادِي وهُزالي
والخَصِيرَةُ من النخل: التي ينتثر بُسْرُها وهو أَخضر؛ ومنه حديث
اشتراط المشتري على البائع: أَنه ليس له مِخْضَارٌ؛ المِخضارُ: أَن ينتثر
البسر أَخْضَرَ. والخَضِيرَةُ من النساء: التي لا تكاد تُتِمُّ حَمْلاً حتى
تُسْقِطَه؛ قال:
تَزَوَّجْتَ مِصْلاخاً رَقُوباً خَضِيرَةً،
فَخُذْها على ذا النَّعْتِ، إِن شِئتَ، أَوْ دَعِ
والأُخَيْضِرُ: ذبابٌ أَخْضَرُ على قدر الذِّبَّان السُّودِ.
والخَضْراءُ من الكتائب نحو الجَأْواءِ، ويقال: كَتِيبَةٌ خَضْراءٌ للتي يعلوها
سواد الحديد. وفي حديث الفتح: مَرَّ رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، في
كتيبته الخضراء؛ يقال: كتيبة خضراء إِذا غلب عليها لبس الحديد، شبه سواده
بالخُضْرَةِ، والعرب تطلق الخضرة على السواد. وفي حديث الحرث بن الحَكَمِ:
أَنه تزوج امرأَة فرآها خَضْراءَ فطلقها أَي سوداء. وفي حديث الفتح:
أُبيدَتْ خَضْراءُ قريش؛ أَي دهماؤهم وسوادُهم؛ ومنه الحديث الآخر:
فَأُبِيدَتْ خَضْراؤهُمْ. والخَضْراءُ: السماء لخُضْرَتِها؛ صفة غلبت غَلَبَةَ
الأَسماء. وفي الحديث: ما أَظَلَّتِ الخَضْراءُ ولا أَقَلَّتِ الغَبْراءُ
أَصْدَقَ لَهْجَةً من أَبي ذَرٍّ؛ الخَضْراءُ: السماء، والغبراء: الأَرض.
التهذيب: والعرب تجعل الحديد أَخضر والسماء خضراء؛ يقال: فلان أَخْضَرُ
القفا، يعنون أَنه ولدته سوداء. ويقولون للحائك: أَخْضَرُ البطن لأَن بطنه
يلزق بخشبته فَتُسَوِّدُه. ويقال للذي يأْكل البصل والكراث: أَخْضَرُ
النَّواجِذِ. وخُضْرُ غَسَّانَ وخُضْرُ مُحارِبٍ: يريدون سَوَادَ لَونهم.
وفي الحديث: من خُضِّرَ له في شيء فَلْيَلْزَمْه؛ أَي بورك له فيه ورزق
منه، وحقيقته أَن تجعل حالته خَضْرَاءَ؛ ومنه الحديث: إِذا أَراد الله بعبد
شرّاً أَخْضَرَ له في اللَّبِنِ والطين حتى يبني. والخَضْرَاءُ من
الحَمَامِ: الدَّواجِنُ، وإن اختلفت أَلوانها، لأَن أَكثر أَلوانها الخضرة.
التهذيب: والعرب تسمي الدواجن الخُضْرَ، وإِن اختلفت أَلوانها، خصوصاً بهذا
الاسم لغلبة الوُرْقَةِ عليها. التهذيب: ومن الحمام ما يكون أَخضر
مُصْمَتاً، ومنه ما يكون أَحمر مصمتاً، ومنه ما يكون أَبيض مصمتاً، وضُروبٌ من
ذلك كُلُّها مُصْمَتٌ إِلا أَن الهداية للخُضْرِ والنُّمْرِ، وسُودُها
دون الخُضْرِ في الهداية والمعرفة. وأَصلُ الخُضْرَةِ للرَّيْحان والبقول
ثم قالوا لليل أَخضر، وأَما بِيضُ الحمام فمثلها مثل الصِّقْلابيِّ الذي
هو فَطِيرٌ خامٌ لم تُنْضِجْهُ الأَرحام، والزَّنْجُ جازَتْ حَدَّ
الإِنضاج حتى فسدت عقولهم. وخَضْرَاءُ كل شيء: أَصلُه. واخْتَضَرَ الشيءَ: قطعه
من أَصله. واخْتَضَرَ أُذُنَهُ: قطعها من أَصلها. وقال ابن الأَعرابي:
اخْتَضَرَ أُذنه قطعها. ولم يقل من أَصلها.
الأَصمعي: أَبادَ اللهُ
(*
قوله: «الأَصمعي أَباد الله إلخ» هكذا بالأصل، وعبارة شرح القاموس: ومنه
قولهم أَباد الله خضراءهم أَي سوادهم ومعظمهم، وأنكره الأَصمعي وقال:
إنما يقال أَباد الله غضراءهم أَي خيرهم وغضارتهم. وقال الزمخشري: أَباد
الله خضراءهم أي شجرتهم التي منها تفرعوا، وجعله من المجاز، وقال الفراء أي
دنياهم، يريد قطع عنهم الحياة؛ وقال غيره أَذهب الله نعيمهم وخصبهم).
خَضْراءَهُم أَي خيرهم وغَضَارَتَهُمْ. وقال ابن سيده: أَباد الله
خَضْرَاءَهُم، قال: وأَنكرها الأَصمعي وقال إِنما هي غَضْراؤُهم. الأَصمعي: أَباد
الله خَضْراءَهم، بالخاء، أَي خِصْبَهُمْ وسَعَتَهُمْ؛ واحتج بقوله:
بِخالِصَةِ الأَرْدانِ خُضْرِ المَناكِبِ
أَراد به سَعَةَ ما هم فيه من الخِصْبِ؛ وقيل: معناه أَذهب الله نعيمهم
وخِصْبَهم؛ قال: ومنه قول عُتبة بن أَبي لَهَبٍ:
وأَنا الأَخضر، من يعرفني؟
أَخضر الجلدة في بيت العرب
قال: يريد باخضرار الجلدة الخصب والسعة. وقال ابن الأَعرابي: أَباد الله
خضراءهم أَي سوادهم ومعظمهم. والخُضْرَةُ عند العرب: سواد؛ قال القطامي:
يا ناقُ خُبِّي خَبَباً زِوَرَّا،
وقَلِّبي مَنْسِمَكِ المُغْبَرَّا،
وعارِضِي الليلَ إِذا ما اخْضَرَّا
أَراد أَنه إِذا ما أَظلم. الفراء: أَباد الله خضراءهم أَي دنياهم، يريد
قطع عنهم الحياة.
والخُضَّارَى: الرِّمْثُ إِذا طال نباته، وإِذا طال الثُّمامُ عن
الحُجَنِ سمي خَضِرَ الثُّمامِ ثم يكون خَضِراً شهراً. والخَضِرَةُ:
بُقَيْلَةٌ، والجمع خَضِرٌ؛ قال ابنُ مُقْبل:
يَعْتادُها فُرُجٌ مَلْبُونَةٌ خُنُفٌ،
يَنْفُخْنَ في بُرْعُمِ الحَوْذَانِ والخَضِرِ
والخَضِرَةُ: بقلة خضراء خشناء ورقها مثل ورق الدُّخْنِ وكذلك ثمرتها،
وترتفع ذراعاً، وهي تملأُ فم البعير. وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم:
إِن أَخْوَفَ ما أَخاف عليكم بَعْدِي ما يَخْرُجُ لكم من زَهْرَةِ
الدنيا، وإِن مما يُنْبِتُ الربيعُ ما يَقْتُلُ حَبَطاً أَو يُلِمُّ إِلاَّ
آكِلَةَ الخَضِرِ، فإِنها أَكَلَتْ حتى إِذا امْتَدَّتْ خاصرتاها
اسْتَقْبَلَتْ عَيْنَ الشمس فَثَلَطَتْ وبالت ثم رَتَعَتْ، وإِنما هذا المالُ
خَضِرٌ حُلْوٌ، ونِعْمَ صاحبُ المُسْلِمِ هُوَ أَن أَعطى منه المسكين واليتيم
وابن السبيل؛ وتفسيره مذكور في موضعه، قال: والخَضِرُ في هذا الموضع
ضَرْبٌ من الجَنْبَةِ، واحدته خَضِرَةٌ، والجَنْبَةُ من الكلإِ: ما له أَصل
غامض في الأَرض مثل النَّصِيّ والصِّلِّيانِ، وليس الخَضِرُ من أَحْرَارِ
البُقُول التي تَهِيج في الصيف؛ قال ابن الأَثير: هذا حديث يحتاج إِلى
شرح أَلفاظه مجتمعة، فإِنه إِذا فرّق لا يكاد يفهم الغرض منه. الحبَط،
بالتحريك: الهلاك، يقال: حَبِطَ يَحْبَطُ حَبَطاً، وقد تقدم في الحاء؛
ويُلِمُّ: يَقْرُبُ ويدنو من الهلاك، والخَضِرُ، بكسر الضاد: نوع من البقول ليس
من أَحرارها وجَيِّدها؛ وثَلَطَ البعيرُ يَثْلِطُ إِذا أَلقى رجيعه
سهلاً رقيقاً؛ قال: ضرب في هذا الحديث مَثَلَيْنِ: أَحدهما للمُفْرِط في جمع
الدنيا والمنع من حقها، والآخر للمقصد في أَخذها والنفع بها، فقوله إِن
مما ينبت الربيع ما يقتل حبطاً أَو يلمُّ فإِنه مثل للمفرط الذي يأْخذ
الدنيا بغير حقها، وذلك لأَن الربيع ينبت أَحرار البقول فتستكثر الماشية منه
لاستطابتها إِياه حتى تنتفخ بطونها عند مجاوزتها حدّ الاحتمال، فتنشق
أَمعاؤها من ذلك فتهلك أَو تقارب الهلاك، وكذلك الذي يجمع الدنيا من غير
حلها ويمنعها مستحقها، قد تعرّض للهلاك في الآخرة بدخول النار، وفي الدنيا
بأَذى الناس له وحسدهم إِياه وغير ذلك من أَنواع الأَذى؛ وأَما قوله إِلا
آكلة الخضر فإِنه مثل للمقتصد وذلك أَن الخَضِرَ ليس من أَحرار البقول
وجيدها التي ينبتها الربيع بتوالي أَمطاره فَتَحْسُنُ وتَنْعُمُ، ولكنه من
البقول التي ترعاها المواشي بعد هَيْجِ البُقُول ويُبْسِها حيث لا تجد
سواها، وتسميها العربُ الجَنْبَةَ فلا ترى الماشية تكثر من أَكلها ولا
تَسْتَمْرِيها، فضرب آكلةَ الخَضِرِ من المواشي مثلاً لمن يقتصر في أَخذ
الدنيا وجمعها، ولا يحمله الحرص على أَخذها بغير حقها، فهو ينجو من وبالها
كما نجت آكلة الخضر، أَلا تراه قال: أَكَلَتْ حتى إِذا امْتَدَّتْ
خاصرتاها استقبلت عين الشمس فثلطت وبالت؟ أَراد أَنها إِذا شبعت منها بركت
مستقبلة عين الشمس تستمري بذلك ما أَكلت وتَجْتَرُّ وتَثْلِطُ، فإِذا ثَلَطَتْ
فقد زال عنها الحَبَطُ، وإِنما تَحْبَطُ الماشية لأَنها تمتلئ بطونها
ولا تَثْلِطُ ولا تبول تنتفخ أَجوافها فَيَعْرِضُ لها المَرَضُ
فَتَهْلِكُ، وأَراد بزهرة الدنيا حسنها وبهجتها، وببركات الأَرض نماءَها وما تخرج
من نباتها.
والخُضْرَةُ في شِيات الخيل: غُبْرَةٌ تخالط دُهْمَةً، وكذلك في الإِبل؛
يقال: فرس أَخْضَرُ، وهو الدَّيْزَجُ. والخُضَارِيُّ: طير خُضْرُ يقال
لها القارِيَّةُ، زعم أَبو عبيد أَن العرب تحبها، يشبهون الرجل السَّخِيَّ
بها؛ وحكي ابن سيده عن صاحب العين أَنهم يتشاءمون بها. والخُضَّارُ:
طائر معروف، والخُضَارِيُّ: طائر يسمى الأَخْيَلَ يتشاءم به إِذا سقط على
ظهر بعير، وهو أَخضر، في حَنَكِه حُمْرَةٌ، وهو أَعظم من القَطا.
وَوَادٍ خُضَارٌ: كثير الشجر. وقول النبي، صلى الله عليه وسلم: إِياكم
وخَضْرَاءَ الدِّمَنِ، قيل: وما ذاك يا رسولُ الله؟ فقال: المرأَة الحسناء
في مَنْبِتِ السَّوْءِ؛ شبهها بالشجرة الناضرة في دِمْنَةِ البَعَرِ،
وأَكلُها داءٌ، وكل ما ينبت في الدِّمْنَةِ وإِن كان ناضراً، لا يكون
ثامراً؛ قال أَبو عبيد: أَراد فساد النسب إِذا خيف أَن تكون لغير رِشْدَةٍ،
وأَصلُ الدِّمَنِ ما تُدَمِّنُهُ الإِبل والغنم من أَبعارها وأَبوالها،
فربما نبت فيها النبات الحَسَنُ الناضر وأَصله في دِمْنَةٍ قَذِرَةٍ؛ يقول
النبي، صلى الله عليه وسلم: فَمَنْظَرُها حَسَنٌ أَنِيقٌ ومَنْبِتُها
فاسدٌ؛ قال زُفَرُ بنُ الحرث:
وقد يَنْبُتُ المَرْعَى على دِمَنِ الثَّرى،
وتَبْقَى حَزَازاتُ النُّفُوس كما هِيا
ضربه مثلاً للذي تظهر مودته، وقلبه نَغِلٌ بالعداوة، وضَرَبَ الشجرةَ
التي تَنْبُتُ في المزبلة فتجيء خَضِرَةً ناضرةً، ومَنْبِتُها خبيث قذر،
مثلاَ للمرأَة الجميلة الوجه اللئيمة المَنْصِب.
والخُضَّارَى، بتشديد الضاد: نبت، كما يقولون شُقَّارَى لنَبْتٍ
وخُبَّازَى وكذلك الحُوَّارَى. الأَصمعي: زُبَّادَى نَبْتٌ، فَشَدَّدَهُ
الأَزهري، ويقال زُبَّادٌ أَيضاً.
وبَيْعُ المُخاضَرَةِ المَنْهِيِّ عنها: بيعُ الثِّمارِ وهي خُضْرٌ لم
يَبْدُ صلاحُها، سمي ذلك مُخاضَرَةً لأَن المتبايعين تبايعاً شيئاً
أَخْضَرَ بينهما، مأْخوذٌ من الخُضْرَةِ. والمخاضرةُ: بيعُ الثمار قبل أَن يبدو
صلاحها، وهي خُضْرٌ بَعْدُ، ونهى عنه، ويدخل فيه بيع الرِّطابِ
والبُقُولِ وأَشباهها ولهذا كره بعضهم بيع الرِّطاب أَكثَرَ من جَزِّه وأَخْذِهِ.
ويقال للزرع: الخُضَّارَى، بتشديد الضاد، مثل الشُّقارَى. والمخاضرة:
أَن يبيع الثِّمَارَ خُضْراً قبل بُدُوِّ صلاحها.
والخَضَارَةُ، بالفتح: اللَّبَنُ أُكْثِرَ ماؤُه؛ أَبو زيد: الخَضَارُ
من اللبن مثل السَّمَارِ الذي مُذِقَ بماء كثير حتى اخْضَرَّ، كما قال
الراجز:
جاؤوا بِضَيْحٍ، هل رأَيتَ الذِّئْبَ قَطْ؟
أَراد اللبن أَنه أَورق كلون الذئب لكثرة ماله حتى غَلَبَ بياضَ لون
اللبن.
ويقال: رَمَى اللهُ في عين فلان بالأَخْضَرِ، وهو داء يأْخذ العين. وذهب
دَمُهُ خِضْراً مِضْراً، وذهب دَمُهُ بِطْراً أَي ذهب دمه باطلاً
هَدَراً، وهو لك خَضِراً مَضِراً أَي هنيئاً مريئاً، وخَضْراً لك ومَضْراً أَي
سقياً لك ورَعْياً؛ وقيل: الخِضْرُ الغَضُّ والمِضْرُ إِتباع. والدنيا
خَضِرَةٌ مَضِرَة أَي ناعمة غَضةٌ طرية طيبة، وقيل: مُونِقَة مُعْجِبَةٌ.
وفي الحديث: إِن الدنيا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ مَضِرَةٌ فمن أَخذها بحقها بورك
له فيها؛ ومنه حديث ابن عمر: اغْزُوا والغَزْوُ حُلْوٌ خَضِرٌ أَي طريُّ
محبوبٌ لما ينزل الله من النصر ويسهل من الغنائم.
والخَضَارُ: اللبن الذي ثلثاه ماء وثلثه لبن، يكون ذلك من جميع اللبن
حَقِينِهِ وحليبه، ومن حميع المواشي، سمي بذلك لأَنه يضرب إِلى الخضرة،
وقيل: الخَضَارُ جمع، واحدته خَضَارَةٌ، والخَضَارُ: البَقْلُ الأَول، وقد
سَمَّتْ أَخْضَرَ وخُضَيْراً.
والخَضِرُ: نَبيُّ مُعَمَّرٌ محجوب عن الأَبصار. ابن عباس: الخَضِرُ
نبيّ من بني إِسرائيل، وهو صاحب موسى، صلوات الله على نبينا وعليه، الذي
التقى معه بِمَجْمَعِ البَحْرَيْنِ. ابن الأَنباري: الخَضِرُ عبد صالح من
عباد الله تعالى. أَهَلُ العربية: الخَضِرُ، بفتح الخاء وكسر الضاد؛ وروي
عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: جلس على فَرْوَةٍ بيضاء فإِذا هي
تهتز خضراء، وقيل: سمي بذلك لأَنه كان إِذا جلس في موضع قام وتحته روضة
تهتز؛ وعن مجاهد: كان إِذا صلى في موضع اخضرّ ما حوله، وقيل: ما تحته،
وقيل: سمي خضراً لحسنه وإِشراق وجهه تشبيهاً بالنبات الأَخضر الغض؛ قال:
ويجوز في العربية الخِضْر، كما يقال كَبِدٌ وكِبْدٌ، قال الجوهري: وهو
أَفصح.
وقيل في الخبر: من خُضِّرَ له في شيء فليلزمه؛ معناه من بورك له في
صناعة أَو حرفة أَو تجارة فليلزمها. ويقال للدَّلْوِ إِذا اسْتُقِيَ بها
زماناً طويلاً حتى اخْضَرَّتْ: خَضْراءُ؛ قال الراجز:
تمطَّى مِلاَطاه بخَضْراءَ فَرِي،
وإِن تَأَبَّاهُ تَلَقَّى الأَصْبَحِي
والعرب تقول: الأَمْرُ بيننا أَخْضَرُ أَي جديد لم تَخْلَقِ المَوَدَّةُ
بيننا، وقال ذو الرمة:
قد أَعْسَفَ النَّازِحُ المَجْهُولُ مَعْسَفُهُ،
في ظِلِّ أَخْضَرَ يَدْعُو هامَهُ البُومُ
والخُضْرِيَّةُ: نوع من التمر أَخضر كأَنه زجاجة يستظرف للونه؛ حكاه
أَبو حنيفة. التهذيب: الخُضْرِيَّةُ نخلة طيبة التمر خضراء؛ وأَنشد:
إِذا حَمَلَتْ خُضْريَّةٌ فَوْقَ طابَةٍ،
ولِلشُّهْبِ قَصْلٌ عِنْدَها والبَهازِرِ
قال الفراء: وسمعت العرب تقول لسَعَفِ النخل وجريده الأَخْضَرِ:
الخَضَرُ؛ وأَنشد:
(* قوله: «وأَنشد إلخ» هو لسعد بن زيد مناة، يخاطب أَخاه
مالكاً كما في الصحاح).
تَظَلُّ يومَ وِرْدِها مُزَعْفَرَا،
وهي خَنَاطِيلُ تَجُوسُ الخَضَرَا
ويقال: خَضَرَ الرجلُ خَضَرَ النخلِ بِمِخْلَبِهِ يَخْضُرُه خَضْراً
واخْتَضَرِهُ يَخْتَضِرُه إِذا قطعه. ويقال: اخْتَضَرَ فلانٌ الجاريةَ
وابْتَسَرها وابْتَكَرَها وذلك إِذا اقْتَضَّها قبل بلوغها.
وقوله، صلى الله عليه وسلم: ليس في الخَضْرَاواتِ صدقة؛ يعني به الفاكهة
الرَّطْبَةَ والبقول، وقياس ما كان على هذا الوزن من الصفات أَن لا يجمع
هذا الجمع، وإِنما يجمع به ما كان اسماً لا صفة، نحو صَحْراء
وخْنْفُسَاءَ، وإِنما جمعه هذا الجمع لأَنه قد صار اسماً لهذه البقول لا صفة، تقول
العرب لهذه البقول: الخَضْراء، لا تريد لونها؛ وقال ابن سيده: جمعه جمع
الأَسماء كَوَرْقَاءَ ووَرْقاواتٍ وبَطْحاءَ وبَطْحاوَاتٍ، لأَنها صفة
غالبة غلبت غلبةَ الأَسماء. وفي الحديث: أُتَي بِقْدر فيه خَضِرَاتٌ؛ بكسر
الضاد، أَي بُقُول، واحدها خَضِر.
والإِخْضِيرُ: مسجد من مساجد رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، بين
المدينة وتَبُوك. وأَخْضَرُ، بفتح الهمزة والضاد المعجمة: منزلٌ قرِيب من
تَبُوكَ نزله رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، عند مسيره إِليها.