من (ن م ي) علم منقول عن الجملة الفعلية بمعنى يزكي ويزيد.
من (ن م ي) علم منقول عن الجملة الفعلية بمعنى يزكي ويزيد.
نمي: النَّماءُ: الزيادة. نَمَى يَنْمِي نَمْياً ونُمِيّاً ونَماءَ: زاد
وكثر، وربما قالوا يَنْمُو نُمُوًّا. المحكم: قال أَبو عبيد قال الكسائي
ولم أَسمع يَنْمُو، بالواو، إِلا من أَخَوين من بني سليم، قال: ثم سأَلت
عنه جماعة بني سليم فلم يعرفوه بالواو؛ قال ابن سيده: هذا قول أَبي
عبيد، وأَما يعقوب فقال يَنْمى ويَنْمُو فسوَّى بينهما، وهي النَّمْوة،
وأَنْماه الله إِنْماءً. قال ابن بري: ويقال نَماه اللهُ، فيعدّى بغير همزة،
ونَمَّاه، فيعدِّيه بالتضعيف؛ قال الأَعور الشَّنِّي، وقيل: ابن
خَذَّاق:لقَدْ عَلِمَتْ عَمِيرةُ أَنَّ جارِي،
إِذا ضَنَّ المُنَمِّي، من عِيالي
وأَنْمَيْتُ الشيءَ ونَمَّيْته: جعلته نامياً. وفي الحديث: أَن رجلاً
أَراد الخروج إِلى تَبُوكَ فقالت له أُمه أَو امرأَته كيف بالوَدِيِّ؟
فقال: الغَزْوُ أَنْمَى للوَدِيِّ أَي يُنَمِّيــه الله للغازي ويُحْسن خِلافته
عليه. والأَشياءُ كلُّها على وجه الأَرض نامٍ وصامِتٌ: فالنَّامي مثل
النبات والشجر ونحوِه، والصامتُ كالحجَر والجبل ونحوه. ونَمَى الحديثُ
يَنْمِي: ارتفع. ونَمَيتُه: رَفَعْته. وأَنْمَيْتُه: أَذَعْته على وجه
النميمة، وقيل: نَمَّيته، مشدَّداً، أَسندته ورفعته، ونَمَّيته، مشدداً أَيضاً:
بَلَّغته على جهة النميمة والإِشاعة، والصحيح أَن نَمَيْته رفعته على
وجه الإِصلاح، ونَمَّيته، بالتشديد: رفعْته على وجه الإِشاعة أَو النميمة.
وفي الحديث أَنَّ النبي،صلى الله عليه وسلم،قال: ليس بالكاذب مَن أَصلح
بين الناس فقال خيراً ونَمَى خيراً؛ قال الأَصمعي: يقال نَمَيْتُ حديث
فلان، مخففاً، إِلى فلان أَنْمِيه نَمْياً إِذا بَلَّغْته على وجه الإِصلاح
وطلب الخير، قال: وأَصله الرفع، ومعنى قوله ونَمَى خيراً أَي بلغ خيراً
ورفع خيراً. قال ابن الأَثير: قال الحربي نَمَّى مشددة وأَكثر المحدثين
يقولونها مخففة، قال: وهذا لا يجوز ، وسيدنا رسول الله،صلى الله عليه
وسلم، لم يكن يَلْحَن، ومن خفف لزمه أَن يقول خير بالرفع، قال: وهذا ليس بشيء
فإنه ينتصب بنَمَى كما انتصب بقال، وكلاهما على زعمه لازمان، وإنما
نَمَى متعدّ، يقال: نَمَيْت الحديث أَي رفعته وأَبلغته. ونَمَيْتُ الشيءَ على
الشيء: رفعته عليه. وكل شيء رفعته فقد نَمَيْته ؛ ومنه قول النابغة:
فعَدَّ عمَّا تَرَى، إذْ لا ارْتِجاعَ له،
وانْمِ القُتُودَ على عَيرانةٍ أُجُدِ
ولهذا قيل: نَمَى الخِضابُ في اليد والشعر إنما هو ارتفع وعلا وزاد فهو
يَنْمِي، وزعم بعض الناس أَن يَنْمُو لغة. ابن سيده: ونَما الخِضاب
ازداد حمرة وسواداً؛ قال اللحياني: وزعم الكسائي أَن أَبا زياد أَنشده:
يا حُبَّ لَيْلى ، لا تَغَيَّرْ وازْدَدِ
وانْمُ كما يَنْمُو الخِضلبُ في اليَدِ
قال ابن سيده: والرواية المشهورة وانْمِ كما يَنْمِي. قال الأَصمعي:
التَّنْمِيةُ من قولك نَمّيت الحديث أُنَمِّيه تَنْمِية بأَن تُبَلِّغ هذا
عن هذا على وجه الإفساد والنميمة، وهذه مذمومة والأُولى محمودة، قال:
والعرب تَفْرُق بين نَمَيْت مخففاً وبين نَمّيت مشدداً بما وصفت، قال: ولا
اختلاف بين أَهل اللغة فيه. قال الجوهري: وتقول نَمَيْتُ الحديثَ إلى غيري
نَمْياً إِذا أَسندته ورفعته؛ وقول ساعدة بن جؤية:
فَبَيْنا هُمُ يَتّابَعُونَ ليَنْتَمُوا
بِقُذْفِ نِيافٍ مُسْتَقِلٍّ صُخُورُها
أَراد: ليَصْعدُوا إلى ذلك القُذْفِ. ونَمَيْتُه إلى أَبيه نَمْياً
ونُمِيًّا وأَنْمَيْتُه: عَزَوته ونسبته. وانْتَمَى هو إليه: انتسب . وفلان
يَنْمِي إلى حسَبٍ ويَنْتمِي: يرتفع إليه. وفي الحديث: مَن ادَّعَى إلى
غير أَبيه أَو انتَمَى إلى غير مواليه أَي انتسب إليهم ومال وصار معروفاً
بهم. ونَمَوْت إليه الحديثَ فأَنا أَنْمُوه وأَنْمِيه، وكذلك هو يَنْمو
إلى الحسب ويَنْمِي، ويقال: انْتَمَى فلان إلى فلان إذا ارتفع إليه في
النسب. ونَماه جَدُّه إذا رَفع إليه نسبه؛ ومنه قوله:
نَماني إلى العَلْياء كلُّ سَمَيْدَعٍ
وكلُّ ارتفاعٍ انتماءٌ. يقال: انْتَمَى فلان فوق الوِسادة؛ ومنه قول
الجعدِي:
إذا انْتَمَيا فوقَ الفِراشِ ، عَلاهُما
تَضَوُّعُ رَيّا رِيحِ مِسْكٍ وعَنْبرِ
ونَمَيتُ فلاناً في النسب أَي رفعته فانْتَمَي في نسبه. وتَنَمّى الشيءُ
تَنَمِّياً: ارتفع؛ قال القطامي:
فأَصْبَحَ سَيْلُ ذلك قد تنَمَّى
إلى مَنْ كان مَنْزِلُه يَفاعا
ونَمَّيت النار تَنْمِيةً إذا أَلقيت عليها حَطَباً وذكَّيتها به.
ونَمَّيت النارَ: رفَعتها وأَشبعت وَقودَها.
والنَّماءُ: الرَّيْعُ. ونَمى الإِنسان: سمن. والنامِيةُ من الإِبل :
السَّمِينةُ. يقال: نَمَتِ الناقةُ إذا سَمِنَتْ. وفي حديث معاوية:
لَبِعْتُ الفانِيةَ واشتريت النامِية أَي لبِعْتُ الهَرمة من الإِبل واشتريت
الفَتِيَّة منها. وناقة نامِيةٌ: سمينةٌ، وقد أَنْماها الكَلأُ.
ونَمى الماءُ: طَما . وانتْمَى البازي والصَّقْرُ وغيرُهما وتنَمَّى:
ارتفع من مكان إلى آخر؛ قال أَبو ذؤيب:
تنَمَّى بها اليَعْسُوبُ، حتى أَقَرَّها
إِلى مَأْلَفٍ رَحْبِ المَباءَةِ عاسِلِ
أَي ذي عَسَل.
والنَّامِيةُ: القَضِيبُ الذي عليه العَناقيد، وقيل: هي عين الكَرْم
الذي يتشقق عن ورقه وحَبِّه، وقد أَنْمى الكَرْمُ. المفضل: يقال للكَرْمة
إِنها لكثيرة النَّوامي وهي الأغصان، واحدتها نامِيةٌ، وإِذا كانت الكَرْمة
كثيرة النَّوامي فهي عاطِبةٌ، والنَّامِيةُ خَلْقُ الله تعالى. وفي حديث
عمر، رضي الله عنه: لا تُمَثِّلوا بنامِيةِ الله أَي بخَلْق الله لأَنه
يَنْمي، من نَمى الشيءُ إِذا زاد وارتفع. وفي الحديث: يَنْمي صُعُداً أَي
يرتفع ويزيد صعوداً. وأَنْمَيْتُ الصيدَ فنَمى ينْمي: وذلك أَن ترميه
فتصيبه ويذهب عنك فيموت بعدما يَغيب، ونَمى هو؛ قال امرؤ القيس:
فهْو لا تَنْمِي رَمِيَّته،
ما له؟ لا عُدَّ مِنْ نَفَرِه
ورَمَيْتُ الصيدَ فأَنْمَيْتُه إِذا غاب عنك ثم مات. وفي حديث ابن عباس:
أَن رجلاً أَتاه فقال إني إرْمي الصيدَ فأُصْمِي وأُنْمي ، فقال: كلُّ
ما أَصْمَيْتَ ودَعْ ما أَنْمَيْتَ؛ الإِنْماءُ: ترمي الصيد فيغيب عنك
فيموت ولا تراه وتجده ميتاً، وإنما نهى عنها
(* قوله«وإنما نهى عنها» أي عن
الرمية كما في عبارة النهاية.) لأَنك لا تدري هل ماتت برميك أَو بشيء
غيره، والإِصْماء: أَن ترميه فتقتله على المكان بعينه قبل أَن يغيب عنه، ولا
يجوز أَكله لأَنه لا يؤمَن أَن يكون قتله غير سهمه الذي رماه به. ويقال:
أَنْمَيْتُ الرَّمِيَّةَ، فإِن أَردت أَن تجعل الفعل للرمِيَّةِ نَفْسها
قلت قد نَمَتْ تَنْمي أَي غابت وارتفعت إلى حيث لا يراها الرامي فماتت،
وتُعَدِّيه بالهمزة لا غير فتقول أَنْمَيْتُها، منقول من نَمَت؛ وقول
الشاعر أَنْشده شمر:
وما الدَّهْرُ إلا صَرْفُ يَوْمٍ ولَيْلَةٍ:
فَمُخْطِفَةٌ تُنْمي ، ومُوتِغَةٌ تُصْمي
(*قوله«وموتغة» أورده في مادة خطف: ومقعصة.)
المُخْطِفَةُ: الرَّمْية من رَمَيات الدهر، والمُوتِغَةُ: المُعْنِتَةُ.
ويقال: أَنْمَيْت لفلان وأَمْدَيْتُ له وأَمْضَيْتُ له، وتفسير هذا
تتركه في قليل الخَطإِ حتى يبلغ أَقصاه فتُعاقِب في موضع لا يكون لصاحب الخطإ
فيه عذر.
والنَّامي: الناجي؛ قال التَّغْلَبيّ:
وقافِيةٍ كأَنَّ السُّمَّ فيها ،
وليسَ سَلِيمُها أَبداً بنامي
صَرَفْتُ بها لِسانَ القَوْمِ عَنْكُم،
فخَرَّتْ للسَّنابك والحَوامي
وقول الأَعشى:
لا يَتَنَمَّى لها في القَيْظِ يَهْبِطُها
إلاَّ الذين لهُمْ ، فيما أَتَوْا، مَهَلُ
قال أَبو سعيد: لا يَعْتَمِدُ عليها.
ابن الأَثير: وفي حديث ابن عبد العزيز أَنه طلَب من امرأَته نُمِّيَّةً
أَو نَمامِيَّ ليشتري بها عنباً فلم يجِدْها؛ النُّمِّيَّةُ: الفَلْسُ،
وجمعها نَمامِيُّ كذُرِّيَّةٍ وذَرارِيّ. قال ابن الأَثير: قال الجوهري
النُّمِّيُّ الفَلْس بالرومية، وقيل: الدرهم الذي فيه رَصاص أَو نُحاس،
والواحدة نُمِّيَّةٌ.
وقال: النَّمْءُ والنِّمْوُ القَمْلُ الصِّغار.
حال: أَتى بمُحال. ورجل مِحْوال: كثيرُ مُحال الكلام. وكلام مُسْتَحيل:
مُحال. ويقال: أَحَلْت الكلام أُحِيله إِحالة إِذا أَفسدته. وروى ابن
شميل عن الخليل بن
أَحمد أَنه قال: المُحال الكلام لغير شيء، والمستقيم كلامٌ لشيء،
والغَلَط كلام لشيء لم تُرِدْه، واللَّغْو كلام لشيء ليس من شأْنك، والكذب كلام
لشيء تَغُرُّ به. وأَحالَ الرَّجُلُ: أَتَى بالمُحال وتَكَلَّم به.
وهو حَوْلَهُ وحَوْلَيْه وحَوالَيْه وحَوالَه ولا تقل حَوالِيه، بكسر
اللام. التهذيب: والحَوْل اسم يجمع الحَوالى يقال حَوالَي الدار كأَنها في
الأَصل حوالى، كقولك ذو مال وأُولو مال. قال الأَزهري: يقال رأَيت الناس
حَوالَه وحَوالَيْه وحَوْلَه وحَوْلَيْه، فحَوالَه وُحْدانُ حَوالَيْه،
وأَما حَوْلَيْه فهي تثنية حَوْلَه؛ قال الراجز:
ماءٌ رواءٌ ونَصِيٌّ حَوْلَيَه،
هذا مَقامٌ لك حَتَّى تِيبِيَه
ومِثْلُ قولهم: حَوالَيْك دَوالَيْك وحَجازَيْك وحَنانَيْك؛ قال ابن
بري: وشاهد حَوالَهُ قول الراجز:
أَهَدَمُوا بَيْتَك؟ لا أَبا لكا
وأَنا أَمْشي الدَّأَلى حَوالَكا
وفي حديث الاستسقاء: اللهم حَوالَيْنا ولا علينا؛ يريد اللهم أَنْزِل
الغيثَ علينا في مواضع النبات لا في مواضع الأَبنية، من قولهم رأَيت الناس
حَوالَيْه أَي مُطِيفِينَ به من جوانبه؛ وأَما قول امريء القيس:
أَلَسْتَ ترى السُّمَّار والناس أَحْوالي
فعَلى أَنه جَعَل كل جزء من الجِرْم المُحِيط بها حَوْلاً، ذَهَب إِلى
المُبالغة بذلك أَي أَنه لا مَكان حَوْلَها إِلا وهو مشغول بالسُّمَّار،
فذلك أَذْهَبُ في تَعَذُّرِها عليه. واحْتَوَله القومُ: احْتَوَشُوا
حَوالَيْه. وحاوَل الشيءَ مُحاولة وحِوالاً: رامه؛ قال رؤبة:
حِوالَ حَمْدٍ وائْتِجارَ والمؤتَجِر
والاحْتِيالُ والمُحاولَة: مطالبتك الشيءَ بالحِيَل. وكل من رام أَمراً
بالحِيَل فقد حاوَله؛ قال لبيد:
أَلا تَسْأَلانِ المرءَ ماذا يُحاوِلُ:
أَنَحْبٌ فَيْقضي أَم ضَلالٌ وباطِلُ؟
الليث: الحِوال المُحاوَلة. حاوَلته حِوالاً ومُحاولة أَي طالبته
بالحِيلة. والحِوال: كلُّ شيء حال بين اثنين، يقال هذا حِوال بينهما أَي حائل
بينهما كالحاجز والحِجاز. أَبو زيد: حُلْتُ بينه وبين الشَّرِّ أَحُول
أَشَدَّ الحول والمَحالة. قال الليث: يقال حالَ الشيءُ بين الشيئين يَحُول
حَوْلاً وتَحْوِيلاً أَي حَجَز. ويقال: حُلْتَ بينه وبين ما يريد حَوْلاً
وحُؤولاً. ابن سيده: وكل ما حَجَز بين اثنين فقد حال بينهما حَوْلاً،
واسم ذلك الشيء الحِوال، والحَوَل كالحِوال. وحَوالُ الدهرِ: تَغَيُّرُه
وصَرْفُه؛ قال مَعْقِل بن
خويلد الهذلي:
أَلا مِنْ حَوالِ الدهر أَصبحتُ ثاوياً،
أُسامُ النِّكاحَ في خِزانةِ مَرْثَد
التهذيب: ويقال إِن هذا لمن حُولة الدهر وحُوَلاء الدهر وحَوَلانِ الدهر
وحِوَل الدهر؛ وأَنشد:
ومن حِوَل الأَيَّام والدهر أَنه
حَصِين، يُحَيَّا بالسلام ويُحْجَب
وروى الأَزهري بإِسناده عن الفرّاء قال: سمعت أَعرابيّاً من بني سليم
ينشد:
فإِنَّها حِيَلُ الشيطان يَحْتَئِل
قال: وغيره من بني سليم يقول يَحْتال، بلا همز؛ قال: وأَنشدني بعضهم:
يا دارَ ميّ، بِدكادِيكِ البُرَق،
سَقْياً وإِنْ هَيَّجْتِ شَوْقَ المُشْتَئق
قال: وغيره يقول المُشْتاق. وتَحَوَّل عن الشيء: زال عنه إِلى غيره.
أَبو زيد: حالَ الرجلُ يَحُول مثل تَحَوَّل من موضع إِلى موضع. الجوهري: حال
إِلى مكان آخر أَي تَحَوَّل. وحال الشيءُ نفسُه يَحُول حَوْلاً بمعنيين:
يكون تَغَيُّراً، ويكون تَحَوُّلاً؛ وقال النابغة:
ولا يَحُول عَطاءُ اليومِ دُونَ غَد
أَي لا يَحُول عَطاءُ اليوم دُونَ عطاء غَد. وحالَ فلان عن العَهْد
يَحُول حَوْلاً وحُؤولاً أَي زال؛ وقول النابغة الجعدي أَنشده ابن سيده:
أَكَظَّكَ آبائي فَحَوَّلْتَ عنهم،
وقلت له: با ابْنَ الحيالى تحوَّلا
(* «الحيالى» هكذا رسم في الأصل، وفي شرح القاموس: الحيا و لا).
قال: يجوز أَن يستعمل فيه حَوَّلْت مكان تَحَوَّلت، ويجوز أَن يريد
حَوَّلْت رَحْلَك فحذف المفعول، قال: وهذا كثير. وحَوَّله إِليه: أَزاله،
والاسم الحِوَل والحَوِيل؛ وأَنشد اللحياني:
أُخِذَت حَمُولُته فأَصْبَح ثاوِياً،
لا يستطيع عن الدِّيار حَوِيلا
التهذيب: والحِوَل يَجْري مَجْرى التَّحْويل، يقال: حوّلُوا عنها
تَحْويلاً وحِوَلاً. قال الأَزهري: والتحويل مصدر حقيقي من حَوَّلْت، والحِوَل
اسم يقوم مقام المصدر؛ قال الله عز وجل: لا يَبْغُون عنها حِوَلاً؛ أَي
تَحْوِيلاً، وقال الزجاج: لا يريدون عنها تَحَوُّلاً. يقال: قد حال من
مكانه حِوَلاً، وكما قالوا في المصادر صَغُر صِغْراً، وعادَني حُبُّها
عِوَداً. قال: وقد قيل إِن الحِوَل الحِيلة، فيكون على هذا المعنى لا
يَحْتالون مَنْزِلاً غيرها، قال: وقرئ قوله عز وجل: دِيناً قِيَماً، ولم يقل
قِوَماً مثل قوله لا يَبْغُون عنها حِوَلاً، لأَن قِيَماً من قولك قام
قِيَماً، كأَنه بني على قَوَم أَو قَوُم، فلما اعْتَلَّ فصار قام اعتل قِيَم،
وأَما حِوَل فكأَنه هو على أَنه جارٍ على غير فعل.
وحالَ الشيءُ حَوْلاً وحُؤولاً وأَحال؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي،
كلاهما: تَحَوَّل. وفي الحديث: من أَحالَ دخل الجنة؛ يريد من أَسلم لأَنه
تَحَوَّل من الكفر عما كان يعبد إِلى الإِسلام. الأَزهري: حالَ الشخصُ
يَحُول إِذا تَحَوَّل، وكذلك كل مُتَحَوِّل عن حاله. وفي حديث خيبر: فَحالوا
إِلى الحِصْن أَي تَحَوَّلوا، ويروى أَحالوا أَي أَقبلوا عليه هاربين، وهو
من التَّحَوُّل. وفي الحديث: إِذا ثُوِّب بالصلاة أَحال الشيطانُ له
ضُراط أَي تَحَوَّل من موضعه، وقيل: هو بمعنى طَفِق وأَخَذَ وتَهَيَّأَ
لفعله. وفي الحديث: فاحْتالَتْهم الشياطين أَي نَقَلَتْهم من حال إِلى حال؛
قال ابن الأَثير: هكذا جاء في رواية، والمشهور بالجيم وقد تقدم. وفي حديث
عمر، رضي الله عنه: فاسْتَحالَتْ غَرْباً أَي تَحَوَّلَتْ دَلْواً
عظيمة.والحَوالة: تحويل ماء من نهر إِلى نهر، والحائل: المتغير اللون. يقال:
رماد حائل ونَبات حائل. ورَجُل حائل اللون إِذا كان أَسود متغيراً. وفي
حديث ابن أَبي لَيْلى: أُحِيلَت الصلاة ثلاثة أَحْوال أَي غُيِّرت ثلاث
تغييرات أَو حُوِّلَت ثلاث تحويلات. وفي حديث قَباث بن
أَشْيَم: رأَيت خَذْق الفِيل أَخضر مُحيِلاً أَي متغيراً. ومنه الحديث:
نهى أَن يُسْتَنْجى بعَظْمٍ حائلٍ أَي متغير قد غَيَّره البِلى، وكلُّ
متغير حائلٌ، فإِذا أَتت عليه السَّنَةُ فهو مُحِيل، كأَنه مأْخوذ من
الحَوْل السَّنَةِ. وتَحوَّل كساءَه. جَعَل فيه شيئاً ثم حَمَله على ظهره،
والاسم الحالُ. والحالُ أَيضاً: الشيءُ يَحْمِله الرجل على ظهره، ما كان وقد
تَحَوَّل حالاً: حَمَلها. والحالُ: الكارَةُ التي يَحْمِلها الرجل على
ظهره، يقال منه: تَحَوَّلْت حالاً؛ ويقال: تَحَوَّل الرجلُ إِذا حَمَل
الكارَة على ظَهْره. يقال: تَحَوَّلْت حالاً على ظهري إِذا حَمَلْت كارَة من
ثياب وغيرها. وتحوَّل أَيضاً أَي احْتال من الحيلة. وتَحَوَّل: تنقل من
موضع إِلى موضع آخر. والتَّحَوُّل: التَّنَقُّل من موضع إِلى موضع،
والاسم الحِوَل؛ ومنه قوله تعالى: خالدين فيها لا يبغون عنها حِوَلاً. والحال:
الدَّرَّاجة التي يُدَرَّج عليها الصَّبيُّ إِذا مشَى وهي العَجَلة التي
يَدِبُّ عليها الصبي؛ قال عبد الرحمن بن حَسَّان الأَنصاري:
ما زال يَنْمِي جَدُّه صاعِداً،
مُنْذُ لَدُنْ فارَقه الحَالُ
يريد: ما زال يَعْلو جَدُّه ويَنْمِي مُنْذُ فُطِم. والحائل: كُلُّ شيء
تَحَرَّك في مكانه. وقد حالَ يَحُول.
واسْتحال الشَّخْصَ: نظر إِليه هل يَتَحرَّك، وكذلك النَّخْل. واسْتحال
واستحام لَمَّا أَحالَه أَي صار مُحالاً. وفي حديث طَهْفَة: ونَسْتَحِيل
الجَهام أَي ننظر إِليه هل يتحرك أَم لا، وهو نَسْتَفْعِل من حالَ يَحُول
إِذا تَحَرَّك، وقيل: معناه نَطْلُب حال مَطَره، وقيل بالجيم، وقد تقدم.
الأَزهري: سمعت المنذري يقول: سمعت أَبا الهيثم يقول عن تفسير قوله لا
حَوْل ولا قُوَّة إِلا بالله قال: الحَوْل الحَركة، تقول: حالَ الشخصُ
إِذا تحرّك، وكذلك كل مُتَحَوِّل عن حاله، فكأَنَّ القائل إِذا قال لا
حَوْلَ ولا قُوَّة إِلاَّ بالله يقول: لا حَركة ولا استطاعة إِلا بمشيئة الله.
الكسائي: يقال لا حَوْل ولا قُوَّة إِلا بالله ولا حَيْلَ ولا قُوَّة
إِلا بالله، وورد ذلك في الحديث: لا حَوْلَ ولا قوة إِلا بالله، وفُسِّر
بذلك المعنى: لا حركة ولا قُوَّة إِلا بمشيئة الله تعالى، وقيل: الحَوْل
الحِيلة، قال ابن الأَثير: والأَول أَشبه؛ ومنه الحديث: اللهم بك أَصُول
وبك أَحُول أَي أَتحرك، وقيل أَحتال، وقيل أَدفع وأَمنع، من حالَ بين
الشيئين إِذا منع أَحدهما من الآخر. وفي حديث آخر: بك أُصاوِل وبك أُحاوِل، هو
من المُفاعلة، وقيل: المُحاولة طلب الشيء بحِيلة.
وناقة حائل: حُمِل عليها فلم تَلْقَح، وقيل: هي الناقة التي لم تَحْمِل
سنة أَو سنتين أَو سَنَوات، وكذلك كل حامل يَنْقَطِع عنها الحَمْل سنة
أَو سنوات حتى تَحْمِل، والجمع حِيال وحُولٌ وحُوَّلٌ وحُولَلٌ؛ الأَخيرة
اسم للجمع. وحائلُ حُولٍ وأَحْوال وحُولَلٍ أَي حائل أَعوام؛ وقيل: هو على
المبالغة كقولك رَجُلُ رِجالٍ، وقيل: إِذا حُمِل عليها سنة فلم تَلقَح
فهي حائل، فإِن لم تَحمِل سنتين فهي حائلُ حُولٍ وحُولَلٍ؛ ولَقِحَتْ على
حُولٍ وحُولَلٍ، وقد حالَتْ حُؤُولاً وحِيالاً وأَحالت وحَوَّلَت وهي
مُحَوِّل، وقيل: المُحَوِّل التي تُنْتَج سنة سَقْباً وسنة قَلوصاً. وامرأَة
مُحِيل وناقة مُحِيل ومُحْوِل ومُحَوِّل إِذا ولدت غلاماً على أَثر
جارية أَو جارية على أَثر غلام، قال: ويقال لهذه العَكوم أَيضاً إِذا حَمَلت
عاماً ذكراً وعاماً أُنثى، والحائل: الأُنثى من أَولاد الإِبل ساعةَ
تُوضَع، وشاة حائل ونخْلة حائل، وحالت النخلةُ: حَمَلَتْ عاماً ولم تَحْمِل
آخر. الجوهري: الحائل الأُنثى من ولد الناقة لأَنه إِذا نُتِج ووقع عليه
اسم تذكير وتأْنيث فإِن الذكر سَقْب والأُنثى حائل، يقال: نُتِجت الناقةُ
حائلاً حسنة؛ ويقال: لا أَفعل ذلك ما أَرْزَمَت أُمُّ حائل، ويقال لولد
الناقة ساعةَ تُلْقيه من بطنها إِذا كانت أُنثى حائل، وأُمُّها أُمُّ
حائل؛ قال:
فتلك التي لا يبرَحُ القلبَ حُبُّها
ولا ذِكْرُها، ما أَرْزَمَتْ أُمُّ حائل
والجمع حُوَّل وحَوائل. وأَحال الرجلُ إِذا حالت إِبلُه فلم تَحْمِل.
وأَحال فلانٌ إِبلَه العامَ إِذا لم يُصِبْها الفَحْل. والناس مُحِيلون
إِذا حالت إِبِلُهم. قال أَبو عبيدة: لكل ذي إِبِل كَفْأَتان أَي قِطْعتان
يقطعهما قِطْعَتين، فَتُنْتَج قِطْعَةٌ منها عاماً، وتَحُول القِطْعَةُ
الأُخرى فيُراوح بينهما في النَّتاج، فإِذا كان العام المقبل نَتَج
القِطْعةَ التي حالت، فكُلُّ قطعة نتَجها فهي كَفْأَة، لأَنها تَهْلِك إِن
نَتَجها كل عام. وحالت الناقةُ والفرسُ والنخلةُ والمرأَةُ والشاةُ وغيرُهنَّ
إِذا لم تَحْمِل؛ وناقة حائل ونوق حَوائل وحُولٌ وحُولَلٌ. وفي الحديث:
أَعوذ بك من شر كل مُلْقِح ومُحِيل؛ المُحِيل: الذي لا يولد له، من قولهم
حالت الناقةُ وأَحالت إِذا حَمَلْت عليها عاماً ولم تحْمِل عاماً. وأَحال
الرجلُ إِبِلَه العام إِذا لم يُضْرِبها الفَحْلَ؛ ومنه حديث أُم
مَعْبَد: والشاء عازب حِيال أَي غير حَواملَ. والحُول، بالضم: الحِيَال؛ قال
الشاعر:
لَقِحْن على حُولٍ، وصادَفْنَ سَلْوَةً
من العَيْش، حتى كلُّهُنَّ مُمَتَّع
ويروى مُمَنَّع، بالنون. الأَصمعي: حالت الناقةُ فهي تَحُول حِيالاً
إِذا ضَرَبها الفحلُ ولم تَحْمِل؛ وناقة حائلة ونوق حِيال وحُول وقد حالَت
حَوالاً وحُؤُولاً
(* قوله «وقد حالت حوالاً» هكذا في الأصل مضبوطاً
كسحاب، والذي في القاموس: حؤولاً كقعود وحيالاً وحيالة بكسرهما) .
والحالُ: كِينَةُ الإنسان وهو ما كان عليه من خير أَو شر، يُذَكَّر
ويُؤَنَّث، والجمع أَحوال وأَحْوِلة؛ الأَخيرة عن اللحياني. قال ابن سيده:
وهي شاذة لأَن وزن حال فَعَلٌ، وفَعَلٌ لا يُكَسَّر على أَفْعِلة.
اللحياني: يقال حالُ فلان حسَنة وحسَنٌ، والواحدة حالةٌ، يقال: هو بحالة سوءٍ،
فمن ذَكَّر الحال جمعه أَحوالاً، ومن أَنَّثَها جَمعَه حالات. الجوهري:
الحالة واحدة حالِ الإِنسان وأَحْوالِه. وتحَوَّله بالنصيحة والوَصِيَّة
والموعظة: توَخَّى الحالَ التي يَنْشَط فيها لقبول ذلك منه، وكذلك روى أَبو
عمرو الحديث: وكان رسول الله،صلى الله عليه وسلم، يَتَحَوَّلُنا
بالموعظة، بالحاء غير معجمة، قال: وهو الصواب وفسره بما تقدم وهي الحالة أَيضاً.
وحالاتُ الدهر وأَحْوالُه: صُروفُه. والحالُ: الوقت الذي أَنت فيه.
وأَحالَ الغَريمَ: زَجَّاه عنه إِلى غريم آخر، والاسم الحَوالة. اللحياني:
يقال للرجل إِذا تحَوَّل من مكان إِلى مكان أَو تحَوَّل على رجل بدراهم:
حالَ، وهو يَحُول حَوْلاً. ويقال: أَحَلْت فلاناً على فلان بدراهم أُحِيلُه
إِحالةً وإِحالاً، فإِذا ذَكَرْت فِعْلَ الرجل قلت حالَ يَحُول حَوْلاً.
واحْتال احْتِيالاً إِذا تَحَوَّل هو من ذات نَفْسِه. الليث: الحَوالة
إِحالَتُك غريماً وتحَوُّل ماءٍ من نهر إِلى نهر. قال أَبو منصور: يقال
أَحَلْت فلاناً بما لهُ عليَّ، وهو كذا درهماً، على رجل آخر لي عليه كذا
درهماً أُحِيلُه إِحالةً، فاحْتال بها عليه؛ ومنه قول النبي، صلى الله عليه
وسلم: وإِذا أُحِيل أَحدكم على آخر فَلْيَحْتَلْ. قال أَبو سعيد: يقال
للذي يُحال عليه بالحق حَيِّلٌ، والذي يَقْبَل الحَوالةَ حَيِّل، وهما
الحَيِّلانِ كما يقال البَيِّعان، وأَحالَ عليه بدَيْنِه والاسم
الحَوالة.والحال: التراب اللَّيِّن الذي يقال له السَّهْلة. والحالُ: الطينُ
الأَسود والحَمْأَةُ. وفي الحديث: أَن جبريل، عليه السلام، قال لما قال فرعون
آمنت أَنه لا إِله إِلا الذي آمنت به بنو إِسرائيل: أَخَذْتُ من حال
البحر فضَرَبْتُ به وجهه، وفي رواية: فحشَوْت به فمه. وفي التهذيب: أَن
جبريل، عليه السلام، لما قال فرعون آمنت أَنه لا إِله إِلاَّ الذي آمنت به
بنو إِسرائيل، أَخَذَ من حالِ البحر وطِينِه فأَلْقَمَه فاه؛ وقال
الشاعر:وكُنَّا إِذا ما الضيفُ حَلَّ بأَرضِنا،
سَفَكْنا دِماءَ البُدْن في تُرْبَة الحال
وفي حديث الكوثر: حالُه المِسْكُ أَي طِينُه، وخَصَّ بعضهم بالحال
الحَمْأَة دون سائر الطين الأَسود. والحالُ: اللَّبَنُ؛ عن كراع. والحال:
الرَّماد الحارُّ. والحالُ: ورق السَّمُر يُخْبَط في ثوب ويُنْفَض، يقال:
حالٌ من وَرَقٍ ونُفاض من ورق. وحالُ الرجلِ: امرأَته؛ قال الأَعلم:
إِذا أَذكرتَ حالَكَ غير عَصْر،
وأَفسد صُنْعَها فيك الوَجِيف
غَيْرَ عَصْرٍ أَي غير وقت ذكرها؛ وأَنشد الأَزهري:
يا رُبَّ حالِ حَوْقَلٍ وَقَّاع،
تَرَكْتها مُدْنِيَةَ القِناع
والمَحالَةُ: مَنْجَنُونٌ يُسْتَقى عليها، والجمع مَحالٌ ومَحاوِل.
والمَحالة والمَحال: واسِطُ الظَّهْر، وقيل المَحال الفَقار، واحدته مَحالة،
ويجوز أَن يكون فَعالة.
والحَوَلُ في العين: أَن يظهر البياض في مُؤْخِرها ويكون السواد من
قِبَل الماقِ، وقيل: الحَوَل إِقْبال الحَدَقة على الأَنف، وقيل: هو ذَهاب
حدقتها قِبَلَ مُؤْخِرها، وقيل: الحَوَل أَن تكون العين كأَنها تنظر إِلى
الحِجاج، وقيل: هو أَن تميل الحدَقة إِلى اللَّحاظ، وقد حَوِلَت وحالَت
تَحال واحْوَلَّت؛ وقول أَبي خراش:
إِذا ما كان كُسُّ القَوْمِ رُوقاً،
وحالَتْ مُقْلَتا الرَّجُلِ البَصِير
(* قوله «إذا ما كان» تقدم في ترجمة كسس: إذا ما حال، وفسره بتحوّل).
قيل: معناه انقلبت، وقال محمد بن حبيب: صار أَحْوَل، قال ابن جني: يجب
من هذا تصحيح العين وأَن يقال حَوِلت كعَوِرَ وصَيِدَ، لأَن هذه الأَفعال
في معنى ما لا يخرج إِلا على الصحة، وهو احْوَلَّ واعْوَرَّ واصْيدَّ،
فعلى قول محمد ينبغي أَن يكون حالَت شاذّاً كما شذ اجْتارُوا في معنى
اجْتَوَرُوا. الليث: لغة تميم حالَت عَيْنُه تَحُول
(* قوله «لغة تميم حالت
عينه تحول» هكذا في الأصل، والذي في القاموس وشرحه: وحالت تحال، وهذه لغة
تميم كما قاله الليث).
حولاً، وغيرهم يقول: حَوِلَت عَيْنُه تَحْوَل حَوَلاً. واحْوَلَّت
أَيضاً، بتشديد اللام، وأَحْوَلْتُها أَنا؛ عن الكسائي. وجَمْع الأَحول
حُولان. ويقال: ما أَقْبَحَ حَوْلَتَه، وقد حَوِلَ حَوَلاً قبيحاً، مصدر
الأَحْوَلِ. ورجل أَحْوَل بَيِّن الحَوَل وحَوِلٌ: جاء على الأَصل لسلامة فعله،
ولأَنهم شبَّهوا حَرَكة العين التابعة لها بحرف اللين التابع لها، فكأَن
فَعِلاَ فَعِيل، فكما يصح نَحْوُ طَوِيل كذلك يصح حَوِلٌ من حيث شبهت
فتحة العين بالأَلف من بعدها. وأَحالَ عينَه وأَحْوَلَها: صَيَّرها
حَوْلاء، وإِذا كان الحَوَل يَحْدُث ويذهب قيل: احْوَلَّت عينُه احْوِلالاً
واحْوالَّت احْوِيلالاً. والحُولة: العَجَب؛ قال:
ومن حُولِة الأَيَّام والدهر أَنَّنا
لنا غَنَمٌ مقصورةٌ، ولنا بَقَر
ويوصف به فيقال: جاء بأَمرٍ حُولة.
والحِوَلاءُ والحُوَلاءُ من الناقة: كالمَشِيمة للمرأَة، وهي جِلْدةٌ
ماؤها أَخضر تَخْرج مع الولد وفيها أَغراس وعروق وخطوط خُضْر وحُمْر، وقيل:
تأْتي بعد الولد في السَّلى الأَول، وذلك أَول شيء يخرج منه، وقد تستعمل
للمرأَة، وقيل: الحِوَلاء الماء الذي يخرج على رأْس الولد إِذا وُلِد،
وقال الخليل: ليس في الكلام فِعَلاء بالكسر ممدوداً إِلا حِوَلاء وعِنَباء
وسِيَراء، وحكى ابن القُوطِيَّة خِيَلاء، لغة في خُيَلاء؛ حكاه ابن بري؛
وقيل: الحُوَلاء والحِوَلاء غِلاف أَخضر كأَنه دلو عظيمة مملوءة ماء
وتَتَفَقَّأُ حين تقع إِلى الأَرض، ثم يخْرُج السَّلى فيه القُرْنتان، ثم
يخرج بعد ذلك بيوم أَو يومين الصَّآة، ولا تَحْمِل حاملةٌ أَبداً ما كان في
الرحم شيء من الصَّآة والقَذَر أَو تَخْلُصَ وتُنَقَّى. والحُوَلاء:
الماء الذي في السَّلى. وقال ابن السكيت في الحُولاء: الجلدة التي تخرج على
رأْس الولد، قال: سميت حُوَلاءَ لأَنها مشتملة على الولد؛ قال الشاعر:
على حُوَلاءَ يَطْفُو السُّخْدُ فيها،
فَراها الشَّيْذُمانُ عن الجَنِين
ابن شميل: الحُوَلاء مُضَمَّنَة لما يخرج من جَوْف الولد وهو فيها، وهي
أَعْقاؤه، الواحد عِقْيٌ، وهو شيء يخرج من دُبُره وهو في بطن أُمه بعضه
أَسود وبعضه أَصفر وبعضه أَخضر. وقد عَقى الحُوارُ يَعْقي إِذا نَتَجَتْه
أُمُّه فما خَرَج من دُبُره عِقْيٌ حتى يأْكل الشجر. ونَزَلُوا في مثل
حُوَلاء الناقة وفي مثل حُوَلاء السَّلى: يريدون بذلك الخِصْب والماء لأَن
الحُوَلاء مَلأَى ماءً رِيّاً. ورأَيت أَرضاً مثل الحُوَلاء إِذا اخضرَّت
وأَظلمت خُضْرةً، وذلك حين يَتَفَقَّأُ بعضها وبعض لم يتفقأُ؛ قال:
بأَغَنَّ كالحُوَلاءِ زان جَنابَه
نَوْرُ الدَّكادِك، سُوقُه تَتَخَضَّد
واحْوالَّت الأَرضُ إِذا اخضرَّت واستوى نباتها. وفي حديث الأَحنف: إِن
إِخواننا من أَهل الكوفة نزلوا في مثل حُوَلاء الناقة من ثِمارٍ
مُتَهَدِّلة وأَنهار مُتَفَجِّرة أَي نزلوا في الخِصْب، تقول العرب: تركت أَرض
بني فلان كحُوَلاء الناقة إِذا بالغت في وصفها أَنها مُخْصِبة، وهي من
الجُلَيْدة الرقيقة التي تخرج مع الولد كما تقدم.
والحِوَل: الأُخدود الذي تُغْرَس فيه النخل على صَفٍّ.
وأَحال عليه: اسْتَضْعَفه. وأَحال عليه بالسوط يضربه أَي أَقبل.
وأَحَلْتُ عليه بالكلام: أَقبلت عليه. وأَحال الذِّئبُ على الدم: أَقبل عليه؛
قال الفرزدق:
فكان كذِئْب السُّوءِ، لما رأَى دماً
بصاحبه يوماً، أَحالَ على الدم
أَي أَقبل عليه؛ وقال أَيضاً:
فَتًى ليس لابن العَمِّ كالذِّئبِ، إِن رأَى
بصاحبه، يَوْماً، دَماً فهو آكلُه
وفي حديث الحجاج: مما أَحال على الوادي أَي ما أَقبل عليه، وفي حديث
آخر: فجعلوا يضحكون ويُحِيل بعضهُم على بعض أَي يُقْبل عليه ويَمِيل إِليه.
وأَحَلْت الماء في الجَدْوَل: صَبَبْته؛ قال لبيد:
كأَنَّ دُموعَه غَرْبا سُناةٍ،
يُحِيلون السِّجال على السِّجال
وأَحالَ عليه الماء: أُفْرَغَه؛ قال:
يُحِيل في جَدْوَلٍ تَحْبُو ضَفادِعُه،
حَبْوَ الجَواري، تَرى في مائه نُطُقا
أَبو الهيثم فيما أَكْتَبَ ابْنَه: يقال للقوم إِذا أَمْحَلوا فَقَلَّ
لبنُهم: حالَ صَبُوحهُم على غَبُوقِهم أَي صار صَبُوحهم وغَبُوقُهم
واحداً. وحال: بمعنى انْصَبَّ. وحال الماءُ على الأَرض يَحُول عليها حوْلاً
وأَحَلْتُه أَنا عليها أُحِيله إِحالة أَي صَبَبْتُه. وأَحال الماءَ من
الدلو أَي صَبَّه وقَلَبها؛ وأَنشد ابن بري لزهير:
يُحِيل في جَدْوَلٍ تَحْبُو ضَفادِعُه
وأَحال الليلُ: انْصَبَّ على الأَرض وأَقبل؛ أَنشد ابن الأَعرابي في صفة
نخل:
لا تَرْهَبُ الذِّئبَ على أَطْلائها،
وإِن أَحالَ الليلُ مِنْ وَرائها
يعني أَن النَّخل إِنما أَولادها الفُسْلان، والذئاب لا تأْكل الفَسِيل
فهي لا تَرْهَبها عليها، وإِن انْصَبَّ الليل من ورائها وأَقبل. والحالُ:
موضع اللِّبْد من ظَهْر الفرس، وقيل: هي طَرِيقة المَتْن؛ قال:
كأَنَّ غلامي، إِذ عَلا حالَ مَتْنِه
على ظَهْرِ بازٍ في السماء، مُحَلِّق
وقال امرؤ القيس:
كُمَيْت يَزِلُّ اللِّبْدُ عن حالِ مَتْنِه
ابن الأَعرابي: الحالُ لَحْمُ المَتْنَيْن، والحَمْأَةُ والكارَةُ التي
يَحْمِلها الحَمَّال، واللِّواء الذي يُعْقَد للأُمراء، وفيه ثلاث لغات:
الخال، بالخاء المعجمة، وهو أَعْرَقُها، والحال والجَالُ. والحَالُ: لحم
باطن فخذ حمار الوحش. والحال: حال الإِنسان. والحال: الثقل. والحال:
مَرْأَة الرَّجُل. والحال: العَجَلة التي يُعَلَّم عليها الصبي المشي؛ قال
ابن بري: وهذه أَبيات تجمع معاني الحال:
يا لَيْتَ شِعْرِيَ هل أُكْسَى شِعارَ تُقًى،
والشَّعْرُ يَبْيَضُّ حالاً بَعْدَما حال
أَي شيئاً بعد شيء.
فكلما ابْيَضَّ شَعْرِي، فالسَّوادُ إِلى
نفسي تميل، فَنَفْسِي بالهوى حالي
حالٍ: من الحَلْيِ، حَلِيتُ فأَنا حالٍ.
ليست تَسُودُ غَداً سُودُ النفوس، فكَمْ
أَغْدُو مُضَيّع نورٍ عامِرَ الحال
الحال هنا: التراب.
تَدُورُ دارُ الدُّنى بالنفس تَنْقُلُها
عن حالها، كصَبيٍّ راكبِ الحال
الحالُ هنا: العَجَلة.
فالمرءُ يُبْعَث يوم الحَشْرِ من جَدَثٍ
بما جَنى، وعلى ما فات من حال
الحال هنا: مَذْهَب خير أَو شر.
لو كنتُ أَعْقِلُ حالي عَقْلَ ذي نَظَر،
لكنت مشتغلاً بالوقت والحال
الحال هنا: الساعة التي أَنت فيها.
لكِنَّني بلذيذ العيش مُغْتَبِطٌ،
كأَنما هو شَهْدٌ شِيب بالحال
الحال هنا: اللَّبَن؛ حكاه كراع فيما حكاه ابن سيده
ماذا المُحالُ الذي ما زِلْتُ أَعْشَقُه،
ضَيَّعْت عَقْلي فلم أُصْلِح به حالي
حال الرجل: امرأَته وهي عبارة عن النفس هنا.
رَكِبْت للذَّنْب طِرْفاً ما له طَرَفٌ،
فيا لِراكبِ طِرْفٍ سَيِّء الحال
حالُ الفَرَس: طرائق ظَهْره، وقيل مَتْنُه.
يا رَبِّ غَفْراً يَهُدُّ الذنب أَجْمَعَه،
حَتَّى يَجِزَّ من الآراب كالحال
الحال هنا: وَرَق الشجر يَسْقُط. الأَصمعي: يقال ما أَحْسَنَ حالَ
مَتْنِ الفَرَس وهو موضع اللِّبْد، والحال: لَحْمة المَتْن.
الأَصمعي: حُلْت في مَتْن الفرس أَحُول حُؤُولاً إِذا رَكِبْتَه، وفي
الصحاح: حال في مَتْنِ فرسه حُؤولاً إِذا وَثَبَ ورَكِب. وحال عن ظَهْر
دابته يَحُول حَوْلاً وحُؤولاً أَي زال ومال. ابن سيده وغيره: حال في ظهر
دابته حَوْلاً وأَحالَ وَثَب واستوى على ظَهْرها، وكلام العرب حالَ على
ظهره وأَحال في ظهره. ويقال: حالُ مَتْنِه وحاذُ مَتْنِه وهو الظَّهْر
بعينه. الجوهري: أَحال في مَتْن فرسه مثل حال أَي وَثَب؛ وفي المثل:
تَجَنَّب رَوْضَةً وأَحال يَعْدُو
أَي تَرَكَ الخِصْبَ واختار عليه الشَّقاء. ويقال: إِنه لَيَحُول أَي
يجيء ويذهب وهو الجَوَلان. وحَوَّلَتِ المَجَرَّةُ: صارت شدّة الحَرّ في
وسط السماء؛ قال ذو الرمة:
وشُعْثٍ يَشُجُّون الفلا في رؤوسه،
إِذا حَوَّلَتْ أُمُّ النجوم الشَّوابك
قال أَبو منصور: وحَوَّلت بمعنى تَحَوَّلت، ومثله وَلَّى بمعنى تَولَّى.
وأَرض مُحْتالة إِذا لم يصبها المطر.
وما أَحْسَن حَوِيلَه، قال الأَصمعي: أَي ما أَحسن مذهبه الذي يريد.
ويقال: ما أَضعف حَوْلَه وحَوِيلَه وحِيلته
والحِيال: خيط يُشدُّ من بِطان البعير إِلى حَقَبه لئلا يقع الحَقَب على
ثِيلِه. وهذا حِيالَ كلمتك أَي مقابلَةَ كلمتك؛ عن ابن الأَعرابي ينصبه
على الظرف، ولو رفعه على المبتدإِ والخبر لجاز، ولكن كذا رواه عن العرب؛
حكاه ابن سيده. وقعد حِيالَه وبحِياله أَي بإِزائه، وأَصله الواو.
والحَوِيل: الشاهد. والحَوِيل: الكفِيل، والاسم الحَوَالة. واحْتال عليه
بالدَّين: من الحَوَالة. وحَاوَلْت الشيء أَي أَردته، والاسم الحَوِيل؛
قال الكميت:
وذاتِ اسْمَيْن والأَلوانُ شَتَّى
تُحَمَّق، وهي كَيِّسة الحَوِيل
قال: يعني الرَّخَمَة. وحَوَّله فَتَحَوَّل وحَوَّل أَيضاً بنفسه،
يتعدّى ولا يتعدّى؛ قال ذو الرمة يصف الحرباء:
يَظَلُّ بها الحِرْباء للشمس مائلاً
على الجِذْل، إِلا أَنه لا يُكَبِّر
إِذا حَوَّل الظِّلُّ، العَشِيَّ، رأَيته
حَنِيفاً، وفي قَرْن الضُّحى يَتَنَصَّر
يعني تَحَوَّل، هذا إِذا رفعت الظل على أَنه الفاعل، وفتحت العشي على
الظرف، ويروى: الظِّلَّ العَشِيُّ على أَن يكون العَشِيّ هو الفاعل والظل
مفعول به؛ قال ابن بري: يقول إِذا حَوَّل الظل العشيّ وذلك عند ميل الشمس
إِلى جهة المغرب صار الحرباء متوجهاً للقبلة، فهو حَنِيف، فإِذا كان في
أَوَّل النهار فهو متوجه للشرق لأَن الشمس تكون في جهة المشرق فيصير
مُتَنَصِّراً، لأَن النصارى تتوجه في صلاتها جهة المشرق. واحْتال المنزلُ:
مَرَّت عليه أَحوال؛ قال ذو الرمة:
فَيَا لَكِ من دار تَحَمَّل أَهلُها
أَيادي سَبَا، بَعْدِي، وطال احْتِيالُها
واحتال أَيضاً: تغير؛ قال النمر:
مَيْثاء جاد عليها وابلٌ هَطِلٌ،
فأَمْرَعَتْ لاحتيالٍ فَرْطَ أَعوام
وحاوَلْت له بصري إِذا حَدَّدته نحوه ورميته به؛ عن اللحياني. وحالَ
لونُه أَي تغير واسْوَدَّ. وأَحالت الدارُ وأَحْوَلت: أَتى عليها حَوْلٌ،
وكذلك الطعام وغيره، فهو مُحِيل؛ قال الكميت:
أَلَم تُلْمِم على الطَّلَل المُحِيل
بفَيْدَ، وما بُكاؤك بالطُّلول؟
والمُحِيل: الذي أَتت عليه أَحوال وغَيَّرته، وَبَّخَ نفسه على الوقوف
والبكاء في دار قد ارتحل عنها أَهلها متذكراً أَيَّامهم مع كونه أَشْيَبَ
غير شابٍّ ؛ وذلك في البيت بعده وهو:
أَأَشْيَبُ كالوُلَيِّد، رَسْمَ دار
تُسائل ما أَصَمَّ عن السَّؤُول؟
أَي أَتسأَل أَشْيَبُ أَي وأَنت أَشيب وتُسائل ما أَصَمَّ أَي تُسائل ما
لا يجيب فكأَنه أَصَمّ؛ وأَنشد أَبو زيد لأَبي النجم:
يا صاحِبَيَّ عَرِّجا قليلا،
حتى نُحَيِّي الطَّلَل المُحِيلا
وأَنشد ابن بري لعمر بن لَجَإٍ:
أَلم تُلْمِمْ على الطَّلَل المُحِيل،
بغَرْبِيِّ الأَبارق من حَقِيل؟
قال ابن بري: وشاهد المُحْوِل قول عمر بن أَبي ربيعة:
قِفا نُحَيِّي الطَّلَل المُحْوِلا،
والرَّسْمَ من أَسماءَ والمَنْزِلا،
بجانب البَوْباةِ لم يَعْفُه
تَقادُمُ العَهْدِ، بأَن يُؤْهَلا
قال: تقديره قِفا نُحَيِّي الطَّلَل المُحْوِل بأَن يُؤْهَل، من أَهَله
الله؛ وقال الأَخوص:
أَلْمِمْ على طَلَلٍ تَقادَمَ مُحْوِلِ
وقال امرؤ القيس:
من القاصرات الطَّرْف لو دَبَّ مُحْوِلٌ،
من الذَّرِّ فوق الإِتْبِ منها، لأَثّرا
أَبو زيد: فلان على حَوْل فلان إِذا كان مثله في السِّن أَو وُلِد على
أَثره. وحالت القوسُ واستحالت، بمعنى، أَي انقلبت عن حالها التي غُمِزَت
عليها وحَصَل في قابِها اعوجاج.
وحَوَال: اسم موضع؛ قال خِراش بن زهير:
فإِني دليل، غير مُعْط إِتاوَةً
على نَعَمٍ تَرْعى حَوالاً وأَجْرَبا
الأَزهري في الخماسي: الحَوَلْولة الكَيِّسة، وهو ثلاثي الأَصل أُلحق
بالخماسي لتكرير بعض حروفها. وبنو حَوالة: بطن. وبنو مُحَوَّلة: هم بنو
عبدالله بن غَطَفان وكان اسمه عبد العُزَّى فسماه سيدنا رسول الله، صلى الله
عليه وسلم، عبدالله فسُمُّوا بني مُحَوَّلة لذلك. وحَوِيل: اسم موضع؛
قال النابغة الجعدي:
تَحُلُّ بأَطراف الوِحاف ودُونها
حَوِيل، فريطات، فرَعْم، فأَخْرَب
زرع: زَرَعَ الحَبَّ يَزْرَعُه زَرْعاً وزِراعةً: بَذَره، والاسم
الزَّرْعُ وقد غلب على البُرّ والشَّعِير، وجمعه زُرُوع، وقيل: الزرع نبات كل
شيء يحرث، وقيل: الزرْع طرح البَذْر؛ وقوله:
إِنْ يأْبُروا زَرْعاً لِغَيْرِهم،
والأَمْرُ تَحْقِرُه وقد يَنْمِي
قال ثعلب: المعنى أَنهم قد حالفوا أَعداءهم ليستعينوا بهم على قوم
آخرين؛ واستعار عليّ، رضوان الله عليه، ذلك للحِكمة أَو للحُجة وذكر العلماء
الأَتقياء: بهم يحفظ الله حُجَجَه حتى يُودِعُوها نُظَراءَهم ويَزْرَعُوها
في قلوب أَشباههم.
والزَّرِّيعةُ: ما بُذِرَ، وقيل: الزِّرِّيعُ ما يَنْبُتُ في الأَرض
المُسْتَحيلةِ مما يَتناثر فيها أَيامَ الحَصاد من الحَبّ. قال ابن بري:
والزَّرِيعةُ، بتخفيف الراء، الحبّ الذي يُزْرَع ولا تَقُلْ زَرِّيعة،
بالتشديد، فإِنه خطأٌ.
والله يَزْرَعُ الزرعَ: يُنَمِّيــه حتى يبلغ غايته، على المثل. والزرعُ:
الإِنباتُ، يقال: زَرَعه الله أَي أَنبته. وفي التنزيل: أَفرأَيتم ما
تحرثون أَأَنتم تزرعونه أَم نحن الزارعون؛ أَي أَنتم تُنَمُّونه أَم نحن
المُنَمُّون له. وتقول للصبي: زَرَعه الله أَي جَبَره الله وأَنبته. وقوله
تعالى: يُعْجِب الزُّرّاع ليغيظ بهم الكفار؛ قال الزجاج: الزُّرّاعُ محمد،
صلى الله عليه وسلم، وأَصحابه الدُّعاةُ إِلى الإِسلام، رضوان الله
عليهم. وأَزْرَعَ الزرْعُ: نبت ورقه؛ قال رؤبة:
أَو حَصْد حَصْدٍ بعدَ زَرْعٍ أَزْرَعا
وقال أَبو حنيفة: ما على الأَرض زُرْعةٌ واحدة ولا زَرْعة ولا زِرْعة
أَي موضع يُزْرَعُ فيه. والزَّرّاعُ: مُعالِجُ الزرعِ، وحِرْفته
الزِّراعةُ. وجاء في الحديث: الزَّرَّاعةُ، بفتح الزاي وتشديد الراء، قيل هي الأَرض
التي تُزْرَعُ. والمُزْدَرِعُ: الذي يَزْدَرِعُ زَرْعاً يتخصص به لنفسه.
وازْدَرَعَ القومُ: اتخذوا زَرْعاً لأَنفسهم خصوصاً أَو احترثوا، وهو
افتعل إِلا أَنّ التاء لما لانَ مخْرجها ولم توافق الزاي لشدّتها أَبدلوا
منها دالاً لأَن الدال زالزاي مجهورتان والتاء مهموسة. والمُزارَعةُ:
معروفة. والمَزْرَعةُ والمَزْرُعةُ والزّرّاعةُ والمُزْدَرَعُ: موضع الزرع؛
قال الشاعر:
واطْلُبْ لنَا منْهُمُ نَخْلاً ومُزْدَرَعاً،
كما لِجِيراننا نَخْلٌ ومُزْدَرَعُ
مُفْتَعَلٌ من الزرع؛ وقال جرير:
لَقَلَّ غناءٌ عنكَ في حَرْبِ جَعْفَرٍ،
تُغَنِّيكَ زَرّاعاتُها وقُصُورُها
أَي قَصِيدتك التي تقول فيها زَرّاعاتها وقصورها. والزَّرِيعةُ: الأَرضُ
المزروعةُ، ومَنِيُّ الرجل زَرْعُه؛ وزَرْعُ الرجل ولَدُه. والزَّرّاعُ:
النمَّام الذي يزرع الأَحْقادَ في قلوب الأَحِبَّاء.
والمَزْرُوعانِ من بني كعب بن سعد بن زيد مَناةَ ابن تميم: كعبُ بنُ سعد
ومالكُ بن كعب بن سعد. وزَرْعٌ: اسم. وفي الحديث: كنتُ لكِ كأَبي زَرْع
لأُمّ زرع. وزُرْعةُ وزُرَيْعٌ وزَرْعانُ: أَسماء. وزارعٌ وابن زارعٍ،
جميعاً: الكلبُ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
وزارعٌ من بَعْدِه حتى عَدَلْ
ربا: رَبا الشيءُ يَرْبُو رُبُوّاً ورِباءً: زاد ونما. وأَرْبَيْته:
نَمَّيته. وفي التنزيل العزيز: ويُرْبي الصدَقات؛ ومنه أُخِذَ الرِّبا
الحَرام؛ قال الله تعالى: وما آتَيْتُم من رباً ليَرْبُوَ في أَموالِ
الناسِفلا يَرْبُو عند الله؛ قال أَبو إِسحق: يَعني به دَفْعَ الإِنسان الشيءَ
ليُعَوَّضَ ما هو أَكثرُ منه، وذلك في أَكثر التفسير ليس بِحَرامٍ، ولكن
لا ثواب لمن زاد على ما أَخذ، قال: والرِّبا رِبَوانِ: فالحَرام كلُّ
قَرْض يُؤْخَذُ به أَكثرُ منه أَو تُجَرُّ به مَنْفَعة فحرام، والذي ليس
بحرام أَن يَهَبَه الإِنسان يَسْتَدْعي به ما هو أَكْثَر أَو يُهْديَ
الهَدِيَّة ليُهْدى له ما هو أَكثرُ منها؛ قال الفراء: قرئ هذا الحرف
ليَرْبُوَ بالياء ونصب الواو، قرأَها عاصم والأَعمش، وقرأَها أَهل الحجاز
لتَرْبُو، بالتاء مرفوعة، قال: وكلٌّ صوابٌ، فمن قرأَ لتربو فالفعل للقوم
الذين خوطبوا دل على نصبها سقوط النون، ومن قرأَها ليَرْبُوَ فمعناه
ليَرْبُوَ ما أَعطيتم من شيء لتأْخذوا أَكثر، منه، فذلك رُبُوّه وليس ذلك زاكياً
عند الله، وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فتلك تَرْبُو بالتضعيف.
وأَرْبى الرجل في الرِّبا يُرْبي. والرُّبْيَةُ: من الرِّبا، مخففة. وفي
الحديث عن النبي، صلى الله عليه وسلم، في صلح أَهل نجران: أَن ليس عليهم
رُبِّيَّةٌ ولا دَمٌ؛ قال أَبو عبيد: هكذا روي بتشديد الباء والياء، وقال
الفراء: إِنما هو رُبْيَة، مخفف، أَراد بها الرِّبا الذي كان عليهم في
الجاهلية والدماءَ التي كانوا يُطْلَبون بها. قال الفراء: ومثل الرُّبْيَة
من الرِّبا حُبْيَة من الاحْتِباء، سماعٌ من العرب يعني أَنهم تكلموا بهما
بالياء رُبْيَة وحُبْيَة ولم يقولوا رُبْوَة وحُبْوة، وأَصلهما الواو،
والمعنى أَنه أُسقط عنهم ما اسْتَسْلَفُوه في الجاهلية من سَلَفٍ أَو
جَنَوه من جناية، أُسقط عنهم كلُّ دمِ كانوا يُطْلبون به وكلُّ رِباً كان
عليهم إِلاَّ رؤوسَ أَموالهم فإِنهم يردّونها، وقد تكرر ذكره في الحديث،
والأَصل فيه الزيادة من رَبا المالُ إِذا زاد وارْتَفَع، والاسم الرِّبا
مقصور، وهو في الشرع الزيادة على أَصل المال من غير عَقْدِ تبايُعٍ ، وله
أَحكام كثيرة في الفقه، والذي جاء في الحديث رُبِّيَّة، بالتشديد؛ قال ابن
الأَثير: ولم يعرف في اللغة؛ قال الزمخشري: سبيلها أَن تكون فُعُّولة من
الرِّبا كما جعل بعضهم السُّرِّيَّة فُعُّولة من السَّرْوِ لأَنها أَسْرى
جواري الرجل. وفي حديث طَهْفةَ: من أَبى فعليه الرِّبْوَةُ أَي من
تَقاعَدَ عن أَداءٍ الزكاةِ فعليه الزيادةُ في الفريضة الواجبة عليه
كالعُقُوبة له، ويروى: من أَقَرَّ بالجِزْية فعليه الرَّبْْوَةُ أَي من امتنع عن
الإِسلام لأَجْل الزكاة كان عليه من الجِزْية أَكثرُ مما يجب عليه
بالزكاة.وأَرْبى على الخمسين ونحوها: زاد. وفي حديث الأَنصار يوم أُحُدٍ: لئِنْ
أَصَبْنا منهم يَوْماً مثلَ هذا لَنُرْبِيَنَّ عليهم في التمثيل أَي
لَنَزِيدَنَّ ولَنُضاعِفَنَّ. الجوهري: الرِّبا في البيع وقد أَرْبى الرجلُ.
وفي الحديث: من أَجْبى فقد أَرْبى. وفي حديث الصدقة: وتَرْبُو في كَفِّ
الرحمن حتى تكونَ أَعْظَمَ من الجبل.
ورَبا السويقُ ونحوه رُبُوّاً: صُبَّ عليه الماءُ فانْتَفَخ. وقوله عز
وجل في صفةِ الأَرضِ: اهْتَزَّتْ ورَبَتْ؛ قيل: معناه عَظُمَتْ
وانْتَفَخَتْ، وقرئ ورَبأَتْ، فمن قرأَ ورَبَتْ فهو رَبا يَرْبُو إِذا زاد على
أَيِّ الجهاتِ زاد، ومن قرأَ ورَبأَتْ بالهمز فمعناه ارْتَفَعَتْ. وسابَّ
فلان فلاناً فأَرْبى عليه في السِّباب إِذا زاد عليه. وقوله عز وجل:
فأَخَذَهم أَخْذَةً رابِيَة أَي أَخْذَةً تَزِيدُ على الأَخَذات؛ قال الجوهري:
أَي زائِدَةً كقولك أَرْبَيْت إِذا أَخَذْتَ أَكثرَ مما أَعْطَيْتَ.
والرَّبْوُ والرَّبْوَةُ: البُهْرُ وانْتِفاخُ الجَوْفِ؛ أَنشد ابن
الأَعرابي:
ودُونَ جُذُوٍّ وابْتِهارٍ ورَبْوةٍ،
كأَنَّكُما بالرِّيقِ مُخْتَنِقانِ
أَي لسْتَ تقدر عليها إِلاَّ بَعْدَ جُذُوٍّ على أَطْراف الأَصابِعِ
وبَعْدَ رَبْوٍ يأْخُذُكَ.
والرَّبْوُ: النَّفَسُ العالي. ورَبا يَرْبُو رَبْواً: أَخَذَه
الرَّبْوُ. وطَلَبْنا الصَّيْدَ حتى تَرَبَّيْنا أَي بُهِرْنا
(* قوله «حتى
تربينا أي بهرنا» هكذا في الأصل). وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: أَن النبي،
صلى الله عليه وسلم، قال لها ما لي أَراكِ حَشْيَا رابيَةً؛ أَراد
بالرابية التي أَخَذَها الرَّبْوُ وهو البُهْرُ، وهو النَّهِيجُ وتَواتُرُ
النَّفَسِ
الذي يَعْرِضُ للمُسْرِعِ في مَشْيِه وحَرَكَتِه وكذلك الحَشْيا. ورَبا
الفَرَس إِذا انَتَفَخَ من عَدْوٍ أَو فَزَعٍ؛ قال بِشْر بن أَبي خازم:
كأَنَّ حَفِيفَ مُنْخُرِه، إِذَا مَا
كتَمْنَ الرَّبْوَ، كِيرٌ مُسْتَعارُ
والرِّبَا: العِينَة. وهو الرِّمَا أَيضاً على البَدَل؛ عن اللحياني،
وتثنيته رِبَوانِ ورِبَيان، وأَصله من الواو وإِنما ثُنِّيَ بالياء
للإِمالة السائغة فيه من أَجل الكسرة. ورَبَا المالُ: زادَ بالرِّبَا.
والمُرْبِي: الذي يَأْتي الرِّبَا. والرَّبْوُ والرَّبْوَةُ والرُّبْوَةُ
والرِّبْوة والرَّباوة والرُّباوة والرِّباوَة والرَّابِيَة والرَّباةُ: كلُّ ما
ارْتَفَعَ من الأَرض ورَبا؛ قال المُثَقِّب العَبْدي:
عَلَوْنَ رَباوَةً وهَبَطْنَ غَيْباً،
فَلَمْ يَرْجِعْنَ قَائِمَةً لِحِينِ
وأَنشد ابن الأَعرابي:
يَفُوتُ العَشَنَّقَ إِلْجامُهَا،
وإِنْ هُوَ وَافَى الرَّبَاةَ المَدِيدَا
المديدَ: صفة للعَشَنَّقِ، وقد يجوز أَن يكون صفة للرَّبَاةِ على أَن
يكون فَعِيلاً في معنى مَفْعولةٍ، وقد يجوز أَن يكونَ على المعنى كأَنَه
قال الرَّبْوَ المَدِيدَ، فيكون حينئذ فَاعِلاً ومَفْعولاً. وأَرْبَى
الرجلُ إِذا قام على رابِيَة؛ قال ابن أَحمر يصف بقرة يَخْتَلِف الذِّئْبُ
إِلى ولَدها:
تُرْبِي له، فَهْوَ مَسْرورٌ بطَلْعَتِها
طَوْراً، وطَوْراً تَناسَاهُ فتَعْتَكِرُ
وفي الحديث: الفِرْدَوْسُ رَبْوَة الجَنَّةِ أَي أَرْفَعُها. ابن
دُرَيْدٍ: لفُلان على فلان رَباءٌ بالفتح والمَدِّ، أَي طَوْلٌ. وفي التنزيل
العزيز: كمَثَلِ
جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ؛ والاختيار من اللغات رُبْوةٌ لأَنها أَكثر اللغات،
والفتحُ لُغة تَمِيمٍ، وجَمْعُ الرَّبْوة رُبىً ورُبِيُّ؛ وأَنشد:
ولاحَ إِذْ زَوْزَى به الرُّبِيُّ
وزَوْزَى به أَي انْتَصَب به. قال ابنُ شُمَيْلٍ: الرَّوابِي ما أَشْرَف
من الرَّمْلِ مثلُ الدَّكْدَاكَةِ غيرَ أَنها أَشَدُّ منها إِشْرافاً،
وهي أَسْهَلُ من الدَّكْداكةِ، والدَّكْدَاكَةُ أَشَدُّ اكْتِنازاً منها
وأَغْلَظُ، والرَّابِيَة فيها خُؤُورَةٌ وإشْرافٌ تُنْبِتُ أَجْوَدَ
البَقْلِ الذي في الرّمال وأَكثرَه يَنْزِلُها الناسُ.
ويقال جَمَل صَعْبُ الرُّبَةِ أَي لَطيف الجُفْرةِ؛ قاله ابن شميل، قال
أَبو منصور: وأَصله رُبْوَةٌ؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
هَلْ لَكِ، يا خَدْلَةُ، في صَعْبِ الرُّبَهْ
مُعْتَرِمٍ، هامَتُه كالحَبْحَبَهْ؟
ورَبَوْت الرَّابِية: عَلَوْتها. وأَرضٌ مُرْبِية: طَيّبة.
وقد رَبَوْت في حِجْرِهِ رُبُوّاً ورَبْواً؛ الأَخيرة عن اللحياني،
ورَبِيْتُ رِباءً ورُبِيّاً، كِلاهما: نَشَأْتُ فيهم؛ أَنشد اللحياني لمسكين
الدارمي:
ثَلاثَة أَمْلاكٍ رَبَوْا في حُجُورِنَا،
فهَلْ قائِلٌ حَقّاً كمَنْ هُوَ كاذِبُ؟
هكذا رواه رَبَوْا على مِثال غَزَوْا؛ وأَنشد في الكسر للسَّمَوْأَل بنِ
عَادِياءَ:
نُطْفَةً مَّا خُلِقْتُ يومَ بُرِيتُ
أَمِرَتْ أَمْرَها، وفيها رَبِيتُ
كَنَّها اللهُ تحتَ سِتْرٍ خَفِيٍّ،
فتَجافَيْتُ تَحْتَها فَخَفِيتُ
ولكُلٍّ من رِزْقِه ما قَضَى الْـ
ـلَهُ، وإِن حكّ أَنْفَه المسْتَمِيتُ
ابن الأَعرابي: رَبِيت في حجرِه ورَبَوْتُ ورَبِيتُ أَرْبَى رَباً
ورُبُوّاً: وأَنشد:
فَمَنْ يكُ سائلاً عَنِّي فإِنِّي
بمَكَّة مَنْزِلي، وبِها رَبِيتُ
الأَصمعي: رَبَوْتُ في بَني فلان أَرْبُو نَشَأْتُ فيهِم، ورَبَّيْتُ
فلاناً أُرَبِّيه تَرْبِيَةً وتَرَبَّيْتُه ورَبَبْتُه ورَبَّبْته بمعنى
واحد. الجوهري: رَبَّيْته تَرْبِية وتَرَبَّيْته أَي غَذَوْتُه، قال: هَذا
لكل ما يَنْمِي كالوَلَد والزَّرْع ونحوه.
وتقول: زَنْجَبيل مُرَبّىً ومُرَبَّبٌ أَيضاً أَي معمول بالرُّبِّ.
والأُرْبيَّة، بالضم والتشديد: أَصل الفَخِذِ، وأَصله أُرْبُوَّة
فاستثقلوا التشديد على الواو، وهما أُرْبِيَّتان، وقيل: الأُرْبِيَّة ما بَيْنَ
أَعْلى الفَخِذ وأَسْفَل البَطْنِ، وقال اللحياني: هي أَصل الفخذ مما
يلي البطنَ وهي فُعْلِيَّة، وقيل: الأُرْبِيّة قَرِيبَة من العانَة، قال:
وللإِنسان أُرْبِيَّتان وهما العانَة والرُّفْعُ تَحْتَها. وأُرْبِيَّة
الرجل: أَهلُ
بَيْتِه وبنُو عَمِّه لا تكون الأُرْبِيَّة من غيرهم؛ قال الشاعر:
وإِنِّي وَسْطَ ثَعْلَبةَ بنِ عمروٍ
بِلا أُرْبِيَّة نَبَتَتْ فُروعا
ويقال: جاء في أُرْبِيَّةٍ من قومه أَي في أَهل بيته وبَنِي عمّه
ونحوهم.والرَّبْوُ: الجَماعة هم عشرة آلاف كالرُّبَّة. أَبو سعيد: الرُّبْوة،
بضم الراء، عشرة آلاف من الرجال، والجمع الرُّبي؛ قال العجاج:
بَيْنَا هُمُو يَنْتَظِرون المُنْقَضَى
مِنَّا، إِذا هُنَّ أَراعِيلٌ رُبَى
وأَنشد:
أَكَلْنا الرُّبَى يا أُمَّ عَمْروٍ، ومَنْ يَكُنْ
غَرِيباً بأَرْضٍ يأْكُلِ الحَشَراتِ
والأَرْباء: الجماعات من الناس، واحدهم رَبْوٌ غير مهموز. أَبو حاتم:
الرُّبْية ضَرْب من الحَشَرات، وجمعه رُبىً.
قال الجوهري: الإِرْبيانُ، بكسر الهمزة، ضرب من السمك، وقيل: ضَرب من
السمكِ بيضٌ كالدُّود يكون بالبصرة، وقيل: هو نَبْتٌ؛ عن السيرافي.
والرُّبْية: دُوَيْبَّة بين الفَأْرة وأُمِّ حُبَيْنٍ.
والرَّبْوُ: موضع؛ قال ابن سيده: قَضَيْنا عليه بالواو لوجودنا رَبَوْت
وعدمنا رَبَيت على مثال رَمَيت.
حول: الحَوْل: سَنَةٌ بأَسْرِها، والجمع أَحْوالٌ وحُوُولٌ وحُؤُولٌ؛
حكاها سيبويه. وحالَ عليه الحَوْلُ حَوْلاً وحُؤُولاً: أَتَى. وأَحال
الشيءُ واحْتالَ: أَتَى عليه حَوْلٌ كامل؛ قال رؤبة:
أَوْرَقَ مُحْتالاً دَبيحاً حِمْحِمُه
وأَحالت الدارُ وأَحْوَلَتْ وحالَتْ وحِيلَ بها: أَتَى عليها أَحْوَالٌ؛
قال:
حالَتْ وحِيلَ بها، وغَيَّرَ آيَها
صَرْفُ البِلى تَجْري به الرِّيحانِ
وقال الكميت:
أَأَبْكاكَ بالعُرُف المَنْزِلُ؟
وما أَنت والطَّلَلُ المُحْوِلُ؟
الجوهري: حالَتِ الدارُ وحالَ الغلامُ أَتَى عليه حَوْلٌ. وأَحالَ عليه
الحَوْلُ أَي حالَ. ودار مُحيلة: غاب عنها أَهلُها مُنْذُ حَوْلٍ، وكذلك
دار مُحِيلة إِذا أَتت عليها أَحوال. وأَحالَ اللهُ عليه الحَوْلَ
إِحالة، وأَحْوَلْتُ أَنا بالمكان وأَحَلْت: أَقمت حَوْلاً. وأَحال الرجلُ
بالمكان وأَحْوَل أَي أَقام به حَوْلاً. وأَحْوَل الصبيُّ، فهو مُحوِل: أَتَى
عليه حَوْلٌ من مَوْلِده؛ قال امرؤ القيس:
فأَلْهَيْتُها عن ذي تَمائِمَ مُحْوِل
وقيل: مُحْوِل صغير من غير أَن يُحَدَّ بحَوْل؛ عن ابن كيسان. وأَحْوَلَ
بالمكان الحَوْل: بَلَغه؛ وأَنشد ابن الاعرابي:
أَزائدَ، لا أَحَلْتَ الحَوْل، حتى
كأَنَّ عَجُوزَكم سُقِيَتْ سِمَاما
يُحَلِّئُ ذو الزوائد لِقْحتيه،
ومنْ يَغْلِب فإِنَّ له طعاما
أَي أَماتك الله قبل الحَوْل حتى تصير عجوزكم من الحُزن عليك كأَنها
سُقِيَت سِمَاماً، وجعل لبنهما طعاماً أَي غَلَبَ على لِقْحَتيه فلم يَسْقِ
أَحداً منهما. ونَبْتٌ حَوْلِيٌّ: أَتى عليه حَوْلٌ كما قالوا فيه
عامِيٌّ، وجَمَل حَوْلِيٌّ كذلك. أَبو زيد: سمعت أَعرابيّاً يقول جَمَلٌ
حَوْلِيٌّ إِذا أَتى عليه حَوْل. وجِمال حَوَالِيُّ، بغير تنوين، وحَوَالِيَّة،
ومُهْرٌ حَوْلِيٌّ ومِهارة حَوْلِيّات: أَتى عليها حَوْل، وكل ذي حافر
أَوّلَ سنة حَوْلِيٌّ، والأُنثى حَوْلِيّة، والجمع حَوْلِيّات. وأَرض
مُسْتَحالة: تُرِكت حَوْلاً وأَحوالاً عن الزراعة.
وقَوْس مُسْتَحالة: في قابِها أَو سِيتَها اعوجاج، وقد حالَتْ حَوْلاً
أَي انقلبت عن حالها التي غُمِزَت عليها وحصل في قابها اعوجاج؛ قال أَبو
ذؤيب:
وحالَتْ كحَوْل القَوْسُ طُلَّتْ وعُطِّلَت
ثَلاثاً، فأَعْيا عَجْسُها وظُهَارُها
يقول: تَغَيَّرت هذه المرأَة كالقوس التي أَصابها الطَّلُّ فندِيَتْ
ونُزِعَ عنها الوَتر ثلاث سنين فَزاغَ عَجْسُها واعْوَجَّ، وقال أَبو حنيفة:
حالَ وتَرُ القوس زال عند الرمي، وقد حالَتِ القوسُ وَتَرَها؛ هكذا حكاه
حالت. ورجل مُسْتَحال: في طَرَفي ساقه اعوجاج، وقيل: كل شيء تغير عن
الاستواء إِلى العِوَج فقد حالَ واسْتَحال، وهو مُسْتَحِيل. وفي المثل: ذاك
أَحْوَل من بَوْلِ الجَمَل؛ وذلك أَن بوله لا يخرج مستقيماً يذهب في
إِحدى الناحيتين. التهذيب: ورِجْلٌ مُسْتَحالة إِذا كان طرفا الساقين منها
مُعْوَجَّيْن. وفي حديث مجاهد في التَّوَرُّك في الأَرض المُسْتَحيلة أَي
المُعْوَجَّة لاستحالتها إِلى العِوَج؛ قال: الأَرض المستحيلة هي التي
ليست بمستوية لأَنها استحالت عن الاستواء إِلى العِوَج، وكذلك القوس.
والحَوْل: الحِيلة والقُوَّة أَيضاً. قال ابن سيده: الحَوْل والحَيْل والحِوَل
والحِيلة والحَوِيل والمَحالة والاحتيال والتَّحَوُّل والتَّحَيُّل، كل
ذلك: الحِذْقُ وجَوْدَةُ النظر والقدرةُ على دِقَّة التصرُّف. والحِيَلُ
والحِوَل: جمع حِيلة. ورجل حُوَلٌ وحُوَلة، مثل هُمَزَة، وحُولة وحُوَّل
وحَوَالِيٌّ وحُوَاليٌّ وحوَلْوَل: مُحْتال شديد الاحتيال؛ قال:
يا زيد، أَبْشِر بأَخيك قد فَعَل
حَوَلْوَلٌ، إِذا وَنَى القَومُ نزَل
ورجلُ حَوَلْوَل: مُنْكَر كَمِيش، وهو من ذلك. ابن الأَعرابي: الحُوَل
والحُوَّل الدَّواهي، وهي جمع حُولة. الأَصمعي: يقال جاء بأَمر حُولة من
الحُوَل أَي بأَمر مُنْكَر عجيب. ويقال للرَّجُل الداهية: إِنَّه لَحُوله
من الحُوَل أَي داهِية من الدواهي، وتسمى الداهية نفسها حُولة؛ وأَنشد:
ومِنْ حُولة الأَيام، يا أُمَّ خالد،
لنا غَنَم مَرْعِيَّةٌ ولنا بَقَر
ورجل حُوَّل: ذو حِيَل، وامرأَة حُوَّلة. ويقال هو أَحْوَل منك أَي
أَكثر حِيلة، وما أَحْوَله، ورجل حُوَّل، بتشديد الواو، أَي بَصِير بتحويل
الأُمور، وهو حُوَّلُ قُلَّب؛ وأَنشد ابن بري لشاعر:
وما غَرَّهم، لا بارك اللهُ فيهم
به، وهو فيه قُلَّبُ الرَّأْي حُوَّل
ويقال: رجل حَواليٌّ للجَيِّد الرأْي ذي الحِيلة؛ قال ابن أَحمر، ويقال
للمَرَّار بن مُنْقِذ العَدَوي:
أَو تَنْسَأَنْ يومي إِلى غيره،
إِني حَواليٌّ وإِني حَذِر
وفي حديث معاوية: لما احْتُضِر قال لابنتيه: قَلِّباني فإِنكما
لتُقَلِّبان حُوَّلاً قُلَّباً إِن وُقِيَ كَبَّة النار؛ الحُوَّل: ذو التصرّف
والاحتيال في الأُمور، ويروى حُوَّلِيّاً قُلَّبِيّاً إِن نجا من عذاب
الله، بياء النسبة للمبالغة. وفي حديث الرجلين اللذيْن ادَّعى أَحدُهما على
الآخر: فكان حُوَّلاً قُلَّباً. واحْتَال: من الحِيلة، وما أَحْوَله
وأَحْيَله من الحِيلة، وهو أَحْوَل منك وأَحْيَل معاقبة، وإِنه لذو حِيلة.
والمَحالة: الحِيلة نفسها. ويقال: تَحَوَّل الرجلُ واحْتال إِذا طلب
الحِيلة. ومن أَمثالهم: من كان ذا حِيلة تَحَوَّل. ويقال: هو أَحْوَل من ذِئْب،
ومن الحِيلة. وهو أَحْوَل من أَبي بَراقش: وهو طائر يَتَلَوَّن أَلواناً،
وأَحْوَل من أَبي قَلَمون: ثوب يتلوَّن أَلواناً. الكسائي: سمعتهم
يفولون هو رجل لا حُولة له، يريدون لا حِيلة له؛ وأَنشد:
له حُولَةٌ في كل أَمر أَراغَه،
يُقَضِّي بها الأَمر الذي كاد صاحبه
والمَحالة: الحِيلة. يقال: المرء يَعْجِزُ لا المَحالة؛ وأَنشد ابن بري
لأَبي دُواد يعاتب امرأَته في سَماحته بماله:
حاوَلْت حين صَرَمْتِني،
والمَرْءُ يَعْجِز لا المَحاله
والدَّهْر يَلْعَب بالفتى،
والدَّهْر أَرْوَغُ من ثُعاله
والمَرْءُ يَكْسِب مالَه
بالشُّحِّ، يُورِثُه الكَلاله
وقولهم: لا مَحالة من ذلك أَي لا بُدَّ، ولا مَحالة أَي لا بُدَّ؛ يقال:
الموت آت لا مَحالة. التهذيب: ويقولون في موضع لا بُدَّ لا مَحالة؛ قال
النابغة:
وأَنت بأَمْرٍ لا مَحالة واقع
والمُحال من الكلام: ما عُدِل به عن وجهه. وحَوَّله: جَعَله مُحالاً.
وأَحال: أَتى بمُحال. ورجل مِحْوال: كثيرُ مُحال الكلام. وكلام مُسْتَحيل:
مُحال. ويقال: أَحَلْت الكلام أُحِيله إِحالة إِذا أَفسدته. وروى ابن
شميل عن الخليل بن
أَحمد أَنه قال: المُحال الكلام لغير شيء، والمستقيم كلامٌ لشيء،
والغَلَط كلام لشيء لم تُرِدْه، واللَّغْو كلام لشيء ليس من شأْنك، والكذب كلام
لشيء تَغُرُّ به. وأَحالَ الرَّجُلُ: أَتَى بالمُحال وتَكَلَّم به.
وهو حَوْلَهُ وحَوْلَيْه وحَوالَيْه وحَوالَه ولا تقل حَوالِيه، بكسر
اللام. التهذيب: والحَوْل اسم يجمع الحَوالى يقال حَوالَي الدار كأَنها في
الأَصل حوالى، كقولك ذو مال وأُولو مال. قال الأَزهري: يقال رأَيت الناس
حَوالَه وحَوالَيْه وحَوْلَه وحَوْلَيْه، فحَوالَه وُحْدانُ حَوالَيْه،
وأَما حَوْلَيْه فهي تثنية حَوْلَه؛ قال الراجز:
ماءٌ رواءٌ ونَصِيٌّ حَوْلَيَه،
هذا مَقامٌ لك حَتَّى تِيبِيَه
ومِثْلُ قولهم: حَوالَيْك دَوالَيْك وحَجازَيْك وحَنانَيْك؛ قال ابن
بري: وشاهد حَوالَهُ قول الراجز:
أَهَدَمُوا بَيْتَك؟ لا أَبا لكا
وأَنا أَمْشي الدَّأَلى حَوالَكا
وفي حديث الاستسقاء: اللهم حَوالَيْنا ولا علينا؛ يريد اللهم أَنْزِل
الغيثَ علينا في مواضع النبات لا في مواضع الأَبنية، من قولهم رأَيت الناس
حَوالَيْه أَي مُطِيفِينَ به من جوانبه؛ وأَما قول امريء القيس:
أَلَسْتَ ترى السُّمَّار والناس أَحْوالي
فعَلى أَنه جَعَل كل جزء من الجِرْم المُحِيط بها حَوْلاً، ذَهَب إِلى
المُبالغة بذلك أَي أَنه لا مَكان حَوْلَها إِلا وهو مشغول بالسُّمَّار،
فذلك أَذْهَبُ في تَعَذُّرِها عليه. واحْتَوَله القومُ: احْتَوَشُوا
حَوالَيْه. وحاوَل الشيءَ مُحاولة وحِوالاً: رامه؛ قال رؤبة:
حِوالَ حَمْدٍ وائْتِجارَ والمؤتَجِر
والاحْتِيالُ والمُحاولَة: مطالبتك الشيءَ بالحِيَل. وكل من رام أَمراً
بالحِيَل فقد حاوَله؛ قال لبيد:
أَلا تَسْأَلانِ المرءَ ماذا يُحاوِلُ:
أَنَحْبٌ فَيْقضي أَم ضَلالٌ وباطِلُ؟
الليث: الحِوال المُحاوَلة. حاوَلته حِوالاً ومُحاولة أَي طالبته
بالحِيلة. والحِوال: كلُّ شيء حال بين اثنين، يقال هذا حِوال بينهما أَي حائل
بينهما كالحاجز والحِجاز. أَبو زيد: حُلْتُ بينه وبين الشَّرِّ أَحُول
أَشَدَّ الحول والمَحالة. قال الليث: يقال حالَ الشيءُ بين الشيئين يَحُول
حَوْلاً وتَحْوِيلاً أَي حَجَز. ويقال: حُلْتَ بينه وبين ما يريد حَوْلاً
وحُؤولاً. ابن سيده: وكل ما حَجَز بين اثنين فقد حال بينهما حَوْلاً،
واسم ذلك الشيء الحِوال، والحَوَل كالحِوال. وحَوالُ الدهرِ: تَغَيُّرُه
وصَرْفُه؛ قال مَعْقِل بن
خويلد الهذلي:
أَلا مِنْ حَوالِ الدهر أَصبحتُ ثاوياً،
أُسامُ النِّكاحَ في خِزانةِ مَرْثَد
التهذيب: ويقال إِن هذا لمن حُولة الدهر وحُوَلاء الدهر وحَوَلانِ الدهر
وحِوَل الدهر؛ وأَنشد:
ومن حِوَل الأَيَّام والدهر أَنه
حَصِين، يُحَيَّا بالسلام ويُحْجَب
وروى الأَزهري بإِسناده عن الفرّاء قال: سمعت أَعرابيّاً من بني سليم
ينشد:
فإِنَّها حِيَلُ الشيطان يَحْتَئِل
قال: وغيره من بني سليم يقول يَحْتال، بلا همز؛ قال: وأَنشدني بعضهم:
يا دارَ ميّ، بِدكادِيكِ البُرَق،
سَقْياً وإِنْ هَيَّجْتِ شَوْقَ المُشْتَئق
قال: وغيره يقول المُشْتاق. وتَحَوَّل عن الشيء: زال عنه إِلى غيره.
أَبو زيد: حالَ الرجلُ يَحُول مثل تَحَوَّل من موضع إِلى موضع. الجوهري: حال
إِلى مكان آخر أَي تَحَوَّل. وحال الشيءُ نفسُه يَحُول حَوْلاً بمعنيين:
يكون تَغَيُّراً، ويكون تَحَوُّلاً؛ وقال النابغة:
ولا يَحُول عَطاءُ اليومِ دُونَ غَد
أَي لا يَحُول عَطاءُ اليوم دُونَ عطاء غَد. وحالَ فلان عن العَهْد
يَحُول حَوْلاً وحُؤولاً أَي زال؛ وقول النابغة الجعدي أَنشده ابن سيده:
أَكَظَّكَ آبائي فَحَوَّلْتَ عنهم،
وقلت له: با ابْنَ الحيالى تحوَّلا
(* «الحيالى» هكذا رسم في الأصل، وفي شرح القاموس: الحيا و لا).
قال: يجوز أَن يستعمل فيه حَوَّلْت مكان تَحَوَّلت، ويجوز أَن يريد
حَوَّلْت رَحْلَك فحذف المفعول، قال: وهذا كثير. وحَوَّله إِليه: أَزاله،
والاسم الحِوَل والحَوِيل؛ وأَنشد اللحياني:
أُخِذَت حَمُولُته فأَصْبَح ثاوِياً،
لا يستطيع عن الدِّيار حَوِيلا
التهذيب: والحِوَل يَجْري مَجْرى التَّحْويل، يقال: حوّلُوا عنها
تَحْويلاً وحِوَلاً. قال الأَزهري: والتحويل مصدر حقيقي من حَوَّلْت، والحِوَل
اسم يقوم مقام المصدر؛ قال الله عز وجل: لا يَبْغُون عنها حِوَلاً؛ أَي
تَحْوِيلاً، وقال الزجاج: لا يريدون عنها تَحَوُّلاً. يقال: قد حال من
مكانه حِوَلاً، وكما قالوا في المصادر صَغُر صِغْراً، وعادَني حُبُّها
عِوَداً. قال: وقد قيل إِن الحِوَل الحِيلة، فيكون على هذا المعنى لا
يَحْتالون مَنْزِلاً غيرها، قال: وقرئ قوله عز وجل: دِيناً قِيَماً، ولم يقل
قِوَماً مثل قوله لا يَبْغُون عنها حِوَلاً، لأَن قِيَماً من قولك قام
قِيَماً، كأَنه بني على قَوَم أَو قَوُم، فلما اعْتَلَّ فصار قام اعتل قِيَم،
وأَما حِوَل فكأَنه هو على أَنه جارٍ على غير فعل.
وحالَ الشيءُ حَوْلاً وحُؤولاً وأَحال؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي،
كلاهما: تَحَوَّل. وفي الحديث: من أَحالَ دخل الجنة؛ يريد من أَسلم لأَنه
تَحَوَّل من الكفر عما كان يعبد إِلى الإِسلام. الأَزهري: حالَ الشخصُ
يَحُول إِذا تَحَوَّل، وكذلك كل مُتَحَوِّل عن حاله. وفي حديث خيبر: فَحالوا
إِلى الحِصْن أَي تَحَوَّلوا، ويروى أَحالوا أَي أَقبلوا عليه هاربين، وهو
من التَّحَوُّل. وفي الحديث: إِذا ثُوِّب بالصلاة أَحال الشيطانُ له
ضُراط أَي تَحَوَّل من موضعه، وقيل: هو بمعنى طَفِق وأَخَذَ وتَهَيَّأَ
لفعله. وفي الحديث: فاحْتالَتْهم الشياطين أَي نَقَلَتْهم من حال إِلى حال؛
قال ابن الأَثير: هكذا جاء في رواية، والمشهور بالجيم وقد تقدم. وفي حديث
عمر، رضي الله عنه: فاسْتَحالَتْ غَرْباً أَي تَحَوَّلَتْ دَلْواً
عظيمة.والحَوالة: تحويل ماء من نهر إِلى نهر، والحائل: المتغير اللون. يقال:
رماد حائل ونَبات حائل. ورَجُل حائل اللون إِذا كان أَسود متغيراً. وفي
حديث ابن أَبي لَيْلى: أُحِيلَت الصلاة ثلاثة أَحْوال أَي غُيِّرت ثلاث
تغييرات أَو حُوِّلَت ثلاث تحويلات. وفي حديث قَباث بن
أَشْيَم: رأَيت خَذْق الفِيل أَخضر مُحيِلاً أَي متغيراً. ومنه الحديث:
نهى أَن يُسْتَنْجى بعَظْمٍ حائلٍ أَي متغير قد غَيَّره البِلى، وكلُّ
متغير حائلٌ، فإِذا أَتت عليه السَّنَةُ فهو مُحِيل، كأَنه مأْخوذ من
الحَوْل السَّنَةِ. وتَحوَّل كساءَه. جَعَل فيه شيئاً ثم حَمَله على ظهره،
والاسم الحالُ. والحالُ أَيضاً: الشيءُ يَحْمِله الرجل على ظهره، ما كان وقد
تَحَوَّل حالاً: حَمَلها. والحالُ: الكارَةُ التي يَحْمِلها الرجل على
ظهره، يقال منه: تَحَوَّلْت حالاً؛ ويقال: تَحَوَّل الرجلُ إِذا حَمَل
الكارَة على ظَهْره. يقال: تَحَوَّلْت حالاً على ظهري إِذا حَمَلْت كارَة من
ثياب وغيرها. وتحوَّل أَيضاً أَي احْتال من الحيلة. وتَحَوَّل: تنقل من
موضع إِلى موضع آخر. والتَّحَوُّل: التَّنَقُّل من موضع إِلى موضع،
والاسم الحِوَل؛ ومنه قوله تعالى: خالدين فيها لا يبغون عنها حِوَلاً. والحال:
الدَّرَّاجة التي يُدَرَّج عليها الصَّبيُّ إِذا مشَى وهي العَجَلة التي
يَدِبُّ عليها الصبي؛ قال عبد الرحمن بن حَسَّان الأَنصاري:
ما زال يَنْمِي جَدُّه صاعِداً،
مُنْذُ لَدُنْ فارَقه الحَالُ
يريد: ما زال يَعْلو جَدُّه ويَنْمِي مُنْذُ فُطِم. والحائل: كُلُّ شيء
تَحَرَّك في مكانه. وقد حالَ يَحُول.
واسْتحال الشَّخْصَ: نظر إِليه هل يَتَحرَّك، وكذلك النَّخْل. واسْتحال
واستحام لَمَّا أَحالَه أَي صار مُحالاً. وفي حديث طَهْفَة: ونَسْتَحِيل
الجَهام أَي ننظر إِليه هل يتحرك أَم لا، وهو نَسْتَفْعِل من حالَ يَحُول
إِذا تَحَرَّك، وقيل: معناه نَطْلُب حال مَطَره، وقيل بالجيم، وقد تقدم.
الأَزهري: سمعت المنذري يقول: سمعت أَبا الهيثم يقول عن تفسير قوله لا
حَوْل ولا قُوَّة إِلا بالله قال: الحَوْل الحَركة، تقول: حالَ الشخصُ
إِذا تحرّك، وكذلك كل مُتَحَوِّل عن حاله، فكأَنَّ القائل إِذا قال لا
حَوْلَ ولا قُوَّة إِلاَّ بالله يقول: لا حَركة ولا استطاعة إِلا بمشيئة الله.
الكسائي: يقال لا حَوْل ولا قُوَّة إِلا بالله ولا حَيْلَ ولا قُوَّة
إِلا بالله، وورد ذلك في الحديث: لا حَوْلَ ولا قوة إِلا بالله، وفُسِّر
بذلك المعنى: لا حركة ولا قُوَّة إِلا بمشيئة الله تعالى، وقيل: الحَوْل
الحِيلة، قال ابن الأَثير: والأَول أَشبه؛ ومنه الحديث: اللهم بك أَصُول
وبك أَحُول أَي أَتحرك، وقيل أَحتال، وقيل أَدفع وأَمنع، من حالَ بين
الشيئين إِذا منع أَحدهما من الآخر. وفي حديث آخر: بك أُصاوِل وبك أُحاوِل، هو
من المُفاعلة، وقيل: المُحاولة طلب الشيء بحِيلة.
وناقة حائل: حُمِل عليها فلم تَلْقَح، وقيل: هي الناقة التي لم تَحْمِل
سنة أَو سنتين أَو سَنَوات، وكذلك كل حامل يَنْقَطِع عنها الحَمْل سنة
أَو سنوات حتى تَحْمِل، والجمع حِيال وحُولٌ وحُوَّلٌ وحُولَلٌ؛ الأَخيرة
اسم للجمع. وحائلُ حُولٍ وأَحْوال وحُولَلٍ أَي حائل أَعوام؛ وقيل: هو على
المبالغة كقولك رَجُلُ رِجالٍ، وقيل: إِذا حُمِل عليها سنة فلم تَلقَح
فهي حائل، فإِن لم تَحمِل سنتين فهي حائلُ حُولٍ وحُولَلٍ؛ ولَقِحَتْ على
حُولٍ وحُولَلٍ، وقد حالَتْ حُؤُولاً وحِيالاً وأَحالت وحَوَّلَت وهي
مُحَوِّل، وقيل: المُحَوِّل التي تُنْتَج سنة سَقْباً وسنة قَلوصاً. وامرأَة
مُحِيل وناقة مُحِيل ومُحْوِل ومُحَوِّل إِذا ولدت غلاماً على أَثر
جارية أَو جارية على أَثر غلام، قال: ويقال لهذه العَكوم أَيضاً إِذا حَمَلت
عاماً ذكراً وعاماً أُنثى، والحائل: الأُنثى من أَولاد الإِبل ساعةَ
تُوضَع، وشاة حائل ونخْلة حائل، وحالت النخلةُ: حَمَلَتْ عاماً ولم تَحْمِل
آخر. الجوهري: الحائل الأُنثى من ولد الناقة لأَنه إِذا نُتِج ووقع عليه
اسم تذكير وتأْنيث فإِن الذكر سَقْب والأُنثى حائل، يقال: نُتِجت الناقةُ
حائلاً حسنة؛ ويقال: لا أَفعل ذلك ما أَرْزَمَت أُمُّ حائل، ويقال لولد
الناقة ساعةَ تُلْقيه من بطنها إِذا كانت أُنثى حائل، وأُمُّها أُمُّ
حائل؛ قال:
فتلك التي لا يبرَحُ القلبَ حُبُّها
ولا ذِكْرُها، ما أَرْزَمَتْ أُمُّ حائل
والجمع حُوَّل وحَوائل. وأَحال الرجلُ إِذا حالت إِبلُه فلم تَحْمِل.
وأَحال فلانٌ إِبلَه العامَ إِذا لم يُصِبْها الفَحْل. والناس مُحِيلون
إِذا حالت إِبِلُهم. قال أَبو عبيدة: لكل ذي إِبِل كَفْأَتان أَي قِطْعتان
يقطعهما قِطْعَتين، فَتُنْتَج قِطْعَةٌ منها عاماً، وتَحُول القِطْعَةُ
الأُخرى فيُراوح بينهما في النَّتاج، فإِذا كان العام المقبل نَتَج
القِطْعةَ التي حالت، فكُلُّ قطعة نتَجها فهي كَفْأَة، لأَنها تَهْلِك إِن
نَتَجها كل عام. وحالت الناقةُ والفرسُ والنخلةُ والمرأَةُ والشاةُ وغيرُهنَّ
إِذا لم تَحْمِل؛ وناقة حائل ونوق حَوائل وحُولٌ وحُولَلٌ. وفي الحديث:
أَعوذ بك من شر كل مُلْقِح ومُحِيل؛ المُحِيل: الذي لا يولد له، من قولهم
حالت الناقةُ وأَحالت إِذا حَمَلْت عليها عاماً ولم تحْمِل عاماً. وأَحال
الرجلُ إِبِلَه العام إِذا لم يُضْرِبها الفَحْلَ؛ ومنه حديث أُم
مَعْبَد: والشاء عازب حِيال أَي غير حَواملَ. والحُول، بالضم: الحِيَال؛ قال
الشاعر:
لَقِحْن على حُولٍ، وصادَفْنَ سَلْوَةً
من العَيْش، حتى كلُّهُنَّ مُمَتَّع
ويروى مُمَنَّع، بالنون. الأَصمعي: حالت الناقةُ فهي تَحُول حِيالاً
إِذا ضَرَبها الفحلُ ولم تَحْمِل؛ وناقة حائلة ونوق حِيال وحُول وقد حالَت
حَوالاً وحُؤُولاً
(* قوله «وقد حالت حوالاً» هكذا في الأصل مضبوطاً
كسحاب، والذي في القاموس: حؤولاً كقعود وحيالاً وحيالة بكسرهما) .
والحالُ: كِينَةُ الإنسان وهو ما كان عليه من خير أَو شر، يُذَكَّر
ويُؤَنَّث، والجمع أَحوال وأَحْوِلة؛ الأَخيرة عن اللحياني. قال ابن سيده:
وهي شاذة لأَن وزن حال فَعَلٌ، وفَعَلٌ لا يُكَسَّر على أَفْعِلة.
اللحياني: يقال حالُ فلان حسَنة وحسَنٌ، والواحدة حالةٌ، يقال: هو بحالة سوءٍ،
فمن ذَكَّر الحال جمعه أَحوالاً، ومن أَنَّثَها جَمعَه حالات. الجوهري:
الحالة واحدة حالِ الإِنسان وأَحْوالِه. وتحَوَّله بالنصيحة والوَصِيَّة
والموعظة: توَخَّى الحالَ التي يَنْشَط فيها لقبول ذلك منه، وكذلك روى أَبو
عمرو الحديث: وكان رسول الله،صلى الله عليه وسلم، يَتَحَوَّلُنا
بالموعظة، بالحاء غير معجمة، قال: وهو الصواب وفسره بما تقدم وهي الحالة أَيضاً.
وحالاتُ الدهر وأَحْوالُه: صُروفُه. والحالُ: الوقت الذي أَنت فيه.
وأَحالَ الغَريمَ: زَجَّاه عنه إِلى غريم آخر، والاسم الحَوالة. اللحياني:
يقال للرجل إِذا تحَوَّل من مكان إِلى مكان أَو تحَوَّل على رجل بدراهم:
حالَ، وهو يَحُول حَوْلاً. ويقال: أَحَلْت فلاناً على فلان بدراهم أُحِيلُه
إِحالةً وإِحالاً، فإِذا ذَكَرْت فِعْلَ الرجل قلت حالَ يَحُول حَوْلاً.
واحْتال احْتِيالاً إِذا تَحَوَّل هو من ذات نَفْسِه. الليث: الحَوالة
إِحالَتُك غريماً وتحَوُّل ماءٍ من نهر إِلى نهر. قال أَبو منصور: يقال
أَحَلْت فلاناً بما لهُ عليَّ، وهو كذا درهماً، على رجل آخر لي عليه كذا
درهماً أُحِيلُه إِحالةً، فاحْتال بها عليه؛ ومنه قول النبي، صلى الله عليه
وسلم: وإِذا أُحِيل أَحدكم على آخر فَلْيَحْتَلْ. قال أَبو سعيد: يقال
للذي يُحال عليه بالحق حَيِّلٌ، والذي يَقْبَل الحَوالةَ حَيِّل، وهما
الحَيِّلانِ كما يقال البَيِّعان، وأَحالَ عليه بدَيْنِه والاسم
الحَوالة.والحال: التراب اللَّيِّن الذي يقال له السَّهْلة. والحالُ: الطينُ
الأَسود والحَمْأَةُ. وفي الحديث: أَن جبريل، عليه السلام، قال لما قال فرعون
آمنت أَنه لا إِله إِلا الذي آمنت به بنو إِسرائيل: أَخَذْتُ من حال
البحر فضَرَبْتُ به وجهه، وفي رواية: فحشَوْت به فمه. وفي التهذيب: أَن
جبريل، عليه السلام، لما قال فرعون آمنت أَنه لا إِله إِلاَّ الذي آمنت به
بنو إِسرائيل، أَخَذَ من حالِ البحر وطِينِه فأَلْقَمَه فاه؛ وقال
الشاعر:وكُنَّا إِذا ما الضيفُ حَلَّ بأَرضِنا،
سَفَكْنا دِماءَ البُدْن في تُرْبَة الحال
وفي حديث الكوثر: حالُه المِسْكُ أَي طِينُه، وخَصَّ بعضهم بالحال
الحَمْأَة دون سائر الطين الأَسود. والحالُ: اللَّبَنُ؛ عن كراع. والحال:
الرَّماد الحارُّ. والحالُ: ورق السَّمُر يُخْبَط في ثوب ويُنْفَض، يقال:
حالٌ من وَرَقٍ ونُفاض من ورق. وحالُ الرجلِ: امرأَته؛ قال الأَعلم:
إِذا أَذكرتَ حالَكَ غير عَصْر،
وأَفسد صُنْعَها فيك الوَجِيف
غَيْرَ عَصْرٍ أَي غير وقت ذكرها؛ وأَنشد الأَزهري:
يا رُبَّ حالِ حَوْقَلٍ وَقَّاع،
تَرَكْتها مُدْنِيَةَ القِناع
والمَحالَةُ: مَنْجَنُونٌ يُسْتَقى عليها، والجمع مَحالٌ ومَحاوِل.
والمَحالة والمَحال: واسِطُ الظَّهْر، وقيل المَحال الفَقار، واحدته مَحالة،
ويجوز أَن يكون فَعالة.
والحَوَلُ في العين: أَن يظهر البياض في مُؤْخِرها ويكون السواد من
قِبَل الماقِ، وقيل: الحَوَل إِقْبال الحَدَقة على الأَنف، وقيل: هو ذَهاب
حدقتها قِبَلَ مُؤْخِرها، وقيل: الحَوَل أَن تكون العين كأَنها تنظر إِلى
الحِجاج، وقيل: هو أَن تميل الحدَقة إِلى اللَّحاظ، وقد حَوِلَت وحالَت
تَحال واحْوَلَّت؛ وقول أَبي خراش:
إِذا ما كان كُسُّ القَوْمِ رُوقاً،
وحالَتْ مُقْلَتا الرَّجُلِ البَصِير
(* قوله «إذا ما كان» تقدم في ترجمة كسس: إذا ما حال، وفسره بتحوّل).
قيل: معناه انقلبت، وقال محمد بن حبيب: صار أَحْوَل، قال ابن جني: يجب
من هذا تصحيح العين وأَن يقال حَوِلت كعَوِرَ وصَيِدَ، لأَن هذه الأَفعال
في معنى ما لا يخرج إِلا على الصحة، وهو احْوَلَّ واعْوَرَّ واصْيدَّ،
فعلى قول محمد ينبغي أَن يكون حالَت شاذّاً كما شذ اجْتارُوا في معنى
اجْتَوَرُوا. الليث: لغة تميم حالَت عَيْنُه تَحُول
(* قوله «لغة تميم حالت
عينه تحول» هكذا في الأصل، والذي في القاموس وشرحه: وحالت تحال، وهذه لغة
تميم كما قاله الليث).
حولاً، وغيرهم يقول: حَوِلَت عَيْنُه تَحْوَل حَوَلاً. واحْوَلَّت
أَيضاً، بتشديد اللام، وأَحْوَلْتُها أَنا؛ عن الكسائي. وجَمْع الأَحول
حُولان. ويقال: ما أَقْبَحَ حَوْلَتَه، وقد حَوِلَ حَوَلاً قبيحاً، مصدر
الأَحْوَلِ. ورجل أَحْوَل بَيِّن الحَوَل وحَوِلٌ: جاء على الأَصل لسلامة فعله،
ولأَنهم شبَّهوا حَرَكة العين التابعة لها بحرف اللين التابع لها، فكأَن
فَعِلاَ فَعِيل، فكما يصح نَحْوُ طَوِيل كذلك يصح حَوِلٌ من حيث شبهت
فتحة العين بالأَلف من بعدها. وأَحالَ عينَه وأَحْوَلَها: صَيَّرها
حَوْلاء، وإِذا كان الحَوَل يَحْدُث ويذهب قيل: احْوَلَّت عينُه احْوِلالاً
واحْوالَّت احْوِيلالاً. والحُولة: العَجَب؛ قال:
ومن حُولِة الأَيَّام والدهر أَنَّنا
لنا غَنَمٌ مقصورةٌ، ولنا بَقَر
ويوصف به فيقال: جاء بأَمرٍ حُولة.
والحِوَلاءُ والحُوَلاءُ من الناقة: كالمَشِيمة للمرأَة، وهي جِلْدةٌ
ماؤها أَخضر تَخْرج مع الولد وفيها أَغراس وعروق وخطوط خُضْر وحُمْر، وقيل:
تأْتي بعد الولد في السَّلى الأَول، وذلك أَول شيء يخرج منه، وقد تستعمل
للمرأَة، وقيل: الحِوَلاء الماء الذي يخرج على رأْس الولد إِذا وُلِد،
وقال الخليل: ليس في الكلام فِعَلاء بالكسر ممدوداً إِلا حِوَلاء وعِنَباء
وسِيَراء، وحكى ابن القُوطِيَّة خِيَلاء، لغة في خُيَلاء؛ حكاه ابن بري؛
وقيل: الحُوَلاء والحِوَلاء غِلاف أَخضر كأَنه دلو عظيمة مملوءة ماء
وتَتَفَقَّأُ حين تقع إِلى الأَرض، ثم يخْرُج السَّلى فيه القُرْنتان، ثم
يخرج بعد ذلك بيوم أَو يومين الصَّآة، ولا تَحْمِل حاملةٌ أَبداً ما كان في
الرحم شيء من الصَّآة والقَذَر أَو تَخْلُصَ وتُنَقَّى. والحُوَلاء:
الماء الذي في السَّلى. وقال ابن السكيت في الحُولاء: الجلدة التي تخرج على
رأْس الولد، قال: سميت حُوَلاءَ لأَنها مشتملة على الولد؛ قال الشاعر:
على حُوَلاءَ يَطْفُو السُّخْدُ فيها،
فَراها الشَّيْذُمانُ عن الجَنِين
ابن شميل: الحُوَلاء مُضَمَّنَة لما يخرج من جَوْف الولد وهو فيها، وهي
أَعْقاؤه، الواحد عِقْيٌ، وهو شيء يخرج من دُبُره وهو في بطن أُمه بعضه
أَسود وبعضه أَصفر وبعضه أَخضر. وقد عَقى الحُوارُ يَعْقي إِذا نَتَجَتْه
أُمُّه فما خَرَج من دُبُره عِقْيٌ حتى يأْكل الشجر. ونَزَلُوا في مثل
حُوَلاء الناقة وفي مثل حُوَلاء السَّلى: يريدون بذلك الخِصْب والماء لأَن
الحُوَلاء مَلأَى ماءً رِيّاً. ورأَيت أَرضاً مثل الحُوَلاء إِذا اخضرَّت
وأَظلمت خُضْرةً، وذلك حين يَتَفَقَّأُ بعضها وبعض لم يتفقأُ؛ قال:
بأَغَنَّ كالحُوَلاءِ زان جَنابَه
نَوْرُ الدَّكادِك، سُوقُه تَتَخَضَّد
واحْوالَّت الأَرضُ إِذا اخضرَّت واستوى نباتها. وفي حديث الأَحنف: إِن
إِخواننا من أَهل الكوفة نزلوا في مثل حُوَلاء الناقة من ثِمارٍ
مُتَهَدِّلة وأَنهار مُتَفَجِّرة أَي نزلوا في الخِصْب، تقول العرب: تركت أَرض
بني فلان كحُوَلاء الناقة إِذا بالغت في وصفها أَنها مُخْصِبة، وهي من
الجُلَيْدة الرقيقة التي تخرج مع الولد كما تقدم.
والحِوَل: الأُخدود الذي تُغْرَس فيه النخل على صَفٍّ.
وأَحال عليه: اسْتَضْعَفه. وأَحال عليه بالسوط يضربه أَي أَقبل.
وأَحَلْتُ عليه بالكلام: أَقبلت عليه. وأَحال الذِّئبُ على الدم: أَقبل عليه؛
قال الفرزدق:
فكان كذِئْب السُّوءِ، لما رأَى دماً
بصاحبه يوماً، أَحالَ على الدم
أَي أَقبل عليه؛ وقال أَيضاً:
فَتًى ليس لابن العَمِّ كالذِّئبِ، إِن رأَى
بصاحبه، يَوْماً، دَماً فهو آكلُه
وفي حديث الحجاج: مما أَحال على الوادي أَي ما أَقبل عليه، وفي حديث
آخر: فجعلوا يضحكون ويُحِيل بعضهُم على بعض أَي يُقْبل عليه ويَمِيل إِليه.
وأَحَلْت الماء في الجَدْوَل: صَبَبْته؛ قال لبيد:
كأَنَّ دُموعَه غَرْبا سُناةٍ،
يُحِيلون السِّجال على السِّجال
وأَحالَ عليه الماء: أُفْرَغَه؛ قال:
يُحِيل في جَدْوَلٍ تَحْبُو ضَفادِعُه،
حَبْوَ الجَواري، تَرى في مائه نُطُقا
أَبو الهيثم فيما أَكْتَبَ ابْنَه: يقال للقوم إِذا أَمْحَلوا فَقَلَّ
لبنُهم: حالَ صَبُوحهُم على غَبُوقِهم أَي صار صَبُوحهم وغَبُوقُهم
واحداً. وحال: بمعنى انْصَبَّ. وحال الماءُ على الأَرض يَحُول عليها حوْلاً
وأَحَلْتُه أَنا عليها أُحِيله إِحالة أَي صَبَبْتُه. وأَحال الماءَ من
الدلو أَي صَبَّه وقَلَبها؛ وأَنشد ابن بري لزهير:
يُحِيل في جَدْوَلٍ تَحْبُو ضَفادِعُه
وأَحال الليلُ: انْصَبَّ على الأَرض وأَقبل؛ أَنشد ابن الأَعرابي في صفة
نخل:
لا تَرْهَبُ الذِّئبَ على أَطْلائها،
وإِن أَحالَ الليلُ مِنْ وَرائها
يعني أَن النَّخل إِنما أَولادها الفُسْلان، والذئاب لا تأْكل الفَسِيل
فهي لا تَرْهَبها عليها، وإِن انْصَبَّ الليل من ورائها وأَقبل. والحالُ:
موضع اللِّبْد من ظَهْر الفرس، وقيل: هي طَرِيقة المَتْن؛ قال:
كأَنَّ غلامي، إِذ عَلا حالَ مَتْنِه
على ظَهْرِ بازٍ في السماء، مُحَلِّق
وقال امرؤ القيس:
كُمَيْت يَزِلُّ اللِّبْدُ عن حالِ مَتْنِه
ابن الأَعرابي: الحالُ لَحْمُ المَتْنَيْن، والحَمْأَةُ والكارَةُ التي
يَحْمِلها الحَمَّال، واللِّواء الذي يُعْقَد للأُمراء، وفيه ثلاث لغات:
الخال، بالخاء المعجمة، وهو أَعْرَقُها، والحال والجَالُ. والحَالُ: لحم
باطن فخذ حمار الوحش. والحال: حال الإِنسان. والحال: الثقل. والحال:
مَرْأَة الرَّجُل. والحال: العَجَلة التي يُعَلَّم عليها الصبي المشي؛ قال
ابن بري: وهذه أَبيات تجمع معاني الحال:
يا لَيْتَ شِعْرِيَ هل أُكْسَى شِعارَ تُقًى،
والشَّعْرُ يَبْيَضُّ حالاً بَعْدَما حال
أَي شيئاً بعد شيء.
فكلما ابْيَضَّ شَعْرِي، فالسَّوادُ إِلى
نفسي تميل، فَنَفْسِي بالهوى حالي
حالٍ: من الحَلْيِ، حَلِيتُ فأَنا حالٍ.
ليست تَسُودُ غَداً سُودُ النفوس، فكَمْ
أَغْدُو مُضَيّع نورٍ عامِرَ الحال
الحال هنا: التراب.
تَدُورُ دارُ الدُّنى بالنفس تَنْقُلُها
عن حالها، كصَبيٍّ راكبِ الحال
الحالُ هنا: العَجَلة.
فالمرءُ يُبْعَث يوم الحَشْرِ من جَدَثٍ
بما جَنى، وعلى ما فات من حال
الحال هنا: مَذْهَب خير أَو شر.
لو كنتُ أَعْقِلُ حالي عَقْلَ ذي نَظَر،
لكنت مشتغلاً بالوقت والحال
الحال هنا: الساعة التي أَنت فيها.
لكِنَّني بلذيذ العيش مُغْتَبِطٌ،
كأَنما هو شَهْدٌ شِيب بالحال
الحال هنا: اللَّبَن؛ حكاه كراع فيما حكاه ابن سيده
ماذا المُحالُ الذي ما زِلْتُ أَعْشَقُه،
ضَيَّعْت عَقْلي فلم أُصْلِح به حالي
حال الرجل: امرأَته وهي عبارة عن النفس هنا.
رَكِبْت للذَّنْب طِرْفاً ما له طَرَفٌ،
فيا لِراكبِ طِرْفٍ سَيِّء الحال
حالُ الفَرَس: طرائق ظَهْره، وقيل مَتْنُه.
يا رَبِّ غَفْراً يَهُدُّ الذنب أَجْمَعَه،
حَتَّى يَجِزَّ من الآراب كالحال
الحال هنا: وَرَق الشجر يَسْقُط. الأَصمعي: يقال ما أَحْسَنَ حالَ
مَتْنِ الفَرَس وهو موضع اللِّبْد، والحال: لَحْمة المَتْن.
الأَصمعي: حُلْت في مَتْن الفرس أَحُول حُؤُولاً إِذا رَكِبْتَه، وفي
الصحاح: حال في مَتْنِ فرسه حُؤولاً إِذا وَثَبَ ورَكِب. وحال عن ظَهْر
دابته يَحُول حَوْلاً وحُؤولاً أَي زال ومال. ابن سيده وغيره: حال في ظهر
دابته حَوْلاً وأَحالَ وَثَب واستوى على ظَهْرها، وكلام العرب حالَ على
ظهره وأَحال في ظهره. ويقال: حالُ مَتْنِه وحاذُ مَتْنِه وهو الظَّهْر
بعينه. الجوهري: أَحال في مَتْن فرسه مثل حال أَي وَثَب؛ وفي المثل:
تَجَنَّب رَوْضَةً وأَحال يَعْدُو
أَي تَرَكَ الخِصْبَ واختار عليه الشَّقاء. ويقال: إِنه لَيَحُول أَي
يجيء ويذهب وهو الجَوَلان. وحَوَّلَتِ المَجَرَّةُ: صارت شدّة الحَرّ في
وسط السماء؛ قال ذو الرمة:
وشُعْثٍ يَشُجُّون الفلا في رؤوسه،
إِذا حَوَّلَتْ أُمُّ النجوم الشَّوابك
قال أَبو منصور: وحَوَّلت بمعنى تَحَوَّلت، ومثله وَلَّى بمعنى تَولَّى.
وأَرض مُحْتالة إِذا لم يصبها المطر.
وما أَحْسَن حَوِيلَه، قال الأَصمعي: أَي ما أَحسن مذهبه الذي يريد.
ويقال: ما أَضعف حَوْلَه وحَوِيلَه وحِيلته
والحِيال: خيط يُشدُّ من بِطان البعير إِلى حَقَبه لئلا يقع الحَقَب على
ثِيلِه. وهذا حِيالَ كلمتك أَي مقابلَةَ كلمتك؛ عن ابن الأَعرابي ينصبه
على الظرف، ولو رفعه على المبتدإِ والخبر لجاز، ولكن كذا رواه عن العرب؛
حكاه ابن سيده. وقعد حِيالَه وبحِياله أَي بإِزائه، وأَصله الواو.
والحَوِيل: الشاهد. والحَوِيل: الكفِيل، والاسم الحَوَالة. واحْتال عليه
بالدَّين: من الحَوَالة. وحَاوَلْت الشيء أَي أَردته، والاسم الحَوِيل؛
قال الكميت:
وذاتِ اسْمَيْن والأَلوانُ شَتَّى
تُحَمَّق، وهي كَيِّسة الحَوِيل
قال: يعني الرَّخَمَة. وحَوَّله فَتَحَوَّل وحَوَّل أَيضاً بنفسه،
يتعدّى ولا يتعدّى؛ قال ذو الرمة يصف الحرباء:
يَظَلُّ بها الحِرْباء للشمس مائلاً
على الجِذْل، إِلا أَنه لا يُكَبِّر
إِذا حَوَّل الظِّلُّ، العَشِيَّ، رأَيته
حَنِيفاً، وفي قَرْن الضُّحى يَتَنَصَّر
يعني تَحَوَّل، هذا إِذا رفعت الظل على أَنه الفاعل، وفتحت العشي على
الظرف، ويروى: الظِّلَّ العَشِيُّ على أَن يكون العَشِيّ هو الفاعل والظل
مفعول به؛ قال ابن بري: يقول إِذا حَوَّل الظل العشيّ وذلك عند ميل الشمس
إِلى جهة المغرب صار الحرباء متوجهاً للقبلة، فهو حَنِيف، فإِذا كان في
أَوَّل النهار فهو متوجه للشرق لأَن الشمس تكون في جهة المشرق فيصير
مُتَنَصِّراً، لأَن النصارى تتوجه في صلاتها جهة المشرق. واحْتال المنزلُ:
مَرَّت عليه أَحوال؛ قال ذو الرمة:
فَيَا لَكِ من دار تَحَمَّل أَهلُها
أَيادي سَبَا، بَعْدِي، وطال احْتِيالُها
واحتال أَيضاً: تغير؛ قال النمر:
مَيْثاء جاد عليها وابلٌ هَطِلٌ،
فأَمْرَعَتْ لاحتيالٍ فَرْطَ أَعوام
وحاوَلْت له بصري إِذا حَدَّدته نحوه ورميته به؛ عن اللحياني. وحالَ
لونُه أَي تغير واسْوَدَّ. وأَحالت الدارُ وأَحْوَلت: أَتى عليها حَوْلٌ،
وكذلك الطعام وغيره، فهو مُحِيل؛ قال الكميت:
أَلَم تُلْمِم على الطَّلَل المُحِيل
بفَيْدَ، وما بُكاؤك بالطُّلول؟
والمُحِيل: الذي أَتت عليه أَحوال وغَيَّرته، وَبَّخَ نفسه على الوقوف
والبكاء في دار قد ارتحل عنها أَهلها متذكراً أَيَّامهم مع كونه أَشْيَبَ
غير شابٍّ ؛ وذلك في البيت بعده وهو:
أَأَشْيَبُ كالوُلَيِّد، رَسْمَ دار
تُسائل ما أَصَمَّ عن السَّؤُول؟
أَي أَتسأَل أَشْيَبُ أَي وأَنت أَشيب وتُسائل ما أَصَمَّ أَي تُسائل ما
لا يجيب فكأَنه أَصَمّ؛ وأَنشد أَبو زيد لأَبي النجم:
يا صاحِبَيَّ عَرِّجا قليلا،
حتى نُحَيِّي الطَّلَل المُحِيلا
وأَنشد ابن بري لعمر بن لَجَإٍ:
أَلم تُلْمِمْ على الطَّلَل المُحِيل،
بغَرْبِيِّ الأَبارق من حَقِيل؟
قال ابن بري: وشاهد المُحْوِل قول عمر بن أَبي ربيعة:
قِفا نُحَيِّي الطَّلَل المُحْوِلا،
والرَّسْمَ من أَسماءَ والمَنْزِلا،
بجانب البَوْباةِ لم يَعْفُه
تَقادُمُ العَهْدِ، بأَن يُؤْهَلا
قال: تقديره قِفا نُحَيِّي الطَّلَل المُحْوِل بأَن يُؤْهَل، من أَهَله
الله؛ وقال الأَخوص:
أَلْمِمْ على طَلَلٍ تَقادَمَ مُحْوِلِ
وقال امرؤ القيس:
من القاصرات الطَّرْف لو دَبَّ مُحْوِلٌ،
من الذَّرِّ فوق الإِتْبِ منها، لأَثّرا
أَبو زيد: فلان على حَوْل فلان إِذا كان مثله في السِّن أَو وُلِد على
أَثره. وحالت القوسُ واستحالت، بمعنى، أَي انقلبت عن حالها التي غُمِزَت
عليها وحَصَل في قابِها اعوجاج.
وحَوَال: اسم موضع؛ قال خِراش بن زهير:
فإِني دليل، غير مُعْط إِتاوَةً
على نَعَمٍ تَرْعى حَوالاً وأَجْرَبا
الأَزهري في الخماسي: الحَوَلْولة الكَيِّسة، وهو ثلاثي الأَصل أُلحق
بالخماسي لتكرير بعض حروفها. وبنو حَوالة: بطن. وبنو مُحَوَّلة: هم بنو
عبدالله بن غَطَفان وكان اسمه عبد العُزَّى فسماه سيدنا رسول الله، صلى الله
عليه وسلم، عبدالله فسُمُّوا بني مُحَوَّلة لذلك. وحَوِيل: اسم موضع؛
قال النابغة الجعدي:
تَحُلُّ بأَطراف الوِحاف ودُونها
حَوِيل، فريطات، فرَعْم، فأَخْرَب
قتت: القَتُّ: الكَذِبُ المُهَيَّأُ، والنميمة.
قَتَّ يَقُتُّ قَتًّا، وقَتَّ بينهم قَتًّا: نَمَّ.
وفي الحديث: لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَتَّاتٌ، هو النَّمَّام.
والقِتِّيتَى، مثالُ الهِجِّيرَى: تَتَبُّعُ النَّمائم، وهي النميمة. ورجل قَتُوتٌ،
وقَتَّاتٌ، وقِتِّيتى: نَمَّام، يَقُتُّ الأَحاديثَ قَتًّا أَي
يَنِمُّها نَمّاً؛ وقيل: هو الذي يَسْتَمِعُ أَحاديثَ الناس مِن حيثُ لا يعلمون،
نَمَّها أَو لم يَنُمَّها. وقال خالد بن جَنْبة: القَتَّاتُ الذي
يَتَسَمَّعُ أَحاديثَ الناس، فيُخْبر أَعداءهم؛ وقيل: هو الذي يكون مع القوم
يَتَحَدَّثون فَيَنِمُّ عليهم؛ وقيل: هو الذي يَتَسَمَّع على القوم، وهم لا
يعلمون فيَنِمُّ عليهم. وامرأَة قَتَّاتةٌ، وقَتُوتٌ: نَمُومٌ.
والقَسَّاسُ: الذي يَسْأَلُ عن الأَخْبار، ثم يَنِمُّها.
وقولٌ مَقْتُوتٌ: مكذوبٌ؛ قال رؤبة:
قُلْتُ، وقَوْلي عِنْدهُمْ مَقْتُوتُ
أَي كَذِبٌ؛ وقيل: مقْتُوتٌ مَوْشِيٌّ به، مَنْقُولٌ؛ وقيل: معناه أَنَّ
أَمْري عندهم زَرِيٌّ، كالنَّميمة والكَذِب. أَبو زيد: يقال هو حَسَنُ
القَدِّ، وحَسَنُ القَتِّ، بمعنى واحد؛ وأَنشد:
كأَنَّ ثَدْيَيْها، إِذا ما ابْرَنْتى،
حُقَّانِ من عاجٍ، أُجِيدا قَتَّا
قوله: إِذا ما ابْرَنْتَى أَي انْتَصَبَ، جَعَلَه فعلاً للثَّدْيِ.
وقَتَّ أَثَرَهُ يَقُتُّه قَتًّا: قَصَّه.
وتَقَتَّتَ الحديثَ: تَتَبَّعه، وتَسَمَّعَه، وقيل: إِن القَتَّ، الذي
هو النميمةُ، مُشْتَقٌّ منه.
وقَتَّ الشَّيءَ يَقُتُّهُ قَتًّا: هَيَّأَه. وقَتَّه: جَمَعَه قليلاً
قليلاً. وقَتَّه: قَلَّلَه.
واقْتَتَّهُ: اسْتَأْصَلَه؛ قال ذو الرمة:
سِوَى أَنْ تَرى سَوداءَ من غيرِ خِلْقةٍ
تَخاطأَها،واقْتَتَّ جاراتِها النَّغَلْ
والقَتُّ: الفِصْفِصَةُ، وخَصَّ بعضُهم به اليابسةَ منها، وهو جمع عند
سيبويه، واحدتُه قَتَّةٌ؛ قال الأَعشى:
ونَأْمُرُ للمَحْمُومِ، كلَّ عَشِيَّةٍ،
بِقَتٍّ وتَعْليقٍ، فقد كان يَسسْنَقُ
وفي التهذيب: القَتُّ الفِسْفِسةَ، بالسين. والقَتُّ يَكون رطباً ويكون
يابساً، الواحدة: قَتَّةٌ، مثال تَمْرة وتَمْر. وفي حديث ابن سلام: فإِن
أَهْدى إِليك حِمْلَ تِبْنٍ، أَو حِملَ قَتٍّ، فإِنه رباً. القَتُّ:
الفِصْفِصةُ، وهي الرَّطْبةُ من عَلَف الدَّواب. ودُهْنٌ مُقَتَّتٌ:
مُطَيَّبٌ مطبوخ بالرياحين، وقال ثعلب: مَخْلُوطٌ بغيره من الأَدهان المُطَيَّبة.
وفي الحديث عن النبي، صلى الله عليه وسلم: أَنه ادَّهَنَ بزَيْتٍ غيرِ
مُقَتَّتٍ، وهو مُحْرِمٌ. قوله غير مُقَتَّت أَي غَيْر مُطَيَّبٍ؛ وقيل:
المُقَتَّتُ الذي فيه الرَّياحين، يُطْبَخُ بها الزَّيْتُ بَحْتاً، لا
يُخالِطُه طِيبٌ؛ وقيل: هو الذي تُطْبَخُ فيه الرياحينُ حتى تَطِيبَ ريحُه،
ويُتَعالَجُ به للرِّياح. والمُقَتَّتُ من الزيت: الذي أُغْلِيَ بالنار
ومعه أَفواهُ الطِّيبِ. ومُقَتَّتُ المدينة لا يُوفي به شيءٌ أَي لا
يَغلُو بشيء. والتَّقتِيتُ: جمعُ الأَفاويه كُلِّها في القِدْر وطَبْخُها؛ ولا
يقال قُتِّتَ، إِلاّ الزَّيتُ، على هذه الصفة؛ وقال: يُنَشُّ بالنار كما
يُنَشُّ الشَّحمُ والزُّبْدُ، قال: والأَفْواه من الطِّيبِ كثيرةٌ.
وقَتَّةُ: اسمُ أُمِّ سُلَيْمان بن قَتَّةَ: نُسِبَ إِلى أُمه.
صعد: صَعِدَ المكانَ وفيه صُعُوداً وأَصْعَدَ وصَعَّدَ: ارتقى
مُشْرِفاً؛ واستعاره بعض الشعراء للعرَض الذي هو الهوى فقال:
فأَصْبَحْنَ لا يَسْأَلْنَهُ عنْ بِما بِهِ،
أَصَعَّدَ، في عُلْوَ، الهَوَى أَمْ تَصَوَّبَا
أَراد عما به، فزاد الباء وفَصَل بها بين عن وما جرَّته، وهذا من غريب
مواضعها، وأَراد أَصَعَّدَ أَم صوّب فلما لم يمكنه ذلك وضع تَصوَّب موضع
صَوَّبَ.
وجَبَلٌ مُصَعِّد: مرتفع عال؛ قال ساعدة بن جُؤَيَّة:
يأْوِي إِلى مُشْمَخِرَّاتٍ مُصَعِّدَةٍ
شُمٍّ، بِهِنَّ فُرُوعُ القَانِ والنَّشَمِ
والصَّعُودُ: الطريق صاعداً، مؤنثة، والجمع أَصْعِدةٌ وصُعُدٌ.
والصَّعُودُ والصَّعُوداءُ، ممدود: العَقَبة الشاقة، قال تميم بن مقبل:
وحَدَّثَهُ أَن السبيلَ ثَنِيَّةٌ
صَعُودَاءُ، تدعو كلَّ كَهْلٍ وأَمْرَدا
وأَكَمَة صَعُودٌ وذاتُ صَعْداءَ: يَشتدّ صُعودها على الراقي؛ قال:
وإِنَّ سِياسَةَ الأَقْوامِ، فاعْلَم،
لهَا صَعْدَاءُ، مَطْلَعُها طَوِيلُ
والصَّعُودُ: المشقة، على المثل. وفي التنزيل: سأُرْهِقُه صَعُوداً؛ أَي
على مشقة من العذاب. قال الليث وغيره: الصَّعُودُ ضد الهَبُوط، والجمع
صعائدُ وصُعُدٌ مثل عجوز وعجائز وعُجُز. والصَّعُودُ: العقبة الكؤود،
وجمعها الأَصْعِدَةُ. ويقال: لأُرْهِقَنَّكَ صَعُوداً أَي لأُجَشِّمَنَّكَ
مَشَقَّةً من الأَمر، وإِنما اشتقوا ذلك لأَن الارتفاع في صَعُود أَشَقُّ
من الانحدار في هَبُوط؛ وقيل فيه: يعني مشقة من العذاب، ويقال بل جَبَلٌ
في النار من جمرة واحدة يكلف الكافرُ ارتقاءَه ويُضرب بالمقامع، فكلما وضع
عليه رجله ذابت إِلى أَسفلِ وَرِكِهِ ثم تعود مكانها صحيحة؛ قال: ومنه
اشتق تَصَعَّدَني ذلك الأَمرُ أَي شق عليّ. وقال أَبو عبيد في قول عمر،
رضي الله عنه: ما تَصَعَّدَني شيءٌ ما تَصَعَّدَتْني خِطْبَةُ النكاح أَي
ما تكاءَدتْني وما بَلَغَتْ مني وما جَهَدَتْني، وأَصله من الصَّعُود، وهي
العقبة الشاقة. يقال: تَصَعَّدَهُ الأَمْرُ إِذا شق عليه وصَعُبَ؛ قيل:
إِنما تَصَعَّبُ عليه لقرب الوجوه من الوجوه ونظَرِ بعضهم إِلى بعض،
ولأَنهم إِذا كان جالساً معهم كانوا نُظَراءَ وأَكْفاءً، وإِذا كان على
المنبر كانوا سُوقَةً ورعية.
والصَّعَدُ: المشقة. وعذاب صَعَدٌ، بالتحريك، أَي شديد. وقوله تعالى:
نَسْلُكه عذاباً صَعَداً؛ معناه، والله أَعلم، عذاباً شاقّاً أَي ذا صَعَد
ومَشَقَّة.
وصَعَّدَ في الجبل وعليه وعلى الدرجة: رَقِيَ، ولم يعرفوا فيه صَعِدَ.
وأَصْعَد في الأَرض أَو الوادي لا غير: ذهب من حيث يجيء السيل ولم يذهب
إِلى أَسفل الوادي؛ فأَما ما أَنشده سيبويه لعبد
الله بن همام السلولي:
فإِمَّا تَرَيْني اليومَ مُزْجِي مَطِيَّتي،
أُصَعِّدُ سَيْراً في البلادِ وأُفْرِعُ
فإِنما ذهب إِلى الصُّعود في الأَماكن العالية. وأُفْرِعُ ههنا:
أَنْحَدِرُ لأَنّ الإِفْراع من الأَضْداد، فقابل التَّصَعُّدَ بالتَّسَفُّل؛ هذا
قول أَبي زيد؛ قال ابن بري: إِنما جعل أُصَعِّدُ بمعنى أَنحدر لقوله في
آخر البيت وأُفرع، وهذا الذي حمل الأَخفشَ على اعتقاد ذلك، وليس فيه دليل
لأَن الإِفراع من الأَضداد يكون بمعنى الانحدار، ويكون بمعنى الإِصعاد؛
وكذلك صَعَّدَ أَيضاً يجيء بالمعنيين. يقال: صَعَّدَ في الجبل إِذا طلع
وإِذا انحدر منه، فمن جعل قوله. أُصَعِّدُ في البيت المذكور بمعنى
الإِصعاد كان قوله أُفْرِعُ بمعنى الانحدار، ومن جعله بمعنى الانحدار كان قوله
أُفرع بمعنى الإِصعاد؛ وشاهد الإِفراع بمعنى الإِصعاد قول الشاعر:
إِني امْرُؤٌ مِن يَمانٍ حين تَنْسُبُني،
وفي أُمَيَّةَ إِفْراعِي وتَصْويبي
فالإِفراع ههنا: الإِصعاد لاقترانه بالتصويب. قال: وحكي عن أَبي زيد
أَنه قال: أَصْعَدَ في الجبل، وصَعَّدَ في الأَرض، فعلى هذا يكون المعنى في
البيت أُصَعِّدُ طَوْراً في الأَرض وطَوْراً أُفْرِعُ في الجبل، ويروى:
«وإِذ ما تريني اليوم» وكلاهما من أَدوات الشرط، وجواب الشرط في قوله
إِمَّا تريني في البيت الثاني:
فَإِنيَ مِنْ قَوْمٍ سِواكُمْ، وإِنما
رِجاليَ فَهْمٌ بالحجاز وأَشْجَعُ
وإِنما انتسب إِلى فَهْمٍ وأَشجع، وهو من سَلول بن عامر، لأَنهم كانوا
كلهم من قيس عيلان بن مضر؛ ومن ذلك قول الشماخ:
فإِنْ كَرِهْتَ هِجائي فاجْتَنِبْ سَخَطِي،
لا يَدْهَمَنَّكَ إِفْراعِي وتَصْعِيدِي
وفي الحديث في رَجَزٍ:
فهو يُنَمِّي صُعُداً
أَي يزيدُ صُعوداً وارتفاعاً. يقال: صَعِدَ إِليه وفيه وعليه. وفي
الحديث: فَصَعَّدَ فِيَّ النَّظَرَ وصَوَّبه أَي نظر إِلى أَعلاي وأَسفلي
يتأَملني. وفي صفته، صلى الله عليه وسلم: كأَنما يَنْحَطُّ في صَعَد؛ هكذا
جاءَ في رواية يعني موضعاً عالياً يَصْعَدُ فيه وينحطّ، والمشهور: كأَنما
ينحط في صَبَبٍ.
والصُّعُدُ، بضمتين: جمع صَعُود، وهو خلاف الهَبُوط، وهو بفتحتين، خلاف
الصَّبَبِ. وقال ابن الأَعرابي: صَعِدَ في الجبل واستشهد بقوله تعالى:
إِليه يَصْعَدُ الكَلِمُ الطَّيِّبُ؛ وقد رجع أَبو زيد إِلى ذلك فقال:
اسْتَوْأَرَتِ الإِبلُ إِذا نَفَرَت فَصَعِدَتِ الجبال، ذَكره في الهمز. وفي
التنزيل: إِذ تُصْعِدُونَ ولا تَلْوُونَ على أَحَدٍ؛ قال الفراء:
الإِصْعادُ في ابتداء الأَسفار والمخارج، تقول: أَصْعَدْنا من مكة، وأَصْعَدْنا
من الكوفة إِلى خُراسان وأَشباه ذلك، فإِذا صَعِدْتَ في السُّلَّمِ وفي
الدَّرَجَةِ وأَشباهه قُلْتَ: صَعِدْتُ، ولم تقل أَصْعَدْتُ. وقرأَ الحسن:
إِذ تَصْعَدُون؛ جعل الصُّعودَ في الجبل كالصُّعُود في السلم. ابن
السكيت: يقال صَعِدَ في الجبل وأَصْعَدَ في البلاد. ويقال: ما زلنا في صَعود،
وهو المكان فيه ارتفاع. وقال أَبو صخر: يكون الناس في مَباديهم، فإِذا
يَبِسَ البقل ودخل الحرّ أَخذوا إِلى حاضِرِهِم، فمن أَمَّ القبلة فهو
مُصْعِدٌ، ومن أَمَّ العراق فهو مُنْحَدِرٌ؛ قال الأَزهري: وهذا الذي قاله
أَبو صخر كلام عربي فصيح، سمعت غير واحد من العرب يقول: عارَضْنا الحاجَّ
في مَصْعَدِهم أَي في قَصْدِهم مكةَ، وعارَضْناهم في مُنْحَدَرِهم أَي في
مَرْجِعهم إِلى الكوفة من مكة. قال ابن السكيت: وقال لي عُمارَة:
الإِصْعادُ إِلى نجد والحجاز واليمن، والانحدار إِلى العراق والشام وعُمان. قال
ابن عرفة: كُلُّ مبتدئ وجْهاً في سفر وغيره، فهو مُصْعِدٌ في ابتدائه
مُنْحَدِرٌ في رجوعه من أَيّ بلد كان. وقال أَبو منصور: الإِصْعادُ الذهاب
في الأَرض؛ وفي شعر حسان:
يُبارينَ الأَعِنَّةَ مُصْعِداتٍ
أَي مقبلات متوجهات نحوَكم. وقال الأَخفش: أَصْعَدَ في البلاد سار ومضى
وذهب؛ قال الأَعشى:
فإِنْ تَسْأَلي عني، فَيَا رُبَّ سائِلٍ
حَفِيٍّ عَن الأَعشى، به حَيْثُ أَصْعَدا
وأَصْعَدَ في الوادي: انحدر فيه، وأَما صَعِدَ فهو ارتقى. ويقال:
أَصْعَدَ الرجلُ في البلاد حيث توجه. وأَصْعَدَتِ السفينةُ إِصْعاداً إِذا
مَدَّت شِراعَها فذهبت بها الريح صَعَداً. وقال الليث: صَعِدَ إِذا ارتقى،
وأَصْعَدَ يُصْعِدُ إِصْعاداً، فهو مُصْعِدٌ إِذا صار مُسْتَقْبِلَ حَدُورٍ
أَو نَهَر أَو واد، أَو أَرْفَعَ
(* قوله «او أرفع إلخ» كذا بالأصل
المعوّل عليه، ولعل فيه سقطاً والأصل أو أرض أَرفع بقرينة قوله الأخرى وقال
الأساس أصعد في الأرض مستقبل أرض أخرى): من الأُخرى؛ قال: وصَعَّدَ في
الوادي يُصَعّدُ تَصْعِيداً وأَصْعَدَ إِذا انحدر فيه. قال الأَزهري:
والاصِّعَّادُ عندي مثل الصُّعُود. قال الله تعالى: كأَنما يَصَّعِّد في
السماء. يقال: صَعِدَ واصَّعَّدَ واصَّاعَدَ بمعنى واحد. ورَكَبٌ مُصْعِدٌ:
ومُصَّعِّدٌ: مرتفع في البطن منتصب؛ قال:
تقول ذاتُ الرَّكَبِ المُرَفَّدِ:
لا خافضٍ جِدّاً، ولا مُصَّعِّد
وتصَعَّدني الأَمرُ وتَصاعَدني: شَقَّ عليَّ. والصُّعَداءُ، بالضم
والمدّ: تنفس ممدود. وتصَعَّدَ النَّفَسُ: صَعُبَ مَخْرَجُه، وهو الصُّعَداءُ؛
وقيل: الصُّعَداءُ النفَسُ إِلى فوق ممدود، وقيل: هو النفَسُ بتوجع، وهو
يَتَنَفَّسُ الصُّعَداء ويتنفس صُعُداً. والصُّعَداءُ: هي المشقة
أَيضاً.وقولهم: صَنَعَ أَو بَلَغَ كذا وكذا فَصاعِداً أَي فما فوق ذلك. وفي
الحديث: لا صلاةَ لمن لم يقرأْ بفاتحة الكتاب فَصاعِداً أَي فما زاد عليها،
كقولهم: اشتريته بدرهم فصاعداً. قال سيبويه: وقالوا أَخذته بدرهم
فصاعداً؛ حذفوا الفعل لكثرة استعمالهم إِياه، ولأَنهم أَمِنوا أَن يكون على
الباء، لأَنك لو قلت أَخذته بِصاعِدٍ كان قبيحاً، لأَنه صفة ولا يكون في موضع
الاسم، كأَنه قال أَخذته بدرهم فزاد الثمنُ صاعِداً أَو فذهب صاعداً.
ولا يجوز أَن تقول: وصاعداً لأَنك لا تريد أَن تخبر أَن الدرهَم مع صاعِدٍ
ثَمَنٌ لشيء كقولك بدرهم وزيادة، ولكنك أَخبرت بأَدنى الثمن فجعلته
أَولاً ثم قَرَّرْتَ شيئاً بعد شيء لأَثْمانٍ شَتَّى؛ قال: ولم يُرَدْ فيها
هذا المعنى ولم يُلْزِم الواوُ الشيئين أَن يكون أَحدهما بعد الآخر؛
وصاعِدٌ بدل من زاد ويزيد، وثم مثل الفاء إِلاَّ أَنّ الفاء أَكثر في كلامهم؛
قال ابن جني: وصاعداً حال مؤكدة، أَلا ترى أَن تقديره فزاد الثمنُ
صاعِداً؟ ومعلوم أَنه إِذا زاد الثمنُ لم يمكن إِلا صاعِداً؛ ومثله
قوله:كَفى بالنَّأْيِ من أَسْماءَ كافٍ
غير أَن للحال هنا مزية أَي في قوله فصاعداً لأَن صاعداً ناب في اللفظ
عن الفعل الذي هو زاد، وكاف ليس نائباً في اللفظ عن شيء، أَلا ترى أَن
الفعل الناصب له، الذي هو كفى ملفوظ به معه؟
والصعيدُ: المرتفعُ من الأَرض، وقيل: الأَرض المرتفعة من الأَرض
المنخفضةِ، وقيل: ما لم يخالطه رمل ولا سَبَخَةٌ، وقيل: وجه الأَرض لقوله تعالى:
فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً؛ وقال جرير:
إِذا تَيْمٌ ثَوَتْ بِصَعِيد أَرْضٍ،
بَكَتْ من خُبْثِ لُؤْمِهِم الصَّعيدُ
وقال في آخرين:
والأَطْيَبِينَ من التراب صَعيدا
وقيل: الصَّعِيدُ الأَرضُ، وقيل: الأَرض الطَّيِّبَةُ، وقيل: هو كل تراب
طيب. وفي التنزيل: فَتَيَمَّموا صَعِيداً طَيِّباً؛ وقال الفراء في
قوله: صَعيداً جُرزُاً: الصعيد التراب؛ وقال غيره: هي الأَرض المستوية؛ وقال
الشافعي: لا يَقع اسْمُ صَعيد إِلاّ على تراب ذي غُبار، فأَما البَطْحاءُ
الغليظة والرقيقة والكَثِيبُ الغليظ فلا يقع عليه اسم صعيد، وإِن خالطه
تراب أَو صعيد
(* قوله «تراب أو صعيد إلخ» كذا بالأصل ولعل الأولى تراب
أو رمل أو نحو ذلك) أَو مَدَرٌ يكون له غُبار كان الذي خالطه الصعيدَ، ولا
يُتَيَمَّمُ بالنورة وبالكحل وبالزِّرْنيخ وكل هذا حجارة. وقال أَبو
إِسحق: الصعيد وجه الأَرض. قال: وعلى الإِنسان أَن يضرب بيديه وجه الأَرض
ولا يبالي أَكان في الموضع ترابٌ أَو لم يكن لأَن الصعيد ليس هو الترابَ،
إِنما هو وجه الأَرض، تراباً كان أَو غيره. قال: ولو أَن أَرضاً كانت كلها
صخراً لا تراب عليه ثم ضرب المتيمم يدَه على ذلك الصخر لكان ذلك
طَهُوراً إِذا مسح به وجهه؛ قال الله تعالى: فَتُصْبِح صعيداً؛ لأَنه نهاية ما
يصعد إِليه من باطن الأَرض، لا أَعلم بين أَهل اللغة خلافاً فيه أَن
الصعيد وجه الأَرض؛ قال الأَزهري: وهذا الذي قاله أَبو إِسحق أَحسَبه مذهَبَ
مالك ومن قال بقوله ولا أَسْتَيْقِنُه. قال الليث: يقال للحَديقَةِ إِذا
خَرِبت وذهب شَجْراؤُها: قد صارت صعيداً أَي أَرضاً مستوية لا شَجَرَ
فيها. ابن الأَعرابي: الصعيدُ الأَرضُ بعينها. والصعيدُ: الطريقُ، سمي
بالصعيد من التراب، والجمع من كل ذلك صُعْدانٌ؛ قال حميد بن ثور:
وتِيهٍ تَشابَهَ صُعْدانُه،
ويَفْنى بهِ الماءُ إِلاَّ السَّمَلْ
وصُعُدٌ كذلك، وصُعُداتٌ جمع الجمع. وفي حديث علي، رضوان الله عليه:
إِياكم والقُعُودَ بالصُّعُداتِ إِلاَّ مَنْ أَدَّى حَقَّها؛ هي الطُّرُقُ،
وهي جمع صُعُدٍ وصُعُدٌ جمعُ صَعِيد، كطريق وطرُق وطُرُقات، مأْخوذ من
الصَّعيدِ وهو التراب؛ وقيل: هي جمع صُعْدَةٍ كظُلْمة، وهي فِناءُ باب
الدار ومَمَرُّ الناس بين يديه؛ ومنه الحديث: ولَخَرَجْتم إِلى الصُّعْداتِ
تَجْأَرُونَ إِلى الله. والصَّعِيدُ: الطريقُ يكون واسعاً وضَيِّقاً.
والصَّعيدُ: الموضعُ العريضُ الواسعُ. والصَّعيدُ: القبر.
وأَصْعَدَ في العَدْو: اشْتَدَّ.
ويقال: هذا النبات يَنْمي صُعُداً أَي يزداد طولاً. وعُنُقٌ صاعِدٌ أَي
طويل. ويقال فلان يتتبع صُعَداءَه أَي يرفع رأْسه ولا يُطأْطِئُه. ويقال
للناقة: إِنها لفي صَعِيدَةِ بازِلَيْها أَي قد دنت ولمَّا تَبْزُل؛
وأَنشد:
سَديسٌ في صَعِيدَةِ بازِلَيْها،
عَبَنَّاةٌ، ولم تَسْقِ الجَنِينا
والصَّعْدَةُ: القَناة، وقيل: القناة المستوية تنبت كذلك لا تحتاج إِلى
التثقيف؛ قال كعب بن جُعَيْل يصف امرأَةً شَبَّهَ قَدَّها بالقَناة:
فإِذا قامتْ إِلى جاراتِها،
لاحَتِ السَّاقُ بِخَلْخالٍ زجِلْ
صَعْدَةٌ نابِتَةٌ في حائرٍ،
أَيْنَما الرِّيحُ تُمَيِّلْها تَمِلْ
وقال آخر:
خَريرُ الرِّيحِ في قَصَبِ الصِّعادِ
وكذلك القَصَبَةُ، والجمع صِعادٌ، وقيل: هي نحو من الأَلَّةِ،
والأَلَّةُ أَصغر من الحَرْبَةِ؛ وفي حديث الأَحنف:
إِنَّ على كُلِّ رَئِيسٍ حَقَّا.
أَن يَخْضِبَ الصَّعْدَةَ أَو تَنْدَقَّا
قال: الصَّعْدةُ القناة التي تنبت مستقيمة. والصَّعْدَةُ من النساء:
المستقيمةُ القامة كأَنها صَعْدَةُ قَناةٍ. وجوارٍ صَعْداتٌ، خفيفةٌ لأَنه
نعت، وثلاثُ صَعَداتٍ للقنا، مُثَقَّلة لأَنه اسم.
والصَّعُودُ من الإِبل: التي وَلَدَتْ لغير تمام ولكنها خَدَجَتْ لستة
أَشهر أَو سبعة فَعَطَفَتْ على ولدِ عامِ أَوَّلَ، وقيل: الصَّعُود الناقة
تُلْقي ولَدها بعدما يُشْعِرُ، ثم تَرْأَمُ ولدَها الأَوّل أَو وَلَدَ
غيرها فَتَدِرُّ عليه. وقال الليث: الصَّعُود الناقة يموت حُوارُها
فَتَرْجِعُ إِلى فصيلها فَتَدِرُّ عليه، ويقال: هو أَطيب للبنها؛ وأَنشد لخالد
بن جعفر الكلابي يصف فرساً:
أَمَرْتُ لها الرِّعاءَ، ليُكْرِمُوها،
لها لَبَنُ الخلِيَّةِ والصَّعُودِ
قال الأَصمعي: ولا تكون صَعُوداً حتى تكون خادِجاً. والخَلِيَّةُ:
الناقة تَعْطِف مع أُخرى على ولد واحد فَتَدِرَّانِ عليه، فَيَتَخلى أَهلُ
البيت بواحدة يَحْلُبُونها، والجمع صَعائد وصُعُدٌ؛ فأَما سيبويه فأَنكر
الصُّعُدَ.
وأَصْعَدَتِ الناقةُ وأَصْعَدَها، بالأَلف، وصَعَّدَها: جعلها صَعُوداً؛
عن ابن الأَعرابي. والصُّعُد: شجر يُذاب منه القارُ.
والتَّصْعِيدُ: الإِذابة، ومنه قيل: خلٌّ مُصَعَّدٌ وشرابٌ مُصَعَّدٌ
إِذا عُولج بالنار حتى يحول عما هو عليه طعماً ولوناً.
وبَناتُ صَعْدَةَ: حَميرُ الوَحْش، والنسبة إِليها صاعِديّ على غير
قياس؛ قال أَبو ذؤَيب:
فَرَمَى فأَلحَق صاعِدِيَّاً مِطْحَراً
بالكَشْحِ، فاشتملتْ عليه الأَضْلُعُ
وقيل: الصَّعْدَةُ الأَتان. وفي الحديث: أَنه خرج على صَعْدَةٍ
يَتْبَعُها حُذاقيٌّ، عليها قَوْصَفٌ لم يَبْق منها إِلا قَرْقَرُها؛
الصَّعْدَةُ: الأَتان الطويلة الظهر. والحُذاقِيُّ: الجَحْشُ. والقَوْصَفُ:
القَطيفة. وقَرْقَرُها: ظَهْرُها.
وصعَيدُ مصر: موضعٌ بها.
وصَعْدَةُ: موضع باليمن، معرفة لا يدخلها الأَلف واللام. وصُعادى
وصُعائدُ: موضعان؛ قال لبيد:
عَلِهَتْ تَبَلَّدُ، في نِهاءِ صُعائِدٍ،
سَبْعاً تؤَاماً كاملاً أَيامُها
حرف: الحَرْفُ من حُروف الهِجاء: معروف واحد حروف التهجي. والحَرْفُ:
الأَداة التي تسمى الرابِطةَ لأَنها تَرْبُطُ الاسمَ بالاسم والفعلَ بالفعل
كعن وعلى ونحوهما، قال الأَزهري: كلُّ كلمة بُنِيَتْ أَداةً عارية في
الكلام لِتَفْرِقَة المعاني واسمُها حَرْفٌ، وإن كان بناؤها بحرف أَو فوق
ذلك مثل حتى وهل وبَلْ ولعلّ، وكلُّ كلمة تقرأُ على الوجوه من القرآن تسمى
حَرْفاً، تقول: هذا في حَرْف ابن مسعود أَي في قراءة ابن مسعود. ابن
سيده: والحَرْفُ القِراءة التي تقرأُ على أَوجُه، وما جاء في الحديث من
قوله، عليه السلام: نزل القرآن على سبعة أَحْرُف كلُّها شافٍ كافٍ، أَراد
بالحرْفِ اللُّغَةَ. قال أَبو عبيد وأَبو العباس. نزل على سبع لُغات من لغات
العرب، قال: وليس معناه أَن يكون في الحرف الواحد سبعة أَوجُه هذا لم
يسمع به، قال: ولكن يقول هذه اللغات متفرّقة في القرآن، فبعضه بلغة
قُرَيْشٍ، وبعضه بلغة أَهل اليمن، وبعضه بلغة هوازِنَ، وبعضه بلغة هُذَيْل،
وكذلك سائر اللغات ومعانيها في هذا كله واحد، وقال غيره: وليس معناه أَن يكون
في الحرف الواحد سبعةُ أَوجه، على أَنه قد جاء في القرآن ما قد قُرِئ
بسبعة وعشرة نحو: ملك يوم الدين وعبد الطاغوت، ومـما يبين ذلك قول ابن
مسعود: إني قد سمعت القراءة فوجدتهم متقاربين فاقرأُوا كما عُلِّمْتمْ إنما
هو كقول أَحدكم هَلمّ وتعالَ وأَقْبِلْ. قال ابن الأَثير: وفيه أَقوال
غير ذلك، هذا أَحسنها. والحَرْفُ في الأَصل: الطَّرَفُ والجانِبُ، وبه سمي
الحَرْفُ من حروف الهِجاء.
وروى الأَزهري عن أَبي العباس أَنه سئل عن قوله نزل القرآن على سبعة
أَحرف فقال: ما هي إلا لغات. قال الأَزهري: فأَبو العباس النحْويّ وهو واحد
عصْره قد ارتضى ما ذهب إليه أَبو عبيد واستصوَبه، قال: وهذه السبعة أَحرف
التي معناها اللغات غير خارجة من الذي كتب في مصاحف المسلمين التي اجتمع
عليها السلَف المرضيُّون والخَلَف المتبعون، فمن قرأَ بحرف ولا يُخالِفُ
المصحف بزيادة أَو نقصان أَو تقديم مؤخّرٍ أَو تأْخير مقدم، وقد قرأَ به
إمام من أَئمة القُرّاء المشتهرين في الأَمصار، فقد قرأَ بحرف من الحروف
السبعة التي نزل القرآن بها، ومن قرأَ بحرف شاذّ يخالف المصحف وخالف في
ذلك جمهور القرّاء المعروفين، فهو غير مصيب، وهذا مذهب أَهل العلم الذين
هم القُدوة ومذهب الراسخين في علم القرآن قديماً وحديثاً، وإلى هذا
أَوْمأَ أَبو العباس النحوي وأَبو بكر بن الأَنباري في كتاب له أَلفه في اتباع
ما في المصحف الإمام، ووافقه على ذلك أَبو بكر بن مجاهد مُقْرِئ أَهل
العراق وغيره من الأَثبات المتْقِنِين، قال: ولا يجوز عندي غير ما قالوا،
واللّه تعالى يوفقنا للاتباع ويجنبنا الابتداع. وحَرْفا الرأْس: شِقاه.
وحرف السفينة والجبل: جانبهما، والجمع أَحْرُفٌ وحُرُوفٌ وحِرَفةٌ. شمر:
الحَرْفُ من الجبل ما نَتَأَ في جَنْبِه منه كهَيْئة الدُّكانِ الصغير أَو
نحوه. قال: والحَرْفُ أَيضاً في أَعْلاه تَرى له حَرْفاً دقيقاً
مُشفِياً على سَواء ظهره. الجوهري: حرْفُ كل شيء طَرفُه وشفِيرُه وحَدُّه، ومنه
حَرْفُ الجبل وهو أَعْلاه الـمُحدَّدُ.
وفي حديث ابن عباس: أَهلُ الكتاب لا يأْتون النِّساء إلا على حَرْفٍ أَي
على جانب. والحَرْفُ من الإبل: النَّجِيبة الماضِيةُ التي أَنـْضَتها
الأَسفار، شبهت بحرف السيف في مضائها ونجائها ودِقَّتها، وقيل: هي
الضّامِرةُ الصُّلْبَةُ، شبهت بحرف الجبل في شِدَّتها وصَلابتها؛ قال ذو
الرمة:جُمالِيَّةٌ حَرْفٌ سِنادٌ، يَشُلُّها
وظِيفٌ أَزَجُّ الخَطْوِ رَيّانُ سَهْوَقُ
فلو كان الحَرْفُ مهزولاً لم يصفها بأَنها جُمالية سِناد ولا أَنَّ
وظِيفَها رَيّانُ، وهذا البيت يَنْقُضُ تفسير من قال ناقة حرف أَي مهزولة،
شبهت بحرف كتابة لدقّتها وهُزالها؛ وروي عن ابن عمر أَنه قال: الحرْف
الناقة الضامرة، وقال الأَصمعي: الحرْفُ الناقة المهزولة؛ قال الأَزهري: قال
أَبو العباس في تفسير قول كعب بن زهير:
حَرْفٌ أَخُوها أَبوها من مُهَجَّنةٍ،
وعَمُّها خالُها قَوْداء شِمْلِيلُ
قال: يصف الناقة بالحرف لأَنها ضامِرٌ، وتُشَبَّهُ بالحرْف من حروف
المعجم وهو الأَلف لدِقَّتِها، وتشبّه بحرف الجبل إذا وصفت بالعِظَمِ.
وأَحْرَفْتُ ناقتي إذا هَزَلْتَها؛ قال ابن الأَعرابي: ولا يقال جملٌ حَرْف
إنما تُخَصّ به الناقةُ؛ وقال خالد بن زهير:
مَتَى ما تَشأْ أَحْمِلْكَ، والرَّأْسُ مائِلٌ،
على صَعْبةٍ حَرْفٍ، وشِيكٍ طُمُورُها
كَنَى بالصعبةِ الحرْفِ عن الدَّاهِيةِ الشديدة، وإن لم يكن هنالك
مركوب. وحرْفُ الشيء: ناحِيَتُه. وفلان على حَرْف من أَمْره أَي ناحيةٍ منه
كأَنه ينتظر ويتوقَّعُ، فإن رأَى من ناحية ما يُحِبُّ وإلا مال إلى غيرها.
وقال ابن سيده: فلان على حَرْف من أَمره أَي ناحية منه إذا رأَى شيئاً لا
يعجبه عدل عنه. وفي التنزيل العزيز: ومن الناس من يَعْبُدُ اللّه على
حَرْف؛ أَي إذا لم يرَ ما يحب انقلب على وجهه، قيل: هو أَن يعبده على
السرَّاء دون الضرَّاء. وقال الزجاج: على حَرْف أَي على شَكّ، قال: وحقيقته
أَنه يعبد اللّه على حرف أَي على طريقة في الدين لا يدخُل فيه دُخُولَ
متمكّن، فإن أَصابه خير اطمأَنّ به أَي إن أَصابه خِصْبٌ وكثُرَ مالُه
وماشِيَتُه اطْمَأَنَّ بما أَصابه ورضِيَ بدينه، وإن أَصابته فِتْنَةٌ
اخْتِبارٌ بِجَدْبٍ وقِلَّة مالٍ انقلب على وجهه أَي رجع عن دينه إلى الكفر
وعِبادة الأَوْثان. وروى الأَزهري عن أَبي الهيثم قال: أَما تسميتهم الحرْف
حرْفاً فحرف كل شيء ناحيته كحرف الجبل والنهر والسيف وغيره. قال الأَزهري:
كأَن الخير والخِصْب ناحية والضرّ والشرّ والمكروه ناحية أُخرى، فهما
حرفان وعلى العبد أَن يعبد خالقه على حالتي السرّاء والضرَّاء، ومن عبد
اللّه على السرَّاء وحدها دون أَن يعبده على الضرَّاء يَبْتَلِيه اللّه بها
فقد عبده على حرف، ومن عبده كيفما تَصَرَّفَتْ به الحالُ فقد عبده عبادة
عَبْدٍ مُقِرّ بأَنَّ له خالقاً يُصَرِّفُه كيف يَشاء، وأَنه إن
امـْتَحَنَه بالَّلأْواء أَو أَنـْعَم عليه بالسرَّاء، فهو في ذلك عادل أَو متفضل
غير ظالم ولا متعدّ له الخير، وبيده الخير ولا خِيرةَ للعبد عليه. وقال
ابن عرفة: من يعبد اللّه على حرف أَي على غير طمأْنينة على أَمر أَي لا
يدخل في الدين دخول متمكن.
وحَرَفَ عن الشيء يَحْرِفُ حَرْفاً وانْحَرَفَ وتَحَرَّفَ واحْرَوْرَفَ:
عَدَلَ . الأَزهري. وإذا مالَ الإنسانُ عن شيء يقال تَحَرَّف وانحرف
واحرورف؛ وأَنشد العجاج في صفة ثور حَفَرَ كِناساً فقال:
وإنْ أَصابَ عُدَواء احْرَوْرَفا
عنها، وولاَّها ظُلُوفاً ظُلَّفا
أَي إِن أَصابَ مَوانِع. وعُدَواءُ الشي: مَوانِعُه. وتَحْرِيفُ القلم:
قَطُّه مُحَرَّفاً. وقَلمٌ مُحَرَّفٌ: عُدِلَ بأَحد حَرفَيْه عن الآخر؛
قال:
تَخالُ أُذْنَيْهِ، إذا تَشَوَّفا،
خافِيةً أَو قَلَماً مُحَرَّفا
وتَحْرِيفُ الكَلِم عن مواضِعِه: تغييره. والتحريف في القرآن والكلمة:
تغيير الحرفِ عن معناه والكلمة عن معناها وهي قريبة الشبه كما كانت اليهود
تُغَيِّرُ مَعانَي التوراة بالأَشباه، فوصَفَهم اللّه بفعلهم فقال
تعالى: يُحَرِّفُون الكَلِمَ عن مواضعه. وقوله في حديث أَبي هريرة: آمَنْتُ
بمُحَرِّفِ القلوب؛ هو الـمُزِيلُ أَي مُـمِيلُها ومُزيغُها وهو اللّه
تعالى، وقال بعضهم: الـمُحَرِّكَ. وفي حديث ابن مسعود: لا يأْتون النساء إلا
على حرف أَي على جَنْب. والـمُحَرَّفُ: الذي ذَهَب مالُه. والـمُحارَفُ:
الذي لا يُصيبُ خيراً من وجْهٍ تَوَجَّه له، والمصدر الحِرافُ.
والحُرْفُ: الحِرْمان. الأَزهري: ويقال للمحزوم الذي قُتِّرَ عليه رزقُه مُحارَفٌ.
وجاء في تفسير قوله: والذين في أَموالهم حَقٌّ مَعْلوم للسائل
والـمَحْرُوم، أَن السائل هو الذي يسأَل الناس، والمحروم هو الـمُحارَفُ الذي ليس
له في الإسلام سَهْم، وهو مُحارَفٌ. وروى الأَزهري عن الشافعي أَنه قال:
كلُّ من اسْتَغنَى بِكَسْبه فليس له أَن يسأَل الصدقةَ، وإذا كان لا
يبلُغُ كسبُه ما يُقِيمُه وعيالَه، فهو الذي ذكره المفسِّرون أَنه المحروم
الـمُحارَف الذي يَحْتَرِفُ بيدَيه، قد حُرِم سَهْمَه من الغنيمة لا
يَغْزُو مع المسلمين، فَبَقِيَ محْروماً يُعْطى من الصدقة ما يَسُدُّ
حِرْمانَه، والاسم منه الحُرْفة، بالضم، وأَما الحِرفةُ فهو اسم من الاحتِرافِ وهو
الاكْتِسابُ؛ يقال: هو يَحْرِفُ لعِيالِه ويحترف ويَقْرِشُ ويَقْتَرِشُ
بمعنى يكتسب من ههنا وههنا، وقيل: الـمُحارفُ، بفتح الراء، هو المحروم
المحدود الذي إذا طَلَب فلا يُرْزَق أَو يكون لا يَسْعَى في الكسب. وفي
الصحاح: رجل مُحارَف، بفتح الراء، أَي محدود محروم وهو خلاف قولك مُبارَكٌ؛
قال الراجز:
مُحارَفٌ بالشاء والأَباعِرِ،
مُبارَكٌ بالقَلَعِيِّ الباتِرِ
وقد حُورِفَ كَسْبُ فلان إذا شُدِّد عليه في مُعاملَته وضُيِّقَ في
مَعاشِه كأَنه مِيلَ بِرِزْقه عنه، من الانْحِرافِ عن الشيء وهو الميل عنه.
وفي حديث ابن مسعود: موتُ المؤمن بعَرَقِ الجبين تَبْقَى عليه البقِيّةُ
من الذُّنوبِ فَيُحارَفُ بها عند الموت أَي يُشَدَّد عليه لتُمَحَّصَ
ذنوبه، وُضِعَ وَضْعَ الـمُجازاةِ والـمُكافأَة، والمعنى أَن الشدَّة التي
تَعْرِض له حتى يَعْرَقَ لها جَِبينُه عند السِّياقِ تكون جزاء وكفارةً لما
بقي عليه من الذنوب، أَو هو من الـمُحارَفةِ وهو التشْديدُ في الـمَعاش.
وفي التهذيب: فيُحارَفُ بها عند الموت أَي يُقايَسُ بها فتكون كفارة
لذنوبه، ومعنى عَرَقِ الجبين شدَّةُ السّياق. والحُرْفُ: الاسم من قولك رجل
مُحارَفٌ أَي مَنْقُوصُ الحَظِّ لا ينمو له مال، وكذلك الحِرْفةُ،
بالكسر. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: لَحِرْفةُ أَحدِهم أَشَدُّ عليَّ من
عَيْلَتِه أَي إغْناءُ الفَقِير وكفايةُ أَمْرِه أَيْسَرُ عليَّ من إصْلاحِ
الفاسدِ، وقيل: أَراد لَعَدم حِرْفةِ أَحدِهم والاغْتِمامُ لذلك أَشَدُّ
عليَّ من فَقْرِه. والـمُحْتَرِفُ: الصانِعُ. وفلان حَريفي أَي مُعامِلي.
اللحياني: وحُرِفَ في ماله حَرْفةً ذهَب منه شيء، وحَرَفْتُ الشيء عن
وجْهه حَرْفاً. ويقال: ما لي عن هذا الأَمْرِ مَحْرِفٌ وما لي عنه مَصْرِفٌ
بمعنى واحد أَي مُتَنَحًّى؛ ومنه قول أَبي كبير الهذلي:
أَزُهَيْرُ، هَلْ عن شَيْبةٍ من مَحْرِفِ،
أَمْ لا خُلُودَ لِباذِلٍ مُتَكَلِّفِ؟
والـمُحْرِفُ: الذي نَما مالُه وصَلَحَ، والاسم الحِرْفةُ. وأَحْرَفَ
الرجلُ إحرافاً فهو مُحْرِفٌ إذا نَما مالُه وصَلَحَ. يقال: جاء فلان
بالحِلْقِ والإحْراف إذا جاء بالمال الكثير.
والحِرْفةُ: الصِّناعةُ. وحِرفةُ الرجلِ: ضَيْعَتُه أَو صَنْعَتُه.
وحَرَفَ لأَهْلِه واحْتَرَف: كسَب وطلَب واحْتالَ، وقيل: الاحْتِرافُ
الاكْتِسابُ، أَيّاً كان. الأَزهري: وأَحْرَفَ إذا اسْتَغْنى بعد فقر. وأَحْرَفَ
الرجلُ إذا كَدَّ على عِياله. وفي حديث عائشة: لما اسْتُخْلِفَ أَبو
بكر، رضي اللّه عنهما، قال: لقد عَلِم قومي أَن حِرْفَتي لم تكن تَعْجِز عن
مؤونة أَهلي وشُغِلْتُ بأَمر المسلمين فسيأْكل آلُ أَبي بكر من هذا
ويَحْتَرِفُ للمسلمين فيه؛ الحِرْفةُ: الصِّناعةُ وجِهةُ الكَسْب؛ وحَرِيفُ
الرجل: مُعامِلُه في حِرْفَتِه، وأَراد باحترافِه للمسلمين نَظَره في
أُمورهم وتَثْميرَ مَكاسِبهمْ وأَرْزاقِهم؛ ومنه الحديث: إني لأَرى الرجل
يُعْجِبُني فأَقول: هل له حِرْفة؟ فإن قالوا: لا، سَقَطَ من عيني؛ وقيل: معنى
الحديث الأَوَّل هو أَن يكون من الحُرْفة والحِرْفة، بالضم والكسر، ومنه
قولهم: حِرْفة الأَدَبِ، بالكسر. ويقال: لا تُحارِفْ أَخاكَ بالسوء أَي
تُجازِه بسوء صنِيعِه تُقايِسْه وأَحْسِنْ إذا أَساء واصْفَحْ عنه. ابن
الأَعرابي: أَحْرَفَ الرجلُ إذا جازى على خَيْر أَو شرّ، قال: ومنه
الخَبرُ: إن العبد لَيُحارَفُ عن عمله الخير أَو الشرّ أَي يُجازى. وقولهم في
الحديث: سَلِّطْ عليهم مَوْتَ طاعُونٍ دَفِيفٍ يُحَرِّفُ القُلوبَ أَي
يُمِيلها ويَجْعَلُها على حرْفٍ أَي جانب وطَرَفٍ، ويروى يَحُوفُ، بالواو،
وسنذكره؛ ومنه الحديث: ووصف سُفيانُ بكفه فَحَرَفَها أَي أَمالَها،
والحديث الآخر: وقال بيده فحرّفها كأَنه يريد القتل ووصف بها قطْع السيفِ
بحَدِّه. وحَرَفَ عَيْنَه: كَحَلها؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
بِزَرْقاوَيْنِ لم تُحْرَفْ، ولَـمَّا
يُصِبْها عائِرٌ بشَفير ماقِ
أَراد لم تُحْرَفا فأَقام الواحد مُقام الاثْنين كما قال أَبو ذُؤَيب:
نامَ الخَلِيُّ، وبتُّ الليلَ مُشْتَجِراً،
كأَنَّ عيْنَيَّ فيها الصَّابُ مَذْبوحُ
والمِحْرَفُ والمِحْرافُ: الـمِيلُ الذي تقاسُ به الجِراحات.
والـمِحْرَفُ والمِحْرافُ أَيضاً: المِسْبارُ الذي يُقاسُ به الجُرح؛ قال القطامي
يذكر جِراحةً:
إذا الطَّبيبُ بمِحْرافَيْه عالَجَها،
زادَتْ على النَّقْرِ أَو تَحْريكها ضَجَما
ويروى على النَّفْرِ، والنَّفْرُ الوَرَمُ، ويقال: خروج الدّم؛ وقال
الهذلي:
فإنْ يَكُ عَتَّابٌ أَصابَ بسَهْمِه
حَشاه، فَعَنَّاه الجَوى والـمَحارِفُ
والمُحارَفةُ: مُقايَسَةُ الجُرْحِ بالمِحْرافِ، وهو المِيل الذي
تُسْبَرُ به الجِراحاتُ؛ وأَنشد:
كما زَلَّ عن رأْسِ الشَّجِيجِ المحارفُ
وجمعه مَحارِفُ ومَحاريفُ؛ قال الجَعْدي:
ودَعَوْتَ لَهْفَك بعد فاقِرةٍ،
تُبْدي مَحارِفُها عن العَظْمِ
وحارَفَه: فاخَرَه؛ قال ساعِدةُ بن جُؤَيَّة:
فإنْ تَكُ قَسْرٌ أَعْقَبَتْ من جُنَيْدِبٍ،
فقد عَلِمُوا في الغَزْوِ كيْفَ نُحارِفُ
والحُرْفُ: حَبُّ الرَّشادِ، واحدته حُرْفةٌ. الأَزهري: الحُرْفُ جَبٌّ
كالخَرْدَلِ. وقال أَبو حنيفة: الحُرف، بالضم، هو الذي تسميه العامّة
حبَّ الرَّشاد.
والحُرْفُ والحُرافُ: حَيّةٌ مُظْلِمُ اللَّوْنِ يَضْرِبُ إلى السَّواد
إذا أَخذ الإنسانَ لم يبق فيه دم إلا خرج.
والحَرافةُ: طَعْم يُحْرِقُ اللِّسانَ والفَمَ. وبصل حِرِّيفٌ: يُحْرِقُ
الفم وله حَرارةٌ، وقيل: كل طعام يُحْرِقُ فم آكله بحَرارة مَذاقِه
حِرِّيف، بالتشديد، للذي يَلْذَعُ اللسانَ بحَرافَتِه، وكذلك بصل حِرّيف،
قال: ولا يقال حَرِّيف.
حنق: الحَنَقُ: شدّة الاغْتياظِ؛ قال:
ولَّى جَمِيعاً يُنادي ظِلَّه طَلَقاً،
ثم انْثَنى مَرِساً قد آدَه الحَنَقُ
أَي أَثْقَلَه الغضَبُ. حَنِقَ عليه، بالكسر، يَحْنَقُ حَنَقاً
وحَنِقاً، فهو حَنِقٌ وحَنِيقٌ؛ قال:
وبعضُهُم على بعضٍ حَنِيقُ
وقد أَحْنَقه. والحنَقُ: الغيْظُ، والجمع حِناقٌ مثل جبَل وجِبال. وفي
حديث عمر: لا يَصْلُح هذا الأَمْرُ إِلا لمن لا يُحْنِقُ على جِرَّتِه أَي
لا يَحْقِدُ على رَعِيَّتِه؛ والحَنَقُ: الغيظُ، والجِرَّةُ: ما يُخرجه
البعير من جوفه ويَمْضَغُه. والإِحْناقُ: لُحوقُ البطن والتِصاقُه، وأَصل
ذلك أَن البعير يَقْذِف بجِرّته، وإِنما وُضع موضع الكَظم من حيث أَنّ
الاجْترار يَنْفُخ البطن والكظمُ بخلافه، فيقال: ما يُحْنِق فلان على
جِرْة وما يَكْظِم على جِرة إِذا لم يَنطو على حِقد ودَغَل؛ قال ابن
الأَعرابي: ولا يقال للرّاعي جِرّة، وجاء عمر بهذا الحديث فضربه مثلاً؛ ومنه حديث
أَبي جهل: إِنَّ محمداً نزل يَثْرِبَ وهو حَنِقٌ عليكم؛ وأَحْنقَه غيره،
فهو مُحْنَقٌ؛ قالت قُتَيلةُ بنت النضّر بن الحرث
(* قوله «بنت النضر»
في النهاية: أخته اهـ. والخلاف في كتب السير معروف):
ما كان ضَرَّك لو مَنَنْتَ، ورُبَّما
مَنَّ الفَتَى، وهو المَغِيظُ المُحْنَقُ
وأَحْنقَ الرَّجل إِذا حقَدَ حِقْداً لا يَنْحلُّ. قال ابن بري: وقد جاء
حَنِيق بمعنى مُحْنَق؛ قال المُفضَّل النكري:
تَلاقَيْنا بغِينةِ ذِي طُرَيْفٍ،
وبعضُهُم على بعض حنيقُ
والإِحْناقُ: لزُوقُ البَطْنِ بالصُّلْب؛ قال لبيد:
بطَلِيح أَسْفارٍ تَركْنَ بَقِيّة
منها، فأَحنَقَ صُلْبُها وسَنامُها
والمُحْنِقُ: القليل اللحم، واللاحِقُ مثله. أَبو الهيثم: المُحنق
الضامر؛ وأنشد:
قد قالَتِ الأَنْساعُ للبطْنِ الْحَقي
قِدْماً، فآضَتْ كالفَنِيقِ المُحْنِقِ
وأَحْنقَ
الزَّرْع، فهو مُحْنق إِذا انتشَرَ سَفى سُنْبِله بعدما يُقَنْبِِع؛
وقال الأَصمعي في قول ذي الرمة يصف الرّكاب في السَّفَر:
مَحانِيق تَضْحَى، وهي عُوجٌ كأَنَّها
حوز* . . . . مُستأْجَرات نَوائحُ
(* قوله «لحوز» كذا بالأصل على هذه الصورة مع بياض بعده، ولم نجد هذا
البيت في ديوان ذي الرمة)
قال: والمَحانِيقُ الإِبل الضُّمَّر. الأَزهري عن ابن الأَعرابي:
الحُنُقُ السِّمانُ
من الإِبل. وأَحْنقَ إِذا سَمِن فجاء بشحم كثير؛ قال الأَزهري: وهذا من
الأَضداد. وأَحْنَقَ سَنام البعير أَي ضَمُر ودَقَّ. ابن سيده:
المُحْنِقُ من الإِبل الضامِر من هِياجٍ أَو غَرْثٍ، وحمار مُحنْقِ: ضَمُر من كثرة
الضَّراب؛ ومنه قول الراجز:
كأَنَّني ضَمَّنْتُ هِقْلاً عَوْهَقا
أَقْتادَ رَحْلي، أَو كُدُوراً مُحْنِقا
وإِبل مَحانِيقُ: كأنهم توهَّموا واحده مِحْناقاً؛ قال ذو الرُّمة:
مَحانيق يَنْفُضْنَ الخِدامَ كأَنَّها
نَعامٌ، وحاديِهنَّ بالخَرْقِ صادِحُ
أَي رافع صوتَه بالتطْريب، وقيل: الإِحْناق لكل شيء من الخُفّ والحافر.
والمُحْنِق أَيضاً من الحمير: الضامر اللاَّحِقُ البطن بالظهر لشدة
الغَيرة؛ وفي ترجمة عقم قال خُفافٌ:
وخَيْل تَهادَى لا هَوادةَ بينها،
شَهِدْتُ بمدلوكِ المَعاقِم مُحْنِقِ
المُحنِق: الضامر.
حرم: الحِرْمُ، بالكسر، والحَرامُ: نقيض الحلال، وجمعه حُرُمٌ؛ قال
الأَعشى:
مَهادي النَّهارِ لجاراتِهِمْ،
وبالليل هُنَّ عليهمْ حُرُمْ
وقد حَرُمَ عليه الشيء حُرْماً وحَراماً وحَرُمَ الشيءُ، بالضم،
حُرْمَةً وحَرَّمَهُ الله عليه وحَرُمَتِ الصلاة على المرأة حُرُماً وحُرْماً،
وحَرِمَتْ عليها حَرَماً وحَراماً: لغة في حَرُمَت. الأَزهري: حَرُمَت
الصلاة على المرأة تَحْرُمُ حُروماً، وحَرُمَتِ المرأةُ على زوجها تَحْرُمُ
حُرْماً وحَراماً، وحَرُمَ عليه السَّحورُ حُرْماً، وحَرِمَ لغةٌ.
والحَرامُ: ما حَرَّم اللهُ. والمُحَرَّمُ: الحَرامُ. والمَحارِمُ: ما حَرَّم
اللهُ. ومَحارِمُ الليلِ: مَخاوِفُه التي يَحْرُم على الجَبان أَن يسلكها؛
عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
مَحارِمُ الليل لهُنَّ بَهْرَجُ،
حين ينام الوَرَعُ المُحَرَّجُ
(* قوله «المحرج» كذا هو بالأصل والصحاح، وفي المحكم؛ المزلج كمعظم).
ويروى: مخارِمُ الليل أَي أَوائله. وأَحْرَمَ الشيء: جَعله حَراماً.
والحَريمُ: ما حُرِّمَ فلم يُمَسَّ. والحَريمُ: ما كان المُحْرِمون
يُلْقونه من الثياب فلا يَلْبَسونه؛ قال:
كَفى حَزَناً كَرِّي عليه كأَنه
لَقىً، بين أَيْدي الطائفينَ، حَريمُ
الأَزهري: الحَريمُ الذي حَرُمَ مسه فلا يُدْنى منه، وكانت العرب في
الجاهلية إذا حَجَّت البيت تخلع ثيابها التي عليها إذا دخلوا الحَرَمَ ولم
يَلْبسوها ما داموا في الحَرَم؛ ومنه قول الشاعر:
لَقىً، بين أَيدي الطائفينَ، حَريمُ
وقال المفسرون في قوله عز وجل: يا بني آدم خذوا زينَتكم عند كل مَسْجد؛
كان أَهل الجاهلية يطوفون بالبيت عُراةً ويقولون: لا نطوف بالبيت في ثياب
قد أَذْنَبْنا فيها، وكانت المرأة تطوف عُرْيانَةً أَيضاً إلاّ أنها
كانت تَلْبَس رَهْطاً من سُيور؛ وقالت امرأة من العرب:
اليومَ يَبْدو بعضُه أَو كلُّهُ،
وما بَدا منه فلا أُْحِلُّهُ
تعني فرجها أَنه يظهر من فُرَجِ الرَّهْطِ الذي لبسته، فأَمَرَ اللهُ عز
وجل بعد ذكره عُقوبة آدمَ وحوّاء بأَن بَدَتْ سَوْآتُهما بالإستتار
فقال: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد؛ قال الأَزهري: والتَّعَرِّي
وظهور السوءة مكروه، وذلك مذ لَدُنْ آدم. والحَريمُ: ثوب المُحْرم، وكانت العرب
تطوف عُراةً وثيابُهم مطروحةٌ بين أَيديهم في الطواف. وفي الحديث: أَن
عِياضَ بن حِمار المُجاشِعيّ كان حِرْميَّ رسول الله، صلى الله عليه وسلم،
فكان إذا حج طاف في ثيابه؛ كان أشراف العرب الذي يتَحَمَّسونَ على دينهم
أَي يتشدَّدون إذا حَج أحدهم لم يأكل إلاّ طعامَ رجلٍ من الحَرَم، ولم
يَطُفْ إلاَّ في ثيابه فكان لكل رجل من أَشرافهم رجلٌ من قريش، فيكون كل
واحدٍ منهما حِرْمِيَّ صاحبه، كما يقال كَرِيٌّ للمُكْري والمُكْتَري،
قال: والنَّسَبُ في الناس إلى الحَرَمِ حِرْمِيّ، بكسر الحاء وسكون الراء.
يقال: رجل حِرْمِيّ، فإذا كان في غير الناس قالوا ثوب حَرَمِيّ.
وحَرَمُ مكة: معروف وهو حَرَمُ الله وحَرَمُ رسوله. والحَرَمانِ: مكة
والمدينةُ، والجمع أَحْرامٌ. وأَحْرَمَ القومُ: دخلوا في الحَرَمِ. ورجل
حَرامٌ: داخل في الحَرَمِ، وكذلك الاثنان والجمع والمؤنث، وقد جمعه بعضهم
على حُرُمٍ.
والبيت الحَرامُ والمسجد الحَرامُ والبلد الحَرام. وقوم حُرُمٌ
ومُحْرِمون. والمُحْرِمُ: الداخل في الشهر الحَرام، والنَّسَبُ إلى
الحَرَم حِرْمِيٌّ، والأُنثى حِرْمِيَّة، وهو من المعدول الذي يأتي على غير
قياس، قال المبرد: يقال امرأة حِرْمِيَّة وحُرْمِيَّة وأَصله من قولهم:
وحُرْمَةُ البيت وحِرْمَةُ البيت؛ قال الأَعشى:
لا تأوِيَنَّ لحِرْمِيٍّ مَرَرْتَ به،
بوماً، وإنْ أُلْقِيَ الحِرْميُّ في النار
وهذا البيت أَورده ابن سيده في المحكم، واستشهد به ابن بري في أَماليه
على هذه الصورة، وقال: هذا البيت مُصَحَّف، وإنما هو:
لا تَأوِيَنَّ لِجَرْمِيٍّ ظَفِرْتَ به،
يوماً، وإن أُلْقِيَ الجَرْميُّ في النّار
الباخِسينَ لِمَرْوانٍ بذي خُشُبٍ،
والدَّاخِلين على عُثْمان في الدَّار
وشاهد الحِرْمِيَّةِ قول النابغة الذبياني:
كادَتْ تُساقِطُني رَحْلي ومِيثَرَتي،
بذي المَجازِ، ولم تَحْسُسْ به نَغَما
من قول حِرْمِيَّةٍ قالت، وقد ظَعنوا:
هل في مُخْفِّيكُمُ مَنْ يَشْتَري أَدَما؟
وقال أَبو ذؤيب:
لَهُنَّ نَشيجٌ بالنَّشيلِ، كأَنها
ضَرائرُ حِرْميٍّ تفاحشَ غارُها
قال الأَصمعي: أَظنه عَنى به قُرَيْشاً، وذلك لأَن أَهل الحَرَمِ أَول
من اتخذ الضرائر، وقالوا في الثوب المنسوب إليه حَرَمِيّ، وذلك للفرق الذي
يحافظون عليه كثيراً ويعتادونه في مثل هذا. وبلد حَرامٌ ومسجد حَرامٌ
وشهر حرام.
والأَشهُر الحُرُمُ أَربعة: ثلاثة سَرْدٌ أَي متتابِعة وواحد فَرْدٌ،
فالسَّرْدُ ذو القَعْدة وذو الحِجَّة والمُحَرَّمُ، والفَرْدُ رَجَبٌ. وفي
التنزيل العزيز: منها أَربعة حُرُمٌ؛ قوله منها، يريد الكثير، ثم قال:
فلا تَظْلِموا فيهنَّ أَنفسكم لما كانت قليلة.
والمُحَرَّمُ: شهر الله، سَمَّتْه العرب بهذا الإسم لأَنهم كانوا لا
يستَحلُّون فيه القتال، وأُضيف إلى الله تعالى إعظاماً له كما قيل للكعبة
بيت الله، وقيل: سمي بذلك لأَنه من الأشهر الحُرُمِ؛ قال ابن سيده: وهذا
ليس بقوي. الجوهري: من الشهور أَربعة حُرُمٌ كانت العرب لا تستحل فيها
القتال إلا حَيّان خَثْعَم وطَيِّءٌ، فإنهما كانا يستَحِلاَّن الشهور، وكان
الذين يَنْسؤُون الشهور أَيام المواسم يقولون: حَرّمْنا عليكم القتالَ في
هذه الشهور إلاَّ دماء المُحِلِّينَ، فكانت العرب تستحل دماءهم خاصة في
هذه الشهور، وجمع المُحَرَّم مَحارِمُ ومَحاريمُ ومُحَرَّماتٌ. الأَزهري:
كانت العرب تُسَمِّي شهر رجب الأَصَمَّ والمُحَرَّمَ في الجاهلية؛ وأَنشد
شمر قول حميد بن ثَوْر:
رَعَيْنَ المُرارَ الجَوْنَ من كل مِذْنَبٍ،
شهورَ جُمادَى كُلَّها والمُحَرَّما
قال: وأَراد بالمُحَرَّمِ رَجَبَ، وقال: قاله ابن الأَعرابي؛ وقال
الآخر:أَقَمْنا بها شَهْرَيْ ربيعٍ كِليهما،
وشَهْرَيْ جُمادَى، واسْتَحَلُّوا المُحَرَّما
وروى الأَزهري بإسناده عن أُم بَكْرَةَ: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم،
خَطَبَ في صِحَّته فقال: أَلا إنَّ الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق
السموات والأرض، السَّنَة اثنا عشر شهراً، منها أَربعة حُرُمٌ، ثلاثةٌ
مُتَوالِياتٌ: ذو القَعْدة وذو الحِجَّة والمحَرَّمُ، ورَجَبُ مُضَرَ الذي بين
جُمادَى وشعبان. والمُحَرَّم: أَول الشهور. وحَرَمَ وأَحْرَمَ: دخل في
الشهر الحرام؛ قال:
وإذْ فَتَكَ النُّعْمانُ بالناس مُحْرِماً،
فَمُلِّئَ من عَوْفِ بن كعبٍ سَلاسِلُهْ
فقوله مُحْرِماً ليس من إحْرام الحج، ولكنه الداخل في الشهر الحَرامِ.
والحُرْمُ، بالضم: الإحْرامُ بالحج. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: كنت
أُطَيِّبُه، صلى الله عليه وسلم، لحِلِّهِ ولِحُرْمِه أَي عند إِحْرامه؛
الأَزهري: المعنى أَنها كانت تُطَيِّبُه إذا اغْتسل وأَراد الإِحْرام
والإهْلالَ بما يكون به مُحْرِماً من حج أَو عمرة، وكانت تُطَيِّبُه إذا
حَلّ من إحْرامه؛ الحُرْمُ، بضم الحاء وسكون الراء: الإحْرامُ بالحج،
وبالكسر: الرجل المُحْرِمُ؛ يقال: أَنتَ حِلّ وأَنت حِرْمٌ. والإِحْرامُ: مصدر
أَحْرَمَ الرجلُ يُحْرِمُ إحْراماً إذا أَهَلَّ بالحج أَو العمرة
وباشَرَ أَسبابهما وشروطهما من خَلْع المَخِيط، وأَن يجتنب الأشياء التي منعه
الشرع منها كالطيب والنكاح والصيد وغير ذلك، والأَصل فيه المَنْع، فكأنَّ
المُحْرِم ممتنع من هذه الأَشياء. ومنه حديث الصلاة: تَحْرِيمُها
التكبير، كأن المصلي بالتكبير والدخول في الصلاة صار ممنوعاً من الكلام
والأَفعال الخارجة عن كلام الصلاة وأَفعالِها، فقيل للتكبير تَحْرِيمٌ
لمنعه المصلي من ذلك، وإنما سميت تكبيرَة الإحْرام أَي الإِحرام
بالصلاة.والحُرْمَةُ: ما لا يَحِلُّ لك انتهاكه، وكذلك المَحْرَمَةُ
والمَحْرُمَةُ، بفتح الراء وضمها؛ يقال: إن لي مَحْرُماتٍ فلا تَهْتِكْها، واحدتها
مَحْرَمَةٌ ومَحْرُمَةٌ، يريد أن له حُرُماتٍ. والمَحارِمُ: ما لا يحل
إستحلاله.
وفي حديث الحُدَيْبية: لا يسألوني خُطَّةً يعَظِّمون فيها حُرُماتِ الله
إلا أَعْطيتُهم إياها؛ الحُرُماتُ جمع حُرْمَةٍ كظُلْمَةٍ وظُلُماتٍ؛
يريد حُرْمَةَ الحَرَمِ، وحُرْمَةَ الإحْرامِ، وحُرْمَةَ الشهر الحرام.
وقوله تعالى: ذلك ومن يُعَظِّمْ حُرُماتِ الله؛ قال الزجاج: هي ما وجب
القيامُ به وحَرُمَ التفريطُ فيه، وقال مجاهد: الحُرُماتُ مكة والحج
والعُمْرَةُ وما نَهَى الله من معاصيه كلها، وقال عطاء: حُرُماتُ الله معاصي
الله.وقال الليث: الحَرَمُ حَرَمُ مكة وما أَحاط إلى قريبٍ من الحَرَمِ، قال
الأَزهري: الحَرَمُ قد ضُرِبَ على حُدوده بالمَنار القديمة التي بَيَّنَ
خليلُ الله، عليه السلام، مشَاعِرَها وكانت قُرَيْش تعرفها في الجاهلية
والإسلام لأَنهم كانوا سُكان الحَرَمِ، ويعملون أَن ما دون المَنارِ إلى
مكة من الحَرَمِ وما وراءها ليس من الحَرَمِ، ولما بعث الله عز وجل
محمداً، صلى الله عليه وسلم، أَقرَّ قُرَيْشاً على ما عرفوه من ذلك، وكتب مع
ابن مِرْبَعٍ الأَنصاري إلى قريش: أَن قِرُّوا على مشاعركم فإنكم على إرْثٍ
من إرْثِ إبراهيم، فما كان دون المنار، فهو حَرَم لا يحل صيده ولا
يُقْطَع شجره، وما كان وراء المَنار، فهو من الحِلّ يحِلُّ صيده إذا لم يكن
صائده مُحْرِماً. قال: فإن قال قائل من المُلْحِدين في قوله تعالى: أَوَلم
يَرَوْا أَنَّا جعلنا حَرَماً آمناً ويُتَخَطَّف الناس من حولهم؛ كيف
يكون حَرَماً آمناً وقد أُخِيفوا وقُتلوا في الحَرَمِ؟ فالجواب فيه أَنه عز
وجل جعله حَرَماً آمناً أَمراً وتَعَبُّداً لهم بذلك لا إخباراً، فمن آمن
بذلك كَفَّ عما نُهِي عنه اتباعاً وانتهاءً إلى ما أُمِرَ به، ومن
أَلْحَدَ وأَنكر أَمرَ الحَرَمِ وحُرْمَتَهُ فهو كافر مباحُ الدمِ، ومن
أَقَرَّ وركب النهيَ فصاد صيد الحرم وقتل فيه فهو فاسق وعليه الكفَّارة فيما
قَتَلَ من الصيد، فإن عاد فإن الله ينتقم منه. وأَما المواقيت التي يُهَلُّ
منها للحج فهي بعيدة من حدود الحَرَمِ، وهي من الحلّ، ومن أَحْرَمَ منها
بالحج في الأَشهر الحُرُمِ فهو مُحْرِمٌ مأْمور بالانتهاء ما دام
مُحْرِماً عن الرَّفَثِ وما وراءَه من أَمر النساء، وعن التَّطَيُّبِ بالطيبِ،
وعن لُبْس الثوب المَخيط، وعن صيد الصيد؛ وقال الليث في قول الأَعشى:
بأَجْيادِ غَرْبيِّ الصَّفا والمُحَرَّمِ
قال: المُحَرَّمُ هو الحَرَمُ. وتقول: أَحْرَمَ الرجلُ، فهو مُحْرِمٌ
وحَرامٌ، ورجل حَرامٌ أَي مُحْرِم، والجمع حُرُم مثل قَذالٍ وقُذُلٍ،
وأَحْرَم بالحج والعمرة لأَنه يَحْرُم عليه ما كان له حَلالاً من قبلُ كالصيد
والنساء. وأَحْرَمَ الرجلُ إذا دخل في الإحْرام بالإِهلال، وأَحْرَمَ إذا
صار في حُرَمِه من عهد أَو ميثاق هو له حُرْمَةٌ من أَن يُغار عليه؛
وأََما قول أُحَيْحَة أَنشده ابن الأَعرابي:
قَسَماً، ما غيرَ ذي كَذِبٍ،
أَن نُبيحَ الخِدْن والحُرَمَه
(* قوله «أن نبيح الخدن» كذا بالأصل، والذي في نسختين من المحكم: أن
نبيح الحصن).
قال ابن سيده: فإني أَحسب الحُرَمَةَ لغة في الحُرْمَةِ، وأَحسن من ذلك
أَن يقول والحُرُمَة، بضم الراء، فتكون من باب طُلْمة وظُلُمَةٍ، أَو
يكون أَتبع الضم الضم للضرورة كما أتبع الأَعشى الكسر الكسر أَيضاً
فقال:أَذاقَتْهُمُ الحَرْبُ أَنْفاسَها،
وقد تُكْرَهُ الحربُ بعد السِّلِمْ
إلاَّ أن قول الأَعشى قد يجوز أَن يَتَوَجَّه على الوقف كما حكاه سيبويه
من قولهم: مررت بالعِدِلْ.
وحُرَمُ الرجلِ: عياله ونساؤه وما يَحْمِي، وهي المَحارِمُ، واحدتها
مَحْرَمَةٌ ومَحْرُمة مَحْرُمة. ورَحِمٌ مَحْرَمٌ: مُحَرَّمٌ
تَزْويجُها؛ قال:
وجارةُ البَيْتِ أَراها مَحْرَمَا
كما بَراها الله، إلا إنما
مكارِهُ السَّعْيِ لمن تَكَرَّمَا
كما بَراها الله أَي كما جعلها. وقد تَحَرَّمَ بصُحْبته؛ والمَحْرَمُ:
ذات الرَّحِم في القرابة أَي لا يَحِلُّ تزويجها، تقول: هو ذو رَحِمٍ
مَحْرَمٍ، وهي ذاتُ رَحِمٍ مَحْرَمٍ؛ الجوهري: يقال هو ذو رَحِمٍ منها إذا لم
يحل له نكاحُها. وفي الحديث: لا تسافر امرأة إلا مع ذي مَحْرَمٍ منها،
وفي رواية: مع ذي حُرْمَةٍ منها؛ ذو المَحْرَمِ: من لا يحل له نكاحها من
الأَقارب كالأب والإبن والعم ومن يجري مجراهم.
والحُرْمَة: الذِّمَّةُ. وأَحْرَمَ الرجلُ، فهو مُحْرِمٌ
إذا كانت له ذمة؛ قال الراعي:
قَتَلوا ابنَ عَفّان الخليفةَ مُحْرِماً،
ودَعا فلم أَرَ مثلَهُ مَقْتولا
ويروى: مَخْذولا، وقيل: أَراد بقوله مُحْرِماً أَنهم قتلوه في آخر ذي
الحِجَّةِ؛ وقال أَبو عمرو: أَي صائماً. ويقال: أَراد لم يُحِلَّ من نفسه
شيئاً يوقِعُ به فهو مُحْرِمٌ. الأزهري: روى شمر لعُمَرَ أَنه قال الصيام
إحْرامٌ، قال: وإنما قال الصيامُ إحْرام لامتناع الصائم مما يَثْلِمُ
صيامَه، ويقال للصائم أَيضاً
مُحْرِمٌ؛ قال ابن بري: ليس مُحْرِماً في بيت الراعي من الإحْرام ولا من
الدخول في الشهر الحَرام، قال: وإنما هو مثل البيت الذي قبله، وإنما
يريد أَن عثمان في حُرْمةِ الإسلام وذِمَّته لم يُحِلَّ من نفسه شيئاً
يُوقِعُ به، ويقال للحالف مُحْرِمٌ لتَحَرُّمِه به، ومنه قول الحسن في الرجل
يُحْرِمُ في الغضب أَي يحلف؛ وقال الآخر:
قتلوا كِسْرى بليلٍ مُحْرِماً،
غادَرُوه لم يُمَتَّعْ بكَفَنْ
يريد: قَتَلَ شِيرَوَيْهِ أَباه أَبْرَوَيْز بنَ هُرْمُزَ. الأَزهري:
الحُرْمة المَهابة، قال: وإذا كان بالإنسان رَحِمٌ وكنا نستحي مه قلنا: له
حُرْمَةٌ، قال: وللمسلم على المسلم حُرْمةٌ ومَهابةٌ. قال أَبو زيد: يقال
هو حُرْمَتُك وهم ذَوو رَحِمِه وجارُه ومَنْ يَنْصره غائباً وشاهداً ومن
وجب عليه حَقُّه. ويقال: أَحْرَمْت عن الشيء إذا أَمسكتَ عنه، وذكر أَبو
القاسم الزجاجي عن اليزيدي أَنه قال: سألت عمي عن قول النبي، صلى الله
عليه وسلم: كلُّ مُسْلم عن مسلم مُحْرِمٌ، قال: المُحْرِمُ الممسك، معناه
أَن المسلم ممسك عن مال المسلم وعِرْضِهِ ودَمِهِ؛ وأَنشد لمِسْكين
الدارميّ:
أَتتْني هَناتٌ عن رجالٍ، كأَنها
خَنافِسُ لَيْلٍ ليس فيها عَقارِبُ
أَحَلُّوا على عِرضي، وأَحْرَمْتُ عنهُمُ،
وفي اللهِ جارٌ لا ينامُ وطالِبُ
قال: وأَنشد المفضل لأَخْضَرَ بن عَبَّاد المازِنيّ جاهليّ:
لقد طال إعْراضي وصَفْحي عن التي
أُبَلَّغُ عنكْم، والقُلوبُ قُلوبُ
وطال انْتِظاري عَطْفَةَ الحِلْمِ عنكمُ
ليَرْجِعَ وُدٌّ، والمَعادُ قريبُ
ولستُ أَراكُمْ تُحْرِمونَ عن التي
كرِهْتُ، ومنها في القُلوب نُدُوبُ
فلا تأمَنُوا مِنّي كَفاءةَ فِعْلِكُمْ،
فيَشْمَتَ قِتْل أَو يُساءَ حبيبُ
ويَظْهَرَ مِنّاً في المَقالِ ومنكُُمُ،
إذا ما ارْتَمَيْنا في المَقال، عُيوبُ
ويقال: أَحْرَمْتُ الشيء بمعنى حَرَّمْتُه؛ قال حُمَيْدُ بن ثَوْرٍ:
إلى شَجَرٍ أَلْمَى الظِّلالِ، كأنها
رواهِبُ أَحْرَمْنَ الشَّرابَ عُذُوبُ
قال: والضمير في كأنها يعود على رِكابٍ تقدم ذكرها. وتَحَرَّم منه
بحُرْمَةٍ: تَحَمّى وتَمَنَّعَ. وأََحْرَمَ القومُ إذا دخلوا في الشهر
الحَرامِ؛ قال زهير:
جَعَلْنَ القَنانَ عن يَمينٍ وحَزْنَهُ،
وكم بالقَنانِ من مُحِلٍّ ومُحْرِمِ
وأَحْرَمَ الرجلُ إذا دخل في حُرْمة لا تُهْتَكُ؛ وأَنشد بيت زهير:
وكم بالقنانِ من مُحِلٍّ ومُحْرِمِ
أي ممن يَحِلُّ قتالُه وممن لا يَحِلُّ ذلك منه. والمُحْرِمُ:
المُسالمُ؛ عن ابن الأَعرابي، في قول خِداش بن زهير:
إذا ما أصابَ الغَيْثُ لم يَرْعَ غَيْثَهمْ،
من الناس، إلا مُحْرِمٌ أَو مُكافِلُ
هكذا أَنشده: أَصاب الغَيْثُ، برفع الغيث، قال ابن سيده: وأَراها لغة في
صابَ أَو على حذف المفعول كأنه إذا أَصابَهُم الغَيثُ أَو أَصاب الغيث
بلادَهُم فأَعْشَبَتْ؛ وأَنشده مرة أُخرى:
إذا شَرِبوا بالغَيْثِ
والمُكافِلُ: المُجاوِرُ المُحالِفُ، والكَفيلُ من هذا أُخِذَ.
وحُرْمَةُ الرجل: حُرَمُهُ وأَهله. وحَرَمُ الرجل وحَريمُه: ما يقاتِلُ عنه
ويَحْميه، فجمع الحَرَم أَحْرامٌ، وجمع الحَريم حُرُمٌ. وفلان مُحْرِمٌ بنا أَي
في حَريمنا. تقول: فلان له حُرْمَةٌ أَي تَحَرَّمَ بنا بصحبةٍ أَو بحق
وذِمَّةِ. الأَزهري: والحَريمُ
قَصَبَةُ الدارِ، والحَريمُ فِناءُ المسجد. وحكي عن ابن واصل الكلابي:
حَريم الدار ما دخل فيها مما يُغْلَقُ عليه بابُها وما خرج منها فهو
الفِناءُ، قال: وفِناءُ البَدَوِيِّ ما يُدْرِكُهُ حُجْرَتُه وأَطنابُهُ، وهو
من الحَضَرِيّ إذا كانت تحاذيها دار أُخرى، ففِناؤُهما حَدُّ ما بينهما.
وحَريمُ الدار: ما أُضيف إليها وكان من حقوقها ومَرافِقها. وحَريمُ
البئر: مُلْقى النَّبِيثَة والمَمْشى على جانبيها ونحو ذلك؛ الصحاح: حَريم
البئر وغيرها ما حولها من مَرافقها وحُقوقها. وحَريمُ النهر: مُلْقى طينه
والمَمْشى على حافتيه ونحو ذلك. وفي الحديث: حَريمُ البئر أَربعون ذراعاً،
هو الموضع المحيط بها الذي يُلْقى فيه ترابُها أَي أَن البئر التي يحفرها
الرجل في مَواتٍ فَحريمُها ليس لأَحد أَن ينزل فيه ولا ينازعه عليها،
وسمي به لأَنه يَحْرُمُ منع صاحبه منه أَو لأَنه مُحَرَّمٌ على غيره
التصرفُ فيه.
الأَزهري: الحِرْمُ المنع، والحِرْمَةُ الحِرْمان، والحِرْمانُ نَقيضه
الإعطاء والرَّزْقُ. يقال: مَحْرُومٌ ومَرْزوق. وحَرَمهُ الشيءَ
يَحْرِمُهُ وحجَرِمَهُ حِرْماناً وحِرْماً
(* قوله «وحرماً» أي بكسر فسكون، زاد في
المحكم: وحرماً ككتف) وحَريماً وحِرْمَةً وحَرِمَةً وحَريمةً،
وأَحْرَمَهُ لغةٌ ليست بالعالية، كله: منعه العطيّة؛ قال يصف امرأة:
وأُنْبِئْتُها أَحْرَمَتْ قومَها
لتَنْكِحَ في مَعْشَرٍ آخَرِينا
أَي حَرَّمَتْهُم على نفسها. الأَصمعي: أَحْرَمَتْ قومها أَي
حَرَمَتْهُم أَن ينكحوها. وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: كل مُسلمٍ
عن مسلم مُحْرِمٌ أَخَوانِ نَصيرانِ؛ قال أَبو العباس: قال ابن الأَعرابي
يقال إنه لمُحْرِمٌ عنك أَي يُحَرِّمُ أَذاكَ عليه؛ قال الأَزهري: وهذا
بمعنى الخبر، أَراد أَنه يَحْرُمُ على كل واحد منهما أَن يُؤْذي صاحبَهُ
لحُرْمة الإسلام المانِعَتِه عن ظُلْمِه. ويقال: مُسلم مُحْرِمٌ وهو الذي
لم يُحِلَّ من نفسه شيئاً يُوقِعُ به، يريد أَن المسلم مُعْتَصِمٌ
بالإسلام ممتنع بحُرْمتِهِ ممن أَراده وأَراد ماله.
والتَّحْرِيمُ: خلاف التَّحْليل. ورجل مَحْروم: ممنوع من الخير. وفي
التهذيب: المَحْروم الذي حُرِمَ الخيرَ حِرْماناً. وقوله تعالى: في أَموالهم
حقٌّ معلوم للسائل والمَحْروم؛ قيل: المَحْروم الذي لا يَنْمِي له مال،
وقيل أَيضاً: إِنه المُحارِفُ الذي لا يكاد يَكْتَسِبُ. وحَرِيمةُ
الربِّ: التي يمنعها من شاء من خلقه. وأَحْرَمَ الرجلَ: قَمَرَه، وحَرِمَ في
اللُّعبة يحْرَمُ حَرَماً: قَمِرَ ولم يَقْمُرْ هو؛ وأَنشد:
ورَمَى بسَهْمِ حَريمةٍ لم يَصْطَدِ
ويُخَطُّ خَطٌّ
فيدخل فيه غِلمان وتكون عِدَّتُهُمْ في خارج من الخَطّ فيَدْنو هؤلاء من
الخط ويصافحُ أَحدُهم صاحبَهُ، فإن مسَّ الداخلُ الخارجَ فلم يضبطه
الداخلُ قيل للداخل: حَرِمَ وأَحْرَمَ الخارِجُ الداخلَ، وإن ضبطه الداخلُ
فقد حَرِمَ الخارِجُ وأَحْرَمَه الداخِلُ. وحَرِمَ الرجلُ حَرماً: لَجَّ
ومَحَكَ. وحَرِمَت المِعْزَى وغيرُها من ذوات الظِّلْف حِراماً
واسْتحْرَمَتْ: أَرادت الفحل، وما أَبْيَنَ حِرْمَتَها، وهي حَرْمَى، وجمعها حِرامٌ
وحَرامَى، كُسِّرَ على ما يُكَسَّرُ عليه فَعْلَى التي لها فَعْلانُ نحو
عَجْلان وعَجْلَى وغَرْثان وغَرْثى، والاسم الحَرَمةُ والحِرمةُ؛ الأَول
عن اللحياني، وكذلك الذِّئْبَةُ والكلبة وأكثرها في الغنم، وقد حكي ذلك
في الإبل. وجاء في بعض الحديث: الذين تقوم عليهم الساعةُ تُسَلَّطُ عليهم
الحِرْمَةُ أَي الغُلْمَةُ ويُسْلَبُون الحياءَ، فاسْتُعْمِل في ذكور
الأَناسِيِّ، وقيل: الإسْتِحْرامُ لكل ذات ظِلْفٍ خاصةً. والحِرْمَةُ،
بالكسر: الغُلْمةُ. قال ابن الأثير: وكأنها بغير الآدمي من الحيوان أَخَصُّ.
وقوله في حديث آدم، عليه السلام: إنه اسْتَحْرَمَ بعد موت ابنه مائةَ سنةٍ
لم يَضْحَكْ؛ هو من قولهم: أَحْرَمَ الرجلُ إذا دخل في حُرْمَةٍ لا
تهْتَكُ، قال: وليس من اسْتِحْرام الشاة. الجوهري: والحِرْمةُ في الشاء
كالضَّبْعَةِ في النُّوقِ، والحِنَاء في النِّعاج، وهو شهوة البِضاع؛ يقال:
اسْتَحْرَمَت الشاةُ وكل أُنثى من ذوات الظلف خاصةً إذا اشتهت الفحل. وقال
الأُمَوِيُّ: اسْتَحْرَمتِ الذِّئبةُ والكلبةُ
إذا أَرادت الفحل. وشاة حَرْمَى وشياه حِرامٌ وحَرامَى مثل عِجالٍ
وعَجالى، كأَنه لو قيل لمذكَّرِهِ لَقِيل حَرْمانُ، قال ابن بري: فَعْلَى
مؤنثة فَعْلان قد تجمع على فَعالَى وفِعالٍ نحو عَجالَى وعِجالٍ، وأَما شاة
حَرْمَى فإنها، وإن لم يستعمل لها مذكَّر، فإنها بمنزلة ما قد استعمل لأَن
قياس المذكر منه حَرْمانُ، فلذلك قالوا في جمعه حَرامَى وحِرامٌ، كما
قالوا عَجالَى وعِجالٌ.
والمُحَرَّمُ من الإبل مثل العُرْضِيِّ: وهو الذَّلُول الوَسَط
(* قوله
«وهو الذلول الوسط» ضبطت الطاء في القاموس بضمة، وفي نسختين من المحكم
بكسرها ولعله أقرب للصواب) الصعبُ التَّصَرُّفِ حين تصَرُّفِه. وناقة
مُحَرَّمةٌ: لم تُرَضْ؛ قال الأَزهري: سمعت العرب تقول ناقة مُحَرَّمَةُ
الظهرِ إذا كانت صعبةً لم تُرَضْ ولم تُذَلَّْلْ، وفي الصحاح: ناقة
مُحَرَّمةٌ أَي لم تَتِمَّ رياضتُها بَعْدُ. وفي حديث عائشة: إنه أَراد البَداوَة
فأَرسل إليَّ ناقة مُحَرَّمةً؛ هي التي لم تركب ولم تُذَلَّل.
والمُحَرَّمُ من الجلود: ما لم يدبغ أَو دُبغ فلم يَتَمَرَّن ولم يبالغ، وجِلد
مُحَرَّم: لم تتم دِباغته. وسوط مُحَرَّم: جديد لم يُلَيَّنْ بعدُ؛ قال
الأَعشى:
تَرَى عينَها صَغْواءَ في جنبِ غَرْزِها،
تُراقِبُ كَفِّي والقَطيعَ المُحَرَّما
وفي التهذيب: في جنب موقها تُحاذر كفِّي؛ أَراد بالقَطيع سوطه. قال
الأَزهري: وقد رأَيت العرب يُسَوُّون سياطَهم من جلود الإبل التي لم تدبغ،
يأخذون الشَّريحة العريضة فيقطعون منها سُيوراً عِراضاً ويدفنونها في
الثَّرَى، فإذا نَدِيَتْ ولانت جعلوا منها أَربع قُوىً، ثم فتلوها ثم علَّقوها
من شِعْبَي خشبةٍ يَرْكُزونها في الأَرض فتُقِلُّها من الأَرض ممدودةً
وقد أَثقلوها حتى تيبس.
وقوله تعالى: وحِرْم على قرية أهلكناها أَنهم لا يرجعون؛ روى قَتادةُ عن
ابن عباس: معناه واجبٌ عليها إذا هَلَكَتْ أن لا ترجع إلى دُنْياها؛
وقال أَبو مُعاذٍ النحويّ: بلغني عن ابن عباس أَنه قرأَها وحَرمَ على قرية
أَي وَجَب عليها، قال: وحُدِّثْت عن سعيد بن جبير أَنه قرأَها: وحِرْمٌ
على قرية أَهلكناها؛ فسئل عنها فقال: عَزْمٌ عليها. وقال أَبو إسحق في
قوله تعالى: وحرامٌ
على قرية أَهلكناها؛ يحتاج هذا إلى تَبْيين فإنه لم يُبَيَّنْ، قال:
وهو، والله أَعلم، أَن الله عز وجل لما قال: فلا كُفْرانَ لسعيه إنا له
كاتبون، أَعْلَمنا أَنه قد حَرَّمَ أعمال الكفار، فالمعنى حَرامٌ على قرية
أَهلكناها أَن يُتَقَبَّل منهم عَمَلٌ، لأَنهم لا يرجعون أَي لا يتوبون؛
وروي أَيضاً عن ابن عباس أَنه قال في قوله: وحِرْمٌ على قرية أَهلكناها،
قال: واجبٌ على قرية أَهلكناها أَنه لا يرجع منهم راجع أَي لا يتوب منهم
تائب؛ قال الأَزهري: وهذا يؤيد ما قاله الزجاج، وروى الفراء بإسناده عن ابن
عباس: وحِرْمٌ؛ قال الكسائي: أَي واجب، قال ابن بري: إنما تَأَوَّلَ
الكسائي وحَرامٌ في الآية بمعنى واجب، لتسلم له لا من الزيادة فيصير المعنى
عند واجبٌ على قرية أَهلكناها أَنهم لا يرجعون، ومن جعل حَراماً بمعنى
المنع جعل لا زائدة تقديره وحَرامٌ على قرية أَهلكناها أَنهم يرجعون،
وتأويل الكسائي هو تأْويل ابن عباس؛ ويقوّي قول الكسائي إن حَرام في الآية
بمعنى واجب قولُ عبد الرحمن بن جُمانَةَ المُحاربيّ جاهليّ:
فإنَّ حَراماً لا أَرى الدِّهْرَ باكِياً
على شَجْوِهِ، إلاَّ بَكَيْتُ على عَمْرو
وقرأ أَهل المدينة وحَرامٌ، قال الفراء: وحَرامٌ أَفشى في القراءة.
وحَرِيمٌ: أَبو حَيّ. وحَرامٌ: اسم. وفي العرب بُطون ينسبون إلى آل
حَرامٍ
(* قوله «إلى آل حرام» هذه عبارة المحكم وليس فيها لفظ آل) بَطْنٌ من
بني تميم وبَطْنٌ في جُذام وبطن في بكر بن وائل. وحَرامٌ: مولى كُلَيْبٍ.
وحَريمةُ: رجل من أَنجادهم؛ قال الكَلْحَبَةُ اليَرْبوعيّ:
فأَدْرَكَ أَنْقاءَ العَرَادةِ ظَلْعُها،
وقد جَعَلَتْني من حَريمةَ إصْبَعا
وحَرِيمٌ: اسم موضع؛ قال ابن مقبل:
حَيِّ دارَ الحَيِّ لا حَيَّ بها،
بِسِخالٍ فأُثالٍ فَحَرِمْ
والحَيْرَمُ: البقر، واحدتها حَيْرَمة؛ قال ابن أَحمر:
تَبَدَّلَ أُدْماً من ظِباءٍ وحَيْرَما
قال الأَصمعي: لم نسمع الحَيْرَمَ إلا في شعر ابن أَحمر، وله نظائر
مذكورة في مواضعها. قال ابن جني: والقولُ في هذه الكلمة ونحوها وجوبُ قبولها،
وذلك لما ثبتتْ به الشَّهادةُ من فَصاحة ابن أَحمر، فإما أَن يكون شيئاً
أَخذه عمن نَطَقَ بلغة قديمة لم يُشارَكْ في سماع ذلك منه، على حدّ ما
قلناه فيمن خالف الجماعة، وهو فصيح كقوله في الذُّرَحْرَح الذُّرَّحْرَحِ
ونحو ذلك، وإما أَن يكون شيئاً ارتجله ابن أَحمر، فإن الأَعرابي إذا
قَوِيَتْ فصاحتُه وسَمَتْ طبيعتُه تصرَّف وارتجل ما لم يسبقه أَحد قبله، فقد
حكي عن رُؤبَة وأَبيه: أَنهما كانا يَرْتَجِلان أَلفاظاً لم يسمعاها ولا
سُبِقا إليها، وعلى هذا قال أَبو عثمان: ما قِيس على كلام العَرَب فهو من
كلام العرب. ابن الأَعرابي: الحَيْرَمُ البقر، والحَوْرَمُ المال الكثير
من الصامِتِ والناطق.
والحِرْمِيَّةُ: سِهام تنسب إلى الحَرَمِ، والحَرَمُ قد يكون الحَرامَ،
ونظيره زَمَنٌ وزَمانٌ.
وحَريمٌ الذي في شعر امرئ القيس: اسم رجل، وهو حَريمُ بن جُعْفِيٍّ
جَدُّ الشُّوَيْعِر؛ قال ابن بري يعني قوله:
بَلِّغا عَنِّيَ الشُّوَيْعِرَ أَني،
عَمْدَ عَيْنٍ، قَلَّدْتُهُنَّ حَريما
وقد ذكر ذلك في ترجمة شعر. والحرَيمةُ: ما فات من كل مَطْموع فيه.
وحَرَمَهُ الشيء يَحْرِمُه حَرِماً مثل سَرَقَه سَرِقاً، بكسر الراء،
وحِرْمَةً
وحَريمةً وحِرْماناً وأَحْرَمَهُ أَيضاً إذا منعه إياه؛ وقال يصف إمرأة:
ونُبِّئْتُها أَحْرَمَتْ قَوْمَها
لتَنْكِحَ في مَعْشَرٍ آخَرِينا
(* قوله «ونبئتها» في التهذيب: وأنبئتها)
قال ابن بري: وأَنشد أَبو عبيد شاهداً على أَحْرَمَتْ بيتين متباعد
أَحدهما من صاحبه، وهما في قصيدة تروى لشَقِيق بن السُّلَيْكِ، وتروى لابن
أَخي زِرّ ابن حُبَيْشٍ الفقيه القارئ، وخطب امرأَة فردته فقال:
ونُبِّئْتُها أَحْرَمَتْ قومها
لتَنكِح في معشرٍ آخَرينا
فإن كنتِ أَحْرَمْتِنا فاذْهَبي،
فإن النِّساءَ يَخُنَّ الأَمينا
وطُوفي لتَلْتَقِطي مِثْلَنا،
وأُقْسِمُ باللهِ لا تَفْعَلِينا
فإمّا نَكَحْتِ فلا بالرِّفاء،
إذا ما نَكَحْتِ ولا بالبَنِينا
وزُوِّجْتِ أَشْمَطَ في غُرْبة،
تُجََنُّ الحَلِيلَة منه جُنونا
خَليلَ إماءٍ يُراوِحْنَهُ،
وللمُحْصَناتِ ضَرُوباً مُهِينا
إذا ما نُقِلْتِ إلى دارِهِ
أَعَدَّ لظهرِكِ سوطاً مَتِينا
وقَلَّبْتِ طَرْفَكِ في مارِدٍ،
تَظَلُّ الحَمامُ عليه وُكُونا
يُشِمُّكِ أَخْبَثَ أَضْراسِه،
إذا ما دَنَوْتِ فتسْتَنْشِقِينا
كأَن المَساويكَ في شِدْقِه،
إذا هُنَّ أُكرِهن، يَقلَعنَ طينا
كأَنَّ تَواليَ أَنْيابِهِ
وبين ثَناياهُ غِسْلاً لَجِينا
أَراد بالمارِدِ حِصْناً أَو قَصراً مما تُُعْلى حيطانُه وتُصَهْرَجُ
حتى يَمْلاسَّ فلا يقدر أَحد على ارتقائه، والوُكُونُ: جمع واكِنٍ مثل جالس
وجُلوسٍ، وهي الجاثِمة، يريد أَن الحمام يقف عليه فلا يُذْعَرُ
لارتفاعه، والغِسْل: الخطْمِيُّ، واللَّجِينُ: المضروب بالماء، شبَّه ما رَكِبَ
أَسنانَه وأنيابَِ من الخضرة بالخِطميّ المضروب بالماء. والحَرِمُ، بكسر
الراء: الحِرْمانُ؛ قال زهير:
وإنْ أَتاه خليلٌ يوم مَسْأَلةٍ
يقولُ: لا غائبٌ مالي ولا حَرِمُ
وإنما رَفَعَ يقولُ، وهو جواب الجزاء، على معنى التقديم عند سيبويه
كأَنه قال: يقول إن أَتاه خليل لا غائب، وعند الكوفيين على إضمار الفاء؛ قال
ابن بري: الحَرِمُ الممنوع، وقيل: الحَرِمُ الحَرامُ. يقال: حِرْمٌ
وحَرِمٌ وحَرامٌ بمعنى. والحَريمُ: الـصديق؛ يقال: فلان حَريمٌ
صَريح أَي صَديق خالص. قال: وقال العُقَيْلِيُّونَ حَرامُ
الله لا أَفعلُ ذلك، ويمينُ الله لا أَفعلُ ذلك، معناهما واحد. قال:
وقال أَبو زيد يقال للرجل: ما هو بحارِم عَقْلٍ، وما هو بعادِمِ عقل،
معناهما أَن له عقلاً. الأزهري: وفي حديث بعضهم إذا اجتمعت حُرْمتانِ طُرِحت
الصُّغْرى للكُبْرى؛ قال القتيبي: يقول إذا كان أَمر فيه منفعة لعامَّة
الناس ومَضَرَّةٌ على خاصّ منهم قُدِّمت منفعة العامة، مثال ذلك: نَهْرٌ
يجري لشِرْب العامة، وفي مَجْراه حائطٌ لرجل وحَمَّامٌ يَضُرُّ به هذا
النهر، فلا يُتْرَكُ إجراؤه من قِبَلِ هذه المَضَرَّة، هذا وما أَشبهه، قال:
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: في الحَرامِ كَفَّارةُ يمينٍ؛ هو أَن يقول
حَرامُ الله لا أَفعلُ كما يقول يمينُ اللهِ، وهي لغة العقيلِييّن، قال:
ويحتمل أَن يريد تَحْريمَ الزوجة والجارية من غير نية الطلاق؛ ومنه قوله
تعالى: يا أَيها النبي لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ الله لك، ثم قال عز وجل:
قد فرض الله لكم تَحِلَّةَ أَيْمانِكم؛ ومنه حديث عائشة، رضي الله عنها:
آلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من نسائه وحَرَّمَ فجعل الحَرامَ
حلالاً، تعني ما كان حَرّمهُ على نفسه من نسائه بالإيلاء عاد فأَحَلَّهُ
وجعل في اليمين الكفارةَ. وفي حديث عليّ
(* قوله «وفي حديث عليّ إلخ» عبارة
النهاية: ومنه حديث عليّ إلخ) في الرجل يقول لامرأته: أَنتِ عليَّ
حَرامٌ، وحديث ابن عباس: من حَرّمَ امرأَته فليس بشيءٍ، وحديثه الآخر: إذا
حَرَّمَ الرجل امرأَته فهي يمينٌ يُكَفِّرُها. والإحْرامُ والتَّحْريمُ
بمعنى؛ قال يصف بعيراً:
له رِئَةٌ قد أَحْرَمَتْ حِلَّ ظهرِهِ،
فما فيه للفُقْرَى ولا الحَجِّ مَزْعَمُ
قال ابن بري: الذي رواه ابن وَلاَّد وغيره: له رَبَّة، وقوله مَزْعَم
أَي مَطْمع. وقوله تعالى: للسائل والمَحْرُوم؛ قال ابن عباس: هو
المُحارِف.أَبو عمرو: الحَرُومُ الناقة المُعْتاطةُ الرَّحِمِ، والزَّجُومُ التي
لا تَرْغُو، والخَزُوم المنقطعة في السير، والزَّحُوم التي تزاحِمُ على
الحوض.
والحَرامُ: المُحْرِمُ. والحَرامُ: الشهر الحَرامُ. وحَرام: قبيلة من
بني سُلَيْمٍ؛ قال الفرزدق:
فَمَنْ يَكُ خائفاً لأذاةِ شِعْرِي،
فقد أَمِنَ الهجاءَ بَنُو حَرامِ
وحَرَام أَيضاً: قبيلة من بني سعد بن بكر.
والتَّحْرِيمُ: الصُّعوبة؛ قال رؤبة:
دَيَّثْتُ من قَسْوتِهِ التَّحرِيما
يقال: هو بعير مُحَرَّمٌ أَي صعب. وأَعرابيّ مُحَرَّمٌ
أَي فصيح لم يخالط الحَضَرَ. وقوله في الحديث: أَما عَلِمْتَ أَن الصورة
مُحَرَّمةٌ؟ أَي مُحَرَّمَةُ الضربِ أَو ذات حُرْمةٍ، والحديث الآخر:
حَرَّمْتُ الظلمَ على نفسي أَي تَقَدَّسْتُ عنه وتعالَيْتُ، فهو في حقه
كالشيء المُحَرَّم على الناس. وفي الحديث الآخر: فهو حَرامٌ بحُرمة الله أَي
بتحريمه، وقيل: الحُرْمةُ الحق أَي بالحق المانع من تحليله. وحديث
الرضاع: فَتَحَرَّمَ بلبنها أَي صار عليها حَراماً. وفي حديث ابن عباس:
وذُكِرَ عنده قولُ عليٍّ أَو عثمان في الجمع بين الأَمَتَيْن الأُختين:
حَرَّمَتْهُنَّ آيةٌ وأَحَلَّتْهُنَّ آيةٌ، فقال: يُحَرِّمُهُنَّ عليَّ قرابتي
منهن ولا يُحرِّمُهُنَّ قرابةُ بعضهن من بعض؛ قال ابن الأَثير: أَراد ابن
عباس أَن يخبر بالعِلَّة التي وقع من أجلها تَحْريمُ الجمع بين الأُختين
الحُرَّتَين فقال: لم يقع ذلك بقرابة إحداهما من الأخرى إذ لو كان ذلك لم
يَحِلَّ وطءُ الثانية بعد وطء الأولى كما يجري في الأُمِّ مع البنت،
ولكنه وقع من أجل قرابة الرجل منهما فَحُرمَ عليه أَن يجمع الأُختَ إلى
الأُخت لأَنها من أَصْهاره، فكأَن ابن عباس قد أَخْرَجَ الإماءَ من حكم
الحَرائر لأَنه لا قرابة بين الرجل وبين إمائِه، قال: والفقهاء على خلاف ذلك
فإنهم لا يجيزون الجمع بين الأُختين في الحَرائر والإماء، فالآية
المُحَرِّمةُ قوله تعالى: وأَن تجمعوا بين الأُختين إلاَّ ما قد سلف، والآية
المُحِلَّةُ قوله تعالى: وما مَلكتْ أَيْمانُكُمْ.
حبل: الحَبْل: الرِّباط، بفتح الحاء، والجمع أَحْبُل وأَحبال وحِبال
وحُبُول؛ وأَنشد الجوهري لأَبي طالب:
أَمِنْ أَجْلِ حَبْلٍ، لا أَباكَ، ضَرَبْتَه
بمِنْسَأَة؟ قد جَرَّ حَبْلُك أَحْبُلا
قال ابن بري: صوابه قد جَرَّ حَبْلَك أَحْبُلُ؛ قال: وبعده:
هَلُمَّ إِلى حُكْمِ ابن صَخْرة، إِنَّه
سَيَحكُم فيما بَيْننا، ثم يَعْدِلُ
والحبْل: الرَّسَن، وجمعه حُبُول وحِبال. وحَبَل الشيءَ حَبْلاً: شَدَّه
بالحَبْل؛ قال:
في الرأْس منها حبُّه مَحْبُولُ
ومن أَمثالهم: يا حابِلُ اذْكُرْ حَلاًّ أَي يا من يَشُدُّ الحَبْلَ
اذكر وقت حَلِّه. قال ابن سيده: ورواه اللحياني يا حامل، بالميم، وهو تصحيف؛
قال ابن جني: وذاكرت بنوادر اللحياني شيخنا أَبا علي فرأَيته غير راض
بها، قال: وكان يكاد يُصَلِّي بنوادر أَبي زيد إِعْظاماً لها، قال: وقال لي
وقت قراءتي إِياها عليه ليس فيها حرف إِلاَّ ولأَبي زيد تحته غرض مّا،
قال ابن جني: وهو كذلك لأَنها مَحْشُوَّة بالنُّكَت والأَسرار؛ الليث:
المُحَبَّل الحَبْل في قول رؤبة:
كل جُلال يَمْلأ المُحَبَّلا
وفي حديث قيس بن عاصم: يَغْدو الناس بِحبالهم فلا يُوزَع رجل عن جَمَل
يَخْطِمُه؛ يريد الحِبال التي تُشَدُّ فيها الإِبل أَي يأْخذ كل إِنسان
جَمَلاً يَخْطِمُه بحَبْله ويتملكه؛ قال الخطابي: رواه ابن الأَعرابي يغدو
الناس بجمالهم، والصحيح بحِبالهم. والحابُول: الكَرُّ الذي يُصْعد به على
النخل. والحَبْل: العَهْد والذِّمَّة والأَمان وهو مثل الجِوار؛ وأَنشد
الأَزهري:
ما زلْتُ مُعْتَصِماً بحَبْلٍ منكُم،
مَنْ حَلِّ ساحَتَكم بأَسْبابٍ نَجا
بعَهْدٍ وذِمَّةٍ. والحَبْل: التَّواصُل. ابن السكيت: الحَبْل الوِصال.
وقال الله عز وجل: واعتصموا بحَبْل الله جميعاً؛ قال أَبو عبيد: الاعتصام
بحَبْل الله هو ترك الفُرْقة واتباعُ القرآن، وإِيَّاه أَراد عبد الله
بن مسعود بقوله: عليكم بحَبْل الله فإِنه كتاب الله. وفي حديث الدعاء: يا
ذا الحَبْل الشديد؛ قال ابن الأَثير: هكذا يرويه المحدثون بالباء، قال:
والمراد به القرآن أَو الدين أَو السبب؛ ومنه قوله تعالى: واعتصموا بحَبْل
الله جميعاً ولا تَفَرَّقوا؛ ووصفه بالشدَّة لأَنها من صِفات الحِبال،
والشدَّةُ في الدين الثَّباتُ والاستقامة؛ قال الأَزهري: والصواب الحَيْل،
بالياء، وهو القُوَّة، يقال حَيْل وحَوْل بمعنى. وفي حديث الأَقرع
والأَبرص والأَعمى: أَنا رجل مسكين قد انقطعت بي الحِبال في سَفَري أَي انقطعت
بي الأَسباب، من الحَبْل السَّبَبِ. قال أَبو عبيد: وأَصل الحَبْل في
كلام العرب ينصرف على وجوه منها العهد وهو الأَمان. وفي حديث الجنازة:
اللهم إِن فلانَ بْنَ فلانٍ في ذمتك وحَبْل جِوارك؛ كان من عادة العرب أَن
يُخِيف بعضها بعضاً في الجاهلية، فكان الرجل إِذا أَراد سفراً أَخذ عهداً
من سيد كل قبيلة فيأْمن به ما دام في تلك القبيلة حتى ينتهي إِلى الأُخرى
فيأْخذ مثل ذلك أَيضاً، يريد به الأَمان، فهذا حَبْل الجِوار أَي ما دام
مجاوراً أَرضه أَو هو من الإِجارة الأَمان والنصرة؛ قال: فمعنى قول ابن
مسعود عليكم بحبل الله أَي عليكم بكتاب الله وترك الفُرْقة، فإِنه أَمان
لكم وعهد من عذاب الله وعقابه؛ وقال الأَعشى يذكر مسيراً له:
وإِذا تُجَوِّزها حِبالُ قَبِيلة،
أَخَذَتْ من الأُخرى إِليك حِبالَها
وفي الحديث: بيننا وبين القوم حِبال أَي عهود ومواثيق. وفي حديث ذي
المِشْعار: أَتَوْك على قُلُصٍ نَواجٍ متصلة بحَبائل الإِسلام أَي عهوده
وأَسبابه، على أَنها جمع الجمع. قال: والحَبْل في غير هذا المُواصَلة؛ قال
امرؤ القيس:
إِني بحَبْلك واصِلٌ حَبْلي،
وبِرِيش نَبْلِك رائش نَبْلي
والحَبْل: حَبْل العاتق. قال ابن سيده: حَبْل العاتق عَصَب، وقيل:
عَصَبة بين العُنُق والمَنْكِب؛ قال ذو الرمة:
والقُرْطُ في حُرَّة الذِّفْرى مُعَلَّقُهُ،
تَباعَدَ الحَبْلُ منها، فهو يضطرب
وقيل: حَبْل العاتق الطَّرِيقة التي بين العُنُق ورأْس الكتف. الأَزهري:
حَبْلُ العاتق وُصْلة ما بين العاتق والمَنْكِب. وفي حديث أَبي قتادة:
فضربته على حَبْل عاتقه، قال: هو موضع الرداء من العنق، وقيل: هو عِرْق
أَو عَصَب هناك. وحَبْل الوَرِيد: عِرْق يَدِرُّ في الحَلْق، والوَرِيدُ
عِرْق يَنْبِض من الحيوان لا دَم فيه. الفراء في قوله عز وجل: ونحن أَقرب
إِليه من حَبْل الوريد؛ قال: الحَبْل هو الوَرِيد فأُضيف إِلى نفسه
لاختلاف لفظ الاسمين، قال: والوَرِيد عِرْق بين الحُلْقوم والعِلْباوَيْن؛
الجوهري: حَبْل الوَرِيد عِرْق في العنق وحَبْلُ الذراع في اليد. وفي المثل:
هو على حَبْل ذراعك أَي في القُرب منك. ابن سيده: حَبْل الذراع عِرْق
ينقاد من الرُّسْغ حتى ينغمس في المَنْكِب؛ قال:
خِطَامُها حَبْلُ الذراع أَجْمَع
وحَبْل الفَقار: عِرق ينقاد من أَول الظهر إِلى آخره؛ عن ثعلب؛ وأَنشد
البيت أَيضاً:
خِطامها حبل الفَقار أَجْمَع
مكان قوله حَبْل الذراع، والجمع كالجمع. وهذا على حَبْل ذراعك أَي
مُمْكِن لك لا يُحال بينكما، وهو على المثل، وقيل: حِبال الذراعين العَصَب
الظاهر عليهما، وكذلك هي من الفَرَس. الأَصمعي: من أَمثالهم في تسهيل الحاجة
وتقريبها: هو على حَبْل ذراعك أَي لا يخالفك، قال: وحَبْل الذراع عِرْق
في اليد، وحِبال الفَرَس عروق قوائمه؛ ومنه قول امرئ القيس:
كأَنَّ نُجوماً عُلِّقَتْ في مَصامِه،
بأَمراس كَتَّانٍ إِلى صُمِّ جَنْدَل
والأَمراس: الحِبال، الواحدة مَرَسة، شَبَّه عروق قوائمه بحِبال
الكَتَّان، وشبه صلابة حوافره بصُمِّ الجَنْدَل، وشبه تحجيل قوائمه ببياض نجوم
السماء. وحِبال الساقين: عَصَبُهما. وحَبائِل الذكر: عروقه.
والحِبالة: التي يصاد بها، وجمعها حَبائل، قال: ويكنى بها عن الموت؛ قال
لبيد:
حَبائلُه مبثوثة بَسبِيلهِ،
ويَفْنى إِذا ما أَخطأَتْه الحَبائل
وفي الحديث: النِّساء حَبائل الشيطان أَي مَصايِدُه، واحدتها حِبالة،
بالكسر، وهي ما يصاد بها من أَيّ شيء كان. وفي حديث ابن ذي يَزَن:
ويَنْصِبون له الحَبائل. والحَابِل: الذي يَنْصِب الحِبالة للصيد. والمَحْبُول:
الوَحْشيُّ الذي نَشِب في الحِبالة. والحِبالة: المِصْيَدة مما كانت.
وحَبَل الصيدَ حَبْلاً واحْتَبَله: أَخذه وصاده بالحِبالة أَو نصبها له.
وحَبَلَته الحِبالةُ: عَلِقَتْه، وجمعها حبائل؛ واستعاره الراعي للعين وأَنها
عَلِقَت القَذَى كما عَلِقَت الحِبالةُ الصيدَ فقال:
وبات بثَدْيَيْها الرَّضِيعُ كأَنه
قَذًى، حَبَلَتْه عَيْنُها، لا يُنيمُها
وقيل: المَحْبُول الذي نصبت له الحِبالة وإِن لم يقع فيها.
والمُحْتَبَل: الذي أُخِذ فيها؛ ومنه قول الأَعشى:
ومَحْبُول ومُحْتَبَل
الأَزهري: الحَبْل مصدر حَبَلْت الصيد واحتبلته إِذا نصبت له حِبالة
فنَشِب فيها وأَخذته. والحِبالة: جمع الحَبَل. يقال: حَبَل وحِبال وحِبالة
مثل جَمَل وجِمال وجِمالة وذَكَر وذِكار وذِكارة. وفي حديث عبد الله
السعدي: سأَلت ابن المسيَّب عن أَكل الضَّبُع فقال: أَوَيأْكلها أَحد؟ فقلت:
إِن ناساً من قومي يَتَحَبَّلُونها فيأْكلونها، أَي يصطادونها
بالحِبالة.ومُحْتَبَل الفَرَس: أَرْساغه؛ ومنه قول لبيد:
ولقد أَغدو، وما يَعْدِمُني
صاحبٌ غير طَوِيل المُحْتَبَل
أَي غير طويل الأَرساغ، وإِذا قَصُرت أَرساغه كان أَشدّ. والمُحْتَبَل
من الدابة: رُسْغُها لأَنه موضع الحَبْل الذي يشدّ فيه. والأُحْبُول:
الحِبالة. وحبائل الموت: أَسبابُه؛ وقد احْتَبَلهم الموتُ.
وشَعرٌ مُحَبَّل: مَضْفور. وفي حديث قتادة في صفة الدجال، لعنه الله:
إِنه مُحبَّل الشعر أَي كأَن كل قَرْن من قرون رأْسه حَبْل لأَنه جعله
تَقاصيب لجُعُودة شعره وطوله، ويروى بالكاف مُحَبَّك الشَّعر. والحُبال:
الشَّعر الكثير.
والحَبْلانِ: الليلُ والنهار؛ قال معروف بن ظالم:
أَلم تر أَنَّ الدهر يوم وليلة،
وأَنَّ الفتى يُمْسِي بحَبْلَيْه عانِيا؟
وفي التنزيل العزيز في قصة اليهود وذُلِّهم إِلى آخر الدنيا وانقضائها:
ضُرِبَت عليهم الذِّلَّة أَينما ثُقِفُوا إِلاَّ بحَبْل من الله وحَبْل
من الناس؛ قال الأَزهري: تكلم علماء اللغة في تفسير هذه الآية واختلفت
مذاهبهم فيها لإِشكالها، فقال الفراء: معناه ضربت عليهم الذلة إِلا أَن
يعتصموا بحَبْل من الله فأَضمر ذلك؛ قال: ومثله قوله:
رَأَتْني بحَبْلَيْها فَصَدَّت مَخافةً،
وفي الحَبْل رَوْعاءُ الفؤاد فَرُوق
أَراد رأَتني أَقْبَلْتُ بحَبْلَيْها فأَضمر أَقْبَلْت كما أَضمر
الاعتصام في الآية؛ وروى الأَزهري عن أَبي العباس أَحمد بن يحيى أَنه قال: الذي
قاله الفراء بعيد أَن تُحْذف أَن وتبقى صِلَتُها، ولكن المعنى إِن شاء
الله ضُرِبَت عليهم الذلة أَينما ثُقِفوا بكل مكان إِلا بموضع حَبْل من
الله، وهو استثناء متصل كما تقول ضربت عليهم الذلة في الأَمكنة إِلا في هذا
المكان؛ قال: وقول الشاعر رأَتني بحَبْلَيْها فاكتفى بالرؤية من التمسك،
قال: وقال الأَخفش إِلا بحَبْل من الله إِنه استثناء خارج من أَول
الكلام في معنى لكن، قال الأَزهري: والقول ما قال أَبو العباس. وفي حديث
النبي،صلى الله عليه وسلم: أُوصيكم بكتاب الله وعِتْرَتي أَحدهما أَعظم من
الآخر وهو كتاب الله حَبْل ممدود من السماء إِلى الأَرض أَي نور ممدود؛ قال
أَبو منصور: وفي هذا الحديث اتصال كتاب الله
(* قوله «اتصال كتاب الله»
أي بالسماء) عز وجل وإِن كان يُتْلى في الأَرض ويُنسَخ ويُكتَب، ومعنى
الحَبْل الممدود نور هُدَاه، والعرب تُشَبِّه النور الممتدّ بالحَبْل
والخَيْط؛ قال الله تعالى: حتى يتبين لكم الخيط الأَبيض من الخيط الأَسود من
الفجر؛ يعني نور الصبح من ظلمة الليل، فالخيط الأَبيض هو نور الصبح إِذا
تبين للأَبصار وانفلق، والخيط الأَسود دونه في الإِنارة لغلبة سواد الليل
عليه، ولذلك نُعِتَ بالأَسود ونُعِت الآخر بالأَبيض، والخَيْطُ والحَبْل
قريبان من السَّواء. وفي حديث آخر: وهو حَبْل الله المَتِين أَي نور هداه،
وقيل عَهْدُه وأَمانُه الذي يُؤمِن من العذاب. والحَبْل: العهد
والميثاق. الجوهري: ويقال للرَّمْل يستطيل حَبْل، والحَبْل الرَّمْل المستطيل
شُبِّه بالحَبل. والحَبْل من الرمل: المجتمِعُ الكثير العالي. والحَبْل:
رَمْل يستطيل ويمتدّ. وفي حديث عروة بن مُضَرِّس: أَتيتك من جَبَلَيْ طَيِّء
ما تركت من حبل إِلا وقفت عليه؛ الحَبْل: المستطيل من الرَّمْل، وقيل
الضخم منه، وجمعه حِبال، وقيل: الحِبال في الرمل كالجِبال في غير الرمل؛
ومنه حديث بدر: صَعِدْنا على حَبْل أَي قطعة من الرمل ضَخْمة ممتدَّة. وفي
الحديث: وجَعَل حَبْلَ المُشاة بين يديه أَي طريقَهم الذي يسلكونه في
الرَّمْل، وقيل: أَراد صَفَّهم ومُجْتَمعهم في مشيهم تشبيهاً بحَبْل الرمل.
وفي صفة الجنة: فإِذا فيها حَبائل اللؤلؤ؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاء في
كتاب البخاري والمعروف جَنابِذُ اللؤلؤ، وقد تقدم، قال: فإِن صحت الرواية
فيكون أَراد به مواضع مرتفعة كحِبال الرمل كأَنه جمع حِبالة، وحِبالة
جمع حَبْل أَو هو جمع على غير قياس.
ابن الأَعرابي: يقال للموت حَبِيلَ بَراح؛ ابن سيده: فلان حَبِيل بَراح
أَي شُجاعٌ، ومنه قيل للأَسد حَبِيل بَراح، يقال ذلك للواقف مكانه
كالأَسد لا يَفِرُّ. والحبْل والحِبْل: الداهية، وجَمْعها حُبُول؛ قال
كثيِّر:فلا تَعْجَلي، يا عَزّ، أَن تَتَفَهَّمِي
بنُصْحٍ أَتى الواشُونَ أَم بحُبُول
وقال الأَخطل:
وكنتُ سَلِيمَ القلب حتى أَصابَني،
من اللاَّمِعات المُبْرِقاتِ، حُبولُ
قال ابن سيده: فأَما ما رواه الشيباني خُبُول، بالخاء المعجمة، فزعم
الفارسي أَنه تصحيف. ويقال للداهية من الرجال: إِنه لحِبْل من أَحْبالها،
وكذلك يقال في القائم على المال. ابن الأَعرابي: الحِبْل الرجل العالم
الفَطِن الداهي؛ قال وأَنشدني المفضل:
فيا عَجَبا لِلْخَوْدِ تُبْدِي قِناعَها،
تُرَأْرِئُ بالعَيْنَيْنِ لِلرَّجُل الحِبْل
يقال: رَأْرَأَتْ بعينيها وغَيَّقَتْ وهَجَلَتْ إِذا أَدارتهما تَغْمِز
الرَّجُل.
وثار حابِلُهم على نابِلِهم إِذا أَوقدوا الشرَّ بينهم. ومن أَمثال
العرب في الشدة تصيب الناس: قد ثار حابِلُهم ونابِلُهم؛ والحابل: الذي
يَنْصِب الحِبالة، والنابلُ: الرامي عن قوسه بالنَّبْل، وقد يُضرب هذا مثلاً
للقوم تتقلب أَحوالهم ويَثُور بعضهم على بعض بعد السكون والرَّخاء. أَبو
زيد: من أَمثالهم: إِنه لواسع الحَبْل وإِنه لضَيِّق الحَبْل، كقولك هو
ضَيِّق الخُلُق وواسع الخُلُق؛ أَبو العباس في مثله: إِنه لواسع العَطَن
وضَيِّق العَطَن. والْتَبَس الحابل بالنابِل؛ الحابِلُ سَدَى الثوب،
والنابِلُ اللُّحْمة؛ يقال ذلك في الاختلاط. وحَوَّل حابِلَه على نابِلِه أَي
أَعلاه على أَسفله، واجْعَل حابِلَه نابِلَه، وحابله على نابله كذلك.
والحَبَلَةُ والحُبَلَةُ: الكَرْم، وقيل الأَصل من أُصول الكَرْم،
والحَبَلة: طاق من قُضْبان الكَرْم. والحَبَلُ: شجر العِنَب، واحدته حَبَلة.
وحَبَلة عَمْرو: ضَرْب من العنب بالطائف، بيضاء مُحَدَّدة الأَطراف
متداحضة
(* قوله: متداحضة، هكذا في الأصل) العناقيد. وفي الحديث: لا تقولوا
للعِنَب الكَرْم ولكن قولوا العنب والحَبَلة، بفتح الحاء والباء وربما سكنت،
هي القَضيب من شجر الأَعناب أَو الأَصل. وفي الحديث: لما خرج نوح من
السفينة غَرَس الحَبَلة. وفي حديث ابن سِيرِين: لما خرج نوح من السفينة
فَقَدَ حَبَلَتَيْن كانتا معه، فقال له المَلَك: ذَهَب بهما الشيطان، يريد ما
كان فيهما من الخَمْر والسُّكْر. الأَصمعي: الجَفْنة الأَصل من أُصول
الكَرْم، وجمعها الجَفْن، وهي الحَبَلة، بفتح الباء، ويجوز الحَبْلة،
بالجزم. وروي عن أَنس بن مالك: أَنه كانت له حَبَلة تَحْمِل كُرًّا وكان
يسميها أُمَّ العِيال، وهي الأَصل من الكَرْم انْتَشَرَت قُضْبانُها عن
غِرَاسِها وامتدّت وكثرت قضبانها حتى بلغ حَمْلُها كُرًّا.
والحَبَل: الامتلاء. وحَبِل من الشراب: امتلأَ. ورجل حَبْلانُ وامرأَة
حَبْلى: ممتلئان من الشراب. والحُبال: انتفاخ البطن من الشراب والنبيذ
والماء وغيره؛ قال أَبو حنيفة: إِنما هو رجل حُبْلانُ وامرأَة حُبْلى، ومنه
حَبَلُ المرأَة وهو امتلاء رَحِمها. والحَبْلان أَيضاً: الممتلئ غضباً.
وحَبِل الرجلُ إِذا امتلأَ من شرب اللبن، فهو حَبْلانُ، والمرأَة حَبْلى.
وفلان حَبْلان على فلان أَي غضبان. وبه حَبَلٌ أَي غَضَب، قال: وأَصله
من حَبَل المرأَة. قال ابن سيده: والحَبَل الحَمْل وهو من ذلك لأَنه
امتلاء الرَّحِم. وقد حَبِلت المرأَةُ تَحْبَل حَبَلاً، والحَبَل يكون مصدراً
واسماً، والجمع أَحْبال؛ قال ساعدة فجعله اسماً:
ذا جُرْأَةٍ تُسْقِط الأَحْبالَ رَهْبَتُه،
مَهْما يكن من مَسام مَكْرَهٍ يَسُم
ولو جعله مصدراً وأَراد ذوات الأَحبال لكان حَسَناً. وامرأَة حابلة من
نسوة حَبَلة نادر، وحُبْلى من نسوة حُبْلَيات وحَبالى، وكان في الأَصل
حَبالٍ كدَعاوٍ تكسير دَعْوَى؛ الجوهري في جمعه: نِسْوة حَبالى وحَبالَيات،
قال: لأَنها ليس لها أَفْعَل، ففارق جمع الصُّغْرى والأَصل حَبالي، بكسر
اللام، قال: لأَن كل جمع ثالثه أَلف انكسر الحرف الذي بعدها نحو مَساجِد
وجَعافِر، ثم أَبدلوا من الياء المنقلبة من أَلف التأْنيث أَلفاً، فقالوا
حَبالى، بفتح اللام، ليفْرِقوا بين الأَلفين كما قلنا في الصَّحارِي،
وليكون الحَبالى كحُبْلى في ترك صرفها، لأَنهم لو لم يُبْدِلوا لسقطت الياء
لدخول التنوين كما تسقط في جَوَارٍ، وقد ردّ ابن بري على الجوهري قوله
في جمع حُبْلى حَبَالَيَات، قال: وصوابه جُبْلَيَات. قال ابن سيده: وقد
قيل امرأَة حَبْلانة، ومنه قول بعض نساء الأَعراب: أَجِدُ عَيْني هَجَّانة
وشَفَتي ذَبَّانَة وأَراني حَبْلانة، واختلف في هذه الصفة أَعَامَّة
للإِناث أَم خاصة لبعضها، فقيل: لا يقال لشيء من غير الحيوان حُبْلى إِلا في
حديث واحد: نهي عن بيع حَبَل الحَبَلة، وهو أَن يباع ما يكون في بطن
الناقة، وقيل: معنى حَبَل الحَبَلة حَمْل الكَرْمة قبل أَن تبلغ، وجعل
حَمْلها قبل أَن تبلغ حَبَلاً، وهذا كما نهي عن بيع ثمر النخل قبل أَن يُزْهِي،
وقيل: حَبَل الحَبَلة ولدُ الولد الذي في البطن، وكانت العرب في
الجاهلية تتبايع على حَبَل الحَبَلة في أَولاد أَولادها في بطون الغنم الحوامل،
وفي التهذيب: كانوا يتبايعون أَولاد ما في بطون الحوامل فنهى النبي، صلى
الله عليه وسلم، عن ذلك. وقال أَبو عبيد: حَبَل الحَبَلة نِتَاج النِّتاج
وولد الجَنين الذي في بطن الناقة، وهو قول الشافعي، وقيل: كل ذات ظُفُر
حُبْلى؛ قال:
أَو ذِيخَة حُبْلى مُجِحّ مُقْرِب
الأَزهري: يزيد بن مُرَّة نهي عن حَبَل الحَبَلة، جعل في الحَبَلة هاء،
قال: وهي الأُنثى التي هي حَبَل في بطن أُمها فينتظر أَن تُنْتَج من بطن
أُمها، ثم ينتظر بها حتى تَشِبَّ، ثم يرسل عليها الفَحْل فتَلْقَح فله ما
في بطنها؛ ويقال: حَبَل الحَبَلة للإِبل وغيرها، قال أَبو منصور: جعل
الأَول حَبَلة بالهاء لأَنها أُنثى فإِذا نُتِجت الحَبَلة فولدها حَبَل،
قال: وحَبَل الحَبَلة المنتظرة أَن تَلْقِحَ الحَبَلة المستشعرة هذي التي
في الرحم لأَن المُضْمَرة من بعد ما تُنْتَج إِمَّرة. وقال ابن خالويه:
الحَبَل ولد المَجْر وهو وَلَد الولد. ابن الأَثير في قوله: نهي عن حَبَل
الحَبَلة، قال: الحَبَل، بالتحريك، مصدر سمي به المحمول كما سمي به
الحَمْل، وإِنما دخلت عليه التاء للإِشعار بمعنى الأُنوثة فيه، والحَبَل الأَول
يراد به ما في بطون النُّوق من الحَمْل، والثاني حَبَل الذي في بطون
النوق، وإِنما نهي عنه لمعنيين: أَحدهما أَنه غَرَر وبيع شيء لم يخلق بعد
وهو أَن يبيع ما سوف يحمله الجَنِين الذي في بطن أُمه على تقدير أَن يكون
أُنثى فهو بيع نِتَاج النِّتَاج، وقيل: أَراد بحبَل الحَبَلة أَن يبيعه
إِلى أَجل يُنْتَج فيه الحَمْل الذي في بطن الناقة، فهو أَجل مجهول ولا
يصح؛ ومنه حديث عمر لما فُتِحت مصر: أَرادوا قَسْمها فكتبوا إِليه فقال لا
حتى يَغْزُوَ حَبَلُ الحَبَلة؛ يريد حتى يَغْزُوَ منها أَولاد الأَولاد
ويكون عامّاً في الناس والدواب أَي يكثر المسلمون فيها بالتوالد، فإِذا
قسمت لم يكن قد انفرد بها الآباء دون الأَولاد، أَو يكون أَراد المنع من
القسمة حيث علقه على أَمر مجهول. وسِنَّوْرَة حُبْلى وشاة حُبْلى.
والمَحْبَل: أَوان الحَبَل. والمَحْبِل: موضع الحَبَل من الرَّحِم؛ وروي
بيت المتنخل الهذلي:
إِن يُمْسِ نَشْوانَ بمَصْروفة
منها بِرِيٍّ، وعلى مِرْجَل
لا تَقِهِ الموتَ وَقِيَّاتُه،
خُطَّ له ذلك في المَحْبِل
والأَعْرف: في المَهْبِل؛ ونَشْوان أَي سكران، بمَصْروفة أَي بخَمْر
صِرْف، على مِرْجَل أَي على لحم في قِدْر، وإِن كان هذا دائماً فليس يَقِيه
الموت، خُطَّ له ذلك في المَحْبِل أَي كُتِب له الموت حين حَبِلَتْ به
أُمُّه؛ قال أَبو منصور: أَراد معنى حديث ابن مسعود عن النبي، صلى الله
عليه وسلم: إِن النطفة تكون في الرَّحمِ أَربعين يوماً نُطْفة ثم عَلَقة
كذلك ثم مُضْغة كذلك، ثم يبعث الله المَلَك فيقول له اكتب رزقَه وَعَملَه
وأَجَلَه وشَقِيٌّ أَو سعيد فيُخْتَم له على ذلك، فما من أَحد إِلا وقد
كُتِب له الموت عند انقضاء الأَجَل المؤَجَّل له. ويقال: كان ذلك في مَحْبَل
فلان أَي في وقت حَبَل أُمه به. وحَبَّل الزَّرعُ: قَذَف بعضُه على بعض.
والحَبَلة: بَقْلة لها ثمرة كأَنها فِقَر العقرب تسمى شجرة العقرب،
يأْخذها النساء يتداوين بها تنبت بنَجْد في السُّهولة. والحُبْلة: ثمر
السَّلَم والسَّيَال والسَّمُر وهي هَنَة مُعَقَّفة فيها حَبٌّ صُغَار أَسود
كأَنه العَدَس، وقيل: الحُبْلة ثَمَرُ عامَّةِ العِضاه، وقيل: هو وِعَاءُ
حَبِّ السَّلَم والسَّمُر، وأَما جميع العِضَاه بَعْدُ فإِن لها مكان
الحُبْلة السِّنَفة، وقد أَحْبَل العِضَاهُ. والحُبْلة: ضَرْب من الحُلِيِّ
يصاغ على شكل هذه الثمرة يوضع في القلائد؛ وفي التهذيب: كان يجعل في
القلائد في الجاهلية؛ قال عبدالله بن سليم من بني ثعلبة بن الدُّول:
ولقد لَهَوْتُ، وكُلُّ شيءٍ هالِكٌ،
بنَقَاة جَيْبِ الدَّرْع غَير عَبُوس
ويَزِينُها في النَّحْر حَلْيٌ واضح،
وقَلائدٌ من حُبْلة وسُلُوس
والسَّلْس: خَيْط يُنْظَم فيه الخَرَز، وجمعه سُلوس. والحُبْلة: شجرة
يأْكلها الضِّبَاب. وضَبٌّ حابِل: يَرْعَى الحُبْلة. والحُبْلة: بَقْلة
طَيِّبة من ذكور البقل.
والحَبَالَّة: الانطلاق
(* قوله «والحبالة الانطلاق» وفي القاموس: من
معانيها الثقل، قال شارحه: يقال ألقى عليه حبالته وعبالته أي ثقله)؛ وحكى
اللحياني: أَتيته على حَبَالَّة انطلاق، وأَتيته على حَبَالَّة ذلك أَي
على حين ذلك وإِبَّانه. وهي على حَبَالَّة الطَّلاق أَي مُشْرِفة عليه. وكل
ما كان على فَعَالَّة، مشددة اللام، فالتخفيف فيها جائز كحَمَارَّة
القَيْظ وحَمَارَته وصَبَارَّة البَرْد وصَبَارتَه إِلاَّ حَبَالَّة ذلك
فإِنه ليس في لامها إِلاَّ التشديد؛ رواه اللحياني.
والمَحْبَل: الكتاب الأَوَّل.
وبنو الحُبْلى: بطن، النسب إِليه حُبْلِيّ، على القياس، وحُبَليُّ على
غيره. والحُبَل: موضع. الليث: فلان الحُبَليّ منسوب إِلى حَيٍّ من اليمن.
قال أَبو حاتم: ينسب من بني الحُبْلى، وهم رهط عبد اٍّلله ابن أُبيٍّ
المنافق، حُبَليُّ، قال: وقال أَبو زيد ينسب إِلى الحُبْلى حُبْلَويٌّ
وحُبْليٌّ وحُبْلاوِيٌّ. وبنو الحُبْلى: من الأَنصار؛ قال ابن بري: والنسبة
إِليه حُبَليٌّ، يفتح الباء. والحَبْل: موضع بالبصرة؛ وقول أَبي ذؤَيب:
وَرَاحَ بها من ذي المَجَاز، عَشِيَّةً،
يُبَادر أُولى السابقين إِلى الحَبْل
قال السكري: يعني حَبْلَ عَرفة. والحابل: أَرض؛ عن ثعلب؛ وأَنشد ابن
الأَعرابي:
أَبنيَّ، إِنَّ العَنْزَ تمنع ربَّها
من أَن يَبِيت وأَهْله بالحابِل
والحُبَليل: دُويَّبة يموت فإِذا أَصابه المطر عاش، وهو من الأَمثلة
التي لم يحكها سيبويه.
ابن الأَعرابي: الأَحْبَل والإِحْبَل والحُنْبُل اللُّوبِيَاء، والحَبْل
الثِّقَل. ابن سيده: الحُبْلة، بالضم، ثمر العِضاه. وفي حديث سعد بن
أَبي وَقَّاص: لقد رأَيتُنا مع رسول اٍّلله، صلى اٍّلله عليه وسلم، وما لَنا
طعام إِلاَّ الحُبْلة وورق السَّمُر؛ أَبو عبيد: الحُبْلة والسَّمُر
ضَرْبان من الشجر؛ شمر: السَّمُر شبه اللُّوبِيَاء وهو الغُلَّف من الطَّلْح
والسِّنْف من المَرْخ، وقال غيره: الحُبْلة، بضم الحاء وسكون الباء، ثمر
للسَّمُر يشبه اللُّوبِيَاء، وقيل: هو ثمر العِضَاه؛ ومنه حديث عثمان،
رضي اٍّلله عنه: أَلَسْتَ تَرْعَى مَعْوتَها وحُبْلتها؟ الجوهري: ضَبُّ
حابِل يَرْعَى الحُبْلة. وقال ابن السكيت: ضَبٌّ حابِلٌ ساحٍ يَرْعَى
الحُبْلة والسِّحَاء. وأَحْبَله أَي أَلقحه. وحِبَال: اسم رجل من أَصحاب
طُلَيْحة بن خويلد الأَسدي أَصابه المسلمون في الرِّدَّة فقال فيه:
فإِن تَكُ أَذْوادٌ أُصْبِنَ ونِسْوة،
فلن تَذْهَبوا فَرْغاً بقتل حِبَال
وفي الحديث: أَنَّ النبي، صلى الله عليه وسلم، أَقْطَع مُجَّاعة بن
مَرَارة الحُبَل؛ بضم الحاء وفتح الباء، موضع باليمامة، والله أَعلم.
كذب: الكَذِبُ: نقيضُ الصِّدْقِ؛ كَذَبَ يَكْذِبُ كَذِباً (2)
(2 قوله «كذباً» أي بفتح فكسر، ونظيره اللعب والضحك والحق، وقوله وكذباً، بكسر فسكون، كما هو مضبوط في المحكم والصحاح، وضبط في القاموس بفتح فسكون، وليس بلغة مستقلة بل بنقل حركة العين إلى الفاء تخفيفاً، وقوله: وكذبة وكذبة كفرية وفرحة كما هو بضبط المحكم ونبه عليه الشارح وشيخه.) وكِذْباً وكِذْبةً وكَذِبةً: هاتان عن اللحياني، وكِذاباً وكِذَّاباً؛ وأَنشد اللحياني:
نادَتْ حَليمةُ بالوَداع، وآذَنَتْ * أَهْلَ الصَّفَاءِ، ووَدَّعَتْ بكِذَابِ
ورجل كاذِبٌ، وكَذَّابٌ، وتِكْذابٌ، وكَذُوبٌ، وكَذُوبةٌ، وكُذَبَةٌ مثال هُمَزة، وكَذْبانٌ، وكَيْذَبانٌ، وكَيْذُبانٌ، ومَكْذَبانٌ، ومَكْذَبانة، وكُذُبْذُبانٌ (3)
(3 قوله «وكذبذبان» قال الصاغاني وزنه فعلعلان بالضمات
الثلاث ولم يذكره سيبويه في الأمثلة التي ذكرها. وقوله: واذا سمعت إلخ نسبه الجوهري لأبي زيد وهو لجريبة بن الأشيم كما نقله الصاغاني عن الأزهري، لكنه في التهذيب قد بعتكم وفي الصحاح قد بعتها؛ قال الصاغاني والرواية قد بعته يعني جمله وقبله:
قد طال ايضاعي المخدّم لا أرى * في الناس مثلي في معّد يخطب
حتى تأَوَّبت البيوت عشية * فحططت عنه كوره يتثأب)
، وكُذُبْذُبٌ، وكُذُّبْذُبٌ ؛ قال
جُرَيْبَةُ بنُ الأَشْيَمِ:
فإِذا سَمِعْـتَ بأَنـَّنِـي قد بِعْتُكم * بوِصَالِ غَانيةٍ، فقُلْ كُذُّبْذُبُ
قال ابن جني: أَما كُذُبْذُبٌ خفيف، وكُذُّبْذُبٌ ثَقِـيل، فهاتانِ
بناءَانِ لم يَحْكِهما سيبويه. قال: ونحوُه ما رَوَيْتُه عن بعض أَصحابنا، مِن قول بعضهم ذُرَحْرَحٌ، بفتح الراءَين. والأُنثى: كاذِبةٌ وكَذَّابة وكَذُوبٌ.
والكُذَّب: جمع كاذبٍ، مثل راكِـعٍ ورُكَّعٍ؛ قال أَبو دُواد الرُّؤَاسِي:
مَتَى يَقُلْ تَنْفَعِ الأَقوامَ قَوْلَتُه، * إِذا اضْمَحَلَّ حديثُ الكُذَّبِ الوَلَعَهْ
أَلَيْسَ أَقْرَبَهُم خَيْراً، وأَبعدَهُم * شَرّاً، وأَسْمَحَهُم كَفّاً لمَنْ مُنِعَه
لا يَحْسُدُ الناسَ فَضْلَ اللّه عندهُمُ، * إِذا تَشُوهُ نُفُوسُ الـحُسَّدِ الجَشِعَهْ
الوَلَعَةُ: جمع والِـعٍ، مثل كاتب وكَتَبة. والوالع: الكاذب، والكُذُبُ
جمع كَذُوب، مثل صَبُور وصُبُر، ومِنه قَرَأَ بعضُهم: ولا تقولوا لما تَصِفُ أَلسِنتُكُم الكُذُبُ، فجعله نعتاً للأَلسنة. الفراء: يحكى عن العرب أَن بني نُمير ليس لهم مَكْذُوبةٌ. وكَذَبَ الرجلُ: أَخْبَر بالكَذِبِ.
وفي المثل: ليس لـمَكْذُوبٍ رَأْيٌ. ومِنْ أَمثالهم: الـمَعاذِرُ مَكاذِبُ. ومن أَمثالهم: أَنَّ الكَذُوبَ قد يَصْدُقُ، وهو كقولهم: مع الخَواطِـئِ سَهْمٌ صائِبٌ. اللحياني: رجل تِكِذَّابٌ وتِصِدَّاقٌ أَي يَكْذِبُ ويَصْدُق.
النضر: يقال للناقة التي يَضْرِبُها الفَحْلُ فتَشُولُ، ثم تَرْجِـعُ
حائلاً: مُكَذِّبٌ وكاذِبٌ، وقد كَذَّبَتْ وكَذَبَتْ.
أَبو عمرو: يقال للرجل يُصاحُ به وهو ساكتٌ يُري أَنه نائم: قد أَكْذَب، وهو الإِكْذابُ. وقوله تعالى: حتى إِذا اسْتَيْأَسَ الرُّسلُ وظَنُّوا أَنهم قد كُذِّبُوا؛ قراءة أَهلِ المدينةِ، وهي قِراءة عائشة، رضي اللّه عنها، بالتشديد وضم الكاف. روي عن عائشة، رضي اللّه عنها، أَنها قالت: اسْتَيْأَسَ الرسلُ ممن كَذَّبَهم من قومهم أَن يُصَدِّقُوهم، وظَنَّتِ الرُّسُلُ أَن من قد آمَنَ من قومهم قد كَذَّبُوهم جاءهم نَصْرُ اللّهِ، وكانت تَقْرؤُه بالتشديد، وهي قراءة نافع، وابن كثير، وأَبي عمرو، وابن عامر؛ وقرأَ عاصم وحمزة والكسائي: كُذِبُوا، بالتخفيف. ورُوي عن ابن عباس أَنه قال: كُذِبُوا، بالتخفيف، وضم الكاف. وقال: كانوا بَشَراً، يعني الرسل؛ يَذْهَبُ إِلى أَن الرسل ضَعُفُوا، فَظَنُّوا أَنهم قد أُخْلِفُوا.
قال أَبو منصور: إِن صح هذا عن ابن عباس، فوَجْهُه عندي، واللّه أَعلم، أَن الرسل خَطَر في أَوهامهم ما يَخْطُر في أَوهامِ البشر، مِن غير أَن حَقَّقُوا تلك الخَواطرَ ولا رَكَنُوا إِليها، ولا كان ظَنُّهم ظَنّاً اطْمَـأَنُّوا إِليه، ولكنه كان خاطراً يَغْلِـبُه اليقينُ. وقد روينا عن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، أَنه قال: تَجاوَزَ اللّه عن أُمتي ما حدَّثَتْ به أَنفُسَها. ما لم يَنْطِقْ به لسانٌ أَو تَعْمله يَدٌ، فهذا وجه ما رُوي عن ابن عباس. وقد رُوي عنه أَيضاً: أَنه قرأَ حتى إِذا اسْتَيْأَسَ الرسلُ من قَوْمهم الإِجابةَ، وظَنَّ قَوْمُهُم أَن الرُّسُل قد كذَبهم الوعيدُ. قال أَبو منصور: وهذه الرواية أَسلم، وبالظاهر أَشْبَهُ؛ ومما يُحَقّقها ما رُوي عن سعيد بن جُبَيْر أَنه قال: اسْتيأَسَ الرسلُ من قومهم، وظنَّ قومُهم أَن الرسل
قد كُذِّبُوا، جاءَهم نَصْرُنا؛ وسعيد أَخذ التفسير عن ابن عباس. وقرأَ بعضهم: وظَنُّوا أَنهم قد كَذَبوا أَي ظَنَّ قَوْمُهم أَن الرسلَ قد كَذَبُوهُمْ. قال أَبو منصور: وأَصَحُّ الأَقاويل ما روينا عن عائشة، رضي اللّه عنها، وبقراءَتها قرأَ أَهلُ الحرمين، وأَهلُ البصرة، وأَهلُ الشام. وقوله تعالى: ليس لوَقْعَتِها كاذِبةٌ؛ قال الزجاج: أَي ليس يَرُدُّها شيءٌ، كما تقول حَمْلَةُ فلان لا تَكْذِبُ أَي لا يَرُدُّ حَمْلَتُه شيء. قال: وكاذِبةٌ مصدر، كقولك: عافاه اللّهُ عافِـيةً، وعاقَبَه عاقِـبةً، وكذلك كَذَبَ كاذبةً؛ وهذه أَسماء وضعت مواضع المصادر، كالعاقبة والعافية والباقية. وفي التنزيل العزيز: فهل تَرَى لهم من باقيةٍ؟ أَي بقاءٍ. وقال الفراءُ: ليس لوَقْعَتِها كاذبةٌ أَي ليس لها مَرْدُودٌ ولا رَدٌّ، فالكاذبة، ههنا، مصدر.
يقال: حَمَلَ فما كَذَبَ. وقوله تعالى: ما كَذَبَ الفُؤَادُ ما رَأَى؛
يقول: ما كَذَبَ فؤَادُ محمدٍ ما رَأَى؛ يقول: قد صَدَقَه فُؤَادُه الذي
رأَى. وقرئَ: ما كَذَّبَ الفُؤَادُ ما رَأَى، وهذا كُلُّه قول الفراء. وعن أَبي الهيثم: أَي لم يَكْذِب الفُؤَادُ رُؤْيَتَه، وما رَأَى بمعنى
الرُّؤْية، كقولك: ما أَنْكَرْتُ ما قال زيدٌ أَي قول زيد.
ويقال: كَذَبَني فلانٌ أَي لم يَصْدُقْني فقال لي الكَذِبَ؛ وأَنشد
للأَخطل:
كَذَبَتْكَ عَيْنُك، أَم رأَيتَ بواسطٍ * غَلَسَ الظَّلامِ، مِن الرَّبابِ، خَيَالا؟
معناه: أَوْهَمَتْكَ عَيْنُكَ أَنها رَأَتْ، ولم تَرَ. يقول: ما أَوْهَمه الفؤَادُ أَنه رَأَى، ولم يَرَ، بل صَدَقَه الفُؤَادُ رُؤْيَتَه. وقوله: ناصِـيَةٍ كاذبةٍ أَي صاحِـبُها كاذِبٌ، فأَوْقَعَ الجُزْءَ موقع الجُملة. ورُؤْيَا كَذُوبٌ: كذلك؛ أَنشد ثعلب:
فَحَيَّتْ فَحَيَّاها فَهَبَّ فَحَلَّقَتْ، * معَ النَّجْمِ رُؤْيا، في الـمَنامِ، كَذُوبُ
والأُكْذُوبةُ: الكَذِبُ. والكاذِبةُ: اسم للمصدر، كالعَافية.
ويقال: لا مَكْذَبة، ولا كُذْبى، ولا كُذْبانَ أَي لا أَكْذُبك.
وكَذَّبَ الرجلَ تَكْذيباً وكِذَّاباً: جعله كاذِباً، وقال له: كَذَبْتَ؛ وكذلك كَذَّب بالأَمر تَكْذيباً وكِذَّاباً. وفي التنزيل العزيز: وكَذَّبُوا بآياتنا كِذَّاباً. وفيه: لا يَسْمَعُون فيها لغواً ولا كِذَّاباً أَي كَذِباً، عن اللحياني. قال الفراءُ: خَفَّفَهما عليُّ بن أَبي طالب، عليه السلام، جميعاً، وثَقَّلَهما عاصمٌ وأَهل المدينة، وهي لغة يمانية فصيحة. يقولون: كَذَّبْتُ به كِذَّاباً، وخَرَّقْتُ القميصَ خِرَّاقاً. وكلُّ فَعَّلْتُ فمصدرُه فِعَّالٌ، في لغتهم، مُشدّدةً. قال: وقال لي أَعرابي مَرَّةً على الـمَرْوَة يَسْتَفْتيني: أَلْحَلْقُ أَحَبُّ إِليك أَم القِصَّار؟ وأَنشدني بعضُ بني كُلَيْب:
لقدْ طالَ ما ثَبَّطْتَني عن صَحابتي، * وعن حِوَجٍ، قِضَّاؤُها منْ شِفائيا
وقال الفرَّاءُ: كان الكسائي يخفف لا يسمعون فيها لغواً ولا كِذاباً، لأَنها مُقَيَّدَة بفِعْلٍ يُصَيِّرُها مصدراً، ويُشَدِّدُ: وكَذَّبُوا
بآياتنا كِذَّاباً؛ لأَن كَذَّبُوا يُقَيِّدُ الكِذَّابَ. قال: والذي قال حَسَنٌ، ومعناه: لا يَسْمَعُون فيها لَغْواً أَي باطلاً، ولا كِذَّاباً أَي لا يُكَذِّبُ بَعْضُهم
بَعْضاً (1)
(1 زاد في التكملة: وعن عمر بن عبدالعزيز كذاباً، بضم الكاف وبالتشديد، ويكون صفة على المبالغة كوضاء وحسان، يقال كذب، أي بالتخفيف، كذاباً بالضم مشدداً أي كذباً متناهياً.) ،
غيره.ويقال للكَذِبِ: كِذابٌ؛ ومِنه قوله تعالى: لا يَسْمَعُونَ فيها لَغْواً ولا كِذاباً أَي كَذِباً؛ وأَنشد أَبو العباس قولَ أَبي دُوادٍ:
قُلْتُ لـمَّا نَصَلا منْ قُنَّةٍ: * كَذَبَ العَيْرُ وإِنْ كانَ بَرَحْ
قال معناه: كَذَبَ العَيْرُ أَنْ يَنْجُوَ مني أَيَّ طَريقٍ أَخَذَ، سانِحاً أَو بارِحاً؛ قال: وقال الفراءُ هذا إِغراءٌ أَيضاً. وقال اللحياني، قال الكسائي: أَهلُ اليمن يجعلون مصدرَ فَعَّلْتُ فِعَّالاً، وغيرهم من
العرب تفعيلاً. قال الجوهري: كِذَّاباً أَحد مصادر المشدَّد، لأَن مصدره قد يجيءُ على التَّفْعِـيلِ مثل التَّكْلِـيم، وعلى فِعَّالٍ مثل
كِذَّابٍ، وعلى تَفعِلَة مثل تَوْصِـيَة، وعلى مُفَعَّلٍ مثل: ومَزَّقْناهم كلَّ مُمَزَّقٍ.
والتَّكاذُبُ مثل التَّصادُق. وتَكَذَّبُوا عليه: زَعَمُوا أَنه كاذِبٌ؛ قال أَبو بكر الصدِّيق، رضي اللّه عنه:
رسُولٌ أَتاهم صادِقٌ، فَتَكَذَّبُوا * عليه وقالُوا: لَسْتَ فينا بماكِثِ
وتَكَذَّبَ فلانٌ إِذا تَكَلَّفَ الكَذِبَ.
وأَكْذَبَهُ: أَلْفاه كاذِباً، أَو قال له: كَذَبْتَ. وفي التنزيل العزيز: فإِنهم لا يُكَذِّبُونَكَ؛ قُرِئَتْ بالتخفيف والتثقيل. وقال الفراءُ: وقُرِئَ لا يُكْذِبُونَكَ، قال: ومعنى التخفيف، واللّه أَعلم، لا يجعلونك كذَّاباً، وأَن ما جئتَ به باطلٌ، لأَنهم لم يُجَرِّبُوا عليه كَذِباً فَيُكَذِّبُوه، إِنما أَكْذَبُوه أَي قالوا: إِنَّ ما جئت به كَذِبٌ، لا يَعْرِفونه من النُّبُوَّة. قال: والتَّكْذيبُ أَن يقال: كَذَبْتَ. وقال الزجاج: معنى كَذَّبْتُه، قلتُ له: كَذَبْتَ؛ ومعنى أَكْذَبْتُه، أَرَيْتُه أَن ما أَتى به كَذِبٌ. قال: وتفسير قوله لا يُكَذِّبُونَك، لا يَقْدِرُونَ أَن يقولوا لك فيما أَنْبَأْتَ به مما في كتبهم: كَذَبْتَ. قال: ووَجْهٌ آخر لا يُكَذِّبُونَكَ بقلوبهم، أَي يعلمون أَنك صادق؛ قال: وجائز أَن يكون فإِنهم لا يُكْذِبُونكَ أَي أَنت عندهم صَدُوق، ولكنهم جحدوا بأَلسنتهم، ما تشهد قُلُوبُهم بكذبهم فيه. وقال الفراءُ في قوله تعالى: فما يُكَذِّبُكَ بعدُ بالدِّينِ؛ يقول فما الذي يُكَذِّبُكَ بأَن الناسَ يُدانُونَ بأَعمالهم، كأَنه قال: فمن يقدر على تكذيبنا بالثواب والعقاب، بعدما تبين له خَلْقُنا للإِنسان، على ما وصفنا لك؟ وقيل: قوله تعالى: فما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بالدِّين؛ أَي ما يَجْعَلُكَ مُكَذِّباً، وأَيُّ شيءٍ يَجْعَلُك مُكَذِّباً بالدِّينِ أَي بالقيامة؟ وفي التنزيل العزيز: وجاؤُوا على قميصه بدَمٍ كَذِبٍ. رُوِي في التفسير أَن إِخوةَ يوسف لما طَرَحُوه في الجُبِّ، أَخَذُوا قميصَه، وذَبَحُوا جَدْياً، فلَطَخُوا القَمِـيصَ بدَمِ الجَدْي، فلما رأَى يعقوبُ، عليه السلام، القَميصَ، قال: كَذَبْتُمْ، لو أَكَلَه الذِّئبُ لـمَزَّقَ قميصه. وقال الفراءُ في قوله تعالى: بدَمٍ كَذبٍ؛ معناه مَكْذُوبٍ. قال: والعرب تقول للكَذِبِ: مَكْذُوبٌ، وللضَّعْف مَضْعُوفٌ، وللْجَلَد: مَجْلُود، وليس له مَعْقُودُ رَأْيٍ، يريدون عَقْدَ رَأْيٍ، فيجعلونَ المصادرَ في كثير من الكلام مفعولاً. وحُكي عن أَبي ثَرْوانَ أَنه قال: إِن بني نُمَيْرٍ ليس لـحَدِّهم مَكْذُوبةٌ
أَي كَذِبٌ. وقال الأَخفش: بدَمٍ كَذِبٍ، جَعَلَ الدمَ كَذِباً، لأَنه كُذِبَ فيه، كما قال سبحانه: فما رَبِحَتْ تِجارَتُهم. وقال أَبو العباس: هذا مصدر في معنى مفعول، أَراد بدَمٍ مَكْذُوب. وقال الزجاج: بدَمٍ كذِبٍ أَي ذي كَذِب؛ والمعنى: دَمٍ مَكْذُوبٍ فيه. وقُرِئَ بدَمٍ كَدِبٍ، بالدال المهملة، وقد تقدم في ترجمة كدب. ابن الأَنباري في قوله تعالى: فإِنهم لا يُكَذِّبُونَك، قال: سأَل سائل كيف خَبَّر عنهم أَنهم لا يُكَذِّبُونَ النبي، صلى اللّه عليه وسلم، وقد كانوا يُظْهِرون تَكْذيبه ويُخْفُونه؟ قال: فيه ثلاثة أَقوال: أَحدها فإِنهم لا يُكَذِّبُونَك بقلوبهم، بل يكذبونك بأَلسنتهم؛ والثاني قراءة نافع والكسائي، ورُويَتْ عن عليّ، عليه السلام، فإِنهم لا يُكْذِبُونَك، بضم الياءِ، وتسكين الكاف، على معنى لا يُكَذِّبُونَ الذي جِئْتَ به، إِنما يَجْحدون بآيات اللّه ويَتَعَرَّضُون لعُقوبته. وكان الكسائي يحتج لهذه القراءة، بأَن العرب تقول: كَذَّبْتُ الرجلَ إِذا نسبته إِلى الكَذِبِ؛ وأَكْذَبْتُه إِذا أَخبرت أَن الذي يُحَدِّثُ به كَذِبٌ؛ قال ابن الأَنباري: ويمكن أَن يكون: فإِنهم لا يُكْذِبُونَكَ، بمعنى لا يَجدونَكَ كَذَّاباً، عند البَحْث والتَّدَبُّر والتَّفْتيش. والثالث أَنهم لا يُكَذِّبُونَك فيما يَجِدونه موافقاً في كتابهم، لأَن ذلك من أَعظم الحجج عليهم. الكسائي: أَكْذَبْتُه إِذا أَخْبَرْتَ أَنه جاءَ بالكَذِبِ، ورواه: وكَذَّبْتُه إِذا أَخْبَرْتَ أَنه كاذِبٌ؛ وقال ثعلب: أَكْذَبه وكَذَّبَه، بمعنًى؛ وقد يكون أَكْذَبَه بمعنى بَيَّن كَذِبَه، أَو حَمَلَه على الكَذِب، وبمعنى وجَدَه كاذباً. وكاذَبْتُه مُكاذَبةً وكِذاباً: كَذَّبْتُه وكَذَّبني؛ وقد يُستعمل
الكَذِبُ في غير الإِنسان، قالوا: كَذَبَ البَرْقُ، والـحُلُمُ، والظَّنُّ، والرَّجاءُ، والطَّمَعُ؛ وكَذَبَتِ العَيْنُ: خانها حِسُّها. وكذَبَ
الرأْيُ: تَوهَّمَ الأَمْرَ بخلافِ ما هو به. وكَذَبَتْهُ نَفْسُه: مَنَّتْهُ
بغير الحق. والكَذوبُ: النَّفْسُ، لذلك قال:
إِني، وإِنْ مَنَّتْنيَ الكَذُوبُ، * لَعالِمٌ أَنْ أَجَلي قَريبُ
(يتبع...)
(تابع... 1): كذب: الكَذِبُ: نقيضُ الصِّدْقِ؛ كَذَبَ يَكْذِبُ كَذِباً (2)... ...
أَبو زيد: الكَذُوبُ والكَذُوبةُ: من أَسماءِ النَّفْس. ابن الأَعرابي:
الـمَكْذُوبة من النساءِ الضَّعيفة.
والـمَذْكُوبة: المرأَة الصالحة. ابن الأَعرابي: تقول العرب للكَذَّابِ: فلانٌ لا يُؤَالَفُ خَيْلاه، ولا يُسايَرُ خَيْلاه كَذِباً؛ أَبو الهيثم، انه قال في قول لبيد:
أَكْذِبِ النَّفْسَ إِذَا حَدَّثْتَها
يقول: مَنِّ نَفْسَكَ العَيْشَ الطويلَ، لتَـأْمُلَ الآمالَ البعيدة، فتَجِدَّ في الطَّلَب، لأَنـَّك إِذا صَدَقْتَها، فقلتَ: لعلك تموتينَ اليومَ أَو غداً، قَصُرَ أَمَلُها، وضَعُفَ طَلَبُها؛ ثم قال:
غَيْرَ أَنْ لا تَكْذِبَنْها في التُّقَى
أَي لا تُسَوِّفْ بالتوبة، وتُصِرَّ على الـمَعْصية. وكَذَبَتْهُ عَفَّاقَتُه، وهي اسْتُه ونحوه كثير.
وكَذَّبَ عنه: رَدَّ، وأَراد أَمْراً، ثم كَذَّبَ عنه أَي أَحْجَم.
وكَذَبَ الوَحْشِـيُّ وكَذَّبَ: جَرى شَوْطاً، ثم وَقَفَ لينظر ما
وراءه.وما كَذَّبَ أَنْ فَعَلَ ذلك تَكْذيباً أَي ما كَعَّ ولا لَبِثَ.
وحَمَلَ عليه فما كَذَّبَ، بالتشديد، أَي
ما انْثَنى، وما جَبُنَ، وما رَجَعَ؛ وكذلك حَمَلَ فما هَلَّلَ؛ وحَمَلَ ثم كَذَّبَ أَي لم يَصْدُقِ الـحَمْلَة؛ قال زهير:
لَيْثٌ بِعَثَّرَ يَصْطَادُ الرجالَ، إِذا * ما الليثُ كَذَّبَ عن أَقْرانه صَدَقا
وفي حديث الزبير: أَنه حمَلَ يومَ اليَرْمُوكِ على الرُّوم، وقال
للمسلمين: إِن شَدَدْتُ عليهم فلا تُكَذِّبُوا أَي لا تَجْبُنُوا وتُوَلُّوا.قال شمر: يقال للرجل إِذا حَملَ ثم وَلَّى ولم يَمْضِ: قد كَذَّبَ عن قِرْنه تَكْذيباً، وأَنشد بيت زهير. والتَّكْذِيبُ في القتال: ضِدُّ الصِّدْقِ فيه. يقال: صَدَقَ القِتالَ إِذا بَذَلَ فيه الجِدُّ. وكَذَّبَ إِذا جَبُن؛ وحَمْلةٌ كاذِبةٌ، كما قالوا في ضِدِّها: صادقةٌ، وهي الـمَصْدوقةُ والـمَكْذُوبةُ في الـحَمْلةِ. وفي الحديث: صَدَقَ اللّهُ وكَذَبَ بَطْنُ أَخِـيك؛ اسْتُعْمِلَ الكَذِبُ ههنا مجازاً، حيث هو ضِدُّ الصِّدْقِ،
والكَذِبُ يَخْتَصُّ بالأَقوال، فجعَل بطنَ أَخيه حيث لم يَنْجَعْ فيه
العَسَلُ كَذِباً، لأَنَّ اللّه قال: فيه شفاء للناس. وفي حديث صلاةِ
الوِتْرِ: كَذَبَ أَبو محمد أَي أَخْطأَ؛ سماه كَذِباً، لأَنه يُشْبهه في كونه ضِدَّ الصواب، كما أَن الكَذِبَ ضدُّ الصِّدْقِ، وإِنِ افْتَرَقا من حيث النيةُ والقصدُ، لأَن الكاذبَ يَعْلَمُ أَن ما يقوله كَذِبٌ، والـمُخْطِـئُ لا يعلم، وهذا الرجل ليس بمُخْبِـرٍ، وإِنما قاله باجتهاد أَدَّاه إِلى أَن الوتر واجب، والاجتهاد لا يدخله الكذبُ، وإِنما يدخله الخطَـأُ؛ وأَبو محمد صحابي، واسمه مسعود بن زيد؛ وقد استعملت العربُ الكذِبَ في موضع الخطإِ؛ وأَنشد بيت الأَخطل:
كَذَبَتْكَ عينُكَ أَم رأَيتَ بواسِطٍ
وقال ذو الرمة:
وما في سَمْعِهِ كَذِبُ
وفي حديث عُرْوَةَ، قيل له: إِنَّ ابن عباس يقول إِن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، لَبِثَ بمكة بِضْعَ عَشْرَةَ سنةً، فقال: كَذَبَ، أَي
أَخْطَـأَ. ومنه قول عِمْرانَ لسَمُرَة حين قال: الـمُغْمَى عليه يُصَلِّي مع كل صلاةٍ صلاةً حتى يَقْضِـيَها، فقال: كَذَبْتَ ولكنه يُصَلِّيهن معاً، أَي أَخْطَـأْتَ.
وفي الحديث: لا يَصْلُحُ الكذِبُ إِلا في ثلاث؛ قيل: أَرادَ به
مَعارِيضَ الكلام الذي هو كَذِبٌ من حيث يَظُنُّه السامعُ، وصِدْقٌ من حيثُ يقوله القائلُ، كقوله: إِنَّ في الـمَعاريض لَـمَنْدوحةً عن الكَذِب، وكالحديث الآخر: أَنه كان إِذا أَراد سفراً ورَّى بغيره. وكَذَبَ عليكم الحجُّ، والحجَّ؛ مَنْ رَفَعَ، جَعَلَ كَذَبَ بمعنى وَجَبَ، ومَن نَصَبَ، فعَلى الإِغراءِ، ولا يُصَرَّفُ منه آتٍ، ولا مصدرٌ، ولا اسم فاعل، ولا مفعولٌ، وله تعليلٌ دقيقٌ، ومعانٍ غامِضةٌ تجيءُ في الأَشعار. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: كَذَبَ عليكم الحجُّ، كَذَبَ عليكم العُمْرةُ، كَذَبَ عليكم الجِهادُ، ثلاثةُ أَسفارٍ كَذَبْنَ عليكم؛ قال ابن السكيت: كأَن كَذَبْنَ، ههنا، إِغْراءٌ أَي عليكم بهذه الأَشياءِ الثلاثة.
قال: وكان وجهُه النصبَ على الإِغراءِ، ولكنه جاءَ شاذاً مرفوعاً؛ وقيل معناه: وَجَبَ عليكم الحجُّ؛ وقيل معناه: الـحَثُّ والـحَضُّ. يقول: إِنَّ الحجَّ ظنَّ بكم حِرصاً عليه، ورَغبةً فيه، فكذَبَ ظَنُّه لقلة رغبتكم فيه. وقال الزمخشري: معنى كَذَبَ عليكم الحجُّ على كلامَين: كأَنه قال كَذَب الحجُّ عليكَ الحجُّ أَي ليُرَغِّبْك الحجُّ، هو واجبٌ عليك؛ فأَضمَر الأَوَّل لدلالة الثاني عليه؛ ومَن نصب الحجَّ،
فقد جَعَلَ عليك اسمَ فِعْلٍ، وفي كذَبَ ضمير الحجِّ، وهي كلمةٌ نادرةٌ، جاءَت على غير القِـياس.
وقيل: كَذَب عليكم الـحَجُّ أَي وَجَبَ عليكم الـحَجُّ. وهو في الأَصل، إِنما هو: إِن قيل لا حَجَّ، فهو كَذِبٌ؛ ابن شميل: كذبَك الحجُّ أَي أَمكَنَك فحُجَّ، وكذَبك الصَّيدُ أَي أَمكنَك فارْمِه؛ قال: ورفْعُ الحجّ بكَذَبَ معناه نَصْبٌ، لأَنه يريد أَن يَـأْمُر بالحج، كما يقال أَمْكَنَك الصَّيدُ، يريدُ ارْمِه؛ قال عنترة يُخاطبُ زوجته:
كَذَبَ العَتيقُ، وماءُ شَنٍّ بارِدٌ، * إِنْ كُنْتِ سائِلَتي غَبُوقاً، فاذهبي!
يقول لها: عليكِ بأَكل العَتيق، وهو التمر اليابس، وشُرْبِ الماءِ
البارد، ولا تتعرَّضي لغَبُوقِ اللَّبن، وهو شُرْبه عَشِـيّاً، لأَنَّ اللبن
خَصَصْتُ به مُهري الذي أَنتفع به، ويُسَلِّمُني وإِياكِ من أَعدائي.
وفي حديث عُمَر: شكا إِليه عمرو بن معد يكرب أَو غيره النِّقْرِسَ، فقال: كذَبَتْكَ الظَّهائِرُ أَي عليك بالمشي فيها؛ والظهائر جمع ظهيرة، وهي شدة الحرّ. وفي رواية: كَذَبَ عليك الظواهرُ، جمع ظاهرة، وهي ما ظهر من الأَرض وارْتَفَع. وفي حديث له آخر: إِن عمرو بن معد يكرب شَكا إِليه الـمَعَص، فقال: كَذَبَ عليك العَسَلُ، يريد العَسَلانَ، وهو مَشْيُ الذِّئب،
أَي عليك بسُرعةِ المشي؛ والـمَعَصُ، بالعين المهملة، التواءٌ في عصَبِ الرِّجل؛ ومنه حديث عليٍّ، عليه السلام: كذَبَتْكَ الحارقَةُ أَي عليك بمثْلِها؛ والحارِقةُ: المرأَة التي تَغْلِـبُها شهوَتُها، وقيل: الضيقة الفَرْج. قال أَبو عبيد: قال الأَصمعي معنى كذَبَ عليكم، مَعنى الإِغراء، أَي عليكم به؛ وكأَن الأَصلَ في هذا أَن يكونَ نَصْباً، ولكنه جاءَ عنهم بالرفع شاذاً، على غير قياس؛ قال: ومما يُحَقِّقُ ذلك أَنه مَرفوعٌ قول الشاعر:
كَذَبْتُ عَلَيكَ لا تزالُ تَقوفُني، * كما قافَ، آثارَ الوَسيقةِ، قائفُ
فقوله: كذَبْتُ عليك، إِنما أَغْراه بنفسه أَي عَليكَ بي، فَجَعَلَ
نَفْسَه في موضع رفع، أَلا تراه قد جاءَ بالتاءِ فَجَعَلها اسْمَه؟ قال
مُعَقِّرُ بن حمار البارقيُّ:
وذُبْيانيَّة أَوصَتْ بَنِـيها * بأَنْ كَذَبَ القَراطِفُ والقُروفُ
قال أَبو عبيد: ولم أَسْمَعْ في هذا حرفاً منصوباً إِلا في شيءٍ كان
أَبو عبيدة يحكيه عن أَعرابيٍّ نَظر إِلى ناقة نِضْوٍ لرجل، فقال: كذَبَ عليكَ البَزْرُ والنَّوَى؛ وقال أَبو سعيد الضَّرِير في قوله:
كذَبْتُ عليك لا تزالُ تقُوفُني
أَي ظَنَنْتُ بك أَنك لا تَنامُ عن وِتْري، فَكَذَبْتُ عليكم؛ فأَذَلَّه بهذا الشعر، وأَخْمَلَ ذِكْرَه؛ وقال في قوله:
بأَن كَذَبَ القَراطِفُ والقُروفُ
قال: القَراطِفُ أَكْسِـيَةٌ حُمْر، وهذه امرأَة كان لها بَنُونَ يركَبُونَ في شارة حَسَنةٍ، وهم فُقَراء لا يَمْلكُون وراءَ ذلك شيئاً، فَساءَ
ذلك أُمَّهُم لأَنْ رأَتْهم فُقراءَ، فقالت: كَذَبَ القَراطِفُ أَي إِنَّ
زِينَتهم هذه كاذبةٌ، ليس وراءَها عندهم شيءٌ.
ابن السكيت: تقول للرجل إِذا أَمَرْتَه بشيءٍ وأَغْرَيْته: كَذَب علَيك
كذا وكذا أَي عليكَ به، وهي كلمة نادرةٌ؛ قال وأَنشدني ابن الأَعرابي
لخِداشِ بن زُهَير:
كَذَبْتُ عليكم، أَوْعِدُوني وعَلِّلُوا * بـيَ الأَرضَ والأَقْوامَ قِرْدانَ مَوْظِبِ
أَي عليكم بي وبهجائي إِذا كنتم في سفر، واقْطَعُوا بِذِكْري الأَرضَ، وأَنْشِدوا القومَ هجائي يا قِرْدانَ مَوْظِبٍ.
وكَذَبَ لَبنُ الناقة أَي ذهَبَ، هذه عن اللحياني. وكَذَبَ البعيرُ في
سَيره إِذا ساءَ سَيرُه؛ قال الأَعشى:
جُمالِـيَّةٌ تَغْتَلي بالرِّداف، * إِذا كَذَبَ الآثِماتُ الـهَجيرا
ابن الأَثير في الحديث: الحجامةُ على الرِّيق فيها شِفاءٌ وبَرَكة، فمن احْتَجَمَ فيومُ الأَحدِ والخميسِ كَذَباك أَو يومُ الاثنين والثلاثاء؛
معنى كَذَباك أَي عليك بهما، يعني اليومين المذكورين. قال الزمخشري: هذه كلمةٌ جَرَتْ مُجْرى الـمَثَل في كلامهم، فلذلك لم تُصَرَّفْ، ولزِمَتْ طَريقةً واحدة، في كونها فعلاً ماضياً مُعَلَّقاً بالـمُخاطَب وحْدَه، وهي في معنى الأَمْرِ، كقولهم في الدعاءِ: رَحِمَك اللّه أَي لِـيَرْحَمْكَ اللّهُ. قال: والمراد بالكذب الترغيبُ والبعثُ؛ مِنْ قول العرب: كَذَبَتْه نَفْسُه إِذا مَنَّتْه الأَمانيَّ، وخَيَّلَت إِليه مِنَ الآمال ما لا يكادُ يكون، وذلك مما يُرَغِّبُ الرجلَ في الأُمور، ويَبْعَثُه على التَّعرُّض لها؛ ويقولون في عكسه صَدَقَتْه نَفْسُه، وخَيَّلَتْ إِليه العَجْزَ والنَّكَدَ في الطَّلَب. ومِن ثَمَّ قالوا للنَّفْسِ: الكَذُوبُ. فمعنى قوله كذَباك أَي ليَكْذِباك ولْيُنَشِّطاكَ ويَبْعَثاك على الفعل؛ قال ابن الأَثير: وقد أَطْنَبَ فيه الزمخشري وأَطالَ، وكان هذا خلاصةَ قوله؛ وقال ابن السكيت: كأَنَّ كَذَبَ، ههنا، إِغراءٌ أَي عليك بهذا الأَمر، وهي كلمة نادرة، جاءَت على غير القياس. يقال: كَذَبَ عليك أَي وَجَبَ عليك.
والكَذَّابةُ: ثوبٌ يُصْبغ بأَلوانٍ يُنْقَشُ كأَنه مَوْشِـيٌّ. وفي حديث الـمَسْعُودِيِّ: رأَيتُ في بيت القاسم كَذَّابَتَين في السَّقْفِ؛ الكَذَّابةُ: ثوبٌ يُصَوَّرُ ويُلْزَقُ بسَقْفِ البيت؛ سُميت به لأَنها تُوهم أَنها في السَّقْف، وإِنما هي في الثَّوْب دُونَه. والكَذَّابُ: اسمٌ لبعض رُجَّازِ العَرب. والكَذَّابانِ: مُسَيْلِمةُ الـحَنَفِـيُّ والأَسوَدُ العَنْسِيُّ.