Academy of the Arabic Language in Cairo, al-Muʿjam al-Wasīṭ (1998) المعجم الوسيط لمجموعة من المؤلفين
Permalink (الرابط القصير إلى هذا الباب):
http://arabiclexicon.hawramani.com/?p=91388#518c5f
(المــيقف) الميقاف
وقف: الوُقوف خلاف الجُلوس، وقَف بالمكان وقْفاً ووُقوفاً، فهو واقف،
والجمع وُقْف ووُقوف، ويقال: وقَفتِ الدابةُ تَقِفُ وُقوفاً، ووقَفْتها
أَنا وَقْفاً. ووقَّفَ الدابةَ: جعلها تَقِف؛ وقوله:
أَحْدَثُ مَوْقِف من أُم سَلْمٍ
تَصَدِّيها، وأَصْحابي وُقوفُ
وُقوفٌ فوقَ عِيسٍ قد أُمِلَّتْ،
بَراهُنَّ الإناخةُ والوَجِيفُ
إنما أَراد وُقوف لإبلهم وهم فوقها؛ وقوله:
أَحدث موقف من أُم سلم
إنما أَراد أَحدث مواقفَ هي لي من أُم سلْم أَو من مواقِفِ أُم سلْم،
وقوله تَصَدِّيها إنما أَراد مُتصدّاها، وإنما قلت هذا لأُقابل الموقف الذي
هو الموضع بالمُتصدَّى الذي هو الموضع، فيكون ذلك مقابلة اسم باسم،
ومكان بمكان، وقد يكون موقفي ههنا وُقوفي، فإِذا كان ذلك فالتصدّي على وجهه
أَي أَنه مصدر حينئذ، فقابل المصدر بالمصدر؛ قال ابن بري: ومما جاء شاهداً
على أَوقفت الدابة قول الشاعر:
وقولها، والرِّكابُ مُوقَفةٌ:
أَقِمْ علينا أَخي، فلم أُقِمِ
وقوله:
قلت لها: قِفِي لنا، قالت: قافْ
إنما أَراد قد وقَفْتُ فاكتفى بذكر القاف. قال ابن جني: ولو نقل هذا
الشاعر إلينا شيئاً من جملة الحال فقال مع قوله قالت قاف: وأَمسكَت زمام
بعيرها أَو عاجَته علينا، لكان أَبين لما كانوا عليه وأَدل، على أَنها
أَرادت قفي لنا قفي لنا أَي تقول لي قفي لنا متعجبة منه، وهو إذا شاهَدها وقد
وقَفَتْ علم أَن قولها قاف إجابةٌ له لا رَدّ لقوله وتعَجُّب منه في قوله
قفي لنا.
الليث: الوَقْف مصدر قولك وقَفْتُ الدابةَ ووقَفْت الكلمة وقْفاً، وهذا
مُجاوِز، فإذا كان لازماً قلت وقفَتْ وُقوفاً. وإذا وقَّفْت الرجلَ على
كلمة قلت: وقَّفْتُه تَوْقيفاً. ووقَف الأَرض على المساكين، وفي الصحاح
للمساكين، وقْفاً: حبسَها، ووقفْتُ الدابةَ والأَرضَ وكلَّ شيء، فأَما
أَوقف في جميع ما تقدّم من الدواب والأَرضين وغيرهما فهي لغة رَديئة؛ قال
أَبو عمرو بن العلاء: إلا أَني لو مررت برجل واقف فقلت له: ما أَوْقَفَك
ههنا، لرأَيته حسَناً. وحكى ابن السكّيت عن الكسائي: ما أَوقَفك ههنا وأَيُّ
شيء أَوقفك ههنا أَي أَيُّ شيء صيَّرك إلى الوُقوف، وقيل: وقَف وأَوقَف
سواء. قال الجوهري: وليس في الكلام أَوقفْت إلا حرف واحد أَوقَفْت عن
الأَمر الذي كنت فيه أَي أَقْلَعْت؛ قال الطرماح:
قَلَّ في شَطِّ نَهْروانَ اغْتِماضِي،
ودَعاني هَوى العُيونِ المِراضِ
جامِحاً في غَوايَتي، ثم أَوقَفْـ
ـتُ رِضاً بالتُّقَى، وذُو البِرِّ راضي
قال: وحكى أَبو عمرو كلمتهم ثم أَوقفْت أَي سكتُّ، وكل شيء تُمسك عنه
تقول أَوقفت، ويقال: كان على أَمْر فأَوقَف أَي أَقصَر. وتقول: وقفْت الشيء
أَقِفه وقْفاً، ولا يقال فيه أَوقفت إلا على لغة رديئة. وفي كتابه لأَهل
نجْرانَ: وأن لا يُغيَّرَ واقِف من وِقِّيفاه؛ الواقف: خادم البِيعة
لأَنه وقَف نفسَه على خِدْمتها، والوِقِّيفى، بالكسر والتشديد والقصر:
الخدمة، وهي مصدر كالخِصِّيصى والخِلِّيفى. وقوله تعالى: ولو ترى إذ وُقِفوا
على النار، يحتمل ثلاثة أَوجه: جائز أَن يكونوا عاينوها، وجائز أَن يكونوا
عليها وهي تحتهم، قال ابن سيده: والأَجود أَن يكون معنى وُقفوا على
النار أُدخلوها فعرَفوا مِقدار عذابها كما تقول: وقفْت على ما عند فلان تريد
قد فَهِمته وتبيَّنْته. ورجل وقّاف: مُتَأَنٍّ غير عَجِل؛ قال:
وقد وقَفَتْني بينَ شكٍّ وشُبْهِةٍ،
وما كنت وقّافاً على الشُّبُهات
وفي حديث الحسن: إن المؤمن وقّاف مُتَأَنٍّ وليس كحاطِب الليل؛
والوقّاف: الذي لا يستعجل في الأَمور، وهو فَعّال من الوُقوف. والوقّاف:
المُحْجِم عن القتال كأَنه يَقِف نفسه عنه ويعوقها؛ قال دريد:
وإنْ يَكُ عبدُ اللّه خلَّى مكانَه،
فما كان وقَّافاً، ولا طائشَ اليدِ
وواقَفه مُواقفة ووِقافاً: وقفَ معه في حرب أَو خُصومة. التهذيب: أَوقفت
الرجلَ على خِزْيِه إذا كنت لا تحبسه بيدك، فأَنا أُوقِفه إيقافاً، قال:
وما لك تَقِف دابتك تحبسها بيدك.
والمَوْقِفُ: الموضع الذي تقِف فيه حيث كان.
وتَوْقِيفُ الناس في الحجّ: وُقوفهم بالمواقِف. والتوْقيف: كالنَّصّ،
وتواقفَ الفريقان في القِتال. وواقَفْته على كذا مُواقفة ووِقافاً
واسْتَوْقَفْته أَي سأَلته الوقُوف. والتوقُّف في الشيء: كالتلَوُّم فيه. وأَوقفت
الرجل على كذا إذا لم تحبسه بيدك. والواقفة: القدَم، يمانية صفة غالبة.
والمِــيقَف والمِيقاف: عُودأَو غيره يسكَّن به غلَيان القِدر كأَنّ
غليانها يُوقف بذلك؛ كلاهما عن اللحياني.
والمَوْقُوف من عَروض مَشْطُور السَّريع والمُنْسَرِح: الجزء الذي هو
مفعولان، كقوله:
يَنْضَحْنَ في حافاتِها بالأَبْوالْ
فقوله بالأَبوال مفعولانْ أَصله مفعولاتُ أُسكنت التاء فصار مفعولاتْ،
فنقل في التقطيع إلى مفعولان، سمي بذلك لأَن حركة آخره وُقِفَت فسمي
موقوفاً، كما سميت مِنْ وقَطْ وهذه الأَشياء المبنية على سكون الأَواخِر
موقوفاً.
ومَوْقِفُ المرأَةِ: يداها وعيناها وما لا بدّ لها من إظهاره. الأَصمعي:
بدا من المرأَة مَوقِفُها وهو يداها وعيناها وما لا بدَّ لها من إظهاره.
ويقال للمرأَة: إنها لحسَنة الموقفين، وهما الوجه والقدَم. المحكم:
وإنها لجميلة مَوْقِف الراكِب يعني عينيها وذراعيها، وهو ما يراه الراكب
منها. ووقَّفَتِ المرأَةُ يديها بالحِنّاء إذا نقَّطت في يديها نُقَطاً.
ومَوْقِف الفرس: ما دخَل في وسَط الشاكلة، وقيل: مَوْقفاه الهَزْمتان اللتان
في كَشْحَيه. أَبو عبيد: الموقفان من الفرس نُقْرتا خاصرتيه. يقال: فرس
شديد الموقِفين كما يقال شَديدُ الجَنْبَين وحَبِطُ الموْقِفَينِ إذا كان
عظيم الجنبين؛ قال الجعدي:
شدِيدُ قِلاتِ المَوْقِفَيْنِ كأَنما
به نَفَسٌ، أَو قد أَراد ليَزْفِرا
وقال:
فَلِيق النَّسا حَبِط الموقفيـ
ـن، يَسْتَنُّ كالصدَعِ الأَشْعَبِ
وقيل: موقف الدابة ما أَشرف من صُلبه على خاصرته. التهذيب: قال بعضهم
فرس مُوَقَّف وهو أَبرشُ أَعلى الأُذنين كأَنهما منقوشتان ببياض ولو سائره
ما كان.
والوَقِيفةُ: الأُروِيَّةُ تُلْجِئها الكلاب إلى صخرة لا مَخلَص لها
منها في الجبل فلا يمكنها أَن تنزل حتى تصاد؛ قال:
فلا تَحْسَبَنِّي شَحْمةً من وَقِيفةٍ
مُطَرَّدةٍ مما تَصيدُكَ سَلْفَعُ
وفي رواية: تَسَرَّطُها مما تصيدك. وسَلْفَعُ: اسم كلبة، وقيل: الوقيفة
الطَّريدة إذا أَعْيَت من مُطاردة الكلاب. وقال الجوهري: الوقيفة
الوَعِل؛ قال ابن بري: وصوابه الوقيفة الأُرْوِيّة. وكلُّ موضع حبسَته الكلاب
على أَصحابه، فهو وَقِيفة.
ووقَّف الحديث: بيَّنه. أَبو زيد: وقَّفت الحديث توقيفاً وبيَّنته
تبييناً، وهما واحد. ووقَّفته على ذنبه أَي أَطلعته عليه. ويقال: وقَّفته على
الكلمة توقيفاً. والوَقْف: الخَلْخال ما كان من شيء من الفضة والذَّبْل
وغيرهما، وأَكثر ما يكون من الذبل، وقيل: هو السِّوار ما كان، وقيل: هو
السوار من الذَّبل والعاج، والجمع وقُوف. والمَسَكُ إذا كان من عاج فهو
وقْف، وإذا كان من ذَبْل فهو مَسَك، وهو كهيئة السِّوار. يقال: وقَّفَت
المرأَة توقيفاً إذا جعلت في يديها الوقْف. وحكى ابن بري عن أَبي عمرو:
أَوقَفَت الجاريةُ، جعلت لها وقْفاً من ذَبْل؛ وأَنشد ابن بري شاهداً على
الوقْف السوار من العاج لابن مُقْبل:
كأَنه وقْفُ عاجٍ بات مَكْنُونا
(*
قوله «مكنونا» كذا بالأصل وكتب بازائه: منكفتاً، وهو الذي في شرح
القاموس.)
والتوْقِيف: البياض مع السواد. ووُقُوف القوسِ: أَوتارُها المشدودة في
يدها ورجلها؛ عن ابن الأَعرابي؛ وقال أَبو حنيفة: التوْقِيف عقَب يُلْوَى
على القوس رَطباً لَيّناً حتى يصير كالحَلْقة، مشتق من الوقْف الذي هو
السوار من العاج؛ هذه حكاية أَبي حنيفة، جعل التوقيف اسماً كالتَّمْتين
والتنْبيت؛ قال ابن سيده: وأَبو حنيفة لا يؤمن على هذا، إنما الصحيح أَن
يقول: التوقيف أَن يُلْوى العَقَبُ على القوس رطباً حتى يصير كالحلقة،
فيُعَبَّر عن المصدر بالمصدر، إلاَّ أَنْ يثبت أَن أَبا حنيفة ممن يعرف مثل
هذا، قال: وعندي أَنه ليس من أَهل العلم به ولذلك لا آمنه عليه وأَحمله على
الأَوسع الأَشيع. والتوقيف أَيضاً: لَيُّ العَقَب على القوس من غير عيب.
ابن شميل: التوقيف أَن يُوَقِّف على طائفَي القوس بمضائغ من عَقَب قد
جعلهن في غِراء من دماء الظِّباء فيجئن سوداً، ثم يُغْلى على الغِراء
بصَدإِ أَطراف النَّبْل فيجيء أَسود لازقاً لا ينقطع أَبداً. ووقْفُ الترس:
المستدير بحافته، حديداً كان أَو قَرْناً، وقد وقَّفه. وضَرع مُوقَّف: به
آثار الصِّرار؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
إبْلُ أَبي الحَبْحاب إبْلٌ تُعْرَفُ،
يَزِينُها مُجَفَّفٌ مُوَقَّفُ
قال ابن سيده: هكذا رواه ابن الأَعرابي مجفف، بالجيم، أَي ضَرْع كأَنه
جُفٌّ وهو الوَطْب الخَلَقُ، ورواه غيره محفَّف، بالحاء، أَي ممتلئ قد
حَفَّت به. يقال: حَفَّ القوم بالشيء وحفَّفوه أَحدقوا به. والتوقيفُ:
البياض مع السواد. ودابة موقَّفة توقِيفاً وهو شِيَتُها. ودابة موقَّفة: في
قوائمها خُطوط سود؛ قال الشماخ:
وما أَرْوَى، وإنْ كَرُمَتْ علينا،
بأَدْنَى من مُوقَّفة حَرُونِ
واستعمل أَبو ذؤيب التوقيف في العُقاب فقال:
مُوقَّفة القَوادِم والذُّنابَى،
كأَنَّ سَراتها اللَّبَن الحَلِيبُ
أَبو عبيد: إذا أَصاب الأَوْظِفة بياض في موضع الوقْف ولم يعْدها إلى
أَسفل ولا فوق فذلك التوقيف. ويقال: فرس موقَّف. الليث: التوقيف في قوائم
الدابة وبقر الوحش خُطوط سود؛ وأَنشد: شَيْباً موقَّفا. وقال آخر:
لها أُمٌّ مُوَقَّفةٌ رَكُوبٌ،
بحيثُ الرَّقْوُ مَرْتَعُها البَريرُ
ورجل موقَّف: أَصابته البَلايا هذه عن اللحياني. ورجل موقَّف على الحق:
ذَلول به. وحمار موقَّف؛ عنه أَيضاً: كُوِيتْ ذراعاه كَيّاً مستديراً؛
وأَنشد:
كَوَيْنا خَشْرَماً في الرأْس عَشْراً،
ووقَّفْنا هُدَيْبةً، إذ أَتانا
اللحياني: المِــيقَفُ والمِيقافُ العُودُ الذي تُحرّك به القِدر ويسكَّن
به غليانها، وهو المِدْوَمُ والمِدْوامُ؛ قال: والإدامة ترك القِدْر على
الأَثافي بعد الفراغ. وفي حديث الزبير وغَزوة حُنَيْن: أَقبلت معه فوقفت
حتى اتَّقَفَ الناسُ كلهم أَي حتى وقَفُوا؛ اتَّقف مطاوع وقَف، تقول:
وقَفْته فاتّقف مثل وعدْته فاتَّعَد، والأَصل فيه اوْتَقف، فقلبت الواو ياء
لسكونها وكسر ما قبلها، ثم قلبت الياء تاءً وأُدْغمت في تاء الافتعال.
وواقفٌ: بطن من الأَنصار من بني سالم بن مالك بن أَوْس. اين سيده: وواقف
بطن من أَوس اللاَّتِ. والوقّاف: شاعر معروف.
قفا: الأَزهري: القَفا ، مقصور ، مؤخر العُنق ، أَلفها واو والعرب
تؤنثها ، والتذكير أَعم . ابن سيده: القَفا وراء العنق أُنثى ؛ قال :
فَما المَوْلَى ، وإن عَرُضَت قَفاه ،
بأَحْمَل للمَلاوِمِ مِن حِمار
ويروى: للمَحامِد، يقول: ليس المولى وإن أَتَى بما يُحمَد عليه بأَكثر
من الحِمار مَحامِد. وقال اللحياني: القَفا يذكر ويؤنث ، وحَكَى عن
عُكْلٍ هذه قَفاً، بالتأْنيث، وحكى ابن جني المدّ في القَفا وليست بالفاشية؛
قال ابن بري: قال ابن جني المدّ في القفا لغة ولهذا جمع على أَقفِية؛
وأَنشد :
حتى إذا قُلْنا تَيَفَّع مالكٌ ،
سَلَقَت رُقَيَّةُ مالِكاً لقَفائِه
فأَما قوله :
يا ابنَ الزُّبَير طالَ ما عَصَيْكا ،
وطالَ ما عَنَّيْتَنا إلَيْكا ،
لَنَضْرِبَنْ بسَيْفِنا قَفَيْكا
أَراد قَفاك ، فأَبدل الأَلف ياء للقافية ، وكذلك أَراد عَصَيْتَ ،
فأَبدل من التاء كافاً لأَنها أُختها في الهمس ، والجمع أَقْفٍ وأَقْفِيةٌ؛
الأَخيرة عن ابن الأعرابي ، وهو على غير قياس لأنه جمعُ الممدود مثل سَماء
وأَسْمِيَةٍ، وأَقفاءٌ مثل رَحاً وأَرْحاء ؛ وقال الجوهري: هو جمع
القلة، والكثير قُفِيٌّ على فُعُول مثل عَصاً وعُصِيٍّ، وقِفِيٌّ وقَفِينٌ؛
الأَخيرة نادرة لا يوجبها القياس .
والقافِيَةُ: كالقَفا ، وهي أَقلهما . ويقال: ثلاثة أَقْفاء، ومن قال
أَقْفِية فإنه جماعة والقِفِيّ والقُفِيّ؛ وقال أَبو حاتم: جمع القَفا
أَقْفاء، ومن قال أَقْفِية فقد أَخطأَ. ويقال للشيخ إذا هَرِمَ: رُدَّ على
قَفاه ورُدَّ قَفاً؛ قال الشاعر :
إن تَلْقَ رَيْبَ المَنايا أَو تُرَدُّ قَفاً ،
لا أَبْكِ مِنْكَ على دِينٍ ولا حَسَبِ
وفي حديث مرفوع: يَعْقِدُ الشيطانُ على قافِيةِ رأْس أَحدكم ثلاث
عُقَد، فإذا قام من الليل فَتَوَضَّأَ انحلت عُقْدة ؛ قال أَبو عبيدة: يعني
بالقافية القَفا. ويقولون :القَفَنُّ في موضع القَفا ، وقال: هي قافية
الرأْس .وقافِيةُ كل شيء: آخره، ومنه قافية بيت الشِّعْر ، وقيل قافية
الرأْس مؤخره، وقيل: وسطه؛ أَراد تَثْقِيلَه في النوم وإطالته فكأنه قد
شَدَّ عليه شِداداً وعَقَده ثلاث عُقَد.
وقَفَوْتُه: ضربت قَفاه. وقَفَيْتُه أَقْفِيه: ضربت قَفاه. وقَفَيْتُه
ولَصَيْتُه: رميته بالزنا. وقَفَوْتُه: ضربت قَفاه ، وهو بالواو. ويقال:
قَفاً وقَفوان، قال: ولم أَسمع قَفَيانِ. وتَقَفَّيْته بالعصا
واسْتَقْفَيْته: ضربت قفاه بها . وتَقَفَّيت فلاناً بعصا فضربته: جِئته من خَلْف
. وفي حديث ابن عمر: أَخَذَ المِسْحاةَ فاسْتَقْفاه فضربه بها حتى
قتله أَي أَتاه من قِبَل قفاه. وفي حديث طلحة: فوضعوا اللُّجَّ على قَفَيَّ
أَي وضَعوا السيف على قَفاي ، قال: وهي لغة طائِية يشددون ياء المتكلم .
وفي حديث عمر ، رضي الله عنه، كتب إليه صحيفة فيها:
فما قُلُصٌ وُجِدْنَ مُعَقَّلاتٍ
قَفا سَلْعٍ بمُخْتَلَفِ التِّجارِ
سَلْعٌ: جبل، وقَفاه: وراءه وخَلْفه.
وشاة قَفِيَّة: مذبوحة من قفاها، ومنهم من يقول قَفِينةٌ، والأَصل
قَفِيَّة، والنون زائدة؛ قال ابن بري: النون بدل من الياء التي هي لام الكلمة.
وفي حديث النخعي: سئل عمن ذبح فأَبان الرأْس، قال: تلك القَفِينة لا
بأْس بها؛ هي المذبوحة من قِبَل القَفا، قال: ويقال للقَفا القَفَنُ، فهي
فَعِيلة بمعنى مَفْعولة. يقال: قَفَنَ الشاةَ واقْتَفَنَها؛ وقال أَبو
عبيدة
(* قوله« أَبو عبيدة» كذا بالأصل، والذي في غير نسخة من النهاية: أبو
عبيد بدون هاء التأنيث.): هي التي يبان رأْسها بالذبح، قال: ومنه حديث
عمر، رضي الله عنه: ثم أَكون على قَفّانِه، عند من جعل النون أَصلية.
ويقال: لا أَفعله قَفا الدهر أَي أَبداً أَي طول الدهر وهو قَفا
الأَكَمَة وبقَفا الأَكَمة أَي بظهرها. والقَفَيُّ: القَفا.
وقَفاه قَفْواً وقُفُوّاً واقْتَفاه وتَقَفَّاه: تَبِعَه. الليث:
القَفْوُ مصدر قولك قَفا يَقْفُــو قَفْواً وقُفُوّاً، وهو أَن يتبع الشيء. قال
الله تعالى: ولا تَقْفُ ما ليس لك به عِلم؛ قال الفراء: أَكثر القراء
يجعلونها من قَفَوْت كما تقول لا تدع من دعوت، قال: وقرأَ بعضهم ولا تَقُفْ
مثل ولا تَقُلْ، وقال الأَخفش في قوله تعالى: ولا تقف ما ليس لك به علم؛
أَي لا تَتَّبِع ما لا تعلم، وقيل: ولا تقل سمعت ولم تسمع، ولا رأَيت ولم
تر، ولا علمت ولم تعلم، إِن السمع والبصر والفؤاد كل أُولئك كان عنه
مسؤولاً. أَبو عبيد: هو يَقْفُــو ويَقُوفُ ويَقْتافُ أَي يتبع الأَثر. وقال
مجاهد: ولا تقف ما ليس لك به علم لا تَرُمْ؛ وقال ابن الحنفية: معناه لا
تشهد بالزور. وقال أَبو عبيد: الأَصل في القَفْوِ والتَّقافي البُهْتان
يَرمي به الرجل صاحبه، والعرب تقول قُفْتُ أَثره وقَفَوْته مثل قاعَ الجمل
الناقة وقَعاها إِذا ركبها، ومثل عاثَ وعَثا. ابن الأَعرابي: يقال قَفَوْت
فلاناً اتبعت أَثره، وقَفَوْته أَقْفُوه رميته بأَمر قبيح. وفي نوادر
الأَعراب: قَفا أَثره أَي تَبِعَه، وضدُّه في الدعاء: قَفا الله أَثَره مثل
عَفا الله أَثَره. قال أَبو بكر: قولهم قد قَفا فلان فلاناً، قال أَبو
عبيد: معناه أَتْبَعه كلاماً قبيحاً. واقْتَفى أَثَره وتَقَفَّاه: اتبعه.
وقَفَّيْت على أَثره بفلان أَي أَتْبَعْته إِياه. ابن سيده: وقَفَّيْته
غيري وبغيري أَتْبَعْته إِياه. وفي التنزيل العزيز: ثم قَفَّينا على
آثارهم برُسُلنا؛ أَي أَتبعنا نوحاً وإِبراهيم رُسُلاً بعدهم؛ قال امرؤ القيس:
وقَفَّى على آثارِهِنَّ بحاصِبِ
أَي أَتْبَع آثارَهن حاصباً. وقال الحوفي: اسْتَقْفاه إِذا قَفا أَثره
ليَسْلُبَه؛ وقال ابن مقبل في قَفَّى بمعنى أَتى:
كَمْ دُونَها من فَلاةٍ ذاتِ مُطَّرَدٍ،
قَفَّى عليها سَرابٌ راسِبٌ جاري
أَي أَتى عليها وغَشِيَها. ابن الأَعرابي: قَفَّى عليه أَي ذهب به؛
وأَنشد:
ومَأْرِبُ قَفًى عليه العَرِمْ
والاسم القِفْوةُ، ومنه الكلام المُقَفَّى. وفي حديث النبي، صلى الله
عليه وسلم: لي خمسة أَسماء منها كذا وأَنا المُقَفِّي، وفي حديث آخر: وأَنا
العاقب؛ قال شمر: المُقَفِّي نحو العاقب وهو المُوَلِّي الذاهب.
يقال: قَفَّى عليه أَي ذهبَ به، وقد قَفَّى يُقَفِّــي فهو مُقَفٍّ،
فكأَنَّ المعنى أَنه آخِر الأَنبياءَ المُتَّبِع لهم، فإِذا قَفَّى فلا نبيَّ
بعده، قال: والمُقَفِّي المتَّبع للنبيين. وفي الحديث: فلما قَفَّى قال
كذا أَي ذهب مُوَلِّياً، وكأَنه من القَفا أَي أَعطاه قفاه وظهره؛ ومنه
الحديث: أَلا أُخبركم بأَشدَّ حرّاً منه يوم القيامة هَذَيْنِكَ الرجلين
المُقَفِّيَيْن أَي المُوَلِّيَين، والحديث عن النبي، صلى الله عليه وسلم،
أَنه قال: أَنا محمد وأَحمد والمُقَفِّي والحاشِر ونبيّ الرحْمة ونبي
المَلْحَمة؛ وقال ابن أَحمر:
لا تَقْتَفِي بهمُ الشمالُ إِذا
هَبَّتْ، ولا آفاقُها الغُبْرُ
أَي لا تُقِيم الشمال عليهم، يريد تُجاوِزهم إِلى غيرهم ولا تَستَبِين
عليهم لخِصْبهم وكثرة خَيرهم؛ ومثله قوله:
إِذا نَزَلَ الشِّتاءُ بدارِ قَومٍ،
تَجَنَّبَ دارَ بيتِهمُ الشِّتاءُ
أَي لا يظهر أَثر الشتاء بجارهم. وفي حديث عمر، رضي الله
عنه، في الاسْتسقاءِ: اللهم إِنا نتقرب إِليك بعمِّ نبيك وقَفِيَّةِ
آبائه وكُبْر رجاله؛ يعني العباس. يقال: هذا قَفِيُّ الأَشياخ وقَفِيَّتُهم
إِذا كان الخَلَف منهم، مأْخوذ من قَفَوْت الرجل إِذا تَبِعْتَه، يعني
أَنه خَلَفُ آبائه وتِلْوهم وتابعهم كأَنه ذهب إِلى استسقاء أَبيه عبد
المطلب لأَهل الحرمَين حين أَجْدَبوا فسقاهم الله به، وقيل: القَفِيَّةُ
المختار. واقْتفاه إِذا اختاره. وهو القِفْوةُ: كالصِّفْوة من اصْطَفى، وقد
تكرر ذلك القَفْو والاقْتفاء في الحديث اسماً وفعلاً ومصدراً. ابن سيده:
وفلان قَفِيُّ أَهله وقَفِيَّتُهم أَي الخلف منهم لأَنه يَقْفُــو آثارهم في
الخير. والقافية من الشعر: الذي يقفــو البيت، وسميت قافية لأَنها تقفو
البيت، وفي الصحاح: لأَن بعضها يتبع أَثر بعض. وقال الأَخفش: القافية آخر
كلمة في البيت، وإنما قيل لها قافية لأَنها تقفو الكلام، قال: وفي قولهم
قافية دليل على أَنها ليست بحرف لأَن القافية مؤنثة والحرف مذكر، وإن
كانوا قد يؤنثون المذكر، قال: وهذا قد سمع من العرب، وليست تؤخذ الأَسماء
بالقياس، أَلا ترى أَن رجلاً وحائطاً وأَشباه ذلك لا تؤخذ بالقياس إِنما
ينظر ما سمته العرب، والعرب لا تعرف الحروف؟ قال ابن سيده: أَخبرني من أَثق
به أَنهم قالوا لعربي فصيح أَنشدنا قصيدة على الذال فقال: وما الذال؟
قال: وسئل بعض العرب عن الذال وغيرها من الحروف فإِذا هم لا يعرفون الحروف؛
وسئل أَحدهم عن قافية:
لا يَشْتَكينَ عَمَلاً ما أَنْقَيْنْ
فقال: أَنقين؛ وقالوا لأَبي حية: أَنشدنا قصيدة على القاف فقال:
كَفى بالنَّأْيِ من أَسماء كاف
فلم يعرف القاف. قال محمد بن المكرّم: أَبو حية، على جهله بالقاف في هذا
كما ذكر، أَفصح منه على معرفتها، وذلك لأَنه راعى لفظة قاف فحملها على
الظاهر وأَتاه بما هو على وزن قاف من كاف ومثلها، وهذا نهاية العلم
بالأَلفاظ وإِن دق عليه ما قصد منه من قافية القاف، ولو أَنشده شعراً على غير
هذا الروي مثل قوله:
آذَنَتْنا بِبَيْنِها أَسماءُ
ومثل قوله:
لِخَوْلةَ أَطْلالٌ ببُرْقةِ ثَهْمَدِ
(* قوله« ببرقة» هي بالضم كما في ياقوت، وضبطت في تمهد بالفتح خطأ.)
كان يعد جاهلاً وإِنما هو أَنشده على وزن القاف، وهذه معذرة لطيفة عن
أَبي حية، والله أَعلم. وقال الخليل: القافية من آخر حرف في البيت إِلى
أَوّل ساكن يليه مع الحركة التي قبل الساكن، ويقال مع المتحرك الذي قبل
الساكن كأَن القافية على قوله من قول لبيد:
عَفَتِ الدِّيارُ مَحَلُّها فَمُقامُها
من فتحة القاف إِلى آخر البيت، وعلى الحكاية الثانية من القاف نفسها
إِلى آخر البيت؛ وقال قطرب: القافية الحرف الذي تبنى القصيدة عليه، وهو
المسمى رَوِيّاً؛ وقال ابن كيسان: القافية كل شيء لزمت إِعادته في آخر البيت،
وقد لاذ هذا بنحو من قول الخليل لولا خلل فيه؛ قال ابن جني: والذي يثبت
عندي صحته من هذه الأَقوال هو قول الخليل؛ قال ابن سيده: وهذه الأَقوال
إِنما يخص بتحقيقها صناعة القافية، وأَما نحن فليس من غرضنا هنا إِلا أَن
نعرّف ما القافية على مذهب هؤلاء من غير إسهاب ولا إطناب؛ وأَما ما حكاه
الأَخفش من أَنه سأَل من أَنشد:
لا يشتكين عملاً ما أَنقين
فلا دلالة فيه على أَن القافية عندهم الكلمة، وذلك أَنه نحا نحو ما
يريده الخليل، فلَطُف عليه أَن يقول هي من فتحة القاف إِلى آخر البيت فجاء
بما هو عليه أَسهل وبه آنَس وعليه أَقْدَر، فذكر الكلمة المنطوية على
القافية في الحقيقة مجازاً، وإِذا جاز لهم أَن يسموا البيت كله قافية لأَن في
آخره قافية، فتسميتهم الكلمة التي فيها القافية نفسها قافية أَجدر
بالجواز، وذلك قول حسان:
فَنُحْكِمُ بالقَوافي مَن هَجانا،
ونَضْرِبُ حينَ تخْتَلِطُ الدِّماءُ
وذهب الأَخفش إِلى أَنه أَراد هنا بالقوافي الأَبيات؛ قال ابن جني: لا
يمتنع عندي أَن يقال في هذا إِنه أَراد القصائد كقول الخنساء:
وقافِيةٍ مِثْلِ حَدِّ السِّنا
نِ تَبْقى، ويَهْلِك مَن قالَها
تعني قصيدة والقافية القصيدة؛ وقال:
نُبِّئْتُ قافِيةً قيلَتْ، تَناشَدَها
قَوْمٌ سأَتْرُك في أَعْراضِهِمْ نَدَبا
وإِذا جاز أَن تسمى القصيدة كلها قافية كانت تسمية الكلمة التي فيها
القافية قافية أجدر، قال: وعندي أَن تسمية الكلمة والبيت والقصيدة قافية
إِنما هي على إِرادة ذو القافية، وبذلك خَتَم ابن جني رأْيه في تسميتهم
الكلمة أَو البيت أَو القصيدة قافية. قال الأَزهري: العرب تسمي البيت من
الشِّعر قافية وربما سموا القصيدة قافية. ويقولون: رويت لفلان كذا وكذا
قافية. وقَفَّيْتُ الشِّعر تَقْفِية أَي جعلت له قافية.
وقَفاه قَفْواً: قَدَفه أَو قَرَفَه، وهي القِفْوةُ، بالكسر. وأَنا له
قَفِيٌّ: قاذف. والقَفْوُ القَذْف، والقَوْفُ مثل القفْو. وقال النبي، صلى
الله عليه وسلم: نحن بنو النضر بن كِنانة لا نَقْذِفُ أَبانا ولا نقْفُو
أُمنا؛ معنى نقفو: نقذف، وفي رواية: لا نَنْتَفي عن أَبينا ولا نَقْفُو
أُمنا أَي لا نتهمها ولا نقذفها. يقال: قَفا فلان فلاناً إِذا قذفه بما
ليس فيه، وقيل: معناه لا نترك النَّسَب إِلى الآباءِ ونَنْتَسب إِلى
الأُمهات. وقَفَوْت الرجل إِذا قذفته بفُجور صريحاً. وفي حديث القاسم بن محمد:
لا حَدَّ إِلا في القَفْوِ البيّن أَي القذف الظاهر. وحديث حسان بن
عطية: من قَفا مؤمناً بما ليس فيه وقَفَه الله في رَدْغةِ الخَبال. وقَفَوْت
الرجل أَقْفُوه قَفْواً إِذا رميته بأَمر قبيح. والقِفْوةُ: الذنب. وفي
المثل: رُبَّ سامع عِذْرَتي لم يَسمَع قِفْوتي؛ العِذْرةُ: المَعْذِرةُ،
أَي رب سامع عُذْري لم يَسمع ذَنبي أَي ربما اعتذرت إِلى من لم يعرف ذنبي
ولا سمع به وكنت أَظنه قد علم به. وقال غيره: يقول ربما اعتذرت إِلى رجل
من شيء قد كان مني إِلى مَنْ لم يبْلُغه ذنبي. وفي المحكم: ربما اعتذرت
إِلى رجل من شيء قد كان مني وأَنا أَظن أَنه قد بلغه ذلك الشيء ولم يكن
بلغه؛ يضرب مثلاً لمن لا يحفظ سره ولا يعرف عيبه، وقيل: القِفْوة أَن تقول
في الرجل ما فيه وما ليس فيه.
وأَقفى الرجلَ على صاحبه: فضَّله؛ قال غيلان الربعي يصف فرساً:
مُقْفًى على الحَيِّ قَصِيرَ الأَظْماء
والقَفِيَّةُ: المَزِيَّة تكون للإِنسان على غيره، تقول: له عندي
قَفِيَّةٌ ومزية إِذا كانت له منزلة ليست لغيره. ويقال: أَقْفَيته ولا يقال
أَمْزَيته، وقد أَقْفاه. وأَنا قَفِيٌّ به أَي حَفِيٌّ، وقد تَقَفَّى به.
والقَفِيُّ: الضَّيْف المُكْرَم. والقَفِيُّ والقَفِيَّةُ: الشيء الذي
يُكْرَم به الضيْفُ من الطعام، وفي التهذيب: الذي يكرم به الرجل من الطعام،
تقول: قَفَوْته، وقيل: هو الذي يُؤثر به الضيف والصبي؛ قال سلامة بن جندل
يصف فرساً:
ليس بأَسْفى ولا أَقْنى ولا سَغِلٍ،
يُسْقى دَواء قَفِيّ السَّكْنِ مَرْبُوب
وإِنما جُعِل اللبنُ دواء لأَنهم يُضَمِّرون الخيل بسَقْي اللبن
والحَنْذ، وكذلك القَفاوة، يقال منه: قَفَوْته به قَفْواً وأَقْفَيته به أَيضاً
إِذا آثَرْته به. يقال: هو مُقْتَفًى به إِذا كان مُكْرَماً، والاسم
القِفْوة، بالكسر، وروى بعضهم هذا البيت دِواء، بكسر الدال، مصدر داويته،
والاسم القَفاوة. قال أَبو عبيد: اللبن ليس باسم القَفِيِّ، ولكنه كان
رُفِعَ لإِنسان خص به يقول فآثرت به الفرس. وقال الليث: قَفِيُّ السَّكْنِ
ضَيْفُ أَهل البيت. ويقال: فلان قَفِيٌّ بفلان إِذا كان له مُكْرِماً. وهو
مُقْتَفٍ به أَي ذو لُطْف وبِرّ، وقيل: القَفِيُّ الضَّيف لأَنه يُقْفَــى
بالبِر واللطف، فيكون على هذا قَفِيّ بمعنى مَقْفُوّ، والفعل منه قَفَوته
أَقْفُوه. وقال الجعدي: لا يُشِعْن التَّقافِيا؛ ويروى بيت الكميت:
وباتَ وَلِيدُ الحَيِّ طَيَّانَ ساغِباً،
وكاعِبُهمْ ذاتُ القَفاوَةِ أَسْغَبُ
أَي ذات الأُثْرَة والقَفِيَّةِ؛ وشاهد أَقْفَيْتُه قول الشاعر:
ونُقْفِي وَلِيدَ الحيّ إِن كان جائعاً،
ونُحْسِبُه إِن كان ليس بجائعِ
اي نُعْطِيه حتى يقول حَسْبي. ويقال: أَعطيته القَفاوة، وهي حسن
الغِذاء. واقْتَفى بالشيء: خَص نفسه به؛ قال:
ولا أَتَحَرَّى وِدَّ مَن لا يَودُّني،
ولا أَقْتَفِي بالزادِ دُون زَمِيلِي
والقَفِيَّة: الطعام يُخص به الرجل. وأَقفاه به: اخْتصَّه. واقْتَفَى
الشيءَ وتَقَفَّاه: اختاره، وهي القِفْوةُ، والقِفْوةُ: ما اخترت من شيء.
وقد اقْتَفَيْت أَي اخترت. وفلان قِفْوَتي أَي خيرتي ممن أُوثره. وفلان
قِفْوَتي أَي تُهَمَتي، كأَنه من الأَضداد، وقال بعضهم: قِرْفتي.
والقَفْوة: رَهْجة تثور عند أَوّل المطر.
أَبو عمرو: القَفْو أَن يُصيب النبتَ المطرُ ثم يركبه التراب فيَفْسُد.
أَبو زيد: قَفِئَت الأَرضُ قَفْأً إِذا مُطِرت وفيها نبت فجعل المطرُ على
النبت الغُبارَ فلا تأْكله الماشية حتى يَجْلُوه الندى. قال الأَزهري:
وسمعت بعض العرب يقول قُفِيَ العُشب فهو مَقْفُوٌّ، وقد قفاه السَّيل،
وذلك إِذا حَمل الماءُ الترابَ عليه فصار مُوبِئاً.
وعُوَيْفُ القَوافي: اسم شاعر، وهو عُوَيْفُ بنُ معاوية بن عُقْبة بن
حِصْن بن حذيفة بن بدر.
والقِفْيةُ: العيب؛ عن كراع. والقُفْية: الزُّبْيةُ، وقيل: هي مثل
الزبية إِلا أَن فوقها شجراً، وقال اللحياني: هي القُفْيةُ والغُفْيةُ.
والقَفِيَّةُ: الناحية؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
فأَقْبَلْتُ حتى كنتُ عند قَفِيَّةٍ
من الجالِ، والأَنُفاسُ مِنِّي أَصُونُها
أَي في ناحية من الجال وأَصون أَنفاسِي لئلا يُشعَر بي.
قفل: القُفُول: الرُّجوع من السفر، وقيل: القُفُول رجوع الجُنْد بعد
الغَزْوِ، قَفَل القوم يَقْفُــلون، بالضم، قُفولاً وقَفْلاً؛ ورجل قافِل من
قوم قُفَّال، والقَفَل اسم للجمع. التهذيب: وهُمُ القَفَل بمنزلة القَعَد
اسم يلزمهم. والقَفَل أَيضاً: القُفول. تقول: جاءهم القَفَل والقُفول،
واشتقَّ اسمُ القافِلة من ذلك لأَنهم يَقْفُــلون، وقد جاء القَفَل بمعنى
القُفُول؛ قال الراجز:
عِلْباء، أَبْشِرْ بأَبيكَ والقَفَلْ
أَتاكَ، إِنْ لم يَنْقَطِعْ باقي الأَجَلْ،
هَوَلْوَل، إِذا وَنى القومُ نَزَلْ
قال أَبو منصور: سميت القافِلة قافِلة تَفاؤلاً بقُفُولها عن سَفرها
الذي ابتدأَته، قال: وظن ابنُ قتيبة أَن عوامَّ الناس يغلَطون في تسميتهم
الناهِضين في سفر أَنشؤوه قافِلة، وأَنها لا تسمَّى قافِلة إِلا منصرِفة
إِلى وَطنِها، وهذا غلَط،ما زالت العرب تسمي الناهضين في ابتداء الأَسفار
قافِلة تفاؤلاً بأَن يُيَسِّر الله لها القُفول، وهو شائع في كلام
فُصحائهم إِلى اليوم. والقافِلة: الرُّفْقة الراجعة من السفر. ابن سيده:
القافِلة القُفَّال، إِمَّا أَن يكونوا أَرادو القافِل أَي الفَريق القافِل
فأَدخلوا الهاء للمبالغة، وإِما أَن يريدوا الرُّفْقة القافِلة فحذفوا
الموصوف وغلبت الصفة على الاسم، وهو أَجود، وقد أَقفَلَهم هو وقَفَلَهم،
وأَقفَلْتُ الجُنْدَ من مَبْعَثهم. وفي حديث جبير بن مُطْعِم: بَيْنا هو يَسِير
مع النبي، صلى الله عليه وسلم، مَقْفَلَه من حُنَينٍ أَي عند رُجوعه
منها.
والمَقْفَل: مصدر قَفَل يَقْفُــل إِذا عاد من سفره؛ قال: وقد يقال
للسَّفْر قُفُول في الذهاب والمجيء، وأَكثر ما يستعمل في الرُّجوع، وتكرر في
الحديث وجاء في بعض رواياته: أَقْفَل الجيشُ وقَلَّما أَقْفَلْنا، والمعروف
قَفَل وقَفَلْنا وأَقفلَنا غيرُنا وأُقْفِلْنا، على ما لم يسم فاعله.
وفي حديث ابن عمر: قَفْلَةٌ كغَزْوة؛ القَفْلة: المرَّة من القُفول أَي
أَنَّ أَجْرَ المُجاهد في انصرافه إِلى أَهله بعد غزوه كأَجْرِه في إِقباله
إِلى الجهاد، لأَن في قفوله إِراحةً للنفس، واستعداداً بالقوَّة للعَوْد،
وحفظاً لأَهله برجوعه إِليهم، وقيل: أَراد بذلك التعقيب، وهو رجوعه
ثانياً في الوجه الذي جاء منه منصرِفاً، وإِن لم يلق عدوّاً ولم يشهد قتالاً،
وقد يفعل ذلك الجيش إِذا انصرفوا من مَغْزاهم لأَحد أَمرين: أَحدهما أَن
العدوّ إِذا رآهم قد انصرفوا عنه أَمنوهم وخرجوا من أَمكنتهم فإِذا
قَفَل الجيشُ إِلى دار العدوّ نالوا الفُرْصة منهم فأَغاروا عليهم، والآخر
أَنهم إِذا انصرفوا ظاهرين لم يأْمنوا أَن يَقْفُــوَ العدوُّ أَثرهم
فيُوقِعُوا بهم وهم غارُّون، فربما استظهر الجيشُ أَو بعضهُم بالرجوع على
أَدْراجهم، فإِن كان من العدوّ طلَب كانوا مستعدِّين للقائهم، وإِلا فقد سلموا
وأَحرزوا ما معهم من الغنيمة، وقيل: يحتمل أَن يكون سُئل عن قوم قَفَلوا
لخوفهم أَن يَدْهَمَهم من عدوّهم مَن هو أَكثر عدداً منهم فقَفّلوا
ليَستَضيفوا لهم عدداً آخر من أَصحابهم، ثم يَكُرُّوا على عدوّهم.
والقُفول: اليُبوس، وقد قَفَل يَقْفِــل، بالكسر؛ قال لبيد:
حتى إِذا يَئِسَ الرُّماة، وأَرْسَلُوا
غُضْفاً دَواجنَ قافِلاً أَعْصامُها
والأَعْصام: القَلائد، واحدتها عِصْمة ثم جمعت على عِصَم، ثم جمع عِصَم
على أَعْصام مثل شِيعة وشِيَع وأَشْياع. وقَفَل الجلد يَقْفُــل قُفُولاً
وقَفِل، فهو قافِل وقفِيل: يَبِس. وشيخٌ قافِل: يابس. ورجل قافِل: يابس
الجلد، وقيل: هو اليابس اليد. وأَقْفَله الصومُ إِذا أَيبسه. وأَقْفَلْتُ
الجلد إِذا أَيبسته. والقَفْل، بالفتح: ما يَبِس من الشجر؛ قال أَبو
ذؤيب:ومُفْرِهة عَنْسٍ قَدَرْتُ لِساقِها،
فَخَرَّت كما تَتَّايَعُ الريحُ بالقَفْل
واحدتها قَفْلة وقَفَلة؛ الأَخيرة، بالفتح، عن ابن الأَعرابي، حكاه بفتح
الفاء وأَسكنها سائر أَهل اللغة؛ ومنه قول مُعَقِّر بن حِمَار
(* قوله
«ومنه قول معقر بن حمار» هذا هو الصواب في اسمه وقد تقدم في مادة عقر أنه
ابن حباب خطأ) لابنته بعدما كُفَّ بصرُه وقد سمع صوت راعدة: أَي
بُنَيَّةُ وائِلي بي إِلى جانب قَفْلة فإِنها لا تنبُت إِلا بمَنْجاة من
السَّيْل؛ فإِن كان ذلك صحيحاً فقَفْل اسم الجمع.
والقَفِيل: كالقَفْل، وقد قَفَل يَقْفِــل وقَفِلَ. والقَفِيل أَيضاً:
نبت. والقَفِيل: السَّوْط؛ قال ابن سيده: أَراه لأَنه يصنع من الجلد اليابس؛
قال أَبو محمد الفقعسي:
لمَّا أَتاك يابِساً قِرْشَبَّا،
قمت إِليه بالقَفِيل ضَرْبا،
ضَرْب بَعِير السوء إِذْ أَحَبَّا
أَحَبّ هنا برَك، وقيل: حَرَن. وخيل قَوافِل أَي ضَوامر؛ وأَنشد ابن بري
لامرئ القيس:
نحن جَلَبْنا القُرَّح القَوافِلا
وقال خفاف بن ندبة:
سَلِيل نَجِيبةٍ لنَجِيب صِدْق
تَصَنْدَلَ قافِلاً، والمُخُّ رَارُ
ويقال للفرس إِذا ضَمَر: قَفَل يَقْفِــل قُفُولاً، وهو القافِل والشازِب
والشاسِبُ؛ وأَنشد ابن بري في ترجمة خشب:
قافِل جُرْشع تَراه كتَيْس الـ
رمْلِ، لا مُقْرِف ولا مَخْشُوب
قافل: ضامر. ابن شميل: قَفَل القومُ الطعام وهم يَقْفِــلون ومَكَرَ
القومُ
(* قوله «ومكر القوم إلخ» هكذا في الأصل مضبوطاً ولم يذكره في مادة
مكر، والذي في القاموس فيها: والتمكير احتكار الحبوب في البيوت) إِذا
احْتَكَرُوا يَمْكُرُون؛ رواه المصاحفي عنه. وفي نوادر الأَعراب: أَقْفَلْت
القومَ في الطريق، قال: وقَفَلْتهم بعيني قَفْلاً أَتْبعتهم بَصَري، وكذلك
قَذَذْتهم. وقالوا في موضع: أَقْفَلْتهم على كذا أَي جمعتهم.
والقُفْل والقُفُلُّ: ما يُغلَق به الباب مما ليس بكثيف ونحوه، والجمع
أَقْفال وأَقْفُل، وقرأَ بعضهم: أَم على قلوب أَقْفُلُها؛ حكى ذلك ابن
سيده عن ابن جني، وقُفُول عن الهجري؛ قال: وأَنشدت أُم القرمد:
تَرَى عَيْنُه ما في الكتاب، وقلبُه،
عن الدِّين، أَعْمَى واثِق بقُفُول
وفِعْلُه الإِقْفال. وقد أَقْفَل الباب وأَقْفَل عليه فانْقَفَل
واقْتَفَل، والنون أَعلى، والباب مُقْفَل ولا يقال مَقْفول. الجوهري: أَقْفَلْت
الباب وقَفَّل الأَبواب مثل أَغْلَق وغَلَّق. وفي حديث عمر أَنه قال:
أَربع مُقْفَلات: النذرُ والطلاق والعِتاق والنكاحُ، أَي لا مَخْرج منهنّ
لقائلهنّ كأَن عليهنّ أَقْفالاً، فمتى جرى بهنّ اللسان وجب بهنّ الحُكْم.
ويقال للبخيل: هو مُقْفَل اليدين. ورجل مُقْفَل اليدين ومُقْتَفِل: لئيم،
كلاهما على المثل. والمُقْتَفِل من الناس: الذي لا يُخرِج من يديه خيراً،
وامرأَة مُقْتَفِلة.
وقَفَل الفَحْل يَقْفِــل قُفولاً: اهتاج للضِّراب.
والقَفْلة: إِعطاؤك إِنساناً شيئاً بمرّة، يقال: أَعطاه أَلفاً قَفْلة.
ابن دريد: ودرهم قَفْلة أَي وازِنٌ، والهاء أَصلية؛ قال الأَزهري: هذا من
كلام أَهل اليمن، قال: ولا أَدري ما أَراد بقوله الهاء أَصلية ورجل
قُفَلة: حافظ لكل ما يسمع.
والقُفْل: شجر بالحجاز يضخُم ويتخذ النساء من ورَقه غُمْراً يجيء أَحمر،
واحدته قُفْلة، وحكاه كراع بالفتح، ووصفها الأَزهري فقال: تنبت في
نُجُود لأَرض وتَيْبَس في أَوَّل الهَيْج. وقال أَبو عبيد: القَفْل ما يَبِس
من الشجر؛ وأَنشد قول أَبي ذؤيب:
فَخَرَّت كما تَتَّايَعُ الريحُ بالقَفْل
قال أَبو منصور: القَفْل جمع قَفْلة وهي شجرة بعينها تَهِيج في وَغْرة
الصيف، فإِذا هبَّت البوارِح بها قلعتْها وطيَّرتها في الجوِّ.
والمِقْفَل من النخل: التي يَتَحاتُّ ما عليها من الحمل؛ حكاه أَبو
حنيفة عن ابن الأَعرابي.
والقِيفال: عِرْق في اليَدِ يُفْصَد، وهو معرَّب.
وقَفِيل والقُفَال: موضعان؛ قال لبيد:
أَلَمْ تُلْمِم على الدِّمَنِ الخَوالي
لِسَلْمى بالمَذانِب فالقُفالِ؟
قفر: القَفْرُ والقَفْرة: الخلاءُ من الأَرض، وجمعه قِفارٌ وقُفُورٌ؛
قال الشَّمَّاخُ:
يَخُوضُ أَمامَهُنَّ الماءَ حتى
تَبَيَّن أَن ساحَتَه قُفورُ
وربما قالوا: أَرَضُونَ قَفْرٌ. ويقال: أَرض قَفرٌ ومَفازة قَفْر
وقَفْرة أَيضاً؛ ويقل: القَفْر مَفازة لا نبات بها ولا ماء، وقالوا: أَرض
مِقْفار أَيضاً. وأَقْفَر الرجلُ: صار إِلى القَفْر،وأَقْفَرْنا كذلك. وذئب
قَفِرٌ: منسوب إِلى القَفْر كرجل نَهِر؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
فلئن غادَرْتُهم في وَرْطَةٍ،
لأَصِيرَنْ نُهْزَةَ الذئبِ القَفِرْ
وقد أَقْفر المكانُ وأَقْفَر الرجلُ من أَهله: خلا. وأَقْفَر: ذهب
طعامُه وجاع. وقَفِرَ مالُه قَفَراً: قَلَّ. قال أَبو زيد: قَفِرَ مالُ فلان
وزَمِرَ يَقْفَــرُ ويَزْمَرُ قَفَراً وزَمَراً إِذا قَلَّ ماله، وهو قَفِرُ
المال زَمِرُه. الليث: القَفْرُ المكان الخَلاء من الناس، وربما كان به
كَلأٌ قليل. وقد أَقْفَرَتِ الأَرض من الكلإِ والناس وأَقْفَرتِ الدارُ:
خلت، وأَقْفَرت من أَهلها: خلت. وتقول: أَرض قَفْرٌ ودار قَفْر، وأَرض
قِفارٌ ودار قِفارٌ تُجْمَعُ على سَعَتها لتوهم المواضع، كلُّ موضع على
حِيالِه قَفْرٌ، فإِذا سميت أَرضاً بهذا الاسم أَنثت. ويقال: دار قَفْر
ومنزل قَفْر، فإِذا أَفردت قلت انتهينا إِلى قَفْرة من الأَرض. ويقال:
أَقْفَر فلان من أَهله إِذا انفرد عنهم وبقي وحده؛ وأَنشد لعَبِيد:
أَقْفَرَ من أَهلهِ عَبِيدُ،
فاليومَ لا يُبْدِي ولا يُعِيدُ
ويقال: أَقْفَر جسدُه من اللحم، وأَقْفَر رأْسُه من الشعر، وإِنه
لقَفِرُ الرأْس أَي لا شعر عليه، وإِنه لقَفِرُ الجسم من اللحم؛ قال
العجاج:لا قَفِراً غَشا ولا مُهَبَّجا
ابن سيده: رجل قَفِرُ الشعر واللحم قليلُهما؛ والأُنثى قَفِرة وقَفْرة،
وكذلك الدابة؛ تقول منه: قَفِرَت المرأَة، بالكسر، تَقْفَرُ قَفَراً، فهي
قَفِرَة أَي قليلة اللحم. أَبو عبيد: القَفِرة من النساء القليلة اللحم.
ابن سيده: والقَفَرُ الشعر؛ قال:
قد علمت خَوْدٌ بساقَيها القَفَرْ
قال الأَزهري: الذي عرفناه بهذا المعنى الغَفَرُ، بالغين، قال: ولا
أَعرف القَفَر.
وسَوِيق قَفَارٌ: غير ملتوت. وخبز قَفَارٌ: غير مَأْدُوم. وقَفِرَ
الطعامُ قَفَراً: صار قَفَاراً. وأَقْفَر الرجلُ: أَكل طعامَه بلا أُدْم.
وأَكل خُبزَه قَفاراً: بغير أُدْم. وأَقْفَر الرجلُ إِذا لم يبق عنده أُدْمٌ.
وفي الحديث: ما أَقْفَر بيتٌ فيه خَلّ أَي ما خلا من الأَدام ولا عَدِمَ
أَهلُه الأُدْمَ؛ قال أَبو عبيد: قال أَبو زيد وغيره: هو مأْخوذ من
القَفَار، وهو كل طعام يؤكل بلا أُدم. والقَفَار، بالفتح: الخبز بلا أُدم.
والقَفار: الطعام بلا أُدم. يقال: أَكلت اليوم طعاماً قَفَاراً إِذا أَكله
غير مأْدوم؛ قال: ولا أَرى أصله إِلا مأْخوذاً من القَفْر من البلد الذي
لا شيء به. والقفار والقَفِير: الطعام إِذا كان غير مأْدوم. وفي حديث
عمر، رضي الله عنه: فإِني لم آتهم ثلاثة أَيام وأَحْسِبُهم مُقْفِرين أَي
خالين من الطعام؛ ومنه حديثه الآخر: قال للأَعرابي الذي أَكل عنده: كأَنك
مُقْفِر.
والقَفَارُ: شاعر؛ قال ابن الأَعرابي: هو خالد بن عامر أَحدُ بني
عَمِيرَة بن خُفَافِ بن امرئ القيس، سمي بذلك لأَن قوماً نزلوا به فأَطعمهم
الخبز قَفَاراً، وقيل: إِنما أَطعمهم خبزاً بلبن ولم يذبح لهم فلامه الناس،
فقال:
أَنا القَفَارُ خالدُ بن عامِرِ،
لا بَأْسَ بالخُبْز ولا بالخَاثِرِ
أَتت بهم داهِيَةُ الجَواعِرِ،
بَظْراءُ ليس فَرجُها بطاهِرِ
والعرب تقول: نزلنا ببني فلان فبِتْنا القَفْرَ إِذا لم يُقْرَوْا.
والتَّقْفِر: جَمْعُك الترابَ وغيره. والقَفِير: الزَّبيل؛ يمانية. أَبو
عمرو: القَفِير القَلِيفُ والنجوية
(* قوله« والنجوية» كذا بالأصل ولم نجدها
بهذا المعنى فيما بأيدينا من كتب اللغة بل لم نجد بعد التصحيف والتحريف
الا البحونة بموحدة مفتوحة وحاء مهملة ساكنة، وهي القربة الواسعة؛
والبحنانة بهذا الضبط الجلة العظيمة.) الجُلَّة العظيمة البَحْرانية التي
يُحْمَلُ فيها القِبابُ، وهو الكَنْعَدُ المالِحُ.
وقَفَرَ الأَثَرَ يَقْفُــره قَفْراً واقْتَفَرَه اقْتِفاراً وتَقَفَّره،
كلُّه: اقْتَفاه وتَتَبَّعَه. وفي الحديث: أَنه سئل عمن يَرْمِي الصيدَ
فَيَقْتَفِرُ أَثره أَي يتبعه. يقال: اقْتَفَرْتُ الأَثرَ وتَقَفَّرْته
إِا تتبعته وقَفَوْتَه. وفي حديث يحيى بن يَعْمَرَ: ظَهَر قبلنا أُناس
يَتَقَفَّرُونَ العِلْم، ويروى يَقْتَفِرون أَي يَتَطَلَّبونه. وفي حديث ابن
سِيرينَ: أَن بني إِسرائيل كانوا يَجِدُون محمداً، صلى الله عليه وسلم،
مَنْعُوتاً عندهم وأَنه يَخْرُجُ من بعض هذه القُرَى العربية وكانوا
يَقْتَفِرُونَ الأَثَر؛ وأَنشد لأَعشى باهِلةَ يَرْثي أَخاه المُنْتَشِرَ بن
وَهْب:
أَخُو رَغائِبَ يُعْطِيها ويُسْأَلُها،
يأْبى الظُّلامَةَ منه النَّوْفَلُ الزُّفَرُ
مَنْ ليس في خَيْرِه شَرٌّ يُكَدِّرُه
على الصَّديقِ، ولا في صَفْوِه كَدَرُ
لا يَصْعُبُ الأَمْرُ إِلا حيث يَرْكَبُه،
وكلَّ أَمْرٍ سِوَى الفَحْشاءِ يَأْتَمِرُ
لا يَغْمِزُ الساقَ من أَيْنٍ ومن وَصَبٍ،
ولا يَزال أَمامَ القَوْمِ يَقْتَفِرُ
قال ابن بري: قوله يأْبى الظلامة منه النوفل الزفر، يقضي ظاهره أَن
النوفل الزفر بعضه وليس كذلك، وإِنما النوفل الزفر هو نفسه. قال: وهذا أَكثر
ما يجيء في كلام العرب بجعل الشيء نفسه بمنزلة البعض لنفسه، كقولهم: لئن
رأَيت زيداً لَتَرَيَنَّ منه السيدَ الشريفَ، ولئن أَكرمته
لَتَلْقَيَنَّ منه مُجازياً للكرامة؛ ومنه قوله تعالى: ولْتَكُنْ منكم أُمَّةٌ
يَدْعُونَ إِلى الخير ويأْمرون بالمعروف وينهون عن المنكر؛ ظاهر الآية يقضي أَن
الأُمة التي تدعو إِلى الخير ويأْمرون بالمعروف وينهون عن المنكر هي بعض
المخاطبين، وليس الأَمر على ذلك بل المعنى:ولْتَكُونوا كلُّكم أُمةً
يدعون إِلى الخير؛ وقال أَيوبُ بنُ عَيَايةَ في اقْتفَر الأَثرَ تتبعه:
فتُصْبِحُ تَقْفُرُها فِتْيةٌ،
كما يَقْفُــر النِّيبَ فيها الفَصِيلُ
وقال أَبو المُلَثَّمِ صَخْرٌ:
فإِني عن تَقَفُّركم مَكِيثُ
والقَفُّور، مثال التَّنُّور: كافُورُ النخل، وفي موضع آخر: وِعاءُ
طَلْعِ النخل؛ قال الأَصمعي: الكافور وعاء النخل، ويقال له أَيضاً قَفُّورٌ.
قال الأَزهري: وكذلك الكافور الطيب يقال له قَفُّور. والقَفُّورُ: نبت
ترعاه القَطا؛ قال أَبو حنيفة: لم يُحَلَّ لنا؛ وقد ذكره ابن أَحمر
فقال:تَرْعَى القَطاةُ البَقْل قَفُّورهُ،
ثم تَعُرُّ الماءَ فيمن يَعُرْ
الليث: القَفُّورُ شيء من أَفاوِيهِ الطيب؛ وأَنشد:
مَثْواة عَطَّارِينَ بالعُطُورِ
أَهْضامِها والمِسْكِ والقَفُّورِ
وقُفَيرةُ: اسم امرأَة. الليث: قُفَيْرةُ اسم أُم الفرزدق؛ قال
الأَزهري: كأَنه تصغير القَفِرة من النساء، وقد مر تفسيره.قسبر: القِسْبارُ
والقُسْبُرِيّ والقُسابريُّ: الذكر الشديد. الأَزهري في رُباعِيِّ العين:
وفلان عِنْفاش اللحية وعَنْفَشِيُّ اللحية وقِسْبارُ اللحية إِذا كان طويلها.
وقال في رُباعِيِّ الحاء عن أَبي زيد: يقال للعصا القِزْرَحْلةُ
والقِحْرَبَةُ والقِشْبارَة والقِسْبارة. ومن أَسماء العصا القِسْبارُ ومنهم من
يقول القِشْبار؛ وأَنشد أَبو زيد:
لا يَلْتَوي من الوَبيل القِسْبارْ،
وإِن تَهَرَّاه بها العبدُ الهارْ
قفن: التهذيب: قال عمر بن الخطاب إِني لأَسْتَعْمِلُ الرجلَ القَوِيَّ
وغيرُه خيرٌ منه، ثم أَكونُ على قَفَّانه، وفي طريق آخر: إِني
لأَسْتَعمِلُ الرجلَ الفاجر لأَسْتَعِينَ بقوَّته ثم أَكونُ على قَفَّانه، يعني على
قَفاه؛ قال أَبو عبيد: قَفَّانُ كلِّ شيءٍ جِماعُه واسْتِقصاء معرفته؛
يقول: أَكونُ على تتَبُّع أَمره حتى أَستقصِيَ علمه وأَعرفه، والنون زائدة،
قال: ولا أَحْسِبُ هذه الكلمة عربية، إِنما أَصلها قَبّانٌ؛ وقال غيره:
هو معرَّب قَبَّانَ الذي يوزن به؛ قال ابن بري: صوابه قَبّانٌ بالصرف،
قال: وأَما حِمارُ قَبّانَ لدُوَيْبَّة معروفة فغير مصروفة؛ ومنه قول
العامة: فلان قَبّانٌ على فلان إِذا كان بمنزلة الأَمين والرئيس الذي
يتتَبَّعُ أَمره ويُحاسبه، ولهذا سمي الميزان الذي يقال له القَبَّانُ القَبّانَ.
ابن الأَعرابي: القَفّانُ عند العرب الأَمين، وهو فارسي عُرِّبَ.
ابن الأَعرابي: هذا يومُ قَفْنٍ أَي يوم قتال، ويوم غَضْنٍ إذا كان ذا
حِصَار.
وقَفَّنَ رأْسه وقَنَّفَه إِذا قطعه وأَبانه. والقَفْنُ: الضرب بالعصا
والسَّوْطِ؛ قال بَشِيرٌ الفَرِيريُّ:
قَفَنْتُه بالسَّوْطِ أَيَّ قَفْنِ،
وبالعصا من طُول سُوءِ الضَّفْنِ
وقَفَنَ الرجلَ يَقْفِــنُه قَفْناً: ضربه على رأْسه بالعصا. وقَفَنَه
يَقْفِــنُه قَفْناً: ضرب قَفاه. وقَفَنَ الشاةَ يَقْفِــنُها قَفْناً: ذبحها من
القَفا. والقَفِينة: الشاة تذبح من قفاها، وهو مَنْهِيٌّ عنه. وشاة
قَفِينة: مذبوحة من قَفاها، وقيل: هي التي أَبِينَ رأْسُها من أيِّ جهة ذبحت.
وروي عن النخعي أَنه قال في حديثه فيمن ذَبح فأَبان الرأْسَ قال: تلك
القفينة لا بأْس بها، ويقال: النون زائدة لأَنها القَفِيَّة. قال أَبو
عبيد: القَفينة كان بعضُ الناس يَرَى أَنها التي تذبح من القَفا، وليست بتلك،
ولكن القَفينة التي يُبان رأْسها بالذبح، وإِن كان من الحَلْق، قال:
ولعل المعنى يرجع إلى القَفا لأَنه إِذا أَبان لم يكن له بُدٌّ من قطع
القَفا؛ قال ابن بري: قول الجوهري النون زائدة لأَنها القَفِيَّة، قال: النون
في القَفِينَة لام الكلمة، يقال: قَفَنَ الشاة قَفْناً، وهي قَفِينٌ،
والشاة قَفِينة مثل ذبيحة؛ قال: ولو كانت النون زائدة لبقيت الكلمة بغير
لام، وأَما أَبو زيد فلم يعرف فيها إِلاَّ القفِيَّة، بالياء. وقال أَبو
عبيد: القَفِينة التي يُبانُ رأْسها عند الذبح، وإِن كان من الحلق، وأَنكر
قول من يقول إِنها التي تذبح من قفاها. وحكى غيره: قَفَنَ رأْسه إِذا قطعه
فأَبانه. ويقال للقَفا: القَفَنُ والقَفِينة، فعيلة بمعنى مفعولة. يقال:
قَفَنَ الشاة واقتَفَنها. وقد قالوا: القَفَنُّ للقَفَا، فزادوا نوناً
مشددة؛ وأَنشد الراجز في ابنه:
أُحِبُّ مِنكَ مَوضِعَ الوُِشْحَنِّ،
وموْضِعَ الإِزارِ والقَفَنِّ
(* قوله «وموضع الإزار إلخ» قال الصاغاني الرواية:
ومعقد الإزار في القفنّ
والكاف في منك مفتوحة يخاطب ابنه لا امرأته).
والقَفِينة: الناقة التي تنحر من قفاها؛ عن ثعلب، وليس شيء
(* قوله
«وليس شيء إلخ» قال ابن سيده: الذي عندي أن النون أصل وإن كانت الكلمة معناها
معنى القفا كما أن القدموس معناه القديم والسبطر معناه السبط وليست
الميم ولا الراء زائدة): من ذلك مشتقّاً من لفظ القفا إِذ لو كان ذلك لقيل
في كله قَفِيٌّ وقَفِيَّة. أَبو عمرو: القَفِين المذبوح من قفاه.
واقْتَفَنْتُ الشاةَ والطائر إِذا ذَبحْتَ من قِبَل الوجه فأَبَنْتَ الرأْسَ.
والقَفْنُ: الموْتُ. ويقال: قَفَنَ يَقْفِــنُ قُفُوناً إِذا مات؛ قال
الراجز:أَلْقَى رَحَى الزَّوْرِ عليه فطَحَنْ،
فَقاءَ فَرْثاً تَحْتَه حتى قَفَنْ
قال: وقَفَنَ الكلبُ إِذا وَلَغَ. ابن الأَعرابي: القَفْنُ الموت،
والكَفْنُ التغطِيَة. ابن الأَعرابي: القَفِينَة والقَنِيفةُ واحدٌ، وهو أَن
يُبانَ الرأْسُ.
التهذيب: أَتيته على إِفَّانِ ذلك وقِفَّانِ ذلك وغِفّان ذلك أَي على
حين ذلك.
شكك: الشَّكُّ: نقيض اليقين، وجمعه شُكُوك، وقد شَكَكْتُ في كذا
وتَشَكَّكْتُ، وشَكَّ في الأَمر يَشُكُّ شَكّاً وشَكَّكَه فيه غيرهُ؛ أَنشد
ثعلب:من كان يزعمُ أَن سيَكتُم حبَّه،
حتى يُشَكِّكَ فيه، فهو كَذُوبُ
أَراد حتى يُشَكِّك فيه غيره، وفي الحديث: أَنا أَولى بالشَّكِّ من
إبراهيم لما نزل قوله: أَوَلم تؤمن قال بلى؛ قال قوم لما سمعوا الآية: شَكَّ
إبراهيمُ ولم يَشُكَّ نبينا، فقال، عليه السلام، تواضعاً منه وتقديماً
لإبراهيم على نفسه: أَنا أَحق بالشك من إبراهيم، أَي أَنا لم أَشُكَّ وأَنا
دونه، فكيف يَشُكُّ هو؟ وهذا كحديثه الآخر: لا تفضلوني على يونس بن
متَّى؛ قال محمد بن المكرم: نقلت هذا الكلام على نَصّه وفي قلمي نَبْوَةٌ عن
قوله وأَنا دونه، ولقد كان في قوله أَنا لم أَشك فكيف يشك هو كفاية، وغنى
عن قوله وأَنا دونه، وليس في ذلك مناسبة لقوله لا تفضلوني على يونس بن
متى، فليس هذا مما يدل على أن يونس بن متى أَفضل منه، ولكنه يعطي معنى
التأَدب مع الأنبياء، صلوات الله عليهم، أَي وإن كنت أفضل منه فلا تفضلوني
عليه، تواضعاً منه وشَرَفَ أَخلاقٍ، صلوات الله عليه. وقولهم: صمت الشهر
الذي شَكَّه الناسُ؛ يريدون شك فيه الناس.
والشَّكُوكُ: الناقة يُشَكُّ في سنامها أَبه طِرْق أَم لا لكثرة وبرها
فيُلْمَسُ سنامُها، والجمع شُكٌّ.
وشَكَّه بالرمح والسهم ونحوهما يشُكُّه شَكّاً: انتظمه، وقيل: لا يكون
الإنتظام شكّاً إلا أَن يجمع بين شيئين بسهم أَو رمح أَو نحوه. وشَككْتُه
بالرمح إذا خزقته وانتظمته؛ قال طرفة:
حِفافَيْه شُكَّا في العَسِيب بمِسْرَدِ
وقال عنترة:
وشَكَكْتُ بالرُّمْحِ الأَصَمِّ ثِيابَه،
ليس الكريمُ على القَنا بمُحَرَّمِ
وفي حديث الخُدْريّ: أن رجلاً دخل بيته فوجد حية فشَكَّها بالرمح أَي
خزقها وانتظمها به. والشِّكَّةُ: السلاح، وقيل: الشِّكَّةُ ما يلبس من
السلاح، ومن ثم قيل: شاكٌّ في سلاحه أي داخل فيه؛ وكل شيء أَدخلته في شيء،
فقد شَكَكْته. والشِّكَّةُ: خشبة عريضة تجعل في خُرْت الفأس ونحوه يُضيَّقُ
بها. ويقال: رجل شاكُّ السلاح، وشاكٌّ في السلاح، والشَّاكُّ في السلاح
وهو اللابس السلاح التامّ. وقوم شُكَّاكٌ في الحديد. وفي الحديث فِداء
عَيَّاش بن أَبي ربيعة: فأَبى النبيّ أَنْ يَفديَه إلا بِشِكَّةِ أَبيه
أَي بسلاحه. وفي حديث مُحَلَّم بن جَثَّامَة: فقام رجل عليه شِكَّةٌ.
وشَكَّ في السلاح: دخل. ويقال: هو شاكٌّ في السلاح، وقد خفف فقيل: شاكِ السلاح
وشاكُ السلاح، وتفسيره في المعتلّ، وقد شَكّ فيه فهو يشُكُّ شَكّاً أَي
لبسه تامّاً فلم يَدَعْ منه شيئاً، فهو شاكٌّ فيه. أَبو عبيد: فلان شاك
السلاح مأخوذ من الشِّكَّةِ أَي تامّ السلاح. والشَّاكي، بالتخفيف،
والشائِكُ جميعاً: ذو الشَّوكة والحَدِّ في سلاحه. ابن الأَعرابي: شُكَّ إذا
أُلْحِقَ بنسب غيره، وشَكَّ إذا ظَلَع وغَمَزَ. أَبو الجرَّاح واحد
الشَّواكِّ شاكٌّ، وقال غيره: شاكَّةٌ وهو ورم يكون في الحلق وأَكثر ما يكون في
الصبيان.
والشَّكائكُ من الهوادج: ما شُكَّ من عيدانها التي بقيت بها بعضها في
بعض؛ قال ذو الرمة:
وما خِفْتُ بين الحيّ حتى تَصَدَّعَتْ،
على أَوجُهٍ شَتَّى، حُدوجُ الشَّكائِكِ
والشَّكُّ: لُزوقُ العَضُدِ بالجَنْب، وقيل: هو أَيسر من الظَّلَع.
وشكَّ يشُكُّ شَكّاً، وبعير شاكُّ: أَصابه ذلك.والشَّكُّ: اللُّزومُ
واللُّصوق؛ قال أَبو دَهْبَل الجُمَحيّ:
دِرْعي دِلاصٌ، شَكُّها شَكٌّ عَجَبْ،
وجَوْبُها القاتِرُ من سَيْرِ اليَلَبْ
وفي حديث الغامدية: أَنه أَمر بها فشُكَّتْ عليها ثيابُها ثم رُجمت، أَي
جُمعت عليها ولُفَّت لئلا تنكشف كأَنها نُظمت وزُرَّت عليها بِشَوكة أَو
خِلال، وقيل: معناه أُرسلت عليها ثيابها. والشَّكُّ: الإتصالُ
واللُّصوقُ. وشَكَّ البعيرُ يشُكُّ شكّاً أَي ظَلَع ظَلْعاً خفيفاً؛ ومنه قول ذي
الرمة يصف ناقته وشَّبهها بحماروحش:
وثْبَ المُسَحَّجِ من عاناتِ مَعْقُلَةٍ،
كأَنه مُسْتَبانُ الشَّكِّ أَو جَنِبُ
يقول: تَثِبُ هذه الناقةُ وثْبَ الحمار الذي هو في تمايله في المشي من
النشاط كالجَنِبِ الذي يشتكي جنْبَه. والشَّكِيكَةُ: الفرقة من الناس:
والشكائك: الفِرَقُ من الناس. ودَعْه على شَكِيكَته أَي طريقته، والجمع
شَكائك، على القياس، وشُكَكٌ نادرة. ورجل مختلف الشَّكَّةِ والشِّكَّةِ:
متفاوت الأخلاق. ابن الأَعرابي: الشُّكَكُ الأدعياءُ، والشُّكَكُ الجماعاتُ من
العساكر يكونون فرقاً؛ قول ابن مُقْبِل يصف الخيل:
بكُلِّ أَشَقَّ مَقْصوصِ الذُّنابي،
بشَكِّيَّات فارِسَ قد شُجِينا
يعني اللُّجُم. والشِّكُّ: الحُلَّة التي تُلْبَسُ ظهورَ السَّبَتينِ.
التهذيب: يقال شَكَّ القومُ بيوتَهم يشُكُّونها شَكّاً إذا جعلوها على
طريقة واحدة ونظم واحد، وهي الشِّكاكُ للبيوت المصطفَّة؛ قال الفرزدق:
فإني، كما قالت نَوارُ، إن اجْتَلَتْ
على رجُلٍ ما شَكَّ كَفّي خَليلُها
(* في ديوان الفرزدق: ما سَدَّ كفي بدل ما شكَّ).
أَي ما قارنَ. ورحمٌ شاكَّة أَي قريبة، وقد شَكَّت إذا اتصلت. وضربوا
بيوتَهم شِكاكاً أَي صفّاً واحداً، وقال ثعلب: إنما هو سِكاكٌ
يشتقه من السِّكَّةِ، وهو الزُّقاق الواسع. أَبو سعيد: كل شيء إذا ضممته
إلى شيء، فقد شَكَكْتَه؛ قال الأعشى:
أَو اسْفَنْطَ عانةَ، بعدَ الرُّقا
دِ، شَكَّ الرِّصافُ إليها الغَديرا
ومنه قول لبيد:
جُماناً ومَرْجاناً يشُكُّ المَفاصِلا
أَراد بالمفاصل ضُروبَ ما في العِقْدِ من الجواهر المنظومة، وفي حديث
عليّ: خَطَبهم على مِنبر الكوفة وهو غير مَشْكوك أَي غير مشدود؛ ومنه قصيد
كعب:
بيضٌ سَوابغُ قد شُكَّتْ لها حَلَقٌ،
كأَنها حَلَقُ القَفْعاء مَجْدُولُ
ويروى بالسين المهملة من السَّكَك، وهو الضِّيقُ، وقد تقدم.
ثعل: الثُّعْل: السِّنُّ الزائدة خَلْفَ الأَسنان. والثُّعْل والثَّعَل
والثُّعْلُول، كُلُّهُ: زيادةُ سِنٍّ أَو دخولُ سِنٍّ تحت أُخرى في
اختلاف من المَنْبِت يركب بعضُها بعضاً. وقيل: نَبَات سِنٍّ في أَصل سِنٍّ؛
وأَنشد ابن بري لراجز:
إِذا أَتَتْ جارتها تَسْتَفْلي،
تَفْتَرُّ عن مُخْتَلِفات ثُعْلِ
شَتًى، وأَنْفٍ مثل أَنفِ العِجلِ
وأَنشد لآخر:
وتَضْحَكُ عن غُرٍّ عِذَابٍ نَقِيّة،
رِقَاقِ الثَّنَايا، لا قِصَارٍ ولا ثُعْل
وثَعِلَتْ سِنُّه ثَعَلاً، وهو أَثْعَل، وتلك السِّنُّ الزائدة يقال لها
الرَّاوول، وامرأَة ثَعْلاء، وقد ثَعِلَ ثَعَلاً، وفي أَسنانه ثَعَلٌ:
وهو تَرَاكُبُ بعضها على بعض؛ قال:
لا حَوَلٌ في عَيْنِه ولا قَبَل،
ولا شَغاً في فَمِه ولا ثَعَل،
فهو نَقِيٌّ كالحُسَامِ قد صُقِل
ولِثَةٌ ثَعْلاء: خَرَجَ بعضُها على بعض فانتشرت وتراكبت؛ وقوله:
فَطارَتْ بالجُدُودِ بَنُو نِزَارٍ،
فَسُدْناهُمْ وأَثْعَلَتِ المِضَارُ
معناه كَثُرت فصارت واحدة على واحدة مثل السِّنِّ المتراكبة، والمِضَار:
جمع مَضَر. ويقال: أَخْبَثُ الذِّئاب الأَثْعَل وفي أَسنانه شَخَصٌ وهو
اختلاف النِّبْتة. وأَثْعَل الضيِّفانُ: كَثُروا، وهو من ذلك. وأَثْعَل
الأَمرُ: عَظُم، وكذلك الجيش، قال القُلاخُ ابن حَزْن:
وأَدْنَى فُرُوعاً للسَّماءِ أَعَالِيا،
وأَمْنَعُه حَوْضاً، إِذا الوِرْدُ أَثْعَلا
أَخو الحَرْب لَبّاساً إِليها جِلالَها،
وليس بوَلاَّجِ الخَوالِف أَعْقَلا
وكَتِيبَةٌ ثَعُولٌ: كثيرة الحَشْو والتُّبَّاع. والثَّعْل والثُّعْل
والثَّعَل: زيادة في أَطْبَاء الناقة والبقرة والشاة، وقيل: زيادة طُبْيٍ
على سائر الأَطْبَاء، وقيل: خِلْف زائد صغير في أَخْلاف الناقة وضَرْع
الشاة. وشاة ثَعُول: تُحْلَب من ثلاثة أَمكنة وأَربعة للزيادة التي في
الطُّبْي، وقيل: هي التي لها حَلَمة زائدة، وقيل: هي التي فوق خِلْفِها خِلْف
صغير واسم ذلك الخِلْف الثُّعْل. ويقال: ما أَبْيَنَ ثُعْلَ هذه الشاة،
والجمع ثُعُول؛ قال ابن هَمّام السَّلُولي يهجو العلماء:
وذَمُّوا لنا الدُّنيا، وهم يَرْضِعُونَها
أَفَاوِيقَ، حتى ما يَدِرُّ لها ثُعْل
وإِنما ذكر الثُّعْل للمبالغة في الارتضاع، والثُّعْل لا يَدِرُّ. وفي
حديث موسى وشعيب: ليس فيها ضَبُوب ولا ثَعُول؛ الثَّعُول: الشاة التي لها
زيادة حَلَمة، وهي الثعل، وهو عَيْب، والضَّبُوب: الضَّيِّقة مخرج اللبن.
والأَثْعَل: السَّيِّد الضَّخْم له فُضُول معروف على المثل. وثُعَالة
وثُعَل، كلتاهما: الأُنثى من الثعالب، ويقال لجمع الثَّعلب ثَعالب
وثَعَالي، بالباء والياء؛ وقوله:
لها أَشَارِيرُ من لَحْمٍ تُتَمِّره
من الثَّعَالي، ووَخْزٌ من أَرَانِيها
أَراد من الثعالب ومن أَرانبها؛ قال ابن جني: يحتمل عندي أَن يكون
الثَّعَالي جمع ثُعَالة وهو الثَّعْلب، وأَراد أَن يقول الثعائل فقلب
اضطراراً، وقيل: أَراد الثعالب والأَرانب فلم يمكنه أَن يَقِف الباء فأَبدل منها
حرفاً يمكنه أَن يَقِفَــه في موضع الجر وهو الياء، وليس ذلك أَنه حذف من
الكلمة شيئاً ثم عوّض منها الياء، وهذا أَقيس لقوله أَرانيها، ولأَن
ثُعَالة اسم جنس وجمع أَسماء الأَجناس ضعيف.
وأَرض مَثْعَلة، بالفتح: كثيرة الثعالب، كما قالوا مَعْقَرة للأَرض
الكثيرة العقارب. والثَّعْلَب: الذكَر، والأُنثى ثعلبة. ويقال لكل ثعلب إِذا
كان ذكَراً ثُعَالَةُ كما ترى بغير صرف، ولا يقال للأُنثى ثُعَالة، ويقال
للأَسد أُسَامَةُ بغير صرف ولا يقال للأُنثى أُسَامة.
والثُّعْلُول: الرجل الغضبان؛ وأَنشد:
وليس بثُعْلُولٍ، إِذا سِيلَ واجْتُدي،
ولا بَرِماً، يَوْماً، إِذا الضَّيْف أَوْهَما
ويقال. أَثْعَل القومُ علينا إِذا خالفوا. الأَصمعي: وِرْدٌ مُثْعِل
إِذا ازدحم بعضُه على بعض من كثرته. وثُعَالة: الكَلأُ اليابِسُ، مَعْرفة.
وفي حديث الاستسقاء: اللهم اسْقِنا حتى يقوم أَبو لُبَابة يَسُدُّ
ثَعْلَبَ مِرْبَده بإِزَاره؛ المِرْبَد: موضع يُجَفَّف فيه التمر، وثَعْلَبُه
ثَقْبُه الذي يسيل منه ماء المطر. وبَنو ثُعَل: بطن وليس بمعدول إِذ لو كان
معدولاً لم يصرف؛ وفي الصحاح: وثُعَلٌ أَبو حَيّ من طَيِّءٍ وهو ثُعَلُ
بن عمرو أَخو نَبْهان؛ وهم الذين عَنَاهم امرؤ القيس بقوله:
رُبَّ رَامٍ من بني ثُعَلٍ،
مُخْرِجٍ كَفَّيْه من سُتُرِه
وثُعْل: موضع بِنَجْد.
كمح: الكَمْحُ: رَدُّ الفرس باللجام. والكَمَحةُ: الراضَة. ابن سيده:
كَمَحْتُ الجابةَ باللجام كَمْحاً إِذا جذبته إِليك لــيَقِفَ ولا يجري.
وأَكْمَحَه إِذا جَذَب عِنانَه حتى يَنْتَصِبَ رأْسُه؛ ومنه قول ذي
الرمة:تَمُورُ بضَبْعَيْها وتَرْمِي بِحَوْزِها،
حِذاراً من الإِيعادِ، والرأْسُ مُكْمَحُ
ويروى: تموج ذراعاها، وعزاه أَبو عبيد لابن مقبل، وقال: كَمَحه
وأَكْمَحه وكَبَحه وأَكْبَحه بمعنى؛ وأَراد الشاعر بقوله الإِيعاد ضَرْبَه لها
بالسَّوْطِ، فهي تَجتَهِدُ في العَدْوِ لخوفها من ضربه ورأْسها مُكْمَحٌ،
ولو ترك رأْسها لكان عَدْوُها أَشَدَّ.
وأُكْمِحَ الرجلُ: رفع رأْسه من الزُّهُوّ كأُكْمِخَ؛ عن اللحياني،
والحاء أَعلى؛ ويقال: إِنه لَمُكْمَحٌ ومُكْبَحٌ أَي شامخ. وقد أُكْبِحَ
وأُكْمِحَ إِذا كان كذلك. وأَكْمَحَتِ الزَّمَعَةُ إِذا ما ابيضت وخرج عليها
مثل القُطْنِ، وذلك الإِكْماحُ، والزَّمَعُ الأُبَنُ في مَخارِج
العناقيد، ذكره عن الطائفيّ. الجوهري: أَكْمَح الكرمُ إِذا تحرك
للإِيراق.أَبو زيد: الكَيْمُوحُ والكِيحُ التُّرابُ، قال: الكِيحُ الترابُ
والكَيْمُوحُ المُشْرِفُ، والعرب تقول احْثُ في فيه الكَوْمَحَ يَعْنُون
التراب؛ وأَنشد:
أُهْجُ القُلاحَ، واحْشُ فاه الكَوْمَحا
تُرْباً، فأَهْلٌ هو أَن يُقَلَّحا
ابن دريد: الكوْمَحُ الرجل المتراكب الأَسنان في الفم حتى كأَنَّ فاه قد
ضاق بأَسنانه. وفم كَوْمَحٌ: ضاق من كثرة أَسنانه ووَرَمِ لِثاتِه. ورجل
كَوْمَحٌ وكُومَحٌ: عظيم الأَلْيَتَيْنِ؛ قال:
أَشْبَهه فجاء رِخْواً كَوْمَحا،
ولم يَجِئْ ذا أَلْيَتَيْنِ كَوْمحا
والكَوْمَحُ: الفَيْشَلَةُ.
والكَوْمَحانِ: موضع؛ قال ابن مقبل يصف السحاب:
أَناخَ برَمْلِ الكَوْمَحَينِ إِناخةَ الـ
ـيماني قِلاصاً، حَطَّ عنهنَّ أَكْوُرا
الأَزهري: الكَوْمَحانِ هما حَبْلان من حبال الرمل؛ وأَنشد البيت.
قفش: القَفْشُ: النكاح. يقال: وقع فلان في القَفْش والرَّفْشِ،
بالقَفْشُ كثرة النكاح. والرَّفْشُ أَكل الطعام. الليث: القَفْشُ، مجزوم، ضرْبٌ
من الأَكل في شدَّة، قال: والقَقْش لا يُستعمل إلا في افتعال خاصة. يقال
للعنكبوت ونحوها من سائر الخلق إِذا انجحر وضم إِليه جَرامِيزَه وقوائمَه:
قد اقْتَفَشَ؛ قال:
كالعنكبوت اقتَفَشَتْ في الجُحْرِ
ويروى: اقْفَنْشَشَتْ وانْقَفَشَ العنكبوتُ ونحوه واقْفَنْشَش: انجحر
وضمَّ جَرامِيزَه. وقَفَشَ الشيءَ يَقْفِــشُه
(* قوله «يقفــشه» كذا ضبط بكسر
الفاء في الأصل، وصنيع القاموس يقتضي أشنه من باب قتل.) قَفْشاً: جمعه.
والقَفْشُ: الخُفُّ. وفي حديث عيسى، عليه السلام: أَنه لم يُخَلِّفْ إِلا
قَفْشَين ومِخْذَفةً؛ قال الأَزهري: القَفْشي بمعنى الخف دَخِيلٌ مُعرَّب
وهو المقطوع الذي لم يُحْكم عمَلُه وأَصله بالفارسية «كَفْج» فعرّب،
وقيل: القَفْش الخفّ القصير، والمِخْذَفةُ المِقْلاعُ. أَبو عمرو: القَفَشُ
الدَّعّارون من اللصوص. قال أَبو حاتم: القَفْشُ في الحلْب سرعة الحلب
وسرعة نقْض ما في الضرع، وكذلك الهَمْرُ. يقال: هَمَر ما في ضرعها
أَجمع.