من (م ج د) تصغير ماجد بمعنى الكثير الخير والشريف.
من (م ج د) تصغير ماجد بمعنى الكثير الخير والشريف.
جدد: الجَدُّ، أَبو الأَب وأَبو الأُم معروف، والجمع أَجدادٌ وجُدود.
والجَدَّة: أُم الأُم وأُم الأَب، وجمعها جَدّات. والجَدُّ: والبَخْتُ
والحَِظْوَةُ. والجَدُّ: الحظ والرزق؛ يقال: فلان ذو جَدٍّ في كذا أَي ذو حظ؛
وفي حديث القيامة: قال، صلى الله عليه وسلم: قمت على باب الجنة فإِذا
عامّة من يدخلها الفقراء، وإِذا أَصحاب الجدِّ محبوسون أَي ذوو الحظ والغنى
في الدنيا؛ وفي الدعاء: لا مانع لما أَعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع
ذا الجدِّ منك الجَدُّ أَي من كان له حظ في الدنيا لم ينفعه ذلك منه في
الآخرة، والجمع أَجدادٌ وأَجُدٌّ وجُدودٌ؛ عن سيبويه. وقال الجوهري: أَي
لا ينفع ذا الغنى عندك أَي لا ينفع ذا الغنى منك غناه
(* قوله «لا ينفع
ذا الغنى منك غناه» هذه العبارة ليست في الصحاح ولا حاجة لها هنا إلاّ
أنها في نسخة المؤلف) ؛ وقال أَبو عبيد: في هذا الدعاءُ الجدّ، بفتح الجيم
لا غير، وهو الغنى والحظ؛ قال: ومنه قيل لفلان في هذا الأَمر جَدٌّ إِذا
كان مرزوقاً منه فتأَوَّل قوله: لا ينفع ذا الجَدِّ منك الجَدُّ أَي لا
ينفع ذا الغنى عنك غناه، إِنما ينفعه الإِيمان والعمل الصالح بطاعتك؛ قال:
وهكذا قوله: يوم لا ينفع مال ولا بنون إِلاَّ من أَتى الله بقلب سليم؛
وكقوله تعالى: وما أَموالكم ولا أَولادكم بالتي تقرِّبكم عندنا زلفى؛ قال
عبد الله محمد بن المكرم: تفسير أَبي عبيد هذا الدعاء بقوله أَي لا ينفع
ذا الغنى عنك غناه فيه جراءة في اللفظ وتسمح في العبارة، وكان في قوله أَي
لا ينفع ذا الغنى غناه كفاية في الشرح وغنية عن قوله عنك، أَو كان يقول
كما قال غيره أَي لا ينفع ذا الغنى منك غناه؛ وأَما قوله: ذا الغنى عنك
فإِن فيه تجاسراً في النطق وما أَظن أَن أَحداً في الوجود يتخيل أَن له
غنى عن الله تبارك وتعالى قط، بل أَعتقد أَن فرعون والنمروذ وغيرهما ممن
ادعى الإِلهية إِنما هو يتظاهر بذلك، وهو يتحقق في باطنه فقره واحتياجه
إِلى خالقه الذي خلقه ودبره في حال صغر سنه وطفوليته، وحمله في بطن أُمه قبل
أَن يدرك غناه أَو فقره، ولا سيما إِذا احتاج إِلى طعام أَو شراب أَو
اضطرّ إِلى اخراجهما، أَو تأَلم لأَيسر شيء يصيبه من موتِ محبوب له، بل من
موت عضو من أَعضائه، بل من عدم نوم أَو غلبة نعاس أَو غصة ريق أَو عضة
بق، مما يطرأُ أَضعاف ذلك على المخلوقين، فتبارك الله رب العالمين؛ قال
أَبو عبيد: وقد زعم بعض الناس أَنما هو ولا ينفع ذا الجِدِّ منك الجِدّ،
والجدّ إِنما هو الاجتهاد في العمل؛ قال: وهذا التأْويل خلاف ما دعا إِليه
المؤمنين ووصفهم به لأَنه قال في كتابه العزيز: يا أَيها الرسل كلوا من
الطيبات واعملوا صالحاً؛ فقد أَمرهم بالجدّ والعمل الصالح وحمدهم عليه،
فكيف يحمدهم عليه وهو لا ينفعهم؟ وفلان صاعدُ الجَدِّ: معناه البخت والحظ في
الدنيا.
ورجل جُدّ، بضم الجيم، أَي مجدود عظيم الجَدّ؛ قال سيبويه: والجمع
جُدّون ولا يُكَسَّرُ وكذلك جُدٌّ وجُدِّيّ ومَجْدُودٌ وجَديدٌ. وقد جَدَّ وهو
أَجَدُّ منك أَي أَحظ؛ قال ابن سيده: فإِن كان هذا من مجدود فهو غريب
لأَن التعجب في معتاد الأَمر إِنما هو من الفاعل لا من المفعول، وإِن كان
من جديد وهو حينئذ في معنى مفعول فكذلك أَيضاً، وأَما إِن كان من جديد في
معنى فاعل فهذا هو الذي يليق بالتعجب، أَعني أَن التعجب إِنما هو من
الفاعل في الغالب كما قلنا. أَبو زيد: رجل جديد إِذا كان ذا حظ من الرزق،
ورجل مَجدودٌ مثله.
ابن بُزُرْج: يقال هم يَجِدُّــونَ بهم ويُحْظَوْن بهم أَي يصيرون ذا حظ
وغنى. وتقول: جَدِدْتَ يا فلان أَي صرت ذا جدّ، فأَنت جَديد حظيظ ومجدود
محظوظ.
وجَدَّ: حَظَّ. وجَدِّي: حَظِّي؛ عن ابن السكيت. وجَدِدْتُ بالأَمر
جَدًّا: حظيتُ به، خيراً كان أَو شرّاً. والجَدُّ: العَظَمَةُ. وفي التنزيل
العزيز: وإِنه تعالى جَدُّ ربنا؛ قيل: جَدُّه عظمته، وقيل: غناه، وقال
مجاهد: جَدُّ ربنا جلالُ ربنا، وقال بعضهم: عظمة ربنا؛ وهما قريبان من
السواء. قال ابن عباس: لو علمت الجن أَن في الإِنس جَدًّا ما قالت: تعالى
جَدُّ ربنا؛ معناه: أَن الجن لو علمت أَن أَبا الأَب في الإِنس يدعى جَدًّا،
ما قالت الذي اخبر الله عنه في هذه السورة عنها؛ وفي حديث الدعاء: تبارك
اسمك وتعالى جَدُّك أَي علا جلالك وعظمتك. والجَدُّ: الحظ والسعادة
والغنى: وفي حديث أَنس: أَنه كان الرجل منا إِذا حفظ البقرة وآل عمران جَدَّ
فينا أَي عظم في أَعيننا وجلَّ قدره فينا وصار ذا جَدّ، وخص بعضهم بالجَدّ
عظمة الله عزّ وجلّ، وقول أَنس هذا يردّ ذلك لأَنه قد أَوقعه على الرجل.
والعرب تقول: سُعِيَ بِجَدِّ فلانٍ وعُدِيَ بجدّه وأُحْضِرَ بِجدِّه
وأُدْرِكَ بِجَدِّه إِذا كان جَدُّه جَيِّداً. وجَدَّ فلان في عيني يَجِدُّ
جَدًّا، بالفتح: عظم.
وجِدَّةُ النهر وجُدَّتُه: ما قرب منه من الأَرض، وقيل: جِدَّتُه
وجُدَّتُه وجُدُّه وجَدُّه ضَفَّته وشاطئه؛ الأَخيرتان عن ابن الأَعرابي.
الأَصمعي: كنا عند جُدَّةِ النهر، بالهاء، وأَصله نبطيٌّ أَعجمي كُدٌّ
فأُعربت؛ وقال أَبو عمرو: كنا عند أَمير فقال جَبَلَةُ بن مَخْرَمَةَ: كنا عند
جُدِّ النهر، فقلت: جُدَّةُ النهر، فما زلت أَعرفهما فيه. والجُدُّ
والجُدَّةُ: ساحل البحر بمكة.
وجُدَّةُ: اسم موضع قريب من مكة مشتق منه.
وفي حديث ابن سيرين: كان يختار الصلاة على الجُدَّ إِن قدر عليه؛
الجُدُّ، بالضم: شاطئ النهر والجُدَّة أَيضاً وبه سمِّيت المدينة التي عند مكة
جُدَّةَ. وجُدَّةُ كل شيء: طريقته. وجُدَّتُه: علامته؛ عن ثعلب.
والجُدَّةُ: الطريقة في السماء والجبل، وقيل: الجُدَّة الطريقة، والجمع جُدَدٌ؛
وقوله عز وجل: جُدَدٌ بيض وحمر؛ أَي طرائق تخالف لون الجبل؛ ومنه قولهم:
ركب فلان جُدَّةً من الأَمر إِذا رأَى فيه رأْياً. قال الفراء: الجُدَدُ
الخِطَطُ والطُّرُق، تكون في الجبال خِطَطٌ بيض وسود وحمر كالطُّرُق،
واحدها جُدَّةٌ؛ وأَنشد قول امرئ القيس:
كأَن سَراتَهُ وجُدَّةَ مَتْنِه
كنائِنُ يَجْرِي، فَوقَهُنَّ، دَلِيصُ
قال: والجُدَّة الخُطَّةُ السوداء في متن الحمار. وفي الصحاح: الجدة
الخطة التي في ظهر الحمار تخالف لونه. قال الزجاج: كل طريقة جُدَّةٌ
وجادَّة. قال الأَزهري: وجادَّةُ الطريق سميت جادَّةً لأَنها خُطَّة مستقيمة
مَلْحُوبَة، وجمعها الجَوادُّ. الليث: الجادُّ يخفف ويثقل، أَمَّا التخفيف
فاشتقاقه من الجوادِ إِذا أَخرجه على فِعْلِه، والمشدَّد مخرجه من الطريق
الجديد الواضح؛ قال أَبو منصور: قد غلط الليث في الوجهين معاً. أَما
التخفيف فما علمت أَحداً من أَئمة اللغة أَجازه ولا يجوز أَن يكون فعله من
الجواد بمعنى السخي، وأَما قوله إِذا شدِّد فهو من الأَرض الجَدَدِ، فهو
غير صحيح، إِنما سميت المَحَجَّة المسلوكة جادَّة لأَنها ذات جُدَّةٍ
وجُدودٍ، وهي طُرُقاتُها وشُرُكُها المُخَطَّطَة في الأَرض، وكذلك قال
الأَصمعي؛ وقال في قول الراعي:
فأَصْبَحَتِ الصُّهْبُ العِتاقُ، وقد بَدا
لهنَّ المَنارُ، والجوادُ اللَّوائحُ
قال: أَخطأَ الراعي حين خفف الجوادَ، وهي جمع الجادَّةِ من الطرق التي
بها جُدَدٌ. والجُدَّة أَيضاً: شاطئ النهر إِذا حذفوا الهاء كسروا الجيم
فقالوا جِدٌّ، ومنه الجُدَّةُ ساحل البحر بحذاء مكة.
وجُدُّ كل شيء: جانبه. والجَدُّ والجِدُّ والجَديدُ والجَدَدُ: كله وجه
الأَرض؛ وفي الحديث: ما على جديد الأَرض أَي ما على وجهها؛ وقيل:
الجَدَدُ الأَرض الغليظة، وقيل: الأَرض الصُّلْبة، وقيل: المستوية. وفي المثل:
من سَلَكَ الجَدَدَ أَمِنَ العثارَ؛ يريد من سلك طريق الإِجماع فكنى عنه
بالجَدَدِ. وأَجدَّ الطريقُ إِذا صار جَدَداً. وجديدُ الأَرض: وجهها؛ قال
الشاعر:
حتى إِذا ما خَرَّ لم يُوَسَّدِ،
إِلاَّ جَديدَ الأَرضِ، أَو ظَهْرَ اليَدِ
الأَصمعي: الجَدْجَدُ الأَرض الغليظة.
وقال ابن شميل: الجَدَدُ ما استوى من الأَرض وأَصْحَرَ؛ قال: والصحراء
جَدَدٌ والفضاء جَدَدٌ لا وعث فيه ولا جبل ولا أَكمة، ويكون واسعاً وقليل
السعة، وهي أَجْدادُ الأَرض؛ وفي حديث ابن عمر: كان لا يبالي أَن يصلي في
المكان الجَدَدِ أَي المستوي من الأَرض؛ وفي حديث أَسْرِ عُقبة بن أَبي
معيط: فَوَحِلَ به فرسُه في جَدَدٍ من الأَرض.
ويقال: ركب فلان جُدَّةً من الأَمر أَي طريقة ورأْياً رآه.
والجَدْجَدُ: الأرض الملساء. والجدجد: الأَرض الغليظة. والجَدْجَدُ:
الأَرض الصُّلبة، بالفتح، وفي الصحاح: الأَرض الصلبة المستوية؛ وأَنشد لابن
أَحمر الباهلي:
يَجْنِي بأَوْظِفَةٍ شِدادٍ أَسْرُها،
صُمِّ السَّنابك، لا تَقِي بالجَدْجَدِ
وأَورد الجوهري عجزه صُمُّ السنابك، بالضم؛ قال ابن بري: وصواب إِنشاده
صمِّ، بالكسر. والوظائف: مستدق الذراع والساق. وأَسرها: شدة خلقها.
وقوله: لا تقي بالجدجد أَي لا تتوقاه ولا تَهَيَّبُه. وقال أَبو عمرو:
الجَدْجَدُ الفَيْفُ الأَملس؛ وأَنشد:
كَفَيْضِ الأَتِيِّ على الجَدْجَدِ
والجَدَدُ من الرمل: ما استرق منه وانحدر. وأَجَدَّ القومُ: علوا جَديدَ
الأَرض أَو ركبوا جَدَدَ الرمل؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
أَجْدَدْنَ واسْتَوَى بهن السَّهْبُ،
وعارَضَتْهُنَّ جَنُوبٌ نَعْبُ
النعب: السريعة المَرِّ؛ عن ابن الأَعرابي.
والجادَّة: معظم الطريق، والجمع جَوادُّ، وفي حديث عبدالله بن سلام:
وإِذا جَوادُّ منهج عن يميني، الجَوادُّ: الطُّرُقُ، واحدها جادَّة وهي سواء
الطريق، وقيل: معظمه، وقيل: وسطه، وقيل: هي الطريق الأَعظم الذي يجمع
الطُّرُقَ ولا بد من المرور عليه. ويقال للأَرض المستوية التي ليس فيها رمل
ولا اختلاف: جَدَدٌ. قال الأَزهري: والعرب تقول هذا طريق جَدَد إِذا كان
مستوياً لا حَدَب فيه ولا وُعُوثة.
وهذا الطريق أَجَدّ الطريقين أَي أَوْطؤهما وأَشدهما استواء وأَقلهما
عُدَاوءَ.
وأَجَدَّتْ لك الأَرض إِذا انقطع عنك الخَبارُ ووضَحَتْ.
وجادَّة الطريق: مسلكه وما وضح منه؛ وقال أَبو حنيفة: الجادَّة الطريق
إِلى الماء، والجَدُّ، بلا هاء: البئر الجَيِّدَةُ الموضع من الكلإِ،
مذكر؛ وقيل: هي البئر المغزرة؛ وقيل: الجَدُّ القليلة الماء.
والجُدُّ، بالضم: البئر التي تكون في موضع كثير الكلإِ؛ قال الأَعشى
يفضل عامراً على علقمة:
ما جُعِلَ الجَدُّ الظَّنونُ، الذي
جُنِّبَ صَوْبَ اللَّجِبِ الماطِرِ
مِثْلَ الفُرَاتِيِّ إِذا ما طَمَى،
يَقْذِفُ بالبُوصِيِّ والماهِرِ
وجُدَّةُ: بلد على الساحل. والجُدُّ: الماء القليل؛ وقيل: هو الماء يكون
في طرف الفلاة؛ وقال ثعلب: هو الماء القديم؛ وبه فسر قول أَبي محمد
الحذلمي:
تَرْعَى إِلى جُدٍّ لها مَكِينِ
والجمع من ذلك كله أَجْدادٌ.
قال أَبو عبيد: وجاء في الحديث فأَتَيْنا على جُدْجُدٍ مُتَدَمِّنٍ؛
قيل: الجُدجُد، بالضم: البئر الكثيرة الماء. قال أَبو عبيد: الجُدْجُد لا
يُعرف إِنما المعروف الجُدُّ وهي البئر الجَيِّدَةُ الموضع من الكلإِ.
اليزيدي: الجُدْجُدُ الكثيرة الماء؛ قال أَبو منصور: وهذا مثل الكُمْكُمَة
للكُمّ والرَّفْرَف للرَّف.
ومفازة جدّاءُ: يابسة، قال:
وجَدَّاءَ لا يُرْجى بها ذو قرابة
لِعَطْفٍ، ولا يَخْشَى السُّماةَ رَبيبُها
السُّماةُ: الصيادون. وربيبها: وحشها أَي أَنه لا وحش بها فيخشى القانص،
وقد يجوز أَن يكون بها وحش لا يخاف القانص لبعدها وإِخافتها، والتفسيران
للفارسي. وسَنَةٌ جَدَّاءُ: مَحْلَةٌ، وعامٌ أَجَدُّ. وشاةٌ جَدَّاءُ:
قليلةُ اللبن يابسة الضَّرْعِ، وكذلك الناقة والأَتان؛ وقيل: الجدَّاءُ من
كل حَلوبةٍ الذاهبةُ اللبنِ عن عَيبٍ، والجَدودَةُ: القليلةُ اللبنِ من
غير عيب، والجمع جَدائدُ وجِدادٌ. ابن السكيت: الجَدودُ النعجة التي قلَّ
لبنُها من غير بأْس، ويقال للعنز مَصُورٌ ولا يقال جَدودٌ. أَبو زيد:
يُجْمَع الجَدودُ من الأُتُنِ جِداداً؛ قال الشماخ:
من الحَقْبِ لاخَتْه الجِدادُ الغَوارزُ
وفلاةٌ جَدَّاءُ: لا ماءَ بها. الأَصمعي: جُدَّتْ أَخلاف الناقة إِذا
أَصابها شيء يقطع أَخلافَها. وناقةٌ جَدودٌ، وهي التي انقطع لبنُها. قال:
والمجَدَّدة المصَرَّمة الأَطْباءِ، وأَصل الجَدِّ القطعُ. شَمِر:
الجدَّاءُ الشاةُ التي انقطعت أَخلافها، وقال خالد: هي المقطوعة الضَّرْعِ،
وقيل: هي اليابسة الأَخلافِ إِذا كان الصِّرار قد أَضرَّ بها؛ وفي حديث
الأَضاحي: لا يضحى بِجَدَّاءَ؛ الجَدَّاءُ: لا لَبَن لها من كلِّ حَلوبةٍ
لآفةٍ أَيْبَسَتْ ضَرْعَها. وتَجَدّد الضَّرْع: ذهب لبنه. أَبو الهيثم:
ثَدْيٌ أَجَدُّ إِذا يبس، وجدّ الثديُ والضرعُ وهو يَجَدُّ جَدَداً. وناقة
جَدَّاءُ: يابسة الضَّرع ومن أَمثالهم:...
(* هنا بياض في نسخة المؤلف ولعله لم يعثر على صحة المثل ولم نعثر عليه
فيما بأيدينا من النسخ) ولا تر... التي جُدَّ ثَدْياها أَي يبسا.
الجوهري: جُدَّتْ أَخلاف الناقة إِذا أَضرَّ بها الصِّرار وقطعها فهي ناقة
مُجَدَّدَةُ الأَخلاف. وتَجَدَّدَ الضرع: ذهب لبنُه. وامرأَةٌ جَدَّاءُ:
صغيرةُ الثدي. وفي حديث علي في صفة امرأَة قال: إِنها جَدَّاءُ أَي قصيرة
الثديين. وجَدَّ الشيءَ يَجُدُّــهُ جدّاً: قطعه. والجَدَّاءُ من الغنم
والإِبل: المقطوعة الأُذُن. وفي التهذيب: والجدَّاء الشاةُ المقطوعة الأُذُن.
وجَدَدْتُ الشيءَ أَجُدُّه، بالضم، جَدّاً: قَطَعْتُه. وحبلٌ جديدٌ: مقطوع؛
قال:
أَبَى حُبِّي سُلَيْمَى أَن يَبيدا،
وأَمْسى حَبْلُها خَلَقاً جديدا
أَي مقطوعاً؛ ومنه: مِلْحَفَةٌ جديدٌ، بلا هاءٍ، لأَنها بمعنى مفعولة.
ابن سيده: يقال مِلحفة جديد وجديدة حين جَدَّها الحائكُ أَي قطعها. وثوبٌ
جديد، وهو في معنى مجدودٍ، يُرادُ به حين جَدَّهُ الحائك أَي قطعه.
والجِدَّةُ: نَقِيض البِلى؛ يقال: شيءٌ جديد، والجمع أَجِدَّةٌ وجُدُدٌ
وجُدَدٌ؛ وحكى اللحياني: أَصبَحَت ثيابُهم خُلْقاناً وخَلَقُهم جُدُداً؛
أَراد وخُلْقانُهم جُدُداً فوضَع الواحدَ موضعَ الجمع، وقد يجوز أَراد:
وخَلَقُهم جديداً فوضَع الجمع موضع الواحدِ، وكذلك الأُنثى. وقد قالوا:
مِلْحفَةٌ جديدةٌ، قال سيبويه: وهي قليلة. وقال أَبو عليّ وغيرهُ: جَدَّ
الثوبُ والشيءُ يجِدُّ، بالكسر، صار جديداً، وهو نقيض الخَلَقِ وعليه
وُجِّهَ قولُ سيبويه: مِلْحَفة جديدة، لا على ما ذكرنا من المفعول.
وأَجَدَّ ثَوْباً واسْتَجَدَّه: لَبِسَه جديداً؛ قال:
وخَرْقِ مَهارِقَ ذي لُهْلُهٍ،
أَجَدَّ الأُوامَ به مَظْؤُهُ
(* قوله «مظؤه» هكذا في نسخة الأصل ولم نجد هذه المادة في كتب اللغة
التي بأيدينا ولعلها محرفة وأصلها مظه يعني أن من تعاطى عسل المظ الذي في
هذا الموضع اشتد به العطش).
هو من ذلك أَي جَدَّد، وأَصل ذلك كله القطع؛ فأَما ما جاءَ منه في غير
ما يقبل القطع فعلى المثل بذلك كقولهم: جَدَّد الوضوءَ والعهدَ. وكساءٌ
مُجَدَّدٌ: فيه خطوط مختلفة. ويقال: كَبِرَ فلانٌ ثم أَصاب فرْحَةً وسروراً
فجدَّ جَدُّه كأَنه صار جديداً.
قال: والعرب تقول مُلاَءةٌ جديدٌ، بغير هاءٍ، لأَنها بمعنى مجدودةٍ أَي
مقطوعة. وثوب جديد: جُدَّ حديثاً أَي قطع. ويقال للرجل إِذا لبس ثوباً
جديداً: أَبْلِ وأَجِدَّ واحْمَدِ الكاسِيَ. ويقال: بَلي بيتُ فلانٍ ثم
أَجَدَّ بيتاً، زاد في الصحاح: من شعر؛ وقال لبيد:
تَحَمَّلَ أَهْلُها، وأَجَدَّ فيها
نِعاجُ الصَّيْفِ أَخْبِيَةَ الظِّلالِ
والجِدَّةُ: مصدر الجَدِيدِ. وأَجَدَّ ثوباً واسْتَجَدَّه. وثيابٌ
جُدُدٌ: مثل سَريرٍ وسُرُرٍ. وتجدَّد الشيءُ: صار جديداً. وأَجَدَّه وجَدَّده
واسْتَجَدَّه أَي صَيَّرَهُ جديداً. وفي حديث أَبي سفيان: جُدَّ ثَدْيا
أُمِّك أَي قطعا من الجَدِّ القطعِ، وهو دُعاءٌ عليه. الأَصمعي: يقال
جُدَّ ثديُ أُمِّهِ، وذلك إِذا دُعِيَ عليه بالقطيعة؛ وقال الهذلي:
رُوَيْدَ عَلِيّاً جُدَّ ما ثَدْيُ أُمِّهِ
إِلينا، ولكن وُدُّهُمْ مُتنابِرُ
قال الأَزهري: وتفسير البيت أَن عليّاً قبيلة من كنانة، كأَنه قال
رُوَيْدَكَ عَلِيّاً أَي أَرْوِدْ بِهِمْ وارفق بهم، ثم قال جُدَّ ثديُ
أُمِّهِمْ إِلينا أَي بيننا وبينهم خُؤُولةُ رَحِمٍ وقرابةٌ من قِبَلِ
أُمِّهِم، وهم منقطعون إِلينا بها، وإِن كان في وِدِّهِمْ لنا مَيْنٌ أَي كَذِبٌ
ومَلَق. والأَصمعي: يقال للناقة إِنها لَمِجَدَّةٌ بالرَّحْلِ إِذا كانت
جادَّة في السير.
قال الأَزهري: لا أَدري أَقال مِجَدَّة أَو مُجِدَّة؛ فمن قال مِجَدَّة،
فهي من جَدَّ يَجِدُّ، ومن قال مُجِدَّة، فهي من أَجَدَّت.
والأَجَدَّانِ والجديدانِ: الليلُ والنهارُ، وذلك لأَنهما لا يَبْلَيانِ
أَبداً؛ ويقال: لا أَفْعَلُ ذلك ما اختلف الأَجَدَّانِ والجديدانِ أَي
الليلُ والنهارُ؛ فأَما قول الهذلي:
وقالت: لن تَرى أَبداً تَلِيداً
بعينك، آخِرَ الدَّهْرِ الجَديدِ
فإِن ابن جني قال: إِذا كان الدهر أَبداً جديداً فلا آخر له، ولكنه جاءَ
على أَنه لو كان له آخر لما رأَيته فيه.
والجَديدُ: ما لا عهد لك به، ولذلك وُصِف الموت بالجَديد، هُذَلِيَّةٌ؛
قال أَبو ذؤيب:
فقلتُ لِقَلْبي: يا لَكَ الخَيْرُ إِنما
يُدَلِّيكَ، للْمَوْتِ الجَديدِ، حَبابُها
وقال الأَخفش والمغافص الباهلي: جديدُ الموت أَوَّلُه. وجَدَّ النخلَ
يَجُدُّــه جَدّاً وجِداداً وجَداداً؛ عن اللحياني: صَرَمَهُ. وأَجَدَّ
النخلُ: حان له أَن يُجَدَّ.
والجَدادُ والجِدادُ: أَوانُ الصِّرامِ. والجَدُّ: مصدرُ جَدَّ التمرَ
يَجُدُّــه؛ وفي الحديث: نهى النبي، صلى الله عليه وسلم، عن جَدادِ الليلِ؛
الجَدادُ: صِرامُ النخل، وهو قطع ثمرها؛ قال أَبو عبيد: نهى أَن تُجَدَّ
النخلُ ليلاً ونَهْيُه عن ذلك لمكان المساكين لأَنهم يحضرونه في النهار
فيتصدق عليهم منه لقوله عز وجل: وآتوا حقه يوم حصاده؛ وإِذا فعل ذلك ليلاً
فإِنما هو فارّ من الصدقة؛ وقال الكسائي: هو الجَداد والجِداد والحَصادُ
والحِصادُ والقَطافُ والقِطافُ والصَّرامُ والصِّرام، فكأَنَّ الفَعال
والفِعالَ مُطَّرِدانِ في كل ما كان فيه معنى وقت الفِعْلِ، مُشبَّهانِ في
معاقبتهما بالأَوانِ والإِوانِ، والمصدر من ذلك كله على الفعل، مثل
الجَدِّ والصَّرْمِ والقَطْفِ.
وفي حديث أَبي بكر أَنه قال لابنته عائشة، رضي الله تعالى عنهما: إِني
كنت نَحَلْتُكَ جادَّ عشرين وَسْقاً من النخل وتَوَدِّين أَنكِ خَزَنْتِهِ
فأَما اليوم فهو مال الوارث؛ وتأْويله أَنه كان نَحَلَها في صحته نخلاً
كان يَجُدُّ منها كلَّ سنة عشرين وَسْقاً، ولم يكن أَقْبَضها ما نَحَلَها
بلسانه، فلما مرض رأَى النحل وهو غيرُ مقبوض غيرَ جائز لها، فأَعْلَمَها
أَنه لم يصح لها وأَن سائر الورثة شركاؤها فيها. الأَصمعي: يقال لفلان
أَرض جادٌ مائة وَسْقٍ أَي تُخْرجُ مائةَ وَسْقٍ إِذا زرعت، وهو كلام
عربي. وفي الحديث: أَنه أَوصى بِجادٍّ مائة وَسْقٍ للأَشعريين وبِجادِّ مائةِ
وَسْقٍ للشَّيْبِيِّين؛ الجادُّ: بمعنى المجدود أَي نخلاً يُجَدُّ منه
ما يبلغ مائةَ وَسْقٍ. وفي الحديث: من ربط فرساً فله جادٌّ مائةٍ وخمسين
وسقاً؛ قال ابن الأَثير: كان هذا في أَوّل الإِسلام لعزة الخيل وقلتها
عندهم.
وقال اللحياني: جُدادَةُ النخل وغيره ما يُسْتأْصَل. وما عليه جِدَّةٌ
أَي خِرْقَةٌ. والجِدَّةُ: قِلادةٌ في عنق الكلب، حكاه ثعلب؛ وأَنشد:
لو كنت كَلْبَ قَبِيصٍ كنتَ ذا جِدَدٍ،
تكون أُرْبَتُهُ في آخر المَرَسِ
وجَديدَتا السرج والرَّحْلِ: اللِّبْدُ الذي يَلْزَقُ بهما من الباطن.
الجوهري: جَديدَةُ السَّرْج ما تحت الدَّفَّتين من الرِّفادة واللِّبْد
المُلْزَق، وهما جديدتان؛ قال: هذا مولَّد والعرب تقول جَدْيَةُ
السَّرْجِ.وفي الحديث: لا يأْخذنَّ أَحدكم متاع أَخيه لاعباً جادّاً أَي لا
يأْخذْه على سبيل الهزل يريد لا يحبسه فيصير ذلك الهزلُ جِدّاً. والجِدُّ:
نقيضُ الهزلِ. جَدَّ في الأَمر يَجِدُّ ويَجُدُّ، بالكسر والضم، جِدّاً
وأَجَدَّ: حقق. وعذابٌ جِدٌّ: محقق مبالغ فيه. وفي القنوت: ونَخْشى عذابَكَ
الجِدَّ. وجَدَّ في أَمره يَجِدُّ ويَجُدُّ جَدّاً وأَجَدَّ: حقق.
والمُجادَّة: المُحاقَّةُ. وجادَّهُ في الأَمر أَي حاقَّهُ. وفلانٌ محسِنٌ
جِدّاً، وهو على جِدِّ أَمر أَي عَجَلَةِ أَمر. والجِدُّ: الاجتهادُ في
الأُمور. وفي الحديث: كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إِذا جَدَّ في السَّير
جَمع بين الصَّلاتينِ أَي اهتمّ به وأَسرع فيه. وجَدَّ به الأَمرُ
وأَجَدَّ إِذا اجتهد. وفي حديث أُحُدٍ: لئن أَشهَدَني الله مع النبي، صلى الله
عليه وسلم، قتلَ المشركين ليَرَيَنَّ اللَّهُ ما أَجِدُّ أَي ما
أَجتهِدُ. الأَصمعي: يقال أَجَدَّ الرجل في أَمره يُجِدُّ إِذا بلغ فيه جِدَّه،
وجَدَّ لغةٌ؛ ومنه يقال: فلان جادٌّ مُجِدٌّ أَي مجتهد. وقال: أَجَدَّ
بها أَمراً أَي أَجَدَّ أَمرَه بها، نصبٌ على التمييز كقولك: قررْتُ به
عيناً أَي قرَّت عيني به؛ وقولهم: في هذا خطرٌ جِدُّ عظيمٍ أَي عظيمٌ
جِدّاً. وجَدَّ به الأَمرُ: اشتد؛ قال أَبو سهم:
أَخالِدُ لا يَرضى عن العبدِ ربُّه،
إِذا جَدَّ بالشيخ العُقوقُ المُصَمِّمُ
الأَصمعي: أَجَدَّ فلان أَمره بذلك أَي أَحكَمَه؛ وأَنشد:
أَجَدَّ بها أَمراً، وأَيقَنَ أَنه،
لها أَو لأُخْرى، كالطَّحينِ تُرابُها
قال أَبو نصر: حكي لي عنه أَنه قال أَجَدَّ بها أَمراً، معناه أَجَدَّ
أَمرَه؛ قال: والأَوّل سماعي، منه. ويقال: جدَّ فلانٌ في أَمرِه إِذا كان
ذا حقيقةٍ ومَضاءٍ. وأَجَدَّ فلانٌ السيرَ إِذا انكمش فيه. أَبو عمرو:
أَجِدَّكَ وأَجَدَّكَ معناهما ما لَكَ أَجِدّاً منك، ونصبهما على المصدر؛
قال الجوهري: معناهما واحد ولا يُتكلم به إِلا مضافاً. الأَصمعي:
أَجِدَّكَ معناه أَبِجِدّ هذا منك، ونصبُهما بطرح الباءِ؛ الليث: من قال
أَجِدَّكَ، بكسر الجيم، فإِنه يستحلفه بِجِدِّه وحقيقته، وإِذا فتح الجيم،
استحلفه بجَدِّه وهو بخته. قال ثعلب: ما أَتاك في الشعر من قولك أَجِدَّك، فهو
بالكسر، فإِذا أَتاك بالواو وجَدِّك، فهو مفتوح؛ وفي حديث قس:
أَجِدَّكُما لا تَقْضيانِ كَراكُما
أَي أَبِجِدِّ منكما، وهو نصب على المصدر. وأَجِدَّك لا تفعل كذا،
وأَجَدَّك، إِذا كسر الجيم استحلفه بِجِدِّه وبحقيقته، وإِذا فتحها استحلفه
بِجَدِّه وببخته؛ قال سيبويه: أَجِدَّكَ مصدر كأَنه قال أَجِدّاً منك،
ولكنه لا يستعمل إِلا مضافاً؛ قال: وقالوا هذا عربيٌّ جدًّا، نصبُه على
المصدر لأَنه ليس من اسم ما قبله ولا هو هو؛ قال: وقالوا هذا العالمُ جِدُّ
العالِمِ، وهذا عالِمٌ جِدُّ عالِمٍ، يريد بذلك التناهي وأَنه قد بلغ
الغاية فيما يصفه به من الخلال.
وصَرَّحْت بِجِدٍّ وجِدَّانَ وجِدَّاءَ وبِجِلْدانَ وجِلْداءَ؛ يضرب هذا
مثلاً للأَمر إِذا بان وصَرُحَ؛ وقال اللحياني: صرّحت بِجِدَّانَ
وجِدَّى أَي بِجِدٍّ. الأَزهري: ويقال صرّحت بِجِدَّاءَ غيرَ منصرف وبِجِدٍّ
منصرف وبِجِدَّ غير مصروف، وبِجِدَّانَ وبِجَذَّان وبِقِدَّان وبِقَذَّانَ
وبقِرْدَحْمَة وبقِذَحْمَة، وأَخرج اللبن رغوته، كل هذا في الشيء إِذا
وضَح بعد التباسه. ويقال: جِدَّانَ وجِلْدانَ صحراءَ، يعني برز الأَمر إِلى
الصحراء بعدما كان مكتوماً.
والجُدَّادُ: صغار الشجر، حكاه أَبو حنيفة؛ وأَنشد للطرِمَّاح:
تَجْتَني ثامِرَ جُدَّادِه،
من فُرادَى بَرَمٍ أَو تُؤامْ
والجُدَّادُ: صِغارُ العضاهِ؛ وقال أَبو حنيفة: صغار الطلح، الواحدة من
كل ذلك جُدَّادةٌ. وجُدَّادُ الطلح: صغارُه. وكلُّ شيء تَعَقَّد بعضُه في
بعضٍ من الخيوط وأَغصانِ الشجر، فهو جُدَّادٌ؛ وأَنشد بيت الطرماح.
والجَدَّادُ: صاحب الحانوت الذي يبيع الخمر ويعالجها، ذكره ابن سيده، وذكره
الأَزهري عن الليث؛ وقال الأَزهري: هذا حاقُّ التصحيف الذي يستحيي من مثله
من ضعفت معرفته، فكيف بمن يدعي المعرفة الثاقبة؟ وصوابه بالحاءِ.
والجُدَّادُ: الخُلقانُ من الثياب، وهو معرّب كُداد بالفارسية. والجُدَّادُ:
الخيوط المعقَّدة يقال لها كُدَّادٌ بالنبطية؛ قال الأَعشى يصف حماراً:
أَضاءَ مِظَلَّتَه بالسرا
جِ، والليلُ غامرُ جُدَّادِها
الأَزهري: كانت في الخيوط أَلوان فغمرها الليل بسواده فصارت على لون
واحد. الأَصمعي: الجُدَّادُ في قول المسيَّب
(* قوله «الأصمعي الجدَّاد في
قول المسيَّب إلخ» كذا في نسخة الأصل وهو مبتدأ بغير خبر وان جعل الخبر
في قول المسيب كان سخيفاً) بن عَلس:
فِعْلَ السريعةِ بادَرتْ جُدَّادَها،
قَبْلَ المَساءِ، يَهُمُّ بالإِسراعِ
السريعة: المرأَة التي تسرع. وجَدودٌ: موضع بعينه، وقيل: هو موضع فيه
ماء يسمى الكُلابَ، وكانت فيه وقعة مرتين، يقال للكُلابِ الأَوّلِ: يَوْمُ
جَدود وهو لِتغْلِب على بكرِ بن وائل؛ قال الشاعر:
أَرى إِبِلِي عافَتْ جَدودَ فلم تَذُقْ
بها قَطْرَةً، إِلاَّ تَحِلَّةَ مُقْسِمِ
وجُدٌّ: موضع، حكاه ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
فلو أَنها كانت لِقاحِي كثيرةً،
لقد نَهِلتْ من ماءِ جُدٍّ وَعلَّتِ
قال: ويروى من ماء حُدٍّ، هو مذكور في موضعه.
وجَدَّاءُ: موضع؛ قال أَبو جندب الهذلي:
بَغَيْتُهُمُ ما بين جَدَّاءَ والحَشَى،
وأَوْرَدْتُهُمْ ماءَ الأُثَيْلِ وعاصِمَا
والجُدْجُدُ: الذي يَصِرُّ بالليل، وقال العَدَبَّس: هو الصَّدَى.
والجُنْدُبُ: الجُدْجُدُ، والصَّرصَرُ: صَيَّاحُ الليل؛ قال ابن سيده:
والجُدْجُدُ دُوَييَّةٌ على خِلقَةِ الجُنْدُبِ إِلا أَنها سُوَيْداءُ قصيرة،
ومنها ما يضرب إِلى البياض ويسمى صَرْصَراً، وقيل: هو صرَّارُ الليلِ وهو
قَفَّاز وفيه شَبه من الجراد، والجمع الجَداجِدُ؛ وقال ابن الأَعرابي: هي
دُوَيبَّةٌ تعلَقُ الإِهابَ فتأْكلُه؛ وأَنشد:
تَصَيَّدُ شُبَّانَ الرجالِ بِفاحِمٍ
غُدافٍ، وتَصطادينَ عُشّاً وجُدْجُدا
وفي حديث عطاء في الجُدْجُدِ يموت في الوَضوءِ قال: لا
بأْس به؛ قال: هو حيوان كالجراد يُصَوِّتُ بالليل، قيل هو الصَّرْصَرُ.
والجُدجُدُ: بَثرَة تخرُج في أَصل الحَدَقَة. وكلُّ بَثْرَةٍ في جفنِ
العين تُدْعى: الظَّبْظاب. والجُدْجُدُ: الحرُّ؛ قال الطرمَّاح:
حتى إِذا صُهْبُ الجَنادِبِ ودَّعَتْ
نَوْرَ الربيع، ولاحَهُنَّ الجُدْجُدُ
والأَجْدادُ: أَرض لبني مُرَّةَ وأَشجعَ وفزارة؛ قال عروة بن الورد:
فلا وَأَلَتْ تلك النفُوسُ، ولا أَتَتْ
على رَوْضَةِ الأَجْدادِ، وَهْيَ جميعُ
وفي قصة حنين: كإِمرار الحديد على الطست
(* قوله «على الطست» وهي مؤنثة
إلخ كذا في النسخة المنسوبة إلى المؤلف وفيها سقط. قال في المواهب:
وسمعنا صلصلة من السماء كإمرار الحديد على الطست الجديد. قال في النهاية وصف
الطست وهي مؤنثة بالجديد وهو مذكر اما لأن تأنيثها إلخ)، وهي مؤنثة
بالجديد، وهو مذكر إِما لأَن تأْنيثها غير حقيقي فأَوله على الإِناء والظرف،
أَو لاءن فعيلاً يوصف به المؤنث بلا علامة تأْنيث كما يوصف المذكر، نحو
امرأَة قتيل وكفّ خَضيب، وكقوله عز وجل: إن رحمة الله قريب. وفي حديث
الزبير: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال له: احبس الماء حتى يبلغ الجَدَّ،
قال: هي ههنا المُسَنَّاةُ وهو ما وقع حول المزرعة كالجدار، وقيل: هو لغة
في الجدار، ويروى الجُدُر، بالضم. جمع جدار، ويروى بالذال وسيأْتي ذكره.
وجد: وجَد مطلوبه والشيء يَجِدُــه وُجُوداً ويَجُده أَيضاً، بالضم، لغة
عامرية لا نظير لها في باب المثال؛ قال لبيد وهو عامريّ:
لو شِئْت قد نَقَعَ الفُؤادُ بِشَرْبةٍ،
تَدَعُ الصَّوادِيَ لا يَجُدْــنَ غَلِيلا
بالعَذبِ في رَضَفِ القِلاتِ مَقِيلةً
قَِضَّ الأَباطِحِ، لا يَزالُ ظَلِيلا
قال ابن بريّ: الشعر لجرير وليس للبيد كما زعم. وقوله: نَقَعَ الفؤادُ
أَي روِيَ. يقال نَقَعَ الماءُ العطشَ أَذْهبه نَقْعاً ونُقوعاً فيهما،
والماء الناقعُ العَذْبُ المُرْوي. والصَّادِي: العطشان. والغليل: حَرُّ
العطش. والرَّضَفُ: الحجارة المرضوفةُ. والقِلاتُ: جمع قَلْت، وهو نقرة في
الجبل يُستَنْقَعُ فيها ماء السماء. وقوله: قَِضّ الأَباطِحِ، يريد أَنها
أَرض حَصِبةٌ وذلك أَعذب للماء وأَصفى.
قال سيبويه: وقد قال ناس من العرب: وجَدَ يَجُدُ كأَنهم حذفوها من
يَوْجُد؛ قال: وهذا لا يكادُ يوجَدُ في الكلام، والمصدر وَجْداً وجِدَةً
ووُجْداً ووجُوداً ووِجْداناً وإِجْداناً؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي،
وأَنشد:وآخَر مُلْتاث، تَجُرُّ كِساءَه،
نَفَى عنه إِجْدانُ الرِّقِين المَلاوِيا
قال: وهذا يدل على بَدَل الهمزة من الواو المكسورة كما قالوا إِلْدةٌ في
وِلْدَة.
وأَوجَده إِياه: جَعَلَه يَجِدُــه؛ عن اللحياني؛ ووَجَدْتَني فَعَلْتُ
كذا وكذا، ووَجَدَ المالَ وغيرَه يَجِدُــه وَجْداً ووُجْداً وجِدةً.
التهذيب: يقال وجَدْتُ في المالِ وُجْداً ووَجْداً ووِجْداً ووِجْداناً وجِدَةً
أَي صِرْتُ ذا مال؛ ووَجَدْت الضَّالَّة وِجْداناً. قال: وقد يستعمل
الوِجْدانُ في الوُجْد؛ ومنه قول العرب: وِجْدانُ الرِّقِين يُغَطِّي أَفَنَ
الأَفِين. وفي حديث اللقطة: أَيها الناشدُ، غيرُك الواجِدُ؛ مِن وَجَدَ
الضَّالّة يَجِدُــها. وأَوجده الله مطلوبَه أَي أَظفره به.
والوُجْدُ والوَجْدُ والوِجْدُ: اليسار والسَّعةُ. وفي التنزيل العزيز:
أَسكِنُوهُنَّ من حيثُ سكَنْتم من وَجْدِكم؛ وقد قرئ بالثلاث، أَي من
سَعَتكم وما ملكتم، وقال بعضهم: من مساكنكم.
والواجِدُ: الغنِيُّ؛ قال الشاعر:
الحمدُ للَّه الغَنِيِّ الواجِد
وأَوجَده الله أَي أَغناه. وفي أَسماء الله عز وجل: الواجدُ، هو الغني
الذي لا يفتقر. وقد وجَدَ تَجِدُ جِدة أَي استغنى غنًى لا فقر بعده. وفي
الحديث: لَيُّ الواجِدِ يُحِلّ عُقُوبَتَه وعِرْضَه أَي القادرِ على قضاء
دينه. وقال: الحمد لله الذي أَوْجَدَني بعد فقر أَي أَغناني، وآجَدَني
بعد ضعف أَي قوّاني. وهذا من وَجْدِي أَي قُدْرتي. وتقول: وجَدْت في الغِنى
واليسار وجْداً ووِجْداناً
(* قوله «وجداً ووجداناً» واو وجداً مثلثة،
أفاده القاموس.) وقال أَبو عبيد: الواجدُ الذي يَجِدُ ما يقضي به دينه.
ووُجِدَ الشيءُ عن عدَم، فهو موجود، مثل حُمّ فهو محموم؛ وأَوجَدَه الله
ولا يقال وجَدَه، كما لا يقال حَمّه.
ووَجَد عليه في الغَضب يَجُدُ ويَجِدُ وَجْداً وجِدَةً وموجَدةً
ووِجْداناً: غضب. وفي حديث الإِيمان: إِني سائلك فلا تَجِدْ عليّ أَي لا
تَغْضَبْ من سؤالي؛ ومنه الحديث: لم يَجِدِ الصائمُ على المُفْطر، وقد تكرَّرَ
ذكره في الحديث اسماً وفعلاً ومصدراً وأَنشد اللحياني قول صخر الغيّ:
كِلانا رَدَّ صاحِبَه بِيَأْسٍ
وتَأْنِيبٍ، ووِجْدانٍ شَديدِ
فهذا في الغضب لأَن صَخْرَ الغيّ أَيأَسَ الحَمامَة من ولدها فَغَضِبَتْ
عليه، ولأَن الحمامة أَيْأَسته من ولده فغَضِبَ عليها. ووَجَدَ به
وَجْداً: في الحُبِّ لا غير، وإِنه لــيَجِدُ بفلانة وَجْداً شديداً إِذا كان
يَهْواها ويُحِبُّها حُبّاً شديداً. وفي الحديث، حديث ابن عُمر وعُيينة بن
حِصْن: والله ما بطنها بوالد ولا زوجها بواجد أَي أَنه لا يحبها؛ وقالت
شاعرة من العرب وكان تزوجها رجل من غير بلدها فَعُنِّنَ عنها:
مَنْ يُهْدِ لي مِن ماءٍ بَقْعاءَ شَرْبةً،
فإِنَّ له مِنْ ماءِ لِينةَ أَرْبعَا
لقد زادَني وَجْداً بِبَقْعاءَ أَنَّني
وَجَدْتُ مَطايانا بِلِينةَ ظُلَّعا
فَمَنْ مُبْلِغٌ تِرْبَيَّ بالرَّمْلِ أَنني
بَكَيْتُ، فلم أَترُكْ لِعَيْنَيَّ مَدْمَعا؟
تقول: من أَهدى لي شربة من ماءِ بَقْعاءَ على ما هو من مَرارة الطعم
فإِن له من ماءِ لِينةَ على ما هو به من العُذوبةِ أَربعَ شربات، لأَن بقعاء
حبيبة إِليَّ إِذ هي بلدي ومَوْلِدِي، ولِينةُ بَغِيضَةٌ إِليّ لأَن
الذي تزوجني من أَهلها غير مأْمون عليّ؛ وإِنما تلك كناية عن تشكيها لهذا
الرجل حين عُنِّنَ عنها؛ وقولها: لقد زادني حبّاً لبلدتي بقعاء هذه أَن هذا
الرجل الذي تزوجني من أَهل لينة عنن عني فكان كالمطية الظالعة لا تحمل
صاحبها؛ وقولها: فمن مبلغ تربيّ
(البيت) تقول: هل من رجل يبلغ صاحِبَتَيَّ بالرمل أَن بعلي ضعف عني
وعنن، فأَوحشني ذلك إِلى أَن بكيت حتى قَرِحَتْ أَجفاني فزالت المدامع ولم
يزل ذلك الجفن الدامع؛ قال ابن سيده: وهذه الأَبيات قرأْتها على أَبي
العلاء صاعد بن الحسن في الكتاب الموسوم بالفصوص. ووجَد الرجلُ في الحزْن
وَجْداً، بالفتح، ووَجِد؛ كلاهما عن اللحياني: حَزِنَ. وقد وَجَدْتُ فلاناً
فأَنا أَجِدُ وَجْداً، وذلك في الحزن.
وتَوَجَّدْتُ لفلان أَي حَزِنْتُ له. أَبو سعيد: تَوَجَّد فلان أَمر كذا
إِذا شكاه، وهم لا يَتَوَجَّدُون سهر ليلهم ولا يَشْكون ما مسهم من
مشقته.
جدع: الجَدْعُ: القَطْعُ، وقيل: هو القطع البائن في الأَنف والأُذن
والشَّفةِ واليد ونحوها، جَدَعَه يَجْدَــعُه جَدْعاً، فهو جادِعٌ. وحمار
مُجَدَّع: مَقْطُوع الأُذن؛ قال ذو الخِرَقِ الطُّهَوِيّ:
أَتانِي كلامُ التَّغْلَبيّ بن دَيْسَقٍ،
ففي أَيِّ هذا، وَيْلَه، يَتَترَّعُ؟
يقول الخَنى، وأَبغَضُ العُجْمِ، ناطِقاً
إِلى ربه، صوتُ الحِمارِ الــيُجَدَّــعُ
أَراد الذي يُجدَّــع فأدخل اللام على الفعل المضارع لمضارعة اللام الذي
كما تقول هو اليَضْرِبُك، وهو من أَبيات الكتاب وقال أَبو بكر بن السراج:
لما احتاج إِلى رفع القافية قلب الاسم فعلاً وهو من أَقبح ضرورات الشعر،
وهذا كما حكاه الفراء من أَن رجلاً أَقبل فقال آخر: هاهوذا، فقال السامع:
نِعْمَ الهاهوذا، فأَدخل اللام على الجملة من المبتدإِ والخبر تشبيهاً له
بالجملة المركبة من الفعل والفاعل؛ قال ابن بري: ليس بيتُ ذي الخِرَق
هذا من أَبيات الكتاب كما ذكر الجوهري وإِنما هو في نوادر أَبي زيد. وقد
جَدِعَ جَدَعاً، وهو أَجْدَعُ بيِّن الجَدَعِ، والأُنثى جَدْعاء؛ قال أَبو
ذؤيب يصف الكلاب والثور:
فانْصاعَ من حَذرٍ وسَدَّ فُروجَه
غُبْرٌ ضَوارٍ: وافِيانِ وأَجْدَعُ
أجْدع أَي مَقْطوع الأُذن. وافيانِ: لم يُقْطع من آذانهما شيء، وقيل: لا
يقال جَدعَ ولكن جُدعَ من المَجْدُوع.
والجَدَعةُ: ما بَقِي منه بعد القَطْع. والجَدَعةُ: موضع الجَدْع، وكذلك
العَرَجةُ من الأَعْرج، والقَطَعة من الأَقْطَع. والجَدْعُ: ما انقطع من
مَقادِيم الأَنف إِلى أَقْصاه، سمي بالمصدر.
وناقة جَدْعاء: قُطِع سُدسُ أُذنها أَو ربعها أَو ما زاد على ذلك إِلى
النصف. والجَدْعاء من المعزَ: المَقْطوع ثلث أُذنها فصاعداً، وعم به ابن
الأَنباري جميع الشاء المُجَدَّع الأُذن. وفي الدعاء على الإِنسان: جَدْعاً
له وعَقْراً؛ نصبوها في حدّ الدعاء على إِضمار الفعل غير المستعمل
إِظهاره، وحكى سيبويه: جَدَّعْتُه تَجْديعاً وعَقَّرْتُه قلت له ذلك، وهو مذكور
في موضعه؛ فأَمّا قوله:
تَراه كأَنَّ اللهَ يَجْدَــعُ أَنْفَه
وعَيْنَيْه، إِنْ مَولاه ثابَ له وَفْرُ
فعلى قوله:
يا لَيْتَ بَعْلَكِ قد غَدا
مُتَقَلِّداً سَيْفاً ورُمْحا
إِنما أَراد ويفقأُ عينيه؛ واستعار بعضُ الشُّعراء الجَدْعَ والعِرْنينَ
للدّهْر فقال:
وأَصبَح الدهْرُ ذُو العِرْنِينِ قد جُدِعا
والأَعرف:
وأَصبحَ الدهرُ ذو العلاَّتِ قد جُدعا
وجَداعِ: السَّنةُ الشديدة تذهب بكل شيء كأَنها تَجْدَعُه؛ قال أَبو
حَنْبل الطائي:
لقد آليْتُ أَغْدِر في جَداعِ،
وإِنْ مُنِّيتُ، أُمّاتِ الرِّباعِ
وهي الجَداعُ أَيضاً غير مبنية لمكان الأَلف واللام. والجَداعُ: الموت
لذلك أَيضاً. والمُجادعةُ: المُخاصمةُ. وجادَعَه مُجادَعة وجِداعاً:
شاتَمَه وشارَّه كأَنَّ كل واحد منهما جَدَع أَنف صاحبه؛ قال النابغة
الذُّبْياني:
أَقارعُ عَوْفٍ، لا أُحاوِلُ غيرَها،
وجُوهُ قُرودٍ، تَبْتَغِي من تُجادِعُ
وكذلك التّجادُع. ويقال: اجْدَعْهم بالأَمر حتى يَذِلُّوا؛ حكاه ابن
الأَعرابي ولم يفسره. قال ابن سيده: وعندي أَنه على المثل أَي اجدع أُنوفهم.
وحكي عن ثعلب: عام تَجَدَّعُ أَفاعِيه وتجادَعُ أَي يأْكل بعضها بعضاً
لشدّته، وكذلك تركت البلاد تَجَدَّعُ وتَجادَعُ أَفاعيها أَي يأْكل بعضها
بعضاً، قال: وليس هناك أَكل ولكن يريد تقَطَّعُ. وقال أَبو حنيفة:
المُجَدَّعُ من النبات ما قُطع من أَعلاه ونَواحِيه أَو أُكل. ويقال: جَدَّع
النباتَ القَحْطُ إِذا لم يَزْكُ لانْقِطاع الغَيْثِ عنه؛ وقال ابن
مقبل:وغَيْث مَريع لم يُجَدَّــعْ نَباتُه
وكَلأٌ جُداعٌ، بالضم، أَي دَوٍ؛ قال رَبيعةُ بن مَقْرُوم الضَّبِّيّ:
وقد أَصِلُ الخَلِيلَ وإِن نآني،
وغِبَّ عَداوتي كَلأٌ جُداعُ
قال ابن بري: قوله كَلأٌ جُداع أي يَجْدَــعُ مَن رَعاه؛ يقول: غِبّ
عَداوتي كَلأٌ فيه الجَدْع لمن رعاه، وغب بمعنى بعد. وجَدِعَ الغلامُ يَجْدَــعُ
جَدَعاً، فهو جَدِعٌ: ساء غِذاؤه؛ قال أَوْس بن حَجَر:
وذاتُ هِدْمٍ عارٍ نَواشِرُها،
تُصْمِتُ بالماء تَوْلَباً جَدِعا
وقد صحّف بعض العلماء هذه اللفظة، قال الأَزهري في أَثناء خطبة كتابه:
جمع سليمان بن علي الهاشميّ بالبصرة ين المُفَضَّل الضبّيّ والأَصمعي
فأَنشد المفضَّل: وذات هدم، وقل آخر البيت: جَذَعا، ففَطِن الأَصمعي لخَطئه،
وكان أَحدَثَ سِنّاً منه، فقال له: إِنما هو تولباً جَذَعا، وأَراد تقريره
على الخطاء فلم يَفْطَن المفضل لمراده، فقال: وكذلك أَنشدته، فقال له
الأَصمعي حينئذ: أَخطأْت إِنما هو: تَوْلباً جَدِعا، فقال له المفضل: جذعا
جذعا، ورفع صوته ومدّه، فقال له الأَصمعي: لو نفَخْت في الشَّبُّور ما
نفعك، تكم كلام النمل وأَصبْ، إِنما هو: جَدِعا، فقال سليمان بن علي: من
تَخْتارانِ أَجعله بينكما؟ فاتفقا على غلام من بني أَسد حافظ للشعر
فأُحْضِر، فعرَضا عليه ما اختلفا فيه فصدَّق الأَصمعي وصوّب قوله، فقال له
المفضل: وما الجَدِعُ؟ قال: السيّء الغِذاء. وأَجدَعَه وجَدَّعَه: أَساء غذاءه.
قال ابن بري: قال الوزير: جَدِعٌ فَعِلٌ بمعنى مَفْعول، قال: ولا يعرف
مثله. وجَدِعَ الفَصِيلُ أَيضاً: ساء غِذاؤُه. وجَدِعَ الفَصِيلُ أَيضاً:
رُكِب صغيراً فوَهَن. وجَدَعْتُه أَي سجنْتُه وحبستُه، فهو مجُدوع؛
وأَنشد:
كأَنه من طول جَدْعِ العَفْسِ
وبالذال المعجمة أَيضاً، وهو المحفوظ. وجَدَعَ الرجلُ عِيالَه إِذا حَبس
عنهم الخير. قال أَبو الهيثم: الذي عندنا في ذلك أَنهَ الجَدْعَ
والجِذْعَ واحد، وهو حَبْسُ من تَحْبِسه على سُوءِ ولائه وعلى الإِذالةِ منك له؛
قال: والدليل على ذلك بيت أَوس:
تُصْمِت بالماء تَوْلباً جَدِعا
قال: وهو من قولك جَدَعْتُه فجَدِع كما تقول ضرَب الصَّقِيعُ النباتَ
فضَرِبَ، وكذلك صَقَع، وعَقَرْتُه فَعَقِر أَي سقَط؛ وأَنشد ابن
الأَعرابي:حَبَلَّق جَدَّعه الرِّعاء
ويروى: أَجْدَعَه، وهو إِذا حبَسه على مَرْعى سَوْء، وهذا يقوّي قول
أَبي الهيثم.
والجَنادِعُ: الأَحْناشُ، ويقال: هي جَنادِبُ تكون في جِحَرةِ
اليَرابِيعِ والضِّباب يَخرُجْن إِذا دَنا الحافر من قَعْر الجُحْر. قال ابن بري:
قال أَبو حنيفة الجُنْدَب الصغير يقال له جُنْدع، وجمعه جَنادِعُ؛ ومنه
قول الراعي:
بحَيٍّ نُمَيْرِيٍّ عليه مَهابةٌ
بِجَمْع، إِذا كان اللِّئامُ جَنادِعا
ومنه قيل: رأَيت جَنادِعَ الشرِّ أَي أَوائلَه، الواحدة جُنْدُعةٌ، وهو
ما دَبَّ من الشرّ؛ وقال محمد بن عبد الله الأَزْديّ:
لا أَدْفَعُ ابنَ العَمِّ يَمْشِي على شَفاً،
وإِن بَلَغَتْني مِنْ أَذاه الجَنادِعُ
وذاتُ الجَنادِعِ: الداهيةُ. الفرّاء: يقال هو الشيطان والمارِدُ
والمارِجُ والأَجْدَعُ. روي عن مسروق أَنه قال: قدمت على عمر فقال لي: ما
اسمُك؟ فقلت: مَسروقُ بن الأَجْدَع، فقال: أَنت مسروق بن عبد الرحمن، حدثنا
رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أَنَّ الأَجدع شيطان، فكان اسمُه في الديوان
مسروق بن عبد الرحمن. وعبد الله بن جُدْعانَ
(* كذا بالأصل، وفي القاموس: وعبد الله بن جدعان جواد معروف.)
وأَجْدَعُ وجُدَيْعٌ: اسمانِ. وبنو جَدْعاءَ: بطن من العرب، وكذلك بنو
جُداع وبنو جُداعةَ.
جدب: الجَدْبُ: الـمَحْل نَقِيضُ الخِصْبِ. وفي حديث الاسْتِسْقاءِ: هَلَكَتِ الـمَواشِي وأَجْدَبَتِ البِلادُ، أَي قَحِطَتْ وغَلَتِ
الأَسْعارُ. فأَما قول الراجز، أَنشده سيبويه:
لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ أَرَى جَدَبَّا * في عامِنا ذا، بَعدَما أَخْصَبَّا
فإنه أَراد جَدْباً، فحرَّكَ الدالَ بحركة الباءِ، وحذَف الأَلف على حدِّ قولك: رأَيت زَيْدْ، في الوقف. قال ابن جني: القول فيه أَنه ثَقَّلَ الباءَ، كما ثَقَّل اللام في عَيْهَلِّ في قوله:
بِبازِلٍ وَجْناءَ أَوْ عَيْهَلِّ
فلم يمكنه ذلك حتى حَرَّك الدال لَـمّا كانت ساكنة لا يَقعُ بعدها
الـمُشدَّد ثم أَطْلَقَ كإِطْلاقه عَيْهَلِّ ونحوها. ويروى أَيضاً جَدْبَبَّا،
وذلك أَنه أَراد تثقيل الباء، والدالُ قبلها ساكنة، فلم يمكنه ذلك، وكره أَيضاً تحريك الدال لأَنّ في ذلك انْتِقاضَ الصِّيغة، فأَقَرَّها على سكونها، وزاد بعد الباءِ باءً أُخرى مُضَعَّفَةً لإِقامة الوزن. فإِن قلت: فهل تجد في قوله جَدْبَبَّا حُجَّةً للنحويين على أَبي عثمان في امْتناعه مـما أَجازوه بينهم من بنائهم مثل فَرَزْدَق من ضَرَبَ، ونحوه ضَرَبَّبٌ، واحْتِجاجِه في ذلك لأَنه لم يَجِدْ في الكلام ثلاث لامات مُتَرادفةٍ على الاتِّفاق، وقد قالوا جَدْبَبَّا كما ترى، فجمع الراجز بين ثلاث لامات متفقة؛ فالجواب أَنه لا حجة على أَبي عثمان للنحويين في هذا مِن قِبَل أَن هذا شيءٌ عرَضَ في الوَقْف، والوَصْلُ مُزِيلهُ. وما كانت هذه حالَه لم
يُحْفَلْ به، ولم يُتَّخذْ أَصلاً يُقاسُ عليه غيره. أَلا ترى إِلى
إِجماعهم على أَنه ليس في الكلام اسم آخره واو قبلها حركة ثم لا يَفْسُد ذلك بقول بعضهم في الوقف: هذه أَفْعَوْ، وهو الكَلَوْ، من حيث كان هذا بدلاً جاءَ به الوَقْفُ، وليس ثابتاً في الوصل الذي عليه الـمُعْتَمَد والعَملُ، وإِنما هذه الباءُ المشدّدة في جَدْبَبَّا زائدة للوقف، وغيرِ ضَرورة الشعر، ومثلها قول جندل:
جارِيةٌ ليست من الوَخْشَنِّ،
لا تَلبَس المِنْطَقَ بالمَتْنَنِّ،
إِلا ببَتٍّ واحـــــدٍ بَتَّـــــنِّ،
كَأَنَّ مَجْرَى دَمْعِها الـمُسْتَنِّ
قُطْنُنَّةٌ من أَجْــــودِ القُطْنُنِّ
فكما زاد هذه النوناتِ ضرورة كذلك زاد الباءَ في جَدبَبَّا ضرورة، ولا اعتِداد في الموضعين جميعاً بهذا الحَرْف الـمُضاعَف. قال: وعلى هذا أَيضاً عندي ما أَنشده ابن الأَعرابي من قول الراجز:
لكِنْ رَعَيْنَ القِنْعَ حيث ادْهَمَّما
أَراد: ادْهَمَّ، فزاد ميماً أُخرى. قال وقال لي أَبو علي في جَدْبَبَّا: إِنه بنى منه فَعْلَلَ مثل قَرْدَدَ، ثم زاد الباءَ الأَخيرة كزيادة الميم في الأَضْخَمَّا. قال: وكما لا حجة على أَبي عثمان في قول الراجز جَدْبَبَّا كذلك لا حجة للنحويين على الأَخفش في قوله: إِنه يُبْنَى من ضرب مثل اطْمأَنَّ، فتقول: اضْرَبَبَّ. وقولهم هم اضْرَبَّبَ، بسكون اللام الأُولى بقول الراجز، حيث ادْهَمَّما ، بسكون الميم الأُولى، لأَنّ له أَن يقول إِن هذا إِنما جاءَ لضرورة القافية، فزاد على ادْهَمَّ، وقد تراه ساكن الميم الأُولى، ميماً ثالثة لإِقامة الوزن، وكما لا حجة لهم عليه في هذا كذلك لا حجة له عليهم أَيضاً في قول الآخر:
إِنَّ شَكْلي، وإِنَّ شَكْلَكِ شَتَّى، * فالْزَمي الخُصَّ، واخْفِضي تَبْيَضِضِّي
بتسكين اللام الوسطى، لأَن هذا أَيضاً إِنما زاد
ضاداً، وبنى الفِعل بَنْيةً اقْتضاها الوَزْنُ. على أَن قوله تَبْيَضِضِّي أَشْبهُ من قوله ادْهَمَّمَا. لأَن مع الفعل في تَبْيَضِضِّي الياء التي هي ضمير الفاعل، والضمير الموجود في اللفظ، لا يُبنى مع الفعل إِلا والفعل على أَصل بِنائه الذي أُريد به، والزيادةُ لا تكاد تَعْتَرِضُ بينهما نحو ضرَبْتُ وقتلْتُ، إِلا أَن تكون الزيادة مَصُوغة في نفس المثال غير مُنْفَكَّةٍ في التقدير منه، نحو سَلْقَيْتُ وجَعْبَيْتُ واحْرَنْبَيْتُ وادْلَنْظَيْتُ. ومن الزيادة للضرورة قول الآخر:
باتَ يُقاسِي لَيْلَهُنَّ زَمَّام،
والفَقْعَسِيُّ حاتِمُ بنُ تَمَّامْ،
مُسْتَرْعَفاتٍ لِصِلِلَّخْمٍ سامْ يريد لِصِلَّخْمٍ كَعِلَّكْدٍ وهِلَّقْسٍ وشِنَّخْفٍ. قال: وأَمـّا من رواه جِدَبَّا، فلا نظر في روايته لأَنه الآن فِعَلٌّ كخِدَبٍّ وهِجَفٍّ.
قال: وجَدُبَ المكان جُدُوبةً، وجَدَبَ، وأَجْدَبَ، ومكانٌ جَدْبٌ
وجَدِيبٌ: بَيِّن الجُدوبةِ ومَجْدوبٌ، كَأَنه على جُدِبَ وإِن لم يُستعمل. قال سَلامةُ بن جَنْدل:
كُنَّا نَحُلُّ، إِذا هَبَّتْ شآمِيةً، * بكلِّ وادٍ حَطيبِ البَطْنِ، مَجْدُوبِ
والأَجْدَبُ: اسم للـمُجْدِب. وفي الحديث: كانت فيها أَجادِبُ
أَمْسَكَتِ الماءَ؛ على أَن أَجادِبَ قد يكون جمعَ أَجْدُب الذي هو جمع جَدْبٍ.
قال ابن الأَثير في تفسير الحديث: الأَجادِبُ صِلابُ الأَرضِ التي تُمْسِك الماءَ، فلا تَشْرَبه سريعاً. وقيل: هي الأَراضي التي لا نَباتَ بها مأْخُوذ من الجَدْبِ، وهو القَحْطُ، كأَنه جمعُ أَجْدُبٍ، وأَجْدُبٌ جمع جَدْبٍ، مثل كَلْبٍ وأَكْلُبٍ وأَكالِبَ. قال الخطابي: أَما أَجادِبُ فهو غلط وتصحيف، وكأَنه يريد أَنّ اللفظة أَجارِدُ، بالراءِ والدال. قال: وكذلك ذكره أَهل اللغة والغريب. قال: وقد روي أَحادِبُ، بالحاء المهملة. قال ابن الأَثير: والذي جاءَ في الرواية أَجادِبُ، بالجيم. قال: وكذلك جاءَ في صحيحَي البخاري ومسلم.
وأَرض جَدْبٌ وجَدْبةٌ: مُجْدِبةٌ، والجمع جُدُوبٌ، وقد قالوا:
أَرَضُونَ جَدْبٌ، كالواحد، فهو على هذا وَصْفٌ بالمصدر. وحكى اللحياني: أَرضٌ جُدُوب، كأَنهم جعلوا كل جزءٍ منها جَدْباً ثم جمعوه على هذا.
وفَلاةٌ جَدْباءُ: مُجْدِبةٌ. قال:
أَوْ في فَلاَ قَفْرٍ مِنَ الأَنِيسِ، * مُجْدِبةٍ، جَدْباءَ، عَرْبَسِيسِ
والجَدْبةُ: الأَرض التي ليس بها قَلِيلٌ ولا كثير ولا مَرْتَعٌ ولا
كَلأٌ.
وعامٌ جُدُوبٌ، وأَرضٌ جُدُوبٌ، وفلانٌ جَديبُ الجَنَاب، وهو ما
حَوْلَه.وأَجْدَبَ القَوْمُ: أَصابَهُمُ الجَدْبُ. وأَجْدَبَتِ السَّنةُ: صار
فيها جَدْبٌ.
وأَجْدَبَ أَرْضَ كَذا: وجَدَها جَدْبةً، وكذلك الرَّجُلُ. وأَجْدَبَتِ
الأَرضُ، فهي مُجْدِبةٌ، وجَدُبَتْ.
وجادَبَتِ الإِبلُ العامَ مُجادَبةً إِذا كان العامُ مَحْلاً، فصارَتْ لا
تأْكُل إِلا الدَّرينَ الأَسْوَدَ، دَرِينَ الثُّمامِ، فيقال لها حينئذ: جادَبَتْ.
ونزلنا بفلان فأَجْدَبْناه إِذا لم يَقْرِهمْ.
والمِجْدابُ: الأَرضُ التي لا تَكادُ تُخْصِب، كالمِخْصاب، وهي التي لا تكاد تُجْدِبُ.
والجَدْبُ: العَيْبُ.
وجَدَبَ الشَّيءَ يَجْدِــبهُ جَدْباً: عابَه وذَمَّه.
وفي الحديث: جَدَب لنا عُمَرُ السَّمَر بعد عَتَمةٍ، أَي عابَه وذَمَّه.
وكلُّ عائِبٍ، فهو جادِبٌ. قال ذو الرمة:
فَيا لَكَ مِنْ خَدٍّ أَسِيلٍ، ومَنْطِقٍ * رَخِيمٍ، ومِنْ خَلْقٍ تَعَلَّلَ جادِبُه
يقول: لا يَجِدُ فيه مَقالاً، ولا يَجِدُ فيه عَيْباً يَعِيبه به، فيَتَعَلَّلُ بالباطلِ وبالشيءِ يقولُه، وليس بِعَيْبٍ.
والجادِبُ: الكاذِبُ. قال صاحب العين: وليس له فِعْلٌ، وهو تصحيف.
والكاذبُ يقال له الخادب، بالخاءِ. أَبو زيد: شَرَجَ وبَشَكَ وخَدَبَ إِذا كَذَبَ. وأَما الجادب، بالجيم، فالعائب.
والجُنْدَبُ: الذَّكر من الجَراد. قال: والجُنْدُبُ والجُنْدَبُ أَصْغَرُ من الصَّدى، يكون في البَرارِي. وإِيَّاه عَنى ذو الرمة بقوله:
كأَنَّ رِجْلَيْهِ رِجْلا مُقْطِفٍ عَجِلٍ، * إِذا تَجَاوبَ، من بُرْدَيْهِ، تَرْنِيمُ
وحكى سيبويه في الثلاثي: جِنْدَب(1)
(1 قوله «في الثلاثي جندب» هو بهذا الضبط في نسخة عتيقة من المحكم.) ، وفسره السيرافي بأَنه الجُنْدب.
وقال العَدَبَّسُ: الصَّدَى هو الطائرُ الذي يَصِرُّ بالليل ويَقْفِزُ
ويَطِيرُ، والناس يرونه الجُنْدَبَ وإِنما هو الصَّدى، فأَمـَّا الجُنْدب
فهو أَصغر من الصدى. قال الأَزهري: والعرب تقول صَرَّ الجُنْدَبُ، يُضرب مثلاً للأَمر يشتدّ حتى يُقْلِقَ صاحِبَه. والأَصل فيه: أَن الجُنْدبَ إِذا رَمِضَ في شدّة الحر لم يَقِرَّ على الأرض وطار، فَتَسْمَع لرجليه صَرِيراً، ومنه قول الشاعر:
قَطَعْتُ، إِذا سَمِعَ السَّامِعُون، * مِن الجُنْدبِ الجَوْنِ فيها، صَريرا
وقيل الجُندب: الصغير من الجَراد. قال الشاعر:
يُغالِينَ فيه الجَزْءَ لَولا هَواجِرٌ، * جَنادِبُها صَرْعَى، لَهُنّ فَصِيصُ(2)
(2 قوله «يغالين» في التكملة يعني الحمير. يقول ان هذه الحمير تبلغ الغاية في هذا الرطب أي بالضم والسكون فتستقصيه كما يبلغ الرامي غايته. والجزء الرطب. ويروى كصيص.)
أَي صَوتٌ. اللحياني: الجُنْدَبُ دابَّة، ولم يُحَلِّها(3)
(3 أراد أنه لم يُعطها حليةً تميّزها، والحلية هي ما يرى من لون الشخص وظاهرهِ وهيئتهِ.). والجُنْدَبُ والجُنْدُبُ، بفتح الدال وضمها: ضَرْبٌ من الجَراد واسم رجل. قال سيبويه: نونها زائدة. وقال عكرمة في قوله تعالى: فأَرْسَلْنا عليهِمُ الطُّوفانَ والجَرادَ والقُمَّلَ.
القُمَّلُ: الجَنادِبُ، وهي الصِّغار من الجَراد، واحِدتُها قُمَّلةٌ.
وقال: يجوز أَن يكون واحد القُمَّلِ قامِلاً مثل راجِعٍ ورُجَّعٍ. وفي
الحديث: فَجَعَلَ الجَنادِبُ يَقَعْنَ فيه؛ هو جَمعُ جُنْدَب، وهو ضَرْبٌ
مِن الجَراد. وقيل: هو الذي يَصِرُّ في الحَرِّ. وفي حديث ابن مسعود، رضي اللّه عنه: كان يُصَلي الظُّهرَ، والجَنادِبُ تَنْقُزُ من الرَّمْضاءِ أَي تَثِبُ.
وأُمُّ جُنْدَبٍ: الداهِيةُ، وقيل الغَدْرُ، وقيل
الظُّلم. وركِبَ فُلان أُمَّ جُنْدَبٍ إِذا رَكِبَ الظُّلْمَ. يقال: وقع القوم في أُمِّ جُنْدَبٍ إِذا ظُلِموا كأَنها اسمٌ من أَسماءِ الإِساءة والظُّلْمِ والداهِيةِ.
غيره: يقال وقع فلان في أُمِّ جُنْدَبٍ إِذا وقَع في داهيةٍ؛ ويقال: وَقَع القوم بأُم جندب إِذا ظَلَموا وقَتَلُوا غيرَ قاتِلٍ. وقال الشاعر:
قَتَلْنا به القَوْمَ، الذين اصْطَلَوْا به * جِهاراً، ولم نَظْلِمْ به أُمَّ جُنْدَبِ
أَي لم نَقْتُلْ غير القاتِلِ.
همم: الهَمُّ: الحُزْن، وجمعه هُمومٌ، وهَمَّه الأَمرُ
هَمّاً ومَهَمَّةً وأَهَمَّه فاهْتَمَّ واهْتَمَّ به. ولا هَمامِ لي:
مبنية على الكسر مثل قَطامِ أَي لا أَهُمُّ. ويقال: لا مَهَمّةَ لي،
بالفتح، ولا هَمامِ، أَي لا أَهُمّ بذلك ولا أَفْعَلُه؛ قال الكميت يمدح أَهل
البيت:
إِن أَمُتْ لا أَمُتْ، ونَفْسِيَ نَفْسا
نِ من الشَّكِّ في عَمىً أَو تَعامِ
عادِلاً غيرَهم من الناسِ طُرّاً
بِهِمُ، لا هَمامِ لي لا هَمامِ
أَي لا أَهُمُّ بذلك، وهو مبني على الكسر مثل قَطامِ؛ يقول: لا أَعْدِل
بهم أَحداً، قال: ومثلُ
قوله لا هَمامِ قراءةُ من قرأَ: لا مَساسِ؛ قال ابن جني: هو الحكاية
كأَنه قال مَساسِ
فقال لا مَساسِ، وكذلك قال في هَمامِ إِنه على الحكاية لأَنه لا يبنى
على الكسر، وهو يريد به الخبر. وأَهَمَّني الأَمرُ
إِذا أَقْلَقَك وحَزَنَك. والاهتمامُ: الاغتمامُ، واهْتَمِّ له
بأَْمرِه. قال أَبو عبيد في باب قلّة اهتِمامِ
الرجلِ بشأْن صاحِبه: هَمُّك ما هَمَّك، ويقال: هَمُّك ما أَهَمَّك؛
جعلَ ما نَفْياً في قوله ما أَهَمَّك أََي لم يُهِمَّك هَمُّك، ويقال: معنى
ما أَهَمَّكَ أَي ما أَحْزَنَك، وقيل: ما أَقْلَقَك، وقيل: ما أَذابَك.
والهِمَّةُ: واحدةُ الهِمَمِ.
والمُهِمَّاتُ من الأُمور: الشائدُ المُحْرِقةُ. وهَمَّه السُّقْمُ
يَهُمُّه هَمّاً أَذابَه وأَذْهَبَ لَحمه. وهَمَّني المرضُ: أَذابَني. وهَمَّ
الشحمَ يَهُمُّه هَمّاً: أَذابَه؛ وانْهَمَّ هو.
والهامومُ: ما أُذِيبَ من السنام؛ قال العجاج يصف بَعيرَه:
وانْهَمَّ هامومُ السَّدِيفِ الهاري
عن جَرَزٍ منه وجَوْزٍ عاري
(* قوله «الهاري» أنشده في مادة جرز: الواري، وكذا المحكم والتهذيب).
أَي ذهب سِمَنُه. والهامومُ من الشحمِ: كثيرُ الإِهالةِ. والهامومُ: ما
يَسيل من الشَّحْمةِ إِذا شُوِيَت، وكلُّ شيء ذائبٍ يُسمَّى هاموماً. ابن
الأَعرابي: هُمَّ إِذا أُغْلِيَ، وهَمَّ إِذا غَلى. الليث: الانْهِمامُ
في ذَوَبانِ
الشيء واسْتِرْخائه بعد جُمودِه وصَلابتِه مثل الثلج إِذا ذابَ، تقول:
انْهَمَّ. وانْهَمَّت البقُولُ إِذا طُبِخَتْ في القدر. وهَمَّت الشمسُ
الثلجَ: أَذابَتْه. وهَمَّ الغُزْرُ الناقةَ يَهُمُّها هَمّاً: جَهَدَها
كأَنه أَذابَها. وانْهَمَّ الشحمُ والبَرَدُ: ذابا؛ قال:
يَضْحَكْن عنْ كالبَرَد المُنْهَمِّ،
تحتَ عَرَانِينِ أُنوفٍ شُمِّ
والهُمامُ: ما ذابَ منه، وقيل: كلُّ مُذابٍ مَهْمومٌ؛ وقوله:
يُهَمُّ فيها القوْمُ هَمَّ الحَمِّ
معناه يَسيل عرقهم حتى كأَنهم يَذُوبون. وهُمامُ الثلج: ما سالَ منْ
مائِه إِذا ذابَ؛ وقال أَبو وجزة:
نواصح بين حَمَّاوَيْنِ أَحْصَنَتا
مُمَنَّعاً، كهُمامِ الثَّلْج بالضَّرَبِ
أَراد بالنواصح الثَّنايا. ويقال: همَّ اللبَنَ في الصحْنِ إِذ حَلَبَه،
وانْهَمَّ العرَقُ في جَبينِه إِذا سالَ؛ وقال الراعي في الهَماهِمِ
بمعنى الهُموم:
طَرَقا، فتِلكَ هَماهِمِي أَقْرِيهِما
قُلُصاً لَواقحَ كالقِسيِّ وحُولا
وهَمَّ بالشيءَ يهمُّ هَمّاً: نواه وأَرادَه وعزَم عليه. وسئل ثعلب عن
قوله عز وجل: ولقد هَمَّت به وهمَّ بها لولا أَنْ رَأَى بُرْهانَ ربِّه؛
قال: هَمَّت زَلِيخا بالمعصية مُصِرّةً على ذلك، وهَمَّ يوسفُ، عليه
السلام، بالمعصية ولم يأْتِها ولم يُصِرَّ عليها، فَبَيْن الهَمَّتَيْن
فَرْقٌ. قال أَبو حاتم: وقرأْتُ غريبَ القرآن على أَبي عبيدة فلما أَتيتُ على
قولِه: ولقد هَمَّت به وهَمَّ بها (الآية) قال أَبو عبيدة: هذا على
التقديم والتأْخير كأَنه أَراد: ولقد هَمَّت به، ولولا أَنْ رَأَى بُرْهانَ
ربّه لَهَمَّ بها. وقوله عز وجل: وهَمُّوا بما لم يَنالوا؛ كان طائفةٌ
عَزَمُوا على أَن يغْتالُوا سيّدنا رسولَ الله، صلى الله عليه وسلم، في سفَرٍ
وقَفُوا له على طريقِه، فلما بَلغهم أَمَرَ بتَنْحيَتِهم عن طريقِه
وسَمّاهم رجلاً رجلاً؛ وفي حديث سَطِيح:
شَمِّرْ فإِنّك ماضي الهَمِّ شِمِّيرُ
أَي إِذَا عَزمت على أَمرٍ أَمْضَيْتَه. والهَمُّ: ما همّ به في
نَفْسِه، تقول: أَهَمَّني هذا الأَمرُ. والهَمَّةُ والهِمَّةُ: ما هَمَّ به من
أَمر ليفعله. وتقول: إِنه لَعظيمُ الهَمّ وإِنه لَصغيرُ الهِمّة، وإِنه
لَبَعيدُ الهِمَّةِ والهَمّةِ، بالفتح.
والهُمامُ: الملكُ العظيم الهِمّة، وفي حديث قُسٍّ: أَيها الملكُ
الهُمامُ، أَي العظيمُ الهِمَّة. ابن سيده: الهُمام اسمٌ من أَسماء الملك
لِعِظمِ هِمّته، وقيل: لأَنه إِذا هَمَّ بأَمر أَمْضاه لا يُرَدُّ عنه بل
يَنْفُذ كما أَراد، وقيل: الهُمامُ السيِّدُ الشجاعُ السَّخيّ ولا يكون ذلك
في النساء. والهُمامُ: الأَسدُ، على التشبيه، وما يَكادُ ولا يَهُمُّ
كَوْداً ولا مَكادَةً وهَمّاً ولا مَهَمَّةً.
والهَمَّةُ والهِمَّةُ: الهَوى. وهذا رجلٌ هَمُّك من رجلٍ وهِمَّتُك من
رجل أَي حسْبُك. والهِمُّ، بالكسر: الشيخ الكبيرُ البالي، وجمعه
أَهْمامٌ. وحكى كراع: شيخٌ هِمَّةٌ، بالهاء، والأُنثى هِمَّةٌ بيِّنة الهَمَامةِ،
والجمع هِمَّات وهَمائمُ، على غير قياس، والمصدر الهُمومةُ والهَمامةُ،
وقد انْهَمَّ، وقد يكون الهِمُّ والهِمَّةُ من الإِبل؛ قال:
ونابٌ هِمَّةٌ لا خَيْرَ فيها،
مُشرَّمةُ الأَشاعِرِ بالمَدارِي
ابن السكيت: الهَمُّ من الحُزْن، والهَمُّ مَصْدَرُ هَمَّ الشَّحمَ
يَهُمُّه إِذا أَذابَه. والهَمُّ: مصدر هَمَمْت بالشيء هَمّاً. والهِمُّ:
الشيخ البالي؛ قال الشاعر:
وما أَنا بالهِمِّ الكبيرِ ولا الطِّفْلِ
وفي الحديث: أَنه أُتِيَ برجل هِمٍّ؛ الهِمُّ، بالكسر: الكبيرُ الفاني.
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: كان يأْمرُ جُيُوشه أَن لا يَقْتُلوا هِمّاً
ولا امرأَةً؛ وفي شعر حُميد:
فحَمَّلَ الهِمَّ كِنازاً جَلْعَدا
(* قوله «كنازاً إلخ» تقدم هذا البيت في مادة جلعد بلفظ كباراً والصواب
ما هنا)
والهامّةُ: الدابّةُ. ونِعْمَ الهامّةُ هذا: يعني الفرسَ؛ وقال ابن
الأَعرابي: ما رأَيتُ هامّةً أَحسنَ منه، يقال ذلك للفرس والبعير ولا يقال
لغيرهما. ويقال للدابّة: نِعْمَ الهامّةُ هذا، وما رأَيت هامَّةً أَكْرمَ
من هذه الدابّة، يعني الفرس، الميمُ مشدَّدة. والهَمِيمُ: الدَّبِيبُ. وقد
هَمَمْتُ أَهِمُّ، بالكسر، هَمِيماً. والهَمِيمُ: دوابُّ هوامِّ الأَرض.
والهوامُّ: ما كان من خَشاش الأَرض نحو العقارب وما أَشبهها، الواحدة
هامّة، لأَنها تَهِمّ أَي تَدِبّ، وهَمِيمُها دبِيبُها؛ قال ساعدة بن
جُؤَيَّة الهذليّ يصف سيفاً:
تَرى أَثْرَهُ في صَفْحَتَيْه، كأَنه
مَدارِجُ شِبْثانٍ لَهُنَّ هَمِيمُ
وقد هَمَّتْ تَهِمُّ، ولا يقع هذا الاسم إِلاَّ على المَخُوف من
الأَحْناش. وروى ابن عباس عن النبي، صلى الله عليه وسلم: أَنه كان يُعَوِّذ
الحسنَ والحسَينَ فيقول: أُعيذُكُما بكلمات الله التامه، من شرّ كل شيطانٍ
وهامّه، ومن شرِّ كل عين لامّه، ويقول: هكذا كان إِبراهيمُ يعوّذ إِسمعيل
وإِسحق، عليهم السلام؛ قال شمر: هامّة واحدة الهوامِّ، والهوامُّ:
الحيَّاتُ وكلُّ ذي سَمٍّ يَقْتُلُ سَمُّه، وأَما ما لا يَقْتُلُ ويَسُمُّ فهو
السَّوامُّ، مشدَّدة الميم، لأَنها تَسُمُّ ولا تبلُغ أَن تَقتل مثل
الزُّنْبورِ والعقرب وأَشباهِها، قال: ومنها القَوامُّ، وهي أَمثال القَنافِذ
والفأْرِ واليَرابيع والخَنافِس، فهذه ليست بهَوامَّ ولا سَوامَّ،
والواحدة من هذه كلها هامّة وسامّة وقامّة. وقال ابن بُزُرْج: الهامّة الحيّةُ
والسامّة العقربُ. يقال للحية: قد همّت الرجلَ، وللعقرب: قد سمَّتْه،
وتقع الهامّة على غير ذواتِ السّمّ القاتِل، أَلا ترى أَن النبي، صلى الله
عليه وسلم، قال لكعب بن عُجْرة: أَيُؤْذِيكَ هَوامُّ رأْسِك؟ أَراد بها
القَمْل، سمّاها هَوامَّ لأَنها تَدِبُّ في الرأْس وتَهِمُّ فيه. وفي
التهذيب: وتقع الهوامُّ على غير ما يَدِبُّ من الحيوان، وإِن لم يَقْتُلْ
كالحَشَرات.
ابن الأَعرابي: هُمَّ لنَفْسِك ولا تَهُمَّ لهؤلاء أَي اطْلُبْ لها
واحْتَل. الفراء: ذهبْتُ أَتَهَمَّمُه أَنْظر أَينَ هو، وروي عنه أَيضاً:
ذهبتُ أَتَهَمَّمُه أَي أَطلُبه. وتَهمَّم الشيءَ: طلَبه.
والهَمِيمةُ: المطرُ الضعيف، وقيل: الهَميمةُ من المطر الشيءُ الهيِّنُ،
والتَّهْميمُ نحوُه؛ قال ذو الرمة:
مَهْطولة من رياض الخُرْج هيَّجها،
مِن لَفِّ سارِيَةٍ لَوْثاءَ، تَهْميمُ
(* قوله «من لف» كذا في الأصل والمحكم، وفي التهذيب: من لفح، وفي
التكملة: من صوب)
والهَميمةُ: مطرٌ ليّنٌ دُقاقُ القَطْر. والهَمومُ: البئر الكثيرة
الماء؛ وقال:
إِنَّ لنا قَلَيْذَماً هَموما،
يَزيدُه مَخْجُ الدِّلا جُموما
وسحابة هَمومٌ: صَبوبٌ للمطر. والهَميمةُ من اللبَن: ما حُقِن في
السِّقاء الجديد ثم شُرب ولم يُمْخَض. وتهَمَّمَ رأْسَه: فَلاه. وهَمَّمَت
المرأَةُ في رأْس الصبي: وذلك إِذا نوَّمَتْه بصوت تُرَقِّقُه له. ويقال: هو
يَتَهَمَّمُ رأْسَه أَي يَفْلِيه. وهَمَّمَت المرأَةُ في رأْس الرجل:
فلَّتْه. وهو من هُمَّانِهم أَي خُشارَتهم كقولك من خُمَّانِهم.
وهَمَّام: اسم رجل.
والهَمْهَمة: الكلام الخفيّ، وقيل: الهَمْهَمة تَرَدُّد الزَّئير في
الصَّدْر من الهمّ والحَزَن، وقيل: الهَمْهَمة تَرْديد الصوت في الصدر؛
أَنشد ابن بري لرجل قاله يوم الفتح يخاطب امرأَته:
إِنَّكِ لو شَهِدْتِنا بالحَنْدَمهْ،
إِذْ فَرَّ صَفْوان وفَرَّ عِكْرِمَهْ،
وأَبو يَزيدَ قائمٌ كالمُؤْتِمَهْ،
واسْتَقْبَلَتْهُم بالسيوف المُسْلِمَهْ،
يَقْطَعْنَ كلَّ ساعِدٍ وجُمْجُمَهْ
ضَرْباً، فما تَسْمع إِلا غَمْغَمهْ،
لهُمْ نَهيتٌ خَلْفَنا وهَمْهَمَهْ،
لَمْ تَنْطِقي باللَّوْم أَدنى كلِمَهْ
(* رواية هذه الأبيات في مادة خندم تختلف عما هي عليه هنا)
وأَنشد هذا الرجز هنا الحَنْدَمة، بالحاء المهملة، وأَنشده في ترجمة
خندم بالخاء المعجمة. والهَمْهَمة: نحوُ أَصوات البقر والفِيَلَة وأَشباه
ذلك. والهَماهِم: من أَصوات الرعد نحو الزَّمازِم. وهَمْهَمَ الرَّعْدُ
إِذا سمعتَ له دَوِيّاً. وهَمْهَم الأَسدُ، وهمْهَم الرجلُ إِذا لم يُبَيِّن
كلامه. والهمْهَمة: الصوت الخفيّ، وقيل: هو صوت معه بحَحٌ.
ويقال للقصَب إِذا هزَّته الريح: إِنه لَهُمْهوم. قال ابن بري:
الهُمْهوم المُصَوِّت؛ قال رؤبة:
هزّ الرياحِ القَصَبَ الهُمْهوما
وقيل: الهَمْهمةُ ترديد الصوت في الصدر. وفي حديث ظبْيان: خرج في
الظُّلمة فسَمِع هَمْهَمةً أَي كلاماً خفيّاً لا يُفْهَم، قال: وأَصل
الهَمْهَمة صوت البقرة. وقَصَبٌ هُمْهوم: مُصوِّت عند تَهْزيز الريح. وعَكَرٌ
هُمْهوم: كثير الأَصوات: قال الحَكَم الخُضْريّ وأَنشده ابن بري مستشهداً به
على الهُمْهوم الكثير:
جاءَ يَسوقُ العَكَرَ الهُمْهوما
السَّجْوَرِيُّ لا رَعى مُسِيما
والهُمْهومة والهَمْهامة: العَكَرة العظيمة. وحِمار هِمْهيم: يُهَمْهِم
في صوته يُردِّد النهيق في صدره؛ قال ذو الرمة يصف الحمار والأُتُن:
خَلَّى لها سَرْبَ أُولاها وهَيَّجها،
مِن خَلْفِها، لاحِقُ الصُّقْلَينِ هِمْهيمُ
والهِمْهيم: الأَسد، وقد هَمْهَم. قال اللحياني: وسمع الكسائي رجلاً من
بني عامر يقول إِذا قيل لنا أَبَقِيَ عندكم شيء؟ قلنا: هَمْهامْ
وهَمْهامِ يا هذا، أَي لم يَبْقَ شيء؛ قال:
أَوْلَمْتَ، يا خِنَّوْتُ، شَرَّ إِيلامْ،
في يومِ نَحْسٍ ذي عجاجٍ مِظْلامْ
ما كان إِلاّ كاصْطِفاقِ الأَقْدامْ،
حتى أَتيناهم فقالوا: هَمْهامْ
أَي لم يبق شيء. قال ابن بري: رواه ابن خالويه خِنَّوْت على مثال
سِنَّوْرٍ، قال: وسأَلت عنه أَبا عُمر الزاهد فقال: هو الخَسيس. وقال ابن جني:
هَمْهامِ وحَمْحامِ ومَحْماحِ اسم لفتىً مثل سَِرْعانَِ ووَشْكان وغيرهما
من أَسماء الأَفعال التي استُعْمِلت في الخبر. وجاء في الحديث: أَحبُّ
الأَسماء إِلى الله عبدُ الله وهَمَّامٌ. وفي رواية: أَصدقُ الأَسماء
حارثة وهَمَّام، وهو فَعَّال من هَمَّ بالأَمر يَهُمّ إِذا عزَم عليه، وإِنما
كان أَصدَقها لأَنه ما من أَحد إِلا وهو يَهُمّ بأَمرٍ، رَشَِدَ أَم
غَوِيَ.
أَبو عمرو: الهَموم الناقة الحسَنة المِشْية، والقِرْواحُ التي تَعافُ
الشُّربَ مع الكِبار، فإِذا جاءت الدَّهْداهُ شرِبت معهنّ، وهي الصغار.
والهَموم: الناقة تُهَمِّم الأَرضَ بفيها وترتَع أَدنى شيء تجده، قال: ومنه
قول ابنة الخسّ: خيرُ النوق الهَموم الرَّموم التي كأَنَّ عَينَيْها
عَيْنا محموم. وقوله في الحديث في أَولاد المشركين: هُمْ من آبائهم، وفي
رواية: هم منهم، أَي حكمُهم حكم آبائهم وأَهلِهم.