من (ش ب ح) علم مأخوذ من الشب: أن يبدو الشيء غير واضح، ومد الشيء على الأرض، ورفع اليدين للدعاء.
من (ش ب ح) علم مأخوذ من الشب: أن يبدو الشيء غير واضح، ومد الشيء على الأرض، ورفع اليدين للدعاء.
علن: العِلانُ والمُعالَنة والإِعْلانُ: المُجاهرة. عَلَن الأَمْرُ
يَعْلُنُ عُلُوناً ويَعْلِنُ وعَلِنَ يَعْلَنُ عَلَناً وعَلانية فيهما إذا
شاع وظهر، واعْتَلَنَ؛ وعَلَّنه وأَعْلَنه وأَعْلَن به؛ وأَنشد ثعلب:
حتى يَشُكَّ وُشاةٌ قد رَمَوْك بنا،
وأَعْلَنُوا بك فينا أَيَّ إِعْلانِ
وفي حديث المُلاعنة: تلك امرأَة أَعْلَنَتْ؛ الإِعْلانُ في الأَصل:
إِظهار الشيء، والمراد به أَنها كانت قد أَظهرت الفاحشة. وفي حديث الهجرة: لا
يَسْتَعْلِنُ به ولسنا بمُقِرِّين له؛ الاسْتِعْلانُ أَي الجهرِ بدِينه
وقِراءته. واسْتَسَرَّ الرجلُ ثم اسْتَعْلَنَ أَي تَعَرَّض لأَنْ
يُعْلَنَ به. وعالَنَه: أَعْلَنَ إِليه الأَمْرَ؛ قال قَعْنَبُ بن أُمِّ صاحب:
كلٌّ يُداجِي على البَغْضاءِ صاحِبَه،
ولَنْ أُعالِنَهُمْ إلا كما عَلَنُوا.
والعِلانُ والمُعالَنة إذا أَعْلَن كل واحد لصاحبه ما في نفسه؛ وأَنشد:
وكَفِّي عن أَذَى الجِيرانِ نَفْسِي،
وإِعْلاني لمن يَبْغِي عِلاني
وأَنشد ابن بري للطّرِمّاحِ:
أَلا مَنْ مُبْلِغٌ عني بَشِيراً
عَلانِيةً، ونِعْمَ أَخُو العِلانِ
ويقال: يا رجل اسْتَعْلِنْ أَي أَظْهِرْ. واعْتَلَنَ الأَمرُ إذا اشتهر.
والعَلانية، على مِثال الكَراهِيَة والفَرَاهِية: خلافُ السِّهر، وهو
ظهور الأَمر. ورجل عُلَنَةٌ: لا يَكْتُم سِرَّه ويَبُوح به. وقال اللحياني:
رجل عَلانِيَة وقوم عَلانُونَ، ورجل عَلانيٌّ وقوم عَلانِيُّونَ، وهو
الظاهر الأَمر الذي أَمره عَلانيَة. وعَلْوَانُ الكتاب: يجوز أَن يكون
فِعْلُه فَعْوَلْتُ من العَلانِيَة. يقال: عَلْوَنْتُ الكتاب إذا عَنْوَنْته.
وعُلْوَانُ الكتاب: عُنْوانُه.
بوح: البَوْحُ: ظهر الشيء.
وباحَ الشيءُ: ظهر. وباحَ به بَوْحاً وبُؤُوحاَ وبُؤُوحَةً: أَظهره.
وباحَ ما كَتَمْتُ، وباحَ به صاحبُه، وباحَ بِسِرِّه: أَظهره. ورجل بَؤُوحٌ
بما في صدره وبَيْحانُ وبَيِّحانُ بما في صدره، معاقبة وأَصلها الواو.
وفي الحديث: إِلاَّ أَن يكون كُفْراً بَواحاً أَي جِهاراً، ويروى بالراء
وقد تقدم. وأَباحَه سرّاً فباح به بَوْحاً: أَبَثَّه إِياه فلم يَكْتُمه؛
وفي الحديث: إِلا أَن يكون معصيةً بَواحاً أَي جِهاراً. يقال: باحَ الشيءَ
وأَباحَه إِذا جهر به.
وبُوحُ: الشمسُ، معرفة مؤنث، سمِّيت بذلك لظهورها، وقيل: يُوحُ، بياء
بنقطتين.
وأَبَحْتُك الشيء: أَحللته لك. وأَباحَ الشيءَ: أَطلقه.
والمُباحُ: خلاف المحظور.
والإِباحةُ: شِبْهُ النُّهْبَى.
وقد استباحه أَي انْتَهَبَه، واسْتَباحوهم أَي استأْصلوهم. وفي الحديث:
حتى يَقْتُلَ مُقاتِلَتَكم ويَسْتبِيحَ ذَرَارِيكم أَي يَسبيهم وبَنِيهم
ويجعلهم له مباحاً أَي لا تَبِعَة عليه فيهم؛ يقال: أَباحَه يُبِيحُه
واسْتباحه يَسْتبيحه؛ قال عنترة:
حتى اسْتَباحُوا آلَ عَوْفٍ عَنْوَةً
بالمَشْرَفِيِّ، وبالوَشِيجِ الذُّبَّلِ
والباحةُ: باحةُ الدار، وهي ساحتها. والباحة: عَرْصة الدار، والجمع
بُوحٌ، وبُحْبُوحة الدار، منها؛ ويقال: نحن في باحَة الدار، وهي أَوسطها،
ولذلك قيل: تَبَحْبَحَ في المَجْدِ أَي أَنه في مجد واسع؛ قال الأَزهري: جعل
الفراء التَّبَحْبُح من الباحة ولم يجعله من المضاعف؛ وفي الحديث: ليس
للنساء من باحة الطريق شيء أَي وسطه. وفي الحديث: نَظِّفُوا أَفْنِيَتكم
ولا تَدَعُوها كباحَة اليهود. والباحة: النخل الكثير، حكاه ابن الأَعرابي
عن أَبي صارم البَهْدَلي من بني بَهْدَلة؛ وأَنشد:
أَعْطى فأَعطاني يَداً، ودارا،
وباحةً خَوَّلها عَقَارا
يداً: يعني جماعة قومه وأَنصاره، ونصب عَقاراً على البدل من باحة،
فتَفَهَّمْ.
والبُوحُ: الفَرْجُ، وفي مثل العرب: ابْنُك ابنُ بُوحِك يَشْرَبُ من
صَبُوحِك؛ قيل: معناه الفَرْج، وقيل: النَّفْس، يقال للوَطْء. وفي التهذيب:
ابنُ بُوحِك أَي ابن نَفْسك لا من يُتَبَنَّى؛ ابن الأَعرابي: البُوحُ
النفس، قال: ومعناه ابنك من ولدته لا مَن تَبَنَّيته، وقال غيره: بُوح في
هذا المثل جمع باحة الدار؛ المعنى: ابنك من ولدته في باحة دارك، لا من ولد
في دار غيرك فتبنيته. ووقع القوم في دُوكَةٍ وبُوحٍ أَي في اختلاط في
أَمرهم. وباحَهم: صَرَعهم. وتركهم بَوْحى أَي صَرْعى؛ عن ابن الأَعرابي.
بيح: بَيَّحَ به: أَشْعَره سِرًّا. والبِياحُ، بكسر الباء مخفف: ضرب من
السمك صغارٌ أَمثالُ شِبْرٍ، وهو أَطيب السمك؛ قال:
يا رُبَّ شَيْخٍ من بني رَباحٍ،
إِذا امْتَلا البَطْنُ من البِياحِ،
صاحَ بليلٍ أَنْكَرَ الصِّياحِ
وربما فتح وشدّد. والبَيَّاحة: شبكة الحوت. وفي الحديث: أَيُّما أَحَبُّ
إِليك كذا أَو كذا أَو بِياحٌ مُرَبَّبٌ؛ هو ضرب من السمك، وقيل: الكلمة
غير عربية. والمُرَبَّبُ: المعمول بالصِّباغِ. وبَيْحانُ: اسم، والله
أَعلم.
قبض: القَبْضُ: خِلافُ البَسْط، قَبَضَه يَقْبِضُه قَبْضاً وقَبّضَه؛
الأَخيرة عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
تَرَكْتُ ابنَ ذي الجَدَّينِ فيه مُرِشَّةٌ،
يُقَبِّضُ أَحْشاءَ الجَبانِ شَهِيقُها
والانْقِباضُ: خِلافُ الانْبِساط، وقد انْقَبَضَ وتَقَبَّضَ. وانْقَبَضَ
الشيءُ: صارَ مَقْبُوضاً. وتَقَبَّضَتِ الجلدة في النار أَي انْزَوَتْ.
وفي أَسماء اللّه تعالى: القابِضُ، هو الذي يُمْسِكُ الرزق وغيره من
الأَشياء عن العِبادِ بلُطْفِه وحِكمته ويَقْبِضُ الأَرْواحَ عند المَمات.
وفي الحديث: يَقْبِضُ اللّه الأَرضَ ويقبض السماء أَي يجمعهما. وقُبِضَ
المريضُ إِذا توُفِّيَ وإِذا أَشرف على الموت. وفي الحديث: فأَرْسَلَتْ
إِليه أَن ابناً لي قُبِضَ؛ أَرادت أَنه في حال القَبْضِ ومُعالجة النَّزْع.
الليث: إِنه ليَقْبِضُني ما قَبَضَك؛ قال الأَزهري: معناه أَنه
يُحْشِمُني ما أَحْشَمَكَ، ونَقِيضُه من الكلام: إِنه لَيَبْسُطُني ما بَسَطَك.
ويقال: الخَيْرُ يَبْسُطُه والشرُّ يَقْبِضُه. وفي الحديث: فاطِمةُ بَضْعةٌ
مني يَقْبِضُني ما قبَضها أَي أَكره ما تكرهه وأَنْجَمِعُ مما تنجمع
منه. والتَّقَبُّضُ: التَّشَنُّجُ. والملَكُ قابِضُ الأَرْواح. والقبض: مصدر
قَبَضْت قَبْضاً، يقال: قبضتُ مالي قبضاً. والقَبْضُ: الانقباض، وأَصله
في جناح الطائر؛ قال اللّه تعالى: ويَقْبِضْنَ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلا
الرحمن. وقبَضَ الطائرُ جناحَه: جَمَعَه. وتَقَبَّضَتِ الجلدةُ في النار أَي
انْزَوَتْ. وقوله تعالى: ويَقْبِضُون أَيديَهم؛ أَي عن النفقة، وقيل: لا
يُؤْتون الزكاة. واللّه يَقْبِضُ ويبسُط أَي يُضَيِّقُ على قوم
ويُوَسِّع على قوم. وقَبَّضَ ما بين عينيه فَتَقَبَّضَ: زَواه. وقَبَّضْتُ الشيءَ
تَقْبِيضاً: جَمَعْتُه وزَوَيْتُه. ويومٌ يُقَبِّضُ ما بين
العَيْنَيْنِ: يكنى بذلك عن شدة خَوْفٍ أَو حَرْب، وكذلك يومٌ يُقَبِّضُ الحشَى.
والقُبْضةُ، بالضم: ما قَبَضْتَ عليه من شيء، يقال: أَعْطاه قُبضة من سَوِيق
أَو تمر أَو كَفّاً
(* قوله «أو كفاً» في شرح القاموس: أَي كفاً.) منه،
وربما جاء بالفتح. الليث: القَبْضُ جَمْعُ الكفّ على الشيء. وقَبَضْتُ
الشيءَ قبْضاً: أَخذته. والقَبْضة: ما أَخذت بِجُمْعِ كفِّك كله، فإِذا كان
بأَصابعك فهي القَبْصةُ، بالصاد. ابن الأَعرابي: القَبْضُ قَبُولُكَ
المَتاعَ وإِن تُحَوِّلْه. والقَبْضُ: تَحْوِيلُكَ المَتاعَ إِلى حَيِّزِكَ.
والقَبْضُ: التناوُلُ للشيءِ بيدك مُلامَسةً. وقبَضَ على الشيء وبه
يَقْبِضُ قَبْضاً: انْحَنَى عليه بجميع كفه. وفي التنزيل: فَقَبَضْتُ قَبْضةً
من أَثَر الرسول؛ قال ابن جني: أَراد من تراب أَثَر حافِر فرَس الرسول،
ومثله مسأَلة لكتاب: أَنْتَ مِنِّي فَرْسخانِ أَي أَنْتَ مني ذُو مَسافةِ
فَرْسَخَيْنِ. وصار الشيءُ في قَبْضِي وقَبْضَتي أَي في مِلْكِي. وهذا
قُبْضةُ كفِّي أَي قدر ما تَقْبِضُ عليه. وقوله عزّ وجلّ: والأَرضُ جميعاً
قَبْضَتُه يوم القيامة؛ قال ثعلب: هذا كما تقول هذه الدارُ في قَبْضَتي
ويدِي أي في مِلْكِي، قال: وليس بقَوِيّ، قال: وأَجازَ بعض النحويين
قَبْضَتَه يومَ القيامة بنصب قبضَتَه، قال: وهذا ليس بجائز عند أَحد من
النحويين البصريين لأَنه مختص، لا يقولون زيدٍ قبضتَك ولا زيد دارَك؛ وفي
التهذيب: المعنى والأَرضُ في حال اجتماعها قَبْضَتُه يوم القيامة. وفي حديث
حنين: فأَخذ قُبْضةً من التراب؛ هو بمعنى المَقْبُوض كالغُرْفةِ بمعنى
المَغْرُوف، وهي بالضم الاسم، وبالفتح المرّة.
ومَقبِضُ السِّكِّينِ والقَوسِ والسيف ومَقْبِضَتُها: ما قَبَضْتَ عليه
منها بجُمْع الكفّ، وكذلك مَقْبِضُ كل شيءٍ. التهذيب: ويقولون مَقْبِضَةُ
السِّكِّينِ ومَقْبِض السيف، كل ذلك حيث يُقْبَضُ عليه بجُمع الكفّ. ابن
شميل: المَقْبِضَةُ موضع اليد من القَناة. وأَقْبَضَ السيفَ والسكين:
جعل لهما مَقْبِضاً.
ورجل قُبَضَةٌ رُفَضةٌ: للذي يَتمَسَّكُ بالشيء ثم لا يَلْبَثُ أَن
يَدَعَه ويَرْفِضَه، وهو من الرِّعاء الذي يَقْبِضُ إِبله فيسُوقُها
ويَطْرُدها حتى يُنْهِيها حيث شاء، وراعٍ قُبضَةٌ إِذا كان مُنْقَبِضاً لا
يتفسَّح في رَعْي غنمه.
وقَبَضَ الشيءَ قَبْضاً: أَخذه. وقَبَّضَه المالَ: أَعْطاهُ إِيّاه.
والقَبَضُ: ما قُبِضَ من الأَمْوال. وتَقْبِيضُ المالِ: إِعطاؤه لمن يأْخذه.
والقَبْضُ: الأَخذ بجميع الكف.
وفي حديث بلال، رضي اللّه عنه، والتمر: فَجَعل يجيءُ به قُبَضاً
قُبَضاً. وفي حديث مجاهد: هي القُبَضُ التي تُعْطى عند الحَصاد، وقد روي بالصاد
المهملة.
ودخلَ مالُ فلان في القَبَض، بالتحريك، يعني ما قُبِضَ من أَموال الناس.
الليث: القَبَضُ ما جُمع من الغنائم فأُلقي في قَبَضِه أَي في
مُجْتَمَعِه. وفي الحديث: أَن سعداً قَتَلَ يوم بدر قَتِيلاً وأَخذ سيفه فقال له:
أَلْقِه في القَبَضِ؛ والقَبَضُ، بالتحريك، بمعنى المقبوض وهو ما جُمِع
من الغنيمة قبل أَن تُقْسَم. ومنه الحديث: كان سلمان على قَبَضٍ من قَبَضِ
المهاجرين. ويقال: صار الشيءُ في قَبْضِكَ وفي قَبْضَتِكَ أَي في
مِلْكِكَ.
والمَقْبَضُ: المكانُ الذي يُقْبَضُ فيه، نادِرٌ.
والقَبْضُ في زِحافِ الشعر: حذف الحرف الخامس الساكن من الجزء نحو النون
من فعولن أَينما تصرفت، ونحو الياء من مفاعيلن؛ وكلُّ ما حُذف خامسه،
فهو مَقْبُوض، وإِنما سمي مَقْبوضاً لِيُفْصَل بين ما حذف أَوله وآخره
ووسطُه. وقُبِضَ الرَّجل: مات، فهو مَقْبُوضٌ. وتَقَبَّضَ على الأَمر:
توَقَّفَ عليه. وتَقَبَّضَ عنه: اشْمَأَزَّ. والانْقِباضُ والقَباضةُ والقَبَضُ
إِذا كان مُنْكَمِشاً سريعاً؛ قال الراجز:
أَتَتْكَ عِيسٌ تَحْمِيلُ المَشِيّا
ماءً، من الطَّثْرَةِ، أَحْوَذِيّا
يُعْجِلُ ذا القَباضةِ الوَحِيّا،
أَن يَرْفَعَ المئْزَرَ عنه شَيّا
والقَبِيضُ من الدواب: السرِيعُ نقلِ القوائِم؛ قال الطِّرمّاح:
سَدَتْ بِقَباضةٍ وثَنَتْ بِلِين
والقابِضُ: السائقُ السرِيعُ السَّوْقِ؛ قال الأَزهري: وإِنما سمي
السَّوْقُ قَبْضاً لأَنَّ السائق للإِبل يَقْبِضُها أَي يَجْمَعُها إِذا أَراد
سوْقَها، فإِذا انتشرت عليه تَعَذَّرَ سوْقُها، قال: وقَبَضَ الإِبلَ
يَقْبِضُها قَبّضاً ساقَها سَوْقاً عَنيفاً. وفرس قَبِيضُ الشدِّ أَي
سَرِيعُ نقلِ القوائم. والقَبْضُ: السوْق السريع؛ يقال: هذا حادٍ قابِضٌ؛ قال
الراجز:
كيْفَ تَراها، والحُداةُ تَقْبِضُ
بالغَمْلِ لَيْلاً، والرِّحالُ تَنْغِضُ
(* قوله «بالغمل» هو اسم موضع كما في الصحاح والمعجم لياقوت.)
تَقْبِضُ أَي تسوق سَوْقاً سريعاً؛ وأَنشد ابن بري لأَبي محمد الفقعسي:
هَلْ لَكِ، والعارِضُ مِنْكِ عائضُ،
في هَجْمةٍ يَغْدِرُ منها القابِضُ؟
ويقال: انْقَبَضَ أَي أَسْرَع في السوْق؛ قال الراجز:
ولو رَأَت بِنْت أَبي الفَضّاضِ،
وسُرْعتي بالقَوْمِ وانْقِباضِي
والعَيْرُ يَقْبِضُ عانَته: يَشُلَّها. وعَير قَبّاضة: شَلاَّل، وكذلك
حادٍ قَبَّاضةٌ وقَبَّاضٌ؛ قال رؤبة:
قَبّاضةٌ بَيْنَ العَنِيفِ واللَّبِقْ
قال ابن سيده: دخلت الهاء في قَبّاضة للمبالغة، وقد انْقَبَضَ بها.
والقَبْضُ: الإِسْراعُ. وانْقَبَضَ القومُ: سارُوا وأَسْرَعُوا؛ قال:
آذَنَ جِيرانك بانْقِباضِ
قال: ومنه قوله تعالى: أَوَلم يَرَوْا إِلى الطير فوقهم صافّاتٍ
ويَقْبِضْنَ.
والقُنْبُضةُ من النساء: القصيرة، والنون زائدة؛ قال الفرزدق:
إِذا القُنْبُضات السودُ طَوَّفْنَ بالضُّحَى،
رَقَدْنَ، عَلَيْهِنَّ الحِجالُ المُسَجَّفُ
والرجل قُنْبُضٌ، والضمير في رَقدن يعود إِلى نسوة وصفهن بالنَّعْمةِ
والتَّرَفِ إِذا كانت القُنْبُضات السود في خِدْمة وتَعَبٍ. قال الأَزهري:
قول الليث القَبِيضةُ من النساء القصيرة تصحيف والصواب القُنْبُضة، بضم
القاف والباء، وجمعها قُنْبُضات، وأَورد ببيت الفرزدق.
والقَبّاضةُ: الحمار السريعُ الذي يَقْبِضُ العانةَ أَي يُعْجِلُها؛
وأَنشد لرؤبة:
أَلَّفَ شَتَّى لَيْسَ بالرّاعِي الحَمِقْ،
قَبّاضةٌ بين العَنِيفِ واللَّبِقْ
الأَصمعي: ما أَدري أَيُّ القَبِيضِ هو كقولك ما أَدري أَيُّ الطَّمْشِ
هو، وربما تكلموا به بغير حرف النفي؛ قال الراعي:
أَمْسَتْ أُمَيّةُ للاسْلامِ حائطةً،
ولِلْقَبِيضِ رُعاةً أَمْرُها الرّشدُ
ويقال للرّاعِي الحسَنِ التدْبير الرَّفِيقِ برَعِيَّتِه: إِنه
لَقُبَضةٌ رُفَضةٌ، ومعناه أَنه يَقْبِضُها فيسُوقُها إِذا أَجْدَب لها
المَرْتَعُ، فإِذا وقَعَت في لُمْعةٍ من الكلإِ رفَضَها حتى تَنْتَشِرَ
فَتَرْتَعَ.والقَبْضُ: ضرب من السَّير. والقِبِضَّى: العَدْو الشديدُ؛ وروى
الأَزهري عن المنذري عن أَبي طالب أَنه أَنشده قولَ الشماخ:
وتَعْدُو والقِبِضَّى قَبْلَ عَيْرٍ وما جَرَى،
ولم تَدْرِ ما بالي ولم أَدْر ما لَها
قال: والقِبِضَّى والقِمِصَّى ضرْب من العَدْو فيه نَزْوٌ. وقال غيره:
يقال قَبَضَ، بالصاد المهملة، يَقْبِضُ إِذا نزا، فهما لغتان؛ قال:
وأَحسَب بيتَ الشمّاخ يُروى: وتعدو القِبِصّى، بالصاد المهملة.
ظهر: الظَّهْر من كل شيء: خِلافُ البَطْن. والظَّهْر من الإِنسان: من
لَدُن مُؤخَّرِ الكاهل إِلى أَدنى العجز عند آخره، مذكر لا غير، صرح بذلك
اللحياني، وهو من الأَسماء التي وُضِعَت مَوْضِعَ الظروف، والجمع أَظْهُرٌ
وظُهور وظُهْرانٌ. أَبو الهيثم: الظَّهْرُ سِتُّ فقارات، والكاهلُ
والكَتَِدُ ستُّ فقارات، وهما بين الكتفين، وفي الرَّقبَة ست فقارات؛ قال أَبو
الهيثم: الظَّهْر الذي هو ست فِقَرٍ يكْتَنِفُها المَتْنانِ، قال
الأَزهري: هذا في البعير؛ وفي حديث الخيل: ولم يَنْسَ حقَّ الله في رِقابِها
ولا ظُهورها؛ قال ابن الأَثير: حَقُّ الظهورِ أَن يَحْمِلَ عليها
مُنْقَطِعاً أَو يُجاهدَ عليها؛ ومنه الحديث الآخر: ومِنْ حَقِّها إِفْقارُ
ظَهْرِها. وقَلَّبَ الأَمرَ ظَهْراً لِبَطْنٍ: أَنْعَمَ تَدْبِيرَه، وكذلك يقول
المُدَبِّرُ للأَمر. وقَلَّبَ فلان أَمْره ظهراً لِبَطْنٍ وظهرَه
لِبَطْنه وظهرَه لِلْبَطْنِ؛ قال الفرزدق:
كيف تراني قالباً مِجَنّي،
أَقْلِبُ أَمْرِي ظَهْرَه لِلْبَطْنِ
وإِنما اختار الفرزدق ههنا لِلْبَطْنِ على قوله لِبَطْنٍ لأَن قوله
ظَهْرَه معرفة، فأَراد أَن يعطف عليه معرفة مثله، وإِن اختلف وجه التعريف؛
قال سيبويه: هذا باب من الفعل يُبْدَل فيه الآخر من الأَول يَجْرِي على
الاسم كما يَجْرِي أَجْمعون على الاسم، ويُنْصَبُ بالفعل لأَنه مفعول،
فالبدل أَن يقول: ضُرب عبدُالله ظَهرهُ وبَطنُه، وضُرِبَ زَيدٌ الظهرُ
والبطنُ، وقُلِبَ عمرو ظَهْرُه وبطنُه، فهذا كله على البدل؛ قال: وإِن شئت كان
على الاسم بمنزلة أَجمعين، يقول: يصير الظهر والبطن توكيداً لعبدالله كما
يصير أَجمعون توكيداً للقوم، كأَنك قلت: ضُرِبَ كُلّه؛ قال: وإِن شئت
نصبت فقلت ضُرِب زيدٌ الظَّهرَ والبطنَ، قال: ولكنهم أَجازوا هذا كما
أَجازوا دخلت البيتَ، وإِنما معناه دخلت في البيت والعامل فيه الفعل، قال: وليس
المنتصبُ ههنا بمنزلة الظروف لأَنك لو قلت: هو ظَهْرَه وبطَنْهَ وأَنت
تعني شيئاً على ظهره لم يجز، ولم يجيزوه في غير الظَّهْر والبَطْن
والسَّهْل والجَبَلِ، كما لم يجز دخلتُ عبدَالله، وكما لم يجز حذف حرف الجر
إِلاَّ في أَماكن مثل دخلت البيتَ، واختص قولهم الظهرَ والبطنَ والسهلَ
والجبلَ بهذا، كما أَن لَدُنْ مع غُدْوَةٍ لها حال ليست في غيرها من الأَسماء.
وقوله، صلى الله عليه وسلم: ما نزول من القرآن آية إِلاَّ لها ظَهْرٌ
بَطْنٌ ولكل حَرْفٍ حَدٌّ ولكل حَدّ مُطَّلَعٌ؛ قال أَبو عبيد: قال بعضهم
الظهر لفظ القرآن والبطن تأْويله، وقيل: الظهر الحديث والخبر، والبطن ما
فيه من الوعظ والتحذير والتنبيه، والمُطَّلَعُ مَأْتى الحد ومَصْعَدُه،
أَي قد عمل بها قوم أَو سيعملون؛ وقيل في تفسير قوله لها ظَهْرٌ وبَطْن
قيل: ظهرها لفظها وبطنها معناها وقيل: أَراد بالظهر ما ظهر تأْويله وعرف
معناه، وبالبطن ما بَطَنَ تفسيره، وقيل: قِصَصُه في الظاهر أَخبار وفي
الباطن عَبْرَةٌ وتنبيه وتحذير، وقيل: أَراد بالظهر التلاوة وبالبطن التفهم
والتعلم. والمُظَهَّرُ، بفتح الهاء مشددة: الرجل الشديد الظهر. وظَهَره
يَطْهَرُه ظَهْراً: ضرب ظَهْره. وظَهِرَ ظَهَراً: اشتكى ظَهْره. ورجل
ظَهِيرٌ: يشتكي ظَهْرَه. والظَّهَرُ: مصدر قولك ظَهِرَ الرجل، بالكسر، إِذا
اشتكى ظَهْره. الأَزهري: الظُّهارُ وجع الظَّهْرِ، ورجل مَظْهُورٌ.
وظَهَرْتُ فلاناً: أَصبت ظَهْره. وبعير ظَهِير: لا يُنْتَفَع بظَهْره من
الدَّبَرِ، وقيل: هو الفاسد الظَّهْر من دَبَرٍ أَو غيره؛ قال ابن سيده: رواه
ثعلب. ورجل ظَهيرٌ ومُظَهَّرٌ: قويُّ الظَّهْرِ ورجل مُصَدَّر: شديد
الصَّدْر، ومَصْدُور: يشتكي صَدْرَه؛ وقيل: هو الصُّلْبُ الشديد من غير أَن
يُعَيَّن منه ظَهْرٌ ولا غيره، وقد ظَهَرَ ظَهَارَةً. ورجل خفيف الظَّهْر:
قليل العيال، وثقيل الظهر كثير العيال، وكلاهما على المَثَل. وأَكَل الرجُل
أَكْلَةً ظَهَرَ منها ظَهْرَةً أَي سَمِنَ منها. قال: وأَكل أَكْلَةً
إِن أَصبح منها لناتياً، ولقد نَتَوْتُ من أَكلة أَكلتها؛ يقول: سَمِنْتُ
منها. وفي الحديث: خَيْرُ الصدقة ما كان عن ظَهْرِ غِنى أَي ما كان
عَفْواً قد فَضَلَ عن غنًى، وقيل: أَراد ما فَضَلَ عن العِيَال؛ والظَّهْرُ قد
يزاد في مثل هذا إِشباعاً للكلام وتمكيناً كأَنَّ صدقته إِلى ظَهْرٍ
قَويٍّ من المال. قال مَعْمَرٌ: قلتُ لأَيُّوبَ ما كان عن ظَهْرِ غِنًى، ما
ظَهْرُ غِنًى؟ قال أَيوب: ما كان عن فَضْلِ عيال. وفي حديث طلحة: ما
رأَيتُ أَحداً أَعطى لجَزِيلٍ عن ظَهْرِ يَدٍ من طَلْحَةَ، قيل: عن ظهر يَدٍ
ابْتدَاءً من غير مكافأَة. وفلانٌ يأْكل عن ظَهْرِ يد فُلانٍ إِذا كان هو
يُنْفِقُ عليه. والفُقَراء يأْكلون عن ظَهْرِ أَيدي الناس.
قال الفراء: العرب تقول: هذا ظَهْرُ السماء وهذا بَطْنُ السَّمَاءِ
لظاهرها الذي تراه. قال الأَزهري: وهذا جاء في الشيء ذي الوجهين الذي ظَهْرُه
كَبَطْنه، كالحائط القائم لما وَلِيَك يقال بطنُه، ولما وَلِيَ غَيْرَك
ظَهْرُه. فأَما ظِهارَة الثوب وبِطانَتُه، فالبطانَةُ ما وَلِيَ منه
الجسدَ وكان داخلاً، والظِّهارَةُ ما علا وظَهَرَ ولم يَل الجسدَ؛ وكذلك
ظِهارَة البِسَاطِ؛ وبطانته مما يلي الأَرضَ. ويقال: ظَهَرْتُ الثوبَ إِذا
جعلتَ له ظِهَارَة وبَطَنْتُه إذا جعلتَ له بِطانَةً، وجمع الظِّهارَة
ظَهَائِر، وجمع البِطَانَةَ بَطَائِنُ والظِّهَارَةُ، بالكسر: نقيض البِطانة.
وَظَهَرْتُ البيت: عَلَوْتُه. وأَظْهَرْتُ بفلان: أَعليت به. وتظاهر
القومُ: تَدابَرُوا كأَنه ولَّى كُلُّ واحد منهم ظَهْرَه إِلى صاحبه.
وأَقْرانُ الظَّهْرِ: الذين يجيئونك من ورائك أَو من وراء ظَهْرِك في الحرب،
مأْخوذ من الظَّهْرِ؛ قال أَبو خِراشٍ:
لكانَ جَمِيلٌ أَسْوَأَ الناسِ تِلَّةً،
ولكنّ أَقْرانَ الظُّهُورِ مَقاتِلُ
الأَصمعي: فلان قِرْنُ الظَّهْر، وهو الذي يأْتيه من ورائه ولا يعلم؛
قال ذلك ابن الأَعرابي، وأَنشد:
فلو كان قِرْني واحداً لكُفِيتُه،
ولكنَّ أَقْرانَ الظُّهُورِ مِقاتِلُ
وروي ثعلب عن ابن الأَعرابي أَنه أَنشده:
فلو أَنَّهُمْ كانوا لقُونا بِمثْلِنَا،
ولَكنَّ أَقْرانَ الظُّهورِ مُغالِبُ
قال: أَقران الظهور أَن يتظاهروا عليه، إِذا جاء اثنان وأَنت واحد
غلباك. وشَدَّه الظُّهاريَّةَ إِذا شَدَّه إِلى خَلْف، وهو من الظَّهْر. ابن
بُزُرج. أَوْثَقَهُ الظُّهارِيَّة أَي كَتَّفَه.
والظَّهْرُ: الرِّكابُ التي تحمل الأَثقال في السفر لحملها إِياها على
ظُهُورها. وبنو فلان مُظْهِرون إِذا كان لهم ظَهْر يَنْقُلُون عليه، كما
يقال مُنْجِبُون إِذا كانوا أَصحاب نَجائِبَ. وفي حديث عَرْفَجَة: فتناول
السيف من الظَّهْر فَحذَفَهُ به؛ الظَّهْر: الإِبل التي يحمل عليها
ويركب. يقال: عند فلان ظَهْر أَي إِبل؛ ومنه الحديث: أَتأْذن لنا في نَحْر
ظَهْرنا؟ أَي إبلنا التي نركبها؛ وتُجْمَعُ على ظُهْران، بالضم؛ ومنه
الحديث: فجعل رجالٌ يستأْذنونه في ظُهْرانهم في عُلْوِ المدينة. وفلانٌ على
ظَهْرٍ أَي مُزْمِعٌ للسفر غير مطمئن كأَنه قد رَكِبَ ظَهْراً لذلك؛ قال يصف
أَمواتاً:
ولو يَسْتَطِيعُون الرَّواحَ، تَرَوَّحُوا
معي، أَو غَدَوْا في المُصْبِحِين على ظَهْرِ
والبعير الظَّهْرِيُّ، بالكسر: هو العُدَّة للحاجة إِن احتيج إِليه، نسب
إِلى الظَّهْر نَسَباً على غير قياس. يقال: اتَّخِذْ معك بعيراً أَو
بعيرين ظِهْرِيَّيْنِ أَي عُدَّةً، والجمع ظَهارِيُّ وظَهَارِيُّ، وفي
الصحاح: ظَهِارِيُّ غير مصروف لأَن ياء النسبة ثابتة في الواحد. وبَعير
ظَهِيرٌ بَيِّنُ الظَّهارَة إِذا كان شديداً قويّاً، وناقة ظهيره. وقال الليث:
الظَّهِيرُ من الإِبل القوي الظَّهْر صحيحه، والفعل ظَهَرَ ظَهارَةً. وفي
الحديث: فَعَمَدَ إِلى بعير ظَهِير فأَمَرَ به فَرُحِلَ، يعني شديد
الظهر قويّاً على الرِّحْلَةِ، وهو منسوب إِلى الظَّهْرِ؛ وقد ظَهَّر به
واسْتَظَهْرَهُ.
وظَهَرَ بحاجةِ وظَهَرَّها وأَظْهَرها: جعلها بظَهْرٍ واستخف بها ولم
يَخِفَّ لها، ومعنى هذا الكلام أَنه جعل حاجته وراء ظَهْرِه تهاوناً بها
كأَنه أَزالها ولم يلتفت إِليها. وجعلها ظِهْرِيَّةً أَي خَلْفَ ظَهْر،
كقوله تعالى: فَنَبذُوه ورَاء ظُهُورِهم، بخلاف قولهم وَاجَهَ إِرادَتَهُ
إِذا أَقْبَلَ عليها بقضائها، وجَعَلَ حاجَتَه بظَهْرٍ كذلك؛ قال
الفرزدق:تَمِيمُ بنَ قَيْسٍ لا تَمُونَنَّ حاجَتِي
بظَهْرٍ، فلا يَعْيا عَليَّ جَوابُها
والظِّهْرِيُّ: الذي تَجْعَلُه بظَهْر أَي تنساه.
والظِّهْرِيُّ: الذي تَنْساه وتَغْفُلُ عنه؛ ومنه قوله: واتَّخَذْتَمُوه
وراءكم ظِهْرِيّاً؛ أَي لم تَلْتَفِتوا إِليه. ابن سيده: واتخذ حاجته
ظِهْرِيّاً اسْتَهان بها كأَنه نَسَبها إِلى الظَّهْر، على غير قياس، كما
قالوا في النسب إِلى البَصْرَة بِصْريُّ. وفي حديث علي، عليه السلام:
اتَّخَذْتُموه وَرَاءَكم ظِهْرِيّاً حت شُنَّتْ عليكم الغاراتُ أَي جعلتموه
وراء ظهوركم، قال: وكسر الظاء من تغييرات النَّسَب؛ وقال ثعلب في قوله
تعالى: واتخذتموه وراءكم ظِهْرِيّاً: نَبَذْتُمْ ذكر الله وراء ظهوركم؛ وقال
الفراء: يقول تركتم أَمر الله وراء ظهوركم، يقول شعيب، عليه السلام:
عَظَّمْتُمْ أَمْرَ رَهْطي وتركتم تعظيم الله وخوفه. وقال في أَثناء
الترجمة: أَي واتخذتم الرهط وراءكم ظِهْرِيّاً تَسْتَظْهِرُون بع عليَّ، وذلك لا
ينجيكم من الله تعالى. يقال: اتخذ بعيراً ظِهْرِيّاً أَي عُدَّةً. ويقال
للشيء الذي لا يُعْنَى به: قد جعلت هذا الأَمر بظَهْرٍ ورَميته بظَهْرٍ.
وقولهم. ولا تجعل حاجتي بظَهْر أَي لا تَنْسَها. وحاجتُه عندك ظاهرةٌ
أَي مُطَّرَحَة وراء الظَّهْرِ. وأَظْهَرَ بحاجته واظَّهَرَ: جعلها وراء
ظَهْرِه، أَصله اظْتَهر. أَبو عبيدة: جعلت حاجته بظَهْرٍ أَي يظَهْرِي
خَلْفِي؛ ومنه قوله: واتخذتموه وراءكم ظِهْرِيّاً، وهو استهانتك بحاجة الرجل.
وجعلني بظَهْرٍ أَي طرحني. وظَهَرَ به وعليه يَظْهَرُ: قَوِيَ. وفي
التنزيل العزيز: أَو الطِّفْل الذين لم يَظْهَروا على عَوْراتِ النساء؛ أَي
لم يبلغوا أَن يطيقوا إِتيانَ النساء؛ وقوله:
خَلَّفْتَنا بين قَوْمَ يَظْهَرُون بنا،
أَموالُهُمْ عازِبٌ عنا ومَشْغُولُ
هو من ذلك؛ قال ابن سيده: وقد يكون من قولك ظَهَرَ به إِذا جعله وراءه،
قال: وليس بقوي، وأَراد منها عازب ومنها مشغول، وكل ذلك راجع إِلى معنى
الظَّهْر. وأَما قوله عز وجل: ولا يُبْدِينَ زِينتهنَّ إِلاَّ ما ظهر
منها؛ روي الأَزهري عن ابن عباس قال: الكَفُّ والخاتَمُ والوَجْهُ، وقالت
عائشة: الزينة الظاهرة القُلْبُ والفَتَخة، وقال ابن مسعود: الزينة الظاهرة
الثياب. والظَّهْرُ: طريق البَرِّ. ابن سيده: وطريق الظَّهْره طريق
البَرِّ، وذلك حين يكون فيه مَسْلَك في البر ومسلك في البحر. والظَّهْرُ من
الأَرض: ما غلظ وارتفع، والبطن ما لانَ منها وسَهُلَ ورَقَّ واطْمأَنَّ.
وسال الوادي ظَهْراً إذا سال بمَطَرِ نفسه، فإن سال بمطر غيره قيل: سال
دُرْأً؛ وقال مرة: سال الوادي ظُهْراً كقولك ظَهْراً؛ قال الأَزهري:
وأَحْسِبُ الظُّهْر، بالضم، أَجْودَ لأَنه أَنشد:
ولو دَرَى أَنَّ ما جاهَرتَني ظُهُراً،
ما عُدْتُ ما لأْلأَتْ أَذنابَها الفُؤَرُ
وظَهَرت الطيرُ من بلد كذا إِلى بلد كذا: انحدرت منه إِليه، وخص أَبو
حنيفة به النَّسْرَ فقال يَذْكُر النُّسُورَ: إِذا كان آخر الشتاء ظَهَرَتْ
إِلى نَجْدٍ تَتَحيَّنُ نِتاجَ الغنم فتأْكل أَشْلاءَها. وفي كتاب عمر،
رضي الله عنه، إِلى أَبي عُبيدة: فاظْهَرْ بمن معك من المسلمين إِليها
يعني إِلى أَرض ذكرها، أَي أَخْرُجُ بهم إِلى ظاهرها وأَبْرِزْهم. وفي حديث
عائشة: كان يصلي العَصْر في حُجْرتي قبل أَن تظهر، تعني الشمس، أَي تعلو
السَّطْحَ، وفي رواية: ولم تَظْهَر الشمسُ بَعْدُ من حُجْرتها أَي لم
ترتفع ولم تخرج إِلى ظَهْرها؛ ومنه قوله:
وإِنا لَنَرْجُو فَوْقَ ذلك مَظْهَرا
يعني مَصْعَداً.
والظاهِرُ: خلاف الباطن؛ ظَهَرَ يَظْهَرُ ظُهُوراً، فهو ظاهر وظهِير؛
قال أَبو ذؤيب:
فإِنَّ بَنِي لِحْيَانَ، إِمَّا ذَكَرْتُهُم،
ثَناهُمْ، إِذا أَخْنَى اللِّئامُ، ظَهِيرُ
ويروى طهير، بالطاء المهملة. وقوله تعالى: وذَروا ظاهِرَ الإِثم
وباطِنَه؛ قيل: ظاهره المُخالَّةُ على جهة الرِّيبَةِ، وباطنه الزنا؛ قال
الزجاج: والذي يدل عليه الكلام، والله أَعلم، أَن المعنى اتركوا الإِثم ظَهْراً
وبَطْناً أَي لا تَقْرَبُوا ما حرم الله جَهْراً ولا سرّاً. والظاهرُ:
من أَسماء الله عز وجل؛ وفي التنزيل العزيز: هو الأَوّل والآخر والظاهر
والباطن؛ قال ابن الأَثير: هو الذي ظهر فوق كل شيء وعلا عليه؛ وقيل: عُرِفَ
بطريق الاستدلال العقلي بما ظهر لهم من آثار أَفعاله وأَوصافه.
وهو نازل بين ظَهْرٍيْهم وظَهْرانَيْهِم، بفتح النون ولا يكسر: بين
أَظْهُرِهم. وفي الحديث: فأَقاموا بين ظَهْرانيهم وبين أَظْهرهم؛ قال ابن
الأَثير: تكررت هذه اللفظة في الحديث والمراد بها أَنهم أَقاموا بينهم على
سبيل الاستظهار والاستناد لهم، وزيدت فيه أَلف ونون مفتوحة تأْكيداً،
ومعناه أَن ظَهْراً منهم قدامه وظهراً وراءه فهو مَكْنُوف من جانبيه، ومن
جوانبه إِذا قيل بين أَظْهُرِهم، ثم كثر حتى استعمل في الإِقامة بين القوم
مطلقاً.
ولقيته بين الظَّهْرَيْنِ والظَّهْرانَيْنِ أَي في اليومين أَو الثلاثة
أَو في الأَيام، وهو من ذلك. وكل ما كان في وسط شيء ومُعْظَمِه، فهو بين
ظَهْرَيْه وظَهْرانَيْه. وهو على ظَهْرِ الإِناء أَي ممكن لك لا يحال
بينكما؛ عن ابن الأَعرابي. الأَزهري عن الفراء: فلانٌ بين ظَهْرَيْنا
وظَهْرانَيْنا وأَظهُرِنا بنعنى واحد، قال: ولا يجوز بين ظَهْرانِينا، بكسر
النون. ويقال: رأَيته بين ظَهْرانَي الليل أَي بين العشاء إِلى الفجر. قال
الفراء: أَتيته مرة بين الظَّهْرَيْنِ يوماً في الأَيام. قال: وقال أَبو
فَقْعَسٍ إِنما هو يوم بين عامين. ويقال للشيء إِذا كان في وسط شيء: هو
بين ظَهْرَيْه وظَهْرانَيْه؛ وأَنشد:
أَلَيْسَ دِعْصاً بَيْنَ ظَهْرَيْ أَوْعَسا
والظَّواهِرُ: أَشراف الأَرض. الأَصمعي: يقال هاجَتْ ظُهُورُ الأَرض
وذلك ما ارتفع منها، ومعنى هاجَتْ يَبِسَ بَقْلُها. ويقال: هاجَتْ ظَواهِرُ
الأَرض. ابن شميل: ظاهر الجبل أَعلاه، وظاهِرَةُ كل شيء أَعلاه، استوى
أَو لم يستو ظاهره، وإِذا علوت ظَهْره فأَنت فَوْقَ ظاهِرَته؛ قال
مُهَلْهِلٌ:
وخَيْل تَكَدَّسُ بالدَّارِعِين،
كَمْشيِ الوُعُولِ على الظَّاهِره
وقال الكميت:
فَحَلَلْتَ مُعْتَلِجَ البِطا
حِ، وحَلَّ غَيْرُك بالظَّوَاهِرْ
قال خالد بن كُلْثُوم: مُعْتَلِجُ البطاح بَطْنُ مكة والبطحاء الرمل،
وذلك أَن بني هاشم وبني أُمية وسادة قريش نُزول ببطن مكة ومن كان دونهم فهم
نزول بظواهر جبالها؛ ويقال: أَراد بالظواهر أَعلى مكة. وفي الحديث ذِكر
قريشِ الظَّواهِرِ، وقال ابن الأَعرابي: قُرَيْشُ الظواهرِ الذين نزلوا
بظُهور جبال مكة، قال: وقُرَيْشُ البِطاحِ أَكرمُ وأَشرف من قريش الظواهر،
وقريش البطاح هم الذين نزلوا بطاح مكة.
والظُّهارُ: الرّيشُ. قال ابن سيده: الظُّهْرانُ الريش الذي يلي الشمس
والمَطَرَ من الجَناح، وقيل: الظُّهار، بالضم، والظُّهْران من ريش السهم
ما جعل من ظَهْر عَسِيبِ الريشة، هو الشَّقُّ الأَقْصَرُ، وهو أَجود
الريش، الواحد ظَهْرٌ، فأَما ظُهْرانٌ فعلى القياس، وأَما ظُهار فنادر؛ قال:
ونظيره عَرْقٌ وعُراقٌ ويوصف به فيقال رِيشٌ ظُهارٌ وظُهْرانٌ،
والبُطْنانُ ما كان من تحت العَسِيب، واللُّؤَامُ أَن يلتقي بَطْنُ قُذَّةٍ وظَهرُ
أُخْرَى، وهو أَجود ما يكون، فإِذا التقى بَطْنانِ أَو ظَهْرانِ، فهو
لُغابٌ ولَغْبٌ. وقال الليث: الظُّهارُ من الريش هو الذي يظهر من ريش الطائر
وهو في الجناح، قال: ويقال: الظُّهارُ جماعة واحدها ظَهْرٌ، ويجمع على
الظُّهْرانِ، وهو أَفضل ما يُراشُ به السهم فإِذا ريشَ بالبُطْنانِ فهو
عَيْبٌ، والظَّهْرُ الجانب القصير من الريش، والجمع الظُّهْرانُ،
والبُطْنان الجانب الطويل، الواحد بَطْنٌ؛ يقال: رِشْ سَهْمَك بظُهْرانٍ ولا
تَرِشْهُ ببُطْنانٍ، واحدهما ظَهْر وبَطْنٌ، مثل عَبْد وعُبْدانٍ؛ وقد ظَهَّرت
الريش السهمَ. والظَّهْرانِ: جناحا الجرادة الأَعْلَيانِ الغليظان؛ عن
أَبي حنيفة. وقال أَبو حنيفة: قال أَبو زياد: للقَوْسِ ظَهْرٌ وبَطْنٌ،
فالبطن ما يلي منها الوَتَر، وظَهْرُها الآخرُ الذي ليس فيه وتَرٌ.
وظاهَرَ بين نَعْلين وثوبين: لبس أَحدهما على الآخر وذلك إِذا طارق
بينهما وطابقَ، وكذلك ظاهَرَ بينَ دِرْعَيْن، وقيل: ظاهَرَ الدرعَ لأَمَ
بعضها على بعض.
وفي الحديث: أَنه ظاهرَ بين دِرْعَيْن يوم أُحُد أَي جمع ولبس إِحداهما
فوق الأُخرى، وكأَنه من التظاهر لتعاون والتساعد؛ وقول وَرْقاء بن
زُهَير:رَأَيَتُ زُهَيْراً تحت كَلْكَلِ خالِدٍ،
فَجِئْتُ إِليه كالعَجُولِ أُبادِرُ
فَشُلَّتْ يميني يَوْمَ أَضْرِبُ خالداً،
ويَمْنَعهُ مِنَّي الحديدُ المُظاهرُ
إِنما عنى بالحديد هنا الدرع، فسمى النوع الذي هو الدرع باسم الجنس الذي
هو الحديد؛ وقال أَبو النجم:
سُبِّي الحَماةَ وادْرَهِي عليها،
ثم اقْرَعِي بالوَدّ مَنْكِبَيْها،
وظاهِري بِجَلِفٍ عليها
قال ابن سيده: هو من هذا، وقد قيل: معناه اسْتَظْهِري، قال: وليس بقوي.
واسْتَظَهْرَ به أَي استعان. وظَهَرْتُ عليه: أَعنته. وظَهَرَ عَليَّ:
أَعانني؛ كلاهما عن ثعلب. وتَظاهرُوا عليه: تعاونوا، وأَظهره الله على
عَدُوِّه. وفي التنزيل العزيز: وإن تَظَاهَرَا عليه. وظاهَرَ بعضهم بعضاً:
أَعانه، والتَّظاهُرُ: التعاوُن. وظاهَرَ فلان فلاناً: عاونه.
والمُظاهَرَة: المعاونة، وفي حديث علي، عليه السلام: أَنه بارَزَ يَوْمَ بَدْرٍ
وظاهَرَ أَي نَصَر وأَعان. والظَّهِيرُ: العَوْنُ، الواحد والجمع في ذلك
سواء، وإِنما لم يجمع ظَهِير لأَن فَعيلاً وفَعُولاً قد يستوي فيهما المذكر
والمؤُنث والجمغ، كما قال الله عز وجل: إِنَّا رسولُ رب العالمين. وفي
التنزيل العزيز: وكان الكافرُ على ربه ظَهيراً؛ يعني بالكافر الجِنْسَ،
ولذلك أَفرد؛ وفيه أَيضاً: والملائكة بعد ذلك ظهير؛ قال ابن سيده: وهذا كما
حكاه سيبويه من قولهم للجماعة: هم صَدِيقٌ وهم فَرِيقٌ؛ والظَّهِيرُ:
المُعِين. وقال الفراء في قوله عز وجل: والملائكة بعد ذلك ظهير، قال: يريد
أَعواناً فقال ظَهِير ولم يقل ظُهَراء. قال ابن سيده: ولو قال قائل إِن
الظَّهير لجبريل وصالح المؤمنين والملائكة كان صواباً، ولكن حَسُنَ أَن
يُجعَلَ الظهير للملائكة خاصة لقوله: والملائكة بعد ذلك، أَي مع نصرة هؤلاء،
ظَهيرٌ. وقال الزجاج: والملائكة بعد ذلك ظهير، في معنى ظُهَراء، أَراد:
والملائكة أَيضاً نُصَّارٌ للنبي، صلى الله عليه وسلم، أَي أَعوان النبي،
صلى الله عليه وسلم، كما قال: وحَسُنَ أُولئك رفيقاً؛ أَي رُفَقاء، فهو
مثل ظَهِير في معنى ظُهَراء، أَفرد في موضع الجمع كما أَفرده الشاعر في
قوله:
يا عاذِلاتي لا تَزِدْنَ مَلامَتِي،
إِن العَواذِلَ لَسْنَ لي بأَمِيرِ
يعني لَسْنَ لي بأُمَراء. وأَما قوله عز وجل: وكان الكافر على ربه
ظَهيراً؛ قال ابن عَرفة: أَي مُظاهِراً لأَعداء الله تعالى. وقوله عز وجل:
وظاهَرُوا على إِخراجكم؛ أَي عاوَنُوا. وقوله: تَظَاهَرُونَ عليهم؛ أَي
تَتَعاونُونَ. والظِّهْرَةُ: الأَعْوانُ؛ قال تميم:
أَلَهْفِي على عِزٍّ عَزِيزٍ وظِهْرَةٍ،
وظِلِّ شَبابٍ كنتُ فيه فأَدْبرا
والظُّهْرَةُ والظِّهْرَةُ: الكسر عن كراع: كالظَّهْرِ. وهم ظِهْرَةٌ
واحدة أَي يَتَظَاهرون على الأَعداء وجاءنا في ظُهْرَته وظَهَرَتِه
وظاهِرَتِهِ أَي في عشيرته وقومه وناهِضَتَهِ لذين يعينونه. وظَاهرَ عليه:
أَعان. واسْتَظَهَره عليه: استعانه. واسْتَظَهْرَ عليه بالأَمر: استعان. وفي
حديث علي، كرّم الله وجهه: يُسْتَظْهَرُ بحُجَج الله وبنعمته على كتابه.
وفلان ظِهْرَتي على فلان وأَنا ظِهْرَتُكَ على هذا أَي عَوْنُكَ الأَصمعي:
هو ابن عمه دِنْياً فإِذا تباعد فهو ابن عمه ظَهْراً، بجزم الهاء، وأَما
الظِّهْرَةُ فهم ظَهْرُ الرجل وأَنْصاره، بكسر الظاء. الليث: رجل
ظِهْرِيٌّ من أَهل الظَّهْرِ، ولو نسبت رجلاً إِلى ظَهْرِ الكوفة لقلت
ظِهْريٌّ، وكذلك لو نسبت جِلْداً إِلى الظَّهْر لقالت جِلْدٌ ظِهْرِيٌّ.
والظُّهُور: الظَّفَرُ بالسّيء والإِطلاع عليه. ابن سيده: الظُّهور
الظفر؛ ظَهَر عليه يَظْهَر ظُهُوراً وأَظْهَره الله عليه. وله ظَهْرٌ أَي مال
من إِبل وغنم. وظَهَر بالشيء ظَهْراً: فَخَرَ؛ وقوله:
واظْهَرْ بِبِزَّتِه وعَقْدِ لوائِهِ
أَي افْخَرْ به على غيره. وظَهَرْتُ به: افتخرت به وظَهَرْتُ عليه:
يقال: ظَهَر فلانٌ على فلان أَي قَوِيَ عليه. وفلان ظاهِرٌ على فلان أَي غالب
عليه. وظَهَرْتُ على الرجل: غلبته. وفي الحديث: فظَهَر الذين كان بينهم
وبين رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، عَهْدٌ فَقَنَتَ شهراً بعد الركوع
يدعو عليهم؛ أَي غَلَبُوهم؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاء في رواية، قالوا:
والأَشبه أَن يكون مُغَيَّراً كما جاء في الرواية الأُخرى: فَغَدَرُوا
بهم. وفلان من وَلَدِ الظَّهْر أَي ليس منا، وقيل: معناه أَنه لا يلتفت
إِليهم؛ قال أَرْطاةُ بنُ سُهَيَّة:
فَمَنْ مُبْلِغٌ أَبْناءَ مُرَّةَ أَنَّنا
وَجْدْنَا بَني البَرْصاءِ من وَلَدِ الظَّهْرِ؟
أَي من الذين يَظْهَرُون بهم ولا يلتفتون إِلى أَرحامهم. وفلان لا
يَظْهَرُ عليه أَحد أَي لا يُسَلِّم.
والظَّهَرَةُ، بالتحريك: ما في البيت من المتاع والثياب. وقال ثعلب: بيت
حَسَنُ الظَّهَرَةِ والأَهَرَة، فالظَّهَرَةُ ما ظَهَر منه، والأَهَرَةُ
ما بَطَنَ منه. ابن الأَعرابي: بيت حَسَنُ الأَهَرة والظَّهَرَةِ
والعَقارِ بمعنى واحد. وظَهَرَةُ المال: كَثْرَتُه. وأَظْهَرَنَا الله على
الأَمر: أَطْلَعَ. وقوله في التنزيل العزيز: فما استطاعُوا أَن يَظْهَرُوه؛
أَي ما قَدَرُوا أَن يَعْلُوا عليه لارتفاعه. يقال: ظَهَرَ على الحائط
وعلى السَّطْح صار فوقه. وظَهَرَ على الشيء إِذا غلبه وعلاه. ويقال: ظَهَرَ
فلانٌ الجَبَلَ إِذا علاه. وظَهَر السَّطْحَ ظُهُوراً: علاه. وقوله
تعالى: ومَعَارِجَ عليها يَظْهَرُونَ أَي يَعْلُون، والمعارج الدَّرَجُ. وقوله
عز وجل: فأَصْبَحُوا ظاهِرين؛ أَي غالبين عالين، من قولك: ظَهَرْتُ على
فلان أَي عَلَوْتُه وغلبته. يقال: أَظْهَر الله المسلمين على الكافرين
أَي أَعلاهم عليهم.
والظَّهْرُ: ما غاب عنك. يقال: تكلمت بذلك عن ظَهْرِ غَيْبِ، والظَّهْر
فيما غاب عنك؛ وقال لبيد:
عن ظَهْرِ غَيْبٍ والأَنِيسُ سَقَامُها
ويقال: حَمَلَ فلانٌ القرآنَ على ظَهْرِ لسانه، كما يقال: حَفِظَه عن
ظَهْر قلبه. وفي الحديث: من قرأَ القرآن فاسْتَظْهره؛ أَي حفظه؛ تقول:
قرأْت القرآن عن ظَهْرِ قلبي أَي قرأْته من حفظي. وظَهْرُ القَلْب: حِفْظُه
عن غير كتاب. وقد قرأَه ظاهِراً واسْتَظْهره أَي حفظه وقرأَه ظاهِراً.
والظاهرةُ: العَين الجاحِظَةُ. النضر: لعين الظَّاهرَةُ التي ملأَت
نُقْرَة العَيْن، وهي خلاف الغائرة؛ وقال غيره: العين الظاهرة هي الجاحظة
الوَحْشَةُ. وقِدْرٌ ظَهْرٌ: قديمة كأَنها تُلقى وراءَ الظَّهْرِ
لِقِدَمِها؛ قال حُمَيْدُ بن ثور:
فَتَغَيَّرَتْ إِلاَّ دَعائِمَها،
ومُعَرَّساً من جَوفه ظَهْرُ
وتَظَاهر القومُ؛ تَدابَرُوا، وقد تقدم أَنه التعاوُنُ، فهو ضدّ. وقتله
ظَهْراً أَي غِيْلَةً؛ عن ابن الأَعرابي. وظَهَر الشيءُ بالفتح،
ظُهُوراً: تَبَيَّن. وأَظْهَرْتُ الشيء: بَيَّنْته. والظُّهور: بُدُوّ الشيء
الخفيّ. يقال: أَظْهَرني الله على ما سُرِقَ مني أَي أَطلعني عليه. ويقال:
فلان لا يَظْهَرُ عليه أَحد أَي لا يُسَلِّمُ عليه أَحد. وقوله: إِن
يَظْهَرُوا عليكم؛ أَي يَطَّلِعوا ويَعْثروُا. يقال: ظَهَرْت على الأَمر. وقوله
تعالى: يَعْلَمون ظاهِراً من الحياة الدنيا؛ أَي ما يتصرفون من معاشهم.
الأَزهري: والظَّهَارُ ظاهرُ الحَرَّة. ابن شميل: الظُّهَارِيَّة أَن
يَعْتَقِلَه الشَّغْزَبِيَّةَ فَيَصْرَعَه. يقال: أَخذه الظُّهارِيَّةَ
والشَّغْزَبِيَّةَ بمعنًى.
والظُّهْرُ: ساعة الزوال، ولذلك قيل: صلاة الظهر، وقد يحذفون على
السَّعَة فيقولون: هذه الظُّهْر، يريدون صلاة الظهر. الجوهري: الظهر، بالضم،
بعد الزوال، ومنه صلاة الظهر.
والظَّهِيرةُ: الهاجرة. يقال: أَتيته حَدَّ الظَّهِيرة وحين قامَ قائم
الظَّهِيرة. وفي الحديث ذكر صلاة الظُّهْر؛ قال ابن الأَثير: هو اسم لنصف
النهار، سمي به من ظَهِيرة الشمس، وهو شدّة حرها، وقيل: أُضيفت إِليه
لأَنه أَظْهَرُ أَوقات الصلوات للأَبْصارِ، وقيل: أَظْهَرُها حَرّاً، وقيل:
لأَنها أَوَّل صلاة أُظهرت وصليت. وقد تكرر ذكر الظَّهِيرة في الحديث،
وهو شدّة الحرّ نصف النهار، قال: ولا يقال في الشتاء ظهيرة. ابن سيده:
الظهيرة حدّ انتصاف النهار، وقال الأَزهري: هما واحد، وقيل: إِنما ذلك في
القَيْظِ مشتق. وأَتاني مُظَهِّراً ومُظْهِراً أَي في الظهيرة، قال:
ومُظْهِراً، بالتخفيف، هو الوجه، وبه سمي الرجل مُظْهِراً. قال الأَصمعي: يقال
أَتانا بالظَّهِيرة وأَتانا ظُهْراً بمعنى. ويقال: أَظْهَرْتَ يا رَجُلُ
إِذا دخلت في حدّ الظُّهْر. وأَظْهَرْنا أَي سِرْنا في وقت الظُّهْر.
وأَظْهر القومُ: دخلوا في الظَّهِيرة. وأَظْهَرْنا. دخلنا في وقت الظُّهْر
كأَصْبَحْنا وأَمْسَيْنا في الصَّباح والمَساء، ونجمع الظَّهيرة على
ظَهائِرَ. وفي حديث عمر: أَتاه رجل يَشْكُو النِّقْرِسَ فقال: كَذَبَتْكَ
الظَّهائِرُ أَي عليك بالمشي في الظَّهائِر في حَرِّ الهواجر. وفي التنزيل
العزيز: وحين تُظْهِرونَ؛ قال ابن مقبل:
وأَظْهَرَ في عِلانِ رَقْدٍ، وسَيْلُه
عَلاجِيمُ، لا ضَحْلٌ ولا مُتَضَحْضِحُ
يعني أَن السحاب أَتى هذا الموضع ظُهْراً؛ أَلا ترى أَن قبل هذا:
فأَضْحَى له جِلْبٌ، بأَكنافِ شُرْمَةٍ،
أَجَشُّ سِمَاكِيٌّ من الوَبْلِ أَفْصَحُ
ويقال: هذا أَمرٌ ظاهرٌ عنك عارُه أَي زائل، وقيل: ظاهرٌ عنك أَي ليس
بلازم لك عَيْبُه؛ قال أَبو ذؤيب:
أَبى القَلْبُ إِلا أُمَّ عَمْرٍو، فأَصْبَحتْ
تحرَّقُ نارِي بالشَّكاةِ ونارُها
وعَيَّرَها الواشُونَ أَنِّي أُحِبُّها،
وتلكَ شَكاةٌ ظاهرٌ عنكَ عارُها
ومعنى تحرَّق ناري بالشكاة أَي قد شاعَ خبرِي وخبرُها وانتشر بالشَّكاة
والذكرِ القبيح. ويقال: ظهرَ عني هذا العيبُ إِذا لم يَعْلَق بي ونبا
عَنِّي، وفي النهاية: إِذا ارتفع عنك ولم يَنَلْك منه شيء؛ وقيل لابن
الزبير: يا ابنَ ذاتِ النِّطاقَين تَعْييراً له بها؛ فقال متمثلاً:
وتلك شَكاة ظاهرٌ عنك عارُها
أَراد أَن نِطاقَها لا يَغُصُّ منها ولا منه فيُعَيَّرا به ولكنه يرفعه
فيَزيدُه نُبْلاً. وهذا أَمْرء أَنت به ظاهِرٌ أَي أَنت قويٌّ عليه. وهذا
أَمر ظاهرٌ بك أَي غالب عليك.
والظِّهارُ من النساء، وظاهَرَ الرجلُ امرأَته، ومنها، مُظاهَرَةً
وظِهاراً إِذا قال: هي عليّ كظَهْرِ ذاتِ رَحِمٍ، وقد تَظَهَّر منها وتَظاهَر،
وظَهَّرَ من امرأَته تَظْهِيراً كله بمعنى. وقوله عز وجل: والذين
يَظَّهَّرُون من نِسائهم؛ قُرئ: يظاهِرُون، وقرئ: يَظَّهَّرُون، والأَصل
يَتَظَهَّرُون، والمعنى واحد، وهو أَن يقول الرجل لامرأَته: أَنتِ عليّ
كظَهْر أُمِّي. وكانت العرب تُطلِّق نسارها في الجاهلية بهذه الكلمة، وكان
الظِّهارُ في الجاهلية طلاقاً فلما جاء الإِسلام نُهوا عنه وأُوجبَت
الكفَّارةُ على من ظاهَرَ من امرأَته، وهو الظِّهارُ، وأَصله مأْخوذ من
الظَّهْر، وإِنما خَصُّوا الظَّهْرَ دون البطن والفَخذِ والفرج، وهذه أَولى
بالتحريم، لأَن الظَّهْرَ موضعُ الركوب، والمرأَةُ مركوبةٌ إِذا غُشُيَت،
فكأَنه إِذا قال: أَنت عليّ كظَهْر أُمِّي، أَراد: رُكوبُكِ للنكاح عليّ حرام
كركُوب أُمي للنكاح، فأَقام الظهر مُقامَ الركوب لأَنه مركوب، وأَقام
الركوبَ مُقام النكاح لأَن الناكح راكب، وهذا من لَطِيف الاستعارات
للكناية؛ قال ابن الأَثير: قيل أَرادوا أَنتِ عليّ كبطن أُمي أَي كجماعها،
فكَنَوْا بالظهر عن البطن للمُجاورة، قال: وقيل إِن إِتْيانَ المرأَة وظهرُها
إِلى السماء كان حراماً عندهم، وكان أَهلُ المدينة يقولون: إِذا أُتِيت
المرأَةُ ووجهُها إِلى الأَرض جاء الولدُ أَحْولَ، فلِقَصْدِ الرجل
المُطَلِّق منهم إِلى التغليظ في تحريم امرأَته عليه شبَّهها بالظهر، ثم لم
يَقْنَعْ بذلك حتى جعلها كظَهْر أُمه؛ قال: وإِنما عُدِّي الظهارُ بمن
لأَنهم كانوا إِذا ظاهروا المرأَةَ تجَنّبُوها كما يتجنّبُونَ المُطَلَّقةَ
ويحترزون منها، فكان قوله ظاهَرَ من امرأَته أَي بعُد واحترز منها، كما
قيل: آلى من امرأَته، لمَّا ضُمِّنَ معنى التباعد عدي بمن.
وفي كلام بعض فقهاء أَهل المدينة: إِذا استُحيضت المرأَةُ واستمرّ بها
الدم فإِنها تقعد أَيامها للحيض، فإِذا انقضت أَيَّامُها اسْتَظْهَرت
بثلاثة أَيام تقعد فيها للحيض ولا تُصلي ثم تغتسل وتصلي؛ قال الأَزهري: ومعنى
الاستظهار في قولهم هذا الاحتياطُ والاستيثاق، وهو مأْخوذ من
الظِّهْرِيّ، وهو ما جَعَلْتَه عُدَّةً لحاجتك، قال الأَزهري: واتخاذُ الظِّهْرِيّ
من الدواب عُدَّةً للحاجة إِليه احتياطٌ لأَنه زيادة على قدر حاجة صاحبِه
إِليه، وإِنما الظِّهْرِيّ الرجلُ يكون معه حاجتُه من الرِّكاب لحمولته،
فيَحْتاطُ لسفره ويُعِدُّ بَعيراً أَو بعيرين أَو أَكثر فُرَّغاً تكون
مُعدَّةً لاحتمال ما انقَطَع من ركابه أَو ظَلَع أَو أَصابته آفة، ثم
يقال: استَظْهَر ببعيرين ظِهْرِيّيْنِ محتاطاً بهما ثم أُقيم الاستظهارُ
مُقامَ الاحتياط في كل شيء، وقيل: سمي ذلك البعيرُ ظِهْرِيّاً لأَن صاحبَه
جعلَه وراء ظَهْرِه فلم يركبه ولم يحمل عليه وتركه عُدّةً لحاجته إِن
مَسَّت إِليه؛ ومنه قوله عز وجل حكاية عن شعيب: واتَّخَذْتُمُوه وراءَكم
ظِهْرِيّاً. وفي الحديث: أَنه أَمَرَ خُرّاصَ النخل أَن يَسْتَظْهِرُوا؛ أَي
يحتاطوا لأَرْبابها ويدَعُوا لهم قدرَ ما ينُوبُهم ويَنْزِل بهم من
الأَضْياف وأَبناءِ السبيل.
والظاهِرةُ من الوِرْدِ: أَن تَرِدَ الإِبلُ كلّ يوم نِصف النهار.
ويقال: إِبِلُ فلان تَرِدُ الظاهرةَ إِذا ورَدَت كلَّ يوم نصف النهار. وقال
شمر: الظاهرة التي تَرِدُ كلَّ يوم نصف النهار وتَصْدُرُ عند العصر؛ يقال:
شاؤُهم ظَواهِرُ، والظاهرةُ: أَن تَردَ كل يوم ظُهْراً. وظاهرةُ الغِبِّ:
هي للغنم لا تكاد تكون للإِبل، وظاهرة الغِبِّ أَقْصَرُ من الغِبِّ
قليلاً.
وظُهَيْرٌ: اسم. والمُظْهِرُ، بكسر الهاء: اسمُ رجل. ابن سيده:
ومُظْهِرُ بنُ رَباح أَحدُ فُرْسان العرب وشُعرائهم. والظَّهْرانُ ومَرُّ
الظَّهْرانِ: موضع من منازل مكة؛ قال كثير:
ولقد حَلَفْتُ لها يَمِيناً صادقاً
بالله، عند مَحارِم الرحمنِ
بالراقِصات على الكلال عشيّة،
تَغْشَى مَنابِتَ عَرْمَضِ الظَّهْرانِ
العَرْمَضُ ههنا: صغارُ الأَراك؛ حكاه ابن سيده عن أَبي حنيفة: وروى ابن
سيرين: أَن أَبا موسى كَسَا في كفّارة اليمين ثوبَينِ ظَهْرانِيّاً
ومُعَقَّداً؛ قال النضر: الظَّهْرانيّ ثوبٌ يُجاءُ به مِن مَرِّ الظَّهْرانِ،
وقيل: هو منسوب إِلى ظَهْران قرية من قُرَى البحرين. والمُعَقَّدُ:
بُرْدٌ من بُرود هَجَر، وقد تكرر ذكر مَرّ الظَّهْران، وهو واد بين مكة
وعُسْفان، واسم القرية المضافة إِليه مَرٌّ، بفتح الميم وتشديد الراء؛ وفي
حديث النابغة الجعدي أَنه أَنشده، صلى الله عليه وسلم:
بَلَغْنا السماءَ مَجْدُنا وسَناؤنا،
وإِنّا لَنَرْجُو فوق ذلك مَظْهَرا
فغَضِبَ وقال: إِلى أَين المَظْهرُ يا أَبا لَيْلى؟ قال: إِلى الجنة يا
رسول الله، قال: أَجَلْ إِن شاء الله. المَظْهَرُ: المَصْعَدُ. والظواهر:
موضع؛ قال كثير عزة:
عفَا رابِغٌ من أَهلِه فالظَّواهرُ،
فأَكْنافُ تُبْنى قد عَفَت، فالأَصافِرُ
فوه: الليث: الفُوهُ أَصلُ بناء تأْسِيسِ الفمِ. قال أَبو منصور: ومما
يَدُّلُّك على أَن الأَصل في فمٍ وفُو وفا وفي هاءٌ حُذِفَت من آخرها
قولُهم للرجل الكثيرِ الأَكلِ فَيِّهٌ، وامرأَة فَيِّهةٌ. ورجل أَفْوَهُ:
عظيمُ الفَم طويلُ الاسنان. ومَحالةٌ فَوْهاء إذا طالت أَسنانها التي
يَجْري الرِّشاءُ فيها. ابن سيده: الفاهُ والفُوهُ والفِيهُ والفَمُ
سواءٌ، والجمعُ أَفواهٌ. وقوله عزَّ وجل: ذلك قولُهم بأَفْواهِهم؛ وكلُّ قولٍ
إنما هو بالفم، إنما المعنى ليس فيه بيانٌ ولا بُرْهانٌ، إنما هو قولٌ
بالفمِ ولا معنى صحيحاً تَحْتَه، لأَنهم معترفون بأَنّ اللهَ لم يتَّخِذْ
صاحبةً فكيف يَزْعُمون أَنَّ له ولداً؟ أَما كونُه جمعَ فُوهٍ فبَيِّنٌ،
وأَما كونه جمع فِيهٍ فَمِنْ باب ريحٍ وأَرْواحٍ إذ لم نسْمَعْ
أَفْياهاً؛ وأَما كونُه جمعَ فاهٍ فإن الاشتقاق يؤْذن أَن فاهاً من الواو لقولهم
مُفَوَّةٌ، وأَما كونه جمع فِمٍ فلأَنَّ أَصلَ فَمٍ فَوَهٌ، فحُذِفت
الهاء كما حذفت مِنْ سَنةٍ فيمن قال عامَلْتُ مُسانَهةً، وكما حُذِفت من
شاةٍ ومن شَفَةٍ ومن عِضَةٍ ومن اسْتٍ، وبقيت الواو طرفاً متحركة فوجب
إبدالُها أَلفاً لانفتاح ما قبلها فبقي فاً، ولا يكون الاسم على حرفين
أَحدُهما التنوينُ، فأُبْدل مكانَها حرفٌ جَلْدٌ مُشاكِلٌ لها، وهو الميمُ
لأَنهما شَفَهِيَّتان، وفي الميم هُوِيٌّ في الفَمِ يُضارِعُ امتدادَ
الواوِ. قال أَبو الهيثم: العربُ تستثقل وُقوفاً على الهاءِ والحاءِ والواوِ
والياءِ إذا سَكَنَ ما قبلَها، فتَحْذِفُ هذه الحروفَ وتُبْقي الاسمَ
على حرفين كما حذفوا الواوَ من أَبٍ وأَخٍ وغَدٍ وهَنٍ، والياءَ من يَدٍ
ودَمٍ، والحاءَ من حِرٍ، والهاءَ من فُوهٍ وشَفةٍ وشاةٍ، فلما حذفوا
الهاءَ من فُوهٍ بقيت الواو ساكنة، فاستثقلوا وقوفاً عليها فحذفوها، فبقي
الاسم فاءً وحدها فوصلوها بميم ليصيرَ حرفين، حرفٌ يُبْتَدأُ به فيُحرَّك،
وحرفٌ يُسْكَت عليه فيُسَكِّن، وإنما خَصُّوا الميم بالزيادة لِمَا كان
في مَسْكَنٍ، والميمُ من حروف الشَّفَتين تنطبقان بها، وأَما ما حكي من
قولهم أَفْمامٌ فليس بجمع فَمٍ، إنما هو من باب مَلامِحَ ومَحاسِنَ،
ويدل على أَن فَماً مفتوحُ الفاء وُجُودك إياها مفتوحةً في هذا اللفظ، وأَما
ما حكى فيها أَبو زيد وغيرهُ من كسْرِ الفاء وضمِّها فضرْبٌ من التغيير
لَحِقَ الكلمةَ لإعْلالِها بحذف لامِها وإبدال عيْنِها؛ وأَما قول
الراجز:
يا لَيْتَها قد خَرَجَتْ مِنْ فُمِّهِ،
حتى يَعودَ المُلْك في أُسْطُمِّهِ
يُرْوَى بضم الفاء من فُمِّه، وفتحِها؛ قال ابن سيده: القول في تشديد
الميم عندي أَنه ليس بلغة في هذه الكلمة، أَلا ترى أَنك لا تجد لهذه
المُشدِّدةِ الميمِ تصَرُّفاً إنما التصرُّفُ كله على ف و ه؟ من ذلك قولُ
الله تعالى: يقولون بأَفْواهِهم ما ليْسَ في قُلوبِهم؛ وقال الشاعر:
فلا لَغْوٌ ولا تأْثِيمَ فيها،
وما فاهُوا به أَبداً مُقِيمُ
وقالوا: رجلٌ مُفَوَّه إذا أَجادَ القولَ؛ ومنه الأفْوَهُ للواسعِ
الفمِ، ولم نسْمَعْهم قالوا أَفْمام ولا تفَمَّمت، ولا رجل أَفَمّ، ولا شيئاً
من هذا النحو لم نذكره، فدل اجتماعهم على تصَرُّفِ الكلمة بالفاء والواو
والهاء على أَن التشديد في فَمٍّ لا أَصل له في نفس المثال، إنما هو
عارضٌ لَحِقَ الكلمة، فإن قال قائل: فإذا ثبت بما ذَكَرْتَه أَن التشديد
في فَمٍّ عارض ليس من نفس الكلمة، فمِنْ أَيْنَ أَتَى هذا التشديد وكيف
وجهُ دخولهِ إياها؟ فالجواب أَن أَصل ذلك أَنهم ثَقَّلوا الميمَ في الوقف
فقالوا فَمّ، كما يقولون هذا خالِدّ وهو يَجْعَلّ، ثم إنهم أَجْرَوُا
الوصل مُجْرَى الوقف فقالوا هذا فَمٌّ ورأَيت فَمّاً، كما أَجْرَوُا
الوصلَ مُجْرَى الوقف فيما حكاه سيبويه عنهم من قولهم:
ضَخْمٌ يُحِبُّ الخُلُقَ الأَضْخَمَّا
وقولهم أَيضاً:
ببازِلٍ وَجْنَاءَ أَو عَيْهَلِّ،
كأَنَّ مَهْواها، على الكَلْكَلِّ،
مَوْقِعُ كَفِّيْ راهِبٍ يُصَلِّي
يريد: العَيْهَلَ والكَلْكَلَ. قال ابن جني: فهذا حكم تشديد الميم عندي،
وهو أَقوى من أَن تَجْعَل الكلمةَ من ذوات التضعيف بمنزلة همٍّ وحمٍّ،
قال: فإن قلت فإذا كان أَصلُ فَمٍ عندك فَوَه فما تقول في قول
الفرزدق:هما نَفَثا في فيَّ مِنْْ فَمَوَيْهِما،
على النّابِحِ العاوِي، أَشدَّ رِجام
وإذا كانت الميم بدلاً من الواو التي هي عَيْنٌ فكيف جاز له الجمع
بينهما؟ فالجواب: أَن أَبا عليٍّ حكى لنا عن أَبي بكر وأَبي إسحق أَنهما
ذهبا إلى أَن الشاعر جمعَ بين العِوَض والمُعَوَّض عنه، لأَن الكلمة
مَجْهورة منقوصة، وأَجاز أَبو علي فيها وجهاً آخرَ، وهوأَن تكون الواوُ في
فمَوَيْهِما لاماً في موضع الهاء من أَفْواه، وتكون الكلمة تَعْتَفِبُ عليها
لامانِ هاءٌ مرة وواوٌ أُخرى، فجرى هذا مَجْرى سَنةٍ وعِضَةٍ، أَلا ترى
أَنهما في قول سيبويه سَنَوات وأَسْنَتُوا ومُساناة وعِضَوات واوانِ؟
وتَجِدُهما في قول من قال ليست بسَنْهاء وبعير عاضِهٌ هاءين، وإذا ثبت بما
قدَّمناه أَن عين فَمٍ في الأصل واوٌ فينبغي أََن تقْضِيَ بسكونها، لأَن
السكون هو الأَصل حتى تَقومَ الدلالةُ على الحركةِ الزائدة. فإن قلت:
فهلاَّ قضَيْتَ بحركة العين لِجَمْعِك إياه على أَفْواهٍ، لأَن أَفْعالاً
إنما هو في الأَمر العامّ جمعُ فَعَلٍ نحو بَطَلٍ وأَبْطالٍ وقَدَمٍ
وأَقْدامٍ ورَسَنٍ وأَرْسانٍ؟ فالجواب: أَن فَعْلاً مما عينُه واوٌ بابُه
أَيضاً أَفْعال، وذلك سَوْطٌ وأَسْواطٌ، وحَوْض وأَحْواض، وطَوْق
وأَطْواق، ففَوْهٌ لأن عينَه واوٌ أَشْبَهُ بهذا منه بقَدَمٍ ورَسَنٍ. قال
الجوهري: والفُوه أَصلُ قولِنا فَم لأَن الجمع أَفْواهٌ، إلا أَنهم
استثقلوا اجتماعَ الهاءين في قولك هذا فُوهُه بالإضافة، فحذفوا منه الهاء فقالوا
هذا فُوه وفُو زيدٍ ورأَيت فا زيدٍ، وإذا أَضَفْتَ إلى نفسك قلت هذا
فِيَّ، يستوي فيه حالُ الرفع والنصبِ والخفضِ، لأَن الواوَ تُقُلَبُ
ياءً فتُذْغَم، وهذا إنما يقال في الإضافة، وربما قالوا ذلك في غير
الإضافة، وهو قليل؛ قال العجاج:
خالَطَ، مِنْ سَلْمَى، خياشِيمَ وفا
صَهْباءَ خُرْطوماً عُقاراً قَرْقَفَا
وصَفَ عُذوبةَ ريقِها، يقول: كأَنها عُقارٌ خالَط خَياشِيمَها وفاها
فكَفَّ عن المضاف إليه؛ قال ابن سيده: وأَما قول الشاعر أَنشده الفراء:
يا حَبَّذَا عَيْنا سُلَيْمَى والفَما
قال الفراء: أَراد والفَمَانِ يعني الفمَ والأَنْفَ، فثَنَّاهُما بلفظ
الفمِ للمُجاوَرةِ، وأَجاز أَيضاً أَن يَنْصِبَه على أَنه مفعول معَه
كأَنه قال مع الفم؛ قال ابن جني: وقد يجوز أَن يُنصَب بفعل مضمر كأَنه قال
وأُحِبُّ الفمَ، ويجوز أَن يكون الفمُ في موضع رفع إلا أَنه اسم مقصورٌ
بمنزلة عَصاً، وقد ذكرنا من ذلك شيئاً في ترجمة فمم. وقالوا: فُوك وفُو
زيدٍ، في حدِّ الإضافة وذلك في حد الرفع، وفا زيدٍ وفي زيدِ في حدِّ
النصب والجر، لأَن التنوين قد أُمِنَ ههنا بلزوم الإضافة، وصارت كأَنها من
تمامه؛ وأَما قول العجاج:
خالطَ مِنْ سَلْمَى خَياشِيمَ وفا
فإنه جاءَ به على لغة من لم ينون، فقد أُمِنَ حذْف الأَلف لالتقاء
الساكنين كما أُمِنع في شاةٍ وذا مالٍ، قال سيبويه: وقالوا كلَّمْتُه فاهُ
إلى فِيَّ، وهي من الأسماء الموضوعة مَوْضِعَ المصادر ولا ينفردُ مما
بعده، ولو قلتَ كلَّمتُه فاهُ لم يَجُزْ، لأَنك تُخْبِر بقُرْبِك منه، وأَنك
كلَّمْتَه ولا أَحَدَ بينك وبينَه، وإن شئت رفعت أَي وهذه حالُه. قال
الجوهري: وقولهم كلَّمتُه فاه إلى فِيَّ أَي مُشافِهاً، ونصْبُ فاهٍ على
الحال، وإذا أَفْرَدُوا لم يحتمل الواوُ التنوين فحذفوها وعوَّضوا من
الهاءِ ميماً، قالوا هذا فمٌ وفَمَانِ وفَمَوان، قال: ولو كان الميمُ عِوَضاً
من الواو لما اجتمعتا، قال ابن بري: الميمُ في فَمٍ بدلٌ من الواو،
وليست عِوَضاً من الهاءِ كما ذكره الجوهري، قال: وقد جاء في الشعر فَماً
مقصور مثل عصاً، قال: وعلى ذلك جاء تثنيةُ فَمَوانِ؛ وأَنشد:
يا حَبَّذا وَجْهُ سُلَيْمى والفَما،
والجِيدُ والنَّحْرُ وثَدْيٌ قد نَما
وفي حديث ابن مسعود: أَقْرَأَنِيها رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم،
فاهُ إلى فِيَّ أَي مُشافَهةً وتَلْقِيناً، وهو نصبٌ على الحال بتقدير
المشتق، ويقال فيه: كلَّمني فُوهُ إلى فِيَّ بالرفع، والجملة في موضع الحال،
قال: ومن أَمثالهم في باب الدعاء على الرجُل العرب تقول: فاهَا لِفِيك؛
تريد فا الداهية، وهي من الأَسماء التي أُجْرِيت مُجْرَى المصدر المدعوّ
بها على إضمار الفعل غير المستعمل إظهارهُ؛ قال سيبويه: فاهَا لِفِيك،
غير منون، إنما يريد فا الداهيةِ، وصار بدلاً من اللفظ بقول دَهاكَ اللهُ،
قال: ويَدُلُّك على أَنه يُريدُ الداهيةَ قوله:
وداهِية مِنْ دَواهي المَنو
نِ يَرْهَبُها الناسُ لا فا لها
فجعل للداهية فماً، وكأَنه بدلٌ من قولهم دَهاكَ الله، وقيل: معناه
الخَيْبة لَكَ. وأَصله أَنه يريدُ جَعَل اللهُ بفِيك الأَرضَ، كما يقال بفيك
الحجرُ، وبفيك الأَثْلبُ؛ وقال رجل من بَلْهُجَيْم:
فقلتُ له: فاهَا بفِيكَ، فإنها
قَلوصُ امرئٍ قارِيكَ ما أَنتَ حاذِرهُ
يعني يَقْرِيك من القِرَى، وأَورده الجوهري: فإنه قلوصُ امرئ؛ قال
ابن بري: وصواب إنشاده فإنها، والبيت لأَبي سِدْرة الأَسَديّ، ويقال
الهُجَيْميّ. وحكي عن شمر قال: سمعت ابن الأَعرابي يقول فاهاً بفِيك، منوَّناً،
أَي أَلْصَقَ اللهُ فاكَ بالأَرضِ، قال: وقال بعضهم فاهَا لفِيكَ، غير
مُنوَّن، دُعاء عليه بكسر الفَمِ أَي كَسَر الله فَمَك. قال: وقال سيبويه
فاهَا لفِيكَ، غيرُ منوَّن، إنما يريد فا الداهيةِ وصار الضميرُ بدلاً من
اللفظ بالفعل، وأُضْمِرَ كما أُضمر للتُّرب والجَنْدَل، وصار بدلاً من
اللفظ بقوله دَهاكَ الله، وقال آخر:
لئِنْ مالكٌ أَمْسَى ذليلاً، لَطالَما
سَعَى للَّتي لا فا لها، غير آئِبِ
أَراد لا فَمَ لها ولا وَجْه أَي للداهية؛ وقال الآخر:
ولا أَقولُ لِذِي قُرْبَى وآصِرةٍ:
فاها لِفِيكَ على حالٍ من العَطَبِ
ويقال للرجل الصغير الفمِ: فُو جُرَذٍ وفُو دَبَى، يُلَقَّب به الرجل.
ويقال للمُنْتِن ريحِ الفمِ: فُو فَرَسٍ حَمِرٍ. ويقال: لو وَجَدتُ إليه
فَا كَرِشٍ أَي لو وجدت إليه سبيلاً. ابن سيده: وحكى ابن الأَعرابي في
تثنية الفمِ فَمَانِ وفَمَيانِ وفَموانِ، فأَما فَمانِ فعلى اللفظ،
وأَما فَمَيانِ وفَمَوانِ فنادر؛ قال: وأَما سيبويه فقال في قول
الفرزدق:هُما نَفَثا في فِيَّ مِنْ فَمَوَيْهِما
إنه على الضرورة.
والفَوَهُ، بالتحريك: سَعَةُ الفمِ وعِظَمُه. والفَوَهُ أَيضاً: خُروجُ
الأَسنانِ من الشَّفَتينِ وطولُها، فَوِهَ يَفْوَهُ فَوَهاً، فهو
أَفْوَهُ، والأُنثى فَوْهاء بيِّنا الفَوَهِ، وكذلك هو في الخَيْل. ورجل
أَفْوَهُ: واسعُ الفمِ؛ قال الراجز يصف الأَسد:
أَشْدَق يَفْتَرُّ افْتِرارَ الأَفْوَهَِ
وفرس فَوْهاءِ شَوْهاء: واسعة الفم في رأْسها طُولٌ. والفَوَهُ في بعض
الصفات: خروجُ الثَّنايا العُلْيا وطولُها. قال ابن بري: طول الثنايا
العليا يقال له الرَّوَقُ، فأَما الفَوَهُ فهو طول الأَسنانِ كلِّها.
ومَحالةٌ فَوْهاء: طالت أَسنانُها التي يَجْري الرِّشاءُ بينها. ويقال
لمحالة السانِيةِ إذا طالت أَسْنانُها: إنها لَفَوْهاءُ بيِّنة الفَوَهِ؛ قال
الراجز:
كَبْداء فَوْهاء كجَوْزِ المُقْحَم
وبئر فَوْهاء: واسَعةُ الفمِ. وطَعْنةٌ فَوْهاءُ: واسعةٌ. وفاهَ بالكلام
يَفُوهُ: نَطَقَ ولَفَظَ به؛ وأَنشد لأُمَيَّةَ:
وما فاهُوا به لَهُمُ مُقيمُ
قال ابن سيده: وهذه الكلمة يائيَّة وواويَّة. أَبو زيد: فاهَ الرجل
يَفُوه فَوْهاً إذا كان مُتكلِّماً. وقالوا: هو فاهٌ
بجُوعِه إذا أَظْهَرَه وباحَ به، والأَصل فائِهٌ بجُوعِه فقيل فاهٌ
كما قالوا جُرُفٌ هارٌ وهائرٌ. ابن بري: وقال الفراء رجل فاوُوهةٌ
يَبُوح بكلِّ ما في نفسه وفاهٌ وفاهٍ. ورجل مُفَوَّهٌ: قادرٌ على
المَنْطِق والكلام، وكذلك فَيِّهٌ. ورجلٌ فَيِّهٌ: جَيِّدُ الكلامِ. وفَوهَه
اللهُ: جعَلَه أَفْوََِهَ. وفاهَ بالكلام يَفُوه: لَفَظَ به. ويقال: ما
فُهْتُ بكلمةٍ وما تَفَوَّهْتُ بمعنى أَي ما فتَحْتُ
فمِي بكلمة. والمُفَوَّهُ: المِنْطِيقُ. ورجل مُفَوَّهُ بها. وإِنه لذُو
فُوَّهةٍ أَي شديدُ الكلامِ بَسِيطُ اللِّسان.
وفاهاهُ إذا ناطَقَه وفاخَرَه، وهافاهُ إذا مايَلَه إلى هَواه.
والفَيِّهُ أَيضاً: الجيِّدُ الأَكلِ. وقيل: الشديدُ الأَكلِ من الناس وغيرهم،
فَيْعِل، والأُنثى فَيِّهةٌ كثيرةُ الأَكل. والفَيِّهُ: المُفَوَّهُ
المِنْطِيقُ أَيضاً. ابن الأَعرابي: رجل فَيِّهٌ
ومُفَوَّهٌ إذا كان حسَنَ الكلامِ بليغاً في كلامه. وفي حديث
الأَحْنَفِ: خَشِيت أَن يكون مُفَوَّهاً أَي بليغاً مِنْطِيقاً، كأنه مأْخوذ من
الفَوَهِ وهو سَعةُ الفمِ.
ورجل فَيِّهٌ ومُسْتَفِيهٌ في الطعام إذا كان أَكُولاً. الجوهري:
الفَيِّهُ الأَكولُ، والأَصْلُ فَيْوِهٌ
فأُدْغم، وهو المِنْطيقُ أَيضاً، والمرأَةُ فَيِّهةٌ. واستَفاهَ الرجلُ
اسْتِفاهةً واسْتِفاهاً؛ الأَخيرة عن اللحياني، فهو مُسْتَفِيهٌ: اشتَدَّ
أَكْلُه بعد قِلَّة، وقيل: اسْتَفاهَ في الطعام أَكثَرَ منه؛ عن ابن
الأَعرابي ولم يخصَّ هل ذلك بعدَ قلَّةٍ أَم لا؛ قال أَبو زبيد يصف
شِبْلَيْن:
ثم اسْتَفاها فلمْ تَقْطَعْ رَضاعَهما
عن التَّصَبُّب لا شَعْبٌ ولا قَدْعُ
اسْتَفاها: اشتَدَّ أَكْلِهما، والتَّصَبُّبُ: اكْتساءُ اللحمِ
للسِّمَنِ بعد الفِطامِ، والتَّحلُّم مثلُه، والقَدْعُ: أَن تُدْفَعَ عن الأَمر
تُريدُه، يقال: قَدَعْتُه فقُدِعَ قَدْعاً. وقد اسْتَفاهَ في الأَكل وهو
مُسْتَفِيهٌ، وقد تكون الاسْتِفاهةُ في الشَّرابِ. والمُفَوَّهُ:
النَّهِمُ الذي لا يَشْبَع. ورجل مُفَوَّهٌ ومُسْتَفِيهٌ
أَي شديدُ الأَكلِ. وشَدَّ ما فَوَّهْتَ في هذا الطعام وتفَوَّهْتَ
وفُهْتَ أَي شَدَّ ما أَكَلْتَ. وإِنه لمُفَوَّه ومُسْتَفِيهٌ
في الكلام أَيضاً، وقد اسْتَفاهَ اسْتِفاهةً في الأَكل، وذلك إذا كنت
قليلَ الطَّعْم ثم اشتَدَّ أَكْلُك وازْدادَ. ويقال: ما أَشَدَّ فُوَّهَةَ
بعيرِك في هذا الكَلإ، يريدون أَكْلَه، وكذلك فُوّهة فرَسِك ودابَّتِك،
ومن هذا قولهم: أَفْواهُها مَجاسُّها؛ المعنى أَن جَوْدةَ أَكْلِها تَدُلك
على سِمَنِها فتُغْنيك عن جَسِّها، والعرب تقول: سَقَى فلانٌ
إِبلَه على أَفْواهِها، إذا لم يكن جَبَي لها الماءَ في الحوض قبل
ورُودِها، وإِنما نزَعَ عليها الماءَ حين وَرَدَتْ، وهذا كما يقال: سَقَى
إبلَه قَبَلاً. ويقال أَيضاً: جَرَّ فلانٌ إبلَه على أَفْواهِها إذا تركها
تَرْعَى وتسِير؛ قاله الأَصمعي؛ وأَنشد:
أَطْلَقَها نِضْوَ بُلَيٍّ طِلْحِ،
جَرّاً على أَفْواهِها والسُّجْحِ
(* قوله «على أفواهها والسجح» هكذا في الأصل والتهذيب هنا، وتقدم إنشاده
في مادة جرر أفواههن السجح).
بُلَيّ: تصغير بِلُوٍ، وهو البعير الذي بَلاه السفر، وأَراد بالسُّجْحِ
الخراطيمَ الطِّوال. ومن دُعائِهم: كَبَّهُ اللهُ لِمَنْخِرَيْه وفَمِه؛
ومنه قول الهذلي:
أَصَخْرَ بنَ عبدِ الله، مَنْ يَغْوِ سادِراً
يَقُلْ غَيْرَ شَكٍّ لليَدْينِ وللفَمِ
وفُوَّهةُ السِّكَّةِ والطَّريقِ والوادي والنهرِ: فَمُه، والجمع
فُوَّهاتٌ وفَوائِهُ. وفُوهةُ الطريقِ: كفُوَّهَتِه؛ عن ابن الأَعرابي. والزَمْ
فُوهةَ الطريقِ وفُوَّهَتَهوفَمَه. ويقال: قَعَد على فُوَّهةِ الطريق
وفُوَّهةِ النهر، ولا تقل فَم النهر ولا فُوهة، بالتخفيف، والجمع أَفْواه
على غير قياس؛ وأَنشد ابن بري:
يا عَجَباً للأَفْلقِ الفَليقِ
صِيدَ على فُوَّهةِ الطَّريقِ
(* قوله «للأفاق الفليق» هو هكذا بالأصل).
ابن الأَعرابي: الفُوَّهةُ مصَبُّ النهر في الكِظَامةِ، وهي السِّقاية.
الكسائي: أَفْواهُ الأَزِقَّةِ والأَنْهار واحدتها فُوَّهةٌ، بتشديد
الواو مثل حُمَّرة، ولا يقال فَم. الليث: الفُوَّهةُ فمُ النهر ورأْسُ
الوادي. وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، خرج فما تفَوَّهَ البَقيعَ
قال: السلامُ عليكم؛ يريد لما دَخَل فمَ البَقِيعِ، فشَبَّهه بالفم
لأَنه أَول ما يُدْخَل إلى الجوفِ منه. ويقال لأَوَّل الزُّقاقِ والنهر:
فُوَّهَتُه، بضم الفاء وتشديد الواو. ويقال: طَلع علينا فُوَّهةُ إبِلك أَي
أَوَّلُها بمنزلة فُوَّهةِ الطريق.
وأَفْواهُ المكان: أَوائُله، وأَرْجُلُه أَواخِرُه؛ قال ذو الرمة:
ولو قُمْتُ ما قامَ ابنُ لَيْلى لقد هَوَتْ
رِكابي بأَفْواهِ السَّماوةِ والرِّجْلِ
يقول: لو قُمْتُ مَقامه انْقَطَعَتْ رِكابي: وقولهم: إنَّ رَدَّ
الفُوَّهَةِ لَشَديدٌ أَي القالةِ، وهو من فُهْتُ بالكلام. ويقال: هو يخاف
فُوَّهَة الناسِ أَي فُهْتُ بالكلام. ويقال: هو يخاف فُوَّهةَ الناسِ أَي
قالتَهم. والفُوهةُ والفُوَّهةُ: تقطيعُ المسلمين بعضهم بعضاً بالغِيبة.
ويقال: مَنْ ذا يُطِيق رَدَّ الفُوَّهةِ. والفُوَّهةُ: الفمُ. أَبو
المَكَارم: ما أحْسَنْتُ شيئاً قطُّ كَثَغْرٍ في فُوَّهَةِ جاريةٍ حَسْناء أَي ما
صادَفْت شيئاً حسناً. وأَفْواهُ الطيب: نَوافِحُه، واحدُها فوه. الجوهري:
الأفْواهُ ما يُعالج به الطِّيبُ كما أَنَّ التَّوابِلَ ما تُعالَج به
الأَطْعمة. يقال: فُوهٌ وأَفْواه مثل سُوقٍ وأَسْواق، ثم أفاويهُ وقال
أَبو حنيفة: الأَفْواهُ أَلْوانُ النَّوْرِ وضُروبُه؛ قال ذو الرمة:
تَرَدَّيْتُ مِنْ أَفْواهِ نَوْرٍ كأَنَّها
زَرابيُّ، وارْتَجَّتْ عليها الرَّواعِدُ
وقال مرَّة: الأَفْواهُ ما أُعِدَّ للطِّيبِ من الرياحين، قال: وقد تكون
الأَفْواه من البقول؛ قال جميل:
بها قُضُبُ الرَّيْحانِ تَنْدَى وحَنْوَةٌ،
ومن كلِّ أَفْواه البُقول بها بَقْلُ
والأَفْواهُ: الأَصْنافُ والأَنواعُ. والفُوَّهةُ: عروقٌ
يُصْبَغ بها، وفي التهذيب: الفُوَّهُ عروقٌ يصبغ بها. قال الأَزهري: لا
أَعرف الفُوَّهَ بهذا المعنى. والفُوَّهةُ: اللبَنُ ما دامَ فيه طعمُ
الحلاوةِ، وقد يقال بالقاف، وهو الصحيح.
والأَفْوه الأَوْدِيُّ: مِنْ شُعَرائهم، والله تعالى أَعلم.
يوح: ابن سيده: يُوحُ الشمسُ؛ عن كراع، لا يدخله الصرف ولا الأَلف
واللام، والذي حكاه يعقوب: بُوحُ. قال ابن بري: لم يذكر الجوهري في فصل الياء
شيئاً وقد جاءَ منه قولهم يُوحُ اسم للشمس؛ قال: وكان ابن الأَنباري
يقول: هو بُوحُ بالباءِ، وهو تصحيف، وذكره أَبو علي الفارسي في الحَلَبِيَّات
عن المبرد، بالياءِ المعجمة باثنتين؛ وكذلك ذكره أَبو العَلاءِ بن
سليمان في شعره فقال:
وأَنت مَتى سَفَرْتَ رَدَدْتَ يُوحا
قال: ولما دخل بغداد اعترض عليه في هذا البيت فقيل له: صحفته وإِنما هو
بوح، بالباءِ، واحتجوا عليه بما ذكره ابن السكيت في أَلفاظه، فقال لهم:
هذه النسخ التي بأَيديكم غيّرها شيوخكم ولكن أَخرجوا النسخ العتيقة،
فأَخرجوا النسخ العتيقة فوجدوها كما ذكره أَبو العلاء؛ وقال ابن خالويه: هو
يُوحُ، بالياء المعجمة باثنتين، وصحفه ابن الأَنباري فقال: بُوح، بالباء
المعجمة بواحدة، وجرى بين ابن الأَنباري وبين أَبي عمر الزاهد كل شيءٍ حتى
قالت الشعراء فيهما، ثم أَخرجنا كتاب الشمس والقمر لأَبي حاتم السجستاني
فإِذا هو يوح، بالياء المعجمة باثنتين؛ وأَما البُوحُ، بالباءِ، فهو
النَّفْس لا غير؛ وفي حديث الحسن بن علي، عليهما السلام: هل طلعت يُوحِ؟ يعني
الشمس، وهو من أَسمائها كبَراحِ، وهما مبنيان على الكسر. قال ابن
الأَثير: وقد يقال فيه يُوحى على مثال فعلى، وقد يقال بالباء الموحدة لظهورها
من قولهم: باحَ بالأَمر يَبُوحُ.
كتم: الكِتْمانُ: نَقِيض الإعْلانِ، كَتَمَ الشيءَ يَكْتُمُه كَتْماً
وكِتْماناً واكْتَتَمه وكَتَّمه؛ قال أَبو النجم:
وكانَ في المَجْلِسِ جَمّ الهَذْرَمَهْ،
لَيْثاً على الدَّاهِية المُكَتَّمهْ
وكَتَمه إياه؛ قال النابغة:
كَتَمْتُكَ لَيْلاً بالجَمُومَينِ ساهِراً،
وهمَّيْن: هَمّاً مُسْتَكِنّاً، وظاهرا
أَحادِيثَ نَفْسٍ تشْتَكي ما يَرِيبُها،
ووِرْدَ هُمُومٍ لا يَجِدْنَ مَصادِرا
وكاتَمه إياه: ككَتَمه؛ قال:
تَعَلََّمْ، ولوْ كاتَمْتُه الناسَ، أَنَّني
عليْكَ، ولم أَظْلِمْ بذلكَ، عاتِبُ
وقوله: ولم أَظلم بذلك، اعتراض بين أَنّ وخبرِها، والاسم الكِتْمةُ.
وحكى اللحياني: إنه لحَسن الكِتْمةِ.
ورجل كُتَمة، مثال هُمَزة، إذا كان يَكْتُمُ سِرَّه. وكاتَمَني سِرَّه:
كتَمه عني. ويقال للفرَس إذا ضاق مَنْخِرهُ عن نفَسِه: قد كَتَمَ
الرَّبْوَ؛ قال بشر:
كأَنَّ حَفِيفَ مَنْخِرِه، إذا ما
كتَمْنَ الرَّبْوَ، كِيرٌ مُسْتَعارُ
يقول: مَنْخِره واسع لا يَكْتُم الرَّبو إذا كتمَ غيره من الدَّوابِّ
نفَسَه من ضِيق مَخْرَجه، وكتَمه عنه وكتَمه إياه؛ أَنشد ثعلب:
مُرَّةٌ، كالذُّعافِ، أَكْتُمها النَّا
سَ على حَرِّ مَلَّةٍ كالشِّهابِ
ورجل كاتِمٌ للسر وكَتُومٌ. وسِرٌّ كاتمٌ أَي مَكْتُومٌ؛ عن كراع.
ومُكَتَّمٌ، بالتشديد: بُولِغ في كِتْمانه. واسْتَكْتَمه الخَبَر والسِّرَّ :
سأَله كَتْمَه. وناقة كَتُوم ومِكتامٌ: لا تَشُول بذنبها عند اللَّقاح
ولا يُعلَم بحملها، كتَمَتْ تَكْتُم كُتوماً؛ قال الشاعر في وصف فحل:
فَهْوَ لجَولانِ القِلاصِ شَمّامْ،
إذا سَما فوْقَ جَمُوحٍ مِكْتامْ
ابن الأَعرابي: الكَتِيمُ الجَمل الذي لا يَرغو. والكَتِيمُ: القَوْسُ
التي لا تَنشَقُّ. وسحاب مَكْتُومٌ
(* قوله «وسحاب مكتوم» كذا في الأصل
وقد استدركها شارح القاموس على المجد، والذي في الصحاح والأساس: مكتتم): لا
رَعْد فيه. والكَتُوم أَيضاً: الناقة التي لا تَرْغُو إذا ركبها صاحبها،
والجمع كُتُمٌ؛ قال الأَعشى:
كَتُومُ الرُّغاءِ إذا هَجَّرَتْ،
وكانتْ بَقِيَّةَ ذَوْدٍ كُتُمْ
وقال آخر:
كَتُومُ الهَواجِرِ ما تَنْبِسُ
وقال الطِّرِمّاح:
قد تجاوَزْتُ بِهِلْواعةٍ
عبْرِ أَسْفارٍ كَتُومِ البُغامِ
(* قوله «عبر أسفار» هو بالعين المهملة ووقع في هلع بالمعجمة كما وقع
هنا في الأصل وهو تصحيف).
وناقة كَتُوم: لا تَرْغُو إذا رُكِبت. والكَتُومُ والكاتِمُ من
القِسِيَِّ: التي لا تُرِنُّ إذا أُنْبِضَتْ، وربما جاءت في الشعر كاتمةً، وقيل:
هي التي لا شَق فيها، وقيل: هي التي لا صَدْعَ في نَبْعِها، وقيل: هي
التي لا صدع فيها كانت من نَبْع أو غيره؛ وقال أَوس بن حجر:
كَتُومٌ طِلاعُ الكفِّ لا دُونَ مِلْئِها،
ولا عَجْسُها عَنْ مَوْضِعِ الكفِّ أَفْضَلا
قوله طِلاعُ الكَفِّ أي مِلْءٌ الكف، قال: ومثله قول الحسن أَحَبُّ
إليَّ من طِلاع الأرض ذهباً. وفي الحديث: أَنه كان اسم قَوْسِ سيدنا رسول
الله، صلى الله عليه وسلم، الكَتُومَ؛ سميت به لانْخِفاضِ صوتِها إذا رُمي
عنها، وقد كتَمت كُتوماً. أَبو عمرو: كتَمَت المَزادةُ تَكْتُم كُتوماً
إذا ذهب مَرَحُها وسَيَلانُ الماءِ من مَخارِزها أَوّل ما تُسرَّب، وهي
مَزادة كَتُوم. وسِقاءٌ كَتِيم، وكتَمَ السِّقاءُ يَكْتُمُ كِتْماناً
وكُتوماً: أَمسك ما فيه من اللبن والشراب، وذلك حين تذهب عيِنته ثم يدهن
السقاءُ بعد ذلك، فإذا أَرادوا أن يستقوا فيه سرَّبوه، والتسريب: أن يصُبُّوا
فيه الماءَ بعد الدهن حتى يَكْتُمَ خَرْزُه ويسكن الماء ثم يستقى فيه.
وخَرْز كَتِيم: لا يَنْضَح الماء ولا يخرج ما فيه. والكاتِم: الخارِز، من
الجامع لابن القَزاز، وأَنشد فيه:
وسالَتْ دُموعُ العَينِ ثم تَحَدَّرَتْ،
وللهِ دَمْعٌ ساكِبٌ ونَمُومُ
فما شَبَّهَتْ إلاَّ مَزادة كاتِمٍ
وَهَتْ، أَو وَهَى مِنْ بَيْنِهنَّ كَتُومُ
وهو كله من الكَتم لأن إخفاء الخارز للمخروز بمنزلة الكتم لها، وحكى
كراع: لا تسأَلوني عن كَتْمةٍ، بسكون التاء، أي كلمة. ورجل أَكْتمُ: عظيم
البطن، وقيل: شعبان.
والكَتَمُ، بالتحريك: نبات يخلط مع الوسْمة للخضاب الأَسود. الأَزهري:
الكَتَم نبت فيه حُمرة. وروي عن أَبي بكر، رضي الله عنه، أَنه كان
يَخْتَضِب بالحِنَّاء والكَتَم، وفي رواية: يصبُغ بالحِنَاء والكَتَم؛ قال أُمية
بن أَبي الصلت:
وشَوَّذَتْ شَمْسُهمْ إذا طَلَعَتْ
بالجِلْب هِفّاً كأَنه كَتَمُ
قال ابن الأَ ثير في تفسير الحديث: يشبه أَن يراد به استعمال الكَتَم
مفرداً عن الحناء، فإن الحِناء إذا خُضِب به مع الكتم جاء أَسود وقد صح
النهي عن السواد، قال: ولعل الحديث بالحناء أَو الكَتم على التخيير، ولكن
الروايات على اختلافها بالحناء والكتم. وقال أَبو عبيد: الكَتَّم، مشدد
التاء، والمشهور التخفيف. وقال أبَو حنيفة: يُشَبَّب الحناء بالكتم ليشتدّ
لونه، قال: ولا ينبت الكتم إلاَّ في الشواهق ولذلك يَقِلُّ. وقال مرة:
الكتم نبات لا يَسْمُو صُعُداً وينبت في أَصعب الصخر فيَتَدلَّى تَدَلِّياً
خِيطاناً لِطافاً، وهو أَخضر وورقه كورق الآس أَو أصغر؛ قال الهذلي ووصف
وعلاً:
ثم يَنُوش إذا آدَ النَّهارُ له،
بَعْدَ التَّرَقُّبِ مِن نِيمٍ ومِن كَتَمِ
وفي حديث فاطمة بنت المنذر: كنا نَمتشط مع أَسماء قبل الإحرام
ونَدَّهِنُ بالمَكْتومة؛ قال ابن الأَثير: هي دُهن من أَدْهان العرب أَحمر يجعل
فيه الزعفران، وقيل: يجعل فيه الكَتَم، وهو نبت يخلط مع الوسْمة ويصبغ به
الشعر أَسود، وقيل: هو الوَسْمة.
والأَكْثَم: العظيم البطن. والأَكثم: الشبعان، بالثاء المثلثة، ويقال
ذلك فيهما بالتاء المثناة أَيضاً وسيأْتي ذكره.
ومكتوم وكَتِيمٌ وكُتَيْمة: أَسماء؛ قال:
وأَيَّمْتَ مِنَّا التي لم تَلِدْ
كُتَيْمَ بَنِيك، وكنتَ الحليلا
(* قوله «وأيمت» هذا ما في الأصل، ووقع في نسخة المحكم التي بأيدينا:
وأَيتمت، من اليتم).
أَراد كتيمة فرخم في غير النداء اضطراراً. وابنُ أُم مَكْتُوم: مؤذن
سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، كان يؤذن بعد بلال لأنه كان أَعمى
فكان يقتدي ببلال. وفي حديث زمزم: أَن عبد المطلب رأَى في المنام قيل:
احْفِر تُكْتَمَ بين الفَرْث والدم؛ تُكْتَمُ: اسم بئر زمزم، سميت بذلك لأنها
كانت اندفنت بعد جُرْهُم فصارت مكتومة حتى أَظهرها عبد المطلب. وبنو
كُتامة: حي من حِمْيَر صاروا إلى بَرْبَر حين افتتحها افريقس الملك، وقيل:
كُتام قبيلة من البربر. وكُتمان، بالضم: موضع، وقيل: اسم جبل؛ قال ابن
مقبل:قد صَرَّحَ السَّيرُ عن كُتْمانَ، وابتُذِلَت
وَقعُ المَحاجِنِ بالمَهْرِيّةِ الذُّقُنِ
وكُتُمانُ: اسم ناقة.
سقط: السَّقْطةُ: الوَقْعةُ الشديدةُ. سقَطَ يَسْقُطُ سُقوطاً، فهو
ساقِطٌ وسَقُوطٌ: وقع، وكذلك الأُنثى؛ قال:
من كلِّ بَلْهاء سَقُوطِ البُرْقُعِ
بيْضاءَ، لم تُحْفَظْ ولم تُضَيَّعِ
يعني أَنها لم تُحْفَظْ من الرِّيبةِ ولم يُضَيِّعْها والداها.
والمَسْقَطُ، بالفتح: السُّقوط. وسَقط الشيءُ من يدي سُقوطاً. وفي الحديث: لَلّهُ
عزّ وجلّ أَفْرَحُ بتَوْبةِ عَبْدِه من أَحدكم يَسْقُط على بَعِيره وقد
أَضلَّه؛ معناه يَعثُر على موضعه ويقعُ عليه كما يقعُ الطائرُ على وكره.
وفي حديث الحرث بن حسان: قال له النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، وسأَله عن
شيء فقال: على الخَبِيرِ سقَطْتَ أَي على العارِفِ به وقعت، وهو مثل
سائرٌ للعرب.
ومَسْقِطُ الشيء ومَسْقَطُه: موضع سقُوطه، الأَخيرة نادرة. وقالوا:
البصرة مَسْقَطُ رأْسي ومَسْقِطُه.
وتساقَط على الشيء أَي أَلقى نفسَه عليه، وأَسقَطَه هو. وتساقَط الشيءُ:
تتابع سُقوطه. وساقَطه مُساقَطةً وسِقاطاً: أَسْقَطَه وتابع إِسْقاطَه؛
قال ضابئُ بن الحَرثِ البُرْجُمِيّ يصف ثوراً والكلاب:
يُساقِطُ عنه رَوْقُه ضارِياتِها،
سِقاطَ حَدِيدِ القَينِ أَخْوَلَ أَخْوَلا
قوله: أَخْوَل أَخولا أَي متفرِّقاً يعني شرَرَ النار. والمَسْقِطُ
مِثال المَجْلِس: الموضع؛ يقال: هذا مَسْقِط رأْسي، حيث ولد، وهذا مسقِطُ
السوْطِ، حيث وقع، وأَنا في مَسْقِط النجم، حيث سقط، وأَتانا في مَسْقِط
النجم أَي حين سقَط، وفلان يَحِنُّ إِلى مسقِطه أَي حيث ولد. وكلُّ مَن وقع
في مَهْواة يقال: وقع وسقط، وكذلك إِذا وقع اسمه من الدِّيوان، يقال: وقع
وسقط، ويقال: سقَط الولد من بطن أُمّه، ولا يقال وقع حين تَلِدُه.
وأَسْقَطتِ المرأَةُ ولدها إِسْقاطاً، وهي مُسْقِطٌ: أَلقَتْه لغير تَمام من
السُّقوطِ، وهو السَّقْطُ والسُّقْطُ والسَّقْط، الذكر والأُنثى فيه سواء،
ثلاث لغات. وفي الحديث: لأَنْ أُقَدِّمَ سِقْطاً أَحَبُّ إِليَّ من مائة
مُسْتَلئِمْ؛ السقط، بالفتح والضم والكسرِ، والكسرُ أَكثر: الولد الذي
يسقط من بطن أُمه قبل تَمامِه، والمستلْئِمُ: لابس عُدَّةِ الحرب، يعني
أَن ثواب السِّقْطِ أَكثر من ثوابِ كِبار الأَولاد لأَن فعل الكبير يخصُّه
أَجره وثوابُه وإِن شاركه الأَب في بعضه، وثواب السقط مُوَفَّر على
الأَب. وفي الحديث: يحشر ما بين السَّقْطِ إِلى الشيخ الفاني جُرْداً
مُرْداً.وسَقْطُ الزَّند: ما وقع من النار حين يُقْدَحُ، باللغات الثلاث أَيضاً.
قال ابن سيده: سَقْطُ النار وسِقْطُها وسُقْطُها ما سقَط بين الزنْدين
قبل اسْتحكامِ الوَرْي، وهو مثل بذلك، يذكر ويؤَنث. وأَسقَطَتِ الناقةُ
وغيرها إِذا أَلقت ولدها. وسِقْطُ الرَّمْلِ وسُقْطُه وسَقْطُه ومَسْقِطُه
بمعنى مُنقَطَعِه حيث انقطع مُعْظَمُه ورَقَّ لأَنه كله من السُّقوط،
الأَخيرة إِحدى تلك الشواذ، والفتح فيها على القياس لغة. ومَسْقِطُ الرمل:
حيث ينتهي إِليه طرَفُه. وسِقاطُ النخل: ما سقَط من بُسْرِه. وسَقِيطُ
السَّحابِ: البَرَدُ. والسَّقِيطُ: الثلْجُ. يقال: أَصبَحتِ الأَرض
مُبْيَضَّة من السَّقِيطِ. والسَّقِيطُ: الجَلِيدُ، طائيةٌ، وكلاهما من السُّقوط.
وسَقِيطُ النَّدَى: ما سقَط منه على الأَرض؛ قال الراجز:
وليْلةٍ، يا مَيَّ، ذاتِ طَلِّ،
ذاتِ سَقِيطٍ ونَدىً مُخْضَلِّ،
طَعْمُ السُّرَى فيها كطَعْمِ الخَلِّ
ومثله قول هُدْبة بن خَشْرَمٍ:
وَوادٍ كجَوْفِ العَيْرِ قَفْرٍ قطَعْتُه،
تَرى السَّقْطَ في أَعْلامِه كالكَراسِفِ
والسَّقَطُ من الأَشياء: ما تُسْقِطهُ فلا تَعْتَدُّ به من الجُنْد
والقوم ونحوه. والسُّقاطاتُ من الأَشياء: ما يُتَهاون به من رُذالةِ الطعام
والثياب ونحوها. والسَّقَطُ: رَدِيءُ المَتاعِ. والسَّقَطُ: ما أُسْقِط من
الشيء. ومن أَمْثالِهم: سَقَطَ العَشاء به على سِرْحانٍ، يُضرب مثلاً
للرجل يَبْغي البُغْيةَ فيقَعُ في أَمر يُهْلِكُه. ويقال لخُرْثِيِّ
المَتاعِ: سَقَطٌ. قال ابن سيده: وسقَطُ البيت خُرْثِيُّه لأَنه ساقِطٌ عن رفيع
المتاع، والجمع أَسْقاط. قال الليث: جمع سَقَطِ البيتِ أَسْقاطٌ نحو
الإِبرة والفأْس والقِدْر ونحوها. وأَسْقاطُ الناس: أَوْباشُهم؛ عن
اللحياني، على المثل بذلك. وسَقَطُ الطَّعامِ: ما لا خَيْرَ فيه منه، وقيل: هو ما
يَسْقُط منه. والسَّقَطُ: ما تُنُوول بيعه من تابِلٍ ونحوه لأَن ذلك
ساقِطُ القِيمة، وبائعه سَقَّاط.
والسَّقَّاطُ: الذي يبيع السَّقَطَ من المَتاعِ. وفي حديث ابن عمر، رضي
اللّه عنهما: كان لا يَمُرُّ بسَقَّاطٍ ولا صاحِبِ بِيعةٍ إِلا سَلَّم
عليه؛ هو الذي يَبيعُ سَقَطَ المتاعِ وهو رَدِيئُه وحَقِيره. والبِيعةُ من
البَيْعِ كالرِّكْبةِ والجِلْسَةِ من الرُّكُوبِ والجُلوس، والسَّقَطُ من
البيع نحو السُّكَّر والتَّوابِل ونحوها، وأَنكر بعضهم تسميته
سَقَّاطاً، وقال: لا يقال سَقَّاط، ولكن يقال صاحب سَقَطٍ.
والسُّقاطةُ: ما سَقَط من الشيء. وساقَطه الحديثَ سِقاطاً: سَقَط منك
إِليه ومنه إِليك. وسِقاطُ الحديثِ: أَن يتحدَّثَ الواحدُ ويُنْصِتَ له
الآخَرُ، فإِذا سكت تحدَّثَ الساكِتُ؛ قال الفرزدق:
إِذا هُنَّ ساقَطْنَ الحَديثَ، كأَنَّه
جَنى النَّحْلِ أَو أَبْكارُ كَرْمٍ تُقَطَّف
وسَقَطَ إِليَّ قوم: نزلوا عليَّ. وفي حديث النجاشِيّ وأَبي سَمّالٍ:
فأَما أَبو سَمَّالٍ فسَقَطَ إِلى جيرانٍ له أَي أَتاهم فأَعاذُوه
وسَترُوه. وسَقَطَ الحَرّ يَسْقُطُ سُقُوطاً: يكنى به عن النزول؛ قال النابغة
الجعدي:
إِذا الوَحْشُ ضَمَّ الوَحْش في ظُلُلاتِها
سَواقِطُ من حَرٍّ، وقد كان أَظْهَرا
وسَقَطَ عنك الحَرُّ: أَقْلَعَ؛ عن ابن الأَعرابي، كأَنه ضد.
والسَّقَطُ والسِّقاطُ: الخَطَأُ في القول والحِساب والكِتاب. وأَسْقَطَ
وسَقَطَ في كلامه وبكلامه سُقوطاً: أَخْطأَ. وتكلَّم فما أَسْقَطَ كلمة،
وما أَسْقَط حرفاً وما أَسْقَط في كلمة وما سَقَط بها أَي ما أَخْطأَ
فيها. ابن السكيت: يقال تَكلَّم بكلام فما سَقَطَ بحرف وما أَسْقَطَ
حَرْفاً، قال: وهو كما تقول دَخَلْتُ به وأَدْخَلْتُه وخرَجْتُ به وأَخْرَجْتُه
وعَلوْت به وأَعْلَيْتُه وسُؤتُ به ظَنّاً وأَسأْتُ به الظنَّ، يُثْبتون
الأَلف إِذا جاء بالأَلف واللام. وفي حديث الإفك: فأَسْقَطُوا لها به
يعني الجارِيةَ أَي سَبُّوها وقالوا لها من سَقَط الكلامِ، وهو رديئه، بسبب
حديث الإِفْك. وتَسَقَّطَه واستَسْقَطَه: طلَب سَقَطَه وعالَجه على أَن
يَسْقُطَ فيُخْطِئ أَو يكذب أَو يَبُوحَ بما عنده؛ قال جرير:
ولقد تسَقَّطَني الوُشاةُ فصادَفُوا
حَجِئاً بِسِرِّكِ، يا أُمَيْمَ، ضَنِينا
(* قوله «حجئاً» أَي خليقاً، وفي الأَساس والصحاح وديوان جرير: حصراً،
وهو الكتوم للسر.)
والسَّقْطةُ: العَثْرةُ والزَّلَّةُ، وكذلك السِّقاطُ؛ قال سويد بن أَبي
كاهل:
كيفَ يَرْجُون سِقاطِي، بَعْدَما
جَلَّلَ الرأْسَ مَشِيبٌ وصَلَعْ؟
قال ابن بري: ومثله ليزيد بن الجَهْم الهِلالي:
رجَوْتِ سِقاطِي واعْتِلالي ونَبْوَتي،
وراءَكِ عَنِّي طالِقاً، وارْحَلي غَدا
وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: كُتب إِليه أَبيات في صحيفة منها:
يُعَقِّلُهُنَّ جَعْدةُ من سُلَيْمٍ
مُعِيداً، يَبْتَغي سَقَطَ العَذارى
أَي عثَراتِها وزَلاَّتِها. والعَذارى: جمع عَذْراء. ويقال: فلان قليل
العِثار، ومثله قليل السِّقاطِ، وإِذا لم يَلْحق الإِنسانُ مَلْحَقَ
الكِرام يقال: ساقِطٌ، وأَنشد بيت سويد بن أَبي كاهل. وأَسقط فلان من الحساب
إِذا أَلقى. وقد سقَط من يدي وسُقِطَ في يَدِ الرجل: زَلَّ وأَخْطأَ،
وقيل: نَدِمَ. قال الزجّاجُ: يقال للرجل النادم على ما فعل الحَسِر على ما
فرَطَ منه: قد سُقِط في يده وأُسْقِط. وقال أَبو عمرو: لا يقال أُسقط،
بالأَلف، على ما لم يسمّ فاعله. وفي التنزيل العزيز: ولَمّا سُقِط في
أَيديهم؛ قال الفارسي: ضرَبوا بأَكُفِّهم على أَكفهم من النَّدَم، فإِن صح ذلك
فهو إِذاً من السقوط، وقد قرئ: سقَط في أَيديهم، كأَنه أَضمر الندم أَي
سقَط الندمُ في أَيديهم كما تقول لمن يحصل على شيء وإِن كان مما لا يكون
في اليد: قد حَصل في يده من هذا مكروهٌ، فشبّه ما يحصُل في القلب وفي
النفْس بما يحصل في اليد ويُرى بالعين. الفراء في قوله تعالى ولما سُقط في
أَيْديهم: يقال سُقط في يده وأُسقط من الندامة، وسُقط أَكثر وأَجود.
وخُبِّر فلان خَبراً فسُقط في يده وأُسقط. قال الزجاج: يقال للرجل النادم على
ما فعل الحسِرِ على ما فرَط منه: قد سُقط في يده وأُسقط. قال أَبو منصور:
وإِنما حَسَّنَ قولهم سُقط في يده، بضم السين، غير مسمًّى فاعله الصفةُ
التي هي في يده؛ قال: ومثله قول امرئ القيس:
فدَعْ عنكَ نَهْباً صيحَ في حَجَراتِه،
ولكنْ حَدِيثاً، ما حَدِيثُ الرَّواحِلِ؟
أَي صاح المُنْتَهِبُ في حَجَراتِه، وكذلك المراد سقَط الندمُ في يده؛
أَنشد ابن الأَعرابي:
ويوْمٍ تَساقَطُ لَذَّاتُه،
كنَجْم الثُّرَيّا وأَمْطارِها
أَي تأْتي لذاته شيئاً بهد شيء، أَراد أَنه كثير اللذات:
وخَرْقٍ تحَدَّث غِيطانُه،
حَديثَ العَذارَى بأَسْرارِها
أَرادَ أَن بها أَصوات الجنّ. وأَما قوله تعالى: وهُزِّي إِليكِ بجِذْعِ
النخلةِ يَسّاقَطْ، وقرئ: تَساقَطْ وتَسّاقَطْ، فمن قرأَه بالياء فهو
الجِذْعُ، ومن قرأَه بالتاء فهي النخلةُ، وانتصابُ قوله رُطَباً جَنِيّاً
على التمييز المحوَّل، أَرادَ يَسّاقطْ رُطَبُ الجِذْع، فلما حوّل الفعل
إِلى الجذع خرج الرطبُ مفسِّراً؛ قال الأَزهري: هذا قول الفرّاء، قال:
ولو قرأَ قارئ تُسْقِطْ عليك رُطباً يذهب إِلى النخلة، أَو قرأَ يسقط عليك
يذهب إِلى الجذع، كان صواباً.
والسَّقَطُ: الفَضيحةُ. والساقِطةُ والسَّقِيطُ: الناقِصُ العقلِ؛
الأَخيرة عن الزجاجيّ، والأُنثى سَقِيطةٌ. والسَّاقِطُ والساقِطةُ: اللَّئيمُ
في حسَبِه ونفْسِه، وقوم سَقْطَى وسُقّاطٌ، وفي التهذيب: وجمعه
السَّواقِطُ؛ وأَنشد:
نحنُ الصَّمِيمُ وهُمُ السَّواقِطُ
ويقال للمرأَة الدنيئةِ الحَمْقَى: سَقِيطةٌ، ويقال للرجل الدَّنِيء:
ساقِطٌ ماقِطٌ لاقِطٌ. والسَّقِيطُ: الرجل الأَحمق. وفي حديث أَهل النار:
ما لي لا يَدْخُلُنِي إِلاَّ ضُعفاء الناسِ وسَقَطُهم أَي أَراذِلُهم
وأَدْوانُهُم. والساقِط: المتأَخِّرُ عن الرجال.
وهذا الفعل مَسْقَطةٌ للإِنسان من أَعْيُنِ الناس: وهو أَن يأْتي بما لا
ينبغي.
والسِّقاطُ في الفَرسِ: اسْتِرْخاء العَدْوِ. والسِّقاطُ في الفرس: أَن
لا يَزالَ مَنْكُوباً، وكذلك إِذا جاء مُسْتَرْخِيَ المَشْي والعَدْوِ.
ويقال للفرس: إِنه ليساقِط الشيء
(* قوله «ليساقط الشيء» كذا بالأصل،
والذي في الاساس: وانه لفرس ساقط الشدّ إِذا جاء منه شيء بعد شيء.) أَي يجيء
منه شيء بعد شيء؛ وأَنشد قوله:
بِذي مَيْعة، كأَنَّ أَدْنَى سِقاطِه
وتَقْرِيبِه الأَعْلَى ذَآلِيلُ ثَعْلَبِ
وساقَطَ الفرسُ العَدْوَ سِقاطاً إِذا جاء مسترخياً. ويقال للفرس إِذا
سبق الخيل: قد ساقَطَها؛ ومنه قوله:
ساقَطَها بنَفَسٍ مُرِيحِ،
عَطْفَ المُعَلَّى صُكَّ بالمَنِيحِ،
وهَذَّ تَقْرِيباً مع التَّجْلِيحِ
المَنِيحُ: الذي لا نَصِيبَ له. ويقال: جَلَّحَ إِذا انكشَف له الشأْنُ
وغَلب؛ وقال يصف الثور:
كأَنَّه سِبْطٌ من الأَسْباطِ،
بين حَوامِي هَيْدَبٍ سُقَّاطِ
السِّبْطُ: الفِرْقةُ من الأَسْباط. بين حوامِي هَيْدَبٍ وهَدَبٍ أَيضاً
أَي نَواحِي شجر ملتفّ الهَدَب. وسُقّاطٌ: جمع الساقِط، وهو
المُتَدَلِّي.
والسَّواقِطُ: الذين يَرِدُون اليمَامةَ لامْتِيارِ التمر، والسِّقاطُ:
ما يحملونه من التمر.
وسيف سَقّاطٌ وَراء الضَّريبةِ، وذلك إِذا قَطَعَها ثم وصَل إِلى ما
بعدها؛ قال ابن الأَعرابي: هو الذي يَقُدُّ حتى يَصِل إِلى الأَرض بعد أَن
يقطع؛ قال المتنخل الهذلي:
كلَوْنِ المِلْحِ ضَرْبَتُه هَبِيرٌ،
يُتِرُّ العَظْمَ سَقّاطٌ سُراطِي
وقد تقدَّم في سرط، وصوابهُ يُتِرُّ العظمَ. والسُّراطِيُّ: القاطعُ.
والسَّقّاطُ: السيفُ يسقُط من وراء الضَّرِيبة يقطعها حتى يجوز إِلى
الأَرض.وسِقْطُ السَّحابِ: حيث يُرى طرَفُه كأَنه ساقِطٌ على الأَرض في ناحية
الأُفُق. وسِقْطا الخِباء: ناحِيَتاه. وسِقْطا الطائرِ وسِقاطاه
ومَسْقَطاه: جَناحاه، وقيل: سِقْطا جَناحَيْه ما يَجُرُّ منهما على الأَرض. يقال:
رَفَع الطائرُ سِقْطَيْه يعني جناحيه. والسِّقْطانِ من الظليم: جَناحاه؛
وأَما قول الرَّاعي:
حتى إِذا ما أَضاء الصُّبْحُ، وانْبَعَثَتْ
عنه نَعامةُ ذي سِقْطَيْن مُعْتَكِر
فإِنه عنى بالنعامة سَواد الليل، وسِقْطاه: أَوّلُه وآخِرُه، وهو على
الاستعارة؛ يقول: إِنَّ الليلَ ذا السِّقْطين مضَى وصدَق الصُّبْح؛ وقال
الأَزهري: أَراد نَعامةَ ليْلٍ ذي سِقطين، وسِقاطا الليل: ناحِيتا ظَلامِه؛
وقال العجاج يصف فرساً:
جافِي الأَيادِيمِ بلا اخْتِلاطِ،
وبالدِّهاسِ رَيَّث السِّقاطِ
قوله: ريّث السقاط أَي بطيء أَي يَعْدو
(* قوله «أي يعدو إلخ» كذا
بالأصل.) في الدِّهاسِ عَدْواً شديداً لا فُتورَ فيه. ويقال: الرجل فيه سِقاطٌ
إِذا فَتَر في أَمره ووَنَى.
قال أَبو تراب: سمعت أَبا المِقْدامِ السُّلَمِيّ يقول: تسَقَّطْتُ
الخَبَر وتَبقَّطْتُه إِذا أَخذته قليلاً قليلاً شيئاً بعد شيء.
وفي حديث أَبي بكر، رضي اللّه عنه: بهذه الأَظْرُبِ السَّواقِطِ أَي
صِغار الجبالِ المُنْخفضةِ اللاَّطئةِ بالأَرض.
وفي حديث سعد، رضي اللّه عنه: كان يُساقِطُ في ذلك عن رسول اللّه، صلّى
اللّه عليه وسلّم، أَي يَرْوِيهِ عنه في خِلالِ كلامِه كأَنه يَمْزُجُ
حَدِيثَه بالحديث عن رسولِ اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، وهو من أَسْقَطَ
الشيءَ إِذا أَلْقاه ورَمَى به.
وفي حديث أَبي هريرة: أَنه شرب من السَّقِيطِ؛ قال ابن الأَثير: هكذا
ذكره بعض المتأَخرين في حرف السين، وفسره بالفَخّارِ، والمشهور فيه لُغةً
وروايةً الشينُ المعجمة، وسيجيء، فأَمّا السَّقِيطُ، بالسين المهملة، فهو
الثَّلْجُ والجَلِيدُ.