(بَرى رخى بشكر خنده قتل عَالم كرد ... بكفتمش كه مرا هم بكش تَبَسم كرد}
(بَرى رخى بشكر خنده قتل عَالم كرد ... بكفتمش كه مرا هم بكش تَبَسم كرد}
أيد: الأَيْدُ والآدُ جميعاً: القوة؛ قال العجاج:
من أَن تبدّلت بآدِي آدا
يعني قوّة الشباب. وفي خطبة علي، كرم الله وجهه: وأَمسكها من أَن تمور
بأَيْدِه أَي بقوّته؛ وقوله عز وجل: واذكر عبدنا داود ذا الأَيْد؛ أَي ذا
القوة؛ قال الزجاج: كانت قوّته على العبادة أَتم قوة، كان يصوم يوماً
ويفطر يوماً، وذلك أَشدّ الصوم، وكان يصلي نصف الليل؛ وقيل: أَيْدُه قوّته
على إِلانةِ الحديد بإِذن الله وتقويته إِياه.
وقد أَيَّده على الأَمر؛ أَبو زيد: آد يَئِيد أَيداً إِذا اشتد وقوي.
والتأْييد: مصدر أَيَّدته أَي قوّيته؛ قال الله تعالى: إِذا أَيدتك بروح
القدس؛ وقرئ: إِذا آيَدْتُك أَي قوّيتك، تقول من: آيَدْته على فاعَلْته
وهو مؤيَد. وتقول من الأَيْد: أَيَّدته تأْييداً أَي قوَّيته، والفاعل
مؤَيِّدٌ وتصغيره مؤَيِّد أَيضاً والمفعول مُؤَيَّد؛ وفي التنزيل العزيز:
والسماء بنيناها بأَيد؛ قال أَبو الهيثم: آد يئيد إِذا قوي، وآيَدَ يُؤْيِدُ
إِيآداً إِذا صار ذا أَيد، وقد تأَيَّد. وأُدت أَيْداً أَي قوِيتُ.
وتأَيد الشيء: تقوى. ورجل أَيِّدٌ. بالتشديد، أَي قويّ؛ قال الشاعر:
إِذا القَوْسُ وَتَّرها أَيِّدٌ،
رَمَى فأَصاب الكُلى والذُّرَا
يقول: إِذا الله تعالى وتَّر القوسَ التي في السحاب رمى كُلى الإِبل
وأَسنمتَها بالشحم، يعني من النبات الذي يكون من المطر. وفي حديث حسان بن
ثابت: إن روح القدس لا تزال تُؤَيِّدُك أَي تقويك وتنصرك والآد:
الصُّلب.والمؤيدُ: مثال المؤمن: الأَمر العظيم والداهية؛ قال طرفة:
تقول وقد، تَرَّ الوظيفُ وساقُها:
أَلستَ تَرى أَنْ قد أَتيتَ بمُؤْيِدِ؟
وروى الأَصمعي بمؤيَد، بفتح الياء، قال: وهو المشدّد من كل شيء؛ وأَنشد
للمثَبِّب العَبْدي:
يَبْنى، تَجَاليدي وأَقْتادَها،
ناوٍ كرأْسِ الفَدَنِ المُؤْيَدِ
يريد بالناوي: سنامها وظهرها. والفدَن: القصر. وتجاليده: جسمه.
والإِيادُ: ما أُيِّدَ به الشيء؛ الليث: وإِيادُ كل شيء ما يقوّى به من
جانبيه، وهما إِياداه. وإِياد العسكر: الميمنة والميسرة؛ ويقال لميمنة
العسكر وميسرته: إِياد؛ قال العجاج:
عن ذي إِيادَينِ لَهَامٍ، لو دَسَرْ
برُكْنهِ أَركانَ دَمْخٍ، لانْقَعَرْ
وقال يصف الثور:
متخذاً منها إِياداً هدَفا
وكل شيء كان واقياً لشيء، فهو إِيادُه. والإِياد: كل مَعْقل أَو جبل
حصين أَو كنف وستر ولجــأ؛ وقد قيل: إِن قولهم أَيده الله مشتق من ذلك؛ قال
ابن سيده: وليس بالقوي، وكل شيء كَنَفَك وسترك: فهو إِياد. وكل ما يحرز به:
فهو إِياد؛ وقال امرؤ القيس يصف نخيلاً:
فأَثَّتْ أَعاليه وآدتْ أُصولُه،
ومال بِقِنْيانً من البُسْرِ أَحمرا
آدت أُصوله: قويت، تَئيدُ أَيْداً. والإِيادُ: التراب يجعل حول الحوض
أَو الخباءَ يقوى به أَو يمنع ماء المطر؛ قال ذو الرمة يصف الظليم:
دفعناه عن بَيضٍ حسانٍ بأَجْرَعٍ،
حَوَى حَوْلَها من تُرْبهِ بإِيادِ
يعني طردناه عن بيضه. ويقال: رماه الله بإِحدى الموائد والمآود أَي
الدواهي. والإِياد: ماحَنا من الرمل. وإِياد: اسم رجل، هو ابن معدّ وهم اليوم
باليمن؛ قال ابن دريد: هما إِيادانِ: إِياد بن نزار، وإِياد بن سُود بن
الحُجر بن عمار بن عمرو. الجوهري: إِيادُ حيّ من معدّ؛ قال أَبو دُواد
الإِيادي:
في فُتوٍّ حَسَنٍ أَوجهُهُمْ،
من إِياد بن نِزار بن مُضر.
كسل: الليث: الكَسَل التَّثاقُل عما لا ينبغي أَن يُتَثاقَل عنه، والفعل
كَسِل وأَكْسَل؛ وأَنشد أَبو عبيدة للعجاج:
أَظَنَّتِ الدَّهْنا وظَنَّ مِسْحَلُ
أَن الأَميرَ بالقَضاء يَعْجَلُ
عن كَسَلاتي، والحِصان يُكْسِلُ
عن السِّفادِ، وهو طِرْفٌ هَيْكَلُ؟
قال أَبو عبيدة: وسمعت رؤْبة ينشدها: فالجواد يُكْسِل؛ قال: وسمعت غيره
من ربيعة الجُوعِ يرويه: يَكْسَل، قال ابن بري: فمن روى يَكْسَل فمعناه
يثقُل، ومن روى يُكْسِل فمعناه تنقطع شهوته عند الجماع قبل أَن يصل إِلى
حاجته؛ وقال العجاج أَيضاً:
قد ذاد لا يَسْتَكْسِل المَكاسِلا
أَراد بالمَكاسِل الكَسَل أَي لا يَكْسَل كَسَلاً. المحكم: الكَسَل
التثاقُل عن الشيء والفُتور فيه؛ كَسِل عنه، بالكسر، كَسَلاً، فهو كَسِل
وكَسْلان والجمع كَسالى وكُسالى وكَسْلى. قال الجوهري وإِن شئت كسرت اللام
كما قلنا في الصَّحارِي، والأُنثى كَسِلة وكَسْلى وكَسْلانة وكَسُول
ومِكْسال. ويقال: فلان لا تُكْسِله المَكاسِل؛ يقول: لا تُثْقِلُه وجوه
الكَسَل. والمِكْسال والكَسُول: التي لا تكاد تبرَح مجلسَها، وهو مدحٌ لها مثل
نَؤوم الضحى، وقد أَكْسَله الأَمر. وأَكْسَل الرجلُ: عَزَل فلم يُرِدْ
ولداً، وقيل: هو أَن يعالج فلا يُنزل، ويقال في فحل الإِبل أَيضاً. وفي
الحديث أَن رجلاً سأَل النبي، صلى الله عليه وسلم: إِن أَحدنا يجامع
فيُكْسِل؛ معناه أَنه يفتُرُ ذكَرُه قبل الإِنزال وبعد الإِيلاج وعليه الغسل إِذا
فعل ذلك لالتقاء الخِتانين. وفي الحديث: ليس في الإِكْسال إِلا
الطَّهُور؛ أَكْسَلَ إِذا جامع ثنم لَحِقه فُتور فلم يُنْزِل، ومعناه صار ذا
كَسَل، قال ابن الأَثير: ليس في الإِكْسال غُسْل وإِنما فيه الوضوء، وهذا على
مذهب مَنْ رأَى أَن الغسل لا يجب إِلا من الإِنزال، وهو منسوخ،
والطَّهور ههنا يروى بالفتح ويراد به التطهر، وقد أَثبت سيبويه الطَّهور والوَضوء
والوَقود، بالفتح، في المصادر. وكَسِلَ الفحلُ وأَكْسَلَ: فَدَر؛ وقول
العجاج:
أَإِن كَسِلْتُ والجَواد يَكْسَلُ
فجاء به على فَعِلْت، ذهب ب إِلى الدّاءِ لأَن عامة أَفعال الداء على
فَعِلْت.
والكِسْل: وَتَرُ المِنْفَحة، والمِنْفَحة: القوس التي يُنْدَف بها
القُطْن؛ قال:
وأَبْغِ لي مِنْفَحةً وكِسْلا
ابن الأَعرابي: الكِسْل وتَر قوس الندَّاف إِذا نزع منها، وقال غيره:
المِكْسَل وتر قوس الندّاف إِذا خلع منها. والكَوْسَلة: الحَوْثَرَة وهي
رأْس الأُذَافِ، وبه سمي الرجل حَوْثَرة، وفي ترجمة كسل: الكَوْسَلة،
بالسين في الفَيْشة ولعل الشين فيها لغة، وقد ذكرناه في كَشَل أَيضاً
مبيناً.
دوا: الدَّوُّ: الفَلاةُ الواسِعَة، وقيل: الدَّوُّ المُسْتوية من
الأَرض. والدَّوِّيَّة: المنسوبة إِلى الدَّوِّ؛ وقال ذو الرمة:
ودوّ ككَفِّ المُشْتري غيرَ أَنَّه
بساطٌ، لأَخْماسِ المَراسِيلِ، واسعُ
(* قوله «لأخماس المراسيل إلخ» هو بالخاء المعجمة في التهذيب).
أَي هي مُستويةٌ ككَفِّ الذي يُصافِقُ عند صَفْقَة البيع، وقيل:
دَوِّيَّة وداوِيَّة إِذا كانت بعيدةَ الأَطرافِ مُستوية واسعة؛ وقال
العجاج:دَوِّيَّةٌ لهَوْلها دَوِيُّ،
للرِّيحِ في أَقْرابِها هُوِيُّ
(* قوله «في أقرابها هوي» كذا بالأصل والتهذيب ولعله في اطرافها).
قال ابن سيده: وقيل الدَّوُّ والدَّوِّيَّة والدَّاوِيَّة والداويَة
المفازة، الأَلف فيه منقلبة عن الواو الساكنة، ونظيره انقلابه عن الياء في
غاية وطاية، وهذا القلب قليل غير مقيس عليه غيره. وقال غيره: هذه دعوى من
قائلها لا دلالة عليها، وذلك أَنه يجوز أَن يكون بَنَى من الدوِّ
فاعِلةً فصار داوِيَة بوزن راوِية، ثم إِنه أَلْحق الكلمة ياءَ النَّسَب
وحذَفَ اللام كما تقول في الإِضافة إِلى ناحية ناحِيٌّ، وإِلى قاضية قاضِيٌّ؛
وكما قال علقمة:
كأْسَ عَزِيزٍ من الأَعْنابِ عَتَّقَها،
لبَعْضِ أَرْبابِها، حانِيَّةٌ حُومُ
فنسبها إِلى الحاني بوزن القاضِي؛ وأَنشد الفارسي لعمرو ابن مِلْقَط:
والخيلُ قد تُجْشِمُ أَرْبابَها الشِّـ
ـقَّ، وقَدْ تَعْتَسِفُ الداوِيَهْ
قال: فإِن شئت قلت إِنه بنى من الدِّوِّ فاعِلَة، فصار التقدير داوِوَة،
ثم قلب الواو التي هي لام ياءً لانكسار ما قبلها ووقوعِها طَرَفاً، وإِن
شئت قلت أَراد الدَّاوِيَّةَ المحذوفةَ اللام كالحانِيّة إِلا أَنه خفف
بالإِضافة كما خفف الآخر في قوله؛ أَنشده أَبو علي أَيضاً:
بَكِّي بعَيْنِك واكِفَ القَطْرِ
ابْنَ الحَوَارِي العالِيَ الذّكْرِ
(* قوله «بكّي بعينك واكف إلخ» تقدم في مادة حور ضبطه بكى بفتح الكاف
وواكف بالرفع، والصواب ما هنا).
وقال في قولهم دَوِّيَّة قال: إِنما سميت دَوِّيَّة لَدوِيِّ الصَّوْتِ
الذي يُسْمَع فيها، وقيل: سُمِّيَت دَوِّيَّة لأَنَّها تُدَوِّي بِمَنْ
صار فيها أَي تَذْهَب بهم.
ويقال: قَدْ دَوَّى في الأَرض وهو ذَهابُهُ؛ قال رؤبة:
دَوَّى بها لا يَعْذِرُ العَلائِلا،
وهو يُصادِي شُزُناً مَثائِلا
(* قوله «وهو يصادي شزناً مثائلا» كذا بالأصل، والذي في التهذيب:
وهو يصادي شزباً نسائلا).
دَوَّى بها: مَرَّ بها يعني العَيْرَ وأُتُنَه، وقيل: الدَّوُّ أَرض
مَسيرةُ أَربع ليالٍ شِبْهُ تُرْسٍ خاويةٌ يسار فيها بالنجوم ويخافُ فيها
الضلالُ، وهي على طريق البصرة متياسرة إِذا أَصْعَدْتَ إِلى مكة شرفها الله
تعالى، وإِنما سميت الدَّوَّ لأَن الفُرْسَ كانت لَطائِمُهُم تَجُوزُ
فيها، فكانوا إِذا سلكوها تَحاضُّوا فيها بالجِدِّ فقالوا بالفارسي: دَوْ
دَوْ
(* قوله «دو دو» أي أسرع أسرع، قالة ياقوت في المعجم). قال أَبو
منصور: وقد قَطَعْتُ الدَّوَّ مع القَرامِطَة، أَبادَهُم الله، وكانت
مَطْرَقَهُم قافلين من الهَبِير فسَقَوْا ظَهْرَهم واسْتَقَوْا بحَفْرِ أَبي
موسى الذي على طريق البصرة وفَوَّزوا في الدوِّ، ووردوا صبيحةَ خامسةٍ ماءً
يقال له ثَبْرَةُ، وعَطِبَ فيها بُخْتٌ كثيرة من إِبل الحاج لبُلُوغ
العَطَش منها والكَلالِ؛ وأَنشد شمر:
بالدَّوّ أَو صَحْرائِهِ القَمُوصِ
ومنه خطبة الحَجّاج:
قَد،ْ لَفَّها اللَّيْلُ بعُصْلُبِيِّ
أَرْوَعَ خَرَّاجٍ من الدَّاوِيِّ
يعني الفَلَوات جمع داوِيَّة، أَراد أَنه صاحب أَسفار ورِِحَل فهو لا
يزال يَخْرُج من الفَلَوات، ويحتمل أَن يكون أَراد به أَنه بصير بالفَلَوات
فلا يَشْتَبه عليه شيء منها. والدَّوُّ: موضع بالبادية، وهي صَحْراء
مَلْساء، وقيل: الدَّوُّ بلد لبني تميم؛ قال ذو الرمة:
حَتَّى نِساءُ تمِيمٍ، وهْي نازِحةٌ
بباحَةِ الدَّوِّ فالصَّمَّانِ فالعَقَدِ
(* قوله «فالعقد» بفتح العين كما في المحكم، وقال في ياقوت: قال نصر بضم
العين وفتح القاف وبالدال موضع بين البصرة وضرية وأظنه بفتح العين وكسر
القاف).
التهذيب: يقال داوِيَّة وداوِيَةٌ، بالتخفيف؛ وأَنشد لكثير:
أَجْواز داوِيَةٍ خِلالَ دِماثِهَا
جُدَدٌ صَحَاصِحُ، بَيْنَهُنَّ هُزومُ
والدَّوَّةُ: موضع معروف. الأَصمعي: دَوَّى الفَحْلُ إِذا سَمِعْت
لهَدِيره دَوِيّاً. الجوهري: الدَّوُّ والدَّوِّيُّ المَفازة، وكذلك
الدَّوِّيَّة لأَنها مَفازَة مثلُها فنُسِبَتْ إِليها، وهو كقولهم قَعْسَرٌ
وقَعْسَرِيّ ودَهْر دَوَّار ودَوَّارِيّ؛ قال الشمّاخ:
ودَوِّيَّةٍ قَفْرٍ تَمَشَّى نَعامُها،
كَمَشْيِ النَّصارَى في خِفافِ الأَرَنْدَجِ
قال ابن بري: هذا الكلام نقله من كلام الجاحظ لأَنه قال سُمّيت دَوِّيّة
بالدَّوِّيّ الذي هو عَزِيفُ الجنِّ، وهو غَلَطٌ منه، لأَن عَزِيفَ
الجنِّ وهو صَوْتها يقال له دَوِيٌّ، بتخفيف الوا؛ وأَنشد بيت العجاج:
دَوِّيَّة لِهَوْلِهَا دَوِيُّ
قال: وإِذا كانت الواو فيه مخففة لم يكن منه الدَّوِّيّة، وإِنما
الدَّوِّيَّة منسوبة إِلى الدَّوِّ على حد قولهم أَحْمَرُ وأَحْمَرِيٌّ، وحقيقة
هذه الياء عند النحويين أَنها زائدة لأَنه يقال دَوٌّ ودَوِّيٌّ
للقَفْر، ودَوِّيَّة للمَفازة، فالياء فيها جاءت على حَدِّ ياءِ النسَبِ زائدةً
على الدَّوِّ فلا اعتِبار بها، قال: ويدلّك على فَسَادِ قول الجاحظ إِن
الدوِّيّة سُمّيت بالدَّوِيّ الذي هو عزيف الجن قولهم دَوٌّ بلا ياءٍ،
قال: فليت شعري بأَيِّ شيءٍ سُمِّيَ الدَّوُّ لأَنّ الدَّوَّ ليس هو صوتَ
الجِنِّ، فنقول إِنَّه سُمّي الدَّوّ بَدوِّ الجنّ أَي عزِيفهِ، وصواب
إِنشاد بيت الشماخ: تَمَشَّى نِعاجُها؛ شبّه بقَر الوحش في سواد قوائِمها
وبياض أَبْدانِها برجال بيضٍ قد لَبِسُوا خِفافاً سُوداً. والدَّوُّ: موضع،
وهو أَرض من أَرض العرب؛ قال ابن بري: هو ما بين البصرة واليمامة، قال
غيره: وربما قالوا دَاوِيّة قلبوا الواوَ الأُولى الساكنة أَلِفاً لانفتاح
ما قبلها ولا يقاس عليه. وقولهم: ما بها دَوِّيٌّ أَي أَحد مِمَّن يَسْكن
الدَّوَّ، كما يقال ما بها دُورِيٌّ وطُورِيٌّ.
والدَّوْدَاة: الأُرْجُوحَة. والدَوْدَاة: أَثَرُ الأُرْجوحة وهي
فَعْلَلَة بمنزلة القَرْقَرَة، وأَصلها دَوْدَوَة ثم قُلِبَت الواوُ ياءً
لأَنّها رابِعَة هنا فصارت في التقدير دَوْدَيَةً، فانْقَلَبت الياءُ أَلفاً
لتَحَرُّكِها وانفتاح ما قبلها فَصارت دَوْدَاة، قال: ولا يجوز أَن يكون
فَعْلاةً كأَرْطاةٍ لئِلاَّ تُجْعل الكلمة من باب قَلِقٍ وسَلِسٍ، وهو
أَقل من باب صَرْصَر وفَدْفَدٍ، ولا يجوز أَيضاً أَن تجعلها فَوْعَلَةً
كجَوْهَرةٍ لأَنك تعدل إِلى باب أَضيق من باب سَلس، وهو باب كَوْكَب
ودَوْدَن، وأَيضاً فإِنّ الفَعْلَلَة أَكثر في الكلام من فََعْلاةٍ وفَوْعَلَةٍ؛
وقول الكميت:
خَرِيع دَوادِيُ في مَلْعَبٍ
تَأَزَّرُ طَوْراً، وتُرْخِي الإِزارَا
فإِنه أَخرج دَوادِيَ على الأَصل ضرورة، لأَنه لو أَعَلّ لامَه
فحذَفَها فقال دَوادٍ لانْكَسر البيت؛ وقال القتال الكِلابي:
تَذَكَّرَ ذِكْرَى مِنْ قَطاةٍ فَأَنْصَبا،
وأَبّنَ دَوْداةً خَلاءً ومَلْعَبا
وفي حديث جُهَيْسٍ: وكَائِنْ قَطَعْنَا من دَوِّيَّةٍ سَرْبَخٍ؛ الدوُّ:
الصَّحْراء التي لا نَباتَ
بها، والدَّوِّيَّةُ منسوبة إِليها. ابن سيده: الدَّوى، مقصورٌ، المرَض
والسِّلُّ. دَوِي، بالكسر، دَوىً فهو دَوٍ ودَوىً أَي مَرِضَ، فمن قال
دَوٍ ثَنَّى وجَمع وأَنث، ومن قال دَوىً أَفرد في ذلك كلّه ولم يؤنِّثْ.
الليث: الدَّوى داءٌ باطنٌ في الصدر، وإِنه لَدَوِي الصدر؛ وأَنشد:
وعَيْنُكَ تُبْدِي أَنَّ صَدْرَكَ لي دَوِي وقول الشاعر:
وقَدْ أَقُود بالدَّوى المُزَمَّلِ
أَخْرسَ في السَّفْر بَقَاقَ المَنْزِل
إِنما عَنى به المريضَ من شدة النعاس. التهذيب: والدَّوى الضَّنى، مقصور
يكتب بالياء؛ قال:
يُغْضي كإِغْضاءِ الدَّوى الزَّمِينِ
ورجلٌ دَوىً، مقصور: مثلُ ضَنىً. ويقال: تَرَكْتُ فلاناً دَوىً ما أَرى
به حَياةً. وفي حديث أُمِّ زَرْعٍ: كلُّ داءٍ له داءٌ أَي كلّ
عيب يكونُ في الرجال فهو فيه، فجَعَلَتِ العيب داءً، وقولها: له داءٌ
خبر لكل، ويحتمل أَن يكون صفة لداء، وداء الثانية خبر لكل أَي كل داء فيه
بليغٌ مُتناهٍ، كما يقال: إِنَّ هذا الفَرَسَ فَرَسٌ. وفي الحديث: وأَيُّ
داءٍ أَدْوى من البُخْلِ أَي أَيُّ عيب أَقْبحُ منه؛ قال ابن بري:
والصواب أَدْوَأُ من البُخْل، بالهمز وموضعه الهمز، ولكن هذا يُرْوى إِلا أَن
يجعل من باب دَوِيَ يَدْوَى دَوىً، فهو دَوٍ إِذا هَلَكَ بمرض باطن،
ومنه حديث العَلاء ابن الحضْرَمِيّ: لا داءَ ولا خِبْثَة؛ قال: هو العَيْبُ
الباطِن في السِّلْعة الذي لمْ يَطَّلِعْ عَليه المُشْتري. وفي الحديث:
إِنَّ الخَمر داءٌ ولَيْسَتْ بِدواءٍ؛ استعمل لفظ الداءِ في الإِثْمِ كما
اسْتَعْمَله في العيب؛ ومنه قوله: دَبَّ إِلْيكُم داءُ الأُمَمِ
قَبْلَكُم البَغْضاءُ والحَسَدُ، فنَقَل الداءَ من الأَجْسامِ
إِلى المعاني ومنْ أَمْر الدُّنيا إِلى أَمْر الآخِرَةِ، قال: وليست
بدَواءٍ وإِن كان فيها دَواءٌ من بعض الأَمْراض، على التَّغْلِيبِ والمبالغة
في الذمّ، وهذا كما نقل الرَّقُوبُ والمُفْلِسُ والصُّرَعةُ لضرب من
التَّمْثِيل والتَّخْيِيل. وفي حديث علي: إِلى مَرْعىً وبِيٍّ ومَشْرَبٍ
دَوِيٍّ أَي فيه داءٌ، وهو منسوب إِلى دَوٍ من دَوِيَ، بالكسر، يَدْوى. وما
دُوِّيَ إِلا ثلاثاً
(* قوله «وما دوّي إلا ثلاثاً إلخ» هكذا ضبط في
الأصل بضم الدال وتشديد الواو المكسورة). حتى مات أَو بَرَأَ أَي مَرِضَ.
الأَصمعي: صَدْرُ فلانٍ دَوىً على فلان، مقصور، ومثله أَرض دَوِىَّة أَى ذات
أَدْواءٍ. قال: ورجل دَوىً ودَوٍ أَي مريض، قال: ورجل دَوٍ، بكسر الواو،
أَي فاسدُ الجوف من داءٍ، وامرأَة دَوِىَةٌ، فإِذا قلت رجل دَوىً،
بالفتح، استوى فيه المذكر والمؤنث والجمع لأَنه مصدر في الأَصل. ورجل دَوىً،
بالفتح، أَي أَحمق؛ وأَنشد الفراء:
وقد أَقُود بالدَّوى المُزَمَّل
وأَرض دَوِيَةٌ، مخفف، أَي ذات أَدْواءٍ. وأَرْضٌ دَوِيَةٌ: غير موافقة.
قال ابن سيده: والدَّوى الأَحمق، يكتب بالياء مقصور. والدَّوى: اللازم
مكانه لا يَبْرح.
ودَوِيَ صَدْرُه أَيضاً أَي ضَغِنَ، وأَدْواهُ
غيرُه أَي أَمْرَضَه، وداواهُ أَي عالَجَهُ. يقال: هو يُدْوِي ويُداوي
أَي يُعالِجُ، ويُداوى بالشيء أَي يُعالَجُ به، ابن السكيت: الدَّواءُ ما
عُــولِجَ به الفَرَسُ
من تَضْمِير وحَنْذٍ، وما عُــولِجَــتْ به الجارِيَة حتى تَسْمَن؛ وأَنشد
لسلامة بن جندل:
ليْسَ بأَسْفى ولا أَقْنى ولا سَغِلٍ
يُسْقى دَواءَ قَفِيِّ السَّكْنِ مَرْبوبِ
يعني اللَّبَنَ، وإِنما جعله دواءً لأَنهم كانوا يُضَمِّرونَ الخيلَ
بشُرْبِ اللبن والحَنْذِ ويُقْفُون به الجارِية، وهي القَفِيَّة لأَنها
تُؤْثَر به كما يؤثر الضَّيف والصَّبيُّ؛ قال ابن بري: ومثله قول امرأَة من
بني شُقيْر:
ونُقْفي وِليدَ الحَيِّ إِنْ كان جائِعاً،
ونُحْسِبُه إِنْ كان ليْسَ بجائعِ
والدَّواةُ: ما يُكْتَبُ منه معروفة، والجمع دَوىً ودُوِيٌّ ودِوِيٌّ.
التهذيب: إِذا عدَدْت قلت ثلاث دَوَياتٍ إِلى العَشْر، كما يقال نَواةٌ
وثلاث نَوَياتٍ، وإِذا جَمَعْت من غير عَدَدٍ فهي الدَّوى كما يقال نَواةٌ
ونَوىً، قال: ويجوز أَن يُجْمَع دُوِيّاً على فُعُول مثل صَفاةٍ وصَفاً
وصُفِيٍّ؛ قال أَبو ذؤيب:
عَرَفْتُ الديارَ كَخَطِّ الدُّوِيْـ
يِّ حَبَّره الكاتِبُ الحِمْيَرِي
والدُّوايَةُ والدِّوايَةُ: جُلَيْدةٌ رقيقة تعلو اللَّبَنَ والمَرَقَ.
وقال اللحياني: دُوِاية اللبنِ والهَرِيسَة وهو الذي يََغْلُظُ عليه إِذا
ضرَبَتْه الريحُ فيصيرُ مثل غِرْقِئ البَيْض. وقد دَوَّى اللبنُ
والمَرَقُ تَدْوِيةً: صارت عليه دُوايةٌ أَي قِشْرَةٌ. وادَّوَيْت: أَكَلْت
الدُّوايةَ، وهو افْتَعَلْت، ودَوَّيْته؛ أََعْطَيْته الدُّواية،
وادَّوَيْتُها: أَخَذْتها فأَكَلْتها؛ قال يزيدُ بن الحَكَم الثَّقَفي:
بَدا منْك غِشٌّ، طالما قَدْ كَتَمْته،
كما كَتَمَتْ داءَ ابْنِها أُمُّ مُدَّوِي
وذلك أَن خاطبة من الأَعراب خطبت على ابنها جارية فجاءت أُمّها أُمّ
الغلام لتنظر إِليه فدخل الغلام فقال: أَأَدَّوِي يا أُمِّي؟ فقالت:
اللِّجامُ
مُعَلَّقٌ بعَمُودِ البَيْتِ؛ أَرادت بذلك كِتْمان زَلَّةِ الابن وسُوءِ
عادَتِهِ. ولبن داوٍ: ذُو دُوايَةٍ. والدِوُّاية في الأَسْنان
كالطُّرامَة؛ قال:
أَعددت لفيك ذو الدواية
(* قوله «أعددت لفيك إلخ» هكذا بالأصل).
ودَوَّى الماءُ: علاهُ مثلُ الدِوُّاية مما تَسْفِي الريح فيه،
الأَصمعي. ماءٌ مُدَوٍّ وداوٍ إِذا عَلَتْه قُشَيْرة مثل دَوَّى اللبنُ إِذا
عَلَتْه قُشَيْرة، ويقال للذي يأْخذ تلك القُشَيْرة: مُدَّوٍ، بتشديد الدال،
وهو مُفْتَعِل، والأَول مُفَعِّل. ومَرَقَةٌ دِوايةٌ ومُدَوِّيَة: كثيرة
الإِهالة. وطعام داوٍ ومُدَوٍّ: كثيرٌ. وأَمْرٌ مُدَوٍّ إِذا كان
مُغَطّىً؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
ولا أَرْكَبُ الأَمْرَ المُدَوِّيَ سادِراً
بعَمْياءَ حتَّى أَسْتَبِينَ وأُبْصِرا
قال: يجوز أَن يعني الأَمْر الذي لا يعرف ما وراءَهُ كأَنه قال ودُونه
دُوايةٌ قد غَطَّته وسترته، ويجوز أَن يكون من الدَّاءِ فهو على هذا
مهموز. وداوَيْت السُّقْم: عانَيْته. الكسائي: داءَ الرجلُ فهو يَداءُ على
مِثال شاءَ يَشاء إِذا صار في جوفه الدَّاءُ. ويقال: داوَيْت العَلِيلَ
دَوىً، بفتح الدال، إِذا عالَجْته بالأَشْفِية التي تُوافِقُه؛ وأَنشد
الأَصمعي لثَعْلَبة بن عمرو العَبْدي:
وأَهْلَكَ مُهْرَ أَبِيكَ الدَّوى،
وليسَ له مِنْ طَعامٍ نَصِيبْ
خَلا أَنهُم كُلَّما أَوْرَدُوا
يُصَبَّحُ قَعْباً عليه ذَنُوبْ
قال: معناه أَنه يُسْقَى من لبنٍ عليه دَلْو من ماء، وصفه بأَنه لا
يُحْسن دَواءً فَرسه ولا يُؤْثِرهُ بلبنه كما تفعل الفُرْسان؛ ورواه ابن
الأَنباري:
وأَهْلَكَ مُهْرَ أَبيكَ الدَّواءْ
بفتح الدال، قال: معناه أَهلكه تَرْكُ
الدواء فأَضْمَر التَّرْكَ. والدَّواءُ: اللَّبَن. قال ابن سيده:
الدِّواءُ والدَّواءُ والدُّواءُ؛ الأَخيرة عن الهجري، ما داوَيْتَه به،
ممدود. ودُووِيَ
الشيء أَي عُــولِجَ، ولا يُدْغَمُ فَرْقاً بين فُوعِلَ وفُعِّل.
والدِّواءُ: مصدر داوَيْتُه دِواءً مثل ضاربته ضِراباً؛ وقول العجاج:
بفاحِمٍ دُووِيَ حتى اعْلَنْكَسا،
وبَشَرٍ مع البَياضِ أَملَسا
إِنما أَراد عُونِيَ بالأَدْهان ونحوها من الأَدْوِية حتى أَثَّ
وكَثُرَ. وفي التهذيب: دُوِّيَ أَي عُــولِجَ وقِيمَ عليه حتى اعْلَنْكَس أَي
ركِبَ بعضُه بعضاً من كثرته. ويروى: دُووِيَ فُوعِلَ من الدَّواء، ومن رواه
دُوِّيَ فهو على فُعِّلَ منه. والدِّواءُ، ممدود: هو الشِّفاءُ. يقال:
داوَيْته مُداواةً، ولو قلت دِوَاءً كان جائِزاً. ويقال: دُووِيَ فلان
يُداوى، فيُظْهِرُ الواوَيْنِ ولا يُدْغِم إِحداهما في الأُخرى لأَن الأُولى
هي مَدّة الأَلف التي في داواه، فكَرِهوا أَن يُدْغِموا المدَّة في الواو
فيلتبس فُوعِل بفُعِّل. الجوهري: الدَّواء، ممدودٌ، واحد الأَدْوِيَة،
والدِّواءُ، بالكسرِ، لُغة فيه؛ وهذا البيت يُنْشَد على هذه اللغة:
يقولون: مَخْمورٌ وهذا دِواؤُه،
عليَّ إِذاً مَشْيٌ، إِلى البيتِ، واجِبُ
أَي قالوا إِنَّ الجَلْد والتَّعْزِيزَ دواؤُه، قال: وعلَيَّ حجةٌ
ماشياً إِن كنتُ شَرِبْتُها. ويقال: الدِّواءُ إِنما هو مصدر داوَيْته
مُداواةً ودِواءً. والدَّواءُ: الطعامُ وجمع الداء أَدْواءٌ، وجمع الدواءِ
أَدْوِية، وجمع الدَّواةِ دُوِيُّ. والدَّوَى: جمعُ
دواةٍ، مقصورٌ يكتب بالياء، والدَّوَى للدَّواءِ بالياء مقصور؛ وأَنشد:
إِلا المُقِيمَ على الدَّوَى المُتَأَفِّن
وداوَيتُ الفَرَس: صَنَّعْتُها. والدَّوَى: تَصْنيع الدابَّة وتسْمِينُه
وصَقْله بسَقْي اللبن والمواظَبة على الإِحسان إِليه، وإِجرائِه مع ذلك
البَرْدَينِ قدرَ ما يسيل عَرَقُه ويَشْتَدُّ لحْمه ويذهب رَهَله.
ويقال: داوَى فلان فرسَه دِواءً، بكسر الدال، ومُداواةً إِذا سَمَّنه
وعَلَفَه عَلْفاً ناجِعاً فيه؛ قال الشاعر:
وداوَيْتُها حتى شَتَتْ حَبَشِيَّةً،
كأَنَّ عَليها سُنْدُساً وسُدُوسا
والدَّوِيُّ: الصَّوْتُ، وخص بعضهم به صوتَ الرَّعْد، وقد دَوَّى.
التهذيب: وقد دَوَّى الصوتُ يُدَوِّي تَدْوِيَةً. ودَوِيُّ الريحِ: حَفِيفُها،
وكذلك دَوِيُّ النَّحْلِ. ويقال: دَوَّى الفَحْل تَدْوِيَةً، وذلك إِذا
سمعت لهَدِيره دَوِيّاً. قال ابن بري: وقالوا في جَمع دَوِيِّ الصوتِ
أَداوِيَّ؛ قال رؤبة:
وللأَداوِيِّ بها تَحْذِيما
وفي حديث الإِيمانِ: تَسْمَعُ دَوِيَّ صَوْتِه ولا تَفْقَه ما يقول؛
الدَّوِيُّ: صوت ليس بالعالي كصوت النَّحْلِ ونحوه. الأَصمعي: خَلا بَطْني
من الطعام حتى سَمِعْتُ دَوِيّاً لِمَسامِعي. وسَمِعْتُ دَوِيَّ المَطر
والرَّعْدِ إِذا سمعتَ صَوْتَهما من بعيدٍ. والمُدَوِّي أَيضاً: السحاب ذو
الرَّعْدِ المُرْتَجِس. الأَصمعي: دَوَّى الكَلْبُ في الأَرض كما يقال
دَوَّمَ الطائِرُ في السماء إِذا دار في طَيَرانِه في ارتفاعه؛ قال: ولا
يكون التَّدْويمُ في الأَرض ولا التَّدْويَة في السماء، وكان يعيب قول ذي
الرمة:
حتى إِذا دَوَّمَتْ في الأَرض راجَعَهُ
كِبْرٌ، ولو شاءَ نجَّى نفْسَه الهَرَبُ
قال الجوهري: وبعضهم يقول هما لغتان بمعنى، ومنه اشْتُقَّت دُوَّامة
الصبيّ، وذلك لا يكون إِلا في الأَرض. أَبو خَيْرة: المُدَوِّيَةُ الأَرض
التي قد اختَلَف نَبْتُها فدَوَّت كأَنها دُوايَةُ اللَّبَنِ، وقيل:
المُدَوِّيَةُ الأَرضُ الوافِرة الكَلإ التي لم يُؤْكَلْ منها شيءٌ.
والدَّايَة: الظِّئْرُ؛ حكاه ابن جني قال: كلاهما عربي فصيح؛ وأَنشد
للفرزدق:رَبِيبَة داياتٍ ثلاثٍ رَبَيْنَها،
يُلَقِّمْنَها من كلِّ سُخْن ومُبْرَدِ
قال ابن سيده: وإِنما أَثبته هنا لأَن باب لَوَيْتُ أَكثرُ من باب
قُوَّة وعييت.
فنك: الفَنْكُ: العَجَبُ، والفَنْك الكذب، والفَنْكُ التَّعَدِّي،
والفَنْكُ اللَّحاج.
وفَنَك بالمكان يَفْنُكُ فُنُوكاً وأَرَكَ أُرُوكاً إذا أَقام به.
وفَنَكَ فُنُوكاً وأَفْنَكَ: واظب على الشيء. وفَنَك في الطعام يَفْنُك
فُنُوكاً إذا استمرّ على أَكله ولم يَعَفْ منه شيئاً، وفيه لغة أُخرى: فَنِكَ
في الطعام، بالكسر، فُنُوكاً. وفَنَك في أَمره: ابْتَزَّه ولَجَّ فيه
وغَلَبَ عليه؛ قال عَبِيدُ بن الأَبْرَص:
ودِّعْ لَمِيسَ ودَاعَ الصَّارِمِ اللاَّحِي،
إذ فَنَكَتْ في فسادٍ بعدَ إصْلاحِ
وفَنَكَ فُنُوكاً وأَفْنَك: كذبَ. وفَنَكَ في الكذب: مَضى ولَجَّ فيه؛
قال:
لما رأَيتُ أَنها في خُطِّي،
وفَنَكَتْ في كَذِبٍ ولَطِّ،
أَخَذْتُ منها بقُرونٍ شُمْطِ
وقال أَبو طالب: فَانَكَ في الكذب والشر وفَنَكَ وفَنَّكَ ولا يقال في
الخير، ومعناه لَجَّ فيه ومَحَكَ، وهو مثل التَتايُع لا يكون إلا في الشر.
الجوهري: الفُنُوك اللَّجاجُ؛ عن الكسائي وأَبو عبيدة مثله، وقد فَنَك
في هذا الأَمر يَفْنُك فُنوكاً أَي لَجَّ فيه، وزعم يعقوب أَنه مقلوب من
فَكَنَ. الفراء قال: فَنَكْتَ في لَوْمِي وأَفْنَكْتَ إذا مَهَرْتَ ذلك
وأَكثرت فيه، فَنَكْتَ تَفْنُك فَنْكاً وفُنوكاً.
والفَنِيكُ من الإنسان: مُجْتَمَعُ اللَّحْيَيْنِ في وَسط الذَّقَنِ،
وقيل: هو طرف اللحيين عند العَنْفَقة، ويقال: هو الإفْنِيكُ، قال ولم يعرف
الكسائي الإفْنِيكَ، وقىل: الفَنيك عظم ينتهي إليه حلق الرأس، وقيل:
الفَنِيكان من كل ذي لَحْيَيْنِ الطرفان اللذان يتحرَّكان في المَاضِغِ دون
الصُّدْغَين، وقيل: هما من عن يمين العنفقة وشمالها، ومَن جعل الفَنِيكَ
واحداً في الإنسان فهو مجمع اللحيين في وسط الذقن. وفي الحديث: أَن النبي،
صلى الله عليه وسلم، قال: أمرني جبريل أَن أَتعاهد فَنِيكَيَّ بالماء
عند الوضوء. وفي حديث عبد الرحمن بن سَابِطٍ: إذا توضأتَ فلا تَنْسَ
الفَنِيكَيْن، يعني جانبي العنفقة عن يمين وشمال، وهما المَغْفَلَة؛ وقيل:
أَراد به تخليل أُصول شعر اللحية. شمر: الفَنِيكان طرفا اللَّحْيَين العظمان
الدقيقان الناشزان أَسفل من الأُذنين بين الصُّدْغ والوَجْنة،
والصَّبِيَّان مُلْتَقى اللحيين الأَسفلين. والفَنِيكان من الحمامة: عُظَيمان
مُلزَقانِ بقَطَنِها إذا كسرا لم يستمسك بيضها في بطنها وأَخْدَجَتْها، وقيل:
الفَنِيك والإفْنِيكُ زِمِكَّى الطائر، قال ابن دريد: ولا أَحقه. أَبو
عمرو: الفَنِيك عَجْبُ الذنب. ابن سيده: والفَنْكُ العَجَبُ؛ أَنشد ابن
الأَعرابي:
ولافَنْكَ إلا سَعْيُ عَمْروٍ ورَهْطِه،
بما اخْتَشَبُوا من مِعْضَدٍ ودَدانِ
اخُتَشَبُوا: اتخذوه خَشِيباً، وهو السيف الذي لم يُتَأنَّق في صُنْعه؛
وقال آخر:
جاءتْ بفَنْكٍ أُختُ بنت عَمْرِو
والفَنَكُ: كالفَنْكِ. ومضى فِنْكٌ من الليل وفُنْكٌ أَي ساعة؛ حكي ذلك
عن ثعلب. والفَنَكُ: جلد يلبس، معرَّب؛ قال ابن دريد: لا أَحسبه عربيّاً،
وقال كراع: الفَنَكُ دابة يُفْتَرى جلدُها أَي يلبس جلدها فَرْواً. أَبو
عبيد: قيل لأَعرابي إن فلاناً بَطَّنَ سراويله بفَنَك، فقال: الْتَقى
الثَّرَيانِ، يعني وبر الفَنَك وشعر استه؛ وأَنشد ابن بري لشاعر يصف
ديَكة:كأنما لَبِسَتْ أَو أُلْبِسَتْ فَنَكاً،
فقَلَّصَتْ من حَواشِيه عن السُّوقِ
سلط: السَّلاطةُ: القَهْرُ، وقد سَلَّطَه اللّهُ فتَسَلَّطَ عليهم،
والاسم سُلْطة، بالضم.
والسَّلْطُ والسَّلِيطُ: الطويلُ اللسانِ، والأُنثى سَلِيطةٌ وسَلَطانةٌ
وِسِلِطانةٌ، وقد سَلُطَ سَلاطةً وسُلوطةً، ولسان سَلْطٌ وسَلِيطٌ كذلك.
ورجل سَلِيطٌ أَي فصيح حَدِيدُ اللسان بَيّنُ السَّلاطةِ والسُّلوطةِ.
يقال: هو أَسْلَطُهم لِساناً، وامرأَة سَليطة أَي صَخّابة. التهذيب: وإِذا
قالوا امرأَة سَلِيطةُ اللسانِ فله معنيان: أَحدهما أَنها حديدة اللسان،
والثاني أَنها طويلة اللسان. الليث: السَّلاطةُ مصدر السَّلِيط من
الرجال والسلِيطةِ من النساء، والفعل سَلُطَتْ، وذلك إِذا طال لسانُها واشتدَّ
صَخَبُها.
ابن الأَعرابي: السُّلُطُ القَوائمُ الطِّوالُ، والسَّلِيطُ عند عامّة
العرب الزيْتُ، وعند أَهل اليمن دُهْنُ السِّمْسِم؛ قال امرؤ القيس:
أَمالَ السَّلِيطَ بالذُّبال المُفَتَّلِ
وقيل: هو كلُّ دُهْنٍ عُصِر من حَبٍّ؛ قال ابن بري: دُهن السمسم هو
الشَّيْرَجُ والحَلُّ؛ ويُقَوّي أَنَّ السَّلِيط الزيتُ قولُ الجعدِيّ:
يُضِيءُ كَمِثْلِ سِراجِ السَّلِيـ
ـطِ، لم يَجْعَلِ اللّهُ فيه نُحاسا
قوله لم يجعل اللّه فيه نُحاساً أَي دُخاناً دليل على أَنه الزيت لأَن
السليط له دُخان صالِحٌ، ولهذا لا يُوقد في المساجد والكنائِس إِلا
الزيتُ؛ وقال الفرزدق:
ولكِنْ دِيافِيُّ أَبُوه وأُمُّه،
بِحَوْرانَ يَعْصِرْنَ السَّلِيطَ أَقارِبُهْ
وحَوْرانُ: من الشام والشأْم لا يُعْصَرُ فيها إِلا الزيتُ. وفي حديث
ابن عباس: رأَيت عليّاً وكأَنَّ عَيَنَيْه سِراجا سَلِيطٍ؛ هو دُهْن
الزيتِ.والسُّلْطانُ: الحُجَّةُ والبُرْهان، ولا يجمع لأَن مجراه مَجْرى
المصدرِ، قال محمد بن يزيد: هو من السلِيط. وقال الزجّاج في قوله تعالى: ولقد
أَرْسَلْنا موسى بآياتِنا وسُلطانٍ مُبين، أَي وحُجَّةٍ بَيِّنةٍ.
والسُّلطان إِنما سمي سُلْطاناً لأَنه حجةُ اللّهِ في أَرضه، قال: واشتاق
السلطان من السَّليط، قال: والسليطُ ما يُضاء به، ومن هذا قيل للزيت: سليط،
قال: وقوله جلّ وعزّ: فانْفُذوا إِلا بسلطان، أَي حيثما كنتم شاهَدْتم
حُجَّةً للّه تعالى وسُلطاناً يدل على أَنه واحد. وقال ابن عباس في قوله
تعالى: قَوارِيرَ قواريرَ من فضّة، قال: في بياض الفضة وصَفاء القوارير، قال:
وكل سلطان في القرآن حجة. وقوله تعالى: هلَك عنِّي سُلْطانِيَهْ، معناه
ذهب عني حجتُه. والسلطانُ: الحجة ولذلك قيل للأُمراء سَلاطين لأَنهم الذين
تقام بهم الحجة والحُقوق. وقوله تعالى: وما كان له عليهم من سُلْطان،
أَي ما كان له عليهم من حجة كما قال: إِنَّ عبادي ليس لك عليهم سُلْطانٌ؛
قال الفراء: وما كان له عليهم من سلطان أَي ما كان له عليهم من حجة
يُضِلُّهم بها إِلاَّ أَنَّا سَلَّطْناه عليهم لنعلم مَن يُؤمن بالآخرة.
والسُّلْطانُ: الوالي، وهو فُعْلان، يذكر ويؤنث، والجمع السَّلاطِينُ.
والسُّلْطان والسُّلُطانُ: قُدْرةُ الملِك، يذكر ويؤنث. وقال ابن السكيت: السلطان
مؤنثة، يقال: قَضَتْ به عليه السُّلْطانُ، وقد آمَنَتْه السُّلْطان. قال
الأَزهري: وربما ذُكِّر السلطان لأَن لفظه مذكر، قال اللّه تعالى:
بسُلْطان مُبين. وقال الليث: السُّلْطانُ قُدْرةُ المَلِك وقُدرةُ مَن جُعل
ذلك له وإِن لم يكن مَلِكاً، كقولك قد جعلت له سُلطاناً على أَخذ حقِّي من
فلان، والنون في السلطان زائدة لأَن أَصل بنائه السلِيطُ. وقال أَبو بكر:
في السلطان قولان: أَحدهما أَن يكون سمي سلطاناً لتَسْلِيطِه، والآخر
أَن يكون سمي سلطاناً لأَنه حجة من حُجَج اللّه. قال الفراء: السلطان عند
العرب الحجة، ويذكر ويؤنث، فمن ذكر السلطان ذهب به إِلى معنى الرجل، ومن
أَنثه ذهب به إِلى معنى الحجة. وقال محمد بن يزيد: من ذكر السلطان ذهب به
إِلى معنى الواحد، ومن أَنثه ذهب به إِلى معنى الجمع، قال: وهو جمع واحده
سَلِيطٌ، فسَلِيطٌ وسُلْطان مثل قَفِيزٍ وقُفْزانٍ وبَعير وبُعران، قال:
ولم يقل هذا غيره. والتسْلِيطُ: إِطلاق السُّلْطانِ وقد سلَّطه اللّه
وعليه. وفي التنزيل العزيز: ولو شاء اللّهُ لسلَّطَهم عليكم. وسُلْطانُ
الدَّم: تبيُّغُه. وسُلْطانُ كل شيء: شِدَّتُه وحِدَّتُه وسَطْوَتُه، قيل من
اللسانِ السَّليطِ الحدِيدِ.
قال الأَزهري: السَّلاطة بمعنى الحِدَّةِ، قد جاء؛ قال الشاعر يصف
نُصُلاً محدَّدة:
سِلاطٌ حِدادٌ أَرْهَفَتْها المَواقِعُ
وحافر سَلْطٌ وسَلِيطٌ: شديد. وإِذا كان الدابةُ وَقاحَ الحافر،
والبعيرُ وَقاحَ الخُفِّ، قيل: إنه لَسلْط الحافر،وقد سَلِطَ يَسْلَطُ سَلاطةً
كما يقال لسان سَلِيطٌ وسَلْطٌ، وبعير سَلْطُ الخفّ كما يقال دابة سَلْطةُ
الحافر، والفعلُ من كل ذلك سَلُطَ سَلاطةً؛ قال أُميَّة بن أَبي الصلْت:
إِنَّ الأَنامَ رَعايا اللّهِ كلُّهُمُ،
هو السَّلِيطَطُ فوقَ الأَرضِ مُسْتَطِرُ
قال ابن جني: هو القاهر من السَّلاطة، قال: ويروى السَّلِيطَطُ وكلاهما
شاذٌّ. التهذيب: سَلِيطَطٌ جاء في شعر أُمية بمعنى المُسَلَّطِ، قال: ولا
أَدري ما حقيقته.
والسِّلْطةُ: السهْمُ الطويلُ، والجمع سِلاطٌ؛ قال المتنخل الهذلي:
كأَوْبِ الدَّبْرِ غامِضةً، وليْسَتْ
بمُرْهَفةِ النِّصالِ، ولا سِلاطِ
قوله كأَوْب الدبر يعني النصالَ، ومعنى غامضة أَي أُلْطِفَ حَدُّها حتى
غمَضَ أَي ليست بمرْهَفات الخِلقة بل هي مُرهفات الحدِّ.
والمَسالِيطُ: أَسنان المفاتيح، الواحدة مِسْلاطٌ.
وسَنابِكُ سَلِطاتٌ أَي حِدادٌ؛ قال الأَعشى:
هو الواهِبُ المائةِ المُصْطَفا
ةِ، كالنَّخل طافَ بها المُجْتَزِمْ
وكلِّ كُمَيْتٍ، كجِذْعِ الطَّرِيـ
ـقِ، يَجْرِي على سَلِطاتٍ لُثُمْ
المُجْتَزِمُ: الخارِصُ، ورواه أَبو عمرو المُجْترِم، بالراء، أَي
الصارِمُ.
دبغ: دَبَغَ الجِلْد يَدْبَغُه ويَدْبُغُه؛ الكسر عن اللحياني، دَبْغاً
ودِباغةً ودِباغاً، والدَّبّاغُ محاول ذلك، وحِرْفَتُه الدِّباغةُ. وفي
الحديث: دِباغُها طَهُورُها. والدِّبْغُ والدِّباغُ والدِّباغةُ
والدِّبْغةُ، بالكسر: ما يُدْبَغُ به الأَدِيمُ؛ الدِّباغةُ عن أَبي حنيفة،
والمصدر الدَّبْغُ. يقال: الجلد في الدِّباغ.
والمَدْبَغةُ: موضع الدِّباغِ. التهذيب: والمَدْبَغةُ والمَنِيئةُ
الجُلود التي ابْتُدِئَ بها في الدِّباغِ.
وأَدِيمٌ دَبِيغٌ: مَدْبُوغٌ. والدَّبْغةُ، بالفتح: المرّة الواحدة،
تقول: دَبَغْتُ الجلد فانْدَبَغَ.
عذل: العَذْلُ: اللَّومُ، والعَذُل مثلُه. عَذَلَهُ يَعْذِله
(* قوله
«عذله يعذله» هو من بابي ضرب وقتل كما في المصباح) عَذْلاً وعَذَّله
فاعْتَذَل وتَعَذَّلَ: لامَهُ فَقَبِلَ منه وأَعْتَبَ، والاسم العَذَلُ، وهم
العَذَلةُ والعُذَّالُ والعُذَّلُ، والعواذِل من النساء: جمع العاذِلة
ويجوز العاذِلات؛ ابن الأَعرابي: العَذْلُ الإِحْراق فكأَنَّ اللائم يُحْرِق
بعَذْله قلبَ المَعْذول؛ وأَنشد الأَصمعي:
لوَّامةٌ لامَتْ بلَوْمٍ شِهَبِ
وقال: الشِّهَب أَراد الشِّهاب كأَنَّ لَوْمها يُحْرِقُه. ورجُلٌ
عَذَّالٌ وامرأَة عَذَّالةٌ: كثيرة العَذْل؛ قال:
غَدَتْ عَذَّالتايَ فَقُلْتُ: مَهْلاً
أَفي وَجْدٍ بسَلْمى تَعْذِلاني؟
ورجُلٌ عُذَلةٌ: يَعْذِلُ الناس كثيراً مثل ضُحَكة وهُزَأَة. وفي المثل:
أَنا عُذَله، وأَخي خُذَله، وكلانا ليس بابْنِ أَمَه؛ قال أَبو الحسن:
إِنما ذَكَرْتُ هذا للمَثَل وإِلاَّ فلا وجه له لأَن فُعَلة مُطَّرد في كل
فِعْلٍ ثُلاثي، يقول: أَنا أَعْذِل أَخي وهو يَخْذُلني. وأَيامٌ
مُعْتَذِلاتٌ
(* قوله «وأيام معتذلات» ويقال لها أيضاً عذب بوزن كتب كما في
التهذيب) شديدة الحَرِّ كأَنَّ بعضَها يَعْذِلُ بعضاً فيقول اليومُ منها
لصاحبه. أَنا أَشَدُّ حَرًّا منك ولِمَ لا يكون حَرُّك كَحرِّي؟ قال ابن بري:
ومُعْتذِلاتُ سُهَيْلٍ أَيامٌ شديداتُ الحَرِّ تجيء قبل طلوعه أَو بعده؛
ويقال: مُعْتَدِلاتٌ، بدال غير معجمة، أَي أَنَّهُنَّ قد اسْتَوَيْن في
شدة الحَرِّ، ومن رواه بالذال أَي أَنهن يَتَعاذَلْن ويأْمر بعضُهن بعضاً
إِمَّا بشِدَّة الحَرِّ، وإِما بالكَفِّ عنه. والعاذِلُ: اسم العِرْق
الذي يَسِيلُ منه دَمُ المستحاضة. وفي بعض الحديث: تلك عاذِلٌ تَغْذُو،
يعني تَسيلُ، ورُبما سُمِّي ذلك العِرْق عاذِراً، بالراء، وقد تقدم وأُنِّث
على معنى العِرْقَةِ، وجمع العاذِلِ العرقِ عُذُلٌ مثل شارِف وشُرُف. وفي
حديث ابن عباس: أَنه سُئل عن دم الاستحاضة فقال: ذلك العاذِلُ يَغْذو،
لِتَسْتَثْفِرْ بِثَوبٍ ولْتُصَلِّ. وقد حَمَل سيبويه قولهم: اسْتأْصَلَ
اللهُ عِرْقاتِهم، على تَوَهُّم عِرْقة في الواحد.
وقولهم في المثل: سَبَق السَّيْفُ العَذَلَ، يضرب لما قد فات، وأَصل ذلك
أَن الحرث بن ظالم ضَرَب رجُلاً فَقَتَله، فأُخْبر بعُذْره فقال: سَبَق
السَّيْفُ العَذَل. قال ابن السكيت: سمعت الكلابي يقول رَمى فلان
فأَخْطأَ ثم اعْتَذَلَ أَي رَمَى ثانيةً. ورجُلٌ مُعَذَّلٌ أَي يُعَذَّل
لإِفراطه في الجُود، شُدِّد للكثرة. وعاذِلٌ: شَعْبان، وقيل: عاذِلٌ شَوَّالٌ،
وجمعه عَواذِل. قال المُفَضَّل الضَّبِّي: كانت العرب تقول في الجاهلية
لشعبان عاذِلٌ، ولرمضان ناتِق، ولشَوَّال وَعْلٌ، ولذي القَعْدة وَرْنَة،
ولذي الحِجَّة بُرَك، ولمُحَرَّم مُؤْتَمِر، ولصَفَر ناجِرٌ، ولربيعٍ
الأَوّلِ خَوّان، ولرَبيعٍ الآخِر وَبْصانُ، ولجُــمادَى الأُولى رُنَّى،
ولجُــمادَى الآخرة حَنِين، ولرَجَب الأَصَمُّ.
لحد: اللَّحْد واللُّحْد: الشَّقُّ الذي يكون في جانب القبر موضِع الميت
لأَنه قد أُمِيل عن وسَط إِلى جانبه، وقيل: الذي يُحْفر في عُرْضه؛
والضَّريحُ والضَّريحة: ما كان في وسطه، والجمع أَلْحَادٌ ولحُود. والمَلْحود
كاللحد صفة غالبة؛ قال:
حتى أُغَيَّبَ في أَثْناءِ مَلْحود
ولَحَدَ القبرَ يَلْحَدُه لَحْداً وأَلْحَدَه: عَمِلَ له لحْداً، وكذلك
لَحَدَ الميتَ يَلْحَدُه لَحْداً وأَلْحَده ولَحَد له وأَلْحَدَ، وقيل:
لَحَده دفنه، وأَلْحَده عَمِلَ له لَحْداً. وفي حديث دفْن النبي، صلى الله
عليه وسلم: أَلْحِدُوا لي لَحْداً. وفي حديث دفنه أَيضاً: فأَرسَلُوا
إِلى اللاحدِ والضارِحِ أَي إِلى الذي يَعْمَلُ اللَّحْدَ والضَّريحَ.
الأَزهريّ: قبر مَلْحود له ومُلْحَد وقد لَحَدوا له لَحْداً؛ وأَنشد:
أَناسِيّ مَلْحود لها في الحواجب
شبه إِنسان
(* قوله «شبه إنسان إلخ» كذا بالأصل والمناسب شبه الموضع
الذي يغيب فيه إنسان العين تحت الحاجب من تعب السير اللحد.)
العين تحت الحاجب باللحد، وذلك حين غارت عيون الإِبل من تعَب السيْر.
أَبو عبيدة: لحَدْت له وأَلحَدْتُ له ولَحَدَ إِلى الشيء يَلْحَدُ
والتَحَدَ: مال. ولحَدَ في الدِّينِ يَلْحَدُ وأَلحَدَ: مالَ وعدَل، وقيل: لَحَدَ
مالَ وجارَ.
ابن السكيت: المُلْحِدُ العادِلُ عن الحق المُدْخِلُ فيه ما ليس فيه،
يقال قد أَلحَدَ في الدين ولحَدَ أَي حاد عنه، وقرئ: لسان الذي يَلْحَدون
إِليه، والتَحَدَ مثله. وروي عن الأَحمر: لحَدْت جُرْت ومِلْت، وأَلحدْت
مارَيْت وجادَلْت. وأَلحَدَ: مارَى وجادَل. وأَلحَدَ الرجل أَي ظلَم في
الحَرَم، وأَصله من قوله تعالى: ومَن يُرِدْ فيه بِإِلحادٍ بظلم؛ أَي
إِلحاداً بظلم، والباء فيه زائدة؛ قال حميد بن ثور:
قَدْنَي من نَصْرِ الخُبَيْبَيْنِ قَدي،
ليس الإِمامُ بالشَّحِيح المُلْحِدِ
أَي الجائر بمكة. قال الأَزهري: قال بعض أَهل اللغة معنى الباء الطرح،
المعنى: ومن يرد فيه إِلحاداً بظلم؛ وأَنشدوا:
هُنَّ الحَرائِرُ لا رَبَّاتُ أَخْمِرةٍ،
سُودُ المَحاجِرِ لا يَقْرأْنَ بالسُّوَرِ
المعنى عندهم: لا يَقْرأْنَ السُّوَر. قال ابن بري: البيت المذكور لحميد
بن ثور هو لحميد الأَرقط، وليس هو لحميد بن ثور الهلالي كما زعم
الجوهري. قال: وأَراد بالإِمام ههنا عبد الله بن الزبير. ومعنى الإِلحاد في
اللغة المَيْلُ عن القصْد. ولَحَدَ عليَّ في شهادته يَلْحَدُ لَحْداً:
أَثِمَ. ولحَدَ إِليه بلسانه: مال. الأَزهري في قوله تعالى: لسان الذين يلحدون
إِليه أَعجمي وهذا لسان عربي مبين؛ قال الفراء: قرئ يَلْحَدون فمن قرأَ
يَلْحَدون أَراد يَمِيلُون إِليه، ويُلْحِدون يَعْتَرِضون. قال وقوله:
ومن يُرِدْ فيه بِإِلحاد بظلم أَي باعتراض. وقال الزجاج: ومن يرد فيه
بإِلحادٍ؛ قيل: الإِلحادُ فيه الشك في الله، وقيل: كلُّ ظالم فيه مُلْحِدٌ.
وفي الحديث: احتكارُ الطعام في الحرم إِلحادٌ فيه أَي ظُلْم وعُدْوان.
وأَصل الإِلحادِ: المَيْلُ والعُدول عن الشيء. وفي حديث طَهْفَةَ: لا
تُلْطِطْ في الزكاةِ ولا تُلْحِدُ في الحياةِ أَي لا يَجْري منكم مَيْلٌ عن الحق
ما دمتم أَحياء؛ قال أَبو موسى: رواه القتيبي لا تُلْطِطْ ولا تُلْحِدْ
على النهي للواحد، قال: ولا وجه له لأَنه خطاب للجماعة. ورواه الزمخشري:
لا نُلْطِطُ ولا نُلْحِدُ، بالنون. وأَلحَدَ في الحرم: تَرَك القَصْدَ
فيما أُمِرَ به ومال إِلى الظلم؛ وأَنشد الأَزهري:
لَمَّا رَأَى المُلْحِدُ، حِينَ أَلْحَما،
صَواعِقَ الحَجَّاجِ يَمْطُرْنَ الدّما
قال: وحدثني شيخ من بني شيبة في مسجد مكة قال: إِني لأَذكر حين نَصَبَ
المَنْجَنِيق على أَبي قُبَيْس وابن الزبير قد تَحَصَّنَ في هذا البيت،
فجعَلَ يَرْميهِ بالحجارة والنِّيرانِ فاشْتَعَلَتِ النيرانُ في أَسْتارِ
الكعبة حتى أَسرعت فيها، فجاءَت سَحابةٌ من نحو الجُدّةِ فيها رَعْد
وبَرْق مرتفعة كأَنها مُلاءَة حتى استوت فوق البيت، فَمَطَرَتْ فما جاوز
مطَرُها البيتَ ومواضِعَ الطوافِ حتى أَطفَأَتِ النارَ، وسالَ المِرْزابُ في
الحِجْر ثم عَدَلَتْ إِلى أَبي قُبَيْس فرمت بالصاعقة فأَحرقت
المَنْجَنِيق وما فيها؛ قال: فحدَّثْت بهذا الحديث بالبصرة قوماً، وفيهم رجل من أَهل
واسِط، وهو ابن سُلَيْمان الطيَّارِ شَعْوَذِيّ الحَجَّاج، فقال الرجل:
سمعت أَبي يحدث بهذا الحديث؛ قال: لمَّا أَحْرَقَتِ المَنْجَنِيقَ
أَمْسَك الحجاجُ عن القتال، وكتب إِلى عبد الملك بذلك فكتب إِليه عبد الملك:
أَما بعد فإِنّ بني إِسرائيل كانوا إِذا قَرَّبوا قُرْباناً فتقبل منهم بعث
الله ناراً من السماء فأَكلته، وإِن الله قد رضي عملك وتقبل قُرْبانك،
فَجِدَّ في أَمْرِكَ والسلام.
والمُلْتَحَدُ: المَلْجَأُ لأَن اللاَّجِئَ يميل إِليه؛ قال الفراء في
قوله: ولن أَجِدَ من دُونه مُلْتَحَداً إِلا بلاغاً من اللهِ ورِسالاتِه
أَي مَلْجَأً ولا سَرَباً أَلجَأُ إِليه. واللَّجُودُ من الآبار:
كالدَّحُولِ؛ قال ابن سيده: أُراه مقلوباً عنه.
وأَلْحَدَ بالرجل: أَزْرى بِحلْمه كأَلْهَدَ. ويقال: ما على وجْه فلانٍ
لُحادةُ لَحْم ولا مُزْعةُ لحم أَي ما عليه شيء من اللحم لهُزالِه. وفي
الحديث: حتى يَلْقى اللَّهَ وما على وجْهِه لُحادةٌ من لحْم أَي قِطْعة؛
قال الزمخشري: وما أُراها إِلا لحُاتة، بالتاء، من اللحْت وهو أَن لا
يَدَع عند الإِنسان شيئاً إِلا أَخَذَه. قال ابن الأَثير: وإِن صحت الرواية
بالدال فتكون مبدلة من التاء كدَــوْلَجٍ في تَــوْلَج.
لثأ: الأَزهري: روى سلمة عن الفرّاءِ أَنه قال: اللَّثَأُ، بالهمز، لِما يسيل من الشجر. وقال أَيضاً في ترجمة لثى: اللَّثَى ما سَال من ماء الشجر من ساقها خاثِراً، وسيأْتي ذكره.
فتر: الفَتْرَةُ: الانكسار والضعف. وفَتَر الشيءُ والحرّ وفلان يَفْتُر
ويَفْتِر فُتُوراً وفُتاراً: سكن بعد حدّة ولانَ بعد شدة؛ وفَتَّره الله
تَفْتِيراً وفَتَّر هو؛ قال ساعدة بن جؤية الهذلي:
أُخِيلُ بَرْقاً متى حابٍ ه زَجَلٌ،
إِذا يُفَتِّرُ من تَوْماضِه حَلَجَا
يريد من سحاب
(* قوله« يريد من سحاب» أي فمتى بمعنى من، ويحتمل أن تكون
بمعنى وسط، أو بمعنى في كما ذكره في مادة ح ل ج وقال هناك ويروى خلجا
حاب. والزجل: صوت الرعد؛ وقول ابن مقبل يصف غيثاً) :
تَأَمَّلْ خَليلي، هَلْ تَرَى ضَوْءَ بارِقٍ
يَمانٍ، مَرَتْه ريحُ نَجْدٍ فَفَتَّرا؟
قال حماد الرواية: فتَّر أَي أَقام وسكن. وقال الأَصمعي: فَتَّر مَطَر
وفَرغ ماؤُه وكَفَّ وتحيّر. والفَتَر: الضعف. وفَتَر جسمُه يَفْتِرُ
فُتوراً: لانَتْ مفاصله وضعف. ويقال: أَجد في نفسي فَتْرةً، وهي كالضَّعفة.
ويقال للشيخ: قد عَلَتْه كَبْرة وعَرَتْه فَتْرَة. وأفْتَرَه الداء:
أَضعفه، وكذلك أَفْتَره السكر.
والفُتار: ابتداء النَّشْوة؛ عن أَبي حنيفة، وأَنشد للأَخطل:
وتَجَرَّدَتْ بعد الهَدير، وصَرَّحَتْ
صَهْباء، ترمي شَرْبَها بفُتارِ
وفي الحديث: أَنه، صلى الله عليه وسلم، نهى عن كل مُسْكر ومُفَتِّرٍ؛
فالمسكر الذي يزيل العقل إِذا شُرب، والمُفَتِّر الذي يُفَتِّر الجسد إِذا
شُرب أَي يحمي الجسد ويصيِّر فيه فُتُوراً؛ فإِما أَن يكون أَفْتَره
بمعنى فَتَّره أَي جعله فاتراً، وإِما أَن يكون أَفْتَرَ الشرابُ إِذا فَتَرَ
شاربُه كأَقْطَفَ إِذا قَطَفَتْ دابتُه.
وماءٌ فاترٌ: بين الحار والبارد. وفَتَرَ الماءُ: سكن حرّه. وماء
فاتورٌ: فاتر. وطَرْف فاتِرٌ: فيه فُتور وسُجُوّ ليس بحادّ النظر. ابن
الأَعرابي: أَفْتَر الرجلُ، فهو مُفْتِرٌ إِذا ضعفت جفونه فانكسر طَرْفه.
الجوهري: طَرْف فاتر إِذا لم يكن حديداً. والفِتْر: ما بين طرف الإِبهام وطرف
المُشيرة. وقيل: ما بين الإِبهام والسبابة. الجوهري: الفِتْرُ ما بين طرف
السَّبَّابة والإِبهام إِذا فتحتهما. وفَتَر الشيءَ: قدّره وكاله
بِفتْرِه، كشَبَره: كاله بِشبْره. والفَتْرَةُ: ما بين كل نَبِيَّيْنِ، وفي
الصحاح: ما بين كل رسولين من رسل الله، عز وجل، من الزمان الذي انقطعت فيه
الرسالة. وفي الحديث: فَتْرَةَ ما بين عيسى ومحمد، عليهما الصلاة والسلام. وفي
حديث ابن مسعود،رضي الله عنه: أَنه مرض فبكى فقال: إِنما أَبكي لأَنه
أَصابني على حال فَتْرة ولم يصبني على
حال اجتهاد أَي في حال سكون وتقليل من العبادات والمجاهدات.
وفَتْرٌ وفِتْرٌ: اسم امرأَة؛ قال المسيب بن علس ويروى للأَعشى:
أَصَرَمْتَ حبل الوَصْلِ من فَتْرِ،
وهَجَرْتَها ولَجَــحْتَ في الهجرِ
وسَمِعْتَ حَلْفتها التي حَلَفَتْ،
إِن كان سَمْعُك غير ذي وَقْر
قال ابن بري: المشهور عند الرواة من فتر، بفتح الفاء، وذكر بعضهم أَنها
قد تكسر ولكن الأَشهر فيها الفتح. وصرمتَ: قطعتَ. والحبل: الوصل.
والوَقْر: الثقل في الأُذن. يقال منه: وَقِرَتْ أُذنُه تَوْقَرُ وَقْراً
ووَقَرَتْ تَوْقِرُ أَيضاً، وجواب إِن الشرطية أَغنى عنه ما تقدم تقديره: إِن لم
يكن بك صمم فقد سمعت حلفتها.
أَبو زيد: الفُتْر النَّبِيَّة، وهو الذي يُعْمل من خُوص يُنخل عليه
الدقيق كالسُّفْرة.
عطس: عَطَسَ الرجل يَعْطِس، بالكسر، ويَعْطُس، بالضم، عَطْساً وعُطاساً
وعَطْسة، والاسم العُطاس. وفي الحديث: كان يُحِب العُطاس ويكره
التَّثاؤب. قال ابن الأَثير: إِنما أَحبَّ العُطاس لأَنه إِنما يكون مع خفة البدن
وانفتاح المسامِّ وتيسير الحركات، والتثاؤب بخلافه، وسبب هذه الأَوصاف
تخفيفُ الغذاء والإِقلال من الطعام والشراب.
والمَعْطِس والمَعْطس: الأَنف لأَن العُطاس منه يخرج. قال الأَزهري:
المَعْطِسُ، بكسر الطاء لا غير، وهذا يدل على أَن اللغة الجيّدة يَعْطِسُ،
بالكسر. وفي حديث عمر، رضي اللَّه عنه: لا يُرْغِم اللَّهُ إِلا هذه
المَعاطس؛ هي الأُنوف.
والعاطُوس: ما يُعْطَسُ منه، مثَّل به سيبويه وفسره السيرافي. وعَطَسَ
الصُّبح: انفلق. والعاطِس: الصبح لذلك، صفةٌ غالبة، وقال الليث: الصبح
يسمى عُطاساً. وظبي عاطِس إِذا استقبلك من أَمامِك. وعَطَسَ الرجل: مات. قال
أَبو زيد: تقول العرب للرجل إِذا مات: عَطَسَتْ به اللُّجَمُ؛ قال:
واللُّجْمة ما تطيَّرْت منه، وأَنشد غيره:
إِنَّا أُناس لا تزالُ جَزُورُنا
لَها لُجَمٌ، مِن المنيَّة، عاطِسُ
ويقال للموت: لُجَمٌ عَطُوس؛ قال رؤبة:
ولا تَخافُ اللُّجَمَ العَطُوسا
ابن الأَعرابي: العاطُوس دابة يُتَشاءَم بها؛ وأَنشد غيره لطرفة بن
العبد:
لَعَمْري لقد مَرَّتْ عَواطِيسُ جَمَّةٌ،
ومرّ قُبيلَ الصُّبح ظَبي مُصَمَّعُ
والعَطَّاس: اسم فرس لبعض بني المَدان؛ قال:
يَخُبُّ بيَ العَطَّاسُ رافِعَ رَأْسِهِ
وأَما قوله:
وقد أَغْتَدي قبلَ العُطاسِ بِسابِحٍ
فإِن الأَصمعي زعم أَنه أَراد: قبل أن أَسمع عُطاس عاطِس فأَتطيّر منه
ولا أَمضي لحاجتي، وكانت العرب أَهل طِيَرَة، وكانوا يتطيَّرُون من
العُطاس فأَبطل النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، طِيَرَتَهم. قال الأَزهري: وإِن
صح ما قاله الليث إِن الصبح يقال له العُطاس فإِنه أَراد قبل انفجار
الصبح، قال: ولم أَسمع الذي قاله لثقة يُرجع إِلى قوله.
ويقال: فلان عَطْسَة فلان إِذا أَشبهه في خَلْقه وخُلُقه.
صلج: الصُّلَّجة: الفِيلَجَةُ من القَزِّ والقَدِّ.
والصَّــوْلَج: الصِّماخ؛ والصَّــوْلَج والصَّــوْلَجــة: الفضة الخالصة. ابن
الأَعرابي: الصَّلِيجَة والنَّسيكَة والسَّبيكة: الفِضَّة المُصَفَّاة؛
ومنه أُخذ النُّسُك لأَنه صُفِّي من الرِّياء. والصَّــوْلَج والصَّــوْلَجَــان
والصَّــوْلجَــانَة: العود المعوجُّ، فارسي معرَّب، الأَخيرة عن سيبويه،
قال: والجمع صَوَالجَة، الهاء لمكان العُجمة؛ قال ابن سيده: وهكذا وُجد
أَكثر هذا الضَّرْب الأَعجمي مُكسَّراً بالهاء. التهذيب: الصَّــوْلجَــان عَصاً
يُعْطَف طرَفها يُضْرَب بها الكُرَة على الدَّوابِّ، فأَما العصا التي
اعوجَّ طرَفاها خِلْقة في شجرتها، فهي مِحْجن؛ وقال الأَزهري: الصَّــوْلَجــان
والصَّــوْلَج والصُّلَّجة، كلها معرَّبة. الجوهري: الصَّــوْلجَــان، بفتح
اللام: المِحْجَن، فارسي معرب. والأَصْلَج: الأَصْلَع، بلغة بعض قَيْس؛
وأَصمُّ أَصْلَجُ: كأَصْلَخ؛ عن الهَجَري، قال الأَزهري في ترجمة صَلَخَ:
الأَصْلَخ الأَصَمُّ؛ كذلك قال الفراء وأَبو عبيد؛ قال ابن الأَعرابي:
فهؤلاء الكوفيون أَجمعوا على هذا الحرف بالخاء، وأَما أَهل البصرة ومَنْ في
ذلك الشِّقِّ من العَرَب فإِنهم يقولون الأَصْلَج بالجيم؛ قال: وسمعت
أَعرابيّاً يقول: فلان يَتَصالَجُ علينا أَي يتَصَامَمُ؛ قال: ورأَيت أَمَةً
صَمَّاء تُعرَف بالصَّلْخاء؛ قال: فهما لغتان جَيِّدتان، بالخاء والجيم؛
قال الأَزهري: وسمعت غير واحد من أَعراب قيس وتميم يقول للأَصم أَصلج،
وفيه لغة أُخرى لبني أَسد ومَنْ جاوَرهم أَصْلَخ، بالخاء.
لثي: اللَّثى: شيء يسقط من السَّمُر، وهو شجر؛ قال:
نَحنُ بَنُو سُواءةَ بنِ عامِرِ،
أَهلُ اللَّثى والمَغْدِ والمَغافِرِ
وقيل: اللَّثى شيء يَنْضَحُه ساقُ الشجرة أَبيض خاثر، وقال أَبو حنيفة:
اللَّثى ما رَقَّ من العُلوك حتى يَسِيل فيجري ويَقطُر. الليث: اللثى ما
سال من ماء الشجر من ساقها خاثراً. قال ابن السكيت: اللثى شيء ينضحه
الثمام حُلو، فما سقط منه على الأَرض أُخذ وجعل في ثوب وصُبَّ عليه الماء،
فإِذا سال من الثوب شُرِب حلواً، وربما أَعْقَد. قال أَبو منصور: اللَّثى
يسيل من الثمام وغيره، وفي جبال هَراةَ شجر يقال له سيرو، له لَثًى حلو
يُداوى به المَصْدُور، وهو جيد للسعال اليابس، وللعُرْفُط لَثًى حلو يقال
له المَغافير. وحكى سَلَمة عن الفراء أَنه قال: اللِّثَأُ، بالهمز، لما
يسيل من الشجر. الجوهري: قال أَبو عمرو اللَّثَى ماء يسيل من الشجر كالصمغ،
فإِذا جَمد فهو صُعْرُور. وأَلثَت الشجرة ما حولها إِذا كانت يقطر منها
ماء. ولَثِيَت الشجرة لَثًى فهي لَثِيةٌ وأَلثَت: خرج منها اللَّثى وسال.
وأَلثَيْتُ الرجلَ: أَطعمته اللَّثى. وخرجنا نَلْتَثي ونَتَلَثَّى أَي
نأْخذ اللَّثى. واللَّثى أَيضاً: شبيه بالنَّدى، وقيل: هو النَّدى نَفْسه.
ولَثِيت الشجرةُ: نَدِيَت. وأَلْثَت الشجرة ما حولها لَثًى شديداً:
نَدَّتْه. الجوهري: لَثِيَ الشيءُ، بالكسر، يَلْثَى لَثًى أَي نَدِيَ. وهذا
ثوب لَثٍ، على فَعِلٍ، إِذا ابتلَّ من العَرَق واتَّسخ. ولَثى الثوبِ:
وسخُه. واللَّثَى: الصِّمَغُ؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
عَذْبَ اللَّثى تَجرِي عليه البَرْهَما
يعني باللَّثى ريقَها، ويروى اللِّثى جمع لِثةٍ. وامرأَة لَثِيةٌ
ولثْياءُ: يَعْرَقُ قُبُلُها وجسدها. وامرأَة لَثِيَةٌ إِذا كانت رَطْبة
المكان، ونساء العرب يتسابَبْن بذلك، وإِذا كانت يابسة المكان فهي الرَّشُوف،
ويُحمد ذلك منها. ابن السكيت: هذا ثوب لَثٍ إِذا ابتلَّ من العَرَق
والوسَخ. ويقال: لَثِيَتْ رِجْلي من الطين تَلْثى لَثًى إِذا تلطَّخت به. ابن
الأَعرابي: لَثا إِذا شرب
(* قوله« لثا إذا شرب إلخ» كذا هو في الأصل
والتكملة أيضاً مضبوطاً مجوداً، وضبط في القاموس كرضي خطأ،واطلاقه قاض
بالفتح.) الماء قليلاً، ولَثا إِذا لَحِسَ القِدْر. واللَّثِيُّ: المُولَع
بأَكل الصمغ؛ وحكى هذا سلمة عن الفراء عن الدُّبَيْرية قالت: لَثا الكلب
ولَجَــذَ ولَجِــذَ ولَجَــنَ واحْتَفَى إِذا وَلِغَ في الإِناء. واللَّثا: وطء
الأَخفاف إِذا كان مع ذلك ندى من ماء أَو دم؛ قال:
بهِ مِن لَثا أَخْفافِهنَّ نَجِيعُ
ولَثِيَ الوَطْب لَثًى: اتسخ. واللَّثَى: اللَّزِج من دَسَم اللبن؛ عن
كراع.
واللَّثاةُ: اللَّهاةُ. واللِّثةُ تُجمع لِثاتٍ ولِثِينَ ولِثًى. أَبو
زيد: اللِّثةُ مَراكز الأَسنان، وفي اللثة الدُّرْدُرُ، وهي مخارِجُ
الأَسنان، وفيها العُمور، وهو ما تَصعَّد بين الأَسنان من اللِّثة. قال أَبو
منصور: وأَصل اللثة اللِّثْية فنقص. واللِّثةُ: مَغْرِز الأَسنان. والحروف
اللّثَوِية: الثاء والذال والظاء لأَن مبدأَها من اللِّثة. واللَّثاةُ
واللِّثةُ: شجرة مثل السِّدْر، وهي من ذوات الياء. الجوهري: اللِّثة،
بالتخفيف، ما حول الأَسنان، وأَصلها لِثَيٌ،والهاء عوض من الياء. قال ابن
بري: قال ابن جني اللّثة محذوفة العين من لُثْت العِمامة أي أَدرتها على
رأْسي، واللِّثةُ مُحِيطة بالأَسنان. وفي حديث ابن عمر: لُعِنَ الواشِمةُ،
قال نافع: الوَشْمُ في اللّثة. واللثةُ، بالكسر والتخفيف: عُمور الأَسنان،
وهي مَغارِزها؛ الأَزهري: وأَما قول العجاج:
لاتٍ بها الأَشياءُ والعُبْرِيُّ
فإِنما هو لائثٌ من لاثَ يَلُوثُ فهو لائث، فجعله من لَثا يَلْثُو فهو
لاثٍ، ومثله: جُرفٌ هارٍ، وهائرٌ على القلب، قال: ومثله عاثَ وعَثا وقافَ
وقَفا.