صورة كتابية صوتية من الجُــوّاد بمعنى الكثير الجود والكر.
صورة كتابية صوتية من الجُــوّاد بمعنى الكثير الجود والكر.
سود: السَّــواد: نقيضُ البياض؛ سَوِدَ وَسادَ واسودَّ اسْوِداداً
واسْــوادّ اسْوِيداداً، ويجوز في الشعر اسْوَأَدَّ، تحرك الأَلف لئلاَّ يجمع بين
ساكنين؛ وهو أَسودُ، والجمع سُودٌ وسُودانٌ. وسَوَّده: جعله أَسودَ،
والأَمر منه اسْــوادَــدْ، وإِن شئت أَدغمْتَ، وتصغيرُ الأَسود أُسَيِّدٌ، وإِن
شئت أُسَيْوِدٌ أَي قد قارب السَّــوادَ، والنسْبَةُ إِليه أُسَيْدِيٌّ،
بحذف الياء المتحركة، وتَصغير الترخيم سُوَيْدٌ.
وساوَدْتُ فلاناً فَسُدْتُه أَي غَلَبْتُه بالســواد من ســواد اللونِ
والسُّودَدِ جميعاً. وسَوِدَ الرجلُ: كما تقول عَوِرَت عَيْنُه وَسَوِدْتُ
أَنا؛ قال نُصَيْبٌ: سَوِدْتُ فلم أَمْلِكْ سَــوادي، وتحتَه
قميص من القُوهِيِّ، بيضٌ بَنائقُهْ
ويُرْوَى:
سَوِدْتُ فلم أَملك وتحتَ سَــوادِــه
وبعضهم يقول: سُدْتُ؛ قال أَبو منصور: وأَنشد أَعرابي لِعنترةَ يَصِفُ
نفسَه بأَنه أَبيضُ الخُلُق وإِن كان أَسودَ الجلدِ:
عليّ قميصٌ من سَــوادٍ وتحتَه
قميصُ بَياضٍ، . . . بنَائقُه
(* لم نجد هذا البيت في ما لدينا من شعر عنترة المطبوع.)
وكان عنترةُ أَسْوَدَ اللون، وأَراد بقميصِ البياضِ قَلْبَه. وسَوَّدْتُ
الشيءَ إِذا غَيَّرْتَ بَياضَه سَــوَاداً. وأَسوَدَ الرجُلُ وأَسأَدَ:
وُلِدَ له ولد أَسود. وساوَدَه سِــواداً: لَقِيَه في سَــوادِ الليلِ.
وسَــوادُ القومِ: مُعْظَمُهم. وســوادُ الناسِ: عَوامُّهُم وكلُّ عددٍ
كثير.ويقال: أَتاني القومُ أَسوَدُهم وأَحمرُهم أَي عَرَبُهم وعَجَمُهم.
ويقال: كَلَّمُتُه فما رَدَّ عليَّ سوداءَ ولا بيضاءَ أَي كلمةً قبيحةً ولا
حَسَنَةً أَي ما رَدَّ عليّ شيئاً.
والســواد: جماعةُ النخلِ والشجرِ لِخُضْرَته واسْوِدادِه؛ وقيل: إِنما
ذلك لأَنَّ الخُضْرَةَ تُقارِبُ الســوادَ. وســوادُ كلِّ شيءٍ: كُورَةُ ما
حولَ القُرَى والرَّساتيق. والسَّــوادُ: ما حَوالَي الكوفةِ من القُرَى
والرَّساتيقِ وقد يقال كُورةُ كذا وكذا وســوادُــها إِلى ما حَوالَيْ قَصَبَتِها
وفُسْطاطِها من قُراها ورَساتيقِها. وســوادُ الكوفةِ والبَصْرَة:
قُراهُما. والسَّــوادُ والأَسْوِداتُ والأَساوِدُ: جَماعةٌ من الناس، وقيل: هُم
الضُّروبُ المتفرِّقُون. وفي الحديث: أَنه قال لعمر، رضي الله عنه: انظر
إِلى هؤلاء الأَساوِدِ حولك أَي الجماعاتِ المتفرقة. ويقال: مرّت بنا
أَساودُ من الناسِ وأَسْوِداتٌ كأَنها جمع أَسْوِدَةٍ، وهي جمعُ قِلَّةٍ
لسَــوادٍ، وهو الشخص لأَنه يُرَى من بعيدٍ أَسْوَدَ. والســوادُ: الشخص؛ وصرح
أَبو عبيد بأَنه شخص كلِّ شيء من متاع وغيره، والجمع أَسْودةٌ، وأَساوِدُ
جمعُ الجمعِ. ويقال: رأَيتُ سَــوادَ القومِ أَي مُعْظَمَهم. وســوادُ العسكرِ:
ما يَشتملُ عليه من المضاربِ والآلات والدوابِّ وغيرِها. ويقال: مرت بنا
أَسْوِداتٌ من الناس وأَساوِدُ أَي جماعاتٌ. والسَّــوادُ الأَعظمُ من
الناس: هُمُ الجمهورُ الأَعْظمُ والعدد الكثير من المسلمين الذين تَجمعوا
على طاعة الإِمام وهو السلطان. وسَــوادُ الأَمر: ثَقَلُه. ولفلانٍ سَــوادٌ
أَي مال كثيرٌ.
والسَّــوادُ: السِّرارُ، وسادَ الرجلُ سَوْداً وساوَدَه سِــواداً، كلاهما:
سارَّه فأَدْنى ســوادَــه من سَــوادِــه، والاسم السِّــوادُ والسُّــوادُ؛ قال
ابن سيده: كذلك أَطلقه أَبو عبيد، قال: والذي عندي أَن السِّــوادَ مصدر
ساوَد وأَن السُّــوادَ الاسم كما تقدّم القول في مِزاحٍ ومُزاحٍ. وفي حديث ابن
مسعود: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال له: أُذُنَكَ على أَن
تَرْفَعَ الحجاب وتَسْمَعَ سِــوادِــي حتى أَنهاك؛ قال الأَصمَعي: السِّــوادُ، بكسر
السين، السِّرارُ، يقال منه: ساوَدْتُه مُساودَة وسِــواداً إِذا
سارَرْتَه، قال: ولم نَعْرِفْها بِرَفْع السين سُــواداً؛ قال أَبو عبيدة: ويجوز
الرفع وهو بمنزلة جِوارٍ وجُوارٍ، فالجُوارُ الاسمُ والجِوارُ المصدرُ.
قال: وقال الأَحمر: هو من إِدْناء سَــوادِــكَ من سَــوادِــه وهو الشخْص أَي
شخْصِكَ من شخصه؛ قال أَبو عبيد: فهذا من السِّرارِ لأَنَّ السِّرارَ لا يكون
إِلا من إِدْناءِ السَّــوادِ؛ وأَنشد الأَحمر:
مَن يَكُنْ في السِّــوادِ والدَّدِ والإِعْـ
ـرامِ زيراً، فإِنني غيرُ زِيرِ
وقال ابن الأَعرابي في قولهم لا يُزايِلُ سَــوادي بَياضَكَ: قال الأَصمعي
معناه لا يُزايِلُ شخصي شخصَكَ. السَّــوادُ عند العرب: الشخصُ، وكذلك
البياضُ. وقيل لابنَةِ الخُسِّ: ما أَزناكِ؟ أَو قيل لها: لِمَ حَمَلْتِ؟
أَو قيل لها: لِمَ زَنَيْتِ وأَنتِ سيَّدَةُ قَوْمِكِ؟ فقالت: قُرْبُ
الوِساد، وطُولُ السِّــواد؛ قال اللحياني: السِّــوادُ هنا المُسارَّةُ، وقيل:
المُراوَدَةُ، وقيل: الجِماعُ بعينه، وكله من السَّــوادِ الذي هو ضدّ
البياض. وفي حديث سلمان الفارسي حين دخل عليه سعد يعوده فجعل يبكي ويقول: لا
أَبكي خوفاً من الموت أَو حزناً على الدنيا، فقال: ما يُبْكِيك؟ فقال:
عَهِد إِلينا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ليَكْف أَحدَكم مثلُ زاد الراكب
وهذه الأَساوِدُ حَوْلي؛ قال: وما حَوْلَه إِلاَّ مِطْهَرَةٌ
وإِجَّانَةٌ وجَفْنَةٌ؛ قال أَبو عبيد: أَراد بالأَساودِ الشخوصَ من المتاع الذي
كان عنده، وكلُّ شخص من متاع أَو إِنسان أَو غيرِه: ســوادٌ، قال ابن
الأَثير: ويجوز أَن يُريدَ بالأَساودِ الحياتِ، جَمْعَ أَسودَ، شَبَّهَها بها
لاسْتضرارِه بمكانها. وفي الحديث: إِذا رأَى أَحدكم ســواداً بليل فلا يكن
أَجْبنَ السَّــوادَــينِ فإِنه يخافُك كما تخافُه أَي شخصاً. قال: وجمع
السَّــوادِ أَسوِدةٌ ثم الأَساودُ جمع الجمع؛ وأَنشد الأَعشى:
تناهَيْتُمُ عنا، وقد كان فيكُمُ
أَساوِدُ صَرْعَى، لم يُسَوَّدْ قَتِيلها
يعني بالأَساوِدِ شُخوصَ القَتْلى. وفي الحديث: فجاء بعُودٍ وجاءَ
بِبَعرةٍ حتى زعموا فصار ســواداً أَي شخصاً؛ ومنه الحديث: وجعلوا سَــواداً
حَيْساً أَي شيئاً مجتمعاً يعني الأَزْوِدَة. وفي الحديث: إِذا رأَيتم
الاختلاف فعليكم بالسَّــواد الأَعظم؛ قيل: الســواد الأَعظمُ جُمْلَة الناس
ومُعْظَمُهم التي اجْتَمَعَتْ على طاعة السلطان وسلوك المنهج القويم؛ وقيل: التي
اجتمعت على طاعة السلطان وبَخِعَت لها، بَرّاً كان أَو فاجراً، ما أَقام
الصلاةَ؛ وقيل لأَنَس: أَين الجماعة؟ فقال: مع أُمرائكم.
والأَسْوَدُ: العظيمُ من الحيَّات وفيه ســوادٌ، والجمع أَسْوَدات
وأَساوِدُ وأَساويدُ، غَلَبَ غَلَبَةَ الأَسماء، والأُنثى أَسْوَدَة نادرٌ؛ قال
الجوهري في جمع الأَسود أَساوِد قال: لأَنه اسم ولو كان صفة لَجُمِِع على
فُعْلٍ. يقال: أَسْوَدُ سالِخٌ غير مضاف، والأُنثى أَسْوَدَة ولا توصف
بسالخةٍ. وقوله، صلى الله عليه وسلم، حين ذكر الفِتَنَ: لَتَعُودُنَّ فيها
أَساوِدَ صُبّاً يَضِربُ بعضكم رقاب بعض؛ قال الزهري: الأَساودُ
الحياتُ؛ يقول: يَنْصَبُّ بالسيف على رأْس صاحِبِه كما تفعلُ الحيةُ إِذا ارتفعت
فَلَسعت من فَوْقُ، وإِنما قيل للأَسود أَسْودُ سالِخٌ لأَنه يَسْلُخُ
جِلْدَه في كلِّ عام؛ وأَما الأَرقم فهو الذي فيه ســواد وبياض، وذو
الطُّفُيَتَيْنِ الذي له خَطَّان أَسودان. قال شَمِير: الأَسودُ أَخْبثُ الحيات
وأَعظمها وأَنكاها وهي من الصفة الغالبة حتى استُعْمِل استِعْمال
الأَسماءِ وجُمِعَ جَمْعَها، وليس شيءٌ من الحيات أَجْرَأَ منه، وربما عارض
الرُّفْقَةَ وتَبَِعَ الصَّوْتَ، وهو الذي يطلُبُ بالذَّحْلِ ولا يَنْجُو
سَلِيمُه، ويقال: هذا أَسود غير مُجْرًى؛ وقال ابن الأَعرابي: أَراد بقوله
لَتَعُودُنَّ فيها أَساوِدَ صُبّاً يعني جماعاتٍ، وهي جمع ســوادٍ من الناس
أَي جماعة ثم أَسْوِدَة، ثم أَساوِدُ جمع الجمع. وفي الحديث: أَنه أَمر
بقتل الأَسوَدَين في الصلاة؛ قال شَمِر: أَراد بالأَسْوَدَينِ الحيةَ
والعقربَ.
والأَسْوَدان: التمر والماء، وقيل: الماء واللبن وجعلهما بعض الرُّجَّاز
الماءَ والفَثَّ، وهو ضرب من البقل يُختَبَزُ فيؤكل؛ قال:
الأَسْودانِ أَبرَدا عِظامي،
الماءُ والفَثُّ دَوا أَسقامي
والأَسْودانِ: الحَرَّةُ والليل لاسْوِدادهما، وضافَ مُزَبِّداً
المَدَنيَّ قومٌ فقال لهم: ما لكم عندنا إِلا الأَسْوَدانِ فقالوا: إِن في ذلك
لمَقْنَعا التمر والماءِ، فقال: ما ذاك عَنَيْتُ إِنما أَردت الحَرَّةَ
والليل. فأَما قول عائشة، رضي الله عنها: لقد رأَيْتُنا مع رسول الله، صلى
الله عليه وسلم، ما لنا طعام إِلا الأَسْودان؛ ففسره أَهل اللغة بأَنه
التمر والماءُ؛ قال ابن سيده: وعندي أَنها إِنما أَرادت الحرة والليلَ،
وذلك أَن وجود التمر والماء عندهم شِبَعٌ ورِيٌّ وخِصْبٌ لا شِصْبٌ، وإِنما
أَرادت عائشة، رضي الله عنها، أَن تبالغ في شدة الحال وتَنْتَهيَ في ذلك
بأَن لا يكون معها إِلا الحرة والليل أَذْهَبَ في سوء الحال من وجود
التمر والماء؛ قال طرفة:
أَلا إِنني شَرِبتُ أَسوَدَ حالِكاً،
أَلا بَجَلي من الشرابِ، أَلا بَجَلْ
قال: أَراد الماء؛ قال شَمِرٌ: وقيل أَراد سُقِيتُ سُمَّ أَسوَدَ. قال
الأَصمعي والأَحمر: الأَسودان الماء والتمر، وإِنما الأَسود التمر دون
الماءِ وهو الغالب على تمر المدينة، فأُضيف الماءُ إِليه ونعتا جميعاً بنعت
واحد إِتباعاً، والعرب تفعل ذلك في الشيئين يصطحبان يُسَمَّيان معاً
بالاسم الأَشهر منهما كما قالوا العُمَران لأَبي بكر وعمر، والقمران للشمس
والقمر. والوَطْأَة السَّوْداءُ: الدارسة، والحمراء: الجديدة. وما ذقت عنده
من سُوَيْدٍ قَطْرَةً، وما سقاهم من سُوَيْدٍ قَطْرةً، وهو الماءُ نفسه
لا يستعمل كذا إِلا في النفي. ويقال للأَعداءِ: سُودُ الأَكباد؛ قال:
فما أَجْشَمْتُ من إِتْيان قوم،
هم الأَعداءُ فالأَكبادُ سُودُ
ويقال للأَعداء: صُهْبُ السِّبال وسود الأَكباد، وإِن لم يكونوا كذلك
فكذلك يقال لهم.
وسَــواد القلب وسَــوادِــيُّه وأَسْوَده وسَوْداؤُه: حَبَّتُه، وقيل: دمه.
يقال: رميته فأَصبت ســواد قلبه؛ وإِذا صَغَّروه ردّوه إِلى سُوَيْداء، ولا
يقولون سَوْداء قَلْبه، كما يقولون حَلَّق الطائر في كبد السماء وفي
كُبَيْد السماء. وفي الحديث: فأَمر بســواد البَطن فشُوِيَ له الكبد.
والسُّوَيْداءُ: الاسْت. والسَّوَيْداء: حبة الشُّونيز؛ قال ابن
الأَعرابي: الصواب الشِّينِيز. قال: كذلك تقول العرب. وقال بعضهم: عنى به الحبة
الخضراء لأَن العرب تسمي الأَسود أَخضر والأَخضر أَسود. وفي الحديث: ما
من داءٍ إِلا في الحبة السوداءِ له شفاء إِلا السام؛ أَراد به الشونيز.
والسَّوْدُ: سَفْحٌ من الجبل مُسْتَدِقٌّ في الأَرض خَشِنٌ أَسود،
والجمع أَســوادٌ، والقِطْعَةُ منه سَوْدةٌ وبها سميت المرأَة سَوْدَةَ. الليث:
السَّوْدُ سَفْحٌ مستو بالأَرض كثير الحجارة خشنها، والغالب عليها أَلوان
الســواد وقلما يكون إِلا عند جبل فيه مَعْدِن؛ والسَّود، بفتح السين
وسكون الواو، في شعر خداش بن زهير:
لهم حَبَقٌ، والسَّوْدُ بيني وبينهم،
يدي لكُمُ، والزائراتِ المُحَصَّبا
هو جبال قيس؛ قال ابن بري: رواه الجرميُّ يدي لكم، بإِسكان الياءِ على
الإِفراد وقال: معناه يدي لكم رهن بالوفاءِ، ورواه غيرهُ يُديَّ لكم جمع
يد، كما قال الشاعر:
فلن أَذكُرَ النُّعمانَ إِلا بصالح،
فإِن له عندي يُدِيّاً وأَنعُما
ورواه أَبو شريك وغيره: يَديّ بكم مثنى بالياءِ بدل اللام، قال: وهو
الأَكثر في الرواية أَي أَوقع الله يديّ بكم. وفي حديث أَبي مجلز: وخرج إِلى
الجمعة وفي الطريق عَذِرات يابسة فجعل يتخطاها ويقول: ما هذه
الأَسْوَدات؟ هي جمع سَوْداتٍ، وسَوْداتٌ جمع سودةٍ، وهي القِطعة من الأَرض فيها
حجارة سُودٌ خَشِنَةٌ، شَبَّهَ العَذِرةَ اليابسة بالحجارة السود.
والسَّــوادِــيُّ: السُّهْريزُ.
والسُّــوادُ: وجَع يأْخُذُ الكبد من أَكل التمر وربما قَتل، وقد سُئِدَ.
وماءٌ مَسْوَدَةٌ يأْخذ عليه السُّــوادُ، وقد سادَ يسودُ: شرب
المَسْوَدَةَ. وسَوَّدَ الإِبل تسويداً إِذا دَقَّ المِسْحَ الباليَ من شَعَر فداوى
به أَدْبارَها، يعني جمع دَبَر؛ عن أَبي عبيد.
والسُّودَدُ: الشرف، معروف، وقد يُهْمَز وتُضم الدال، طائية. الأَزهري:
السُّؤدُدُ، بضم الدال الأُولى، لغة طيء؛ وقد سادهم سُوداً وسُودُداً
وسِيادةً وسَيْدُودة، واستادهم كسادهم وسوَّدهم هو.
والمسُودُ: الذي ساده غيره. والمُسَوَّدُ: السَّيّدُ. وفي حديث قيس بن
عاصم: اتقوا الله وسَوِّدوا أَكبَرَكم. وفي حديث ابن عمر: ما رأَيت بعد
رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أَسْوَدَ من معاوية؛ قيل: ولا عُمَر؟ قال:
كان عمر خيراً منه، وكان هو أَسودَ من عمر؛ قيل: أَراد أَسخى وأَعطى
للمال، وقيل: أَحلم منه.
قال: والسَّيِّدُ يطلق على الرب والمالك والشريف والفاضل والكريم
والحليم ومُحْتَمِل أَذى قومه والزوج والرئيس والمقدَّم، وأَصله من سادَ
يَسُودُ فهو سَيْوِد، فقلبت الواو ياءً لأَجل الياءِ الساكنة قبلها ثم أُدغمت.
وفي الحديث: لا تقولوا للمنافق سَيِّداً، فهو إِن كان سَيِّدَكم وهو
منافق، فحالكم دون حاله والله لا يرضى لكم ذلك. أَبو زيد: اسْتادَ القومُ
اسْتِياداً إِذا قتلوا سيدهم أَو خطبوا إِليه. ابن الأَعرابي: استاد فلان في
بني فلان إِذا تزوّج سيدة من عقائلهم. واستاد القوم بني فلان: قتلوا
سيدهم أَو أَسروه أَو خطبوا إِليه. واستادَ القومَ واستاد فيهم: خطب فيهم
سيدة؛ قال:
تَمنَّى ابنُ كُوزٍ، والسَّفاهةُ كاسْمِها،
لِيَسْتادَ مِنا أَن شَتَوْنا لَيالِيا
أَي أَراد يتزوجُ منا سيدة لأَن أَصابتنا سنة. وفي حديث عمر بن الخطاب،
رضي الله عنه: تَفَقَّهوا قبل أَن تُسَوَّدوا؛ قال شَمِر: معناه تعلَّموا
الفقه قبل أَن تُزَوَّجوا فتصيروا أَرباب بيوت فَتُشْغَلوا بالزواج عن
العلم، من قولهم استاد الرجلُ، يقول: إِذا تَزوّج في سادة؛ وقال أَبو
عبيد: يقول تعلموا العلم ما دمتم صِغاراً قبل أَن تصيروا سادَةً رُؤَساءَ
منظوراً إِليهم، فإِن لم تَعَلَّموا قبل ذلك استحيتم أَن تَعَلَّموا بعد
الكبر، فبقِيتم جُهَّالاً تأْخذونه من الأَصاغر، فيزري ذلك بكم؛ وهذا شبيه
بحديث عبدالله بن عمر، رضي الله عنهما: لا يزال الناس بخير ما أَخذوا
العلم عن أَكابرهم، فإِذا أَتاهم من أَصاغرهم فقد هلكوا، والأَكابر أَوْفَرُ
الأَسنان والأَصاغرُ الأَحْداث؛ وقيل: الأَكابر أَصحاب رسول الله، صلى
الله عليه وسلم، والأَصاغر مَنْ بَعْدَهم من التابعين؛ وقيل: الأَكابر أَهل
السنة والأَصاغر أَهل البدع؛ قال أَبو عبيد: ولا أُرى عبدالله أَراد
إِلا هذا. والسَّيِّدُ: الرئيس؛ وقال كُراع: وجمعه سادةٌ، ونظَّره بقَيِّم
وقامة وعَيِّل وعالةٍ؛ قال ابن سيده: وعندي أَن سادةً جمع سائد على ما
يكثر في هذا النحو، وأَما قامةٌ وعالةٌ فجمْع قائم وعائل لا جمعُ قَيِّمٍ
وعيِّلٍ كما زعم هو، وذلك لأَنَّ فَعِلاً لا يُجْمَع على فَعَلةٍ إِنما
بابه الواو والنون، وربما كُسِّر منه شيء على غير فَعَلة كأَموات
وأَهْوِناء؛ واستعمل بعض الشعراء السيد للجن فقال:
جِنٌّ هَتَفْنَ بليلٍ،
يَنْدُبْنَ سَيِّدَهُنَّهْ
قال الأَخفش: هذا البيت معروف من شعر العرب وزعم بعضهم أَنه من شعر
الوليد والذي زعم ذلك أَيضاً. . . . .
(* بياض بالأصل المعول عليه قبل ابن
شميل بقدر ثلاث كلمات) ابن شميل: السيد الذي فاق غيره بالعقل والمال والدفع
والنفع، المعطي ماله في حقوقه المعين بنفسه، فذلك السيد. وقال عكرمة:
السيد الذي لا يغلبه غَضَبه. وقال قتادة: هو العابد الوَرِع الحليم. وقال
أَبو خيرة: سمي سيداً لأَنه يسود ســواد الناس أَي عُظْمهم. الأَصمعي: العرب
تقول: السيد كل مَقْهور مَغْمُور بحلمه، وقيل: السيد الكريم. وروى مطرّف
عن أَبيه قال: جاءَ رجل إِلى النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: أَنت سيد
قريش؟ فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: السيدُ الله، فقال: أَنت
أَفضلُها قولاً وأَعْظَمُها فيها طَوْلاً، فقال النبي، صلى الله عليه وسلم:
لِيَقُلْ أَحدكم بقوله ولا يَسْتَجْرِئَنَّكُم؛ معناهُ هو الله الذي يَحِقُّ
له السيادة، قال أَبو منصور: كره النبي، صلى الله عليه وسلم، أَن
يُمْدَحَ في وجهه وأَحَبَّ التَّواضع لله تعالى، وجَعَلَ السيادة للذي ساد الخلق
أَجمعين، وليس هذا بمخالف لقوله لسعد بن معاذ حين قال لقومه الأَنصار:
قوموا إِلى سيدكم، أَراد أَنه أَفضلكم رجلاً وأَكرمكم، وأَما صفة الله، جل
ذكره، بالسيد فمعناه أَنه مالك الخلق والخلق كلهم عبيده، وكذلك قوله:
أَنا سيّدُ ولد آدم يوم القيامة ولا فَخْرَ، أَراد أَنه أَوَّل شفيع وأَول
من يُفتح له باب الجنة، قال ذلك إِخباراً عما أَكرمه الله به من الفضل
والسودد، وتحدُّثاً بنعمة الله عنده، وإِعلاماً منه ليكون إِيمانهم به على
حَسَبهِ ومُوجَبهِ، ولهذا أَتبعه بقوله ولا فخر أَي أَن هذه الفضيلة التي
نلتها كرامة من الله، لم أَنلها من قبل نفسي ولا بلغتها بقوَّتي، فليس
لي أَن أَفْتَخِرَ بها؛ وقيل في معنى قوله لهم لما قالوا له أَنت
سَيِّدُنا: قولوا بِقَوْلِكُم أَي ادْعوني نبياً ورسولاً كما سماني الله، ولا
تُسَمُّوني سَيِّداً كما تُسَمُّونَ رؤُساءكم، فإِني لست كأَحدهم ممن يسودكم
في أَسباب الدنيا. وفي الحديث: يا رسولَ الله مَنِ السيِّد؟ قال: يوسفُ
بن إِسحقَ بن يعقوبَ بن إِبراهيم، عليه السلام، قالوا: فما في أُمَّتِك
من سَيِّدٍ؟ قال: بلى من آتاه الله مالاً ورُزِقَ سَماحَةً، فأَدّى شكره
وقلَّتْ شِكايَتهُ في النَّاس. وفي الحديث: كل بني آدم سَيِّدٌ، فالرجل
سيد أَهل بيته، والمرأَة سيدة أَهل بيتها. وفي حديثه للأَنصار قال: من
سيدكم؟ قالوا: الجَدُّ بنُ قَيس على أَنا نُبَخِّلُه، قال: وأَي داءٍ أَدْوى
من البخل؟ وفي الحديث أَنه قال للحسن بن علي، رضي الله عنهما: إِن ابْني
هذا سيدٌ؛ قيل: أَراد به الحَليم لأَنه قال في تمامه: وإِن الله يُصْلِحُ
به بين فئتين عظيمتين من المسلمين. وفي حديث: قال لسعد بن عبادة: انظروا
إِلى سيدنا هذا ما يقول؛ قال ابن الأَثير: كذا رواه الخطابي. وقيل:
انظروا إِلى من سَوَّدْناه على قومه ورأْسْناه عليهم كما يقول السلطانُ
الأَعظم: فلان أَميرُنا قائدُنا أَي من أَمَّرناه على الناس ورتبناه لقَوْد
الجيوش. وفي رواية: انظروا إِلى سيدكم أَي مُقَدَّمِكُم. وسمى الله تعالى
يحيى سيداً وحصوراً؛ أَراد أَنه فاق غيره عِفَّة ونزاهة عن الذنوب.
الفراء: السَّيِّدُ الملك والسيد الرئيس والسيد السخيُّ وسيد العبد مولاه،
والأُنثى من كل ذلك بالهاء. وسيد المرأَة: زوجها. وفي التنزيل: وأَلْفَيَا
سيدها لدى الباب؛ قال اللحياني: ونظنّ ذلك مما أَحدثه الناس، قال ابن سيده:
وهذا عندي فاحش، كيف يكون في القرآن ثم يقول اللحياني: ونظنه مما أَحدثه
الناس؛ إِلا أَن تكون مُراوِدَةُ يوسف مَمْلُوكَةً؛ فإِن قلت: كيف يكون
ذلك وهو يقول: وقال نسوة في المدينة امرأَة العزيز؟ فهي إِذاً حرّة،
فإِنه
(* قوله «فإنه إلخ» كذا بالأصل المعوّل عليه ولعله سقط من قلم مبيض
مسودة المؤلف قلت لا ورود فانه إلخ أو نحو ذلك والخطب سهل). قد يجوز أَن
تكون مملوكة ثم يُعْتِقُها ويتزوّجها بعد كما نفعل نحن ذلك كثيراً بأُمهات
الأَولاد؛ قال الأَعشى:
فكنتَ الخليفةَ من بَعْلِها،
وسَيِّدَتِيَّا، ومُسْتادَها
أَي من بعلها، فكيف يقول الأَعشى هذا ويقول اللحياني بعد: إِنَّا نظنه
مما أَحدثه الناس؟ التهذيب: وأَلفيا سيدها معناه أَلفيا زوجها، يقال: هو
سيدها وبعلها أَي زوجها. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها، أَن امرأَة
سأَلتها عن الخضاب فقالت: كان سيدي رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يكره ريحه؛
أَرادت معنى السيادة تعظيماً له أَو ملك الزوجية، وهو من قوله: وأَلفيا
سيدها لدى الباب؛ ومنه حديث أُم الدرداء: حدثني سيدي أَبو الدرداء.
أَبو مالك: السَّــوادُ المال والسَّــوادُ الحديث والســواد صفرة في اللون
وخضرة في الظفر تصيب القوم من الماء الملح؛ وأَنشد:
فإِنْ أَنتُمُ لم تَثْأَرُوا وتسَوِّدوا،
فكونوا نَعَايَا في الأَكُفِّ عِيابُها
(* قوله «فكونوا نعايا» هذا ما في الأَصل المعوّل عليه وفي شرح القاموس
بغايا) يعني عيبة الثياب؛ قال: تُسَوِّدُوا تَقْتلُوا. وسيِّد كلِّ شيء:
أَشرفُه وأَرفَعُه؛ واستعمل أَبو إِسحق الزجاج ذلك في القرآن فقال: لأَنه
سيد الكلام نتلوه، وقيل في قوله عز وجل: وسيداً وحصوراً، السيد: الذي
يفوق في الخير. قال ابن الأَنباري: إِن قال قائل: كيف سمى الله، عز وجل،
يحيى سيداً وحصوراً، والسيد هو الله إِذ كان مالك الخلق أَجمعين ولا مالك
لهم سواه؟ قيل له: لم يُرِد بالسيد ههنا المالك وإِنما أَراد الرئيسَ
والإِمامَ في الخير، كما تقول العرب فلان سيدنا أَي رئيسنا والذي نعظمه؛
وأَنشد أَبو زيد:
سَوَّارُ سيِّدُنا وسَيِّدُ غيرِنا،
صَدْقُ الحديث فليس فيه تَماري
وسادَ قومَه يَسُودُهم سيادَةً وسُوْدَداً وسَيْدُودَةً، فهو سيِّدٌ،
وهم سادَةٌ، تقديره فَعَلَةٌ، بالتحريك، لأَن تقدير سَيِّدٍ فَعْيِلٌ، وهو
مثل سَرِيٍّ وسَراةٍ ولا نظير لهما، يدل على ذلك أَنه يُجمعُ على سيائدَ،
بالهمز، مثلَ أَفيل وأَفائلَ وتَبيعٍ وتَبائعَ؛ وقال أَهل البصرة: تقدير
سَيِّدٍ فَيْعِلٌ وجُمِعَ على فَعَلَةٍ كأَنهم جمعوا سائداً، مِثلَ
قائدٍ وقادةٍ وذائدٍ وذادةٍ؛ وقالوا: إِنما جَمَعَتِ العربُ الجَيِّد
والسَّيِّدَ على جَيائِدَ وسَيائدَ، بالهمز على غير قياس، لأَنّ جَمْعَ فَيْعِلٍ
فياعلُ بلا همز، والدال في سُودَدٍ زائدةٌ للإِلحاق ببناء فُعْلَلٍ،
مِثلِ جُندَبٍ وَبُرْقُعٍ. وتقول: سَوَّدَه قومه وهو أَسودُ من فلان أَي
أَجلُّ منه: قال الفراء: يقال هذا سَيِّدُ قومِه اليوم، فإِذا أَخبرت أَنه
عن قليل يكون سيدَهم قلت: هو سائدُ قومِه عن قليل. وسيد
(* هنا بياض
بالأصل المعوّل عليه.). . . وأَساد الرجلُ وأَسْوَدَ بمعنى أَي وَلدَ غلاماً
سيداً؛ وكذلك إِذا ولد غلاماً أَسود اللون. والسَّيِّد من المعز:
المُسِنُّ؛ عن الكسائي. قال: ومنه الحديث: ثَنِيٌّ من الضأْن خير من السيد من
المعز؛ قال الشاعر:
سواء عليه: شاةُ عامٍ دَنَتْ له
لِيَذْبَحَها للضيف، أَم شاةُ سَيِّدِ
كذا رواه أَبو علي عنه؛ المُسِنُّ من المعز، وقيل: هو المسنّ، وقيل: هو
الجليل وإِن لم يكن مسنّاً. والحديث الذي جاء عن النبي، صلى الله عليه
وسلم: أَن جبريل قال لي: اعلم يا محمد أَن ثنية من الضأْن خير من السيِّد
من الإِبل والبقر، يدل على أَنه معموم به. قال: وعند أَبي علي فَعْيِل من
«س و د» قال: ولا يمتَنع أَن يكون فَعِّلاً من السَّيِّد إِلا أَن السيدَ
لا معنى له ههنا. وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، أُتِيَ
بكبش يطَأُ في ســواد وينْظرُ في ســواد ويَبْرُكُ في ســواد لِيُضَحِّيَ به؛
قوله: ينظر في ســواد، أَراد أَنَّ حدقته سوداء لأَن إِنسان العين فيها؛ قال
كثير:
وعن نَجْلاءَ تَدْمَعُ في بياضٍ،
إِذا دَمَعَتْ وتَنظُرُ في ســوادِ
قوله: تدمع في بياض وتنظر في ســواد، يريد أَن دموعها تسيل على خدٍّ أَبيض
ونظرها من حدقة سوداء، يريد أَنه أَسوَدُ القوائم
(* قوله «يريد أنه
أسود القوائم» كذا بالأصل المعوّل عليه ولعله سقط قبله ويطأ في ســواد كما هو
واضح)، ويَبْرُك في ســواد يريد أَن ما يلي الأَرض منه إِذا برك أَسْودُ؛
والمعنى أَنه أَسود القوائم والمَرابض والمحاجر. الأَصمعيُّ: يقال جاءَ
فلان بغنمه سُودَ البطون، وجاءَ بها حُمرَ الكُلَى؛ معناهما مهازِيل.
والحمارُ الوحْشِيُّ سَيِّد عانَته، والعرب تقول: إِذا كثر البياض قلَّ
الســواد؛ يعنون بالبياض اللبن وبالســواد التمر؛ وكل عام يكثر فيه الرَّسْلُ يقلّ
فيه التمر. وفي المثل: قال لي الشَّرُّ أَقِمْ ســوادَــك أَي اصبر.
وأُمُّ سُويْدٍ: هي الطِّبِّيجَةُ.
والمِسْأَدُ: نِحْيُ السمن أَو العسل، يُهْمَز ولا يُهمز، فيقال مِسادٌ،
فإِذا همز، فهو مِفْعَلٌ، وإِذا لم يُهْمَز، فهو فِعَالٌ؛ ويقال: رمى
فلان بسهمه الأَسودِ وبسهمه المُدْمَى وهو السهم الذي رُمِيَ به فأَصاب
الرمِيَّةَ حتى اسودّ من الدم وهم يتبركون به؛ قال الشاعر:
قالَتْ خُلَيْدَةُ لمَّا جِئْتُ زائِرَها:
هَلاَّ رَمَيْتَ ببَعْضِ الأَسْهُمِ السُّودِ؟
قال بعضهم: أَراد بالأَسهم السود ههنا النُّشَّابَ، وقيل: هي سهام
القَنَا؛ قال أَبو سعيد: الذي صح عندي في هذا أَن الجَمُوحَ أَخا بني ظَفَر
بَيَّتَ بني لِحْيان فَهُزم أَصحابُه، وفي كنانته نَبْلٌ مُعَلَّمٌ بســواد،
فقالت له امرأَته: أَين النبل الذي كنتَ ترمي به؟ فقال هذا البيت: قالت
خُلَيْدَةُ.
والسُّودانيَّةُ والسُّودانةُ: طائر من الطير الذي يأْكل العنب والجراد،
قال: وبعضهم يسميها السُّــوادِــيَّةَ.
ابن الأَعرابي: المُسَوَّدُ أَن تؤخذ المُصْرانُ فتُفْصَدَ فيها الناقةُ
وتُشَدّ رأْسُها وتُشْوَى وتؤكل.
وأَسْوَدُ: اسم جبل. وأَسْوَدَةُ: اسم جبل آخر.
والأَسودُ: عَلَمٌ في رأْس جبل؛ وقول الأَعشى:
كَلاَّ، يَمِينُ اللَّهِ حتى تُنزِلوا،
من رأْس شاهقةٍ إِلينا، الأَسْوَدا
وأَسْودُ العَيْنِ: جبل؛ قال:
إِذا ما فَقَدْتُمْ أَسْوَدَ العينِ كنْتُمُ
كِراماً، وأَنتم ما أَقامَ أَلائِمُ
قال الهَجَرِيُّ: أَسْوَدُ العينِ في الجَنُوب من شُعَبَى. وأَسْوَدَةُ:
بِئر. وأَسوَدُ والسَّودُ: موضعان.
والسُّوَيْداء: موضعٌ بالحِجاز. وأَسْوَدُ الدَّم: موضع؛ قال النابغةُ
الجعدي:
تَبَصَّرْ خَلِيلِي، هل تَرَى من ظعائنٍ
خَرَجْنَ بنصف الليلِ، من أَسْوَدِ الدَّمِ؟
والسُّوَيْداءُ: طائرٌ. وأَسْودانُ: أَبو قبيلة وهو نَبْهانُ. وسُوَيْدٌ
وسَــوادةُ: اسمان. والأَسْوَدُ: رجل.
حور: الحَوْرُ: الرجوع عن الشيء وإِلى الشيء، حارَ إِلى الشيء وعنه
حَوْراً ومَحاراً ومَحارَةً وحُؤُورواً: رجع عنه وإِليه؛ وقول العجاج:
في بِئْرِ لا حُورٍ سَرَى وما شَعَرْ
أَراد: في بئر لا حُؤُورٍ، فأَسكن الواو الأُولى وحذفها لسكونها وسكون
الثانية بعدها؛ قال الأَزهري: ولا صلة في قوله؛ قال الفرّاء: لا قائمة في
هذا البيت صحيحة، أَراد في بئر ماء لا يُحِيرُ عليه شيئاً. الجوهري: حارَ
يَحُورُ حَوْراً وحُؤُوراً رجع. وفي الحديث: من دعا رجلاً بالكفر وليس
كذلك حارَ عليه؛ أَي رجع إِليه ما نسب إِليه؛ ومنه حديث عائشة: فَغَسلْتها
ثم أَجْفقتها ثم أَحَرْتها إِليه؛ ومنه حديث بعض السلف: لو عَيَّرْتُ
رجلاً بالرَّضَعِ لخشيتُ أَن يَحُورَ بي داؤه أَي يكونَ عَلَيَّ مَرْجِعُه.
وكل شيء تغير من حال إِلى حال، فقد حارَ يَحُور حَوْراً؛ قال لبيد:
وما المَرْءُ إِلاَّ كالشِّهابِ وضَوْئِهِ،
يِحُورُ رَماداً بعد إِذْ هو ساطِعُ
وحارَتِ الغُصَّةُ تَحُورُ: انْحَدَرَتْ كأَنها رجعت من موضعها،
وأَحارَها صاحِبُها؛ قال جرير:
ونُبِّئْتُ غَسَّانَ ابْنَ واهِصَةِ الخُصى
يُلَجْلِجُ مِنِّي مُضْغَةً لا يُحِيرُها
وأَنشد الأَزهري:
وتِلْكَ لَعَمْرِي غُصَّةٌ لا أُحِيرُها
أَبو عمرو: الحَوْرُ التَّحَيُّرُ، والحَوْرُ: الرجوع. يقال: حارَ بعدما
كارَ. والحَوْرُ: النقصان بعد الزيادة لأَنه رجوع من حال إِلى حال. وفي
الحديث: نعوذ بالله من الحَوْرِ بعد الكَوْرِ؛ معناه من النقصان بعد
الزيادة، وقيل: معناه من فساد أُمورنا بعد صلاحها، وأَصله من نقض العمامة بعد
لفها، مأْخوذ من كَوْرِ العمامة إِذا انقض لَيُّها وبعضه يقرب من بعض،
وكذلك الحُورُ، بالضم. وفي رواية: بعد الكَوْن؛ قال أَبو عبيد: سئل عاصم
عن هذا فقال: أَلم تسمع إِلى قولهم: حارَ بعدما كان؟ يقول إِنه كان على
حالة جميلة فحار عن ذلك أَي رجع؛ قال الزجاج: وقيل معناه نعوذ بالله من
الرُّجُوعِ والخُروج عن الجماعة بعد الكَوْرِ، معناه بعد أَن كنا في
الكَوْرِ أَي في الجماعة؛ يقال كارَ عِمامَتَهُ على رأْسه إِذا لَفَّها، وحارَ
عِمامَتَهُ إِذا نَقَضَها. وفي المثل: حَوْرٌ في مَحَارَةٍ؛ معناه نقصان
في نقصان ورجوع في رجوع، يضرب للرجل إِذا كان أَمره يُدْبِرُ. والمَحارُ:
المرجع؛ قال الشاعر:
نحن بنو عامِر بْنِ ذُبْيانَ، والنَّا
سُ كهَامٌ، مَحارُهُمْ للقُبُورْ
وقال سُبَيْعُ بن الخَطِيم، وكان بنو صُبْح أَغاروا على إِبله فاستغاث
بزيد الفوارس الضَّبِّيّ فانتزعها منهم، فقال يمدحه:
لولا الإِلهُ ولولا مَجْدُ طالِبِها،
لَلَهْوَجُوها كما نالوا مِن الْعِيرِ
واسْتَعْجَلُوا عَنْ خَفِيف المَضْغِ فازْدَرَدُوا،
والذَّمُّ يَبْقَى، وزادُ القَوْمِ في حُورِ
اللَّهْوَجَة: أَن لا يُبالغ في إِنضاج اللحم أَي أَكلوا لحمها من قبل
أَن ينضج وابتلعوه؛ وقوله:
والذم يبقى وزاد القوم في حور
يريد: الأَكْلُ يذهب والذم يبقى. ابن الأَعرابي: فلان حَوْرٌ في
مَحارَةٍ؛ قال: هكذا سمعته بفتح الحاء، يضرب مثلاً للشيء الذي لا يصلح أَو كان
صالحاً ففسد. والمَحارة: المكان الذي يَحُور أَو يُحارُ فيه. والباطل في
حُورٍ أَي في نقص ورجوع. وإِنك لفي حُورٍ وبُورٍ أَي في غير صنعة ولا
إِجادة. ابن هانئ: يقال عند تأْكيد المَرْزِئَةِ عليه بِقِلَّةِ النماء: ما
يَحُور فلان وما يَبُورُ، وذهب فلان في الحَوَارِ والبَوَارِ، بفتح
الأَول، وذهب في الحُورِ والبُورِ أَي في النقصان والفساد. ورجل حائر بائر،
وقد حارَ وبارَ، والحُورُ الهلاك وكل ذلك في النقصان والرجوع. والحَوْرُ:
ما تحت الكَوْرِ من العمامة لأَنه رجوع عن تكويرها؛ وكلَّمته فما رَجَعَ
إِلَيَّ حَوَاراً وحِواراً ومُحاوَرَةً وحَوِيراً ومَحُورَة، بضم الحاء،
بوزن مَشُورَة أَي جواباً.
وأَحارَ عليه جوابه: ردَّه. وأَحَرْتُ له جواباً وما أَحارَ بكلمة،
والاسم من المُحاوَرَةِ الحَوِيرُ، تقول: سمعت حَوِيرَهما وحِوَارَهما.
والمُحاوَرَة: المجاوبة. والتَّحاوُرُ: التجاوب؛ وتقول: كلَّمته فما أَحار
إِليَّ جواباً وما رجع إِليَّ خَوِيراً ولا حَوِيرَةً ولا مَحُورَةً ولا
حِوَاراً أَي ما ردَّ جواباً. واستحاره أَي استنطقه. وفي حديث علي، كرم الله
وجهه: يرجع إِليكما ابنا كما بِحَوْرِ ما بَعَثْتُما بِه أَي بجواب ذلك؛
يقال: كلَّمته فما رَدَّ إِليَّ حَوْراً أَي جواباً؛ وقيل: أَراد به
الخيبة والإِخْفَاقَ. وأَصل الحَوْرِ: الرجوع إِلى النقص؛ ومنه حديث عُبادة:
يُوشِك أَن يُرَى الرجُل من ثَبَجِ المسلمين قُرَّاء القرآن على لسان
محمد، صلى الله عليه وسلم، فأَعاده وأَبْدَأَه لا يَحُورُ فيكم إِلا كما
يَحُور صاحبُ الحمار الميت أَي لا يرجع فيكم بخير ولا ينتفع بما حفظه من
القرآن كما لا ينتفع بالحمار الميت صاحبه. وفي حديث سَطِيحٍ: فلم يُحِرْ
جواباً أَي لم يرجع ولم يَرُدَّ. وهم يَتَحاوَرُون أَي يتراجعون الكلام.
والمُحاوَرَةُ: مراجعة المنطق والكلام في المخاطبة، وقد حاوره.
والمَحُورَةُ: من المُحاوَرةِ مصدر كالمَشُورَةِ من المُشاوَرَة كالمَحْوَرَةِ؛
وأَنشد:
لِحاجَةِ ذي بَتٍّ ومَحْوَرَةٍ له،
كَفَى رَجْعُها من قِصَّةِ المُتَكَلِّمِ
وما جاءتني عنه مَحُورَة أَي ما رجع إِليَّ عنه خبر.
وإِنه لضعيف الحَوْرِ أَي المُحاوَرَةِ؛ وقوله:
وأَصْفَرَ مَضْبُوحٍ نَظَرْتُ حَِوارَهُ
على النَّارِ، واسْتَوْدَعْتُهُ كَفَّ مُجْمِدِ
ويروى: حَوِيرَه، إِنما يعني بحواره وحويره خروجَ القِدْحِ من النار أَي
نظرت الفَلَجَ والفَوْزَ.
واسْتَحار الدارَ: اسْتَنْطَقَهَا، من الحِوَارِ الذي هو الرجوع؛ عن ابن
الأَعرابي.
أَبو عمرو: الأَحْوَرُ العقل، وما يعيش فلانٌ بأَحْوَرَ أَي ما يعيش
بعقل يرجع إِليه؛ قال هُدْبَةُ ونسبه ابن سيده لابن أَحمر:
وما أَنْسَ مِ الأَشْياءِ لا أَنْسَ قَوْلَها
لجارَتِها: ما إِن يَعِيشُ بأَحْوَرَا
أَراد: من الأَشياء. وحكى ثعلب: اقْضِ مَحُورَتَك أَي الأَمر الذي أَنت
فيه.
والحَوَرُ: أَن يَشْتَدَّ بياضُ العين وسَــوادُ سَــوادِــها وتستدير حدقتها
وترق جفونها ويبيضَّ ما حواليها؛ وقيل: الحَوَرُ شِدَّةُ ســواد المُقْلَةِ
في شدّة بياضها في شدّة بياض الجسد، ولا تكون الأَدْماءُ حَوْراءَ؛ قال
الأَزهري: لا تسمى حوراء حتى تكون مع حَوَرِ عينيها بيضاءَ لَوْنِ
الجَسَدِ؛ قال الكميت:
ودامتْ قُدُورُك، للسَّاعِيَيْـ
ن في المَحْلِ، غَرْغَرَةً واحْوِرارَا
أَراد بالغَرْغَرَةِ صَوْتَ الغَلَيانِ، وبالاحورار بياضَ الإِهالة
والشحم؛ وقيل: الحَوَرُ أَن تسودّ العين كلها مثل أَعين الظباء والبقر، وليس
في بني آدم حَوَرٌ، وإِنما قيل للنساء حُورُ العِينِ لأَنهن شبهن بالظباء
والبقر.
وقال كراع: الحَوَرُ أَن يكون البياض محدقاً بالســواد كله وإِنما يكون
هذا في البقر والظباء ثم يستعار للناس؛ وهذا إِنما حكاه أَبو عبيد في
البَرَج غير أَنه لم يقل إِنما يكون في الظباء والبقر. وقال الأَصمعي: لا
أَدري ما الحَوَرُ في العين وقد حَوِرَ حَوَراً واحْوَرَّ، وهو أَحْوَرُ.
وامرأَة حَوْراءُ: بينة الحَوَرِ. وعَيْنٌ حَوْراءٌ، والجمع حُورٌ، ويقال:
احْوَرَّتْ عينه احْوِرَاراً؛ فأَما قوله:
عَيْناءُ حَورَاءُ منَ العِينِ الحِير
فعلى الإِتباع لعِينٍ؛ والحَوْراءُ: البيضاء، لا يقصد بذلك حَوَر عينها.
والأَعْرابُ تسمي نساء الأَمصار حَوَارِيَّاتٍ لبياضهن وتباعدهن عن
قَشَفِ الأَعراب بنظافتهن؛ قال:
فقلتُ: إِنَّ الحَوارِيَّاتِ مَعْطَبَةٌ،
إِذا تَفَتَّلْنَ من تَحْتِ الجَلابِيبِ
يعني النساء؛ وقال أَبو جِلْدَةَ:
فَقُلْ للحَوَارِيَّاتِ يَبْكِينَ غَيْرَنا،
ولا تَبْكِنا إِلاَّ الكِلابُ النَّوابِحُ
بكَيْنَ إِلينا خفيةً أَنْ تُبِيحَها
رِماحُ النَّصَارَى، والسُّيُوفُ الجوارِحُ
جعل أَهل الشأْم نصارى لأَنها تلي الروم وهي بلادها. والحَوارِيَّاتُ من
النساء: النَّقِيَّاتُ الأَلوان والجلود لبياضهن، ومن هذا قيل لصاحب
الحُوَّارَى:
مُحَوَّرٌ؛ وقول العجاج:
بأَعْيُنٍ مُحَوَّراتٍ حُورِ
يعني الأَعين النقيات البياض الشديدات ســواد الحَدَقِ.
وفي حديث صفة الجنة: إِن في الجنة لَمُجْتَمَعاً للحُورِ العِينِ.
والتَّحْوِيرُ: التببيض. والحَوارِيُّونَ: القَصَّارُونَ لتبييضهم
لأَنهم كانوا قصارين ثم غلب حتى صار كل ناصر وكل حميم حَوارِيّاً. وقال بعضهم:
الحَوارِيُّونَ صَفْوَةُ الأَنبياء الذين قد خَلَصُوا لَهُمْ؛ وقال
الزجاج: الحواريون خُلْصَانُ الأَنبياء، عليهم السلام، وصفوتهم. قال: والدليل
على ذلك قول النبي، صلى الله عليه وسلم: الزُّبَيْرُ ابن عمتي
وحَوارِيَّ من أُمَّتِي؛ أَي خاصتي من أَصحابي وناصري. قال: وأَصحاب النبي، صلى
الله عليه وسلم، حواريون، وتأْويل الحواريين في اللغة الذين أُخْلِصُوا
ونُقُّوا من كل عيب؛ وكذلك الحُواَّرَى من الدقيق سمي به لأَنه يُنَقَّى من
لُباب البُرِّ؛ قال: وتأْويله في الناس الذي قد روجع في اختِياره مرة بعد
مرة فوجد نَقِيّاً من العيوب. قال: وأَصل التَّحْوِيرِ في اللغة من حارَ
يَحُورُ، وهو الرجوع. والتَّحْوِيرُ: الترجيع، قال: فهذا تأْويله، والله
أَعلم. ابن سيده: وكلُّ مُبالِغٍ في نُصْرَةِ آخر حوَارِيٌّ، وخص بعضهم
به أَنصار الأَنبياء، عليهم السلام، وقوله أَنشده ابن دريد:
بَكَى بِعَيْنِك واكِفُ القَطْرِ،
ابْنَ الحَوارِي العَالِيَ الذِّكْرِ
إِنما أَراد ابنَ الحَوارِيِّ، يعني الحَوارِيِّ الزُّبَيرَ، وعنى بابنه
عَبْدَ اللهِو بْنَ الزبير. وقيل لأَصحاب عيسى، عليه
السلام: الحواريون للبياض، لأَنهم كانوا قَصَّارين. والحَوارِيُّ:
البَيَّاضُ، وهذا أَصل قوله، صلى الله عليه وسلم، في الزبير: حَوارِيَّ من
أُمَّتي، وهذا كان بدأَه لأَنهم كانوا خلصاء عيسى وأَنصاره، وأَصله من
التحوير التبييض، وإِنما سموا حواريين لأَنهم كانوا يغسلون الثياب أَي
يُحَوِّرُونَها، وهو التبييض؛ ومنه الخُبْزُ الحُوَّارَى؛ ومنه قولهم: امرأَة
حَوارِيَّةٌ إِذا كانت بيضاء. قال: فلما كان عيسى بن مريم، على نبينا وعليه
السلام، نصره هؤلاء الحواريون وكانوا أَنصاره دون الناس قيل لناصر نبيه
حَوارِيُّ إِذا بالغ في نُصْرَتِه تشبيهاً بأُولئك. والحَوارِيُّونَ:
الأَنصار وهم خاصة أَصحابه. وروى شمر أَنه قال: الحَوارِيُّ الناصح وأَصله
الشيء الخالص، وكل شيء خَلَصَ لَوْنُه، فهو حَوارِيٌّ. والأَحْوَرِيُّ:
الأَبيض الناعم؛ وقول الكميت:
ومَرْضُوفَةٍ لم تُؤْنِ في الطَّبْخِ طاهِياً،
عَجِلْتُ إِلى مُحْوَرِّها حِينَ غَرْغَرَا
يريد بياض زَبَدِ القِدْرِ. والمرضوفة: القدر التي أُنضجت بالرَّضْفِ،
وهي الحجارة المحماة بالنار. ولم تؤْن أَي لم تحبس. والاحْوِرَارُ:
الابْيِضاضُ. وقَصْعَةٌ مُحْوَرَّةٌ: مُبْيَضَّةٌ بالسَّنَامِ؛ قال أَبو المهوش
الأَسدي:
يا وَرْدُ إِنِّي سَأَمُوتُ مَرَّهْ،
فَمَنْ حَلِيفُ الجَفْنَةِ المُحْوَرَّهْ؟
يعني المُبْيَضَّةَ. قال ابن بري: وورد ترخيم وَرْدَة، وهي امرأَته،
وكانت تنهاه عن إِضاعة ماله ونحر إِبله فقال ذلك: الأَزهري في الخماسي:
الحَوَرْوَرَةُ البيضاء. قال: هو ثلاثي الأَصل أُلحق بالخماسي لتكرار بعض
حروفها. والحَوَرُ: خشبة يقال لها البَيْضاءُ.
والحُوَّارَى: الدقيق الأَبيض، وهو لباب الدقيق وأَجوده وأَخلصه.
الجوهري: الحُوَّارَى، بالضم وتشديد الواو والراء مفتوحة، ما حُوِّرَ من الطعام
أَي بُيّصَ. وهذا دقيق حُوَّارَى، وقد حُوِّرَ الدقيقُ وحَوَّرْتُه
فاحْوَرَّ أَي ابْيَضَّ. وعجين مُحَوَّر، وهو الذي مسح وجهه بالماء حتى صفا.
والأَحْوَرِيُّ: الأَبيض الناعم من أَهل القرى؛ قال عُتَيْبَةُ بن
مِرْدَاسٍ المعروفُ بأَبي فَسْوَةَ:
تكُفُّ شَبَا الأَنْيَابِ منها بِمِشْفَرٍ
خَرِيعٍ، كَسِبْتِ الأَحْوَرِيِّ المُخَصَّرِ
والحَوُْر: البَقَرُ لبياضها، وجمعه أَحْوارٌ؛ أَنشد ثعلب:
للهِ دَرُّ منَازِل ومَنازِل،
إِنَّا بُلِينَ بها ولا الأَحْوارُ
والحَوَرُ: الجلودُ البِيضُ الرِّقَاقُ تُعمل منها الأَسْفَاطُ، وقيل:
السُّلْفَةُ، وقيل: الحَوَرُ الأَديم المصبوغ بحمرة. وقال أَبو حنيفة: هي
الجلود الحُمْرُ التي ليست بِقَرَظِيَّةٍ، والجمع أَحْوَارٌ؛ وقد
حَوَّرَهُ. وخُفَّ مُحَوَّرٌ بطانته بِحَوَرٍّ؛ وقال الشاعر:
فَظَلَّ يَرْشَحُ مِسْكاً فَوْقَهُ عَلَقٌ،
كأَنَّما قُدَّ في أَثْوابِه الحَوَرُ
الجوهري: الحَوَرُ جلود حمر يُغَشَّى بها السِّلالُ، الواحدةُ حَوَرَةٌ؛
قال العجاج يصف مخالف البازي:
بِحَجَباتٍ يَتَثَقَّبْنَ البُهَرْ،
كأَنَّما يَمْزِقْنَ باللَّحْمِ الحَوَرْ
وفي كتابه لِوَفْدِ هَمْدَانَ: لهم من الصدقة الثِّلْبُ والنَّابُ
والفَصِيلُ والفَارِضُ والكَبْشُ الحَوَرِيُّ؛ قال ابن الأَثير: منسوب إِلى
الحَوَرَِ، وهي جلود تتخذ من جلود الضأْن، وقيل: هو ما دبغ من الجلود بغير
القَرَظِ، وهو أَحد ما جاء على أَصله ولم يُعَلَّ كما أُعلَّ ناب.
والحُوَارُ والحِوَارُ، الأَخيرة رديئة عند يعقوب: ولد الناقة من حين
يوضع إِلى أَن يفطم ويفصل، فإِذا فصل عن أُمه فهو فصيل، وقيل: هو حُوَارٌ
ساعةَ تضعه أُمه خاصة، والجمع أَحْوِرَةٌ وحِيرانٌ فيهما. قال سيبويه:
وَفَّقُوا بين فُعَالٍ وفِعَال كما وَفَّقُوا بين فُعالٍ وفَعِيلٍ، قال: وقد
قالوا حُورَانٌ، وله نظير، سمعت العرب تقول رُقاقٌ ورِقاقٌ، والأُنثى
بالهاء؛ عن ابن الأَعرابي. وفي التهذيب: الحُوَارُ الفصيل أَوَّلَ ما ينتج.
وقال بعض العرب: اللهم أَحِرْ رِباعَنا أَي اجعل رباعنا حِيراناً؛
وقوله:أَلا تَخافُونَ يوماً، قَدْ أَظَلَّكُمُ
فيه حُوَارٌ، بِأَيْدِي الناسِ، مَجْرُورُ؟
فسره ابن الأَعرابي فقال: هو يوم مَشْؤُوم عليكم كَشُؤْم حُوارِ ناقة
ثمود على ثمود.
والمِحْوَرُ: الحديدة التي تجمع بين الخُطَّافِ والبَكَرَةِ، وهي أَيضاً
الخشبة التي تجمع المَحَالَةَ. قال الزجاج: قال بعضهم قيل له مِحْوَرٌ
للدَّوَرَانِ لأَنه يرجع إِلى المكان الذي زال عنه، وقيل: إِنما قيل له
مِحْوَرٌ لأَنه بدورانه ينصقل حتى يبيض. ويقال للرجل إِذا اضطرب أَمره: قد
قَلِقَتْ مَحاوِرُه؛ وقوله أَنشده ثعلب:
يا مَيُّ ما لِي قَلِقَتْ مَحاوِرِي،
وصَارَ أَشْبَاهَ الفَغَا ضَرائِرِي؟
يقول: اضطربت عليّ أُموري فكنى عنها بالمحاور. والحديدة التي تدور عليها
البكرة يقال لها: مِحْورٌ. الجوهري: المِحْوَرُ العُودُ الذي تدور عليه
البكرة وربما كان من حديد. والمِحْوَرُ: الهَنَةُ والحديدة التي يدور
فيها لِسانُ الإِبْزِيمِ في طرف المِنْطَقَةِ وغيرها. والمِحْوَرُ: عُودُ
الخَبَّازِ. والمِحْوَرُ: الخشبة التي يبسط بها العجين يُحَوّرُ بها الخبز
تَحْوِيراً. قال الأَزهري: سمي مِحْوَراً لدورانه على العجين تشبيهاً
بمحور البكرة واستدارته.
وحَوَّرَ الخُبْزَةَ تَحْوِيراً: هَيَّأَها وأَدارها ليضعها في
المَلَّةِ. وحَوَّرَ عَيْنَ الدابة: حَجِّرَ حولها بِكَيٍّ وذلك من داء يصيبها،
والكَيَّةُ يقال لها الحَوْراءُ، سميت بذلك لأَن موضعها يبيضُّ؛ ويقال:
حَوِّرْ عينَ بعيرك أَي حَجَّرْ حولها بِكَيٍّ. وحَوَّرَ عين البعير: أَدار
حولها مِيسَماً. وفي الحديث: أَنه كَوَى أَسْعَدَ بنَ زُرَارَةَ على
عاتقه حَوْراءَ؛ وفي رواية: وجد وجعاً في رقبته فَحَوَّرَهُ رسولُ الله، صلى
الله عليه وسلم، بحديدة؛ الحَوْراءُ: كَيَّةٌ مُدَوَّرَةٌ، وهي من حارَ
يَحُورُ إِذا رجع. وحَوَّرَه: كواه كَيَّةً فأَدارها. وفي الحديث: أَنه
لما أُخْبِرَ بقتل أَبي جهل قال: إِن عهدي به وفي ركبتيه حَوْراءُ فانظروا
ذلك، فنطروا فَرَأَوْهُ؛ يعني أَثَرَ كَيَّةٍ كُوِيَ بها.
وإِنه لذو حَوِيرٍ أَي عداوة ومُضَادَّةٍ؛ عن كراع. وبعض العرب يسمي
النجم الذي يقال له المُشْتَري: الأَحْوَرَ. والحَوَرُ: أَحد النجوم الثلاثة
التي تَتْبَعُ بنات نَعْشٍ، وقيل: هو الثالث من بنات نعش الكبرى اللاصق
بالنعش.
والمَحارَةُ: الخُطُّ والنَّاحِيَةُ. والمَحارَةُ: الصَّدَفَةُ أَو
نحوها من العظم، والجمع مَحاوِرُ ومَحارٌ؛ قال السُّلَيْكُ
بْنُ السُّلَكَةِ:
كأَنَّ قَوَائِمَ النِّخَّامِ، لَمَّا
تَوَلَّى صُحْبَتِي أَصْلاً، مَحارُ
أَي كأَنها صدف تمرّ على كل شيء؛ وذكر الأَزهري هذه الترجمة أَيضاً في
باب محر، وسنذكرها أَيضاً هناك. والمَحارَةُ: مرجع الكتف. ومَحَارَةُ
الحَنَكِ: فُوَيْقَ موضع تَحْنيك البَيْطار. والمَحارَةُ: باطن الحنك.
والمَحارَةُ: مَنْسِمُ البعير؛ كلاهما عن أَبي العَمَيْثَلِ الأَعرابي.
التهذيب: المَحارَةُ النقصان، والمَحارَةُ: الرجوع، والمَحارَةُ:
الصَّدَفة.والحَوْرَةُ: النُّقْصانُ. والحَوْرَةُ: الرَّجْعَةُ.
والحُورُ: الاسم من قولك: طَحَنَتِ الطاحنةُ فما أَحارتْ شيئاً أَي ما
رَدَّتْ شيئاً من الدقيق؛ والحُورُ: الهَلَكَةُ؛ قال الراجز:
في بِئْرٍ لا حُورٍ سَرَى وما شَعَرْ
قال أَبو عبيدة: أَي في بئر حُورٍ، ولا زَيادَةٌ. وفلانٌ حائِرٌ بائِرٌ:
هذا قد يكون من الهلاك ومن الكَسادِ. والحائر: الراجع من حال كان عليها
إِلى حال دونها، والبائر: الهالك؛ ويقال: حَوَّرَ الله فلاناً أَي خيبه
ورَجَعَهُ إِلى النقص.
والحَوَر، بفتح الواو: نبت؛ عن كراع ولم يُحَلِّه. وحَوْرانُ، بالفتح:
موضع بالشام. وما أَصبت منه حَوْراً وحَوَرْوَراً أَي شيئاً.
وحَوَّارُونَ: مدينة بالشام؛ قال الراعي:
ظَلِلْنَا بِحَوَّارِينَ في مُشْمَخِرَّةٍ،
تَمُرُّ سَحابٌ تَحْتَنَا وثُلُوجُ
وحَوْرِيتُ: موضع؛ قال ابن جني: دخلت على أَبي عَلِيٍّ فحين رآني قال:
أَين أَنت؟ أَنا أَطلبك، قلت: وما هو؟ قال: ما تقول في حَوْرِيتٍ؟ فخضنا
فيه فرأَيناه خارجاً عن الكتاب، وصَانَعَ أَبو علي عنه فقال: ليس من لغة
ابني نِزَارٍ، فأَقَلَّ الحَفْلَ به لذلك؛ قال: وأَقرب ما ينسب إِليه أَن
يكون فَعْلِيتاً لقربه من فِعْلِيتٍ، وفِعْلِيتٌ موجود.
هضم: هضَم الدواءُ الطعامَ يَهْضِمُه هَضْماً: نَهَكَه.
والهَضّامُ والهَضُوم والهاضُومُ: كلُّ دَواءٍ هَضَمَ طعاماً
كالجُوارِشْنِ
(* قوله «كالجوارش» ضبط في بعض نسخ النهاية بضم الجيم، وفي بعض آخر
منها بالفتح وكذا المحكم.، وهذا طعامٌ سريعُ
الانْهِضامِ وبَطيءُ الانْهِضامِ. وهَضَمَه يَهْضِمُه هَضْماً
واهْتَضَمه وتهَضَّمَه: ظَلمه وغصَبه وقهرَه، والاسم الهَضِيمةُ. ورجل
هَضِيمٌومُهْتَضَمٌ: مَظْلومٌ. وهضَمَه حقَّه هَضْماً: نقصَه. وهَضَم له من
حقِّه يَهْضِمُ هَضْماً: تركَ له منه شيئاً عن طِيبةِ نَفْسٍ. يقال: هَضَمْت
له من حَظِّي طائفةً أَي تركتُه. ويقال: هَضَم له من حظِّه إذا كسَر له
منه. أَبو عبيد: المُتَهَضَّمُ والهَضِيمُ جميعاً المظلومُ. والهَضِيمةُ:
أَن يَتَهَضَّمَك القومُ شيئاً أَي يظلموك. وهضَم الشيءَ يَهْضِمُه
هَضْماً، فهو مَهْضومٌ وهَضِيمٌ: كسَره. وهضَم له من مالِه يَهْضِم هَضْماً:
كسَر وأَعطى. والهَضَّامُ: المُنْفِقُ لِمالِه، وهو الهَضُوم أَيضاً،
والجمع هُضُمٌ؛ قال زياد بن مُنْقِذ:
يا حَبَّذا، حينَ تُمْسي الرِّيحُ بارِدةً،
وادي أُشَيٍّ وفِتْيانٌ به هُضُمُ
ويدٌ هَضومٌ: تَجُود بما لدَيْها تُلْقِيه فيما تُبْقِيه، والجمع
كالجمع؛ قال الأعشى:
فأَمّا إذا قَعَدُوا في النَّدِيّ،
فأَحْلامُ عادٍ وأَيْدٍ هُضُمْ
ورجلٌ أَهْضَمُ الكَشْحَيْنِ أي مُنْضَمُّهُما. والهَضَمُ: خَمَصُ
البطونِ ولُطْفُ الكَشْحِ. والهَضَمُ في الإنسان: قلة انْجِفارِ الجَنْبَين
ولَطافَتُهما، ورجل أَهْضَمُ بيِّن الهَضَم وامرأَة هَضْماءُ وهَضِيمٌ،
وكذلك بطنٌ هَضِيمٌ ومَهْضومٌ وأَهْضَمُ؛ قال طرفة:
ولا خَيرَ فيه غيرَ أَنَّ له غِنىً،
وأن له كَشْحاً، إذا قامَ، أَهْضَما
والهَضِيمُ: اللَّطيف. والهَضِيمُ: النَّضِيجُ. والهَضَمُ، بالتحريك:
انضِمامُ الجَنْبينِ، وهو في الفرس عيبٌ. يقال: لا يَسْبِقُ أَهْضَمُ من
غاية بعيدةٍ أبداً. والهَضَمُ: استقامةُ الضلوع ودخولُ أَعالِيها، وهو من
عيوب الخيل التي تكون خِلْقةً، قال النابغة الجعدي:
خِيطَ على زَفْرَةٍ فتَمَّ، ولمْ
يَرْجِع إلى دِقَّةٍ ولا هَضَمِ
يقول: إن هذا الفرسَ لِسَعةِ جوفهِ وإجْفارِ مَحْزِمهِ كأَنه زفَرَ،
فلما اغْترَقَ نفَسُه بُنِيَ على ذلك فلزِمته تلك الزَّفْرة، فصِيغَ عليها
لا يُفارِقُها؛ ومثله قول الآخر:
بُنِيَتْ مَعاقِمُها على مُطَوائها
أي كأَنها تَمَطَّت، فلما تناءَت أَطرافُها ورحُبَت شَحْوَتها صِيغَت
على ذلك، وفرسٌ أَهْضَمُ، قال الأَصمعي: لم يَسْبِقْ في الحَلْبة قَطّ
أَهْضَمُ، وإنما الفرسُ بعُنُقهِ وبَطْنهِ، والأُنثى هَضْماءُ. والهَضِيمُ من
النساء: اللطيفةُ الكَشْحَينِ، وكَشْحٌ مَهْضومٌ؛ وأَنشد ابن بري لابن
أحمر:
هُضُمٌ إذا حُبَّ الفُتارُ، وهُمْ
نُصُرٌ، وإذا ما استُبْطِئَ النَّصْرُ
ورأَيت هنا جُزازة مُلْصقَة في الكتاب فيها: هذا وهَمٌ من الشيخ لأَن
هُضُماً هنا جمعُ هَضومٍ الجَــوادُ المِتْلافُ لمالهِ، بدليل قوله نُصُر جمع
نَصِير، قال: وكلاهما من أَوصاف المذكر؛ قال: ومثله قول زياد ابن
مُنقِذ:وحَبَّذا، حين تُمْسي الريحُ بارِدةً،
وادي أُشَيٍّ وفِتْيانٌ به هُضُمُ
وقد تقدم، وقوله: حين تمسي الريح باردة مثلُ قوله إذا حُبَّ الفُتارُ،
يعني أَنهم يَجُودون في وقت الجَدْب وضيقِ العيشِ، وأَضْيَقُ ما كان
عيشُهم في زمن الشتاء، وهذا بيِّنٌ لا خفاء به؛ قال: وأما شاهدُ الهَضِيم
اللطيفةِ الكَشحين من النساء فقول امرئ القيس:
إذا قلتُ: هاتي نَوِّلِيني، تَمايَلَتْ
عليَّ هَضيم الكَشحِ، رَيَّا المُخَلخَلِ
وفي الحديث: أن امرأَة رأَت سَعْداً مُتَجَرِّداً وهو أميرُ الكوفةِ،
فقالت: إن أَميرَكم هذا لأَهْضَمُ الكَشْحينِ أي مُنْضَمُّهما؛ الهَضَمُ،
بالتحريك: انضمامُ الجنبينِ، وأصلُ الهَضْمِ الكسر. وهَضْمُ الطعامِ:
خِفَّتُه. والهَضْمُ: التواضُعُ. وفي حديث الحسن: وذكَر أَبا بكرٍ فقال:
والله إنه لَخَيْرُهم ولكن المؤْمِن يَهْضِم نفْسَه أي يَضعُ من قَدْرهِ
تَواضُعاً. وقوله عز وجل: ونَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ؛ أَي مُنْهَضِمٌ
مُنْضَمٌّ في جوف الجُفِّ، وقال الفراء: هَضِيمٌ ما دام في كَوافيرهِ.
والهَضِيمُ: اللَّيِّنُ. وقال ابن الأَعرابي: طَلْعُها هَضيم، قال: مَرِيءٌ،
وقيل: ناعِمٌ، وقيل: هَضيمٌ مُنْهَضِم مُدْرِك، وقال الزجاج: الهَضِيم
الداخلُ بعضُه في بعض، وقيل: هو مما قيل إن رُطَبَه بغير نَوىً، وقيل:
الهَضيمُ الذي يتَهَشَّم تَهَشُّماً، ويقال للطلع هَضِيم ما لم يخرج من
كُفُرّاهُ لدخول بعضه في بعض.
وقال الأَثْرَمُ: يقال للطعام الذي يُعْمَل في وَفاةِ الرجل
الهَضِيمة، والجمع الهَضائم.
والهاضِمُ: الشادخُ لما فيه رخاوةٌ أو لينٌ. قال ابن سيده: الهاضِمُ ما
فيه رخاوةٌ أو لينٌ، صفة غالبة، وقد هَضَمه فانْهَضَم كالقَصَبة
المَهْضومة، وقصبَةٌ مَهْضومةٌ ومُهَضَّمةٌ وهَضِيم: للتي يُزْمَرُ بها.
ومِزْمارٌ مُهَضَّمٌ لأَنه، فيما يقال، أَكْسارٌ يُضمّ بعضها إلى بعض؛ قال لبيد
يصف نهيق الحمار:
يُرَجِّعُ في الصُّوَى بمُهَضَّماتٍ،
يَجُبْنَ الصَّدْرَ من قَصَبِ العَوالي
شبَّه مخارجَ صوتِ حَلْقهِ بمُهَضَّماتِ المَزامير؛ قال عنترة:
بَرَكَتْ على ماءِ الرِّداعِ، كأَنما
بركتْ على قَصَبٍ أَجَشَّ مُهَضَّم
وأَنشد ثعلب لمالك بن نُوَيرَةَ:
كأَن هَضيماً من سَرارٍ مُعَيَّناً،
تَعاوَرَه أَجْوافُها مَطْلَع الفَجْرِ
والهَضْمُ والهِضْمُ، بالكسر: المطمئنُّ من الأَرض، وقيل: بَطْنُ
الــوادي، وقيل: غَمْضٌ، وربما أَنْبَتَ، والجمع أَهْضامٌ وهُضومٌ؛ قال:
حتى إذا الوَحْش في أَهْضامِ مَوْرِدِها
تغَيَّبَتْ، رابَها من خِيفةٍ رِيَبُ
ونحوَ ذلك قال الليث في أَهْضامٍ من الأَرض. أَبو عمرو: الهِضْمُ ما
تَطامَن من الأَرض، وجمعه أَهْضامٌ؛ ومنه قولهم في التحذير من الأمر
المَخُوف: الليلَ وأَهْضامَ الــوادي؛ يقول: فاحْذَرْ فإنك لا تدري لعلَّ هناك
مَن لا يُؤْمَن اغْتِيالُه. وفي الحديث: العَدُوُّ بأَهْضامِ الغِيطانِ؛ هي
جمعِ هِضْمٍ، بالكسر، وهو المطمئن من الأرض، وقيل: هي أَسافلُ
الأَوْدِيةِ من الهَضْمِ الكسرِ، لأَنها مَكاسِرُ. وفي حديث عليّ، كرّم الله
وجهه: صَرْعَى بأَثناء هذا النَّهرِ وأَهْضامِ هذا الغائِطِ. المؤرّج:
الأَهْضامُ الغُيوبُ، واحدها هِضْمٌ، وهو ما غيَّبها عن الناظر. ابن شميل:
مَسْقِطُ الجَبل وهو ما هَضَم عليه أي دَنا من السهلِ من أَصلهِ، وما هَضَمَ
عليه أي ما دنا منه. ويقال: هَضَمَ فلانٌ على فلانٍ أي هَبطَ عليه، وما
شَعَرُوا بنا حتى هَضَمْنا عليهم. وقال ابن السكيت: هو الهِضْمُ، بكسر
الهاء، في غُيوبِ الأَرض.
وتَهَضَّمْت للقوم تَهَضُّماً إذا انْقَدتَ لهم وتَقاصَرْت. ورجل
أَهْضَمُ: غليظُ الثنايا.
وأَهْضَمَ المُهْرُ للإرْباع: دَنا منه، وكذلك الفَصيل، وكذلك الناقةُ
والبَهْمةُ، إلاّ أَنه في الفَصِيل والبَهْمة الإرْباعُ والإسداسُ
جميعاً.الجوهري: وأَهْضَمَت الإبلُ للإجْذاعِ وللإسْداسِ جميعاً إذا ذهبت
رَواضِعُها وطلعَ غيرُها، قال: وكذلك الغنم. يقال: أَهْضَمت وأَدْرَمَت
وأَفَرَّتْ.
والمَهْضومةُ: ضَرْبٌ من الطيِّبِ يخلط بالمِسْكِ والبانِ. والأَهْضامُ:
الطيبُ، وقيل: البَخورُ، وقيل: هو كلُّ شيء يُتبخر به غير العود
واللُّبْنى، واحدها هِضْم وهَضْمٌ وهَضْمةٌ، على توهُّم حذف الزائد؛ قال
الشاعر:كأَنَّ ريحَ خُزاماها وحَنْوَتِها،
بالليل، ريحُ يَلَنْجوجٍ وأَهْضامِ
وقال الأعشى:
وإذا ما الدُّخانُ شُبّه بالآ
نُفِ، يوماً، بشَتْوةٍ أَهْضاما
يعني من شدَّة الزمان؛ وأَنشد في الأَهْضامِ البَخورِ للعجاج:
كأَنَّ ريحَ جَوْفِها المَزْبورِ
مَثْواةُ عَطَّارين بالعُطورِ
أَهْضامِها والمِسْكِ والقَفُّورِ
القَفُّورُ: الكافورُ، وقيل: نَبْتٌ. قال أَبو منصور: أُراه يصف حُفْرة
حفرها الثور الوحشي فكَنَسَ فيها، شَبّه رائحة بَعرِها برائحة هذه
العُطور.
وأَهْضامُ تَبالةَ: ما اطمأَنَّ من الأَرض بين جِبالها؛ قال لبيد:
فالضَّيْفُ والجارُ الجَنِيبُ، كأَنما
هَبَطا تَبالةَ مُخْصِباً أَهْضامُها
وتَبالةُ: بلدٌ مُخْضِبٌ معروف. وأَهضامُ تَبالة: قُراها. وبنو
مُهَضَّمَة: حيٌّ.
عصد: العَصْدُ: اللَّيُّ.
عَصَدَ الشيءَ يَعْصِدُه عَصْداً، فهو مَعْصُود وعَصيدٌ: لواه؛
والعَصِيدَةُ منه، والمِعْصَدُ ما تُعْصَدُ به. قال الجوهري: والعصيدَةُ التي
تَعْصِدُها بالمسواط فَتُمِرُّها به، فتنقلب ولا يَبْقَى في الإِناءِ منها
شيء إِلا انقلب. وفي حديث خَوْلَةَ: فقَرَّبْتُ له عَصِيدَةً؛ هو دقيق
يُلَتُّ بالسمن ويطبخ. يقال: عَصَدْتُ العصيدة وأَعْصَدْتُها أَي اتخذتها.
وعَصَدَ البعير عنقه: لواه نحو حارِكِه للموت؛ يَعْصدُه عُصُوداً، فهو
عاصد، وكذلك الرجل. يقال: عَصَدَ فلان
(* قوله «عصد فلان» في القاموس وكعلم
ونصر عصوداً مات.) يَعْصُدُ عُصُوداً مات؛ وأَنشد شمر:
على الرَّحْلِ ممَّا مَنَّه السيْرُ عاصِدُ
وقال الليث: العاصد ههنا الذي يَعْصِدُ العصِيدة أَي يديرها ويقلبها
بالمِعْصَدَة؛ شبَّه الناعسَ به لخفقان رأْسه. قال: ومن قال إِنه أَراد
الميت بالعاصد فقد أَخطأَ. وعَصَدَ السهم: التوى في مَرٍّ ولم يَقْصِد
الهَدَف. وفي نــوادر الأَعراب: يومٌ عَطُودٌ
(* قوله «عطود» كذا في الأصل بهذا
الضبط. وفي شرح القاموس عن نــوادر الأعراب عطرد، براء مهملة مشددة بدل
الواو الساكنة.) وعَطَوَّدٌ وعَصَوَّدٌ أَي طويل. ورَكِبَ فلان عِصْوَدَّه
أَي رأْيه وعِرْبَدَّهُ إِذا رَكِبَ رأْيَه.
والعَصْدُ والعَزْدُ: النكاحُ لا فعل له. وقال كراع: عصَدَ الرجلُ
المرأَة يَعْصِدُها عَصْداً وعزَدَها عَزْداً: نكحها، فجاءَ له بفعل.
وأَعْصِدْني عَصْداً من حمارك وعَزْداً، على المضارعة، أَي أَعِرْني إِياه
لأُنْزِيَه على أَتاني؛ عن اللحياني. ورجل عَصِيدٌ مَعْصودٌ: نعت سوء.
وعَصَدْتُه على الأَمر عَصْداً إِذا أَكرهته عليه؛ وقد روى بعضهم
لعنترة:فهَلاَّ وفي الفَغْواءَ عَمْرُو بن جابِرٍ
بِذِمَّتِهِ، وابنُ اللَّقِيطَةِ عِصْيَدُ
قال بعضهم: عصيد بوزن حِذْيَم وهو المأْبون؛ قال الأَزهري: وقرأْت بخط
أَبي الهيثم في شعر المتلمس يهجو عمرون بن هند:
فإِذا حَلَلْتُ ودُونَ بَيْتي غاوَةٌ،
فابْرُقْ بأَرضِك ما بدا لكَ وارْعُدِ
أَبَنِي قِلابَة، لم تكُنْ عاداتُكُم
أَخْذَ الدَّنِيَّةِ قَبْلَ خُطَّةِ مِعْصَدِ
قال أَبو عبيدة: يعني عُصِدَ عمرو بن هِند من العَصْدِ والعَزْدِ يعني
منكوحاً.
والعِصْــوادُ والعُصْــوادُ: الجَلَبة والاختلاطُ في حرب أَو خصومة، قال:
وتَرامى الأَبْطالُ بالنَّظَرِ الشَّزْ
رِ، وظَلَّ الكُماةُ في عِصْــوادِ
وتَعَصْوَدَ القومُ: جَلَّبوا واختلطوا. وعَصْوَدُوا عَصْوَدَةً منذ
اليوم أَي صاحوا واقتتلوا. الليث: العِصْــوادُ جَلَبة في بَلِيَّة،
وعَصَدَتْهُم العَصاويدُ: أَصابتهم بذلك. وعِصْــوادُ الظلام: اختلاطُه
وتراكُبه.وجاءَت الإِبلُ عَصاويدَ إِذا رَكِبَ بعضها بعضاً، وكذلك عَصاويدُ
الكلام. والعصاويدُ: العِطاشُ من الإِبل. ورجل عِصْــوادٌ: عَسِر شديد. وامرأَة
عِصــواد: كثيرة الشر؛ قال:
يا مَيُّ ذاتَ الطَّوْقِ والمِعْصادِ،
فدَتْكِ كلُّ رَعْبَلٍ عِصْــوادِ،
نَافِيَةٍ للبَعْلِ والأَوْلادِ
وقومٌ عَصاويدُ في الحرب: يلازمون أَقرانهم ولا يفارقونهم؛ وأَنشد:
لمَّا رَأَيْتُهُمُ، لا دَرْءَ دُونَهُمُ،
يَدْعونَ لِحْيانَ في شُعْثٍ عَصاويدِ
وقولهم: وقعوا في عِصْــوادٍ أَي في أَمر عظيم. ويقال: تركتهم في عِصْــوادٍ
وهو الشر من قَتْل أَو سِباب أَو صَخَب. وهم في عِصْــوادٍ بينهم: يعني
البلايا والخصومات. ورجلٌ عِصْــوادٌ: مُتعِب؛ وأَنشد:
وفي القَرَبِ العِصْــوادُ للعِيسِ سائقُ
سرر: السِّرُّ: من الأَسْرار التي تكتم. والسر: ما أَخْفَيْتَ، والجمع
أَسرار. ورجل سِرِّيٌّ: يصنع الأَشياءَ سِرّاً من قوم سِرِّيِّين.
والسرِيرةُ: كالسِّرِّ، والجمع السرائرُ. الليث: السرُّ ما أَسْرَرْتَ به.
والسريرةُ: عمل السر من خير أَو شر.
وأَسَرَّ الشيء: كتمه وأَظهره، وهو من الأَضداد، سرَرْتُه: كتمته،
وسررته: أَعْلَنْته، والوجهان جميعاً يفسران في قوله تعالى: وأَسرُّوا
الندامةَ؛ قيل: أَظهروها، وقال ثعلب: معناه أَسروها من رؤسائهم؛ قال ابن سيده:
والأَوّل أَصح. قال الجوهري: وكذلك في قول امرئ القيس: لو يُسِرُّون
مَقْتَلِي؛ قال: وكان الأَصمعي يرويه: لو يُشِرُّون، بالشين معجمة، أَي
يُظهرون. وأَسَرَّ إِليه حديثاً أَي أَفْضَى؛ وأَسررْتُ إِليه المودَّةَ
وبالمودّةِ وسارَّهُ في أُذُنه مُسارَّةً وسِراراً وتَسارُّوا أَي تَناجَوْا.
أَبو عبيدة: أَسررت الشيء أَخفيته، وأَسررته أَعلنته؛ ومن الإِظهار قوله
تعالى: وأَسرُّوا الندامة لما رأَوا العذاب؛ أَي أَظهروها؛ وأَنشد
للفرزدق:
فَلَمَّا رَأَى الحَجَّاجَ جَرَّدَ سَيْفَه،
أَسَرَّ الحَرُورِيُّ الذي كان أَضْمَرا
قال شمر: لم أَجد هذا البيت للفرزدق، وما قال غير أَبي عبيدة في قوله:
وأَسرُّوا الندامة، أَي أَظهروها، قال: ولم أَسمع ذلك لغيره. قال
الأَزهري: وأَهل اللغة أَنكروا قول أَبي عبيدة أَشدّ الإِنكار، وقيل: أَسروا
الندامة؛ يعني الرؤساء من المشركين أَسروا الندامة في سَفَلَتِهم الذين
أَضلوهم. وأَسروها: أَخْفَوْها، وكذلك قال الزجاج وهو قول المفسرين. وسارَّهُ
مُسارَّةً وسِراراً: أَعلمه بسره، والاسم السَّرَرُ، والسِّرارُ مصدر
سارَرْتُ الرجلَ سِراراً. واستَسَرَّ الهلالُ في آخر الشهر: خَفِيَ؛ قال ابن
سيده: لا يلفظ به إِلاَّ مزيداً، ونظيره قولهم:
استحجر الطين. والسَّرَرُ والسِّرَرُ والسَّرارُ والسِّرارُ، كله:
الليلة التي يَستَسِرُّ فيها القمرُ؛ قال:
نَحْنُ صَبَحْنا عامِراً في دارِها،
جُرْداً تَعادَى طَرَفَيْ نَهارِها،
عَشِيَّةَ الهِلالِ أَو سِرَارِها
غيره: سَرَرُ الشهر، بالتحريك، آخِرُ ليلة منه، وهو مشتق من قولهم:
استَسَرَّ القمرُ أَي خفي ليلة السرار فربما كان ليلة وربما كان ليلتين. وفي
الحديث: صوموا الشهر وسِرَّه؛ أَي أَوَّلَه، وقيل مُسْتَهَلَّه، وقيل
وَسَطَه، وسِرُّ كُلِّ شيء: جَوْفُه، فكأَنه أَراد الأَيام البيض؛ قال ابن
الأَثير: قال الأَزهري لا أَعرف السر بهذا المعنى إِنما يقال سِرار الشهر
وسَراره وسَرَرهُ، وهو آخر ليلة يستسر الهلال بنور الشمس. وفي الحديث:
أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، سأَل رجلاً فقال: هل صمت من سرار هذا الشهر
شيئاً؟ قال: لا. قال: فإِذا أَفطرت من رمضان فصم يومين. قال الكسائي
وغيره: السرار آخر الشهر ليلة يَسْتَسِرُّ الهلال. قال أَبو عبيدة: وربما
استَسَرَّ ليلة وربما استسرّ ليلتين إِذا تمّ الشهر. قال الأَزهري: وسِرار
الشهر، بالكسر، لغة ليست بجيدة عند اللغويين. الفراء: السرار آخر ليلة
إِذا كان الشهر تسعاً وعشرين، وسراره ليلة ثمان وعشرين، وإِذا كان الشهر
ثلاثين فسراره ليلة تسع وعشرين؛ وقال ابن الأَثير: قال الخطابي كان بعض
أَهل العلم يقول في هذا الحديث: إِنّ سؤالَه هل صام من سرار الشهر شيئاً
سؤالُ زجر وإِنكار، لأَنه قد نهى أَن يُسْتَقْبَلَ الشهرُ بصوم يوم أَو
يومين. قال: ويشبه أَن يكون هذا الرجل قد أَوجبه على نفسه بنذر فلذلك قال له:
إِذا أَفطرت، يعني من رمضان، فصم يومين، فاستحب له الوفاءِ بهما.
والسّرُّ: النكاح لأَنه يُكْتم؛ قال الله تعالى: ولكن لا تُواعِدُوهُنَّ
سِرّاً؛ قال رؤبة:
فَعَفَّ عن إِسْرارِها بعد الغَسَقْ،
ولم يُضِعْها بَيْنَ فِرْكٍ وعَشَقْ
والسُّرِّيَّةُ: الجارية المتخذة للملك والجماع، فُعْلِيَّةٌ منه على
تغيير النسب، وقيل: هي فُعُّولَة من السَّرْوِ وقلبت الواو الأَخيرة ياء
طَلبَ الخِفَّةِ، ثم أُدغمت الواو فيها فصارت ياء مثلها، ثم حُوِّلت الضمة
كسرة لمجاورة الياء؛ وقد تَسَرَّرْت وتَسَرَّيْت: على تحويل التضعيف.
أَبو الهيثم: السِّرُّ الزِّنا، والسِّرُّ الجماع. وقال الحسن: لا تواعدوهن
سرّاً، قال: هو الزنا، قال: هو قول أَبي مجلز، وقال مجاهد: لا تواعدوهن
هو أَن يَخْطُبَها في العدّة؛ وقال الفراء: معناه لا يصف أَحدكم نفسه
المرأَة في عدتها في النكاح والإِكثارِ منه. واختلف أَهل اللغة في الجارية
التي يَتَسَرَّاها مالكها لم سميت سُرِّيَّةً فقال بعضهم: نسيت إِلى السر،
وهو الجماع، وضمت السين للفرق بين الحرة والأَمة توطأُ، فيقال للحُرَّةِ
إِذا نُكِحَت سِرّاً أَو كانت فاجرة: سِرِّيَّةً، وللمملوكة يتسراها
صاحبها: سُرِّيَّةً، مخافة اللبس. وقال أَبو الهيثم: السِّرُّ السُّرورُ،
فسميت الجارية سُرِّيَّةً لأَنها موضع سُرورِ الرجل. قال: وهذا أَحسن ما قيل
فيها؛ وقال الليث: السُّرِّيَّةُ فُعْلِيَّة من قولك تَسَرَّرْت، ومن
قال تَسَرَّيْت فإِنه غلط؛ قال الأَزهري: هو الصواب والأَصل تَسَرَّرْتُ
ولكن لما توالت ثلاثٌ راءات أَبدلوا إِحداهن ياء، كما قالوا تَظَنَّيْتُ من
الظنّ وقَصَّيْتُ أَظفاري والأَصل قَصَّصْتُ؛ ومنه قول العجاج:
تَقَضِّيَ البازِي إِذا البازِي كَسَرْ
إِنما أَصله: تَقَضُّض. وقال بعضهم: استسرَّ الرجلُ جارِيَتَه بمعنى
تسرَّاها أَي تَخِذها سُرية. والسرية: الأَمة التي بَوَّأَتَها بيتاً، وهي
فُعْلِيَّة منسوبة إِلى السر، وهو الجماع والإِخفاءُ، لأَن الإِنسان
كثيراً ما يَسُرُّها ويَسْتُرُها عن حرته، وإِنما ضمت سينه لأَن الأَبنية قد
تُغَيَّرُ في النسبة خاصة، كما قالوا في النسبة إِلى الدَّهْرِ دُهْرِيُّ،
وإِلى الأَرض السَّهْلَةُ سُهْلِيٌّ، والجمع السَّرارِي. وفي حديث عائشة
وذُكِرَ لها المتعةُ فقالت: والله ما نجد في كلام الله إِلاَّ النكاح
والاسْتِسْرَارَ؛ تريد اتخاذ السراري، وكان القياس الاستسراء من تَسَرَّيْت
إِذا اتَّخَذْت سرية، لكنها ردت الحرف إِلى الأَصل، وهو تَسَرَّرْتُ من
السر النكاح أَو من السرور فأَبدلت إِحدى الراءات ياء، وقيل: أَصلها
الياء من الشيء السَّريِّ النفيس. وفي حديث سلامة: فاسْتَسَرَّني أَي اتخذني
سرية، والقياس أَن تقول تَسَرَّرَني أَو تسرّاني فأَما استسرني فمعناه
أَلقي إِليَّ سِرّه. قال ابن الأَثير: قال أَبو موسى لا فرق بينه وبين حديث
عائشة في الجواز. والسرُّ: الذَّكَرُ؛ قال الأَفوه الأَودي:
لَمَّا رَأَتْ سِرَّي تَغَيَّرَ، وانْثَنَى
مِنْ دونِ نَهْمَةِ شَبْرِها حِينَ انْثَنَى
وفي التهذيب: السر ذكر الرجل فخصصه. والسَّرُّ: الأَصلُ. وسِرُّ الــوادي:
أَكرم موضع فيه، وهي السَّرارةُ أَيضاً. والسِّرُّ: وسَطُ الــوادي، وجمعه
سُرور: قال الأَعشى:
كَبَرْدِيَّةِ الغِيلِ وِسْطَ الغَرِيف،
إِذا خالَطَ الماءُ منها السُّرورا
وكذلك سَرارُه وسَرارَتُه وسُرّتُه. وأَرض سِرُّ: كريمةٌ طيبة، وقيل: هي
أَطيب موضع فيه، وجمع السِّرَّ سِرَرٌ نادر، وجمع السَّرارِ أَسِرَّةٌ
كَقَذالٍ وأَقْذِلَة، وجمع السَّرارِة سَراثرُ. الأَصمعي: سَرارُ الأَرض
أَوسَطُه وأَكرمُه. ويقال: أَرض سَرَّاءُ أَي طيبة. وقال الفراء: سِرٌّ
بَيِّنُ السِّرارةِ، وهو الخالص من كل شيء. وقال الأَصمعي: السَّرُّ من
الأَرض مثل السَّرارةَ أَكرمها؛ وقول الشاعر:
وأَغْفِ تحتَ الأَنْجُمِ العَواتم،
واهْبِطْ بها مِنْكَ بِسِرٍّ كاتم
قال: السر أَخْصَبُ الــوادي. وكاتم أَي كامن تراه فيه قد كتم ولم ييبس؛
وقال لبيد يرثي قوماً:
فَساعَهُمُ حَمْدٌ، وزانَتْ قُبورَهمْ
أَسِرَّةُ رَيحانٍ، بِقاعٍ مُنَوَّر
قال: الأَسرَّةُ أَوْساطُ الرِّياضِ، وقال أَبو عمرو: واحد الأَسِرَّةِ
سِرَارٌ؛ وأَنشد:
كأَنه عن سِرارِ الأَرضِ مَحْجُومُ
وسِرُّ الحَسَبِ وسَرارُه وسَرارَتُه: أَوسطُه. ويقال: فلان في سِرِّ
قومه أَي في أَفضلهم، وفي الصحاح: في أَوسطهم. وفي حديث ظبيان: نحن قوم من
سَرارةِ مَذْحِجٍ أَي من خيارهم. وسِرُّ النسَبِ: مَحْضُه وأَفضلُه،
ومصدره السَّرارَةُ، بالفتح. والسِّرُّ من كل شيء: الخالِصُ بَيِّنُ
السَّرارةِ، ولا فعل له؛ وأَما قول امرئ القيس في صفة امرأَة:
فَلَها مُقَلَّدُها ومُقْلَتُها،
ولَها عليهِ سَرارةُ الفضلِ
فإِنه وصف جاريةً شبهها بظبيةٍ جيداً ومُقْلَةً ثم جعل لها الفضل على
الظبية في سائر مَحاسِنها، أَراد بالسَّرارةِ كُنْه الفضل. وسَرارةُ كلِّ
شيء: محضُه ووسَطُه، والأَصل فيهعا سَرَارةُ الروضة، وهي خير منابتها،
وكذلك سُرَّةُ الروضة. وقال الفراء: لها عليها سَرارةُ الفضل وسَراوةُ الفضل
أَي زيادة الفضل.
وسَرارة العيش: خيره وأَفضله. وفلان سِرُّ هذا الأَمر إِذا كان عالماً
به. وسِرُّ الــوادي: أَفضل موضع فيه، والجمع أَسِرَّةٌ مثل قِنٍّ
وأَقِنَّةٍ؛ قال طرفة:
تَرَبَّعَتِ القُفَّينِ في الشَّوْلِ تَرْتَعِي
حَدائِقَ مَوْليِّ الأَسِرَّةِ أَغْيَدِ
وكذلك سَرارةُ الــوادي، والجمع سرارٌ؛ قال الشاعر:
فإِن أَفْخُرْ بِمَجْدِ بَني سُلَيْمٍ،
أَكُنْ منها التَّخُومَةَ والسَّرَارا
والسُّرُّ والسِّرُّ والسِّرَرُ والسِّرارُ، كله: خط بطن الكف والوجه
والجبهة؛ قال الأَعشى:
فانْظُرْ إِلى كفٍّ وأَسْرارها،
هَلْ أَنتَ إِنْ أَوعَدْتَني ضائري؟
يعني خطوط باطن الكف، والجمع أَسِرَّةٌ وأَسْرارٌ، وأَسارِيرُ جمع
الجمع؛ وكذلك الخطوط في كل شيء؛ قال عنترة:
بِزُجاجَةٍ صَفْراءَ ذاتِ أَسِرَّةٍ،
قُرِنَتْ بِأَزْهَرَ في الشَّمالِ مُقَدَّم
وفي حديث عائشة في صفته، صلى الله عليه وسلم: تَبْرُقُ أَسارِيرُ وجهه.
قال أَبو عمرو: الأَسارير هي الخطوط التي في الجبهة من التكسر فيها،
واحدها سِرَرٌ. قال شمر: سمعت ابن الأَعرابي يقول في قوله تبرق أَسارِيرُ
وجهه، قال: خطوط وجهه سِرٌّ وأَسرارٌ، وأَسارِيرُ جمع الجمع. قال: وقال
بعضهم الأَساريرُ الخدّان والوجنتان ومحاسن الوجه، وهي شآبيبُ الوجه أَيضاً
وسُبُحاتُ الوجه. وفي حديث علي، عليه السلام: كأَنَّ ماءَ الذهبِ يجري في
صفحة خده، وروْنَقَ الجلالِ يَطَّردُ في أَسِرَّةِ جبينه. وتَسَرَّرَ
الثوبُ: تَشَقَّقَ.
وسُرَّةُ الحوض: مستقر الماء في أَقصاه. والسُّرَّةُ: الوَقْبَةُ التي
في وسط البطن. والسُّرُّ والسَّرَرُ: ما يتعلق من سُرَّةِ المولود فيقطع،
والجمع أَسِرَّةٌ نادر. وسَرَّه سَرّاً: قطع سَرَرَه، وقيل: السرَر ما
قطع منه فذهب. والسُّرَّةُ: ما بقي، وقيل: السُّر، بالضم، ما تقطعه القابلة
من سُرَّة الصبي. يقال: عرفْتُ ذلك قبل أَن يُقْطَعَ سُرُّك، ولا تقل
سرتك لأَن السرة لا تقطع وإِنما هي الموضع الذي قطع منه السُّرُّ.
والسَّرَرُ والسِّرَرُ، بفتح السين وكسرها: لغة في السُّرِّ. يقال: قُطِعَ سَرَرُ
الصبي وسِرَرُه، وجمعه أَسرة؛ عن يعقوب، وجمع السُّرة سُرَرٌ وسُرَّات
لا يحركون العين لأَنها كانت مدغمة. وسَرَّه: طعنه في سُرَّته؛ قال
الشاعر:نَسُرُّهُمُ، إِن هُمُ أَقْبَلُوا،
وإِن أَدْبَرُوا، فَهُمُ مَنْ نَسُبْ
أَي نَطْعُنُه في سُبَّتِه. قال أَبو عبيد: سمعت الكسائي يقول: قُطِع
سَرَرُ الصبيّ، وهو واحد. ابن السكيت: يقال قطع سرر الصبي، ولا يقال قطعت
سرته، إِنما السرة التي تبقى والسرر ما قطع. وقال غيره: يقال، لما قطع،
السُّرُّ أَيضاً، يقال: قطع سُرُّه وسَرَرُه. وفي الحديث: أَنه، عليه
الصلاة والسلام، وُلِدَ مَعْذُوراً مسروراً؛ أَي مقطوع السُّرَّة
(* قوله:
«أَي مقطوع السرة» كذا بالأَصل ومثله في النهاية والإِضافة على معنى من
الابتدائية والمفعول محذوف والأَصل مقطوع السر من السرة وإِلاَّ فقد ذكر أَنه
لا يقال قطعت سرته). وهو ما يبقى بعد القطع مما تقطعه القابلة.
والسَّرَرُ: داءٌ يأُخذ في السُّرَّة، وفي المحكم: يأْخذ الفَرَس. وبعير أَسَرُّ
وناقة بيِّنة السَّرَر يأْخذها الداء في سرتها فإِذا بركت تجافت؛ قال
الأَزهري: هذا التفسير غلط من الليث إِنما السَّرَرُ وجع يأْخذ البعير في
الكِرْكِرَةِ لا في السرة. قال أَبو عمرو: ناقة سَرَّاء وبعير أَسَرُّ
بيِّنُ السَّرَرِ، وهو وجع يأْخذ في الكركرة؛ قال الأَزهري: هذا سماعي من
العرب، ويقال: في سُرَّته سَرَرٌ أَي ورم يؤلمه، وقيل: السَّرَر قرح في مؤخر
كركرة البعير يكاد ينقب إِلى جوفه ولا يقتل، سَرَّ البعيرُ يَسَرُّ
سَرَراً؛ عن ابن الأَعرابي؛ وقيل: الأَسَرُّ الذي به الضَّبُّ، وهو ورَمٌ
يكون في جوف البعير، والفعل كالفعل والمصدر كالمصدر؛ قال معد يكرب المعروف
بِغَلْفاءَ يرثي أَخاه شُرَحْبِيلَ وكان رئيس بكر بن وائل قتل يوم
الكُلابِ الأَوَّل:
إِنَّ جَنْبي عن الفِراشِ لَنابي،
كَتَجافِي الأَسَرِّ فوقَ الظِّراب
مِنْ حَدِيث نَما إِلَيَّ فَمٌّ تَرْ
فَأُعَيْنِي، ولا أُسِيغ شَرابي
مُرَّةٌ كالذُّعافِ، ولا أَكْتُمُها النَّا
سَ، على حَرِّ مَلَّةٍ كالشِّهابِ
مِنْ شُرَحْبِيلَ إِذْ تَعَاوَرَهُ الأَرْ
ماحُ، في حالِ صَبْوَةٍ وشَبابِ
وقال:
وأَبِيتُ كالسَّرَّاءِ يَرْبُو ضَبُّها،
فإِذا تَحَزْحَزَ عن عِدَاءٍ ضَجَّتِ
وسَرَّ الزَّنْدَ يَسُرُّه سَرّاً إِذا كان أَجوف فجعل في جوفه عوداً
ليقدح به. قال أَبو حنيفة: يقال سُرَّ زَنْدَكَ فإِنه أَسَرُّ أَي أَجوف
أَي احْشُه لِيَرِيَ. والسَّرُّ: مصدر سَرِّ الزَّنْدَ. وقَنَاةٌ سَرَّاءُ:
جوفاء بَيِّنَةُ السَّرَرِ.
والسَّرِيرُ: المُضطَجَعُ، والجمع أَسِرَّةٌ وسُرُرٌ؛ سيبويه: ومن قال
صِيدٌ قال في سُرُرٍ سُرٌّ. والسرير: الذي يجلس عليه معروف. وفي التنزيل
العزيز: على سُرُرٍ متقابلين؛ وبعضهم يستثقل اجتماع الضمتين مع التضعيف
فيردّ الأَول منهما إِلى الفتح لخفته فيقول سُرَرٌ، وكذلك ما أَشبهه من
الجمع مثل ذليل وذُلُلٍ ونحوه. وسرير الرأْس: مستقره في مُرَكَّبِ العُنُقِ؛
وأَنشد:
ضَرْباً يُزِيلُ الهامَ عن سَرِيرِهِ،
إِزَالَةَ السُّنْبُلِ عن شَعِيرِهِ
والسَّرِيرُ: مُسْتَقَرُّ الرأْس والعنق. وسَرِيرُ العيشِ: خَفْضُهُ
ودَعَتُه وما استقرّ واطمأَن عليه. وسَرِيرُ الكَمْأَةِ وسِرَرُها، بالكسر:
ما عليها من التراب والقشور والطين، والجمع أَسْرارٌ. قال ابن شميل:
الفَِقْعُ أَرْدَأُ الكَمْءِ طَعْماً وأَسرعها ظهوراً وأَقصرها في الأَرض
سِرَراً، قال: وليس لِلْكَمْأَةِ عروق ولكن لها أَسْرارٌ. والسَّرَرُ:
دُمْلُوكَة من تراب تَنبت فيها. والسَّرِيرُ: شحمة البَرْدِيِّ.
والسُّرُورُ: ما اسْتَسَرَّ من البَرْدِيَّة فَرَطُبَتْ وحَسُنَتْ
ونَعُمَتْ. والسُّرُورُ من النبات: أَنْصافُ سُوقِ العُلا؛ وقول
الأَعشى:كَبَرْدِيَّة الغِيلِ وَسْطَ الغَرِيـ
ـفِ، قد خالَطَ الماءُ منها السَّرِيرا
يعني شَحْمَةَ البَرْدِيِّ، ويروى: السُّرُورَا، وهي ما قدمناه، يريد
جميع أَصلها الذي استقرت عليه أَو غاية نعمتها، وقد يعبر بالسرير عن
المُلْكِ والنّعمَةِ؛ وأَنشد:
وفارَقَ مِنها عِيشَةً غَيْدَقِيَّةً؛
ولم يَخْشَ يوماً أَنْ يَزُولِ سَرِيرُها
ابن الأَعرابي: سَرَّ يَسَرُّ إِذا اشتكى سُرَّتَهُ. وسَرَّه يَسُرُّه:
حَيَّاه بالمَسَرَّة وهي أَطراف الرياحين. ابن الأَعرابي: السَّرَّةُ،
الطاقة من الريحان، والمَسَرَّةُ أَطراف الرياحين. قال أَبو حنيفة: وقوم
يجعلون الأَسِرَّةَ طريق النبات يذهبون به إِلى التشبيه بأَسِرَّةِ الكف
وأَسرة الوجه، وهي الخطوط التي فيهما، وليس هذا بقويّ. وأَسِرَّةُ النبت:
طرائقه.
والسَّرَّاءُ: النعمة، والضرَّاء: الشدة. والسَّرَّاءُ: الرَّخاء، وهو
نقيض الضراء. والسُّرُّ والسَّرَّاءُ والسُّرُورُ والمَسَرَّةُ، كُلُّه:
الفَرَحُ؛ الأَخيرة عن السيرافي. يقال: سُرِرْتُ برؤية فلان وسَرَّني
لقاؤه وقد سَرَرْتُه أَسُرُّه أَي فَرَّحْتُه. وقال الجوهري: السُّرور خلاف
الحُزن؛ تقول: سَرَّني فلانٌ مَسَرَّةً وسُرَّ هو على ما لم يسمَّ فاعله.
ويقال: فلانٌ سِرِّيرٌ إِذا كان يَسُرُّ إِخوانَه ويَبَرُّهم. وامرأَة
سَرَّةٌ (قوله: «وامرأَة سرة» كذا بالأَصل بفتح السين، وضبطت في القاموس
بالشكل بضمها). وقومٌ بَرُّونَ سَرُّونَ. وامرأَة سَرَّةٌ وسارَّةٌ:
تَسُرُّك؛ كلاهما عن اللحياني. والمثل الذي جاء: كُلَّ مُجْرٍ بالخَلاء
مُسَرٌّ؛ قال ابن سيده: هكذا حكاه أَفَّارُ لَقِيطٍ إِنما جاء على توهم أَسَرَّ،
كما أَنشد الآخر في عكسه:
وبَلَدٍ يِغْضِي على النُّعوتِ،
يُغْضِي كإِغْضَاءِ الرُّوَى المَثْبُوتِ
(* قوله: «يغضي إلخ» البيت هكذا بالأَصل).
أَراد: المُثْبَتَ فتوهم ثَبَتَهُ، كما أَراد الآخر المَسْرُورَ فتوهم
أَسَرَّه.
وَوَلَدَتْ ثلاثاً في سَرَرٍ واحد أَي بعضهم في إِثر بعض. ويقال: ولد له
ثلاثة على سِرٍّ وعلى سِرَرٍ واحد، وهو أَن تقطع سُرَرُهم أَشباهاً لا
تَخْلِطُهُم أُنثى. ويقولون: ولدت المرأَة ثلاثة في صِرَرٍ، جمع
الصِّرَّةِ، وهي الصيحة، ويقال: الشدة. وتَسَرَّرَ فلانٌ بنتَ فلان إِذا كان
لئيماً وكانت كريمة فتزوّجها لكثرة ماله وقلة مالها.
والسُّرَرُ: موضع على أَربعة أَميال من مكة؛ قال أَبو ذؤيب:
بِآيةِ ما وقَفَتْ والرِّكابَ، وبَيْنَ الحَجُونِ وبَيْنَ السُّرَرْ
التهذيب: وقيل في هذا البيت هو الموضع الذي جاء في الحديث: كانت به شجرة
سُرَّ تحتها سبعون نبيّاً، فسمي سُرَراً لذلك؛ وفي بعض الحديث: أَنها
بالمأْزِمَيْنِ مِن مِنًى كانت فيه دَوْحَةٌ. قال ابن عُمران: بها سَرْحَة
سُرَّ تحتها سبعون نبيّاً أَي قطعت سُرَرُهُمْ يعني أَنهم ولدوا تحتها،
فهو يصف بركتها والموضع الذي هي فيه يسمى وادي السرر، بضم السين وفتح
الراء؛ وقيل: هو بفتح السين والراء، وقيل: بكسر السين. وفي حديث السِّقْطِ:
إِنه يَجْتَرُّ والديه بِسَرَرِهِ حتى يدخلهما الجنة.
وفي حديث حذيفة: لا ينزل سُرَّة البصرة أَي وسطها وجوفها، من سُرَّةِ
الإِنسان فإِنها في وسطه. وفي حديث طاووس: من كانت له إِبل لم يؤدِّ
حَقَّها أَتت يوم القيامة كَأَسَرِّ ما كانت تَطؤه بأَخفافها أَي كَأَسْمَنِ ما
كانت وأَوفره، من سُرِّ كلِّ شيء وهو لُبُّه ومُخُّه، وقيل: هو من
السُّرُور لأَنها إِذا سمنت سَرَّت الناظر إِليها.
وفي حديث عمر: أَنه كان يحدّثه، عليه السلامُ، كَأَخِي السِّرَارِ؛
السِّرَارُ: المُسَارَّةُ، أَي كصاحب السِّرَارِ أَو كمثل المُسَارَّةِ لخفض
صوته، والكاف صفة لمصدر محذوف؛ وفيه: لا تقتلوا أَولادكم سِرّاً فإِن
الغَيْلَ يدرك الفارسَ فَيُدَعْثِرُه من فرسه؛ الغَيْلُ: لبن المرأَة إِذا
حملت وهي تُرْضِعُ، وسمي هذا الفعل قتلاً لأَنه يفضي إِلى القتل، وذلك
أَنه بضعفه ويرخي قواه ويفسد مزاجه، وإِذا كبر واحتاج إِلى نفسه في الحرب
ومنازلة الأَقران عجز عنهم وضعف فربما قُتل، إِلاَّ أَنه لما كان خفيّاً لا
يدرك جعله سرّاً. وفي حديث حذيفة: ثم فتنة السَّرَّاءِ؛ السَّرِّاءُ:
البَطْحاءُ؛ قال ابن الأَثير: قال بعضهم هي التي تدخل الباطن وتزلزله، قال:
ولا أَدري ما وجهه.
والمِسَرَّةُ: الآلة التي يُسَارُّ فيها كالطُّومار.
والأَسَرُّ: الدَّخِيلُ؛ قال لبيد:
وجَدِّي فارسُ الرَّعْشَاءِ مِنْهُمْ
رَئِيسٌ، لا أَسَرُّ ولا سَنِيدُ
ويروى: أَلَفُّ.
وفي المثل: ما يَوْمُ حَلِيمَةَ بِسِرٍّ؛ قال: يضرب لكل أَمر متعالم
مشهور، وهي حليمة بنت الحرث بن أَبي شمر الغساني لأَن أَباها لما وجه جيشاً
إِلى المنذر بن ماء السماء أَخرجت لهم طيباً في مِرْكَنٍ، فطيبتهم به
فنسب اليوم إِليها.
وسَرَارٌ: وادٍ. والسَّرِيرُ: موضع في بلاد بني كنانة؛ قال عروة بن
الورد:
سَقَى سَلْمى، وأَيْنَ مَحَلُّ سَلْمى؟
إِذا حَلَّتْ مُجاوِرَةَ السَّرِيرِ
والتَّسْرِيرُ: موضع في بلاد غاضرة؛ حكاه أَبو حنيفة، وأَنشد:
إِذا يقولون: ما أَشْفَى؟ أَقُولُ لَهُمْ:
دُخَانُ رِمْثٍ من التَّسْرِيرِ يَشْفِينِي
مما يَضُمُّ إِلى عُمْرانَ حاطِبُهُ،
من الجُنَيْبَةِ، جَزْلاً غَيْرَ مَوْزُونِ
الجنيبة: ثِنْيٌ من التسرير، وأَعلى التسرير لغاضرة. وفي ديار تميم موضع
يقال له: السِّرُّ. وأَبو سَرَّارٍ وأَبو السَّرّارِ جميعاً: من كُناهم.
والسُّرْسُورُ: القَطِنُ العالم. وإِنه لَسُرْسُورُ مالٍ أَي حافظ له.
أَبو عمرو: فلان سُرْسُورُ مالٍ وسُوبانُ مالٍ إِذا كان حسن القيام عليه
عالماً بمصلحته. أَبو حاتم: يقال فلان سُرْسُورِي وسُرْسُورَتِي أَي حبيبي
وخاصَّتِي. ويقال: فلان سُرْسُورُ هذا الأَمر إِذا كان قائماً به. ويقال
للرجل سُرْسُرْ
(* قوله: «سرسر» هكذا في الأَصل بضم السينين). إِذا
أَمرته بمعالي الأُمور. ويقال: سَرْسَرْتُ شَفْرَتِي إِذا أَحْدَدْتَها.
ظلم: الظُّلْمُ: وَضْع الشيء في غير موضِعه. ومن أمثال العرب في
الشَّبه: مَنْ أَشْبَهَ أَباه فما ظَلَم؛ قال الأصمعي: ما ظَلَم أي ما وضع
الشَّبَه في غير مَوْضعه وفي المثل: من اسْترْعَى الذِّئْبَ فقد ظلمَ. وفي
حديث ابن زِمْلٍ: لَزِموا الطَّرِيق فلم يَظْلِمُوه أي لم يَعْدِلوا عنه؛
يقال: أَخَذَ في طريقٍ فما ظَلَم يَمِيناً ولا شِمالاً؛ ومنه حديث أُمِّ
سَلمَة: أن أبا بكرٍ وعُمَرَ ثَكَما الأَمْر فما ظَلَماه أي لم يَعْدِلا
عنه؛ وأصل الظُّلم الجَوْرُ ومُجاوَزَة الحدِّ، ومنه حديث الوُضُوء: فمن
زاد أو نَقَصَ فقد أساء وظَلَمَ أي أَساءَ الأدبَ بتَرْكِه السُّنَّةَ
والتَّأَدُّبَ بأَدَبِ الشَّرْعِ، وظَلمَ نفْسه بما نَقَصَها من الثواب
بتَرْدادِ المَرّات في الوُضوء. وفي التنزيل العزيز: الذين آمَنُوا ولم
يَلْبِسُوا إيمانَهم بِظُلْمٍ؛ قال ابن عباس وجماعةُ أهل التفسير: لم يَخْلِطوا
إيمانهم بِشِرْكٍ، ورُوِي ذلك عن حُذَيْفة وابنِ مَسْعود وسَلمانَ،
وتأَوّلوا فيه قولَ الله عز وجل: إن الشِّرْك لَظُلْمٌ عَظِيم. والظُّلْم:
المَيْلُ عن القَصد، والعرب تَقُول: الْزَمْ هذا الصَّوْبَ ولا تَظْلِمْ
عنه أي لا تَجُرْ عنه. وقوله عزَّ وجل: إنَّ الشِّرْكَ لَظُلم عَظِيم؛ يعني
أن الله تعالى هو المُحْيي المُمِيتُ الرزّاقُ المُنْعِم وَحْده لا شريك
له، فإذا أُشْرِك به غيره فذلك أَعْظَمُ الظُّلْمِ، لأنه جَعل النعمةَ
لغير ربِّها. يقال: ظَلَمَه يَظْلِمُهُ ظَلْماً وظُلْماً ومَظْلِمةً،
فالظَّلْمُ مَصْدرٌ حقيقيٌّ، والظُّلمُ الاسمُ يقوم مَقام المصدر، وهو ظالمٌ
وظَلوم؛ قال ضَيْغَمٌ الأَسدِيُّ:
إذا هُوَ لمْ يَخَفْني في ابن عَمِّي،
وإنْ لم أَلْقَهُ الرجُلُ الظَّلُومُ
وقوله عز وجل: إن الله لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ؛ أرادَ لا
يَظْلِمُهُم مِثْقالَ ذَرَّةٍ، وعَدَّاه إلى مفعولين لأنه في معنى يَسْلُبُهم،
وقد يكون مِثْقالَ ذرّة في موضع المصدر أي ظُلْماً حقيراً كمِثْقال الذرّة؛
وقوله عز وجل: فَظَلَمُوا بها؛ أي بالآيات التي جاءَتهم، وعدّاه بالباء
لأنه في معنى كَفَرُوا بها، والظُّلمُ الاسمُ، وظَلَمه حقَّه وتَظَلَّمه
إياه؛ قال أبو زُبَيْد الطائيّ:
وأُعْطِيَ فَوْقَ النِّصْفِ ذُو الحَقِّ مِنْهمُ،
وأَظْلِمُ بَعْضاً أو جَمِيعاً مُؤَرِّبا
وقال:
تَظَلَّمَ مَالي هَكَذَا ولَوَى يَدِي،
لَوَى يَدَه اللهُ الذي هو غالِبُهْ
وتَظَلَّم منه: شَكا مِنْ ظُلْمِه. وتَظَلَّم الرجلُ: أحالَ الظُّلْمَ
على نَفْسِه؛ حكاه ابن الأعرابي؛ وأنشد:
كانَتْ إذا غَضِبَتْ عَلَيَّ تَظَلَّمَتْ،
وإذا طَلَبْتُ كَلامَها لم تَقْبَلِ
قال ابن سيده: هذا قولُ ابن الأعرابي، قال: ولا أَدْري كيف ذلك، إنما
التَّظَلُّمُ ههنا تَشَكِّي الظُّلْم منه، لأنها إذا غَضِبَت عليه لم
يَجُزْ أن تَنْسُبَ الظُّلْمَ إلى ذاتِها. والمُتَظَلِّمُ: الذي يَشْكو
رَجُلاً ظَلَمَهُ. والمُتَظَلِّمُ أيضاً: الظالِمُ؛ ومنه قول الشاعر:
نَقِرُّ ونَأْبَى نَخْوَةَ المُتَظَلِّمِ
أي نَأْبَى كِبْرَ الظالم. وتَظَلَّمَني فلانٌ أي ظَلَمَني مالي؛ قال
ابن بري: شاهده قول الجعدي:
وما يَشْعُرُ الرُّمْحُ الأَصَمُّ كُعوبُه
بثَرْوَةِ رَهْطِ الأَعْيَطِ المُتَظَلِّمِ
قال: وقال رافِعُ بن هُرَيْم، وقيل هُرَيْمُ بنُ رافع، والأول أَصح:
فهَلاَّ غَيْرَ عَمِّكُمُ ظَلَمْتُمْ،
إذا ما كُنْتُمُ مُتَظَلِّمِينا
أي ظالِمِينَ. ويقال: تَظَلَّمَ فُلانٌ إلى الحاكم مِنْ فُلانٍ
فظَلَّمَه تَظْليماً أي أنْصَفَه مِنْ ظالِمه وأَعانَه عليه؛ ثعلب عن ابن
الأعرابي أنه أنشد عنه:
إذا نَفَحاتُ الجُودِ أَفْنَيْنَ مالَه،
تَظَلَّمَ حَتَّى يُخْذَلَ المُتَظَلِّمُ
قال: أي أغارَ على الناس حتى يَكْثُرَ مالُه. قال أبو منصور: جَعَل
التَّظلُّمَ ظُلْماً لأنه إذا أغارَ على الناس فقد ظَلَمَهم؛ قال:
وأَنْشَدَنا لجابر الثعلبيّ:
وعَمْروُ بنُ هَمَّام صَقَعْنا جَبِينَه
بِشَنْعاءَ تَنْهَى نَخْوةَ المُتَظَلِّمِ
قال أبو منصور: يريد نَخْوةَ الظالم. والظَّلَمةُ: المانِعونَ أهْلَ
الحُقوقِ حُقُوقَهم؛ يقال: ما ظَلَمَك عن كذا، أي ما مَنَعك، وقيل:
الظَّلَمةُ في المُعامَلة. قال المُؤَرِّجُ: سمعت أَعرابيّاً يقول لصاحبه:
أَظْلَمي وأَظْلَمُكَ فَعَلَ اللهُ به أَي الأَظْلَمُ مِنَّا. ويقال: ظَلَمْتُه
فتَظَلَّمَ أي صبَر على الظُّلْم؛ قال كُثَيْر:
مَسائِلُ إنْ تُوجَدْ لَدَيْكَ تَجُدْ بِها
يَدَاكَ، وإنْ تُظْلَمْ بها تَتَظلَّمِ
واظَّلَمَ وانْظَلَم: احْتَملَ الظُّلْمَ. وظَلَّمه: أَنْبأَهُ أنه
ظالمٌ أو نسبه إلى الظُّلْم؛ قال:
أَمْسَتْ تُظَلِّمُني، ولَسْتُ بِظالمٍ،
وتُنْبِهُني نَبْهاً، ولَسْتُ بِنائمِ
والظُّلامةُ: ما تُظْلَمُهُ، وهي المَظْلِمَةُ. قال سيبويه: أما
المَظْلِمةُ فهي اسم ما أُخِذَ منك. وأَردْتُ ظِلامَهُ ومُظالَمتَه أي ظُلمه؛
قال:
ولَوْ أَنِّي أَمُوتُ أَصابَ ذُلاًّ،
وسَامَتْه عَشِيرتُه الظِّلامَا
والظُّلامةُ والظَّلِيمةُ والمَظْلِمةُ: ما تَطْلُبه عند الظّالم، وهو
اسْمُ ما أُخِذَ منك. التهذيب: الظُّلامةُ اسْمُ مَظْلِمتِك التي
تَطْلُبها عند الظَّالم؛ يقال: أَخَذَها مِنه ظُلامةً. ويقال: ظُلِم فُلانٌ
فاظَّلَم، معناه أنه احْتَمل الظُّلْمَ بطيبِ نَفْسِه وهو قادرٌ على الامتناع
منه، وهو افتعال، وأَصله اظْتَلم فقُِلبت التاءُ طاءً ثم أُدغِمَت الظاء
فيها؛ وأَنشد ابن بري لمالك ابنَ حريم:
مَتَى تَجْمَعِ القَلْبَ الذَّكيَّ وصارِماً
وأَنْفاً حَمِيّاً، تَجَتْنِبْك المَظَالِمُ
وتَظالَمَ القومُ: ظلَمَ بعضُهم بعضاً. ويقال: أَظْلَمُ من حَيَّةٍ
لأنها تأْتي الجُحْرَ لم تَحْتَفِرْه فتسْكُنُه. ويقولون: ما ظَلَمَك أن
تَفْعَلَ؛ وقال رجل لأبي الجَرَّاحِ: أَكلتُ طعاماً فاتَّخَمْتُه، فقال أَبو
الجَرَّاحِ: ما ظَلَمك أَن تَقِيءَ؛ وقول الشاعر:
قالَتْ له مَيٌّ بِأَعْلى ذِي سَلَمْ:
ألا تَزُورُنا، إنِ الشِّعْبُ أَلَمّْ؟
قالَ: بَلى يا مَيُّ، واليَوْمُ ظَلَمْ
قال الفرّاء: هم يقولون معنى قوله واليَوْمُ ظَلَم أي حَقّاً، وهو
مَثَلٌ؛ قال: ورأَيت أنه لا يَمْنَعُني يومٌ فيه عِلّةٌ تَمْنع. قال أبو
منصور: وكان ابن الأعرابي يقول في قوله واليوْمُ ظَلَم حقّاً يقيناً، قال:
وأُراه قولَ المُفَضَّل، قال: وهو شبيه بقول من قال في لا جرم أي حَقّاً
يُقيمه مُقامَ اليمين، وللعرب أَلفاظ تشبهها وذلك في الأَيمان كقولهم:
عَوْضُ لا أفْعلُ ذلك، وجَيْرِ لا أَفْعلُ ذلك، وقوله عز وجل: آتَتْ أُكُلَها
ولم تَظْلِم مِنْه شَيْئاً؛ أي لم تَنْقُصْ منه شيئاً. وقال الفراء في
قوله عز وجل: وما ظَلَمُونا ولكن كانوا أَنْفُسَهم يَظْلِمُون، قال: ما
نَقَصُونا شَيْئاً بما فعلوا ولكن نَقَصُوا أنفسَهم. والظِّلِّيمُ،
بالتشديد: الكثيرُ الظُّلْم. وتَظَالَمتِ المِعْزَى: تَناطَحَتْ مِمَّا سَمِنَتْ
وأَخْصَبَتْ؛ ومنه قول السّاجع: وتَظالَمَتْ مِعْزاها. ووَجَدْنا أرْضاً
تَظَالَمُ مِعْزاها أي تَتناطَحُ مِنَ النَّشاط والشِّبَع.
والظَّلِيمةُ والظَّلِيمُ: اللبَنُ يُشَرَبُ منه قبل أن يَرُوبَ
ويَخْرُجَ زُبْدُه؛ قال:
وقائِلةٍ: ظَلَمْتُ لَكُمْ سِقائِي
وهل يَخْفَى على العَكِدِ الظَّلِيمُ؟
وفي المثل: أهْوَنُ مَظْلومٍ سِقاءٌ مُروَّبٌ؛ وأنشد ثعلب:
وصاحِب صِدْقٍ لم تَرِبْني شَكاتُه
ظَلَمْتُ، وفي ظَلْمِي له عامِداً أَجْرُ
قال: هذا سِقاءٌ سَقَى منه قبل أن يَخْرُجَ زُبْدُه. وظَلَمَ وَطْبَه
ظَلْماً إذا سَقَى منه قبل أن يَرُوبَ ويُخْرَجَ زُبْدُه. وظَلَمْتُ
سِقائِي: سَقَيْتُهم إيَّاه قَبْلَ أن يَرُوبَ؛ وأنشد البيت الذي أَنشده
ثعلب:ظَلَمْتُ، وفي ظَلْمِي له عامداً أَجْرُ
قال الأزهري: هكذا سمعت العرب تنشده: وفي ظَلْمِي، بِنَصْب الظاء، قال:
والظُّلْمُ الاسم والظُّلْمُ العملُ. وظَلَمَ القوْمَ: سَقاهم
الظَّلِيمةَ. وقالوا امرأَةٌ لَزُومٌ لِلفِناء، ظَلومٌ للسِّقاء، مُكْرِمةٌ
لِلأَحْماء. التهذيب: العرب تقول ظَلَمَ فلانٌ سِقاءَه إذا سَقاه قبل أن
يُخْرَجَ زُبْدُه؛ وقال أبو عبيد: إذا شُرِبَ لبَنُ السِّقاء قبل أن يَبْلُغَ
الرُّؤُوبَ فهو المَظْلومُ والظَّلِيمةُ، قال: ويقال ظَلَمْتُ القومَ إذا
سَقاهم اللبن قبل إدْراكِهِ؛ قال أَبو منصور: هكذا رُوِيَ لنا هذا الحرفُ
عن أبي عبيد ظَلَمْتُ القومَ، وهو وَهَمٌ. وروى المنذري عن أبي الهيثم
وأبي العباس أحمد بن يحيى أنهما قالا: يقال ظَلَمْتُ السقَاءَ وظَلَمْتُ
اللبنَ إذا شَرِبْتَه أو سَقَيْتَه قبل إدراكه وإخراجِ زُبْدَتِه. وقال ابن
السكيت: ظَلَمتُ وَطْبي القومَ أي سَقَيْتُه قبل رُؤُوبه. والمَظْلُوم:
اللبنُ يُشْرَبُ قبل أن يَبْلُغَ الرُّؤُوبَ. الفراء: يقال ظَلَم
الــوَادِــي إذا بَلَغَ الماءُ منه موضِعاً لم يكن نالَهُ فيما خَلا ولا بَلَغَه
قبل ذلك؛ قال: وأَنشدني بعضهم يصف سيلاً:
يَكادُ يَطْلُع ظُلْماً ثم يَمْنَعُه
عن الشَّواهِقِ، فالــوادي به شَرِقُ
وقال ابن السكيت في قول النابغة يصف سيلاً:
إلاَّ الأَوارِيَّ لأْياً ما أُبَيِّنُها،
والنُّؤْيُ كالحَوضِ بالمَظلُومة الجَلَدِ
قال: النُّؤْيُ الحاجزُ حولَ البيت من تراب، فشَبَّه داخلَ الحاجِزِ
بالحوض بالمظلومة، يعني أرضاً مَرُّوا بها في بَرِّيَّةِ فتَحَوَّضُوا
حَوْضاً سَقَوْا فيه إبِلَهُمْ وليست بمَوْضِع تَحْويضٍ. يقال: ظَلَمْتُ
الحَوْضَ إذا عَمِلْتَه في موضع لا تُعْمَلُ فيه الحِياض. قال: وأَصلُ
الظُّلْمِ وَضْعُ الشيء في غير موضعه؛ ومنه قول ابن مقبل:
عَادَ الأَذِلَّةُ في دارٍ، وكانَ بها
هُرْتُ الشَّقاشِقِ، ظَلاَّمُونَ للجُزُرِ
أي وَضَعوا النحر في غير موضعه. وظُلِمَت الناقةُ: نُحِرَتْ من غَيْرِ
عِلَّةٍ أو ضَبِعَتْ على غير ضَبَعَةٍ. وكُلُّ ما أَعْجَلْتَهُ عن أوانه
فقد ظَلَمْتَهُ، وأنشد بيت ابن مقبل:
هُرْتُ الشَّقاشِقِ، ظَلاَّمُون للجُزُر
وظَلَم الحِمارُ الأتانَ إذا كامَها وقد حَمَلَتْ، فهو يَظْلِمُها
ظَلْماً؛ وأَنشد أبو عمرو يصف أُتُناً:
أَبَنَّ عقَاقاً ثم يَرْمَحْنَ ظَلْمَةً
إباءً، وفيه صَوْلَةٌ وذَمِيلُ
وظَلَم الأَرضَ: حَفَرَها ولم تكن حُفِرَتْ قبل ذلك، وقيل: هو أن
يَحْفِرَها في غير موضع الحَفْرِ؛ قال يصف رجلاً قُتِلَ في مَوْضِعٍ قَفْرٍ
فحُفِرَ له في غير موضع حَفْرٍ:
ألا للهِ من مِرْدَى حُروبٍ،
حَواه بَيْنَ حِضْنَيْه الظَّلِيمُ
أي الموضع المظلوم. وظَلَم السَّيلُ الأرضَ إذا خَدَّدَ فيها في غير
موضع تَخْدِيدٍ؛ وأَنشد للحُوَيْدِرَة:
ظَلَم البِطاحَ بها انْهلالُ حَرِىصَةٍ،
فَصَفَا النِّطافُ بها بُعَيْدَ المُقْلَعِ
مصدر بمعنى الإقْلاعِ، مُفْعَلٌ بمعنى الإفْعالِ، قال ومثله كثير مُقامٌ
بمعنى الإقامةِ. وقال الباهلي في كتابه: وأَرضٌ مَظْلُومة إذا لم
تُمْطَرْ. وفي الحديث: إذا أَتَيْتُمْ على مَظْلُومٍ فأَغِذُّوا السَّيْرَ. قال
أبو منصور: المَظْلُومُ البَلَدُ الذي لم يُصِبْهُ الغَيْثُ ولا رِعْيَ
فيه للِرِّكابِ، والإغْذاذُ الإسْراعُ. والأرضُ المَظْلومة: التي لم
تُحْفَرْ قَطُّ ثم حُفِرَتْ، وذلك الترابُ الظَّلِيمُ، وسُمِّيَ تُرابُ
لَحْدِ القبرِ ظَلِيماً لهذا المعنى؛ وأَنشد:
فأَصْبَحَ في غَبْراءَ بعدَ إشاحَةٍ،
على العَيْشِ، مَرْدُودٍ عليها ظَلِيمُها
يعني حُفْرَةَ القبر يُرَدُّ تُرابها عليه بعد دفن الميت فيها. وقالوا:
لا تَظْلِمْ وَضَحَ الطريقِ أَي احْذَرْ أَن تَحِيدَ عنه وتَجُورَ
فَتَظْلِمَه. والسَّخِيُّ يُظْلَمُ إذا كُلِّفَ فوقَ ما في طَوْقِهِ، أَوطُلِبَ
منه ما لا يجدُه، أَو سُئِلَ ما لا يُسْأَلُ مثلُه، فهو مُظَّلِمٌ وهو
يَظَّلِمُ وينظلم؛ أَنشد سيبويه قول زهير:
هو الجَــوادُ الذي يُعْطِيكَ نائِله
عَفْواً، ويُظْلَمُ أَحْياناً فيَظَّلِمُ
أَي يُطْلَبُ منه في غير موضع الطَّلَب، وهو عنده يَفْتعِلُ، ويروى
يَظْطَلِمُ، ورواه الأَصمعي يَنْظَلِمُ. الجوهري: ظَلَّمْتُ فلاناً
تَظْلِيماً إذا نسبته إلى الظُّلْمِ فانْظَلَم أَي احتمل الظُّلْم؛ وأَنشد بيت
زهير:
ويُظْلَم أَحياناً فَيَنْظَلِمُ
ويروى فيَظَّلِمُ أَي يَتَكَلَّفُ، وفي افْتَعَل من ظَلَم ثلاثُ لغاتٍ:
من العرب من يقلب التاء طاء ثم يُظْهِر الطاء والظاء جميعاً فيقول
اظْطَلَمَ، ومنهم من يدغم الظاء في الطاء فيقول اطَّلَمَ وهو أَكثر اللغات،
ومنهم من يكره أَن يدغم الأَصلي في الزائد فيقول اظَّلَم، قال: وأَما
اضْطَجَع ففيه لغتان مذكورتان في موضعهما. قال ابن بري: جَعْلُ الجوهري
انْظَلَم مُطاوعَ ظَلَّمتُهُ، بالتشديد، وَهَمٌ، وإنما انْظَلَم مطاوعُ
ظَلَمْتُه، بالتخفيف كما قال زهير:
ويُظْلَم أَحْياناً فيَنْظَلِمُ
قال: وأَما ظَلَّمْتُه، بالتشديد، فمطاوِعُه تَظَلَّمَ مثل كَسَّرْتُه
فتَكَسَّرَ، وظَلَم حَقَّه يَتَعَدَّى إلى مفعول واحد، وإنما يتعدّى إلى
مفعولين في مثل ظَلَمني حَقَِّي حَمْلاً على معنى سَلَبَني حَقِّي؛ ومثله
قوله تعالى: ولا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً؛ ويجوز أَن يكون فتيلاً واقعاً
مَوْقِعَ المصدر أَي ظُلْماً مِقْدارَ فَتِيلٍ.
وبيتٌ مُظَلَّمٌ: كأَنَّ النَّصارَى وَضَعَتْ فيه أَشياء في غير
مواضعها. وفي الحديث: أَنه، صلى الله عليه وسلم، دُعِيَ إلى طعام فإذا البيتُ
مُظَلَّمٌ فانصرف، صلى الله عليه وسلم، ولم يدخل؛ حكاه الهروي في الغريبين؛
قال ابن الأَثير: هو المُزَوَّقُ، وقيل: هو المُمَوَّهُ بالذهب والفضة،
قال: وقال الهَرَوِيُّ أَنكره الأَزهري بهذا المعنى، وقال الزمخشري: هو
من الظَّلْمِ وهو مُوهَةُ الذهب، ومنه قيل للماء الجاري على الثَّغْرِ
ظَلْمٌ. ويقال: أَظْلَم الثَّغْرُ إذا تَلأْلأَ عليه كالماء الرقيق من شدَّة
بَرِيقه؛ ومنه قول الشاعر:
إذا ما اجْتَلَى الرَّاني إليها بطَرْفِه
غُرُوبَ ثَناياها أَضاءَ وأَظْلَما
قال: أَضاء أَي أَصاب ضوءاً، أَظْلَم أصاب ظَلْماً.
والظُّلْمَة والظُّلُمَة، بضم اللام: ذهاب النور، وهي خلاف النور، وجمعُ
الظُّلْمةِ ظُلَمٌ وظُلُماتٌ وظُلَماتٌ وظُلْمات؛ قال الراجز:
يَجْلُو بعَيْنَيْهِ دُجَى الظُّلُماتِ
قال ابن بري: ظُلَمٌ جمع ظُلْمَة، بإسكان اللام، فأَما ظُلُمة فإنما
يكون جمعها بالألف والتاء، ورأيت هنا حاشية بخط سيدنا رضيّ الدين الشاطبي
رحمه الله قال: قال الخطيب أَِبو زكريا المُهْجَةُ خالِصُ النَّفْسِ، ويقال
في جمعها مُهُجاتٌ كظُلُماتٍ، ويجوز مُهَجات، بالفتح، ومُهْجاتٌ،
بالتسكين، وهو أَضعفها؛ قال: والناس يأْلَفُون مُهَجات، بالفتح، كأَنهم يجعلونه
جمع مُهَجٍ، فيكون الفتح عندهم أَحسن من الضم. والظَّلْماءُ: الظُّلْمة
ربما وصف بها فيقال ليلةٌ
ظَلْماء أَي مُظْلِمة. والظَّلامُ: إسم يَجْمَع ذلك كالسَّــوادِ ولا
يُجْمعُ، يَجْري مجرى المصدر، كما لا تجمع نظائره نحو الســواد والبياض، وتجمع
الظُّلْمة ظُلَماً وظُلُمات. ابن سيده: وقيل الظَّلام أَوّل الليل وإن
كان مُقْمِراً، يقال: أَتيته ظَلاماً أي ليلاً؛ قال سيبويه: لا يستعمل إلا
ظرفاً. وأتيته مع الظَّلام أي عند الليل. وليلةٌ ظَلْمةٌ، على طرحِ
الزائد، وظَلْماءُ كلتاهما: شديدة الظُّلْمة. وحكى ابن الأَعرابي: ليلٌ
ظَلْماءُ؛ وقال ابن سيده: وهو غريب وعندي أَنه وضع الليل موضع الليلة، كما حكي
ليلٌ قَمْراءُ أَي ليلة، قال: وظَلْماءُ أَسْهلُ من قَمْراء. وأَظْلَم
الليلُ: اسْوَدَّ. وقالوا: ما أَظْلَمه وما أَضوأَه، وهو شاذ. وظَلِمَ
الليلُ، بالكسر، وأَظْلَم بمعنىً؛ عن الفراء. وفي التنزيل العزيز: وإذا
أَظْلَمَ عليهم قاموا. وظَلِمَ وأَظْلَمَ؛ حكاهما أَبو إسحق وقال الفراء: فيه
لغتان أَظْلَم وظَلِمَ، بغير أَلِف.
والثلاثُ الظُّلَمُ: أَوّلُ الشَّهْر بعدَ الليالي الدُّرَعِ؛ قال أَبو
عبيد: في ليالي الشهر بعد الثلاثِ البِيضِ ثلاثٌ
دُرَعٌ وثلاثٌ ظُلَمٌ، قال: والواحدة من الدُّرَعِ والظُّلَم دَرْعاءُ
وظَلْماءُ. وقال أَبو الهيثم وأَبو العباس المبرد: واحدةُ الدُّرَعِ
والظُّلَم دُرْعةٌ وظُلْمة؛ قال أَبو منصور: وهذا الذي قالاه هو القياس
الصحيح. الجوهري: يقال لثلاث ليال من ليالي الشهر اللائي يَلِينَ الدُّرَعَ
ظُلَمٌ
لإظْلامِها على غير قياس، لأَن قياسه ظُلْمٌ، بالتسكين، لأَنَّ واحدتها
ظَلْماء.
وأَظْلَم القومُ: دخلوا في الظَّلام، وفي التنزيل العزيز: فإذا هم
مُظْلِمُونَ. وقوله عزَّ وجل: يُخْرجُهم من الظُّلُمات إلى النور؛ أَي يخرجهم
من ظُلُمات الضَّلالة إلى نور الهُدَى لأَن أَمر الضَّلالة مُظْلِمٌ
غير بَيِّنٍ. وليلة ظَلْماءُ، ويوم مُظْلِمٌ: شديد الشَّرِّ؛ أَنشد
سيبويه:
فأُقْسِمُ أَنْ لوِ الْتَقَيْنا وأَنتمُ،
لكان لكم يومٌ من الشَّرِّ مُظْلِمُ
وأَمْرٌ مُظْلِم: لا يُدرَى من أَينَ يُؤْتَى له؛ عن أَبي زيد. وحكى
اللحياني: أَمرٌ مِظْلامٌ ويوم مِظْلامٌ في هذا المعنى؛ وأَنشد:
أُولِمْتَ، يا خِنَّوْتُ، شَرَّ إيلام
في يومِ نَحْسٍ ذي عَجاجٍ مِظْلام
والعرب تقول لليوم الذي تَلقَى فيه شِدَّةً يومٌ مُظلِمٌ، حتى إنهم
ليقولون يومٌ ذو كَواكِبَ أَي اشتَدّت ظُلْمته حتى صار كالليل؛ قال:
بَني أَسَدٍ، هل تَعْلَمونَ بَلاءَنا،
إذا كان يومٌ ذو كواكِبَ أَشْهَبُ؟
وظُلُماتُ البحر: شدائِدُه. وشَعرٌ
مُظْلِم: شديدُ السَّــوادِ. ونَبْتٌ مُظلِمٌ: ناضِرٌ
يَضْرِبُ إلى السَّــوادِ من خُضْرَتِه؛ قال:
فصَبَّحَتْ أَرْعَلَ كالنِّقالِ،
ومُظلِماً ليسَ على دَمالِ
وتكلَّمَ فأَظْلَمَ علينا البيتُ أَي سَمِعنا ما نَكْرَه، وفي التهذيب:
وأَظْلَم فلانٌ علنيا البيت إذا أَسْمَعنا ما نَكْرَه. قال أَبو منصور:
أَظْلمَ يكون لازماً وواقِعاً، قال: وكذلك أَضاءَ يكون بالمعنيين: أَضاءَ
السراجُ بنفسه إضاءةً، وأَضاء للناسِ بمعنى ضاءَ، وأَضأْتُ السِّراجَ
للناسِ فضاءَ وأَضاءَ.
ولقيتُه أَدنَى ظَلَمٍ، بالتحريك، يعني حين اخْتَلطَ الظلامُ، وقيل:
معناه لقيته أَوّلَ كلِّ شيء، وقيل: أَدنَى ظَلَمٍ القريبُ، وقال ثعلب: هو
منك أَدنَى ذي ظَلَمٍ، ورأَيتُه أَدنَى ظَلَمٍ الشَّخْصُ، قال: وإنه
لأَوّلُ ظَلَمٍ لقِيتُه إذا كان أَوّلَ شيءٍ سَدَّ بَصَرَك بليل أَو نهار،
قال: ومثله لقيته أَوّلَ وَهْلةٍ وأَوّلَ صَوْكٍ وبَوْكٍ؛ الجوهري: لقِيتُه
أَوّلَ ذي ظُلْمةٍ أَي أَوّلَ شيءٍ يَسُدُّ بَصَرَكَ في الرؤية، قال: ولا
يُشْتَقُّ منه فِعْلٌ. والظَّلَمُ: الجَبَل، وجمعه ظُلُومٌ؛ قال
المُخَبَّلُ السَّعْدِيُّ:
تَعامَسُ حتى يَحْسبَ الناسُ أَنَّها،
إذا ما اسْتُحِقَّت بالسُّيوفِ، ظُلُومُ
وقَدِمَ فلانٌ واليومُ ظَلَم؛ عن كراع، أَي قدِمَ حقّاً؛ قال:
إنَّ الفراقَ اليومَ واليومُ ظَلَمْ
وقيل: معناه واليومُ ظَلَمنا، وقيل: ظَلَم ههنا وَضَع الشيءَ في غير
موضعه.
والظَّلْمُ: الثَّلْج. والظَّلْمُ: الماءُ الذي يجري ويَظهَرُ على
الأَسْنان من صَفاءِ اللون لا من الرِّيقِ كالفِرِنْد، حتى يُتَخيَّلَ لك فيه
ســوادٌ من شِدَّةِ البريق والصَّفاء؛ قال كعب بن زهير:
تَجْلو غَواربَ ذي ظَلْمٍ، إذا ابتسمَتْ،
كأَنه مُنْهَلٌ بالرَّاحِ مَعْلولُ
وقال الآخر:
إلى شَنْباءَ مُشْرَبَةِ الثَّنايا
بماءِ الظَّلْمِ، طَيِّبَةِ الرُّضابِ
قال: يحتمل أَن يكون المعنى بماء الثَّلْج. قال شمر: الظَّلْمُ بياضُ
الأَسنان كأَنه يعلوه سَــوادٌ، والغُروبُ ماءُ الأَسنان. الجوهري:
الظَّلْمُ، بالفتح، ماءُ الأَسْنان وبَريقُها، وهو كالسَّــوادِ داخِلَ عَظمِ
السِّنِّ من شِدَّةِ البياض كفِرِنْد السَّيْف؛ قال يزيد ابن ضَبَّةَ:
بوَجْهٍ مُشْرِقٍ صافٍ،
وثغْرٍ نائرِ الظلْمِ
وقيل: الظَّلْمُ رِقَّةُ الأَسنان وشِدَّة بياضها، والجمع ظُلُوم؛ قال:
إذا ضَحِكَتْ لم تَنْبَهِرْ، وتبسَّمَتْ
ثنايا لها كالبَرْقِ، غُرٌّ ظُلُومُها
وأَظْلَم: نَظَرَ إلى الأَسنان فرأَى الظَّلْمَ؛ قال:
إذا ما اجْتَلى الرَّاني إليها بعَيْنِه
غُرُوبَ ثناياها، أَنارَ وأَظْلَما
(* أضاء بدل أنار).
والظَّلِيمُ: الذكَرُ من النعامِ، والجمع أَظْلِمةٌ
وظُلْمانٌ وظِلْمانٌ، قيل: سمي به لأَنه ذكَرُ الأَرضِ فيُدْحِي في غير
موضع تَدْحِيَةٍ؛ حكاه ابن دريد، قال: وهذا ما لا يُؤْخذُ. وفي حديث
قُسٍّ: ومَهْمَهٍ فيه ظُلْمانٌ؛ هو جمع ظَلِيم. والظَّلِيمانِ: نجمان.
والمُظَلَّمُ من الطير: الرَّخَمُ والغِرْبانُ؛ عن ابن الأَعرابي؛
وأَنشد:
حَمَتْهُ عِتاقُ الطيرِ كلَّ مُظَلَّم،
من الطيرِ، حَوَّامِ المُقامِ رَمُوقِ
والظِّلاَّمُ: عُشْبة تُرْعَى؛ أَنشد أَبو حنيفة:
رَعَتْ بقَرارِ الحَزْنِ رَوْضاً مُواصِلاً،
عَمِيماً من الظِّلاَّمِ، والهَيْثَمِ الجَعْدِ
ابن الأعرابي: ومن غريب الشجر الظِّلَمُ، واحدتها ظِلَمةٌ، وهو
الظِّلاَّمُ والظِّلامُ والظالِمُ؛ قال الأَصمعي: هو شجر له عَسالِيجُ طِوالٌ
وتَنْبَسِطُ حتى تجوزَ حَدَّ أَصل شَجَرِها فمنها سميت ظِلاماً. وأَظْلَمُ:
موضع؛ قال ابن بري: أَظْلمُ اسم جبل؛ قال أَبو وجزة:
يَزِيفُ يمانِيه لأجْراعِ بِيشَةٍ،
ويَعْلو شآمِيهِ شَرَوْرَى وأَظْلَما
وكَهْفُ الظُّلم: رجل معروف من العرب. وظَلِيمٌ
ونَعامَةُ: موضعان بنَجْدٍ. وظَلَمٌ: موضع. والظَّلِيمُ: فرسُ فَضالةَ
بن هِنْدِ بن شَرِيكٍ الأَسديّ، وفيه يقول:
نصَبْتُ لهم صَدْرَ الظَّلِيمِ وصَعْدَةً
شُراعِيَّةً في كفِّ حَرَّان ثائِر
ذود: الذَّوْد: السَّوق والطرد والدفع.
تقول: ذُدْتُه عن كذا، وذاده عن الشيءِ ذَوْداً وذِياداً، ورجل ذائد أَي
حامي الحقيقة دفاع، من قوم ذُوَّذٍ وذُــوَّادٍ؛ وزَادَه وأَذاده: أَعانه
على الذَّيادِ. وفي حديث الحوض: إِني لَبِعُقْرِ حوضي أَذُودُ الناس عنه
لأَهل اليمن أَي أَطردهم وأَدفعهم؛ وفي الحديث: لَيُذادَنَّ رجال عن حوضي
أَي ليُطْرَدَنَّ، ويروى فلا تُذادُنَّ أَي لا تفعلوا فعلاً يوجب طردكم
عنه؛ قال ابن أَثير: والأَول أَشبه، وفي الحديث: وأَما إِخواننا بنو
أُمية فقادة ذادَةٌ؛ الذادة جمع ذائد وهو الحامي الدافع؛ قيل: أَراد أَنهم
يذودون عن الحرم.
والمِذْوَدُ: اللسانُ لأَنه يذاد به عن العِرض؛ قال عنترة:
سيأْتيكمُ مني، وإِن كنت نائياً،
دخانُ العَلَنْدى دون بيتي، ومِذودي
قال الأَصمعي: أَراد بمذوده لسانه، وببيته شَرَفَه؛ وقال حسان بن ثابت:
لساني وسيفي صارمان كلاهما،
ويبلغ ما لا يبلغ السيفُ مِذْوَدِي
ومِذْوَدُ الثور: قرنه؛ وقال زهير يذكر بقرة:
ويَذُبُّها عنها بأَسْحَمَ مِذْوَدِ
ويقال: ذِدت فلاناً عن كذا أَذُودُه أَي طردته فأَنا ذائد وهو مَذُود.
ومَعْلَفُ الدابة: مِذْوَدُه؛ قال ابن الأَعرابي: المَذادُ والمَرادخ
المَرْتَع؛ وأَنشد:
لا تَحْبِسا الحَوْساءَ في المَذادِ
وذُدت الإِبل أَذودها ذَوْذاً إِذا طردتها وسقتها، والتذويد مثله،
والمُذِيدُ: المُعِين لك على ما تَذُودُ، وهذا كقولك: أَطلبت الرجل إِذا
أَعنته على ما طلبته، وأَحلبته أَعنته على حلب ناقته؛ قال الشاعر:
ناديتُ في القوم: أَلا مُذِيدا؟
والذَّوْدُ: للقطيع من الإِبل الثلاث إِلى التسع، وقيل: ما بين الثلاث
إِلى العشر؛ قال أَبو منصور: ونحو ذلك حفظته عن العرب، وقيل: من ثلاث إِلى
خمس عشرة، وقيل: إِلى عشرين وفُوَيقَ ذلك، وقيل: ما بين الثلاث إِلى
الثلاثين، وقيل: ما بين الثنتين والتسع، ولا يكون إِلاّ من الإِناث دون
الذكور؛ وقال النبي، صلى الله عليه وسلم: ليس فيما دون خمس ذَوْدٍ من الإِبل
صدقة، فأَنثها في قوله خمس ذود. قال ابن سيده: الذَّود مؤَنث وتصغيره
بغير هاء على غير قياس توهموا به المصدر؛ قال الشاعر:
ذَوْدُ صَفايا بينها وبيني،
ما بين تسع وإِلى اثنتين،
يُغْنِينَنا من عَيْلة ودَين
وقولهم: الذَّوْدُ إِلى الذَّود إِبل يدل على أَنها في موضع اثنتين لأَن
الثنتين إِلى الثنتين جمع؛ قال: والأَذوادُ جمع ذَوْدٍ، وهي أَكثر من
الذود ثلاث مرات؛ وقال أَبو عبيدة: قد جعل النبي، صلى الله عليه وسلم، في
قوله ليس في أَقل من خمس ذود صدقة، جعل الناقة الواحدة ذوداً؛ ثم قال:
والذود لا يكون أَقل من ناقتين؛ قال: وكان حدّ خمس ذود عشراً من النوق ولكن
هذا مثل ثلاثة فئة يعنون به ثلاثة، وكان حدّ ثلاثة فئة أَن يكون جمعاً
لأَن الفئة جمع؛ قال أَبو منصور: وهو مثل قولهم: رأَيت ثلاثة نفر وتسعة رهط
وما أَشبهه؛ قال أَبو عبيد: والحديث عام لأَن من ملك خمسة من الإِبل
وجبت عليه فيها الزكاة ذكوراً كانت أَو إِناثاً، وقد تكرر ذكر الذود في
الحديث، والجمع أَذواد؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
وما أَبْقَت الأَيامُ مِ المالِ عِنْدَنا،
سوى حِذْم أَذواد مُحَذَّفَة النَّسل
معنى محذفة النسل: لا نسل لها يبقى لأَنهم يعقرونها وينحرونها، وقالوا:
ثلاث أَذواد وثلاث ذَوْد، فأَضافوا إِليه جميع أَلفاظ أَدنى العدد جعلوه
بدلاً من أَذواد؛ قال الحطيئة:
ثلاثةُ أَنُفسٍ وثلاثُ ذَوْدٍ،
لقد جار الزمانُ على عيالي
ونظيره: ثلاثة رَحْلَة جعلوه بدلاً من أَرحال؛ قال ابن سيده: هذا كله
قول سيبويه وله نظائر. وقد قالوا: ثلاث ذود يعنون ثلاث أَينق؛ قال
اللغويون: الذود جمع لا واحد له من لفظه كالنعم؛ وقال بعضهم: الذود واحد وجمع.
وفي المثل: الذود إِلى الذود إلى، وقولهم ابلى بمعنى مع أَي القليل يضم
إِلى القليل فيصير كثيراً.
وذَيَّاد وذوّاد: اسمان.
والمَذَاد: موضع بالمدينة.
والذائد: اسم فرس نجيب جدّاً من نَسْلِ الحَرُون؛ قال الأَصمعي: هو
الذائد بن بُطَينِ بن بطان بن الحَرُون.