من (ه ن د ز) مؤنث الــهِنْدَاز بمعنى الحد.
من (ه ن د ز) مؤنث الــهِنْدَاز بمعنى الحد.
هندز: الــهِنْدازُ: معرّب، وأَصله بالفارسية أَنْدازَه، يقال: أَعطاه بلا
حساب ولا هِنْدازٍ. ومنه المُهَنْدِزُ: الذي يُقَدِّرُ مَجارِيَ
القُنِيِّ والأَبْنِيَة إِلا أَنهم صيروا الزاي سيناً، فقالوا مُهَنْدِسٌ، لأَنه
ليس في كلام العرب زاي قبلها دال.
هندس: الهِنْدِس: من أَسماء الأَسد: وأَسد هِنْدِس أَي جَرِيء؛ قال
جندل:يأْكل أَو يَحْسُو دَماً، ويَلْحَسُ
شِدْقَيْه هَوَّاسٌ هِزَبْرٌ هِنْدِس
والمُهَنْدِس: المقدر لِمَجاري المياه والقُنِيّ واحتِقارِها حيث تحفر،
وهو مشتق من الــهِنْدازِ، وهي فارسية أَصلها آوْ أَنْدازْ
(* قوله «آو» كذا
بالأصل وفي القاموس آب، وهما بمعنى.) فصيرت الزاي سيناً لأَنه ليس في
شيء من كلام العرب زاي بعد الدال، والاسم الهَنْدَسة.
ويقال: فلان هُنْدُوس هذا الأَمر وهم هَنادِسَة هذا الأَمر أَي العلماء
به. ورجل هُنْدُوس إِذا كان جيد النظر مُجرَّباً.
قدر: القَدِيرُ والقادِرُ: من صفات الله عز وجل يكونان من القُدْرَة
ويكونان من التقدير. وقوله تعالى: إِن الله على كل شيء قدير؛ من القُدْرة، فالله
عز وجل على كل شيء قدير، والله سبحانه مُقَدِّرُ كُلِّ شيء وقاضيه. ابن
الأَثير: في أَسماء الله تعالى القادِرُ والمُقْتَدِرُ والقَدِيرُ، فالقادر اسم
فاعل من قَدَرَ يَقْدِرُ، والقَدِير فعيل منه، وهو للمبالغة، والمقتدر
مُفْتَعِلٌ من اقْتَدَرَ، وهو أَبلغ.
التهذيب: الليث: القَدَرُ القَضاء المُوَفَّقُ. يقال: قَدَّرَ الإِله
كذا تقديراً، وإِذا وافق الشيءُ الشيءَ قلت: جاءه قَدَرُه. ابن سيده:
القَدْرُ والقَدَرُ القضاء والحُكْم، وهو ما يُقَدِّره الله عز وجل من القضاء
ويحكم به من الأُمور. قال الله عز وجل: إِنا أَنزلناه في ليلة القَدْرِ؛ أَي
الحُكْمِ، كما قال تعالى: فيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمر حكيم؛ وأَنشد الأَخفش
لهُدْبَة بنِ خَشْرَمٍ:
أَلا يا لَقَوْمي للنوائبِ والقَدْرِ
وللأَمْرِ يأْتي المَرءَ من حيثُ لا يَدْري
وللأَرْض كم من صالح قد تَوَدَّأَتْ
عليه، فَوَارَتْهُ بلَمَّاعَةٍ قَفْرِ
فلا ذَا جَلالٍ هِبْنَهُ لجَلالِه،
ولا ذا ضَياعٍ هُنَّ يَتْرُكْنَ للفَقْرِ
تودّأَت عليه أَي استوت عليه. واللماعة: الأَرض التي يَلْمع فيها
السَّرابُ. وقوله: فلا ذا جَلال انتصب ذا بإِضمار فعل يفسره ما بعده أَي فلا
هِبْنَ ذا جَلال، وقوله: ولا ذا ضَياع منصوب بقوله يتركن. والضَّياعُ، بفتح
الضاد: الضَّيْعَةُ، والمعنى أَن المنايا لا تَغْفُلُ عن أَحد، غنيّاً
كان أَو فقيراً، جَليلَ القَدْر كان أَو وضيعاً. وقوله تعالى: ليلةُ القدر
خير من أَلف شهر؛ أَي أَلف شهر ليس فيها ليلة القدر؛ وقال الفرزدق:
وما صَبَّ رِجْلي في حديدِ مُجاشِعٍ،
مَعَ القَدْرِ، إِلا حاجَةٌ لي أُرِيدُها
والقَدَرُ: كالقَدْرِ، وجَمْعُهما جميعاً أَقْدار. وقال اللحياني:
القَدَرُ الاسم، والقَدْرُ المصدر؛ وأَنشد
كُلُّ شيء حتى أَخِيكَ مَتاعُ؛
وبِقَدْرٍ تَفَرُّقٌ واجْتِماعُ
وأَنشد في المفتوح:
قَدَرٌ أَحَلَّكَ ذا النخيلِ، وقد أَرى،
وأَبيكَ، ما لَكَ، ذُو النَّخيلِ بدارِ
قال ابن سيده: هكذا أَنشده بالفتح والوزن يقبل الحركة والسكون. وفي
الحديث ذكر ليلة القدر، وهي الليلة التي تُقَدَّر فيها الأَرزاقُ وتُقْضى.
والقَدَرِيَّةُ: قوم يَجْحَدُون القَدَرَ، مُوَلَّدةٌ. التهذيب:
والقَدَرِيَّة قوم ينسبون إِلى التكذيب بما قَدَّرَ اللهُ من الأَشياء، وقال بعض
متكلميهم: لا يلزمنا هذا اللَّقَبُ لأَنا ننفي القَدَرَ عن الله عز وجل
ومن أَثبته فهو أَولى به، قال: وهذا تمويه منهم لأَنهم يثبتون القَدَرَ
لأَنفسهم ولذلك سموا؛ وقول أَهل السنَّة إِن علم الله سبق في البشر
فَعَلِم كفْرَ مَن كَفَر منهم كما عَلِم إِيمان مَن آمن، فأَثبت علمه السابق في
الخلق وكتبه، وكلُّ ميسر لما خلق له وكتب عليه. قال أَبو منصور: وتقدير
الله الخلق تيسيره كلاًّ منهم لما علم أَنهم صائرون إِليه من السعادة
والشقاء، وذلك أَنه علم منهم قبل خلقه إِياهم، فكتب علمه الأَزليّ السابق
فيهم وقَدَّره تقديراً؛ وقَدَرَ الله عليه ذلك يَقْدُرُه ويَقْدِرُه
قَدْراً وقَدَراً، وقَدَّره عليه وله؛ وقوله:
من أَيّ يَوْمَيَّ من الموتِ أَفِرّ:
أَيَومَ لم يُقْدَرَ أَمْ يومَ قُدِرْ؟
فإِنه أَراد النون الخفيفة ثم حذفها ضرورة فبقيت الراء مفتوحة كأَنه
أَراد: يُقْدَرَنْ، وأَنكر بعضهم هذا فقال: هذه النون لا تحذف إِلا لسكون ما
بعدها ولا سكون ههنا بعدها؛ قال ابن جني: والذي أَراه أَنا في هذا وما
علمت أَن أَحداً من أَصحابنا ولا غيرهم ذكره، ويشبه أَن يكونوا لم يذكروه
للُطْفِه، هو أَنْ يكون أَصله أَيوم لم يُقْدَرْ أَم بسكون الراء للجزم،
ثم أَنها جاوَرَتِ الهمزة المفتوحة وهي ساكنة، وقد أَجرت العرب الحرف
الساكن إِذا جاور الحرف المتحرّك مجرى المتحرك، وذلك قولهم فيما حكاه سيبويه
من قول بعض العرب: الكَماةُ والمَراة، يريدون الكَمْأَةَ والمَرْأَةَ
ولكن الميم والراء لما كانتا ساكنتين، والهمزتان بعدهما مفتوحتان، صارت
الفتحتان اللتان في الهمزتين كأَنهما في الراء والميم، وصارت الميم والراء
كأَنهما مفتوحتان، وصارت الهمزتان لما قدّرت حركاتهما في غيرهما كأَنهما
ساكنتان، فصار التقدير فيهما مَرَأْةٌ وكَمَأْةٌ، ثم خففتا فأُبدلت
الهمزتان أَلفين لسكونهما وانفتاح ما قبلهما، فقالوا: مَرَاةٌ وكَماةٌ، كما
قالوا في رأْس وفأْس لما خففتا: راس وفاس، وعلى هذا حمل أَبو علي قول عبد
يَغُوثَ:
وتَضْحَكُ مِنّي شَيْخَةٌ عَبْشَمِيَّةٌ،
كَأَنْ لم تَرَا قَبْلي أَسيراً يمَانِيا
قال: جاء به على أَن تقديره مخففاً كأَن لم تَرْأَ، ثم إِن الراء
الساكنة لما جاورت الهمزة والهمزة متحرّكة صارت الحركة كأَنها في التقدير قبل
الهمزة واللفظُ بها لم تَرَأْ، ثم أَبدل الهمزة أَلفاً لسكونها وانفتاح ما
قبلها فصارت تَرا، فالأَلف على هذا التقدير بدل من الهمزة التي هي عين
الفعل، واللام محذوفة للجزم على مذهب التحقيق، وقَوْلِ من قال: رَأَى
يَرْأَى، وقد قيل: إِن قوله ترا، على الخفيف السائغ، إِلا أَنه أَثبت الأَلف
في موضع الجزم تشبيهاً بالياء في قول الآخر:
أَلم يأْتيك، والأَنباءُ تَنْمِي،
بما لاقَتْ لَبُونُ بني زِيادِ؟
ورواه بعضهم أَلم يأْتك على ظاهر الجزْم؛ وأَنشده أَبو العباس عن أَبي
عثمان عن الأَصمعي:
أَلا هلَ تاكَ والأَنباءُ تَنْمِي
وقوله تعالى: إِلا امرأَته قَدَّرْنا أَنها لمن الغابرين؛ قال الزجاج:
المعنى علمنا أَنها لمن الغابرين، وقيل: دَبَّرنا أنها لمن الغابرين أَي
الباقين في العذاب. ويقال: اسْتَقْدِرِ اللهَ خيراً، واسْتَقْدَرَ اللهَ
خَيْراً سأَله أَن يَقْدُرَ له به؛ قال:
فاسْتَقْدِرِ اللهَ خيراً وارضَيَنَّ به،
فبَيْنَما العُسْرُ إِذ دارتْ مَياسِيرُ
وفي حديث الاستخارة: اللهم إِني أَسْتَقْدِرُكَ بقُدْرَتك أَي أَطلب منك
أَن تجعل لي عليه قُدْرَةً.
وقَدَرَ الرزقَ يَقْدِرُهُ: قَسَمه. والقَدْرُ والقُدْرَةُ
(* قوله«
والقدر والقدرة إلخ» عبارة القاموس: والقدر الغنى واليسار والقوة كالقدرة
والمقدرة مثلثة الدال والمقدار والقدارة والقدورة والقدور بضمهما والقدران
بالكسر والقدار ويكسر والاقتدار والفعل كضرب ونصر وفرح.) والمِقْدارُ:
القُوَّةُ؛ وقَدَرَ عليه يَقْدِرُ ويَقْدُرُ وقَدِرَ، بالكسر، قُدْرَةً
وقَدارَةً وقُدُورَةً وقُدُوراً وقِدْراناً وقِداراً؛ هذه عن اللحياني، وفي
التهذيب: قَدَراناً، واقْتَدَرَ وهو قادِرٌ وقَدِيرٌ وأَقْدَرَه اللهُ
عليه، والاسم من كل ذلك المَقْدَرَة والمَقْدُرَة والمَقْدِرَةُ. ويقال: ما
لي عليك مَقْدُرَة ومَقْدَرَة ومَقْدِرَة أَي قُدْرَة. وفي حديث عثمان،
رضي الله عنه: إِنَّ الذَّكاة في الحَلْقِ واللَّبَّة لمن قَدَرَ
(*
قوله« لمن قدر» أي لمن كانت الذبيحة في يده مقدر على ايقاع الذكاة بهذين
الموضعين، فاما إذا ندت البهيمة فحكمها حكم الصيد في أن مذبحه الموضع الذي
أصاب السهم او السيف، كذا بهامش النهاية.) أَي لمن أَمكنه الذبْحُ فيهما،
فأَما النَّادُّ والمُتَرَدِّي فأَيْنَ اتَّفَقَ من جسمهما؛ ومنه قولهم:
المَقْدُِرَةُ تُذْهِبُ الحَفِيظَةَ. والاقتدارُ على الشيء: القُدْرَةُ
عليه، والقُدْرَةُ مصدر قولك قَدَرَ على الشيء قُدْرَة أَي مَلَكه، فهو
قادِرٌ وقَدِيرٌ. واقْتَدَرَ الشيءَ: جعله قَدْراً. وقوله: عند مَلِيكٍ
مُقْتَدِرٍ؛ أَي قادِرٍ. والقَدْرُ: الغِنى واليَسارُ، وهو من ذلك لأَنه
كُلَّه قُوَّةٌ.
وبنو قَدْراء: المَياسيرُ. ورجل ذو قُدْرَةٍ أَي ذو يَسارٍ. ورجل ذو
مَقْدُِرَة أَي ذو يسار أَيضاً؛ وأَما من القَضاء والقَدَرِ فالمَقدَرَةُ،
بالفتح، لا غير؛ قال الهُذَليّ:
وما يَبْقَى على الأَيّامِ شَيءٌ،
فيا عَجَباً لمَقْدَرَةِ الكتابِ
وقدْرُ كل شيء ومِقْدارُه: مِقْياسُه. وقَدَرَ الشيءَ بالشيء يَقْدُرُه
قَدْراً وقَدَّرَه: قاسَه. وقادَرْتُ الرجل مُقادَرَةً إِذا قايسته وفعلت
مثل فعله. التهذيب: والتقدير على وجوه من المعاني: أَحدها التروية
والتفكير في تسوية أَمر وتهيئته، والثاني تقديره بعلامات يقطعه عليها، والثالث
أَن تَنْوِيَ أَمراً بِعَقْدِك تقول: قَدَّرْتُ أَمر كذا وكذا أَي
نويتُه وعَقَدْتُ عليه. ويقال: قَدَرْتُ لأَمْرِ كذا أَقْدِرُ له وأَقْدُرُ
قَدْراً إِذا نظرت فيه ودَبَّرْتَه وقايسته؛ ومنه قول عائشة، رضوان الله
عليها: فاقْدُرُوا قَدْرَ الجاريةِ الحديثة السِّنِّ المستهيئة للنظر أَي
قَدِّرُوا وقايسوا وانظروه وافْكِرُوا فيه. شمر: يقال قَدَرْتُ أَي هيأْت
وقَدَرْتُ أَي أَطَقْتُ وقَدَرْتُ أَي مَلَكْتُ وقَدَرْتُ أَي وَقَّتُّ؛
قال لبيد:
فَقَدَرْتُ للوِرْدِ المُغَلِّسَ غُدْوَةً،
فَوَرَدْتُ قبل تَبَيُّنِ الأَلْوانِ
وقال الأَعشى:
فاقْدُرْ بذَرْعِكَ ببنَنا،
إِن كنتَ بَوَّأْتَ القَدارَهْ
بَوَّأْتَ: هَيَّأْتَ. قال أَبو عبيدة: اقْدُر بذَرْعِك بيننا أَي
أَبْصِرْ واعْرِفْ قَدْرَك. وقوله عز وجل: ثم جئتَ على قَدَرٍ يا موسى؛ قيل في
التفسير: على مَوْعدٍ، وقيل: على قَدَرٍ من تكليمي إِياك؛ هذا عن
الزجاج. وقَدَرَ الشيءَ: دَنا له؛ قال لبيد:
قلتُ: هَجِّدْنا، فقد طال السُّرَى،
وقَدَرْنا إِنْ خَنى الليل غَفَلْ
وقَدَر القومُ أَمرهم يَقْدِرُونه قَدْراً: دَبَّروه وقَدَرْتُ عليه
الثوبَ قدراً فانْقَدَر أَي جاءَ على المِقْدار. ويقال: بين أَرضك وأَرض
فلان ليلة قادرة إِذا كانت لينة السير مثل قاصدةٍ ورافِهةٍ؛ عن يعقوب.
وقَدَرَ عليه الشيءَ يَقْدِرُه ويَقْدُره قَدْراً وقَدَراً وقَدَّرَه:
ضَيَّقه؛ عن اللحياني. وفي التنزيل العزيز: على المُوسِعِ قَدَرُه وعلى
المُقْتِرِ قَدَرُه؛ قال الفراء: قرئ قَدَرُه وقَدْرُه، قال: ولو نصب كان صواباً
على تكرر الفعل في النية، أَي ليُعْطِ المُوسِعُ قَدْرَه والمُقْتِرُ
قَدْرَه؛ وقال الأخفش: على الموسع قدره أَي طاقته؛ قال الأَزهري: وأَخبرني
المنذري عن أَبي العباس في وقوله على المُقْتِر قَدَرُه وقَدْرُه، قال:
التثقيل أَعلى اللغتين وأَكثر، ولذلك اختير؛ قال: واختار الأَخفش التسكين،
قال: وإِنما اخترنا التثقيل لأَنه اسم، وقال الكسائي: يقرأُ بالتخفيف
والتثقيل وكلٌّ صواب، وقال: قَدَرَ وهو يَقْدِر مَقْدِرة ومَقْدُرة
ومَقْدَرَة وقِدْراناً وقَدَاراً وقُدْرةً، قال: كل هذا سمعناه من العرب، قال:
ويَقْدُر لغة أُخرى لقوم يضمون الدال فيها، قال: وأَما قَدَرْتُ الشيء
فأَنا أَقْدِرُه، خفيف، فلم أَسمعه إِلا مكسوراً، قال: وقوله: وما قَدَروا
اللهَ حَقَّ قَدْرِه؛ خفيفٌ ولو ثُقِّلَ كان صواباً، وقوله: إِنَّا كلَّ
شيء خلقناه بِقَدَرٍ، مُثَقَّلٌ، وقوله: فسالتْ أَوديةٌ بقدَرها؛
مُثَقَّلٌ ولو خفف كان صواباً؛ وأَنشد بيت الفرزدق أَيضاً:
وما صَبَّ رِجْلِي في حَدِيدِ مُجاشِعٍ،
مع القَدْر، إِلا حاجةٌ لي أُرِيدُها
وقوله تعالى: فَظَنَّ أَن لن نَقْدِرَ عليه؛ يفسر بالقُدرة ويفسر
بالضِّيق، قال الفراء في قوله عز وجل: وذا النُّون إِذ ذهب مُغاضِباً فظنَّ أَن
لن نَقْدِرَ عليه؛ قال الفراء: المعنى فظن أَن لن نَقْدِرَ عليه من
العقوبة ما قَدَرْنا. وقال أَبو الهيثم: روي أَنه ذهب مغاضباً لقومه، وروي
أَنه ذهب مغاضباً لربه، فأَما من اعتقد أَن يونس، عليه السلام، ظن أَن لن
يقدر الله عليه فهو كافر لأَن من ظن ذلك غير مؤمن، ويونس، عليه السلام،
رسول لا يجوز ذلك الظن عليه. فآل المعنى: فظن أَن لن نَقْدِرَ عليه
العقوبة، قال: ويحتمل أَن يكون تفسيره: فظن أَن لن نُضَيِّقَ عليه، من قوله
تعالى: ومن قُدِرَ عليه رزقَه؛ أَي ضُيِّقَ عليه، قال: وكذلك قوله: وأَما
إِذا ما ابتلاه فَقَدَر عليه رزقه؛ معنى فَقَدَر عليه فَضَيَّقَ عليه، وقد
ضيق الله على يونس، عليه السلام، أَشدَّ تَضْيِيق ضَيَّقَه على مُعَذَّب
في الدنيا لأَنه سجنه في بطن حوت فصار مَكْظُوماً أُخِذَ في بَطْنِه
بكَظَمِهِ؛ وقال الزجاج في قوله: فظن أَن لن نُقْدِرَ عليه؛ أَي لن نُقَدِّرَ
عليه ما قَدَّرنا من كونه في بطن الحوت، قال: ونَقْدِرُ بمعنى
نُقَدِّرُ، قال: وقد جاء هذا في التفسير؛ قال الأَزهري: وهذا الذي قاله أَبو إِسحق
صحيح، والمعنى ما قَدَّرَه الله عليه من التضييق في بطن الحوت، ويجوز
أَن يكون المعنى لن نُضَيِّق عليه؛ قال: وكل ذلك شائع في اللغة، والله
أَعلم بما أَراد. فأَما أَن يكون قوله أَن لن نَقْدِرَ عليه من القدرة فلا
يجوز، لأَن من ظن هذا كفر، والظن شك والشك في قدرة الله تعالى كفر، وقد عصم
الله أَنبياءه عن مثل ما ذهب إِليه هذا المُتَأَوِّلُ، ولا يَتَأَوَّلُ
مثلَه إِلا الجاهلُ بكلام العرب ولغاتها؛ قال الأَزهري: سمعت
المُنْذِرِيَّ يقول: أَفادني ابن اليَزيديّ عن أَبي حاتم في قوله تعالى: فظن أَن لن
نقدر عليه؛ أَي لن نضيق عليه، قال: ولم يدر الأَخفش ما معنى نَقْدِر وذهب
إِلى موضع القدرة إِلى معنى فظن أَن يَفُوتَنَا ولم يعلم كلام العرب حتى
قال: إِن بعض المفسرين قال أَراد الاستفهام، أَفَظَنَّ أَن لن نَقْدِرَ
عليه، ولو علم أَن معنى نَقْدِر نُضَيِّق لم يخبط هذا الخبط، قال: ولم
يكن عالماً بكلام العرب، وكان عالماً بقياس النحو؛ قال: وقوله: من قُدِرَ
عليه رِزْقُه؛ أَي ضُيِّقَ عليه عِلْمُه، وكذلك قوله: وأَما إِذا ما
ابتلاه فَقَدَرَ عليه رِزْقَه؛ أَي ضَيَّقَ. وأَما قوله تعالى: فَقَدَرْنا
فنِعْمَ القادِرُون، فإِن الفراء قال: قرأَها عليّ، كرم الله وجهه،
فَقَدَّرْنا، وخففها عاصم، قال: ولا يبعد أَن يكون المعنى في التخفيف والتشديد
واحداً لأَن العرب تقول: قُدِّرَ عليه الموتُ وقُدِرَ عليه الموتُ، وقُدِّر
عليه وقُدِرَ، واحتج الذين خففوا فقالوا: لو كانت كذلك لقال: فنعم
المُقَدِّرون، وقد تجمع العربُ بين اللغتين. قال الله تعالى: فَمَهِّلِ
الكافرين أَمْهِلْهُم رُوَيْداً. وقَدَرَ على عياله قَدْراً: مثل قَتَرَ.
وقُدِرَ على الإِنسان رِزْقُه قَدْراً: مثل قُتِرَ؛ وقَدَّرْتُ الشيء
تَقْدِيراً وقَدَرْتُ الشيء أَقْدُرُه وأَقْدِرُه قَدْراً من التقدير. وفي الحديث
في رؤية الهلال: صوموا لرؤيته وأَفطروا لرؤيته فإِن غُمَّ عليكم
فاقْدُرُوا له، وفي حديث آخر: فإِن غم عليكم فأَكملوا لعِدَّة؛ قوله: فاقْدُرُوا
له أَي قَدِّرُوا له عَدَدَ الشهر حتى تكملوه ثلاثين يوماً، واللفظان
وإن اختلفا يرجعان إِلى معنى واحد؛ وروي عن ابن شريح أَنه فسر قوله
فاقْدُرُوا له أَي قَدِّرُوا له منازلَ القمر فإِنها تدلكم وتبين لكم أَن الشهر
تسع وعشرون أَو ثلاثون، قال: وهذا خطاب لمن خصه الله تعالى بهذا العلم؛
قال: وقوله فأَكْمِلُوا العِدَّة خطاب العامَّة التي لا تحسن تقدير
المنازل، وهذا نظير النازلة تنزل بالعالِمِ الذي أَمر بالاجتهاد فيها وأَن لا
يُقَلِّدَ العلماء أَشكال النازلة به حتى يتبين له الصوب كما بان لهم،
وأَما العامة التي لا اجتهاد لها فلها تقليد أَهل العلم؛ قال: والقول الأَول
أَصح؛ وقال الشاعر إِياس بن مالك بن عبد الله المُعَنَّى:
كِلا ثَقَلَيْنا طامعٌ بغنِيمةٍ،
وقد قَدَر الرحمنُ ما هو قادِرُ
فلم أَرَ يوماً كانَ أَكثَرَ سالِباً
ومُسْتَلَباً سِرْبالَه لا يُناكِرُ
وأَكثَرَ مِنَّا يافِعاً يَبْتَغِي العُلى،
يُضارِبُ قِرْناً دارِعاً، وهو حاسِرُ
قوله: ما هو قادرُ أَي مُقَدِّرٌ، وثَقَلُ الرجل، بالثاء: حَشَمه ومتاع
بيته، وأَراد بالثَّقَل ههنا النساء أَي نساؤنا ونساؤهم طامعات في ظهور
كل واحد من الحَيَّيْنِ على صاحبه والأَمر في ذلك جار على قدر الرحمن.
وقوله: ومُسْتَلَباً سِرْبالَه لا يُناكِرُ أَي يُسْتَلَبُ سِرْبالَه وهو لا
يُنْكِرُ ذلك لأَنه مصروع قد قتل، وانتصب سرباله بأَنه مفعول ثان
لمُسْتَلَب، وفي مُسْتَلَب ضمير مرفوع به، ومن رفع سرباله جعله مرتفعاً به ولم
يجعل فيه ضميراً. واليافع: المُتَرَعْرِعُ الداخلُ في عَصْرِ شبابه.
والدارع: اللابس الدرع. والحاسر: الذي لا درع عليه.
وتَقَدَّر له الشيءُ أَي تهيأَ. وفي حديث الاستخارة: فاقْدُرْه لي
ويَسِّرْه عليّ أَي اقض لي به وهيئه. وقَدَرْتُ الشيء أَي هيأْته.
وقَدْرُ كل شيء ومِقْداره: مَبْلَغُه. وقوله تعالى: وما قَدَرُوا اللهَ
حَقَّ قَدْرِه؛ أَي ما عظموا الله حق تعظيمه، وقال الليث: ما وَصَفوه حق
صِفَتِه، والقَدَرُ والقَدْرُ ههنا بمعنى واحد، وقَدَرُ الله وقَدْرُه
بمعنًى، وهو في الأَصل مصدر.
والمِقْدارُ: الموتُ. قال الليث: المِقْدارُ اسم القَدْر إِذا بلغ
العبدُ المِقْدارَ مات؛ وأَنشد:
لو كان خَلْفَك أَو أَمامَك هائِباً
بَشَراً سِواكَ، لَهابَك المِقْدارُ
يعني الموت. ويقال: إِنما الأَشياء مقاديرُ لكل شيء مِقْدارٌ داخل.
والمِقْدار أَيضاً: هو الــهِنْداز، تقول: ينزل المطر بمِقْدار أَي بقَدَرٍ
وقَدْرٍ، وهو مبلغ الشيء. وكل شيء مُقْتَدِرٌ، فهو الوَسَطُ. ابن سيده:
والمُقْتَدِر الوسط من كل شيء. ورجل مُقْتَدِرُ الخَلْق أَي وَسَطُه ليس
بالطويل والقصير، وكذلك الوَعِلُ والظبي ونحوهما. والقَدْرُ: الوسط من الرحال
والسروج ونحوهما؛ تقول: هذا سرجٌ قَدْرٌ، يخفف ويثقل. التهذيب: سَرْجٌ
قادرٌ قاترٌ، وهو الواقي الذي لا يَعْقِرُ، وقيل: هو بين الصغير والكبير.
والقَدَرُ: قِصَرُ العُنُق، قَدِرَ قَدَراً، وهو أَقدرُ؛ والأَقْدَر:
القصير من الرجال؛ قال صَخْرُ الغَيّ يصف صائداً ويذكر وُعُولاً قد وردت
لتشرب الماء:
أَرَى الأَيامَ لا تُبْقِي كريماً،
ولا الوَحْشَ الأَوابِدَ والنَّعاما
ولا عُصْماً أَوابِدَ في صُخُورٍ،
كُسِينَ على فَراسِنِها خِداما
أُتِيحَ لها أُقَيْدِرُ ذو حَشِيفٍ،
إِذا سامتْ على المَلَقاتِ ساما
معنى أُتيح: قُدّر، والضمير في لها يعود على العُصْم. والأُقَيْدِرُ:
أَراد به الصائد. والحَشيف: الثوب الخَلَقُ. وسامت: مَرَّتْ ومضت.
والمُلَقات: جمع مَلَقَةٍ، وهي الصخرة الملساء. والأَوابد: الوحوش التي
تأَبَّدَتْ أَي توحشت. والعُصْمُ: جمع أَعْصَمَ وعَصْماء: الوَعِلُ يكون بذراعيه
بياض. والخِدَام: الخَلاخِيلُ، وأَراد الخطوطَ السُّودَ التي في يديه؛
وقال الشاعر:
رأَوْكَ أُقَيْدِرَ حِنْزَقْرَةً
وقيل: الأَقْدَر من الرجال القصير العنق. والقُدَارُ: الرَّبْعَةُ من
الناس. أَبو عمرو: الأَقْدَرُ من الخَيل الذي إِذا سار وقعت رجلاه مواقع
يديه؛ قال رجل من الأَنصار، وقال ابن بري: هو عَدِيُّ بن خَرَشَةَ
الخَطْمِيُّ:
ويَكْشِفُ نَخْوَةَ المُخْتالِ عَنِّي
جُرَازٌ، كالعَقِيقَةِ، إِن لَقِيتُ
وأَقْدَرُ مُشْرِفُ الصَّهَوَاتِ ساطٍ
كُمَيْتٌ، لا أَحَقُّ ولا شَئِيتُ
النخوة: الكبر. والمختال: ذو الخيلاء. والجراز: السيف الماضي في
الضَّرِيبة؛ شبهه بالعقيقة من البرق في لَمَعانه. والصهوات: جمع صَهْوَة، وهو
موضع اللِّبْدِ من ظهر الفرس. والشئيب: الذي يَقْصُرُ حافرا رجليه عن
حافِرَي يديه بخلاف الأَقْدَرِ. والأَحَقُّ: الذي يُطَبِّقُ حافِرا رجليه
حافِرَيْ يديه، وذكر أَبو عبيد أَن الأَحَقَّ الذي لا يَعْرَقُ، والشَّئيتُ
العَثُور، وقيل: الأَقدر الذي يُجاوِزُ حافرا رجليه مَواقعَ حافِرَيْ
يديه؛ ذكره أَبو عبيد، وقيل: الأَقْدَرُ الذي يضع رجليه حيث ينبغي.
والقِدْرُ: معروفة أُنْثَى وتصغيرها قُدَيْرٌ، بلا هاء على غير قياس.
الأَزهري: القِدْرُ مؤنثة عند جميع العرب، بلا هاء، فإِذا صغرت قلت لها
قُدَيرة وقُدَيْر، بالهاء وغير الهاء، وأَما ما حكاه ثعلب من قول العرب ما
رأَيت قِدْراً غلا أَسْرَعَ منها فإِنه ليس على تذكير القِدْرِ ولكنهم
أَرادوا ما رأَيت شيئاً غلا؛ قال: ونظيره قول الله تعالى: لا يَحِلُّ لك
النساء من بَعْدُ؛ قال: ذكر الفعل لأَن معناه معنى شيء، كأَنه قال: لا يحل
لك شيء من النساء. قال ابن سيده: فأَما قراءة من قرأَ: فناداه الملائكة،
فإِنما بناه على الواحد عندي كقول العرب ما رأَيت قِدْراً غلا أَسْرَعَ
منها، ولا كقوله تعالى: لا يحل لك النساء من بعد، لأَن قوله تعالى: فناداه
الملائكة، ليس بجحد فيكون شيء مُقَدَّر فيه كما قُدِّرَ في ما رأَيت
قِدْراً غَلا أَسْرَعَ، وفي قوله: لا يحل لك النساء، وإِنما استعمل تقدير شيء
في النفي دون الإِيجاب لأَن قولنا شيء عام لجميع المعلومات، وكذلك النفي
في مثل هذا أَعم من الإِيجاب، أَلا ترى أَن قولك: ضربت كل رجل، كذب لا
محالةً وقولك: ما ضربت رجلاً قد يجوز أَن يكون صدقاً وكذباً، فعلى هذا
ونحوه يوجد النفي أَعم من الإِيجاب، ومن النفي قوله تعالى: لن يَنالَ اللهَ
لحومُها ولا دِماؤها، إِنما أَراد لن ينالَ اللهَ شيءٌ من لحومها ولا شيء
من دمائها؛ وجَمْعُ القِدْرِ قُدورٌ، لا يُكَسَّرُ على غير ذلك.
وقَدَرَ القِدْرَ يَقْدِرُها ويَقْدُرُها قَدْراً: طَبَخَها، واقْتَدَر
أَيضاً بمعنى قَدَرَ مثل طَبَخَ واطَّبَخَ. ومَرَقٌ مَقْدُور وقَدِيرُ
أَي مطبوخ. والقَدِيرُ: ما يطبخ في القِدْرِ، والاقتدارُ: الطَّبْخُ فيها،
ويقال: أَتَقْتَدِرُون أَم تَشْتَوُون. الليث: القديرُ ما طُبِخَ من
اللحم بتَوابِلَ، فإِن لم يكن ذا تَوابِلَ فهو طبيخ. واقْتَدَرَ القومُ:
طَبَخوا في قِدْرٍ. والقُدارُ: الطَّبَّاخُ، وقيل: الجَزَّارُ، وقيل
الجَزَّار هو الذي يلي جَزْرَ الجَزُور وطَبْخَها؛ قال مُهَلْهِلٌ:
إِنَّا لنَضْرِبُ بالصَّوارِم هامَها،
ضَرْبَ القُدارِ نَقِيعةَ القُدَّامِ
القُدَّام: جمع قادم، وقيل هو المَلِكُ. وفي حديث عُمَيْر مولى آبي
اللحم: أَمرني مولاي أَن أَقْدُرَ لحماً أَي أَطْبُخَ قِدْراً من لحم.
والقُدارُ: الغلام الخفيف الروح الثَّقِفُ اللَّقِفُ. والقُدارُ: الحية،
كل ذلك بتخفيف الدال. والقُدارُ: الثعبان العظيم.
وفي الحديث: كان يَتَقَدَّرُ في مرضه أَين أَنا اليومَ؛ أَي يُقَدِّرُ
أَيامَ أَزواجه في الدَّوْرِ علهن.
والقَدَرةُ: القارورةُ الصغيرة.
وقُدارُ بن سالِفٍ: الذي يقال له أَحْمَرُ ثمود عاقر ناقة صالح، عليه
السلام؛ قال الأَزهري: وقالت العرب للجَزَّارِ قُدارٌ تشبيهاً به؛ ومنه قول
مُهَلْهِل:
ضَرْبَ القُدارِ نَقِيعةَ القُدَّامِ
اللحياني: يقال أَقمت عنده قَدْرَ أَن يفعل ذلك، قال: ولم أَسمعهم
يطرحون أَن في المواقيت إِلا حرفاً حكاه هو والأَصمعي، وهو قولهم: ما قعدت
عنده الاَّ رَيْثَ أَعْقِد شِسْعي. وقَيْدارٌ: اسم.
ذرع: الذِّراعُ: ما بين طرَف المِرْفق إِلى طرَفِ الإِصْبَع الوُسْطى،
أُنثى وقد تذكَّر. وقال سيبويه: سأَلت الخليل عن ذراع فقال: ذِراع كثير في
تسميتهم به المذكر ويُمَكَّن في المذكَّر فصار من أَسمائه خاصّة عندهم،
ومع هذا فإِنهم يَصِفون به المذكر فتقول: هذا ثوب ذراع، فقد يُمَكَّنُ
هذا الاسم في المذكر، ولهذا إِذا سمي الرجل بذراع صُرف في المعرفة والنكرة
لأَنه مذكر سمي به مذكر، ولم يعرف الأَصمعي التذكير في الذراع، والجمع
أَذْرُعٌ؛ وقال يصف قوساً عَربية:
أَرْمِي عليها، وهْيَ فَرْعٌ أَجْمَعُ،
وهْيَ ثَلاثُ أَذْرُعٍ وإِصْبَعُ
قال سيبويه: كسّروه على هذا البناء حين كان مؤنثاً يعني أَن فَعالاً
وفِعالاً وفَعِيلاً من المؤنث حُكْمُه أَن يُكسَّر على أَفْعُل ولم
يُكسِّروا ذِراعاً على غير أَفْعُل كما فَعَلوا ذلك في الأَكُفِّ؛ قال ابن بري:
الذراع عند سيبويه مؤنثة لا غير؛ وأَنشد لمِرْداس ابن حُصَين:
قَصَرْتُ له القبيلةَ إِذ تَجَِهْنا،
وما دانَتْ بِشِدَّتِها ذِراعي
وفي حديث عائشةَ وزَينبَ: قالت زينبُ لرسول الله، صلى الله عليه وسلم:
حَسْبُك إِذ قَلبَتْ لك ابنة أَبي قُحافةَ ذُرَيِّعَتَيْها؛ الذُّرَيِّعةُ
تصغير الذراع ولُحوق الهاء فيها لكونها مؤنثة، ثم ثَنَّتْها مصغرة
وأَرادت به ساعدَيْها. وقولهم: الثوب سبع في ثمانية، إِنما قالوا سبع لأَن
الذراع مؤنثة، وجمعها أَذرع لا غير، وتقول: هذه ذراع، وإِنما قالوا ثمانية
لأَن الأَشبار مذكرة. والذِّراع من يَدَيِ البعير: فوق الوظيفِ، وكذلك من
الخيل والبغال والحمير. والذِّراعُ من أَيدي البقر والغنم فوق الكُراع.
قال الليث: الذراع اسم جامع في كل ما يسمى يداً من الرُّوحانِيين ذوي
الأَبدان، والذِّراعُ والساعد واحد. وذَرَّع الرجلُ: رَفَعَ ذِراعَيْه
مُنذراً أَو مبشراً؛ قال:
تُؤَمِّل أَنفالَ الخمِيس وقد رَأتْ
سَوابِقَ خَيْلٍ، لم يُذَرِّعْ بَشيرُها
يقال للبشير إِذا أَوْمَأَ بيده: قد ذَرَّع البَشيرُ.
وأَذْرَع في الكلام وتذَرَّع: أَكثر وأَفْرَط. والإِذْراعُ: كثرةُ
الكلامِ والإِفْراطُ فيه، وكذلك التَّذَرُّع. قال ابن سيده: وأَرى أَصله من
مدّ الذِّراع لأَن المُكْثِر قد يفعل ذلك. وثور مُذَرَّع: في أَكارِعه
لُمَع سُود. وحمار مُذَرَّع: لمكان الرَّقْمةِ في ذِراعه. والمُذَرَّعُ: الذي
أُمه عربية وأَبوه غير عربي؛ قال:
إِذا باهليٌّ عنده حَنْظَلِيَّةٌ،
لها وَلَدٌ منه، فذاك المُذَرَّعُ
وقيل: المُذَرَّع من الناس، بفتح الراء، الذي أُمه أَشرف من أَبيه،
والهجين الذي أَبوه عربيّ وأُمه أَمة؛ قال ابن قيس العدوي:
إِنَّ المُذَرَّعَ لا تُعْنَى خُؤُولَتُه،
كالبَغْلِ يَعْجِزُ عن شَوْطِ المَحاضِير
وقال آخر يهجو قوماً:
قَوْمٌ تَوارَثَ بيتَ اللُّؤْمِ أَوَّلُهم،
كما تَوارَثَ رَقْمَ الأَذْرُعِ الحُمُرُ
وإِنما سمي مُذَرَّعاً تشبيهاً بالبغل لأَنَّ في ذراعيه رَقْمتين
كرَقْمتي ذراع الحِمار نَزَع بهما إِلى الحِمار في الشبه، وأُمّ البغل أَكرم من
أَبيه.
والمُذَرَّعة: الضبع لتخطيط ذِراعَيْها، صفة غالبة؛ قال ساعدة بن جؤية:
وغُودِرَ ثاوِياً، وتَأَوَّبَتْه
مُذَرَّعةٌ أُمَيْم، لها فَلِيلُ
والضبع مّذَرَّعة بسواد في أَذْرعها، وأَسد مُذَرَّع: على ذِراعَيْه
دَمُ فَرائِسه؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
قد يَهْلِكُ الأَرْقَمُ والفاعُوسُ،
والأَسَدُ المُذَرَّعُ المَنْهُوسُ
والتذْرِيع: فضل حبل القَيد يُوثَق بالذراع، اسم كالتَّنْبيت لا مصدر
كالتَّصْويت. وذُرِّعَ البعيرُ وذُرِّعَ له: قُيِّدَ في ذراعَيْه جميعاً.
يقال: ذَرَّعَ فلان لبعيره إِذا قَيَّدَه بفضل خِطامه في ذراعه، والعرب
تسميه تَذْريعاً.
وثوب مُوَشَّى الذِّراع أَي الكُمِّ، وموشَّى المَذارِع كذلك، جمع على
غير واحده كمَلامحَ ومَحاسِنَ.
والذِّراعُ: ما يُذْرَعُ به. ذَرَع الثوب وغيره يَذْرَعُه ذَرْعاً:
قدَّره بالذِّراع، فهو ذارِعٌ، وهو مَذْرُوع، وذَرْعُ كلّ شيء: قَدْرُه من
ذلك.
والتذَرُّع أَيضاً: تَقْدِير الشيء بذِراع اليد؛ قال قَيْس بن الخَطِيم:
ترى قَِصَدَ المُرّانِ تُلْقَى، كأَنَّها
تَذَرُّعُ خِرْصانٍ بأَيْدي الشَّواطِبِ
وقال الأَصمعي: تَذَرَّعَ فلان الجَرِيدَ إِذا وضَعه في ذِراعِه
فشَطَبه؛ ومنه قول قَيْس بن الخَطِيم هذا البيت، قال: والخِرْصانُ أَصلها
القُضْبان من الجَرِيد، والشَّواطِبُ جمع الشاطِبة، وهي المرأَة التي تَقْشُر
العَسِيب ثم تُلْقِيه إِلى المُنَقِّية فتأْخذ كل ما عليه بسِكِّينها حتى
تتركه رقيقاً، ثم تُلْقِيه المنقِّيةُ إِلى الشاطِبة ثانية فتَشْطُبه على
ذِراعها وتَتَذَرَّعُه، وكل قَضِيب من شجرة خِرْصٌ. وقال أَبو عبيدة:
التَّذَرُّع قدر ذِراع يَنكسر فيسقط، والتذَرُّع والقِصَدُ واحد غيره، قال:
والخِرْصان أَطراف الرماح التي تلي الأَسنَّة، الواحد خُرْص وخِرْص
وخَرْص. قال الأَزهري: وقول الأَصمعي أَشبههما بالصواب. وتَذَرَّعتِ المرأَة:
شقَّت الخُوص لتعمَل منه حَصِيراً. ابن الأَعرابي: انْذَرَع وانْذَرَأَ
ورَعَفَ واسْتَرْعَفَ إِذا تقدَّم.
والذَّرِعُ: الطويلُ اللسان بالشَّرِّ، وهو السيّار الليلَ والنهارَ.
وذَرَع البعيرَ يَذرَعُه ذَرْعاً: وَطِئه على ذِراعه ليرْكب صاحبُه.
وذَرَّعَ الرجلُ في سباحتِه تَذْرِيعاً: اتَّسَع ومدَّ ذِراعَيْه.
والتَّذْرِيعُ في المشي: تحريك الذِّراعين. وذَرَّع بيديه تَذْرِيعاً:
حرَّكهما في السعْي واستعان بهما عليه. وقيل في صفته، صلى الله عليه وسلم: إِنه
كان ذَرِيعَ المشْي أَي سريعَ المشْي واسعَ الخَطْوة؛ ومنه الحديث:
فأَكَل أَكْلاً ذَريعاً أَي سريعاً كثيراً. وذَرَع البعيرُ يَده إِذا مَدَّها
في السير. وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَذْرَعَ
ذِراعَيْه من أَسفلِ الجُبّةِ إِذْراعاً؛ أَذْرَع ذِراعَيْه أَي أَخرَجهما من تحت
الجُبَّة ومدَّهما؛ ومنه الحديث الآخر: وعليه جَمَّازةٌّ فأَذْرَع منها
يده أَي أَخرجها. وتَذَرَّعَت الإِبل الماءَ: خاضَتْه بأَذْرُعِها.
ومَذارِيعُ الدابة ومَذارِعُها: قوائمها؛ قال الأَخطل:
وبالهدايا إِذا احْمَرَّت مَذارِعُها،
في يوم ذَبْح وتَشْرِيقٍ وتَنْحارِ
وقوائم ذَرِعاتٌ أَي سَريعاتٌ. وذَرِعاتُ الدابة: قوائمها؛ ومنه قول ابن
حذاق العبدي:
فأَمْستْ كَنَيْسِ الرَّمْلِ، يَغْدُو إِذا غَدَتْ،
على ذَرِعاتٍ يَعْتَلِين خُنُوسَا
أَي على قوائم يَعْتَلين من جاراهُنَّ وهنَّ يَخْنِسْنَ بَعْضَ جَرْيِهن
أَي يُبْقين منه؛ يقول لم يَبْذُلْن جميع ما عندهن من السير. ومِذْراعُ
الدابة: قائمتها تَذْرَعُ بها الأَرض، ومِذْرَعُها: ما بين ركبتها إِلى
إِبْطها، وثَور مُوَشَّى المَذارِع.
وفرس ذَروعٌ وذَرِيعٌ: سَريعٌ بَعِيدُ الخُطى بيِّن الذَّراعة. وفرس
مُذَرَّع إِذا كان سابقاً وأَصله الفرس يلحق الوَحْشيّ وفارِسُه عليه
يَطْعَنُه طَعْنة تَفُور بالدم فيُلَطِّخ ذِراعَي الفرس بذلك الدم فيكون علامة
لسَبْقِه؛ ومنه قول تميم:
خِلالَ بُيوتِ الحَيِّ مِنها مُذَرَّع
ويقال: هذه ناقة تُذارِعُ بُعْد الطريق أَي تَمُدّ باعَها وذِراعها
لتَقْطعَه، وهي تُذارِع الفلاة وتَذْرَعُها إِذا أَسْرعت فيها كأَنها
تَقِيسُها؛ قال الشاعر يصف الإِبل:
وهُنَّ يَذْرَعْن الرِّقاقَ السَّمْلَقا،
ذَرْعَ النّواطِي السُّحُل المُرَقَّقا
والنواطِي: النَّواسِجُ، الواحدة ناطيةٌ، وبعير ذَرُوعٌ. وذَارَع
صاحِبَه فذَرَعه: غَلَبه في الخَطْو. وذَرعه القَيْءُ إِذا غَلبه وسَبق إِلى
فيه. وقد أَذْرَعه الرجلُ إِذا أَخرجه. وفي الحديث: مَن ذَرَعه القَيْء فلا
قضاء عليه أَي سبَقه وغَلبه في الخُروج. والذَّرْعُ: البَدَنُ،
وأَبْطَرَني ذَرْعِي: أَبْلى بَدنِي وقطَع مَعاشي. وأَبطَرْت فلاناً ذَرْعَه أَي
كَلَّفْته أَكثر من طَوْقه. ورجل واسعُ الذَّرْع والذِّراع أَي الخُلُق،
على المثل، والذَّرْعُ: الطاقةُ. وضاقَ بالأَمر ذَرْعُه وذِراعُه أَي
ضعُقت طاقتُه ولم يجد من المكروه فيه مَخْلَصاً ولم يُطِقه ولم يَقْو عليه،
وأَصل الذرْع إِنما هو بَسْط اليد فكأَنك تريد مَدَدْت يدي إِليه فلم
تَنَلْه؛ قال حميد بن ثور يصف ذئباً:
وإِن باتَ وَحْشاً لَيْلةً لم يَضِقْ بها
ذِراعاً، ولم يُصْبحْ لها وهو خاشِعُ
وضاق به ذَرْعاً: مثل ضاق به ذِراعاً، ونَصْبَ ذرْعاً لأَنه خرج
مفسِّراً مُحَوِّلاً لأَنه كان في الأَصل ضاق ذَرْعي به، فلما حُوّل الفعل خرج
قوله ذرعاً مفسراً، ومثله طِبْت به نفساً وقَرَرْت به عَيناً، والذَّرْعُ
يوضع موضع الطاقة، والأَصل فيه أَن يَذْرَع البعير بيديه في سيره ذَرْعاً
على قدر سَعة خَطْوه، فإِذا حملته على أَكثر من طَوْقه قلت: قد
أَبْطَرْت بعيرك ذَرْعه أَي حَمَلْته من السير على أَكثر من طاقته حتى يَبْطَر
ويَمُدّ عنقه ضَعْفاً عما حُمِل عليه. ويقال: ما لي به ذَرْع ولا ذِراع أَي
ما لي به طاقة. وفي حديث ابن عوف: قَلّدوا أَمْركم رَحْب الذِّراع أَي
واسِعَ القوة والقدرة والبطش. والذرْعُ: الوُسْع والطاقة؛ ومنه الحديث:
فكَبُر في ذَرْعي أَي عظُم وقْعُه وجلَّ عندي، والحديث الآخر: فكسَر ذلك من
ذَرْعي أَي ثَبَّطَني عما أَردته؛ ومنه حديث إِبراهيم، عليه الصلاة
والسلام: أَوحى الله إِليه أَنِ ابنِ لي بَيْتاً فضاق بذلك ذَرْعاً، وجهُ
التمثيل أَن القصير الذِّراع لا ينالُ ما ينالهُ الطويل الذراع ولا يُطيق
طاقتَه، فضرب مثلاً للذي سقطت قوَّته دون بلوغ الأَمر والاقتدار عليه.
وذراعُ القَناة: صدرُها لتقدُّمه كتقدُّم الذراع. ويقال لصدر الفتاة: ذراع
العامل. ومن أَمثال العرب السائرة: هو لك على حَبْلِ الذِّراع أَي
أُعَجِّله لك نقداً، وقيل: هو مُعَدٌّ حاضر، والحبْلُ عِرْق في الذراع.
ورجل ذَرِعٌ: حَسَن العِشْرةِ والمخالَطةِ؛ ومنه قول الخَنْساء:
جَلْد جَمِيل مَخِيل بارِع ذَرِع،
وفي الحُروبِ، إِذا لاقَيْتَ، مِسْعارُ
ويقال: ذارعْتُه مذارعةً إِذا خالطته.
والذِّراع: نَجم من نُجوم الجَوْزاء على شكل الذراع؛ قال غَيْلانُ
الربعي:
غَيَّرها بَعْدِيَ مَرُّ الأَنْواءْ:
نَوءِ الذِّراعِ أَو ذِراعِ الجَوْزاءْ
وقيل: الذراعُ ذِراع الأََسد، وهما كوكبانِ نَيِّران ينزلُهما القمر.
والذِّراع: سِمةٌ في موضع الذِّراع، وهي لبني ثعلبة من أَهل اليمن وناسٍ من
بني مالك بن سعد من أَهل الرِّمال.
وذَرَّع الرجلَ تذْريعاً وذَرَّعَ له: جعل عُنقه بين ذراعه وعُنُقه
وعضُده فخنَقَه ثم استعمل في غير ذلك ما يُخْنَق به. وذَرَّعَه: قتله. وأَمْر
ذَريع: واسع. وذَرَّع بالشيء: أَقَرَّ به؛ وبه سمي المُذَرِّعُ أَحدُ
بني خَفاجةَ بن عُقَيْل، وكان قتل رجلاً من بني عَجْلان ثم أَقرَّ به
فأُقيدَ به فسمي المُذَرِّعَ.
والذَّرَعُ: ولد البقرة الوحْشِيَّة، وقيل: إِنما يكون ذَرَعاً إِذا
قَوِيَ على المشي؛ عن ابن الأَعرابي، وجمعه ذِرْعانٌ، تقول: أَذْرَعتِ
البقرةُ، فهي مُذْرِعٌ ذات ذَرَعٍ. وقال الليث: هنَّ المُذْرِعات أَي ذوات
ذِرْعانٍ.
والمَذارِعُ: النخل القريبة من البيوت. والمَذارِعُ: ما دانى المِصْر من
القرى الصِّغار. والمَذارِعُ: المَزالِفُ، وهي البلاد التي بين الريف
والبرّ كالقادِسية والأَنْبار، الواحد مِذْراعٌ. وفي حديث الحسن: كانوا
بمذراع اليمن، قال: هي القريبة من الأَمصار. ومَذارِعُ الأَرض: نَواحيها.
ومَذارِعُ الوادي: أَضْواجُه ونواحيه.
والذَّرِيعة: الوسيلة. وقد تَذَرَّع فلان بذَريعةٍ أَي توسَّل، والجمع
الذرائعُ. والذريعةُ، مثل الدَّريئة: جمل يُخْتَل به الصيْد يَمْشي
الصيَّاد إِلى جنبه فيستتر به ويرمي الصيدَ إِذا أَمكنه، وذلك الجمل يُسَيَّب
أَوَّلاً مع الوحش حتى تأْلَفَه. والذريعةُ: السبَبُ إِلى الشيء وأَصله من
ذلك الجمل. يقال: فلان ذَرِيعتي إِليك أَي سَبَبي ووُصْلَتي الذي أَتسبب
به إِليك؛ وقال أَبو وجْزةَ يصف امرأَة:
طافَت بها ذاتُ أَلْوانٍ مُشَبَّهة،
ذَرِيعةُ الجِنِّ لا تُعْطِي ولا تَدَعُ
أَراد كأَنها جنية لا يَطْمَع فيها ولا يَعْلمها في نفسها. قال ابن
الأَعرابي: سمي هذا البعير الدَّرِيئة والذَّريعة ثم جعلت الذريعةُ مثلاً لكل
شيء أَدْنى من شيء وقَرَّب منه؛ وأَنشد:
وللمَنِيَّةِ أَسْبابٌ تُقَرِّبها،
كما تُقَرِّب للوَحْشِيَّة الذُّرُع
وفي نوادر الأَعراب: أَنت ذَرَّعْت بيننا هذا وأَنت سَجَلْته؛ يريد
سَبَّبْتَه. والذَّريعةُ: حَلْقة يُتَعلَّم عليها الرَّمْي.
والذريعُ:السريعُ. وموت ذريعٌ: سريع فاشٍ لا يكاد الناس يَتدافَنُون،
وقيل: ذَريع أَي سريع. ويقال: قتلوهم أَذْرَع قتل. ورجل ذَرِيعٌ بالكتابة
أَي سريع.
والذِّراعُ والذَّراعُ، بالفتح: المرأَة الخفيفةُ اليدين بالغَزل، وقيل:
الكثيرة الغزل القويَّةُ عليه. وما أَذْرَعَها وهو من باب أَحْنَكِ
الشاتَيْن، في أَن التعجب من غير فِعل. وفي الحديث: خَيْرُكنَّ أَذْرَعُكن
للمِغْزَل أَي أَخَفُّكُنَّ به، وقيل: أَقْدَركنَّ عليه.
وزِقٌّ ذارِعٌ: كثير الأَخذ من الماء ونحوه؛ قال ثعلبة بن صُعَيْر
المازنيّ:
باكَرتُهُم بسِباء جَوْنٍ ذارِعٍ،
قَبْل الصَّباحِ، وقَبْلَ لَغْو الطائرِ
وقال عبد بن الحسحاس:
سُلافة دارٍ، لاسُلافة ذارِعٍ،
إِذا صُبَّ منه في الزُّجاجةِ أَزْبدا
والذارِعُ والمِذْرَعُ: الزِّقُّ الصغير يُسْلَخ من قِبَلِ الذِّراع،
والجمع ذَوارِعُ وهي للشراب؛ قال الأَعشى:
والشارِبُونَ، إِذا الذَّوارعُ أُغْلِيَتْ،
صَفْوَ الفِصالِ بطارِفٍ وتِلادِ
وابنُ ذارِعٍ: الكلْب. وأَذْرُعٌ وأَذْرِعات، بكسر الراء: بلد ينسب
إِليه الخمر؛ قال الشاعر:
تَنوَّرْتُها من أَذْرِعاتِ، وأَهلُها
بيَثْرِبَ أَدْنى دارِها نَظَرٌ عالي
ينشد بالكسر بغير تنوين من أَذرعاتِ، وأَما الفتح فخطأ لأَن نصب تاء
الجمع وفتحه كسر، قال: والذي أَجاز الكسر بلا صرف فلأَنه اسم لفظُه لفظُ
جماعة لواحد، والقول الجيِّد عند جميع النحويين الصرف، وهو مثل عَرفات،
والقرّاء كلهم في قوله تعالى من عَرَفاتٍ على الكسر والتنوين، وهو اسم لمكان
واحد ولفظه لفظ جمع، وقيل أَذرعات مَوضِعانِ ينسب إِليهما الخمر؛ قال
أَبو ذؤيب:
فما إِنْ رَحِيقٌ سَبَتْها التِّجا
رُ من أَذْرِعاتٍ، فَوادِي جَدَرْ
وفي الصحاح: أَذْرِعات، بكسر الراء، موضع بالشام تنسب إِليه الخمر، وهي
معروفة مصروفة مثل عرفات؛ قال سيبويه: ومن العرب من لا ينون أَذرعات،
يقول: هذه أَذرعاتُ ورأَيت أَذرعاتِ، برفع التاء وكسرها بغير تنوين. قال ابن
سيده: والنسبة إِلى أَذْرِعات أَذْرَعِيٌّ، وقال سيبويه: أَذرعات بالصرف
وغير الصرف، شبهوا التاء بهاء التأْنيث، ولم يَحْفَلوا بالحاجز لأَنه
ساكن، والساكن ليس بحاجز حَصين، إِن سأَل سائل فقال: ما تقول فيمن قال هذه
أَذرعاتُ ومسلماتُ وشبه تاء الجماعة بهاء الواحدة فلم يُنَوِّن للتعريف
والتأْنيث، فكيف يقول إِذا نكَّر أَيُنوّن أَم لا؟ فالجواب أَن التنوين مع
التنكير واجب هنا لا محالة لزوال التعريف، فأَقْصى أَحوال أَذْرِعات
إِذا نكرتها فيمن لم يصرف أَن تكون كحمزةَ إِذا نكرتها، فكما تقول هذا حمزةُ
وحمزةٌ آخر فتصرف النكرة لا غير، فكذلك تقول عندي مسلماتُ ونظرت إِلى
مسلماتٍ أُخرى فتنوّن مسلماتٍ لا محالة. وقال يعقوب: أَذْرِعات ويَذْرِعات
موضع بالشام حكاه في المبدل؛ وأَما قول الشاعر:
إِلى مَشْرَبٍ بين الذِّراعَيْن بارِد
فهما هَضْبتان. وقولهم: اقْصِدْ بذَرْعِك أَي ارْبَعْ على نَفْسك ولا
يَعْدُ بك قَدْرُك.
والذَّرَعُ، بالتحريك: الطمَعُ؛ ومنه قول الراجز:
وقد يَقُودُ الذرَعُ الوَحْشِيَّا
والمُذَرِّعُ، بكسر الراء مشددة: المطر الذي يَرْسَخ في الأَرض قدرَ
ذِراع.
حسب: في أَسماءِ اللّه تعالى الحَسِيبُ: هو الكافي، فَعِيلٌ بمعنى مُفْعِل، مِن أَحْسَبَنِي الشيءُ إِذا كَفاني.
والحَسَبُ: الكَرَمُ. والحَسَبُ: الشَّرَفُ الثابِتُ في الآباءِ، وقيل:
هو الشَّرَفُ في الفِعْل، عن ابن الأَعرابي. والحَسَبُ: ما يَعُدُّه
الإِنسانُ مِن مَفاخِرِ آبائهِ. والحَسَبُ: الفَعالُ الصَّالِحُ، حكاه ثعلب.
وما لَه حَسَبٌ ولا نَسَبٌ، الحَسَبُ: الفَعالُ الصَّالِحُ، والنَّسَبُ:
الأَصْلُ؛ والفِعْلُ من كلِّ ذلك: حَسُبَ، بالضم، حَسَباً وحَسابةً، مثل خَطُبَ خَطابةً، فهو حَسِيبٌ؛ أَنشد ثعلب:
ورُبَّ حَسِيبِ الأَصلِ غيرُ حَسِيبِ
أَي لَه آباءٌ يَفْعَلُونَ الخَيْرَ ولا يَفْعَلُه هو؛ والجمع حُسَباءُ.
ورجل كَرِيم الحَسَبِ، وقوم حُسَباءُ. وفي الحديث: الحَسَبُ: المالُ، والكَرَمُ: التَّقْوَى. يقول: الذي يَقُوم مَقام الشَّرَفِ والسَّراوةِ،
إِنما هو المالُ. والحَسَبُ: الدِّينُ. والحَسَبُ: البالُ، عن كراع، ولا
فِعْلَ لهما. قال ابن السكيت: والحَسَبُ والكَرمُ يكونان في الرجلِ، وإِن لم يكن له آباءٌ لهم شَرَفٌ. قال: والشَّرَفُ والمَجْدُ لا يكونان إِلا
بالآباءِ فَجَعَل المالَ بمنزلة شَرَفِ النَّفْسِ أَو الآباءِ، والمعنى أَنَّ
الفَقِير ذا الحَسَبِ لا يُوَقَّر، ولا يُحْتَفَلُ به، والغنِيُّ الذي لا
حَسَبَ له، يُوقَّر ويُجَلُّ في العُيون. وفي الحديث: حَسَبُ الرَّجل
خُلُقُه، وكَرَمُهُ دِينُه. والحديث الآخر: حَسَبُ الرَّجل نَقاءُ ثَوْبَيْهِ أَي إِنه يُوَقَّرُ لذلك، حيثُ هو دَليل الثَّرْوة والجِدةِ. وفي الحديث: تُنْكَحُ الـمَرأَة لمالِها وحَسَبِها ومِيسَمِها ودِينِها، فعَليكَ بذاتِ الدِّين، تَرِبَتْ يَداكَ؛ قال ابن الأَثير: قيل الحَسَبُ ههنا: الفَعَالُ الحَسَنُ. قال الأَزهري: والفُقَهاءُ يَحْتاجُون إِلى مَعْرِفة الحَسَبِ، لأَنه مـما يُعْتَبر به مَهْرُ مِثْلِ المرأَة، إِذا عُقِدَ النِّكاحُ على مَهْرٍ فاسِدٍ، قال: وقال شمر في كتابه الـمُؤَلَّف في غَريب الحديث: الحَسَبُ الفَعالُ الحَسنُ له ولآبائه، مأْخوذ من الحِسابِ إِذا حَسَبُوا مَناقِبَهم؛ وقال المتلمس:
ومَن كان ذا نَسْبٍ كَريمٍ، ولم يَكُنْ * لَه حَسَبٌ، كان اللَّئِيمَ الـمُذمَّما
ففَرقَ بَين الحَسَبِ والنَّسَبِ، فجعل النَّسَبَ عدَد الآباءِ والأُمهاتِ، إِلى حيث انْتَهى. والحَسَبُ: الفَعالُ، مثل الشَّجاعةِ والجُود،
وحُسْنِ الخُلُقِ والوَفاءِ قال الأَزهري: وهذا الذي قاله شمر صحيح، وإِنما سُميت مَساعِي الرجُل ومآثِرُ آبائه حَسَباً، لأَنهم كانوا إِذا تَفاخَرُوا عَدَّ الـمُفاخِرُ منهم مَناقِبَه ومَآثِرَ آبائه وحَسَبها؛ فالحَسْبُ: العَدُّ والإِحْصاءُ؛ والحَسَبُ ما عُدَّ؛ وكذلك العَدُّ، مصدر عَدَّ يَعُدُّ، والـمَعْدُودُ عَدَدٌ. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه، أَنه قال: حَسَبُ الـمَرْءِ دِينُه، ومُرُوءَتُه خُلُقه، وأَصلُه عَقْلُه.
وفي الحديث: أَنَّ النبي، صلى اللّه عليه وسلم، قال: كَرَمُ الـمَرْءِ
دِينُه، ومُرُوءَتُه عَقْلُه، وحَسَبُه خُلُقُه؛ ورَجُل شَريفٌ ورجُلٌ
ماجِدٌ: له آباءٌ مُتَقَدِّمون في الشَّرَفِ؛ ورَجُلٌ حَسِيبٌ، ورَجُلٌ
كرِيمٌ بنفْسِه. قال الأَزهري: أَراد أَن الحَسَبَ يحصل للرَّجل بكَرم
أَخْلاقِه، وإِن لم يكن له نَسَبٌ، وإِذا كان حَسِيبَ الآباءِ، فهو أَكرَمُ له. وفي حديث وَفْدِ هَوازِنَ: قال لهم: اخْتاروا إِحْدَى الطائِفَتَيْنِ: إِما المالَ، وإِما السَّبْيَ. فقالوا: أَمـَّا إِذْ خَيَّرْتَنا بَيْنَ المالِ والحَسَبِ، فإِنَّا نَخْتارُ الحَسَبَ، فاخْتاروا أَبْناءَهم ونِساءَهم؛ أَرادوا أَنَّ فِكاكَ الأَسْرَى وإِيثارَه على اسْتِرْجاعِ المالِ حَسَبٌ وفَعالٌ حَسَنٌ، فهو بالاختِيار أَجْدَرُ؛ وقيل: المراد بالحَسَب ههنا عَدَد ذَوي القَراباتِ، مأْخوذ من الحِساب، وذلك أَنهم إِذا تَفاخَرُوا عَدُّوا مَناقِبَهم ومآثِرَهم، فالحَسَب العَدُّ والـمَعْدُود، والحَسَبُ والحَسْبُ قَدْرُ الشيءِ، كقولك: الأَجْرُ بحَسَبِ ما عَمِلْتَ وحَسْبِه أَي قَدْره؛ وكقولك: على حَسَبِ ما أَسْدَيْتَ إِليّ شُكْري لك، تقول أَشْكُرُكَ على حَسَبِ بلائك عِنْدي أَي على قَدْر ذلك.
وحَسْبُ، مجزوم: بمعنى كَفَى؛ قال سيبويه: وأَمـَّا حَسْبُ، فمعناها الاكْتِفاءُ. وحَسْبُكَ دِرْهم أَي كَفاكَ، وهو اسم ، وتقول: حَسْبُكَ ذلك أَي كفاكَ ذلك؛ وأَنشد ابن السكيت:
ولمْ يَكُنْ مَلَكٌ للقَوم يُنْزِلُهم، * إِلاَّ صَلاصِلُ لا تُلْوَى على حَسَبِ
وقوله: لا تُلْوَى على حَسَبٍ، أَي يُقْسَمُ بينهم بالسَّوِيَّة، لا يُؤْثَر به أَحد؛ وقيل: لا تُلْوَى
على حَسَب أَي لا تُلْوَى على الكِفايةِ، لعَوَزِ الماءِ وقِلَّتِه.
ويقال: أَحْسَبَني ما أَعْطاني أَي كفاني. ومررت برجلٍ حَسْبِكَ من رَجلٍ أَي كافِيكَ، لا يُثَنَّى ولا يُجْمع لأَنه موضوع موضع المصدر؛ وقالوا: هذا عربي حِسْبةً، انتصب لأَنه حال وقع فيه الأَمر، كما انتصب دِنْياً، في قولك: هو ابن عَمِّي دِنْياً، كأَنك قلت: هذا عرَبي اكْتِفاءً، وإِن لم يُتكلم بذلك؛ وتقول: هذا رَجُل حَسْبُكَ من رَجُل، وهو مَدْحٌ للنكرة، لأَن فيه تأْويل فِعْل، كأَنه قال: مُحْسِبٌ لك أَي كافٍ لك من غيره، يستوي فيه الواحد والجمع والتثنية، لأَنه مصدر؛ وتقول في المعرفة: هذا عبدُاللّه حَسْبَك من رجل، فتنصب حَسْبَك على الحال، وإِن أَردت الفعل في حَسْبك، قلت: مررت برجل أَحْسَبَكَ من رجل، وبرجلين أَحْسَباك، وبرِجال أَحْسَبُوكَ، ولك أَن تتكلم بحَسْبُ مُفردةً، تقول: رأَيت زيداً حَسْبُ يا فتَى، كأَنك قلت: حَسْبِي أَو حَسْبُكَ، فأَضمرت هذا فلذلك لم تنوِّن، لأَنك أَردت الإِضافة، كما تقول: جاءَني زيد ليس غير، تريد ليس غيره عندي.
وأَحْسَبَني الشيءُ: كفاني؛ قالت امرأَة من بني قشير:
ونُقْفِي وَليدَ الحَيِّ، إِن كان جائعاً، * ونُحْسِبُه، إِنْ كانَ لَيْسَ بِجائعِ
أَي نُعْطِيه حتى يقول حَسْبي. وقولها: نُقْفِيه أَي نُؤْثِرُه بالقَفِيَّة، ويقال لها القَفاوةُ أَيضاً، وهي ما يُؤْثَر به الضَّيفُ والصَّبِيُّ.
وتقول: أَعْطَى فأَحْسَبَ أَي أَكثَر حتى قال حَسْبِي . أَبو زيد:
أَحْسَبْتُ الرَّجلَ: أَعْطَيْتُه ما يَرْضَى؛ وقال غيره: حتى قال حَسْبي؛ وقال ثعلب: أَحْسَبَه من كلِّ شيءٍ: أَعْطاه حَسْبَه، وما كفاه. وقال الفرَّاءُ في قوله تعالى: يا أَيها النَّبيُّ حَسْبُكَ اللّهُ ومَنِ اتَّبَعَكَ من المؤْمنين؛ جاءَ التفسير يَكْفِيكَ اللّهُ، ويَكْفِي مَن اتَّبَعَكَ؛
قال: وموضِعُ الكاف في حَسْبُكَ وموضع من نَصْب على التفسير كما قال الشاعر:
إِذا كانَتِ الهَيْجاءُ، وانْشَقَّتِ العَصا، * فَحَسْبُكَ والضَّحَّاكَ سَيْفٌ مُهَنَّد
قال أَبو العباس: معنى الآية يَكْفيكَ اللّهُ ويَكْفِي مَنِ اتَّبَعَكَ؛
وقيل في قوله: ومن اتَّبَعَكَ من المؤْمنين، قولان: أَحدهما حَسْبُكَ
اللّهُ ومَنِ اتَّبَعَكَ من المؤْمنين كفايةٌ إِذا نَصَرَهم اللّه، والثاني
حَسْبُكَ اللّهُ وحَسْبُ من اتَّبَعَكَ من المؤْمنين، أَي يَكفِيكُم اللّهُ جَميعاً.
وقال أَبو إِسحق في قوله، عز وجل: وكَفَى باللّهِ حَسِيباً: يكون بمعنى مُحاسِباً، ويكون بمعنى كافِياً؛ وقال في قوله تعالى: إِن اللّه كان على كل شيءٍ حَسِيباً؛ أَي يُعْطِي كلَّ شيءٍ من العِلم والحِفْظ والجَزاءِ مِقْدارَ ما يُحْسِبُه أَي يَكْفِيهِ.
تقول: حَسْبُكَ هذا أَي اكْتَفِ بهذا. وفي حديث عبداللّه بن عَمْرو، رضي اللّه عنهما، قال له النبي، صلى اللّه عليه وسلم: يُحْسِبُك أَن تَصُومَ من كل شهر ثلاثة أَيام أَي يَكْفِيكَ؛ قال ابن الأَثير: ولو روي بحَسْبِكَ أَن تَصُومَ أَي كِفايَتُك أَو كافِيكَ، كقولهم بِحَسْبِكَ قولُ السُّوءِ، والباءُ زائدة، لكانَ وَجْهاً.
والإِحْسابُ: الإِكْفاءُ. قال الرَّاعي:
خَراخِرُ، تُحْسِبُ الصَّقَعِيَّ، حتى * يَظَلُّ يَقُرُّه الرَّاعِي سِجالاَ
وإِبل مُحْسبةٌ: لَها لَحْم وشَحْم كثير؛ وأَنشد:
ومُحْسِبةٍ قد أَخْطَأَ الحَقُّ غيرَها، * تَنَفَّسَ عنها حَيْنُها، فهي كالشَّوِي
يقول: حَسْبُها من هذا. وقوله: قد أَخطأَ الحَقُّ غَيْرَها، يقول: قد
أَخْطَأَ الحَقُّ غيرها من نُظَرائها، ومعناه أَنه لا يُوجِبُ للضُّيُوفِ،
ولا يَقُوم بحُقُوقِهم إِلا نحن. وقوله: تَنَفَّسَ عنها حَيْنُها فهي
كالشَّوِي، كأَنه نَقْضٌ للأَوَّلِ، وليس بِنَقْضٍ، إِنما يريد: تَنَفَّس عنها
حَيْنُها قبلَ الضَّيْفِ، ثم نَحَرْناها بعدُ للضَّيْفِ، والشَّوِيُّ هُنا: الـمَشْوِيُّ. قال: وعندي أَن الكاف زائدة، وإِنما أَراد فهي شَوِيٌّ،
أَي فَريقٌ مَشْويٌّ أَو مُنْشَوٍ، وأَراد: وطَبيخٌ، فاجْتَزَأَ بالشَّوِيّ من الطَّبِيخِ. قال أَحمد بن يحيى: سأَلت ابن الأَعرابي عن قول
عُروةَ بن الوَرْد:
ومحسبةٍ ما أَخطأَ الحقُّ غيرَها
البيت، فقال: الـمُحْسِبةُ بمعنيين: من الحَسَب وهو الشرف، ومن
الإِحْسابِ وهو الكِفايةُ، أَي إِنها تُحْسِبُ بلَبَنِها أَهْلَها والضيفَ، وما صلة، المعنى: أَنها نُحِرتْ هي وسَلِمَ غَيْرُها.
وقال بعضهم: لأُحْسِبَنَّكُم مِن الأَسْوَدَيْن: يعني التَّمْر والماءَ
أَي لأُوسِعَنَّ عليكم.
وأَحْسَب الرجلَ وحَسَّبَه: أَطْعَمَه وسقاه حتى يَشْبَعَ ويَرْوَى مِنْ
هذا، وقيل: أَعْطاه ما يُرْضِيه. والحِسابُ: الكثير. وفي التنزيل: عطاءً حِساباً؛ أَي كَثِيراً كافِياً؛ وكلُّ مَنْ أُرْضِيَ فقد أُحْسِبَ. وشيءٌ حِسابٌ أَي كافٍ. ويقال: أَتاني حِسابٌ من الناس أَي جَماعةٌ كثيرة، وهي لغة هذيل. وقال ساعدةُ بن جُؤَيَّةَ الهُذلي:
فَلمْ يَنْتَبِهْ، حتى أَحاطَ بِظَهْرِه * حِسابٌ وسِرْبٌ، كالجَرادِ، يَسُومُ
والحِسابُ والحِسابةُ: عَدُّك الشيءَ.
وحَسَبَ الشيءَ يَحْسُبُه، بالضم، حَسْباً وحِساباً وحِسابةً: عَدَّه.
أَنشد ابن الأَعرابي لـمَنْظور بن مَرْثَدٍ الأَسدي:
يا جُمْلُ !أُسْقِيتِ بِلا حِسابَهْ،
سُقْيَا مَلِيكٍ حَسَنِ الرِّبابَهْ،
قَتَلْتني بالدَّلِّ والخِلابَهْ
أَي أُسْقِيتِ بلا حِسابٍ ولا هِنْدازٍ، ويجوز في حسن الرفع والنصب والجر، وأَورد الجوهري هذا الرجز: يا جُمل أَسقاكِ، وصواب إِنشادِه: يا جُمْلُ أُسْقِيتِ، وكذلك هو في رجزه. والرِّبابةُ، بالكسر: القِيامُ على الشيءِ بإِصْلاحِه وتَربِيَتِه؛ ومنه ما يقال: رَبَّ فلان النِّعْمةَ يَرُبُّها رَبّاً ورِبابةً. وحَسَبَه أَيضاً حِسْبةً: مثل القِعْدةِ والرِّكْبةِ. قال النابغة:
فَكَمَّلَتْ مِائةً فِيها حَمامَتُها، * وأَسْرَعَتْ حِسْبَةً في ذلك العَدَدِ
وحُسْباناً: عَدَّه. وحُسْبانُكَ على اللّه أَي حِسابُكَ. قال:
على اللّه حُسْباني، إِذا النَّفْسُ أَشْرَفَتْ * على طَمَعٍ، أَو خافَ شيئاً ضَمِيرُها
وفي التهذيب: حَسِبْتُ الشيءَ أَحْسَبُه حِساباً، وحَسَبْتُ الشيءَ
أَحْسُبُه حِسْباناً وحُسْباناً. وقوله تعالى: واللّهُ سَرِيعُ الحِسابِ؛
أَي حِسابُه واقِعٌ لا مَحالَة، وكلُّ واقِعٍ فهو سَرِيعٌ، وسُرْعةُ حِسابِ
اللّه، أَنه لا يَشْغَلُه حِسابُ واحد عَن مُحاسَبةِ الآخَر، لأَنه سبحانه لا يَشْغَلُه سَمْع عن سمع، ولا شَأْنٌ عن شأْنٍ. وقوله، جل وعز:
كَفَى بِنَفْسِك اليومَ عليك حَسِيباً؛ أَي كفَى بِك لنَفْسِكَ مُحاسِباً. والحُسْبانُ: الحِسابُ. وفي الحديث: أَفْضَلُ العَمَلِ مَنْحُ الرِّغابِ، لا يَعْلَمُ حُسْبانَ أَجْرِهِ إِلا اللّهُ. الحُسْبانُ، بالضم: الحِسابُ. وفي التنزيل: الشمسُ والقَمَرُ بِحُسْبانٍ، معناه بِحِسابٍ ومَنازِلَ لا يَعْدُوانِها. وقال الزَجاج: بحُسْبانٍ يدل على عَدَد الشهور والسنين
وجميع الأَوقات. وقال الأَخفش في قوله تعالى: والشمسَ والقَمَر
حُسْباناً: معناه بِحِسابٍ، فحذَف الباءَ. وقال أَبو العباس: حُسْباناً مصدر، كما تقول: حَسَبْتُه أَحْسُبُه حُسْباناً وحِسْباناً؛ وجعله الأَحفش جمع حِسابٍ؛ وقال أَبو الهيثم: الحُسْبانُ جمع حِسابٍ وكذلك أَحْسِبةٌ، مِثل شِهابٍ وأَشْهِبةٍ وشُهْبانٍ.
وقوله تعالى: يَرْزُقُ من يشاءُ بغير حساب؛ أَي بغير تَقْتِير
وتَضْيِيقٍ، كقولك: فلان يُنْفِقُ بغير حِساب أَي يُوَسِّعُ النَّفَقة، ولا
يَحْسُبُها؛ وقد اختُلف في تفسيره، فقال بعضهم: بغير تقدير على أَحد بالنُّقصان؛ وقال بعضهم: بغير مُحاسَبةٍ أَي لا يخافُ أَن يُحاسِبه أَحد عليه؛ وقيل: بغير أَنْ حَسِبَ الـمُعْطَى أَنه يُعْطِيه، أَعطاهُ من حَيْثُ لم يَحْتَسِبْ. قال الأَزهري: وأَما قوله، عز وجل: ويَرْزُقْه من حَيثُ لا يَحْتَسِبُ؛ فجائز أَن يكون معناه من حَيْثُ لا يُقَدِّره ولا يَظُنُّه كائناً، مِن حَسِبْتُ أَحْسِبُ، أَي ظَنَنْتُ، وجائز أَن يكون مأْخوذاً مِن حَسَبْتُ أَحْسُبُ، أَراد مِن حيث لم يَحْسُبْه لنفْسِه رِزقاً، ولا عَدَّه في حِسابه. قال الأَزهري: وإِنما سُمِّي الحِسابُ في الـمُعامَلاتِ حِساباً، لأَنهُ يُعلم به ما فيه كِفايةٌ ليس فيه زيادةٌ على المِقْدار ولا نُقْصان. وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
إِذا نَدِيَتْ أَقْرابُهُ لا يُحاسِبُ
يَقول: لا يُقَتِّر عليك الجَرْيَ، ولكنه يأْتي بِجَرْيٍ كثير.
والـمَعْدُود مَحْسُوبٌ وحَسَبٌ أَيضاً، وهو فَعَلٌ بمعنى مَفْعولٍ، مثل
نَفَضٍ بمعنى مَنْفُوضٍ؛ ومنه قولهم :لِيَكُنْ عَمَلُكَ بحَسَبِ ذلك، أَي
على قَدْرِه وعَدَدِه. وقال الكسائي: ما أَدري ما حَسَبُ حَدِيثك أَي ما قَدْرُه وربما سكن في ضرورة الشعر.
وحاسَبَه: من الـمُحاسَبةِ. ورجل حاسِبٌ من قَوْمٍ حُسَّبٍ وحُسَّابٍ.
(يتبع...)
(تابع... 1): حسب: في أَسماءِ اللّه تعالى الحَسِيبُ: هو الكافي، فَعِيلٌ بمعنى... ...
والحِسْبةُ: مصدر احْتِسابِكَ الأَجر على اللّه، تقول: فَعَلْته حِسْبةً، واحْتَسَبَ فيه احْتِساباً؛ والاحْتِسابُ: طَلَبُ الأَجْر، والاسم:
الحِسْبةُ بالكسر، وهو الأَجْرُ.
واحْتَسَبَ فلان ابناً له أَو ابْنةً له إِذا ماتَ وهو كبير، وافْتَرَطَ
فَرَطاً إِذا مات له ولد صغير، لم يَبْلُعِ الحُلُمَ؛ وفي الحديث: مَنْ
ماتَ له ولد فاحْتَسَبَه، أَي احْتسب الأَجرَ بصبره على مُصيبتِه به، معناه: اعْتَدَّ مُصِيبَتَه به في جُملةِ
بَلايا اللّه، التي يُثابُ على الصَّبْر عليها، واحْتَسَبَ بكذا أَجْراً عند اللّه، والجمع الحِسَبُ.
وفي الحديث: مَن صامَ رمضانَ إِيماناً واحْتِساباً، أَي طلَباً لوجهِ
اللّهِ تعالى وثَوابِه. والاحتِسابُ من الحَسْبِ: كالاعْتدادِ من العَدِّ؛
وإِنما قيل لمن يَنْوِي بعَمَلِه وجْهَ اللّهِ: احْتَسَبَه، لأَن له حينئذ
أَن يَعْتدَّ عَمَله، فجُعِل في حال مُباشرة الفعل، كأَنه مُعْتَدٌّ به.
والحِسْبةُ: اسم من الاحْتِسابِ كالعِدّةِ من الاعْتِداد. والاحتِسابُ في الأَعمال الصالحاتِ وعند المكْرُوهاتِ: هو البِدارُ إِلى طَلَبِ الأَجْرِ وتَحْصِيله بالتسليم والصبر، أَو باستعمال أَنواعِ البِرِّ والقِيامِ بها على الوَجْهِ الـمَرْسُوم فيها، طلَباً للثواب الـمَرْجُوِّ منها. وفي حديث عُمَر: أَيُّها الناسُ، احْتَسِبُوا أَعْمالَكم، فإِنَّ مَن
احْتَسَبَ عَمَلَه، كُتِبَ له أَجْرُ عَمَلِه وأَجْرُ حِسْبَتِه.
وحَسِبَ الشيءَ كائِناً يَحْسِبُه ويَحْسَبُه، والكَسر أَجْودُ اللغتَين(1)
(1 قوله «والكسر أجود اللغتين» هي عبارة التهذيب.) ، حِسْباناً
ومَحْسَبَةً ومَحْسِبةً: ظَنَّه؛ ومَحْسِبة: مصدر نادر، وإِنما هو نادر عندي على من قال يَحْسَبُ ففتح، وأَما على من قال يَحْسِبُ فكَسَر فليس بنادر. وفي الصحاح: ويقال: أَحْسِبه بالكسر، وهو شاذّ لأَنّ كل فِعْلٍ كان ماضِيه مكسوراً، فإِن مستقبله يأْتي مفتوح العين، نحو عَلِمَ يْعلَم، إِلا أَربعةَ أَحرف جاءَت نوادر: حَسِبَ يَحْسِبُ، ويَبِسَ يَيْبِسُ، ويَئِسَ يَيْئِسُ، ونَعِمَ يَنْعِم، فإِنها جاءَت من السالم، بالكسر والفتح. ومن المعتل ما جاءَ ماضيه ومُسْتَقْبَلُه جميعاً بالكسر: وَمِقَ يَمِقُ، ووَفِقَ يَفِقُ، ووَثِقَ يَثِقُ، ووَرِعَ يَرِعُ، ووَرِمَ يَرِمُ، ووَرِثَ يَرِثُ، ووَرِيَ الزَّنْدُ يَرِي، وَوِليَ يَلي. وقُرِئَ قوله تعالى: لا تَحْسَبَنَّ ولا تحْسِبَنَّ؛ وقوله: أَم حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الكَهْفِ؛ الخطابُ للنبي، صلى اللّه عليه وسلم، والمراد الأُمة. وروى الأَزهريُّ عن جابر بن عبداللّه: أَن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، قرأَ: يَحْسِبُ أَنَّ مالَه أَخْلَدَه. معنى أَخْلَدَه أَي يُخْلِدُه، ومثله: ونادَى أَصحابُ النارِ؛ أَي يُنادِي؛ وقال الحُطَيْئَةُ:
شَهِدَ الحُطَيْئةُ، حِينَ يَلْقَى، رَبَّه * أَنَّ الوَلِيدَ أَحَقُّ بالعُذْرِ
يريد: يَشْهَدُ حين يَلْقَى رَبَّه.
وقولهم: حَسِيبُكَ اللّه أَي انْتَقَمَ اللّهُ منك.
والحُسْبانُ، بالضم: العَذاب والبَلاءُ. وفي حديث يحيى بن يَعْمَرَ:
كان، إِذا هَبَّتِ الرِّيحُ، يقول: لا تَجْعَلْها حُسْباناً أَي عَذاباً.
وقوله تعالى: أَو يُرْسِلَ عليها حُسْباناً مِنَ السَّماءِ؛ يعني ناراً.
والحُسْبانُ أَيضاً: الجرادُ والعَجاجُ. قال أَبو زياد: الحُسْبانُ شَرٌّ
وبَلاءٌ، والحُسبانُ: سِهامٌ صِغارٌ يُرْمَى بها عن القِسِيِّ الفارِسِيَّةِ، واحدتها حُسْبانةٌ. قال ابن دريد: هو مولَّد. وقال ابن شميل:
الحُسْبانُ سِهامٌ يَرْمِي بها الرجل في جوفِ قَصَبةٍ، يَنْزِعُ في القَوْسِ ثم يَرْمِي بعشرين منها فلا تَمُرُّ بشيءٍ إِلا عَقَرَتْه، من صاحِب سِلاحٍ وغيره، فإِذا نَزع في القَصَبةِ خرجت الحُسْبانُ، كأَنها غَبْيةُ مطر، فَتَفَرَّقَتْ في الناس؛ واحدتها حُسْبانةٌ. وقال ثعلب: الحُسْبانُ: الـمَرامي، واحدتها حُسْبانةٌ، والمرامِي: مثل الـمَسالِّ دَقيقةٌ، فيها شيءٌ من طُول لا حُروف لها. قال: والقِدْحُ بالحَدِيدة
مِرْماةٌ، وبالـمَرامِي فسر قوله تعالى: أَو يُرْسِلَ عليها حُسباناً من السماءِ.
والحُسْبانةُ: الصّاعِقةُ. والحُسْبانةُ: السَّحابةُ.
وقال الزجاج: يُرْسِلَ عليها حُسْباناً، قال: الحُسْبانُ في اللغة
الحِسابُ. قال تعالى: الشمسُ والقمرُ بحُسْبان؛ أَي بِحِسابٍ. قال: فالمعنى في هذه الآية أَن يُرْسِلَ عليها عَذابَ حُسْبانٍ، وذلك الحُسْبانُ حِسابُ ما كَسَبَتْ يَداك. قال الأَزهري: والذي قاله الزجاجُ في تفسير هذه الآية بَعِيدٌ، والقولُ ما تقدّم؛ والمعنى، واللّه أَعلم: أَنَّ اللّهَ يُرْسِلُ، على جَنَّةِ الكافر، مَرامِيَ من عَذابِ النارِ، إِما بَرَداً وإِما حِجارةً، أَو غيرهما مـما شاءَ، فيُهْلِكُها ويُبْطِلُ غَلَّتها وأَصْلَها.والحُسْبانة: الوِسادةُ الصَّغيرة، تقول منه: حَسَّبْتُه إِذا وَسَّدْتَه . قال نَهِيك الفَزارِيُّ، يخاطب عامر بن الطفيل:
لتَقَيتَ، بالوَجْعاءِ، طَعْنةَ مُرْهَفٍ * مُرَّانَ، أَو لَثَويْتَ غَيْرَ مُحَسَّبِ
الوَجْعاءُ: الاسْتُ. يقول: لو طَعَنْتُكَ لوَلَّيْتني دُبُرَكَ، واتَّقَيْتَ طَعْنَتِي بوَجعائِكَ، ولثَوَيْتَ هالِكاً، غير مُكَرَّمٍ لا مُوَسَّدٍ ولا مُكَفَّنِ؛ أَو معناه: أَنه لم يَرْفَعْكَ حَسَبُكَ فيُنْجِيَكَ من الموت، ولم يُعَظَّم حَسَبُكَ.
والمِحْسَبة: الوِسادةُ من الأَدَمِ.
وحَسَّبَه: أَجْلسه على الحُسْبانةِ أَو المِحْسَبة.
ابن الأَعرابي: يقال لبِساطِ البَيْتِ: الحِلْسُ، ولِمَخادِّه:
الـمَنابِذُ، ولـمَساوِرِه: الحُسْباناتُ، ولحُصْرِه: الفُحولُ.
وفي حديث طَلْحةَ: هذا ما اشْتَرَى طلحةُ مِن فُلان فَتاه بخَمْسِمائةِ
دِرْهم بالحسَبِ والطِّيبِ أَي بالكَرامةِ من الـمُشْتَرِي والبائع،
والرَّغْبةِ وطِيبِ النفْسِ منهما، وهو من حَسَّبْتُه إِذا أَكْرَمْتَه؛ وقيل:
من الحُسبانةِ، وهي الوِسادة الصغيرةُ، وفي حديث سِماكٍ، قال شُعْبةُ: سمعته يقول: ما حَسَّبُوا ضَيْفَهم شيئاً أَي ما أَكْرَمُوه.
والأَحْسَبُ: الذي ابْيَضَّتْ جِلْدَته مِن داءٍ، فَفَسَدَتْ شَعَرَته، فصار أَحمرَ وأَبيضَ؛ يكون ذلك في الناس والإِبل. قال الأَزهري عن الليث: وهو الأَبْرَصُ. وفي الصحاح: الأَحْسَبُ من الناس: الذي في شعر رأْسه شُقْرةٌ. قال امرؤُ القيس:
أَيا هِندُ !لا تنْكِحي بُوهةً، * عَلَيْه عَقِيقَتُه، أَحْسَبا
يَصِفُه باللُّؤْم والشُّحِّ. يقول: كأَنه لم تُحْلَقْ عَقِيقَتُه في صِغَره حتى شاخَ. والبُوهةُ: البُومة العَظِيمة، تُضْرب مثلاً للرجل الذي لا
خيرَ فيه. وعَقِيقَتُه: شعره الذي يُولد به. يقول: لا تَتَزَوَّجي مَن
هذه صِفَتُه؛ وقيل هو من الإِبل الذي فيه سَوادٌ وحُمْرة أَو بَياض، والاسم الحُسْبةُ، تقول منه: أَحْسَبَ البَعِيرُ إِحْساباً. والأَحْسَبُ:
الأَبرص .ابن الأَعرابي: الحُسْبَةُ سَوادٌ يَضْرِبُ إِلى الحُمْرةِ؛ والكُهْبةُ: صُفرة تَضرِبُ إِلى حمرة؛ والقُهْبةُ: سَواد يضرب إِلى الخُضْرة؛ والشهْبةُ: سواد وبياض؛ والحُلْبةُ: سواد صِرْف؛ والشُّرْبةُ: بَياضٌ مُشْرَبٌ بحُمْرةٍ؛ واللُّهْبة: بياض ناصعٌ نَقِيٌّ؛ والنُّوبة: لَونُ الخِلاسِيِّ، وهو الذي أَخَذ من سَواد شيئاً، ومن بياض شيئاً كأَنه وُلِدَ
من عَرَبيّ وحَبَشِيَّة. وقال أَبو زياد الكلابيُّ: الأَحْسَبُ من الإِبل: الذي فيه سَواد وحُمرة وبَياضٌ، والأَكْلَفُ نحوه. وقال شمر: هو الذي لا لَونَ له الذي يقال فيه أَحْسَبُ كذا، وأَحْسَبُ كذا.
والحَسْبُ والتَّحْسِيبُ: دَفْنُ الـمَيِّتِ؛ وقيل: تَكْفِينُه؛ وقيل: هو دَفْنُ الميِّتِ في الحجارة؛ وأَنشد:
غَداةَ ثَوَى في الرَّمْلِ، غيرَ مُحَسَّبِ(1)
(1 قوله «في الرمل» هي رواية الأزهري ورواية ابن سيده في الترب.)
أَي غير مَدْفُون، وقيل: غير مُكَفَّن، ولا مُكَرَّم، وقيل: غير
مُوَسَّدٍ، والأَول أَحسن. قال الأَزهري: لا أَعرف التَّحْسِيبَ بمعنى الدَّفْن في الحجارة، ولا بمعنى التَّكْفِين، والمعنى في قوله غيرَ مُحَسَّب أَي غير مُوَسَّد.
وانه لَحَسنُ الحِسْبةِ في الأَمْر أَي حَسَنُ التدبير النَّظَرِ فيه،
وليس هو من احْتِسابِ الأَجْر. وفلان مُحْتَسِبُ البَلَدِ، ولا تقل
مُحْسِبُه.
وتَحَسَّب الخبَرَ: اسْتَخْبَر عنه، حجازِيَّةٌ. قال أَبو سدرة الأَسدي،
ويقال: إِنه هُجَيمِيٌّ، ويقال: إِنه لرجل من بني الهُجَيْمِ:
تَحَسَّب هَوَّاسٌ، وأَيْقَنَ أَنَّني * بها مُفْتَدٍ من واحدٍ لا أُغامِرُهْ
فقلتُ له: فاها لِفِيكَ، فإِنـَّها * قَلُوصُ امْرِئٍ، قاريكَ ما أَنتَ حاذِرُه
يقول: تَشَمَّمَ هَوَّاسٌ، وهو الأَسَدُ، ناقتي، وظَنَّ أَني أَتركُها
له، ولا أُقاتِله. ومعنى لا أُغامِرُه أَي لا أُخالِطُه بالسيف، ومعنى من واحد أَي من حَذَر واحدٍ، والهاءُ في فاها تعود على الداهِية أَي أَلزَم اللّهُ فاها لِفيكَ، وقوله: قاريكَ ما أَنتَ حاذِرُه، أَي لا قِرى لك عندي إِلا السَّيفُ.
واحْتَسَبْتُ فلاناً: اختبرْتُ ما عنده، والنِّساءُ يَحْتَسِبْنَ ما عِندَ الرِّجال لهن أَي يَخْتَبِرْنَ.
أَبو عبيد: ذهب فلان يَتَحَسَّبُ الأَخْبارَ أَي يَتَجَسَّسُها، بالجيم،
ويَتَحَسَّسُها، ويَطْلُبها تَحَسُّباً. وفي حديث الأَذان: أَنهم كانوا
يجتمعون فيَتَحَسَّبُون الصَلاةَ فَيَجِيئُون بلا داعٍ أَي يَتَعَرَّفُون
ويَتَطَلَّبُون وَقْتَها ويَتَوَقَّعُونه فيَأْتُون الـمَسْجد قبل أَن يَسْمَعُوا الأَذان؛ والمشهور في الرواية: يَتَحَيَّنُون من الحِينِ الوَقْتِ أَي يَطْلُبون حِينَها. وفي حديث بعْضِ الغَزَواتِ: أَنهم كانوا
يَتَحَسَّبُونَ الأَخْبار أَي يَتَطلَّبُونها.
واحْتَسَبَ فلان على فلان: أَنكر عليه قَبِيحَ عمله؛ وقد سَمَّتْ (أَي
العربُ) حَسِيباً وحُسَيْباً.