كم فتاة لخاتم الله بكر ... فضحوها جــهرا بغير اكتتام
كم فتاة لخاتم الله بكر ... فضحوها جــهرا بغير اكتتام
لطط: لَطَّ الشيءَ يَلُطُّه لَطّاً: أَلْزَقَه. ولَطَّ به يَلُطُّ
لَطّاً: أَلْزَقَه. ولَطَّ الغَريمُ بالحقّ دُون الباطِل وأَلَطَّ، والأُولى
أَجْود: دافَعَ ومَنَعَ الحقّ. ولَطَّ حقَّه ولطّ عليه: جَحَده، وفلان
مُلِطٌّ ولا يقال لاطٌّ، وقولهم لاطٌّ مُلِطٌّ كما يقال خَبِيث مُخْبِث أَي
أَصحابه خُبَثاء. وفي حديث طَهْفةَ: لا تُلْطِطْ في الزّكاةِ أَي لا
تَمْنَعْها؛ قال أَبو موسى: هكذا رواه القتيبي لا تُلْطِطْ على النهي للواحد،
والذي رواه غيره: ما لم يكن عَهْدٌ ولا مَوْعِدٌ ولا تَثاقُل عن الصلاة
ولا يُلْطَطُ في الزكاة ولا يُلْحَدُ في الحياةِ، قال: وهو الوجه لأَنه
خطاب للجماعة واقع على ما قبله، ورواه الزمخشري: ولا نُلْطِط ولا نُلْحِد،
بالنون. وأَلَطَّه أَي أَعانَه أَو حمله على أَن يُلِطُّ حقي. يقال: ما
لكَ تُعِينُه على لَطَطِه؟ وأَلَطَّ الرجلُ أَي اشْتَدَّ في الأَمر
والخُصومة. قال أَبو سعيد: إِذا اختصم رجلان فكان لأَحدهما رَفِيدٌ يَرْفِدُه
ويشُدُّ على يده فذلك المعين هو المُلِطُّ، والخَصم هو اللاَّطُ. وروى
بعضهم قولَ يحيى بنِ يَعْمَرَ: أَنْشأْتَ تَلُطُّها أَي تَمْنَعُها حَقَّها
من المَهر، ويروى تطُلُّها، وسنذكره في موضعه، وربما قالوا تَلَطَّيْتُ
حقّه، لأَنهم كرهوا اجتماع ثلاث طاءات فأَبدلوا من الأَخيرة ياء كما
قالوا من اللَّعاع تَلَعَّيْت. وأَلَطَّه أَي أَعانه. ولَطَّ على الشيء
وأَلَطَّ: ستَر، والاسم اللَّطَطُ، ولَطَطْتُ الشيءَ أَلُطّه: سترتُه
وأَخْفيته. واللّطُّ: الستْر. ولطَّ الشيءَ: ستَره؛ وأَنشد أَبو عبيد
للأَعشى:ولَقَدْ ساءها البَياضُ فَلَطَّتْ
بِحِجابٍ، مِنْ بَيْنِنا، مَصْدُوفِ
ويروى: مَصْرُوفِ، وكل شيء سترته، فقد لَطَطْتَه. ولطّ السِّتر:
أَرْخاه. ولطّ الحِجاب: أَرْخاه وسدَلَه؛ قال:
لَجَجْنا ولَجَّتْ هذه في التَّغَضُّبِ،
ولطّ الحجاب دُوننا والتَّنَقُّبِ
واللّطُّ في الخبَر: أَن تَكْتُمه وتُظْهر غيره، وهو من الستر أَيضاً؛
ومنه قول الشاعر:
وإِذا أَتاني سائلٌ، لم أَعْتَلِلْ،
لا لُطَّ مِنْ دُونِ السَّوامِ حِجابي
ولَطَّ عليه الخَبرَ لَطّاً: لَواه وكتَمه. الليث: لَطَّ فلان الحَقَّ
بالباطل أَي ستَره. والناقةُ تَلِطُّ بذنبها إِذا أَلزَقَتْ بفرجها
وأَدخلته بين فخذيها؛ وقَدِم على النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، أَعْشَى بني
مازِن فشكا إِليه حَلِيلَته وأَنشد:
إِلَيْكَ أَشْكُو ذِرْبةً مِنَ الذِّرَبْ،
أَخْلَفَتِ العَهْدَ ولَطَّتْ بالذَّنَبْ
أَراد أَنها مَنَعَتْه بُضْعَها وموضِعَ حاجتِه منها، كما تَلِطُّ
الناقةُ بذنبها إِذا امتنعت على الفحل أَن يضْربها وسدّت فرجها به، وقيل:
أَراد تَوارَتْ وأَخْفت شخصها عنه كما تُخْفِي الناقةُ فرجَها بذنبها.
ولطَّتْ الناقةُ بذنبها تَلِطُّ لَطّاً: أَدخلته بين فخذيها؛ وأَنشد ابن بري
لقَيْسِ بن الخَطِيم:
لَيالٍ لَنا، وُدُّها مُنْصِبٌ،
إِذا الشَّوْلُ لَطَّتْ بأَذْنابِها
ولَطَّ البابَ لَطّاً: أَغْلَقه. ولَطَطْتُ بفلان أَلُطُّه لَطّاً إِذا
لَزِمْته، وكذلك أَلْظَظْتُ به إِلْظاظاً، والأَول بالطاء، رواه أَبو
عُبيد عن أَبي عُبيدةَ في باب لُزومِ الرَّجلِ صاحبه. ولَطَّ بالأَمر
يَلِطُّ لطّاً: لَزِمَه. ولططت الشيءَ: أَلصَقْتُه. وفي الحديث: تَلُطُّ
حوْضها؛ قال ابن الأَثير: كذا جاء في الموطّإِ، واللَّطُّ الإِلصاق، يريد
تُلْصِقُه بالطّين حتى تسُدّ خَلَلَه. واللَّطُّ: العِقْدُ، وقيل: هو
القِلادةُ من حبّ الحنْظَلِ المُصَبَّغ، والجمع لِطاطٌ؛ قال الشاعر:
إِلى أَميرٍ بالعِراق ثَطِّ،
وجْهِ عَجُوزٍ حُلِّيَتْ في لَطِّ،
تَضْحَكُ عن مِثْلِ الذي تُغَطِّي
أَراد أَنها بَخْراء الفَمِ؛ قال الشاعر:
جَوارٍ يُحَلَّيْنَ اللِّطاطَ، يَزِينُها
شَرائحُ أَحوافٍ من الأَدَمِ الصِّرفِ
واللَّط: قِلادة. يقال: رأَيت في عُنقها لَطّاً حسنَاً وكَرْماً حسنَاً
وعِقْداً حسنَاً كله بمعنى؛ عن يعقوب.
وترس مَلْطُوطٌ أَي مَكْبُوب على وجهه؛ قال ساعدة بن جُؤيّةَ:
صَبَّ اللَّهِيفُ لها السُّبُوبَ بطَغْيةٍ،
تُنْبي العُقابَ، كما يُلَطُّ المِجْنَبُ
تُنْبي العُقاب: تَدْفعُها من مَلاستها. والمِجْنب: التُّرْس؛ أَراد أَن
هذه الطَّغْية مثل ظهر الترس إِذا كبَبْتَه. والطَّغْيةُ: الناحيةُ من
الجبَل.
واللِّطاطُ والمِلْطاطُ: حرف من أَعْلَى الجبل وجانبه. ومِلعطاطُ
البعير: حَرْف في وسط رأْسه. والمِلْطاطانِ: ناحِيتا الرأْس، وقيل: مِلْطاطُ
الرأْس جُمْلته، وقيل جِلْدته، وكل شِقّ من الرأْس مِلْطاط؛ قال: والأَصل
فيها من مِلْطاط البعير وهو حرف في وسط رأْسه. والمِلْطاطُ: أَعلى حرف
الجبل وصَحْنُ الدّار، والميم في كلها زائدة؛ وقول الراجز:
يَمْتَلِخُ العَيْنينِ بانْتِشاطِ،
وفَرْوةَ الرّأْسِ عن المِلْطاطِ
وفي ذكر الشِّجاج: المِلْطاط وهي المِلْطاء والمِلْطاط طريق على ساحل
البحر؛ قال رؤبة:
نحنُ جَمَعْنا الناسَ بالمِلْطاطِ،
في وَرْطةٍ، وأَيُّما إِيراطِ
ويروى:
فأَصْبَحُوا في ورْطةِ الأَوْراطِ
وقال الأَصمعي: يعني ساحل البحر. والمِلْطاطُ: حافةُ الوادِي وشَفِيرُه
وساحِلُ البحر. وقول ابن مسعود: هذا المِلْطاطُ طَريقُ بَقِيّةِ المؤمنين
هُرّاباً من الدَّجّالِ، يعني به شاطئ الفُراتِ، قال: والميم زائدة.
أَبو زيد: يقال هذا لطاط الجبل
(* قوله «لطاط الجبل» قال في شرح
القاموس: اطلاقه يوهم الفتح، وقد ضبطه الصاغاني بالكسر كزمام.) وثلاثة أَلِطّة،
وهو طريق في عُرض الجبل، والقِطاطُ حافةُ أَعْلى الكَهْف وهي ثلاثة
أَقِطَّة. ويقال لصَوْبَجِ الخَبَّازِ: المِلْطاط والمِرْقاق. واللِّطْلِطُ:
الغَلِيظُ الأَسنان؛ قال جرير:
تَفْتَرُّ عن قَرِدِ المنابِتِ لِطْلِطٍ،
مِثْلِ العِجان، وضِرْسُها كالحافِر
واللِّطْلِطُ: الناقةُ الهَرِمةُ. واللِّطلِطُ: العَجوز. وقال الأَصمعي:
اللطلط العجوز الكبيرة، وقال أَبو عمرو: هي من النوق المسِنة التي قد
أُكل أَسنانُها. والأَلَطُّ: الذي سَقطت أَسنانه أَو تأَكَّلت وبَقِيَتْ
أُصُولُها، يقال: رجل أَلَطُّ بيِّن اللَّطَطِ، ومنه قيل للعجوز لِطْلِط،
وللناقة المسنة لِطْلط إِذا سقطت أَسنانها. والمِلْطاطُ رَحَى البَزِر.
والملاط: خشبة البزر
(* قوله «والملاط خشبة البزر» كذا بالأصل، ولعلها
الملطاط.)؛ وقال الراجز:
فَرْشَطَ لما كُرِه الفِرْشاطُ،
بِفَيْشةٍ كأَنها مِلْطاطُ
سحر: الأَزهري: السِّحْرُ عَمَلٌ تُقُرِّبَ فيه إِلى الشيطان وبمعونة
منه، كل ذلك الأَمر كينونة للسحر، ومن السحر الأُخْذَةُ التي تأْخُذُ
العينَ حتى يُظَنَّ أَن الأَمْرَ كما يُرَى وليس الأَصل على ما يُرى؛
والسِّحْرُ: الأُخْذَةُ. وكلُّ ما لَطُفَ مَأْخَذُه ودَقَّ، فهو سِحْرٌ، والجمع
أَسحارٌ وسُحُورٌ، وسَحَرَه يَسْحَرُه سَحْراً وسِحْراً وسَحَّرَه، ورجلٌ
ساحِرٌ من قوم سَحَرَةٍ وسُحَّارٍ، وسَحَّارٌ من قوم سَحَّارِينَ، ولا
يُكَسَّرُ؛ والسِّحْرُ: البيانُ في فِطْنَةٍ، كما جاء في الحديث: إِن قيس
بن عاصم المِنْقَرِيَّ والزَّبْرِقانَ بنَ بَدْرٍ وعَمْرَو بنَ الأَهْتَمِ
قدموا على النبي، صلى الله عليه وسلم، فسأَل النبيُّ، صلى الله عليه
وسلم، عَمْراً عن الزِّبْرِقانِ فأَثنى عليه خيراً فلم يرض الزبرقانُ بذلك،
وقال: والله يا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إِنه ليعلم أَنني أَفضل
مما قال ولكنه حَسَدَ مكاني منك؛ فَأَثْنَى عليه عَمْرٌو شرّاً ثم قال:
والله ما كذبت عليه في الأُولى ولا في الآخرة ولكنه أَرضاني فقلتُ بالرِّضا
ثم أَسْخَطَنِي فقلتُ بالسَّخْطِ، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم:
إِن من البيان لَسِحْراً؛ قال أَبو عبيد: كأَنَّ المعنى، والله أَعلم،
أَنه يَبْلُغُ من ثنائه أَنه يَمْدَحُ الإِنسانَ فَيَصْدُقُ فيه حتى
يَصْرِفَ القلوبَ إِلى قوله ثم يَذُمُّهُ فَيَصْدُق فيه حتى يَصْرِفَ القلوبَ
إلى قوله الآخر، فكأَنه قد سَحَرَ السامعين بذلك؛ وقال أَن الأَثير: يعني
إِن من البيان لسحراً أَي منه ما يصرف قلوب السامعين وإِن كان غير حق،
وقيل: معناه إِن من البيان ما يَكْسِبُ من الإِثم ما يكتسبه الساحر بسحره
فيكون في معرض الذمّ، ويجوز اين يكون في معرض المدح لأَنه تُسْتَمالُ به
القلوبُ ويَرْضَى به الساخطُ ويُسْتَنْزَلُ به الصَّعْبُ. قال الأَزهري:
وأَصل السِّحْرِ صَرْفُ الشيء عن حقيقته إِلى غيره فكأَنَّ الساحر لما
أَرَى الباطلَ في صورة الحق وخَيَّلَ الشيءَ على غير حقيقته، قد سحر الشيء
عن وجهه أَي صرفه. وقال الفراء في قوله تعالى: فَأَنَّى تُسْحَرُون؛ معناه
فَأَنَّى تُصْرَفون؛ ومثله: فأَنى تؤْفكون؛ أُفِكَ وسُحِرَ سواء. وقال
يونس: تقول العرب للرجل ما سَحَرَك عن وجه كذا وكذا أَي ما صرفك عنه؟ وما
سَحَرَك عنا سَحْراً أَي ما صرفك؟ عن كراع، والمعروف: ما شَجَرَك
شَجْراً. وروى شمر عن ابن عائشة
(* قوله: «ابن عائشة» كذا بالأَصل وفي شرح
القاموس: ابن أبي عائشة). قال: العرب إِنما سمت السِّحْرَ سِحْراً لأَنه يزيل
الصحة إِلى المرض، وإِنما يقال سَحَرَه أَي أَزاله عن البغض إِلى الحب؛
وقال الكميت:
وقادَ إِليها الحُبَّ، فانْقادَ صَعْبُه
بِحُبٍّ من السِّحْرِ الحَلالِ التَّحَبُّبِ
يريد أَن غلبة حبها كالسحر وليس به لأَنه حب حلال، والحلال لا يكون
سحراً لأَن السحر كالخداع؛ قال شمر: وأَقرأَني ابن الأَعرابي للنابغة:
فَقالَتْ: يَمِينُ اللهِ أَفْعَلُ إِنَّنِي
رأَيتُك مَسْحُوراً، يَمِينُك فاجِرَه
قال: مسحوراً ذاهِبَ العقل مُفْسَداً. قال ابن سيده: وأَما قوله، صلى
الله عليه وسلم: من تَعَلَّمَ باباً من النجوم فقد تعلم باباً من السحر؛
فقد يكون على المعنى أَوَّل أَي أَن علم النجوم محرّم التعلم، وهو كفر، كما
أَن علم السحر كذلك، وقد يكون على المعنى الثاني أَي أَنه فطنة وحكمة،
وذلك ما أُدرك منه بطريق الحساب كالكسوف ونحوه، وبهذا علل الدينوري هذا
الحديث.
والسَّحْرُ والسحّارة: شيء يلعب به الصبيان إِذ مُدّ من جانب خرج على
لون، وإِذا مُدَّ من جانب آخر خرج على لون آخر مخالف، وكل ما أَشبه ذلك:
سَحَّارةٌ.
وسَحَرَه بالطعامِ والشراب يَسْحَرُه سَحْراً وسَحَّرَه: غذَّاه
وعَلَّلَه، وقيل: خَدَعَه. والسِّحْرُ: الغِذاءُ؛ قال امرؤ القيس:
أُرانا مُوضِعِينَ لأَمْرِ غَيْبٍ،
ونُسْحَرُ بالطَّعامِ وبالشَّرابِ
عَصافِيرٌ وذِبَّانٌ ودُودٌ،
وأَجْرَأُ مِنْ مُجَلِّجَةِ الذِّئَابِ
أَي نُغَذَّى أَو نُخْدَعْ. قال ابن بري: وقوله مُوضِعين أَي مسرعين،
وقوله: لأَمْرِ غَيْبٍ يريد الموت وأَنه قد غُيِّبَ عنا وَقْتُه ونحن
نُلْهَى عنه بالطعام والشراب. والسِّحْرُ: الخديعة؛ وقول لبيد:
فَإِنْ تَسْأَلِينَا: فِيمَ نحْنُ؟ فإِنَّنا
عَصافيرُ من هذا الأَنَامِ المُسَحَّرِ
يكون على الوجهين. وقوله تعالى: إِنما أَنتَ من المُسَحَّرِين؛ يكون من
التغذية والخديعة. وقال الفراء: إِنما أَنت من المسحرين، قالوا لنبي
الله: لست بِمَلَكٍ إِنما أَنت بشر مثلنا. قال: والمُسَحَّرُ المُجَوَّفُ
كأَنه، والله أَعلم، أُخذ من قولك انتفخ سَحْرُكَ أَي أَنك تأْكل الطعام
والشراب فَتُعَلَّلُ به، وقيل: من المسحرين أَي ممن سُحِرَ مرة بعد مرة.
وحكى الأَزهري عن بعض أَهل اللغة في قوله تعالى: أَن تتبعون إِلا رجلاً
مسحوراً، قولين: أَحدهما إِنه ذو سَحَرٍ مثلنا، والثاني إِنه سُحِرَ وأُزيل
عن حد الاستواء. وقوله تعالى: يا أَيها السَّاحِرُ ادْعُ لنا ربك بما
عَهِدَ عندك إِننا لمهتدون؛ يقول القائل: كيف قالوا لموسى يا أَيها الساحر
وهم يزعمون أَنهم مهتدون؟ والجواب في ذلك أَن الساحر عندهم كان نعتاً
محموداً، والسِّحْرُ كان علماً مرغوباً فيه، فقالوا له يا أَيها الساحر على
جهة التعظيم له، وخاطبوه بما تقدم له عندهم من التسمية بالساحر، إِذ جاء
بالمعجزات التي لم يعهدوا مثلها، ولم يكن السحر عندهم كفراً ولا كان مما
يتعايرون به، ولذلك قالوا له يا أَيها الساحر. والساحرُ: العالِمُ.
والسِّحْرُ: الفسادُ. وطعامٌ مسحورٌ إِذا أُفْسِدَ عَمَلُه، وقيل: طعام مسحور
مفسود؛ عن ثعلب. قال ابن سيده: هكذا حكاه مفسود لا أَدري أَهو على طرح
الزائد أَم فَسَدْتُه لغة أَم هو خطأٌ. ونَبْتٌ مَسْحور: مفسود؛ هكذا حكاه
أَيضاً الأَزهري. أَرض مسحورة: أَصابها من المطر أَكثرُ مما ينبغي
فأَفسدها. وغَيْثٌ ذو سِحْرٍ إِذا كان ماؤه أَكثر مما ينبغي. وسَحَرَ المطرُ
الطينَ والترابَ سَحْراً: أَفسده فلم يصلح للعمل؛ ابن شميل: يقال للأَرض التي
ليس بها نبت إِنما هي قاعٌ قَرَقُوسٌ. أَرض مسحورة
(* قوله: «أرض مسحورة
إلخ» كذا بالأصل. وعبارة الأساس: وعنز مسحورة قليلة اللبن وأرض مسحورة
لا تنبت): قليلةُ اللَّبَنِ. وقال: إِن اللَّسَقَ يَسْحَرُ أَلبانَ الغنم،
وهو أَن ينزل اللبن قبل الولاد.
والسَّحْر والسحَر: آخر الليل قُبَيْل الصبح، والجمع أَسحارٌ.
والسُّحْرَةُ: السَّحَرُ، وقيل: أَعلى السَّحَرِ، وقيل: هو من ثلث الآخِر إِلى
طلوع الفجر. يقال: لقيته بسُحْرة، ولقيته سُحرةً وسُحْرَةَ يا هذا، ولقيته
سَحَراً وسَحَرَ، بلا تنوين، ولقيته بالسَّحَر الأَعْلى، ولقيته بأَعْلى
سَحَرَيْن وأَعلى السَّحَرَين، فأَما قول العجاج:
غَدَا بأَعلى سَحَرٍ وأَحْرَسَا
فهو خطأٌ، كان ينبغي له أَن يقول: بأَعلى سَحَرَيْنِ، لأَنه أَوَّل
تنفُّس الصبح، كما قال الراجز:
مَرَّتْ بأَعلى سَحَرَيْنِ تَدْأَلُ
ولقيتُه سَحَرِيَّ هذه الليلة وسَحَرِيَّتَها؛ قال:
في ليلةٍ لا نَحْسَ في
سَحَرِيِّها وعِشائِها
أَراد: ولا عشائها. الأَزهري: السَّحَرُ قطعة من الليل.
وأَسحَرَ القومُ: صاروا في السَّحَر، كقولك: أَصبحوا. وأَسحَرُوا
واستَحَرُوا: خرجوا في السَّحَر. واسْتَحَرْنا أَي صرنا في ذلك الوقتِ،
ونَهَضْنا لِنَسير في ذلك الوقت؛ ومنه قول زهير:
بَكَرْنَ بُكُوراً واستَحَرْنَ بِسُحْرَةٍ
وتقول: لَقِيتُه سَحَرَ يا هذا إِذا أَردتَ به سَحَر ليلَتِك، لم تصرفه
لأَنه معدول عن الأَلف واللام وهو معرفة، وقد غلب عليه التعريفُ بغير
إِضافة ولا أَلف ولا لام كما غلب ابن الزبير على واحد من بنيه، وإِذا
نكَّرْتَ سَحَر صرفتَه، كما قال تعالى: إِلاَّ آلَ لُوط نجيناهم بِسَحَرٍ؛
أَجراهُ لأَنه نكرةٌ، كقولك نجيناهم بليل؛ قال: فإِذا أَلقَتِ العربُ منه
الباءَ لم يجروه فقالوا: فعلت هذا سَحَرَ يا فتى، وكأَنهم في تركهم إِجراءه
أَن كلامهم كان فيه بالأَلف واللام فجرى على ذلك، فلما حذفت منه الأَلف
واللام وفيه نيتهما لم يصرف، وكلامُ العرب أَن يقولوا: ما زال عندنا
مُنْذُ السَّحَرِ، لا يكادون يقولون غيره. وقال الزجاج، وهو قول سيبويه:
سَحَرٌ إِذا كان نكرة يراد سَحَرٌ من الأَسحار انصرف، تقول: أَتيت زيداً
سَحَراً من الأَسحار، فإِذا أَردت سَحَرَ يومك قلت: أَتيته سَحَرَ يا هذا،
وأَتيته بِسَحَرَ يا هذا؛ قال الأَزهري: والقياس ما قاله سيبويه. وتقول:
سِرْ على فرسك سَحَرَ يا فتى فلا ترفعه لأَنه ظرف غير متمكن، وإِن سميت
بسَحَر رجلاً أَو صغرته انصرف لأَنه ليس على وزن المعدول كَأُخَرَ، تقول:
سِرْ على فرسك سُحَيْراً وإِنما لم ترفعه لأَن التصير لم يُدْخِله في الظروف
المتمكنة كما أَدخله في الأَسماء المنصرفة؛ قال الأَزهري: وقول ذي الرمة
يصف فلاة:
مُغَمِّض أَسحارِ الخُبُوتِ إِذا اكْتَسَى،
مِن الآلِ، جُلأً نازحَ الماءِ مُقْفِر
قيل: أَسحار الفلاة أَطرافها. وسَحَرُ كل شيء: طَرَفُه. شبه بأَسحار
الليالي وهي أَطراف مآخرها؛ أَراد مغمض أَطراف خبوته فأَدخل الأَلف واللام
فقاما مقام الإِضافة.
وسَحَرُ الوادي: أَعلاه. الأَزهري: سَحَرَ إِذا تباعد، وسَحَرَ خَدَعَ،
وسَحِرَ بَكَّرَ.
واستَحَرَ الطائرُ: غَرَّد بسَحَرٍ؛ قال امرؤ القيس:
كَأَنَّ المُدَامَ وصَوْبَ الغَمامِ،
وريحَ الخُزامَى ونَشْرَ القُطُرْ،
يُعَلُّ به بَرْدُ أَنيابِها،
إِذا طَرَّبَ الطائِرُ المُسْتَحِرْ
والسَّحُور: طعامُ السَّحَرِ وشرابُه. قال الأَزهري: السَّحور ما
يُتَسَحَّرُ به وقت السَّحَرِ من طعام أَو لبن أَو سويق وضع اسماً لما يؤكل ذلك
الوقت؛ وقد تسحر الرجل ذلك الطعام أَي أَكله، وقد تكرر ذكر السَّحور في
الحديث في غير موضع؛ قال ابن الأَثير: هو بالفتح اسم ما يتسحر به من
الطعام والشراب، وبالضم المصدر والفعل نفسه، وأَكثر ما روي بالفتح؛ وقيل:
الصواب بالضم لأَنه بالفتح الطعام والبركة، والأَجر والثواب في الفعل لا في
الطعام؛ وَتَسَحَّرَ: أَكل السَّحورَ.
والسَّحْرُ والسَّحَرُ والسُّحْرُ: ما التزق بالحلقوم والمَرِيء من
أَعلى البطن. ويقال للجبان: قد انتفخ سَحْرُه، ويقال ذلك أَيضاً لمن تعدّى
طَوْرَه. قال الليث: إِذا نَزَتْ بالرجل البِطْنَةُ يقال: انتفخ سَحْرُه،
معناه عَدَا طَوْرَهُ وجاوز قدرَه؛ قال الأَزهري: هذا خطأٌ إِنما يقال
انتفخ سَحْرُه للجبان الذي مَلأَ الخوف جوفه، فانتفخ السَّحْرُ وهو الرئة
حتى رفع القلبَ اإلى الحُلْقوم، ومنه قوله تعالى: وبلغت القلوبُ الحناجرَ
وتظنون بالله الظنون، وكذلك قوله: وأَنْذِرْهُمْ يومَ الآزفة إِذ القلوبُ
لَدَى الحناجر؛ كلُّ هذا يدل على أَن انتفاخ السَّحْر مَثَلٌ لشدّة الخوف
وتمكن الفزع وأَنه لا يكون من البطنة؛ ومنه قولهم للأَرنب:
المُقَطَّعَةُ الأَسحارِ، والمقطعة السُّحُورِ، والمقطعةُ النِّياط، وهو على التفاؤل،
أَي سَحْرُه يُقَطَّعُ على هذا الاسم. وفي المتأَخرين من يقول:
المُقَطِّعَة، بكسر الطاء، أَي من سرعتها وشدة عدوها كأَنها تُقَطَّعُ سَحْرَها
ونِياطَها. وفي حديث أَبي جهل يوم بدر: قال لِعُتْبَةَ بن ربيعة انتَفَخَ
سَحْرُك أَي رِئَتُك؛ يقال ذلك للجبان وكلِّ ذي سَحْرٍ مُسَحَّرٍ.
والسَّحْرُ أَيضاً: الرئة، والجمع أَسحارٌ وسُحُرٌ وسُحُورٌ؛ قال
الكميت:وأَربط ذي مسامع، أَنتَ، جأْشا،
إِذا انتفخت من الوَهَلِ السُّحورُ
وقد يحرك فيقال سَحَرٌ مثال نَهْرٍ ونَهَرٍ لمكان حروف الحلق.
والسَّحْرُ أَيضاً: الكبد. والسَّحْرُ: سوادُ القلب ونواحيه، وقيل: هو القلب، وهو
السُّحْرَةُ أَيضاً؛ قال:
وإِني امْرُؤٌ لم تَشْعُرِ الجُبْنَ سُحْرَتي،
إِذا ما انطَوَى مِنِّي الفُؤادُ على حِقْدِ
وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: مات رسول الله،صلى الله عليه وسلم، بين
سَحْرِي ونَحْرِي؛ السَّحْرُ الرئة، أَي مات رسول الله، «صلى الله عليه
وسلم»،وهو مستند إِلى صدرها وما يحاذي سَحْرَها منه؛ وحكى القتيبي عن
بعضهم أَنه بالشين المعجمة والجيم، وأَنه سئل عن ذلك فشبك بين أَصابعه
وقدّمها عن صدره، وكأَنه يضم شيئاً إِليه، أَي أَنه مات وقد ضمته بيديها إِلى
نحرها وصدرها، رضي الله عنها والشَّجْرُ: التشبيك، وهو الذَّقَنُ أَيضاً،
والمحفوظ الأَوَّل، وسنذكره في موضعه. وسَحَرَه، فهو مسحور وسَحِيرٌ:
أَصاب سَحْرَه أَو سُحْرَه أَو سُحْرَتَه
(* قوله: «أو سحرته» كذا ضبط
الأصل. وفي القاموس وشرحه السحر، بفتح السكون وقد يحرك ويضم فهي ثلاث لغات
وزاد الخفاجي بكسر فسكون اهـ بتصرف).
ورجلٌ سَحِرٌ وسَحِيرٌ: انقطع سَحْرُه، وهو رئته، فإِذا أَصابه منه
السِّلُّ وذهب لحمه، فهو سَحِيرٌ وسَحِرٌ؛ قال العجاج:
وغِلْمَتِي منهم سَحِيرٌ وسَحِرْ،
وقائمٌ من جَذْبِ دَلْوَيْها هَجِرْ
سَحِرَ: انقطع سَحْرُه من جذبه بالدلو؛ وفي المحكم؛
وآبق من جذب دلويها
وهَجِرٌ وهَجِيرٌ: يمشي مُثْقَلاً متقارب الخَطْوِ كأَن به هِجَاراً لا
ينبسط مما به من الشر والبلاء. والسُّحَارَةُ: السَّحْرُ وما تعلق به مما
ينتزعه القَصَّابُ؛ وقوله:
أَيَذْهَبُ ما جَمَعْتَ صَرِيمَ سَحْرِ؟
ظَلِيفاً؟ إِنَّ ذا لَهْوَ العَجِيبُ
معناه: مصروم الرئة مقطوعها؛ وكل ما يَبِسَ منه، فهو صَرِيمُ سَحْرٍ؛
أَنشد ثعلب:
تقولُ ظَعِينَتِي لَمَّا استَقَلَّتْ:
أَتَتْرُكُ ما جَمَعْتَ صَرِيمَ سَحْرِ؟
وصُرِمَ سَحْرُه: انقطع رجاؤه، وقد فسر صَريم سَحْرٍ بأَنه المقطوع
الرجاء. وفرس سَحِيرٌ: عظيم الجَوْفِ. والسَّحْرُ والسُّحْرةُ: بياض يعلو
السوادَ، يقال بالسين والصاد، إِلاَّ أَن السين أَكثر ما يستعمل في سَحَر
الصبح، والصاد في الأَلوان، يقال: حمار أَصْحَرُ وأَتان صَحراءُ.
والإِسحارُّ والأَسْحارُّ: بَقْلٌ يَسْمَنُ عليه المال، واحدته إِسْحارَّةٌ
وأَسْحارَّةٌ. قال أَبو حنيفة: سمعت أَعرابيّاً يقول السِّحارُ فطرح الأَلف
وخفف الراء وزعم أَن نباته يشبه الفُجْلَ غير أَن لا فُجْلَةَ له، وهو
خَشِنٌ يرتفع في وسطه قَصَبَةٌ في رأْسها كُعْبُرَةٌ ككُعْبُرَةِ الفُجْلَةِ،
فيها حَبٌّ له دُهْنٌ يؤكل ويتداوى به، وفي ورقه حُروفَةٌ؛ قال: وهذا قول
ابن الأَعرابي، قال: ولا أَدري أَهو الإِسْحارّ أَم غيره. الأَزهري عن
النضر: الإِسحارَّةُ والأَسحارَّةُ بقلة حارَّة تنبت على ساق، لها ورق
صغار، لها حبة سوداء كأَنها الشِّهْنِيزَةُ.
هرثم: الهَرْثَمةُ: مُقَدَّمُ الأَنف، وهي أَيضاً الوترةُ التي بين
مَنْخِرَي الكلبِ. وهَرْثَمَةُ: من أَسماء الأَسد، وفي الصحاح: الهَرْثَمةُ
الأَسدُ، وبه سمي الرجل هَرْثَمة.
أله: الإلَهُ: الله عز وجل، وكل ما اتخذ من دونه معبوداً إلَهٌ عند
متخذه، والجمع آلِهَةٌ. والآلِهَةُ: الأَصنام، سموا بذلك لاعتقادهم أَن
العبادة تَحُقُّ لها، وأَسماؤُهم تَتْبَعُ اعتقاداتهم لا ما عليه الشيء في
نفسه، وهو بَيِّنُ الإلَهةِ والأُلْهانيَّةِ: وفي حديث وُهَيْب ابن الوَرْد:
إذا وقع العبد في أُلْهانيَّة الرَّبِّ، ومُهَيْمِنِيَّة الصِّدِّيقين،
ورَهْبانِيَّةِ الأَبْرار لم يَجِدْ أَحداً يأْخذ بقلبه أَي لم يجد
أَحداً ولم يُحِبَّ إلاَّ الله سبحانه؛ قال ابن الأَثير: هو مأْخوذ من إلَهٍ،
وتقديرها فُعْلانِيَّة، بالضم، تقول إلَهٌ بَيِّنُ الإلَهيَّة
والأُلْهانِيَّة، وأَصله من أَلِهَ يَأْلَهُ إذا تَحَيَّر، يريد إذا وقع العبد في
عظمة الله وجلاله وغير ذلك من صفات الربوبية وصَرَفَ وَهْمَه إليها،
أَبْغَضَ الناس حتى لا يميل قلبه إلى أَحد. الأَزهري: قال الليث بلغنا أَن اسم
الله الأَكبر هو الله لا إله إلاَّ هو وحده
(* قوله «إلا هو وحده» كذا
في الأصل المعوّل عليه، وفي نسخة التهذيب: الله لا إله إلا هو والله وحده
ا هـ. ولعله إلا الله وحده): قال: وتقول العرب للهِ ما فعلت ذاك، يريدون
والله ما فعلت. وقال الخليل: الله لا تطرح الأَلف من الاسم إنما هو الله
عز ذكره على التمام؛ قال: وليس هو من الأَسماء التي يجوز منها اشْتقاق
فِعْلٍ كما يجوز في الرحمن والرحيم. وروى المنذري عن أَبي الهيثم أَنه
سأَله عن اشتقاق اسم الله تعالى في اللغة فقال: كان حقه إلاهٌ، أُدخلت
الأَلف واللام تعريفاً، فقيل أَلإلاهُ، ثم حذفت العرب الهمزة استثقالاً لها،
فلما تركوا الهمزة حَوَّلوا كسرتها في اللام التي هي لام التعريف، وذهبت
الهمزة أَصلاً فقالوا أَلِلاهٌ، فحرَّكوا لام التعريف التي لا تكون إلاَّ
ساكنة، ثم التقى لامان متحركتان فأَدغموا الأُولى في الثانية، فقالوا
الله، كما قال الله عز وجل: لكنا هو الله ربي؛ معناه لكنْ أَنا، ثم إن العرب
لما سمعوا اللهم جرت في كلام الخلق توهموا أَنه إذا أُلقيت الأَلف
واللام من الله كان الباقي لاه، فقالوا لاهُمَّ؛ وأَنشد:
لاهُمَّ أَنتَ تَجْبُرُ الكَسِيرَا،
أَنت وَهَبْتَ جِلَّةً جُرْجُورا
ويقولون: لاهِ أَبوك، يريدون الله أَبوك، وهي لام التعجب؛ وأَنشد لذي
الإِصبع:
لاهِ ابنُ عَمِّي ما يَخا
فُ الحادثاتِ من العواقِبْ
قال أَبو الهيثم: وقد قالت العرب بسم الله، بغير مَدَّة اللام وحذف
مَدَّة لاهِ؛ وأَنشد:
أَقْبَلَ سَيْلٌ جاءَ من أَمر اللهْ،
يَحْرِدْ حَرْدَ الجَنَّةِ المُغِلَّه
وأَنشد:
لَهِنَّكِ من عَبْسِيَّةٍ لَوسِيمةٌ،
على هَنَواتٍ كاذبٍ من يَقُولُها
إنما هو للهِ إنَّكِ، فحذف الأَلف واللام فقال لاهِ: إنك، ثم ترك همزة
إنك فقال لَهِنَّك؛ وقال الآخر:
أَبائِنةٌ سُعْدَى، نَعَمْ وتُماضِرُ،
لَهِنَّا لمَقْضِيٌّ علينا التَّهاجُرُ
يقول: لاهِ إنَّا، فحذف مَدَّةِ لاهِ وترك همزة إنا كقوله:
لاهِ ابنُ عَمِّكَ والنَّوَى يَعْدُو
وقال الفراء في قول الشاعر لَهِنَّك: أَرادَ لإنَّك، فأبدل الهمزة هاء
مثل هَراقَ الماءَ وأَراق، وأَدخل اللام في إن لليمين، ولذلك أَجابها
باللام في لوسيمة. قال أَبو زيد: قال لي الكسائي أَلَّفت كتاباً في معاني
القرآن فقلت له: أَسمعتَ الحمدُ لاهِ رَبِّ العالمين؟ فقال: لا، فقلت:
اسمَعْها. قال الأَزهري: ولا يجوز في القرآن إلاَّ الحمدُ للهِ بمدَّةِ اللام،
وإِنما يقرأُ ما حكاه أَبو زيد الأَعرابُ ومن لا يعرف سُنَّةَ القرآن.
قال أَبو الهيثم: فالله أَصله إلاهٌ، قال الله عز وجل: ما اتَّخذ اللهُ من
وَلَدٍ وما كان معه من إلَهٍ إذاً لَذَهَبَ كُلُّ إلَهٍ بما خَلَقَ.
قال: ولا يكون إلَهاً حتى يكون مَعْبُوداً، وحتى يكونَ لعابده خالقاً
ورازقاً ومُدبِّراً، وعليه مقتدراً فمن لم يكن كذلك فليس بإله، وإِن عُبِدَ
ظُلْماً، بل هو مخلوق ومُتَعَبَّد. قال: وأَصل إلَهٍ وِلاهٌ، فقلبت الواو
همزة كما قالوا للوِشاح إشاحٌ وللوِجاحِ وهو السِّتْر إِجاحٌ، ومعنى ولاهٍ
أَن الخَلْقَ يَوْلَهُون إليه في حوائجهم، ويَضْرَعُون إليه فيما يصيبهم،
ويَفْزَعون إليه في كل ما ينوبهم، كم يَوْلَهُ كل طِفْل إلى أُمه. وقد
سمت العرب الشمس لما عبدوها إلاهَةً. والأُلَهةُ: الشمسُ الحارَّةُ؛ حكي
عن ثعلب، والأَلِيهَةُ والأَلاهَةُ والإلاهَةُ وأُلاهَةُ، كلُّه: الشمسُ
اسم لها؛ الضم في أَوَّلها عن ابن الأَعرابي؛ قالت مَيَّةُ بنت أُمّ
عُتْبَة
(* قوله «ام عتبة» كذا بالأصل عتبة في موضع مكبراً وفي موضعين مصغراً)
بن الحرث كما قال ابن بري:
تروَّحْنا من اللَّعْباءِ عَصْراً،
فأَعْجَلْنا الإلَهةَ أَن تَؤُوبا
(* قوله «عصراً والالهة» هكذا رواية
التهذيب، ورواية المحكم: قسراً والهة).
على مثْل ابن مَيَّة، فانْعَياه،
تَشُقُّ نَواعِمُ البَشَر الجُيُوبا
قال ابن بري: وقيل هو لبنت عبد الحرث اليَرْبوعي، ويقال لنائحة
عُتَيْبة بن الحرث؛ قال: وقال أَبو عبيدة هو لأُمِّ البنين بنت عُتيبة بن الحرث
ترثيه؛ قال ابن سيده: ورواه ابن الأَعرابي أُلاهَةَ، قال: ورواه بعضهم
فأَعجلنا الأَلاهَةَ يصرف ولا يصرف. غيره: وتدخلها الأَلف واللام ولا
تدخلها، وقد جاء على هذا غير شيء من دخول لام المعرفة الاسمَ مَرَّة وسُقوطها
أُخرى. قالوا: لقيته النَّدَرَى وفي نَدَرَى، وفَيْنَةً والفَيْنَةَ بعد
الفَيْنة، ونَسْرٌ والنَّسْرُ اسمُ صنم، فكأَنهم سَمَّوْها الإلَهة
لتعظيمهم لها وعبادتهم إياها، فإنهم كانوا يُعَظِّمُونها ويَعْبُدُونها، وقد
أَوْجَدَنا اللهُ عز وجل ذلك في كتابه حين قال: ومن آياته الليلُ والنهارُ
والشمسُ والقمرُ لا تَسْجُدُوا للشمس ولا للقمر واسجُدُوا لله الذي
خَلَقَهُنَّ إن كنتم إياه تعبدون. ابن سيده: والإلاهَةُ والأُلُوهة
والأُلُوهِيَّةُ العبادة. وقد قرئ: ويَذَرَكَ وآلِهتَكَ، وقرأَ ابن عباس:
ويَذَرَك وإِلاهَتَك، بكسر الهمزة، أَي وعبادتك؛ وهذه الأَخيرة عند ثعلب كأَنها
هي المختارة، قال: لأَن فرعون كان يُعْبَدُ ولا يَعْبُدُ، فهو على هذا ذو
إلاهَةٍ لا ذو آلِهة، والقراءة الأُولى أَكثر والقُرّاء عليها. قال ابن
بري: يُقَوِّي ما ذهب إليه ابن عباس في قراءته: ويذرك وإِلاهَتَك، قولُ
فرعون: أَنا ربكم الأَعلى، وقوله: ما علمتُ لكم من إله غيري؛ ولهذا قال
سبحانه: فأَخَذه اللهُ نَكالَ الآخرةِ والأُولى؛ وهو الذي أَشار إِليه
الجوهري بقوله عن ابن عباس: إن فرعون كان يُعْبَدُ. ويقال: إلَه بَيِّنُ
الإلَهةِ والأُلْهانِيَّة. وكانت العرب في الجاهلية يَدْعُونَ معبوداتهم من
الأَوثان والأَصنام آلهةً، وهي جمع إلاهة؛ قال الله عز وجل: ويَذَرَك
وآلِهَتَك، وهي أَصنام عَبَدَها قوم فرعون معه. والله: أَصله إلاهٌ، على
فِعالٍ بمعنى مفعول، لأَنه مأَلُوه أَي معبود، كقولنا إمامٌ
فِعَالٌ بمعنى مَفْعول لأَنه مُؤْتَمّ به، فلما أُدخلت عليه الأَلف
واللام حذفت الهمزة تخفيفاً لكثرته في الكلام، ولو كانتا عوضاً منها لما
اجتمعتا مع المعوَّض منه في قولهم الإلاهُ، وقطعت الهمزة في النداء للزومها
تفخيماً لهذا الاسم. قال الجوهري: وسمعت أَبا علي النحوي يقول إِن الأَلف
واللام عوض منها، قال: ويدل على ذلك استجازتهم لقطع الهمزة الموصولة
الداخلة على لام التعريف في القسم والنداء، وذلك قولهم: أَفأَللهِ
لَتفْعَلَنّ ويا الله اغفر لي، أَلا ترى أَنها لو كانت غير عوض لم تثبت كما لم تثبت
في غير هذا الاسم؟ قال: ولا يجوز أَيضاً أَن يكون للزوم الحرف لأَن ذلك
يوجب أَن تقطع همزة الذي والتي، ولا يجوز أَيضاً أَن يكون لأَنها همزة
مفتوحة وإن كانت موصولة كما لم يجز في ايْمُ الله وايْمُن الله التي هي
همزة وصل، فإنها مفتوحة، قال: ولا يجوز أَيضاً أَن يكون ذلك لكثرة
الاستعمال، لأَن ذلك يوجب أَن تقطع الهمزة أَيضاً في غير هذا مما يكثر استعمالهم
له، فعلمنا أَن ذلك لمعنى اختصت به ليس في غيرها، ولا شيء أَولى بذلك
المعنى من أَن يكون المُعَوَّضَ من الحرف المحذوف الذي هو الفاء، وجوّز
سيبويه أَن يكون أَصله لاهاً على ما نذكره. قال ابن بري عند قول الجوهري: ولو
كانتا عوضاً منها لما اجتمعتا مع المعوَّض عنه في قولهم الإلَهُ، قال:
هذا رد على أَبي علي الفارسي لأَنه كان يجعل الأَلف واللام في اسم الباري
سبحانه عوضاً من الهمزة، ولا يلزمه ما ذكره الجوهري من قولهم الإلَهُ،
لأَن اسم الله لا يجوز فيه الإلَهُ، ولا يكون إلا محذوف الهمزة، تَفَرَّد
سبحانه بهذا الاسم لا يشركه فيه غيره، فإذا قيل الإلاه انطلق على الله
سبحانه وعلى ما يعبد من الأَصنام، وإذا قلت الله لم ينطلق إلا عليه سبحانه
وتعالى، ولهذا جاز أَن ينادي اسم الله، وفيه لام التعريف وتقطع همزته،
فيقال يا ألله، ولا يجوز يالإلهُ على وجه من الوجوه، مقطوعة همزته ولا
موصولة، قال: وقيل في اسم الباري سبحانه إنه مأْخوذ من أَلِهَ يَأْلَه إذا
تحير، لأَن العقول تَأْلَهُ في عظمته. وأَلِهَ أَلَهاً أَي تحير، وأَصله
وَلِهَ يَوْلَهُ وَلَهاً. وقد أَلِهْتُ على فلان أَي اشتدّ جزعي عليه، مثل
وَلِهْتُ، وقيل: هو مأْخوذ من أَلِهَ يَأْلَهُ إلى كذا أَي لجأَ إليه
لأَنه سبحانه المَفْزَعُ الذي يُلْجأُ إليه في كل أَمر؛ قال الشاعر:
أَلِهْتَ إلينا والحَوادِثُ جَمَّةٌ
وقال آخر:
أَلِهْتُ إليها والرَّكائِبُ وُقَّف
والتَّأَلُّهُ: التَّنَسُّك والتَّعَبُّد. والتأْليهُ: التَّعْبيد؛ قال:
لله دَرُّ الغَانِياتِ المُدَّهِ
سَبَّحْنَ واسْتَرْجَعْنَ من تأَلُّهِي
ابن سيده: وقالوا يا أَلله فقَطَعُوا، قال: حكاه سيبويه، وهذا نادر.
وحكى ثعلب أَنهم يقولون: يا الله، فيصلون وهما لغتان يعني القطع والوصل؛
وقول الشاعر:
إنِّي إذا ما حَدَثٌ أَلَمَّا
دَعَوْت: يا اللَّهُمَّ يا اللَّهُمَّا
فإن الميم المشددة بدل من يا، فجمع بين البدل والمبدل منه؛ وقد خففها
الأعشى فقال:
كحَلْفَةٍ من أَبي رَباحٍ
يَسْمَعُها لاهُمَ الكُبارُ
(* قوله «من أبي رباح» كذا بالأصل بفتح الراء والباء الموحدة ومثله في
البيضاوي، إلا أن فيه حلقة بالقاف، والذي في المحكم والتهذيب كحلفة من أبي
رياح بكسر الراء وبياء مثناة تحتية، وبالجملة فالبيت رواياته كثيرة).
وإنشاد العامة:
يَسْمَعُها لاهُهُ الكُبارُ
قال: وأَنشده الكسائي:
يَسْمَعُها الله والله كبار
(* وقوله: يسمعها الله والله كبار
كذا بالأصل ونسخة من التهذيب).
الأَزهري: أَما إعراب اللهم فضم الهاء وفتح الميم لا اختلاف فيه بين
النحويين في اللفظ، فأَما العلة والتفسير فقد اختلف فيه النحويون، فقال
الفراء: معنى اللهم يا أَللهُ أُمَّ بخير، وقال الزجاج: هذا إقدام عظيم لأَن
كل ما كان من هذا الهمز الذي طرح فأَكثر الكلام الإتيان به. يقال: وَيْلُ
أُمِّه ووَيْلُ امِّهِ، والأَكثر إثبات الهمزة، ولو كان كما قال هذا
القائل لجاز الله أُومُمْ واللهُ أُمَّ، وكان يجب أَن يلزمه يا لأَن العرب
تقول يا ألله اغفر لنا، ولم يقل أَحد من العرب إلا اللهم، ولم يقل أَحد يا
اللهم، قال الله عز وجل: قُلِ اللهم فاطرَ السمواتِ والأَرضِ؛ فهذا
القول يبطل من جهات: إحداها أَن يا ليست في الكلام، والأُخرى أَن هذا المحذوف
لم يتكلم به على أَصله كما تكلم بمثله، وأَنه لا يُقَدَّمُ أَمامَ
الدُّعاء هذا الذي ذكره؛ قال الزجاج: وزعم الفراء أَن الضمة التي هي في الهاء
ضمة الهمزة التي كانت في أُمِّ وهذا محال أَن يُتْرَكَ الضمُّ الذي هو
دليل على نداء المفرد، وأَن يجعل في اسم الله ضمةُ أُمَّ، هذا إلحاد في اسم
الله؛ قال: وزعم الفراء أَن قولنا هَلُمَّ مثل ذلك أَن أَصلها هَلْ
أُمَّ، وإنما هي لُمَّ وها التنبيه، قال: وقال الفراء إن يا قد يقال مع اللهم
فيقال يا أَللهم؛ واستشهد بشعر لا يكون مثله حجة:
وما عليكِ أَن تَقُولِي كُلَّما
صَلَّيْتِ أَو سَبَّحْت: يا أَللَّهُمَا،
ارْدُدْ علينا شَيْخَنَا مُسَلَّما
قال أَبو إسحق: وقال الخليل وسيبويه وجميع النحويين الموثوق بعلمهم
اللهم بمعنى يا أَلله، وإن الميم المشددة عوض من يا، لأَنهم لم يجدوا يا مع
هذه الميم في كلمة واحدة، ووجدوا اسم الله مستعملاً بيا إذا لم يذكروا
الميم في آخر الكلمة، فعلموا أَن الميم في آخر الكلمة بمنزلة يا في أَولها،
والضمة التي هي في الهاء هي ضمة الاسم المنادى المفرد، والميم مفتوحة
لسكونها وسكون الميم قبلها؛ الفراء: ومن العرب من يقول إذا طرح الميم يا
ألله اغفر لي، بهمزة، ومنهم من يقول يا الله بغير همز، فمن حذف الهمزة فهو
على السبيل، لأَنها أَلف ولام مثل لام الحرث من الأَسماء وأَشباهه، ومن
همزها توهم الهمزة من الحرف إذ كانت لا تسقط منه الهمزة؛ وأَنشد:
مُبارَكٌ هُوَّ ومن سَمَّاهُ،
على اسْمكَ، اللَّهُمَّ يا أَللهُ
قال: وكثرت اللهم في الكلام حتى خففت ميمها في بعض اللغات. قال الكسائي:
العرب تقول يا أَلله اغفر لي، ويَلّله اغفر لي، قال: وسمعت الخليل يقول
يكرهون أَن ينقصوا من هذا الاسم شيئاً يا أَلله أَي لا يقولون يَلَهُ.
الزجاج في قوله تعالى: قال عيسى بنُ مريم اللهم ربنا؛ ذكر سيبويه أَن اللهم
كالصوت وأَنه لا يوصف، وأَن ربنا منصوب على نداء آخر؛ الأَزهري:
وأَنشد قُطْرُب:
إِني إِذا ما مُعْظَمٌ أَلَمّا
أَقولُ: يا اللَّهُمَّ يا اللَّهُمّا
قال: والدليل على صحة قول الفراء وأَبي العباس في اللهم إِنه بمعنى يا
أَلله أُمَّ إِدخالُ العرب يا على اللهم؛ وقول الشاعر:
أَلا لا بارَكَ اللهُ في سُهَيْلٍ،
إِذا ما اللهُ بارك في الرجالِ
إِنما أَراد الله فقَصَر ضرورة.
والإِلاهَةُ: الحية العظيمة؛ عن ثعلب، وهي الهِلالُ. وإِلاهَةُ: اسم
موضع بالجزيرة؛ قال الشاعر:
كفى حَزَناً أَن يَرْحَلَ الركبُ غُدْوةً،
وأُصْبِحَ في عُلْيا إِلاهَةِ ثاوِيا
وكان قد نَهَسته حية. قال ابن بري: قال بعض أَهل اللغة الرواية:
وأُتْرَكَ في عُلْيَا أُلاهَةَ، بضم الهمزة، قال: وهي مَغارَةُ سَمَاوَة كَلْب؛
قال ابن بري: وهذا هو الصحيح لأَن بها دفن قائل هذا البيت، وهو أُفْنُونٌ
التَّغْلَبيّ، واسمه صُرَيْمُ بن مَعْشَرٍ
(* قوله «واسمه صريم بن معشر»
أي ابن ذهل بن تيم بن عمرو بن تغلب، سأل كاهناً عن موته فأخبر أنه يموت
بمكان يقال له ألاهة، وكان افنون قد سار في رهط إلى الشام فأتوها ثم
انصرفوا فضلوا الطريق فاستقبلهم رجل فسألوه عن طريقهم فقال: خذوا كذا وكذا
فإذا عنت لكم الالاهة وهي قارة بالسماوة وضح لكم الطريق. فلما سمع افنون
ذكر الالاهة تطير وقال لأصحابه: إني ميت، قالوا: ما عليك بأس، قال: لست
بارحاً. فنهش حماره ونهق فسقط فقال: اني ميت، قالوا: ما عليك بأس، قال: ولم
ركض الحمار؟ فأرسلها مثلاً ثم قال يرثي نفسه وهو يجود بها:
ألا لست في شيء فروحاً معاويا * ولا المشفقات يتقين الجواريا
فلا خير فيما يكذب المرء نفسه * وتقواله للشيء يا ليت ذا ليا
لعمرك إلخ. كذا في ياقوت لكن قوله وهي قارة مخالف للاصل في قوله وهي
مغارة)؛ وقبله:
لَعَمْرُكَ، ما يَدْري الفَتى كيف يَتَّقي،
إِذا هو لم يَجْعَلْ له اللهُ واقِيَا
عجب: العُجْبُ والعَجَبُ: إِنكارُ ما يَرِدُ عليك لقِلَّةِ اعْتِـيادِه؛
وجمعُ العَجَبِ: أَعْجابٌ؛ قال:
يا عَجَباً للدَّهْرِ ذِي الأَعْجابِ، * الأَحْدَبِ البُرْغُوثِ ذِي الأَنْيابِ
وقد عَجِبَ منه يَعْجَبُ عَجَباً، وتَعَجَّبَ، واسْتَعْجَبَ؛ قال:
ومُسْتَعْجِبٍ مما يَرَى من أَناتِنا، * ولو زَبَنَتْهُ الـحَرْبُ لم يَتَرَمْرَمِ
والاسْتِعْجابُ: شِدَّةُ التَّعَجُّبِ.
وفي النوادر: تَعَجَّبنِـي فلانٌ وتَفَتَّنَني أَي تَصَبَّاني؛ والاسم:
العَجِـيبةُ، والأُعْجُوبة.
والتَّعاجِـيبُ: العَجائبُ، لا واحدَ لها من لفظها؛ قال الشاعر:
ومنْ تَعاجِـيبِ خَلْقِ اللّهِ غَاطِـيةٌ، * يُعْصَرُ مِنْها مُلاحِـيٌّ وغِرْبِـيبُ
الغَاطِـيَةُ: الكَرْمُ. وقوله تعالى: بل عَجِـبْت ويَسْخَرُون؛ قرأَها
حمزة والكسائي بضم التاءِ، وكذا قراءة علي بن أَبي طالب وابن عباس؛ وقرأَ ابن كثير ونافع وابن عامر وعاصم وأَبو عمرو: بل عَجِـبْتَ، بنصب التاءِ.
الفراءُ: العَجَبُ، وإِن أُسْنِدَ إِلى اللّه، فليس معناه من اللّه، كمعناه من العباد.
قال الزجاج: أَصلُ العَجَبِ في اللغة، أَن الإِنسان إِذا رأَى ما ينكره ويَقِلُّ مِثْلُه، قال: قد عَجِـبْتُ من كذا. وعلى هذا معنى قراءة من قرأَ بضم التاءِ، لأَن الآدمي إِذا فعل ما يُنْكِرُه اللّهُ، جاز أَن يقول فيه عَجِـبْتُ، واللّه، عز وجل، قد علم ما أَنْكَره قبل كونه، ولكن الإِنكارُ والعَجَبُ الذي تَلْزَمُ به
الـحُجَّة عند وقوع الشيءِ. وقال ابن الأَنباري في قوله: بل عَجِـبْتُ؛ أَخْبَر عن نفسه بالعَجَب. وهو يريد: بل جازَيْتُهم على عَجَبِـهم من الـحَقِّ، فَسَمّى فِعْلَه باسمِ فِعْلهم.
وقيل: بل عَجِبْتَ، معناه بل عَظُمَ فِعْلُهم عندك. وقد أَخبر اللّه عنهم في غير موضع بالعَجَب من الـحَقِّ؛ قال: أَكَانَ للناسِ عَجَباً؛ وقال: بل عَجِـبُوا أَنْ جاءهم مُنْذِرٌ منهم؛ وقال الكافرون: إِنَّ هذا لشيءٌ عُجابٌ.
ابن الأَعرابي: العَجَبُ النَّظَرُ إِلى شيءٍ غير مأْلوف ولا مُعتادٍ.
وقوله عز وجل: وإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قولُهم؛ الخطابُ للنبي، صلى اللّه عليه وسلم، أَي هذا موضعُ عَجَبٍ حيث أَنكروا البعْثَ، وقد تبين لهم مِنْ خَلْقِ السمواتِ والأَرض ما دَلَّهم على البَعْث، والبعثُ أَسهلُ في القُدْرة مما قد تَبَيَّـنُوا. وقوله عز وجل: واتَّخَذَ سبيلَه في البحر عَجَباً؛ قال ابن عباس: أَمْسَكَ اللّه تعالى جرْيَةَ البَحْرِ حتى كان مثلَ الطاقِ فكان سَرَباً، وكان لموسى وصاحبه عَجَباً. وفي الحديث: عَجِبَ رَبُّكَ من قوم يُقادُونَ إِلى الجنةِ في السلاسِل؛ أَي عَظُمَ ذلك عنده وكَبُرَ لديه. أَعلم الّله أَنه إِنما يَتَعَجَّبُ الآدميُّ من الشيءِ إِذا عَظُمَ مَوْقِعُه عنده، وخَفِـيَ عليه سببُه، فأَخبرهم بما يَعْرِفون، ليعلموا مَوْقعَ هذه الأَشياء عنده. وقيل: معنى عَجِبَ رَبُّكَ أَي رَضِـيَ وأَثابَ؛ فسماه عَجَباً مجازاً، وليس بعَجَبٍ في الحقيقة. والأَولُ الوجه كما قال: ويَمْكُرونَ ويَمْكُرُ اللّهُ؛ معناه ويُجازيهم اللّه على مكرهم. وفي الحديث: عَجِبَ رَبُّكَ من شَابٍّ ليستْ له صَبْوَةٌ؛ هو من ذلك.
وفي الحديث: عَجِبَ رَبُّكُمْ من إِلِّكم وقُنُوطِكم. قال ابن الأَثير:
إِطْلاقُ العَجَب على اللّه تعالى مَجَازٌ، لأَنه لا يخفى عليه أَسبابُ
الأَشياء؛ والتَّعَجُّبُ مما خَفِـيَ سببه ولم يُعْلَم.
وأَعْجَبَه الأَمْرُ: حَمَلَهُ على العَجَبِ منه؛ وأَنشد ثعلب:
يا رُبَّ بَيْضَاءَ على مُهَشَّمَهْ، * أَعْجَبَها أَكْلُ البَعيرِ اليَنَمَهْ
هذه امرأَةٌ رأَتِ الإِبلَ تأْكل، فأَعْجَبها ذلك أَي كَسَبها عَجَباً؛
وكذلك قولُ ابنِ قَيسِ الرُّقَيَّاتِ:
رَأَتْ في الرأْسِ منِّي شَيْــ * ــبَةً، لَسْتُ أُغَيِّبُها
فقالتْ لي: ابنُ قَيْسٍ ذا! * وبَعْضُ الشَّيْءِ يُعْجِـبُها
أَي يَكْسِـبُها التَّعَجُّبَ.
وأُعْجِبَ به: عَجِبَ.
وعَجَّبَه بالشيءِ تَعْجِـيباً: نَبَّهَهُ على التَّعَجُبِ منه.
وقِصَّةٌ عَجَبٌ، وشيء مُعْجِبٌ إِذا كان حَسَناً معدًّا.
والتَّعَجُّبُ: أَن تَرَى الشيءَ يُعْجِـبُكَ، تَظُنُّ أَنك لم تَرَ مِثلَه. وقولهم: للّه زيدٌ! كأَنه جاءَ به اللّه من أَمْرٍ عَجِـيبٍ، وكذلك قولهم: للّه دَرّهُ ! أَي جاءَ اللّهُ بدَرِّه من أَمْرٍ عَجِـيبٍ لكثرته.
وأَمر عُجَابٌ وعُجَّابٌ وعَجَبٌ وعَجِـيبٌ وعَجَبٌ عاجِبٌ وعُجَّابٌ،
على المبالغة، يؤكد به. وفي التنزيل: إِنَّ هذا لشيءٌ عُجَابٌ؛ قرأَ أَبو عبدالرحمن السُّلَمِـيُّ: ان هذا لشيء عُجَّابٌ، بالتشديد؛ وقال الفراء: هو مِثْلُ قولهم رجل كريم، وكُرامٌ وكُرَّامٌ، وكَبيرٌ وكُبَارٌ
وكُبَّارٌ، وعُجَّاب، بالتشديد، أَكثر من عُجَابٍ. وقال صاحب العين: بين العَجِـيب والعُجَاب فَرْقٌ؛ أَمـَّا العَجِـيبُ، فالعَجَبُ يكون مثلَه، وأَمـَّا العُجَاب فالذي تَجاوَزَ حَدَّ العَجَبِ.
وأَعْجَبَهُ الأَمْرُ: سَرَّه. وأُعْجِبَ به كذلك، على
لفظ ما تَقَدَّم في العَجَبِ.
والعَجِـيبُ: الأَمْرُ يُتَعَجَّبُ منه. وأَمْرٌ عَجِـيبٌ: مُعْجِبٌ.
وقولهم: عَجَبٌ عاجِبٌ، كقولهم: لَيْلٌ لائِلٌ، يؤكد به؛ وقوله أَنشده
ثعلب:
وما البُخْلُ يَنْهاني ولا الجُودُ قادَني، * ولكنَّها ضَرْبٌ إِليَّ عَجيبُ
أَرادَ يَنْهاني ويَقُودُني، أَو نَهاني وقَادَني؛ وإِنما عَلَّقَ عَجِـيبٌ بإِليَّ، لأَنه في معنى حَبِـيب، فكأَنه قال: حَبِـيبٌ إِليَّ. قال
الجوهري: ولا يجمع عَجَبٌ ولا عَجِـيبٌ. ويقال: جمعُ عَجِـيب عَجائبُ، مثل أَفِـيل وأَفائِل، وتَبيع وتَبائعَ. وقولهم: أَعاجِـيبُ كأَنه جمع أُعْجُوبةٍ، مثل أُحْدُوثةٍ وأَحاديثَ.
والعُجْبُ: الزُّهُوُّ. ورجل مُعْجَبٌ: مَزْهُوٌّ بما يكون منه حَسَناً
أَو قَبِـيحاً. وقيل: الـمُعْجَبُ الإِنسانُ الـمُعْجَبُ بنفسه أَو بالشيءِ، وقد أُعْجِبَ فلانٌ بنفسه، فهو مُعْجَبٌ برأْيه وبنفسه؛ والاسم
العُجْبُ، بالضم. وقيل: العُجْب فَضْلَةٌ من الـحُمْق صَرَفْتَها إِلى
العُجْبِ. وقولُهم ما أَعجَبَه برأْيه، شاذّ لا يُقاس عليه. والعُجْب: الذي يُحِبُّ مُحادثةَ النساء ولا يأْتي الريبة. والعُجْبُ والعَجْبُ والعِجْبُ: الذي يُعْجِـبُه القُعُود مع النساءِ. والعَجْبُ والعُجْبُ من كل دابة(1)
(1 قوله «والعجب والعجب من كل دابة الخ» كذا بالأصل وهذه عبارة التهذيب بالحرف وليس فيها ذكر العجب مرتين بل قال والعجب من كل دابة الخ. وضبطه بشكل القلم بفتح فسكون كالصحاح والمحكم وصرح به المجد والفيومي وصاحب المختار لاسيما وأُصول هذه المادة متوفرة عندنا فتكرار العجب في نسخة اللسان ليس إلا من الناسخ اغتر به شارح القاموس فقال عند قول المجد: العجب، بالفتح وبالضم، من كل دابة ما انضم إلى آخر ما هنا ولم يساعده على ذلك أصل صحيح،
ان هذا لشيء عجاب.): ما انْضَمَّ عليه الوَرِكان من أَصل الذَّنَبِ
الـمَغْروز في مؤخر العَجُزِ؛ وقيل: هو أَصلُ الذَّنَبِ كُلُّه. وقال اللحياني: هو أَصْلُ الذَّنَبِ وعَظْمُه، وهو العُصْعُصُ؛ والجمعُ أَعْجابٌ وعُجُوبٌ. وفي الحديث: كُلُّ ابنِ آدمَ يَبْلَى إِلا العَجْبَ؛ وفي رواية: إِلاَّ عَجْبَ الذَّنَب. العَجْبُ، بالسكون: العظم الذي في أَسفل الصُّلْب عند العَجُز، وهو العَسِـيبُ من الدَّوابِّ. وناقة عَجْباءُ: بَيِّنَةُ العَجَبِ، غلِـيظةُ عَجْبِ الذَّنَب، وقد عَجِـبَتْ عَجَباً. ويقال: أَشَدُّ ما عَجُبَتِ الناقةُ إِذا دَقَّ أَعْلى مُؤَخَّرِها، وأَشْرَفَتْ
جاعِرَتاها. والعَجْباءُ أَيضاً: التي دَق أَعلى مُؤَخَّرها، وأَشرَفَتْ
جاعِرَتاها، وهي خلْقَةٌ قبيحة فيمن كانت. وعَجْبُ الكَثِـيبِ: آخِرُه
الـمُسْتَدِقُّ منه، والجمعُ عُجُوب؛ قال لبيد:
يَجْتابُ أَصْلاً قالِصاً مُتَنَبِّذاً * بعُجُوبِ أَنْقاءٍ، يَميلُ هَيامُها
ومعنى يَجتابُ: يَقْطَع؛ ومن روى يَجْتافُ، بالفاءِ، فمعناه يَدْخُلُ؛
يصف مطراً. والقالِصُ: المرتفعُ. والـمُتَنَبِّذُ: الـمُتَنَحِّي ناحيةً.
والـهَيَامُ: الرَّمْل الذي يَنْهار. وقيل: عَجْبُ كلّ شيءٍ مُؤَخَّرُه.
وبَنُو عَجْبٍ: قبيلة؛ وقيل: بَنُو عَجْبٍ بطن. وذكر أَبو زيد خارجةُ
بنُ زيدٍ أَن حَسَّان بنَ ثابتٍ أَنشد قوله:
انْظُرْ خَليلِي ببَطْنِ جِلَّقَ هلْ * تُونِسُ، دونَ البَلْقاءِ، مِن أَحَدِ
فبكى حَسَّان بذِكْرِ ما كان فيه من صِحَّة البصر والشَّبابِ، بعدما
كُفَّ بَصَرُه، وكان ابنه عبدُالرحمن حاضِراً فسُرَّ ببكاءِ أَبيه. قال
خارجةُ: يقول عَجِـبْتُ من سُروره ببكاءِ أَبيه؛ قال ومثله قوله:
فقالتْ لي: ابنُ قَيْسٍ ذا! * وبعضُ الشَّيءِ يُعْجِـبُها
أَي تَتَعَجَّبُ منه. أَرادَ أَابنُ قَيْسٍ، فتَرك الأَلفَ الأُولى.