الشَّهْر الثَّالِث من الشُّهُور الْقبْطِيَّة
هاتُــور [مفرد]: الشَّهر الثَّالث من شهور السَّنة القبطيَّة، يأتي بعد بابه، ويليه كِيَهْك.
تره: التُّرُّــهات والتُّرَّــهات: الأَباطيل، واحدتها تُرٍَّهة، وهي
التُّرَّهُ، بضم التاء وفتح الراء المشدّدة، وهي في الأَصل الطُّرُق الصغار
المُتَشَعِّبة عن الطريق الأَعظم، والجمع التَّرَارِه، وقيل: التُّرَّهُ
والتُّرَّهة واحد، وهو الباطل. الأَزهري: التُّرَّــهات البواطل من الأُمور؛
وأَنشد لرؤبة:
وحَقَّةٍ ليستْ بقْوْلِ التُّرَّهِ
هي واحدة التُّرَّــهات. قال ابن بري في قول رؤبة ليست بقول التُّرَِِّه،
قال: ويقال في جمع تُرَّهَةٍ للباطل تُرَّهُ، قال: ويقال هو احد.
الجوهري: التُّرَّــهات الطُّرُق الصِّغار غير الجادَّة تَتَشعَّب عنها، الواحدة
تُرَّهة، فارسي معرّب؛ وأَنشد ابن بري:
ذاكَ الذي، وأَبيكَ، يَعْرِفُ مالكٌ،
والحقُ يَدْفعُ تُرَّــهاتِ الباطلِ
واستُعير في الباطل فقيل: التُّرَّــهاتُ البَسَابِسُ، والتُّرَّــهاتُ
الصَّحاصِحُ، وهو من أَسماء الباطل، وربما جاء مضافاً، وقوم يقولون تُرّهٌ،
والجمع تَراريه؛ وأَنشدوا:
رُدُّوا بَني الأَعْرجِ إِبْلِي مِنْ كَثَبْ
قَبْلَ التَّراريه، وبُعْدِ المُطَّلَبْ
هتف: الهَتْفُ والهُتافُ الصوت الجافي العالي، وقيل: الصوت الشديد. وقد
هتَف به هُتافاً أَي صاح به. أَبو زيد: يقال هَتفْت بفلان أَي دعَوْتُه،
وهتفْت بفلان أَي مدَحْته. وفلانة يُهْتَف بها أَي تُذكر بجَمال. وفي
حديث حُنين: قال اهْتِفْ بالأَنصار أَي نادِهم وادعُهم، وقد هَتف يَهْتِف
هَتْفاً. وفي حديث بدر: فجعل يَهْتِفُ بربّه أَي يدعوه ويُناشِده. ابن
سيده: وقد هَتَفَ يهتِف هتْفاً، والحمامة تَهْتِف، وسمعت هاتِــفاً يَهْتِف إذا
كنت تسمع الصوت ولا تُبْصِر أَحداً. وهتَفتِ الحَمامة هتْفاً: ناحَتْ؛
قال ابن بري: ويقال هتَّفت الحمامة؛ وأَنشد لنُصَيْب:
ولا انَّني ناسِيكَ بالليل، ما بَكَتْ،
على فَننٍ، ورْقاء ظَلَّتْ تُهَتِّفُ
وحَمامة هَتُوف: كثيرة الهُتاف. وقوس هَتُوف وهَتَفَى: مُرِنّةٌ
مصَوِّتة؛ وأَنشد ابن بري للشماخ:
هَتُوفٌ إذا ما جامع الظبيَ سَهْمُها،
وإن رِيعَ منها أَسْلَمَتْه النَّوافِرُ
وريح هَتُوف: حنّانة، والاسم الهَتَفى. وقوس هتَّافة: ذات صوت. وقال في
ترجمة همز: قوس هَمَزى شديدة الهَمْز إذا نُزع فيها؛ قال أَبو النجم:
أَنْحَى شِمالاً هَمَزَى نَضُوحا،
وهَتَفَى مُعْطِيةً طَرُوحا
(* قوله «نضوحا» أي شديدة الحفز للسهم.)
هيه: هِيهِ وهِيهَ، بالكسر والفتح:
(* قوله «بالكسر والفتح» أَي كسر
الهاء الثانية وفتحها، فأَما الهاء الأولى فمكسورة فقط كما ضبط كذلك في
التكملة والمحكم). في موضع إيهِ وإيهَ. وفي حديث أُميَّةَ وأَبي سفيانَ قال:
يا صَخْرُ هِيهٍ، فقلت: هِيْهاً؛ هِيهٍ: بمعنى إيهٍ فأَبدل من الهمزة
هاء، وإيهٍ اسم سمي به الفعل، ومعناه الأَمر، تقول للرجل إيهِ، بغير
تنوين، إذا استزدته من الحديث المعهود بينكما، فإن نوَّنْتَ استزدتَهُ من
حديثٍ مَّا غير معهود، لأَن التنوين للتنكير، فإذا سكَّنْتَهُ وكففته قلت
إيهاً، بالنصب، فالمعنى أَن أُميَّةَ قال له: زِدْني من حديثك، فقال له
أَبو سفيان: كُفَّ عن ذلك. ابن سيده: إيهٍ كلمة استزادة لكلام، وهاهْ كلمة
وعيدٍ، وهي أَيضاً حكايةُ الضحك والنَّوْحِ. وروى الأَزهري عن أَبي هريرة
قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إن الله يحب العُطاسَ
ويَكْرَهُ التَّثاؤُبَ، فإذا تَثاءَبَ أَحدُكم فلْيَرُدَّه ما استطاع ولا
يقولَنَّ هاهْ هاهْ، فإنما ذلِكُمُ الشيطانُ يضحكُ منه. وفي حديث علي، رضوان
الله عليه، وذكر العلماء الأَتقياء فقال: أُولئك أَولياءُ اللهِ من خلقه
ونُصَحاؤُهُ في دِينِه والدُّعاةُ إلى أَمره، هاهْ هاهْ شَوْقاً إليهم.
قال ابن سيده: وإنما قضيت على أَلف هاه أَنها ياء بدليل قولِهم هِيهِ في
معناه.
وهَيْهَيْتُ بالإبل وهاهَيْتُ بها: دعوتها وزجرتها فقلت لها هَاهَا،
فقلبت الياء أَلفاً لغير علة إلا طَلَب الخفة، لأَن الهاء لخفائها كأَنها
لم تَحْجُزْ بينهما، فالتقى مِثْلانِ. وهاهَيْتُ بالإبل أَي شايَعْتُ
بها. وهاهَيْتُ الكلاب: زجرتها؛ وقال:
أَرَى شَعَراتٍ، على حاجبيـْ
يَ، بِيضاً نَبَتْنَ جميعاً تُؤَامَا
ظَلِلْتُ أُهاهي بِهنَّ الكِلا
بَ، أَحْسِبُهُنَّ صُواراً قِيامَا
فأَما قوله:
قد أَخْصِمُ الخَصْمَ وآتي بالرُّبُعْ،
وأَرْفَعُ الجفنةَ بالهَيْهِ الرَّتِعْ
فإن أَبا علي فسره بأَنه الذي يُنَحَّى ويُطْرَدُ لدنس ثيابه فلا
يُطْعَمُ، يقال له هَيَهْ هِيَهْ. وحكى ابن الأَعرابي: أَن الهَيْه هو الذي
يُنَحَّى لدنس ثيابه يقال له هَيْه هَيْه؛ وأَنشد البيت:
وأَرْقَعُ الجَفْنَةَ بالهَيْهِ الرَّئِعْ
قوله: آتي بالرُّبُع أَي بالرُّتْعِ من الغنيمة، ومن قال بالرُّبَعِ،
فمعناه أَقتاده وأَسوقه. وقوله:
وأَرْقَعِ الجفنة بالهيه الرتِع
الرَّتِعُ: الذي لا يبالي ما أَكل وما صنع، فيقول أَنا أُدنيه وأُطعمه
وإن كان دنس الثياب؛ وأَنشد الأَزهري هذا البيت عن الأَعرابي وفسره فقال:
يقول إذا كان خَلَلاً سَددته بهذا، وقال: الهَيْهُ الذي يُنَحَّى.
يقال: هَيْه هَيْه لشيء يُطْرَدُ ولايُطعَمُ، يقول: فأَنا أُدنيه واطعمه.
وهَيَاهٌ: من أَسماء الشياطين.
وهَيْــهاتَ وهَيْــهاتِ: كلمة معناها البُعْدُ، وقيل: هَيْــهاتَ كلمة
تبعيد؛ قال جريرٌ:
فهَيْــهاتَ هَيْــهاتَ العَقِيقُ وأَهْلُهُ
وهَيْــهاتَ خِلٌّ بالعَقيقِ نُحاولُهْ
والتاء مفتوحة مثل كيف، وأَصلها هاء، وناس يكسرونها على كل حال بمنزلة
نون التثنية؛ قال حُمَيدٌ الأَرْقَطُ يصف إبلاً قطعت بلاداً حتى صارت في
القِفار:
يُصْبِحْنَ بالقَفْزِ أَتاوِيَّاتِ،
هَيْــهاتِ من مُصْبَحِها هَيْــهاتِ
هَيْــهاتِ حَجْرٌ من صُنَيْبِعاتِ
وقد تبدل الهاء همزة فيقال أَيــهاتَ مثل هَراقَ وأَراقَ؛ قال الشاعر:
أَيْــهاتَ مِنْكَ الحياةُ أَيْــهاتَــا
وقد تكرر ذكر هيــهات في الحديث، واتفق أََهل اللغة أَن التاء من هيــهات
ليست بأَصلية، أَصلها هاء. قال أَبوعمرو بن العلاء: إذا وصَلْتَ هَيْــهاتَ
فَدَعِ التاء على حالها، وإذا وَقَفْتَ فقل هَيْــهات هَيْهاه، قال ذلك في
قول الله عز وجل: هَيْــهاتَ هَيْــهاتَ لما توعَدُونَ. قال: وقال سيبويه
من كسر التاء فقال هَيْــهاتِ هَيْــهاتِ فهي بمنزلة عِرْقاتٍ، تقول
اسْتأْصلَ الله عِرْقاتِهم، فمن كسر التاء جعلها جمعاً واحدَتُها عِرْقَةٌ،
وواحدَةُ هَيْــهاتِ على ذلك اللفظ هَيْهَةٌ، ومن نصب التاء جعلها كلمة واحدة،
قال: ويقال هَيْــهاتَ ما قُلْتَ وهَيْــهاتَ لِما قُلْتَ، فمَنْ أَدخل
اللام فمعناه البُعْدُ لقولك. ابن الأَنباري: في هَيْــهاتَ سبع لغاتٍ: فمن
قال هَيْــهاتَ بفتح التاء بغير تنوين شَبَّه التاء بالهاء ونصبها على
مَذْهَب الأَداةِ، ومن قال هَيْــهاتــاً بالتنوين شَبَّهه بقوله فقليلاً ما
يُؤْمنون أَي فقليلاً إيمانُهم، ومن قال هَيْــهاتِ شَبَّهه بحذامِ وقطامِ، ومن
قال هَيْــهاتٍ بالتنوين شَبَّهه بالأَصوات كقولهم غاقٍ وطاقٍ، ومن قال
هَيْــهاتُ لك بالرفع ذهب بها إلى الوصف فقال هي أَداة والأَدَواتُ معرفةٌ،
ومن رفعها ونَوَّنَ شَبَّهَ التاء بتاء الجمع كقوله من عَرَفاتٍ، قال: ومن
العرب من يقول أَيْــهات في اللغات التي ذكرتها كلها، ومنهم من يقول
أَيهان، بالنون، قال الشاعر:
أَيْهانَ منكَ الحياةُ أَيْهانا
ومنهم من يقول أَيْها، بلا نونٍ، ومن قال أَيْها حذف التاء كما حذفت
الياء من حاشَى فقالوا حاشَ؛ وأَنشد:
ومن دُونَي الأَعراضُ والقِنْعُ كلُّه،
وكُتْمانُ أَيْهَا ما أَشَتَّ وأَبْعَدَا
وهي في هذه اللغات كلها معناها البُعْدُ، والمستعمل منها استعمالاً
عالياً الفتح بلا تنوين. الفراء: نصب هيــهات بمنزلة نَصْبِ رُبَّتَ
وثُمَّتَ، والأَصل رُبَّهْ وثُمَّهْ؛ وأَنشد:
ماوِيَّ، يا رُبَّتَما غارةٍ
شَعْواءَ، كاللَّذْعَةِ بالمِيسمِ
قال: ومن كسر التاء لم يجعلها هاء تأْنيث، وجعلها بمنزلة دَراكِ
وقَطامِ. أَبو حيان: هَيْــهاتَ هيــهاتَ لما توعدون، فأَلحق الهاء الفتحة؛
قال:هَيْــهاتَ من عَبْلَةَ ما هَيْــهاتــا،
هَيْــهاتَ إلا ظَعَناً قد فاتا
قال ابن جني كان أَبو علي يقول في هَيْــهاتَ أَنا أُفْتي مرةً بكونها
اسماً سمي به الفعل كصَهْ ومَهْ، وأُفْتِي مرةً بكونها ظرفاً على قدر
ما يَحْضُرُني في الحال، قال: وقال مرة أُخرى إنها وإن كانت ظرفاً فغير
ممتنع أَن تكون مع ذلك اسماً سمي به الفعل كعِنْدَكَ ودونَك. وقال ابن جني
مرة: هَيْــهاتٍ وهيــهاتِ، مصروفة وغير مصروفة، جمع هَيْهة، قال: وهَيْــهات
عندنا رباعية مكررة، فاؤُها ولامُها الأُولى هاء، وعينها ولامها الثانية
ياء، فهي لذلك من باب صِيصِيَةٍ، وعَكسُها يَلْيَلُ ويَهْياهٌ، من
ضَعَّفَ الياء بمنزلة المَرْمَرَة والقَرْقَرَة. ابن سيده: أَيْــهاتَ لغة في
هَيْــهاتَ، كأَنّ الهمزة بدل من الهاء؛ هذا قول بعض أَهل اللغة، قال:
وعندي أَن إحداهما ليست بدلاً من الأُخرى إنما هما لغتان. قال الأَخفش:
يجوز في هَيْــهاتَ أَن يكون جماعة، فتكون التاء التي فيها تاء الجمع التي
للتأْنيث، قال: ولا يجوز ذلك في اللات والعُزَّى لأَن لاتَ وكيْتَ لا
يكون مثلُهما جَماعةً، لأَن التاء لا تزاد في الجماعة إلا مع الألف، وإن
جعلت الأَلف والتاء زائدتين بقي الاسم على حرف واحد، قال ابن بري عند قول
الجوهري: يجوز في هَيْــهاتَ أَن يكون جماعة وتكون التاءُ التي فيها تاءَ
الجمع، قال: صوابه يجوز في هيــهات بكسر التاء، وقد ينوّن فيقال هَيْــهاتٍ
وهَيْــهاتــاً؛ قال الأَحْوَصُ:
تَذكَّرُ أَيَّاماً مَضَيْنَ من الصِّبَا،
وهَيْــهاتِ هَيْــهاتــاً إليكَ رُجُوعُها
وقول العجاج:
هَيْــهاتَ من مُنْخرقٍ هَيْهاؤُه
قال ابن سيده: أَنشده ابن جني ولم يفسره، قال: ولا أَدري ما معنى
هَيْهاؤُه. وقال غيره: معناها البعد والشيء الذي لا يُرْجَى. وقال ابن بري:
قوله هَيْهاؤُه يدل على أَن هَيْــهاتَ من مضاعف الأَربعة، وهَيْهاؤه فاعل
بهَيْــهات، كأَنه قال بَعُدَ بُعْدُه، ومن متعلقة بهيــهات، وقد تكلم عليه
أَبو علي في أَول الجزء الثاني والعشرين من التَّذْكَرة. قال ابن بري: قال
أَبو علي من فتح التاء وقف عليها بالهاء لأَنها في اسم مفرد، ومن كسر
التاء وقف عليها بالتاء لأَنها جمع لهَيْــهاتَ المفتوحة، قال: وهذا خلاف ما
حكاه الجوهري عن الكسائي، وهو سهو منه، وهذا الذي رده ابن بري على
الجوهري ونسبه إلى السهو فيه هو بعينه في المحكم لابن سيده.
الأَزهري في أَثناء كلامه على وَهَى: أَبو عمرو التَّهيِيتُ الصَّوْتُ
بالناس. قال أَبو زيد: هو أَن تقول له يا هَيَاهِ.
وجه: الوَجْهُ: معروف، والجمع الوُجُوه. وحكى الفراء: حَيِّ الأُجُوهَ
وحَيِّ الوُجُوه. قال ابن السكيت: ويفعلون ذلك كثيراً في الواو إذا
انضمت. وفي الحديث: أَنه ذكر فِتَناً كوُجُوهِ البَقَرِ أَي يُشْبِه بَعْضُها
بعضاً لأَن وُجُوهَ البقر تتشابه كثيراً؛ أَراد أَنها فِتَنٌ
مُشْتَبِهَةٌ لا يُدْرَى كيف يُؤْتَى لها. قال الزمخشري: وعندي أَن المراد تأْتي
نواطِحَ للناس ومن ثم قالوا نَواطِحُ الدَّهْرِ لنوائبه. ووَجْهُ كُلِّ شيء:
مُسْتَقْبَلُه، وفي التنزيل العزيز: فأَيْنَما تُوَلُّوا فثَمَّ وَجْهُ
اللهِ. وفي حديث أُمّ سلمة: أَنها لما وَعَظَتْ عائشة حين خرجت إلى
البصرة قالت لها: لو أَن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عَارَضَكِ ببعض
الفَلَواتِ ناصَّةً قَلُوصاً من مَنْهَلٍ إلى مَنْهَلٍ قد وَجِّهْتِ
سدافَتَه وتَرَكْتِ عُهَّيْداهُ في حديث طويل؛ قولها: وَجَّهْتِ
سِدافَتَه أَي أَخذتِ وَجْهاً هَتَكْتِ سِتْرَك فيه، وقيل: معناه أَزَلْتِ
سِدافَتَهُ، وهي الحجابُ، من الموضع الذي أُمِرْتِ أَن تَلْزَمِيه وجَعَلْتِها
أَمامَكِ. القتيبي: ويكون معنى وَجَّهْتِهَا أَي أَزَلْتِهَا من المكان
الذي أُمِرْتِ بلزومه وجَعَلْتِهَا أَمامَكِ. والوَجْهُ: المُحَيَّا.
وقوله تعالى: فأَقِمْ وَجْهَكَ للدِّين حَنِيفاً؛ أَي اتَّبِع الدِّينَ
القَيِّمَ، وأَراد فأَقيموا وجوهكم، يدل على ذلك قوله عز وجل بعده:
مُنِيبِينَ إليه واتَّقُوهُ؛ والمخاطَبُ النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، والمراد
هو والأُمَّةُ، والجمع أَوْجُهٌ ووُجُوهٌ. قال اللحياني: وقد تكون
الأَوْجُهُ للكثير، وزعم أَن في مصحف أُبَيٍّ أَوْجُهِكُمْ مكان وُجُوهِكُمْ،
أُراه يريد قوله تعالى: فامسحوا بوُجُوهِكُمْ. وقوله عز وجل: كلُّ شيءٍ
هالكٌ إلا وَجْهَهُ؛ قال الزجاج: أَراد إلا إيَّاهُ. وفي الحديث: كانَتْ
وُجُوهُ بُيُوت أَصحابِهِ شارعةً في المسجد؛ وَجْهُ البيتِ: الخَدُّ
الذي يكون فيه بابه أَي كانت أَبواب بيوتهم في المسجد، ولذلك قيل لَخَدِّ
البيت الذي فيه الباب وَجْهُ الكَعْبةِ. وفي الحديث: لتُسَوُّنَّ
صُفُوفَكُمْ أَو لَيُخالِفَنَّ الله بين وُجُوهكم؛ أَراد وُجوهَ القلوب، كحديثه
الآخر: لا تَخْتَلِفُوا فتَخْتَلِفَ قُلُوبكم أَي هَوَاها وإرادَتُها.
وفي حديث أَبي الدَّرْداءِ: لا تَفْقَهُ حتى تَرَى للقرآن وُجُوهاً أَي
تَرَى له مَعَانيَ يحتملها فتَهابَ الإقْدامَ عليه. ووُجُوهُ البلد:
أَشرافُه. ويقال: هذا وَجْهُ الرأْيِ أَي هو الرأْيُ نَفْسُه. والوَجْه
والجِهَةُ بمعنىً، والهاء عوض من الواو، والاسم الوِجْهَةُ والوُجْهَةُ، بكسر
الواو وضمها، والواو تثبت في الأَسماء كما قالوا وِلْدَةٌ، وإنما لا تجتمع
مع الهاء في المصادر. واتَّجَهَ له رأْيٌ أَي سَنَحَ، وهو افْتَعَلَ،
صارت الواو ياء لكسرة ما قبلها، وأُبدلت منها التاء وأُدغمت ثم بُنِيَ
عليه قولك قعدت تُجاهَكَ وتِجَاهَكَ أَي تِلْقاءَك. ووَجْهُ الفَرَسِ: ما
أَقبل عليك من الرأْس من دون مَنَابت شعر الرأْس. وإنه لعَبْدُ الوَجْهِ
وحُرُّ الوَجْهِ، وإنه لسَهْلُ الوَجْهِ إذا لم يكن ظاهر الوَجْنَةِ.
ووَجْهُ النهار: أَوَّلُهُ. وجئتك بوَجْهِ نهارٍ أَي بأَوّل نهار. وكان ذلك
على وَجْهِ الدهرأَي أَوَّلِهِ؛ وبه يفسره ابن الأَعرابي. ويقال: أَتيته
بوَجْهِ نهارٍ وشَبابِ نهارٍ وصَدْرِ نهارٍ أَي في أَوَّله؛ ومنه قوله:
مَنْ كان مَسْروراً بمَقْتَلِ مالِكٍ،
فليأْتِ نِسْوَتَنَا بوَجْهِ نهارِ
وقيل في قوله تعالى: وَجْهَ النهارِ واكْفُروا آخِرَهُ؛ صلاة الصبح،
وقيل: هو أَوّل النهار. ووَجْهُ النجم: ما بدا لك منه. ووَجْهُ الكلام:
السبيلُ الذي تقصده به.
وجاهاهُ إذا فاخَرَهُ.
ووُجُوهُ القوم: سادتهم، واحدهم وَجْهٌ، وكذلك وُجَهَاؤهم، واحدهم
وَجِيهٌ. وصَرَفَ الشيءَ عن وَجْهِهِ أَي سَنَنِهِ.
وجِهَةُ الأَمرِ وجَهَتُهُ ووِجْهَتُه ووُجْهَتُهُ: وَجْهُهُ. الجوهري:
الاسم الوِجْهَة والوُجْهة، بكسر الواو وضمها، والواو تثبت في الأَسماء
كما قالوا وِلْدَةٌ، وإنما لا تجتمع مع الهاء في المصادرِ. وما له جِهَةٌ
في هذا الأَمرِ ولا وِجْهَةٌ أَي لا يبصر وجْهَ أَمره كيف يأْتي له.
والجِهَةُ والوِجْهَةُ جميعاً: الموضعُ الذي تَتَوَجَّهُ إليه وتقصده.
وضَلَّ وِجْهَةَ أَمْرهِ أَي قَصْدَهُ؛ قال:
نَبَذَ الجِوَارَ وضَلَّ وِجْهَةَ رَوْقِهِ،
لما اخْتَلَلْتُ فُؤَادَهُ بالمِطْرَدِ
ويروى: هِدْيَةَ رَوْقِهِ. وخَلِّ عن جِهَتِه: يريد جِهَةَ الطريقِ.
وقلت كذا على جِهَةِ كذا، وفعلت ذلك على جهة العدل وجهة الجور؛ والجهة:
النحو، تقول كذا على جهة كذا، وتقول: رجل أَحمر من جهته الحمرة، وأَسود من
جهته السواد. والوِجهةُ والوُجهةُ: القِبلةُ وشِبْهها في كل وجهة أَي
في كل وجه استقبلته وأَخذت فيه. وتَجَهْتُ إليك أَتْجَهُ أَي توجهتُ،
لأَن أَصل التاء فيهما واو.وتوَجَّه إليه: ذهب. قال ابن بري: قال أَبو زيد
تَجِهَ الرجلُ يَتْجَهُ تَجَهاً. وقال الأَصمعي: تَجَهَ،بالفتح؛ وأَنشد
أَبو زيد لمِرْداسِ بن حُصين:
قَصَرْتُ له القبيلةَ، إذ تَجِهْنا
وما ضاقَتْ بشَدّته ذِراعي
والأَصمعي يرويه: تَجَهْنا، والذي أَراده اتَّجَهْنا، فحذف أَلف الوصل
وإحدى التاءين، وقَصَرْتُ: حبَسْتُ. والقبيلةُ: اسم فرسه، وهي مذكورة في
موضعها، وقيل: القبيلة اسم فرسٍ؛ أَنشد ابن بري لطُفيلٍ:
بناتُ الغُرابِ والوجِيهِ ولاحِقٍ،
وأَعْوَجَ تَنْمي نِسْبَةَ المُتَنسِّبِ
واتَّجَهَ له رأْيٌ أَي سَنَحَ، وهو افْتَعَل، صارت الواو ياء لكسرة ما
قبلها، وأُبدلت منها التاء وأُدغمت ثم بني عليه قولك قعدت تُجاهَكَ
وتِجاهَكَ أَي تِلْقاءك. وتَجَهْتُ إليك أَتْجَهُ أَي توجهتُ لأَن أَصل التاء
فيهما واو. ووَجَّه إليه كذا: أَرسله، ووجَّهْتُهُ في حاجةٍ ووجَّهْتُ
وجْهِيَ لله وتوَجَّهْتُ نحوَكَ وإليك. ويقال في التحضيض: وَجِّهِ الحَجَرَ
وجْهةٌ مّا له وجِهَةٌ مّا له ووَجْهٌ مّا له، وإنما رفع لأَن كل حَجَرٍ
يُرْمى به فله وجْهٌ؛ كل ذلك عن اللحياني، قال: وقال بعضهم وجِّه
الحَجَرَ وِجْهةً وجِهةً مّا له ووَجْهاً مّا له، فنصب بوقوع الفعل عليه، وجعل
ما فَضْلاً، يريد وَجِّه الأَمرَ وَجْهَهُ؛ يضرب مثلاً للأَمر إذا لم
يستقم من جهةٍ أَن يُوَجِّهَ له تدبيراً من جِهةٍ أُخرى، وأَصل هذا في
الحَجَرِ يُوضَعُ في البناء فلا يستقيم، فيُقْلَبُ على وجْهٍ آخر فيستقيم.
أَبو عبيد في باب الأَمر بحسن التدبير والنهي عن الخُرْقِ: وَجِّهْ وَجْهَ
الحَجَرِ وِجْهةً مّا له، ويقال: وِجْهة مّا له، بالرفع، أَي دَبِّرِ
الأَمر على وجْهِه الذي ينبغي أَن يُوَجَّهَ عليه. وفي حُسْنِ التدبير
يقال: ضرب وجْهَ الأَمر وعيْنَه. أَبو عبيدة: يقال وَجِّه الحجر جهةٌ مّا
له، يقال في موضع الحَضِّ على الطلب، لأَن كل حجر يُرْمى به فله وجْهٌ،
فعلي هذا المعنى رفعه، ومن نصبه فكأَنه قال وَجِّه الحجر جِهَتَه، وما
فضْلٌ، وموضع المثل ضََعْ كلَّ شيء موضعه. ابن الأَعرابي: وَجِّه الحجر
جِهَةً مّا له وجهةٌ مّا له ووِجْهةً مّا له ووِجهةٌ مّا له ووَجْهاً مّا له
ووَجْهٌ مّا له.
والمُواجَهَةُ: المُقابلَة. والمُواجَهةُ: استقبالك الرجل بكلام أَو
وَجْهٍ؛ قاله الليث.
وهو وُجاهَكَ ووِجاهَكَ وتُجاهَكَ وتِجاهَكَ أَي حِذاءَكَ من تِلْقاءِ
وَجْهِكَ. واستعمل سيبويه التُّجاهَ اسماً وظرفاً. وحكى اللحياني: داريِ
وجاهَ دارِكَ ووَجاهَ دارِكَ ووُجاهَ دارك، وتبدل التاء من كل ذلك. وفي
حديث عائشة، رضي الله عنها: وكان لعلي، رضوان الله عليه، وَجْهٌ من
الناس حياةَ فاطمةَ، رِضوانُ الله عليها، أَي جاهٌ وعِزٌّ فقَدَهما
بعدها.والوُجاهُ والتُّجاهُ: الوجْهُ الذي تقصده. ولقيه وِجاهاً ومُواجَهةً:
قابَل وجْهَهُ بوجْهِه. وتواجَهَ المنزلانِ والرجلان: تقابلا. والوُجاهُ
والتُّجاه: لغتان، وهما ما استقبل شيء شيئاً، تقول: دارُ فلانٍ تُجاهَ دار
فلان. وفي حديث صلاة الخوف: وطائفةٌ وُجاهَ العدوّ أَي مُقابَلتَهم
وحِذاءَهم، وتكسر الواو وتضم؛ وفي رواية: تُجاهَ العدوِّ، والتاء بدل من
الواو مثلها في تُقاةٍ وتُخَمةٍ، وقد تكرر في الحديث.
ورجل ذو وَجْهينِ إذا لَقِيَ بخلاف ما في قلبه.
وتقول: توجَّهوا إليك ووَجَّهوا، كلٌّ يقال غير أَن قولك وَجَّهوا إليك
على معنى وَلَّوْا وُجوهَهُم، والتَّوَجُّه الفعل اللازم. أَبو عبيد: من
أَمثالهم: أَينما أُوَجِّهْ أَلْقَ سَعْداً؛ معناه أَين أَتَوَجَّه.
وقَدَّمَ وتَقَدَّمَ وبَيَّنَ وتبَيَّنَ بمعنى واحد. والوجْهُ: الجاهُ. ورجل
مُوَجَّهٌ ووَجِيهٌ: ذو جاه وقد وَجُهَ وَجاهةٌ. وأَوْجَهَه: جعل له
وجْهاً عند الناس؛ وأَنشد ابن بري لامرئ القيس:
ونادَمْتُ قَيْصَرَ في مُلْكِه،
فأَوْجَهَني وركِبْتُ البَريدا
ورجل وَجِيهٌ: ذو وَجاهةٍ. وقد وَجُه الرجلُ، بالضم: صار وَجِيهاً أَي
ذا جاهٍ وقَدْر. وأَوجَهَه الله أَي صَيَّرَه وَجِيهاً. ووجَّهَه
السلطانُ وأَوجَهَه: شرَّفَه. وأَوجَهْتُه: صادَفْتُه وَجِيهاً، وكلُّه من
الوَجْهِ؛ قال المُساوِرُ بن هِنْدِ بن قيْس بن زُهَيْر:
وأَرَى الغَواني، بَعْدَما أَوْجَهْنَني،
أَدْبَرْنَ ثُمَّتَ قُلْنَ: شيخٌ أَعْوَرُ
ورجل وَجْهٌ: ذو جاه. وكِساءٌ مُوَجَّهٌ أَي ذو وَجْهَينِ. وأَحْدَبُ
مُوَجَّهٌ: له حَدَبَتانِ من خلفه وأَمامه، على التشبيه بذلك. وفي حديث
أَهل البيت: لايُحِبُّنا الأَحْدَبُ المُوَجَّهُ؛ حكاه الهروي في
الغريبين. ووَجَّهَتِ الأَرضَ المَطَرَةُ: صَيَّرتَهْا وَجْهاً واحداً، كما تقول:
تَرَكَتِ الأَرضَ قَرْواً واحداً. ووَجَّهَها المطرُ: قَشَرَ وَجْهَها
وأَثر فيه كحَرَصَها؛ عن ابن الأَعرابي.
وفي المثل: أَحمق ما يتَوَجَّهُ أَي لا يُحْسِنُ أَن يأْتي الغائط. ابن
سيده: فلان ما يتَوَجَّهُ؛ يعني أَنه إذا أَتى الغائط جلس مستدبر الريح
فتأْتيه الريح بريح خُرْئِه. والتَّوَجُّهُ: الإقبال والانهزام.
وتَوَجَّهَ الرجلُ: وَلَّى وكَبِرَ؛ قال أَوْسُ بن حَجَرٍ:
كعَهْدِكِ لا ظِلُّ الشَّبابِ يُكِنُّني،
ولا يَفَنٌ مِمَّنْ تَوَجَّهَ دالِفُ
ويقال للرجل إذا كَبِرَ سِنُّهُ: قد تَوَجَّهَ.ابن الأَعرابي: يقال
شَمِطَ ثم شاخ ثم كَبِرَ ثم تَوَجَّهَ ثم دَلَف ثم دَبَّ ثم مَجَّ ثم ثَلَّبَ
ثم الموت. وعندي امرأَة قد أَوْجَهَتْ أَي قعدت عن الولادة.
ويقال: وَجَّهَتِ الريحُ الحصى تَوْجِيهاً إذا ساقته؛ وأَنشد:
تُوَجِّهُ أَبْساطَ الحُقُوفِ التَّياهِرِ
ويقال: قاد فلانٌ فلاناً فوَجَّه أَي انقاد واتّبع. وشيءٌ مُوَجَّهٌ إذا
جُعِلَ على جِهَةٍ واحدة لا يختلف. اللحياني: نظر فلانٌ بِوُجَيْهِ
سُوءٍ وبجُوهِ سُوءٍ وبِجيهِ سوءٍ. وقال الأَصمعي: وَجَهْتُ فلاناً إذا
ضربت في وجْهِه، فهو مَوْجوهٌ. ويقال: أَتى فلان فلاناً فأَوْجَهَهُ
وأَوْجَأَهُ إذا رَدَّهُ. وجُهتُ فلاناً بما كره فأَنا أَجُوهه إذا استقبلته به؛
قاله الفراء، وكأَن أَصله من الوَجْه فقُلِبَ، وكذلك الجاهُ وأَصله
الوَجْهُ. قال الفراء: وسمعت امرأَة تقول أَخاف أَن تجُوهَني بأَكثر من هذا
أَي تستقبلني. قال شمر: أُراه مأْخوذاً من الوَجْهِ؛ الأَزهري: كأَنه
مقلوب. ويقال: خرج القوم فوَجَّهُوا للناس الطريقَ توجيهاً إذا وَطِئُوه
وسَلَكوه حتى استبان أَثَرُ الطريق لمن يسلكه.
وأَجْهَتِ السماءُ فهي مُجْهِيَةٌ إذا أَصْبَحت، وأَجْهَت لك
السَّبيلُ أَي استبانت. وبيتٌ أَجْهَى: لا سِتْرَ عليه. وبيوتٌ جُهْوٌ، بالواو،
وعَنْزٌ جَهْواء: لا يستر ذَنَبُها حياءها. وهم وِجاهُ أَلْفٍ أَي زُهاءُ
أَلفٍ؛ عن ابن الأَعرابي.
ووَجَّهَ النخلةَ: غرسها فأَمالها قِبَلَ الشَّمال فأَقامتْها
الشَّمالُ. والوَجِيهُ من الخيل: الذي تخرج يداه معاً عند النِّتاج، واسم ذلك
الفعل التَّوْجيهُ. ويقال للولد إذا خرجت يداه من الرحم أَوّلاً: وَجِيهٌ،
وإذا خرجت رجلاه أََّْلاً: يَتْنٌ. والوجيهُ: فرس من خيل العرب نَجِيبٌ،
سمي بذلك.
والتَّوْجيهُ في القوائم: كالصَّدَفِ إلاَّ أَنه دونه، وقيل:
التَّوْجيهُ من الفَرَس تَدانِي العُجايَتَيْنِ وتَداني الحافرين والْتِواءٌ مِنَ
الرُّسْغَيْنِ. وفي قَوافي الشِّعْرِ التأْسيس والتَّوْجيهُ والقافيةُ،
وذلك في مثل قوله:
كِلِيني لهَمٍّ، يا أُمَيمَةَ، ناصِبِ
فالباء هي القافية، والأَلف التي قبل الصاد تأْسيسٌ، والصادُ تَوْجِيهٌ
بين التأْسيس والقافية، وإِنما قيل له تَوْجِيهٌ لأَن لك أَن تُغَيِّرَه
بأَيِّ حرفٍ شئتَ، واسم الحرف الدَّخِيلُ. الجوهري: التَّوْجيهُ هو الحرف
الذي بين أَلف التأْسيس وبين القافية، قال: ولك أَن تغيره بأَي حرف شئتَ
كقول امرئ القيس: أَنِّي أَفِرْ، مع قوله: جميعاً صُبُرْ، واليومُ
قَرّ، ولذلك قيل له تَوْجيهٌ؛ وغيره يقول: التوجيه اسم لحركاته إِذا كان
الرَّوِيُّ مُقَيَّداً. قال ابن بري: التَّوْجيهُ هو حركة الحرف الذي قبل
الرويِّ المقيد، وقيل له توجيه لأَنه وَجَّهَ الحرفَ الذي قبل الرَّوِيِّ
المقيد إِليه لا غير، ولم يَحْدُث عنه حرفُ لِينٍ كما حدث عن الرَّسِّ
والحَذْوِ والمَجْرَى والنَّفادِ، وأَما الحرف الذي بين أَلف التأْسيس
والرَّوِيِّ فإِنه يسمى الدَّخيلَ، وسُمِّي دَخِيلاً لدخوله بين لازمين، وتسمى
حركته الإِشباعَ، والخليل لا يجيز اختلاف التوجيه ويجيز اختلاف الإِشباع،
ويرى أَن اختلاف التوجيه سِنادٌ، وأَبو الحسن بضدّه يرى اختلاف الإِشباع
أَفحش من اختلاف التوجيه، إِلا أَنه يرى اختلافهما، بالكسر والضم،
جائزاً، ويرى الفتح مع الكسر والضم قبيحاً في التوجيه والإِشباع، والخليل
يستقبحه في التوجيه أَشدّ من استقباحه في الإِشباع، ويراه سِناداً بخلاف
الإِشباع، والأَخفش يجعل اختلاف الإِشباع بالفتح والضم أَو الكسر سِناداً؛
قال: وحكاية الجوهري مناقضة لتمثيله، لأَنه حكى أَن التَّوْجِيهَ الحرف
الذي بين أَلف التأْسيس والقافية، ثم مثَّله بما ليس له أَلف تأْسيس نحو
قوله: أَني أَفرْ، مع قوله: صُبُرْ، واليومُ قَرّ. ابن سيده: والتَّوْجِيهُ
في قَوافي الشِّعْرِ الحرفُ الذي قبل الرَّوِيّ في القافية المقيدة،
وقيل: هو أَن تضمه وتفتحه، فإِن كسرته فذلك السِّنادُ؛ هذا قول أَهل اللغة،
وتحريره أَن تقول: إِن التَّوْجيهَ اختلافُ حركة الحرف الذي قبل
الرَّوِيَّ المقيد كقوله:
وقاتِمِ الأَعْماقِ خاوِي المُخْتَرَقْ
وقوله فيها:
أَلَّفَ شَتَّى ليس بالراعي الحَمِقْ
وقوله مع ذلك:
سِرّاً وقد أَوَّنَ تأْوينَ العُقُقْ
قال: والتوجيه أَيضاً الذي بين حرف الروي المطلق والتأْسيس كقوله:
أَلا طالَ هذا الليلُ وازْوَرَّ جانِبُهْ
فالأَلف تأْسيس، والنون توجيه، والباء حرف الروي، والهاء صلة؛ وقال
الأَحفش: التَّوْجيهُ حركة الحرف الذي إلى جنب الرَّوِيّ المقيد لا يجوز مع
الفتح غيره نحو:
قد جَبَرَ الدِّينَ الإِلهُ فجَبَرْ
التزم الفتح فيها كلها، ويجوز معها الكسر والضم في قصيدة واحدة كما
مثَّلنا. وقال ابن جني: أَصله من التَّوْجِيه، كأَن حرف الرَّوِيّ مُوَجَّهٌ
عندهم أَي كأَنَّ له وجهين: أَحدهما من قبله، والآخر من بعده، أَلا ترى
أَنهم استكرهوا اختلاف الحركة من قبله ما دام مقيداً نحو الحَمِقْ
والعُقُقْ والمُخْتَرَقْ؟ كما يستقبحون اختلافها فيه ما دام مطلقاً نحو
قوله:عَجْلانَ ذا زَادٍ وغيرَ مُزَوَّدِ
مع قوله فيها:
وبذاك خَبَّرَنا الغرابُ الأَسْوَدُ
وقوله:
عَنَمٌ يكادُ من اللَّطافَةِ يُعْقَدُ
فلذلك سميت الحركة قبل الرويّ المقيد تَوجيهاً، إَعلاماً أَن للرويّ
وجهين في حالين مختلفين، وذلك أَنه إِذا كان مقيداً فله وَجْهٌ يتقدّمه،
وإِذا كان مطلقاً فله وَجْهٌ يتأَخر عنه، فجرى مجرى الثوب المُوَجَّهِ
ونحوِه؛ قال: وهذا أَمثل عندي من قول مَنْ قال إِنما سُمِّي تَوْجيهاً لأَنه
يجوز فيه وُجُوهٌ من اختلاف الحركات، لأَنه لو كان كذلك لمَا تَشدَّد
الخليل في اختلاف الحركات قبله، ولمَا فَحُشَ ذلك عنده. والوَجِيهَةُ:
خَرَزَةٌ، وقيل: ضرب من الخَرَزِ. وبنو وَجِيهةَ: بطن.
هيت: هَيْتَ: تَعَجُّبٌ؛ تقول العرب: هَيْتَ للحِلْم وهَيْتَ لك
وهِيتَ لكَ أَي أَقْبِلْ. وقال الله، عز وجل، حكاية عن زَلِيخا أَنها قالت،
لما راوَدَت يوسفَ،عليه السلام، عن نَفْسه: وقالت هِيتَ لكَ أَي هَلُمَّ
وقد قيل: هَيْتُ لَكَ، وهَيْتِ، بضم التاء وكسرها؛ قال الزجاج: وأَكثرها
هَيْتَ لك، بفتح الهاء والتاء؛ قال: ورُوِيَتْ عن عليّ، عليه السلام:
هِيتُ لكَ، قال: ورُوِيَتْ عن ابن عباس، رضي الله عنهما: هِئْتُ لَكَ،
بالهمز وكسر الهاء، من الهَيئة، كأَنها قالت: تَهَيَّأْتُ لك قال: فأَما
الفتح من هَيْتَ فلأَنها بمنزلة الأَصوات، ليس لها فِعْل يَتَصَرَّفُ منها،
وفتحت التاء لسكونها وسكون الياء، واخْتِير الفتح لأَني قبلها ياء، كما
فَعَلُوا في أَيْنَ، ومَن كسر التاء فلأَن أَصل التقاء الساكنين حركة
الكسر، ومَن قال هَيْتُ، ضمَّها لأَنها في معنى الغايات، كأَنها قالت: دُعائي
لكَ؛ فلما حذفت الإِضافة، وتضمنت هَيْتُ معناها، بنيت على الضم كما بنيت
حيث؛ وقراءةُ عليّ، عليه السلام: هِيتُ لك، بمنزلة هَيْتُ لك، والحجة
فيهما واحدة. الفراء في هَيْتَ لك: يقال إِنها لغة، لأَهل حَوْرانَ،
سَقَطَتْ إِلى مكة فتكلموا بها، قال: وأَهلُ المدينة يقرؤُون هِيتَ لكَ، يكسرون
الهاء ولا يهمزون؛ قال: وذُكِرَ عن عليّ وابن عباس، رضي الله عنهما،
أَنهما قرآ: هِئْتُ لك، يراد به في المعنى: تَهَيَّأْتُ لك، وأَنشد الفراء في
القراءة الأُولى لشاعر في أَمير المؤمنين علي بن أَبي طالب،عليه السلام:
أَبْلِغْ أَميرَ المُؤمِنِيـ
ـنَ، أَخا العراقِ إِذا أَتَيْتا:
إِنَّ العِراقَ وأَهْلَهُ
سِلْمٌ إِليكَ، فهَيْتَ، هَيْتا
ومعناه: هَلُمَّ، هَلُمَّ وهَلُمَّ وتَعالَ، يستوي فيه الواحدُ والجمع
والمؤَنث والمذكر إِلاّ أَن العدد فيما بعده، تقول: هَيْتَ لكما، وهَيْتَ
لكنَّ. قال ابن بري: وُجِدَ الشعرُ بخط الجوهري إِن العراق، بكسر إِنَّ،
ويروى بفتحها؛ ويروى: عُنُقٌ إِليك، بمعنى مائلون إِليك؛ قال: وذكر ابن
جني أَن هَيْتَ في البيت بمعنى أَسْرِعْ، قال: وفيه أَربع لغات: هَيْتَ،
بفتح الهاء والتاء، وهِيتَ، بكسر الهاء وفتح التاء، وهَيْتُ بفتح الهاء َ
وضم التاء، وهِيتُ بكسر الهاء وضم التاء. الفراء في المصادر: مَن قرأَ
هَيْتَ لكَ: هَلُمَّ لكَ، قال: ولا مصدر لِهَيْتَ، ولا يُصَرَّفُ.
الأَخفش: هَيْتَ لكَ، مفتوحة، معناها: هَلُمَّ لكَ؛ قال: وكَسَرَ بعضُهم التاء،
وهي لغة، فقال: هَيْتِ لك، ورفع بعضٌ التاء، فقال: هَيْتُ لك، وكسر بعضهم
الهاء وفتح التاء، فقال: هِيتَ لك، كلُّ ذلك بمعنى واحد. وروى الأَزهري
عن أَبي زيد، قال: هَيْتَ لكَ، بالعِبرانية هَيْتالَجْ أَي تعالَ؛ أَعربه
القرآن.
وهَيَّتَ بالرجل، وهَوَّتَ به: صَوَّتَ به وصاح، ودعاه، فقال له: هَيْتَ
هَيْتَ؛ قال:
قد رابَني أَنَّ الكَرِيَّ أَسْكَتا،
لو كان مَعْنِيّاً بها لَهَيَّتَا
وقال آخر:
تَرْمِي الأَماعِيزَ بمُجْمَراتِ،
وأَرْجُلٍ رُوحٍ مُجَنَّباتِ،
يَحْدُو بها كلُّ فَتًى هَيَّاتِ
وفي الحديث أَنه لما نزل قوله تعالى: وأَنْذِرْ عشيرتَكَ الأَقرَبينَ؛
باتَ النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، يُفَخِّذُ عَشيرتَه، فقال المشركون:
لقد باتَ يُهَوِّتُ أَي يُنادي عَشيرتَه.
والتَهْييتُ: الصوتُ بالناس، وهو فيما قال أَبو زيد: أَن يقول يا هَياه.
ويقال: هَيَّتَ بالقوم تَهْييتاً، وهَوَّتَ بهم تَهْويتاً إِذا ناداهم؛
وهَيَّتَ النذيرُ، والأَصلُ فيه حكايةُ الصوت، كأَنهم حَكَوْا في
هَوَّتَ: هَوْتَ هَوْتَ، وفي هَيَّتَ: هَيْتَ هَيْتَ. يقال: هَوَّتَ بهم،
وهَيَّتَ بهم إِذا ناداهم، والأَصل فيه حكاية الصوت؛ وقيل هو أَن يقول: ياهْ
ياهْ، وهو نداءُ الراعي لصاحبه من بعيد.
ويَهْيَهْتُ بالإِبل إِذا قلتَ لها: ياهْ ياهْ. والعربُ تقول للكلب إِذا
أَغْرَوْه بالصيد: هَيْتاهْ هَيْتاهْ؛ قال الراجز يذكر الذئب:
جاءَ يُدِلُّ كَرشاءِ الغَرْبِ،
وقُلْتُ: هَيْتاهُ، فَتاه كَلْبي
ابن الأَعرابي: يقال للمَهْواة هَوْتة وهُوَّة وهُوتَةٌ؛ وجمع الهُوتةِ:
هُوتٌ. ويقال: هاتِ يا رجل، بكسر التاء، أَي أَعطني، وللإثنين: هاتِــيا،
مثل آلآتِيا، وللجمع: هاتُــوا،وللمرأَة: هاتــي، بالياء، وللمرأَتين:
هاتِــيا، وللنساء: هاتِــينَ، مثل عاطِينَ. وتقول: هات لا هاتَــيْتَ، وهاتِ إِن
كانت بك مُــهاتــاةٌ، وما أُــهاتِــيك كما تقول: ما أُعاطِيكَ، ولا يقال منه:
هاتَــيْتُ، ولا يُنْهى بها. قال الخليل: أَصل هاتِ مِن آتَى يُؤَاتِي، فقلبت
الأَلف هاء.
والهِيتُ: الهُوةُ القَعِرةُ من الأَرض.
وهِيتُ، بالكسر: بلد على شاطئ الفُرات، أَصلها من الهُوَّة؛ قال:
طِرْ بجنَاحَيْكَ، فقد دُهِيتا،
حَرَّانَ حَرَّانَ، فهِيتاً هِيتا
وقيل: معناه اذْهَبْ في الأَرض. قال أَبو علي: ياء هِيتَ، التي هي
أَرضٌ، واوٌ، وقد ذكرت. التهذيب: هِيتٌ موضع على شاطئ الفُرات؛ قال
رؤْبة:والحُوتُ في هِيتَ، رَداها هِيتُ
قال الأَزهري: وإِنما قال رؤبة:
وصاحبُ الحُوتِ، وأَينَ الحُوتُ؟
في ظُلُماتٍ، تَحْتَهُنَّ هِيتُ
ابن الأَعرابي: هِيتُ أَي هُوَّة من الأَرض، قال: ويقال لها الهُوتَةُ؛
وقال بعض الناس: سميت هِيتَ لأَنها في هُوَّة من الأَرض، انقلبت الواو
إِلى الياء، لكسرة الهاء؛ والذي جاء في الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه
وسلم، نفى مُخَنَّثَيْن: أَحدهما هِيتٌ والآخر ماتِعٌ، إِنما هو هِنْبٌ،
فصحَّفه أَصحاب الحديث. قال الأَزهري: رواه الشافعي وغيره هِيتٌ؛ قال:
وأَظُنُّه صواباً.
بره: البُرْهَة والبَرْهَة جميعاً: الحِينُ الطويل من الدهر، وقيل:
الزمانُ. يقال: أَقمت عنده بُرْهَةً من الدهر كقولك أَقمت عنده سنة من الدهر.
ابن السكيت: أَقمت عنده بُرْهَةً وبَرْهَةً أَي مدَّة طويلة من الزمان.
والبَرَهُ: التَّرارةُ. وامرأَة بَرَهْرَهة، فَعَلْعَلة كرِّر فيها
العين واللام: تارَّةٌ تكاد تُرْعَدُ من الرُّطُوبة، وقيل: بيضاء؛ قال امرؤ
القيس:
بَرَهْرَهَةٌ رُؤدَةٌ رَخْصَةٌ،
كَخُرْعُوبةِ البانةِ المُنْفَطِر
وبَرَهْرَهَتُها: تَرارتُها وبَضَاضَتُها؛ وتصغير بَرَهْرَهَةٍ
بُرَيْهة، ومن أَتمها قال بُرَيْرهَة، فأَما بُرَيْهِرَهة
(* قوله «فأما بريهرهة
إلخ» كذا في الأصل والتهذيب). فقبيحة قلما يتكلم بها، وقيل: البَرَهْرَهة
التي لها بَرِيق من صَفائها، وقال غيره: هي الرقيقة الجلد كأَنَّ الماء
يجري فيها من النَّعْمة. وفي حديث المبعث: فأَخرج منه عَلَقَةً سوداءَ ثم
أَدخل فيه البَرَهْرَهَةَ؛ قيل: هي سكينة بيضاء جديدة صافية، من قولهم
امرأَة بَرَهْرَهَة كأَنها تُرْعَدُ رُطوبةً، وروي رَهْرَهةً أَي
رَحْرَحة واسعة؛ قال ابن الأَثير: قال الخطابي قد أَكثرتُ السؤال عنها فلم أَجد
فيها قولاً يقطع بصحَّته، ثم اختار أَنها السكين.
ابن الأَعرابي: بَرِهَ الرجل إِذا ثابَ جسمُه بعد تغيُّر من علَّة.
وأَبْرَهَ الرجلُ: غلب الناس وأَتى بالعجائب. والبُرهانُ: بيانُ الحجة
واتِّضاحُها. وفي التنزيل العزيز: قل هاتــوا بُرْهانكم. الأَزهري: النون في
البرهان ليست بأَصلية عند الليث، وأَما قولهم بَرْهَنَ فلانٌ إِذا جاءَ
بالبُرْهان فهو مولَّد، والصواب أَن يقال أَبْرَهَ إِذا جاء بالبُرْهان، كما
قال ابن الأَعرابي، إِن صحَّ عنه، وهو رواية أَبي عمرو، ويجوز أَن تكون
النون في البرهان نون جَمْعٍ على فُعْلان، ثم جُعِلَت كالنون الأَصلية
كما جمعوا مَصاداً على مُصْدانٍ ومَصِيراً على مُصْرانٍ، ثم جمعوا
مُصْراناً على مَصارِينَ، على توهم أَنها أَصلية.
وأَبْرَهةُ: اسم مَلِك من ملوك اليمن، وهو أَبْرَهةُ ابن الحرث الرائش
الذي يقال له ذو المَنارِ. وأَبْرَهةُ ابن الصَّبّاح أَيضاً: من ملوك
اليمن، وهو أَبو يَكْسُوم ملك الحَبَشة صاحب الفيل الذي ساقَه إِلى البيت
الحرام فأَهلكه الله؛ قال ابن بري: وقال طالب بن أَبي طالب بن عبد
المطلب:أَلم تَعْلموا ما كان في حَرْبِ داحِسٍ،
وجَيْشِ أَبي يَكْسُومَ، إِذ مَلَؤُوا الشِّعْبا؟
وأَنشد الجوهري:
مَنَعْتَ مِنْ أَبْرَهةَ الحَطِيما،
وكُنْتَ فيما ساءَهُ زَعِيما
الأَصمعي: بَرَهُوتُ
على مثال رَهَبُوتٍ بئرٌ بحَضْرَمَوْتَ، يقال فيها أَرواحُ الكُفَّار.
وفي الحديث: خيرُ بئرٍ في الأَرض زَمْزَمُ، وشرُّ بئرٍ في الأَرض
بَرَهُوتُ، ويقال بُرْهُوت مثال سُبْروت. قال ابن بري: قال الجوهري: بَرَهُوتٌ
على مثال رَهَبُوتٍ، قال: صوابه بَرَهُوتُ غير مصروف للتأْنيث والتعريف.
ويقال في تصغير إبراهيم بُرَيْه، وكأَنَّ الميم عنده زائدة، وبعضهم يقول
بُرَيْهِيم، وذكر ابن الأَثير في هذه الترجمة البُرَةَ حَلْقة تجعل في أَنف
البعير، وسنذكرها نحن في موضعها.
جبه: الجَبْهة للإِنسان وغيره، والجَبْهَةُ: موضع السجود، وقيل: هي
مُسْتَوَى ما بين الحاجبين إلى الناصية. قال ابن سيده: ووجدت بخط علي بن حمزة
في المُصَنَّف فإِذا انْحَسَر الشعرُ عن حاجبي جَبْهَتِه، ولا أَدري كيف
هذا إِلا أَن يريد الجانبين. وجَبْهة الفرس: ما تحت أُذنيه وفوق عينيه،
وجمعها جِباهٌ. والجَبَهُ: مصدرُ الأَجْبَهِ، وهو العريض الجَبْهةِ،
وامرأَة جَبْهاء؛ قال الجوهري: وبتصغيره سمي جُبَيْهاءُ الأَشْجَعِيُّ. قال
ابن سيده: رجل أَجْبَهُ بيِّنُ الجَبَهِ
واسع الجَبْهَةِ حَسَنُها، والاسم الجَبَهُ، وقيل: الجَبَهُ شُخوص
الجَبْهة. وفرس أَجْبَهُ: شاخصُ الجَبْهة مرتفعها عن قَصَبة الأَنف.
وجَبَهَهُ: صَكَّ جَبْهته. والجابِهُ: الذي يلقاك بوجهه أَو بجَبْهَتِه
من الطير والوحش، وهو يُتَشاءَم به؛ واستعار بعضُ
الأَغْفال الجَبْهَةَ للقمر، فقال أَنشده الأَصمعي:
من لَدُ ما ظُهْرٍ إِلى سُحَيْرِ،
حتى بَدَتْ لي جَبْهةُ القُمَيْرِ
وجَبْهةُ
القوم: سيدُهم، على المَثل. والجَبْهةُ من الناس: الجماعةُ. وجاءتنا
جَبْهة من الناس أَي جماعة. وجَبَهَ الرجلَ يَجْبَهُه جَبْهاٍ: رَدَّه عن
حاجته واستقبله بما يكره. وجَبَهْتُ فلاناً إِذا استقبلته بكلام فيه
غِلْظة. وجَبَهْتُه بالمكروه إِذا استقبلته به. وفي حديث حدّ الزنا: أَنه سأَل
اليهودَ عنه فقالوا عليه التَّجْبِيهُ، قال: ما التَّجْبِيهُ؟ قالوا: أَن
تُحَمَّم وُجُوهُ الزانيين ويُحْمَلا على بعير أَو حمار ويُخالَف بين
وجوههما؛ أَصل التَّجْبِيهِ: أَن يحمل اثنان على دابة ويجعل قفا أَحدهما
إِلى قفا الآخر، والقياس أَن يُقابَلَ بين وجوههما لأَنه مأْخوذ من
الجَبْهَة. والتَّجْبِيهُ أَيضاً: أَن يُنَكِّسَ رأْسَه، فيحتمل أَن يكون
المحمول على الدابة إِذا فُعِلَ به ذلك نَكَّسَ رأْسَه، فسمي ذلك الفعل
تَجْبِيهاً، ويحتمل أَن يكون من الجَبْهِ وهو الاستقبال بالمكروه، وأَصله من
إِصابة الجَبْهةِ، من جَبَهْتُه إِذا أَصبت جَبْهَتَه.
وقوله، صلى الله عليه وسلم: فإِن الله قد أَراحكم
(* قوله «فإن الله قد
أراحكم إلخ» المعنى قد، أنعم الله عليكم بالتخلص من مذلة الجاهلية وضيقها
وأعزكم بالإسلام ووسع لكم الرزق وأفاء عليكم الاموال فلا تفرطوا في أداء
الزكاة وإذا قلنا هي الاصنام فالمعنى تصدقوا شكراً على ما رزقكم الله من
الإسلام وخلع الانداد: هكذا بهامش النهاية). من الجَبْهَةِ والسَّجَّةِ
والبَجَّةِ؛ قيل في تفسيره: الجَبْهةُ المَذَلَّة؛ قال ابن سيده: وأُراه
من هذا، لأَن من استُقْبِلَ بما يكره أَدركته مذلة، قال: حكاه الهروي في
الغريبين، والاسم الجَبيهَةُ، وقيل: هو صنم كان يعبد في الجاهلية، قال:
والسَّجَّة السَّجاجُ وهو المَذيقُ
من اللبن، والبَجَّةُ الفَصِيدُ الذي كانت العرب تأْكله من الدم
يَفْصِدُونه، يعني أَراحكم من هذه الضَّيْقَةِ ونقلكم إِلى السَّعة. ووَرَدْنا
ماءً له جَبِيهةٌ إِما كان مِلْحاً فلم يَنْضَحْ مالَهم الشُّرْبُ، وإِما
كان آجِناً، وإِما كان بَعِيدَ القَعْر غليظاً سَقْيُه شديداً أَمْرُه.
ابن الأَعرابي عن بعض الأَعراب قال: لكل جابه جَوْزَة ثم يؤَذَّن أَي
لكل من وَرَدَ علينا سَقْيةٌ ثم يمنع من الماء. يقال: أَجَزْتُ الرجل إِذا
سقيت إِبله، وأَذَّنْتُ الرجلَ إِذا رَدَدْتَهُ. وفي النوادر: اجْتبَهْت
ماء كذا اجْتِباهاً إِذا أَنكرته ولم تَسْتَمْرئْه. ابن سيده: جَبَهَ
الماءَ وَرَدَه وليست عليه قامةٌ ولا أَداةٌ للاستقاء.
والجَبْهَةُ: الخيل، لا يفرد لها واحد. وفي حديث الزكاة: ليس في
الجَبْهَةِ ولا في النُّخَّة صدقةٌ؛ قال الليث: الجَبْهة اسم يقع على الخيل لا
يُفْرَدُ. قال أَبو سعيد: الجَبْهة الرجال الذين يَسْعَون في حَمالةٍ أَو
مَغْرَم أَو جَبْر فقير فلا يأْتون أَحداً إِلا استحيا من رَدّهم، وقيل:
لا يكاد أَحدٌ يَرُدُّهم، فتقول العرب في الرجل الذي يُعْطِي في مثل هذه
الحقوق: رحم الله فلاناً فقد كان يُعْطي في الجَبْهة، قال: وتفسير قوله
ليس في الجَبْهَة صدقة، أَن المُصَدِّقَ إِن وَجَدَ في أَيْدي هذه
الجَبْهةِ من الإِبل ما تجب فيه الصدقة لم يأْخذ منها الصدقة، لأَنهم جمعوها
لمَغْرم أَو حَمالة. وقال: سمعت أَبا عمرو الشَّيْباني يحكيها عن العرب،
قال: وهي الجَمَّةُ والبُرْكة. قال ابن الأَثير: قال أَبو سعيد قولاً فيه
بُعْدٌ وتَعَسُّفٌ. والجَبْهةُ: اسم منزلة من منازل القمر. الأَزهري:
الجَبْهَةُ النجم الذي يقال له جَبْهة الأَسد وهي أَربعة أَنجم ينزلها القمر؛
قال الشاعر:
إِذا رأَيتَ أَنْجُماً من الأَسَدْ،
جَبْهَتَه أَو الخَراتَ والكَتَدْ،
بالَ سُهَيْلٌ في الفَضِيخ ففَسَدْ
ابن سيده: الجَبْهة صنم كان يُعبد من دون الله عز وجل. ورجل جُبَّهٌ
كجُبَّإٍ: جَبانٌ. وجَبْهاء وجُبَيْهاءُ: اسم رجل. يقال: جَبْهاء
الأَشْجَعِيُّ وجُبَيْهاء الأَشجعيُّ، وهكذا قال ابن دريد جَبْهاءُ الأَشْجعيُّ على
لفظ التكبير.
أمه: الأَمِيهَة: جُدَرِيّ الغنم، وقيل: هو بَثْرٌِ يَخْرُج بها
كالجُدَرِيّ أَو الحَصْبَةِ، وقد أُمِهَتِ الشاةُ تُؤْمَهُ أَمْهاً وأَمِيهَةً؛
قال ابن سيده: هذا قول أَبي عبيدة، وهو خطأٌ لأَن الأَمِيهَةَ اسمٌ لا
مصدر، إِذ ليست فَعِيلة من أَبنية المصادر. وشاة أَمِيهَةٌ: مأْمُوهَة؛ قال
الشاعر:
طَبِيخُ نُحازِ أَو طَبِيخُ أَمِيهَةٍ
صَغِيرُ العِظامِ، سَيِّءُ القِشْمِ، أَمْلَطُ
يقول: كانت أُمُّهُ حاملة به وبها سُعال أَو جُدَرِيّ فجاءت به
ضاوِيّاً، والقِشْْمُ هو اللحم أَو الشحم. ابن الأَعرابي: الأَمةُ النسيان،
والأَمَةُ
الإِقْرارُ، والأَمَهُ الجُدَرِيُّ. قال الزجاج: وقرأَ ابن عباس:
وادَّكَرَ بعد أَمَهٍ، قال: والأَمَهُ النسيانُ. ويقال: قد أَمِهَ، بالكسر،
يَأْمَهُ أَمَهاً؛ هذا الصحيح بفتح الميم، وكان أَبو الهيثم يقرأُ: بعد
أَمَهٍ، ويقول: بعد أَمْهٍ خطأٌ. أَبو عبيدة: أَمِهْتُ الشيءَ فأَنا آمُهُه
أَمْهاً إِذا نسيته؛ قال الشاعر:
أَمِهْتُ، وكنتُ لا أَنْسَى حَدِيثاً،
كذاك الدَّهْرُ يُودِي بالعُقُولِ
قال: وادَّكَرَ بعد أَمْه؛ قال أَبو عبيد: هو الإِقرار، ومعناه أَن
يعاقب ليُقِرَّ فإِقراره باطل . ابن سيده: الأَمَهُ الإِقرار والاعتراف؛ ومنه
حديث الزهري: من امْتُحِنَ في حَدٍّ فأَمِهَ ثم تَبَرَّأَ فليست عليه
عقوبة، فإِن عوقب فأَمِهَ فليس عليه حَدٌّ إِلا أَن يَأْمَه من غير عقوبة.
قال أَبو عبيد: ولم أَسمع الأَمَهَ الإِقرارَ إِلاَّ في هذا الحديث؛ وفي
الصحاح: قال هي لغة غير مشهورة، قال: ويقال أَمَهْتُ إِليه في أَمر
فأَمَهَ إِليَّ أَي عَهِدْتُ
إِليه فعَهِدَ إِليَّ. الفراء: أُمِهَ الرجلُ، فهو مَأْموهٌ، وهو الذي
ليس عقله معه.
الجوهري: يقال في الدعاء على الإِنسان آهَةً وأَمِيهَةً. التهذيب:
وقولهم آهَةً وأَمِيهَةً، الآهَةُ من التَّأَوُّهِ والأَمِيهَةُ
الجُدَري.ابن سيده: الأُمَّهَةُ لغة في الأُمِّ. قال أَبو بكر: الهاء في أُمَّهة
أَصلية، وهي فُعَّلَة بمنزلة تُرَّهَةٍ وأُبَّهةٍ، وخص بعضهم
بالأُمَّهَةِ من يعقل وبالأُمِّ ما لا يعقل؛ قال قُصَيٌّ:
عَبْدٌ يُنادِيهِمْ بِهالٍ وَهَبِ،
أُمَّهَتي خِنْدِفُ، والْياسُ أَبي
حَيْدَرَةٌ خالي لَقِيطٌ، وعَلِي،
وحاتِمُ الطائِيُّ وَهّابُ المِئِي
وقال زهير فيما لا يعقل:
وإِلاَّ فإِنَّا، بالشَّرَبَّةِ فاللِّوَى،
نُعَقِّرُ أُمّاتِ الرِّباعِ ونَيْسِرُ
وقد جاءت الأُمَّهَةُ فيما لا يعقل؛ كل ذلك عن ابن جني، والجمع أُمَّــهات
وأُمّات. التهذيب: ويقال في جمع الأُمِّ من غير الآدميين أُمَّاتٌ، بغير
هاء؛ قال الراعي:
كانتْ نَجائِبُ مُنْذِرٍ ومُحَرِّقٍ
أُمّاتِهِنَّ، وطَرْقُهُنَّ فَحِيلا
وأَما بَناتُ آدم فالجمع أُمَّــهاتٌ؛ وقوله:
وإِنْ مُنِّيتُ أُمّاتِ الرِّباعِ
والقرآن العزيز نزل بأُمَّــهات، وهو أَوضح دليل على أَن الواحدة
أُمَّهَةٌ. وتَأَمَّهَ أُمّاً: اتخدها كأَنه على أُمَّهَةٍ؛ قال ابن سيده: وهذا
يقوي كون الهاء أَصلاً، لأَن تَأَمَّهْتُ تَفَعَّلْتُ بمنزلة تَفَوَّهْتُ
وتنَبَّهْت. التهذيب: والأُمّ في كلام العرب أَصل كل شيء واشْتقاقه من
الأَمِّ، وزيدت الهاء في الأُمَّــهاتِ لتكون فرقاً بين بنات آدم وسائر إِناث
الحيوان، قال: وهذا القول أَصح القولين، قال الأَزهري: وأَما الأُمُّ
فقد قال بعضهم الأَصل أُمَّةٌ، وربما قالوا أُمَّهةٌ، قال: والأُمَّهةُ
أَصل قولهم أُمٌّ. قال ابن بري: وأُمَّهَةُ الشَّبابِ كِبْرُه وتِيهُهُ.