و (الأبلق العقوق) مثل لما لَا يكون إِذْ الأبلق من ذُكُور الْخَيل وَهُوَ بالطبع لَا يحمل تَقول (كلفتني بيض الأنوق والأبلق العقوق) (ج) عُقُق وعقاق
و (العقق) الْبعدَاء من الْأَعْدَاء والعقق قاطعو الْأَرْحَام
سدر: السِّدْرُ: شجر النبق، واحدتها سِدْرَة وجمعها سِدْراتٌ وسِدِراتٌ
وسِدَرٌ وسُدورٌ
(* قوله: «سدور» كذا بالأَصل بواو بعد الدال، وفي
القاموس سقوطها، وقال شارحه ناقلاً عن المحكم هو بالضم)؛ الأَخيرة نادرة. قال
أَبو حنيفة: قال ابن زياد: السِّدْرُ من العِضاهِ، وهو لَوْنانِ: فمنه
عُبْرِيٌّ، ومنه ضالٌ؛ فأَما العُبْرِيُّ فما لا شوك فيه إِلا ما لا
يَضِيرُ، وأَما الضالُ فهو ذو شوك، وللسدر ورقة عريضة مُدَوَّرة، وربما كانت
السدرة محْلالاً؛ قال ذو الرمة:
قَطَعْتُ، إِذا تَجَوَّفَتِ العَواطي،
ضُرُوبَ السِّدْرِ عُبْرِيّاً وضالا
قال: ونبق الضَّالِ صِغارٌ. قال: وأَجْوَدُ نبقٍ يُعْلَمُ بأَرضِ
العرَبِ نَبِقُ هَجَرَ في بقعة واحدة يُسْمَى للسلطانِ، هو أَشد نبق يعلم حلاوة
وأَطْيَبُه رائحةً، يفوحُ فَمْ آكلِهِ وثيابُ مُلابِسِه كما يفوحُ
العِطْر. التهذيب: السدر اسم للجنس، والواحدة سدرة. والسدر من الشجر سِدْرانِ:
أَحدهما بَرِّيّ لا ينتفع بثمره ولا يصلح ورقه للغَسُولِ وربما خَبَط
ورَقَها الراعيةُ، وثمره عَفِصٌ لا يسوغ في الحلق، والعرب تسميه الضالَ،
والسدر الثاني ينبت على الماء وثمره النبق وورقه غسول يشبه شجر العُنَّاب
له سُلاَّءٌ كَسُلاَّئه وورقه كورقه غير أَن ثمر العناب أَحمر حلو وثمر
السدر أَصفر مُزٌّ يُتَفَكَّه به. وفي الحديث: من قطَع سِدْرَةً صَوَّبَ
اللهُ رأْسَه في النار؛ قال ابن الأَثير: قيل أَراد به سدرَ مكة لأَنها
حَرَم، وقيل سدرَ المدينة، نهى عن قطعه ليكون أُنْساً وظلاًّ لمنْ يُهاجِرُ
إِليها، وقيل: أَراد السدر الذي يكون في الفلاة يستظل به أَبناء السبيل
والحيوان أَو في ملك إِنسان فيتحامل عليه ظالم فيقطعه بغير حق، ومع هذا
فالحديث مضطرب الرواية فإِن أَكثر ما يروى عن عروة بن الزبير، وكان هو يقطع
السدر ويتخذ منه أَبواباً. قال هشام: وهذه أَبواب من سِدْرٍ قَطَعَه أَي
وأَهل العلم مجمعون على إِباحة قطعه.
وسَدِرَ بَصَرُه سَدَراً فهو سَدِرٌ: لم يكد يبصر. ويقال: سَدِرَ
البعيرُ، بالكسر، يَسْدَرُ سَدَراً تَحيَّرَ من شدة الحرّ، فهو سَدِرٌ. ورجل
سادر: غير متشتت
(* قوله: «غير متشتت» كذا بالأَصل بشين معجمة بين تاءين،
والذي في شرح القاموس نقلاً عن الأَساس: وتكلم سادراً غير متثبت، بمثلثة
بين تاء فوقية وموحدة). والسادِرُ: المتحير. وفي الحديث: الذي يَسْدَرُ في
البحر كالمتشحط في دمه؛ السَّدَرُ، بالتحريك: كالدُّوارِ، وهو كثيراً ما
يَعْرِض لراكب البحر. وفي حديث عليّ: نَفَرَ مُسْتَكْبِراً وخَبَطَ
سادِراً أَي لاهياً. والسادِرُ: الذي لا يَهْتَمُّ لشيء ولا يُبالي ما صَنَع؛
قال:
سادِراً أَحْسَبُ غَيِّي رَشَدَاً،
فَتَنَاهَيْتُ وقد صابَتْ بِقُرْ
(* وقوله: «صابت بقر» في الصحاح وقولهم للشدة إِذا نزلت صابت بقر أَي
صارت الشدة في قرارها).
والسَّدَرُ: اسْمِدْرَارُ البَصَرِ. ابن الأَعرابي: سَدِرَ قَمِرَ،
وسَدِرَ من شدّة الحرّ. والسَّدَرُ: تحيُّر البصر. وقوله تعالى: عند سِدْرَةِ
المُنْتَهى؛ قال الليث: زعم إِنها سدرة في السماء السابعة لا يجاوزها
مَلَك ولا نبي وقد أَظلت الماءَ والجنةَ، قال: ويجمع على ما تقدم. وفي حديث
الإِسْراءِ: ثم رُفِعْتُ إِلى سِدرَةِ المُنْتَهَى؛ قال ابن الأَثير:
سدرةُ المنتهى في أَقصى الجنة إِليها يَنْتَهِي عِلْمُ الأَوّلين والآخرين
ولا يتعدّاها. وسَدَرَ ثَوْبَه يَسْدِرُه سَدْراً وسُدُوراً: شَقَّه؛ عن
يعقوب. والسَّدْرُ والسَّدْلُ: إِرسال الشعر. يقال: شَعَرٌ مَسدولٌ
ومسدورٌ وشَعَرٌ مُنسَدِرٌ ومُنْسَدِلٌ إِذا كان مُسْتَرْسِلاٍ. وسَدَرَتِ
المرأَةُ شَعرَها فانسَدَر: لغة في سَدَلَتْه فانسدل. ابن سيده: سدَرَ
الشعرَ والسِّتْرَ يَسْدُرُه سَدْراً أَرسله، وانسَدَرَ هو. وانسَدَرَ أَيضاً:
أَسرع بعض الإِسراع. أَبو عبيد: يقال انسَدَرَ فلان يَعْدُو وانْصَلَتَ
يعدو إِذا أَسرع في عَدْوِه. اللحياني: سدَر ثوبَه سَدْراً إِذا أَرسله
طولاً. وقال أَبو عمرو: تَسَدَّرَ بثوبه إِذا تجلَّل به. والسِّدارُ:
شِبْهُ الكِلَّةِ تُعَرَّضُ في الخباء.
والسَّيدارَةُ: القَلَنْسُوَةُ بِلا أَصْداغٍ؛ عن الهَجَرِيّ.
والسَّديرُ: بِناءٌ، وهو بالفارسية سِهْدِلَّى أَي ثلاث شهب أَو ثلاث
مداخلات. وقال الأَصمعي: السدير فارسية كأَنَّ أَصله سادِلٌ أَي قُبة في
ثلاث قِباب متداخلة، وهي التي تسميها الناس اليوم سِدِلَّى، فأَعربته العرب
فقالوا سَدِيرٌ والسَّدِيرُ: النَّهر، وقد غلب على بعض الأَنهار؛ قال:
أَلابْنِ أُمِّكَ ما بَدَا،
ولَكَ الخَوَرْنَقُ والسَّدِير؟
التهذيب: السدِيرُ نَهَر بالحِيرة؛ قال عدي:
سَرَّه حالُه وكَثَرَةُ ما يَمْـ
ـلِكُ، والبحرُ مُعْرِضاً، والسَّدِيرُ
والسدِيرُ: نهر، ويقال: قصر، وهو مُعَرَّبٌ وأَصله بالفارسية سِهْ
دِلَّه أَي فيه قِبابٌ مُداخَلَةٌ. ابن سيده: والسدِيرُ مَنْبَعُ الماءِ.
وسدِيرُ النخل: سوادُه ومُجْتَمَعُه. وفي نوادر الأَصمعي التي رواها عنه أَبو
يعلى قال: قال أَبو عمرو بن العلاء السَّدِيرُ العُشْبُ.
والأَسْدَرانِ: المنكِبان، وقيل: عِرقان في العين أَو تحت الصدغين. وجاء
يَضْرِبُ أَسْدَرَيْه؛ يُضْرَبُ مثلاً للفارغ الذي لا شغل له، وفي حديث
الحسن: يضرب أَسدريه أَي عِطْفيه ومنكبيه يضرب بيديه عليهما، وهو بمعنى
الفارغ. قال أَبو زيد: يقال للرجل إِذا جاء فارغاً: جاء يَنفُضُ
أَسْدَرَيْه، وقال بعضهم: جاء ينفض أَصْدَرَيْه أَي عطفيه. قال: وأَسدراه
مَنْكِباه. وقال ابن السكيت: جاء ينفض أَزْدَرَيْه، بالزاي وذلك إِذا جاء فارغاً
ليس بيده شيء ولم يَقْضِ طَلِبَتَه.
أَبو عمرو: سمعت بعض قيس يقول سَدَلَ الرجُل في البلاد وسدَر إِذا ذهب
فيها فلم يَثْنِه شيء. ولُعْبَة للعرب يقال لها: السُّدَّرُ والطُّبَن.
ابن سيده: والسُّدَّرُ اللعبةُ التي تسمى الطُّبَنَ، وهو خطٌّ مستدير تلعب
بها الصبيان؛ وفي حديث بعضهم: رأَيت أَبا هريرة: يلعب السُّدَّر؛ قال ابن
الأَثير: هو لعبة يُلْعَبُ بها يُقامَرُ بها، وتكسر سينها وتضم، وهي
فارسية معربة عن ثلاثة أَبواب؛ ومنه حديث يحيى بن أَبي كثير: السُّدّر هي
الشيطانة الصغرى يعني أَنها من أَمر الشيطان؛ وقول أُمية بن أَبي الصلت:
وكأَنَّ بِرْقِعَ، والملائكَ حَوْلَها،
سَدِرٌ، تَواكَلَه القوائِمُ، أَجْرَدُ
(* قوله: «برقع» هو كزبرح وقنفذ السماء السابعة اهـ قاموس).
سَدِرٌ؛ للبحر، لم يُسْمع به إِلاَّ في شعره. قال أَبو علي: وقال أَجرد
لأَنه قد لا يكون كذلك إِذا تَموَّجَ. الجوهري: سَدِرٌ اسم من أَسماء
البحر، وأَنشد بيت أُمية إِلاَّ أَنه قال عِوَضَ حولها حَوْلَه، وقال عوض
أَجرد أَجْرَبُ، بالباء، قال ابن بري: صوابه أَجرد، بالدال، كما أَوردناه،
والقصيدة كلها دالية؛ وقبله:
فأَتَمَّ سِتّاً فاسْتَوَتْ أَطباقُها،
وأَتى بِسابِعَةٍ فَأَنَّى تُورَدُ
قال: وصواب قوله حوله أَن يقول حولها لأَن بِرْقِعَ اسم من أَسماء
السماء مؤنثة لا تنصرف للتأْنيث والتعريف، وأَراد بالقوائم ههنا الرياح،
وتواكلته: تركته. يقال: تواكله القوم إِذا تركوه؛ شبه السماء بالبحر عند سكونه
وعدم تموجه؛ قال ابن سيده وأَنشد ثعلب:
وكأَنَّ بِرقع، والملائك تحتها،
سدر، تواكله قوائم أَربع
قال: سدر يَدُورُ. وقوائم أَربع: قال هم الملائكة لا يدرى كيف خلقهم.
قال: شبه الملائكة في خوفها من الله تعالى بهذا الرجل السَّدِرِ.
وبنو سادِرَة: حَيٌّ من العرب. وسِدْرَةُ: قبيلة؛ قال:
قَدْ لَقِيَتْ سِدْرَةُ جَمْعاً ذا لُها،
وعَدَداً فَخْماً وعِزّاً بَزَرَى
فأَما قوله:
عَزَّ عَلى لَيْلى بِذِي سُدَيْرِ
سُوءُ مَبِيتي بَلَدَ الغُمَيْرِ
فقد يجوز أَن يريد بذي سِدْرٍ فصغر، وقيل: ذو سُدَيْرٍ موضع بعينه.
ورجل سَنْدَرَى: شديد، مقلوب عن سَرَنْدَى.
كدس: الكُدْس والكَدْس: العَرَمَة من الطعام والتمر والدراهم ونحو ذلك،
والجمع أَكداس، وهو الكدِّيس، يمانية؛ قال:
لم تَدْر بُصْرى بما آلَيْت من قَسَم،
ولا دِمَشْقُ إِذا دِيسَ الكَداديسُ
وقد كَدَسَه. والكُدْس: جماعة طعام، وكذلك ما يجمع من دراهم ونحوه.
يقال: كَدَسَ يَكْدِس. النضر: أَكْداس الرمل واحدها كُدْس، وهو المتراكب
الكثير الذي لا يُزايل بعضه بعضاً. وفي حديث قتادة: كان أَصحاب الأَيْكة
أَصحاب شجر مُتكادِس أَي ملتف مجتمع من تكدَّست الخيل إِذا ازدحمت وركب بعضها
بعضاً. والكَدْس: الجمع؛ ومنه كُدْس الطعام. وكَدَسَتِ الإِبل
والدَّوابّ تَكْدِس كَدْساً وتكدَّسَت: أَسرعت وركب بعضها بعضاً في سيرها. الفراء:
الكَدس إِسراع الإِبل في سيْرها، والكَدْس: إِثقال المُسْرِع
(* قوله
«الكدس اثقال المسرع إلخ» عبارة القاموس والصحاح: الكدس اسراع المثقل في
السير.) في السير، وقد كَدَسَت الخيل. وتَكَدَّس الفرس إِذا مشى كأَنه مثقل؛
قال الشاعر:
إِنَّا إِذا الخَيْل عَدَت أَكْداسا،
مِثل الكلاب، تَتَّقِي الهَراسا
والتَكَدُّس: أَن يحرِّك مَنْكِبَيْه وينصَبَّ إِلى ما بين يديه إِذا
مَشَى وكأَنه يركب رأْسه، وكذلك الوُعُول إِذا مَشَت. وفي حديث السِّراط:
ومنهم مَكْدُوس في النار أَي مَدْفُوع. وتكدَّس الإِنسان إِذا دُفع من
ورائه فسقط، ويروى بالشين المعجمة، من الكَدْش وهو السَّوْق الشديد.
والكَدْسُ: الطرد والجَرْح أَيضاً. والتَكَدُّس: مِشيَة من مِشى القِصار
الغِلاظ. ابن الأَعرابي: كَدْس الخيل ركوب بعضها بعضاً، والتَكَدُّس: السرعة في
المشي أَيضاً؛ قال عبيد أَو مهلهل:
وخَيْل تَكَدَّسُ بالدَّارعِين،
كمَشْيِ الوُعُول على الظاهِرَهْ
يقال منه: جاء فلان يَتَكَدَّسُ؛ وقال المُتَلَمِّس:
هَلُمُّوا إِليه، قد أُبيثَتْ زُرُوعُه،
وعادَتْ عليه المَنْجَنُونُ تَكَدَّسُ
والكُداس: عُطاس البــهائم، وكَدَسَت أَي عَطَست؛ قال الراجز:
الطَّير شَفْعٌ والمَطايا تَكْدِسُ،
إِني بأَنْ تَنْصُرَني لأُحسِسُ
يقول: هذه الإِبل تَعْطِسُ بنصرك إِياي، والطيرُ تمرُّ شَفْعاً، لأَنه
يُتَطَيَّرُ بالوِتْرِ منها، وقوله أُحْسِسُ، أَي أُحسُّ، فأَظْهر التضعيف
للضرورة كما قال الآخر:
تَشْكو الوَجى من أَظْلَلٍ وأَظْلَلِ
وكَدَسَ يَكْدِس كَدْساً: عَطَس، وقيل: الكُداس للضَّأْن مثل العُطاس
للأنسان. وفي الحديث: إِذا بصَق أَحدكم في الصلاة فليبصُق عن يَساره أَو
تحت رجْله، فإِن غَلَبَتْه كَدْسَة أَو سعلة ففي ثوبه؛ الكَدْسة: العَطْسة.
والكَوادِس: ما يُتَطَيَّر منه مثلُ الفأْل والعُطاس ونحوه، والكادِس
كذلك؛ ومنه قيل للظَّبي وغيره إِذا نَزَلَ من الجَبَل: كادِس، يُتَشاءَم به
كما يُتَشاءَمُ بالبارِح. والكادِسُ: القَعيدُ من الظِّباء وهو الذي
يَجيئُك من ورائك؛ قال أَبو ذؤيب:
فَلَوْ أَنَّني كنتُ السَّلِيم لَعُدْتَني
سَريعاً، ولم تَحْبِسْكَ عَنِّي الكَوادِسُ
واحدُها كادِس. وكَدَسَ يَكْدِسُ كَدْساً: تطيَّر؛ ويقال: أَخذه فكَدَس
به الأَرض. وفي الحديث: كان لا يُؤتَى بأَحَدٍ إِلاَّ كدس به الأَرض أَي
صَرعه وأَلصَقَه بها.
دأل: الدَّأْلُ: الخَتْل، وقد دَأَلَ يَدْأَلُ دأْلاً ودَأَلاناً. أَبو
زيد في الهمز: دأَلْت للشَّيءِ أَدْأَل دأْلاً ودَأَلاناً، وهي مِشْيَة
شبيهة بالخَتْل ومَشْيِ المُثْقَل، وذكر الأَصمعي في صفة مشي الخيل:
الدَّأَلان مشي يقارب فيه الخطو ويبغي فيه كأَنه مُثْقل من حمل. يقال: الذئب
يَدْأَل للغزال ليأْكله، يقول يَخْتِله. وقال أَبو عمرو: المُداءَلة بوزن
المداعلة الخَتْل. وقد دَأَلْتُ له ودَأَلْته وقد تكون في سرعة المشي.
ابن الأَعرابي: الدَّأَلانُ عَدْوٌ مُقارِب. ابن سيده: دَأَل يَدْأَلُ
دَأْلاً ودَأَلاً، وهي مِشْية فيها ضعف وعَجَلة، وقيل: هو عَدْوٌ مُقارِب؛
أَنشد سيبويه فيما تضعه العرب على أَلسنة البــهائم لضَبٍّ يخاطب ابنه:
أَهَدَموا بَيْتَك، لا أَبا لَكا
وأَنا أَمشي الدَّأَلى حَوالَكا؟
وحكى ابن بري: الدَّأَلى مِشْية تُشبه مِشْية الذِّئب. والدَّأَلانُ،
بالدال: مَشْيُ الذي كأَنه يَبْغِي في مشيه من النَّشاط. ودَأَل له
يَدْأَلُ دَأْلاً ودَأَلاناً: خَتَله.
والدَّأَلان، بتحريك الهمزة أَيضاً: الذئب؛ عن كراع.
والدُّؤُولُ: دُوَيْبَّة صغيرة؛ عنه أَيضاً. قال: وليس ذلك بمعروف.
والدُّئِل: دُويبَّة كالثعلب، وفي الصحاح: دويبة شبيهة بابن عِرْس؛ قال كعب
ابن مالك:
جاؤُوا بجَيْشٍ، لو قِيسَ مُعْرَسُه
ما كان إِلاَّ كمُعْرَس الدُّئِل
قال ابن سيده: وهذا هو المعروف. قال أَحمد بن يحيى: لا نعلم اسماً جاءَ
على فُعِل غير هذا، يعني الدُّئِل، قال ابن بري: قد جاءَ رُئِم في اسم
الاست؛ قال الجوهري: قال الأَخفش وإِلى المسمى بهذا الاسم نسب أَبو الأَسود
الدُّؤَلي، إِلاَّ أَنهم فتحوا الهمزة على مذهبهم في النسبة استثقالاً
لتوالي الكسرتين مع ياءَي النسب كما ينسب إِلى نَمِر نَمَرِيّ، قال: وربما
قالوا أَبو الأَسود الدُّوَلي، قلبوا الهمزة واواً لأَن الهمزة إِذا
انفتحت وكانت قبلها ضمة فتخفيفها أَن تقلبها واواً محضة، كما قالوا في جُؤَن
جُوِن وفي مُؤَن مُوَن، وقال ابن الكلبي: هو أَبو الأَسود الدِّيلي،
فقلب الهمزة ياء حين انكسرت، فإِذا انقلبت ياء كسرت الدال لتسلم الياء كما
تقول قِيل وبِيع، قال: واسمه ظالم بن عمرو بن سليمان بن عمرو بن حِلْس بن
نُفاثة بن عَديّ بن الدُّئِل بن بكر بن كنانة. قال الأَصمعي: وأَخبرني
عيسى بن عمر قال الدِّيل بن بكر الكناني إِنما هو الدُّئِل، فترك أَهل
الحجاز هَمْزه. قال ابن بري: قال أَبو سعيد السيرافي في شرح الكتاب في باب
كان عند قول أَبي الأَسود الدُّؤَلي: دَعِ الخَمْر يَشْرَبْها الغُواة،
قال: أَهل البصرة يقولون الدُّؤَلي، وهو من الدُّئِل بن بكر بن كنانة، قال:
وكان ابن حبيب يقول الدُّئل بن كنانة، ويقول الدُّئِل على مثال فُعِل،
الدُّئل بن مُحَلِّم بن غالب بن مُلَيح بن الهُون بن خُزَيْمة بن مُدْرِكة،
وروى أَبو سعيد بسنده إِلى محمد بن سلام ابن عبيد الله قال يونس: هم
ثلاثة: الدُّول من حنيفة بسكون الواو، والدِّيل من قَيس ساكنة الياء،
والدُّئل في كنانة رهط أَبي الأَسود مهموز، قال: هذا قول عيسى بن عمر والبصريين
وجماعة من النحويين منهم الكسائي، يقولون أَبو الأَسود الدِّيلي، قال
ابن بري: وقال محمد بن حبيب الدُّئل في كنانة، بضم الدال وكسر الهمزة، قال:
وكذلك في الهُون بن خزيمة أَيضاً، والدِّيل في الأَزْد، بكسر الدال
وإِسكان الياء، الدِّيل بن هداد بن زيد مَنَاة، وفي إِيَاد بن نِزَار مثله
الدِّيل بن أُميَّة بن حُذَافة، وفي عبد القيس كذلك الدِّيل بن عمرو بن
وَدِيعة، وفي ثَغْلثب كذلك الدِّيل بن زيد ابن غَنْم بن تَغْلِب، وفي
رِبِيعة بن نِزَار الدُّول بن حَنِيفة، بضم الدال وإِسكان الواو، وفي عَنَزَة
الدُّول ابن سعد بن مَنَاة بن غامد مثله، وفي ثعلبة الدُّول بن ثعلبة بن
سعد بن ضَبَّة، وفي الرِّبَاب الدُّول بن جَلِّ ابن عَدِيِّ بن عبد مَنَاة
بن أُدٍّ مثله. ابن سيده: والدُّئِل حَيٌّ من كنانة، وقيل في بني عبد
القيس، والنسب إِليه دُؤَليٌّ ودُئِليٌّ؛ الأَخيرة نادرة إِذ ليس في الكلام
فُعِليٌّ؛ قال ابن السكيت: هو أَبو الأَسود الدُّؤَلي مفتوح الواو مهموز
منسوب إِلى الدُّئِل من كنانة، قال: والدُّول في حنيفة ينسب إِليهم
الدُّولي، والدِّيل في عبد القيس ينسب إِليهم الدِّيلي.
والدُّئل على وزن الوُعِل: دويبَّة شبيهة بابن عِرْس؛ وأَنشد الأَصمعي
بيت كعب بن مالك:
ما كان إِلا كمُعْرَس الدُّئِل
وابن دأْلانَ: رَجُل، النسبة إِليه دَأْلانِيٌّ؛ حكاه سيبويه.
والدُّؤْلول: الداهية، والجمع الدّآلِيل. ووقع القومُ في دُؤْلُول أَي
في اختلاط من أَمرهم. أَبو زيد: وقعوا من أَمرهم في دُولول أَي في شِدَّة
وأَمر عظيم، قال الأَزهري: جاء به غير مهموز. وفي حديث خزيمة: إِن
الجَنَّة محظور عليها بالدَّآلِيل أَي بالدواهي والشدائد، وهذا كقوله: حُفَّتْ
بالمَكاره.
ضلل: الضَّلالُ والضَّلالةُ: ضدُّ الهُدَى والرَّشاد، ضَلَلْتَ تَضِلُّ
هذه اللغة الفصيحة، وضَلِلْتَ تَضَلُّ ضَلالاً وضَلالةً؛ وقال كراع: وبنو
تميم يقولون ضَلِلْتُ أَضَلُّ وضَلِلْتُ أَضِلُّ؛ وقال اللحياني: أَهل
الحجاز يقولون ضَلِلْتُ أَضَلُّ، وأَهل نجد يقولون ضَلَلْت أَضِلُّ، قال
وقد قرئ بهما جميعاً قوله عز وجل: قُلْ إِن ضَلَلْتُ فإِنما أَضِلُّ على
نفسي؛ وأَهل العالية يقولون ضَلِلْتُ، بالكسر، أَضَلُّ، وهو ضالٌّ تالٌّ،
وهي الضَّلالة والتَّلالة؛ وقال الجوهري: لغة نجد هي الفصيحة. قال ابن
سيده: وكان يحيى بن وَثَّاب يقرأ كلَّ شيء في القرآن ضَلِلْت وضَلِلْنا،
بكسر اللام، ورَجُلٌ ضالٌّ. قال: وأَما قراءة من قرأَ ولا الضّأَلِّينَ،
بهمز الأَلف، فإِنه كَرِه التقاء الساكنين الأَلف واللام فحرَّك الأَلف
لالتقائهما فانقلبت همزة، لأَن الأَلف حرف ضعيف واسع المَخْرَج لا
يَتَحمَّل الحركة، فإِذا اضْطُرُّوا إِلى تحريكه قلبوه إِلى أَقرب الحروف إِليه
وهو الهمزة؛ قال: وعلى ذلك ما حكاه أَبو زيد من قولهم شأَبَّة ومَأَدَّة؛
وأَنشدوا:
يا عَجَبا لقد رأَيْتُ عَجَبا:
حِمَار قَبّانٍ يَسُوق أَرْنَبا،
خاطِمَها زَأَمَّها أَن تَذْهَبا
يريد زَامَّها. وحكى أَبو العباس عن أَبي عثمان عن أَبي زيد قال: سمعت
عمرو بن عبيد يقرأُ: فيَوْمَئِذٍ لا يُسْأَلُ عن ذَنْبهِ إِنْسٌ ولا
جأَنٌّ، بهمز جانٍّ، فظَنَنْتُه قد لَحَن حتى سمعت العرب تقول شأَبَّة
ومأَدَّة؛ قال أَبو العباس: فقلت لأَبي عثمان أَتَقِيس ذلك؟ قال: لا ولا أَقبله.
وضَلُولٌ: كضَالٍّ؛ قال:
لقد زَعَمَتْ أُمامَةُ أَن مالي
بَنِيَّ، وأَنَّني رَجُلٌ ضَلُولُ
وأَضَلَّه: جعله ضَالاًّ. وقوله تعالى: إِنْ تَحْرِصْ على هُداهم فإِنَّ
الله لا يَهْدي مَنْ يُضِلُّ، وقرئت: لا يُهْدى من يُضِلُّ؛ قال
الزَّجّاج: هو كما قال تعالى: من يُضْلِلِ اللهُ فلا هادِيَ له. قال أَبو منصور:
والإِضْلالُ في كلام العرب ضِدُّ الهداية والإِرْشاد. يقال: أَضْلَلْت
فلاناً إِذا وَجَّهْتَه للضَّلال عن الطريق؛ وإِياه أَراد لبيد:
مَنْ هَدَاهُ سُبُلَ الخيرِ اهْتَدَى
ناعِمَ البالِ، ومن شاءَ أَضَلّ
قال لبيد: هذا في جاهِلِيَّته فوافق قوله التنزيل العزيز: يُضِلُّ من
يشاء ويَهْدِي من يشاء؛ قال أَبو منصور: والأَصل في كلام العرب وجه آخر
يقال: أَضْلَلْت الشيءَ إِذا غَيَّبْتَه، وأَضْلَلْت المَيِّتَ دَفَنْته.
وفي الحديث: سيكُون عليكم أُمَّةٌ إِنْ عَصَيْتُموهم ضَلَلْتم، يريد
بمعصيتهم الخروجَ عليهم وشَقَّ عَصَا المسلمين؛ وقد يقع أَضَلَّهم في غير هذا
الموضع على الحَمْل على الضَّلال والدُّخول فيه. وقوله في التنزيل العزيز:
رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كثيراً من الناس؛ أَي ضَلُّوا بسببها لأَن
الأَصنام لا تفعل شيئاً ولا تَعْقِل، وهذا كما تقول: قد أَفْتَنَتْني هذه
الدارُ أَي افْتَتَنتُ بسببها وأَحْبَبتُها؛ وقول أَبي ذؤيب:
رآها الفُؤَادُ فاسْتُضِلَّ ضَلالُه،
نِيَافاً من البِيضِ الكِرامِ العَطَابِل
قال السُّكَّري: طُلِبَ منه أَن يَضِلَّ فَضَلَّ كما يقال جُنَّ
جُنونُه، ونِيافاً أَي طويلة، وهو مصدر نافَ نِيَافاً وإِن لم يُسْتعمل،
والمستعمل أَناف؛ وقال ابن جني: نِيافاً مفعول ثان لرآها لأَن الرؤية ههنا رؤية
القلب لقوله رآها الفُؤَاد. ويقال: ضَلَّ ضَلاله، كما يقال جُنَّ
جُنونُه؛ قال أُمية:
لوْلا وَثَاقُ اللهِ ضَلَّ ضَلالُنا،
ولَسَرَّنا أَنَّا نُتَلُّ فَنُوأَدُ
وقال أَوس بن حَجَر:
إِذا ناقةٌ شُدَّتْ برَحْل ونُمْرُقٍ،
إِلى حَكَمٍ بَعْدي، فضَلَّ ضَلالُها
وضَلَلْت المَسْجدَ والدارَ إِذا لم تعرف موضعهما، وضَلَلْت الدارَ
والمَسْجدَ والطريقَ وكلَّ شيء مقيم ثابت لا تَهْتَدي له، وضَلَّ هو عَنِّي
ضَلالاً وضَلالةً؛ قال ابن بري: قال أَبو عمرو بن العلاء إِذا لم تعرف
المكانَ قلت ضَلَلْتُه، وإِذا سَقَط من يَدِك شيءٌ قلت أَضْلَلْته؛ قال:
يعني أَن المكان لا يَضِلُّ وإِنما أَنت تَضِلُّ عنه، وإِذا سَقَطَت
الدراهمُ عنك فقد ضَلَّت عنك، تقول للشيء الزائل عن موضعه: قد أَضْلَلْته،
وللشيء الثابت في موضعه إِلا أَنك لم تَهْتَدِ إِليه: ضَلَلْته؛ قال
الفرزدق:ولقد ضَلَلْت أَباك يَدْعُو دارِماً،
كضَلالِ مُلْتَمِسٍ طَريقَ وَبارِ
وفي الحديث: ضالَّة المؤمن؛ قال ابن الأَثير: وهي الضائعة من كل ما
يُقْتَنَى من الحيوان وغيره. الجوهري: الضّالَّة ما ضَلَّ من البــهائم للذكر
والأُنثى، يقال: ضَلَّ الشيءُ إِذا ضاع، وضَلَّ عن الطريق إِذا جار، قال:
وهي في الأَصل فاعِلةٌ ثم اتُّسِعَ فيها فصارت من الصفات الغالبة، وتقع
على الذكر والأُنثى والاثنين والجمع، وتُجْمَع على ضَوالَّ؛ قال: والمراد
بها في هذا الحديث الضَّالَّةُ من الإِبل والبقر مما يَحْمِي نفسَه ويقدر
على الإِبْعاد في طلب المَرْعَى والماء بخلاف الغنم؛ والضّالَّة من
الإِبل: التي بمَضْيَعَةٍ لا يُعْرَفُ لها رَبٌّ، الذكر والأُنثى في ذلك
سواء. وسُئل النبي، صلى الله عليه وسلم، عن ضَوالِّ الإِبل فقال: ضالَّةُ
المؤمن حَرَقُ النار، وخَرَجَ جوابُ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على
سؤَال السائل لأَنه سأَله عن ضَوالِّ الإِبل فنهاه عن أَخذها وحَذَّره
النارَ إِنْ تَعَرَّضَ لها، ثم قال، عليه السلام: ما لَكَ ولَها، مَعها
حِذاؤُها وسِقاؤها تَرِدُ الماءَ وتأْكل الشَّجَرَ؛ أَراد أَنها بعيدة المَذهَب
في الأَرض طويلة الظَّمَإِ، تَرِدُ الماءَ وتَرْعى دون راعٍ يحفظها فلا
تَعَرَّضْ لها ودَعْها حتى يأْتيها رَبُّها، قال: وقد تطلق الضَّالَّة
على المعاني، ومنه الكلمة الحكيمةُ: ضالَّةُ المؤمن، وفي رواية: ضالَّةُ كل
حكيم أَي لا يزال يَتَطَلَّبها كما يتطلب الرجُلُ ضالَّته. وضَلَّ
الشيءُ: خَفِيَ وغاب. وفي الحديث: ذَرُّوني في الرِّيح لَعَلِّي أَضِلُّ الله،
يريد أَضِلُّ عنه أَي أَفُوتُه ويَخْفَى عليه مكاني، وقيل: لَعَلِّي
أَغيب عن عذابه. يقال: ضَلَلْت الشيءَ وضَلِلْته إِذا جعلتَه في مكان ولم
تَدْرِ أَين هو، وأَضْلَلْته إِذا ضَيَّعْته. وضَلَّ الناسي إِذا غاب عنه
حفظُ الشيء. ويقال: أَضْلَلْت الشيء إِذا وَجَدتَه ضالاًّ كما تقول
أَحْمَدْته وأَبْخَلْته إِذا وجدتَه محموداً وبَخيلاً. ومنه الحديث: أَن النبي،
صلى الله عليه وسلم، أَتى قومَه فأَضَلَّهم أَي وجدهم ضُلاَّلاً غير
مُهْتدِين إِلى الحَقِّ، ومعنى الحديث من قوله تعالى: أََإِذا ضَلَلْنا في
الأَرض أَي خَفِينا وغِبْنا. وقال ابن قتيبة في معنى الحديث: أَي
أَفُوتُه، وكذلك في قوله لا يَضِلُّ ربي لا يَفُوتُه. والمُضِلُّ: السَّراب؛ قال
الشاعر:
أَعْدَدْتُ للحِدْثانِ كلَّ فَقِيدةٍ
أُنُفٍ، كلائحة المُضِلِّ، جَرُور
وأَضَلَّه اللهُ فَضَلَّ، تقول: إِنَّك لتَهْدِي الضالَّ ولا تَهْدِي
المُتَضالَّ. ويقال: ضَلَّني فلانٌ فلم أَقْدِر عليه أَي ذَهَب عَني؛
وأَنشد:
والسّائلُ المُبْتَغِي كَرائمها
يَعْلَم أَني تَضِلُّني عِلَلي
(* قوله «المبتغي» هكذا في الأصل والتهذيب، وفي شرح القاموس: المعتري
وكذا في التكملة مصلحاً عن المبتغي مرموزا له بعلامة الصحة).
أَي تذهب عني. ويقال: أَضْلَلْت الدابّةَ والدراهمَ وكلَّ شيء ليس بثابت
قائم مما يزول ولا يَثْبُت. وقوله في التنزيل العزيز: لا يَضِلُّ رَبي
ولا يَنْسى؛ أَي لا يَضِلُّه ربي ولا ينساه، وقيل: معناه لا يَغِيب عن شيء
ولا يَغِيب عنه شيء. ويقال: أَضْلَلْت الشيءَ إِذا ضاع منك مثل الدابّة
والناقة وما أَشبهها إِذا انفَلَت منك، وإِذا أَخْطَأْتَ موضعَ الشيء
الثابت مثل الدار والمكان قلت ضَلِلْته وضَلَلْته، ولا تقل أَضْلَلْته. قال
محمد بن سَلام: سمعت حَمَّاد بن سَلَمة يقرأُ في كتاب: لا يُضِلُّ ربي
ولا يَنْسى، فسأَلت عنها يونس فقال: يَضِلُّ جَيِّدةٌ، يقال: ضَلَّ فلان
بَعيرَه أَي أَضَلَّه؛ قال أَبو منصور: خالفهم يونس في هذا. وفي الحديث:
لولا أَن الله لا يُحِبُّ ضَلالةَ العَمل ما رَزَأْناكم عِقالاً؛ قال ابن
الأَثير: أَي بُطْلانَ العمل وضَياعَه مأْخوذ من الضَّلال الضياع؛ ومنه
قوله تعالى: ضَلَّ سَعْيُهم في الحياة الدنيا. وأَضَلَّه أَي أَضاعه
وأَهلكه. وفي التنزيل العزيز: إِنَّ المجرمين في ضَلالٍ وسُعُرٍ؛ أَي في هلاك.
والضَّلال: النِّسْيان. وفي التنزيل العزيز: مِمَّنْ تَرْضَوْن من
الشُّهَداء أَن تَضِلَّ إِحداهما فتُذَكِّر إِحداهما الأُخرى؛ أَي تَغِيب عن
حِفْظها أَو يَغيب حِفْظها عنها، وقرئ: إِنْ تَضِلَّ، بالكسر، فمن كَسَر
إِنْ قال كلام على لفظ الجزاء ومعناه؛ قال الزجاج: المعنى في إِنْ تَضِلَّ
إِنْ تَنْسَ إِحداهما تُذَكِّرْها الأُخرى الذاكرة، قال: وتُذْكِر
وتُذَكِّر رَفْعٌ مع كسر إِنْ
(* قوله «وتذكر وتذكر رفع مع كسر ان» كذا في
الأصل ومثله في التهذيب، وعبارة الكشاف والخطيب: وقرأ حمزة وحده ان تضل
احداهما بكسر ان على الشرط فتذكر بالرفع والتشديد، فلعل التخفيف مع كسر ان
قراءة اخرى) لا غير، ومن قرأَ أَن تَضِلَّ إِحداهما فتُذَكِّر، وهي قراءة
أَكثر الناس، قال: وذكر الخليل وسيبويه أَن المعنى اسْتَشْهِدوا امرأَتين
لأَن تُذَكِّرَ إِحداهما الأُخرى ومِنْ أَجل أَن تُذَكِّرَها؛ قال
سيبويه: فإِن قال إِنسان: فَلِمَ جاز أَن تَضِلَّ وإِنما أُعِدَّ هذا للإِذكار؟
فالجواب عنه أَنَّ الإِذكار لما كان سببه الإِضلال جاز أَن يُذْكَر أَن
تَضِلَّ لأَن الإِضلال هو السبب الذي به وَجَب الإِذكارُ، قال: ومثله
أَعْدَدْتُ هذا أَن يَميل الحائطُ فأَدْعَمَه، وإِنما أَعْدَدْته للدَّعم لا
للميل، ولكن الميل ذُكِر لأَنه سبب الدَّعْم كما ذُكِرَ الإِضلال لأَنه
سبب الإِذكار، فهذا هو البَيِّن إِن شاء الله. ومنه قوله تعالى: قال
فَعَلْتُها إِذاً وأَنا من الضّالِّين؛ وضَلَلْت الشيءَ: أُنْسِيتُه. وقوله
تعالى: وما كَيْدُ الكافرين إِلا في ضَلالٍ؛ أَي يَذْهب كيدُهم باطلاً
ويَحِيق بهم ما يريده الله تعالى. وأَضَلَّ البعيرَ والفرسَ: ذهَبا عنه.
أَبو عمرو: أَضْلَلْت بعيري إِذا كان معقولاً فلم تَهْتَدِ لمكانه،
وأَضْلَلْته إِضْلالاً إِذا كان مُطْلَقاً فذهب ولا تدري أَين أَخَذَ. وكلُّ ما
جاء من الضَّلال من قِبَلِك قلت ضَلَلْته، وما جاء من المفعول به قلت
أَضْلَلْته. قال أَبو عمرو: وأَصل الضَّلالِ الغَيْبوبة، يقال ضَلَّ الماءُ
في اللبن إِذا غاب، وضَلَّ الكافرُ إِذا غاب عن الحُجَّة، وضَلَّ الناسي
إِذا غابَ عنه حِفْظه، وأَضْلَلْت بَعيري وغيرَه إِذا ذهَب منك، وقوله
تعالى: أَضَلَّ أَعمالهم؛ قال أَبو إِسحق: معناه لم يُجازِهم على ما عَمِلوا
من خير؛ وهذا كما تقول للذي عمِل عَمَلاً لم يَعُدْ عليه نفعُه: قد
ضَلَّ سَعْيُك. ابن سيده: وإِذا كان الحيوان مقيماً قلت قد ضَلَلْته كما يقال
في غير الحيوان من الأَشياء الثابتة التي لا تَبْرَح؛ أَنشد ابن
الأَعرابي:
ضَلَّ أَباه فادَّعى الضَّلالا
وضَلَّ الشيءُ يَضِلُّ ضَلالاً: ضاع. وتَضْلِيل الرجل: أَن تَنْسُبَه
إِلى الضَّلال. والتضليل: تصيير الإِنسان إِلى الضَّلال؛ قال الراعي:
وما أَتَيْتُ نُجَيدةَ بْنَ عُوَيْمِرٍ
أَبْغي الهُدى، فيَزِيدني تَضْليلا
قال ابن سيده: هكذا قاله الراعي بالوَقْص، وهو حذف التاء من
مُتَفاعِلُن، فكَرِهت الرُّواةُ ذلك ورَوَته: ولمَا أَتيتُ، على الكمال.
والتَّضْلالُ: كالتَّضْلِيل. وضَلَّ فلان عن القَصْد إِذا جار. ووقع في وادي
تُضُلِّلَ وتُضَلِّلَ أَي الباطل. قال الجوهري: وقَع في وادي تُضُلِّلَ مثل
تُخُيِّبَ وتُهُلِّك، كله لا ينصرف. ويقال للباطل: ضُلٌّ بتَضْلال؛ قال عمرو
بن شاس الأَسدي:
تَذَكَّرْت ليلى، لاتَ حينَ ادِّكارِها،
وقد حُنِيَ الأَضْلاعُ، ضُلٌّ بتَضْلال
قال ابن بري: حكاه أَبو علي عن أَبي زيد ضُلاًّ بالنصب؛ قال ومثله
للعَجَّاج:
يَنْشُدُ أَجْمالاً، وما مِنْ أَجمال
يُبْغَيْنَ إِلاَّ ضُلَّة بتَضْلال
والضَّلْضَلةُ: الضَّلالُ. وأَرضٌ مَضِلَّةٌ ومَضَلَّةٌ: يُضَلّ فيها
ولا يُهْتَدى فيها للطريق. وفلان يَلومُني ضَلَّةً إِذا لم يُوَفَّق للرشاد
في عَذْله. وفتنة مَضَلَّة: تُضِلُّ الناسَ، وكذلك طريق مَضَلٌّ.
الأَصمعي: المَضَلُّ والمَضِلُّ الأَرض المَتِيهةُ. غيره: أَرض مَضَلٌّ تَضِلُّ
الناس فيها، والمَجْهَلُ كذلك. يقال: أَخَذْت أَرضاً مَضِلَّةً
ومَضَلَّة، وأَخذْت أَرضاً مَجْهَلاً مَضَلاًّ؛ وأَنشد:
أَلا طَرَقَتْ صَحْبي عُميرَةُ إِنها،
لَنا بالمَرَوْراةِ المَضَلِّ، طَروق
وقال بعضهم: أَرضٌ مَضِلَّةٌ ومَزِلَّة، وهو اسم، ولو كان نعتاً كان
بغير الهاء. ويقال: فَلاةٌ مَضَلَّةٌ وخَرْقٌ مَضَلَّةٌ، الذَّكر والأُنثى
والجمع سواء، كما قالوا الولد مَبْخَلةٌ؛ وقيل: أَرضٌ مَضَلَّةٌ ومَضِلَّة
وأَرَضون مَضَلاَّت ومَضِلاَّتٌ. أَبو زيد: أَرض مَتِيهةٌ ومَضِلَّةٌ
ومَزِلَّة مِن الزَّلَق. ابن السكيت: قولهم أَضَلَّ الله ضَلالَك أَي ضَلَّ
عنك فذَهب فلا تَضِلُّ. قال: وقولهم مَلَّ مَلالُك أَي ذهَب عنك حتى لا
تَمَلَّ. ورجل ضِلِّيل: كثير الضَّلال. ومُضَلَّلٌ: لا يُوَفَّق لخير أَي
ضالٌّ جدّاً، وقيل: صاحب غَواياتٍ وبَطالاتٍ وهو الكثير التتبُّع
للضَّلال. والضِّلِّيلُ: الذي لا يُقْلِع عن الضَّلالة، وكان امرؤ القيس
يُسَمَّى الملِكَ الضِّلِّيل والمُضلَّل. وفي حديث عليٍّ وقد سُئل عن أَشعر
الشعراء فقال: إِنْ كان ولا بُدَّ فالملِك الضِّلِّيل، يعني امْرَأَ القيس،
كان يُلَقَّب به. والضِّلِّيل، بوزن القِنْدِيل: المُبالِغ في الضَّلال
والكثيرُ التَّتبُّع له. والأُضْلُولةُ: الضَّلال؛ قال كعب بن زهير:
كانت مَواعِيدُ عُرْقُوبٍ لها مَثَلاً،
وما مَواعِيدُها إِلا الأَضالِيلُ
وفلان صاحب أَضَالِيلَ، واحدتها أُضْلُولةٌ؛ قال الكميت:
وسُؤَالُ الظِّباءِ عَنْ ذِي غَدِ الأَمْـ
ـرِ أَضَالِيلُ من فُنُون الضَّلال
الفراء: الضُّلَّة، بالضم، الحَذَاقة بالدَّلالة في السَّفَر.
والضَّلَّة: الغَيْبوبةُ في خير أَو شَرٍّ. والضِّلَّة: الضَّلالُ. وقال ابن
الأَعرابي: أَضَلَّني أَمْرُ كذا وكذا أَي لم أَقْدِرْ عليه، وأَنشد:
إِنِّي، إِذا خُلَّةٌ تَضَيَّفَني
يُريدُ مالي، أَضَلَّني عَلِلي
أَي فارَقَتْني فلم أَقْدِرْ عليها. ويقال للدَّلِيل الحاذق الضُّلاضِل
والضُّلَضِلة
(* قوله «ويقال للدليل الى قوله الضلضلة» هكذا في الأصل،
وعبارة القاموس وشرحه: وعلبطة عن ابن الاعرابي والصواب وعلبط كما هو نص
الباب اهـ. لكن في التهذيب والتكملة مثل ما في القاموس).
قاله ابن الأَعرابي: وضَلَّ الشيءُ يَضِلُّ ضَلالاً أَي ضاع وهَلَك،
والاسم الضُّلُّ، بالضم؛ ومنه قولهم: فلان ضُلُّ بن ضُلٍّ أَي مُنْهَمِكٌ في
الضَّلال، وقيل: هو الذي لا يُعْرَف ولا يُعْرَف أَبوه، وقيل: هو الذي
لا خير فيه، وقيل: إِذا لم يُدْرَ مَنْ هو ومِمَّنْ هو، وهو الضَّلالُ
بْنُ الأَلال والضَّلال بن فَهْلَل وابْنُ ثَهْلَل؛ كُلُّه بهذا المعنى.
يقال: فلان ضُِلُّ أَضْلالٍ وصِلُّ أَصْلالٍ
(* قوله «ضل أضلال وصل أصلال»
عبارة القاموس: ضل أضلال بالضم والكسر، واذا قيل بالصاد فليس فيه الا
الكسر) بالضاد والصاد إِذا كان داهية. وفي المثل: يا ضُلَّ ما تَجْرِي به
العَصَا أَي يا فَقْدَه ويا تَلَفَه يقوله قَصِير ابن سعد لجَذِيمةَ
الأَبْرَش حين صار معه إِلى الزَّبَّاء، فلما صار في عَمَلِها نَدِمَ، فقال له
قَصِيرٌ: ارْكَبْ فرسي هذا وانْجُ عليه فإِنه لا يُشَقُّ غُبَارُه. وفعل
ذلك ضِلَّةً أَي في ضَلال. وهُو لِضِلَّةٍ أَي لغير رشْدةٍ؛ عن أَبي زيد.
وذَهَب ضِلَّةً أَي لم يُدْرَ أَين ذَهَب. وذَهَبَ دَمُه ضِلَّةً: لم
يُثْأَرْ به. وفلانٌ تِبْعُ ضِلَّةٍ، مضاف، أَي لا خَير فيه ولا خير عنده؛
عن ثعلب، وكذلك رواه ابن الكوفي؛ وقال ابن الأَعرابي: إِنما هو تِبْعٌ
ضِلَّةٌ، على الوصف، وفَسَّره بما فَسَّره به ثعلب؛ وقال مُرَّة: هو تِبْعُ
ضِلَّة أَي داهيةٌ لا خير فيه، وقيل: تِبْعُ صِلَّةٍ، بالصاد. وضَلَّ
الرَّجُلُ: مات وصار تراباً فَضَلَّ فلم يَتَبَيَّنْ شيء من خَلْقه. وفي
التنزيل العزيز: أَإِذا ضَلَلْنَا في الأَرض؛ معناه أَإِذا مِتْنا وصِرْنا
تراباً وعِظَاماً فَضَلَلْنا في الأَرض فلم يتبين شيء من خَلقنا.
وأَضْلَلْته: دَفَنْته؛ قال المُخَبَّل:
أَضَلَّتْ بَنُو قَيْسِ بنِ سَعْدٍ عَمِيدَها،
وفارِسَها في الدَّهْر قَيْسَ بنَ عاصم
وأُضِلَّ المَيِّتُ إِذا دُفِنَ، وروي بيت النابغة الذُّبْياني يَرْثي
النُّعمان بن الحرث بن أَبي شِمْر الغَسَّانيّ:
فإِنْ تَحْيَ لا أَمْلِكْ حَياتي، وإِن تَمُتْ
فما في حَياةٍ بَعْدَ مَوْتِك طائلُ
فآبَ مُضِلُّوهُ بعَيْنٍ جَلِيَّةٍ،
وغُودِرَ بالجَوْلانِ حَزْمٌ ونائلُ
يريد بِمُضِلِّيه دافِنيه حين مات، وقوله بعَيْنٍ جَلِيَّةٍ أَي بخبرٍ
صادقٍ أَنه مات، والجَوْلانُ: موضع بالشام، أَي دُفِن بدَفْن النُّعمان
الحَزْمُ والعطاءُ. وأَضَلَّتْ به أُمُّه: دَفَنتْه، نادر؛ عن ابن
الأَعرابي؛ وأَنشد:
فَتًى، ما أَضَلَّتْ به أُمُّه
من القَوْم، لَيْلَة لا مُدَّعَم
قوله لا مُدَّعَم أَي لا مَلْجَأَ ولا دِعَامَة. والضَّلَلُ: الماء الذي
يَجرِي تحت الصَّخرة لا تصيبه الشمس، يقال: ماءٌ ضَلَلٌ، وقيل: هو الماء
الذي يجري بين الشجر. وضَلاضِلُ الماء: بقاياه، والصادُ لُغةٌ، واحدتها
ضُلْضُلَةٌ وصُلْصُلة. وأَرضٌ ضُلَضِلة وضَلَضِلةٌ وضُلَضِلٌ وضَلَضِلٌ
وضُلاضِلٌ: غليظة؛ الأَخيرة عن اللحياني، وهي أَيضاً الحجارة التي
يُقِلُّها الرجلُ، وقال سيبويه: الضَّلَضِلُ مقصور عن الضَّلاضِل. التهذيب:
الضُّلَضِلَةُ كُلُّ حجر قَدْر ما يُقِلُّه الرَّجُلُ أَو فوق ذلك أَملس يكون
في بطون الأَودية؛ قال: وليس في باب التضعيف كلمة تشبهها. الجوهري:
الضُّلَضِلة، بضم الضاد وفتح اللام وكسر الضاد الثانية، حَجَرٌ قَدْر ما
يُقِلُّه الرجل، قال: وليس في الكلام المضاعف غيره؛ وأَنشد الأَصمعي لصَخْر
الغَيِّ:
أَلَسْت أَيَّامَ حَضَرْنا الأَعْزَلَه،
وبَعْدُ إِذْ نَحْنُ على الضُّلَضِله؟
وقال الفراء: مَكانٌ ضَلَضِلٌ وجَنَدِلٌ، وهو الشديد ذو الحجارة؛ قال:
أَرادوا ضَلَضِيل وجَنَدِيل على بناء حَمَصِيص وصَمَكِيك فحذفوا الياء.
الجوهري: الضَّلَضِلُ والضَّلَضِلة الأَرض الغليظةُ؛ عن الأَصمعي، قال:
كأَنه قَصْر الضَّلاضِل.
ومُضَلَّل، بفتح اللام: اسم رجل من بني أَسد؛ وقال الأَسود بن يعْفُر:
وقَبْليَ مات الخالِدَان كِلاهُما:
عَمِيدُ بَني جَحْوانَ وابْنُ المُضَلَّلِ
قال ابن بري: صواب إِنشاده فَقَبْلي، بالفاء، لأَن قبله:
فإِنْ يَكُ يَوْمِي قد دَنَا، وإِخالُه
كَوَارِدَةٍ يَوْماً إِلى ظِمْءِ مَنْهَل
والخالِدَانِ: هُمَا خالِدُ بْنُ نَضْلة وخالِدُ بن المُضَلَّل.
هرج: الهَرْجُ: الاختلاط؛ هَرَجَ الناس يَهْرِجُون، بالكسر، هَرْجاً من
الاختلاط أَي اختلطوا. وأَصل الهَرْج: الكثرة في المشي والاتساعُ.
والهَرْجُ: الفتنة في آخر الزمان. والهَرْجُ: شدَّة القتل وكثرته؛ وفي الحديث:
بين يدي الساعة هَرْج أَي قتال واختلاط؛ وروي عن عبد الله بن قيس
الأَشعري أَنه قال لعبدالله بن مسعود: أَتعلم الايام التي ذَكَرَ رسولُ الله،
صلى الله عليه وسلم، فيها الهَرْجَ؟ قال: نعم، تكون بين يدي الساعة، يرفع
العلم وينزل الجهل ويكون الهَرْجُ، قال أَبو موسى: الهَرْجُ بلسان الحبشة
القتل. وفي حديث أَشراط الساعة: يكون كذا وكذا ويكثُر الهَرْجُ، قيل: وما
الهَرْجُ يا رسول الله؟ قال: القتل؛ وقال ابنُ قَيْس الرُّقَيَّاتِ
أَيامَ فتنة ابن الزبير:
ليتَ شِعْري أَأَوّلُ الهَرْجِ هذا،
أَم زمانٌ من فتنةٍ غيرِ هَرْجِ؟
يعني أَأَوّل الهرج المذكور في الحديث هذا، أَم زمان من فتنة سوى ذلك
الهرج؟ الليث: الهَرْج القتال والاختلاط، وأَصلُ الهَرْج الكثرةُ في الشيء؛
ومنه قولهم في الجماع: بات يَهْرِجُها ليلتَه جَمْعاء. والهَرْجُ: كثرة
النكاح. وقد هَرَجَها يَهْرُجُها ويَهْرِجها هَرْجاً إِذا نكحها. وفي
حديث صفة أَهل الجنة: إِنما هم هَرْجاً مَرْجاً؛ الهَرْجُ: كثرة النكاح.
ومنه حديث أَبي الدرداء: يَتهارَجُون تهارُجَ البــهائم أَي يتسافدون؛ قال
ابن الأَثير: هكذا خَرَّجه أَبو موسى وشَرَحَه وأَخرجه الزمخشري عن ابن
مسعود، وقال: أَي يَتَساوَرُونَ. والتَّهارُج: التناكح والتسافُدُ.
والهَرْجُ: كثرة الكذب وكثرة النوم. وهَرَج القومُ يَهْرِجُون في الحديث إِذا
أَفْضَوا به فأَكثروا. وهَرَج النومَ يَهْرِجُه: أَكثره؛ قال:
وحَوْقَلٍ سِرْنا به وناما،
فما دَرى إِذ يَهْرِجُ الأَحْلاما،
أَيَمَناً سِرْنا به ام شَاما؟
والهَرْج: شيء تراه في النوم وليس بصادق.
وهَرَجَ يَهْرِجُ هَرْجاً: لم يوقن بالأَمر. وهَرِجَ الرجلُ: أَخذه
البُهْرُ من حَرٍّ أَو مَشْي. وهَرِجَ البعير، بالكسر، يَهْرَجُ هَرَجاً:
سَدِرَ من شدّة الحر وكثرة الطلاءِ بالقَطِرانِ وثِقَلِ الحِمْل؛ قال العجاج
يصف الحمار والأَتان:
ورَهِبَا من حَنْذِه أَن يَهْرَجا
وفي حديث ابن عمر: لأَكونَنَّ فيها مثلَ الجَمَل الرَّداح يُحْمَلُ عليه
الحِمْلُ الثقيلُ فَيَهْرَجُ فَيَبْرُك، ولا يَنْبَعِثُ حتى يُنْحَر أَي
يتحير ويَسْدَرُ.
وقد أَهْرَجَ بعيرُه إِذا وصل الحرّ إِلى جوفه. ورجل مُهْرِجٌ إِذا
أَصاب إِبلَه الجرَبُ، فطليت بالقطران فوصل الحرُّ إِلى جوفها؛ وأَنشد:
على نار جِنٍّ يَصْطَلُونَ كأَنها
طلاها* بالغيبة مُهْرِجُ
(*كذا بياض بالأصل.)
قال الأَزهري: رأَيت بعيراً أَجرب هُنِئَ بالخضْخاضِ فَهَرَجَ ومات.
الأَصمعي: يقال هَرَّجَ بعيرَه إِذا حمل عليه في السير في الهاجرة.
وهَرَّجَ بالسبع: صاح به وزجره؛ قال رؤْبة:
هَرَّجْتُ فارْتَدَّ ارْتِدادَ الأَكْمَهِ،
في غائلاتِ الحائِر المُتَهْتِهِ
قال شمر: المُتَهْتِهُ الذي تَهْتَهَ في الباطل أَي تَرَدَّد فيه.
ويقال للفَرَس: مَرَّ يَهْرِجُ وإِنه لَمِهْرَجٌ وهَرَّاج إِذا كان كثير
الجري.
وفي حديث عمر: فذلك حين استَهْرَجَ له الرأْيُ أَي قَوِيَ واتسع.
وهَرَجَ الفرسُ يَهْرِجُ هَرْجاً، وهو مِهْراجٌ، وهو مِهْرَجٌ وهَرَّاجٌ
إِذا اشتدّ عَدْوُه؛ قال العجاج:
غَمْرَ الأَجارِيِّ مِسَحّاً مِهْرَجا
وقال الآخر:
من كلِّ هَرَّاجٍ نَبِيلٍ مَحْزِمُه
التهذيب: ابن مُقْبل يصف فرساً:
هَرْج الوَليدِ بخَيْطٍ مُبْرَمٍ خَلَقٍ،
بينَ الرَّواجِبِ، في عُودٍ من العُشَرِ
قال: شبهه بخُذْرُوف الوليد في دُرُورِ عَدْوِه.
وهَرَّجْتُ البعير تَهْريجاً وأَهْرَجْتُه أَيضاً إِذا حملت عليه في
السير في الهاجرة حتى سَدِرَ. وهَرَّجَ النبيذُ فلاناً إِذا بلغ منه
فانْهَرَجَ وانْهَكَّ.
وقال خالد بن جَنْبَةَ: بابٌ مَهْرُوجٌ، وهو الذي لا يُسَدُّ يدخله
الخلق، وقد هَرَجَه الإِنسان يَهْرِجُه أَي تركه مفتوحاً.
والهِرْجُ: الضعيف من كل شيء؛ قال أَبو وَجْزَة:
والكَبْشُ هِرْجٌ إِذا نَبَّ العَتُودُ له،
زَوْزَى بأَلْيَتِه للذُّلِّ، واعْتَرَفا
جنس: الجِنْسُ: الضَّربُ من كل شيء، وهو من الناس ومن الطير ومن حدود
النَحْوِ والعَرُوضِ والأَشياء جملةٌ. قال ابن سيده: وهذا على موضوع عبارات
أَهل اللغة وله تحديد، والجمع أَجناس وجُنُوسٌ؛ قال الأَنصاري يصف
النخل:تَخَيَّرْتُها صالحاتِ الجُنُو
سِ، لا أَسْتَمِيلُ ولا أَسْتَقِيلُ
والجِنْسُ أَعم من النوع، ومنه المُجانَسَةُ والتَجْنِيسُ. ويقال: هذا
يُجانِسُ هذا أَي يشاكله، وفلان يُجانس البــهائم ولا يُجانس الناسَ إِذا لم
يكن له تمييز ولا عقل. والإِبل جِنْسٌ من البــهائم العُجْمِ، فإِذا واليت
سنّاً من أَسنان الإِبل على حِدَة فقد صنفتها تصنيفاً كأَنك جعلت بنات
المخاض منها صنفاً وبنات اللبون صِنفاً والحِقاق صِنْفاً، وكذلك الجَذَعُ
والثَّنيُّ والرُّبَعُ. والحيوان أَجناسٌ: فالناس جنس والإِبل جنس والبقر
جنس والشَّاء جنس، وكان الأَصمعي يدفع قول العامة هذا مُجانِسٌ لهذا
إِذا كان من شكله، ويقول: ليس بعربي صحيح، ويقول: إِنه مولَّد. وقول
المتكلمين: الأَنواع مَجْنُوسَةٌ للأَجْناسِ كلام مولَّد لأَن مثل هذا ليس من
كلام العرب. وقول المتكلمين: تَجانَس الشيئان ليس بعربي أَيضاً إِنما هو
توسع. وجئْ به من جِنْسِك أَي من حيث كان، والأَعرف من حَِسِّك. التهذيب:
ابن الأَعرابي: الجَنَسُ جُمُودٌ
(* قوله «الجنس جمود» عبارة القاموس:
والجنس، بالتحريك، جمود الماء وغيره.) . وقال: الجَنَسُ المياه الجامدة.