من (ن م ر) نسبة إلى نَوَامِــر جمع نَامِرَة وهي حديدة لها كلاليب يصاد بها الذئب.
من (ن م ر) نسبة إلى نَوَامِــر جمع نَامِرَة وهي حديدة لها كلاليب يصاد بها الذئب.
نوم: النّوْم: معروف. ابن سيده: النَّوْمُ النُّعاسُ. نامَ يَنامُ
نَوْماً ونِياماً؛ عن سيبويه، والاسمُ النِّيمةُ، وهو نائمٌ إذا رَقَدَ. وفي
الحديث: أَنه قال فيما يَحْكي عن ربِّه أَنْزَلْتُ عليكَ كتاباً لا
يَغْسِلُه الماءُ تَقْرَؤُه نائماً ويَقْظانَ أي تَقرؤه حِفْظاً في كل حال عن
قلبك أي في حالتي النوم واليقظة؛ أراد أنه لا يُمْحى أَبداً بل هو محفوظ
في صدور الذين أُوتوا العِلْمَ، لا يأَْتِيه الباطلُ من بين يديه، ولا من
خَلْفِه، وكانت الكتُبُ المنزلة لا تُجْمَع حِفْظاً، وإنما يُعْتَمَد في
حِفْظِها على الصُّحُف، بخِلافِ القرآن فإنَّ حُفّاظَه أَضْعافُ صُحُفِه،
وقيل: أَراد تقرؤه في يُسْرٍ وسُهولة. وفي حديث عِمْرانَ بن حُصَيْن:
صَلِّ قائماً، فإن لم تَسْتَطِعْ فقاعِداً، فإن لم تَسْتَطِعْ فنائماً؛
أَراد به الاضْطِجاعَ، ويدل عليه الحديث الآُخر: فإن لم تستطع فعلى جَنْبٍ،
وقيل: نائماً تصحيف، وإنماً أَراد فإيماءً أَي بالإشارة كالصلاة عند
التحام القتال وعلى ظهر الدابة. وفي حديثه الآخر: من صلى نائماً فله نِصْفُ
أَجْرِ القاعد؛ قال ابن الأَثير: قال الخطابي لا أَعلم أَني سمعت صلاةَ
النائم إلا في هذا الحديث، قال: ولا أَحفظ عن أحدٍ من أَهل العلم أَنه
رَخَّصَ في صلاةِ التطوع نائماً كما رَخَّص فيها قاعداً، قال: فإن صحت هذه
الرواية ولم يكن أَحد الرُّواةِ أَدْرَجَه في الحديث وقاسَه على صلاةِ
القاعِد وصلاةِ المريضِ إذا لم يَقْدِرْ على القُعودِ، فتكون صلاةُ المتطوِّع
القادرِ نائماً جائزةً، والله أَعلم، هكذا قال في مَعالم السُّنن، قال:
وعاد قال في أَعلام السُّنَّة: كنتُ تأَوْلت الحديثَ في كتاب المَعالم
على أن المراد به صلاةُ التطوع، إلا أن قوله نائماً يُفْسِد هذا التأْويل
لأن المُضطجع لا يصَلي التطوُّعَ كما يصلي القاعدُ، قال: فرأَيت الآنَ أن
المراد به المريضُ المُفْتَرِضُ الذي يمكنه أن يَتحامَلَ فيقعُد مع
مَشَقَّة، فجعَل أَجْرَه ضِعْفَ أَجْرهِ إذا صلَّى نائماً ترغيباً له في
القعود مع جواز صلاته نائماً، وكذلك جعل صلاتَه إذا تحامَل وقامَ مع مشقةٍ
ضِعْفَ صلاتِه إذا صلى قاعداً مع الجواز؛ وقوله:
تاللهِ ما زيدٌ بنام صاحبُه،
ولا مُخالِطِ اللِّيانِ جانِبُهْ
قيل: إن نامَ صاحبُه علمٌ اسم رجل، وإذا كان كذلك جَرى مَجْرى بَني شابَ
قَرناها؛ فإن قلت: فإن قوله:
ولا مخالط الليان جانبه
ليس علماً وإنما هو صفة وهو معطوف على نامَ صاحبهُ، فيجب أَن يكون قوله
نامَ صاحبُه صفةً أَيضاً؛ قيل: قد تكون في الجُمَل إذا سُمِّيَ بها معاني
الأَفعال؛ ألا ترى أن قوله:
شابَ قَرْناها تُصَرُّ وتُحْلَبُ
هو اسم عَلم وفيه مع ذلك معنى الذمّ؟ وإذا كان ذلك جاز أن يكون قوله:
ولا مُخالِطِ اللِّيانِ جانِبهُ
معطوفاً على ما في قوله نام صاحبه من معنى الفعل. وما له نِيمةُ ليلةٍ؛
عن اللحياني، قال ابن سيده: أُراه يعني ما يُنام عليه ليلةً واحدة. ورجلٌ
نائمٌ ونَؤُومٌ ونُوَمةٌ ونُوَمٌ؛ الأَخيرة عن سيبويه، من قومٍ نِيامً
ونُوَّمٍ، على الأَصل، ونُيَّمٍ، على اللفظ، قلبوا الواو ياءً لقربها من
الطرَف، ونِيَّم، عن سيبويه، كسروا لِمكان الياء، ونُوَّامٍ ونُيَّامٍ،
الأَخيرة نادرة لبعدها من الطرف؛ قال:
ألا طَرَقَتْنا مَيَّةُ ابنَةُ مُنْذِرٍ،
فما أَرَّقَ النُّيَّامَ إلا سَلامُها
قال ابن سيده: كذا سمع من أبي الغمر. ونَوْم: اسم للجمع عند سيبويه،
وجمعٌ عند غيره، وقد يكون النَّوْم للواحد. وفي حديث عبد الله بن جعفر: قال
للحسين ورأَى ناقته قائمةً على زِمامِها بالعَرْج وكان مريضاً: أَيها
النوْمُ أَيها النوْمُ فظن أَنه نائم فإذا هو مُثْبَتٌ وَجعاً، أَراد أيها
النائم فوضَع المصدرَ موضعَه، كما يقال رجل صَوْمٌ أي صائم. التهذيب: رجل
نَوْمٌ وقومٌ نَوْمٌ وامرأَة نَوْمٌ ورجل نَوْمانُ كثيرُ النوْم.
ورجل نُوَمَةٌ، بالتحريك: يَنامُ كثيراً. ورجل نُوَمةٌ إذا كان خامِلَ
الذِّكْر. وفي الحديث حديث عليّ، كرَّم الله وجهه: أَنه ذكر آخرَ الزمان
والفِتَنَ ثم قال: إنما يَنْجو من شرّ ذلك الزمان كلُّ مؤمنٍ نُوَمَةٍ
أُولئك مصابيحُ العُلماء؛ قال أَبو عبيد: النُّوَمة، بوزن الهُمَزة، الخاملُ
الذِّكْرِ الغامض في الناس الذي لا يَعْرِفُ الشَّرَّ ولا أَهلَه ولا
يُؤْبَهُ له. وعن ابن عباس أَنه قال لعليّ: ما النُّوَمَةُ؟ فقال: الذي
يَسْكُت في الفتنة فلا يَبْدوا منه شيء، وقال ابن المبارَك: هو الغافلُ عن
الشرِّ، وقيل: هو العاجزُ عن الأُمور، وقيل: هو الخامِلُ الذِّكر الغامِضُ
في الناس. ويقال للذي لا يُؤْبَهُ له نُومةٌ، بالتسكين. وقوله في حديث
سلمة: فنَوَّموا، هو مبالغة في نامُوا. وامرأَة نائمةٌ من نِسْوة نُوَّمٍ،
عند سيبويه؛ قال ابن سيده: وأَكثرُ هذا الجمع في فاعِلٍ دون فاعلةٍ.
وامرأَة نَؤُومُ الضُّحى: نائمتُها، قال: وإنما حقيقتُه نائمةٌ بالضُّحى أو
في الضحى. واسْتَنام وتَناوَم: طلب النَّوْم. واسْتنامَ الرجلُ: بمعنى
تَناوَم شهوة للنوم؛ وأَنشد للعجاج:
إذا اسْتنامَ راعَه النَّجِيُّ
واسْتنامَ أَيضاً إذا سَكَن. ويقال: أَخذه نُوامٌ، وهو مثلُ السُّبات
يكون من داءٍ به. ونامَ الرجلُ إذا تواضَع لله. وإنه لَحَسنُ النِّيمةِ أي
النَّوْم. والمَنامُ والمَنامةُ: موضع النوم؛ الأَخيرة عن اللحياني. وفي
التنزيل العزيز: إذ يُرِيكَهم الله في مَنامِك قليلاً؛ وقيل: هو هنا
العَينُ لأَن النَّوْم هنالك يكون، وقال الليث: أي في عينِك؛ وقال الزجاج:
روي عن الحسن أَن معناها في عينك التي تَنامُ بها، قال: وكثير من أهل النحو
ذهبوا إلى هذا، ومعناه عندهم إذْ يُرِيكَهم اللهُ في موضع منامك أي في
عينِك، ثم حذف الموضعَ وأَقام المَنامَ مُقامَه، قال: وهذا مذهبٌ حسن،
ولكن قد جاء في التفسير أن النبي، صلى الله عليه وسلم، رآهم في النوم قليلاً
وقَصَّ الرُّؤْيا على أِصحابه فقالوا صَدَقتْ رؤْياك يا رسول الله، قال:
وهذا المذهبُ أَسْوَغ في العربية لأَنه قد جاء: وإِذ يُريكُموهم إِذ
الْتَقَيْتم في أَعْيُنِكم قليلاً ويُقَلِّلُكم في أَعْيُنِهم؛ فدل بها
أَنَّ هذه رؤْية الالتقاء وأَن تلك رؤْية النَّوْم. الجوهري: تقول نِمْت،
وأََصله نَوِمْت بكسر الواو، فلما سكنت سقطت لاجتماع الساكنين ونُقِلتْ
حركتُها إِلى ما قبلها، وكان حقُّ النون أَن تُضَمَّ لتَدُلَّ على الواو
الساقطة كما ضَمَمْت القاف في قلت، إِلا أَنهم كسروها فَرْقاً بين المضموم
والمفتوح؛ قال ابن بري: قوله وكانَ حَقُّ النون أَن تُضَمَّ لتدلَّ على
الواو الساقطة وهَمٌ، لأَن المُراعى إِنما هو حركة الواو التي هي الكسرةُ
دون الواو بمنزلة خِفْت، وأَصله خَوِفْت فنُقِلت حركة الواو، وهي الكسرة،
إِلى الخاء، وحُذفت الواو لالتقاء الساكنين، فأَما قُلت فإِنما ضُمَّت
القاف أَيضاً لحركة الواو، وهي الضمة، وكان الأَصل فيها قَوَلْت، نُقِلتْ
إِلى قوُلت، ثم نقِلت الضمة إلى القاف وحُذِفَت الواو لالتقاء الساكنين،
قال الجوهري: وأَما كِلْتُ فإِنما كسروها لتدل على الياء الساقطة، قال ابن
بري: وهذا وَهَمٌ أَىضاً وإِنما كسروها للكسرة التي على الياء أَيضاً، لا
للياء، وأَصلها كَيِلْت مُغَيَّرة عن كَيَلْتُ، وذلك عند اتصال الضمير
بها أَعني التاء، على ما بُيِّن في التصريف، وقال: ولا يصح أَن يكون كالَ
فَعِل لقولهم في المضارع يَكيلُ، وفَعِلَ يَفْعِلُ إِنما جاء في أَفعال
معدودة، قال الجوهري: وأَما على مذهب الكسائي فالقياسُ مستمرٌّ لأَنه
يقول: أَصلُ قال قَوُلَ، بضم الواو. قال ابن بري: لم يذهب الكسائي ولا غيرهُ
إِلى أَنَّ أَصلَ قال قَوُل، لأَن قال مُتَعدٍّ وفَعُل لا يَتعدَّى واسم
الفاعل منه قائلٌ، ولو كان فَعُل لوجب أَن يكون اسم الفاعل منه فَعيل،
وإِنما ذلك إِذا اتصلت بياء المتكلم أَو المخاطب نحو قُلْت، على ما تقدم،
وكذلك كِلْت؛ قال الجوهري: وأَصل كالَ كَيِلَ، بكسر الياء، والأَمر منه
نَمْ، بفتح النون، بِناءً على المستقبل لأَن الواو المنقلبة أَلفاً سقطت
لاجتماع الساكنين.
وأَخَذه نُوامٌ، بالضم، إِذا جعَل النَّوْمُ يَعْترِيه. وتَناوَمَ: أَرى
من نفْسه أَنه نائمٌ وليس به، وقد يكون النَّوْم يُعْنى به المَنامُ.
الأَزهري: المَنامُ مصدر نامَ
يَنامُ نَوْماً ومَناماً، وأَنَمْتُه ونَوَّمْتُه بمعنىً، وقد أَنامَه
ونَوَّمه. ويقال في النداء خاصة: يا نَوْمانُ أَي يا كثير النَّوْم، قال:
ولا فَقُل رجل نَوْمانُ لأَنه يختص بالنداء. وفي حديث حنيفة وغزوة
الخَنْدق: فلما أَصْبَحتْ قالت: قُمْ يا نَوْمانُ؛ هو الكثير النَّوْم، قال:
وأَكثر ما يستعمل في النداء. قال ابن جني: وفي المثَل أَصْبِحْ نَوْمانُ،
فأَصْبحْ على هذا من قولك أَصبَح الرجلُ إِذا دخل في الصُّبح، ورواية
سيبويه أَصْبِحْ ليْلُ لِتَزُلْ حتى يُعاقِبَك الإِصباح؛ قال الأَعشى:
يقولون: أَصْبِحْ ليْلُ، والليلُ عاتِم
وربما قالوا: يا نَوْمُ، يُسَمُّون بالمصدر. وأَصابَ الثَّأْرَ
المُنِيم أَي الثأْر الذي فيه وَفاءُ طِلْبتِه. وفلان لا يَنامُ ولا
يُنيمُ أَي لا يَدَعُ أَحداً يَنام؛ قالت الخنساء:
كما مِنْ هاشمٍ أَقرَرْت عَيْني،
وكانَتْ لا تَنامُ ولا تُنِيمُ
وقوله:
تَبُكُّ الحَوْضَ عَلاَّها ونَهْلا،
وخَلْفَ ذِيادِها عَطَنٌ مُنيمُ
معناه تسكُن إِليها فتُنيمُها. وناوَمَني فنُمْتُه أَي كنتُ أَشدَّ
نَوْماً منه. ونُمْتُ الرجلَ، بالضم، إِذا غَلَبْتَه بالنَّوْم، لأَنك تقول
ناوَمَه فنامَه يَنُومُه. ونامَ الخَلخالُ إِذا انقَطعَ صوتُه من امتلاء
الساق، تشبيهاً بالنائم من الإِنسان وغيره، كما يقال اسْتَيْقَظَ إِذا
صَوَّت؛ قال طُرَيح:
نامَتْ خَلاخِلُها وجالَ وشاحُها،
وجَرى الإِزارُ على كثِيبٍ أَهْيَلِ
فاسْتَيْقَظَتْ منها قَلائدُها التي
عُقِدَت على جِيدِ الغَزالِ الأَكْحَلِ
وقولهم: نامَ
هَمُّه، معناه لم يكن له هَمٌّ؛ حكاه ثعلب. ورجل نُوَمٌ ونُوَمةٌ
ونَوِيمٌ: مُغفَّل، ونُومةٌ: خاملٌ، وكله من النَّوْم، كأَنه نائمٌ لغَفْلَتِه
وخُموله. الجوهري: رجل نُومة، بالضم ساكنة الواو، أَي لا يُؤْبَه له.
ورجل نُوَمةٌ، بفتح الواو: نَؤُوم، وهو الكثير النَّوْم، إِنه لَحَسنُ
النِّيمة، بالكسر. وفي حديث بِلالٍ والأَذان: أَلا إِن العبدَ
نام؛ قال ابن الأَثير: أَراد بالنَّوْمِ الغفلةَ عن وقت الأَذانِ، قال:
يقال نامَ فلانٌ عن حاجتي إِذا غفَل عنها ولم يَقُمْ بها، وقيل: معناه
أَنه قد عادَ لِنَوْمِه إِذا كان عليه بَعْدُ وقتٌ من الليل، فأَراد أَن
يُعْلِمَ الناس بذلك لئلا يَنْزَعِجوا من نَوْمِهم بسماعِ أَذانهِ. وكلُّ
شيءٍ سكَنَ فقد نامَ. وما نامَت السماءُ اللَّيلةِ مطراً، وهو مثل بذلك،
وكذلك البَرْق؛ قال ساعدة بن جُؤَيّة:
حتى شآها كَلِيلٌ مَوْهِناً عَمِلٌ
باتَ اضْطِراباً، وباتَ اللَّيْلُ لم يَنَم
ومُسْتَنامُ
الماء: حيث يَنْقَع ثم يَنشَفُ؛ هكذا قال أَبو حنيفة يَنْقَع، والمعروف
يَسْتَنْقِع، كأَنَّ الماءَ يَنامُ هنالك. ونامَ الماءُ
إِذا دامع وقامَ، ومَنامُه حيث يَقُوم. والمَنامةُ: ثوبٌ يُنامُ فيه،
وهو القَطيفةُ؛ قال الكميت:
عليه المَنامةُ ذاتُ الفُضول،
من القِهْزِ، والقَرْطَفُ المُخْْمَلُ
وقال آخر:
لكلِّ مَنامةٍ هُدْبٌ أَصِيرُ
أَي متقارِب. وليلٌ نائمٌ أَي يُنامُ فيه، كقولهم يومٌ عاصفٌ وهمٌّ
ناصبٌ، وهو فاعلٌ بمعنى مفعول فيه. والمَنامةُ: القَطِيفةُ، وهي النِّيمُ؛
وقول تأَبَّط شَرّاً:
نِياف القُرطِ غَرَّاء الثَّنايا،
تَعَرَّضُ للشَّبابِ ونِعمَ نِيمُ
قيل: عَنى بالنِّيمِ القَطِيفةَ، وقيل: عنى به الضجيع؛ قال ابن سيده:
وحكى المفسر أَن العرب تقول هو نِيمُ
المرأَةِ وهي نِيمُهُ. والمَنامةُ: الدُّكّانُ. وفي حديث عليّ، كرّم
الله وجهه: دخل عليّ رسولُ
الله، صلى الله عليه وسلم، وأَنا على المَنَامةِ؛ قال يحتمل أَن يكون
الدُّكّانَ وأَن يكون القطيفةَ؛ حكاه الهرويّ في الغريبين. وقال ابن
الأَثير: المَنامةُ ههنا الدُّكَّانُ التي يُنامُ
عليها، وفي غير هذا هي القطيفة، والميم الأُولى زائدة. ونامَ الثوبُ
والفَرْوُ
يَنامُ نَوْماً: أَخْلَقَ وانْقَطَعَ. ونامَت السُّوقُ وحَمُقت: كسَدَت.
ونامَت الريحُ: سكَنَت، كما قالوا: ماتَتْ. ونامَ البحرُ: هدَأَ؛ حكاه
الفارسي. ونامَت النارُ: هَمَدَت، كلُّه من النَّوْم الذي هو ضدُّ
اليَقظة. ونامَت الشاةُ وغيرُها من الحيوان إِذا ماتَتْ. وفي حديث عليّ أَنه
حَثَّ على قِتال الخوارج فقال: إِذا رأَيتُموهم فأَنِيمُهوهم أَي اقْتُلوهم.
وفي حديث غزوة الفتح: فما أَشْرَفَ لهم يومئذ أَحدٌ إِلا أَناموه أَي
قَتلوه. يقال: نامَت الشاةُ وغيرُها إِذا ماتت. والنائمةُ: المَيِّتَةُ.
والناميةُ: الجُثّةُ. واسْتَنامَ إِلى الشيء: اسْتَأْنَسَ به. واستَنامَ
فلانٌ إِلى فلان إِذا أَنِسَ به واطمأَنَّ إِليه وسكَن، فهو مُسْتَنِيمٌ
إِليه. ابن بري: واستْنامَ بمعنى نامَ؛ قال حُميد بن ثَوْر:
فقامَتْ بأَثْناءٍ من اللَّيْلِ ساعةً
سَراها الدَّواهي، واسْتَنامَ الخَرائدُ
أَي نام الخرائد.
والنامَةُ: قاعةُ الفَرْج.
والنِّيمُ: الفَرْوُ، وقيل: الفَرْوُ القصيرُ إِلى الصَّدْر، وقيل له
نِيمٌ أَي نِصفُ فَرْوٍ، بالفارسية؛ قال رؤبة:
وقد أَرى ذاك فلَنْ يَدُوما،
يُكْسَيْنَ من لِينِ الشَّبابِ نِيما
وفُسِّر أَنه الفَرْوُ، ونَسبَ ابن برّي هذا الرجزَ لأَبي النَّجْم،
وقيل: النِّيم فَرْوٌ يُسَوَّى من جُلود الأَرانِب، وهو غالي الثمن؛ وفي
الصحاح: النِّيم الفَرْوُ الخَلَقُ. والنِّيم: كلُّ لَيِّنٍ من ثوبٍ أَو
عَيْشٍ. والنِّيم: الدَّرَجُ الذي في الرمال إِذا جَرَت عليه الريح؛ قال ذو
الرمة:
حتى انْجَلى الليلُ عنَّا في مُلَمَّعة
مِثْلِ الأَديمِ، لها من هَبْوَةٍ نِيمُ
(* قوله «حتى انجلى إلخ» كذا في الصحاح، وفي التكملة ما نصه:
يجلي بها الليل عنا في ملمعةٍ
ويروى: يجلو بها الليل عنها).
قال ابن بري: من فتح الميم أَراد يَلْمَع فيها السَّرابُ، ومَنْ كسَر
أَراد تَلْمَعُ بالسراب، قال: وفُسِّر النِّيمُ
في هذا البيت بالفَرْوِ؛ وأَنشد ابن بري للمرّار ابن سعيد:
في لَيْلةٍ من ليالي القُرِّ شاتِية،
لا يُدْفِئُ الشيخَ من صُرّداها النِّيمُ
وأَنشد لعمرو بن الأيْهَم
(* قوله «ابن الايهم» في التكملة في مادة هيم:
ما نصه: وأعشى بني تغلب اسمه عمرو بن الاهيم):
نَعِّماني بشَرْبةٍ من طِلاءٍ،
نِعْمَت النِّيمُ من شَبا الزَّمْهَريرِ
قال ابن بري: ويروى هذا البيت أَيضاً:
كأَنَّ فِداءَها، إِذ جَرَّدوه
وطافوا حَوْلَه، سُلَكٌ ينِيمُ
قال: وذكره ابن وَلاَّدٍ في المقصور في باب الفاء: سُلَكَ يَتيمُ.
والنِّيمُ: النِّعْمةُ التامّةُ. والنِّيم: ضربٌ من العِضاهِ. والنِّيمُ
والكتَمُ: شجرتان من العِضاه. والنِّيمُ: شجر تُعْمَل منه القِداحُ. قال أَبو
حنيفة: النِّيمُ شجرٌ له شوك ليِّنٌ وورَقٌ صِغارٌ، وله حبٌّ كثير متفرق
أَمثال الحِمَّص حامِضٌ، فإِذا أَيْنَع اسْوَدَّ وحَلا، وهو يؤكل،
ومَنابِتُه الجبالُِ؛ قال ساعدة بن جُؤيّة الهذلي ووَصَف وَعِلاً في
شاهق:ثم يَنُوش إِذا آدَ النهارُ له،
بعدَ التَّرَقُّبِ من نِيمٍ ومن كَتَم
وقال بعضهم: نامَ إِليه بمعنى هو مُستْنيِم إِليه. ويقال: فلانٌ نِىمِي
إِذا كنات تأْنَسُ به وتسْكُن إِليه؛ وروى ثعلب أَن ابن الأَعرابي
أَنشده:فقلتُ: تَعَلَّمْ أَنَّني غيرُ نائِم
إِلى مُستَقِلٍّ بالخِيانةِ أَنْيَبا
قال: غير نائم أَي غيرُ
واثقٍ به، والأَنْيبُ: الغليظُ الناب، يخاطب ذئباً. والنِّيمُ،
بالفارسية: نِصْفُ الشيء، ومنه قولُهم للقُبَّة الصغيرة: نِيمُ
خائجة أَي نصفُ بَيْضةٍ، والبيضة عندهم خاياه، فأُعربت فقيل خائجة.
ونَوَّمان: نَبْتٌ؛ عن السيرافي، وهذه التراجِمُ كلّها أَعني نوم ونيم ذكرها
ابن سيده في ترجمة نوم، قال: وإِِنما قضينا على ياء النِّيم في وجوهها
كلها بالواو لوجود «ن و م» وعدم «ن ي م»، وقد ترجم الجوهري نيم، وترجمها
أَيضاً ابن بري.
نمي: النَّماءُ: الزيادة. نَمَى يَنْمِي نَمْياً ونُمِيّاً ونَماءَ: زاد
وكثر، وربما قالوا يَنْمُو نُمُوًّا. المحكم: قال أَبو عبيد قال الكسائي
ولم أَسمع يَنْمُو، بالواو، إِلا من أَخَوين من بني سليم، قال: ثم سأَلت
عنه جماعة بني سليم فلم يعرفوه بالواو؛ قال ابن سيده: هذا قول أَبي
عبيد، وأَما يعقوب فقال يَنْمى ويَنْمُو فسوَّى بينهما، وهي النَّمْوة،
وأَنْماه الله إِنْماءً. قال ابن بري: ويقال نَماه اللهُ، فيعدّى بغير همزة،
ونَمَّاه، فيعدِّيه بالتضعيف؛ قال الأَعور الشَّنِّي، وقيل: ابن
خَذَّاق:لقَدْ عَلِمَتْ عَمِيرةُ أَنَّ جارِي،
إِذا ضَنَّ المُنَمِّي، من عِيالي
وأَنْمَيْتُ الشيءَ ونَمَّيْته: جعلته نامياً. وفي الحديث: أَن رجلاً
أَراد الخروج إِلى تَبُوكَ فقالت له أُمه أَو امرأَته كيف بالوَدِيِّ؟
فقال: الغَزْوُ أَنْمَى للوَدِيِّ أَي يُنَمِّيه الله للغازي ويُحْسن خِلافته
عليه. والأَشياءُ كلُّها على وجه الأَرض نامٍ وصامِتٌ: فالنَّامي مثل
النبات والشجر ونحوِه، والصامتُ كالحجَر والجبل ونحوه. ونَمَى الحديثُ
يَنْمِي: ارتفع. ونَمَيتُه: رَفَعْته. وأَنْمَيْتُه: أَذَعْته على وجه
النميمة، وقيل: نَمَّيته، مشدَّداً، أَسندته ورفعته، ونَمَّيته، مشدداً أَيضاً:
بَلَّغته على جهة النميمة والإِشاعة، والصحيح أَن نَمَيْته رفعته على
وجه الإِصلاح، ونَمَّيته، بالتشديد: رفعْته على وجه الإِشاعة أَو النميمة.
وفي الحديث أَنَّ النبي،صلى الله عليه وسلم،قال: ليس بالكاذب مَن أَصلح
بين الناس فقال خيراً ونَمَى خيراً؛ قال الأَصمعي: يقال نَمَيْتُ حديث
فلان، مخففاً، إِلى فلان أَنْمِيه نَمْياً إِذا بَلَّغْته على وجه الإِصلاح
وطلب الخير، قال: وأَصله الرفع، ومعنى قوله ونَمَى خيراً أَي بلغ خيراً
ورفع خيراً. قال ابن الأَثير: قال الحربي نَمَّى مشددة وأَكثر المحدثين
يقولونها مخففة، قال: وهذا لا يجوز ، وسيدنا رسول الله،صلى الله عليه
وسلم، لم يكن يَلْحَن، ومن خفف لزمه أَن يقول خير بالرفع، قال: وهذا ليس بشيء
فإنه ينتصب بنَمَى كما انتصب بقال، وكلاهما على زعمه لازمان، وإنما
نَمَى متعدّ، يقال: نَمَيْت الحديث أَي رفعته وأَبلغته. ونَمَيْتُ الشيءَ على
الشيء: رفعته عليه. وكل شيء رفعته فقد نَمَيْته ؛ ومنه قول النابغة:
فعَدَّ عمَّا تَرَى، إذْ لا ارْتِجاعَ له،
وانْمِ القُتُودَ على عَيرانةٍ أُجُدِ
ولهذا قيل: نَمَى الخِضابُ في اليد والشعر إنما هو ارتفع وعلا وزاد فهو
يَنْمِي، وزعم بعض الناس أَن يَنْمُو لغة. ابن سيده: ونَما الخِضاب
ازداد حمرة وسواداً؛ قال اللحياني: وزعم الكسائي أَن أَبا زياد أَنشده:
يا حُبَّ لَيْلى ، لا تَغَيَّرْ وازْدَدِ
وانْمُ كما يَنْمُو الخِضلبُ في اليَدِ
قال ابن سيده: والرواية المشهورة وانْمِ كما يَنْمِي. قال الأَصمعي:
التَّنْمِيةُ من قولك نَمّيت الحديث أُنَمِّيه تَنْمِية بأَن تُبَلِّغ هذا
عن هذا على وجه الإفساد والنميمة، وهذه مذمومة والأُولى محمودة، قال:
والعرب تَفْرُق بين نَمَيْت مخففاً وبين نَمّيت مشدداً بما وصفت، قال: ولا
اختلاف بين أَهل اللغة فيه. قال الجوهري: وتقول نَمَيْتُ الحديثَ إلى غيري
نَمْياً إِذا أَسندته ورفعته؛ وقول ساعدة بن جؤية:
فَبَيْنا هُمُ يَتّابَعُونَ ليَنْتَمُوا
بِقُذْفِ نِيافٍ مُسْتَقِلٍّ صُخُورُها
أَراد: ليَصْعدُوا إلى ذلك القُذْفِ. ونَمَيْتُه إلى أَبيه نَمْياً
ونُمِيًّا وأَنْمَيْتُه: عَزَوته ونسبته. وانْتَمَى هو إليه: انتسب . وفلان
يَنْمِي إلى حسَبٍ ويَنْتمِي: يرتفع إليه. وفي الحديث: مَن ادَّعَى إلى
غير أَبيه أَو انتَمَى إلى غير مواليه أَي انتسب إليهم ومال وصار معروفاً
بهم. ونَمَوْت إليه الحديثَ فأَنا أَنْمُوه وأَنْمِيه، وكذلك هو يَنْمو
إلى الحسب ويَنْمِي، ويقال: انْتَمَى فلان إلى فلان إذا ارتفع إليه في
النسب. ونَماه جَدُّه إذا رَفع إليه نسبه؛ ومنه قوله:
نَماني إلى العَلْياء كلُّ سَمَيْدَعٍ
وكلُّ ارتفاعٍ انتماءٌ. يقال: انْتَمَى فلان فوق الوِسادة؛ ومنه قول
الجعدِي:
إذا انْتَمَيا فوقَ الفِراشِ ، عَلاهُما
تَضَوُّعُ رَيّا رِيحِ مِسْكٍ وعَنْبرِ
ونَمَيتُ فلاناً في النسب أَي رفعته فانْتَمَي في نسبه. وتَنَمّى الشيءُ
تَنَمِّياً: ارتفع؛ قال القطامي:
فأَصْبَحَ سَيْلُ ذلك قد تنَمَّى
إلى مَنْ كان مَنْزِلُه يَفاعا
ونَمَّيت النار تَنْمِيةً إذا أَلقيت عليها حَطَباً وذكَّيتها به.
ونَمَّيت النارَ: رفَعتها وأَشبعت وَقودَها.
والنَّماءُ: الرَّيْعُ. ونَمى الإِنسان: سمن. والنامِيةُ من الإِبل :
السَّمِينةُ. يقال: نَمَتِ الناقةُ إذا سَمِنَتْ. وفي حديث معاوية:
لَبِعْتُ الفانِيةَ واشتريت النامِية أَي لبِعْتُ الهَرمة من الإِبل واشتريت
الفَتِيَّة منها. وناقة نامِيةٌ: سمينةٌ، وقد أَنْماها الكَلأُ.
ونَمى الماءُ: طَما . وانتْمَى البازي والصَّقْرُ وغيرُهما وتنَمَّى:
ارتفع من مكان إلى آخر؛ قال أَبو ذؤيب:
تنَمَّى بها اليَعْسُوبُ، حتى أَقَرَّها
إِلى مَأْلَفٍ رَحْبِ المَباءَةِ عاسِلِ
أَي ذي عَسَل.
والنَّامِيةُ: القَضِيبُ الذي عليه العَناقيد، وقيل: هي عين الكَرْم
الذي يتشقق عن ورقه وحَبِّه، وقد أَنْمى الكَرْمُ. المفضل: يقال للكَرْمة
إِنها لكثيرة الــنَّوامــي وهي الأغصان، واحدتها نامِيةٌ، وإِذا كانت الكَرْمة
كثيرة الــنَّوامــي فهي عاطِبةٌ، والنَّامِيةُ خَلْقُ الله تعالى. وفي حديث
عمر، رضي الله عنه: لا تُمَثِّلوا بنامِيةِ الله أَي بخَلْق الله لأَنه
يَنْمي، من نَمى الشيءُ إِذا زاد وارتفع. وفي الحديث: يَنْمي صُعُداً أَي
يرتفع ويزيد صعوداً. وأَنْمَيْتُ الصيدَ فنَمى ينْمي: وذلك أَن ترميه
فتصيبه ويذهب عنك فيموت بعدما يَغيب، ونَمى هو؛ قال امرؤ القيس:
فهْو لا تَنْمِي رَمِيَّته،
ما له؟ لا عُدَّ مِنْ نَفَرِه
ورَمَيْتُ الصيدَ فأَنْمَيْتُه إِذا غاب عنك ثم مات. وفي حديث ابن عباس:
أَن رجلاً أَتاه فقال إني إرْمي الصيدَ فأُصْمِي وأُنْمي ، فقال: كلُّ
ما أَصْمَيْتَ ودَعْ ما أَنْمَيْتَ؛ الإِنْماءُ: ترمي الصيد فيغيب عنك
فيموت ولا تراه وتجده ميتاً، وإنما نهى عنها
(* قوله«وإنما نهى عنها» أي عن
الرمية كما في عبارة النهاية.) لأَنك لا تدري هل ماتت برميك أَو بشيء
غيره، والإِصْماء: أَن ترميه فتقتله على المكان بعينه قبل أَن يغيب عنه، ولا
يجوز أَكله لأَنه لا يؤمَن أَن يكون قتله غير سهمه الذي رماه به. ويقال:
أَنْمَيْتُ الرَّمِيَّةَ، فإِن أَردت أَن تجعل الفعل للرمِيَّةِ نَفْسها
قلت قد نَمَتْ تَنْمي أَي غابت وارتفعت إلى حيث لا يراها الرامي فماتت،
وتُعَدِّيه بالهمزة لا غير فتقول أَنْمَيْتُها، منقول من نَمَت؛ وقول
الشاعر أَنْشده شمر:
وما الدَّهْرُ إلا صَرْفُ يَوْمٍ ولَيْلَةٍ:
فَمُخْطِفَةٌ تُنْمي ، ومُوتِغَةٌ تُصْمي
(*قوله«وموتغة» أورده في مادة خطف: ومقعصة.)
المُخْطِفَةُ: الرَّمْية من رَمَيات الدهر، والمُوتِغَةُ: المُعْنِتَةُ.
ويقال: أَنْمَيْت لفلان وأَمْدَيْتُ له وأَمْضَيْتُ له، وتفسير هذا
تتركه في قليل الخَطإِ حتى يبلغ أَقصاه فتُعاقِب في موضع لا يكون لصاحب الخطإ
فيه عذر.
والنَّامي: الناجي؛ قال التَّغْلَبيّ:
وقافِيةٍ كأَنَّ السُّمَّ فيها ،
وليسَ سَلِيمُها أَبداً بنامي
صَرَفْتُ بها لِسانَ القَوْمِ عَنْكُم،
فخَرَّتْ للسَّنابك والحَوامي
وقول الأَعشى:
لا يَتَنَمَّى لها في القَيْظِ يَهْبِطُها
إلاَّ الذين لهُمْ ، فيما أَتَوْا، مَهَلُ
قال أَبو سعيد: لا يَعْتَمِدُ عليها.
ابن الأَثير: وفي حديث ابن عبد العزيز أَنه طلَب من امرأَته نُمِّيَّةً
أَو نَمامِيَّ ليشتري بها عنباً فلم يجِدْها؛ النُّمِّيَّةُ: الفَلْسُ،
وجمعها نَمامِيُّ كذُرِّيَّةٍ وذَرارِيّ. قال ابن الأَثير: قال الجوهري
النُّمِّيُّ الفَلْس بالرومية، وقيل: الدرهم الذي فيه رَصاص أَو نُحاس،
والواحدة نُمِّيَّةٌ.
وقال: النَّمْءُ والنِّمْوُ القَمْلُ الصِّغار.
زفر: الزَّفْرُ والزَّفِيرُ: أَن يملأَ الرجل صدره غمّاً ثم هو يَزْفِرُ به، والشهيق (* قوله: «والشهيق إِلخ» كذا بالأَصل ولعل هنا سقطاً). النفس ثم يرمي به. ابن سيده: زَفَرَ يَزْفِرُ زَفْراً وزَفِيراً أَخرج نَفَسَه بعد مَدَّه، وإِزْفِيرٌ إِفْعَيلٌ منه. والزَّفْرَةُ والزُّفْرَةُ: التَّنَفُّسُ. الليث: وفي التنزيل العزيز: لهم فيها زَفِيرٌ وشَهِيقٌ؛ الزفير: أَول نَهيق الحمار وشِبْهِهِ، والشَّهِيقُ: آخِرُه، لأَن الزفير إِدخال النفس والشهيق إِخراجه، والاسم الزَّفْرَةُ، والجمع زَفَرَاتٌ، بالتحريك، لأَنه اسم وليس بنعت؛ وربما سكنها الشاعر للضرورة، كما قال:
فَتَسْتَرِيح النَّفْسُ من زَفْراتِها
وقال الزجاج: الزَّفْرُ من شِدّةِ الأَنِينِ وقبيحه، والشهيق الأَنين الشديد المرتفع جدّاً، والزَّفِير اغْتِراقُ النَّفَسِ للشِّدَّةِ.
والزُّفْرَةُ، بالضم: وَسَطُ الفرس؛ يقال: إِنه لعظيم الزُّفْرَةِ.
وزُفْرَةُ كل شيء وزَفْرَتُه: وَسَطُه. والزَّوافِرُ: أَضلاعُ الجنبين. وبعير مَزْفُورٌ: شديد تلاحم المفاصل. وما أَشَدَّ زُفْرَتَهُ أَي هو
مَزْفُورُ الخَلْقِ. ويقال للفرس: إِنه لعظيم الزُّفْرَةِ أَي عظيم الجوف؛ قال الجعدي:
خِيطَ على زَفْرَةٍ فَتَمَّ، ولم
يَرْجِعْ إِلى دِقَّةٍ، ولا هَضَمِ
يقول: كأَنه زافر أَبداً من عظم جوفه فكأَنه زَفَرَ فَخِيطَ على ذلك؛ وقال ابن السكيت في قول الراعي:
حُوزِيَّةٌ طُوِيَتْ على زَفَراتِها،
طَيَّ القَنَاطِرِ قد نَزَلْنَ نُزُولا
قال فيه قولان: أَحدهما كأَنها زَفَرَتْ ثم خَلِفَتْ على ذلك، والقول الآخر: الزَّفْرَةُ الوَسَطُ. والقناطر: الأَزَجُ.
والزِّفْرُ، بالكسر: الحِمْل، والجمع أَزْفارٌ؛ قال:
طِوالُ أَنْضِيَةِ الأَعْناقِ لم يَجِدوا
رِيحَ الإِماء، إِذا رَاحَت بأَزْفارِ
والزَّفْرُ: الحَمْلُ. وازْدَفَرَهُ: حمله. الجوهري: الزَّفْرُ مصدر قولك زَفَرَ الحِمْلَ يَزْفِرُهُ زَفْراً أَي حَمَلَهُ وازْدَفَرَهُ أَيضاً.
ويقال للجمل الضخم: زُفَرُ، والأَسد زُفَرُ، والرجل الشجاع زُفَر، والرجل الجوادِ زُفَر. والزِّفْرُ: القِرْبَةُ. والزِّفْرُ: السِّقاء الذي يحمل فيه الراعي ماءه، والجمع أَزْفارٌ، ومنه الزِّوافِرُ الإِماءُ اللواتي يحملن الأَزفار، والزَّافِرُ: المُعِينُ على حَمْلِها؛ وأَنشد:
يا ابْنَ التي كانتْ زَماناً في النَّعَمْ
تَحْمِلُ زَفْراً وتَؤُولُ بالغَنَمْ
وقال آخر:
إِذا عَزَبُوا في الشتَّاء عَنَّا رَأَيْتَهُمْ
مَدالِيجَ بالأَزْفارِ، مثلَ العَوَاتِق
وزَفَرَ يَزْفِرُ إِذا اسْتَقَى فحمل. والزُّفَرُ: السَّيِّدُ، وبه سمي الرجل زُفَرَ. شمر: الزُّفَرُ من الرجال القوي على الحمالاتِ. يقال:
زَفَرَ وازْدَفَرَ إِذا حَمَلَ؛ قال الكميت:
رِئاب الصُّدْوعِ، غِيَاث المَضُو
ع، لأْمَتُك الزُّفَرُ النَّوْفَلُ
وفي الحديث: أَن امرأَة كانت تَزْفِرُ القِرَبَ يوم خَيْبَرَ تسقي الناسَ؛ أَي تحمل القرب المملوءة ماء. وفي الحديث: كان النساء يَزْفِرْنَ القِرَبَ يَسْقِينَ الناسَ في الغَزْوِ؛ أَي يحملنها مملوءةً ماءً؛ ومنه الحديث: كانت أُمُّ سُلَيْطٍ تَزْفِرُ لنا القِرَبَ يومَ أَحُدٍ. والزُّفَرُ:
السَّيِّدُ؛ قال أَعشى باهلة:
أَخُو رَغائِبَ يُعْطِيها ويَسْأَلُها،
يَأْبَى الظُّلامَةَ منه النَّوْفَلُ الزُّفَرُ
لأَنه يَزْدَفِرُ بالأَموال في الحَمَالات مطيقاً له، وقوله منه مؤكدة للكلام، كما قال تعالى: يغفر لكم من ذنوبكم؛ والمعنى: يأْبى الظلامة لأَنه النوفل الزفر. والزَّفِيرُ: الداهية، وأَنشد أَبو زيد:
والدَّلْوَ والدَّيْلَمَ والزَّفِيرَا
وفي التهذيب: الزَّفِير الداهية، وقد تقدم. والزَّفْرُ والزَّافِرَةُ: الجماعة من الناس. والزَّافِرَةُ: الأَنصار والعشيرة. وزَافِرَةُ القوم:
أَنصارهم. الفراء: جاءنا ومعه زَافِرَتُه يعني رهطه وقومه. ويقال: هم زافِرَتُهم عند السلطان أَي الذين يقومون بأَمرهم. وفي حديث عليّ، كرم الله تعالى وجهه: كان إِذا خلا مع صاغِيَتِهِ وزَافِرَتِهِ انْبَسَطَ؛ زافرة الرجل: أَنصاره وخاصتَّه. وزَافِرَةُ الرُّمْحِ والسهم: نحو الثُّلُثِ، وهو أَيضاً ما دون الريش من السهم. الأَصمعي: ما دون الريش من السهم فهو الزافرة، وما دون ذلك إِلى وسطه هو المَتْنُ. ابن شميل: زَافِرَةُ السهم أَسفل من النَّصْلِ بقليل إِلى النصل. الجوهري: زافرة السهم ما دون الريش منه. وقال عيسى بن عمر: زافرة السهم ما دون تلثيه مما يلي النصل. أَبو الهيثم: الزافرة الكاهل وما يليه: وقال أَبو عبيدة: في جُؤْجُؤِ الفَرَسِ المُزْدَفَرُ، وهو الموضع الذي يَزْفِرْ منه؛ وأَنشد:
ولَوْحا ذِرَاعَتْينِ في بِرْكَةٍ،
إِلى جُؤْجُؤٍ حَسَنِ المُزْدَفَرْ
وزَفَرَتِ الأَرضُ: ظهر نباتها. والزَّفَرُ: التي يدعم بها الشجر.
والزَّوافِرُ: خشبٌ تقام وتُعَرَّضُ عليها الدِّعَمُ لتجري عليها نَوامِــي
الكَرْمِ.
وزُفَرُ وزَافِرٌ وزَوْفَرٌ: أَسماء.
جنص: جَنَّصَ، رُعِبَ رُعْباً شديداً. وجَنَّصَ إِذا هرَبَ من الفزَع.
وجَنَّصَ بِسَلْحهِ: خرج بعضُه من الفَرَق ولم يَخْرج بعضُه. أَبو مالك:
ضرَبه حتى جَنَّصَ بِسَلْحِه إِذا رَمَى به. وجَنَّصَ بَصرَه: حدّدَه؛ عن
ابن الأَعرابي. وجَنَّصَ: فتَحَ عَيْنيه فزَعاً.
ورجل إِجْنِيصٌ: فَدْمٌ عَييٌّ لا يَضُرُّ ولا ينفع؛ قال مُهاصر
النهشلي:باتَ على مُرْتَبإٍ شَخِيصِ،
ليس بــنَوّام الضُّحى إِجْنِيصِ
وقيل: رجل إِجْنِيصٌ شَبْعان؛ عن كراع. أَبو مالك واللحياني وابن
الأَعرابي: جَنّصَ الرجلُ إِذا ماتَ. أَبو عمرو: الجَنِيصُ الميّتُ.
كمهد: الكُمَّهْدَةُ: الكَمَرة؛ عن كراع. والكُمَّهْدَة: الفَيْشَلة؛
وقوله:
نَوَّامَــةٌ وَقْتَ الضُّحَى ثَوْهَدَّهْ،
شفاؤها من دائها الكُمْهَدَّهْ
قال: وقد تكون لغة، وقد يجوز أَن يكون غيَّر للضرورة.
واكْمَهَدَّ الفرخُ: أَصابه مِثلُ الارتعاد وذلك إِذا زَقَّه أَبواه.
أَبو عمرو: الكُمْهُدُ الكبيرُ الكُمَّهْدَةِ، وهي الكوسلة:
إِنَّ لها بِكِنْهَِلِ الكَنَاهِلِ
حَوْضاً، يَرُدُّ رُكَّبَ النَّواهِلِ
(* قوله «إن لها إلخ» كذا بالأصل وهو بهذا الضبط بشكل القلم في معجم
ياقوت وانظر ما مناسبة هذا البيت هنا إلا أن يكون البيت الذي بعده أو قبله
فيه الشاهد وسقط من قلم المصنف أو الناسخ أو نحو ذلك).
أَراد يصائبه.
طنن: الإِطْنانُ: سُرْعة القَطْع. يقال: ضربته بالسيف فأَطْنَنْتُ به
ذِراعَه، وقد طَنَّت، تحكي بذلك صوتها حين سقطت. ويقال: ضرب رجلَه فأَطَنَّ
ساقَه وأَطَرَّها وأَتَنَّها وأَتَرَّها بمعنى واحد أَي قطعها. ويقال:
يراد بذلك صوت القطع. وفي حديث عليّ: ضربه فأَطَنَّ قِحْفَه أَي جعله
يَطِنُّ من صوت القطع، وأَصله من الطَّنين، وهو صوت الشيءِ الصُّلْب. وفي
حديث معاذ بن الجَموح قال: صَمَدْتُ يوم بدْرٍ نحوَ أَبي جهل، فلما
أَمكَنَني حملت عليه وضربته ضربة أَطنَنْتُ قدَمَه بنصف ساقه، فوالله ما
أُشَبِّهُها حين طاحتْ إلاَّ النَّواةَ تَطيحُ من مِرْضَخةِ النَّوى؛
أَطَنَنْتُها أَي قطعتها استعارة من الطَّنين صوْت القطع، والمِرْضَخة التي يُرْضَخ
بها النوى أَي يُكْسَر. وأَطَنَّ ذراعه بالسيف فطَنَّت: ضربها به فأَسرع
قطعها. والطَّنِينُ: صوت الأُذن والطَّسّ والذباب والجبل ونحو ذلك، طَنَّ
يَطِنُّ طَنّاً وطَنِيناً؛ قال:
وَيْلٌ لبَرْنِيِّ الجِرابِ مِنِّي؛
إذا الْتَقَتْ نَواتُها وسِنِّي
تَقولُ سِنِّي للنَّوَاةِ: طِنِّي.
قال ابن جني: الرَّوِيُّ في هذه الأَبيات الياء ولا تكون النون البتة،
لأَنه لا يمكن إِطلاقها، وإذا لم يجز إِطلاق هذه الياء لم يمتنع سني أَن
يكون رويّاً. والبَطَّةُ تَطِنُّ إذا صوّتت. وأََطنَنْتُ الطَّسْتَ
فَطَنَّتْ. والطَّنْطَنة: صوت الطُّنْبور وضرب العود ذي الأَوتار، وقد تستعمل
في الذباب وغيره. وطَنين الذباب: صوته. ويقال: طَنْطَنَ طَنْطَنة ودَندَنَ
دَنْدَنة بمعنى واحد. وطَنَّ الذبابُ إذا مَرِجَ فسمعت لطيرانه صوتاً.
ورجل ذو طَنْطانٍ أَي ذو صَخَبٍ؛ وأَنشد:
إنَّ شَرِيبَيْك ذَوا طَنْطانِ،
خاوِذْ فأَصْدِرْ يومَ يُورِدانِ
والطَّنْطَنة: كثرة الكلام والتصويت به. والطَّنْطنة: الكلام الخفي.
وطَنَّ الرجلُ: مات، وكذلك لَعِقَ إِصْبعَه. والطُّنُّ: القامة. ابن
الأَعرابي: يقال لبدن الإِنسان وغيره من سائر الحيوان طُنَّ وأَطنانٌ وطِنان،
قال: ومنه قولهم فلان لا يقوم بطُنِّ نفسه فكيف بغيره؟ والطُّنُّ، بالضم:
الحُزْمة من الحطب والقَصَب؛ قال ابن دريد: لا أَحسبها عربية صحيحة، قال:
وكذلك قول العامة قام بطُنِّ نفسه، لا أَحسبها عربية. وقال أَبو حنيفة:
الطُّنُّ من القصب ومن الأَغصان الرَّطْبةُ الوَريقةُ تُجْمع وتحزَم ويجعل
في جوفها النَّوْرُ أَو الجَنى. قال الجوهري: والقصبة الواحدة من
الحُزْمة طُنَّة. والطُّنُّ: العِدْل من القُطن المحلوج؛ عن الهَجَريِّ؛ وأَنشد:
لم يَدْرِ نَوَّامُ الضُّحى ما أَسْرَيْنْ،
ولا هِدانٌ نام بين الطُّنَّيْنْ
أَبو الهيثم: الطُّنُّ العِلاوة بين العِدْلَين؛ وأَنشد:
بَرَّحَ بالصِّينيِّ طُولُ المَنِّ،
وسَيْرُ كُلِّ راكِبٍ أَدَنِّ
مُعْتَرِضٍ مِثْلِ اعْتراض الطُّنِّ
والطُّنِّيُّ من الرجال: العظيم الجسم. والطُّنُّ والطَّنُّ: ضرب من
التمر أَحمر شديد الحلاوة كثير الصَّقَر
(* قوله «كثير الصقر» يقال لصقره
السيلان، بكسر السين، لأنه إذا جمع سال سيلاً
من غير اعتصار لرطوبته). وفي حديث ابن سيرين: لم يكن عليٌّ يُطَّنُّ في
قتل عثمان أَي يُتَّهَم، ويروى بالظاء المعجمة، وسيأْتي ذكره. وفي
الحديث: فمن تَطَّنُّ أَي من تتَّهمُ، وأَصله تَظْتَنُّ من الظِّنَّة
التُّهَمة، فأَدغم الظاء في التاء ثم أَبدل منها طاء مشددة كما يقال مُطّلم في
مُظطلم، والله أَعلم.
دلج: الدُّلْجَةُ: سَيْرُ السَّحَرِ. والدَّلْجَةُ: سَيْرُ الليل كلِّه.
والدَّلَجُ والدَّلَجانُ والدَّلَجَة، الأَخيرة عن ثعلب: الساعة من آخر
الليل، والفعل الإِدْلاجُ.
وأَدْلَجُوا: ساروا من آخر الليل. وادَّلَجُوا: ساروا الليل كله؛ قال
الحطيئة:
آثَرْتُ إِدْلاجي على لَيْلِ حُرَّةٍ،
هَضِيمِ الحَشَى، حُسَّانَةِ المُتَجَرِّدِ
وقيل: الدَّلَجُ الليلُ كله من أَوله إِلى آخره، حكاه ثعلب عن أَبي
سليمان الأَعرابي، وقال: أَيَّ ساعة سرت من أَوَّل الليل إِلى آخره فقد
أَدْلَجْتَ، على مثال أَخْرَجْتَ. ابن السِّكِّيتِ: أَدْلَجَ القومُ إِذا
ساروا الليلَ كله، فهم مُدْلِجُونَ. وادَّلَجُوا إِذا ساروا في آخر الليل،
بتشديد الدال؛ وأَنشد:
إِنَّ لَنا لَسَائِقاً خَدَلَّجا،
لمْ يُدْلِجِ اللَّيْلَةَ فيمن أَدْلَجا
ويقال: خرجنا بِدُلْجَةٍ ودَلْجَةٍ إِذا خرجوا في آخر الليل. الجوهري:
أَدْلَجَ القَوم إِذا ساروا من أَول الليل، والاسم الدَّلَجُ، بالتحريك.
والدُّلْجَةُ والدَّلْجَةُ أَيضاً، مثل بُرْهَةٍ من الدهر وبَرْهَةٍ، فإِن
ساروا من آخر الليل فقد ادَّلَجُوا، بتشديد الدال، والاسم الدَّلْجَةُ
والدُّلْجَةُ. وفي الحديث: عليكم بالدُّلْجَةِ؛ قال: هو سير الليل، ومنهم
مَن يجعل الإِدْلاجَ لليل كله، قال: وكأَنه المراد في هذا الحديث لأَنه
عقبَه بقوله: فإِن الأَرض تُطْوَى بالليل، ولم يفرق بين أَوله وآخره؛
وأَنشدوا لعليّ، عليه السلام:
إِصْبِرْ على السَّيْرِ والإِدْلاجِ في السَّحَرِ،
وفي الرَّواحِ على الحاجاتِ والبُكَرِ
فجعل الإِدلاج في السحر؛ وكان بعض أَهل اللغة يُخَطِّئُ الشَّمَّاخَ في
قوله:
وتَشْكُو بِعَيْنٍ ما أَكَلَّ رِكابَها،
وقِيلَ المُنادِي: أَصْبَحَ القوم، أَدْلِجي
ويقول: كيف يكون الإِدْلاج مع الصبح؟ وذلك وهم، إِنما أَراد الشماخ
تشنيع المُناجي على الــنُّوّام، كما يقول القائل: أَصبحتم كم تنامون، هذا معنى
قول ابن قتيبة، والتفرقة الأُولى بين أَدْلَجْتُ وادَّلَجْتُ قول جميع
أَهل اللغة إِلاَّ الفارسي، فإِنه حكى أَن أَدْلَجْتُ وادَّلَجْتُ لغتان
في المعنيَين جميعاً، وإِلى هذا ينبغي أَن يذهب في قول الشماخ، وقال
الجوهري: إِنما أَراد أَن المنادي كان ينادي مرة: أَصْبَحَ القومُ، كما يقال
أَصبحتم كم تنامون، ومرة ينادي: أَدْلِجي أَي سيري ليلاً. والدَّلِيج:
الاسم؛ قال مليح:
بِهِ صُوًى تَهْدِي دَلِيجَ الواسِقِ
والمُدْلِجُ: القُنْفُذُ لأَنه يُدْلِجُ ليلته جمعاءَ؛ كما قال:
فَباتَ يُقاسِي لَيْلَ أَنْقَدَ دائِباً،
ويَحْذَرُ بالقُفِّ اخْتلافَ العُجاهِنِ
وسمي القنفذ مُدْلِجاً لأَنه لا يَهْدَأُ بالليل سَعْياً؛ قال رؤبة:
قَوْمٌ، إِذا دَمَسَ الظَّلامُ عليهمُ،
حَدَجُوا قَنافِذَ بالنَّمِيمةِ تَمْزَعُ
ودَلَجَ السَّاقي يَدْلِجُ ويَدْلُجُ، بالضم، دُلُوجاً: أَخذ الغَرْبَ
من البئر فجاء بها إِلى الحوض؛ قال:
لهامِرْفَقانِ أَفْتَلانِ، كأَنَّما
أُمِرَّا بِسَلْمَيْ دالِجٍ مُتَشَدِّدِ
والمَدْلَجُ والمَدْلَجَةُ: ما بين الحوض والبئر؛ قال عنترة:
كأَنَّ رِماحَهُمْ أَشْطانُ بِئْرٍ،
لها في كلِّ مَدْلَجةٍ خُدُودُ
والدَّالِجُ: الذي يتردَّد بين البئر والحوض بالدلو يُفْرغُها فيه؛ قال
الشاعر:
بانَتْ يَداه عن مُشَاشِ والِجِ،
بَيْنُونَةَ السَّلْمِ بِكَفِّ الدّالِجِ
وقيل: الدَّلْجُ أَن يأْخذ الدَّلْو إِذا خرجَتْ، فيذهب بها حيث شاء؛
قال:
لوْ أَنَّ سَلْمى أَبْصَرَتْ مَطَلِّي
تَمْتَحُ، أَو تَدْلِجُ، أَو تُعَلِّي
التَّعْلية: أَن يَنْثَأَ بعضُ الطَّيِّ في أَسفل البئر، فينزل رجل فِي
أَسفلها فَيُعَلِّي الدَّلْو عن الحَجَرِ الناتئ. الجوهري والدَّالِجُ
الذي يأْخذ الدلو ويمشي بها من رأْس البئر إِلى الحوض حتى يفرغها فيه.
ويقال للذي ينقل اللبنَ إِذا حُلبت الإِبل إِلى الجفانِ: دالِجٌ.
والعُلْبَةُ الكبيرة التي يُنقل فيها اللَّبَنُ، هي المَدْلَجَةُ. ودَلَجَ
بِحِمْلِهِ يَدْلِجُ دَلْجاً وَدُلُوجاً، فهو دَلُوجٌ: نهض به مُثْقَلاً؛ قال
أَبو ذؤيب:
وذلك مَشْبُوحُ الذِّراعَيْنِ خَلْجَمٌ،
خَشُوفٌ بأَعْراضِ الدِّيارِ، دَلُوجُ
والدَّوْلَجُ والتَّوْلَجُ: الكِناس الذي يتخذه الوحش في أُصول الشجر،
الأَصل: وَوْلَج، فقلبت الواو تاءً ثم قلبت دالاً؛ قال ابن سيده: الدال
فيها بدل من التاءِ عند سيبويه، والتاءُ بدل من الواو عنده أَيضاً. قال ابن
سيده: وإِنما ذكرته في هذا المكان لغلبة الدال عليه، وأَنه غير مستعمل
على الأَصل؛ قال جرير:
مُتَّخِذاً في ضَعَواتٍ دَوْلَجا
ويروى تَوْلَجا؛ وقال العجاج:
واجْتابَ أُدْمانُ الفَلاةِ الدَّوْلَجا
وفي حديث عمر: أَن رجلاً أَتاه فقال: لقيتني امرأَة أُبايعها فأَدخلتها
الدَّوْلَج؛ الدَّوْلَجُ: المَخْدَعُ، وهو البيت الصغير داخل البيت
الكبير. قال: وأَصل الدَّوْلَجِ وَوْلَجٌ لأَنه فَوْعَلٌ من وَلَجَ يَلِجُ
إِذا دخل، فأَبدلوا من التاءِ دالاً، فقالوا دَوْلَجٌ. وكل ما وَلَجْتَ من
كَهْف أَو سَرَبٍ، فهو تَوْلَجٌ ودَوْلَجٌ؛ قال: والواو زائدة. وقد جاءَ
الدَّوْلَجُ في حديث إِسلام سَلْمان، وقالوا: هو الكِناسُ مأْوى
الظِّباءِ. والدَّوْلَجُ: السَّرَبُ، فَوْعَلٌ، عن كُراع، وتَفْعَلٌ، عند سيبويه،
داله بدل من تاء.
ودَلْجَةٌ ودَلَجَةٌ ودَلاَّجٌ ودَوْلَجٌ: أَسماءُ.
ومُدْلِجٌ: رجل؛ قال:
لا تَحْسِبي دَراهِمَ ابْني مُدْلِجِ
تأْتيكِ، حتى تُدْلِجِي وتَدْلُجِي
وتَقْنَعِي بالعَرْفَجِ المُشَجَّجِ،
وبالثُّمام وعُرام العَوْسَجِ
ومُدْلِجٌ: أَبو بَطْنٍ. ومُدْلِجٌ، بضم الميم: قبيلة من كنانة ومنهم
القافَةُ. وأَبو دُلَيْجَة: كنية؛ قال أَوس:
أَبا دُلَيْجَةَ مَنْ تُوصي بأَرْمَلَةٍ؟
أَمْ مَنْ لأَشْعَثَ ذي طِمْرَيْنِ مِمْحالِ؟
والتُّلَجُ: فرخ العقاب، أَصله دُلَجٌ.
دمج: دَمَجَ الأَمْرُ يَدْمُجُ دُمُوجاً: استقام. وأَمْرٌ دُماج ودِماج:
مستقيم.
وتَدامَجوا على الشيءِ: اجْتَمَعوا.
ودامجه عليهم
(* قوله «دامجه عليهم إلخ» كذا بالأصل.) دِماجاً: جامعه.
وصُلْح دِماجٌ ودُماجٌ مُحْكَمٌ قَويٌّ. وأَدْمَجَ الحَبْلَ: أَجاد
فَتْلَه؛ وقيل: أَحْكَمَ فَتْلَه في رِقَّةٍ؛ وقوله:
إِذْ ذَاكَ إِذْ حَبْلُ الوِصالِ مُدْمَشُ
إِنما أَراد مُدْمَجُ، فأَبدل الشين من الجيم لمكان الرَّويِّ.
ودَمَجَتِ الماشِطَةُ الشعر دَمْجاً، وأَدْمَجَتْه: ضَفَرَتْه.
ورجل مُدْمَجٌ ومُنْدَمِجٌ: مُداخَل كالحَبْلِ المُحْكَمِ الفَتْلِ؛
ونسوة مُدْمَجاتُ الخَلْقِ ودُمَّجٌ: كالحبل المُدْمَج؛ عن ابن الأَعرابي؛
وأَنشد:
واللهِ لَلنَّوْمُ وبِيضٌ دُمَّجُ،
أَهْوَنُ من لَيْلِ قِلاصٍ تَمْعَجُ
(* قوله«والله للنوم إلخ» كذا بالأصل وشرح القاموس، وكتب بهامش الأصل
كذا: والله لا النوم.)
قال ابن سيده: ولم نجد لها واحداً؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
يُحاوِلْنَ صَرْماً أَو دِماجاً على الخَنا،
وما ذاكُمو من شِيمَتي بسَبِيلِ
هو من قولك: أَدْمَجَ الحبلَ إِذا أَحكم قتله أَي يُظْهِرْنَ وصْلاً
مُحْكَمَ الظاهر فاسدَ الباطن. الليث: مَتْنٌ مُدْمَجٌ، وكذلك الأَعضاءُ
مُدْمَجَة، كأَنها أُدْمِجَتْ ومُلِسَتْ كما تُدْمِجُ الماشطةُ مَشْطَةَ
المرأَة إِذا ضفرت ذوائبها؛ وكلُّ ضفيرة منها على حِيالِها تسمى دَمَجاً
واحداً.
وتَدامَجَ القومُ على فلان تَدامُجاً إِذا تضافروا عليه وتعاونوا. وصلح
دُماج، بالضم: مُحْكَمٌ؛ قال ذو الرمة:
وإِذ نَحْنُ أَسْبابُ المَوَدَّةِ بَيْنَنا
دُماجٌ قُوَاها، لم يَخُنْها وَصُولُها
أَبو عمرو: الدُّماجُ الصُّلْحُ على غير دَخَنٍ. الأَزهري في ترجمة دجم:
ودَجَمَ الرجلَ: صاحَبَهُ. ويقال: فلان مُدَاجِمٌ لفلان ومُدامِجٌ له.
والمُدامَجَةُ: مثل المُداجاةِ؛ ومنه الصلح الدُّماجُ، بالضم، وهو الذي
كأَنه في خَفاءٍ، ويقال: هو التَّامُّ المحكم. ودِماجُ الخَطِّ: مُقاربته
منه.
وكلُّ ما فُتِلَ فقد أُدْمِجَ. ومَتْنٌ مُدْمَجٌ: بَيِّنُ الدُّمُوجِ:
مُمَلَّسٌ، وهو شاذ لأَنه لا يُعرف له فعل ثلاثي غير مزيد. وأَدْمَجَ
الفرسَ: أَضْمَرَهُ. والدُّموج: الدُّخول. الجوهري: دَمَجَ الشيءُ دُموجاً
إِذا دخل في الشيءِ واستحكم فيه، وكذلك انْدَمَجَ وادَّمَجَ، بتشديد الجال،
وادْرَمَّجَ، كل هذا إِذا دخل في الشيءِ واستتر فيه. وأَدْمَجْتُ الشيءَ
إِذا لففته في ثوب. والشيءُ المُدْمَجُ: المُدْرَجُ مع ملاسته. وفي
الحديث: من شق عصا المسلمين وهم في إِسلامٍ دامجٍ فقد خَلَعَ رِبْقَةَ
الإِسلام من عنقه؛ الدَّامِجُ: المجتَمِعُ. والدُّموجُ: دخول الشيءِ في الشيءِ؛
ومنه حديث زينب: أَنها كانت تكره النَّقْطَ والإِطراف إِلا أَن تَدْمُجَ
اليد دَمْجاً في الخِضاب أَي تعم جميع اليد؛ ومنه حديث عليّ، عليه
السلام: بل انْدَمَجْتُ على مَكنونِ علْمٍ، لو بُحْتُ به لاضْطَرَبْتم
اضْطِرابَ الأَرْشِيَةِ في الطَّوِيِّ البَعيدَةِ؛ أَي اجتمعتُ عليه وانطويتُ
واندرجتُ. وفي الحديث: سبحان من أَدْمَجَ قَوائم الذَّرَّةِ والهَمَجة.
ودَمَج في البيت يَدْمُجُ دُمُوجاً: دخل. التهذيب: دَمَجَ عليهم ودَمَرَ
وادْرَمَّجَ وتَغَلَّى عليهم، كل بمعنى واحد. ودَمَجَ الرجلُ في بيته والظبي
في كِناسِهِ وانْدَمَجَ: دَخَلَ. ورجل دُمَّيْجَةٌ: متداخل، عن ابن
الأَعرابي؛ وأَنشد:
ولَسْتُ بِدُمَّيْجَةٍ في الفِراش،
وَوَجَّابَةٍ يَحْتَمِي أَن يُجِيبا
أَبو الهيثم قال: مفعال لا تدخل فيه الهاء، قال: وقد جاءَ حرفان نادران:
المِدْماجَةُ، وهي العمامة؛ المعنى أَنه مُدَمَّجٌ مُحْكَمٌ كأَنه نعت
للعمامة.
ويقال: رجل مِجْدامَةٌ إِذا كان قاطعاً للأُمور؛ قال أَبو منصور: هذا
مأْخوذ من الجَدْمِ، وهو القطع؛ وأَنشد:
ولَسْتُ بِدُمَّيْجَةٍ في الفِراش
مأْخوذ من ادَّمَجَ في الشيءِ إِذا دخل فيه. وادَّمَجَ في الشيءِ
ادِّماجاً وانْدَمَجَ انْدِماجاً إِذا دخل فيه. ونَصْلٌ مُنْدَمِجٌ أَي
مُدَوَّرٌ. وليلة دامِجَةٌ: مظلمة. وليلٌ دامِجٌ أَي مظلم. ودَمَجَتِ الأَرنبُ
تَدْمُجُ دُمُوجاً في عدوها: أَسرعت، وهو سرعة تقارب قوائمها في الأَرض؛
وفي المحكم: أَسرعت وقاربت الخَطْوَ، وكذلك البعير إِذا أَسرع وقارب
خَطْوَه في المَنْحاةِ؛ أَنشد ثعلب:
يُحْسِنُ في مَنْحاتِه الهَمالِجا،
يُدْعى هَلُمَّ داجِناً مُدامِجا
أَبو زيد: يقال هو على تلك الدَّجْمَةِ والدَّمْجَةِ أَي الطريقة.
والمُدْمَجُ: القِدْحُ؛ وقال الحرث بن حِلِّزَة:
أَلْفَيتَنا للضَّيْفِ خَيْرَ عَِمارَةٍ،
إِلاَّ يَكُنْ لَبَنٌ فَعَطْفُ المُدْمَجِ
يقول: إِن لم يكن لبن أَجَلْنا القِدْحَ على الجَزُور فنحرناها للضيف.
دفنس: الدَّفْنِسُ، بالكسر: المرأة الحمقاء؛ وأَنشد أَبو عمرو بنُ
العَلاء للفِنْدِ الزِّمَّانيِّ، ويروى لامرئ القيس بن عابس
الكِنْديِّ:أَيا تَمْلِكُ، يا تَمْلِ،
ذَريني وذَري عَذْلي
ذَرِيني وسِلاحي، ثُمَّ
شُدِّي الكفَّ بالعُزْلِ
ونَبْلي وفُقاها كـ
ـعَراقِيب قَطاً طُحْلِ
وقد أَخْتَلِسُ الضَّرْبَـ
ـةَ، لا يَدْمى لها نَصْلي
كجَيْبِ الدِّفْنِس الوَرْها
ءِ ريعَتْ، وهي تَسْتَفْلي
وقد أَخْتَلِسُ الطَّعْنَـ
ـةَ تَنْفي سَنَنَ الرِّجْلِ
تَمْلِكُ: اسم امرأَة، وتمل مرخم مثل يا حار، يقول: دعيني ودعي عَذْلَكِ
لي على إِدامتي لُبْس السلاح للحرب ومقاومة الأَعداء. والعُزْلُ: جمع
أَعْزَل وهو الذي لا سلاح معه؛ يقول: اصرفي همك إِلى من هو قاعد عن الحرب
والرَّمِيَّةِ ولا تفارقيه وشُدِّي كَفَّك به. وفُقاً: جمع فُوقِ السهم،
وهو مقلوب من فُوَقٍ كما قال رؤبة:
كَسَّرَ من عَيْنَيْه تَقْويم الفُوَقْ
الهاء في عينيه ضمير الصائد لأَنه إِذا نظر إِلى السهم أَبِهِ عِوَجٌ
أَم لا كَسَرَ بَصَرَه عند نظره. وقوله: كعراقيب قَطاً طُحْلِ؛ شبه أَفواقَ
النَّبْلِ أَي الحُمْرَة التي تكون في الفُوقِ، بعراقيب القطا؛
والطُّحْلُ: جمع أَطْحَل وطَحْلاء. والطَّحَلُ: لون يشبه الطِّحال شَبَّه بها
رِيشَ السهم. وقوله: تَنْفي سَنَنَ الرجل أَي يخرج منها من الدم ما يمنع
سَنَن الطريق. وقيل: الدِّفْنِسُ الرَّعْناءُ البَلْهاء، وقال ابن دريد: هي
البلهاء فلم يزد على ذلك؛ وأَنشد:
عَمِيمَةُ ضاحي الجِسمِ ليسَتْ بِغَثَّةٍ،
ولا دِفْنِسٍ، يَطْبي الكِلابَ حِمارُها
والدِّفْنِسُ والدِّفْناسُ: الأَحمق، وقيل: الأَحمق البَذِيُّ.
والدِّفْناس: البخيلُ، وقيل: المُنْدَفِقُ الــنَّوَّامُ؛ وأَنشد ابن
الأَعرابي:إِذا الدِّعْرِمُ الدِّفْناسُ صَوَّى لِقاحَه،
فإِنَّ لنا ذَوداً ضِخامَ المَحالِبِ
صَوَّى: سَمَّنَ. والدِّفْناسُ: الراعي الكَسْلان الذي ينام ويترك
الإِبل ترعى وحدها.
غلا: الغَلاءُ: نَقيضُ الرُّخْصِ. غَلا السِّعْرُ وغيرُه يَغْلُو
غَلاءً، ممدود، فهو غالٍ وغَلِيٌّ؛ الأَخيرة عن كراعٍ. وأَغْلاهُ الله: جَعَلَه
غالِياً. وغالى بالشيءِ: اشْتَراهُ بثَمنٍ غالٍ. وغالى بالشيءِ
وغَلاَّه: سامَ فأَبْعَطَ؛ قال الشاعر:
نُغالي اللَّحمَ للأَضْيافِ نِيئاً،
ونُرْخِصُهُ إِذا نَضِجَ القَديرُ
فحذف الباء وهو يريدُها، كما يقال لَعِبْتُ الكِعابَ ولَعِبْتُ
بالكِعابِ، المعنى نُغالي باللحمِ. وقال أَبو مالك: نُغالي اللحمَ نَشتَريه
غالياً ثم نَبْذُلُه ونُطْعِمُه إِذا نَضِجَ في قُدُورِنا. ويقال أَيضاً:
أَغْلى؛ قال الشاعر:
كأَنَّها دُرَّة أَغْلى التِّجارُ بها
وقال ابن بري: شاهدُ أَغْلى اللحمَ قول شَبيب بن البَرْصاء:
وإِني لأَغْلي اللحمَ نِيئاً، وإنَّني
لمُمْسٍ بهَيْنِ اللحم، وهو نَضِيجُ
الفراء: غالَيْتُ اللحمَ وغالَيتُ باللحم جائز. ويقال: غالَيتُ صَداق
المرأَة أَي أَغْلَيته؛ ومنه قول عمر، رضي الله عنه: لا تُغالوا صُدُقات
النساء، وفي رواية: لا تُغالوا صُدُقَ النساء، وفي رواية: في صَدُقاتِهنَّ،
أَي لا تُبالِغُوا في كثرة الصَّداقِ، وأَصلُ الغَلاء الارتفاعُ
ومُجاوَزة القَدْرِ في كلِّ شيء. وبِعْتُه بالغَلاءِ والغالي والغَلِيّ؛ كلهنَّ
عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
ولو أَنَّا نُباعُ كَلامَ سَلْمى،
لأَعْطَيْنا به ثَمَناً غَلِيَّا
وغَلا في الدِّينِ والأَمْر يَغْلُو غُلُوّاً: جاوَزَ حَدَّه. وفي
التنزيل: لا تَغْلُوا في دينِكم؛ وقال الحَرِث بن خالد:
خُمْصانة قَلِق مُوَشَّحُها،
رُؤْد الشَّبابِ غَلا بها عَظْمُ
التهذيب: وقال بعضهم غَلَوْت في الأَمر غُلُوّاً وغَلانِيَةً وغَلانِياً
إِذا جاوزْتَ فيه الحَدّ وأفْرَطْت فيه؛ قال الأَعشى: أَنشده ابن بري:
أَوْ زِدْ عليه الغَلانِيا
وفي التهذيب: زادوا فيه النونَ؛ قال ذو الرمة:
وذو الشَّنْءِ فاشْنَأْه، وذو الوِدِّ فاجْزِه
على وِدِّه، وازْدَدْ عليه الغَلانِيا
زاد فيه النونَ. وفي الحديث: إِياكم والغُلُوَّ في الدين أَي
التَّشَدُّدَ فيه ومجاوَزة الحَدِّ، كالحديث الآخر: إِنَّ هذا الدينَ مَتِينٌ
فأَوْغِلْ فيه بِرفْقٍ، وقيل: معناه البحثُ عن بواطنِ الأَشْياء والكَشْفُ عن
عِلَلِها وغَوامِضِ مُتَعَبَّداتِها؛ ومنه الحديث:
وحاملُ القرآن غيرُ الغالي فيه ولا الجافي عنه، إِنما قال ذلك لأَنَّ من
آدابه وأَخلاقِه التي أَمرَ بها القَصْدَ في الأُمورِ، وخيرُ الأُمورِ
أَوْساطُها.
و:
كلا طَرَفَيْ قَصْدِ الأُمورِ ذَمِيمُ
والغُلُوُّ: الإِعْداءُ. وغَلا بالسَّهْمِ يَغْلُو غَلْواً وغُلُوًّا
وغالَى به غِلاءً: رَفَع يدَه يريد به أَقْصَى الغاية وهو من التجاوزِ؛
ومنه قول الشاعر:
كالسَّهْمِ أَرْسَلَه من كَفِّه الغالي
وقال الليث: رمى به؛ وأَنشد للشماخ:
كما سَطَع المِرِّيخُ شَمَّره الغالي
والمُغالي بالسِّهْمِ: الرافِعُ يدَه يريدُ به أَقصَى الغايةِ. ورجلٌ
غَلاَّءٌ: بَعيدُ الغُلُوِّ بالسِّهْم؛ قال غَيْلانُ الرَّبَعِي يصف
حَلْبَة:
أَمْسَوْا فَقادُوهُنّ حولَ المِيطاءْ
بمائَتَيْن بغِلاءِ الغَلاَّءْ
وغَلا السَّهْمُ نفسُه: ارتفَع في ذَهابِه وجاوَزَ المَدَى، وكذلك
الحجَر، وكلُّ مَرْماةٍ من ذلك غَلْوَةٌ؛ وأَنشد:
من مائةٍ زَلْخٍ بمرِّيخٍ غال
وكلُّه من الارتفاعِ والتَّجاوزِ، والجمعُ غَلَواتٌ وغِلاءٌ.
وفي الحديث: أَهْدَى له يَكْسُومُ سِلاحاً وفيه سَهْم فسَمَّاه قِتْرَ
الغِلاءِ؛ الغِلاء، بالكسر والمدّ: من غالَيْته أُغالِيه مُغالاةً وغِلاءً
إِذا رامَيْتَه، والقِترُ سَهْم الهَدَف، وهي أَيضاً أَمَدُ جَرْيِ
الفَرَسِ وشوْطِه، والأَصلُ الأَول.
وفي حديث ابن عمر: بَيْنه وبينَ الطَّرِيق غَلْوةٌ؛ الغَلْوَةُ: قدرُ
رَمْيةٍ بسَهْمٍ، وقد تُسْتَعْمَل الغَلْوة في سِباقِ الخَيْل، والغَلْوَةُ
الغاية مقدار رَمْيةٍ. وفي المثل: جَرْيُ المُذْكيات غِلاءٌ.
والمِغْلاةُ: سهمٌ يُتَّخَذُ لمغالاة الغَلْوَة، ويقال له المِغْلَى،
بلا هاءٍ؛ قال ابن سيده: والمِغْلى سَهْمٌ تُعْلى به أَي تُرْفَعُ به
اليَدُ حتى يَتَجاوزَ المِقدارَ أَو يقارِب ذلك. وسهمُ الغِلاءِ، ممدودٌ:
السهمُ الذي يقدَّر به مَدَى الأَمْيالِ والفراسِخِ والأَرضِ التي يُسْتَبَقُ
إِليها. التهذيب: الفَرْسَخ التامُّ خمسٌ وعشرون غَلْوَةً.
والغُلُوُّ في القافِية: حَرَكَةُ الرَّوِيّ الساكِنِ بعد تمامِ الوزنِ،
والغالي: نونٌ زائدة بعد تلك الحركة، وذلك نحو قوله في إنشادِ من أَنشده
هكذا:
وقاتِم الأَعْماقِ خاوي المُخْتَرَقِنْ
فحركة القافِ هي الغُلُوُّ، والنونُ
بعد ذلك هي الغالي، وإنما اشتُقَّ من الغُلُوِّ الذي هو التجاوُزُ لقدر
ما يحبُ، وهو عندهم أَفْحَشُ من التَّعَدّي، وقد ذكرنا التَّعَدِّيَ في
الموضع الذي يَليق به، ولا يُعْتَدُّ به في الوزنِ لأَنَّ الوزنَ قد
تَناهَى قبلَه، جعلوا ذلك في آخرِ البيت بمَنْزلة الخَزْمِ في أَوَّله.
والدابَّة تَغْلُو في سَيْرِها غَلْواً وتَغْتَلي بخفَّةِ قوائمِها؛
وأَنشد:فَهْي أَمامَ الفَرْقَدَيْن تَغْتَلي
ابن سيده: وغَلَتِ الدابة في سَيرِها غُلُوًّا واغْتَلت ارْتَفَعَت
فجاوَزَت حُسْنَ السَّيْر؛ قال الأَعشى:
جُمالِيَّة تَغْتَلي بالرِّداف،
إِذا كَذَبَ الآثِماتُ الهَجِيرَا
والاغْتِلاءُ: الإِسْراعُ؛ قال الشاعر:
كَيْفَ تَراها تَغْتَلي يا شَرْجُ،
وقد سَهَجْناها فَطال السَّهْجُ؟
وناقةٌ مِغْلاةُ الوهَقِ إِذا تَوَهَّقت أَخفافُها؛ قال رؤبة:
تَنَشَّطَتهُ كلُّ مِغْلاةِ الوَهَقْ،
مَضْبُورَةٍ قَرْواءَ هِرْجابٍ فُنُقْ
الهاء للمُخْتَرَق، وهو المفازة. وغَلا بالجارِية والغلام عَظْمٌ
غُلُوًّا: وذلك في سرعة شبابهما وسَبْقِهِما لداتِهِما، وهو من
التجاوُزِ.وغُلْوانُ الشَّبابِ وغُلَواؤُه: سُرْعَتُه وأَوَّله. أَبو عبيد:
الغُلَواءُ، ممدودٌ، سرعةُ الشبابِ؛ وأنشد قول ابن الرُّقَيَّات:
لمْ تَلْتَفِتْ لِلِداتِها،
ومَضَتْ على غُلَوائِها
وقال آخر:
فَمَضَى عَلى غُلَوائِهِ، وكأَنَّه
نَجْمٌ سَرَتْ عَنْهُ الغُيُومُ فَلاحَا
وقال طُفَيْل:
فَمَشَوْا إِلى الهَيْجاءِ، في غُلَوائِها،
مَشْيَ اللُّيُوثِ بكُلِّ أَبْيَضَ مُذْهَبِ
وفي حديث علي، رضي الله عنه: شُمُوخُ أَنْفِه وسُمُوُّ غُلَوائِه؛
غُلَواءُ الشبابِ: أَوَّلُه وشِرَّتُه؛ وقال ابن السكيت في قول الشاعر:
خُمْصانَة قَلِق مُوَشَّحُها،
رُؤد الشبابِ غَلا بِها عَظْمُ
قال: هذا مثلُ قول ابن الرقيات:
لمْ تَلْتَفِتْ لِلِداتِها،
ومَضَتْ على غُلَوائِها
وكما قال:
كالغُصْنِ في غُلَوائِهِ المُتَأَوِّدِ
وقال غيرُه: الغالي اللّحْمُ السَّمِينُ، أُخِذَ منه قوله: غَلا بها
عَظْمُ إِذا سَمِنَتْ؛ وقال أَبو وجْزَة السَّعْدي:
تَوَسَّطَها غالٍ عَتِيقٌ، وزانَها
مُعَرّسُ مَهْرِيٍّ، به الذَّيْلُ يَلْمَعُ
أَراد بمُعَرّس مَهْرِيّ حَمْلَها الذي أَجَنَّتْه في رَحِمِها من
ضِرابِ جَملٍ مَهْرِيّ أَي تَوَسَّطَها شَحْم عَتِيق في سنامِها. ويقال للشيء
إذا ارْتَفَع: قد غَلا؛ قال ذو الرمة:
فما زالَ يَغْلُو حُبُّ مَيَّة عنْدَنا،
ويَزْدادُ حتى لم نَجِدْ ما نَزِيدُها
وغَلا النَّبْت: ارْتَفَع وعَظُمَ والْتَفَّ قال لبيد:
فغَلا فُرُوعُ الأَيْهُقانِ ، وأَطْفَلَتْ،
بالجَلْهَتَيْنِ ، ظِباؤُها ونَعامُها
وكذلك تغالى واغْلَوْلَى؛ قال ذو الرمة:
مِمَّا تَغَالَى مِنَ البُهْمَى ذَوائِبُه
بالصَّيْفِ، وانْضَرَجَتْ عنه الأَكامِيمُ
وأَغْلى الكَرْمُ: التَفّ وَرَقُه وكَثُرَتْ نوامِــيهِ وطالَ،
وأَغْلاهُ: خَفَّفَ من وَرَقِه لِيَرتَفِعَ ويَجُودَ. وكلّ ما ارْتَفَع فقدْ غَلا
وتَغالى. وتَغالى لَحْمُه: انْحَسر عند الضَّمادِ كأَنّه ضِدٌّ. التهذيب: وتَغالى لحمُ الدابَّة أَو الناقة إذا ارتفع وذهَب، وقيل: إذا
انْحَسَرَ عندَ التَّضْمِير؛ قال لبيد:
فإذا تَغالى لَحْمُها وتحَسَّرَتْ،
وتقَطَّعت بعدَ الكَلالِ خِدامُها
تغالى لَحْمُها أَي ارْتفَع وصارَ على رُؤوس العِظام، ورواه ثعلب بالعين
غير المعجمة. والغُلَواءُ: الغُلُوُّ. وغَلْوى: اسمُ فرَسٍ مَشْهورَةٍ.
وغَلَتِ القِدرُ والجَرَّةُ تَغْلي غَلْياً وغَلَياناً وأَغْلاها
وغَلاَّها، ولا يقال غَلِيتْ؛ قال أَبو الأَسود الدُّؤَ :
ولا أَقولُ لِقدرِ القَوْمِ: قدْ غَلِيتْ،
ولا أَقولُ لبابِ الدَّارِ: مَغْلُوقُ
أَي أَني فَصِيح لا أَلْحَنُ. ابن سيده: قال ابن دريد وفي بعْضِ كلامِ
الأَوائِلِ أَنَّ ماءً وغَلِّه، قال: وبعضهم يرويه: أُزَّ ماءً
وغَلِّه.والغالِيَةُ من الطِّيب: معروفة وقد تَغَلَّى بها؛ عن ثعلب ، وغَلَّى
غَيرَه. يقال: إنَّ أَولَ منْ سَمَّاها بذلك سليمانُ بنُ عبدِ المَلكِ،
ويقال منها تَغَلَّلتُ وتَغَلَّفْتُ وتَغَلَّيْت، كله من الغالية. وقال
أَبو نصر: سألت الأَصمعي هل يجوز تغَلَّلت؟ فقال: إنْ أَرَدْتَ أَنَّكَ
أَدْخَلْتَه في لِحْيَتِك أو شارِبك فجائِزٌ. والغَلْوى: الغالية في قول
عَديّ ابن زيد:
يَنْفَحُ من أَرْدانِها المِسْكُ والـ
ـعَنْبَرُ والغَلْوى ولُبْنى قَفُوص
وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: كنتُ أُغَلِّفُ لِحْيَةَ رسولِ الله،
صلى الله عليه وسلم، بالغالِيةِ؛ قال: هو نوعٌ من الطِّيب مَرَكَّبٌ من
مِسْكٍ وعَنْبَرٍ وعُودٍ ودُهْنٍ، وهي معروفة، والتَّغلُّف بها
التَّلَطُّخ.
غطمط: الغَطْمَطَةُ: اضْطِرابُ الأَمْواج. وبحر غُطامِطٌ وغَطَوْمَطٌ
وغَطْمَطِيطٌ: عظيمٌ كثير الأَمواجِ، منه. والغُطامِطُ، بالضم: صوت
غَلَيانِ مَوْجِ البحر، وقد قيل: إِن الميم زائدة؛ قال الكميت:
كأَنَّ الغُطامِطَ من غَلْيها
أَراجِيزُ أَسْلَم تَهْجُو غِفارا
وهما قبيلتان كانت بينهما مُهاجاة.
والغَطْمَطَةُ: صوت السيل في الوادِي. والتَّغَطْمُطُ والغَطْمَطِيطُ:
الصوتُ، وسمعت للماء غُطامِطاً وغَطْمَطِيطاً، قال: وقد يكون ذلك في
الغَلَيانِ. وغَطْمَطَتِ القِدْر وتغَطْمَطَت: اشْتَدَّ غَلَيانُها.
والمُغطْمِطةُ: القِدْر الشديدةُ الغَلَيانِ. والتَغَطْمُطُ: صوت معه
بحَح.
جثم: جثَم الإِنسانُ والطائرُ والنَّعامةُ والخِشْف والأَرْنبُ
واليَرْبوعُ يَجْثِم ويَجْثُم جَثْماً وجثُوماً، فهو جاثِم: لَزِم مكانه
فلم يَبْرَح أَي تَلَبَّد بالأَرض، وقيل: هو أَن يَقَعَ على صدره؛ قال
الراجز:
إِذا الكُماةُ جَثَمُوا على الرُّكَبْ،
ثَبَجْتَ، يا عَمْرو، ثُبُوجَ المُحْتَطِبْ
قال: وهي بمنزلة البُرُوك للإِبل؛ ومنه الحديث: فلزِمها حتى تَجَثَّمَها
تَجَثُّمَ الطير أُنْثاه إِذا عَلاهاللسِّفاد. وجَثَم فلان بالأَرضَ
يَجْثُم جُثوماً: لصِق بها ولَزِمها؛ قال النابغة يصِف رَكَبَ امرأَةٍ:
وإذا لَمَسْتَ لَمَسْتَ أَجْثَمَ جاثماً.
مُتَحَيِّراً بمكانه مِلْءَ اليَدِ
الليث: الجاثِمُ اللاَّزِمُ مكانه لا يَبْرح. الليث: الجاثِمَةُ
واللَّبِدُ الذي لا يَبْرحُ بيتَه؛ يقال: رجل جُثَمةٌ وجَثَّامة للنَّؤوم الذي
لا يسافِر. ويقال: إن العسَل يَجْثُم على المَعِدة ثم يَقْذِف بالداء، وفي
بعض الكلام: إذا شرِبت العسَل جَثَم على رأْس المَعِدة ثم قَذف الداء؛
وجمعُ الجاثِمِ جُثوم. وقوله تعالى: فأَصبَحوا في دِيارِهِمْ جاثِمين؛ أَي
أَجساداً مُلْقاةً في الأَرض؛ وقال أَبو العباس: أَي أَصابهم البلاءُ
فبَركوا فيها، والجاثِمُ: البارِك على رِجْليه كما يَجْثِمُ الطيرُ، أي
أَصابهم العذابُ فماتوا جاثِمين أي بارِكين. الأَصمعي: جَثَمْت وجَثَوْت
واحد. والجَثُومُ: الأَرْنَبُ لأَنها تَجْثِمُ، ومكانها مَجْثَمٌ.
والجُثامُ والجاثُومُ: الكابُوس يَجْثِمُ على الإنسان، وهو
الدَّيَثانيُّ. التهذيب: ويقال للذي يقَع على الإنسان وهو نائم جاثُوم وجُثَم وجُثَمة
ورازِمٌ ورَكَّاب وجَثَّامة؛ قال: وهو هذا النجت
(* قوله «وهو هذا
النجت» هكذا في اإصل من غير نقط، وفي نسخة سقيمة من التهذيب: وهو هذا النجت)
الذي يقَع على النائم. وجَثَمَ الليلُ جُثوماً: انتصَف؛ عن ثعلب.
والجَثَمَةُ والحَثَمة
(* قوله «والجثمة إلخ» عبارة التكملة: الجثمة
والحثمة، بالتحريك فيهما، والجثوم الاكمة إلى آخر ما هنا، وضبط الأخير فيها
كصبور ولكن يستفاد من القاموس أن الأخير مضموم الأول). والجَثوم:
الأَكَمَةُ؛ قال تأَبط شرّاً:
نَهَضْتُ إليها من جَثومٍ كأَنَّها
عجوزٌ، عليها هِدْمِلٌ ذاتُ خَيْعَلِ
والجَثَّامةُ: البَلِيدُ؛ قال الراعي:
مِنْ أَمْرِ ذي بَدَواتٍ لا تَزالُ له
بَزْلاءُ، يعيا بها الجَثَّامة اللُّبَدُ
ويروى اللَّبِدُ، بالكسر، وهي أَجود عند أَبي عبيد، والجَثَّامةُ: السيد
الحليم:
والمُجَثَّمةُ: المَحْبوسةُ. وفي الحديث: أَنه نَهى عن المَصْبُورة
والمُجَثَّمةِ؛ قال أَبو عبيد: المُجَثَّمة التي نهى عنها هي المَصْبورة وهي
كل حيوان يُنْصَب ويُرْمَى ويُقْتَل. قال أَبو عبيد: ولكن المُجَثَّمة لا
تكون إلاَّ من الطير والأَرانِب وأَشْباهِها مما يَجْثِمُ بالأرض أي
يَلْزمها، لأن الطير تَجْثِم بالأرض إذا لَزِمَتْها ولَبَدت عليها، فإنْ
حَبَسَها إنسان قيل: قد جُثِّمتْ، فهي مُجَثَّمة إذا فُعِل ذلك بها، وهي
المحبوسة، فإذا فَعَلَتْ هي من غير فِعْل أَحد قيل: جَثَمتْ تَجْثِمُ
وتَجْثُمُ جُثُوماً، فهي جاثمة. شمر: المُجَثَّمة هي الشاة التي تُرْمى
بالحجارة حتى تموت ثم تؤكل، قال: والشاة لا تَجْثِم إنما الجُثوم للطير ولكنه
استُعِير . وروي عن عِكْرمة أَنه قال: المُجَثَّمة الشاة تُرمَى بالنَّبْل
حتى تُقْتَل. وجَثَمَ الطِّين والترابَ والرَّماد: جَمَعها، وهي
الجُثْمة. والجَثْمُ والجَثَم: الزَّرْع إذا ارتفع عن الأرض شيئاً واستقَلّ
نباته، وقد جَثَم يجثِم. قال أَبو حنيفة: الجَثْمُ العِذْقُ إذا عَظُم
بُسْرُه، والجمع جُثُومٌ. وجَثَمَت العُذُوق تَجْثُمُ، بضم الثاء، جُثوماً:
عَظُم بُسْرُها شيئاً، وفي التهذيب: إذا عظُمت فلزِمتْ مكانها.
والجُثْمان: الجِسْم؛ وقول الفرزدق:
وباتَتْ بِجُثْمانِيَّةِ الماءِ نِيبُها،
إلى ذاتِ رَحْلٍ كالمآتِمِ حُسَّرا
جُثْمانِيَّة الماء: الماءُ نفسُه. ويقال: جُثْمانِيَّة الماءِ وسَطُه
ومُجْتَمَعُه ومكانُه؛ وقول رؤبة:
واعْطِفْ على بازٍ تَراخى مَجْثَمُهْ
أي بعد وَكْره. التهذيب: الجُثْمان بمنزلة الجُسْمان جامع لكل شيء تريد
به جِسْمه وأَلواحَه. ويقال: ما أَحسن جُثْمان الرجل وجُسْمانه أي جسده؛
قال الممزَّق العَبْديّ:
وقد دعَوْا ليَ أَقْواماً، وقد غَسَلوا،
بالسِّدْر والماءِ، جُثْماني وأَطْباقي
الأزهري: قال الأصمعي الجُثْمان الشخص، والجُسْمانُ الجِسْم؛ قال بِشْر:
أَمُونٌ كدُ كَّان العِباديِّ فَوْقَها
سَنامٌ كجُثْمان البَنِيَّةِ أَتْلَعا
يعني بالبَنِيَّة الكعبة، وهو شخص وليس بجَسد؛ قال ابن بري: صوابُ
إنْشاده أَمُوناً بالنصب لأنه منصوب بقوله فكَلَّفْت قبله، وهو:
فكَلَّفْت ما عندي، وإن كنتُ عامِداً
من الوَجْدِ كالثَّكْلان، بل أَنا أَوْجَعُ
وأَتْلَعُ بالرفع لأنه نعت لسَنام، والذي في شِعْره كجُثْمان
البَلِيَّة، وهي الناقة تجعل عند قبر الميت؛ شبَّه سَنام ناقته بجُثْمانِها. ويقال:
جاءني بثَريد مثل جُثْمان القَطاة.
والجُثُوم: جبل؛ قال:
جَبَل يَزيدُ على الجِبالِ إذا بدا،
بين الرَّبائِع والجُثُومِ مُقِيمُ
فنق: الفَنَقُ والفُناقُ والتَّفَنُّق، كله: النَّعْمة في العيش.
والتَّفَنُّق: التَّنَعُّم كما يُفَنِّقُ الصبيَّ المُتْرَفَ أَهلُه. وتَفَنَّق
الرجل أي تنعم. وفَنَّقَهُ غيره تَفْنِيقاً وفَانَقهُ بمعنى أي نَعّمه؛
وعيش مُفانِقٌ؛ قال عدي ابن زيد يصف الجواري بالنَّعْمة:
زانَهُنَّ الشُّفُوف، يَنْضَحْنَ بالمِسْـ
ك، وعيشٌ مُفَانِقٌ وحَرِيرُ
والمُفَنَّق: المُتْرَف؛ قال:
لا ذَنْبَ لي كنت امْرأً مُفَنَّقاً،
أَغْيَدَ نَوَّامَ الضُّحى غَرَِوْنَقَا
الغَرَوْنَقُ: المُنَعَّم. وجارية فُنُق ومِفْناق: جسيمة حسنة فَتِيَّة
مُنَعَّمة. الأصعمي: وامرأَة فُنُق قليلة اللحم، قال شمر: لا أَعرفه ولكن
الفُنُق المُنَعَّمة. وفَنَّقها: نعَّمها؛ وأَنشد قول الأعشى:
هِرْكَوْلَةٌ فُنُقٌ دُرْمٌ مَرافِقُها
قال: لا تكون دُرْمٌ مَرافقها وهي قليلة اللحم، وقال بعضهم: ناقة فُنُق
إذا كانت فَتِيَّة لَحِيمةً سمينة، وكذلك امرأَة فُنُق إذا كانت عظيمة
حسناء؛ قال رؤبة:
مَضْبُورةٌ قَرْوَاءُ هِرْجابٌ فُنُقْ
وقيل في قول رؤبة:
تَنَشَّطَتْهُ كلُّ هِرْجابٍ فُنُقْ
قال ابن بري: وصواب إنشاده على ما في رجزه:
تَنَشْطَتْهُ كلُّ مُغْلاةِ الوَهَقْ،
مَضْبورَةٌ قَرْوَاءُ هرْجابٌ فُنُقْ،
مائِرَةٌ الضَّبْعَيْنِ مِصْلابُ العُنُقْ
ويقال: امرأَة مِفْناق أَيضاً؛ قال الأَعشى:
لَعُوب غَرِيَرة مِفْناق
والفُنُق: الفَتِيّة الضخمة. قال ابن الأَعرابي: فُنُق كأَنها فَنِيقٌ
أَي جمل فحل. والفَنِيقةُ: المرأَة المُنَعَّمة. أبو عمرو: الفَنِيقةُ
الغِرَارةُ، وجمعها فَنَائق؛ وأَنشد:
كأَن تَحْتَ العُلْوِ والفَنَائِقِ،
من طوله، رَجْماً على شَواهِقِ
ويقال: تَفَنَّقْت في أَمر كذا أَي تَأَنَّقْتُ وتَنَطَّعْت، قال:
وجارية فُنُق جسيمة حسنة الخَلْق، وجمل فُنُق وفَنِيقٌ مُكرْمَ مُودَع
للفِحْلَة؛ قال أَبو زيد: هو اسم من أَسمائه، والجمع فُنُق وأَفْنَاق. وفي حديث
عمير بن أَفْصَى ذكر الفَنِيق؛ هو الفحل المكرم من الإِبل الذي لا يُرْكب
ولا يُهَان لكرامته عليهم؛ ومنه حديث الجارود: كالفحل الفَنِيقِ؛ وفي
حديث الحجاج لما حاصر ابن الزبير بمكة ونصب المَنْجَنِيقَ:
خَطّأرة كالجَملَ الفَنِيق
والجمع أَفْناق وفُنُقٌ وفِناقٌ، وقد فُنِّقَ. وجارية فُنُقٌ: مُفَنَّقة
مُنَعّمة فَنَّقَها أَهلها تَفْنيقاً وفِناقاً. والفَنِيقُ: الفحل
المُقْرمَ لا يركب لكرامته على أَهله. والفَنِيقةُ: وعاء أصغر من الغِرارة،
وقيل: هي الغِرارةُ الصغيرة.
مرد: المارِدُ: العاتي.
مَرُدَ على الأَمرِ، بالضم، يَمْرُدُ مُروُداً ومَرادةً، فهو ماردٌ
ومَريدٌ، وتَمَرَّدَ: أَقْبَلَ وعَتا؛ وتأْويلُ المُروُد أَن يبلغ الغاية
التي تخرج من جملة ما عليه ذلك الصِّنْف.
والمِرِّيدُ: الشديدُ المَرادةِ مثل الخِمِّير والسِّكِّير. وفي حديث
العِرْباض: وكان صاحبُ خيبر رجُلاً مارِداً مُنْكراً؛ الماردُ من الرجال:
العاتي الشديد، وأَصله من مَرَدة الجن والشياطين؛ ومنه حديث رمضان:
وتُصَفَّدُ فيه مَرَدة الشياطين، جمع مارد. والمُرُودُ على الشيءِ: المخزُونُ
عليه. ومَرَدَ على الكلام أَي مَرَنَ عليه لا يَعْبَأُ به. قال الله
تعالى: ومن أَهل المدينة مَرَدُوا على النِّفاقِ؛ قال الفراء: يريد مَرَنُوا
عليه وجُرِّبُوا كقولك تَمَرَّدُوا. وقال ابن الأَعرابي: المَرْدُ التطاول
بالكِبْر والمعاصي؛ ومنه قوله: مَرَدُوا على النفاق أَي تَطاوَلوا.
والمَرادةُ: مصدر المارِدِ، والمَرِيدُ: من شياطين الإِنس والجن. وقد
تَمَرَّدَ علينا أَي عَتا. ومَرَدَ على الشرِّ وتَمَرَّد أَي عَتَا وطَغَى.
والمَرِيدُ: الخبيثُ المتمرّد الشِّرِّير. وشيطان مارِد ومَرِيد واحد. قال
ابن سيده: والمريد يكون من الجن والإِنس وجميع الحيوان؛ وقد استعمل ذلك في
المَواتِ فقالوا: تمرّد هذا البَثْق أَي جاوز حدّ مثله، وجمع المارد
مَرَدة، وجمع المَريدِ مُردَاء؛ وقول أَبي زبيد:
مُسْنفات كأَنَّهُنَّ قَنا الهِنْـ
ـدِ، ونَسَّى الوَجِيفُ شَغْبَ المَرودِ
(* قوله «مسنفات» في الصحاح: أسنف الفرس تقدم الخيل، فاذا سمعت في الشعر
مسنفة، بكسر، فهي من هذا وهي الفرس تتقدم الخيل في سيرها، وإذا سمعت
مسنفة، بفتح النون، فهي الناقة من السناف أي شد عليها ذلك).
قال: الشَّغْبُ المَرَحُ. والمَرُودُ والمارِدُ: الذي يَجِيءُ ويَذْهَبُ
تَشاطاً؛ يقول: نَسَّى الوَجِيفُ المارِدَ شَغْبَه.
ابن الأَعرابي: المَرَدُ نَقاءُ الخدين من الشعر ونَقاء الغُصْن من
الوَرَق، والأَمْرَدُ: الشابُّ الذي بلغَ خروج لِحْيته وطَرَّ شاربه ولم تبد
لحيته. ومَرِدَ مَرَداً ومُروُدة وتَمَرَّد: بقي زماناً ثم التحى بعد ذلك
وخرج وجهه. وفي حديث معاوية: تَمَرَّدْتُ عشرين سنة وجَمَعْت عشرين
ونَتَفْت عشرين وخَضَبت عشرين وأَنا ابن ثمانين أَي مكثت أَمرد عشرين سنة ثم
صرت مجتمع اللحية عشرين سنة.
ورملة مَرْادء: متسطحة لا تُنْبِت، والجمع مَرادٍ، غلبت الصفة غلَبَة
الأَسماء.
والمَرادِي: رِمال بِهَجَر معروفة، واحدتها مَرْداء؛ قال ابن سيده:
وأُراها سميت بذلك لقلة نباتها؛ قال الراعي:
فَلَيْتَكَ حالَ الدَّهْرُ دُونَكَ كلُّه،
ومَنْ بالمَرادِي مِنْ فَصِيحٍ وأَعْجَما
الأَصمعي: أَرض مَرادءُ، وجمعها مَرادٍ، وهي رمال منبطحة لا يُنْبَتُ
فيها؛ ومنها قيل للغلام أَمْرَدُ. ومَرْداء هجر: رملة دونها لا تُنْبِتُ
شيئاً؛ قال الراجز:
هَلاَّ سَأَلْتُمْ يَوْمَ مَرْداءَ هَجَرْ
وأَنشد الأَزهري بيت الراعي:
ومَنْ بالمَرادِي مِنْ فَصِيحٍ وأَعْجَما
وقال: المَرادِي جمع مَرْداءٍ هجر؛ وقال: جاء به ابن السكيت: وامرأَة
مَرْداء: لا إِسْبَ لها، وهي شِعْرَتُها. وفي الحديث: أَهل الجنة جُرْد
مُرْد. وشجرة مَرْداء: لا ورق عليها، وغصن أَمْزَد كذلك. وقال أَبو حنيفة:
شجرة مَرْداء ذهب ورقها أَجمع. والمَرْدُ: التَّمْلِيسُ. ومَرَدْتُ الشيءَ
ومَرَّدْتُه: لينته وصقلته. وغلام أَمْرَدُ بَيِّن المَرَد، بالتحريك،
ولا يقال جارية مَرْداء. ويقال: تَمَرَّدَ فلان زماناً ثم خرج وجهه وذلك
أَن يبقى أَمْرَدَ حيناً. ويقال: شجرة مَرْداء ولا يقال غصن أَمْرَدُ.
وقال الكسائي: شجرة مَرْداء وغصن أَمْردُ لا ورق عليهما. وفرس أَمْرَدُ: لا
شعر على ثُنَّتِه. والتَّمْرِيدُ: التَّمليسُ والتَّسْوِيةُ
والتَّطْيِينُ.قال أَبو عبيد: المُمَرَّد بِناء طويل؛ قال أَبو منصور: ومنه قوله
تعالى: صرح مُمَرَّد من قوارير؛ وقيل: الممرَّد المملس. وتَمريد البناء:
تمليسه. وتمريدُ الغصن: تجريده من الورق. وبناء ممرّد: مُطَوَّلٌ. والمارد:
المرتفع.
والتِّمْرادُ: بيت صغير يجعل في بيت الحَمام لِمبْيَضِه فإِذا جُعِلَتْ
نسقاً بعضها فوق بعض فهي التَّمارِيدُ؛ وقد مَرَّدها صاحبها تَمْريداً
وتِمْراد والتِّمْراد الاسم، بكسر التاء.
ومَرَدَ الشيءَ: لينه. الصحاح: والمَرادُ، بالفتح، العُنُق. والمرَدُ:
الثريد. ومَرَدَ الخبز والتمر في الماءِ يَمْرُده مَرْداً أَي ماثَه حتى
يَلِينَ؛ وفي المحكم: أَنْقَعَه وهو المَريد؛ قال النابغة:
ولمَّا أَبى أَن يَنْقِصَ القَوْدُ لَحمَه،
نزَعْنا المَرِيذَ والمَريدَ لِيَضْمُرا
والمَرِيذُ: التمر ينقع في اللبن حتى يلين. الأَصمعي: مَرَذَ فلان الخبز
في الماءِ أَيضاً، بالذال المعجمة، ومَرَثه. الأَصمعي: مَرَثَ خبزه في
الماءِ ومَرَدَه إِذا ليَّنَه وفَتَّتَه فيه. ويقال لكل شيءٍ دُلِكَ حتى
استرخى. مَرِيدٌ. ويقال للتمر يُلْقى في اللبن حتى يَلِينَ ثم يُمْرَد
باليد: مَرِيدٌ. ومَرَذَ الطعان، بالذال، إِذا ماثه حتى يلين؛ قال أَبو
منصور: والصواب مَرَثَ الخَبْزَ ومَرَدَه، بالدال، إِلا أَن أَبا عبيد جاء به
في المؤلف مَرَثَ فلان الخبز ومَرَذَه، بالثاء والذال، ولم يغيره شمر؛
قال: وعندي أَنهما لغتان. قال أَبو تراب: سمعت الخَصيبي يقول: مَرَدَه
وهَرَدَه إِذا قطَعه وهَرَطَ عِرْضَه وهَرَدَه؛ ومَرَدَ الصبيُّ ثَدْيَ
أُمّه مَرْداً. والمَرْدُ: الغَضُّ من ثَمر الأَراك، وقيل: هو النَّضِيجُ
منه، وقيل: المَرْدُ هَنواتٌ منه حُمْر ضَخْمة؛ أَنشد أَبو حنيفة:
مِنانِيِّةٌ أَوتادُ أَطنابِ بَيْتِها،
أَراكٌ، إِذا صافَتْ به المَرْدُ، شَقَّحا
واحدته مَرْدةٌ. التهذيب: البَريرُ ثَمر الأَراك، فالغَضُّ منه المَرْد
والنضيجُ الكَباثُ. والمَرْدُ: السَّوْقُ الشديدُ.
والمُرْدِيُّ: خَشَبة يدفع بها المَلاَّحُ السفينةَ، والمَرْدُ: دفعها
بالمُرْدِيِّ، والفعل يَمْرُد.
ومارِدٌ: حِصْنُ دُومةِ الجندل؛ المحكم: ومارِدٌ حِصْن معروف غزاه بعض
الملوك فامتنع عليه، فقالوا في المثل: تَمرَّدَ ماردٌ وعَزَّ الأَبْلَقُ،
وهما حصنان بالشام؛ وفي التهذيب: وهما حصنان في بلاد العرب غزتهما
الزباء؛ قال المفضل: كانت الزباء سارت إِلى مارد حِصْن دُومة الجندل وإِلى
الأَبْلَق، وهو حصن تَيْماءَ، فامتنعا عليها فقالت هذا المثل، وصار مثلاً لكل
عَزيز مُمْتَنع.
وفي الحديث ذكر مُرَيْد، وهو بضم الميم مصغَّراً: أُطُمٌ من آطام
المدينة وفي الحديث ذكر مَرْدانَ، بفتح الميم وسكون الراء، وهي ثنية بطريق
تَبُوكَ وبها مسجدٌ للنبي، صلى الله عليه وسلم.
ومُرادٌ: أَبو قبيلة من اليمن، وهو مراد بن مالك بن زيد بن كَهْلان بن
سَبَا وكان اسمه يُحابِر فَتَمَرَّد فسمي مُراداً، وهو فُعال على هذا
القول؛ وفي التهذيب: ومُرادٌ حيّ هو اليوم في اليمن، وقيل: إِن نسبهم في
الأَصل من نزار؛ وقول أَبي ذؤيب:
كَسَيْفِ المرادِيِّ لا تاكِلاً
جَباناً، ولا حَيْدَرِيّاً قَبيحا
قيل: أَراد سيف عبد الرحمن بن مُلْجْمَ قاتِلِ عليّ، رضوان الله عليه،
وقيل: أَراد كأَنه سيف يمان في مضائه فلم يستقم له الوزن، فقال كسيف
المُرادِيِّ. ومارِدُون ومارِدِين: موضع، وفي النصب والخفض ماردين.
نمس: النَّمَسُ، بالتحريك: فساد السَّمْن والغَالِية وكلِّ طِيبٍ ودُهْن
إِذا تغير وفسد فساداً لَزِجاً. ونَمِسَ الدهن، بالكسر، يَنْمَسُ
نَمَساً، فهو نَمِسٌ: تغير وفسد، وكذلك كل شيء طيِّب تغير؛ قال بعض
الأَغفال:وبِزُيَيْتٍ نَمِسٍ مُرَيْرِ
ونَمَّسَ الشعرُ: أَصابه دهن فتوسخ. والنَّمَسُ: ريح اللبَنِ والدَّسَم
كالنَّسَم. ويقال: نَمِسَ الوَدَكُ ونَسِمَ إِذا أَنْتَن، ونمَّسَ
الأَقِطُ، فهو مُنَمِّسٌ إِذا أَنتن؛ قال الطرماح:
مُنَمِّسُ ثِيرانِ الكَريصِ الضَّوائِن
والكريص: الأَقِطُ.
والنِّمْسُ: سَبُع من أَخبث السُّبُع
(* قوله «سبع» هكذا بالأصل مضبوطاً
ولم نجده مجموعاً إلا على سباع وأَسبع كرجال وأَفلس.). وقال ابن قتيبة:
النِّمْسُ دُوَيْبَّةٌ تقتل الثُّعْبان يتخذها الناظر إِذا اشتد خوفه من
الثعابين، لأَن هذه الدابة تتعرض للثعبان وتَتَضاءَلُ وتَسْتَدِقُّ حتى
كأَنها قطعة حبل، فإِذا انطوى عليها الثُّعْبان زَفَرَتْ وأَخذت بنَفَسِها
فانتفخ جوْفها فيتقطع الثعبان، وقد ينطوي عليها
(* قوله «ينطوي عليها» كذا
بالأَصل. ولعل الضمير للثعبان وهو يقع على الذكر والأنثى.) النِّمْسُ
فَظَعاً من شدة الزَّفْرَة؛ غيره: النِّمْس، بالكسر، دوَيْبَّة عريضة
كأَنها قطعة قَدِيدٍ تكون بأَرض مصر تقتل الثعبان.
والنَّامُوس: ما يُنَمِّسُ به الرجل من الاحْتِيالِ. والنامُوسُ:
المَكْرُ والخِداع. والتَّنْمِيسُ: التَّلْبيس. والنامِسُ والنامُوس: دوَيْبَّة
أَغْبَرُ كهيئة الذَّرَّة تلكع الناس. والنامُوسُ: قُتْرة الصائد التي
يَكْمُن فيها للصيد؛ قال أَوس بن حجر:
فَلاقَى عليها من صُباحٍ مُدَمِّراً
لِنامُوسِه من الصَّفِيح سَقائِفُ.
قال ابن سيده: وقد يهمز، قال: ولا أَدري ما وجه ذلك. والنامُوسُ: بيت
الراهب. ويقال للشَّرَكِ نامُوس لأَنه يُوارَى تحت الأَرض؛ وقال الراجز يصف
الركاب يعني الإِبل:
يَخْرُجْنَ من مُلْتَبِسٍ مُلَبَّسِ،
تَنْمِيسَ نامُوسِ القَطا المُنَمَّسِ
يقول: يخرجن من بلد مشتبه الأَعلام يشتبه على من يسلكه كما يشتبه على
القطا أَمر الشَّرَكِ الذي ينصب له. وفي حديث سعد: أَسَدٌ في نامُوسِه؛
الناموسُ: مَكْمَن الصياد فشبه به موضع الأَسد. والنَّامُوس: وِعاء العِلْم.
والنَّاموس: جبريل، صلى اللَّه على نبينا محمد وعليه وسلم، وأَهل الكتاب
يسمون جبريل، عليه السلام: الناموس. وفي حديث المَبْعَث: أَن خديجة،
رضوان اللَّه عليها، وصفت أَمر النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، لِوَرَقَة بن
نَوْفَل وهو ابن عمها، وكان نصرانيّاً قد قرأَ الكتب، فقال: إِن كان ما
تقولين حقّاً فإِنه ليَأْتِيه النامُوس الذي كان يأْتي موسى، عليه السلام،
وفي رواية: إِنه ليأْتيه النَّاموس الأَكبر. أَبو عبيد: النامُوس صاحب سر
الملِك أَو الرجل الذي يطلعه على سِرِّه وباطن أَمره ويخصه بما يستره عن
غيره. ابن سيجه: نامُوسُ الرجل صاحبُ سِرِّه، وقد نَمَسَ يَنْمِسُ
نَمْساً ونامَسَ صاحبَه مُنامَسَةً ونِماساً: سارَّه. وقيل: النامُوسُ
السِّرُّ، مثل به سيبويه وفسره السيرافي.
ونَمَسْتُ الرجلَ ونامَسْتُه إِذا سارَرْته؛ وقال الكميت:
فأَبْلِغْ يَزِيد، إِنْ عَرَضْتَ، ومُنْذراً
وعَمَّيْهِما، والمُسْتَسِرَّ المُنَامِسا
ونَمَسْتُ السِّرَّ أَنْمِسُه نَمْساً: كَتَمْتُه. والمُنَامِسُ: الداخل
في الناموس، وقيل: النامُوس صاحب سِرّ الخير، والجاسُوسُ صاحب سِرّ
الشر، وأَراد به وَرَقَةُ جبريلَ، عليه السلام، لأَن اللَّه تعالى خصه بالوحي
والغيب اللذين لا يطَّلع عليهما غيره. والنَّامُوسُ: الكذَّاب.
والنَّاموس: النمَّام وهو النمَّاس أَيضاً. قال ابن الأَعرابي: نَمَسَ بينهم
وأَنْمَسَ أَرَّشَ بينهم وآكل بينهم؛ وأَنشد:
وما كنتُ ذا نَيْرَبٍ فيهمُ،
ولا مُنْمِساً بينهم أُنْمِلُ
أَدِبُّ وذو النُّمْلَةِ المُدْغِلُ
أُؤَرِّشُ بينهمُ دائباً،
ولكِنَّنني رائبٌ صَدْعَهُمْ،
رَقُوءٌ لِما بينَهُمْ مُسْمِلُ
رَقُوءٌ: مُصْلِحٌ. رَقأْتُ بينهم، أَصلحت.
وانَّمَسَ في الشيء: دخل فيه. وانَّمَسَ فلان انِّماساً: انْغَلَّ في
سُتْرةٍ. الجوهري: انَّمَسَ الرجلُ، بتشديد النون، أَي استتر، وهو
انْفَعَلَ.
قرأ: القُرآن: التنزيل العزيز، وانما قُدِّمَ على ما هو أَبْسَطُ منه
لشَرفه.
قَرَأَهُ يَقْرَؤُهُ ويَقْرُؤُهُ، الأَخيرة عن الزجاج، قَرْءاً وقِراءة وقُرآناً، الأُولى عن اللحياني، فهو مَقْرُوءٌ.
أَبو إِسحق النحوي: يُسمى كلام اللّه تعالى الذي أَنزله على نبيه، صلى اللّه عليه وسلم، كتاباً وقُرْآناً وفُرْقاناً، ومعنى القُرآن معنى الجمع، وسمي قُرْآناً لأَنه يجمع السُّوَر، فيَضُمُّها. وقوله تعالى: إِنَّ علينا جَمْعه وقُرآنه، أَي جَمْعَه وقِراءَته، فَإِذا قَرَأْنَاهُ فاتَّبِعْ
قُرْآنَهُ، أَي قِراءَتَهُ. قال ابن عباس رضي اللّه عنهما: فإِذا
بيَّنَّاه لك بالقراءة، فاعْمَلْ بما بَيَّنَّاه لك، فأَما قوله:
هُنَّ الحَرائِرُ، لا ربَّاتُ أَحْمِرةٍ، * سُودُ المَحاجِرِ، لا يَقْرَأْنَ بالسُّوَرِ
فإِنه أَراد لا يَقْرَأْنَ السُّوَر، فزاد الباءَ كقراءة من قرأَ:
تُنْبِتُ بالدُّهْن، وقِراءة منْ قرأَ: يَكادُ سَنَى بَرْقِهِ يُذْهِبُ بالأَبْصار، أَي تُنْبِتُ الدُّهنَ ويُذْهِبُ الأَبصارَ. وقَرَأْتُ الشيءَ قُرْآناً: جَمَعْتُه وضَمَمْتُ بعضَه إِلى بعض. ومنه قولهم: ما قَرأَتْ هذه الناقةُ سَلىً قَطُّ، وما قَرَأَتْ جَنِيناً قطُّ، أَي لم يَضْطَمّ رَحِمُها على ولد، وأَنشد:
هِجانُ اللَّوْنِ لم تَقْرَأْ جَنِينا
وقال: قال أَكثر الناس معناه لم تَجْمع جَنيناً أَي لم يَضطَمّ رَحِمُها على الجنين. قال، وفيه قول آخر: لم تقرأْ جنيناً أَي لم تُلْقه.
ومعنى قَرَأْتُ القُرآن: لَفَظْت به مَجْمُوعاً أَي أَلقيته. وروي عن الشافعي رضي اللّه عنه أَنه قرأَ القرآن على إِسمعيل بن قُسْطَنْطِين،
وكان يقول: القُران اسم، وليس بمهموز، ولم يُؤْخذ من قَرَأْت، ولكنَّه اسم لكتاب اللّه مثل التوراة والإِنجيل، ويَهمز قرأْت ولا يَهمز القرانَ، كما تقول إِذا قَرَأْتُ القُرانَ. قال وقال إِسمعيل: قَرأْتُ على شِبْل، وأَخبر شِبْلٌ أَنه قرأَ على عبداللّه بن كَثِير، وأَخبر عبداللّه أَنه قرأَ على مجاهد، وأَخبر مجاهد أَنه قرأَ على ابن عباس رضي اللّه عنهما، وأَخبر ابن عباس أَنه قرأَ على أُبَيٍّ، وقرأَ أُبَيٌّ على النبي صلى اللّه عليه وسلم.وقال أَبو بكر بن مجاهد المقرئُ: كان أَبو عَمرو بن العلاءِ لايهمز القرآن، وكان يقرؤُه كما رَوى عن ابن كثير. وفي الحديث: أَقْرَؤُكم أُبَيٌّ.
قال ابن الأَثير: قيل أَراد من جماعة مخصوصين، أَو في وقت من الأَوقات، فإِنَّ غيره كان أَقْرَأَ منه. قال: ويجوز أَن يريد به أَكثرَهم قِراءة، ويجوز أَن يكون عامّاً وأَنه أَقرأُ الصحابة أَي أَتْقَنُ للقُرآن وأَحفظُ. ورجل قارئٌ من قَوْم قُرَّاءٍ وقَرَأَةٍ وقارِئِين.
وأَقْرَأَ غيرَه يُقْرِئه إِقراءً. ومنه قيل: فلان المُقْرِئُ.
قال سيبويه: قَرَأَ واقْتَرأَ، بمعنى، بمنزلة عَلا قِرْنَه واسْتَعْلاه.
وصحيفةٌ مقْرُوءة، لا يُجِيز الكسائي والفرَّاءُ غيرَ ذلك، وهو
القياس. وحكى أَبو زيد: صحيفة مَقْرِيَّةٌ، وهو نادر إِلا في لغة من قال قَرَيْتُ.
وَقَرأْتُ الكتابَ قِراءة وقُرْآناً، ومنه سمي القرآن. وأَقْرَأَه
القُرآنَ، فهو مُقْرِئٌ. وقال ابن الأَثير: تكرّر في الحديث ذكر
القِراءة والاقْتراءِ والقارِئِ والقُرْآن، والأَصل في هذه اللفظة الجمع، وكلُّ شيءٍ جَمَعْتَه فقد قَرَأْتَه.
وسمي القرآنَ لأَنه جَمَعَ القِصَصَ والأَمرَ والنهيَ والوَعْدَ والوَعِيدَ والآياتِ والسورَ بعضَها إِلى بعضٍ، وهو مصدر كالغُفْرانِ والكُفْرانِ. قال: وقد يطلق على الصلاة لأَنّ فيها
قِراءة، تَسْمِيةً للشيءِ ببعضِه، وعلى القِراءة نَفْسِها، يقال: قَرَأَ
يَقْرَأُ قِراءة وقُرآناً. والاقْتِراءُ: افتِعالٌ من القِراءة. قال:
وقد تُحذف الهمزة منه تخفيفاً، فيقال: قُرانٌ، وقَرَيْتُ، وقارٍ، ونحو ذلك من التصريف. وفي الحديث: أَكثرُ مُنافِقي أُمَّتِي قُرّاؤُها، أَي أَنهم يَحْفَظونَ القُرآنَ نَفْياً للتُّهمَة عن أَنفسهم، وهم مُعْتَقِدون تَضْيِيعَه. وكان المنافقون في عَصْر النبي، صلى اللّه عليه وسلم، بهذه الصفة.
وقارَأَه مُقارَأَةً وقِراءً، بغير هاء: دارَسه.
واسْتَقْرَأَه: طلب إليه أَن يَقْرَأَ.
ورُوِيَ عن ابن مسعود: تَسَمَّعْتُ للقَرَأَةِ فإِذا هم مُتَقارِئُون؛ حكاهُ اللحياني ولم يفسره.
قال ابن سيده: وعندي أَنّ الجنَّ كانوا يَرُومون القِراءة.وفي حديث أُبَيٍّ في ذكر سورة الأَحْزابِ: إِن كانت لَتُقارئُ سورةَ البقرةِ، أَو هي أَطْولُ، أَي تُجاريها مَدَى طولِها في القِراءة، أَو إِن قارِئَها ليُساوِي قارِئَ البقرة في زمنِ قِراءَتها؛ وهي مُفاعَلةٌ من القِراءة. قال الخطابيُّ: هكذا رواه ابن هاشم، وأَكثر الروايات: إِن كانت لَتُوازي.
ورجل قَرَّاءٌ: حَسَنُ القِراءة من قَوم قَرائِين، ولا يُكَسَّرُ.
وفي حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما: أَنه كان لا يَقْرَأُ في الظُّهر والعصر، ثم قال في آخره: وما كان ربُّكَ نَسِيّاً، معناه: أَنه كان لا يَجْهَر بالقِراءة فيهما، أَو لا يُسْمِع نَفْسَه قِراءَتَه، كأَنه رَأَى قوماً يقرؤُون فيُسَمِّعون نفوسَهم ومَن قَرُبَ منهم. ومعنى قوله: وما كان ربُّك نَسِيّاً، يريد أَن القِراءة التي تَجْهَرُ بها، أَو تُسْمِعُها نفْسَك، يكتبها الملكان، وإِذا قَرأْتَها في نفْسِك لم يَكْتُباها، واللّه يَحْفَظُها لك
ولا يَنْساها لِيُجازِيَكَ عليها.
والقَارِئُ والمُتَقَرِّئُ والقُرَّاءُ كُلّه: الناسِكُ، مثل حُسَّانٍ وجُمَّالٍ.
وقولُ زَيْد بنِ تُركِيٍّ الزُّبَيْدِيّ، وفي الصحاح قال الفرّاءُ:
أَنشدني أَبو صَدَقة الدُبَيْرِيّ:
بَيْضاءُ تَصْطادُ الغَوِيَّ، وتَسْتَبِي، * بالحُسْنِ، قَلْبَ المُسْلمِ القُرَّاء
القُرَّاءُ: يكون من القِراءة جمع قارئٍ، ولا يكون من التَّنَسُّك(1)
(1 قوله «ولا يكون من التنسك» عبارة المحكم في غير نسخة ويكون من التنسك، بدون لا.)، وهو أَحسن. قال ابن بري: صواب إِنشاده بيضاءَ بالفتح لأَنّ قبله:
ولقد عَجِبْتُ لكاعِبٍ، مَوْدُونةٍ، * أَطْرافُها بالحَلْيِ والحِنّاءِ
ومَوْدُونةٌ: مُلَيَّنةٌ؛ وَدَنُوه أَي رَطَّبُوه.
وجمع القُرّاء: قُرَّاؤُون وقَرائِئُ(2)
(2 قوله «وقرائئ» كذا في بعض النسخ والذي في القاموس قوارئ بواو بعد القاف بزنة فواعل ولكن في غير نسخة من المحكم قرارئ براءين بزنة فعاعل.)، جاؤوا بالهمز في الجمع لما كانت غير مُنْقَلِبةٍ بل موجودة في قَرَأْتُ.
الفرَّاء، يقال: رجل قُرَّاءٌ وامْرأَة قُرَّاءةٌ. وتَقَرَّأَ: تَفَقَّه.وتَقَرَّأَ: تَنَسَّكَ. ويقال: قَرَأْتُ أَي صِرْتُ قارِئاً ناسِكاً.
وتَقَرَّأْتُ تَقَرُّؤاً، في هذا المعنى. وقال بعضهم: قَرَأْتُ : تَفَقَّهْتُ. ويقال: أَقْرَأْتُ في الشِّعر، وهذا الشِّعْرُ على قَرْءِ هذا الشِّعْر أَي طريقتِه ومِثاله. ابن بُزُرْجَ: هذا الشِّعْرُ على قَرِيِّ هذا.وقَرَأَ عليه السلام يَقْرَؤُه عليه وأَقْرَأَه إِياه: أَبلَغه.
وفي الحديث: إِن الرّبَّ عز وجل يُقْرِئكَ السلامَ. يقال: أَقْرِئْ
فلاناً السَّلامَ واقرأْ عَلَيْهِ السَّلامَ، كأَنه حين يُبَلِّغُه سَلامَه يَحمِلهُ على أَن يَقْرَأَ السلامَ ويَرُدَّه. وإِذا قَرَأَ الرجلُ القرآنَ والحديثَ على الشيخ يقول: أَقْرَأَنِي فلانٌ أَي حَمَلَنِي على أَن أَقْرَأَ عليه.
والقَرْءُ: الوَقْتُ. قال الشاعر:
إِذا ما السَّماءُ لم تَغِمْ، ثم أَخْلَفَتْ * قُروء الثُّرَيَّا أَنْ يكون لها قَطْرُ
يريد وقت نَوْئها الذي يُمْطَرُ فيه الناسُ.
ويقال للحُمَّى: قَرْءٌ، وللغائب: قَرْءٌ، وللبعِيد: قَرْءٌ. والقَرْءُ
والقُرْءُ: الحَيْضُ، والطُّهرُ ضِدّ. وذلك أَنَّ القَرْء الوقت، فقد
يكون للحَيْض والطُّهر. قال أَبو عبيد: القَرْءُ يصلح للحيض والطهر.
قال: وأظنه من أَقْرَأَتِ النُّجومُ إِذا غابَتْ. والجمع: أَقْراء.
وفي الحديث: دَعي الصلاةَ أَيامَ أَقْرائِكِ. وقُروءٌ، على فُعُول،
وأَقْرُؤٌ، الأَخيرة عن اللحياني في أَدنى العدد، ولم يعرف سيبويه أَقْراءً ولا أَقْرُؤاً. قال: اسْتَغْنَوْا عنه بفُعُول. وفي التنزيل: ثلاثة
قُرُوء، أَراد ثلاثةَ أَقْراء من قُرُوء، كما قالوا خمسة كِلاب، يُرادُ بها خمسةٌ مِن الكِلاب.
وكقوله:
خَمْسُ بَنانٍ قانِئِ الأَظْفارِ
أَراد خَمْساً مِنَ البَنانِ. وقال الأَعشى:
مُوَرَّثةً مالاً، وفي الحَيِّ رِفعْةً، * لِما ضاعَ فِيها مِنْ قُروءِ نِسائِكا
وقال الأَصمعي في قوله تعالى: ثلاثةَ قُرُوء، قال: جاء هذا على غير قياس، والقياسُ ثلاثةُ أَقْرُؤٍ. ولا يجوز أَن يقال ثلاثةُ فُلُوس، إِنما يقال ثلاثةُ أَفْلُسٍ، فإِذا كَثُرت فهي الفُلُوس، ولا يقال ثَلاثةُ رِجالٍ، وإِنما هي ثلاثةُ رَجْلةٍ، ولا يقال ثلاثةُ كِلاب، انما هي ثلاثةُ أَكْلُبٍ. قال أَبو حاتم: والنحويون قالوا في قوله تعالى: ثلاثةَ قُروء. أَراد ثلاثةً من القُروء.
أَبو عبيد: الأَقْراءُ: الحِيَضُ، والأَقْراء: الأَطْهار، وقد أَقْرَأَتِ المرأَةُ، في الأَمرين جميعاً، وأَصله من دُنُوِّ وقْتِ الشيء. قال الشافعي رضي اللّه عنه: القَرْء اسم للوقت فلما كان الحَيْضُ يَجِيء لِوقتٍ، والطُّهرُ يجيء لوَقْتٍ جاز أَن يكون الأَقْراء حِيَضاً وأَطْهاراً.
قال: ودَلَّت سنَّةُ رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، أَنَّ اللّه، عز وجل، أَراد بقوله والمُطَلِّقاتُ يَتَرَبَّصْن بأَنْفُسِهنّ ثلاثةَ قُروء:
الأَطْهار. وذلك أَنَّ ابنَ عُمَرَ لمَّا طَلَّقَ امرأَتَه، وهي حائضٌ،
فاسْتَفْتَى عُمرُ، رضي اللّه عنه، النبيَّ، صلى اللّه عليه وسلم، فيما فَعَلَ، فقال: مُرْه فَلْيُراجِعْها، فإِذا طَهُرَتْ فَلْيُطَلِّقْها، فتِلك
العِدّةُ التي أَمَر اللّهُ تعالى أَن يُطَلَّقَ لها النِّساءُ.
وقال أَبو إِسحق: الَّذي عندي في حقيقة هذا أَنَّ القَرْءَ، في اللغة، الجَمْعُ، وأَنّ قولهم قَرَيْتُ الماء في الحَوْضِ، وإِن كان قد أُلْزِمَ الياءَ، فهو جَمَعـْتُ، وقَرَأْتُ القُرآنَ: لَفَظْتُ به مَجْموعاً، والقِرْدُ يَقْرِي أَي يَجْمَعُ ما يَأْكُلُ في فِيهِ، فإِنَّما القَرْءُ اجْتماعُ الدَّمِ في الرَّحِمِ، وذلك إِنما يكون في الطُّهر. وصح عن عائشة وابن عمر رضي اللّه عنهما أَنهما قالا: الأَقْراء والقُرُوء: الأَطْهار. وحَقَّقَ هذا اللفظَ، من كلام العرب، قولُ الأَعشى:
لِما ضاعَ فيها مِنْ قُرُوءِ نِسَائكا
فالقُرُوءُ هنا الأَطْهارُ لا الحِيَضُ، لإِن النّساءَ إِنما يُؤْتَيْن في أَطْهارِهِنَّ لا في حِيَضِهنَّ، فإِنما ضاعَ بغَيْبَتِه عنهنَّ أَطْهارُهُنَّ. ويقال: قَرَأَتِ المرأَةُ: طَهُرت، وقَرأَتْ: حاضَتْ.
قال حُمَيْدٌ:
أَراها غُلامانا الخَلا، فتَشَذَّرَتْ * مِراحاً، ولم تَقْرَأْ جَنِيناً ولا دَما
يقال: لم تَحْمِلْ عَلَقةً أَي دَماً ولا جَنِيناً. قال الأَزهريُّ: وأَهلُ العِراق يقولون: القَرْءُ: الحَيْضُ، وحجتهم قوله صلى اللّه عليه
وسلم: دَعِي الصلاةَ أَيَّامَ أَقْرائِكِ، أَي أَيامَ حِيَضِكِ.
وقال الكسائي والفَرّاء معاً: أَقْرأَتِ المرأَةُ إِذا حاضَتْ، فهي
مُقْرِئٌ . وقال الفرّاء: أَقْرأَتِ الحاجةُ إِذا تَأَخَّرَتْ. وقال الأخفش:
أَقْرأَتِ المرأَةُ إِذا حاضَتْ، وما قَرَأَتْ حَيْضةً أَي ما ضَمَّت
رَحِمُها على حَيْضةٍ. قال ابن الأَثير: قد تكرَّرت هذه اللفظة في الحديث مُفْرَدةً ومَجْمُوعةً، فالمُفْردة، بفتح القاف وتجمع على أَقْراءٍ وقُروءٍ، وهو من الأَضْداد، يقع على الطهر، وإِليه ذهب الشافعي وأَهل الحِجاز، ويقع على الحيض، وإِليه ذهب أَبو حنيفة وأَهل العِراق، والأَصل في القَرْءِ الوَقْتُ المعلوم، ولذلك وقعَ على الضِّدَّيْن، لأَن لكل منهما وقتاً.
وأَقْرأَتِ المرأَةُ إِذا طَهُرت وإِذا حاضت. وهذا الحديث أَراد بالأَقْراءِ فيه الحِيَضَ، لأَنه أَمَرَها فيه بِتَرْك الصلاةِ. وأَقْرَأَتِ المرأَةُ، وهي مُقْرِئٌ: حاضَتْ وطَهُرَتْ. وقَرَأَتْ إِذا رَأَتِ الدمَ.
والمُقَرَّأَةُ: التي يُنْتَظَرُ بها انْقِضاءُ أَقْرائها. قال أَبو عمرو بن
العَلاءِ: دَفَع فلان جاريتَه إِلى فُلانة تُقَرِّئُها أَي تُمْسِكُها عندها
حتى تَحِيضَ للاسْتِبراءِ. وقُرئَتِ المرأَةُ: حُبِسَتْ حتى انْقَضَتْ
عِدَّتُها. وقال الأَخفش: أَقْرَأَتِ المرأَةُ إِذا صارت صاحِبةَ حَيْضٍ،
فإِذا حاضت قلت: قَرَأَتْ، بلا أَلف. يقال: قَرَأَتِ المرأَةُ حَيْضَةً أَو
حَيْضَتَيْن. والقَرْءُ انْقِضاءُ الحَيْضِ. وقال بعضهم: ما بين
الحَيْضَتَيْن. وفي إِسْلامِ أَبي ذَرّ: لقد وضَعْتُ قولَه على أَقْراءِ الشِّعْر، فلا يَلْتَئِمُ على لِسانِ أَحدٍ أَي على طُرُق الشِّعْر وبُحُوره،
واحدها قَرْءٌ، بالفتح. وقال الزمخشري، أَو غيره: أَقْراءُ الشِّعْر:
قَوافِيه التي يُخْتَمُ بها، كأَقْراءِ الطُّهْر التي يَنْقَطِعُ عِندَها.
الواحد قَرْءٌ وقُرْءٌ وقَرِيءٌ، لأَنها مَقَاطِعُ الأَبيات وحُدُودُها.
وقَرَأَتِ الناقةُ والشَّاةُ تَقْرَأُ: حَمَلَتْ. قال:
هِجانُ اللَّوْنِ لم تَقْرَأْ جَنِينا
وناقة قارئٌ، بغير هاء، وما قَرَأَتْ سَلىً قَطُّ: ما حَمَلَتْ مَلْقُوحاً، وقال اللحياني: معناه ما طَرَحَتْ. وقَرَأَتِ الناقةُ: وَلَدت.
وأَقْرَأَت الناقةُ والشاةُ: اسْتَقَرَّ الماءُ في رَحِمِها؛ وهي في قِرْوتها، على غير قياس، والقِياسُ قِرْأَتها. وروى الأَزهري عن أَبي الهيثم أَنه قال يقال: ما قَرَأَتِ الناقةُ سَلىً قَطُّ، وما قَرَأَتْ مَلْقُوحاً
قَطُّ. قال بعضهم: لم تَحْمِلْ في رَحِمها ولداً قَطُّ. وقال بعضهم: ما
أَسْقَطَتْ ولداً قَطُّ أَي لم تحمل.
ابن شميل: ضَرَبَ الفحلُ الناقةَ على غير قُرْءٍ(1)
(يتبع...)
(تابع... 1): قرأ: القُرآن: التنزيل العزيز، وانما قُدِّمَ على ما هو أَبْسَطُ منه... ...
(1 قوله «غير قرء» هي في التهذيب بهذا الضبط.) ، وقُرْءُ الناقةِ: ضَبَعَتُها. وهذه ناقة قارئٌ وهذه نُوقٌ قَوارِئُ يا هذا؛ وهو من أَقْرأَتِ المرأَةُ، إلا أَنه يقال في المرأَة بالأَلف وفي الناقة بغير أَلف.
وقَرْءُ الفَرَسِ: أَيامُ وداقِها، أَو أَيام سِفادِها، والجمع
أَقْراءٌ.واسْتَقْرَأَ الجَملُ الناقةَ إِذا تارَكَها ليَنْظُر أَلَقِحَت أَم لا.
أبو عبيدة: ما دامت الوَدِيقُ في وَداقِها، فهي في قُرُوئها،
وأَقْرائِها.وأَقْرأَتِ النُّجوم: حانَ مغِيبها. وأَقْرَأَتِ النجومُ أَيضاً:
تأَخَّر مَطَرُها. وأَقْرَأَتِ الرِّياحُ: هَبَّتْ لأَوانِها ودَخلت في
أَوانِها.
والقارئُ: الوَقْتُ. وقول مالك بن الحَرثِ الهُذَليّ:
كَرِهْتُ العَقْرَ عَقْرَ بَنِي شَلِيلٍ، * إِذا هَبْتْ، لقارئِها، الرِّياحُ
أَي لوَقْتِ هُبُوبِها وشِدَّة بَرْدِها. والعَقْرُ: مَوضِعٌ بعَيْنِه.
وشَلِيلٌ: جَدُّ جَرِير بن عبداللّه البَجَلِيّ.
ويقال هذا قارِيءُ الرِّيح: لوَقْتِ هُبُوبِها، وهو من باب الكاهِل
والغارِب، وقد يكون على طَرْحِ الزَّائد.
وأَقْرَأَ أَمْرُك وأَقْرَأَتْ حاجَتُك، قيل: دنا، وقيل: اسْتَأْخَر.
وفي الصحاح: وأَقْرَأَتْ حاجَتُكَ: دَنَتْ. وقال بعضهم: أَعْتَمْتَ قِراكَ أَم أَقْرَأْتَه أَي أَحَبَسْتَه وأَخَّرْته؟ وأَقْرَأَ من أَهْله: دَنا.
وأَقرأَ من سَفَرِه: رَجَعَ. وأَقْرَأْتُ من سَفَري أي انْصَرَفْتُ.
والقِرْأَةُ، بالكسر، مثل القِرْعةِ: الوَباءُ.
وقِرْأَةُ البِلاد: وَباؤُها. قال الأَصمعي: إِذا قَدِمْتَ بلاداً فَمَكَثْتَ بها خَمْسَ عَشْرةَ ليلة، فقد ذَهَبت عنكَ قِرْأَةُ البلاد، وقِرْءُ البلاد. فأَما قول أَهل الحجاز قِرَةُ البلاد، فإِنما هو على حذف
الهمزة المتحرِّكة وإِلقائها على الساكن الذي قبلها، وهو نوع من القياس، فأَما إِغرابُ أبي عبيد، وظَنُّه إِياه لغة، فَخَطأٌ.
وفي الصحاح: أَن قولهم قِرةٌ، بغير همز، معناه: أَنه إِذا مَرِضَ بها بعد ذلك فليس من وَباءِ البلاد.