من (ن ظ ف) نسبة إلى نَظِيف.
من (ن ظ ف) نسبة إلى نَظِيف.
نظف: النَّظافة: النَّقاوة. والنَّظافة: مصدر التــنظيف والفعل اللازم منه
نظُف الشيءُ، بالضم، نَظافة، فهو نَظِيف: حَسُن وبَهُوَ. ونظَّفه
ينظِّفه تــنظيفــاً أَي نقّاه. وفي الحديث: أَن اللّه تبارك وتعالى نَظِيف يُيحب
النَّظافة. قال ابن الأَثير: نَظافةُ اللّه كناية عن تنزهه من سِمات الحدث
وتَعاليه في ذاته عن كل نقص، وحُبُّه النظافة من غيره كناية عن خلوص
العقيدة ونفي الشرك ومجانبةِ الأَهواء، ثم نظافة القلب عن الغِلِّ والحِقد
والحسد وأَمثالها، ثم نظافة المَطعم والمَلبس عن الحرام والشُّبَه، ثم
نظافة الظاهر بملابسة العبادات. ومنه الحديث: نظِّفوا أَفواهكم فإنها طُرق
القرآن أَي صُونوها عن اللَّغو والفُحْش والغِيبة والنميمة والكذب
وأَمثالها، وعن أَكل الحرام والقاذورات والحث على تطهيرها من النجاسات والسؤال.
والتنظُّف: تكلُّف النظافة. واستنظفت الشيء أَي أَخذته نظيفــاً كله. وفي
الحديث: تكون فتنة تستنظف العرب أَي تَسْتَوْعِبهم هلاكاً، من استنظَفْت
الشيء إذا أَخذته كله؛ ومنه قولهم: استنظفت ما عنده واستغنيت عنه.
والمِنْظفة: سُمَّهة تُتخذ من الخوص. واستنظف الوالي ما عليه من الخراج:
استوفاه، ولا يستعمل التَّــنْظيف في هذا المعنى؛ قال الجوهري: يقال استَنْظفت
الخراج ولا يقال نَظَّفْته.
ونظَف الفصِيلُ ما في ضَرْع أُمه وانْتَظفَه: شرب جميع ما فيه،
وانتظفْته أَنا كذلك. قال أَبو منصور: والتَّنَظُّف عند العرب التَّنَطُّس
والتَّقَزُّز وطلَبُ النَّظافةِ من رائحة غَمَرٍ أَو نَفْي زُهومة وما أَشبهها،
وكذلك غَسْل الوسَخ والدَّرَن والدَّنَس. ويقال للأُشْنان وما أَشبهه:
نظِيف، لتــنظيفــه اليد والثوب من غَمَر المَرق واللحم ووضَر الودَك وما
أَشبهه. وقال أَبو بكر في قولهم نظِيف السراويل: معناه أَنه عفيف الفَرْج،
يكنى بالسراويل عن الفرج كما يقال هو عفيف المِئزر والإزار؛ قال متمم بن
نُوَيْرَة يرثي أَخاه:
حُلْو شَمائلُه عَفيف المِئزَر
أَي عفيف الفرج. قال: وفلان نَجِس السراويل إذا كان غير عفيف الفرج.
قال: وهم يَكنون بالثياب عن النفْس والقلب، وبالإزار عن العفاف؛ وقال
غيره:فَشَكَكْتُ بالرُّمْحِ الأَصَمِّ ثِيابَه
وقال في قوله:
فسُلِّي ثِيابي من ثِيابكِ تَنْسُلِ
في الثياب ثلاثة أَقوال: قال قوم الثياب ههنا كناية عن الأَمر؛ المعنى
اقطعي أَمري من أَمرِك، وقيل: الثياب كناية عن القلب؛ المعنى سُلِّي قلبي
من قلبك، وقال قوم: هذا الكلام كناية عن الصريمة، يقول الرجل لامرأَته
ثيابي من ثيابك حرام، ومعنى البيت إني في خُلُق لا تَرْضَيْنه فاصْرِميني،
وقوله تنسُل تَبِين وتُقْطَع، ونسَلتِ السنُّ إذا بانت، ونسَل رِيش
الطائر إذا سقط.
طيب: الطِّيبُ، على بناء فِعْل، والطَّيِّب، نعت. وفي الصحاح:
الطَّيِّبُ خلاف الخَبيث؛ قال ابن بري: الأَمر كما ذكر، إِلا أَنه قد تتسع معانيه، فيقال: أَرضٌ طَيِّـبة للتي تَصْلُح للنبات؛ ورِيحٌ طَيِّـبَةٌ إِذا كانت لَيِّنةً ليست بشديدة؛ وطُعْمة طَيِّبة إِذا كانت حلالاً؛ وامرأَةٌ طَيِّبة إِذا كانت حَصاناً عفيفةً، ومنه قوله تعالى: الطيباتُ للطَّيِّـبين؛ وكلمةٌ طَيِّبة إِذا لم يكن فيها مكروه؛ وبَلْدَة طَيِّبة أَي آمنةٌ كثيرةُ الخير، ومنه قوله تعالى: بَلْدَة طَيِّبة
ورَبٌّ غَفُور؛ ونَكْهة طَيِّبة إِذا لم يكن فيها نَتْنٌ، وإِن لم يكن فيها ريح طَيِّبة كرائحةِ العُود والنَّدِّ وغيرهما؛ ونَفْسٌ طَيِّبة بما قُدِّرَ لها أَي راضية؛ وحِنْطة طَيِّبة أَي مُتَوَسِّطَة في الجَوْدَةِ؛ وتُرْبة طَيِّبة أَي طاهرة، ومنه قوله تعالى: فَتَيَمَّمُوا صَعيداً طَيِّباً؛ وزَبُونٌ طَيِّبٌ أَي سَهْل في مُبايعَته؛ وسَبْيٌ طَيِّبٌ إِذا لم يكن عن غَدْر ولا نَقْض عَهْدٍ؛ وطعامٌ طَيِّب للذي يَسْتَلِذُّ الآكلُ طَعْمه. ابن سيده: طَابَ الشيءُ طِـيباً وطَاباً: لذَّ وزكَا. وطابَ الشيءُ أَيضاً يَطِـيبُ طِـيباً وطِـيَبَةً وتَطْياباً؛ قال عَلْقَمة:
يَحْمِلْنَ أُتْرُجَّةً، نَضْخُ العَبيرِ بها، * كَـأَنَّ تَطْيابَها، في الأَنْفِ، مَشْمومُ
وقوله عز وجل: طِبْتم فادخُلوها خالِدين؛ معناه كنتم طَيِّبين في الدنيا فادخُلوها.
والطَّابُ: الطَّيِّبُ والطِّيبُ أَيضاً، يُقالان جميعاً. وشيءٌ طابٌ
أَي طَيِّبٌ، إِما أَن يكون فاعلاً ذهبت عينه، وإِما أَن يكون فِعْلاً؛
وقوله:
يا عُمَرَ بنَ عُمَرَ بنِ الخَطَّابْ، * مُقابِلَ الأَعْراقِ في الطَّابِ الطَّابْ
بَينَ أَبي العاصِ وآلِ الخَطَّابْ، * إِنَّ وقُوفاً بفِناءِ الأَبْوابْ،
يَدْفَعُني الحاجِبُ بعْدَ البَوَّابْ، * يَعْدِلُ عندَ الـحُرِّ قَلْعَ الأَنْيابْ
قال ابن سيده: إِنما ذهب به إِلى التأْكيد والمبالغة. ويروى: في الطيِّب الطَّاب. وهو طَيِّبٌ وطابٌ والأُنثى طَيِّبَةٌ وطابَـةٌ. وهذا الشعر يقوله كُثَيِّر ابنُ كُثَيِّر النَّوفَليُّ يمدحُ به عمر بن عبدالعزيز. ومعنى قوله مُقابِلَ الأَعْراقِ أَي هو شريفٌ من قِبَل أَبيه وأُمه، فقد تَقَابلا في الشَّرَفِ والجلالة، لأَنَّ عمر هو ابن عبدالعزيز بن مروان بن الحكم بن أَبي العاص، وأُمه أُم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب، فَجَدُّه من قِـبل أَبيه أَبو العاص جَدُّ جَدِّه، وجَدُّه من قِـبل أُمه عُمَرُ بن الخطاب؛ وقولُ جَنْدَلِ بن المثنى:
هَزَّتْ بَراعيمَ طِـيابِ البُسْرِ
إِنما جمع طِـيباً أَو طَيِّباً. والكلمةُ الطَّيِّبةُ: شهادةُ أَنْ لا إِله إِلاّ اللّهُ، وأَنَّ محمداً رسول اللّه. قال ابن الأَثير: وقد تكرر في الحديث ذكر الطَّيِّبِ والطَّيِّبات، وأَكثر ما يرد بمعنى الحلال،
كما أَن الخبيث كناية عن الحرام. وقد يَرِدُ الطَّيِّبُ بمعنى الطاهر، ومنه الحديث: انه قال لِعَمَّار مَرحباً بالطَّيِّبِ الـمُطَيَّبِ أَي الطاهر الـمُطَهَّرِ؛ ومنه حديث عليّ(1)
(1 قوله «ومنه حديث علي الخ» المشهور حديث أبي بكر
كذا هو في الصحيح آه. من هامش النهاية.) ، كرم اللّه وجهه،
لما مات رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، قال: بأَبي أَنتَ وأُمي، طِبْتَ حَيّاً، وطِبْتَ مَيِّتاً أَي طَهُرتَ.
والطَّيِّباتُ في التحيات أَي الطَّيِّباتُ من الصلاة
والدعاءِ والكلام مصروفاتٌ إِلى اللّه تعالى. وفلانٌ طَيِّبُ الإِزار إِذا كان عفيفاً؛ قال النابغة:
رِقاقُ النِّعالِ، طَيِّبٌ حُجُزاتُهم
أَراد أَنهم أَعِفَّاءُ عن المحارم. وقوله تعالى: وهُدُوا إِلى الطَّيِّب من القول؛ قال ثعلب: هو الحسن. وكذلك قولُه تعالى: إِليه يَصْعَدُ
الكَلِم الطَّيِّب، والعملُ الصالِـحُ يَرْفَعُه؛ إِنما هو الكَلِمُ الـحَسَنُ
أَيضاً كالدعاء ونحوه، ولم يفسر ثعلب هذه الأَخيرة. وقال الزجاج: الكَلِمُ الطَّيِّبُ توحيدُ اللّه، وقول لا إِله إِلاَّ اللّه، والعملُ الصالح يَرْفَعُه أَي يرفع الكَلِمَ الطَّيِّبَ الذي هو التوحيدُ، حتى يكون مُثبِتاً للموحد حقيقةَ التوحيد. والضمير في يرفعه على هذا راجع إِلى التوحيد. ويجوز أَن يكون ضمير العملِ الصالِح أَي العملُ الصالحُ يرفعه الكَلِمُ الطَّيِّبُ أَي لا يُقْبَلُ عملٌ صالحٌ إِلاَّ من موحد. ويجوز أَن يكون اللّهُ تعالى يرفعه. وقوله تعالى: الطَّيِّباتُ للطَّيِّبين، والطيِّبون للطيِّبات؛ قال الفراء: الطَّيِّبات من الكلام، للطيبين من الرجال؛ وقال غيره: الطيِّبات من النساءِ، للطيِّبين من الرجال. وأَما قوله تعالى: يسأَلونك ماذا أُحِلَّ لهم؟ قل: أُحِلَّ لكم الطَّيِّباتُ؛ الخطاب للنبي، صلى اللّه عليه وسلم، والمراد به العرب. وكانت العرب تستقذر أَشياء كثيرة فلا تأْكلها،وتستطيب أَشياءَ فتأْكلها، فأَحلَّ اللّه لهم ما استطابوه، مما لم ينزل بتحريمه تِلاوةٌ مِثْل لحوم الأَنعام كلها وأَلبانها، ومثل الدواب التي كانوا يأْكلونها، من الضِّباب والأَرانب واليرابيع وغيرها.
وفلانٌ في بيتٍ طَيِّبٍ: يكنى به عن شرفه وصلاحه وطِـيبِ أَعْراقِه. وفي حديث طاووس: أَنه أَشْرَفَ على عليِّ بن الـحُسَين ساجداً في الـحِجْر، فقلتُ: رجلٌ صالح من بَيْتٍ طَيِّبٍ.
والطُّوبى: جماعة الطَّيِّبة، عن كراع؛ قال: ولا نظير له إِلاَّ الكُوسى في جمع كَيِّسَة، والضُّوقى في جمع ضَيِّقة. قال ابن سيده: وعندي في كل ذلك أَنه تأْنيثُ الأَطْيَبِ والأَضْيَقِ والأَكْيَسِ، لأَنَّ عْلى ليسَت من أَبنية الجموع. وقال كراع: ولم يقولوا الطِّيبى، كما قالوا الكِـيسَى في الكوسى، والضِّيقَى في الضُّوقى.
والطُّوبى: الطيِّبُ، عن السيرافي.
وطُوبى: فُعْلى من الطِّيبِ؛ كأَن أَصله طُيْبَـى، فقلبوا الياء واواً للضمة قبلها؛ ويقال: طُوبى لَك وطُوبَاك، بالإِضافة.
قال يعقوب: ولا تَقُل طُوبِـيكَ، بالياءِ. التهذيب: والعرب تقول طُوبى لك، ولا تقل طُوبَاك. وهذا قول أَكثر النحويين إِلا الأَخفش فإِنه قال: من العرب من يُضيفها فيقول: طُوباك. وقال أَبو بكر: طُوباكَ إِن فعلت كذا، قال: هذا مما يلحن فيه العوام، والصواب طُوبى لك إِن فعلت كذا وكذا. وطُوبى: شجرة في الجنة، وفي التنزيل العزيز: طُوبى لهم وحُسْن مآبٍ. وذهب سيبويه بالآية مَذْهبَ الدُّعاء، قال: هو في موضع رفع يدلّك على رفعه رفعُ: وحُسْنُ مآبٍ. قال ثعلب: وقرئَ طُوبى لهم وحُسْنَ مآبٍ، فجعل طُوبى مصدراً كقولك: سَقْياً له. ونظيره من المصادر الرُّجْعَى، واستدل على أَن موضعه نصب بقوله وحُسْنَ مآبٍ. قال ابن جني: وحكى أَبو حاتم سهلُ بن محمد السِّجِسْتاني، في كتابه الكبير في القراءَات، قال: قرأَ عليَّ أَعرابي بالحرم: طِـيبَى لهم، فأَعَدْتُ فقلتُ: طُوبى، فقال:
طِـيبى، فأَعَدْتُ فقلت: طُوبى، فقال: طِـيبَـى. فلما طال عليَّ قلت: طُوطُو، فقال: طِـي طِـي. قال الزجاج:
جاءَ في التفسير عن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، أَن طُوبى شجرة في الجنة. وقيل: طُوبى لهم حُسْنَى لهم، وقيل: خَيْر لهم، وقيل: خِـيرَةٌ لهم. وقيل: طُوبى اسم الجنة بالـهِنْدية(1)
(1 قوله «بالهندية» قال الصاغاني فعلى هذا يكون أصلها توبى بالتاء فعربت فإنه ليس في كلام أهل الهند طاء.) . وفي الصحاح: طُوبى اسم شجرة في الجنة.
قال أَبو إِسحق: طُوبى فُعْلى من الطِّيبِ، والمعنى أَن العيشَ الطَّيِّبَ لهم، وكلُّ ما قيل من التفسير يُسَدِّد قولَ النحويين إِنها فُعْلى من الطِّيبِ. وروي عن سعيد بن جبير أَنه قال: طُوبى اسم الجنة بالحبشية. وقال عكرمة: طُوبى لهم معناه الـحُسْنَى لهم. وقال قتادة: طُوبى كلمة عربية، تقول العرب: طُوبى لك إِن فعلت كذا وكذا؛ وأَنشد:
طُوبى لمن يَسْتَبْدِلُ الطَّوْدَ بالقُرَى، * ورِسْلاً بيَقْطِـينِ العِراقِ وفُومها
الرِّسْلُ: اللبن. والطَّوْدُ الجَبلُ. واليَقْطِـينُ: القَرْعُ؛ أَبو عبيدة: كل ورقة اتَّسَعَتْ وسَتَرَتْ فهي يَقطِـينٌ. والفُوم: الخُبْزُ والـحِنْطَةُ؛ ويقال: هو الثُّومُ. وفي الحديث: إِن الإِسلام بَدأَ غريباً، وسَيَعُود غريباً كما بدأَ، فطُوبى للغُرباءِ؛ طُوبى: اسم الجنة، وقيل:
شجرة فيها، وأَصلها فُعْلى من الطيب، فلما ضمت الطاء، انقلبت الياء واواً. وفي الحديث: طُوبى للشَّـأْمِ لأَن الملائكة باسطةٌ أَجنحتَها عليها؛ المراد بها ههنا: فُعْلى من الطيب، لا الجنة ولا الشجرة.
واسْتَطَابَ الشيءَ: وجَدَه طَيِّباً. وقولهم: ما أَطْيَبَه، وما أَيْطَبه، مقلوبٌ منه. وأَطْيِـبْ به وأَيْطِبْ به، كله جائز. وحكى سيبويه:
اسْتَطْيَبَه، قال: جاءَ على الأَصل، كما جاءَ اسْتَحْوَذَ؛ وكان فعلهما قبل الزيادة صحيحاً، وإِن لم يُلفظ به قبلها إِلا معتلاً. وأَطَابَ الشيءَ وطَيَّبَه واسْتَطَابه: وجَدَه طَيِّباً. والطِّيبُ: ما يُتَطَيَّبُ به،
وقد تَطَيَّبَ بالشيءِ، وطَيَّبَ الثوبَ وطابَهُ، عن ابن الأَعرابي؛
قال:
فكأَنـَّها تُفَّاحةٌ مَطْيُوبة
جاءَت على الأَصل كـمَخْيُوطٍ، وهذا مُطَّرِدٌ. وفي الحديث: شَهِدْتُ، غلاماً، مع عُمومتي، حِلْفَ الـمُطَيَّبِـين. اجتمَع بنو هاشم، وبنو زُهْرَة، وتَيْمٌ في دارِ ابن جُدْعانَ في الجاهلية، وجعلوا طِـيباً في جَفْنةٍ، وغَمَسُوا أَيديَهم فيه، وتَحالَفُوا على التناصر والأَخذ للمظلوم من الظالم، فسُمُّوا الـمُطَيَّبين؛ وسنذكره مُسْتَوْفىً في حلف. ويقال: طَيَّبَ فلانٌ فلاناً بالطِّيب، وطَيَّبَ صَبِـيَّه إِذا قارَبه وناغاه بكلام يوافقه.
والطِّيبُ والطِّيبَةُ: الحِلُّ. وقول أَبي هريرة، رضي اللّه عنه، حين دخل على عثمان، وهو محصور: الآن طَابَ القِتالُ أَي حَلَّ؛ وفي رواية أُخرى، فقال: الآن طابَ امْضَرْبُ؛ يريد طابَ الضَّربُ والقتلُ أَي حَلَّ القتالُ، فأَبدل لام التعريف ميماً، وهي لغة معروفة. وفي التنزيل العزيز: يا أَيها الرُّسُل كُـلُوا من الطَّيِّباتِ أَي كلوا من الحلال، وكلُّ مأْكولٍ حلالٍ مُسْتَطابٌ؛ فهو داخل في هذا. وإِنما خُوطب بهذا سيدنا رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، وقال: يا أَيها الرُّسُلُ؛ فتَضَمَّنَ الخطابُ أَن الرسل جميعاً كذا أُمِرُوا. قال الزجاج: ورُوي أَن عيسى، على نبينا وعليه الصلاة والسلام، كان يأْكل من غَزْلِ أُمـِّه. وأَطْيَبُ الطَّيِّبات: الغَنائمُ. وفي حديث هَوازِنَ: من أَحَبَّ أَن يُطَيِّبَ ذلك منكم أَي يُحَلِّله ويُبِـيحَه.
وسَبْيٌ طِـيَبةٌ، بكسر الطاءِ وفتح الياءِ: طَيِّبٌ حِلٌّ صحيحُ السِّبَاءِ، وهو سَبْيُ مَنْ يجوز حَرْبُه من الكفّار، لم يكن عن غَدْرٍ ولا نَقْضِ عَهْدٍ. الأَصمعي: سَبْـيٌ طِـيَبة أَي سَبْيٌ طَيِّبٌ، يَحِلُّ
سَبْيُه، لم يُسْبَوْا ولهم عَهْدٌ أَو ذمة؛ وهو فِعَلَة من الطِّيبِ، بوزن خِـيَرةٍ وتِوَلةٍ؛ وقد ورد في الحديث كذلك. والطيِّبُ من كل شيءٍ: أَفضَلُه.
والطَّيِّباتُ من الكلام: أَفضَلُه وأَحسنُه.
وطِـيَبَةُ الكَلإِ: أَخْصَبُه. وطِـيَبَةُ الشَّرابِ: أَجمُّه وأَصْفاه.وطابَت الأَرضُ طِـيباً: أَخْصَبَتْ وأَكْـلأَتْ.
والأَطْيَبانِ: الطعامُ والنكاحُ، وقيل: الفَمُ والفَرْجُ؛ وقيل: هما
الشَّحْمُ والشَّبابُ، عن ابن الأَعرابي. وذهَبَ أَطْيَباه: أَكْلُه
ونِكاحُه؛ وقيل: هما النَّوم والنكاحُ.
وطايَبه: مازَحَه.
وشَرابٌ مَطْيَبةٌ للنَّفْسِ أَي تَطِـيبُ النفسُ إِذا شربته. وطعام
مَطْيَبةٌ للنفس أَي تَطِـيبُ عليه وبه. وقولهم: طِبْتُ به نفساً أَي طابَتْ نفسي به. وطابت نَفْسُه بالشيءِ إِذا سَمَحَت به من غير كراهة ولا غَضَب. وقد طابَتْ نفسي عن ذلك تَرْكاً، وطابَتْ عليه إِذا وافقَها؛ وطِـبْتُ نَفْساً عنه وعليه وبه. وفي التنزيل العزيز: فإِنْ طِـبْنَ لكم عن شيءٍ منه نفساً. وفَعَلْتُ ذلك بِطِـيبةِ نفسي إِذا لم يُكْرِهْك أَحدٌ عليه.
وتقول: ما به من الطِّيبِ، ولا تقل: من الطِّيبَةِ.
وماءٌ طُيَّابٌ أَي طَيِّبٌ، وشيءٌ طُيَّابٌ، بالضم، أَي طَيِّبٌ جِدًّا؛ قال الشاعر:
نحنُ أَجَدْنا دُونَها الضِّرَابا، * إِنَّا وَجَدْنا ماءَها طُيَّابا
واسْتَطَبْناهم: سأَلْناهُم ماءً عذباً؛ وقوله:
فلما اسْتَطابُوا، صَبَّ في الصَّحْنِ نِصْفَهُ
قال ابن سيده: يجوز أَن يكون معناه ذاقُوا الخمر فاسْتَطابوها، ويجوز أَن يكون من قولهم: اسْتَطَبْناهم أَي سأَلْناهم ماء عذباً؛ قال: وبذلك فسره ابن الأَعرابي. وماءٌ طَيِّبٌ إِذا كان عذباً، وطَعامٌ طَيِّبٌ إِذا كان سائغاً في الـحَلْق، وفلانٌ طَيِّبُ الأَخْلاق إِذا كان سَهْلَ الـمُعاشرة، وبلدٌ طَيِّبٌ لا سِـباخَ فيه، وماءٌ طَيِّبٌ أَي طاهر.
ومَطايِـبُ اللحْم وغيره: خِـيارُه وأَطْيَبُه؛ لا يفرد، ولا واحد له من لفظه، وهو من باب مَحاسِنَ ومَلامِـحَ؛ وقيل: واحدها مَطابٌ ومَطابةٌ؛ وقال ابن الأَعرابي:
هي من مَطايِـبِ الرُّطَبِ، وأَطَايِـبِ الجَزُور.
وقال يعقوب: أَطْعِمنا من مَطايِـبِ الجَزُور، ولا يقال من أَطايِـبِ.
وحكى السيرافي: أَنه سأَل بعض العرب عن مَطَايِـبِ الجَزُور، ما واحدها؟ فقال: مَطْيَبٌ، وضَحِكَ الأَعرابي من نفسه كيف تكلف لهم ذلك من كلامه. وفي الصحاح: أَطْعَمَنا فلانٌ من أَطايِـبِ الجَزُور، جمع أَطْيَبَ، ولا تَقُلْ: من مَطايِـبِ الجَزُور؛ وهذا عكس ما في المحكم. قال الشيخ ابن بري: قد ذكر الجَرْمِـيُّ في كتابه المعروف بالفَرْق، في بابِ ما جاءَ جَمْعُه على غير واحده المستعمل، أَنه يقال: مَطايِـبُ وأَطايِـبُ، فمن
(يتبع...)
(تابع... 1): طيب: الطِّيبُ، على بناء فِعْل، والطَّيِّب، نعت. وفي الصحاح:... ...
قال: مَطايِـبُ فهو على غير واحده المستعمل، ومن قال: أَطايب، أَجراه على واحده المستعمل. الأَصمعي: يُقال أَطْعِمْنا من مطايبها وأَطَايِـبها، واذكُرْ مَنانَتها وأَنانَتَها، وامرأَة حَسَنَة الـمَعاري، والخيلُ تجْري على مَساويها؛ الواحدةُ مَسْواة، أَي على ما فيها من السُّوءِ، كيفما
تكون عليه من هُزالٍ أَو سُقوطٍ منه. والمحاسِنُ والـمَقالِـيدُ: لا يُعرف لهذه واحدة. وقال الكسائي: واحد الـمَطايِـب مَطْيَبٌ، وواحد الـمَعاري مَعْرًى، وواحد الـمَسَاوي مَسْوًى. واستعار أَبو حنيفة الأَطايِـبَ للكَلإِ فقال: وإِذا رَعَتِ السائمةُ أَطايبَ الكَلإِ رَعْياً خفيفاً.
والطَّابة: الخَمْر ؛ قال أَبو منصور: كأَنها بمعنى طَيِّبة، والأَصل
طَيِّبةٌ. وفي حديث طاووس: سُئِلَ عن الطابة تُطْبَخُ على النِّصْفِ؛ الطَّابةُ: العَصِـيرُ؛ سمي به لطِـيبِه؛ وإِصلاحه على النصف: هو أَن يُغْلى حتى يَذْهَب نِصْفه.
والـمُطِـيبُ، والـمُسْتَطِـيبُ: المستنجي، مُشتق من الطِّيبِ؛ سمي اسْتِطَابة، لأَنه يَطِـيبُ جَسَدُه بذلك مما عليه من الخبث.
والاسْتِطَابة: الاسْتِنْجاء. وروي عن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، أَنه نَهَى أَن يَسْتَطِـيبَ الرجل بيمينه؛ الاستطابةُ والإِطَابةُ: كناية عن الاستنجاء؛ وسمي بهما من الطِّيبِ، لأَنه يُطِـيبُ جَسَدَه بإِزالة ما عليه من الخَبَث بالاستنجاءِ أَي يُطَهِّره. ويقال منه: استطابَ الرجل فهو مُسْتَطِـيب، وأَطابَ نَفْسَه فهو مُطِـيب؛ قال الأَعشى:
يا رَخَماً قاظَ عَلى مَطْلُوبِ، * يُعْجِلُ كَفَّ الخارِئِ الـمُطِـيبِ(1)
(1 قوله «على مطلوب» كذا بالتهذيب أيضاً ورواه في التكملة على ينخوب.)
وفي الحديث: ابْغِني حَديدَةً أَسْتَطِـيبُ بها؛ يريد حَلْقَ العانة،
لأَنه تــنظيف وإِزالة أَذىً.
ابن الأَعرابي: أَطابَ الرجلُ واسْتَطابَ إِذا استنجى، وأَزالَ الأَذى.
وأَطابَ إِذا تكلم بكلام طَيِّب. وأَطابَ: قَدَّمَ طعاماً طَيِّباً.
وأَطابَ: ولَدَ بنين طَيِّبِـين. وأَطابَ: تزَوَّجَ حَلالاً؛ وأَنشدت
امرأَة:
لـمَا ضَمِنَ الأَحْشاءُ مِنكَ عَلاقةً، * ولا زُرْتَنا، إِلا وأَنتَ مُطِـيبُ
أَي متزوّج؛ هذا قالته امرأَة لخِدْنِها. قال: والحرام عند العُشَّاق
أَطْيَب؛ ولذلك قالت:
ولا زرتنا، إِلا وأَنت مُطِـيب
وطِـيبٌ وطَيْبةٌ: موضعان. وقيل: طَيْبةُ وطَابةُ المدينة، سماها به
النبي، صلى اللّه عليه وسلم. قال ابن بري: قال ابن خالويه: سماها النبي، صلى اللّه عليه وسلم، بعدّةِ أَسماء وهي: طَيْبة، وطَيِّبَّةُ، وطابَةُ، والـمُطَيَّبة، والجابِرةُ، والـمَجْبورة، والـحَبِـيبة، والـمُحَبَّبة؛ قال الشاعر:
فأَصْبحَ مَيْموناً بطَيْبةَ راضِـيا
ولم يذكر الجوهري من أَسمائها سوى طَيْبة، بوزن شَيْبة. قال ابن الأَثير في الحديث: أَنه أَمر أن تُسَمّى المدينة طَيْبةَ وطابَة، هما من الطِّيبِ لأَن المدينة كان اسمها يَثْرِبَ، والثَّرْبُ الفساد، فنَهى أَن تسمى به، وسماها طابةَ وطَيْبةَ، وهما تأْنيثُ طَيْبٍ وطاب، بمعنى الطِّيبِ؛ قال: وقيل هو من الطَّيِّبِ الطاهر، لخلوصها من الشرك، وتطهيرها منه.
ومنه: جُعِلَتْ لي الأَرضُ طَيِّبةً طَهُوراً أَي نظيفــة غير خبيثة.
وعِذْقُ ابن طابٍ: نخلةٌ بالمدينة؛ وقيل: ابنُ طابٍ: ضَرْبٌ من
الرُّطَبِ هنالك. وفي الصحاح: وتمر بالمدينة يقال له عِذْقُ ابن طابٍ، ورُطَبُ ابن طابٍ. قال: وعِذْقُ ابن طابٍ، وعِذْقُ ابن زَيْدٍ ضَرْبانِ من التمر.
وفي حديث الرُّؤْيا: رأَيتُ كأَننا في دارِ ابنِ زَيْدٍ، وأُتِـينَا بِرُطَبِ ابنِ طاب؛ قال ابن
الأَثير: هو نوعٌ من تمر المدينة، منسوبٌ إِلى ابن طابٍ، رجلٍ من أَهلها. وفي حديث جابر: وفي يده عُرْجُونُ ابنِ طابٍ.
والطِّيَابُ: نخلة بالبصرة إِذا أَرْطَبَتْ، فَتُؤخّر عن اخْتِرافِها،
تَساقَطَ عن نَواه فبَقِـيتِ الكِـباسَةُ ليس فيها إِلا نَـوًى مُعَلَّقٌ
بالتَّفاريق، وهو مع ذلك كِـبارٌ. قال: وكذلك إِذا اخْتُرِفَتْ وهي
مُنْسَبتَة لم تَتْبَعِ النَّواةُ اللِّحاءَ، واللّه أَعلم.
غسل: غَسَلَ الشيء يَغْسِلُه غَسْلاً وغُسْلاً، وقيل: الغَسْلُ المصدر
من غَسَلْت، والغُسْل، بالضم، الاسم من الاغتسال، يقال: غُسْل وغُسُل؛ قال
الكميت يصف حمار وحش:
تحت الأَلاءة في نوعين من غُسُلٍ،
باتا عليه بِتَسْحالٍ وتَقْطارِ
يقول: يسيل عليه ما على الشجرة من الماء ومرة من المطر. والغُسْل: تمام
غَسل الجسد كله، وشيء مَغْسول وغَسِيل، والجمع غَسْلى وغُسَلاء، كما
قالوا قَتْلى وقُتَلاء، والأُنثى بغير هاء، والجمع غَسالى. الجوهري: مِلْحَفة
غَسِيل، وربما قالوا غَسِيلة، يذهب بها إِلى مذهب النعوت نحو
النَّطِيحة؛ قال ابن بري: صوابه أَن يقول يذهب بها مذهب الأَسماء مثل النَّطِيحة
والذَّبِيحة والعَصِيدة. وقال اللحياني: ميت غَسِيل في أَموات غَسْلى
وغُسَلاء وميتة غَسيل وغَسِيلة.
الجوهري: والمَغْسِل والمَغْسَل، بكسر السين وفتحها، مغسِل الموتى.
المحكم: مَغْسِلُ الموتى ومَغْسَلُهم موضع غَسْلهم، والجمع المَغاسل، وقد
اغْتَسَلَ بالماء.
والغَسُول: الماء الذي يُغْتَسل به، وكذلك المُغتَسَل. وفي التنزيل
العزيز: هذا مُغْتَسَل باردٌ وشراب؛ والمُغْتَسل: الموضع الذي يُغْتَسل فيه،
وتصغيره مُغَيْسِل، والجمع المَغاسِلُ والمَغاسيل. وفي الحديث: وضعت له
غُسْلَه من الجنابة. قال ابن الأَثير: الغُسْلُ، بالضم، الماء القليل الذي
يُغْتَسل به كالأُكْل لما يؤكل، وهو الاسم أَيضاً من غَسَلْته.
والغَسْل، بالفتح: المصدر، وبالكسر: ما يُغْسل به من خِطْميّ وغيره. والغِسل
والغِسْلة: ما يُغْسَل به الرأْس من خطميّ وطين وأُشْنان ونحوه، ويقال
غَسُّول؛ وأَنشد شمر:
فالرَّحْبَتانِ، فأَكنافُ الجَنابِ إِلى
أَرضٍ يكون بها الغَسُّول والرَّتَمُ
وقال:
تَرْعى الرَّوائِمُ أَحْرارَ البقول، ولا
تَرْعى، كَرَعْيكمُ، طَلْحاً وغَسُّولا
أَراد بالغَسُّول الأُشنان وما أَشبهه من الحمض، ورواه غيره:
لا مثل رعيكمُ مِلْحاً وغَسُّولا
وأَنشد ابن الأَعرابي لعبد الرحمن
بن دارة في الغِسْل:
فيا لَيْلَ، إِن الغِسْلَ ما دُمْتِ أَيِّماً
عليّ حَرامٌ، لا يَمَسُّنيَ الغِسْلُ
أَي لا أُجامع غيرها فأَحتاج إِلى الغِسل طمعاً في تزوّجها. والغِسْلة
أَيضاً: ما تجعله المرأَة في شعرها عند الامتشاط.
والغِسْلة: الطيب؛ يقال: غِسْلةٌ مُطَرّاة، ولا تقل غَسْلة، وقيل: هو
آسٌ يُطَرَّى بأَفاوِيهَ من الطيب يُمْتَشط به. واغْتَسَل بالطِّيب: كقولك
تضَمَّخ؛ عن اللحياني.
والغَسُول: كل شيء غَسَلْت به رأْساً أَو ثوباً أَو نحوه. والمَغْسِل:
ما غُسِل فيه الشيء. وغُسالة الثوب: ما خرج منه بالغَسْل. وغُسالةُ كل
شيء: ماؤُه الذي يُغْسَل به. والغُسالة: ما غَسَلْت به الشيء. والغِسْلِينُ:
ما يُغْسَلُ من الثوب ونحوه كالغُسالة.
والغِسْلِينُ في القرآن العزيز: ما يَسِيل من جلود أَهل النار كالقيح
وغيره كأَنه يُغْسل عنهم؛ التمثيل لسيبويه والتفسير للسيرافي، وقيل:
الغِسْلِينُ ما انْغَسل من لحوم أَهل النار ودمائهم، زيد فيه الياء والنون كما
زيد في عِفِرِّين؛ قال ابن بري: عند ابن قتيبة أَن عِفِرِّين مثل
قِنَّسْرِين، والأَصمعي يرى أَن عِفِرِّين معرب بالحركات فيقول عفرينٌ بمنزلة
سِنينٍ. وفي التنزيل العزيز: إِلاَّ مِنْ غِسْلينٍ لا يأْكله إِلاَّ
الخاطئون؛ قال الليث: غِسْلِينٌ شديد الحر، قال مجاهد: طعام من طعام أَهل
النار، وقال الكلبي: هو ما أَنْضَجَت النار من لحومهم وسَقَط أَكَلوه، وقال
الضحاك: الغِسْلِينُ والضَّرِيعُ شجر في النار، وكل جُرْح غَسَلْتَه فخرج
منه شيء فهو غِسْلِينٌ، فِعْلِينٌ من الغَسْل من الجرح والدبَر؛ وقال
الفراء: إِنه ما يَسِيل من صديد أَهل النار؛ وقال الزجاج: اشتقاقه مما
يَنْغَسِل من أَبدانهم. وفي حديث علي وفاطمة، عليهما السلام: شَرابُه الحميمُ
والغِسْلِينُ، قال: هو ما يُغْسَل من لحوم أَهل النار وصَدِيدهم.
وغَسِيلُ الملائكة: حنظلة بن أَبي عامر الأَنصاري، ويقال له: حنظلة
بن الراهب، استشهد يوم أُحُد وغسَّلَتْه الملائكة؛ قال رسول الله،
صلى الله عليه وسلم: رأَيت الملائكة يُغَسِّلونه وآخرين يَسْتُرونه،
فسُمِّي غَسِيل الملائكة، وأَولاده يُنْسَبون إِليه: الغَسيلِيِّين، وذلك
أَنه كان أَلمَّ بأَهله فأَعجلَه النَّدْبُ عن الاغتِسال، فلما استُشْهِد
رأَى النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، الملائكةَ يُغَسِّلونه، فأَخبر به
أَهله فذَكَرَتْ أَنه كان أَلمَّ بها.
وغَسَلَ اللهُ حَوْبَتَك أَي إِثْمَك يعني طهَّرك منه، وهو على المثل.
وفي حديث الدعاء: واغْسِلْني بماء الثلج والبرد أَي طَهِّرْني من الذنوب،
وذِكْرُ هذه الأَشياء مبالغة في التطهير. وغَسَلَ الرجلُ المرأَة
يَغْسِلُها غَسْلاً: أَكثر نكاحها، وقيل: هو نكاحُه إِيّاها أَكْثَرَ أَو
أَقَلَّ، والعين المهملة فيه لغة. ورجل غُسَلٌ: كثير الضِّراب لامرأَته؛ قال
الهذلي:
وَقْع الوَبِيل نَحاه الأَهْوَجُ الغُسَلُ
وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: من غَسَّلَ يوم الجمعة
واغْتَسَل وبَكَّرَ وابتكر فيها ونِعْمَت؛ قال القتيبي: أَكثر الناس يذهبون
إِلى أَن معنى غَسَّل أَي جامع أَهله قبل خروجه للصلاة لأَن ذلك يجمع
غضَّ الطَّرْف في الطريق، لأَنه لا يُؤْمَن عليه أَن يرى في طريقه ما
يَشْغل قلْبَه؛ قال: ويذهب آخرون إِلى أَن معنى قوله غَسَّلَ توضأَ للصلاة
فغَسَلَ جوارح الوضوء، وثُقِّل لأَنه أَراد غَسْلاً بعد غَسْل، لأَنه إِذا
أَسبغ الوضوء غسَلَ كل عضو ثلاث مرات، ثم اغتسل بعد ذلك غُسْلَ الجمعة؛
قال الأَزهري: ورواه بعضهم مخففاً مِنْ غَسَل، بالتخفيف، وكأَنه الصواب من
قولك غَسَلَ الرجلُ امرأَته وغَسَّلَها إِذا جامعها؛ ومثله: فحل غُسَلةٌ
إِذا أَكثر طَرْقَها وهي لا تَحْمِل؛ قال ابن الأَثير: يقال غَسل الرجلُ
امرأَته، بالتشديد والتخفيف، إِذا جامعها، وقيل: أَراد غَسَّل غيرَه
واغْتَسَل هو لأَنه إِذا جامع زوجته أَحْوَجَها إِلى الغُسْل. وفي الحديث:
مَنْ غَسل الميِّتَ فلْيَغْتَسِلْ؛ قال ابن الأَثير: قال الخطابي لا أَعلم
أَحداً من الفقهاء يوجب الاغتسال من غُسْل الميت ولا الوضوء من حَمْلِه،
ويشبه أَن يكون الأَمر فيه على الاستحباب. قال ابن الأَثير: الغُسْل من
غسْل الميت مسنون، وبه يقول الفقهاء؛ قال الشافعي، رضي الله عنه: وأُحِبُّ
الغُسْل من غسْلِ الميِّت، ولو صح الحديث قلت به. وفي الحديث أَنه قال
فيما يحكي عن ربه: وأُنْزِلُ عليك كتاباً لا يَغْسِلُه الماء تقرؤُه
نائماً ويَقْظانَ؛ أَراد أَنه لا يُمْحَى أَبداً بل هو محفوظ في صدور الذين
أُوتوا العلم، لا يأْتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وكانت الكتب
المنزلة لا تُجْمَع حِفْظاً وإِنما يعتمد في حفظها على الصحف، بخلاف القرآن
العزيز فإِن حُفَّاظَه أَضعاف مضاعفة لصُحُفِه، وقوله تقرؤُه نائماً
ويقظان أَي تجمعه حفظاً في حالتي النوم واليقظة، وقيل: أَراد تقرؤُه في يسر
وسهولة. وغَسَل الفحلُ الناقةَ يَغْسِلُها غَسْلاً: أَكثر ضِرابها. وفحل
غِسْلٌ وغُسَلٌ وغَسِيل وغُسَلة، مثال هُمَزة، ومِغْسَلٌ: يكثر الضراب ولا
يلقح، وكذلك الرجل. ويقال للفرس إِذا عَرِق: قد غُسِلَ وقد اغْتَسَلَ؛
وأَنشد:
ولم يُنْضَحْ بماءٍ فيُغْسَل
وقال آخر:
وكلُّ طَمُوحٍ في العِنانِ كأَنها،
إِذا اغْتَسَلَتْ بالماء، فَتْخاءُ كاسِرُ
وقال الفرزدق:
لا تَذْكُروا حُلَلَ المُلوك فإِنكم،
بَعْدَ الزُّبَيْر، كحائضٍ لم تُغْسَل
أَي تغتَسِل. وفي حديث العين: العَيْنُ حَقٌّ فإِذا اسْتُغْسِلْتُم
فاغْسِلوا أَي إِذا طلب مَن أَصابته
(* قوله «أي إذا طلب من أصابته» هكذا في
الأصل بدون ذكر جواب إذا. وعبارة النهاية: أي إذا طلب من أصابته العين أن
يغتسل من أصابه بعينه فليجبه. كان من عادتهم أن الانسان إذا أصابته عين
من أحد جاء إلى العائن بقدح إلى آخر ما هنا) العينُ من أَحد جاء إِلى
العائن بقدَح فيه ماء، فيُدْخل كفه فيه فيتمضمض، ثم يمجُّه في القدح ثم يغسل
وجهه فيه، ثم يدخل يده اليسرى فيصب على يده اليمنى، ثم يدخل يده اليمنى
فيصب على يده اليسرى، ثم يدخلْ يدَه اليسرى فيصبّ على مرفقه الأَيمن، ثم
يدخل يده اليمنى فيصب على مرفقه الأَيسر، ثم يدخل يده اليسرى فيصب على
قدمه اليمنى، ثم يدخل يده اليمنى فيصب على قدمه اليسرى، ثم يدخل يده اليسرى
فيصب على ركبته اليمنى، ثم يدخل يده اليمنى فيصب على ركبته اليسرى، ثم
يغسل داخلة الإِزارِ، ولا يوضَع القدحُ على الأَرض، ثم يُصَبُّ ذلك الماء
المستعمَل على رأْس المصاب بالعين من خلفِه صبَّة واحدة فيبرأُ بإِذن
الله تعالى. وغسَلَه بالسَّوط غَسْلاً: ضرَبه فأَوجعه. والمَغاسلُ: مواضع
معروفة، وقيل: هي أَوْدِية قِبَل اليمامة؛ قال لبيد:
فقد نَرْتَعِي سَبْتاً وأَهلُك حِيرةً،
مَحَلَّ الملوكِ نُقْدة فالمَغاسِلا
وذاتُ غِسْل: موضع دون أَرض بني نُمَير؛ قال الراعي:
أَنَخْنَ جِمالَهنَّ بذات غِسْلٍ
سَراةُ اليوم يَمْهَدْن الكُدونا
ابن بري: والغاسول جبل بالشام؛ قال الفرزدق:
تَظَلُّ إِلى الغاسول تَرعى، حَزينَةً،
ثَنايا بِراقٍ ناقتِي بالحَمالِق
وغاسلٌ وغَسْوِيل: ضرب من الشجر؛ قال الربيع ابن زياد:
تَرْعَى الرَّوائمُ أَحْرارَ البُقول بها،
لا مِثْلَ رَعْيِكُمُ مِلْحاً وغَسْوِيلا
والغَسْوِيل وغَسْوِيل: نبت ينبت في السباخ، وعلى وزنه سَمْوِيل، وهو
طائر.
فرش: فَرَشَ الشيء يفْرِشُه ويَفْرُشُه فَرْشاً وفَرَشَه فانْفَرَش
وافْتَرَشَه: بسَطَه. الليث: الفَرْشُ مصدر فَرَشَ يَفْرِش ويفْرُش وهو بسط
الفراش، وافْتَرشَ فلان تُراباً أَو ثوباً تحته. وأَفْرَشَت الفرس إِذا
اسْتَأْتَتْ أَي طلبت أَن تُؤْتى. وافْتَرشَ فلان لسانَه: تكلم كيف شاء أَي
بسطه. وافْتَرشَ الأَسدُ والذئب ذراعيه: رَبَضَ عليهما ومدّهما؛ قال:
تَرى السِّرْحانَ مُفْتَرِشاً يَدَيه،
كأَنَّ بَياضَ لَبَّتِه الصَّدِيعُ
وافتَرَشَ ذراعيه: بسطهما على الأَرض. وروي عن النبي، صلى اللَّه عليه
وسلم، أَنه نهى في الصلاة عن افتراش السبع، وهو أَن يَبْسُط ذراعيه في
السجود ولا يُقِلَّهما ويرْفَعَهما عن الأَرض إِذا سَجَد كما يَفْتَرشُ
الذئبُ والكلب ذراعيه ويبسطهما. والافْتِراشُ، افْتِعالٌ: من الفَرْش
والفِراش. وافْتَرَشَه أَي وطِئَه.
والفِراشُ: ما افْتُرِش، والجمع أَفْرِشةٌ وفُرُشٌ؛ سيبويه؛ وإِن شئت
خفَّفْت في لغة بني تميم. وقد يكنى بالفَرْش عن المرأَة.
والمِفْرَشةُ: الوِطاءُ الذي يُجْعل فوق الصُّفَّة. والفَرْشُ:
المَفْروشُ من متاع البيت. وقوله تعالى: الذي جعل لكم الأَرض فِراشاً؛ أَي وِطاءً
لم يَجْعلها حَزْنةً غَليظة لا يمكن الاستقرار عليها. ويقال: لَقِيَ
فلان فلاناً فافْتَرَشَه إِذا صرَعَه. والأَرض فِراشُ الأَنام، والفَرْشُ
الفضاءُ الواسع من الأَرض، وقيل: هي أَرض تَسْتوي وتَلِين وتَنْفَسِح عنها
الجبال.
الليث: يقال فَرَّش فلان داره إِذا بلّطَها، قال أَبو منصور: وكذلك إِذا
بَسَطَ فيها الآجُرَّ والصَفِيحَ فقد فَرَّشَها. وتَفْرِيشُ الدار:
تَبْلِيطُها. وجمَلٌ مُفْتَرِشُ الأَرض: لا سَنام له، وأَكمةٌ مُفْتَرِشةُ
الأَرض كذلك، وكلُّه من الفَرْشِ.
والفَرِيشُ: الثَوْرُ العربي الذي لا سنام له؛ قال طريح:
غُبْس خَنابِس كلّهنّ مُصَدّرٌ،
نَهْدُ الزُّبُّنّة كالفَرِيشِ شَتِيمُ
وفَرَشَه فِراشاً وأَفْرَشَه: فَرَشَه له. ابن الأَعرابي: فَرَشْتُ
زيداً بِساطاً وأَفْرَشْته وفَرَّشْته إِذا بَسَطت له بِساطاً في ضيافتِه،
وأَفْرَشْته إِذا أَعْطَبته فَرْشاً من الإِبل. الليث: فَرَشْت فلاناً أَي
فَرَشْت له، ويقال: فَرَشْتُه أَمْري أَي بسطته كلَّهُ، وفَرَشْت الشيء
أَفْرِشُه وأَفْرُشُه: بسطته. ويقال: فَرَشَه أَمْرَهي إِذا أَوسَعه إِياه
وبسَطه له.
والمِفْرَشُ: شيء كالشاذَكُونَة
(* الشاذكونة: ثياب مُضرَّبَة تعمل
باليمن «القاموس».). والمِفْرَشةُ: شيء يكون على الرحْل يَقعد عليها الرجل،
وهي أَصغرُ من المِفْرَش، والمِفْرَش أَكبرُ منه.
والفُرُشُ والمَفارِشُ: النِّساءُ لأَنهن يُفتَرَشْن؛ قال أَبو كبير:
مِنْهُمْ ولا هُلْك المَفارِش عُزَّل
أَي النساء، وافْتَرَشَ الرجل المرأَة للّذَّة. والفَريشُ: الجاريةُ
يَفْتَرِشُها الرجلُ. الليث: جارية فَرِشٌ قد افْتَرَشَها الرجل، فَعِيلٌ
جاء من افْتَعَل، قال أَبو منصور: ولم أَسمع جارية فَرِيش لغيره.
أَبو عمرو: الفِراش الزوج والفِراش المرأَة والفِراشُ ما يَنامان عليه
والفِراش البيت والفِراشُ عُشُّ الطائرِ؛ قال أَبو كبير الهذلي:
حتى انْتَهَيْتُ إِلى فِراش عَزِيزَةٍ
والفَراشُ: مَوْقِع اللسان في قعر الفمِ. وقوله تعالى: وفُرُشٍ
مَرْفُوعةٍ؛ قالوا: أَراد بالفُرُشِ نساءَ أَهل الجنة ذواتِ الفُرُشِ. يقال
لامرأَة الرجل: هي فِراشُه وإِزارُه ولِحافُه، وقوله مرفوعة رُفِعْن بالجَمال
عن نساء أَهلِ الدنيا، وكلُّ فاضلٍ رَفِيعٌ. وقوله، صلى اللَّه عليه
وسلم: الولدُ للفِراشِ ولِلْعاهِر الحجَرُ؛ معناه أَنه لمالك الفِراشِ وهو
الزوج والمَوْلى لأَنه يَفْتَرِشُها، هذا من مختصر الكلام كقوله عز وجل:
واسأَل القريةَ، يريد أَهلَ القريةِ. والمرأَة تسمى فِراشاً لأَن الرجل
يَفْتَرِشُها. ويقال: افْتَرَشَ القومُ الطريقَ إِذا سلكوه. وافْتَرشَ فلانٌ
كريمةَ فلانٍ فلم يُحْسنْ صحبتها إِذا تزوّجها. ويقال: فلانٌ كريمٌ
مُتَفَرِّشٌ لأَصحابه إِذا كان يَفْرُشُ نفسَه لهم. وفلان كريمُ المَفارِشِ
إِذا تزوّج كرائمَ النِّساء. والفَرِيشُ من الحافر: التي أَتى عليها من
نِتاجها سبعةُ أَيام واستحقت أَن تُضرَبَ، أَتاناً كانت أَو فَرَساً، وهو
على التشبيه بالفَرِيشِ من النساء، والجمع فَرائشُ؛ قال الشماخ:
راحَتْ يُقَحِّمُها ذو ازْملٍ وسَقَتْ
له الفَرائِشُ والسُّلْبُ القَيادِيدُ
الأَصمعي: فرسٌ فَرِيشٌ إِذا حُمِلَ عليها بعد النِّتاج بسبع.
والفَرِيشُ من ذوات الحافر: بمنزلة النُّفَساء من النساء إِذا طهُرت وبمنزلة
العُوذِ من النوق.
والفَرْشُ: الموضع الذي يكثر فيه النبات. والفَرْشُ: الزرع إِذا
فَرَّشَ. وفَرَشَ النباتُ فَرْشاً: انبسط على وجه الأَرض. والمُفَرِّشُ: الزرع
إِذا انبسط، وقد فَرَّشَ تَفْريشاً.
وفَراشُ اللسان: اللحمة التي تحته، وقيل: هي الجلدة الخَشْناء التي تلي
أُصولَ الأَسْنان العُلْيا، وقيل: الفَراشُ مَوْقع اللسان من أَسفل
الحَنَك، وقيل: الفَراشَتانِ بالهاء غُرْضُوفانِ عند اللَّهاة. وفَراشُ
الرأْس: عِظامٌ رِقاق تلي القِحْف. النضر: الفَراشانِ عِرْقان أَخْضران تحت
اللسان؛ وأَنشد يصف فرساً:
خَفِيف النَّعامةٍ ذُو مَيْعةٍ،
كَثِيف الفَراشةِ ناتي الصُّرَد
ابن شميل: فَراشا اللجامِ الحَديدتانِ اللتان يُرْبط بهما العذاران،
والعذَارانِ السَّيْرانِ اللذان يُجْمعان عند القَفا. ابن الأَعرابي:
الفَرْشُ الْكذِبُ، يقال: كَمْ تَفْرُش كَمْ
وفَراشُ الرأْس: طرائقُ دِقاق من القِحْف، وقيل: هو ما رَقَّ من عظْم
الهامة، وقيل: كلُّ رقيقٍ من عظمٍ فَراشَةٌ، وقيل: كل عظم ضُرب فطارت منه
عظامٌ رِقاقٌ فهي الفَراش، وقيل: كل قُشور تكون على العظْم دون اللحم،
وقيل: هي العِظامُ التي تخرج من رأْس الإِنسان إِذا شُجّ وكُسِر، وقيل: لا
تُسمى عِظامُ الرأْس فَراشاً حتى تتبيّن، الواحدة من كل ذلك فَراشةٌ.
والمُفَرِّشةُ والمُفْتَرِشةُ من الشِّجاجِ: التي تبلغ الفَراش. وفي حديث
مالك: في المُنَقِّلَةِ التي يَطيرُ فَراشُها خمسةَ عشرَ؛ المُنَقَّلَةُ من
الشِّجاج التي تُنَقِّلُ العظام. الأَصمعي: المُنَقِّلة من الشجاج هي
التي يخرج منها فَراشُ العظام وهي قشرة تكون على العظم دون اللحم؛ ومنه قول
النابغة:
ويَتْبَعُها منهمْ فَراشُ الحَواجِب
والفَراش: عظم الحاجب. ويقال: ضرَبه فأَطارَ فَراشَ رأْسه، وذلك إِذا
طارت العظام رِقاقاً من رأْسه. وكل رقيق من عظم أَو حديدٍ، فهو فَراشةٌ؛
وبه سميت فَراشةُ القُفل لرِقَّتِها. وفي حديث علي، كرم اللَّه وجهه:
ضَرْبٌ يَطِير منه فَراشُ الهامِ؛ الفَراشُ: عظام رقاق تلي قِحْف الرأْس.
الجوهري: المُفَرِّشةُ الشَّجّةُ التي تَصْدَع العظم ولا تَهْشِم،
والفَراشةُ: ما شخَص من فروع الكتفين فيما بين أَصْل العنق ومستوى الظهر وهما
فَراشا الكتفين. والفَراشَتان: طرَفا الوركين في النُّفْرة. وفَراشُ الظَّهْر:
مَشكّ أَعالي الضُّلُوع فيه. وفَراشُ القُفْل: مَناشِبُه، واحدتُها
فَراشة؛ حكاها أَبو عبيد؛ قال ابن دريد: لا أَحْسبها عربيّة. وكلُّ حديدةٍ
رقيقة: فَراشةٌ. وفَراشةُ القُفْل: ما يَنْشَبُ فيه. يقال: أَقْفَلَ
فأَفْرَشَ. وفَراشُ التَّبِيذ: الحَبَبُ الذي عليه.
والفَرْشُ: الزَّرْع إِذا صارت له ثلاثُ ورَقاتٍ وأَرْبعٌ. وفَرْشُ
الإِبِلِ وغيرِها: صِغارُها، الواحدُ والجمع في ذلك سواءٌ. قال الفراء: لم
أَسمع له بجمع، قال: ويحتمل أَن يكون مصدراً سمي به من قولهم فَرَشَها
اللَّهُ فَرْشاً أَي بَثُّها بَثّاً. وفي التنزيل العزيز: ومن الأَنْعام
حَمُولةً وفَرْشاً؛ وفَرْشُها: كِبارُها؛ عن ثعلب؛ وأَنشد:
له إِبلٌ فَرْشٌ وذاتُ أَسِنَّة
صُهابيّة، حانَتْ عليه حُقُوقُها
وقيل: الفَرْشُ من النَّعَم ما لا يَصْلح إِلا للذبح. وقال الفراء:
الحَمُولةُ ما أَطاقَ العملَ والحَمْلَ. والفَرْشُ: الصغارُ. وقال أَبو
إِسحق: أَجْمَع أهْلُ اللغة على أَن الفَرْشَ صِغارُ الإِبل. وقال بعض
المفسرين: الفَرْشُ صغارُ الإِبل، وإِن البقر والغنم من الفَرْش. قال: والذي جاء
في التفسير يدلّ عليه قولُه عز وجل: ثمانية أَزواجٍ من الضأْن اثنين ومن
المَعزِ اثنين، فلما جاء هذا بدلاً من قوله حَمُولة وفرْشاً جعله للبقر
والغنم مع الإِبل؛ قال أَبو منصور: وأَنشدني غيرهُ ما يُحَقّق قول أَهل
التفسير:
ولنا الحامِلُ الحَمُولةُ، والفَرْ
شُ من الضَّأْن، والحُصُونُ السيُوفُ
وفي حديث أُذَينةَ: في الظُّفْرِ فَرْشٌ من الإِبل؛ هو صغارُ الإِبل،
وقيل: هو من الإِبل والبقر والغنم ما لا يصلح إِلا للذبح. وأَفْرَشْتُه:
أَعْطَيته فَرْشاً من الإِبل، صغاراً أَو كباراً. وفي حديث خزيمة يذكر
السَّنَة: وتركَتِ الفَرِيش مُسْحَنْكِكاً أَي شديدَ السواد من الاحتراق.
قيل: الفَراش الصغارُ من الإِبل؛ قال أَبو بكر: هذا غيرُ صحيح عندي لأَن
الصِّغارَ من الإِبل لا يقال لها إِلا الفَرْش. وفي حديث آخر: لكم العارض
والفَريشُ؛ قال القتيبي: هي التي وَضَعَت حديثاً كالنُّفَساء من النساء.
والفَرْشُ: منابت العُرْفُط؛ قال الشاعر:
وأَشْعَث أَعْلى ماله كِففٌ له
بفَْرشِ فلاةٍ، بينَهنَّ قَصِيمُ
ابن الأَعرابي: فَرْشٌ من عُرْفُط وقَصِيمَةٌ من غَضاً وأَيكةٌ من
أَثْلٍ وغالٌّ من سَلَم وسَليلٌ من سَمُر. وفَرْشُ الحطب والشجر: دِقُّه
وصِغارُه. ويقال: ما بها إِلا فَرْشٌ من الشجر. وفَرْشُ العِضاهِ: جماعتُها.
والفَرْشُ: الدارةُ من الطَّلْح، وقيل: الفَرْشُ الغَمْضُ من الأَرض فيه
العُرْفُطُ والسَّلَم والعَرْفَجُ والطَّلْح والقَتاد والسَّمُر
والعَوْسجُ، وهو ينبت في الأَرض مستوية ميلاً وفرسخاً؛ أَنشد ابن
الأَعرابي:وقد أَراها وشَواها الجُبْشا
ومِشْفَراً، إِن نطَقَتْ، أَرَشَّا
كمِشْفَرِ النابِ تَلُوكُ الفَرْشا
ثم فسره فقال: إِن الإِبل إِذا أَكلت العرفط والسلم استَرْخت أَفواهُها.
والفَرْشُ في رِجْل البعير: اتساعٌ قليل وهو محمود، وإِذا كثُر وأَفرط
الرَّوَحُ حتى اصطَكَّ العُرْقوبان فهو العَقَل، وهو مذموم. وناقة
مَفْرُوشةُ الرِّجْل إِذا كان فيها اسْطار
(* قوله: اسْطار؛ هكذا في الأَصل.)
وانحناء؛ وأَنشد الجعدي:
مَطْويَّةُ الزَّوْرِ طيَّ البئْرِ دَوْسَرة،
مَفْروشة الرِّجْل فَرْشاً لم يكن عَقَلا
ويقال: الفَرْشُ في الرِّجُل هو أَن لا يكون فيها أَن لا يكون فيها
انْتِصابٌ ولا إِقْعاد. وافْتَرَشَ الشيءَ أَي انبسط. ويقال: أَكَمَةٌ
مُفْتَرِشةُ الظَّهْر إِذا كانت دكَّاءَ. وفي حديث طَهْفة: لكم العارِض
والفَريشُ؛ الفَريشُ من النبات: ما انْبَسط على وجه الأَرض ولم يَقُم على ساق.
وقال ابن الأَعرابي: الفَرْشُ مَدْح والعَقَل ذمٌّ، والفَرْشُ اتساع في
رِجْل البعير، فإن كثُر فهو عَقَل.
وقال أَبو حنيفة: الفَرْشةُ الطريقةُ المطمئنة من الأَرض شيئاً يقودُ
اليومَ والليلة ونحو ذلك، قال. ولا يكون إِلا فيما اتسع من الأَرض واستوى
وأَصْحَرَ، والجمع فُرُوش.
والفَراشة: حجارة عظام أَمثال الأَرْجاء توضع أَوّلاً ثم يُبْنى عليها
الركِيبُ وهو حائط النخل. والفَراشةُ: البقيّة تبقى في الحوض من الماء
القليل الذي ترى أَرض الحوض من ورائه من صَفائه. والفَراشةُ: مَنْقَع الماء
في الصفاةِ، وجمعُها فَراشٌ. وفَراشُ القاعِ والطين: ما يَبِشَ بعد
نُضُوب الماء من الطين على وجه الأَرض، والفَراشُ: أَقلُّ من الضَّحْضاح؛ قال
ذو الرمة يصف الحُمُر:
وأَبْصَرْنَ أَنَّ القِنْعَ صارَتْ نِطافُه
فَراشاً، وأَنَّ البَقْلَ ذَاوٍ ويابِسُ
والفَراشُ: حَبَبُ الماءِ من العَرَقِ، وقيل: هو القليل من العرق: عن
ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
فَراش المَسِيح فَوْقَه يَتَصَبَّبُ
قال ابن سيده: ولا أَعرف هذا البيت إِنما المعروف بيت لبيد:
عَلا المسْك والدِّيباج فوقَ نُحورِهم
فَراش المسيحِ، كالجُمَان المُثَقَّب
قال: وأَرى ابن الأَعرابي إِنما أَراد هذا البيت فأَحالَ الروايةَ إِلا
أَن يكون لَبِيدٌ قد أَقْوى فقال:
فراش المسيح فوقه يتصبب
قال: وإِنما قلت إِنه أَقْوى لأَنّ رَوِيَّ هذه القصيدةِ مجرورٌ،
وأَوّلُها:
أَرى النفسَ لَجّتْ في رَجاءِ مُكَذَّبِ،
وقد جَرّبَتْ لو تَقْتَدِي بالمُجَرَّبِ
وروى البيت: كالجمان المُحَبَّبِ؛ قال الجوهري: مَنْ رفعَ الفَراشَ
ونَصَبَ المِسْكَ في البيت رفَعَ الدِّيباجَ على أَن الواو للحال، ومَنْ نصب
الفَراشَ رفعَهما.
والفَرَاشُ: دوابُّ مثل البعوض تَطير، واحدتُها فَراشةٌ. والفرَاشةُ:
التي تَطير وتَهافَتُ في السِّراج، والجمع فَراشٌ. وقال الزجاج في قوله عز
وجل: يومَ يكونُ الناسُ كالفَراشِ المَبثُوثِ، قال: الفَراش ما تَراه
كصِغارِ البَقِّ يَتَهافَتُ في النار، شَبَّهَ اللَّهُ عزّ وجل الناسَ يومَ
البَعْث بالجراد المُنْتَشر وبالفَراش المبثوث لأَنهم إِذا بُعِثُوا
يمُوج بعضُهم في بعض كالجراد الذي يَمُوج بعضُه في بعض، وقال الفرّاء: يريد
كالغَوْغاءِ من الجراد يَرْكَبُ بعضه بعضاً كذلك الناس يَجُول يومئذ
بعضُهم في بعض، وقال الليث: الفَراشُ الذي يَطِير؛ وأَنشد:
أَوْدى بِحِلْمِهمُ الفِياشُ، فِحلْمُهم
حِلْمُ الفَراشِ ، غَشِينَ نارَ المُصْطَلي
(* هذا البيت لجرير وهو في ديوانه على هذه الصورة):
أَزرَى بحِلمُِكُمُ الفِياشُ، فأنتمُ
مثلُ الفَراش غَشِين نار المصطلي
وفي المثل: أَطْيَشُ من فَراشةٍ. وفي الحديث: فتَتَقادَعُ بهم جَنْبةُ
السِّراطِ تَقادُعَ الفَراشِ؛ هو بالفتح الطير الذي يُلْقي نفسَه في ضوء
السِّراج؛ ومنه الحديث: جَعَلَ الفَراشُ وهذه الدوابُّ تقع فيها.
والفَراشُ: الخفيفُ الطَّيّاشَةُ من الرجال.
وتَفَرّش الطائرُ: رَفْرَفَ بجناحيه وبسَطَهما؛ قال أَبو دواد يصف
ربيئة:فَأَتانا يَسْعَى تَفَرُّشَ أُمّ الـ
بَيْض شَدّاً، وقد تَعالى النهارُ
ويقال: فَرَّشَ الطائرُ تَفْرِيشاً إِذا جعل يُرَفْرِف على الشيء، وهي
الشَّرْشَرةُ والرَفْرَفةُ. وفي الحديث: فجاءت الحُمَّرةُ فجعلت تفَرّش؛
هو أَن تَقْرب من الأَرض وتَفْرُش جَناحيها وتُرَفْرِف. وضرَبَه فما
أَفْرَش عنه حتى قَتَلَه أَي ما أَقْلعَ عنه، وأَفْرَش عنهم الموتُ أَي
ارْتفع؛ عن ابن الأَعرابي. وقولهم: ما أَفْرَشَ عنه أَي ما أَقْلَع؛ قال يزيد
ابن عمرو بن الصَّعِق
(* قوله «قال يزيد إلخ» هكذا في الأصل، والذي في
ياقوت وأَمثال الميداني:
لم أَر يوماً مثل يوم جبله
لما أَتتنا أسد وحنظله
وغطفان والملوك أزفله
تعلوهم بقضب منتخله وزاد الميداني:
لم تعد أَن أَفرش عنها الصقله):
نحْنُ رُؤوسُ القومِ بَيْنَ جَبَلَهْ،
يومَ أَتَتْنا أَسَدٌ وحَنْظَلَهْ،
نَعْلُوهُمُ بِقُضُبٍ مُنْتَخَلَهْ،
لم تَعْدُ أَن أَفْرَشَ عنها الصَّقَلَهْ
أَي أَنها جُدُدٌ. ومعنى مُنْتَخَلة: مُتَخَيَّرة. يقال: تَنَخَّلْت
الشيءَ وانْتَخَلْته اخْتَرْته. والصَّقَلةُ: جمعُ صاقِل مثل كاتب وكَتَبة.
وقوله لم تَعْدُ أَن أَفْرَشَ أَي لم تُجاوِزْ أَن أَقْلَع عنها الصقلةُ
أَي أَنها جُدُدٌ قَرِيبةُ العهدِ بالصَّقْلِ. وفرش عنه: أَرادَه وتهيّأَ
له. وفي حديث ابن عبد العزيز: إِلا أَن يكون مالاً مُفْتَرَشاً أَي
مغصوباً قد انْبَسطت فيه الأَيْدي بغير حق، من قولهم: افْتَرَش عِرْضَ فلانٍ
إِذا اسْتباحَه بالوَقِيعة فيه، وحقيقتُه جَعَله لنفسه فِراشاً يطؤُه.
وفَرْش الجَبَا: موضع؛ قال كُثيّر عزة:
أَهاجَك بَرْقٌ آخِرَ الليلِ واصِبُ،
تضَمَّنَه فَرْشُ الجَبا فالمَسارِبُ؟
والفَرَاشةُ: أَرض؛ قال الأَخطل:
وأَقْفَرت الفَراشةُ والحُبَيّا،
وأَقْفَر، بَعْد فاطِمةَ، الشَّقِيرُ
(* قوله »الشقير» كذا بالأصل هنا
وفي مادة شقر بالقاف، وفي ياقوت: الشفير بالفاء.)
وفي الحديث ذكر فَرْش، بفتح الفاء وتسكين الراء، وادٍ سلَكه النبي، صلى
اللَّه عليه وسلم، حين سارَ إِلى بدر، واللَّه أَعلم.
طهر: الطُّهْرُ: نقيض الحَيْض. والطُّهْر: نقيض النجاسة، والجمع
أَطْهار. وقد طَهَر يَطْهُر وطَهُرَ طُهْراً وطَهارةً؛ المصدرانِ عن سيبويه، وفي
الصحاح: طَهَر وطَهُر، بالضم، طَهارةً فيهما، وطَهَّرْته أَنا تطهيراً
وتطَهَّرْت بالماء، ورجل طاهِر وطَهِرٌ؛ عن ابن الأَعرابي: وأَنشد:
أَضَعْتُ المالَ للأَحْساب، حتى
خَرجْت مُبَرّأً طَهِر الثِّيَابِ
قال ابن جني: جاء طاهِرٌ على طَهُر كما جاء شاعرٌ على شَعُر، ثم
استغنَوْا بفاعل عن فَعِيل، وهو في أَنفسهم وعلى بال من تصورهم، يَدُلُّك على
ذلك تسكيرُهم شاعراً على شُعَراء، لَمّا كان فاعلٌ هنا واقعاً موقع فَعِيل
كُسِّر تكسِيرَه ليكون ذلك أَمارةً ودليلاً على إِرادته وأَنه مُغْنٍ عنه
وبَدَلٌ منه؛ قال ابن سيده: قال أَبو الحسن: ليس كما ذكر لأَن طَهِيراً
قد جاء في شعر أَبي ذؤيب؛ قال:
فإِن بني، لِحْيان إِمَّا ذكرتهم،
نَثاهُمْ، إِذا أَخْنَى اللِّئامُ، طَهِيرُ
قال: كذا رواه الأَصمعي بالطاء ويروى ظهير بالظاء المعجمة، وسيُذكر في
موضعه، وجمع الطاهرِ أَطْهار وطَهَارَى؛ الأَخيرة نادرة، وثيابٌ طَهارَى
على غير قياس، كأَنهم جمعوا طَهْرانَ؛ قال امرؤ القيس:
ثِيابُ بني عَوْفٍ طَهارَى نَقِيَّةٌ،
وأَوْجهُهم، عند المَشَاهِد، غُرّانُ
وجمع الطَّهِر طهِرُونَ ولا يُكسّر. والطُّهْر: نقيض الحيض، والمرأَة
طاهِرٌ من الحيض وطاهِرةٌ من النجاسة ومن العُيوبِ، ورجلٌ طاهِرٌ ورجال
طاهِرُون ونساءٌ طاهِراتٌ. ابن سيده: طَهَرت المرأَة وطهُرت وطَهِرت اغتسلت
من الحيض وغيرِه، والفتح أَكثر عند ثعلب، واسمُ أَيام طُهْرها
(* هنا
بياض في الأصل وبإزائه بالهامش لعله الأَطهار) . . . وطَهُرت المرأَة، وهي
طاهرٌ: انقطع عنها الدمُ ورأَت الطُّهْر، فإِذا اغتسلت قيل: تَطَهَّرَت
واطَّهَّرت؛ قال الله عز وجل: وإِن كنتم جُنُباً فاطَّهَّروا. وروى
الأَزهري عن أَبي العباس أَنه قال في قوله عز وجل: ولا تَقْرَبُوهنّ حتى
يَطْهُرن فإِذا تَطَهَّرْن فأْتُوهنّ من حيث أَمَرَكم الله؛ وقرئ: حتى
يَطَّهَّرْن؛ قال أَبو العباس: والقراءة يطَّهَّرن لأَن من قرأَ يَطْهُرن أَراد
انقطاع الدم، فإِذا تَطَهَّرْن اغتسلن، فصَيَّر معناهما مختلفاً، والوجه
أَن تكون الكلمتان بمعنى واحد، يُريد بهما جميعاً الغسل ولا يَحِلُّ
المَسِيسُ إِلا بالاغتسال، ويُصَدِّق ذلك قراءةُ ابن مسعود: حتى يَتَطَهَّرْن؛
وقال ابن الأَعرابي: طَهَرت المرأَةُ، هو الكلام، قال: ويجوز طَهُرت،
فإِذا تَطَهَّرْن اغتسلْنَ، وقد تَطَهَّرت المرأَةُ واطّهّرت، فإِذا انقطع
عنها الدم قيل: طَهُرت تَطْهُر، فهي طاهرٌ، بلا هاء، وذلك إِذا طَهُرَت
من المَحِيض. وأَما قوله تعالى: فيه رجال يُحِبُّون أَن يَتَطَهَّرُوا؛
فإِن معناه الاستنجاء بالماء، نزلت في الأَنصار وكانوا إِذا أَحْدَثوا
أَتْبَعُوا الحجارة بالماء فأَثْنَى الله تعالى عليهم بذلك، وقوله عز وجل:
هُنَّ أَطْهَرُ لكم؛ أَي أَحَلُّ لكم. وقوله تعالى: ولهم فيها أَزواجٌ
مُطَهَّرَة؛ يعني من الحيض والبول والغائط؛ قال أَبو إِسحق: معناه أَنهنّ لا
يَحْتَجْنَ إِلى ما يَحْتاجُ إِليه نِساءُ أَهل الدنيا بعد الأَكل
والشرب، ولا يَحِضْن ولا يَحْتَجْنَ إِلى ما يُتَطَهَّرُ به، وهُنَّ مع ذلك
طاهراتٌ طَهارَةَ الأَخْلاقِ والعِفَّة، فمُطَهَّرة تَجْمع الطهارةَ كلها
لأَن مُطَهَّرة أَبلغ في الكلام من طاهرة. وقوله عز وجل: أَنْ طَهِّرَا
بَيْتِيَ للطَّائِفينَ والعاكِفِين؛ قال أَبو إِسحق: معناه طَهِّراهُ من
تعليق الأَصْنام عليه؛ الأَزهري في قوله تعالى: أَن طَهِّرَا بيتي، يعني من
المعاصي والأَفعال المُحَرَّمة. وقوله تعالى: يَتْلُو صُحُفاً مُطَهَّرة؛
من الأَدْناس والباطل. واستعمل اللحياني الطُّهْرَ في الشاة فقال: إِن
الشاة تَقْذَى عَشْراً ثم تَطْهُر؛ قال ابن سيده: وهذا طَريفٌ جِدّاً، لا
أَدْرِي عن العرب حكاه أَمْ هو أَقْدَمَ عليه. وتَطَهَّرت المرأَة:
اغتسلت. وطَهَّره بالماء: غَسَلَه، واسمُ الماء الطَّهُور. وكلُّ ماء نظيف:
طَهُورٌ، وماء طَهُور أَي يُتَطَهَّرُ به، وكلُّ طَهورٍ طاهرٌ، وليس كلُّ
طاهرٍ طَهوراً. قال الأَزهري: وكل ما قيل في قوله عز وجل: وأَنْزَلْنا من
السماء ماءً طهوراً؛ فإِن الطَّهُورَ في اللغة هو الطاهرُ المُطَهِّرُ،
لأَنه لا يكون طَهوراً إِلا وهو يُتَطهّر به، كالوَضُوء هو الماء الذي
يُتَوضَّأُ به، والنَّشُوق ما يُسْتَنْشق به، والفَطُور ما يُفْطَر عليه منْ
شراب أَو طعام. وسُئِل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عن ماء البحر
فقال: هو الطَّهُور ماؤه الحِلُّ مَيْتَتُه؛ أَي المُطَهِّر، أَراد أَنه
طاهر يُطَهِّر. وقال الشافعي، رضي الله عنه: كلُّ ماء خَلَقَه الله نازلاً
من السماء أو نابعاً من عين في الأَرض أَو بحْرٍ لا صَنْعة فيه لآدَميٍّ
غير الاسْتِقاء، ولم يُغَيِّر لَوْنَه شيءٌ يخالِطُه ولم يتغيّر طعمُه
منه، فهو طَهُور، كما قال الله عز وجل وما عدا ذلك من ماء وَرْدٍ أَو وَرَقٍ
شجرٍ أَو ماءٍ يَسيل من كَرْم فإِنه، وإِن كان طاهراً، فليس بطَهُور.
وفي الحديث: لا يَقْبَلُ اللهُ صلاةً بغير طُهُورٍ، قال ابن الأَثير:
الطُّهور، بالضم، التطهُّرُ، وبالفتح: الماءُ الذي يُتَطَهَّرُ به كالوَضُوء.
والوُضوء والسَّحُور والسُّحُور؛ وقال سيبويه: الطَّهور، بالفتح، يقع على
الماء والمَصْدر معاً، قال: فعلى هذا يجوز أَن يكون الحديث بفتح الطاء
وضمها، والمراد بهما التطهر. والماء الطَّهُور، بالفتح: هو الذي يَرْفَعُ
الحدَث ويُزِيل النَجَسَ لأَن فَعُولاً من أَبنية المُبالَغة فكأَنه
تَنَاهى في الطهارة. والماءُ الطاهر غير الطَّهُور، وهو الذي لا يرفع الحدث
ولا يزيل النجس كالمُسْتَعْمَل في الوُضوء والغُسْل.
والمِطْهَرةُ: الإِناءُ الذي يُتَوَضَّأُ به ويُتَطَهَّر به.
والمِطْهَرةُ: الإِداوةُ، على التشبيه بذلك، والجمع المَطَاهِرُ؛ قال الكميت يصف
القطا:
يَحْمِلْنَ قُدَّامَ الجَآ
جِي في أَساقٍ كالمَطاهِرْ
وكلُّ إِناء يُتَطَهَّر منه مثل سَطْل أَو رَكْوة، فهو مِطْهَرةٌ.
الجوهري: والمَطْهَرَةُ والمِطْهَرة الإِداوةُ، والفتح أَعلى. والمِطْهَرَةُ:
البيت الذي يُتَطَهّر فيه.
والطَّهارةُ، اسمٌ يقوم مقام التطهّر بالماء: الاستنجاءُ والوُضوءُ.
والطُّهارةُ: فَضْلُ ما تَطَهَّرت به. والتَّطَهُّرُ: التنزُّه والكَفُّ عن
الإِثم وما لا يَجْمُل. ورجل طاهرُ الثياب أَي مُنَزَّه؛ ومنه قول الله
عز وجل في ذكر قوم لوط وقَوْلِهم في مُؤمِني قومِ لُوطٍ: إِنَّهم أُناسٌ
يَتَطَهَّرُون؛ أَي يتنزَّهُون عن إِتْيان الذكور، وقيل: يتنزّهون عن
أَدْبار الرجال والنساء؛ قالهُ قوم لوط تهكُّماً.
والتطَهُّر: التنزُّه عما لا يَحِلُّ؛ وهم قوم يَتَطَهَّرون أَي
يتنزَّهُون من الأَدناسِ. وفي الحديث: السِّواكُ مَطْهرةٌ للفم.
ورجل طَهِرُ الخُلُقِ وطاهرُه، والأُنثى طاهرة، وإِنه لَطاهرُ الثيابِ
أَي ليس بذي دَنَسٍ في الأَخْلاق. ويقال: فلان طاهر الثِّياب إِذا لم يكن
دَنِسَ الأَخْلاق؛ قال امرؤ القيس:
ثِيابُ بني عَوْفٍ طَهَارَى نَقِيّةٌ
وقوله تعالى: وثِيابَكَ فَطَهِّرْ؛ معناه وقَلْبَك فَطهِّر؛ وعليه قول
عنترة:
فَشَكَكْتُ بالرُّمْحِ الأَصَمِّ ثِيابَه،
ليس الكَريمُ على القَنا بِمُحَرَّمِ
أَي قَلْبَه، وقيل: معنى وثيابك فطهر، أَي نَفْسَك؛ وقيل: معناه لا
تَكُنْ غادِراً فتُدَنِّسَ ثيابَك فإِن الغادر دَنِسُ الثِّياب. قال ابن
سيده: ويقال للغادر دَنِسُ الثياب، وقيل: معناه وثيابك فقَصِّر فإِن تقصير
الثياب طُهْرٌ لأَن الثوب إِذا انْجرَّ على الأَرض لم يُؤْمَنْ أَن تصيبَه
نجاسةٌ، وقِصَرُه يُبْعِدُه من النجاسة؛ والتَّوْبةُ التي تكون بإِقامة
الحدّ كالرَّجْمِ وغيره: طَهُورٌ للمُذْنِب؛ وقيل معنى قوله: وثيابك
فطهِّرْ، يقول: عَملَك فأَصْلِح؛ وروى عكرمة عن ابن عباس في قوله: وثيابك
فطهّر، يقول: لا تَلْبَسْ ثِيابَك على معصية ولا على فجُورٍ وكُفْرٍ؛ وأَنشد
قول غيلان:
إِني بِحَمْد الله، لا ثوبَ غادِرٍ
لَبِستُ، ولا مِنْ خِزْيةٍ أَتَقَنَّع
الليث: والتوبةُ التي تكون بإِقامة الحُدُود نحو الرَّجْم وغيره طَهُورٌ
للمُذنب تُطَهِّرُه تَطْهيراً، وقد طَهّرَه الحدُّ وقوله تعالى: لا
يَمسُّه إِلا المطَهَّرون؛ يعني به الكِتَابَ لا يمسّه إِلا المطهرون عنى به
الملائكة، وكلُّه على المَثَل، وقيل: لا يمسُّه في اللوح المحفوظ إِلا
الملائكة. وقوله عز وجل: أُولئك الذين لم يُرِد اللهُ أَن يُطَهِّرَ
قُلوبَهم؛ أَي أَن يَهدِيَهم. وأَما قوله: طَهَرَه إِذا أَبْعَدَه، فالهاء فيه
بدل من الحاء في طَحَره؛ كما قالوا مدَهَه في معنى مَدَحَه.
وطهَّر فلانٌ ولَدَه إِذا أَقام سُنَّةَ خِتانه، وإِنما سمّاه المسلمون
تطهيراً لأَن النصارى لما تركوا سُنَّةَ الخِتانِ غَمَسُوا أَوْلادَهم في
ماء صُبِغَ بِصُفْرةٍ يُصَفّرُ لونَ المولود وقالوا: هذه طُهْرَةُ
أَوْلادِنا التي أُمِرْنا بها، فأَنْزل الله تعالى: صِبْغةَ الله ومَنْ
أَحْسَنُ مِن اللهِ صِبْغةً؛ أَي اتَّبِعُوا دِينَ اللهِ وفِطْرَتَه وأَمْرَه
لا صِبْغَةَ النصارى، فالخِتانُ هو التطهِيرُ لا ما أَحْدَثَه النصارى من
صِبْغَةِ الأَوْلادِ. وفي حديث أُم سلمة: إِني أُطِيلُ ذَيْلي وأَمْشِي
في المكان القَذِر، فقال لها رسول الله، صلى الله عليه وسلم: يُطَهِّرُه
ما بعده؛ قال ابن الأَثير: هو خاص فيما كان يابساً لا يَعْلَقُ بالثوب منه
شيء، فأَما إِذا كان رَطْباً فلا يَطْهُر إِلا بالغَسْل؛ وقال مالك: هو
أَن يَطَأَ الأَرضَ القَذِرَة ثم يَطأَ الأَرضَ اليابسةَ الــنَّظِيفــةَ
فإِنَّ بعضها يُطَهِّرُ بَعْضاً، فأَما النجاسةُ مثل البول ونحوه تُصِيب
الثوب أَو بعضَ الجسد، فإِن ذلك لا يُطَهَّرُه إِلا الماءُ إِجماعاً؛ قال
ابن الأَثير: وفي إِسناد هذا الحديث مَقالٌ.
نقا: النُّقاوةُ: أَفضلُ ما انتَقَيْتَ من الشيء. نَقِيَ الشيءُ،
بالكسر، يَنْقَى نَقاوةً، بالفتح، ونَقاءً فهو نَقِيٌّ أَي نظيف، والجمع نِقاءٌ
ونُقَواء، الأَخيرة نادرة. وأَنقاه وتَنَقَّاه وانْتَقاه: اختاره.
ونَقَوةُ الشيء ونَقاوَتُه ونُقاوتُه ونُقايَتُه ونَقاته: خِيارُه، يكون ذلك
في كل شيء. الجوهري: نُقاوة الشيء خِياره، وكذلك النُّقاية، بالضم فيهما،
كأَنه بني على ضدّه، وهو النُّقاية، لأَن فُعالة تأتي كثيراً فيما يَسقُط
من فَضْلة الشيء. قال اللحياني: وجمع النُّقاوة نُقاً ونُقاءٌ، وجمع
النُّقاية نَقايا ونُقاءٌ، وقد تَنَقَّاهُ وانْتَقاه وانْتاقَه، الأَخير
مقلوب؛ قال:
مِثْل القِياسِ انْتاقَها المُنَقِّي
وقال بعضهم: هو من النِّيقَةِ. والتّنْقِيةُ: التــنظيف. والانْتِقاءُ:
الاختيار. والتّنَقِّي: التَّخيُّر. وفي الحديث: تَنَقّهْ وتَوَقّهْ؛ قال
ابن الأَثير: رواه الطبراني بالنون، وقال: معناه تَخيّر الصديقَ ثم
احْذَرْه؛ وقال غيره: تَبَقَّه، بالياءِ، أَي أَبْقِ المال ولا تُسرف في
الإِنفاق وتَوقّ في الاكتساب. ويقال: تَبَقَّ بمعنى اسْتَبْقِ كالتَْقَصِّي
بمعنى الاستقصاء. ونَقاةُ الطعام: ما أُلقِيَ منه، وقيل: هو ما يَسْقُط منه
من قُماشه وتُرابه؛ عن اللحياني، قال: وقد يقال النُّقاةُ، بالضم، وهي
قليلة، وقيل: نَقاتُه ونَقايَته ونُقايَتُه رديئه؛ عن ثعلب؛ قال ابن سيده:
والأَعرف في ذلك نَقاتُه ونُقايَتُه. اللحياني: أَخذتُ نُقايَتَه
ونُقاوتَه أَي أَفضله. الجوهري: وقال بعضهم نَقاةُ كلِّ شيء رديئه ما خلا
التمرفإِن نَقاتَه خِيارُه، وجمع النُّقاوة نُقاوى ونُقاء، وجمع النُّقاية
نَقايا ونُقاء، ممدود. والنَّقاوةُ: مصدر الشيء النَّقِيِّ. يقال: نَقِيَ
يَنْقى نَقاوةً، وأَنا أَنْقَيْتُه إِنْقاءً، والانْتِقاء تَجَوُّدُه.
وانْتَقَيْتُ الشيء إِذا أَخذت خِياره. الأَموي: النَّقاةُ ما يُلْقى من
الطعام إِذا نُقِّيَ ورُمِيَ به؛ قال: سمعته من ابن قَطَريٍّ، والنُّقاوة
خِياره. وقال أَبو زياد: النَّقاةُ والنُّقاية الرَّديء، والنُّقاوة الجَيّد.
الليث: النَّقاءُ، ممدود، مصدر النقيّ، والنَّقا، مقصور، من كُثْبان
الرمل، والنَّقاء، ممدود، النظافةُ، والنَّقا، مقصور، الكثيبُ من الرمل،
والنَّقا من الرمل: القطعةُ تَنْقاد مُحْدَوْدِبةً، والتثنية نَقَوانِ
ونَقَيانِ، والجمع أَنْقاءٌ ونُقِيٌّ؛ قال أَبو نخيلة:
واسْتَرْدَفَتْ مِن عالجٍ نُقِيّا
وفي الحديث: خلق الله جُؤْجؤَ آدمَ من نَقا ضَريَّةَ أَي من رملها،
وضَريَّةُ: موضع معروف نسب إِلى ضرية بنت ربيعة بن نزار، وقيل: هو اسم بئر.
والنِّقْو
(* قوله« والنقو إلخ» ضبط النقو بالكسر في الأصل والتهذيب وكذلك
ضبط في المصباح، ومقتضى اطلاق القاموس أنه بالفتح.) والنَّقا: عَظْمُ
العَضُد، وقيل: كل عظم فيه مُخٌّ، والجمع أَنقاء. والنَّقْوُ: كل عظم من
قَصَب اليدين والرجلين نِقْوٌ على حياله. الأَصمعي: الأَنْقاء كل عظم فيه
مخ، وهي القَصَب، قيل في واحدها نِقْيٌ ونِقْوٌ. ورجل أَنْقى وامرأَة
نَقْواء: دقيقا القَصَب؛ وفي التهذيب: رجل أَنْقى دقيق عظم اليدين والرجلين
والفخذ، وامرأَة نَقْواء. وفخِذٌ نَقْواء: دقيقة القَصب نحيفة الجسم قليلة
اللحم في طُول. والنِّقْوُ، بالكسر، في قول الفراء: كل عظم ذي مخ،
والجمع أَنْقاءٌ.
أَبو سعيد: نِقَةُ المال خِيارُه. ويقال: أَخذْتُ نِقَتي من المال أَي
ما أَعجبني منه وآنقني. قال أَبو منصور: نِقَةُ المال في الأَصل نِقْوَة،
وهو ما انْتُقِيَ منه، وليس من الأَنَقِ في شيء، وقالوا: ثِقَةٌ نِقَةٌ
فأَتْبَعُوا كأَنهم حذفوا واو نِقْوَة؛ حكى ذلك ابن الأَعرابي.
والنُّقاوى: ضرب من الحَمْض؛ قال الحَذْلَمي:
حتى شَتَتْ مِثلَ الأَشاءِ الجُونِ،
إِلى نُقاوَى أَمْعَزِ الدَّفِينِ
وقال أَبو حنيفة: النُّقاوى تُخْرِجُ عِيداناً سَلِبةً ليس فيها ورق،
وإِذا يَبست ابْيَضَّتْ، والناس يغسلون بها الثياب فتتركها بيضاء بياضاً
شديداً، واحدتها نُقاواةٌ. ابن الأَعرابي: هو أَحمركالنَّكَعة، وهي ثمرة
النُّقاوى، وهو نبت أَحمر؛ وأَنشد:
إِلَيْكُمْ لا تكون لكم خَلاةً،
ولا نَكَع النُّقاوى إِذْ أَحالا
وقال ثعلب: النُّقاوى ضرب من النبت، وجمعه نُقاوَيات، والواحدة نُقاواةٌ
ونُقاوى. والنُّقاوى: نبت بعينه له زهر أَحمر. ويقال للحُلَكة، وهي
دويبة تسكن الرمل، كأَنها سمكة ملساء فيها بياض وحمرة: شَحْمة النَّقا، ويقال
لها: بنات النَّقا؛ قال ذو الرمة وشبَّه بَنانَ العذارى بها:
بنات النَّقا تَخْفى مِراراً وتظْهَرُ
وفي حديث أُم زرع: ودائسٍ ومُنَقٍّ؛ قال ابن الأَثير: هو بفتح النون،
الذي يُنَقِّي الطعام أَي يخرجه من قشره وتبنه، وروي بالكسر، والفتح أَشبه
لاقترانه بالدائس، وهما مختصان بالطعام. والنَّقْيُ: مُخُّ العظام
وشحمُها وشحمُ العين من السِّمَن، والجمع أَنقاء، والأَنقاء أَيضاً من العظام
ذوات المخ، واحدها نِقْيٌ ونَقًى.
ونَقَى العظم نَقْياً: استخرج نِقْيه. وانْتَقَيْتُ العظمَ إذا استخرجت
نِقْيَهُ أَي مخه؛ وأَنشد ابن بري:
ولا يَسْرِقُ الكَلْبُ السَّرُوُّ نِعالَنا،
ولا يَنْتَقي المُخَّ الذي في الجَماجِمِ
وفي حديث أُم زرع: لا سَهْلٌ فيُرْتَقَى ولا سَمينٌ فيُنْتَقى أَي ليس
له نِقْيٌ فيستخرج، والنِّقْيُ: المخ، ويروى: فَيُنْتَقَل، باللام. وفي
الحديث: لا تُجْزِئ في الأَضاحي الكَسِيرُ التي لا تُنْقي أَي التي لا مخ
لها لضعفها وهُزالها. وفي حديث أَبي وائل: فغَبَطَ منها شاةً فإذا هي لا
تُنْقِي؛ وفي ترجمة حلب:
يَبِيتُ النَّدى، يا أُمَّ عمروٍ، ضَجِيعَه،
إذا لم يكن في المُنْقِياتِ حَلُوبُ
المُنْقىاتُ: ذوات الشحم. والنِّقْيُ: الشحم . يقال: ناقة مُنْقِية إذا
كانت سمينة. وفي حديث عمرو بن العاص يصف عمر، رضي الله عنه: ونَقتْ له
مُخَّتَها، يعني الدنيا يصف ما فُتح عليه منها. وفي الحديث: المدينة
كالكير تُنقي خَبَثها
(*قوله «تنقي خبثها» كذا ضبط تنقي بضم التاء في غير نسخة من النهاية.) ؛
قال ابن الأثير: الرواية المشهورة بالفاء وقد تقدمت، وقد جاء في رواية
بالقاف، فإِن كانت مخففة فهو من إِخراج المخ أَي تستخرج خبثها، وإِن كانت
مشددة فهو من التنقية، وهو إِفراد الجيد من الرديء. وأَنْقَتِ الناقةُ:
وهو أَول السِّمَن في الإِقبال وآخر الشحم في الهُزال، وناقة مُنْقِيَةٌ
ونُوقٌ مَناقٍ؛ قال الراجز:
لا يَشْتَكِينَ عَملاً ما أَنْقَيْنْ
وأَنْقى العُودُ: جرى فيه الماء وابْتَلَّ. وأَنْقى البُرُّ: جرى فيه
الدقيق، ويقولون لجمع الشيء النَّقِيّ نِقاء. وفي الحديث: يُحْشَرُ الناسُ
يوم القيامة على أَرض بيضاء كقُرْصَةِ النَّقِيِّ؛ قال أَبو عبيد:
النَّقِيُّ الحُوّارى؛ وأَنشد:
يُطْعِمُ الناسَ، إِذا أَمْحَلُوا،
من نَقِيٍّ فوقَه أُدُمُهْ
قال ابن الأَثير: النَّقِيُّ يعني الخبز الحُوَّارى، قال: ومنه الحديث
ما رأَى رسول الله،صلى الله عليه وسلم، النَّقِيَّ من حِينَ ابْتَعَثَه
اللهُ حتى قَبَضه. وأَنْقَتِ الإِبلُ أَي سَمِنت وصار فيها نِقْيٌ، وكذلك
غيرها؛ قال الراجز في صفة الخيل:
لا يَشْتَكِينَ عملاً ما أَنْقَيْنْ،
ما دام مُخٌّ في سُلامى أَو عَيْنْ
قال ابن بري: الرجز لأَبي ميمون النضر بن سلمة؛ وقبل البيتين:
بَنات وَطَّاءٍ على خَدِّ اللَّيْلْ
ويقال: هذه ناقة مُنْقِيَةٌ وهذه لا تُنْقِي. ويقال: نَقَوْت العَظْمَ
ونَقَيْتُه إِذا استخرجت النِّقْيَ منه؛ قال: وكلهم يقول انْتَقَيْتُه.
والنَّقِيُّ: الذَّكَر. والنَّقَى من الرمل: القطعة تنقاد
مُحْدَوْدِبَةً، حكى يعقوب في تثنيته نَقَيانِ ونَقَوان، والجمع نُقْيان وأَنْقاء.
وهذه نَقاةٌ من الرمل: للكثيب المجتمع الأَبيض الذي لا ينبت شيئاً.
قذر: القَذَرُ: ضدّ النظافة؛ وشيء قَذِرٌ بَيِّنُ القَذارةِ. قَذِرَ
الشيءُ قَذَراً وقَذَر وقَذُرَ يقْذُرُ قَذارةً، فهو قَذِرٌ وقَذُرٌ وقَذَرٌ
وقَذْرٌ، وقد قَذِرَه قَذَراً وتَقَذَّره واسْتَقْذره. الليث: يقال
قَذِرتُ الشيء، بالكسر، إِذا استقذرته وتَقَذَّرْت منه، وقد يقال للشيء
القَذِرِ قَذْرٌ أَيضاً، فمن قال قَذِرٌ جعله على بناء فَعِل من قَذِرَ
يَقْذَرُ، فهو قَذِرٌ، ومن جزم قال قَذُرَ يَقْذُر قَذارةً، فهو قَذْرٌ.
وفي الحديث: اتقوا هذه القاذُورةَ التي نهى الله عنها؛ قال خالد بن
جَنْبَةَ: القاذورة التي نهى الله عنها الفعل القبيح واللفظ السيء؛ ورجل
قَذُِرٌ وقَذْرٌ. ويقال: أَقْذَرْتَنا يا فلان أَي أَضْجَرْتَنا. ورجل
مَقْذَرٌ: مُتَقذِّرٌ. والقَذُورُ من النساء: المتنحية من الرجال؛ قال:
لقد زادني حُبّاً لسَمْراء أَنها
عَيُوفٌ لإِصهارِ اللِّئامِ، قَذُورُ
والقَذُورُ من النساء: التي تتنزه عن الأَقذار. ورجل مَقْذَرٌ: تجتنبه
الناس، وهو في شعر الهذلي. ورجل قَذُورٌ وقاذُورٌ وقاذُورَةٌ: لا يخالط
الناس. وفي الحديث: ويبقى في الأَرض شِرارُ أَهله تَلْفِظُهم أَرَضُوهم
وتَقْذَرُهم نَفْسُ الله عز وجل؛ أَي يكره خروجهم إِلى الشام ومَقامَهم بها
فلا يوفقهم لذلك، كقوله تعالى: كَرِهَ اللهُ انْبِعاثَهُمْ فَثَبَّطَهُم.
يقال: قَذِرْتُ الشيء أَقْذَرُه إِذا كَرِهْته واجتنبته. والقَذُورُ من
الإِبل: المتنحي. والقذورُ والقاذورةُ من الإِبل: التي تَبْرُك ناحية
منها وتَستبعِدُ وتُنافِرُها عند الحلب، قال: والكَنُوفُ مثلها إِلا أَنها
لا تستبعد؛ قال الحُطَيْئة يصف إِبلاً عازبة لا تسمع أَصوات الناس:
إِذا بَرَكَتْ لم يُؤْذِها صوتُ سامِرٍ،
ولم يَقْصُ عن أَدنى المَخاض قَذُورُها
أَبو عبيد: القاذورة من الرجال الفاحش السيء الخُلُق. الليث: القاذورة
الغَيُورُ من الرجال. ابن سيده: والقاذورة السيء الخلق الغيور، وقيل: هو
المُتَقَزِّزُ. وذو قاذورة: لا يُخالُّ الناسَ لسوء خُلُقه ولا ينازلهم؛
قال مُتَمِّمُ بنُ نُوَيْرَة يرثي أَخاه:
فإِن تَلْقَه في الشَّرْب، لا تَلْقَ فاحِشاً
على الكاسِ، ذا قاذُورَةٍ متَرَيِّعا
والقاذورة من الرجال: الذي لا يبالي ما قال وما صنع؛ وأَنشد:
أَصْغَتْ إِليه نَظَرَ الحَيِيّ،
مَخافَةً من قَذِرٍ حَمِيِّ
قال: والقَذِرُ القاذُورَة، عنى ناقةً وفَحْلاً. وقال عبد الوهاب
الكلابي: القاذُورة المُتَطَرِّسُ، وهو الذي يَتَقَذَّرُ كلِّ شيء ليس بــنَظيف.
أَبو عبيدة: القاذورة الذي يتقذر الشيء فلا يأْكله. وروي أَن النبي، صلى
الله عليه وسلم، كان قاذُورةً لا يأْكل الدجاج حتى تُعْلَفَ. القاذورة
ههنا: الذي يَقْذُرُ الأَشياءَ، وأَراد بعَلْفِها أَن تُطْعَم الشيءَ
الطاهر، والهاء للمبالغة. وفي حديث أَبي موسى في الدجاج: رأَيته يأْكل شيئاً
فَقَذِرْتُه أَي كرهتُ أَكله كأَنه رآه يأْكل القَذَر. أَبو الهيثم: يقال
قَذِرْتُ الشيء أَقْذَرُه قَذْراً، فهو مَقْذور؛ قال العجاج:
وقَذَري ما ليس بالمَقْذُورِ
يقول: صِرْتُ أَقْذَرُ ما لم أَكن أَقْذَره في الشباب من الطعام. ولما
رَجَمَ النبي، صلى الله عليه وسلم، ماعِزَ بن مالك قال: اجتنبوا هذه
القاذورة يعني الزنا؛ وقوله، صلى الله عليه وسلم: من أَصاب من هذه القاذورة
شيئاً فلْيَسْتَتِرْ بسِتْرِ الله؛ قال ابن سيده: أُراه عنى به الزنا وسماه
قاذورةً كما سماه الله عز وجل فقال: إِنه كان فاحشة ومقتاً. وقال ابن
الأَثير في تفسيره: أَراد به ما فيه حدّ كالزنا والشُّرْب. ورجل قاذُورَة:
وهو الذي يَتَبَرَّمُ بالناس ويجلس وحده. وفي الحديث: اجتنبوا هذه
القاذورة التي نهى الله عنها. قال ابن الأَثير: القاذورة ههنا الفعل القبيح
والقول السيء. وفي الحديث: هلك المُقَذِّرُونَ يعني الذين يأْتون
القاذورات.ورجل قُذَرَة، مثال هُمَزة: يتنزه عن المَلائِم ملائم الأَخلاق
ويكرهها.وقَذُورُ: اسم امرأَة؛ أَنشد أَبو زياد:
وإِني لأَكْني عن قَذُورٍ بغيرها،
وأُعْرِبُ أَحياناً بها فأُصارِحُ
وقَيْذَر بن إِسمعيل: وهو أَبو العرب، وفي التهذيب: قَيْذار، وهو جَدُّ
العرب، يقال: بنو بنت ابن إِسمعيل. وفي حديث كعب: قال الله تعالى
لرومِيَّةَ: إِني أُقْسِمُ بعِزَّتي لأَهَبَنَّ سَبيَكِ لبني قاذِرٍ أَي بني
إِسمعيل بن إِبراهيم، عليهما السلام، يريد العرب. وقاذِرُ: اسم ابن إِسمعيل،
ويقال له قَيْذَر وقَيْذار.
شعث: شَعِثَ شَعَثاً وشُعوثَةً، فهو شَعِثٌ وأَشْعَثُ وشَعْثانُ،
وتَشَعَّثَ: تَلَبَّد شعَرُه واغْبَرَّ، وشَعَّثْتُه أَنا تَشْعِيثاً.
والشَّعِثُ: المُغْبرُّ الرأْسِ، المُنْتَتِفُ الشَّعَرِ، الحافُّ الذي
لم يَدَّهِنْ.
والتَّشَعُّثُ: التَّفَرُّقُ والتَّنَكُّثُ، كما يَتَشَعَّثُ رأْسُ
المِسْواك. وتَشْعِيثُ الشيءِ: تفريقهُ.
وفي حديث عمر أَنه كان يَغْتَسِلُ وهو مُحْرم، وقال: إِنَّ الماء لا
يزيده إِلا شَعَثاً أَي تَفَرُّقاً، قلا يكون مُتَلَبِّداً؛ ومنه الحديث:
رُبَّ أَشْعَثَ أَغْبَر ذِي طِمْرَيْنِ، لا يُؤْبه له، لو أَقْسَم على الله
لأَبَرَّه. وفي حديث أَبي ذَرٍّ: أَحَلَقْتُم الشَّعَثَ؟ أَي الشَّعَر
ذا الشَّعَثِ.
والشَّعَثَةُ: موضعُ الشعر الشَّعِثِ.
وخيلٌ شُعْثٌ أَي غير مُفَرْجَنَة؛ ومُفَرْجَنَةٌ: مَحْسُوسة؛ وقول ذي
الرُّمة:
ما ظَلَّ، مُذْ وَجَفَتْ في كلِّ ظاهرةٍ،
بالأَشْعَثِ الوَرْدِ، إِلاَّ وَهْوَ مَهْمُومُ
عَنى بالأَشْعَثِ الوَرْدِ: الصَّفارَ، وهو شَوْك البُهْمى إِذا يَبسَ،
وإِنما اهْتَمَّ، لما رأَى البُهْمَى هاجَتْ، وقد كان رَخِيَّ البالِ،
وهي رَطْبةٌ، والحافرُ كلُّه شديدُ الحُبِّ للبُهْمَى، وهي ناجعةٌ فيه،
وإِذا جَفَّتْ فأَسْفَتْ، تَأَذَّتِ الراعيةٌ بسَفاها. ويقال للبُهْمَى إِذا
يَبِسَ سَفاه: أَشْعَثُ. قال الأَزهري: قال الأَصمعي: أَساء ذو الرمة في
هذا البيت، وإِدخالُ إِلاَّ ههنا قبيح، كأَنه كره إِدخالَ تحقيق على
تحقيق، ولم يُرِد ذو الرمة ما ذهب إِليه، إِنما أَراد لم يَزَلْ من مكان
إِلى مكان يَسْتَقْري المَراتِعَ، إِلاَّ وهو مهموم، لأَنه رأَى المَراعيَ
قد يَبِسَتْ، فما ظَلَّ ههنا ليس بتحقيق، إِنما هو كلام مجحود، فحققه
بإِلاَّ.
والشَّعْثُ والشَّعَثُ: انتشارُ الأَمرِ وخَلَلُه؛ قال كعب بن مالك
الأَنصاريُّ:
لَمَّ الإِلهُ به شَعْثاً، ورَمَّ به
أُمُورَ أُمَّتِه، والأَمرُ مُنْتَشِرُ
وفي الدُّعاء: لَمَّ اللهُ شَعْثَه أَي جَمَعَ ما تَفَرَّقَ منه؛ ومنه
شَعَثُ الرأْسِ. وفي حديث الدعاء: أَسأَلُكَ رحمةً تَلُمُّ بها شَعَثي
أَي تَجْمَعُ بها ما تَفَرَّقَ من أَمري؛ وقال النابغة:
ولَسْتَ بمُسْتَبْقٍ أَخاً، ولا تَلُمُّه
على شَعَثٍ، أَيُّ الرجالِ المُهَذَّبُ؟
قوله لا تلمُّه على شعث أَي لا تحتمله على ما فيه من زَللٍ ودَرْءٍ،
فتَلُمُّه وتُصْلحه، وتَجْمَعُ ما تَشَعَّثَ من أَمره.
وفي حديث عطاء: أَنه كان يُجِيز أَن يُشَعَّثَ سَنَا الحَرَم، ما لم
يُقْلَعْ من أَصله، أَي يُؤْخَذَ من فروعه المُتَفَرِّقة ما يصير به
أَشْعَثَ، ولا يستأْصله. وفي الحديث: لما بلغه هِجاءُ الأَعْشَى عَلْقمةَ بنَ
عُلاثة العامِريَّ نَهى أَصحابَه أَن يَرْوُوا هجاءَه، وقال: إِن أَبا
سفيان شَعَّثَ مني عند قَيْصَرَ، فرَدَّ عليه علقمةُ وكَذَّبَ أَبا سفيان.
يقال: شَعَّثْتُ من فلان إِذا غَضَضْتَ منه وتَنَقَّصْتَه، مِن الشَّعَث،
وهو انْتشارُ الأَمر؛ ومنه حديث عثمان: حين شَعَّثَ الناسُ في الطَّعْن
عليه أَي أَخَذُوا في ذَمّه، والقَدْح فيه بتَشْعِيثِ عِرْضه.
وتشَعَّثَ الشيءُ: تَفَرَّقَ. وتَشَعُّثُ رأْسِ المِسْواك والوَتِدِ:
تَفَرُّقُ أَجزائِه، وهو مِنه. وفي حديث عمر أَنه قال لزيد بن ثابت، لما
فَرَّعَ أَمْرَ الجَدِّ مع الإِخوة في الميراث: شَعِّثْ ما كنتَ مُشَعِّثاً
أَي فَرِّقْ ما كنتَ مُفَرِّقاً. ويقال: تَشَعَّثه الدَّهْرُ إِذا
أَخذه.والأَشْعَثُ: الوَتِدُ، صفة غالبةٌ غَلَبَةَ الاسم، وسُمّيَ به لشَعَثِ
رأْسه؛ قال:
وأَشْعَثَ في الدارِ، ذي لِمَّةٍ،
يُطيلُ الحُفُوفَ، ولا يَقْمَلُ
وشَعِثْتُ من الطَّعام: أَكَلْتُ قليلاً.
والتَّشْعيثُ: التفريق والتمييزُ، كانْشِعاب الأَنهار والأَغصان؛ قال
الأَخطل:
تَذَرَّيْتَ الذَّوائبَ من قُرَيْشٍ،
وإِنْ شُعِثُوا، تَفَرَّعْتَ الشِّعابا
قال: شُعِثُوا فُرِّقُوا ومُيِّزُوا.
والتَّشْعيثُ في عَروضِ الخَفيفِ: ذَهابُ عين فاعلاتن، فيبقى فالاتن،
فينقل في التقطيع إِلى مفعولن، شبهوا حذف العين ههنا بالخرم، لأَنها
أَوَّلُ وَتِدٍ؛ وقيل: إِن اللام هي الساقطة، لأَنها أَقرب إِلى الآخر، وذلك
أَن الحذف إِنما هو في الأَواخر، وفيما قَرُبَ منها؛ قال أَبو إِسحق: وكلا
القولين جائز حَسَنٌ، إِلاّ أَن الأَقيس على ما بَلَوْنا في الأَوتاد من
الخَرْم، أَن يكون عينُ فاعلاتن هي المحذوفة، وقياسُ حذف اللام أَضعفُ،
لأَن الأَوتاد إِنما تحذف مِن أَوائلها أَو مِن أَواخرها؛ قال: وكذلك
أَكثر الحذف في العربية، إِنما هو من الأَوائل، أَو من الأَواخر، وأَما
الأَوساط، فإِن ذلك قليل فيها؛ فإِن قال قائل: فما تنكر من أَن تكون الأَلف
الثانية من فاعلاتن هي المحذوفة، حتى يبقى فاعلَتُن ثم تسكن اللام حتى يبقى
فاعلْتن، ثم تنقله في التقطيع إِلى مفعولن، فصار مثل فعلن في البسيط
الذي كان أَصله فاعلن؟ قيل له: هذا لا يكون إِلا في الأَواخر، أَعني أَواخر
الأَبيات؛ قال: وإِنما كان ذلك فيها، لأَنها موضع وقف، أَو في الأَعاريض،
لأَن الأَعاريض كلها تتبع الأَواخر في التصريع؛ قال: فهذا لا يجوز، ولم
يقله أَحد. قال ابن سيده: والذي أَعتقده مُخالَفةُ جميعهم، وهو الذي لا
يجوز عندي غيره، أَنه حذفت أَلف فاعلاتن الأُولى، فبقي فعلاتن، وأُسكنت
العين، فصار فعْلاتن، فنقل إِلى مفعولن، فإِسكان المتحرّك قد رأَيناه يجوز
في حشو البيت، ولم نرَ الوتد حُذف أَوّله إِلا في أَوّل البيت، ولا آخرُه
إِلا في آخر البيت، وهذا كله قول أَبي إِسحق.
والأَشْعَثُ: رجلٌ. والأَشاعِثةُ والأَشاعِثُ: منسوبون إِلى الأَشْعَث،
بدل من الأَشْعَثيين، والهاء للنسب.
وشَعْثاءُ: اسم امرأَة؛ قال جرير:
أَلا طَرَقَتْ شَعْثاءُ، والليلُ دُونَها،
أَحَمَّ عِلافِيّاً، وأَبْيَضَ ماضِيَا
قال ابن الأَعرابي: وشَعْثاء اسم امرأَةِ حَسَّانَ بن ثابت. وشُعَيْث:
اسم، إِما أَن يكون تصغير شَعَثٍ أَو شَعِثٍ، أَو تصغير أَشْعَثَ
مُرَخَّماً؛ أَنشد سيبويه:
لَعَمْرُكَ ما أَدْري، وإِن كنتُ دارياً:
شُعَيْثُ بنُ سَهْم، أَمْ شُعْيْثُ بنُ مِنْقَرِ
ورواه بعضهم: شُعَيْبٌ، وهو تصحيف.
قشب: القِشْبُ: اليابس الصُّلْب.
وقِشْبُ الطعام: ما يُلْقَى منه مما لا خير فيه. والقَشْبُ، بالفتح: خَلْطُ السُّمِّ بالطعام. ابن الأَعرابي: القَشْب خَلْطُ السُّمِّ وإِصلاحُه حتى يَنْجَعَ في البَدن ويَعْمَلَ؛ وقال غيره: يُخْلَط للنَّسْر في اللحم حتى يقتله. وقَشَبَ الطعامَ يَقْشِـبُه قَشْباً، وهو قَشِـيبٌ، وقَشَّبَه: خَلَطَه بالسمِّ. والقَشْبُ: الخَلْط، وكلُّ ما خُلِطَ، فقد قُشِبَ؛ وكذلك كل شيء يُخْلَطُ به شيء يُفْسِدُه؛ تقول: قَشَّبْتُه؛ وأَنشد:
مُرٌّ إِذا قَشَّبَه مُقَشِّبُه
وأَنشد الأَصمعي للنابغة الذبياني:
فَبِتُّ كأَنَّ العائداتِ فَرَشْنَنِـي * هَراساً، به يُعْلى فِراشِي ويُقْشَبُ
ونَسْرٌ قَشِـيبٌ: قُتِلَ بالغَلْثَى أَو خُلِطَ له، في لحم يأْكُلُه، سُمٌّ، فإِذا أَكلهُ قتَله، فيُؤْخَذ ريشُه؛ قال أَبو خراش الـهُذَليّ:
بِه نَدَعُ الكَمِـيَّ، على يَدَيْهِ، * يَخرُّ، تَخالهُ نَسْراً قَشِـيبا
وقوله به: يعني بالسيف، وهو مذكور في بيت قبله؛ وهو:
ولولا نحنُ أَرْهَقَه صُهَيْبٌ، * حُسامَ الـحَدِّ مُطَّرِداً خَشِـيبا
والقِشْبُ والقَشَبُ: السُّمُّ، والجمع أَقْشابٌ.
يقال: قَشَبْتُ للنَّسْر، وهو أَن تَجْعل السُّمَّ على اللحم، فيأْكله
فيموت، فيؤخذ ريشه.
وقَشَّبَ له: سَقاه السُّمَّ. وقَشَبَه قَشْباً: سَقاه السُّمَّ.
وقَشَّبني ريحُه تَقْشِـيباً أَي آذاني، كأَنه قال: سَمَّني ريحُه. وجاء
في الحديث: أَن رجلاً يَمُرُّ على جِسْر جهنم فيقول: يا رب! قَشَّبَنِـي ريحُها؛ معناه: سَمَّني ريحُها؛ وكلُّ مسموم قَشِـيبٌ ومُقَشَّبٌ. وَرُوِيَ عن عمر أَنه وَجَدَ من مُعاوية ريحَ طِـيبٍ، وهو مُحْرِمٌ، فقال: مَنْ قَشَبَنا؟ أَراد أَن ريحَ الطيب على هذه الحال مع الإِحرام ومُخالَفةِ السنة قَشْبٌ، كما أَن ريح النَّتْن قَشْبٌ، وكلُّ قَذَرٍ قَشْبٌ وقَشَبٌ.وقَشِبَ الشيءَ (1)
(1 قوله «وقشب الشيء» ضبط بالأصل والمحكم قشب كسمع.
ومقتضى القاموس انه من باب ضرب.) واسْتَقْشَبه: اسْتَقْذَره. ويقال: ما أَقْشَبَ بَيْتَهم أَي ما أَقْذَر ما حولَه من الغَائط ! وقَشُبَ الشيءُ: دَنُسَ. وقَشَّبَ الشيءَ: دَنَّسَه. ورجل قِشْبٌ خِشْبٌ، بالكسر: لا خير فيه.
وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: اغْفِرْ للأَقْشاب، جمع قِشْبٍ، وهو مَنْ لا خير فيه. وقَشَبه بالقبيح، قَشْباً: لَطَّخَه به، وعَيَّرَه، وذكره بسُوء. التهذيب: والقَشْبُ مِن الكلام الفِرَى؛ يقال: قَشَّبَنا فلانٌ أَي رَمانا بأَمر لم يكن فينا؛ وأَنشد:
قَشَّبْتَنا بفَعالٍ لَسْتَ تارِكَه، * كما يُقَشِّبُ ماءَ الجُمَّةِ الغَرَبُ
ويروى ماء الـحَمَّة، بالحاء المهملة، وهي الغدير.
ابن الأَعرابي: القاشِبُ الذي يَعِـيبُ الناسَ بما فيه؛ يقال: قَشَبَه
بعَيْبِ نَفْسه. والقاشِبُ: الذي قِشْبُه ضَاوِيٌّ أَي نَفْسُه. والقاشِبُ: الخَيَّاط الذي يَلْقُطُ أَقشابه، وهي عُقَدُ الخُيوط، ببُزاقه إِذا لَفظ بها. ورجل مُقَشَّبٌ: مَمْزُوجُ الـحَسَبِ باللُّؤْم، مَخْلوط
الـحَسَب. وفي الصحاح: رجل مُقَشَّبُ الـحَسَب إِذا مُزِجَ حَسَبُه. وقَشَبَ الرجلُ يَقْشِبُ قَشْباً وأَقْشَبَ واقْتَشَبَ: اكْتَسَبَ حَمْداً أَو ذَمّاً. وقَشَبَه بشَرٍّ إِذا رماه بعلامة من الشَّرِّ، يُعْرَفُ بها. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه، قال لبعض بنيه: قَشَبَكَ المالُ أَي أَفْسَدَك وذَهَبَ بعَقْلك.
والقَشِبُ والقَشِـيبُ: الجَديدُ والخَلَقُ. وفي الحديث: أَنه مَرَّ وعليه قُشْبَانِـيَّتانِ؛ أَي بُرْدتانِ خَلَقانِ، وقيل: جديدتان. والقَشِـيبُ: من الأَضداد، وكأَنه منسوب إِلى قُشْبانٍ، جمع قَشِـيبٍ، خارجاً عن القياس، لأَنه نسب إِلى الجمع؛ قال الزمخشري: كونه منسوباً إِلى الجمع غير مَرْضِـيٍّ، ولكنه بناء مستطرف للنسب كالأَنْبَجانيّ. ويقال: ثوب قَشِـيبٌ، ورَيْطَةٌ قَشِـيبٌ أَيضاً، والجمع قُشُبٌ؛ قال ذو الرمة:
كأَنها حُلَلٌ مَوْشِـيَّةٌ قُشُبُ
وقد قَشُبَ قَشابةً. وقال ثعلب: قَشُبَ الثوبُ: جَدَّ ونَظُفَ. وسيف
قَشِـيبٌ: حديث عَهْدٍ بالجِلاءِ. وكلُّ شيءٍ جديدٍ: قَشيبٌ؛ قال لبيد:
فالماءُ يَجْلُو مُتُونَهُنَّ، كما * يَجْلُو التلاميذُ لُؤْلُؤاً قَشِـبا
والقِشْبُ: نبات يُشْبِهُ الـمَقِرَ (1)
(1 قوله «يشبه المقر» كذا بالأصل والمحكم بالقاف والراء وهو الصبر وزناً ومعنى. ووقع في القاموس المغد بالغين المعجمة والدال وهو تحريف لم يتنبه له الشارح يظهر لك ذلك بمراجعة
المادّتين.) ، يَسْمُو من وَسَطِه قَضيبٌ، فإِذا طال تَنَكَّسَ مِنْ
رُطُوبته، وفي رأْسه ثَمرةٌ يُقْتَلُ بها سِـباعُ الطَّيْرِ.
والقِشْبة: الخَسيسُ من الناس، يَمانية. والقِشْبةُ: ولد القِرْدِ؛ قال
ابن دريد: ولا أَدري ما صحّتُه، والصحيح القِشَّةُ، وسيأْتي ذكره.
مسح: المَسْحُ: القول الحَسَنُ من الرجل، وهو في ذلك يَخْدَعُكَ، تقول:
مَسَحَه بالمعروف أَي بالمعروف من القول وليس معه إِعطاء، وإِذا جاء
إِعطاء ذهب المَسْحُ؛ وكذلك مَسَّحْتُه. والمَسْحُ: إِمراركَ يدك على الشيء
السائل أَو المتلطخ، تريد إِذهابه بذلك كمسحك رأْسك من الماء وجبينك من
الرَّشْح، مَسَحَه يَمْسَحُه مَسْحاً ومَسْحَه، وتَمَسَّح منه وبه. في حديث
فَرَسِ المُرابِطِ: أَنَّ عَلَفَه ورَوْثه ومَسْحاً عنه في ميزانه؛ يريد
مَسْحَ الترابِ عنه وتــنظيف جلده. وقوله تعالى: وامْسَحُوا برؤُوسكم
وأَرجلكم إِلى الكعبين؛ فسره ثعلب فقال: نزل القرآن بالمَسْح والسنَّةُ
بالغَسْل، وقال بعض أَهل اللغة: مَنْ خفض وأَرجلكم فهو على الجِوارِ؛ وقال
أَبو إِسحق النحوي: الخفض على الجوار لا يجوز في كتاب الله عز وجل، وإِنما
يجوز ذلك في ضرورة الشعر، ولكن المسح على هذه القراءة كالغسل، ومما يدل
على أَنه غسل أَن المسح على الرجل لو كان مسحاً كمسح الرأْس، لم يجز تحديده
إِلى الكعبين كما جاز التحديد في اليدين إِلى المرافق؛ قال الله عز وجل:
فامسحوا برؤُوسكم؛ بغير تحديد في القرآن؛ وكذلك في التيمم: فامسحوا
بوجوهكم وأَيديكم، منه، من غير تحديد، فهذا كله يوجب غسل الرجلين. وأَما من
قرأَ: وأَرْجُلَكم، فهو على وجهين: أَحدهما أَن فيه تقديماً وتأْخيراً
كأَنه قال: فاغسلوا وجوهكم وأَيديكم إِلى المرافق، وأَرْجُلَكم إِلى
الكعبين، وامسحوا برؤُوسكم، فقدَّمَ وأَخَّرَ ليكون الوضوءُ وِلاءً شيئاً بعد
شيء، وفيه قول آخر: كأَنه أَراد: واغسلوا أَرجلكم إِلى الكعبين، لأَن قوله
إِلى الكعبين قد دل على ذلك كما وصفنا، ويُنْسَقُ بالغسل كما قال
الشاعر:يا ليتَ زَوْجَكِ قد غَدَا
مُتَقَلِّداً سَيْفاً ورُمْحا
المعنى: متقلداً سيفاً وحاملاً رمحاً.
وفي الحديث: أَنه تَمَسَّحَ وصَلَّى أَي توضأ. قال ابن الأَثير: يقال
للرجل إِذا توضأ قد تَمَسَّحَ، والمَسْحُ يكون مَسْحاً باليد وغَسْلاً. وفي
الحديث: لما مَسَحْنا البيتَ أَحْللنا أَي طُفْنا به، لأَن من طاف
بالبيت مَسَحَ الركنَ، فصار اسماً للطواف.
وفلان يُتَمَسَّحُ بثوبه أَي يُمَرُّ ثوبُه على الأَبدان فيُتقرَّبُ به
إِلى الله. وفلان يُتَمَسَّحُ به لفضله وعبادته كأَنه يُتَقَرَّبُ إِلى
الله بالدُّنُوِّ منه.
وتماسَحَ القومُ إِذا تبايعوا فتَصافَقُوا. وفي حديث الدعاء للمريض:
مَسَحَ الله عنك ما بك أَي أَذهب. والمَسَحُ: احتراق باطن الركبة من
خُشْنَةِ الثوب؛ وقيل: هو أَن يَمَسَّ باطنُ إِحدى الفخذين باطنَ الأُخْرَى
فيَحْدُثَ لذلك مَشَقٌ وتَشَقُّقٌ؛ وقد مَسِحَ. قال أَبو زيد: إِذا كانت
إِحدى رُكْبَتَي الرجل تصيب الأُخرى قيل: مَشِقَ مَشَقاً ومَسِحَ، بالكسر،
مَسَحاً. وامرأَة مَسْحاء رَسْحاء، والاسم المَسَحُ؛ والماسِحُ من الضاغِطِ
إِذا مَسَحَ المِرْفَقُ الإِبِطَ من غير أَن يَعْرُكَه عَرْكاً شديداً،
وإِذا أَصاب المِرْفَقُ طَرَفَ كِرْكِرَة البعير فأَدماه قيل: به حازٌّ،
وإِن لم يُدْمِه قيل: به ماسِحٌ.
والأَمْسَحُ: الأَرْسَحُ؛ وقوم مُسْحٌ رُسْحٌ؛ وقال الأَخطل:
دُسْمُ العَمائمِ، مُسْحٌ، لا لُحومَ لهم،
إِذا أَحَسُّوا بشَّخْصٍ نابئٍ أَسِدُوا
وفي حديث اللِّعانِ: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال في ولد
الملاعنة: إِن جاءت به مَمْسُوحَ الأَلْيَتَينِ؛ قال شمر: هو الذي لَزِقَتْ
أَلْيَتاه بالعظم ولم تَعْظُما؛ رجل أَمْسَحُ وامرأَة مَسْحاءُ وهي
الرَّسْحاء. وخُصًى مَمْسُوحٌ إِذا سُلِتَتْ مَذاكِيرُه. والمَسَحُ أَيضاً: نَقْصٌ
وقِصَرٌ في ذنب العُقابِ. وعَضُدٌ مَمْسوحة: قليلة اللحم. ورجل أَمْسَحُ
القَدَم والمرأَة مَسْحاء إِذا كانت قَدَمُه مستويةً لا أَخْمَصَ لها.
وفي صفة النبي، صلى الله عليه وسلم: مَسِيحُ القدمين؛ أَراد أَنهما
مَلْساوانِ لَيِّنَتانِ ليس فيهما تَكَسُّرٌ ولا شُقاقٌ، إِذا أَصابهما الماء
نَبا عنهما.
وامرأَة مَسْحاءُ الثَّدْي إِذا لم يكن لثديها حَجْم. ورجل مَمْسوح
الوجه ومَسِيحٌ: ليس على أَحد شَقَّيْ وجهِه عين ولا حاجبٌ. والمَسِيحُ
الدَّجَّالُ: منه على هذه الصفة؛ وقيل: سمي بذلك لأَنه مَمْسوحُ العين.
الأَزهري: المَسِيحُ الأَعْوَرُ وبه سمي الدجال، ونحو ذلك قال أَبو
عبيد.ومَسَحَ في الأَرض يَمْسَحُ مُسُوحاً: ذهب، والصاد لغة، وهو مذكور في
موضعه. ومَسَحَتِ الإِبلُ الأَرضَ يومها دَأْباً أَي سارت فيها سيراً
شديداً.
والمَسيحُ: الصِّدِّيقُ وبه سمي عيسى، عليه السلام؛ قال الأَزهري: وروي
عن أَبي الهيثم أَن المَسِيحَ الصِّدِّيقُ؛ قال أَبو بكر: واللغويون لا
يعرفون هذا، قال: ولعل هذا كان يستعمل في بعض الأَزمان فَدَرَسَ فيما
دَرَسَ من الكلام؛ قال: وقال الكسائي: قد دَرَسَ من كلام العرب كثير. قال ابن
سيده: والمسيح عيسى بن مريم، صلى الله على نبينا وعليهما، قيل: سمي بذلك
لصدقه، وقيل: سمي به لأَنه كان سائحاً في الأَرض لا يستقرّ، وقيل: سمي
بذلك لأَنه كان يمسح بيده على العليل والأَكمه والأَبرص فيبرئه بإِذن
الله؛ قال الأَزهري: أُعرب اسم المسيح في القرآن على مسح، وهو في التوراة
مَشيحا، فعُرِّبَ وغُيِّرَ كما قيل مُوسَى وأَصله مُوشَى؛ وأَنشد:
إِذا المَسِيحُ يَقْتُل المَسِيحا
يعني عيسى بن مريم يقتل الدجال بنَيْزَكه؛ وقال شمر: سمي عيسى المَسِيحَ
لأَنه مُسِحَ بالبركة؛ وقال أَبو العباس: سمي مَسِيحاً لأَنه كان
يَمْسَحُ الأَرض أَي يقطعها. وروي عن ابن عباس: أَنه كان لا يَمْسَحُ بيده ذا
عاهة إِلاَّ بَرأَ، وقيل: سمي مسيحاً لأَنه كان أَمْسَحَ الرِّجْل ليس
لرجله أَخْمَصُ؛ وقيل: سمي مسيحاً لأَنه خرج من بطن أُمه ممسوحاً بالدهن؛
وقول الله تعالى: بكلِمةٍ منه اسمه المسيحُ؛ قال أَبو منصور: سَمَّى اللهُ
ابتداءَ أَمرِه كلمة لأَنه أَلقى إِليها الكلمةَ، ثم كَوَّنَ الكلمة
بشراً، ومعنى الكلمة معنى الولد، والمعنى: يُبَشِّرُكِ بولد اسمه المسيح.
والمسيحُ: الكذاب الدجال، وسمي الدجال، مسيحاً لأَن عينه ممسوحة عن أَن يبصر
بها، وسمي عيسى مسيحاً اسم خصَّه الله به، ولمسح زكريا إِياه؛ وروي عن
أَبي الهيثم أَنه قال: المسيح بن مريم الصِّدِّيق، وضدُّ الصِّدِّيق
المسيحُ الدجالُ أَي الضِّلِّيلُ الكذاب. خلق الله المَسِيحَيْنِ: أَحدهما ضد
الآخر، فكان المسِيحُ بن مريم يبرئ الأَكمه والأَبرص ويحيي الموتى بإِذن
الله، وكذلك الدجال يُحْيي الميتَ ويُمِيتُ الحَيَّ ويُنْشِئُ السحابَ
ويُنْبِتُ النباتَ بإِذن الله، فهما مسيحان: مسيح الهُدَى ومسيح الضلالة؛
قال المُنْذِرِيُّ: فقلت له بلغني أَن عيسى إِنما سمي مسيحاً لأَنه مسح
بالبركة، وسمي الدجال مسيحاً لأَنه ممسوح العين، فأَنكره، وقال: إِنما
المسِيحُ ضدُّ المسِيحِ؛ يقال: مسحه الله أَي خلقه خلقاً مباركاً حسناً،
ومسحه الله أَي خلقه خلقاً قبيحاً ملعوناً. والمسِيحُ: الكذاب؛ ماسِحٌ
ومِسِّيحٌ ومِمْسَحٌ وتِمْسَحٌ؛ وأَنشد:
إِني، إِذا عَنَّ مِعَنٌّ مِتْيَحُ
ذا نَخْوَةٍ أَو جَدَلٍ، بَلَنْدَحُ،
أَو كَيْذُبانٌ مَلَذانٌ مِمْسَحُ
وفي الحديث: أَمَّا مَسِيحُ الضلالة فكذا؛ فدلَّ هذا الحديث على أَن
عيسى مَسِيحٌ الهُدَى وأَن الدجَّال مسيح الضلالة.
وروى بعض المحدّثين: المِسِّيح، بكسر الميم والتشديد، في الدجَّال بوزن
سِكِّيتٍ. قال ابن الأَثير: قال أَبو الهيثم: إِنه الذي مُسِحَ خَلْقُه
أَي شُوِّه، قال: وليس بشيء. وروي عن ابن عمر قال: قال رسول الله، صلى
الله عليه وسلم، أَراني اللهُ رجلاً عند الكعبة آدَمَ كأَحْسَنِ من رأَيتُ،
فقيل لي: هو المسيح بن مريم، قال: وإِذا أَنا برجل جَعْدٍ قَطِطٍ أَعور
العين اليمنى كأَنها عِنَبَةٌ كافية، فسأَلت عنه فقيل: المِسِّيحُ
الدجَّال؛ على فِعِّيل.
والأَمْسَحُ من الأَرض: المستوي؛ والجمع الأَماسِح؛ وقال الليث:
الأَمْسَحُ من المفاوز كالأَمْلَسِ، وجمع المَسْحاء من الأَرض مَساحي؛ وقال أَبو
عمرو: المَسْحاء أَرض حمراء والوحْفاء السوداء؛ ابن سيده: والمَسْحاء
الأَرض المستوية ذاتُ الحَصَى الصِّغارِ لا نبات فيها، والجمع مِساحٌ
ومسَاحِي
(* قوله«والجمع مساح ومساحي» كذا بالأصل مضبوطاً ومقتضى قوله غلب
فكسر إلخ أن يكون جمعه على مساحي ومساحَى، بفتح الحاء وكسرها كما قال ابن
مالك وبالفعالي والفعالى جمعا صحراء والعذراء إلخ.)، غلب فكُسِّرَ تكسير
الأَسماء؛ ومكان أَمْسَحُ. قال الفراء: يقال مررت بخَرِيق من الأَرض بين
مَسْحاوَيْنِ؛ والخَرِيقُ: الأَرض التي تَوَسَّطَها النباتُ؛ وقال ابن
شميل: المَسْحاء قطعة من الأَرض مستوية جَرْداء كثيرة الحَصَى ليس فيها شجر
ولا تنبت غليظة جَلَدٌ تَضْرِبُ إِلى الصلابة، مثل صَرْحة المِرْبَدِ ليست
بقُفٍّ ولا سَهْلة؛ ومكان أَمْسَحُ.
والمَسِيحُ: الكثير الجماع وكذلك الماسِحُ.
والمِساحةُ: ذَرْعُ الأَرض؛ يقال: مَسَحَ يَمْسَحُ مَسْحاً.
ومَسَحَ الأَرضَ مِساحة أَي ذَرَعَها. ومَسَحَ المرأَة يَمْسَحُها
مَسْحاً ومَتَنَها مَتْناً: نكحها. ومَسَحَ عُنُقَه وبها يَمْسَحُ مَسْحاً:
ضربها، وقيل: قطعها، وقوله تعالى: رُدُّوها عليَّ فَطفِقَ مَسْحاً
بالسُّوقِ والأَعْناقِ؛ يفسر بهما جميعاً. وروى الأَزهري عن ثعلب أَنه قيل له:
قال قُطْرُبٌ يَمْسَحُها ينزل عليها، فأَنكره أَبو العباس وقال: ليس بشيء،
قيل له: فإِيْش هو عندك؟ فقال: قال الفراء وغيره: يَضْرِبُ أَعناقَها
وسُوقَها لأَنها كانت سبب ذنبه؛ قال الأَزهري: ونحو ذلك قال الزجاج وقال: لم
يَضْرِبْ سُوقَها ولا أَعناقَها إِلاَّ وقد أَباح الله له ذلك، لأَنه لا
يجعل التوبة من الذنب بذنب عظيم؛ قال: وقال قوم إِنه مَسَحَ أَعناقَها
وسوقها بالماء بيده، قال: وهذا ليس يُشْبِه شَغْلَها إِياه عن ذكر الله،
وإِنما قال ذلك قوم لأَن قتلها كان عندهم منكراً، وما أَباحه الله فليس
بمنكر، وجائز أَن يبيح ذلك لسليمان، عليه السلام، في وقتهِ ويَحْظُرَه في
هذا الوقت؛ قال ابن الأَثير: وفي حديث سليمان، عليه السلام: فطَفِقَ
مَسْحاً بالسوق والأَعناق؛ قيل: ضَرَبَ أَعناقَها وعَرْقَبها. يقال: مَسَحه
بالسيف أَي ضربه. ومَسَحه بالسيف: قَطَعَه؛ وقال ذو الرمة:
ومُسْتامةٍ تُسْتامُ، وهي رَخِيصةٌ،
تُباعُ بساحاتِ الأَيادِي، وتُمْسَحُ
مستامة: يعنني أَرضاً تَسُومُ بها الإِبلُ. وتُباعُ: تَمُدُّ فيها
أَبواعَها وأَيديَها. وتُمْسَحُ: تُقْطَع.
والماسحُ: القَتَّال؛ يقال: مَسَحَهم أَي قتلهم.
والماسحة: الماشطة.
والتماسُحُ: التَّصادُق.
والمُماسَحَة: المُلاينَة في القول والمعاشرة والقلوبُ غير صافية.
والتِّمْسَحُ: الذي يُلايِنُك بالقول وهو يَغُشُّك. والتِّمْسَحُ
والتِّمْساحُ من الرجال: المارِدُ الخبيث؛ وقيل: الكذاب الذي لا يَصْدُقُ
أَثَرَه يَكْذِبُكَ من حيث جاء؛ وقال اللحياني: هو الكذاب فَعَمَّ به.
والتَّمْساحُ: الكذب؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
قد غَلَبَ الناسَ بَنُو الطَّمَّاحِ،
بالإِفْكِ والتَّكْذابِ والتَّمْساحِ
والتِّمْسَحُ والتِّمْساحُ: خَلْقٌ على شَكْل السُّلَحْفاة إِلاَّ أَنه
ضَخْم قويّ طويل، يكون بنيل مصر وبعض أَنهار السِّنْد؛ وقال الجوهري:
يكون في الماء.
والمَسِيحةُ: الذُّؤَابةُ، وقيل: هي ما نزل من الشَّعَرِ فلم يُعالَجْ
بدهن ولا بشيء، وقيل: المَسِيحةُ من رأْس الإِنسان ما بين الأُذن والحاجب
يَتَصَعَّد حتى يكون دون اليافُوخ، وقيل: هو ما وَقَعَتْ عليه يَدُ الرجل
إِلى أُذنه من جوانب شعره؛ قال:
مَسائِحُ فَوْدَيْ رأْسِه مُسْبَغِلَّةٌ،
جَرى مِسْكُ دارِينَ الأَحَّمُّ خِلالَها
وقيل: المَسائح موضعُ يَدِ الماسِح. الأَزهري عن الأَصمعي: المَسائح
الشعر؛ وقال شمر: هي ما مَسَحْتَ من شعرك في خدّك ورأْسك. وفي حديث عَمَّار:
أَنه دخل عليه وهو يُرَجِّل مَسائحَ من شَعَره؛ قيل: هي الذوائب وشعر
جانبي الرأْس. والمَسائحُ: القِسِيُّ الجِيادُ، واحدتها مَسِيحة؛ قال أَبو
الهيثم الثعلبي:
لها مَسائحُ زُورٌ، في مَراكِضِها
لِينٌ، وليس بها وَهْنٌ ولا رَقَقُ
قال ابن بري: صواب إِنشاده لنا مَسائح أَي لنا قِسِيٌّ. وزُورٌ: جمع
زَوْراء وهي المائلة. ومَراكِضُها: يريد مِرْكَضَيْها وهما جانباها من عن
يمين الوَتَرِ ويساره. والوَهْنُ والرَّقَقُ: الضَّعْف.
والمِسْحُ: البِلاسُ. والمِسْحُ: الكساء من الشَّعَر والجمع القليل
أَمْساح؛ قال أَبو ذؤَيب:
ثم شَرِبْنَ بنَبْطٍ، والجِمالُ كأَنْـ
ـنَ الرَّشْحَ، منهنَّ بالآباطِ، أَمْساحُ
والكثير مُسُوح.
وعليه مَسْحةٌ من جَمالٍ أَي شيء منه؛ قال ذو الرمة:
على وَجْهِ مَيٍّ مَسْحةٌ من مَلاحَةٍ،
وتحتَ الثِّيابِ الخِزْيُ، لو كان بادِيا
وفي الحديث عن إِسمعيل بن قيس قال: سمعت جَريراً يقول: ما رآني رسولُ
الله، صلى الله عليه وسلم، مُنْذُ أَسلمت إِلا تَبَسَّم في وجهي؛ قال:
ويَطْلُع عليكم رجل من خيار ذي يَمَنٍ على وجهه مَسْحةُ مُلْكٍ. وهذا الحديث
في النهاية لابن الأَثير: يطلُع عليكم من هذا الفَجِّ رجلٌ من خير ذي
يَمَنٍ عليه مَسْحةُ مُلْك؛ فطلع جرير بن عبد الله. يقال: على وجهه مَسْحَة
مُلْك ومَسْحةُ جَمال أَي أَثر ظاهر منه. قال شمر: العرب تقول هذا رجل
عليه مَسْحةُ جَمال ومَسْحة عِتْقٍ وكَرَم، ولا يقال ذلك إِلا في المدح؛
قال: ولا يقال عليه مَسْحةُ قُبْح. وقد مُسِح بالعِتْقِ والكَرَم مَسْحاً؛
قال الكميت:
خَوادِمُ أَكْفاءٌ عليهنَّ مَسْحَةٌ
من العِتْقِ، أَبداها بَنانٌ ومَحْجِرُ
وقال الأَخطل يمدح رجلاً من ولد العباس كان يقال له المُذْهَبُ:
لَذٌّ، تَقَيَّلَهُ النعيمُ، كأَنَّما
مُسِحَت تَرائبُه بماءٍ مُذْهَبِ
الأَزهري: العرب تقول به مَسْحَة من هُزال وبه مَسْحَة من سِمَنٍ
وجَمال.والشيءُ المَمْسوحُ: القبيح المَشؤُوم المُغَيَّر عن خلقته. الأَزهري:
ومَسَحْتُ الناقةَ ومَسَّحْتُها أَي هَزَلْتُها وأَدْبَرْتُها.
والمَسِيحُ: المِنْديلُ الأَخْشَنُ. والمَسيح: الذِّراع. والمَسِيحُ
والمَسِيحةُ: القِطْعَةُ من الفضةِ. والدرهمُ الأَطْلَسُ مَسِيحٌ.
ويقال: امْتَسَحْتُ السيفَ من غِمْده إِذا اسْتَلَلْتَه؛ وقال سَلَمة بن
الخُرْشُبِ يصف فرساً:
تَعادَى، من قوائِمها، ثَلاثٌ،
بتَحْجِيلٍ، وواحِدةٌ بَهِيمُ
كأَنَّ مَسيحَتَيْ وَرِقٍ عليها،
نَمَتْ قُرْطَيْهما أُذُنٌ خَديمُ
قال ابن السكيت: يقول كأَنما أُلْبِسَتْ صَفِيحةَ فِضَّةٍ من حُسْن
لَوْنها وبَريقِها، قال: وقوله نَمَتْ قُرْطَيْهما أَي نَمَتِ القُرْطَيْنِ
اللذين من المَسيحَتَين أَي رفعتهما، وأَراد أَن الفضة مما يُتَّخَذُ
للحَلْيِ وذلك أَصْفَى لها. وأُذُنٌ خَديمٌ أَي مثقوبة؛ وأَنشد لعبد الله ابن
سلمة في مثله:
تَعْلى عليه مَسائحٌ من فِضَّةٍ،
وتَرى حَبابَ الماءِ غيرَ يَبِيسِ
أَراد صَفاءَ شَعْرَتِه وقِصَرَها؛ يقول: إِذا عَرِقَ فهو هكذا وتَرى
الماءَ أَوَّلَ ما يبدو من عَرَقه. والمَسيح: العَرَقُ؛ قال لبيد:
فَراشُ المَسِيحِ كالجُمانِ المُثَقَّبِ
الأَزهري: سمي العَرَق مَسِيحاً لأَنه يُمْسَحُ إِذا صُبَّ؛ قال الراجز:
يا رَيَّها، وقد بَدا مَسِيحي،
وابْتَلَّ ثَوْبايَ من النَّضِيحِ
والأَمْسَحُ: الذئب الأَزَلُّ. والأَمْسَحُ: الأَعْوَرُ الأَبْخَقُ لا
تكون عينه بِلَّوْرَةً. والأَمْسَحُ: السَّيَّارُ في سِياحتِه.
والأَمْسَحُ: الكذاب. وفي حديث أَبي بكر: أَغِرْ عليهم غارَةً مَسْحاءَ؛ هو فَعْلاء
من مَسَحَهم يَمْسَحُهم إِذا مَرَّ بهم مَرًّا خفيفاً لا يقيم فيه
عندهم.أَبو سعيد في بعض الأَخبار: نَرْجُو النَّصْرَ على من خالَفَنا
ومَسْحَةَ النِّقْمةِ على من سَعَى؛ مَسْحَتُها: آيَتُها وحِلْيَتُها؛ وقيل:
معناه أَن أَعناقهم تُمْسَحُ أَي تُقْطَفُ.
وفي الحديث: تَمَسَّحُوا بالأَرض فإِنها بكم بَرَّةٌ؛ أَراد به التيمم،
وقيل: أَراد مباشرة ترابها بالجِباه في السجود من غير حائل، ويكون هذا
أَمر تأْديب واستحباب لا وجوب. وفي حديث ابن عباس: إِذا كان الغلام يتيماً
فامْسَحُوا رأْسَه من أَعلاه إِلى مُقَدَّمِه، وإِذا كان له أَب فامسحوا
من مُقَدَّمه إِلى قفاه؛ وقال: قال أَبو موسى هكذا وجدته مكتوباً، قال:
ولا أَعرف الحديث ولا معناه. ولي حديث خيبر: فخرجوا بمَساحِيهم
ومَكاتِلِهم؛ المَساحِي: جمعُ مِسْحاةٍ وهي المِجْرَفَة من الحديد، والميم زائدة،
لأَنه من السَّحْوِ الكَشْفِ والإِزالة، والله أَعلم.
وضأ: الوَضُوءُ، بالفتح: الماء الذي يُتَوَضَّأُ به، كالفَطُور والسَّحُور لما يُفْطَرُ عليه ويُتَسَحَّرُ به. والوَضُوءُ أَيضاً: المصدر من تَوَضَّأْتُ للصلاةِ، مثل الوَلُوعِ والقَبُولِ. وقيل: الوُضُوءُ، بالضم، المصدر. وحُكيَ عن أَبي عمرو بن العَلاء: القَبُولُ، بالفتح، مصدر لم أَسْمَعْ غيره.
وذكر الأَخفش في قوله تعالى: وَقُودُها النَّاسُ والحِجارةُ، فقال:
الوَقُودُ، بالفتح: الحَطَبُ، والوُقُود، بالضم: الاتّقادُ، وهو الفعلُ. قال: ومثل ذلك الوَضُوءُ، وهو الماء، والوُضُوءُ، وهو الفعلُ. ثم قال: وزعموا أَنهما لغتان بمعنى واحد، يقال: الوَقُودُ والوُقُودُ، يجوز أَن يُعْنَى بهما الحَطَبُ، ويجوز أَن يُعنى بهما الفعلُ. وقال غيره: القَبُولُ والوَلُوع، مفتوحانِ، وهما مصدران شاذَّانِ، وما سواهما من المصادر فمبني على الضم. التهذيب: الوَضُوءُ: الماء، والطَّهُور مثله. قال: ولا يقال فيهما بضم الواو والطاء، لا يقال الوُضُوءُ ولا الطُّهُور. قال الأَصمعي، قلت لأَبي عمرو: ما الوَضُوءُ؟ فقال: الماءُ الذي يُتَوَضَأُ به. قلت: فما الوُضُوءُ، بالضم؟ قال: لا أَعرفه. وقال ابن جبلة: سمعت أَبا عبيد يقول: لا
يجوز الوُضُوءُ إِنما هو الوَضُوءُ.
وقال ثعلب: الوُضُوءُ: مصدر، والوَضُوءُ: ما يُتَوَضَّأُ به، والسُّحُورُ: مصدر، والسَّحُورُ: ما يُتَسَحَّر به.
وتَوَضَّأْتُ وُضُوءاً حَسَناً. وقد تَوَضَّأَ بالماءِ، وَوَضَّأَ غَيْره. تقول: تَوَضَّأْتُ للصلاة، ولا تقل تَوَضَّيْتُ، وبعضهم يقوله. قال أَبو حاتم: تَوَضَّأْتُ وُضُوءاً وتَطَهَّرْت طُهوراً. الليث: المِيضأَةُ مِطْهَرةٌ، وهي التي يُتَوَضَّأُ منها أَو فيها. ويقال: تَوَضَّأْتُ
أَتَوَضَّأُ تَوَضُّؤاً ووُضُوءاً، وأَصل الكلمة من الوضاءة، وهي الحُسْنُ.
قال ابن الأَثير: وُضُوءُ الصلاةِ معروف، قال: وقد يراد به غَسْلُ
بَعْضِ الأَعْضاء.
والمِيضَأَةُ: الـموضع الذي يُتَوَضَّأُ فيه، عن اللحياني. وفي الحديث: تَوَضَّؤُوا مِمَّا غَيَّرَتِ النارُ. أَراد به غَسْلَ الأَيدِي والأَفْواهِ من الزُّهُومة، وقيل: أَراد به وُضُوءَ الصلاةِ، وذهبَ إليه قوم من الفقهاءِ. وقيل: معناه نَظِّفُوا أَبْدانَكم من الزُّهومة، وكان جماعة من الأَعراب لا يَغْسِلُونها، ويقولون فَقْدُها أَشدُّ مِنْ رِيحها.
وعن قتادة: مَنْ غَسَلَ يدَه فقد تَوَضَّأَ.
وعن الحسن: الوُضُوءُ قبل الطعام يَنْفِي الفَقْرَ، والوُضُوءُ بعدَ
الطعامِ يَنْفِي اللَّمَمَ. يعني بالوُضُوءِ التَّوَضُّؤَ.
والوَضَاءة: مصدرُ الوَضِيءِ، وهو الحَسَنُ الــنَّظِيفُ. والوَضاءة:
الحُسْنُ والنَّظافةُ.
وقد وَضُؤَ يَوْضُؤُ وَضَاءة، بالفتح والمدّ: صار وَضِيئاً، فهو
وَضِيءٌ من قَوْم أَوْضِياءَ، وَوِضَاءٍ ووُضَّاءٍ. قال أَبو صَدَقة
الدُّبَيْرِيُّ:
والمرْءُ يُلْحِقُه، بِفِتْيانِ النَّدَى، * خُلُقُ الكَريم، ولَيْسَ بالوُضَّاءِ(1)
(1 قوله «وليس بالوضاء» ظاهره أنه جمع واستشهد به في الصحاح على قوله ورجل وضاء بالضم أَي وضيء فمفاده أنه مفرد.)
والجمع: وُضَّاؤُون. وحكى ابن جني: وَضاضِئ، جاؤوا بالهمزة في الجمع لما كانت غير منقلبة بل موجودةً في وَضُؤْتُ.
وفي حديث عائشة: لَقَلَّما كانتِ امرأَةٌ وَضِيئةٌ عند رجل يُحِبُّها.
الوَضَاءة: الحُسْنُ والبَهْجةُ. يقال وَضُؤَتْ، فهي وَضِيئةٌ.
وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه، لِحَفْصةَ: لا يُغُرّكِ أَن كانَتْ
جارَتُكِ هي أَوْضَأَ مِنْكِ أَي أَحْسَنَ.
وحكى اللحياني: إِنه لوَضِيءٌ، في فِعْلِ الحالِ، وما هو بواضِئٍ، في الـمُسْتَقْبَلِ. وقول النابغة:
فَهُنَّ إِضاءٌ صافِياتُ الغَلائِلِ
يجوز أَن يكون أَراد وِضَاءٌ أَي حِسانٌ نِقَاءٌ، فأَبدل الهمزة من
الواو المكسورة، وهو مذكور في موضعه.
وواضَأْتُه فَوَضَأْتُه أَضَؤُه إِذا فاخَرْتَه بالوَضَاءة فَغَلَبْتَه.
كسح: الكَسْحُ: الكَنْسُ؛ كَسَحَ البيتَ والبئر يَكْسَحُه كَسْحاً:
كَنَسه.
والمِكْسَحة: المِكْنَسةُ؛ قال سيبويه: هذا الضرب مما يُعْتَمل مكسور
الأَوّل، كانت الهاء فيه أَو لم تكن. الجوهري: المِكْسَحة ما يُكْنَس به
الثَّلْجُ وغيره.
والكُساحة مثل الكُناسة؛ قال ابن سيده: والكُساحة الكُناسة، وقال
اللحياني: كُساحةُ البيت ما كُسِحَ من التراب فأُلْقِيَ بعضُه على بعض.
والكُساحة: تراب مجموع كُسِحَ بالمِكْسَحِ.
واكْتَسَح أَموالَهم: أَخذها كلها؛ يقال: أَغاروا عليهم فاكْتَسَحُوهم
أَي أَخذوا مالهم كله، ويقال: أَتينا بني فلان فاكْتَسَحْنا مالهم أَي لم
نُبْق لهم شيئاً؛ قال المُفَضَّل: كَسَحَ وكَثَح بمعنى واحد.
والكُساحُ: الزَّمانةُ في اليدين والرجلين وأَكثر ما يستعمل في الرجلين.
الأَزهري: الكَسَحُ ثِقَل في إِحدى الرجلين إِذا مَشَى جَرَّها جَرّاً.
وكَسِحَ كَسَحاً، وهو أَكْسَحُ وكَسْحانُ وكَسِيحٌ ومكَسَّحٌ؛ وقيل:
الأَكْسَحُ الأَعوجُ والمُقْعَدُ أَيضاً؛ قال الأَعشى:
كُل وَضَّاحٍ كَريمٍ جَدُّه،
وخَذولِ الرِّجْلِ، من غيرِ كَسَحْ
وهذا البيت أَورده الجوهري وغيره وابن بري: بين مغلوب نبيل جدّه، وقال:
هو يصف قوماً نَشاوى ما بين مغلوب قد غلبه السكر، وخَذُولِ الرجل من غير
كَسَح. قال ابن بري: ويروى تليل خدّه، بالخاء المعجمة والدال المهملة.
والكَسَحُ: داء يأْخذ في الأَوراك فتَضْعُفُ له الرجل. وقد كَسِحَ
الرجلُ كَسَحاً إِذا ثقلت إِحدى رجليه في المشي، فإِذا مشى كأَنه يَكْسَحُ
الأَرضَ أَي يَكْنُسُها، وفي حديث قتادة في تفسير قوله: ولو نشاء لمسخناهم
على مكانتهم أَي جعلناهم كُسْحاً يعني مُقْعَدين، جمع أَكْسَحَ كأَحْمر
وحُمْرٍ. والأَكسح: المُقْعَدُ، والفعل كالفعل. وفي حديث ابن عمر: سئل عن
مال الصدقة فقال: إِنها شَرُّ مال، إِنما هي مال الكُسْحانِ والعُورانِ؛
وهي جمع الأَكْسَحِ، وهو المُقْعَد، ومعنى الحديث أَنه كره الصدقة إِلاّ
لأَهل الزَّمانَة؛ وأَنشد الليث للأَعشى:
ولقد أَمْنَحُ مَنْ عادَيْتُه
كلَّ ما يَقْطَعُ من داءِ الكَسَحْ
قال: ويروى بالشين. وقال أَبو سعيد: الكُساح من أَدواء الإِبل. جمل
مَكْسُوح: لا يمشي من شدّة الضَّلَع. قال: وعُود مُكَسَّح ومُكَشَّح أَي
مَقْشُور مُسَوًّى؛ قال: ومنه قول الطِّرِمَّاح:
جُمالِيَّة تَغْتالُ فَضْلَ جَديلِها،
شَناحٍ كَصَقْبِ الطائِفِيِّ المُكَسَّحِ
ويروى المكشح بالشين؛ أَراد بالشَّناحِي عُنُقَها لطوله. والمُكاسَحة:
المُشارَّة الشديدة. وكَسَحَتِ الريح الأَرضَ: قشرت عنها التراب.
نقم: النَّقِمةُ والنَّقْمةُ: المكافأَة بالعقوبة، والجمع نَقِمٌ
ونِقَمٌ، فنَقِمٌ لنَقِمة، ونِقَمٌ لنِقْمةٍ، وأَما ابن جني فقال: نَقِمة
ونِقَمٌ، قال: وكان القياس أن يقولوا في جمعِ نَقِمة نَقِم على جمع كَلِمة
وكَلِمٍ فعدلوا عنه إلى أَن فتحوا المكسورَ وكسروا المفتوح. قال ابن سيده:
وقد علمنا أَن من شرط الجمع بِخَلع الهاء أَن لا يُغَيَّر من صيغة الحروف
شيء ولا يُزاد على طرح الهاء نحو تَمْرة وتَمْر، وقد بيَّنَّا ذلك جميعه
فيما حكاه هو من مَعِدةٍ ومِعَدٍ. الليث: يقال لم أَرْض منه حتى نَقِمْت
وانتَقَمْت إذا كافأَه عقوبةً بما صنَع. ابن الأَعرابي: النِّقْمةُ
العقوبة، والنِّقْمةُ الإنكار. وقوله تعالى: هل تَنْقِمون مِنّا؛ أَي هل
تُنْكِرون. قال الأَزهري: يقال النَّقْمةُ والنِّقْمةُ العقوبة؛ ومنه قول عليّ
بن أَبي طالب، كرم الله وجهه:
ما تَنْقِمُ الحَرْبُ العَوانُ مِنِّي،
بازِل عامَيْنِ فَتِيّ سِنِّي
وفي الحديث: أنه ما انتَقَم لنفسِه قَطّ إلا أن تُنتَهَكَ مَحارِمُ الله
أَي ما عاقبَ أَحداً على مكروهٍ أتاه من قِبَله، وقد تكرر في الحديث.
الجوهري: نَقَمْتُ على الرجل أَنقِمُ، بالكسر، فأَنا ناقِمٌ إذا عَتَبْت
عليه. يقال: ما نَقِمْتُ منه إلا الإحسانَ. قال الكسائي: ونَقِمْت، بالكسر،
لغة. ونَقِم من فلانٍ الإحسانَ إذا جعله مما يُؤَدِّيه إلى كُفر النعمة.
وفي حديث الزكاة: ما يَنْقَمُ ابنُ جَميلٍ إلا أَنه كان فَقيراً فأَغناه
الله أَي ما يَنْقَمُ شيئاً من مَنْع الزكاة إلا أن يَكفر النِّعْمة
فكأَنَّ غناه أَدَّاه إلى كُفْرِ نِعْمةِ الله. ونَقَمْتُ الأَمرَ
ونَقِمْتُه إذا كَرهته. وانْتَقَمَ اللهُ منه أي عاقَبَه، والاسم منه النَّقْمةُ،
والجمع نَقِمات ونَقِمٌ مثل كَلِمةٍ وكلِمات وكَلِمٍ، وإن شئتَ سكّنت
القاف ونقلت حركتَها إلى النون فقلت نِقْمة، والجمع نِقَمٌ مثل نِعْمة
ونِعَم؛ وقد نَقَمَ منه يَنْقِمُ ونَقِمَ نَقَماً. وانْتَقَمَ ونَقِمَ الشيءَ
ونَقَمَه: أَنكره. وفي التنزيل العزيز: وما نَقَموا منهم إلا أَن
يُؤْمِنوا بالله؛ قال: ومعنى نَقَمْت بالَغْت في كراهة الشيء؛ وأَنشد ابن قيس
الرُّقيّات:
ما نَقِمَوُا من بَني أُمَيَّةَ إلا
أَنهم يَحْلُمون، إنْ غَضِبوا
يُروى بالفتح والكسر: نَقَمُوا ونَقِمُوا. قال ابن بري: يقال نَقَمْتُ
نَقْماً ونُقوماً ونَقِمةً ونِقْمةً، ونَقِمْتُ: بالَغْتُ في كراهة الشيء.
وفي أَسماء الله عز وجل: المُنْتَقِم، هو البالغ في العقوبة لمنْ شاءَ،
وهو مُفْتَعِل مِنْ نَقَمَ يَنْقِم إذا بَلَغَتْ به الكراهةُ حدَّ
السَّخَطِ. وضرَبه ضَرْبة نَقَمٍ إذا ضرَبه عَدُوٌّ له. وفي التنزيل العزيز: قل
يا أَهلَ الكتاب هل تَنْقمون منّا إلاَّ أَن آمَنّا بالله؛ قال أَبو
إسحق: يقال نَقَمْتُ على الرجل أُنْقِم ونَقِمْتُ عليه أَنْقَم، قال:
والأَجوَدُ نَقَمْتُ أَنْقِم، وهو الأَكثر في القراءة. ويقال: نَقِمَ فلانٌ
وَتْرَه أي انْتَقَم. قال أَبو سعيد: معنى قول القائل في المثل: مَثَلي
مَثَلُ الأَرْقَم، إن يُقْتَلْ يَنْقَمْ، وإن يُتْرَك يَلْقَمْ؛ قوله إن
يُقْتَلْ يَنْقَمْ أي يُثْأَر به، قال: والأَرْقَمُ الذي يُشْبه الجانّ،
والناسُ يَتَّقونَ قَتْلَه لشَبهه بالجانّ، والأَرْقَم مع ذلك من أَضعف
الحيّات وأَقلِّها عَضّاً. قال ابن الأثير: وفي حديث عمر، رضي الله عنه: فهو
كالأَرْقَمِ إن يُقْتَلْ يَنْقَمْ أي إن قتَلَه كان له من يَنْتَقِمُ منه،
قال: والأَرْقَمُ الحيّة، كانوا في الجاهلية يزعمون أن الجِنَّ تَطْلُبُ
بثأْرِ الجانَّ، وهي الحيّة الدقيقة، فربما مات قاتِلُه، وربما أَصابه
خَبَلٌ. وإنه لمَيْمُونُ النَّقيمةِ إذا كان مُظَفَّراً بما يُحاوِل، وقال
يعقوب: ميمه بدل من باء نَقِيبةٍ. يقال: فلانٌ مَيْمونُ العريكةِ
والنقيبة والنَّقيمةِ والطَّبيعة بمعنى واحد.
والناقمُ: ضَرْبٌ من تمرِ عُمانَ، وفي التهذيب: وناقِمٌ تمرٌ بعُمانَ.
والناقميّةُ: هي رَقاشِ بنتُ عامرٍ. وبنوا الناقِميّةِ: بَطْنٌ من عبد
القيس؛ قال أَبو عبيد: أَنشدنا الفراء عن المُفَضَّل لسعد بن زيد
مَناةَ:أَجَدَّ فِراقُ الناقِميّةِ غُدْوةً،
أم البَيْنُ يَحْلَوْ لي لِمَنْ هو مُولَعُ؟
لقد كنتُ أَهْوَى الناقِميَّةِ حِقْبةً،
فقد جَعَلَتْ آسانُ بَيْنٍ تَقَطَّعُ
التهذيب: وناقِم حَيٌّ من اليمن؛ قال
(* قوله «وناقم حي من اليمن قال
إلخ»« كذا بالأصل، وعبارة التهذيب: يقال لم أرض منه حتى نقمت وانتقمت إذا
كافأته عقوبة بما صنع، وقال يقود إلخ).
يَقودُ بأَرسان ِ الجِيادِ سَراتُنا،
لِيَنْقِمنَ وتراً أَو ليدفَعْنَ مَدفَعا
وناقمٌ: لقبُ عامر بن سعد بن عديّ بن جَدَّانَ بنِ حَدِيلَةَ. ونَقَمَى:
اسمُ موضع.
حلج: الحَلْجُ: حَلْجُ القُطْنِ بالمِحْلاجِ على المِحْلَجِ. حَلَجَ
القُطْنَ يَحْلِجُهُ ويَحْلُجُهُ حَلْجاً: نَدَفَهُ. والمِحْلاجُ: الذي
يُحْلَجُ به.
والمِحْلَجُ والمِحْلَجَة: الذي يُحْلَجُ عليه وهي الخشبة أَو الحجَرُ،
والجمع محالِجُ ومَحالِيجُ. قال ابن سيده: قال سيبويه: ولم يجمع بالأَلف
والتاء استغناء بالتكسير، ورُبَّ شيء هكذا.
وقُطْنٌ حَلِيجٌ: مَنْدوفٌ مُسْتَخْرَجُ الحَبِّ، وصانع ذلك:
الحَلاَّجُ، وحرفته الحِلاجَةُ؛ فأَما قول ابن مقبل:
كأَنَّ أَصْواتَها إِذا سَمِعْتَ بها،
جَذْبُ المَحابِضِ يَحْلُجْنَ المحارِينا
ويروى صوت المحابض، فقد روي، بالحاء والخاء، يَحْلُجْنَ ويَخْلُجْنَ،
فمن رواه يَحْلُجْنَ فإِنه عنى بالمَحارين حبات القطن. ويحلجن: يَنْدِفْنَ.
والمَحابِضُ: أَوتار النَّدّافِينَ؛ ومن رواه يخلجن فإِنه عنى بالمحارين
قِطَعَ الشَّهْدِ. ويَخْلِجْنَ: يَجْبِذْنَ ويَسْتَخْرِجْنَ.
والمَحابِضُ: المَشاوِرُ. والقطن حَلِيجٌ ومَحْلوجٌ. وحَلَجَ الخُبْزَةَ:
دَوَّرَها.والمِحْلاجُ: الخشبة التي يُدَوَّرُ بها.
والحَلِيجَةُ: السَّمْنُ على المَخْضِ، والزُّبْدُ يُلْقى في المَخْضِ
فَيُشْخِتُه المَخْضُ؛ وقيل: الحَلِيجَةُ عُصارة نِحْيٍ، أَو لَبَنٌ
يُنْقَعُ فيه تمر، وهي حُلْوَةٌ؛ وقيل: الحَلِيجَةُ عُصارَة الحِنَّاءِ.
والحُلُجُ: عُصاراتُ الحنَّاء. قال ابن سيده: والحَلِيجُ، بغير هاء، عن كراع:
أَن يُحْلَبَ اللبنُ على التمر ثم يُماثَ. الأَزهري: الحُلُجُ هي
التُّمُورُ بالأَلْبانِ. والحُلُجُ أَيضاً: الكثيرُو الأَكْلِ.
وحَلَجَ في العَدْوِ يَحْلِجُ حَلْجاً: باعَدَ بين خُطاه. والحَلْجُ في
السَّيْر. وبينهم حَلْجَةٌ صالحةٌ وحَلجَةٌ بعيدة وبينهم حَلْجَةٌ بعيدة
أَو قريبة أَي عُقْبَةُ سيْرٍ. قال الأَزهري: الذي سمعته من العرب
الخَلْجُ في السَّيْر، يقال: بيننا وبينهم خَلْجَةٌ بعيدةٌ، قال: ولا أَنكر
الحاء بهذا المعنى، غير أَن الخَلْجَ، بالخاء، أَكثر وأَفشى من الحَلْجِ.
وحَلَجَ القومُ لَيْلَتَهُمْ أَي ساروها. يقال: بيننا وبينهم حَلْجَةٌ
بعيدةٌ. والحَلْجُ: المَرُّ السريعُ. وفي حديث المغيرة: حتى تَرَوْه يَحْلِجُ
في قومه أَي يُسرعُ في حُبِّ قومه، ويروى بالخاء. الأَزهري: حَلَجَ إِذا
مشى قليلاً قليلاً. وحَلَجَ المرأَةَ حَلْجاً: نكحها، والخاء أَعلى.
وحَلَجَ الديكُ يَحْلُجُ ويَحْلِجُ حَلْجاً إِذا نشر جناحيه ومشى إِلى
أُنثاه لِيَسْفَدَها. وحَلَجَ السحابُ حَلْجاً: أَمطر؛ قال ساعدةُ بن
جُؤَيَّةَ الهُذلي:
أَخِيلُ بَرْقاً مَتى حابٍ له زَجَلٌ،
إِذا تَفَتَّرَ من تَوْماضِهِ حَلَجا
ويروى خَلَجا. متى، ههنا: بمعنى مِن أَو بمعنى وسط أَو بمعنى في.
وما تَحَلَّجَ ذلك في صدري أَي ما تردّد فأَشكُّ فيه. وقال الليث: دَعْ
ما تَحَلَّجَ في صدرك وما تَخَلَّج، بالحاء والخاء؛ قال شمر: وهما قريبان
من السَّواءِ؛ وقال الأَصمعي: تَحَلَّجَ في صدري وتَخَلَّجَ أَي شككت
فيه. وفي حديث عَدِيِّ بن زيد، قال له النبي، صلى الله عليه وسلم: لا
يَتَحَلَّجَنَّ في صدرك طعامٌ ضارَعْتَ فيه النَّصْرانيَة. قال شمر: معنى لا
يتحلَّجن لا يَدْخُلَنَّ قلبَك منه شيءٌ، يعني أَنه نظيف. قال ابن
الأَثير: وأَصله من الحَلْجِ، وهو الحركة والاضطراب، ويروى بالخاء، وهو
بمعناه.ابن الأَعرابي: ويقال للحمار الخفيف: مِحْلَجٌ ومِحْلاجٌ، وجمعه
المَحالِيجُ؛ وقال في موضع آخر: المَحالِيجُ الحُمُرُ الطِّوالُ. الأَزهري: في
نوادر الأَعراب: حَجَنْتُ إِلى كذا حُجوناً وحاجَنْتُ وأَحْجَنْتُ
وأَحْلَجْتُ وحالَجْتُ ولاحَجْتُ ولحَجْتُ لحُوجاً؛ وتفسيرهُ: لُصُوقُكَ بالشيء
ودخُولُكَ في أَضْعافِه.
قشف: القَشَفُ: قَذَر الجلد. قَشِفَ يَقْشَفُ قشفاً وتَقَشَّفَ: لم
يَتَعَهَّد الغَسْل والنَّظافة، فهو قَشِفٌ. ورجل مُتَقَشِّف: تارك النظافة
والتَّرَفُّه. وفي الحديث: رأَى رجلاً قَشِفَ الهيئة أَي تاركاً للغسل
والتــنْظِيف. وقَشِفَ قشَفاً لا غير: تَغَيَّر من تلويح الشمس أَو الفَقْر.
والقَشَفُ: يُبْس العَيْش، ورجل قَشِفٌ. وقيل: القَشَفُ رَثاثة الهيئة
وسُوء الحال وضيق العيش. يقال: أَصابهم من العيش ضَفَفٌ وحَفَف وقَشَفٌ، كل
هذا من شدّة العيش. والمُتَقَشِّف: الذي يَتَبَلَّغ بالقوت وبالمُرَقَّع.
الفراء: عامٌ أَقْشفُ أَقْشر شديد.