Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: نزه

سرى

(سرى) : لا أَفْعَلُ ذاكَ ما أَسْرَى سُرَيٌّ، وزَعَمُوا أنَّ سُرَيّاُ: النَّسْرُ الواقِعُ.
(سرى) : قال ابن جرير حدثني الحارث حدثنا الحسن حدثنا ورقاء عن ابن ابي نجيح عن مجاهد (سريا) قال (نهر) بالسريانية. وقال حدثنا وكيع حدثنا أبي عن سلمة بن نبيط عن الضحاك (سريا) قال جدول صغير بالسريانية. وقال ابن أبي حاتم حدثنا حجاج بن حمزة حدثنا شبابة حدثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد (سربا) نهراً بالنبطية، وقال حدثنا أبو داود عن قيس بن حصين عن سعيد بن جبير (سريا) نهرا بالنبطية.
(سرى)
اللَّيْل سريا وسراية وسرى مضى وَذهب وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {وَاللَّيْل إِذا يسر} وَيُقَال سرى الْهم وَاللَّيْل وَبِه قطعه بالسير وَيُقَال سرى بفلان لَيْلًا جعله يسير فِيهِ وعرق الشَّجَرَة فِي الأَرْض سريا وسراية دب تحتهَا وَيُقَال أَيْضا سرى فِيهِ السم وَالْخمر وسرى فِيهِ عرق السوء وَعَلِيهِ الْهم أَتَاهُ لَيْلًا وَالْجرْح إِلَى النَّفس دَامَ ألمه حَتَّى حدث مِنْهُ الْمَوْت وَيُقَال سرى التَّحْرِيم وسرى الْعتْق تعدى إِلَى غير الْمحرم أَو الْمُعْتق
سرى: سرى: تفشى، ذاب، ففي كتاب الخطيب (ص32 و): فجعل فيه ملحاً وذاقه على الفور قبل أن ينحل الملح ويسرى في المرقة.
سرى: أعدى، سار. يقال: سرى إليه أو فيه المرض. ومرض له قوة السريان أي العدوى (بوشر) سرى النسيم: عند الشعراء: نسم، هب بلطف. (ويجرز ص86 رقم 74)، هوجفلايت ص58 رقم 4، عباد 1: 3، 1: 13).
سُرَىّ: دوران، جولان (بوشر).
سَرَايا وسراية وتجمع على سرايات: هي سراي أي قصر مثل قصر السلطان أو الوزير ونحوهما.
(فليشر معجم ص65 - 66).
سار وتجمع على سواري = صار (بوشر، محيط المحيط) الأمراض السارية: هي التي تسرى من مريض إلى مريض بطريقة العدوى أو الوباء (محيط المحيط).
مُسرى: متأمل، متبصر (فوك).
سرى
السرَى: سَيْرُ اللَّيْلِ، سَرى يَسْري سُرى وسَرْياً، فهو سارٍ. وسَرَى وأسْرى: بمعنىً. وسَرَيْنا سُرْيَةً من الليْلِ وسَرْيَةً: أي سُدْفَةً. واسْتَرى الرجُلُ: أي سَرى. وسارَيْتُه: أي سَرَيْت مَعَه. وهو يُسَارِي إبِلَه: إذا جاءَ يَخْتِلُها لَيْلاً وَيسْرِقُها.
وفي المَثَل: " إذا سَمِعْتَ بسُرَى القَيْنِ فإنَّه مُصَبِّحٌ ".
والسارِيَةُ من السحَاب: التي بَيْنَ الغادِيَةِ والرائحَةِ لَيْلاً. والعِرْقُ يَسْرِي في الأرْضِ سَرْياً. والسرِيُ: النَّهْرُ، وجَمْعُه أسْرِيَةٌ وسُرْيَانٌ. واسْتَرَيْتُ الشَّيْءَ: اخْتَرْته. والسرِيةُ: خَيْلٌ تَبْلُغُ أرْبَعَمائةٍ.
والسّارِيَةُ: أُسْطُوَانَة من حِجَارَةٍ وآجُر.
وسُريَ عن فلانٍ: إذا تَجَلّى عنه غَشْيَةٌ عَرَضَتْ له. وسَرَيْتُ عنه الثَّوْبَ: بمعنى سَرَوْتُ أي كَشَفْت.
وسَرّى العَرَقَ عن نَفْسِه: أفَاضَه، فهو يُسَرِّيْه. والسُّرَيّاءُ: ضَرْبٌ من البُرُوْدِ؛ وهي بُرُوْدٌ مُسَيَّرَةٌ.
سرى
السُّرَى: سير اللّيل، يقال: سَرَى وأَسْرَى.
قال تعالى: فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ
[هود/ 81] ، وقال تعالى: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا [الإسراء/ 1] ، وقيل: إنّ (أسرى) ليست من لفظة سرى يسري، وإنما هي من السَّرَاةِ، وهي أرض واسعة، وأصله من الواو، ومنه قول الشاعر: بسرو حمير أبوال البغال به
فأسرى نحو أجبل وأتهم، وقوله تعالى:
سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ
[الإسراء/ 1] ، أي: ذهب به في سراة من الأرض، وسَرَاةُ كلّ شيء: أعلاه، ومنه: سَرَاةُ النهار، أي: ارتفاعه، وقوله تعالى: قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا
[مريم/ 24] أي: نهرا يسري ، وقيل: بل ذلك من السّرو، أي: الرّفعة. يقال، رجل سَرْوٌ.
قال: وأشار بذلك إلى عيسى عليه السلام وما خصّه به من سروه، يقال: سَرَوْتُ الثوبَ عنّي، أي: نزعته، وسَرَوْتُ الجُلَّ عن الفرس ، وقيل: ومنه: رجل سَرِيٌّ، كأنه سَرَى ثوبه بخلاف المتدثّر، والمتزمّل، والزّمّيل ، وقوله: وأَسَرُّوهُ بِضاعَةً [يوسف/ 19] ، أي: خمّنوا في أنفسهم أن يحصّلوا من بيعه بضاعة، والسَّارِيَةُ يقال للقوم الذين يَسْرُونَ بالليل، وللسّحابة التي تسري، وللأسطوانة.
[سرى] فيه: يرد "متسريهم" على قاعدهم، هو من يخرج في سرية وهى طائفة من جيش أقصاها أربعمائة تبعث إلى العدو، وجمعها السرايا، سموا به لأنهم يكونون خلاصة العسكر وخيارهم، من الشىء الرى النفيس، وقيل: لأنهم ينفذون سرا وخفية، ولا يصح لأن السر مضاعف وهذه ناقص، ومعناه أن أن الإمام وأمير الجيش يبعثهم وهو خارج إلى بلاد العدو فاذا اغنموا شيئا كان بينهم وبين الجيش عامة لأنهم ردء لهم وفئة، فأما إذا بعثهم وهو مقيم فان القاعدين معه لا يشاركونهم في المغتم، وإن كان جعل لهم نفلا من الغنم لم يشرهم غيرهم في شىء منه على الوجهين. وفي ح سعد: لا يسير "بالسربة" أي لا يخرج بنفسه مع السيرة في الغزو، وقيل: أي لا يسير فينا بالسيرة النفسية - ويتم بيانا عن قريب. ومنه ح: فنكحت بعده "سريا" أي نفيسا شريفا، وقيل: سحيا ذا مروءة، والجمع سراة بالفتح على غير قياس وقد يضم السين والاسم السرو. و. ح: إنه قال أحد: اليوم "تسرون" أي يقتل سريكم فقتل حمزة. وح: لما حضر نى شيبان وكلم "سراتهم" أي أشرافهم، وجمع السراة سروات. وح الأنصار: قد افترق ملؤهم وقتل "سرواتهم". ك: وقتلت "سراتهم" في دخول الإسلام، في دخول متعلق بقدمه فانه لو كان صناديدهم أحياء لما انقادوا له صلى الله عليه وسلم حبا للرائاسة. ومنه: وكان من "سراتهم". ومنه: وأمهاتهم بنات "سروات" الجن، أي ساداتهم. زر: هو بفتحات. ك: ومنه:
وهان على "سراة" بني لؤى
أي سادتهم، وهم النبى صلى الله عليه وسلم وأقاربه، منها أي من البويرة وأحراقها، وروى: منهم، أي من بنى النضير، والــنزه بضم نون وفتحها النزاهة وهى البعد من السوء، ونضير بضاد معجمة من الضير أي بتضرر به، وروى: نضر، من النضارة، فان قيل قال ابن الحارث: أدام الله ذلك، أي تحريق المسلمين أرض الكافرين وهو كافر، قلت: غرضه أدام الله تحريق تلك الأرض بحيث يتصل بنواحيها، وهى المدينة وسائر أرض المسلمين وأي أرضينا أي من المدينة التى هي دار الإيمان أومكة التى بها الكفار يبقى متضررة، مستطير أي منتشر. ومر في بويرة بيانه. وفيه: أما إذا نشدتنا فإن سعدا لا يسير "بالسرية" أما بالتشديد، نشدتنا بفتح شين أي سألتنا بالله، لا يسير أي لا يخرج مع الجيش بنفسه وهى نفي شجاعته، ولا يقسم بالسوية نفي عفته، ولا يعدل في القضية أي الحكومة نفي شجاعته، ولا يقسم بالسوية نفي عفته، ولا يعدل في القضية أي الحكومة نفي الحكومة، فنفي العدل عنه الكلية فدعا عليه سعد ثلاث دعوات وفق ثلاث: افترائه في النفس والمال والدين، جزاء وفقا وشرط كذبه إنصافا وعدلا، قوله: قام رياء وسمعة، أي ليراه الناس ويسمعوه فيشهروا ذلك منه ليذكر به، فدعا باطالة عمره ليرد إلى أرذل العمر وويضعف قواه وينتكس في الخلق ويجعله عرضة للفتن، وهذا وإن استلزم تمنى وقوع مسلم في العصية لكنه جائز من حيث أنه يؤدى إلى نكاية الظالم، كتمى شهادة مسلم بقتل كافر له الذي هو معصية ووهن في الدين كقول نوح: (ولا تزد الظالمين إلا ضللا). غ: (والليل إذا "يسر") أي يسرى فيه، وسمى النهر سريا لأن الماء يسرى فيه. مد: (تحتك "سريا") جدولًا، وقيل: شريفا وهو عيسى. ك: يضع عرشه على الماء ثم يبعث "سراياه" هو جمع سرية قطعة من الجيش- ويجىءكان مشغولا بناحية فلم يشعر بصلاته. ط: ابتدروا "السوارى" بالتشديد جمع سارية، أي يقف كل أحد خلف أسطوانة.

سر

ى1 سَرَى, (S, M, K,) or سَرَى اللَّيْلَ (Msb) and بِاللَّيْلِ, (Mgh, Msb,) aor. ـْ (K,) inf. n. سُرًى (S, M, Mgh, K) and مَسْرًى (S, K) and سَرْيَةٌ and سُرْيَةٌ (M, K) and سِرَايَةٌ; (S, * and TA as from the K, but not in the CK nor in my MS. copy of the K;) the first of a form rare among inf. ns., because it is one of the forms of pls., as is shown by the fact that some of the Arabs make it and هُدًى fem., namely, Benoo-Asad, supposing them to be pls. of سُرْيَةٌ and هُدْيَةٌ, (S,) and Lh knew not سُرًى but as a fem. noun; (M;) or the inf. n. is سَرْىٌ, and سُرْيَةٌ and سَرْيَةٌ are more special [in meaning, as will be shown below, voce سَرْيَةٌ], and سُرًى is pl. of سُرْيَةٌ; (Msb;) or سَرْيَةٌ is an inf. n. un., and سُرْيَةٌ is a simple subst., and so is سُرًى, (S, TA,) and so is سِرَايَةٌ (Msb, TA) also, as some say; (TA;) He journeyed, or travelled, by night, or in the night, (S, M, Mgh, Msb, K,) in a general sense; (M, K;) accord. to Az, in the first part part of the night, and in the middle thereof, and in the last part thereof; (Msb, TA;) and ↓ اسرى signifies the same (S, M, Mgh, Msb, K) in the dial. of El-Hijáz, (S, Msb,) inf. n. إِسْرَآءٌ; (M;) as also ↓ استرى; (M, K;) and perhaps ↓ تسرّى likewise. (Mgh.) [See also سُرًى and سَرْيَةٌ below.] It is said in a prov., ذَهَبُوا إِسْرَاءَ ↓ قُنْفُذٍ‏ [They went away in the manner of a hedge-hog's night-travelling; meaning they went away by night]; because the قنفذ goes all the night, not sleeping. (M.) b2: [Hence, as denoting unseen progress,] it is said also of the root of a tree, meaning It crept along beneath the ground; (Az, M, K;) aor. as above, (M,) inf. n. سَرْىٌ. (TA.) b3: And it is said of ideal things, as being likened to corporeal things; tropically, and by extension of the signification; (Msb, TA;) or metaphorically; [as, for instance,] of calamities, and wars, and anxieties: (M, TA:) and the predominant inf. ns. [in these cases] are سِرَايَةٌ and سَرَيَانٌ. (TA.) One says, سَرَى عِرْقُ السُّوْءِ فِى الإِنْسَانِ (tropical:) [The root, or strain, of evil crept in the man]. (Es-Sarakustee, Msb, TA.) And سَرَى فِيهِ السَّمُّ (tropical:) [The poison crept in him, or pervaded him]; and similarly one says of wine; and of the like of these two things. (El-Fárábee, Msb, TA. [See also دَبَّ.]) And the lawyers say, سَرَى الجُرْحُ إِلَى النَّفْسِ (tropical:) [The wound extended to the soul], meaning that the pain of the wound continued until death ensued in consequence thereof: (Mgh, * Msb, TA:) and قُطِعَ كَفُّهُ فَسَرَى إِلَى سَاعِدِهِ (tropical:) [His hand was cut off, and it extended to his upper arm], meaning that the effect of the wound passed by transmission: and سَرَى التَّحْرِيمُ, and العِتْقُ, (tropical:) The prohibition, and the emancipation, [extended, or] passed by transmission: phrases current among the lawyers, but not mentioned in books of repute, though agreeable with others here preceding and following. (Msb, TA.) One says also, سَرَى عَلَيْهِ الهَمُّ (tropical:) Anxiety came to him [or upon him] by night: and سَرَى هَمُّهُ (tropical:) His anxiety went away. (Msb, TA.) and similar to these is the phrase in the Kur [lxxxix. 3], وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ (tropical:) And by the night when it goes away: (Msb, TA:) or, as some say, when one journeys in it; like as one says لَيْلٌ نَائِمٌ meaning “ night in which one sleeps: ” the [final] ى [of the verb] is elided because it terminates a verse. (TA.) b4: It is made trans. by means of ب: (Msb:) one says, سَرَى بِهِ [He made him to journey, or travel, or he transported him, by night, or in the night; or it may be rendered he journeyed, or travelled, with him, by night, or in the night]; (M, Msb, K;) and in like manner, [and more commonly,] بِهِ ↓ أَسْرَى; (S, M, Msb, K;) and ↓ أَسْرَاهُ; (S, M, K;) like as one says, أَخَذَ بِالخِطَامِ as well as اخذ الخِطَامَ. (S.) As to the saying in the Kur [17:1], سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا [Extolled be the glory of Him who transported his servant by night!], it is an instance of corroboration, (S, K, * TA,) like the saying, سِرْتُ أَمْسِ نَهَارًا and البَارِحَةَ لَيْلًا: (S, TA:) or the meaning is [simply] سَيَّرَهُ: (K, TA:) accord. to 'Alam-ed-Deen Es-Sakháwee, لَيْلًا is added, although الإِسْرَآء is not otherwise than by night, because the space over which he was transported is not to be traversed in less than forty days, but was traversed by him in one night; as though the meaning [intended] were, فِى لَيْلٍ وَاحِدٍ; and it denotes wonder: لَيْلًا is here used instead of لَيْلَةً because when they say سَرَى لَيْلَةً the meaning generally is he occupied the whole of the night in journeying: Er-Rághib holds the verb in this instance to be from سَرَاةٌ signifying “ a wide tract of land,” to belong to art. سرو, and to be like أَجْبَلَ and أَتْهَمَ; the meaning being, who transported his servant over a wide tract of land: but this is strange. (TA.) A2: سَرَى مَتَاعَهُ, (M, K,) aor. ـْ (M, TA,) inf. n. سَرْىٌ, (TA,) He threw his goods, or utensils and furniture, upon the back of his beast. (M, K.) b2: And سَرَى عَنِّى الثَّوْبَ, inf. n. سَرْىٌ, He removed from over me the garment: but و is more approved [as the final radical: see 1 in art, سرو]. (M, TA.) You say, سَرَيْتُ الثَّوْبَ and ↓ سَرَّيْتُهُ I pulled off the garment: and عَنْهُ ↓ سُرِّىَ It was removed from over him, and removed from its place: the teshdeed denotes intensiveness. (TA.) 2 سرّى, (K,) or سرّى سَرِيَّةً, (TA,) inf. n. تَسْرِيَةٌ, He (the leader of an army, TA) detached a سَرِيَّة [q. v.] (K, TA) to the enemy by night. (TA.) b2: سرّى العَرَقَ عَنْ بَدَنِهِ, inf. n. as above, He exuded the sweat from his body. (TA.) b3: See also 1, last sentence, in two places.4 أَسْرَىَ see 1, in the former half of the paragraph, in two places: b2: and again, in the latter half, in three places. b3: See also 4 in art. سرو.5 تَسَرَّىَ see 1, first sentence.8 إِسْتَرَىَ see 1, first sentence.

سُرًى, [said by some to be an inf. n., by some to be a simple subst., and by some to be pl. of سُرْيَةٌ, or supposed to be so, and therefore made fem., as mentioned in the first sentence of this art.,] meaning A journeying, or travelling, by night, or in the night, in a general sense, is masc. and fem., (M, K,) by some of the Arabs made fem., (S,) and not known to Lh but as a fem. noun. (M.) It is said in a prov., عِنْدَ الصَّبَاحِ يَحْمَدُ القَوْمُ السُّرَى

[At daybreak, the party commend night-journeying]: applied to the man who endures difficulty, or distress, or fatigue, hoping for rest, or ease: (Meyd:) and in inciting to labour for the accomplishment of an affair with patience, and to dispose and subject the mind, until one commends the result thereof. (Har p. 555, q. v.) سَرَاةٌ: see art. سرو.

سَرْيَةٌ and ↓ سُرْيَةٌ are inf. ns. of سَرَى: (M, K:) or have a more special signification than the inf. n. of that verb, which is سَرْىٌ: one says, سَرَيْنَا سَرْيَةً مِنَ اللَّيْلِ and ↓ سُرْيَةً [We journeyed by night a journey of the night]: and the pl. of ↓ سُرْيَةٌ is [said to be] سُرًى: (Msb:) or one says, سَرَيْنَا سَرْيَةً وَاحِدَةً [We journeyed by night a single night-journey]: and the subst. [signifying a journeying, or travelling, by night, or in the night,] is ↓ سُرْيَةٌ, and سُرًى. (S, TA.) سُرْيَةٌ: see the next preceding paragraph, in four places.

سِرْيَةٌ meaning An arrow-head, (As, M, TA,) such as is small, short, round and smooth, having no breadth, (M, TA,) is a dial. var. of سِرْوَةٌ [q. v.], (As, TA,) or formed from the latter word by the substitution of ى for و because of the kesreh: (M, TA:) accord. to the K, ↓ سَرِيَّةٌ signifies a small round arrow-head; but this is a mistake; the correct word being سِرْيَةٌ, with kesr, and without teshdeed to the ى. (TA.) A2: It is also a dial. var. of سِرْوَةٌ signifying The locust in its first state, when it is a larva. (S in art. سرو.) سَرَآءٌ A certain tree, (AHn, S, M, K,) from which bows are made, (AHn, S, M,) the wood whereof is of the best of woods, and which is of the trees of the mountains: (AHn, M:) ElGhanawee El-Aarábee says, the نَبْع and شَوْحَط [q. v.] and سَرَآء are one: (TA in art. شحط:) [it is also mentioned in the TA in art. سرأ:] n. un.

سَرَآءَةٌ. (M, K.) سَرِىٌّ i. q. نَهْرٌ [A river, &c.]: (Th, M:) or a rivulet, or streamlet: (S, M, Msb:) or a rivulet running to palm-trees: (M, K:) pl. [of pauc.]

أَسْرِيَةٌ (S, M, K) and [of mult.] سُرْيَانٌ: (Sb, S, M, Msb, K:) أَسْرِيَآءُ as its pl. has not been heard. (S.) Thus it has been expl. as occurring in the Kur xix. 24. (M, TA.) A2: See also art. سرو.

سَرِيَّةٌ A portion of an army: (S, Msb:) of the measure فَعِيلَةٌ in the sense of the measure فَاعِلَةٌ; because marching by night, privily; (Mgh, Msb;) thus originally, and afterwards applied also to such as march by day: (Ham p. 45:) or it may be from الاِسْتِرَآءُ “ the act of choosing, or selecting; ” because a company chosen from the army: (Mgh: [but if so, belonging to art. سرو:]) from five persons to three hundred: (M, K:) or four hundred: (K:) or, of horsemen, about four hundred: (M:) or the best thereof, (S,) or the utmost, (Nh,) consists of four hundred: (S, Nh:) or, accord. to the “ Fet-h el-Bári,” from a hundred to five hundred: (TA:) or nine, and more than this; three, and four, and the like being termed طَلِيعَةٌ, not سَرِيَّةٌ: but it is related of the Prophet that he sent a single person as a سَرِيَّة: (Mgh:) the pl. is سَرَايَا (S, Msb) and سَرِيَّاتٌ. (Msb.) A2: See also سِرْيَةٌ.

سِرَايَةٌ A journeying, or travelling, by night, or in the night: (S, Msb, TA:) an inf. n.; (TA as from the K; [see 1, first sentence;]) or a simple subst. (Msb, TA.) سَرَيَانِىٌّ, from the inf. n. سَرَيَانٌ, Pervasive: occurring in philosophical works, and probably post-classical.]

السُّرْيَانِيَّةُ The Syriac language.]

سَرَّآءٌ One who journeys much, or often, by night. (K.) سَارٍ Journeying, or travelling, by night, or in the night, in a general sense: (M, TA: *) pl. سُرَاةٌ. (TA.) b2: Hence, because of his going [about] by night, (TA,) السَّارِى signifies The lion; as also ↓ المُسَارِى and ↓ المُسْتَرِى. (K, TA.) سَارِيَةٌ A party, or company of men, journeying by night. (Er-Rághib, TA.) b2: And A cloud that comes by night: (S, Msb:) or clouds that travel by night: (K:) or a cloud that is between that which comes in the early morning and that which comes in the evening: [perhaps thus termed as having previously travelled in the night:] or, accord. to Lh, a rain that comes in the night: (M, TA:) pl. سَوَارِى [app. a mistranscription for سَوَارٍ, being indeterminate]. (K, TA.) b3: One says, جَآءَ صَبِيحَةَ سَارِيَةٍ He came in the morning of a night in which was rain. (TA.) b4: and the pl. السَّارِيَاتُ signifies The asses: (M:) or the wild asses: (TA:) because they rest not by night: (M:) or because they pasture by night. (TA.) A2: Also A column, syn. أُسْطُوَانَةٌ, (S, M, Msb, K,) of stone, or of baked bricks; so in the “ Bári': ” (TA:) pl. سَوَارٍ. (Mgh.) b2: [And A mast: see حَنَّ and صَرَّ: and see also صَارِيَةٌ.]

أَسْرَى [More, and most, used to night-journeying]. أَسْرَى مِنْ قُنْفُذٍ [More used to go about by night than a hedge-hog] is a prov. of the Arabs. (TA.) [See also the same word in art. سرو.]

مَسْرًى may be a n. of place and a n. of time, [signifying A place, and a time, of night-journeying,] as well as an inf. n. (Ham p. 23.) It is [used also in a larger sense, as] syn. with مَذْهَبٌ [A place, and a time, of going &c.: a way by which one goes &c.]. (Har p. 540.) المُسَارِى: see سَارٍ, above.

المُسْتَرَى: see سَارٍ, above.

المُتَسَرِّى He who goes forth in, or among, the [company termed] سَرِيَّة. (IAth, TA.)

هَلَكَ

(هَلَكَ) هَلِكَ يَهْلَكُ: لُغةٌ في هَلَكَ يَهْلِكَ، وقرأَ الحَسن، وأَبو حَيْوَة، وابن أَبي إِسْحَاقَ: (وَيَهْلَكُ الحَرْثُ وَالنَّسْلُ) . 
هَلَكَ، كضَرَبَ ومَنَعَ وعَلِمَ، هُلْكاً، بالضم، وهَلاكاً وتُهْلُوكاً وهُلوكاً، بضمهما، ومَهْلَكَةً وتَهْلَكَةً، مُثَلَّثَتَيِ اللامِ: ماتَ، وأهْلَكَهُ واسْتَهْلَكَهُ وهَلَّكَهُ، وهَلَكَهُ يَهْلِكُهُ، لازِمٌ مُتَعَدٍ. ورجُلٌ هالِكٌ مِن هَلْكَى وهُلَّكٍ وهُلاَّكٍ، وهَوالِكَ شاذٌّ.
والهَلَكَةُ، محرَّكةً،
والهَلْكاءُ: الهَلاكُ.
وهَلَكةٌ هَلْكاءُ: تَوْكيد.
ولأَذْهَبَنَّ فإمَّا هَلْكٌ، وإمَّا مَلْكٌ، بِفَتْحِهِما، وبِضَمِّهِما، أي: إمَّا أن أهْلِكَ، وإمَّا أَنْ أمْلِكَ.
واسْتَهْلَكَ المالَ: أنْفَقَه وأنْفَدَهُ.
وأهْلَكَهُ: باعَهُ.
والمَهْلَكَةُ، ويُثَلَّثُ: المَفازَةُ.
والهَلَكونُ، كحلَزونٍ، وتُكْسَرُ الهاءُ: الأرضُ الجَدْبَةُ وإن كانَ فيها ماءٌ،
ويقالُ: هذه أرضٌ هَلَكينٌ، وأرضٌ هَلَكونٌ: إذا لمْ تُمْطَرْ مُنْذُ دَهْرٍ.
والهَلَكُ، محرَّكةً: السِّنونَ الجَدْبَةُ، الواحِدَةُ: بهاءٍ،
كالهَلَكاتِ، وما بين كُلِّ أرضٍ إلى التي تَحْتَها إلى الأَرْضِ السابِعَةِ، وجيفَةُ الشيءِ الهالِكِ، وما بين أعْلَى الجَبَلِ وأسْفَلِهِ، وهوَاءُ ما بين كلِّ شَيْئَيْنِ، والشيءُ الذي يَهْوِي ويَسْقُطُ.
والهَلوكُ، كصَبورٍ: الفاجِرَةُ المُتَساقِطَةُ على الرِّجالِ، والحَسَنَةُ التَّبَعُّلِ لِزَوْجِها، ضِدٌّ، والرجُلُ السَّريعُ الإِنْزَالِ.
وافْعَلْ ذلك إمَّا هَلَكَتْ هُلُكُ، بالضَّمَّاتِ، مَمْنُوعَةً، وقد تُصْرَفُ، وقد قيلَ: هَلَكَتْ هُلُكُهُ، أي: على كلِّ حالٍ، وعَن الكِسائِيِّ: هَلَكَةُ هُلُكَ: جَعَلَهُ اسماً، وأضافَ إليه. ووقَعَ في "مُسْنَدِ" أحمدَ، في حديثِ الدَّجَّالِ: "فإِمَّا هَلَكَ الهُلُكُ، فإِنَّ رَبَّكُمْ ليسَ بأعْوَرَ"، هكذا بأَلْ.
والتًّهْلُكَةُ: كلُّ ما عاقِبَتُه إلى الهَلاكِ.
ووادي تُهُلِّكَ، بضم التاء والهاء، وكسرِ اللامِ المُشَدَّدَةِ، مَمْنُوعَاً: الباطِلُ.
والاهْتِلاَكُ والانْهِلاكُ: رَمْيُكَ نَفْسَكَ في تَهْلُكَةٍ.
والمُهْتَلِكُ: مَنْ لا هَمَّ له إلاَّ أنْ يَتَضَيَّفَهُ الناس.
والهُلاَّكُ: الذينَ يَنْتَابُونَ الناسَ ابْتِغَاءَ مَعْرُوفِهِم، والمُنْتَجِعُونَ الذينَ ضَلُّوا الطَّريقَ،
كالمُهْتَلِكينَ.
والهالِكِيُّ: الحَدَّادُ، والصَّيْقَلُ، لأنَّ أوَّلَ مَنْ عَمِلَ الحَديدَ الهالِكُ بنُ أسَدٍ.
وتَهالَكَ على الفِراشِ: تَساقَطَ،
وـ المرأةُ في مِشْيَتِهَا: تَمايَلَتْ.
والهالِكَةُ: النَّفْسُ الشَّرِهَةُ، وقد هَلَكَ يَهْلِكُ هَلاكاً.
وفلانٌ هِلْكَةٌ، بالكسرِ،
من الهِلَكِ، كعِنَبٍ: ساقِطَةٌ مِنَ السَّواقِطِ.
والهَيْلَكُونُ: المِنْجَلُ لا أسْنانَ له.
(والهالوكُ: سَمُّ الفأرِ، ونَوْعٌ من الطَّراثيثِ) .
(هَلَكَ)
(هـ) فِيهِ «إِذَا قَالَ الرَّجُل: هَلَكَ النَّاسُ، فَهُو أهْلَكُهم» يُرْوَى بفَتْح الْكَافِ وضَمِّها، فمَن فَتَحها كَانَتْ فِعْلاً ماضِياً، ومَعْناه أنَّ الغَالِينَ الَّذين يُؤيْسُون النَّاس مِن رحْمة اللَّه يَقُولون: هَلَكَ النّاسُ: أَيِ اسْتَوْجَبوا النَّارَ بِسُوء أعْمَالهم، فَإِذَا قَالَ الرَّجُل ذَلِكَ فَهُوَ الَّذي أوْجَبَه لَهُم لَا اللَّهُ تَعالى، أَوْ هُوَ الَّذِي لَمَّا قَالَ لَهُم ذَلِكَ وآيَسَهُم حَمَلَهُم عَلَى تَرْك الطَّاعَة والانْهِماكِ فِي الْمَعَاصِي، فَهُوَ الَّذِي أوْقَعَهُم فِي الْهَلَاكِ.
وَأَمَّا الضَّمُّ فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ إِذَا قَالَ لَهُمْ ذَلِكَ فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ: أَيْ أكْثَرُهُم هَلاكا. وَهُوَ الرَّجُل يُولَعُ بعَيْب النَّاسِ ويَذْهَب بنَفْسِه عُجْباً، ويَرَى لَهُ عَلَيْهِمْ فَضْلا.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ الدَّجَّال، وذَكَر صِفته، ثُمَّ قَالَ «ولكنَّ الْهُلْكَ كُلَّ الهُلْكِ أَنَّ ربَّكم ليْس بأعْوَرَ» وَفِي رِوَايَةٍ «فإمَّا هَلَكَتْ هُلَّكٌ فَإِنَّ رَبَّكم ليْس بأعْوَرَ» الْهُلْكُ: الهَلاك.
ومَعْنى الرِّوَايَةِ الْأُولَى: الْهَلَاكُ كُلُّ الْهَلَاكِ للدَّجَّال؛ لِأَنَّهُ وَإِنِ ادَّعَى الرُّبُوبِيَّة ولَبَّسَ عَلَى الناسِ بِمَا لَا يَقْدِر عَلَيْهِ البَشَرُ، فَإِنَّهُ لَا يَقْدِر عَلَى إِزَالَةِ العَوَر، لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى مُــنَزَّه عَنِ النَّقائص والعُيُوب.
وَأَمَّا الثَّانية: فَهُلَّكٌ- بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيدِ- جَمْعُ هَالِكٍ: أَيْ فإنْ هَلَكَ بِهِ ناسٌ جَاهِلُونَ وضَلُّوا، فاعْلَمُوا أَنَّ اللَّه لَيْسَ بِأَعْوَرَ. تَقُولُ الْعَرَبُ: افْعَلْ كَذَا إمَّا هَلَكَتْ هُلَّكٌ، وهُلُكٌ، بِالتَّخْفِيفِ، مُنَوّناً وغَيْرَ مُنَوْنٍ. ومَجْراه مَجْرى قَوْلهم: افْعَل ذَاك عَلَى مَا خَيَّلَتْ : أَيْ عَلَى كُلِّ حالٍ.
وهُلُكٌ: صِفَةٌ مُفْرَدَة بِمَعْنَى هَالِكَة، كَناقَةٍ سُرُحٍ، وامرأةٍ عُطُلٍ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: فَكَيْفَمَا كَانَ الْأَمْرُ فإنَّ ربَّكم لَيْسَ بأعوَرَ.
(هـ) وَفِيهِ «مَا خَالَطَتِ الصَّدَقَةُ مَالاً إِلَّا أَهْلَكَتْهُ» قِيل: هو حَضٌّ عَلَى تَعْجيل الزَّكَاةِ مِنْ قَبْل أنْ تَخْتَلطَ بِالْمَالِ بَعْدَ وجوبِها فِيهِ فتَذْهبَ بِهِ.
وَقِيلَ: أَرَادَ تَحْذير العُمَّالِ عَنِ اخْتِزال شَيْءٍ مِنْهَا وخَلْطِهِم إيَّاه بِهَا.
وَقِيلَ: هُوَ أَنْ يأخذ الزكاة وهو غَنِيٌّ عنها. (س) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «أتَاهُ سائِل فَقَالَ لَهُ: هَلَكْتُ وأَهْلَكْتُ» أَيْ هَلَكَتْ عِيَالي.
وَفِي حَدِيثِ التَّوبَة «وَتَرَكَهَا بِمَهْلَكَةٍ» أَيْ مَوْضع الْهَلَاكِ، أَوِ الهلاكِ نَفْسِهِ، وجَمْعُها:
مَهَالِكُ، وتُفْتَح لامُهَا وتُكْسَرُ، وهُمَا أَيْضًا: المَفازَة.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ أُمِّ زَرْع «وَهُوَ أَمامَ القَوْم فِي المَهالِك» أَيْ فِي الْحُرُوبِ، فَإِنَّهُ لثِقَتِه بِشجاعَتِه يَتَقَدَّم وَلَا يَتَخَلَّف.
وَقِيلَ: أرادَتْ أَنَّهُ لِعلْمِه بالطُّرُق يَتَقَدَّم القَوْمَ يَهْدِيهم وَهُمْ عَلَى أَثَرِه.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ مَازِنٍ «إنِّي مُولَعٌ بالخمْر والْهُلُوكِ مِنَ النِّساء» هِيَ الفاجِرَة، سُمِّيت بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تَتَهَالَكُ: أَيْ تَتَمايَلُ وتَتَثَنَّى عِنْدَ جِمَاعِها. وَقِيلَ: هِيَ المُتساقِطَة عَلَى الرِّجَالِ.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «فَتَهَالَكْتُ عَلَيْهِ [فسألتُه ] » أَيْ سَقَطْتُ عَلَيْهِ ورَمَيْتُ بنَفْسي فَوْقَه.

الكَنْزُ

الكَنْزُ: هو المالُ الموضوع في الأرض، والكنز العادي هو القديم منه.
الكَنْزُ: المالُ المَدْفُونُ، وقد كَــنَزَهُ يَكْــنِزُهُ، والذَّهَبُ والفِضَّةُ، وما يُحْرَزُ به المالُ، ورَكْزُ الرُّمْحِ في الأرضِ وكُلُّ شيء غَمَزْتَهُ في وِعاءٍ أو أرضٍ،
فقد كَنَزْتَهُ.
واكْتَنَزَ: اجْتَمَعَ، وامْتَلأَ.
والكَنيزُ: التَّمْرُ في قَواصِرَّ للشِتَاء، ووَالِدُ بَحْرٍ المُحَدِّثِ.
وزَمَنُ الكَنازِ، ويكسرُ: أوانُ كَنْزِ التَّمْرِ، وقد كَنَزُوهُ يَكْنِزونهُ.
وناقةٌ وجارِيَةٌ كِنازٌ، ككِتابٍ: كثيرةُ اللَّحْمِ، صُلْبَةٌ
ج: كُنُزٌ وكِنازٌ كالواحدةِ.
وكَنْزَةُ: وادٍ باليمامة، واسم أُمِّ شَمْلَةَ بنِ بُرْدٍ المنْقَرِيِّ، وجَدُّ محمدِ بن علِيٍّ الأهْوَازِيِّ المحدِّثِ، وفرسُ المُقْعَدِ بن شَمَّاسٍ السَّعْدِيِّ. وككَتَّانٍ: رجلٌ من ضَبَّةَ، وابنُ حِصْنٍ أو حُصَيْنٍ الغَنَوِيُّ، صحابِيٌّ، وابنُ صُرَيْمٍ، وابنُ نُعَيْمٍ: شاعرانِ. وكُنَيْزٌ الخادِمُ، كزُبَيْرٍ: محدِّثٌ. وكُنَيْزُ دُبَّةَ: من المُغَنِّينَ.

وَكَبَ

(وَكَبَ)
(س) فِيهِ «أنَّه كَانَ يَسير فِي الإفاضَة سَيْرَ الْمَوْكِبِ» الْمَوْكِبُ: جَماعَةٌ رُكَّابٌ يَسيْرون بِرِفْق، وهُم أَيْضًا القَوْم الرُّكوبُ للزِّينَة والتَّــنَزُّه. أَرَادَ أنَّه لَم يكُن يُسْرِع السَّيْرَ فِيهَا.
وَقِيلَ: الْمَوْكِبُ: ضَرْب مِنَ السَّيْر.

نَكَفَ

(نَكَفَ)
(هـ) فِيهِ «أَنَّهُ سُئل عَنْ قَوْلِ: سُبْحَانَ اللَّه، فَقَالَ: إِنْكَافُ اللَّهِ مِن كلِّ سُوء» أَيْ تَنْزِيهُه وتَقْديسُه. يُقَالُ: نَكِفْتُ مِنَ الشَّيْءِ واسْتَنْكَفْتُ مِنْهُ: أَيْ أَنِفْتُ مِنْهُ.
وأَنْكَفْتُهُ: أَيْ نَزَّهْــتُه عَمَّا يُسْتَنْكَفُ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «جَعلَ يضرِب بالمِعْوَل حَتَّى عَرِق جَبينُه وانْتَكَفَ العَرَقَ عَنْ جَبِينه» أَيْ مَسَحه ونَحَّاه. يُقَالُ: نَكَفْتُ الدمعَ وانْتَكَفْتُهُ، إِذَا نَحَّيتَه بإصْبَعك مِنْ خدِّك.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ حُنين «قد جاء جيشٌ لا يُكَتُّ ولا يُنْكَفُ» أَيْ لَا يُحْصَى وَلَا يُبْلَغ آخرُه. وَقِيلَ: لَا يَنْقَطِع آخِرُهُ، كَأَنَّهُ مِنْ نَكْفِ الدَّمْع.
نَكَفَ عنه، كفَرِحَ ونَصَرَ: أَنِفَ منه، وامْتَنَعَ، وهو ناكِفٌ،
وـ منه، كفرِحَ: تَبَرَّأ،
وـ اليَدُ: أَصابَها وجَعٌ.
وكيَمْنَع: ع، ومَلِكٌ لحِمْيَرَ.
وذاتُ نَكيفٍ، كأَمِيرٍ: ع بناحِيةِ يَلَمْلَم.
ويومُ نكيفٍ: م، كان به وَقْعَةٌ، فَهَزَمَتْ قُرَيْشٌ بَنِي كِنانَةَ.
ونَكَفْتُ الغَيْثَ،
وانْتَكَفْتُهُ: أَقْطَعْتُهُ، أَي: انْقَطَعَ عَنِّي، وغَيْثٌ ولا يُنْكَفُ.
وما نَكَفَهُ أَحَدٌ سارَ يوماً ويومينِ، أَي: ما أَقْطَعَه.
وغَيْثٌ لا يُنْكَفُ، بالضم: لا يَنْقَطِعُ.
وبَحْرٌ أَو جَيْشٌ لا يُنْكَفُ: لا يُبْلَغُ آخِرُهُ، ولا يُقْطَعُ ولا يُحْصَى.
ونَكَفَ الدَّمْعَ: نَحَّاهُ عن خَدِّهِ بِإصْبَعِهِ،
وـ عنه: عَدَلَ،
وـ أَثَرَهُ: اعْتَرَضَهُ في مَكانٍ سَهْلٍ، لأنَّه عَلا ظَلَفاً من الأرضِ لا يُؤَدّي أَثَراً،
كانْتَكَفَهُ.
والنَّكَفُ، مُحرَّكةً: غُدَدٌ صِغارٌ في أَصْلِ اللَّحْيِ، بين الرَّأْدِ وشَحْمَةِ الأذُنِ.
والنُّكْفَتانِ، بالضم، وبالفتحِ، وبالتحريكِ: اللِّهْزِمَتانِ عن يَمينِ العَنْفَقَةِ وشِمالِها. وكغُرابٍ: وَرَمٌ في نُكْفَتَيِ البَعيرِ، أَو داءٌ في حُلُوقِها، قاتِلٌ ذَريعاً، وهو مَنْكوفٌ، وهي مَنْكوفَةٌ.
ونَكَّفَتْ تَنْكيفاً: ظَهَرَتْ نَكَفاتُها، فهي مُنكِّفَةٌ.
وأَنْكَفْتُه: نَزَّهْــتُه عما يُسْتَنْكَفُ منه.
والانْتِكافُ: الخُروجُ من أَرضٍ إلى أَرضٍ، والمَيْلُ، والانْتِكاثُ.
وتَناكَفا الكَلامَ: تَعاوَراهُ.
واسْتَنْكَفَ: اسْتَكْبَرَ،
وـ أَثَرَهُ: اعْتَرَضَهُ في مَكانٍ سَهْلٍ،
كنَكَفَه، كنَصَرَه.
وكَمَجْلِسٍ: ع.

كَنَبَ

(كَنَبَ)
- فِي حَدِيثِ سَعْدٍ «رَآهُ رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ أَكْنَبَت يَداه، فَقَالَ لَهُ: أَكْنَبَت يَدَاكَ؟ فَقَالَ: أُعالِج بالمُرّ والمِسْحاة، فأخَذ بِيَده وَقَالَ: هَذِهِ لَا تَمَسُّها النارُ أَبَدًا» أَكْنَبَت اليَدُ: إِذَا ثَخُنَت وغَلُظ جِلْدها وتَعَجَّرَ مِنْ مُعاناة الْأَشْيَاءِ الشَّاقَّةِ.
كَنَبَ كُنُوباً: غَلُظَ،
كأَكنَبَ، واسْتَغْنَى.
والكَنَبُ، مُحَرَّكَةً: غِلَظٌ يَعْلو الرِّجْلَ والخُفَّ والحافِرَ واليَدَ، أو خاصٌّ بها إذا غَلُظَتْ مِنَ العَمَلِ. وقد كَنِبَتْ، كَفَرِحَ، وأكْنَبَتْ، وحافِرٌ مُكْنِبٌ، كمُحْسِنٍ ومِنْبَرٍ.
وأكْنَبَ عليه بَطْنُهُ: اشْتَدَّ،
وـ لِسانُهُ: احْتَبَسَ.
وكَنَبَهُ في جِرابِه يَكْنِبُهُ كَنْباً: كــنَزَهُ.
والكانِبُ: المُمْتَلِئُ شِبَعاً.
والكَنِبُ، ككَتِفٍ: نَبْتٌ.
والكَنيبُ: اليابِسُ مِنَ الشَّجَرِ، أو ما تَحَطَّمَ وتَكَسَّرَ شَوْكُه.
وكزُبَيْرٍ: ع.
وكَجُنُبٍ: د بما وراءَ النَّهْرِ ولَقَبُها: أُشْرُوْسَنَه.
والمُكْنَئِبُّ: الغَلِيظ الشديدُ القَصيرُ.
والكِنابُ، بالكسرِ: الشِّمْراخُ.

قَضْقَضَ

(قَضْقَضَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ مَانِعِ الزَّكَاةِ «يُمَثَّل لَهُ كَــنْزُه [يَوْمَ الْقِيَامَةِ] شُجاعاً فيُلْقِمه يدَه فيُقَضْقِضُها» أَيْ يكْسرها. وَمِنْهُ: أسَدٌ قَضْقاض: إِذَا كَانَ يَحْطِم فَرِيسته.
(هـ) وَمِنْهُ حديث صَفيّة بنت عبد المطلب «فأطلَّ علينا يهودِيٌّ فقُمت إِلَيْهِ فضرَبْتُ رَأْسَهُ بالسيْف، ثُمَّ رَمَيْتُ بِهِ عَلَيْهِمْ، فتَقَضْقَضُوا» أَيِ انكَسَروا وَتَفَرَّقُوا.

قَدُسَ

(قَدُسَ)
- فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى «الْقُدُّوسُ»
هُوَ الطَّاهِرُ المــنزَّه عَنِ العُيوب. وفُعُّول:
مِنْ أبْنِية الْمُبَالَغَةِ، وَقَدْ تُفتح القاف، وليس بالكثير، ولم يَجيء مِنْهُ إِلَّا قَدُّوس، وسَبّوح، وذَرّوح.
وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ «التَّقْديس» فِي الْحَدِيثِ، وَالْمُرَادُ بِهِ التَّطْهِيرُ.
وَمِنْهُ «الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ»
قِيلَ: هِيَ الشَّامُ وفِلَسْطين. وسُمِّي بيتْ المَقْدس، لأنه الموضع الَّذِي يُتَقَدَّس فِيهِ مِنَ الذُّنُوبِ. يُقَالُ: بَيْتُ المَقْدِس، وَالْبَيْتُ المُقَدَّس، وَبَيْتُ القُدْس، بِضَمِّ الدَّالِ وَسُكُونِهَا.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إنَّ رُوحَ القُدُس نَفَث فِي رُوعي» يَعْنِي جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ؛ لِأَنَّهُ خُلِق مِنْ طَهارة.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «لَا قُدِّسَتْ أُمَّةٌ لَا يُؤْخَذ لضَعيفها مِنْ قَوِيِّها» أَيْ لَا طُهِّرت.
(س) وَفِي حَدِيثِ بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ «أَنَّهُ أَقْطَعه حَيْثُ يَصْلُح لِلزَّرْعِ مِنْ قُدْس، وَلَمْ يُعْطه حقَّ مُسْلِم» هُوَ بِضَمِّ الْقَافِ وَسُكُونِ الدَّالِ: جَبَلٌ مَعْرُوفٌ.
وَقِيلَ: هُوَ الْمَوْضِعُ المُرْتَفِع الَّذِي يَصْلح لِلزِّرَاعَةِ.
وَفِي كِتَابِ الأمْكِنة «أَنَّهُ قَرِيسٌ» قِيلَ: قَرِيسٌ وقَرْس: جَبَلَانِ قُرب الْمَدِينَةِ، وَالْمَشْهُورُ المَرْوِيُّ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ.
وَأَمَّا «قَدَس» بِفَتْحِ الْقَافِ وَالدَّالِ. فموضع بالشام من فتوح شُرَحْبيل بن حَسَنة.

فَسَا

فَسَا فَسْواً وفُسَاءً: أخْرَجَ رِيحاً من مَفْساهُ بلا صَوْتٍ،
وهو فَسَّاءٌ وفَسُوٌّ: كَثيرُه.
والفاسِياءُ والفاسِيَةُ: الخُنْفُساءُ.
وفَسَواتُ الضِباعِ: كَمْأَةٌ.
والفَسْوُ: لَقَبُ حَيٍّ من عبدِ القَيْسِ، نادَى زَيْدُ بنُ سَلامَةَ منهم على عارِ هذا اللَّقَبِ في عُكاظَ بِبُرْدَيْ حِبَرَةٍ، فاشتراهُ عبدُ الله بنُ بَيْدَرَةَ ابنِ مَهْوٍ، ولَبِسَ البُرْدَيْنِ.
وفَسا: د بفارِسَ، منه أبو عَلِيٍّ النَّحْوِيُّ الفَسَوِيُّ، ومنه الثيابُ الفَساسارِيَّةُ. وابنُ فَسْوَة: شاعرٌ.
والفَسَا: لغةٌ في الهَمْزِ.
(فَسَا)
(س) فِي حَدِيثِ شُرَيح «سُئل عَنِ الرَّجُلِ يُطَلِّق الْمَرْأَةَ ثُمَّ يَرْتَجِعها فيَكْتُمها رَجْعَتها حَتَّى تَنْقَضِي عِدّتها، فَقَالَ: لَيْسَ لَهُ إلَّا فَسْوَة الضَّبُع» أَيْ لَا طَائِلَ لَهُ فِي ادِّعاء الرَّجْعة بَعْدَ انْقِضَاءِ العِدّة. وَإِنَّمَا خَصَّ الضَّبُع لحُمقِها وخُبْثها.
وَقِيلَ: هِيَ شجَرة تَحمِل الخَشْخاش، لَيْسَ فِي ثَمرها كبيرُ طَائِلٍ.
وَقَالَ صَاحِبُ «الْمِنْهَاجِ» فِي الطِب: هِيَ القَعْبَل، وَهُوَ نَبَاتٌ كَرِيه الرَّائِحَةِ، لَهُ رَأْسٌ يطيخ ويُؤكل باللَّبَن، وَإِذَا يَبِس خَرَجَ مِنْهُ مِثْل الوَرْس.
فَسَا:
بالفتح، والقصر، كلمة عجمية، وعندهم بسا، بالباء، وكذا يتلفظون بها وأصلها في كلامهم الشمال
من الرياح: مدينة بفارس أنزه مدينة بها فيما قيل، بينها وبين شيراز أربع مراحل، وهي في الإقليم الرابع، طولها سبع وسبعون درجة وربع، وعرضها ثلاث وثلاثون درجة وثلثان، قال الإصطخري:
وأما كورة دارابجرد فإن أكبر مدنها فسا، وهي مدينة مفترشة البناء واسعة الشوارع تقارب في الكبر شيراز وهي أصحّ هواء من شيراز وأوسع أبنية، وبناؤهم من طين وأكثر الخشب في أبنيتهم السّرو، وهي مدينة قديمة ولها حصن وخندق وربض وأسواقها في ربضها، وهي مدينة يجتمع فيها ما يكون في الصّرود والجروم من البلح والرّطب والجوز والأترج وغير ذلك، وباقي مدن دارابجرد متقاربة، وبين فسا وكازرون ثمانية فراسخ، ومن شيراز إلى فسا سبعة وعشرون فرسخا، وقال حمزة بن الحسن في كتاب الموازنة: المنسوب إلى مدينة فسا من كورة دارابجرد يسمّى بساسيريّ ولم يقولوا فسائيّ، وقولهم بساسير مثل قولهم گرم سير وسردسير، وكذلك النسبة إلى كسنا ناحية قرب نائين كسناسيري، وإليها ينسب أبو عليّ الفارسي الفسوي، وأبو يوسف يعقوب بن سفيان بن جوان الفسوي الفارسي الإمام، رحل إلى المشرق والمغرب وسمع فأكثر وصنّف مع الورع والنسك، روى عن عبد الله بن موسى وغيره، روى عنه أبو محمد بن درستويه النحوي، وتوفي سنة 277، قال ابن عساكر: أبو سفيان بن أبي معاوية الفارسي الفسوي قدم دمشق غير مرّة وسمع بها، روى عنه أبو عبد الرحمن الساوي في سننه وأبو بكر بن أبي داود وعبد الله بن جعفر بن درستويه وأبو محمد أحمد بن السري بن صالح بن أبان الشيرازي ومحمد بن يعقوب الصّفّار والحسن بن سفيان وأبو عوانة الأسفراييني وغيرهم، وكان يقول: كتبت عن ألف شيخ كلهم ثقات، قال الحافظ أبو القاسم:
أنبأنا ابن الأكفاني عن عبد العزيز الكناني أنبأنا أبو بكر عبد الله بن أحمد إجازة سمعت أبا بكر أحمد ابن عبدان يقول: لما قدم يعقوب بن الليث صاحب خراسان إلى فارس أخبر أنه هناك رجل يتكلم في عثمان بن عفّان، وأراد بالرجل يعقوب بن سفيان الفسوي فإنه كان يتشيع، فأمر بإشخاصه من فسا إلى شيراز، فلما قدم علم الوزير ما وقع في نفس يعقوب بن الليث فقال: أيها الأمير إن هذا الرجل قدم ولا يتكلم في أبي محمد عثمان بن عفان شيخنا وإنما يتكلم في عثمان بن عفان صاحب النبي، صلى الله عليه وسلم، فلما سمع قال: ما لي ولأصحاب النبي، صلّى الله عليه وسلّم، وإنما توهّمت أنه تكلم في عثمان بن عفان السجزي، ولم يتعرّض له.

العَنْزُ

العَنْزُ: الأُنْثَى من المَعَزِ
ج: أعْنُزٌ وعُنوزٌ وعِنازٌ، وفرسُ سِنانِ بنِ شُرَيْطٍ، أو سَيْفُهُ، والأَكَمةُ السَّوْداءُ، والعُقابُ الأُنْثَى، وسَمَكَة كبيرةٌ لا يَكَادُ يَحْمِلُهَا بَغْلٌ، وطَيْرٌ مائِيٌّ، وأنْثَى الحُبارَى والنُّسورِ.
وعَنْزُ: امرأةٌ من طَسْمٍ، سُبِيَتْ، فَحَمَلوها في هَوْدَجٍ، وألْطَفُوهَا بالقولِ، والفِعلِ، فقالت: هذا شَرَّ يَوْمَيَّ، أي: حينَ صِرْتُ أُكْرَمُ للسِّباءِ. ونَصْبُ شَرٍّ على معنَى رَكِبَتْ في شَرِّ يوميها.
وعَنَزَ عنه: عَدَلَ،
وـ فلاناً: طَعَنَهُ بالعَنَزَةِ، وهي رُمَيْحٌ بينَ العَصا والرُّمْحِ، فيه زُجٌّ، ودابَّةٌ تأخُذُ البَعيرَ من دُبُرِهِ، أو هي كابْنِ عِرْسٍ، تَدْنُو من الناقَةِ البارِكَةِ، فَتَدْخُلُ في حَيائها، فَتَنْدَسُّ فيه، فَتَموتُ الناقَةُ مَكانَها،
وـ من الفأسِ: حَدُّها. وعَنَزَةُ بنُ أسَدِ بنِ رَبيعَةَ، أو ابنُ عَمْرِو بنِ عَوْفٍ: أبو حَيٍّ.
وعُنَيْزَةُ: هَضْبَةٌ سَوْداءُ ببَطْنِ فَلْجٍ، وجارِيَةٌ.
وعُنَيْزَتانِ: ع.
وأعْــنَزَه: أَمالَهُ.
والمُعَنَّزُ، كمُعَظَّمٍ: الصغيرُ الرَّأسِ.
ومُعَنَّزُ الوَجْهِ: قليلُ لَحْمِهِ.
ومُعَنَّزُ اللِّحْيَةِ: لِحْيَتُهُ كالتَّيْسِ.
واعْتَنَزَ واسْتَعْنَزَ: تَنَحَّى.
والعَنيزُ والعَنُوزُ: المُصابُ بِداهِيَةٍ.
وبَنو العِنازِ: قبيلَةٌ. وعَنْزُ بنُ وائلِ بنِ قاسِطٍ: أبو حَيٍّ.
و"هُما كرُكْبَتَيِ العَنْزِ": مَثَلٌ للمُتَبارِيَيْنِ في الشَّرَفِ، لِأَنَّ رُكْبَتَيْها إذا أرادَتْ أن تَرْبِض، وقَعَتَا مَعًا. و"لَقِيَ يومَ العَنْزِ"، يُضْرَبُ لِمَنْ يَلْقَى ما يُهْلِكُهُ.
والعَنْقَزُ: في ع ق ز.

النَّزُّ

النَّزُّ: ما يَتَحَلَّبُ من الأرضِ من الماءِ، ويُكْسَرُ، والكثيرُ، والذَّكِيُّ الفُؤادِ الظَّريفُ الخفيفُ، والسَّخِيُّ، والطَّيَّاشُ، والكثيرُ التَّحَرُّكِ،
كالمِنَزِّ.
ونَزَّ يَنِزُّ نَزيزاً: عدا، وصَوَّتَ،
وـ الأرضُ: تَحَلَّبَ منها النَّزُّ، أو صارَتْ مَنابعَ،
وـ عَنِّي: انْفَرَدَ.
والنِّزَّةُ، بالكسر: الشَّهْوَةُ.
والنَّزيزُ: الشَّهْوانُ، والظريفُ، واضْطِرابُ الوَتَرِ عندَ الرَّمْيِ، نَزَّ يَنِزُّ.
وأنَزَّ: تَصَلَّبَ، وتَشدَّدَ.
والمُنازَّةُ: المُعازَّةُ.
والنَّزْنَزَةُ: تَحْريكُ الرأسِ.
والنُّزانِزُ، بالضم: القَريعُ من الفُحولِ.
ونَزَّزَهُ عن كذا: نَزَّهَــهُ،
وـ الظَّبْيَةُ: رَبَّتْ وَلَدَها طِفْلاً.
ونَزِيزُ شَرٍّ ونِزَازُهُ: لَزيزُهُ ولِزازُهُ.
والمِنَزُّ، بكسر الميمِ: المَهْدُ.
وظَليمٌ نَزٌّ: لا يَسْتَقِرُّ في مكانٍ.

الصَّلَاة

(الصَّلَاة) الدُّعَاء يُقَال صلى صَلَاة وَلَا يُقَال تصلية وَالْعِبَادَة الْمَخْصُوصَة المبينة حُدُود أَوْقَاتهَا فِي الشَّرِيعَة وَالرَّحْمَة وَبَيت الْعِبَادَة للْيَهُود وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {وَلَوْلَا دفع الله النَّاس بَعضهم بِبَعْض لهدمت صوامع وَبيع وصلوات ومساجد يذكر فِيهَا اسْم الله كثيرا}
الصَّلَاة: فِي اللُّغَة الْغَالِبَة الدُّعَاء قَالَ الله تَعَالَى {وصل عَلَيْهِم} أَي ادْع لَهُم. وَقيل تَحْرِيك الصلوين وهما العظمان اللَّذَان عَلَيْهِمَا الركبتان وَالْمُصَلي أَيْضا يُحَرك صلويه فِي الرُّكُوع وَلِهَذَا نقلت إِلَى أَرْكَان مَخْصُوصَة وأذكار مَعْلُومَة بشرائط محصورة فِي أَوْقَات مُعينَة مقدرَة فِي الشَّرْع. وَالدُّعَاء طلب الرَّحْمَة لَكِن إِذا أسندت إِلَى الله تَعَالَى بِأَن يُقَال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تجرد عَن معنى الطّلب وَيُرَاد بهَا الرَّحْمَة مجَازًا لِأَنَّهُ تَعَالَى مــنزه عَن الطّلب كَمَا جرد اسرى عَن اللَّيْل فِي قَوْله تَعَالَى {أسرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا} وَقَالُوا الصَّلَاة من الله تَعَالَى رَحْمَة وَمن الْمَلَائِكَة اسْتِغْفَار وَمن الْمُؤمنِينَ دُعَاء وحقيقتها رَاجِعَة إِلَى نزُول الرَّحْمَة فِي الْكل وعرفوها أَيْضا بإيصال الْخَيْر إِلَى الْغَيْر فعلى هَذَا لَا يرد مَا يرد على مَا قيل إِن الصَّلَاة بِمَعْنى الدُّعَاء من أَن الصَّلَاة الَّتِي بِمَعْنى الدُّعَاء إِذا اسْتعْملت بعلى لَا بُد وَأَن تكون بِمَعْنى الضَّرَر إِذْ الدُّعَاء الْمُسْتَعْمل بِاللَّامِ بِمَعْنى النَّفْع والمستعمل بعلى بِمَعْنى الضَّرَر وَطلب الضَّرَر على النَّبِي يُوجب الْكفْر والحرمان من شَفَاعَته. وَفِي غَايَة الْهِدَايَة وَجَوَابه أَولا بِأَن الْكَلِمَة المستعملة بتينك الحرفين كَذَلِك وَإِلَّا فَلَا وَالصَّلَاة لَا تسْتَعْمل إِلَّا بعلى وَفِيه أَن السَّلَام لَيْسَ كَذَلِك مَعَ أَنه مُسْتَعْمل بهما مثل قَوْله تَعَالَى {وَسَلام لَك من أَصْحَاب الْيَمين وَسَلام على الياسين} أَقُول يُمكن التَّخْصِيص بِأَن الدُّعَاء وَمَا فِي مَعْنَاهُ كَذَلِك لَا كل كلمة وَثَانِيا أَقُول لَا يلْزم كَون المترادفين متوافقين فِي الِاسْتِعْمَال كالأهل والآل فَالثَّانِي لَا يسْتَعْمل إِلَّا فِي ذَوي الشرافة وَلَا يسْتَعْمل مُضَافا إِلَى الزَّمَان وَالْمَكَان وَغير ذَلِك بِخِلَاف الأول.
وثالثا بِأَن هَذَا مَخْصُوص بِلَفْظ الدُّعَاء وَفِيه إِن شهد لَك وَشهد عَلَيْك وَحجَّة لَك وَحجَّة عَلَيْك وَغَضب لَك وَغَضب عَلَيْك كَذَلِك أَقُول هَذَا تَخْصِيص بِالْإِضَافَة إِلَى مَا فِي مَعْنَاهُ فَيكون تَخْصِيصًا إضافيا لَا حَقِيقِيًّا انْتهى. وَفِي آخر كنز الدقائق فِي مسَائِل شَتَّى وَلَا يصلى على غير الْأَنْبِيَاء وَالْمَلَائِكَة إِلَّا بطرِيق التبع.
وَالصَّلَاة فِي الشَّرْع عبارَة عَن الْأَفْعَال الْمَخْصُوصَة الْمَعْهُودَة مَعَ الشَّرَائِط والأركان الْمَخْصُوصَة الْمَذْكُورَة فِي الْفِقْه، فَإِن قلت، مَا الدَّلِيل على أَن الصَّلَاة الْمَفْرُوضَة خمس، قلت، قَوْله تَعَالَى {حَافظُوا على الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى} لِأَنَّهُ يَقْتَضِي عددا لَهُ عدد وسط وواو الْجمع للْعَطْف الْمُقْتَضِي للمغايرة. وَأقله خمس ضَرُورَة. فَإِن قيل مَا السِّرّ فِي كَون الظّهْر وَالْعصر وَالْعشَاء أَربع رَكْعَات وَالصُّبْح رَكْعَتَيْنِ وَالْمغْرب ثَلَاثًا. قُلْنَا كل صَلَاة مِنْهَا صلاهَا نَبِي من الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام. فَإِن الْفجْر صَلَاة آدم عَلَيْهِ السَّلَام حِين خرج من الْجنَّة وأظلمت عَلَيْهِ الدُّنْيَا وجن عَلَيْهِ اللَّيْل فَلَمَّا انْشَقَّ الْفجْر صلى رَكْعَتَيْنِ. الاولى شكرا للنجاة من ظلمَة اللَّيْل. وَالثَّانيَِة شكرا لرجوع ضوء النَّهَار وَكَانَ مُتَطَوعا فَفرض علينا. وَالظّهْر صَلَاة إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام حِين أَمر بِذبح وَلَده إِسْمَاعِيل وَذَلِكَ عِنْد الزَّوَال. الرَّكْعَة الأولى شكرا لزوَال هم الْوَلَد، وَالثَّانيَِة لمجيء الْفِدَاء، وَالثَّالِثَة لرضى الله تَعَالَى، وَالرَّابِعَة شكرا لصبر وَلَده وَكَانَ مُتَطَوعا فَفرض علينا. وَالْعصر صَلَاة يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام حِين نجاه الله تَعَالَى من أَربع ظلمات ظلمَة الذلة وظلمة الْبَحْر وظلمة الْحُوت وظلمة اللَّيْل وَكَانَ مُتَطَوعا فَفرض علينا. وَالْمغْرب صَلَاة عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام الرَّكْعَة الأولى لنفي الألوهية عَن نَفسه وَالثَّانيَِة لنفي الألوهية عَن أمه وَالثَّالِثَة لإِثْبَات الألوهية لله تَعَالَى. وَالْعشَاء صلاهَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام حِين خرج من المداين وضل الطَّرِيق وَكَانَ فِي غم الْمَرْأَة وغم عَدَاوَة فِرْعَوْن وغم أَخِيه هَارُون وغم أَوْلَاده وشكر الله تَعَالَى حِين أَنْجَاهُ من الْغَرق وَأغْرقَ عدوه فَلَمَّا أَنْجَاهُ من ذَلِك كُله وَنُودِيَ من شاطئ الْوَادي صلى أَرْبعا تَطَوّعا فَأمرنَا بذلك لينجينا الله تَعَالَى من الشَّيْطَان الرَّجِيم كَذَا فِي جَوَاهِر الْحَقَائِق قَالَ قَائِل:
(صَلَاة الْفجْر صلاهَا أَبونَا ... صَلَاة الظّهْر صلاهَا الْخَلِيل)

(صَلَاة الْعَصْر يُونُس ثمَّ عِيسَى ... على وَقت الْغُرُوب لَهُ دَلِيل)

(صَلَاة اللَّيْل صلاهَا كليم ... فَأوجب خَمْسَة رب جليل)

اعْلَم أَن الإِمَام الرَّازِيّ نقل فِي التَّفْسِير الْكَبِير اتِّفَاق الْمُتَكَلِّمين على أَن من عبد ودعا لأجل الْخَوْف من الْعقَاب. والطمع فِي الثَّوَاب لم تصح عِبَادَته وَلَا دعاؤه ذكر ذَلِك عِنْد قَوْله تَعَالَى {ادعوا ربكُم تضرعا وخفية} وَجزم فِي أَوَائِل تَفْسِير الْفَاتِحَة بِأَنَّهُ لَو قَالَ أُصَلِّي لثواب الله والهرب عَن عِقَابه فَسدتْ صلَاته انْتهى.
وَاعْلَم أَن المصنفين رَحِمهم الله تَعَالَى من أهل السّنة وَالْجَمَاعَة يصلونَ على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وعَلى آله الطيبين الطاهرين بِزِيَادَة كلمة (على) ردا للشيعة وَيَقُولُونَ وَالصَّلَاة على رَسُوله مُحَمَّد وعَلى آله مثلا بِخِلَاف الشِّيعَة فَإِنَّهُم يَقُولُونَ وَالصَّلَاة على رَسُوله مُحَمَّد وَآله مثلا بِدُونِ كلمة (على) وينقلون فِي ذَلِك حَدِيثا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَيْثُ قَالُوا قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام من فصل بينى وَبَين آلى بعلى لم ينل شَفَاعَتِي وَفِي رِوَايَة فقد جفاني - وَقيل فِي الْجَواب إِن الحَدِيث بعد تَسْلِيم صِحَّته مَخْصُوص بِحَال تشهد الصَّلَاة الشَّرْعِيَّة وَقيل إِنَّه مَخْصُوص بِالْفَصْلِ بَين اسْمه الْمُقَدّس أَعنِي مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَبَين آله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام. وَفِيه أَنه وَقع كَذَلِك فِي الْأَدْعِيَة المأثورة وَقيل إِن الْفَصْل بِمَعْنى الْفرق أَي من فرق بيني وَبَين آلى بعلى أَي بِكَلِمَة على أَي فرق بَين الدُّعَاء لَهُم بِأَن يسْتَعْمل الدُّعَاء الَّذِي لنا بِاللَّامِ وَالدُّعَاء الَّذِي لَهُم بِكَلِمَة على وَحَاصِله أَن من صلى عَليّ وَلعن عَلَيْهِم نَعُوذ بِاللَّه من ذَلِك لم ينل شَفَاعَتِي - وَالْأولَى فِي الْجَواب بل التَّحْقِيق الْحقيق بِالصَّوَابِ أَن يُقَال إِن الحَدِيث الْمَذْكُور لَيْسَ بِصَحِيح الرِّوَايَة وَلِهَذَا وَقعت المناقشة فِيمَا بَين الشِّيعَة فِي صِحَّته أَيْضا وَمن يَقُول مِنْهُم بِصِحَّتِهِ يقْرَأ صُورَة حرف الْجَرّ اسْمه كرم الله وَجهه وَيحمل الْبَاء على السَّبَبِيَّة وَيَقُول إِن الْمَعْنى أَن من فصل بيني وَبَين آلى بِسَبَب عداوته وخصومته لعَلي كرم الله وَجهه فَلم ينل شَفَاعَتِي - وَإِن سلمنَا أَن الحَدِيث صَحِيح فَالْوَاجِب حمله على هَذَا إِذْ من المستبعد جدا أَن يحكم بالحرمان من شَفَاعَته عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام بِمُجَرَّد إِيرَاد كلمة على بَين النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام، وَآله الْكِرَام، والمحروم من شَفَاعَته عَلَيْهِ السَّلَام، إِنَّمَا هُوَ الْكَافِر وَوجه وجوب الصَّلَاة على النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام، وَآله الْعِظَام مَذْكُور فِي الْحَمد.
الصَّلَاة: عَن أَحْوَال السُّلْطَان الثَّانِي كتب فِي (مرْآة الاسكندري فِي تَارِيخ سلاطين كجرات) أَن شخصا مُسلما من أحد الْقرى أَتَى السُّلْطَان مَحْمُود وَقَالَ لَهُ أَنا أَبُو بَنَات وَلم أعد قَادِرًا على تَقْدِيم الْخَيْر لَهُنَّ وَفِي هَذِه اللَّيْلَة رَأَيْت جمال وَجه ذِي الْكَمَال مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْمَنَام وَقَالَ لي أَن مَا تريده هُوَ (تنكه) (أَي مائَة وَخَمْسَة وَعشْرين ألف) فَاذْهَبْ وخذها من السُّلْطَان مَحْمُود واعطه دَلِيلا على ذَلِك بِأَنَّهُ يُرْسل السَّلَام لنا يوميا مائَة ألف مرّة، فَقَالَ السُّلْطَان أَن الذَّهَب الَّذِي تريده سأعطيك إِيَّاه أما الدَّلِيل الَّذِي قلت عَنهُ فَلَيْسَ لَهُ وَاقع، فَقَالَ لَهُ: إِنِّي أَقُول مَا سمعته من حبيب الله. وللمصادفة فَإِن السُّلْطَان رأى فِي مَنَامه الْوَاقِعَة نَفسهَا فَأصْبح مَا قيل وَاقعا وَقَالَ لَهُ الرَّسُول فِي الْمَنَام إِن السَّلَام الْوَاحِد الَّذِي تَقوله كل يَوْم يعادل ثَوَاب مائَة ألف سَلام، وَهَذَا السَّلَام الْمُعظم هُوَ:
((اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد بِعَدَد أنفاس الْمَخْلُوقَات، وصل على مُحَمَّد بِعَدَد أشعار الموجودات، وصل على مُحَمَّد بِعَدَد حُرُوف اللَّوْح والدعوات، وصل على مُحَمَّد بِعَدَد البدايات والنهايات من الموجودات والمعدومات إِلَى أَبَد الآبد من أول أزمنته وأواسط عصره وَآخر بَقَائِهِ، وصل على مُحَمَّد بِعَدَد سكان الْأَرْضين وَالسَّمَوَات، وصل على خير خلقه مُحَمَّد وَآله أَجْمَعِينَ)) . وَفِي صباح تِلْكَ اللَّيْلَة استدعى السُّلْطَان ذَلِك الرجل وَأَعْطَاهُ كل مَا طلب وَزَاد عَلَيْهَا أَن ولاه وَظِيفَة. (انْتهى) . 

الدين

الدين: وضع إلهي يدعو أصحاب العقول إلى قبول ما هو عند الرسول، كذا عبر ابن الكمال. وعبارة غيره: وضع إلهي سائق لذوي العقول باختيارهم المحمود إلى الخير بالذات. وقال الحرالي: دين الله المرضي الذي لا لبس فيه ولا حجاب عليه ولا عوج له هو إطلاعه تعالى عبده على قيوميته الظاهرة بكل باد وفي كل باد، وعلى كل باد وأظهر من كل باد، وعظمته الخفية التي لا يشير إليها اسم ولا يحوزها رسم، وهي مداد كل مداد.
الدين

التحقيق اللغويتستعمل كلمة الدين في كلام العرب بمعان شتى وهي:
(1) القهر والسلطة والحكم والأمر، والإكراه على الطاعة، واستخدام القوة القاهرة (Sovereignty) فوقه، وجعله عبداً، ومطيعاً، فيقولون (دان الناس) أي قهرهم على الطاعة، وتقول (دنتهم فدانوا) أي قهرتهم فأطاعوا. و (دنت القوم) أي أذللتهم واستعبدتهم، و (دان الرجل) إذا عز و (دنت الرجل) حملته على ما يكره. و (دُيّن فلان) إذا حمل على مكروه. و (دنته) أي سسته وملكته. و (ديَّنته القوم) وليته سياستهم، ويقول الحطيئة يخاطب أمه:
لقد دينت أمر بنيك حتى ... ... تركتهم أدق من الطحين
وجاء في الحديث النبوي على صاحبه الصلاة والسلام: (الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت) أي قهر نفسه وذللها، ومن ذلك يقال (ديان) للغالب القاهر على قطر أو أمة أو قبيلة والحاكم عليها، فيقول الأعشى الحرمازي يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم:
... ... ... ... يا سيد الناس وديان العرب
وبهذا الاعتبار يقال (مدين) للعبد والمملوك و (المدينة) للأمة فـ (ابن المدينة) معناه ابن الأمة كما يقول الأخطل:
... ... ... ... ربت وربا في حجرها ابن مدينة (4)
وجاء في التنزيل:
(فلولا إن كنتم غير مدينين. ترجعونها إن كنتم صادقين) ... (الواقعة: 86-87) (2) الإطاعة والعبدية والخدمة والتسخر لأحد والائتمار بأمر أحد، وقبول الذلة والخضوع تحت غلبته وقهره. فيقولون (دنتهم فدانوا) أي قهرتهم فأطاعوا، و (دنت الرجل) أي خدمته، وجاء في الحديث، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أريد من قريش كلمة تدين بها العرب) أي نطيعهم ونخضع لهم. بهذا المعنى يقال للقوم المطيعين (قوم دين) بهذا المعنى نفسه قد وردت كلمة الدين في حديث الخوارج (يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية) (1)
(3) الشرع والقانون والطريقة والمذهب والملة والعادة والتقليد، فيقولون (ما زال ذلك ديني وديدني) أي دأبي وعادتي. ويقال (دان) إذا اعتاد خيراً أو شراً. وفي الحديث (كانت قريش ومن دان بدينهم) أي من كان على طريقتهم وعادتهم، وفيه (أنه عليه السلام كان على دين قومه) أي كان يتبع الحدود والقواعد الرائجة في قومه في شؤون النكاح والطلاق والميراث وغير ذلك من الشؤون المدنية والاجتماعية. (4) الجزاء والمكافأة والقضاء والحساب. فمن أمثال العرب (كما تدين تدان) أي كما تصنع يصنع بك. وقد روى القرآن قول الكفار (أإنا لمدينون) أي هل نحن مجزيون محاسبون؟ وفي حديث ابن عمر رضي عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تسبوا السلاطين، فإن كان لا بد فقولوا اللهم دنهم كما يدينون) أي افعل بهم كما يفعلون بنا. ومن هنا تأتي كلمة (الديان) بمعنى القاضي وحاكم المحكمة وسئل أحد الشيوخ عن علي كرم الله وجهه فقال: (إنه كان ديان هذه الأمة بعد نبيها) أي كان أكبر قضاتها بعده.



استعمال كلمة (الدين) في القرآن
فيتبين مما تقدم أن كلمة (الدين) قائم بنيانها على معان أربعة، أو بعبارة أخرى هي تمثل الذهن العربي تصورات أربعة أساسية.
أولها: القهر والغلبة من ذي سلطة عليا.
والثاني: الإطاعة والتعبد والعبدية من قبل خاضع لذي السلطة.
والثالث: الحدود والقوانين والطريقة التي تتبع.
والرابع: المحاسبة والقضاء والجزاء والعقاب.
وكانت العرب تستعمل هذه الكلمة قبل الإسلام بهذا المعنى تارة أخرى حسب لغاتهم المختلفة؛ إلا أنهم لما لم تكن تصوراتهم لتلك الأمور الأربعة واضحة جلية ولا كان لها من السمو والبعد نصيب، كان استعمال كلمة (الدين) مشوباً بشوائب اللبس والغموض، ولذلك لم يتح لها أن تكون مصطلحاً من مصطلحات نظام فكر متين، حتى نزل القرآن فوجد هذه الكلمة ملائمة لأغراضه؛ فاقتناها واستعملها لمعانيه الواضحة المتعينة، واصطنعها مصطلحاً له مخصوصاً. فأنت ترى أن كلمة (الدين) في القرآن تقوم مقام نظام بأكلمه، يتركب من أجزاء أربعة هي:
الحاكمية والسلطة العليا.
الإطاعة والإذعان لتلك الحاكمية والسلطة.
النظام الفكري والعملي المتكون تحت سلطان تلك الحاكمية.
المكافأة التي تكافئها السلطة العليا على اتباع ذلك النظام والإخلاص له أو على التمرد عليه والعصيان له. ويطلق القرآن كلمة (الدين) على معنيها الأول والثاني تارة، وعلى المعنى الثالث أخرى وعلى الرابع ثالثة، وطوراً يستعمل كلمة (الدين) ويريد بها ذلك النظام الكامل بأجزائه الأربعة في آن واحد. ولإيضاح ذلك يجمل بنا النظر فيما يأتي من الآيات الكريمة:

الدين بالمعنيين الأول والثاني:
(الله الذي جعل لكم الأرض قراراً والسماء بناءً وصوركم فأحسن صوركم ورزقكم من الطيبات ذلكم الله ربكم فتبارك الله رب العالمين، هو الحي لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين الحمد لله رب العالمين) (غافر: 64-65)
(قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصاً له الدين. وأمرت لأن أكون أول المسلمين) .. (قل الله أعبد مخلصاً له ديني. فاعبدوا ما شئتم من دونه) …
(والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى الله لهم البشرى) .. (إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصاً له الدين. ألا لله الدين الخالص) (الزمر: 11-12 و 17، و 2-3)
(وله ما في السماوات والأرض وله الدين واصباً أفغير الله تتقون) (النحل: 52)
(أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السماوات والأرض طوعاً وكرهاً وإليه يرجعون) (آل عمران: 82)
(وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء) (البينة: 5) في جميع هذه الآيات قد وردت كلمة (الدين) بمعنى السلطة العليا، ثم الإذعان لتلك السلطة وقبول إطاعتها وعبديتها. والمراد بإخلاص الدين لله ألا يسلم المرء لأحد من دون الله بالحاكمية والحكم والأمر، ويخلص إطاعته وعبديته لله تعالى إخلاصاً لا يتعبد بعده لغيره الله ولا يطيعه إطاعة مستقلة بذاتها. (1)

الدين بالمعنى الثالث
(قل يا أيها الناس إن كنتم في شكٍ من ديني فلا أعبدُ الذين تعبدون من دون الله ولكن أعبد الله الذي يتوفاكم وأمرت أن أكون من المؤمنين. وأن أقم وجهك للدين حنيفاً ولا تكونن من المشركين) (يونس: 104-105)
(إن الحُكم إلا لله أمر أن لا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم) (يوسف: 40)
(وله من في السماوات والأرض كلٌ له قانتون) .. (ضرب لكم مثلاً من أنفسكم هل لكم مما ملكت أيمانكم من شركاء فيما رزقناكم فأنتم فيه سواءٌ تخافونهم كخيفتكم أنفسكم) … (بل اتّبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم) … (فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرة الله التي فطر الناس عليها (1) لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون) (الروم: 26 و 28، 29، 30)
(الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله) (النور: 2)
(إنّ عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض، منها أربعة حرمٌن ذلك الدين القيم) (التوبة: 36)
(كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك) (يوسف: 76)
(وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم (2) ليردوهم وليلبسوا (3) عليهم دينهم) (الأنعام: 137)
(أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله) (الشورى: 21)
(لكم دينكم ولي دين) (الكافرون: 6) المراد بـ (الدين) في جميع هذه الآيات هو القانون والحدود والشرع والطريقة والنظام الفكري والعملي الذي يتقيد به الإنسان فإن كانت السلطة التي يستند إليها المرء لاتباعه قانوناً من القوانين أو نظاماً من النظم سلطة الله تعالى، فالمرء لا شك في دين الله عز وجل، وأما إن كانت تلك السلطة سلطة ملك من الملوك، فالمرء في دين الملك، وإن كانت سلطة المشايخ والقسوس فهو في دينهم. وكذلك إن كانت تلك السلطة سلطة العائلة أو العشيرة أو جماهير الأمة، فالمرء لا جرم في دين هؤلاء. وموجز القول أن من يتخذ المرء سنده أعلى الأسناد وحكمه منتهى الأحكام ثم يتبع طريقاً بعينه بموجب ذلك، فإنه –لا شك- بدينه يدين.

الدين بالمعنى الرابع:
(إنَّ ما توعدون لصادق وإن الدين لواقع) (الذاريات: 5-6)
(أرايت الذي يكذب بالدين. فذلك الذي يدع اليتيم. ولا يحض على طعام المسكين) (الماعون 1-3)
(وما أدراك ما يوم الدين. ثم ما أدراك ما يوم الدين. يوم لا تملك نفسٌ لنفسٍ شيئاً والأمر يومئذ لله) (الانفطار: 17-19)
قد وردت كلمة (الدين) في هذه الآيات بمعنى المحاسبة والقضاء والمكافأة.

الدين: المصطلح الجامع الشامل إلى هذا المقام قد استعمل القرآن كلمة (الدين) فيما يقرب من معانيها الرائجة في كلام العرب الأول. ولكننا نرى بعد ذلك أنه يستعمل هذه الكلمة مصطلحاً جامعاً شاملاً يريد به نظاماً للحياة يدعن فيه المرء لسلطة عليا لكائن ما، ثم يقبل إطاعته واتباعه ويتقيد في حياته بحدوده وقواعده وقوانينه ويرجو في طاعته العزة والترقي في الدرجات وحسن الجزاء، ويخشى في عصيانه الذلة والخزي وسوء العقاب. ولعله لا يوجد في لغة من لغات العالم مصطلح يبلغ من الشمول والجامعية أن يحيط بكل هذا المفهوم. وقد كادت كلمة (State) تبلغ قريباً من ذلك المفهوم ولكنها تفتقر إلى مزيد من الاتساع لأجل إحاطتها بحدود معاني كلمة (الدين) . وفي الآيات التالية قد استعمل (الدين) بصفة هذا المصطلح الجامع:

(الأول والثاني) ... ... ... (الرابع) ... ... ... (الثالث)
(قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرّمون ما حرّم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون) (التوبة: 29)
(الدين الحق) في هذه الآية كلمة اصطلاحية قد شرح معانيها واضح الاصطلاح نفسه عز وجل، في الجمل الثلاث الأولى، وقد أوضحنا بوضع العلامات على متن الآية أنه قد ذكر الله تعالى فيها جميع معاني كلمة (الدين) الأربعة، ثم عبر عن مجموعها بكلمة (الدين الحق) .
(وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدعُ ربّه إني أخاف أن يبدّل دينكم أو يظهر في الأرض الفساد) (غافر: 26) وبملاحظة جميع ما ورد في القرآن من تفاصيل لقصة موسى عليه السلام وفرعون، لا يبقى من شك أن كلمة (الدين) لم ترد في تلك الآيات بمعنى النحلة والديانة فحسب، أريد بها الدولة ونظام المدينة أيضاً. فكان مما يخشاه فرعون ويعلنه: أنه إن نجح موسى عليه السلام في دعوته، فإن الدولة ستدول وإن نظام الحياة القائم على حاكمية الفراعنة والقوانين والتقاليد الرائجة سيقتلع من أصله. ثم إما أن يقوم مقامه نظام آخر على أسس مختلفة جداً، وإما ألا يقوم بعده أي نظام. بل يعم كل المملكة الفوضى والاختلال.
(إن الدين عند الله الإسلام) (آل عمران: 16)
(ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه) (آل عمران: 85)
(هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون) (التوبة: 33)
(وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله) (الأنفال: 39)
(إذا جاء نصر الله والفتح ورأيتَ الناس يدخلون في دين الله أفواجاً فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً) (سورة النصر)
المراد بـ (الدين) في جميع هذه الآيات هو نظام الحياة الكامل الشامل لنواحيها من الاعتقادية والفكرية والخلقية والعملية.
فقد قال الله تعالى في الآيتين الأولين إن نظام الحياة الصحيح المرضي عند الله هو النظام المبني على إطاعة الله وعبديته. وأما ما سواه من النظم المبنية على إطاعة السلطة المفروضة من دون الله، فإنه مردود عند، ولم يكن بحكم الطبيعة ليكون مرضياً لديه، ذلك بأن الذي ليس الإنسان إلا مخلوقه ومملوكه، ولا يعيش في ملكوته إلا عيشة الرعية، لم يكن ليرضى بأن يكون للإنسان الحق في أن يحيا حياته على إطاعة غير سلطة الله وعبديتها، أو على اتباع أحد من دون الله.
وقال في الآية الثالثة أنه قد أرسل رسوله صلى الله عليه وسلم بذلك النظام الحق الصحيح للحياة الإنسانية -أي الإسلام- وغاية رسالته أن يظهره على سائر النظم للحياة. وفي الرابعة قد أمر الله المؤمنين بدين الإسلام أن يقاتلوا من في الأرض ولا يكفوا عن ذلك حتى تمحي الفتنة، وبعبارة أخرى حتى يمحي جميع النظم القائمة على أساس البغي على الله، وحتى يخلص لله تعالى نظام الإطاعة والعبدية كله.
وفي الآية الأخيرة الخامسة قد خاطب الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم حين الانقلاب الإسلامي بعد الجهد والكفاح المستمر مدة ثلاث وعشرين سنة، وقام الإسلام بالفعل بجميع أجزائه وتفاصيله نظاماً للعقيد والفكر والخلق والتعليم والمدنية والاجتماع والسياسة والاقتصاد، وجعلت وفود العرب تتابع من نواحي القطر وندخل في حظيرة هذا النظام، فإذا ذاك - وقد أدى النبي رسالته التي بعث لأجلها - يقول له الله تعالى: إياك أن تظن أن هذا العمل الجليل الذي قد تم على يديك من كسبك ومن سعيك، فيدركك العجب به، وإنما المــنزه عن النقص والعيب والمنفرد بصفة الكمال هو ربك وحده، فسبح بحمده واشكره على توفيقه إياك للقيام بتلك المهمة الخطيرة وأسأله: الله اغفر لي ما عسى أن يكون قد صدر مني من التقصير والتفريط في واجيي خلال الثلاث والعشرين سنة التي قد قمت بخدمتك فيها:
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ملحق بتخريج الأحاديث الواردة في الكتاب (1)
1- حديث عن عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما-
تخريج الحديث: أخرجه أبو داوود (1/97) وابن ماجه (1/307) والبهيقي (3/128) وسنده ضعيف فيه عبد الرحمن بن زياد الإفريقي عن شيخه عمران بن عبد المعافري، وكلاهما ضعيف، وذلك قال النووي: "أنه حديث ضعيف" وسبقه إلى ذلك البهيقي، لكن القضية الأولى منه صحت عنه صلى الله عليه وسلم في أحاديث أخرى وردت بأسانيد صحيحة في سنن أبي داود. وأما الرواية الأخرى "أعبد محرراً" فلم اقف عليها (1) .
3- ورد في باب (التحقيق اللغوي) . "وجاء في الحديث النبوي ... "الكيس من دان فنسه وعمل لما بعد الموت"
تخريج الحديث
أخرجه الترمذي (3/305) وابن ماجه (2/565) والحاكم (1/57) وأحمد (4/124) عن طريق أبي بكر بن أبي مريم الغساني عن حمزة بن حبيب عن شداد بن أوس مرفوعاً. وقال الترمذي "حديث حسن"! وقال الحاكم: "صحيح على شرط البخاري"! وتعقبه الذهبي بقوله: "قلت: لا والله، أو بكر رواه" وقد أصاحب - رحمه الله -.
4- ورد في باب (التحقيق اللغوي) أيضاً بينت من أرجوزة الأعشى الحرمازي يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم:
... ... ... ... يا سيد الناس وديان العرب

الأحدية

الأحدية: فِي الواحدية .
الأحدية: قَالَ الْعَارِف النامي الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن الجامي قدس سره السَّامِي فِي شرح رباعياته:
الأول تعييني أما الثَّانِي فَهُوَ انتقاد الهوية وَثَانِي الْمرتبَة أَن لَا تعين، والوحدة الْخَالِصَة هِيَ أصل جَمِيع القابليات. وَقد سَاوَى بَين الظَّاهِر وَالْبَاطِن والمشروط والمقيد لَا يَنْفِي أَي من الاعتبارات وأثباتها. لكنه عين قابلية الذَّات. ويرتبط بالباطن وَالظَّاهِر والأزلية والأبدية وَانْتِفَاء الاعتبارات وأثباتها. وَعِنْده أَن هَذِه الْوحدَة لَهَا اعتباران: الأول: اعْتِبَاره هُوَ شَرط عدم الاعتبارات ولسقوطها بِالْكُلِّيَّةِ، وَهُوَ اعْتِبَار الأحدية. والذات بِهَذَا الِاعْتِبَار وَاحِدَة. وَيتَعَلَّق بِهَذَا الِاعْتِبَار ظُهُور الذَّات وأبديتها. إِذن الأحدية مقَام انْقِطَاع واستهلاك الْكَثْرَة النسبية والوجودية هِيَ أحدية الذَّات، وَإِذا انْتَفَت الْكَثْرَة فِي الواحدية فَإِن الْكَثْرَة النسبية فِيهِ معقولة التحقق. كَمَا هِيَ مُمكنَة التعقل فِي الْعدَد الْوَاحِد كَمثل النّصْف وَالثلث وَالرّبع، لِأَن منشأ الإعداد من عِنْده. وَجَمِيع تعيينات الوجودية غير المتناهية هِيَ مظَاهر هَذِه النِّسْبَة الْمُتَعَلّقَة فِي مرئية الأحدية وَلَفْظَة الأحدية فِي اصْطِلَاح أَرْبَاب السلوك تطلق على ثَلَاثَة أَشْيَاء:
الأول: أحدية الذَّات وهوية الْغَيْب وَلَا تعْيين فِيهِ.
الثَّانِي: أحدية نفي أَو سلب الاعتبارات الَّتِي هِيَ الثُّبُوت فِي مُقَابل الواحدية.
الثَّالِث: أحدية الْجمع الَّتِي هِيَ الألوهية وَفِي هَذِه الْمرتبَة فَإِن الذَّات تكون بِالصِّفَاتِ الملحوظة كَمثل (الْحَيَاة) و (الْعلم) والادارة) وَالْقُدْرَة (والسمع) و (الْبَصَر) و (الْكَلَام) .
وأرسطو قَالَ فِي انولوجيا، اخْتَرْت الْخلْوَة والرياضة وانخلعت من بدني وَخرجت من لِبَاس الطَّبْع، فأحسست بإحساس غَرِيب وَنور عَجِيب وَرَأَيْت نَفسِي جزأ من أَجزَاء الْعَالم الروحاني وَصَاحب تَأْثِير. بعْدهَا ارتقيت إِلَى الحضرة الربوبية فَرَأَيْت نورا يعجز اللِّسَان عَن وَصفه وَلَا أذن يُمكنهَا سَماع نَعته. وَفِي غَفلَة صَار بيني وَبَين هَذَا النُّور حجاب، بقيت متحيرا كَيفَ تنزلت من هَذَا الْعَالم، وَقد نسب الشَّيْخ الْمَقْتُول فِي كتاب (التلويحات) وَكَذَلِكَ مَوْلَانَا قطب الدّين الْعَلامَة فِي شرح (حِكْمَة الأشراق) هَذَا المشهد إِلَى أفلاطون.
(الأحدية) مصدر صناعي من أحد وَصفَة من صِفَات الله تَعَالَى مَعْنَاهَا أَنه أحدي الذَّات أَي لَا تركيب فِيهِ أصلا
الأحدية:
[في الانكليزية] Unicity
[ في الفرنسية] Unicite
بياء النسبة عند الحكماء عبارة عن عدم قسمة الواجب لذاته إلى الأجزاء ويجيء في لفظ الواحدية أيضا. وعند الصوفية هي المرتبة التي هي منبع لفيضان الأعيان واستعداداتها في الحضرة العلمية أولا، ووجودها وكمالاتها في الحضرة العينية بحسب عوالمها وأطوارها الروحانية والجسمانية ثانيا. وهي أقدم مراتب الإلهية وإن كانت كلها في الوجود سواء، لكن العقل يحكم بتقدّم بعضها على بعض كالحياة على العلم والعلم على الإرادة. وعلى هذا القياس، كذا في شرح الفصوص. وفي الإنسان الكامل الأحدية عبارة عن مجلى ذاتي ليس للأسماء ولا للصفات ولا لشيء من مؤثراتها فيه ظهور، فهي اسم لصرافة الذّات المجرّدة عن الاعتبارات الحقيّة والخلقية، وليس لتجلّي الأحدية في الأكوان مظهر أتمّ من ذلك إذا استغرقت في ذاتك ونسيت اعتباراتك وأخذت بك فيك عن خواطرك، لكنت أنت في أنت من غير أن تنسب إليك شيئا مما تستحقه من الأوصاف الحقيّة، أو هو لك من النعوت الخلقية. فهذه الحالة من الإنسان أتمّ مظهرا للأحدية في الأكوان، والأحدية أول ظهور ذاتي، وامتنع الاتصاف بها للمخلوق لأنها صرافة الذات المجرّدة عن الحقيّة والمخلوقية والعبد قد حكم عليه بالمخلوقية، فلا سبيل إلى ذلك. وإن شئت الزيادة فارجع إلى الإنسان الكامل. وفي التحفة المرسلة: للوجود الحق سبحانه مراتب: الأولى مرتبة اللّاتعيّن والإطلاق والذات البحت لا بمعنى أنّ قيد الإطلاق ومفهوم سلب التعيّن ثابتان في تلك المرتبة، بل بمعنى أنّ ذلك الوجود في تلك المرتبة مــنزّه عن إضافة جميع القيود والنعوت إليه حتى عن قيد الإطلاق أيضا، ويسمّى بالمرتبة الأحدية وهي كنه الحق سبحانه، وليس فوقها مرتبة أخرى بل كلّ المراتب تحتها. الثانية مرتبة التعيّن الأوّل وتسمّى بالوحدة والحقيقة المحمّدية وهي عبارة عن علمه تعالى لذاته وصفاته ولجميع الموجودات على وجه الإجمال من غير امتياز بعضها عن بعض. الثالثة مرتبة التعيّن الثاني وتسمّى بالواحدية والحقيقة الإنسانية وهي عبارة عن علمه تعالى لذاته وصفاته ولجميع الموجودات على التفصيل وامتياز بعضها عن بعض. فهذه ثلاث مراتب كلها قديمة والتقديم والتأخير عقلي لا زماني. الرابعة مرتبة الأرواح وهي عبارة عن الأشياء الكونية المجرّدة البسيطة التي ظهرت على ذواتها وعلى أمثالها كالعقول العالية والأرواح البشرية. الخامسة مرتبة عالم المثال وهي الأشياء الكونية المركّبة اللطيفة الغير القابلة للتجزي والتبعيض ولا الخرق والالتيام.
السادسة مرتبة عالم الأجسام وهي الأشياء الكونية المركّبة الكثيفة القابلة للتجزي والتبعيض. السابعة المرتبة الجامعة لجميع المراتب المذكورة الجسمانية والنورانية والوحدة والواحدية، وهي الإنسان. فهذه سبع مراتب، الأولى منها هي مرتبة اللاظهور والباقية منها هي مراتب الظهور الكليّة، والأخير منها وهي الإنسان إذا عرج وظهر فيه جميع المراتب المذكورة مع انبساطها يقال له الإنسان الكامل.
والعروج والانبساط على الوجه الأكمل كان في نبينا صلى الله عليه وآله وسلم. ولهذا كان خاتم الأنبياء.
اعلم أنه لا يجوز إطلاق أسماء مرتبة الألوهية وهي الأحدية والواحدية والوحدة على مراتب الكون والخلق وهي المراتب الباقية وكذا العكس ولو في الحقيقة، كلها واحدة، لحفظ المراتب الشرعية وهذا هو الفرق بين الصديق والزنديق، انتهى كلامه. قال الشاعر
لكلّ مرتبة في الوجود شأن فإن لم تحفظ المراتب فأنت زنديق وفي كشف اللغات: إنّ هذه المراتب السّتّ الأخيرة تسمّى مراتب كلية ومظاهر كلية.

وقيل: إنّ مرتبة الوحدة هي مرتبة الصفات، والحقيقة المحمدية والمرتبة الواحدية هما مرتبة أسماء، كما يقال لآدم بأنه صاحب مقام قاب قوسين.

الوجود

الوجود أضرب: وجود بإحدى الحواس الخمس نحو، وجدت زيدا، ووجود بقوة الشهوة نحو: وجدت الشبع، ووجود بقوة الغضب كوجود الحزن والسخط، ووجود بالعقل أو بواسطة العقل كمعرفة الله والنبوة، ويعبر عن التمكن من الشيء بالوجود نحو {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} .
الوجود عند أهل الحقيقة: فقدان العبد بمحوا أوصافه البشرية، ووجود الحق لأنه لا بقاء للبشرية عند ظهور سلطان الحقيقة.
الوجود:
[في الانكليزية] Being ،existence ،reality
[ في الفرنسية] Etre ،existence ،realite

وبالفارسية: هستى- أي الكون ويقابله العدم- واختلف في تعريفه. فقيل لا يعرّف، فمنهم من قال لأنّه بديهي التصوّر فلا يجوز أن يعرّف إلا تعريفا لفظيا، ومنهم من قال لأنّه لا يتصوّر أصلا لا بداهة ولا كسبا. وقيل يعرّف لأنّه كسبي التصوّر. وفي تعريفه عبارات.
الأولى أنّ الموجود هو الثابت العين والمعدوم هو المنفي العين، وفائدة لفظ العين التنبيه على أنّ المعرّف هو الموجود في نفسه والمعدوم في نفسه لا الموجود لغيره والمعدوم عن غيره، ولا ما هو أعمّ منهما، فمعنى الثابت العين الذي ثبت عينه ونفسه فيشتمل الجوهر والعرض.
والثانية أنّه المنقسم إلى فاعل ومنفعل أي مؤثّر ومتأثّر وإلى حادث وقديم، والمعدوم ما لا يكون كذلك. وهذان التعريفان مختصّان بالموجود الخارجي. والثالثة أنّه ما يعلم ويخبر عنه أي يصحّ أن يعلم ويخبر منه، والمعدوم ما لا يصحّ أن يكون كذلك، وهذا التعريف يشتمل الموجود الذهني أيضا، وعلى هذا فقس تعريفات الوجود والعدم. فالوجود ثبوت العين أو ما به ينقسم الشيء إلى فاعل ومنفعل وإلى حادث وقديم، أو ما به يصحّ أن يعلم ويخبر عنه، والعدم ما لا يكون كذلك، وكلّ هذه تعريفات الشيء بالأخفى فإنّ الجمهور يعرّفون معنى الوجود والموجود ولا يعرّفون شيئا مما ذكر. قال مرزا زاهد في حاشية شرح المواقف:
الظاهر أنّ القائل ببداهة تصوّر الوجود أراد بالوجود المعنى المصدري الانتزاعي، والقائل بكسبيته أو بامتناعه أراد به منشأ الانتزاع أي الوجود الحقيقي الذي هو حقيقة الواجب تعالى على تقدير وحدة الوجود وحقيقة ما عينه متعيّنة بنفسها على تقدير تعدّده، فالوجود الحقيقي على كلا التقديرين هو الوجود القائم بنفسه الواجب لذاته، والوجود يطلق على هذين المعنيين. قال الشيخ في إلهيات الشفاء لكلّ أمر حقيقة هو بها ما هو، فللمثلث حقيقة أنّه مثلث، وللبياض حقيقة أنّه بياض، وذلك هو الذي ربّما سمّيناه الوجود الخاص، ولم يرد به معنى الوجود الانتزاعي، فإنّ لفظ الوجود يدلّ به على معان كثيرة. ولا شكّ أنّ تصوّر الوجود الانتزاعي بالكنه بديهي ضرورة أنّ كنهه ليس إلّا ما يرتسم في الذهن عند انتزاعه عن الماهيات وفهمه من الألفاظ الدالة عليه، إذ لا نعني بكنهه غيره، وتصوّر الوجود الحقيقي بالكنه غير ممكن، أو كسبي فإنّه إن كان جزئيا حقيقيا وواجبا لذاته فتصوّره ممتنع وإلّا فكسبي. ثم لا يخفى أنّ بعد تصوّر الشيء بالكنه لا يمكن تعريفه بالرسم إذ بعد تصوّره بالكنه لا يقصد تصوره إلّا بوجه آخر، فلا يكون المعرّف حينئذ في الحقيقة ذلك الشيء، ولا يكون التعريف تعريفا له بل يكون المعرّف هو الشيء الموجود مع الوصف والتعريف تعريف له. فعلى تقدير أن يكون تصوّر الوجود بالكنه لا يمكن تعريفه إلّا تعريفا لفظيا فتأمّل انتهى. ويؤيّد إطلاق الوجود على المعنيين المذكورين ما في شرح إشراق الحكمة حيث قال: الوجود يطلق بإزاء الروابط كما يقال زيد يوجد كاتبا، فإنّه عبارة عن نسبة المحمول إلى الماهية الخارجية إلى الموضوع بالوجود أعني سيوجد مكان ما كان يعبر عنه هو، وقد يقال على الحقيقة والذات كما يقال ذات الشيء وحقيقته ووجود الشيء وعينه ونفسه أي ذاته انتهى كلامه.

التقسيم:
اعلم أنّ الوجود ينقسم إلى العيني أي الخارجي وإلى الذهني حقيقة وإلى اللفظي والخطّي مجازا إذ ليس في اللفظ والخط من الإنسان التشخّص ولا الماهية كما في الخارج والذهن، بل الاسم في اللفظي وصورته في الخطي، وكلّ من الموجود العيني والذهني يستعمل لمعنيين كما في بعض حواشي شرح المطالع: أحدهما أنّ الموجود الخارجي ما يكون اتصافه بالوجود خارج الذهن والموجود الذهني هو ما يكون اتصافه بالوجود في الذهن.
وأما قولهم تارة من أنّ النسبة من الأمور الخارجية وأخرى بأنّها ليست من الأمور الخارجية فيمكن التطبيق بينهما بأنّه لا شكّ في الفرق بين كون الخارج ظرفا لنفس الشيء وبين كونه ظرفا لوجوده. فإنّ قولنا زيد موجود في الخارج جعل فيه الخارج ظرفا لنفس الوجود وهو لا يقتضي وجود المظروف وإنّما يقتضي وجود ما جعل ظرفا لوجوده. فالموجود في هذه الصورة زيد لا وجود زيد. ففي قولنا زيد قائم في الخارج جعل الخارج ظرفا لنفس ثبوت القيام لزيد، فاللازم كون القيام ثابتا في الخارج بثبوت لغيره لا بثبوت له. وبالجملة فالمعتبر في كون الموجود خارجيا كون الخارج ظرفا لوجوده لا لنفسه وفي الذهني كون الذهن ظرفا لوجوده.
فمتى قيل إنّ النسبة من الأمور الاعتبارية أريد أنّ الخارج ليس ظرفا لوجودها. ومتى قيل إنّها من الأمور الخارجية أريد أنّ الخارج ظرف لنفسها، وكذا الحال في كون الشيء موجودا في الواقع ونفس الأمر. وقال صاحب الأطول في بحث صدق الخبر: ونحن نقول الخارجي اسم للأمر الموجود في الخارج كالذهني الذي هو اسم للأمر الموجود في الذهن، ومعنى كون الشيء موجودا في الخارج والأعيان أنّه واحد منها أو في عدادها، فظرفية الخارج للوجود مسامحة إذ الوجود ليس في عداد الأعيان.
ومعنى زيد موجود في الخارج أنّ وجوده في وجود الخارج وفي عداد وجوداته، فليس الخارج إلّا ظرفا لنفس الشيء، لكنه إذا جعل ظرفا له حقيقة اقتضى وجوده، وإذا جعل ظرفا له مسامحة لم يقتض وجوده، هكذا حقّق الخارج والواقع واحفظه فإنّه خلاف المستفيض الشائع. وثانيهما أنّ الموجود الخارجي هو ما يكون متصفا بوجود أصيل وهو مصدر الآثار ومظهر الأحكام، سواء كان ظرف الاتصاف هو الذهن أو خارجه، والموجود الذهني هو ما يكون متصفا بوجود ظلّي وذلك الاتصاف لا يكون إلّا في الذهن، يعني أنّ الموجود الخارجي ما يتصف بوجود أصيل، أي ذا أصل وعرق ليس ظلا وحكاية عن شيء به، أي بذلك الوجود يصدر عن الموجود آثاره ويظهر عنها أحكامه، أي يترتّب عليه أي على الموجود الآثار والأحكام، سواء كان ذلك الترتّب في الذهن أو خارج الذهن، فالكيفيات النفسانية التي يترتّب عليها آثارها في الذهن كالعلم من قبيل الموجودات الخارجية والموجود الذهني ما يتصف بوجود غير أصيل لا يترتّب به عليه الأحكام والآثار.
إن قيل إن أريد بالآثار والأحكام في تعريف الموجود الخارجي الآثار والأحكام الخارجية لزم الدور، وإن أريد الأعم من الخارجية والذهنية دخل في تعريف الموجود الخارجي الموجود الذهني فإنّه أيضا مبدأ الآثار في الجملة، فإنّ المعقولات الثانية آثار للمعقولات الأولى.
أجيب بأنّ المراد الآثار المطلوبة منه أي التي يطلب كلّ واحد تلك الآثار منه والأحكام المعلومة واتصافه بها لكلّ أحد كالإحراق والاشتعال والطبخ من النار، فالموجود الذهني ما يكون متصفا بوجود لا يترتّب به عليه تلك الآثار والأحكام، سواء ترتّب عليه آثار وأحكام أخر أو لا، وقيل لا حكم ولا أثر للوجود الذهني والمعقولات الثانية آثار للصور الشخصية القائمة بالذهن وهي من الموجودات الخارجية.
وقيل المراد الخارجية بمعنى ما يكون في خارج الذهن لا بمعنى ما يكون باعتبار الوجود الخارجي، فلا دور. ثم الأحكام والآثار متقاربان، وقد يقال في قوله مظهر ومصدر إشارة إلى أنّ المراد بالأحكام ما لا يكون فاعلا له وبالآثار ما يكون فاعلا له، ولو اكتفى بأحدهما لكفى أيضا. اعلم أنّ الاستعمال الأول هو الأصل إذ المتبادر من الخارج في مقابلة الذهن هو خارج الذهن، والاستعمال الثاني متفرّع عليه لأنّ إطلاق الخارج على الوجود الأصيل الذي ظرفه الذهن باعتبار التشبيه بالوجود الذي ظرفه خارج الذهن في الكون أصيل فإنّ كلّ خارجي بهذا المعنى أصيل.

تنبيه:
الموجود الذهني بالمعنى الأول أعمّ مطلقا من الذهني بالمعنى الثاني لأنّه يتناول نوعين:
الأول ما يترتّب عليه الآثار والأحكام الخارجية كوجود الكيفيات النفسانية، وهو أحد قسمي الوجود الخارجي بالمعنى الثاني، فإنّ الصورة الحاصلة من الشيء مثلا من حيث إنّها مكتنفة بالعوارض الذهنية موجودة في الذهن بوجود يحذو حذو الوجود الخارجي في ترتّب الآثار فإنّها بهذا الاعتبار صورة علمية يحصل بها الانكشاف. والثاني ما لا يترتّب عليه تلك الآثار والأحكام وهو الوجود الذهني بالمعنى الثاني فإنّ الصورة الحاصلة من الشيء من حيث هو مع قطع النظر عن العوارض الذهنية موجودة في الذهن بصورتها بوجود لا يترتّب عليه الآثار والأحكام، وأعمّ من وجه من الخارجي بالمعنى الثاني لصدقهما على وجود الكيفيات النفسانية وصدق الذهني فقط على ما لا يترتّب عليه الآثار والأحكام، وصدق الخارجي فقط على ما يترتّب عليها الأحكام والآثار في الخارج والخارجي بالمعنى الأول أخصّ من الخارجي بالمعنى الثاني مطلقا لعدم شموله وجود الكيفيات النفسانية ومباين للوجود الذهني بالمعنيين، وكذا الخارجي بالمعنى الثاني بالنسبة إلى الذهن بالمعنى الثاني.
اعلم أنّ للموجود في نفس الأمر معنيان أحدهما أنّ وجوده ليس متعلّقا بفرض فارض واعتبار معتبر سواء كان فرضا اختراعيا أو انتزاعيا. وثانيهما أنّ وجوده ليس متعلّقا بفرض اختراعي سواء كان متعلّقا بفرض انتزاعي أو لم يكن. ثم إنّ نفس الأمر بالمعنيين أعمّ مطلقا من الخارج إذ كلّ موجود في الخارج بالمعنى الأول موجود في نفس الأمر بلا عكس كلّي ومن الذهن من وجه لإمكان ملاحظة الكواذب كزوجية الخمسة فتكون موجودة في الذهن لا في نفس الأمر ومثله يسمّى ذهنيا فرضيا، وزوجية الأربعة موجودة فيهما ومثله يسمّى ذهنيا حقيقيا، والحقائق الغير المتصوّرة موجودة في نفس الأمر لا في الذهن، واعترض عليه بأنّه إن أريد من الذهن القوى السّافلة خاصة صحّ ما ذكر، لكن ما في القوى إمّا أن لا يكون من الموجود في الخارج فيلزم عدم انحصار الموجود في القسمين، وإمّا أن يكون من الموجود في الخارج فيلزم عدم صحّة ما ذكر من النسبة، بل يكون نفس الأمر أخصّ مطلقا من الخارج. وإن أريد من الذهن القوى العالية خاصة أو الأعمّ منها فيلزم عدم كون نفس الأمر أعمّ من الذهن من وجه بل هي أخصّ مطلقا منه. ويمكن أن يجاب باختيار الشقّ الأول ويقال الموجود في الذهن هو ما يكون القوى السّافلة ظرفا لوجوده، وتعتبر تلك الظرفية سواء كان بتعمّلها أو لا، والموجود في الخارج ما يكون خارج القوى السّافلة ظرفا لوجوده، وتعتبر تلك الظرفية والموجود في نفس الأمر، وإن لم يكن خاليا عن أحدهما فهو ما يصحّ للعقل أن يحكم بتحقّقه مع قطع النظر عن الطرفين، فالموجود الذهني الذي يكون بتعلّمه أي باختراع الذهن وفرضه كزوجية الخمسة ليس بموجود في نفس الأمر لعدم صحّة حكم العقل بتحقّقه مع قطع النظر عن ظرفه، والموجود في القوى السّافلة أيضا لا يكون خاليا عن أحدهما وهو ما يكون حاضرا عندها والحاضر عندها إذا اعتبر كون القوى السّافلة ظرفا لوجوده فموجود ذهني، فما لا يكون بتعمّل الذهن يصدق عليه أنّ القوى السّافلة ظرف لوجوده فهو موجود خارجي، وإذا لم يعتبر الظرفان فموجود في نفس الأمر، وإن لم يكن خارجا عن الموجود الذهني أو الخارجي والموجود الذهني الذي يكون بتعمّله إذا قطع النظر عن ظرفه فليس بموجود عند القوى العالية ولا في نفس الأمر إذ ليس له تحقّق ولا يصحّ للعقل الحكم بتحقّقه مع قطع النظر عن ظرفه، وعلى هذا فلا يرد شيء.
ويمكن أن يجاب باختيار الشقّ الرابع وهو أن يراد بالذهن القوى العالية والسّافلة جميعا، فالموجود الذهني ما يكون موجودا فيهما معا، ولا ريب أنّ ما لا يكون موجودا فيهما بموجود أصلا، وأنّه لا يمكن أن يوجد شيء في القوى السّافلة إلّا ويوجد في القوى العالية، وما ليس موجودا في القوى السّافلة فقط فموجود خارجي فلا يرد عدم الانحصار، وصحّ كون الموجود في نفس الأمر أعمّ من الموجود في الذهن من وجه إذ قد يجتمعان كما في الصوادق الحاصلة في القوى العالية والسّافلة، ويصدق الموجود في نفس الأمر فقط في الصوادق الغير الحاصلة في القوى السّافلة، وإن كانت حاصلة في القوى العالية ويصدق الموجود الذهني فقط في الكواذب الحاصلة في القوى السّافلة والعالية، هكذا ذكر العلمي في حاشية شرح هداية الحكمة.
اعلم أنّ وجود الشيء للشيء على معنيين:
الأول وجود الشيء لغيره بأن يكون محمولا عليه ومستقلا بالمفهومية كوجود الأعراض والثاني وجوده لغيره بأن يكون رابطا بين الموضوع والمحمول وغير مستقل بالمفهومية ويسمّى وجودا رابطيا.
فائدة:
المتكلّمون أنكروا الوجود الذهني لأنّه لو اقتضى تصوّر الشيء حصوله ذهنا لزم كون الذهن حارا وباردا ومستقيما ومعوجا، وأيضا حصول الجبل والسماء مع عظمهما في ذهننا مما لا يعقل، وأثبته الحكماء وأجابوا عن الوجهين بأنّ الحاصل في الذهن صورة وماهية موجودة بوجود ظلّي لا هوية عينية موجودة بوجود أصيل. والحار ما يقوم به هوية الحرارة لا صورتها وماهيتها، وكذا الحال في البارد والمستقيم والمعوج. وبأنّ الذي يمتنع حصوله في الذهن هو هوية الجبل والسماء وغيرهما وأما مفهوماتها الكلّية وماهيتها فلا. وبالجملة فالصورة الذهنية كلّية كانت كصور المعقولات أو جزئية كصور المحسوسات مخالفة للخارجية في اللوازم المستندة إلى خصوصية أحد الوجودين وإن كانت مشاركة لها في لوازم الماهية من حيث هي. وما ذكرتم امتناعه هو حكم الخارجي فلم قلتم إنّ الذهني كذلك. والتفصيل أنّ هاهنا ثلاثة اعتبارات: الأول اعتبار الشيء من حيث هو، والثاني اعتباره من حيث إنّه مقترن باللوازم الخارجية، والثالث اعتباره من حيث إنّه مقترن باللوازم الذهنية. فالشيء من حيث هو معلوم بالذات لحصول صورته في الذهن وموجود في الخارج والذهن معا لحصوله في الخارج بنفسه وفي الذهن بصورته. والشيء من حيث إنّه مقترن بالعوارض الخارجية معلوم بالعرض لتحقّق العلم عند انتفائه وموجود في الخارج فقط لترتّب الآثار الخارجية عليه دون الذهنية. والشيء المقترن بالعوارض الذهنية علم لكونه صورة ذهنية للاعتبار الأول وموجود خارجي لترتّب الآثار الخارجية عليه واتصاف الذهن اتصافا انضماميا وحصوله في الذهن بنفسه لا بصورته، فالعلم والمعلوم في الحصولي متحدان ذاتا ومتغايران اعتبارا كما أنّهما في العلم الحضوري متحدان ذاتا واعتبارا كذا في شرح المواقف.
فائدة:
الوجود مشترك في الموجودات بأسرها اشتراكا معنويا وإليه ذهب الحكماء والمعتزلة غير أبي الحسن وأتباعه، وذهب إليه جمع من الأشاعرة أيضا، إلّا أنّه مشكّك عند الحكماء متواطئ عند غيرهم. والقائلون بأنّه نفس الحقيقة في الكلّ ذهبوا إلى أنّه مشترك لفظا فيها. ونقل عن الكبشي وأتباعه أنّه مشترك لفظا بين الواجب والممكن ومشترك معنى بين الممكنات كلّها، والتفصيل في شرح المواقف.
فائدة:
ذهب الأشعري إلى أنّ الوجود نفس الحقيقة في الواجب والممكن والحكماء إلى أنّه نفس الماهية في الواجب زائد في الممكن.
وقيل إنّه زائد على الماهية في الكلّ. قال مرزا زاهد في حاشية شرح المواقف ليس المراد بعينية الوجود وزيادته حمله على الموجود حملا أوليا، وانتفاء هذا الحمل كما هو المشهور ضرورة لأنّه لا يتصوّر أن يكون مفهوم الوجود عين الحقيقة الواجبة أو الممكنة، بل المراد منهما حمله عليه حملا بالذات وحملا بالعرض. والحمل بالذات أن يكون مصداق الحمل نفس ذات الموضوع من حيث هي والحمل بالعرض أن يكون مصداقه خارجا عنها كما مرّ في موضعه. فمصداق حمل الوجود على تقدير العينية ذات الموضوع من حيث هي وعلى تقدير الغيرية ذات الموضوع مع حيثية زائدة عليه عقلي كحيثية استناده إلى الجاعل. ويقرب من ذلك ما قيل إنّ محلّ النزاع هو الوجود بمعنى مصدر الآثار. ثم قال: وتحقيق مذهب الحكماء أنّ حقيقة الوجود ليس ما يفهم منه من المعنى المصدري لأنّ هذا المعنى متحقّق باعتبار العقل وانتزاع الذهن وحقيقته متحقّقة مع قطع النظر عن ذهن الذاهن واعتبار المعتبر، كما يشهد به الضرورة العقلية. فمفهوم الوجود مغاير لحقيقته، وتلك الحقيقة على ما يحكم به النظر الدقيق منشأ لانتزاع هذا المفهوم ومصداق لحمله ومطابق لصدقه وهي في الممكن زائدة لأنّه موجود بغيره. فمصداق حمل الوجود عليه أمر زائد وفي الواجب عين لأنّه موجود بذاته فمصداق حمل الوجود عليه نفس ذاته من غير اعتبار أمر آخر، فالواجب سبحانه وجود خاص قائم بذاته ذاتية محضة لا ماهية له، فإنّ الماهية هي الحقيقة المعراة عن الأوصاف في اعتبار العقل وهو سبحانه مــنزّه عن أن يلحقه التعرية وأن يحيطه الاعتبار. وبالجملة فبعد تدقيق النظر يظهر أن ليس في الخارج مثلا إلّا ذات الشيء من حيث يصحّ انتزاع مفهوم الوجود عنه والعقل بضرب من التحليل ينتزع عنه الوجود ويصفه به ويحمل عليه، فهنا ثلاثة أمور: الأول المنتزع عنه وهو ذات الشيء وماهيته. والثاني الحيثية التي هي منشأ الانتزاع وهي تعلّق الشيء بالوجود الحقيقي الذي هو موجود بنفسه وواجب لذاته وارتباطه به. والثالث المنتزع وهو الوجود بالمعنى المصدري وهو أمر اعتباري وليس أفراده إلّا حصصا ولا يصدق مواطأة إلّا عليها.
ومن جوّز أن يكون له فرد غير الحصّة فقد أخطأ، كيف والمعنى المصدري الانتزاعي لا حقيقة له إلّا ما يفهم منه عند انتزاعه وذلك المفهوم لا يحمل على ما يغايره إلّا اشتقاقا.
وهذه الأمور الثلاثة كلّها متحقّقة في الممكن واثنان منها في الواجب فإنّ ذاته تعالى منشأ الانتزاع ومصداق الحمل. ويحول حول ذلك ما قيل إنّ في الممكن الوجود المطلق وحصّته والوجود الخاص زائد وفي الواجب الأول والثاني زائدان دون الثالث لانتفائه هناك، إذ عين الذات ينوب منابه في كونه مصداق الحمل. وما قيل إنّ محلّ الخلاف هو الوجود بمعنى مصدر الآثار والوجود الحقيقي الذي به الموجودية انتهى. والوجود عند الصوفية قد مرّ بيانه في لفظ الوجد.

الملكوت

الملكوت: عالم الغيب المختص.
(الملكوت) عَالم الْغَيْب الْمُخْتَص بالأرواح والنفوس والعجائب وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {أولم ينْظرُوا فِي ملكوت السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَمَا خلق الله من شَيْء} والعز وَالسُّلْطَان وملكوت الله سُلْطَانه وعظمته وَملك الله خَاصَّة وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {بِيَدِهِ ملكوت كل شَيْء}
الملكوت:
[في الانكليزية] Kingdom ،spiritual world
[ في الفرنسية] Royaute ،royaume ،monde spirituel
بفتحتين صيغة المبالغة بمعنى الملك والملك هو التصرّف الصحيح بالاستعلاء، وهي في اصطلاح الصوفية تطلق على الصفات مطلقا وقد تختص بالإطلاق على الصفات الإلهية. أمّا إطلاقه على الصفات فلأنّ الله تعالى له في كلّ شيء ملكوت لتصرّفه بالصفات في كلّ ميت وحيّ، والصفات وسائط التصرّف وروابط التأليف بين الأسماء والأفعال كاللّطف والقهر المتوسطين بين اللطيف والملطوف والقهار والمقهور، وتسمّى تلك الصفات لهذه الجهة ملكوتا، وبين كلّ مربوب وربّه نسبة مخصوصة هي ملكوته الذي بيد الملك الجبار يتصرف فيه بتوسطه. وأمّا تخصيصه بالإطلاق على الصفات الإلهية فلأنّ الملكوت وإن كان ثابتا في القوى الروحانية والنفسانية والطبيعية اللواتي هن روابط التصرّف في الكون، لكنه لما كان أحقّ بالصفات الأزلية وأنّها الملكوت الأعلى وما سواه فهو الملكوت الأدنى خصّ أي الملكوت بالصفات الإلهية. اعلم أنّه مما يوهب في هذا العالم الدنياوي للواصلين إليه التصرّف في الملكوت الأدنى بنزع الخواص من الأجسام وإيتائها خواص أخر وهو أصل خوارق العادات والمعجزات، وأرباب هذا التصرّف على درجات. فمنهم من وهب له التصرّف في ملكوت العناصر فقط كتصرف إبراهيم عليه السلام في ملكوت النار بالتبريد وتصرّف موسى عليه السلام في ملكوت الماء والأرض بالشقّ والتفجير وتصرّف سليمان عليه السلام في ملكوت الهواء بالتسخير. ومنهم من وهب له التصرف في ملكوت السماء أيضا كتصرف نبينا عليه السلام في ملكوت القمر بالشقّ. ومنهم من يطول لهم بسط الأزمنة والأمكنة فيظهر منهم في لمحة تصرفات وأثار لم تحصل لغيرهم إلّا في مدة طويلة. وبالجملة فالملكوت هو الصفات مطلقا وتخصيصه بالإطلاق على الصفات الإلهية من قبيل إطلاق المطلق على الفرد الكامل، هكذا يستفاد من شرح القصيدة الفارضية في ذكر العوالم وقد سبق أيضا في لفظ العالم. وقد يطلق الملكوت على عالم المثال أيضا وهو الأشياء الكونية المركّبة اللطيفة الغير القابلة للتجزي والتبعيض والخرق والالتيام وهي حاوية للنفوس السماوية والبشرية كما في التّحفة المرسلة وشرح المثنوي. ويقول في كشف اللغات: الملكوت في اصطلاح الصوفية هو عالم الأرواح وعالم الغيب وعالم المعنى. انتهى كلامه.
وقد بيّن في لفظ اللّاهوت، وأيضا يسمّون مرتبة الصفات: الجبروت، ومرتبة الأسماء:
الملكوت.

وفي لطائف اللغات يقول: الملك بالضمّ في اللغة هو كلّ ما سوى الله من الممكنات الموجودة والمعدومة والمقدورة. وفي اصطلاح الصوفية: هو عبارة عن عالم الشهادة كما أنّ الملكوت من عالم الغيب والجبروت من عالم الأنوار واللاهوت هو ذات الحق، كذا في شرح الاصطلاحات الصوفية. وعالم الملك عالم الأجسام والأعراض ويسمّى بعالم الشهادة. وفي الانسان الكامل في الباب التاسع والثلاثين كلّ شيء من أشياء الوجود ينقسم بين ثلاثة أقسام، قسم ظاهر ويسمّى بالملك، وقسم باطن ويسمّى بالملكوت، والقسم الثالث هو المــنزّه عن القسم الملكي والملكوتي فهو قسم الجبروتي الإلهي المعبّر عنه بالثلث الأخير بلسان الإشارة، كما وقع في قوله عليه الصلاة والسلام: (إنّ الله ينزل في الثلث الأخير من كل ليلة إلى سماء الدنيا فيقول: هل هل)، الحديث ومعناه مفصّل مذكور فيه.

المثل

المثل: إن كان من الجنس فهو ما سد مسد غيره في الجنس، وإن كان من غيره فالمراد ما كان فيه معنى يقرب به من غيره كقربه من جنسه. وقال الراغب: المثل عبارة عن قول في شيء قولا في شيء آخر بينهما مشابهة ليبين أحدهما الآخر ويصوره. وقال الحرالي: المثل أمر ظاهر للحس ونحوه يعتبر به أمر خفي يطابقه فينفهم معناه باعتباره. وقال في موضع آخر: المثل ما يتحصل في باطن الإدراك من حقائق الأشياء المحسوسة فيكون ألطف من الشيء المحسوس فيقع لذلك جاليا لمعنى مثل المعنى المعقول، ويكون الأظهر منهما مثلا للأخفى.
المثل:
[في الانكليزية] Similar ،proverb
[ في الفرنسية] Semblable ،Proverbe
بفتح الميم والثاء المثلثة في الأصل بمعنى النظير ثم نقل منه إلى القول السائر أي الفاشي الممثّل بمضربه وبمورده، والمراد بالمورد الحالة الأصلية التي ورد فيها الكلام وبالمضرب الحالة المشبّهة بها التي أريد بالكلام وهو من المجاز المركّب، بل لفشو استعمال المجاز المركّب بكونه على سبيل الاستعارة، سمّي بالمثل ثم إنّه لا تغيّر ألفاظ الأمثال تذكيرا وتأنيثا وإفرادا وتثنية وجمعا، بل إنما ينظر إلى مورد المثل. مثلا إذا طلب رجل شيئا ضيّعه قبل ذلك تقول له: ضيّعت اللّبن بالصيف بكسر تاء الخطاب لأنّ المثل قد ورد في امرأة، وذلك لأنّ الاستعارة يجب أن يكون لفظ المشبّه به المستعمل في المشبّه، فلو تطرق تغيّر إلى الأمثال لما كان لفظ المشبّه به بعينه فلا يكون استعارة فلا يكون مثلا. وتحقيق ذلك أنّ المستعار يجب أن يكون اللفظ الذي هو حقّ المشبّه به، أخذ منه عارية للمشبّه، فلو وقع فيه تغيير لما كان هو اللفظ الذي يختصّ المشبّه به فلا يكون أخذ منه عارية. وينبغي أن لا يلتبس عليك الفرق بين المثل والإشارة إلى المثل كما في ضيّعت على صيغة المتكلّم فإنّه مأخوذ من المثل وإشارة إليه فلا ينتقض به الحكم لعدم تغيّر الأمثال. وللأمثال تأثير عجيب في الآذان وتقرير غريب لمعانيها في الأذهان. ولكون المثل مما فيه غرابة استعير لفظه للحال أو الصفة أو القصة إذا كان لها شأن عجيب ونوع غرابة كقوله تعالى مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً أي حالهم العجيب الشأن. وكقوله وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى أي الصفة العجيبة.
وكقوله مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ أي فيما قصصنا عليكم من العجائب قصّة الجنة العجيبة، هكذا من المطول وحاشيته لأبي القاسم والأطول.
فائدة:

في الإتقان أمثال القرآن قسمان: ظاهر مصرّح به كقوله مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً الآيات ضرب فيها للمنافقين مثلين مثلا بالنار ومثلا بالمطر، وكامن. قال الماوردي:
سمعت أبا إسحاق ابراهيم بن مضارب بن إبراهيم يقول: سمعت أبي يقول: سألت الحسين بن الفضل فقلت: إنّك تخرّج أمثال العرب والعجم من القرآن. فهل تجد في كتاب الله خير الأمور أوسطها؟ قال: نعم، في أربعة مواضع. قوله لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ وقوله وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً وقوله وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ، وقوله وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ الآية. قلت فهل تجد فيه من جهل شيئا عاداه؟

قال: نعم، في موضعين بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هذا إِفْكٌ قَدِيمٌ. قلت فهل تجد فيه: لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين. قال هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَما أَمِنْتُكُمْ عَلى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ. قلت: فهل تجد فيه قولهم لا تلد الحيّة إلّا الحية؟ قال: وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً. وفي مجمع الصنائع يقول: إنّ إرسال المثل عند الشعراء هو: أن يورد الشاعر في كلّ بيت مثلا. مثاله: ومعناه: لا يطفئ ماء الخصم نارك. ولا تسحب حرارة الشمس حلقات الأفعى. ومثال آخر: معناه:
العظمة تقتضي منك الكرم فما لم تبذر الحبّ لا ينبت وأمّا إرسال مثلين فهو إيراد مثلين في بيت واحد ومثاله (ومعناه):
نصيحة كلّ الناس كالهواء في القفص وهي في أذن الجهّال كالماء في غربال
المثل:
[في الانكليزية] Equal ،identical
[ في الفرنسية] Pareil ،identique
بالكسر والسكون عند الحكماء هو المشارك للشيء في تمام الماهية، قالوا التماثل والمماثلة اتّحاد الشيئين في النوع أي في تمام الماهية. فإذا قيل هما متماثلان أو مثلان أو مماثلان كان المعنى أنّهما متفقان في تمام الماهية. فكلّ اثنين إن اشتركا في تمام الماهية فهما المثلان وإن لم يشتركا فهما المتخالفان، وكذا عند بعض المتكلّمين حيث قال في شرح الطوالع: حقيقته تعالى لا تماثل غيره أي لا يكون مشاركا لغيره في تمام الماهية. وفي شرح المواقف: الله تعالى مــنزّه عن المثل أي المشارك في تمام الماهية. وقال بعضهم كالأشاعرة: التماثل هو الاتحاد في جميع الصفات النفسية وهي التي لا تحتاج في توصيف الشيء بها إلى ملاحظة أمر زائد عليها كالإنسانية والحقيقة والوجود والشيئية للإنسان. وقال مثبتوا الحال: الصفات النفسية ما لا يصحّ توهّم ارتفاعها عن موصوفها ويجيء ذكرها في محلها.
فالمثلان والمتماثلان هما الموجودان المشتركان في جميع الصفات النفسية، ويلزم من تلك المشاركة المشاركة فيما يجب ويمكن ويمتنع، ولذلك يقال المثلان هما الموجودان اللذان يشارك كلّ منهما الآخر فيما يجب له ويمكن ويمتنع أي بالنظر إلى ذاتيهما فلا يرد أنّ الصفات منحصرة في الأقسام الثلاثة، فيلزم منه اشتراك المثلين في جميع الصفات، سواء كانت نفسية أولا، فيرتفع التعدّد عنهما. وقد يقال بعبارة أخرى المثلان ما يسدّ أحدهما مسدّ الآخر في الأحكام الواجبة والجائزة والممتنعة، أي بالنظر إلى ذاتيهما، وتلازم التعاريف الثلاثة ظاهر بالتأمّل. ثم لما كانت الصفة النفسية ما يعود إلى نفس الذات لا إلى معنى زائد على الذات فالتّماثل أيضا من الصفات النفسية لأنّه أمر ذاتي ليس معلّلا بأمر زائد عليها. وأمّا عند مثبتي الأحوال منا كالقاضي ففيه تردّد إذ قال تارة إنّه زائد على الصفات النفسية ويخلو موصوفه عنه بتقدير عدم خلق الغير، فلا يكون من الأحوال اللازمة التي تنحصر الصفات النفسية فيها. وقال تارة أخرى إنّه غير زائد.
ويكفي في اتصاف الشيء بالتّماثل تقدير الغير، فيكون الشيء حال انفراده في الوجود متصفا بالتماثل غير خال عنه، ثم أيّد هذا بأنّ صفات الأجناس لا تعلّل بالغير اتفاقا، فلا يكون التماثل موقوفا على وجود الغير تحقيقا، وأمّا تقديرا فلا يضر. ثم من الناس من ينفى التّماثل لأنّ الشيئين إن اشتركا من كلّ وجه فلا تعدّد فضلا عن التّماثل، وإن اختلفا من وجه فلا تماثل، والجواب منع الشرطية الثانية إذ قد يختلفان بغير الصفة النفسية. وقال جمهور المعتزلة المثلان هما المتشاركان في أخصّ وصف النفس، فإن أرادوا أنّهما مشتركان في الأخص دون الأعم فمحال، وإن ارادوا اشتراكهما في الأخص والأعم جميعا فما ذكر سابقا أصرح من هذا. ولهم أن يقولوا الاشتراك في الأعم وإن كان لازما منه لكنه خارج عن مفهوم التماثل إذ مداره على الاشتراك في الأخصّ. فقيد الأخصّ ليس احترازيا بل لتحقيق الماهية. ويرد عليهم أنّ التماثل للمثلين إمّا واجب الحصول لموصوفه عند حصول الموصوف فلا يعلّل على رأيهم، إذ من قواعدهم أنّ الصفة الواجبة يمتنع تعليلها فلا يجوز تعريفه بالاشتراك في أخصّ صفات النفس لاقتضائه كونه معلّلا بالأخصّ، أولا يكون واجب الحصول فيجوز حينئذ كون السوادين مختلفين تارة وغير مختلفين أخرى. وقال النّجّار من المعتزلة المثلان هما المشتركان في صفة إثبات وليس أحدهما بالثاني قيد الصفة بالثبوتية لأنّ الاشتراك في الصفات السلبية لا يوجب التماثل ويلزمه تماثل السواد والبياض لاشتراكهما في صفات ثبوتية كالعرضية واللونية والحدوث، وكذا مماثلة الرّبّ للمربوب إذ يشتركان في بعض الصفات الثبوتية كالعالمية والقادرية. اعلم أنّ المتشاركين في بعض الصفات النفسية أو غيرها لهم تردّد وخلاف ويرجع إلى مجرّد الاصطلاح، لأنّ المماثلة في ذلك المشترك ثابتة معنى والمنازعة في إطلاق الاسم. قال القاضي القلانسي من الأشاعرة:
لا مانع من ذلك في الحوادث معنى ولفظا إذ لم يرد التماثل في غير ما وقع فيه الاشتراك حتى صرّح القلانسي بأنّ كلّ مشتركين في الحدوث متماثلان في الحدوث، وعليه يحمل قول النّجار، فلا مماثل عنده للحوادث في وجوده عقلا أي بحسب المعنى، والنزاع في إطلاق المتماثل للحدوث عليه تعالى، ومأخذ الإطلاق السمع. فللنّجار أن يلزم التماثل بين الرّبّ والمربوب معنى وإن منع إطلاق اللفظ عليه وأن يلزم في السواد والبياض معنى ولفظا.
فائدة:
كلّ متماثلين فإنّهما لا يجتمعان في محلّ وإليه ذهب الشيخ الأشعري ومنعه المعتزلة، واتفقوا على جواز اجتماعهما مطلقا إلّا شرذمة منهم فإنّهم قالوا لا تجتمع الحركتان المتماثلتان في محلّ وإن شئت التفصيل فارجع إلى شرح المواقف وحاشيته للمولوي عبد الحكيم.

الفيض

الفيض:
[في الانكليزية] Abundant water ،emanation
[ في الفرنسية] Eau abondante ،emanation
بالفتح في اللغة كثرة الماء بحيث يسيل عن جوانب محله. يقال فاض الماء فيضا وفيضوضة إذا كثر حتى سال عن جانب الوادي.
فالفياض ماء زاد على موضعه فسال عن جوانبه ثم نقل الفياض إلى الوهّاب بطريق الاستعارة التبعية بتشبيه هبة الوهّاب بكثرة الماء في كونهما سببا للتجاوز إلى الغير، أو نقل أولا إلى المواهب بتلك الطريقة أيضا، أي بتشبيه كثرة المواهب بكثرة الماء بجامع الكثرة النافعة في الطرفين، ثم نقل منه إلى الوهّاب بطريق المجاز المرسل بأن ينقل الفيض المستعمل في كثرة المواهب منها إلى الهبة بعلاقة المتعلّقية، ثم يشتق منه الفياض. فالنقل على الأول بغير واسطة وعلى الثاني بواسطة. والفيض في اصطلاح العلماء يطلق على فعل فاعل يفعل دائما لا لعوض ولا لغرض، وذلك الفاعل لا يكون إلّا دائم الوجود، لأنّ دوام صدور الفعل تابع لدوام الوجود. فلو وهب إنسان شيئا لا لغرض وعوض لا تسمّى تلك الهبة فيضا اصطلاحا ولا يسمّى ذلك الإنسان فيّاضا.
ويطلق أيضا على دوام ذلك الفعل واتصاله.
والفيّاض في قولهم المبدأ الفيّاض على المعنى الأول بمعنى النسبة أي ذو الفيض وعلى المعنى الثاني على قياس ما مرّ من جعله بمعنى الوهاب مجازا. وهاهنا بحث طويل الذيل يطلب من حواشي شرح المطالع في الخطبة.

وقال الصوفية: الفيض عبارة عمّا يفيده التجلّي الإلهي فإنّ ذلك التجلّي هيولاني الوصف وإنّما يتعيّن ويتقيّد بحسب المتجلّي. فإن كان المتجلّى له عينا ثابتة غير موجودة يكون هذا التجلّي بالنسبة إليه تجلّيا وجوديا فيفيد الوجود.
وإن كان المتجلّى له موجودا خارجيا كالصورة المسواة يكون التجلّي بالنسبة إليه بالصفات ويفيد صفة غير الوجود كصفة الحياة ونحوها.
والفيض الأقدس عندهم عبارة عن التجلّي الحبّي الذاتي الموجب لوجود الأشياء واستعداداتها في الحضرة العلمية. والفيض المقدّس عندهم عبارة عن التجلّي الوجودي الموجب لظهور ما يقتضيه تلك الاستعدادات في الخارج كذا في شرح الفصوص للمولوي الجامي في الفصّ الأول.

ويقول في كشف اللغات: الفيض الأقدس هو ذاك المــنزّه عن شوائب كثرة الأسماء ونقائص حقائق الإمكان. إذا، فاعلم بأنّ الفيض الأقدس هو عبارة عن تجلّي الحب الذاتي الذي يقتضي وجود الأشياء والاستعدادات العائدة لها في حضرة العلم ثم في الحضور العيني.

وقيل: الفيض الأقدس هو فيض الحقّ سبحانه وتعالى الذي هو واسطة الروح العظمى.
وبهذا الفيض تصير الشّئونات الذاتية والأعيان ثابتة. والفيض المقدّس عبارة عن تجلّيات أسماء تقتضي ظهور شيء قد طلب، واستعداداته في خارج الوجود.

وقيل: الفيض المقدّس هو فيض الحقّ سبحانه وتعال الذي هو واسطة الروح العظمى، ومن هذا الفيض ظهرت جميع الأرواح والنفوس. انتهى كلامه.
الفيض: الموت، يقال فاضت نفسه.

الفكر

الفكر: ترتيب أمور معلومة للتأدي إلى مجهول ذكره ابن الكمال. وقال الأكمل: الفكر حركة النفس من المطالب إلى الأوائل، والرجوع منها إليها. وقال العكبري: الفكر جولان الخاطر في النفس. وقال الراغب: الفكر قوة مطرقة للعلم إلى المعلوم، والتفكر جريان تلك القوة بحسب نظر العقل، وذلك للإنسان لا للحيوان، ولا يقال إلا فيما يمكن أن يحصل له صورة في القلب. وقيل الفكر مقلوب عن الفرك، لكن يستعمل الفكر في المعاني وهي فرك الأمور وبحثها طلبا للوصول إلى حقيقتها. 
الفكر:
[في الانكليزية] Thought ،reflection
[ في الفرنسية] Pensee ،reflexion
بالكسر وسكون الكاف عند المتقدّمين من المنطقيين يطلق على ثلاثة معان. الأول حركة النفس في المعقولات بواسطة القوة المتصرّفة، أيّ حركة كانت، أي سواء كانت بطلب أو بغيره، وسواء كانت من المطالب أو إليها، فخرج بقيد الحركة الحدس لأنّه الانتقال من المبادئ إلى المطالب دفعة لا تدريجا. والمراد بالمعقولات ما ليست محسوسة وإن كانت من الموهومات فخرج التخيّل لأنّه حركة النفس في المحسوسات بواسطة المتصرّفة، وتلك القوة واحدة لكن تسمّى باعتبار الأول متفكّرة وباعتبار الثاني أي باعتبار حركة النفس بواسطتها في المحسوسات تسمّى متخيّلة؛ هذا هو المشهور.
والأولى أن يزاد قيد القصد لأنّ حركة النفس فيما يتوارد من المعقولات بلا اختيار كما في المنام لا تسمّى فكرا. ولا شكّ أنّ النفس تلاحظ المعقولات في ضمن تلك الحركة، فقيل الفكر هو تلك الحركة والنظر هو الملاحظة التي في ضمنها، وقيل لتلازمهما أنّ الفكر والنظر مترادفان. والثاني حركة النفس في المعقولات مبتدئة من المطلوب المشعور بوجه ما، مستغرقة فيها طالبة لمبادئه المؤدّية إليه إلى أن تجدها وترتّبها، فترجع منها إلى المطلوب، أعني مجموع الحركتين، وهذا هو الفكر الذي يترتّب عليه العلوم الكسبية ويحتاج في تحصيل جزئيه المادّية والصورية جميعا إلى المنطق، ويجيء تحقيق ذلك في لفظ النظر، ويرادفه النظر في المشهور بناء على التلازم المذكور. وقيل هو هاتان الحركتان والنّظر هو ملاحظة المعقولات في ضمنهما، وهذا المعنى أخصّ من الأوّل كما لا يخفى. والثالث هو الحركة الأولى من هاتين الحركتين أي الحركة من المطلوب إلى المبادئ وحدها من غير أن توجد الحركة الثانية معها وإن كانت هي المقصودة منها، وهذا هو الفكر الذي يقابله الحدس تقابلا يشبه تقابل الصاعدة والهابطة، إذ الانتقال من المبادئ إلى المطالب دفعة يقابله عكسه الذي هو الانتقال من المطالب إلى المبادي، وإن كان تدريجا، لكنّ شارح المطالع جعل الحدس بإزاء مجموع الحركتين، فإنّه لا يجامعه في شيء معيّن أصلا ويجامع الحركة الأولى، كما إذا تحرّك في المعقولات فاطّلع على مباد مترتّبة فانتقل منها إلى المطلوب دفعة. وأيضا الحدس عدم الحركة في مسافة فلا يقابل الحركة في مسافة أخرى. والتحقيق أنّ الحدس بحسب المفهوم يقابل الفكر بأيّ معنى كان إذ قد اعتبر في مفهومه الحركة وفي مفهوم الحدس عدمها. وأمّا بحسب الوجود بالنسبة إلى شيء معيّن فلا يجامع مجموع الحركتين ويجامع الأوّل والثالث كما عرفت، ولا ينافي ذلك كون عدم الحركة معتبرا في مفهومه لأنّ الحركة التي لا تجامعه ليست جزءا من ماهيته ولا شرطا لوجوده. ثم إنّ هذا المعنى أخصّ من الأول أيضا وأعمّ من الثاني لعدم اعتبار وجود الحركة الثانية فيه. وعند المتأخّرين هو الترتيب اللازم للحركة الثانية كما هو المشهور. وذكر السّيّد السّند في حاشية العضدي أنّ الحركة الثانية يطلق عليها الفكر على مذهب المتأخّرين انتهى.
ويرادف الفكر النظر في القول المشهور. وقيل الفكر هو الترتيب والنظر ملاحظة المعقولات في ضمنه، هكذا ذكر أبو الفتح في حاشية الحاشية الجلالية، ويجيء توضيح ذلك في لفظ النظر أيضا.
فائدة:
قالوا الفكر هو الذي يعدّ في خواصّ الإنسان، والمراد الاختصاص بالنسبة إلى باقي الحيوانات لا مطلقا.
فائدة:
قالوا حركة النفس واقعة في مقولة الكيف لأنّها حركتها في صور المعقولات التي هي كيفيات، وهذا على مذهب القائلين بالشّبح والمثال. وأمّا على مذهب من يقول إنّ العلم بحصول ماهيات الأشياء أنفسها فتلك الحركة من قبيل الحركة في الكيفيات النفسانية لا من الحركات النفسانية.
فائدة:
الفكر يختلف في الكيف أي السرعة والبطء وفي الكم أي القلّة والكثرة، والحدس يختلف أيضا في الكم وينتهي إلى القوة القدسية الغنية عن الفكر بالكلّية. بيان ذلك أنّ أول مراتب الإنسان في إدراك ما ليس له حاصلا من النظريات درجة التعلّم، وحينئذ لا فكر له بنفسه، بل إنّما يفكر المتعلّم حين التعلّم بمعونة المعلّم، وفي هذا خلاف السّيّد السّند، فإنّ عنده لا فكر للمتعلّم، ثم يترقّى إلى أن يعلم بعض الأشياء بفكره بلا معونة معلّم، ويتدرّج في ذلك أي يترقّى درجة درجة في هذه المرتبة إلى أن يصير الكلّ فكريّا أي يصير كلما يمكن أن يحصل له من النظريات فكريا أي بحيث يقدر على تحصيله بفكره بلا معونة معلّم، ثم يظهر له بعض الأشياء بالحدس ويتكثّر ذلك على التدريج إلى أن يصير الأشياء كلها حدسية، وهي مرتبة القوة القدسية، ومعناه أنّه لو لم يكن بعض الأشياء حاصلة بالفكر فهو يعلمه الآن بالحدس.
فإن قيل في تأخّر هذه المرتبة نظر إذ لا يتوقّف صيرورة الأشياء حدسيا على صيرورة الكلّ فكريا. قلت: ليس معنى صيرورة الكلّ فكريا كون الكلّ حاصلا بالفكر بل التمكّن منه كما عرفت، ولا يراد بالتمكّن الاستعداد القريب بالنسبة إلى الجميع الذي يحصل بحصول مبادئ الجميع بالفعل ولا الاستعداد البعيد الذي حصل للعقل الهيولاني، بل الاستعداد القريب ولو بالنسبة إلى البعض. ولا خفاء في تأخّر هذه المرتبة عنه وإن كان لا يخلو عن نوع تكلّف.
ثم المراد بالقوة القدسية القوة المنسوبة إلى القدس وهو التــنزّه هنا عن الرذائل الإنسانية والتعلّقات انتهى.
قال الحكماء هذه القوة القدسية لو وجدت لكان صاحبها نبيا أو حكيما إلهيا، فظهر أنّ الاختلاف في الكيف مختصّ بالفكر والاختلاف في الكم يعمّهما، هكذا يستفاد من شرح الطوالع وشرح المطالع وحواشيه في تقسيم العلم إلى الضروري والنظري.
قال الصوفية الفكر محتد الملائكة سوى إسرافيل وجبرائيل وعزرائيل وميكائيل عليهم السلام من محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
اعلم أنّ الدقيقة الفكرية أحد مفاتيح الغيب الذي لا يعلم حقيقتها إلّا الله، فإنّ مفاتيح الغيب نوعان: نوع حقّي ونوع خلقي. فالنوع الحقّي هو حقيقة الأسماء والصفات والنوع الخلقي هو معرفة تراكيب الجوهر الفرد من الذات أعني ذات الإنسان المقابل بوجوهه وجود الرحمن والفكر أحد تلك الوجوه. بلا ريب فهو مفتاح من مفاتيح الغيب، لكنه أبّن ذلك النور الوضاح الذي يستدلّ به إلى أخذ هذا المفتاح، فتفكر في خلق السموات والأرض لا فيهما، فإذا أخذ الإنسان في الترقّي إلى صور الفكر وبلغ حدّ سماء هذا الأمر أنزل الصور الروحانية إلى عالم الإحساس واستخرج الأمور الكتمانية على غير قياس، وعرج إلى السموات وخاطب أملاكها على اختلاف اللغات. وهذا العروج نوعان. فنوع على صراط الرحمن، من عرج على هذا الصراط المستقيم إلى أن بلغ من الفكر نقطة مركزه العظيم، وجال في سطح خطه القويم ظفر بالتجلّي المصون بالدّرّ المكنون في الكتاب المكنون الذي لا يمسّه إلّا المطهرون، وذلك اسم أدغم بين الكاف والنون مسماه إنّما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون، وسلّم المعراج إلى هذه الدقيقة هي من الشريعة والحقيقة وأمّا النوع الآخر فهو السّحر الأحمر المودع في الخيال والتصوير المستور في الحقّ بحجب الباطل، والتزوير هو معراج الخسران وصراط الشيطان إلى مستوى الخذلان كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا، فينقلب النور نارا والقرار بوارا، فإن أخذ الله يده وأخرجه بلطفه بما أيّده جاز منه إلى المعراج الثاني فوجد الله تعالى عنده، فعلم مأوى الحقّ ومآبه، وتميّز في مقعد الصدق عن الطريق الباطل ومن يذهب ذهابه، وأحكم الأمر الإلهي فوفّاه حسابه. وإن أهمل انهلك في ذلك النار وترك على ذلك الفرار وطفح ناره على ثياب طبائعه فأكلها، ثم طلع دخانه إلى مشام روحه الأعلى فقتلها، فلا يهتدي بعدها إلى الصواب ولا يفهم معنى أمّ الكتاب، بل كلما يلقيه إليه من معاني الجمال أو من تنوّعات الكمال يذهب به إلى ضيع الضلال فيخرج به على صورة ما عنده من المحال، فلا يمكن أن يرجع إلى الحقّ.
اعلم أنّ الله خلق الفكر المحمدي من نور اسمه الهادي الرشيد، وتجلّى عليه باسميه المبدئ والمعيد، ثم نظر إليه بعين الباعث الشهيد، فلمّا حوى الفكر أسرار هذه الأسماء الحسنى وظهر بين العالم بلباس هذه الصفات العليا، خلق الله من فكر محمد صلى الله عليه وآله وسلم أرواح ملائكة السموات والأرض كلهم لحفظ الأسافل والعوالي، فلا تزال العوالم محفوظة ما دامت بهذه الملائكة ملحوظة، فإذا وصل الأجل المعلوم قبض الله أرواح هذه الملائكة ونقلهم إلى عالم الغيب بذلك القبض، فالتحق الأمر بعضه ببعض وسقطت السموات بما فيها على الأرض، وانتقل الأمر إلى الآخرة كما ينتقل إلى المعاني أمر الألفاظ الظاهرة، فافهم، كذا في الإنسان الكامل. ويقول في كشف اللغات ولطائف اللغات: الفكر في اصطلاح السّالكين هو سير السّالك بسير كشفي من الكثرة والتعيّنات (التي هي باطلة في الحقيقة أي هي عدم) إلى الحقّ، يعني بجانب وحدة الوجود المطلق الذي هو الحقّ الحقيقي. وهذا السّير عبارة عن وصول السّالك إلى مقام الفناء في الله، وتلاشي وامّحاء ذوات الكائنات في أشعّة نور وحدة الذّات كالقطرة في اليم.

العدل

العدل:
[في الانكليزية] Equity ،divine justice
[ في الفرنسية] Equite ،justice divine
بالفتح والسكون عند أهل الشرع نعت من العدالة ويسمّى عادلا أيضا، وقد عرفت العدالة.
وعند الشيعة هو تنزيه البارئ تعالى عن فعل القبيح والإخلال بالواجب. قالوا هو يفعل لغرض لاستلزام نفي الغرض العبث وهو قبيح وهو مــنزّه عنه ويجب عليه اللّطف ويجب عليه عوض الآلام الصادرة عنه إذ عدم الوجوب يستلزم القبح على ما بيّن في كتبهم. وعند النحاة هو خروج الاسم عن صيغته الأصلية تحقيقا أو تقديرا إلى صيغة أخرى، كذا ذكر ابن الحاجب في الكافية. فالعدل مصدر مبني للمجهول أي كون الاسم معدولا، ولذا فسّر بالخروج دون الإخراج. والمراد بالخروج الخروج الحاصل بسبب الإخراج أي كونه مخرجا وبقيد الاسم خرج خروج الفعل إذ لا يسمّى عدلا. والمراد خروج مادة الاسم إذ لا يتصوّر خروج الكلّ أي الاسم الذي هو عبارة عن المادة والصيغة عن جزئه الذي هو الصيغة.
والمراد بالصيغة الصورة حقيقة أو حكما بأن تكون لازمة للكلمة كالصورة، فإنّ أحد الأمور الثلاثة لازم لأفعل التفضيل، فكان اللازم بمنزلة الصورة للكلمة فلا يخرج نحو أخر فإنّه معدول عن الأخر أو أخر من بمعنى الجماعة، وكذا سحر فإنّه معدول عن السّحر لأنّ الألف واللام في المفرد الذي صار علما بالغلبة لازمة له بمنزلة الصورة، ولا يراد مطلق الصورة بل الصورة الأصلية أي التي يقتضي الأصل، والقاعدة أن يكون ذلك الاسم عليها. ثم المراد بالخروج الخروج النحوي أي ما يبحث عنه في النحو بدليل أنّ العدل من مصطلحات النحاة فخرج المشتقات كلها، ولا يرد المصدر الميمي أيضا بل خرج التغيرات التصريفية بأسرها قياسية أو شاذّة، لكنه بقي الترخيم والتقدير، ثم خرج الترخيم بقوله خروج مادة الاسم لأنّه تغيّر المادة لا خروجها عن الصيغة وخرج التقدير ونحوه لعدم دخول المقدّر في الصيغة فلا يصدق عليه خروجه عن صيغته الأصلية، أو المراد الخروج التصريفي لا لمعنى ولا لتخفيف، فلا يرد التغيّرات التصريفية بأسرها قياسية أو شاذة، وكذلك الترخيم والتصغير ونحوهما. وأما نحو يوم الجمعة في صمت يوم الجمعة فليس بمعدول لعدم كون في داخلة في الصيغة لجواز الفصل بالحرف الزائد، بخلاف لام التعريف، ولا متضمّن لأنّ معنى في يفهم بتقديرها لا بنفس قوله يوم الجمعة، ونحو لا رجل متضمّن للحرف لا معدول وأخر معدول لا متضمن وأمس معدول ومتضمن لدخول اللام في الصيغة، وبقاء معنى التعريف بعد العدل. فبين العدل والتضمّن عموم من وجه ثم إنّا نعلم قطعا أنّهم لما وجدوا ثلاث ومثلّث وأخر وجمع وعمر غير منصرفات ولم يجدوا فيها سببا ظاهرا غير الوصفية أو العلمية احتاجوا إلى اعتبار سبب آخر، ولم يصلح للاعتبار إلّا العدل فاعتبروه وجعلوها غير منصرفات للعدل وسبب آخر، ولكن لا بدّ في اعتبار العدل من أمرين:
أحدهما وجود أصل الاسم المعدول وثانيهما اعتبار إخراجه عن ذلك الأصل إذ لا تتحقّق الفرعية بدون اعتبار ذلك الإخراج. ففي بعض تلك الأمثلة يوجد دليل غير منع الصّرف على وجود الأصل المعدول عنه فوجوده محقّق بلا شكّ، وفي بعضها لا دليل يوجد عليه إلّا منع الصّرف فيفرض له أصل ليتحقّق العدل بإخراجه عن ذلك الأصل، فانقسم العدل إلى التحقيقي والتقديري. فقوله تحقيقا معناه خروجا كائنا عن أصل محقّق يدلّ عليه دليل غير منع الصّرف.
وقوله تقديرا معناه خروجا كائنا عن أصل مقدّر مفروض يكون الداعي إلى تقديره منع الصّرف لا غير. فأشار بهذا القول إلى تقسيم العدل إلى هذين القسمين، وليس هذا القول داخلا في التعريف، مثال التحقيقي ثلاث ومثلّث والدليل على أنّ أصلهما ثلاثة ثلاثة عدلا عنه هو أنّ في معناهما تكرارا دون لفظهما، والأصل أنّه إذا كان المعنى مكرّرا كان اللفظ أيضا مكرّرا كما في جاءني القوم ثلاثة ثلاثة. ومثال التقديري عمر وزفر عدلا عن عامر وزافر فإنّهما لمّا وجدا غير منصرفين ولم يوجد سبب منع صرفهما ظاهرا إلّا العلمية اعتبر العدل، ولما كان اعتباره موقوفا على وجود أصل ولم يكن فيهما دليل على وجوده غير منع الصّرف قدّر أنّ أصلهما عامر وزافر، هكذا يستفاد من شروح الكافية.
العدل: الأمر المتوسط بين الإفراط والتفريط. وقال الراغب: العدالة والمعدلة لفظ يقتضي المساواة. والعدل والعدل متقاربان لكن العدل يستعمل فيما يدرك بالبصيرة كالأحكام، والعدل فيما يدرك بالحاسة كالموزون والمعدود والمكيل. والعدل التقسيط على سواء، وعليه روي بالعدل قامت السموات والأرض تنبيها على أنه لو كان ركن من الأركان الأربعة في العالم زائدا على الآخر أو ناقصا على مقتضى الحكمة، لم يكن العالم منتظما. والعدل ضربان: عدل مطلق يقتضي العقل حسنه، ولا يكون في شيء من الأزمنة منسوخا نحو الإحسان إلى من أحسن إليك، وكف الأذى عمن كف أذاه عنك، وعدل يعرف كونه عدلا بالشرع ويمكن نسخه في بعض الأزمنة كالقصاص وأروش الجنايات: وأخذ مال المرتد. وقال التفتازاني: العدل بالفتح: المثل من غير الجنس، وبالكسر: المثل من الجنس.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.