من (ع ن ف) كثير اللوم والمؤاخذة.
من (ع ن ف) كثير اللوم والمؤاخذة.
سنف: السِّــنافُ: خَيْطٌ يُشَدُّ من حَقَبِ البَعير إلى تَصْدِيره ثم
يُشَدُّ في عُنُقِه إِذا ضَمَرَ، والجمع سُنُفٌ. الجوهري: قال الخليل
السِّــنافُ للبعير بمنزلة اللّبَبِ للدابة؛ ومنه قول هِميانَ بن قحافَةَ:
أَبْقى السِّــنافُ أَثراً بأَنْهُضِهْ،
قَريبةٍ نُدْوَتُه من مَحْمَضِهْ
وسَنَفَ البعيرَ يَسْنُفُه ويَسْنِفُه سَنْفاً وأَسْنَفَه: شدَّه
بالسِّــنافِ؛ قال الجوهري: وأَبى الأَصمعي إلا أَسْنَفْتُ. الأَصمعي: السِّــنافُ
حبل يُشَدُّ من التَّصْديرِ إلى خَلْفِ الكِرْكِرةِ حتى يَثْبُتَ
التصْديرُ في موضِعِه. وأَسْنَفْتُ البعير: جعلت له سِــنافــاً وإنما يفعل ذلك إذا
خَمُصَ بطنهُ واضْطَرَبَ تصدِيرُه، وهو الحِزامُ. وهي إبل مُسْنَفاتٌ إذا
جعل لها أَسْنِفةٌ تجعل وراء كراكِرها. ابن سيده: السِّــناف سير يجعل من
ورا اللَّبَبِ أَو غيرُ سير لئلا يَزِلَّ. وخيل مُسْنَفاتٌ: مَشْرِفاتُ
المَناسِج، وذلك محمود فيها لأَنه لا يَعْتَري إلا خِيارَها وكِرامَها،
وإذا كان ذلك كذلك فإن السُّروجَ تتأَخَّر عن ظُهورها فيُجْعل لها ذلك
السِّــنافُ لتَثْبُتَ به السُّروج.
والسَّنِيف: ثوب يُشدُّ على كَتف البعير، والجمع سُنُفٌ. أَبو عمرو:
السُّنُفُ ثياب توضع على أَكْتاف الإبل مثلُ الأَشِلَّةِ على مآخِيرها.
وبعير مِسْــنافٌ: يؤخِّر الرحل فيُجْعل له سِــنافٌ، والجمع مَسانِيفُ. وناقة
مِسْــنافٌ ومُسْنِفةٌ: مُتقدِّمة في السير، وكذلك الفرس. التهذيب:
المُسْنِفاتُ، بكسر النون، المُتقدِّمات في سيرها؛ وقد أَسْنَفَ البعيرُ إذا تقدم
أَو قدَّم عُنُقه للسير؛ وقال كثيِّر في تقديم البعير زمامه:
ومُسْنِفة فَضْلَ الزِّمام، إذا انْتَحى
بِهِزَّةِ هاديها على السَّوْمِ بازِل
وفرس مُسْنِفةٌ إذا كانت تتقدّم الخيلَ؛ ومنه قول ابن كُلْثُوم:
إذا ما عَيَّ بالإِسْــناف حَيٌّ
على الأَمْر المُشَبّه أَن يَكونا
أَي عَيُّوا بالتقدُّم؛ قال الأَزهري: ليس قول من قال إن معنى قوله إذا
ما عَيَّ بالإسْــناف أَن يَدْهَش فلا يَدْري أَينَ يُشَدُّ السِّــنافُ بشيء
هو باطل، إنما قاله الليث. الجوهري: أَسْنَفَ الفرَسُ أَي تقدَّمَ
الخيلَ، فإذا سمعت في الشعر مُسْنِفةً، بكسر النون، فهي من هذا، وهي الفرس
تتقدَّم الخيل في سيرها، وإذا سمعت مُسْنَفَةً، بفتح النون، فهي الناقة من
السِّــناف أَي شُدَّ عليها ذلك، وربما قالوا أَسْنَفُوا أَمْرَهم أَي
أَحْكَمُوه، وهو استعارة من هذا. قال: ويقال في المثل لمن تَحَيَّر في أَمره:
عَيَّ بالإســناف. قال ابن بري في قول الجوهري: فإذا سمعت في الشعر
مُسْنِفة، بكسر النون، فهو من هذا، قال: قال ثعلب المَسانيفُ المتقدِّمة؛
وأَنشد:قد قُلْتُ يوماً للغُرابِ، إذ حَجَلْ:
عليكَ بالإبْلِ المَسانيفِ الأُوَلْ
قال: والمُسنِفُ المتقدِّمُ، والمُسْنَفُ: المشدود بالسِّــنافِ؛ وأَنشد
الأَعشى في المتقدّم أَيضاً:
وما خِلْت أَبْقى بيننا من مَوَدَّةٍ
عِراض المَذاكي المُسْنفات القَلائصا
ابن شميل: المِسْــنافُ من الإبل التي تُقَدِّم الحِمْلَ، قال: والمجناة
التي تؤخِّر الحمل، وعُرِضَ عليه قولُ الليث فأَنكره. وناقة مُسْنِفٌ
ومِسْــنافٌ: ضامِرٌ؛ عن أَبي عمرو. وأَسْنَفَ الأَمْرَ: أَحْكَمَه.
والسِّنْفُ، بالكسر: ورَقةُ المَرْخِ، وفي المحكم: السَّنْفُ الورقةُ،
وقيل: وعاء ثمر المَرْخِ؛ قال ابن مقبل:
تُقَلْقِلْ منْ ضَغْمِ اللِّجامِ لَهاتَها،
تَقَلْقُلُ سِنْفِ المَرْخِ في جَعْبةٍ صِفْرِ
والجمع سِنَفةٌ وتشبّه به آذانُ الخيل. قال ابن بري في السَّنْفِ وِعاء
ثمر المرخ، قال: هذا هو الصحيح، قال: وهو قول أَهل المعرفة بالمَرْخ،
قال: وقال علي ابن حمزة ليس للمَرْخِ ورق ولا شَوْك وإنما له قُضْبان دقاق
تنبت في شُعَب، وأَما السِّنفُ فهو وعاء ثمر المرخ لا غير، قال: وكذلك
ذكره أَهل اللغة، والذي حكي عن أَبي عمرو من أَن السنف ورقة المرخ مردود
غير مقبول؛ وقال في البيت الذي أَنشده ابن سيده بكماله وأَورد الجوهري عجزه
ونسباه لابن مقبل وهو:
تَقَلْقُلَ سِنْفِ المَرْخِ في جَعْبةٍ صِفْرِ
هكذا هو في شعر الجَعْدِيِّ، قال: وكذا هي الرواية فيه عود المرخ؛ قال:
وأَما السِّنْفُ ففي بيت ابن مقبل وهو:
يُرْخي العِذارَ، ولو طالَتْ قبائلُه
عن حَشْرةٍ مِثلِ سِنْفِ المَرْخةِ الصِّفْرِ
الحَشْرةُ: الأُذُنُ اللطيفة المُحَدَّدةُ: قال أَبو حنيفة: السِّنْفةُ
وِعاء كل ثمر، مستطيلاً كان أَو مستديراً، وجمعها سِنْفٌ وجمع السِّنْفِ
سِنَفَةٌ ويقال لأَكِمَّةِ الباقِلاء واللُّوبياء والعَدَس وما أَشبهها:
سُنُوفٌ، واحدها سِنْفٌ. والسِّنْفُ: العُود المُجَرَّدُ من الورق.
والمَسانِفُ: السِّنُونَ؛ قال ابن سيده: أَعني بالسنينَ السنين المجدبة كأَنهم
شنَّعُوها فجمعوها؛ قال القُطامي:
ونَحْنُ نَرُودُ الخَيْلَ، وَسْطَ بُيوتِنا،
ويُغْبَقْنَ مَحْضاً، وهي مَحْلٌ مَسانِفُ
الواحدة مُسْنِفةٌ؛ عن أَبي حنيفة. وأَسْنَفَتِ الرِّيحُ: سافَتِ
الترابَ.
نفد: نَفِدَ الشيءُ نَفَداً ونَفاداً: فَنِيَ وذهَب. وفي التنزيل
العزيز: ما نَفِدَت كلماتُ الله؛ قال الزجاج: معناه ما انقَطَعَتْ ولا
فَنِيَتْ. ويروى أَن المشركين قالوا في القرآن: هذا كلامٌ سَيَنْفَدُ وينقطع،
فأَعلم الله تعالى أَنّ كلامه وحِكْمَتَه لا تَنْفَدُ؛ وأَنْفَدَه هو
واسْتَنْفَدَه. وأَنْفَدَ القومُ إِذا نَفِدَ زادُهم أَو نَفِدَتْ أَموالُهم؛
قال ابن هرمة:
أَغَرّ كَمِثْلِ البَدْرِ يَسْتَمْطِرُ النَّدَى،
ويَهْتَزُّ مُرْتاحاً إِذا هو أَنْفَدَا
واسْتَنْفَدَ القومُ ما عندهم وأَنْفَدُوه. واسْتَنْفَدَ وُسْعَه أَي
اسْتَفْرَغَه. وأَنْفَدَتِ الرَّكِيَّةُ: ذهب ماؤها.
والمُــنافِــدُ: الذي يُحاجُّ صاحبَه حتى يَقْطَع حُجَّتَه وتَنْفَدَ.
ونافَــدْتُ الخَصْمَ مُــنافَــدةً إِذا حاجَجْتَه حتى تقطع حُجَّتَه. وخَصْم
مُــنافِــدٌ: يستفرغ جُهْدَه في الخصومة؛ قال بعض الدَّبِيرِيِّينَ:
وهو إِذا ما قيل: هَلْ مِنْ وافِدِ؟
أَو رجُلٍ عن حقِّكُم مُــنافِــدِ؟
يكونُ للغائِبِ مِثْلَ الشاهِدِ
ورجل مُــنافِــدٌ: جَيِّدُ الاستفراغ لِحُجَجِ خَصْمِه حتى يُنْفِدَها
فَيَغْلِبَه. وفي الحديث: إِنْ نافَــدْتَهم نافَــدُوك، قال: ويروى بالقاف،
وقيل: نافــذوك، بالذال المعجمة. ابن الأَثير: وفي حديث أَبي الدرداء: إِنْ
نافَــدْتَهم نافَــدُوك؛ نافَــدْتُ الرجلَ إِذا حاكَمْتَه أَي إِن قلتَ لهم
قالوا لك؛ قال: ويروى بالقاف والدال المهملة. وفي فلان مُنْتَفَدٌ عن غيره:
كقولك مندوحة؛ قال الأَخطل:
لقدْ نَزَلْت بِعبْدِ اللهِ مَنْزِلةً،
فيها عن العَقْب مَنْجاةٌ ومُنْتَفَدُ
ويقال: إِنَّ في ماله لَمُنْتَفَداً أَي لَسَعَةً. وانتَفَدَ من
عَدْوِه: استوْفاهُ؛ قال أَبو خراش يصف فرساً:
فأَلْجَمَها فأَرْسَلَها عليه،
وولَّى، وهو مُنْتَفِدٌ بَعِيدُ
وقعد مُنْتَفِداً أَي مُتَنَحِّياً؛ هذه عن ابن الأَعرابي. وفي حديث ابن
مسعود: إِنكم مجموعون في صَعيدٍ واحد يَنْفُدُكُم البَصَرُ. يقال:
نَفَدَني بَصَرُه إِذا بَلَغَني وجاوَزَني. وأَنفَدْتُ القومَ إِذا خَرَقْتَهم
ومَشَيْتَ في وَسَطِهم، فإِن جُزْتَهم حتى تُخَلِّفَهم قلت: نَفَدْتُهم،
بلا أَلف؛ وقيل: يقال فيها بالأَلف، قيل: المراد به يَنْفُدُهم بصرُ
الرحمنِ حتى يأْتِيَ عليهم كلِّهم، وقيل: أَراد يَنْفُدُهم بصر الناظر
لاستواء الصعيدِ. قال أَبو حاتم: أَصحاب الحديث يروونه بالذال المعجمة وإِنما
هو بالمهملة أَي يَبْلُغُ أَوَّلَهم وآخِرَهم حتى يراهم كلَّهم
ويَسْتَوْعِبَهم، من نَفَدَ الشيءُ وأَنفَدْتُه؛ وحملُ الحديث على بصر المُبْصِر
أَولى من حمله على بصر الرحمن، لأَن الله، عز وجل، يجمع الناس يوم القيامة
في أَرضٍ يَشْهَدُ جميعُ الخلائق فيها مُحاسَبةَ العبدِ الواحدِ على
انفراده، ويَرَوْنَ ما يَصِيرُ إِليه.
أنف: الأَنْفُ: الـمَنْخَرُ معروف، والجمع آنُفُ وآنافٌ وأُنُوفٌ؛ أَنشد
ابن الأَعرابي:
بِيضُ الوُجُوهِ كَريمةٌ أَحْسابُهُمْ،
في كلِّ نائِبَةٍ، عِزازُ الآنُفِ
وقال الأَعشى:
إذا رَوَّحَ الرَاعي اللِّقاحَ مُعَزِّباً،
وأَمْسَتْ على آنافِــها غَبَراتُها
وقال حسان بن ثابت:
بِيضُ الوُجُوهِ، كَرِيمةٌ أَحْسابُهُم،
شُمُّ الأَنُوفِ من الطِّرازِ الأَوَّلِ
والعرب تسمي الأَنْفَ أَنْفين؛ قال ابن أَحمر:
يَسُوفُ بأَنْفَيْهِ النِّقاعَ كأَنه،
عن الرَّوْضِ من فَرْطِ النَّشاطِ، كَعِيمُ
الجوهري: الأَنْفُ للإنسان وغيره. وفي حديث سَبْقِ الحَدَثِ في الصلاة:
فليَأْخُذْ بأَنفِه ويَخْرُجْ؛ قال ابن الأَثير: إنما أَمَره بذلك
ليُوهِمَ الـمُصَلِّين أَن به رُعافاً، قال: وهو نوع من الأَدب في سَتْرِ
العَوْرَة وإخْفاء القَبيحِ، والكنايةِ بالأَحْسَن عن الأَقْبح، قال: ولا يدخل
في باب الكذب والرياء وإنما هو من باب التَّجَمُّل والحَياء وطلَبِ
السلامة من الناس.
وأَنَفَه يَأْنُفُه ويأْنِفُه أَنْفاً:أَصابَ أَنْفَه.
ورجل أُــنافــيٌّ: عَظِيم الأَنْفِ، وعُضادِيٌّ: عظيم العَضُد، وأُذانيٌّ:
عظيم الأُذن.
والأنُوفُ: المرأَةُ الطَّيِّبَةُ رِيحِ الأَنْفِ. ابن سيده: امرأَة
أَنُوفٌ طيبة رِيحِ الأَنف، وقال ابن الأَعرابي: هي التي يُعْجِبُك شَمُّك
لها، قال: وقيل لأَعرابي تَزَوَّج امرأَة: كيف رأَيتها؟ فقال: وجَدْتها
رَصُوفاً رَشْوفاً أَنُوفاً، وكل ذلك مذكور في موضعه.
وبعير مأَْنُوفٌ: يُساقُ بأَنْفِه، فهو أَنِفٌ. وأَنِفَ البعير: شكا
أَنْفَه من البُرة. وفي الحديث: إن المؤمن كالبعير الأَنِفِ والآنِف أَي
أَنه لا يَرِيمُ التَّشَكِّي
(* قوله «لا يريم التشكي» أي يديم التشكي مـما
به إلى مولاه لا إلى سواه.) ، وفي رواية: الـمُسْلِمون هَيِّنُون
لَيِّنُون كالجمل الأَنِفِ أَي المأْنُوفِ، إن قِيدَ انْقادَ، وإن أُنِيخَ على
صَخْرةٍ اسْتَناخَ. والبعير أَنِفٌ: مثل تَعِبَ، فهو تَعِبٌ، وقيل:
الأَنِفُ الذي عَقَره الخِطامُ، وإن كان من خِشاشٍ أَو بُرةٍ أَو خِزامةٍ في
أَنفه فمعناه أَنه ليس يمتنع على قائده في شيء للوجع، فهو ذَلُولٌ منقاد،
وكان الأَصل في هذا أَن يقال مأْنُوف لأَنه مَفْعول به كما يقال مصدورٌ.
وأَنَفَه: جعله يَشْتَكي أَنْفَه. وأَضاعَ مَطْلَبَ أَنْفِه أَي الرَّحِمَ
التي خرج منها؛ عن ثعلب؛ وأَنشد:
وإذا الكَرِيمُ أَضاعَ مَوْضِع أَنْفِه،
أَو عِرْضَه بِكَرِيهَةٍ، لم يَغْضَبِ
وبعير مأْنُوفٌ كما يقال مَبطونٌ ومَصْدورٌ ومَفْؤُودٌ للذي يَشْتَكي
بطنَه أَو صَدْرَه أَو فُؤَادَه، وجميع ما في الجسد على هذا، ولكن هذا
الحرف جاء شاذًّا عنهم. وقال بعضهم: الجملُ الأَنِفُ الذَّلُولُ، وقال أَبو
سعيد: الجمل الأَنِف الذّليل المؤاتي الذي يأْنَفُ من الزَّجْر ومن الضرب،
ويُعطي ما عنده من السير عَفْواً سَهْلاً، كذلك المؤمن لا يحتاج إلى زجر
ولا عِتاب وما لزمه من حقّ صبرَ عليه وقام به.
وأَنَفْتُ الرجل: ضربت أَنْفَه، وآنَفْتُه أَنا إيــنافــاً إذا جعلته يشتكي
أَنْفَه. وأَنَفَه الماءُ إذا بلغ أَنْفَه، زاد الجوهري: وذلك إذا نزل
في النهر. وقال بعض الكِلابِيِّينَ: أَنِفَتِ الإبلُ إذا وقَع الذُّبابُ
على أُنُوفِها وطَلَبَتْ أَماكِنَ لم تكن تَطْلُبها قبل ذلك، وهو
الأَنَفُ، والأَنَفُ يُؤْذِيها بالنهار؛ وقال مَعْقِل بن رَيْحانَ:
وقَرَّبُوا كلَّ مَهْرِيٍّ ودَوْسَرَةٍ،
كالفَحْلِ يَقْدَعُها التَّفْقِيرُ والأَنَفُ
والتَّأْنِيفُ: تَحْدِيدُ طرَفِ الشيء. وأَنْفا القَوْس: الحَدَّانِ
اللذان في بَواطِن السِّيَتَيْن. وأَنْف النعْلِ: أَسَلَتُها. وأَنْفُ كلِّ
شيء: طرَفُه وأَوَّله؛ وأَنشد ابن بري للحطيئة:
ويَحْرُمُ سِرُّ جارَتِهِمْ عليهمْ،
ويأْكلُ جارُهُمْ أَنْفَ القِصاعِ
قال ابن سيده: ويكون في الأَزْمِنَةِ؛ واستعمله أَبو خراش في
اللِّحْيَةِ فقال:
تُخاصِمُ قَوْماً لا تَلَقَّى جوابَهُمْ،
وقد أَخَذَتْ من أَنْفِ لِحْيَتِكَ اليَدُ
سمى مُقَدَّمَها أَنْفاً، يقول: فطالتْ لِحْيَتُكَ حتى قبضْتَ عليها ولا
عَقْلَ لك، مَثَلٌ. وأَنْفُ النَّابِ: طَرَفُه حين يطْلُعُ. وأَنـْفُ
النَّابِ: حَرْفُه وطَرَفُه حين يطلع. وأَنـْفُ البَرْدِ: أَشَدُّه. وجاءَ
يَعْدُو وأَنـْفَ الشَّدِّ والعَدْوِ أَي أَشدَّه. يقال: هذا أَنـْفُ
الشدّ، وهو أَوّلُ العَدْوِ. وأَنـْفُ البردِ: أَوّله وأَشدُّه. وأَنـْف
المطر: أَوّل ما أَنبت؛ قال امرؤ القيس:
قد غَدا يَحْمِلُني في أَنـْفِه
لاحِقُ الأَيْطَلِ مَحْبُوكٌ مُمَرّ
وهذا أَنـْفُ عَمَلِ فلان أَي أَوّل ما أَخذ فيه. وأَنف خُفّ البعير:
طرَفُ مَنْسِمِهِ.
وفي الحديث: لكل شيء أُنـْفةٌ، وأُنـْفَةُ الصلاةِ التكبيرة الأُولى؛
أُنفة الشيء: ابتداؤه؛ قال ابن الأَثير: هكذا روي بضم الهمزة، قال: وقال
الهروي الصحيح بالفتح، وأَنـْفُ الجَبَل نادرٌ يَشْخَصُ ويَنْدُر منه.
والـمُؤَنَّفُ: الـمُحَدَّدُ من كل شيء. والـمُؤَنَّفُ: الـمُسَوَّى.
وسيرٌ مُؤَنَّفٌ: مَقْدودٌ على قَدْرٍ واسْتِواء؛ ومنه قول الأَعرابي يصف
فرساً: لُهِزَ لَهْزَ العَيْرِ وأُنِّفَ تأْنِيف السَّيْرِ أَي قُدّ حتى
استوى كما يستوي السير المقدود.
ورَوْضةٌ أُنـُفٌ، بالضم: لم يَرْعَها أَحد، وفي المحكم: لم تُوطَأْ؛
واحتاج أَبو النجم إليه فسكنه فقال:
أُنْفٌ تَرَى ذِبّانَها تُعَلِّلُهْ
وكَلأٌ أُنـُفٌ إذا كان بحاله لم يَرْعَه أَحد. وكأْسٌ أُنـُفٌ: مَلأَى،
وكذلك الـمَنْهَلُ. والأُنُفُ: الخَمر التي لم يُسْتَخْرَجْ من دَنِّها
شيء قبلها؛ قال عَبْدَةُ بن الطَبِيب:
ثم اصْطَبَحْنا كُمَيْتاً قَرْقَفاً أُنـُفاً
من طَيِّبِ الرَّاحِ، واللَّذَّاتُ تَعْلِيلُ
وأَرض أُنـُفٌ وأَنيقةٌ: مُنْبِتَةٌ، وفي التهذيب: بَكَّرَ نباتُها. وهي
آنـَفُ بلاد اللّه أَي أَسْرَعُها نباتاً. وأَرض أَنِيفةُ النبْتِ إذا
أَسْرَعتِ النباتَ. وأَنـَف: وَطِئَ كَلأً أُنـُفاً. وأَنَفَتِ الإبلُ
إذا وطِئَت كلأً أُنـُفاً، وهو الذي لم يُزعَ. وآنـَفْتُها أَنا، فهي
مُؤْنَفَةٌ إذا انْتَهَيْتَ بها أَنـْفَ المَرْعَى. يقال: روضةٌ أُنـُف وكأْسٌ
أُنـُف لم يُشرب بها قبل ذلك كأَنه اسْتُؤْنِفَ شربها مثل روْضةٍ أُنف.
ويقال: أَنـَّفَ فلان مالَه تأْنيفاً وآنفها إيــنافــاً إذا رعّاها أُنـُف
الكلإِ؛ وأَنشد:
لَسْتُ بِذي ثَلَّةٍ مُؤَنَّفَةٍ،
آقِطُ أَلبانَها وأَسْلَؤُها
(* قوله «آقط البانها إلخ» تقدم في شكر:
تضرب دراتها إذا شكرت * بأقطها والرخاف تسلؤها
وسيأتي في رخف: تضرب ضراتها إذا اشتكرت نافــطها إلخ. ويظهر أن الصواب
تأقطها مضارع أقط.)
وقال حميد:
ضَرائرٌ لَيْسَ لَهُنَّ مَهْرُ،
تأْنِيفُهُنَّ نَقَلٌ وأَفْرُ
أَي رَعْيُهُنَّ الكلأَ الأُنـُف هذان الضرْبانِ من العَدْو والسير. وفي
حديث أَبي مسلم الخَوْلانيّ. ووضَعَها في أُنـُفٍ من الكلإِ وصَفْوٍ من
الماء؛ الأُنـُفُ، بضم الهمزة والنون: الكلأَ الذي لم يُرْعَ ولم تَطَأْه
الماشية.
واسْتَأْنَفَ الشيءَ وأْتَنَفَه: أَخذ أَوّله وابتدأَه، وقيل:
اسْتَقْبَلَه، وأَنا آتَنِفُه ائْتِــنافــاً، وهو افْتعِالٌ من أَنـْفِ الشيء. وفي
حديث ابن عمر، رضي اللّه عنهما: إنما الأَمـْرُ أُنـُفٌ أَي يُسْتَأْنـَفُ
استئــنافــاً من غير أَن يَسْبِقَ به سابِقُ قضاء وتقدير، وإنما هو على
اخْتِيارِك ودخولك فيه؛ استأْنفت الشيء إذا ابتدأْته. وفعلت الشيء آنِفاً أَي
في أَول وقت يقرُب مني. واسْتَأْنَفَه بوعْد: ابتدأَه من غير أَن يسأَله
إيّاه؛ أَنشد ثعلب:
وأَنتِ الـمُنَى، لو كُنْتِ تَسْتَأْنِفيننا
بوَعْدٍ، ولكِنْ مُعْتَفاكِ جَدِيبُ
أَي لو كنت تَعِديننا الوَصْل. وأَنـْفُ الشيء: أَوّله ومُسْتَأْنَفُه.
والـمُؤْنَفَةُ والـمُؤَنَّفةُ من الإبل: التي يُتَّبَعُ بها أَنـْفُ
الـمَرْعى أَي أَوَّله، وفي كتاب علي بن حمزة: أَنـْفُ الرِّعْي. ورجل
مِئْــنافٌ: يَسْتَأْنِفُ المَراعي والـمَنازل ويُرَعِّي ماله أُنـُفَ الكلإِ.
والمؤَنَّفَةُّ من النساء التي اسْتُؤْنِفَت بالنكاح أَوّلاً. ويقال:
امرأَة مُكَثّفةٌ مؤَنَّفة، وسيأْتي ذكر الـمُكَثَّفةِ في موضعه.
ويقال للمرأَةِ إذا حَمَلَتْ فاشْتَدَّ وحَمُها وتَشَهَّتْ على أَهلها
الشيء بعد الشيء: إنها لتَتَأَنَّفُ الشَّهواتِ تأَنُّفاً.
ويقال للحَدِيدِ اللَّيِّن أَنِيفٌ وأَنِيثٌ، بالفاء والثاء؛ قال
الأَزهري: حكاه أَبو تراب.
وجاؤوا آنِفاً أَي قُبَيْلاً. الليث: أَتَيْتُ فلاناً أُنـُفاً كما تقول
من ذي قُبُلٍ. ويقال: آتِيكَ من ذي أُنُفٍ كما تقول من ذي قُبُلٍ أَي
فيما يُسْتَقْبَلُ، وفعله بآنِفةٍ وآنفاً؛ عن ابن الأَعرابي ولم يفسره؛ قال
ابن سيده: وعندي أَنه مثل قولهم فعَلَه آنفاً. وقال الزجاج في قوله
تعالى: ماذا قال آنفاً؛ أي ماذا قال الساعةَ في أَوّل وقت يَقْرُبُ مِنّا،
ومعنى آنفاً من قولك استأْنـَفَ الشيءَ إذا ابتدأَه. وقال ابن الأَعرابي:
ماذا قال آنفاً أَي مُذْ ساعة، وقال الزجاج: نزلتْ في المــنافــقين يستمعون
خُطبة رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، فإذا خرجوا سأَلوا أَصحاب رسول
اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، اسْتِهزاء وإعلاماً أَنهم لم يلتفتوا إلى ما
قال فقالوا: ماذا قال آنفاً؟ أَي ماذا قال الساعة. وقلت كذا آنِفاً
وسالفاً. وفي الحديث: أُنزلت عليَّ سورة آنِفاً أَي الآن.
والاسْتِئــنافُ: الابتداء، وكذلك الائْتِــنافُ.
ورجل حَمِيُّ الأَنـْف إذا كان أَنِفاً يأْنَفُ أَن يُضامَ. وأَنِفَ من
الشيء يأْنـَفُ أَنـَفاً وأَنـَفةً: حَمِيَ، وقيل: اسْتَنْكَف. يقال: ما
رأَيت أَحْمَى أَنـْفاً ولا آنـَفَ من فلان. وأَنِفَ الطعامَ وغيره
أَنـَفاً: كَرِهَه. وقد أَنِفَ البعيرُ الكَلأَ إذا أَجَمَه، وكذلك المرأَةُ
والناقةُ والفرسُ تأْنـَفُ فَحْلَها إذا تبَيَّنَ حملُها فكَرِهَتْه وهو
الأَنـَفُ؛ قال رؤبة:
حتى إذا ما أَنِفَ التَّنُّوما،
وخَبَطَ العِهْنَةَ والقَيْصُوما
وقال ابن الأَعرابي: أَنِفَ أَجَمَ، ونَئِفَ إذا كَرِه. قال: وقال
أَعرابي أَنِفَتْ فرَسِي هذه هذا البلَد أَي اجْتَوَتْه وكَرِهَتْه فهُزِلَتْ.
وقال أَبو زيد: أَنِفْتُ من قولك لي أَشَدَّ الأَنـَفِ أَي كرِهتُ ما
قلت لي. وفي حديث مَعْقِل بن يسار: فَحَمِيَ من ذلك أَنـَفاً؛ أَنِفَ من
الشيء يأْنَفُ أَنـَفاً إذا كرهه وشَرُفَتْ عنه نفسُه؛ وأَراد به ههنا
أَخذته الحَمِيّةُ من الغَيْرَة والغَضَبِ؛ قال ابن الأَثير: وقيل هو
أَنـْفاً، بسكون النون، للعُضْوِ أَي اشتدَّ غضبُه وغَيْظُه من طريق الكناية كما
يقال للـمُتَغَيِّظ وَرِمَ أَنـْفُه. وفي حديث أَبي بكر في عَهْده إلى
عمر، رضي اللّه عنهما، بالخلافة: فكلُّكم ورِمَ أَنـْفُه أَي اغْتاظَ من
ذلك، وهو من أَحسن الكنايات لأَن الـمُغْتاظَ يَرِمُ أَنفُه ويَحْمَرُّ؛
ومنه حديثه الآخر أَما إنك لو فَعَلْتَ ذلك لجَعَلْتَ أَنـْفكَ في
قَفَاكَ، يريد أَعْرَضْتَ عن الحَقِّ وأَقْبَلْتَ على الباطل، وقيل: أَراد أَنك
تُقْبِلُ بوجهك على مَن وراءكَ من أَشْياعِكَ فتُؤْثِرَهُم بِبِرِّك.
ورجل أَنُوفٌ: شديدُ الأَنـَفَةِ، والجمع أُنـُفٌ. وآنَفَه: جعلَه يأْنـَفُ؛
وقول ذي الرمة:
رَعَتْ بارِضَ البُهْمَى جَمِيماً وبُسْرَةً
وصَمْعاء حتى آنـَفَتْها نِصالُها
أَي صَيَّرت النِّصالُ هذه الإبلَ إلى هذه الحالة تأْنفُ رَعْيَ ما
رَعَتْه أَي تأْجِمُه؛ وقال ابن سيده: يجوز أَن يكون آنـَفَتْها جعلتها
تَشْتَكي أُنوفَها، قال: وإن شئتَ قلت إنه فاعَلَتْها من الأَنـْف، وقال
عُمارةُ: آنـَفَتْها جعلتها تأْنـَفُ منها كما يأْنـَفُ الإنسانُ، فقيل له: إن
الأَصمعي يقول كذا وإن أَبا عَمْرٍو يقول كذا، فقال: الأَصمعي عاضٌّ كذا
من أُمِّه، وأَبو عمرو ماصٌّ كذا من أُمه أَقول ويقولان، فأَخبر
الراوية ابن الأَعرابي بهذا فقال: صَدَقَ وأَنتَ عَرَّضْتَهما له، وقال شمر في
قوله آنـَفَتْها نِصالُها قال: لم يقل أَنـَفَتْها لأَن العرب تقول
أَنـَفَه وظَهَرَه إذا ضرب أَنـْفَه وظهْره، وإنما مدّه لأَنه أراد جعلتها
النِّصالُ تَشْتَكي أُنـُوفَها، يعني نِصال البُهْمى، وهو شَوْكُها؛
والجَمِيم: الذي قد ارْتفع ولم يَتِمّ ذلك التمامَ. وبُسْرةً وهي الغَضّةُ،
وصَمْعاء إذا امْتلأَ كِمامُها ولم تَتَفَقَّأْ. ويقال: هاجَ البُهْمى حتى
آنَفَتِ الرّاعِيةَ نِصالُها وذلك أَن يَيْبَسَ سَفاها فلا ترْعاها الإبل
ولا غيرها، وذلك في آخر الحرّ، فكأَنـَّها جعلتها تأْنـَفُ رَعْيها أَي
تكرهه.
ابن الأَعرابي: الأَنـْفُ السيِّد. وقولهم: فلان يتتبع أَنفه إذا كان
يَتَشَمَّمُ الرائحة فيَتْبَعُها. وأَنـْفٌ: بلْدةٌ؛ قال عبد مــناف بن رِبْع
الهذَليّ:
مِنَ الأَسَى أَهْلُ أَنـْفٍ، يَوْمَ جاءَهُمُ
جَيْشُ الحِمارِ، فكانُوا عارِضاً بَرِدا
وإذا نَسَبُوا إلى بني أَنـْفِ الناقةِ وهم بَطْنٌ من بني سَعْدِ بن زيد
مَناة قالوا: فلانٌ الأَنـْفِيُّ؛ سُمُّوا أَنْفِيِّينَ لقول
الحُطَيْئةِ فيهم:
قَوْمٌ هُمُ الأَنـْفُ، والأَذْنابُ غَيْرُهُمُ،
ومَنْ يُسَوِّي بأَنـْفِ الناقةِ الذَّنَبا؟
نفع: في أَسماء الله تعالى الــنافِــعُ: هو الذي يُوَصِّلُ النفْعَ إِلى مَن
يشاء من خلْقه حيث هو خالِقُ النفْعِ والضَّرِّ والخيْرِ والشرِّ.
والنفْعُ: ضِدُّ الضرِّ، نَفَعَه يَنْفَعُه نَفْعاً ومَنْفَعةً؛ قال:
كَلاً، مَنْ مَنْفَعَتي وضَيْري
بكَفِّه، ومَبْدَئي وحَوْرِي
وقال أَبو ذؤيب:
قالت أُمَيْمةُ: ما لجِسْمِكَ شاحِباً،
مُنْذُ ابْتَذَلْتَ، ومِثْلُ مالِكَ يَنْفَعُ؟
أَي اتَّخِذْ مَنْ يَكْفِيكَ فمثل مالِكَ ينبغي أَن تُوَدِّعَ نَفْسَكَ
به. وفلان يَنْتَفِعُ بكذا وكذا، ونَفَعْتُ فُلاناً بكذا فانْتَفَعَ به.
ورجل نَفُوعٌ ونَفّاعٌ: كثيرُ النَّفْعِ، وقيل: يَنْفَع الناسَ ولا
يَضُرُّ. والنَّفِيعةُ والنُّفاعةُ والمَنْفَعةُ: اسم ما انْتَفِعَ به. ويقال:
ما عندهم نَفِيعةٌ أَي مَنْفَعةٌ. واسْتَنْفَعَه: طلب نَفْعَه؛ عن ابن
الأَعرابي؛ وأَنشد:
ومُسْتَنْفِعٍ لَمْ يَجْزِه بِبَلائِه
نَفَعْنا، ومَوْلًى قد أَجَبْنا لِيُنْصَرا
والنِّفْعةُ: جِلْدةٌ تشق فتجعل في جانبِي المَزادِ وفي كل جانب
نِفْعةٌ، والجمع نِفْعٌ ونِفَعٌ؛ عن ثعلب. وفي حديث ابن عمر: أَنه كان يشرب من
الإِداوةِ ولا يَخْنِثُها ويُسَمِّيها نَفْعةَ؛ قال ابن الأَثير: سمَّاها
بالمرَّة الواحدة من النَّفْعِ ومنعها الصرف للعلَمية والتأْنيث، وقال:
هكذا جاء في الفائق، فإِن صح النقل وإِلا فما أَشبَهَ الكلمة أَن تكون
بالقاف من النَّقْعِ وهو الرَّيُّ. والنَّفْعةُ: العَصا، وهي فَعْلةٌ من
النَّفْعِ. وأَنْفَعَ الرجلُ إِذا تَجِرَ في النَّفعاتِ، وهي العِصِيُّ.
ونافِــعٌ ونَفّاعٌ ونُفَيْعٌ: أَسماء؛ قال ابن الأَعرابي: نُفَيْعٌ شاعر
من تَمِيم، فإِما أَن يكون تَصْغِيرَ نَفْع وإِما أَن يكون تصغير نافِــعٍ
أَو نَفّاعٍ بعد الترخيم.
لا: الليث: لا حَرْفٌ يُنْفَى به ويُجْحَد به، وقد تجيء زائدة مع اليمين
كقولك لا أُقْسِمُ بالله. قال أَبو إِسحق في قول الله عز وجل: لا
أُقْسِمُ بيومِ القيامة، وأَشْكالِها في القرآن: لا اختلاف بين الناس أَن
معناه أُقْسِمُ بيوم القيامة، واختلفوا في تفسير لا فقال بعضهم لا لَغْوٌ،
وإِن كانت في أَوَّل السُّورة، لأَن القرآن كله كالسورة الواحدة لأَنه متصل
بعضه ببعض؛ وقال الفرّاء: لا ردٌّ لكلام تقدَّم كأَنه قيل ليس الأَمر
كما ذكرتم؛ قال الفراء: وكان كثير من النحويين يقولون لا صِلةٌ، قال: ولا
يبتدأُ بجحد ثم يجعل صلة يراد به الطرح، لأَنَّ هذا لو جاز لم يُعْرف خَبر
فيه جَحْد من خبر لا جَحْد فيه، ولكن القرآن العزيز نزل بالردّ على
الذين أَنْكَروا البَعْثَ والجنةَ والنار، فجاء الإِقْسامُ بالردّ عليهم في
كثير من الكلام المُبْتدإ منه وغير المبتدإ كقولك في الكلام لا واللهِ لا
أَفعل ذلك، جعلوا لا، وإِن رأَيتَها مُبتدأَةً، ردًّا لكلامٍ قد مَضَى،
فلو أُلْغِيَتْ لا مِمّا يُنْوَى به الجوابُ لم يكن بين اليمين التي تكون
جواباً واليمين التي تستأْنف فرق. وقال الليث: العرب تَطرح لا وهي
مَنْوِيّة كقولك واللهِ أضْرِبُكَ، تُريد والله لا أَضْرِبُكَ؛ وأَنشد:
وآلَيْتُ آسَى على هالِكِ،
وأَسْأَلُ نائحةً ما لَها
أَراد: لا آسَى ولا أَسأَلُ. قال أَبو منصور: وأَفادَنِي المُنْذري عن
اليزِيدي عن أَبي زيد في قول الله عز وجل: يُبَيِّن اللهُ لكم أَن
تَضِلُّوا؛ قال: مَخافَة أَن تَضِلُّوا وحِذارَ أَن تَضِلوا، ولو كان يُبَيّنُ
الله لكم أَنْ لا تَضِلوا لكان صواباً، قال أَبو منصور: وكذلك أَنْ لا
تَضِلَّ وأَنْ تَضِلَّ بمعنى واحد. قال: ومما جاء في القرآن العزيز مِن هذا
قوله عز وجل: إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السمواتِ والأَرضَ أَنْ تَزُولا؛ يريد
أَن لا تزولا، وكذلك قوله عز وجل: أَن تَحْبَطَ أَعمالُكم وأَنتم لا
تَشْعُرون؛ أَي أَن لا تَحْبَطَ، وقوله تعالى: أَن تقولوا إِنما أُنْزِلَ
الكتابُ على طائفَتَيْنِ مِن قَبْلنا؛ معناه أَن لا تقولوا، قال: وقولك
أَسأَلُك بالله أَنْ لا تقولَه وأَنْ تَقُولَه، فأَمَّا أَنْ لا تقولَه
فجاءَت لا لأَنك لم تُرد أَن يَقُوله، وقولك أَسأَلك بالله أَن تقوله سأَلتك
هذا فيها معنى النَّهْي، أَلا ترى أَنك تقول في الكلام والله أَقول ذلك
أَبداً، والله لا أَقول ذلك أَبداً؟ لا ههنا طَرْحُها وإِدْخالُها سواء
وذلك أَن الكلام له إِباء وإِنْعامٌ، فإِذا كان من الكلام ما يجيء من باب
الإِنعام موافقاً للإٍباء كان سَواء وما لم يكن لم يكن، أَلا ترى أَنك
تقول آتِيكَ غَداً وأَقومُ معك فلا يكون إِلا على معنى الإِنعام؟ فإذا قلت
واللهِ أَقولُ ذلك على معنى واللهِ لا أَقول ذلك صَلَحَ، وذلك لأَنَّ
الإِنْعام واللهِ لأَقُولَنَّه واللهِ لأَذْهَبَنَّ معك لا يكون واللهِ أَذهب
معك وأَنت تريد أَن تفعل، قال: واعلم أَنَّ لا لا تكون صِلةً إِلاَّ في
معنى الإِباء ولا تكون في معنى الإِنعام. التهذيب: قال الفراء والعرب
تجعل لا صلة إِذا اتصلت بجَحْدٍ قبلَها؛ قال الشاعر:
ما كانَ يَرْضَى رسولُ اللهِ دِيْنَهُمُ،
والأَطْيَبانِ أَبو بَكْرٍ ولا عُمَر
أَرادَ: والطَّيِّبانِ أَبو بكر وعمر. وقال في قوله تعالى: لِئلاَّ
يَعْلَمَ أَهْلُ الكتابِ أَنْ لا يَقْدِرُونَ على شيء من فَضْلِ اللهِ؛ قال:
العرب تقول لا صِلةً في كلّ كلام دخَل في أَوَّله جَحْدٌ أَو في آخره جحد
غير مُصرَّح، فهذا مما دخَل آخِرَه الجَحْدُ فجُعلت لا في أَوَّله
صِلةً، قال: وأَما الجَحْدُ السابق الذي لم يصرَّحْ به فقولك ما مَنَعَكَ أَن
لا تَسْجُد، وقوله: وما يُشْعِرُكُمْ أَنها إِذا جاءت لا يُؤْمِنون،
وقوله عز وجل: وحَرامٌ على قَرْيةٍ أَهْلَكْناها أَنهم لا يَرْجِعُون؛ وفي
الحَرام معنى جَحْدٍ ومَنْعٍ، وفي قوله وما يُشْعركم مثله، فلذلك جُعِلت لا
بعده صِلةً معناها السُّقوط من الكلام، قال: وقد قال بعضُ مَن لا يَعرف
العربية، قال: وأُراه عَرْضَ بأَبِي عُبيدة، إِن معنى غير في قول الله عز
وجل: غير المغضوب عليهم، معنى سِوَى وإِنَّ لا صلةٌ في الكلام؛ واحتج
بقوله:
في بئْرِ لا حُورٍ سرى وما شَعَرْ
بإِفْكِه، حَتَّى رَأَى الصُّبْحَ جَشَرْ
قال: وهذا جائز لأَن المعنى وقَعَ فيما لا يتبيَّنْ فيه عَمَلَه، فهو
جَحْدُ محض لأَنه أَراد في بئرِ ما لا يُحِيرُ عليه شيئاً، كأَنك قلت إِلى
غير رُشْد توجَّه وما يَدْرِي. وقال الفراء: معنى غير في قوله غير
المغضوب معنى لا، ولذلك زِدْتَ عليها لا كما تقول فلان غيرُ مُحْسِنٍ ولا
مُجْمِلٍ، فإِذا كانت غير بمعنى سِوَى لم يجز أَن تَكُرّ عليه، أَلا ترَى أَنه
لا يجوز أَن تقول عندي سِوَى عبدِ الله ولا زيدٍ؟ وروي عن ثعلب أَنه سمع
ابن الأَعرابي قال في قوله:
في بئر لا حُورٍ سرى وما شَعَر
أَراد: حُؤُورٍ أَي رُجُوع، المعنى أَنه وقع في بئرِ هَلَكةٍ لا رُجُوعَ
فيها وما شَعَرَ بذلك كقولك وَقع في هَلَكَةٍ وما شَعَرَ بذلك، قال:
ويجيء لا بمعنى غير؛ قال الله عز وجل: وقِفُوهُمْ إِنَّهم مسؤُولون ما لكم
لا تَناصَرُون؛ في موضع نصب على الحال، المعنى ما لكم غيرَ مُتناصِرين؛
قاله الزجاج؛ وقال أَبو عبيد: أَنشد الأَصمعي لساعدة الهذلي:
أَفَعَنْك لا بَرْقٌ كأَنَّ وَمِيضَه
غابٌ تَسَنَّمه ضِرامٌ مُثْقَبُ
قال: يريد أَمِنك بَرْقٌ، ولا صلة. قال أَبو منصور: وهذا يخالف ما قاله
الفراء إِن لا لا تكون صلة إِلا مع حرف نفي تقدَّمه؛ وأَنشد الباهلي
للشماخ:
إِذا ما أَدْلَجْتْ وضَعَتْ يَداها،
لَها الإِدْلاج لَيْلَه لا هُجُوعِ
أَي عَمِلَتْ يَداها عَمَلَ الليلةِ التي لا يُهْجَعُ فيها، يعني الناقة
ونَفَى بلا الهُجُوعَ ولم يُعْمِلْ، وترك هُجُوع مجروراً على ما كان
عليه من الإِضافة؛ قال: ومثله قول رؤبة:
لقد عرَفْتُ حِينَ لا اعْتِرافِ
نَفى بلا وترَكَه مجروراً؛ ومثله:
أَمْسَى بِبَلْدَةِ لا عَمٍّ ولا خال
وقال المبرد في قوله عز وجل: غَيْرِ المَغْضوبِ عليهم ولا الضالِّين؛
إِنما جاز أَن تقع لا في قوله ولا الضَّالين لأَن معنى غير متضمن معنى
النَّفْي، والنحويون يُجيزون أَنتَ زيداً غَيْرُ ضارِبٍ لأَنه في معنى قولك
أَنتَ زيداً لا ضارِبٌ، ولا يجيزون أَنت زيداً مِثْلُ ضارِب لأَن زيداً من
صلة ضارِبٍ فلا تتقدَّم عليه، قال: فجاءت لا تُشَدِّد من هذا النفي الذي
تضمنه غيرُ لأَنها تُقارِبُ الداخلة، أَلا ترى أَنك تقول جاءَني زيد
وعمرو، فيقول السامع ما جاءَك زيد وعَمرو؟ فجائز أَن يكون جاءَه أَحدُهما،
فإِذا قال ما جاءَني زيد ولا عمرو فقد تَبَيَّن أَنه لم يأْت واحد منهما.
وقوله تعالى: ولا تَسْتَوي الحَسَنةُ ولا السَّيِّئةُ؛ يقارب ما ذكرناه
وإِن لم يَكُنْه. غيره: لا حرفُ جَحْد وأَصل ألفها ياء، عند قطرب، حكاية
عن بعضهم أَنه قال لا أَفعل ذلك فأَمال لا. الجوهري: لا حرف نفي لقولك
يَفْعَل ولم يقع الفعل، إِذا قال هو يَفْعَلُ غَداً قلت لا يَفْعَلُ غداً،
وقد يكون ضدّاً لبَلَى ونَعَمْ، وقد يكون للنَّهْي كقولك لا تَقُمْ ولا
يَقُمْ زيد، يُنهى به كلُّ مَنْهِيٍّ من غائب وحاضِر، وقد يكون لَغْواً؛
قال العجاج:
في بِئرِ لا حُورٍ سَرَى وما شَعَرْ
وفي التنزيل العزيز: ما مَنَعَك أَن لا تَسْجُد؛ أَي ما منعك أَن
تسْجُد، وقد يكون حرفَ عطف لإِخراج الثاني مما دخل فيه الأَول كقولك رأَيت
زيداً لا عَمراً، فإَن أَدْخَلْتَ عليها الواو خَرَجَتْ من أَن تكون حَرْفَ
عطفٍ كقولك لم يقم زيد ولا عمرو، لأَن حُروف النسق لا يَدخل بعضُها على
بعض، فتكون الواو للعطف ولا إِنما هي لتأْكيد النفي؛ وقد تُزاد فيها التاء
فيقال لاتَ؛ قال أَبو زبيد:
طَلَبُوا صُلْحَنا ولاتَ أَوانٍ
وإِذا استقبلها الأَلف واللام ذهبت أَلفه كما قال:
أَبَى جُودُه لا البُخْلَ، واستَعْجلتْ نَعَمْ
بهِ مِنْ فَتًى، لا يَمْنَعُ الجُوعَ قاتِلَهْ
قال: وذكر يونس أَن أَبا عمرو بن العلاء كان يجرّ البُخل ويجعل لا
مُضافة إِليه لأَنَّ لا قد تكون للجُود والبُخْلِ، أَلا ترى أَنه لو قيل له
امْنَعِ الحَقَّ فقال لا كان جُوداً منه؟ فأَمَّا إِنْ جَعَلْتَها لغواً
نصَبْتَ البُخل بالفعل وإِن شئت نصَبْتَه على البدل؛ قال أَبو عمرو: أَراد
أَبَى جُودُه لا التي تُبَخِّلُ الإِنسان كأَنه إِذا قيل له لا تُسْرِفُ
ولا تُبَذِّرْ أَبَى جُوده قولَ لا هذه، واستعجلت نعم فقال نَغَم
أَفْعلُ ولا أَترك الجُودَ؛ قال: حكى ذلك الزجاج لأَبي عمرو ثم قال: وفيه قولان
آخران على رواية مَن روى أَبَى جُودُه لا البُخْل: أَحدهما معناه أَبَى
جُوده البُخْلَ وتَجعل لا صِلةً كقوله تعالى: ما منَعك أَن لا تَسْجُدَ،
ومعناه ما منعكَ أَن تسجُدَ، قال: والقول الثاني وهو حَسَن، قال: أرى أَن
يكون لا غيرَ لَغْوٍ وأَن يكون البُخل منصوباً بدلاً من لا، المعنى: أبي
جُودُه لا التي هي للبُخْل، فكأَنك قلت أَبَى جُوده البُخْلَ وعَجَّلَتْ
به نَعَمْ. قال ابن بري في معنى البيت: أَي لا يَمْنَعُ الجُوعَ
الطُّعْمَ الذي يَقْتُله؛ قال: ومن خفض البُخْلَ فعلى الإِضافةِ، ومَن نصب
جَعَله نعتاً للا، ولا في البيت اسمٌ، وهو مفعول لأَبَى، وإِنما أَضاف لا إِلى
البُخل لأَنَّ لا قد تكون للجُود كقول القائل: أَتَمْنَعُني من عَطائك،
فيقول المسؤول: لا، ولا هنا جُودٌ. قال: وقوله وإِن شئت نصبته على البدل،
قال: يعني البخل تنصبه على البدل من لا لأَن لا هي البُخل في المعنى،
فلا يكون لَغْواً على هذا القول.
لا التي تكون للتبرئة: النحويون يجعلون لها وجوهاً في نصب المُفرد
والمُكَرَّر وتنوين ما يُنوَّنُ وما لا يُنوَّن، والاخْتِيارُ عند جميعهم
أَن يُنصَب بها ما لا تُعادُ فيه كقوله عز وجل: أَلم ذلك الكتابُ لا
رَيْبَ فيه؛ أَجمع القراء على نصبه. وقال ابن بُزرْج: لا صلاةَ لا رُكُوعَ
فيها، جاء بالتبرئة مرتين، وإِذا أَعَدْتَ لا كقوله لابَيْعَ لا بَيْعَ فيه
ولا خُلَّة ولا شفاعة فأَنتَ بالخيار، إِن شئت نصبت بلا تنوين، وإِن شئت
رَفَعْتَ ونوَّنْتَ، وفيها لُغاتٌ كثيرة سوى ما ذكرتُ جائزةٌ عندهم.
وقال الليث: تقول هذه لاء مَكْتوبةٌ فتَمُدُّها لتَتِمَّ الكلمة اسماً، ولو
صغرت لقلت هذه لُوَيَّةٌ مكتوبة إِذا كانت صغيرة الكِتْبة غيرَ جَليلةٍ.
وحكى ثعلب: لَوَّيْت لاء حَسَنَةً عَمِلْتها، ومدَّ لا لأَنه قد صيَّرَها
اسماً، والاسمُ لا يكون على حرفين وَضْعاً، واخْتارَ الأَلف من بين حروف
المَدِّ واللين لمكان الفَتْحة، قال: وإِذا نسبت إِليها قلت لَوَوِيٌّ
(* قوله« لووي إلخ» كذا في الأصل وتأمله مع قول ابن مالك:
وضاعف الثاني من ثنائي * ثانيه ذو لين كلا ولائي)
وقصِيدةٌ لَوَوِيَّةٌ: قافِيَتُها لا. وأَما قول الله عز وجل: فلا
اقْتَحَمَ العَقَبةَ، فلا بمعنى فَلَمْ كأَنه قال فلم يَقْتَحِمِ العَقَبةَ،
ومثله: فلا صَدَّقَ ولا صَلَّى، إِلاَّ أَنَّ لا بهذا المعنى إِذا
كُرِّرَتْ أَسْوَغُ وأَفْصَحُ منها إِذا لم تُكَرَّرْ؛ وقد قال الشاعر:
إِنْ تَغْفِرِ اللهمَّ تَغْفِرْ جَمَّا،
وأَيُّ عَبْدٍ لَكَ لا أَلَمَّا؟
وقال بعضهم في قوله: فلا اقْتَحَمَ العَقَبةَ؛ معناها فما، وقيل:
فَهَلاَّ، وقال الزجاج: المعنى فلم يَقْتَحِم العقبةَ كما قال فلا صَدَّق ولا
صَلَّى ولم يذكر لا ههنا إِلاَّ مرة واحدة، وقلَّما تتَكَلَّم العرب في
مثل هذا المكان إِلاَّ بلا مَرَّتَيْنِ أَو أَكثر، لا تكاد تقول لا
جِئْتَني تُريد ما جِئْتَني ولا نري صلح
(*قوله «نري صلح» كذا في الأصل بلا نقط
مرموزاً له في الهامش بعلامة وقفة.) والمعنى في فلا اقْتَحَمَ موجود لأَن
لا ثابتة كلها في الكلام، لأَن قوله ثم كان من الذين آمنوا يَدُلُّ على
معنى فلا اقْتَحَمَ ولا آمَنَ، قال: ونحوَ ذلك قال الفراء، قال الليث:
وقد يُرْدَفُ أَلا بِلا فيقال أَلا لا؛ وأَنشد: فقامَ
يَذُودُ الناسَ عنها بسَيْفِه
وقال: أَلا لا من سَبيلٍ إِلى هِنْدِ
ويقال للرجل: هل كان كذا وكذا؟ فيقال: أَلا لا ؛ جَعَلَ أَلا تَنْبيهاً
ولا نفياً. وقال الليث في لي قال: هما حَرْفانِ مُتباينان قُرِنا
واللامُ لامُ الملكِ والياء ياء الإضافة؛ وأَما قول الكميت:
كَلا وكَذا تَغْمِيضةً ثمَّ هِجْتُمُ
لَدى حين أَنْ كانُوا إِلى النَّوْمِ، أَفْقَرا
فيقول: كانَ نَوْمُهم في القِلَّةِ كقول القائل لا وذا، والعرب إِذا
أَرادوا تَقْلِيل مُدَّة فِعْلٍ أَو ظهور شيء خَفِيَ قالوا كان فِعْلُه
كَلا، وربما كَرَّروا فقالوا كلا ولا؛ ومن ذلك قول ذي الرمة:
أَصابَ خَصاصةً فبَدا كَليلاً
كلا، وانْغَلَّ سائرُه انْغِلالا
وقال آخر:
يكونُ نُزولُ القَوْمِ فيها كَلا ولا
نفح: نَفَح الطِّيبُ يَنْفَحُ نَفْحاً ونُفُوحاً: أَرِجَ وفاحَ، وقل:
النَّفْحةُ دُفْعَةُ الريح، طَيِّبَةً كانت أَو خبيثة؛ وله نَفْحة طيبة
ونَفْحة خبيثة. وفي الصحاح: وله نَفْحة طيبة. ونَفَحَتِ الريحُ: هَبَّت. وفي
الحديث: إِن لربكم في أَيام دهركم نَفَحاتٍ، أَلا فَتَعَرَّضُوا لها.
وفي حديث آخر: تَعَرَّضُوا لنَفَحاتِ رحمة الله. وريحٌ نَفُوحٌ: هَبُوبٌ
شديدة الدفع؛ قال أَبو ذؤيب:
ولا مُتَحَيِّرٌ باتتْ عليه،
ببَلْقَعَةٍ، شَآميةٌ نَفُوحُ
ونَفَحَتِ الدابة تَنْفَح نَفْحاً وهي نَفُوحٌ: رَمحتْ برجلها ورمت بحدّ
حافرها ودَفَعَتْ؛ وقيل: النَّفْحُ بالرِّجل الواحدة والرَّمْحُ
بالرجلين معاً. الجوهري: نَفَحَتِ الناقةُ ضربت برجلها. وفي حديث شُرَيْح: أَنه
أَبطل النَّفْحَ؛ أَراد نَفْحَ الدابة برجلها وهو رَفْسُها، كان لا
يُلْزِم صاحبَها شيئاً.
وقوسٌ نَفُوحٌ: شديدة الدفع والحفز للسهم، حكاه أَبو حنيفة، وقيل: بعيدة
الدفع للسهم.
التهذيب: ويقال للقوس النَّفِيحةُ وهي المِنفَحة؛ ابن السكيت:
النَّفِيحةُ للقوس وهي شَطِيبَةٌ من نَبْع؛ وقال مُلَيحٌ الهذلي:
أَناخُوا مُعِيداتِ الوَجيفِ كأَنها
نَفائِحُ نَبْعٍ، لم تَرَبَّعْ، ذَوابِلُ
والنَّفائحُ: القِسِيُّ، واحدتها نَفيحة.
ونَفَحة بشيء أَي أَعطاه. ونَفَحه بالمال نَفْحاً: أَعطاه. وفي الحديث:
المُكْثِرونَ هم المُقِلُّون إِلاَّ من نَفَح فيه يمينَه وشمالَه أَي ضرب
يديه فيه بالعطاء. النَّفْحُ: الضربُ والرمي؛ ومنه حديث أَسماء: قال لي
رسول الله، صلى الله عليه وسلم: أَنْفِقي وانْضَحي وانْفَحِي ولا تُحْصِي
فيُحْصِيَ اللهُ عليكِ.
ولا يزال لفلان من المعروف نَفَحاتٌ أَي دَفعاتٌ؛ قال الشاعر:
لما أَتَيْتُكَ أَرْجو فَضْلَ نائِلِكم،
نَفَحْتَني نَفْحَةً، طابتْ لها العَرَبُ
أَي طابتْ لها النفس؛ قال ابن بري: هذا البيت للرَّمَّاحِ بن مَيَّادة
واسم أَبيه أَبْرَدُ المُرِّيُّ وميادة اسم أُمه، ومدح بهذا البيت الوليد
بن يزيد بن عبد الملك، وقبله:
إِلى الوليدِ أَبي العباسِ ما عَمِلَتْ،
ودونَها المُعْطُ، من تُبانَ، والكُثُبُ
الكُثُبُ: جمع كثيب. والعَرب: جمع عَرَبة وهي النفس. والمُعْطُ: اسم
موضع
(* قوله «والمعط اسم موضع إلخ» أَما تبان، بضم المثناة وتخفيف الموحدة،
فموضع كما قال ونص عليه المجد وياقوت. وأَما المعط فلم نر فيما بيدنا من
الكتب أَنه اسم موضع، بل هو اما جمع أمعط أو معطاء، رمال معط، وأَرضون
معط: لا نبات فيهما كما نص عليه المجد وغيره والمعنى في البيت صحيح على
ذلك فتأمل.)، وكذلك تُبانُ. قال ابن بري: وقول الجوهري طابت لها العرب أَي
طابت لها النفس ليس بصحيح، وصوابه أَن يقول طابت لها النفوس إِلا أَن
يجعل النفس جنساً لا يخص واحداً بعينه؛ ويروى البيت:
لما أَتَيْتُك من نَجْدٍ وساكِنه
الصحاح: ونَفْحَةٌ من العذاب قطعة منه. ابن سيده: ونَفْحَةُ العذاب
دفعةٌ منه.
وقال الزجاج: النَّفحُ كاللفح إِلا أَن النَّفْحَ أَعظم تأْثيراً من
اللَّفْح. ابن الأَعرابي: اللَّفْحُ لكل حار والنَّفحُ لكل بارد؛ وأَنشد
أَبو العالية:
ما أَنتِ يا بَغْدادُ إِلا سَلْحُ،
إِذا يَهُبُّ مَطَرٌ أَو نَفْحُ،
وإِن جَفَفْتِ، فترابٌ بَرْحُ
والنَّفْحةُ: ما أَصابك من دُفْعَة البرد. الجوهري: ما كان من الرياح
نَفْحٌ فهو بَرْدٌ، وما كان لَفْحٌ فهو حر؛ وقول أَبي ذؤيب:
ولا مُتَحَيِّرٌ باتتْ عليه
ببَلْقَعةٍ يمانِيةٌ نَفُوحُ
يعني الجَنُوب تَنْفَحُه ببردها، قال ابن بري: متحيِّر يريد ماء كثيراً
قد تحير لكثرته ولا مَنْفَذ له؛ يصف طيب فم محبوبته وشبهه بخمر مُزِجَتْ
بماء؛ وبعده:
بأَطْيَبَ من مُقَبَّلِها إِذا ما
دَنا العَيُّوقُ، واكْتَتَم النُّبُوحُ
قال: والنُّبوح ضَجَّة الحي وأَصوات الكلاب. الليث عن أَبي الهيثم: أَنه
قال في قول الله عز وجل: ولئن مَسَّتْهم نَفْحةٌ من عذاب ربك؛ يقال:
أَصابتنا نَفْحةٌ من الصَّبا أَي رَوْحةٌ وطِيبٌ لا غَمَّ فيه. وأَصابتنا
نَفْحةٌ من سَمُوم أَي حَرٌّ وغَمٌّ وكَرْبٌ؛ وأَنشد في طِيب الصَّبا:
إِذا نَفَحَتْ من عن يَمينِ المَشارِقِ
ونَفَحَ الطِّيبُ إِذا فاحَ ريحه؛ وقال جِرانُ العَوْدِ يذكر امرأَته:
لقد عالجَتْني بالقَبيح، وثوبُها
جَديدٌ، ومن أَرْدانها المِسكُ يَنفَحُ
أَي يَفوحُ طِيبُه فجعل النَّفْحَ مَرَّة أَشدَّ العذاب لقول الله عز
وجل: ولئن مستهم نفحةٌ من عذاب ربك؛ وجعله مرةً رِيحَ مِسْكٍ؛ قال
الأَصمعي: ما كان من الريح سَمُوماً فله لَفْحٌ، باللام، وما كان بارداً فله
نَفْحٌ، رواه أَبو عبيد عنه. وطَعْنة نَفَّاحة: دَفَّاعة بالدم، وقد نَفَحتْ
به.
التهذيب: طعنة نَفُوحٌ يَنْفَحُ دَمُها سريعاً. وفي الحديث: أَوّلُ
نَفْحةٍ من دَمِ الشهيدِ؛ قال خالد ابن جَنْبة: نَفْحةُ الدم أَوّل فَوْرة
تَفور منه ودُفْعةٍ؛ قال الراعي:
يَرْجُو سِجالاً من المعروفِ يَنْفَحُها
لسائليه، فلا مَنٌّ ولا حَسَدُ
أَبو زيد: من الضُّروع النَّفُوحُ، وهي التي لا تَحْبِسُ لَبَنَها.
والنَّفُوح من النوق: التي يخرج لبنها من غير حلب.
ونَفَح العِرْقُ يَنْفَح نَفْحاً إِذا نزا منه الدم.
التهذيب: ابن الأَعرابي: النَّفْحُ الذَّبُّ عن الرجل؛ يقال: هو
يُــنافِــحُ عن فلان؛ قال وقال غيره: هو يُناضِحُ. ونافَــحْتُ عن فلان: خاصَمْتُ
عنه. ونافَــحُوهم: كافَحوهم. وفي الحديث: إِن جبريل مع حَسَّان ما نافَــحَ عني
أَي دافع؛ والمُــنافَــحة والمُكافَحة: المُدافعة والمُضاربة. ونَفَحْتُ
الرجلَ بالسيف: تناولته به؛ يريد بمــنافــحته هجاء المشركين ومجاوبتهم على
أَشعارهم. وفي حديث علي، رضي الله عنه، في صِفِّين: نافِــحوا بالظُّبى أَي
قاتلوا بالسيوف، وأَصله أَن يَقرُبَ أَحد المقاتلين من الآخر بحيث يصل
نَفْحُ كل واحد منهما إِلى صاحبه، وهي ريحه ونَفَسُه.
ونَفْحُ الريح: هُبوبها.
ونَفَحه بالسيف: تناوله من بعيد شَزْراً. وفي الحديث: رأَيت كأَنه وضع
في يَدَيَّ سِوارانِ من ذهب فأُوحِيَ إِليَّ أَنِ انْفُخْهما أَي ارْمِهما
وأَلقهما كما تَنْفُخ الشيءَ إِذا دفعته عنك؛ قال ابن الأَثير: وإِن
كانت بالحاء المهملة، فهو من نَفَحْتُ الشيء إِذا رميته؛ ونَفَحَتِ الدابةُ
برجلها.
التهذيب: والله تعالى هو النَّفَّاحُ المُنْعِمُ على عباده؛ قال
الأَزهري: لم أَسمع النَّفَّاح في صفات الله عز وجل، التي جاءت في القرآن
والسُّنة، ولا يجوز عند أَهل العلم أَن يوصف الله تعالى بما ليس في كتابه، ولم
يبينها على لسان نبيه، صلى الله عليه وسلم؛ وإِذا قيل للرجل: إِنه
نَفَّاح فمعاه الكثير العطايا.
والنَّفِيحُ والنِّفِّيحُ؛ الأَخيرة عن كراع، والمِنْفَحُ والمِعَنُّ:
كلُّه الداخل على القوم، وفي التهذيب: مع القوم وليس شأْنُه شأْنهم؛ وقال
ابن الأَعرابي: النَّفِيح الذي يجيء أَجنبيّاً فيدخل بين القوم ويُسْمِلُ
بينهم ويُصْلِح أَمرهم. قال الأَزهري: هكذا جاء عن ابن الأَعرابي في هذا
الموضع: النَّفِيح، بالحاء، وقال في موضع آخر: النَّفِيجُ، بالجيم، الذي
يعترض بين القوم لا يصلح ولا يفسد. قال: هذا قول ثعلب. ونَفَحَ
جُمَّتَه: رَجَّلَها.
والإِنفَحة، بكسر الهمزة وفتح الفاء مخففة: كَرِشُ الحَمَل أَو الجَدْي
ما لم يأْكل، فإِذا أَكلَ، فهو كرش، وكذلك المِنْفَحة، بكسر الميم؛ قال
الراجز:
كم قد أَكلْتُ كَبِداً وإِنْفَحَه،
ثم ادَّخَرْتُ أَلْيَةً مُشَرَّحه
الأَزهري عن الليث: الإِنْفَحة لا تكون إِلاَّ لذي كرش، وهو شيء يتخرج
من بطن ذيه، أَصفرُ يُعْصَرُ في صوفة مبتلة في اللبن فيَغْلُظُ كالجُبْنِ؛
ابن السكيت: هي إِنْفَحَة الجَدْي وإِنْفَحَّته، وهي اللغة الجيدة ولم
يذكرها الجوهري بالتشديد، ولا تقل أَنْفَحَة؛ قال: وحضرني أَعرابيان
فصيحان من بني كلاب، فقال أَحدهما: لا أَقول إِلاَّ إِنْفَحَة، وقال الآخر: لا
أَقول إِلا مِنْفَحة، ثم افترقا على أَن يسأَلا عنهما أَشياخ بني كلاب،
فاتفقت جماعة على قول ذا وجماعة على قول ذا فهما لغتان. قال ابن
الأَعرابي: ويقال مِنْفَحة وبِنْفَحة. قال أَبو الهيثم: الجَفْرُ من أَولاد
الضأْن والمَعَزِ ما قد اسْتَكْرَشَ وفُطِمَ بعد خمسين يوماً من الولادة
وشهرين أَي صارت إِنْفَحَتُه كَرِشاً حين رَعَى النبت، وإِنما تكون إِنْفَحة
ما دامت تَرْضَعُ. ابن سيده: وإِنْفَحة الجَدْي وإِنْفِحَتَه
وإِنْفَحَّتُه ومِنْفَحَتُه شيءٌ يخرج من بطنه أَصفر يعصر في صوفة مبتلة في اللبن
فيغلظ كالحُبْن، والجمع أَــنافِــحُ: قال الشَّمَّاخُ:
وإِنَّا لمن قومٍ على أَن ذَمَمْتهم،
إِذا أَولَمُوا لم يُولِمُوا بالأَــنافِــحِ
وجاءت الإِبل كأَنها الإِنْفَحَّة إِذا بالغوا في امتلائها وارتوائها،
حكاها ابن الأَعرابي.
ونَفَّاحُ المرأَة: زوجها؛ يمانية عن كراع.
نفي: نفَى الشيءُ يَنْفِي نَفْياً: تنَحَّى، ونفَيْتُه أنا نَفْياً؛ قال
الأَزهري: ومن هذا يقال نَفَى شَعَرُ فلان يَنْفي إِذا ثارَ واشْعانَّ؛
ومنه قول محمد بن كعب القُرَظي لعُمر بن عبد العزيز حين اسْتُخْلِفَ فرآه
شَعِثاً فأَدام النظر إِليه فقال له عمر: ما لَك تُديمُ النظر إِليَّ؟
فقال: أَنْظُرُ إِلى ما نَفى من شَعَرك وحالَ من لونِك؛ ومعنى نَفى ههنا
أَي ثارَ وذهب وشَعِثَ وتساقط، وكان رآه قبل ذلك ناعماً فَيْنانَ الشَّعَر
فرآه متغيراً عما كان عَهِده، فتعجب منه وأَدام النظر إِليه، وكان عمر
قبل الخلافة مُنَعَّماً مُتْرَفاً، فلما اسْتُخْلِف تَشَعَّث وتَقَشَّف.
وانْتَفى شعرُ الإِنسان ونَفى إِذا تساقط. والسَّيْل يَنْفي الغُثاء:
يحمله ويدفعه؛ قال أَبو ذؤيب يصف يراعاً:
سَبيّ مِنْ أَباءَتِهِ نَفاهُ
أَتيٌّ مَدَّهُ صُحَرٌ ولُوبُ
(* قوله« من اباءته» تقدم في مادة صحر: من يراعته، وفسرها هناك.)
ونَفَيانُ السَّيْلِ: ما فاض من مجتمعه كأَنه يجتمع في الأَنهار
الإِخاذاتُ ثم يَفِيضُ إِذا ملأَها، فذلك نَفَيانُه. ونَفى الرجلُ عن الأَرض
ونَفَيْتُه عنها: طردته فانْتَفى؛ قال القُطامي:
فأَصْبح جاراكُمْ قَتِيلاً ونافِــياً
أَصَمَّ فزادوا، في مَسامِعِه، وَقْرا
أَي مُنْتَفِياً. ونَفَوْته: لغة في نَفَيْته. يقال: نَفَيْت الرجلَ
وغيرَه أَنْفِيه نَفْياً إِذا طردته. قال الله تعالى: أَو يُنْفَوْا من
الأَرض؛ قال بعضهم: معناه مَن قَتَله فدَمُه هَدَرٌ أَي لا يطالَب قاتله
بدمه، وقيل: أَو يُنْفَوْا من الأَرض يُقاتَلون حَيْثُما تَوَجَّهوا منها
لأَنه كونٌ، وقيل: نَفْيُهم إِذا لم يَقْتلوا ولم يأْخذوا مالاً أَن
يُخَلَّدوا في السجن إِلا أَن يتوبوا قبل أَن يُقْدَر عليهم. ونَفْيُ الزاني
الذي لم يُحْصِنْ: أَن يُنْفى من بلده الذي هو به إِلى بلد آخر سَنَةً، وهو
التغريب الذي جاء في الحديث. ونَفْيُ المُخَنَّث: أَن لا يُقَرّ في مدن
المسلمين؛ أَمَرَ النبيُّ،صلى الله عليه وسلم، بنَفْي هِيتٍ وماتعٍ وهما
مُخَنَّثان كانا بالمدينة؛ وقال بعضهم: اسمه هِنْبٌ، بالنون، وإِنما سمي
هِنْباً لحمقه. وانْتَفى منه: تبرَّأَ. ونَفى الشيءَ نَفْياً: جَحَده.
ونَفى ابنَه: جحَده، وهو نَفِيٌّ منه، فَعِيل بمعنى مفعول. يقال: انْتَفى
فلان من ولده إِذا نَفاه عن أَن يكون له ولداً. وانْتَفى فلان من فلان
وانْتَفَل منه إِذا رَغِب عنه أَنَفاً واستِنْكافاً. ويقال: هذا يُــنافــي ذلك
وهما يَتَــنافَــيانِ. ونَفَتِ الريحُ التراب نَفْياً ونَفَياناً: أَطارته.
والنَّفِيُّ: ما نَفَتْه. وفي الحديث: المدينة كالكِيرِ تَنْفِي خَبَثَها
أَي تخرجه عنها، وهو من النَّفْي الإِبْعادِ عن البلد. يقال: نَفَيْته
أَنْفِيه نَفْياً إِذا أَخرجته من البلد وطردته.ونَفِيُّ القِدْرِ: ما
جَفَأَتْ به عند الغَلْي. الليث: نَفِيُّ الريح ما نَفَى من التراب من أُصول
الحيطان ونحوه، وكذلك نَفِيُّ المطر ونَفِيُّ القِدْر. الجوهري: نَفِيُّ
الريح ما تَنْفي في أُصول الشجر من التراب ونحوه، والنَّفَيان مثله،
ويُشَبّه به ما يَتَطَرَّف من معظم الجيش؛ وقالت العامرية:
وحَرْبٍ يَضِجُّ القومُ من نَفَيانِها،
ضَجِيجَ الجِمالِ الجِلَّةِ الدَّبِرات
ونَفَتِ السحابةُ الماءَ: مَجَّته، وهو النَّفَيان؛ قال سيبويه: هو
السحاب يَنْفي أَوَّلَ شيءٍ رَشًّا أَو بَرَداً، وقال: إِنما دعاهم للتحريك
أَنَّ بعدها ساكناً فحرَّكوا كما قالوا رَمَيَا وغَزَوَا، وكرهوا الحذف
مخافة الالتباس، فيصير كأَنه فَعَالٌ من غير بنات الواو والياء، وهذا
مُطَّرِد إِلا ما شذ. الأَزهري: ونَفَيانُ السحابِ ما نَفته السحابة من مائها
فأَسالته؛ وقال ساعدة الهذلي:
يَقْرُو به نَفَيانَ كلِّ عَشِيَّةٍ،
فالماءُ فوقَ مُتونِه يَتَصَبَّبُ
والنَّفْوةُ: الخَرْجة من بلد إِلى بلد. والطائر يَنْفِي بجناحيه
نَفَياناً كما تَنْفي السحابةُ الرَّشَّ والبَرَدَ. والنَّفَيانُ والنَّفِيُّ
والنَّثِيُّ: ما وقَع عن الرِّشاء من الماء على ظهر المُسْتَقي لأَن
الرِّشاء يَنْفيه، وقيل: هو تطايُر الماء عن الرِّشاء عند الاستقاء، وكذلك هو
من الطين. الجوهري: ونَفِيُّ المطر، على فَعِيل، ما تَنْفِيه وتَرُشُّه،
وكذلك ما تطاير من الرشاء على ظَهْر الماتح؛ قال الأَخيل:
كأَنَّ مَتَنَيْهِ من النَّفِيّ،
مِن طُولِ إِشْرافِي على الطَّويّ،
مَواقِعُ الطَّيْرِ على الصُّفِيّ
قال ابن سيده: كذا أَنشده أَبو عليّ، وأَنشده ابن دريد في الجمهرة:
كأَنَّ مَتْنَيَّ، قال: وهو الصحيح لقوله بعده:
من طول إِشرافي على الطويّ
وفسره ثعلب فقال: شَبَّه الماء وقد وقع على مَتْنِ المُسْتَقِي بذَرْقِ
الطائر على الصُّفِيّ؛ قال الأَزهري: هذا ساقٍ كان أَسْوَدَ الجِلْدة
واسْتَقَى من بئر مِلْحٍ، وكان يَبْيَضُّ نَفِيُّ الماء على ظهره إِذا ترشش
لأَنه كان مِلْحاً. ونَفِيُّ الماء: ما انْتَضَحَ منه إِذا نُزِع من
البئر. والنَّفِيُّ: ما نَفَتْه الحَوافِر من الحَصَى وغيره في السير.
وأَتاني نَفِيُّكم أَي وعيدكم الذي توعدونني.
ونُفايَةُ الشيءِ: بقيته وأَردؤه، وكذلك نُفاوته ونَفاته ونَفايَتُه
ونِفْوَته ونِفْيته ونَفِيُّه، وخص ابن الأَعرابي به رديء الطعام. قال ابن
سيده: وذكرنا النِّفْوة والنُّفاوة ههنا لأَنها معاقبة، إِذ ليس في الكلام
ن ف و وضعاً. والنُّفايةُ: المَنفِيُّ القليل مثل البُراية والنُّحاتة.
أَبو زيد: النِّفْية والنِّفْوة وهما الاسم لنَفِيِّ الشيء إِذا
نَفَيْته. الجوهري: والنِّفوة، بالكسر، والنِّفْية أَيضاً كل ما نَفَيْتَ.
والنُّفاية، بالضم: ما نَفَيْته من الشيء لرداءَته.
ابن شميل: يقال للدائرة التي في قصاص الشعر الــنَّافِــية، وقُصاصُ
الشَّعَرِ مُقدَّمه. ويقال: نَفَيتُ الشعر أَنْفِيه نَفْياً ونُفاية إِذا
رَدَدْتَه. والنَّفِيّة: شِبْه طَبَق من خوص يُنْفى به الطعام. والنَّفِيَّة
والنُّفْية: سُفرة مُدَوَّرَة تتخذ من خوص؛ الأَخيرة عن الهروي. ابن
الأَعرابي: النُّفية والنَّفِيّة شيء مُدوَّر يُسَفُّ من خصوص النخل، تسميها
الناس النَّبِيَّة وهي النَّفِيَّة. وفي الحديث عن زيد بن أَسلم قال:
أَرسلني أَبي إِلى ابنعمر، وكان لنا غنم، فجةئت ابن عمر فقلت: أَأَدخل وأَنا
أَعرابي نشأْت مع أَبي في البادية؟فكأَنه عرف صوتي فقال: ادخل، وقال: يا
ابن أَخي إِذا جئت فوقفت على الباب فقل السلام عليكم، فإِذا ردُّوا عليك
السلام فقل أَأَدخل؟ فإِن أَذِنوا وإِلا فارجع، فقلت: إِنَّ أَبي أَرسلني
إِليك تكتب إِلى عاملك بخيبر يصنع لنا نَفِيَّتَيْن نُشَرِّرُ عليهما
الأَقطَ، فأَمر قَيِّمة لنا بذلك، فبينا أَنا عنده خرج عبد الله بن واقد من
البيت إِلى الحُجْرة وإِذا عليه مِلحفة يَجُرُّها فقال: أَيْ بُنيَّ
ارفع ثوبك، فإِني سمعت النبي،صلى الله عليه وسلم ، يقول: لا ينظر الله إِلى
عبد يجرّ ثوبه من الخُيلاء، فقال: يا أَبتِ إِنما بي دماميل؛ قال أَبو
الهيثم: أَراد بِنَفِيَّتَين سُفْرتين من خوص؛ قال ابن الأَثير: يروى
نَفِيتَيْن، بوزن بعيرين، وإِنما هو نَفِيَّتَيْن، على وزن شَقِيَّتين،
واحدتهما نَفِيَّة كطَوِيَّة، وهي شيء يعمل من الخوص شِبه الطَّبَق عريض. وقال
الزمخشري: قال النضر النُّفْتة بوزن الظُّلْمة، وعوض الياء تاء فوقها
نقطتان؛ وقال غيره: هي بالياء وجمعها نُفًى كنُهْية ونُهًى، والكل شيء يعمل
من الخوص مدوَّر واسع كالسفرة. والنَّفيُّ، بغير هاء: تُرْسٌ يعمل من
خوص. وكلُّ ما رددته فقد نَفَيته.
ابن بري: والنُّفَأُ لُمَعٌ من البقل، واحدتُه نُفْأَةٌ؛ قال:
نُفَأٌ من القُرَّاصِ والزُّبّاد
وما جَرَّبْتُ عليه نُفْية في كلامه أَي سقَطةً وفضيحةً. ونَفَيْتُ
الدَّراهم: أَثَرْتُها للانتقاد؛ قال:
تَنْفِي يَداها الحَصَى في كلّ هاجِرةٍ،
نَفْيَ الدراهِمِ تَنْقادُ الصَّياريف
شمس: الشمس: معروفة. ولأَبْكِيَنَّك الشمسَ والقَمَر أَي ما كان ذلك.
نصبوه على الظرف أَي طلوعَ الشمس والقمر كقوله:
الشمسُ طالعةٌ، ليسَتْ بكاسِفَةٍ،
تَبْكِي عليكَ، نُجومَ الليلِ والقَمَرا
والجمع شُموسٌ، كأَنهم جعلوا كل ناحية منها شمساً كما قالوا للمَفْرِق
مَفارِق؛ قال الأَشْتَرُ النَّخَعِيُّ:
إِنْ لم أَشِنَّ على ابنِ هِنْدٍ غارَةً،
لم تَخْلُ يوماً من نِهابِ نُفُوسِ
خَيْلاً كأَمْثالِ السَّعالي شُزَّباً،
تَعْدُو ببيضٍ في الكريهةِ شُوسِ
حَمِيَ الحديدُ عليهمُ فكأَنه
وَمَضانُ بَرْقٍ أَو شُعاعُ شُمُوسِ
شَنَّ الغارة: فرَّقها. وابن هند: هو معاوية. والسَّعالي: جمع سِعْلاةٍ،
وهي ساحرة الجنّ، ويقال: هي الغُول التي تذكرها العرب في أَشعارها.
والشُّزَّبُ: الضامرة، واحدها شازِبٌ. وقوله تَعْدُو ببيض أَي تعدو برجال
بيض. والكريهة: الأَمر المكروه. والشُّوسُ: جمع أَشْوَسَ، وهو أَن ينظر
الرجل في شِقٍّ لعِظَم كِبْرِه. وتصغير الشمس: شُمَيْسَة.
وقد أَشْمَسَ يومُنا، بالأَلف، وشَمَسَ يَشْمُِسُ شُموساً وشَمِسَ
يَشْمَسُ، هذا القياس؛ وقد قيل يَشْمُسُ في آتي شَمِس، ومثله فَضِلَ يَفْضُل؛
قال ابن سيده: هذا قول أَهل اللغة والصحيح عندي أَن يَشْمُسُ آتي شَمَسَ؛
ويوم شامسٌ وقد شَمَس يَشْمِسُ شُموساً أَي ذُو ضِحٍّ نهارُه كله،
وشَمَس يومُنا يَشْمِسُ إِذا كان ذا شمس. ويوم شامِسٌ: واضحٌ، وقيل: يوم شَمْس
وشَمِسٌ صَحْوٌ لا غيم فيه، وشامِسٌ: شديدُ الحَرِّ، وحكي عن ثعلب: يوم
مَشْمُوس كَشامِسٍ. وشيء مُشَمَّس أَي عُمِلَ في الشمس. وتَشَمَّسَ
الرجلُ: قَعَدَ في الشمس وانتصب لها؛ قال ذو الرمة:
كأَنَّ يَدَيْ حِرْبائِها، مُتَشَمِّساً،
يَدا مُذْنِبٍ، يَسْتَغْفِرُ اللَّه، تائِبِ
الليث: الشمس عَيْنُ الضِّحِّ؛ قال: أَراد أَن الشمس هو العين التي في
السماء تجري في الفَلَكِ وأَن الضِّح ضَوْءُه الذي يَشْرِقُ على وجه
الأَرض.
ابن الأَعرابي والفراء: الشُّمَيْسَتان جنتان بإِزاء الفِرْدَوْس.
والشَّمِسُ والشَّمُوسُ من الدواب: الذي إِذا نُخِسَ لم يستقرّ.
وشَمَسَت الدابة والفرسُ تَشْمُسُ شِماساً وشُمُوساً وهي شَمُوسٌ: شَرَدتْ
وجَمَحَتْ ومَنَعَتْ ظهرها، وبه شِماسٌ. وفي الحديث: ما لي أَراكم رافعي
أَيديكم في الصلاة كأَنها أَذْنابُ خيل شُمْسٍ؟ هي جمعُ شَمُوسٍ، وهو
النَّفُورُ من الدواب الذي لا يستقرّ لشَغَبه وحِدَّتِه، وقد توصف به الناقة؛ قال
أَعرابي يصف ناقة: إِنها لعَسُوسٌ شَمُوسٌ ضَرُوسٌ نَهُوسٌ، وكل صفة من
هذه مذكورة في فصلها. والشَّمُوسُ من النساء: التي لا تُطالِعُ الرجال
ولا تُطْمِعُهم، والجمع شُمُسٌ؛ قال النابغة:
شُمُسٌ، مَوانِعُ كلِّ ليلةِ حُرَّةٍ،
يُخْلِفْنَ ظَنَّ الفاحِشِ المِغْيارِ
وقد شَمَسَتْ؛ وقولُ أَبي صخر الهذلي:
قِصارُ الخُطَى شُمٌّ، شُمُوسٌ عن الخَنا،
خِدالُ الشَّوَى، فُتْخُ الأَكُفِّ، خَراعِبُ
جَمَعَ شامِسَةً على شُمُوسٍ كقاعدة وقُعُود، كَسَّره على حذف الزائد،
وقد يجوز أَن يكون جَمَعَ شَمُوس فقد كَسَّروا فَعِيلة على فُعُول؛ أَنشد
الفرّاء:
وذُبْيانيَّة أَوْصَتْ بَنيها
بأَنْ كَذَبَ القَراطِفُ والقُطوفُ
وقال: هو جَمع قَطِيفَة. وفَعِّول أُخْت فَعِيل، فكما كَسَّروا فَعِيلاً
على فُعُول كذلك كَسَّروا أَيضاً فَعُولاً على فُعُول، والاسم الشِّماسُ
كالنِّوارِ؛ قال الجَعْدي:
بآنِسَةٍ، غيرَ أُنْسِ القِراف،
تُخَلِّطُ باللِّينِ منها شِماسا
ورجل شَمُوس: صَعْب الخُلُق، ولا تقل شَمُوص. والشَّمُوسُ: من أَسماء
الخمر لأَنها تَشْمِسُ بصاحبها تَجْمَحُ به؛ وقال أَبو حنيفة: سميت بذلك
لأَنها تَجْمَحُ بصاحبها جِماحَ الشَّمُوسِ، فهي مثل الدابة الشَّمُوس،
وسميت رَاحاً لأَنها تُكْسِبُ شارِبها أَرْيَحِيَّة، وهو أَن يَهَشَّ
للعَطاء ويَخِفَّ له؛ يقال: رِحْتُ لكذا أَراح؛ وأَنشد:
وفَقَدْتُ راحِي في الشَّبابِ وحالي
ورجل شَمُوسٌ؛: عَسِرٌ في عداوته شديد الخلاف على من عانده، والجمع
شُمْسٌ وشُمْسٌ؛ قال الأَخطل:
شُمْسُ العَداوةِ حتى يُسْتَقادَ لهم،
وأَعْظَمُ الناسِ أَحلاماً إِذا قَدَرُوا
وشامَسَه مُشامَسَةً وشِماساً: عاداه وعانده؛ أَنشد ثعلب:
قومٌ، إِذا شُومِسوا لَجَّ الشِّماسُ بهم
ذاتَ العِنادِ، وإِن ياسَرْتَهُمْ يَسَرُوا
وشَمِسَ لي فلانٌ إِذا بَدَتْ عداوته فلم يقدر على كتمها، وفي التهذيب:
كأَنه هَمَّ أَن يفعل، وإِنه لذو شِماسٍ شديدٌ. النَّضْرُ: المُتَشَمِّسُ
من الرجال الذي يمنع ما وراء ظهره، قال: وهو الشديد القومية، والبخيل
أَيضاً: مُتَشَمِّس، وهو الذي لا تنال منه خيراً؛ يقال: أَتينا فلاناً
نتعرَّض لمعروفه فتَشَمَّسَ علينا أَي بخل.
والشَّمْسُ: ضَرْبٌ من القلائد. والشَّمْسُ: مِعْلاقُ الفِلادةِ في
العُنُق، والجمع شُمُوسٌ؛ قال الشاعر:
والدُّرُّ، واللؤْلؤُ في شَمْسِه،
مُقَلِّدٌ ظَبْيَ التَّصاوِيرِ
وجِيدٌ شامِس: ذو شُمُوسٍ، على النَّسَب؛ قال:
بعَيْنَيْنِ نَجْلاوَيْنِ لم يَجْرِ فيهما
ضَمانٌ، وجِيدٍ حُلِّيَ الشَّذْرَ شامسِ
قال اللحياني: الشَّمْسُ ضرب من الحَلْيِ مذكر. والشَّمْسُ: قِلادة
الكلب.
والشَّمَّاسُ من رؤوس النصارى: الذي يحلق وسط رأْسه ويَلْزَمُ البِيعَة؛
قال ابن سيده: وليس بعربي صحيح، والجمع شَمامِسَةٌ، أَلحقوا الهاء
للعجمة أَو للعِوَض.
والشَّمْسَة: مَشْطَةٌ للنساء.
أَبو سعيد: الشَّمُوسُ هَضْبَة معروفة، سميت به لأَنها صعبة
المُرْتَقَى. وبنو الشَّمُوسِ: بطنٌ. وعَيْنُ شَمْس: موضع. وشَمْسُ عَيْنِ: ماءٌ.
وشَمْسٌ: صَنَم قديم. وعبدُ شَمْسٍ: بطنٌ من قريش، قيل: سُمُّوا بذلك
الصنم، وأَوّل من تَسَمَّى به سَبَأْ بن يَشْجُبَ؛ وقال ابن الأَعرابي في
قوله:كَلاَّ وشَمْسَ لنَخْضِبَنَّهُمُ دَما
لم يصرف شمس لأَنه ذهب به إِلى المعرفة ينوي به الأَلف واللام، فلما
كانت نيته الأَلف واللام لم يُجْره وجعله معرفة، وقال غيره: إِنما عنى الصنم
المسمى شَمْساً ولكنه تَرك الصَرْفَ لأَنه جعله اسماً للصورة، وقال
سيبويه: ليس أَحد من العرب يقول هذه شمسُ فيجعلها معرفة بغير أَلف ولام،
فإِذا قالوا عبد شمس فكلهم يجعله معرفة، وقالوا عَبُّشَمْسٍ وهو من نادر
المدغم؛ حكاه الفارسي، وقد قيل: عَبُ الشَّمْسِ فَحَذفوا لكثرة الاستعمال،
وقيل: عَبُ الشَّمْسِ لُعابُها. قال الجوهري: أَما عَبْشَمْسُ بنُ زيد
مَناةَ ابن تميم فإِن أَبا عمرو بنَ العَلاء يقول: أَصله عَبُّ شَمْسٍ كما
تقول حَبُّ شَمْسٍ وهو ضَوءُها، والعين مُبْدَلة من الحاء، كما قالوا في
عَبُّ قُرٍّ وهو البَرَدُ. قال ابن الأَعرابي: اسمه عَبءُّ شَمْسٍ، بالهمز،
والعَبْءُ العِدْلُ، أَي هو عِدْلها ونظيرها، يُفْتَحُ ويكسر. وعَبْدُ
شَمْس: من قريش، يقال: هم عَبُ الشَّمْسِ، ورأَيتُ عَبَ الشَّمْسِ، ومررت
بعَبِ الشَّمْسِ؛ يريدون عبدَ شَمْسٍ، وأَكثر كلامهم رأَيت عبدَ شَمْس؛
قال:
إِذا ما رَأَتْ شَمساً عَبُ الشَّمْسِ، شَمَّرَتْ
إِلى زِمْلها، والجُرْهُمِيُّ عَمِيدُها
وقد تقدَّم ذلك مُسْتَوْفًى في ترجمة عبأَ من باب الهمز. قال: ومنهم من
يقول عَبُّ شَمْسٍ، بتشديد الباء، يريد عبدَ شمس. ابن سيده: عَبُ شَمْسٍ
قبيلة من تميم والنسب إِلى جميع ذلك عَبْشَمِيّ لأَن في كل اسم مضاف
ثلاثةَ مذاهب: إِن شئت نسبت إِلى الأَوّل منهما كقولك عَبْدِيٌّ إِذا نسبت
إِلى عبد القَيْس؛ قال سُوَيْد بن أَبي كاهل:
وهم صَلَبُوا العَبْدِيَّ في جِذْعِ نَخْلَةٍ،
فلا عَطَسَتْ شَيْبانُ إِلا بأَجْدَعا
وإِن شئت نسبت إِلى الثاني إِذا خفت اللبس فقلت مُطَّلِبِيٌّ إِذا نسبت
إِلى عبد المُطَّلِب، وإِن شئت أَخذت من الأَوّل حرفين ومن الثاني حرفين
فَرَدَدْتَ الاسم إِلى الرباعيِّ ثم نسبت إِليه فقلت عَبْدَرِيُّ إِذا
نسبت إِلى عبد الجار، وعَبْشَمِيٌّ إِذا نسبت إِلى عبد شَمْسٍ؛ قال عبدُ
يَغُوثَ بنُ وَقَّاصٍ الحارِثيُّ:
وتَضْحَكُ مِنِّي شَيْخَةٌ عَبْشَمِيَّةٌ،
كأَنْ لم تَرَ قَبْلِي أَسِيراً يَمانِيا
وقد عَلِمَتْ عِرْسِي مُلَيْكَةُ أَنَّني
أَنا الليثُ، مَعْدُوّاً عليَّ وعادِيا
وقد كنتُ نحَّارَ الجَزُورِ ومُعْمِلَ الْـ
ـمَطِيِّ، وأَمْضِي حيثُ لا حَيَّ ماضِيا
وقد تَعَبْشَمَ الرجلُ كما تقول تَعَبْقَسَ إِذا تعلق بسبب من أَسباب
عبدِ القَيْسِ إِما بِحلْفٍ أَو جِوارٍ أَو وَلاءِ.
وشَمْسٌ وشُمْسٌ وشُمَيْسٌ وشَمِيسٌ وشَمَّاسٌ: أَسماء. والشَّمُوسُ:
فَرَس شَبِيبِ بن جَرَادِ. والشَّمُوس أَيضا: فرس سُوَيْد بن خَذَّاقٍ.
والشَّمِيسُ والشَّمُوسُ: بلد باليمن؛ قال الراعي:
وأَنا الذي سَمِعَتْ مَصانِعُ مَأْربٍ
وقُرَى الشَّمُوسِ وأَهْلُهُنَّ هَدِيرِي
ويروى: الشَّمِيس.