وكَنَّصَ تَكْنيصًا: حَرَّكَ أنْفَهُ اسْتِهْزاءً.
وكَنَّصَ تَكْنيصًا: حَرَّكَ أنْفَهُ اسْتِهْزاءً.
نصح: نَصَحَ الشيءُ: خَلَصَ. والــناصــحُ: الخالص من العسل وغيره. وكل شيءٍ
خَلَصَ، فقد نَصَحَ؛ قال ساعدةُ بن جُؤَيَّةَ الهذلي يصف رجلاً مزج
عسلاً صافياً بماءٍ حتى تفرق فيه:
فأَزالَ مُفْرِطَها بأَبيضَ ناصِــحٍ،
من ماءِ أَلْهابٍ، بهنَّ التَّأْلَبُ
وقال أَبو عمرو: الــناصــح الــناصــع في بيت ساعدة، قال: وقال النضر أَراد
أَنه فرّق به خالصها ورديئها بأَبيض مُفْرِطٍ أَي بماء غدير مملوء.
والنُّصْح: نقيض الغِشّ مشتق منه نَصَحه وله نُصْحاً ونَصِيحة ونَصاحة
ونِصاحة ونَصاحِيةً ونَصْحاً، وهو باللام أَفصح؛ قال الله تعالى:
وأَنْصَحُ لكم.ويقال: نَصَحْتُ له نَصيحتي نُصوحاً أَي أَخْلَصْتُ وصَدَقْتُ،
والاسم النصيحة.
والنصيحُ: الــناصــح، وقوم نُصَحاء؛ وقال النابغة الذبياني:
نَصَحْتُ بني عَوْفٍ فلم يَتَقَبَّلوا
رَسُولي، ولم تَنْجَحْ لديهم وَسائِلي
ويقال: انْتَصَحْتُ فلاناً وهو ضدّ اغْتَشَشْتُه؛ ومنه قوله:
أَلا رُبَّ من تَغْتَشُّه لك ناصِــحٌ،
ومُنْتَصِحٍ بادٍ عليك غَوائِلُهْ
تَغْتَشُّه: تَعْتَدُّه غاشّاً لك. وتَنْتَصِحُه: تَعْتَدُّه ناصــحاً لك.
قال الجوهري: وانْتَصَحَ فلان أَي قبل النصيحة. يقال: انْتَصِحْني إِنني
لك ناصــح؛ وأَنشده ابن بري:
تقولُ انْتَصِحْنُ إِنني لك ناصِــحٌ،
وما أَنا، إِن خَبَّرْتُها، بأَمِينِ
قال ابن بري: هذا وَهَمٌ منه لأَن انتصح بمعنى قبل النصيحة لا يتعدَّى
لأَنه مطاوع نصحته فانتصح، كما تقول رددته فارْتَدَّ، وسَدَدْتُه
فاسْتَدَّ، ومَدَدْتُه فامْتَدَّ، فأَما انتصحته بمعنى اتخذته نصيحاً، فهو متعدّ
إِلى مفعول، فيكون قوله انتصحْني إِنني لك ناصــح، يعني اتخذني ناصــحاً لك؛
ومنه قولهم: لا أُريد منك نُصْحاً ولا انتصاحاً أَي لا أُريد منك أَن
تنصحني ولا أَن تتخذني نصيحاً، فهذا هو الفرق بين النُّصْح والانتصاح.
والنُّصْحُ: مصدر نَصَحْتُه. والانتصاحُ: مصدر انْتَصَحْته أَي اتخذته نصيحاً،
ومصدر انْتَصَحْتُ أَيضاً أَي قبلت النصيحة، فقد صار للانتصاح معنيان.
وفي الحديث: إِن الدِّينَ النصيحةُ لله ولرسوله ولكتابه ولأَئمة
المسلمين وعامّتهم؛ قال ابن الأَثير: النصيحة كلمة يعبر بها عن جملة هي إِرادة
الخير للمنصوح له، فليس يمكن أَن يعبر عن هذا المعنى بكلمة واحدة تجمع
معناها غيرها. وأَصل النُّصْحِ: الخلوص. ومعنى النصيحة لله: صحة الاعتقاد في
وحدانيته وإِخلاص النية في عبادته. والنصيحة لكتاب الله: هو التصديق به
والعمل بما فيه. ونصيحة رسوله: التصديق بنبوّته ورسالته والانقياد لما
أَمر به ونهى عنه. ونصيحة الأَئمة: أَن يطيعهم في الحق ولا يرى الخروج
عليهم إِذا جاروا. ونصيحة عامّة المسلمين: إِرشادهم إِلى المصالح؛ وفي شرح
هذا الحديث نظرٌ وذلك في قوله نصيحة الأَئمة أَن يطيعهم في الحق ولا يرى
الخروج عليهم إِذا جاروا، فأَيّ فائدة في تقييد لفظه بقوله يطيعهم في الحق
مع إِطلاق قوله ولا يرى الخروج عليهم إِذا جاروا؟ وإِذا منعه الخروج إِذا
جاروا لزم أَن يطيعهم في غير الحق. وتَنَصَّح أَي تَشَبَّه بالنُّصَحاء.
واسْتَنْصَحه: عَدَّه نصيحاً.
ورجل ناصــحُ الجَيْب: نَقِيُّ الصدر ناصــح القلب لا غش فيه، كقولهم طاهر
الثوب، وكله على المثل؛ قال النابغة:
أَبْلِغِ الحرثَ بنَ هِنْدٍ بأَني
ناصِــحُ الجَيْبِ، بازِلٌ للثوابِ
وقومٌ نُصَّح ونُصَّاحٌ. والتَّنَصُّح: كثرة النُّصْحِ؛ ومنه قول
أَكْثَمَ بن صَيْفِيٍّ: إِياكم وكثرةَ التَّنَصُّح فإِنه يورث
التُّهَمَة.والتوبة النَّصُوح: الخالصة، وقيل: هي أَن لا يرجع العبد إِلى ما تاب
عنه؛ قال الله عز وجل: توبةً نَصُوحاً؛ قال الفراء: قرأَ أَهل المدينة
نَصُوحاً، بفتح النون، وذكر عن عاصم نُصُوحاً، بضم النون؛ وقال الفراء: كأَنّ
الذين قرأُوا نُصُوحاً أَرادوا المصدر مثل القُعود، والذين قرأُوا
نَصُوحاً جعلوه من صفة التوبة؛ والمعنى أَن يُحَدّث نفسه إِذا تاب من ذلك
الذنب أَن لا يعود إِليه أَبداً، وفي حديث أُبيّ: سأَلت النبي، صلى الله عليه
وسلم، عن التوبة النصوح فقال: هي الخالصة التي لا يُعاوَدُ بعدها
الذنبُ؛ وفَعُول من أَبنية المبالغة يقع على الذكر والأُنثى، فكأَنَّ الإِنسانَ
بالغ في نُصْحِ نفسه بها، وقد تكرّر في الحديث ذكر النُّصْح والنصيحة.
وسئل أَبو عمرو عن نُصُوحاً فقال: لا أَعرفه؛ قال الفراء وقال المفضَّل:
بات عَزُوباً وعُزُوباً وعَرُوساً وعُرُوساً؛ وقال أَبو إِسحق: توبةٌ
نَصُوح بالغة في النُّصْح، ومن قرأَ نُصُوحاً فمعناه يَنْصَحُون فيها
نُصوحاً. وقال أَبو زيد: نَصَحْتُه أَي صَدَقْتُه؛ ومنه التوبة النصوح، وهي
الصادقة.
والنِّصاحُ: السِّلكُ يُخاط به. وقال الليث: النِّصاحة السُّلوك التي
يخاط بها، وتصغيرها نُصَيِّحة. وقميص مَنْصُوح أَي مَخِيط.
ويقال للإِبرة: المِنْصَحة فإِذا غَلُظَتْ، فهي الشعيرة. والنُّصْحُ:
مصدر قولك نَصَحْتُ الثوبَ إِذا خِطْتَه. قال الجوهري: ومنه التوبة النصوح
اعتباراً بقوله، صلى الله عليه وسلم: من اغتابَ خَرَقَ ومن استغفر الله
رَفَأَ. ونَصَحَ الثوبَ والقميص يَنْصَحُه نَصْحاً وتَنَصَّحه: خاطه. ورجل
ناصــح وناصِــحِيٌّ ونَصَّاحٌ: خائط. والنِّصاحُ: الخَيْطُ وبه سمي الرجل
نِصاحاً، والجمع نُصُحٌ ونِصاحةٌ، الكسرة في الجمع غير الكسرة في الواحد،
والأَلف فيه غير الأَلف، والهاء لتأْنيث الجمع.
والمِنْصَحة: المِخْيَطة. والمِنْصَحُ: المِخْيَطُ. وفي ثوبه
مُتَنَصِّحٌ لم يُصلحه أَي موضع إِصلاح وخياطة، كما يقال: إِن فيه مُتَرَقَّعاً؛
قال ابن مقبل:
ويُرْعِدُ إِرعادَ الهجِينِ أَضاعه،
غَداةَ الشَّمالِ، الشُّمْرُخُ المُتَنَصَّحُ
وقال أَبو عمرو: المُتَنَصَّحُ المَخيطُ، وأَنشد بيت ابن مقبل.
وأَرض مَنْصوحة: متصلة بالغيت كما يُنْصَحُ الثوبُ، حكاه ابن الأَعرابي؛
قال ابن سيده: وهذه عبارة رديئة إِنما المَنْصُوحة الأَرض المتصلة
النبات بعضه ببعض، كأَنَّ تلك الجُوَبَ التي بين أَشخاص النبات خيطت حتى اتصل
بعضها ببعض.
قال النضر: نَصَحَ الغيثُ البلادَ نَصْحاً إِذا اتصل نبتها فلم يكن فيه
فَضاء ولا خَلَلٌ؛ وقال غيره: نَصَحَ الغيثُ البلادَ ونَضَرها بمعنى
واحد؛ وقال أَبو زيد: الأَرض المنصوحة هي المَجُودةُ نُصِحتْ نَصْحاً.
ونَصَحَ الرجلُ الرِّيَّ نَصْحاً إِذا شرب حتى يَرْوى؛ وكذلك نَصَحتِ الإِبلُ
الشُّرْبَ تَنْصَحُ نُصُوحاً: صَدَقَتْه. وأَنْصَحْتُها أَنا: أَرويتها؛
قال:
هذا مَقامِي لكِ حتى تَنْصَحِي
رِيّاً، وتَجْتازي بَلاطَ الأَبْطَحِ
ويروى: حتى تَنْضَحِي، بالضاد المعجمة، وليس بالعالي. البَلاطُ: القاعُ.
وأَنْصَح الإِبلَ: أَرْواها.
والنِّصاحاتُ: الجلودُ؛ قبال الأَعشى يصف شَرْباً:
فتَرى القومَ نَشاوى كلَّهُمْ،
مثلما مُدَّتْ نِصاحاتُ الرُّبَحْ
قال الأَزهري: أَراد بالرُّبَحِ الرُّبَعَ في قول بعضهم؛ وقال ابن سيده:
الرُّبَحُ من أَولاد الغنم، وقيل: هو الطائر الذي يسمى بالفارسية زاغ؛
وقال المُؤَرِّج: النِّصاحاتُ حبال يجعل لها حَلَقٌ وتنصب للقُرود إِذا
أَرادوا صيدها: يَعْمدُ رجل فيجعلُ عِدّة حبال ثم يأْخذ قرداً فيجعله في
حبل منها، والقرود تنظر إِليه من فوق الجبل، ثم يتنحى الحابل فتنزل القرود
فتدخل في تلك الحبال وهو ينظر إِليها من حيث لا تراه، ثم ينزل إِليها
فيأْخذ ما نَشِبَ في الحبال؛ قال وهو قول الأَعشى:
مثلما مدّت نصاحات الربح
قال: والرُّبَحُ القرود وأَصلها الرُّباح.
وشَيْبَةُ بن نِصاحٍ: رجل من القرّاء.
والنَّصْحاء ومَنْصَح: موضعان؛ قال ساعدة بن جؤية
(* قوله «قال ساعدة بن
جؤية لهن إلخ» قبله:
ولو أنه إذ كان ما حمَّ واقعاً
بجانب من يخفى ومن يتودّد والأصاغي، بالصاد المهملة والغين المعجمة:
موضع، كما أنشده ياقوت في مادته.):
لهنَّ بما بين الأَصاغِي ومَنْصَحٍ
تَعاوٍ، كما عَجَّ الحَجِيحُ المُبَلِّدُ
نصر: النَّصر: إِعانة المظلوم؛ نصَره على عدوّه ينصُره ونصَره ينصُره
نصْراً، ورجل ناصِــر من قوم نُصَّار ونَصْر مثل صاحب وصحْب وأَنصار؛ قال:
واللهُ سَمَّى نَصْرَك الأَنْصَارَا،
آثَرَكَ اللهُ به إِيْثارا
وفي الحديث: انصُر أَخاك ظالِماً أَو مظلوماً، وتفسيره أَن يمنَعه من
الظلم إِن وجده ظالِماً، وإِن كان مظلوماً أَعانه على ظالمه، والاسم
النُّصْرة؛ ابن سيده: وقول خِدَاش بن زُهَير:
فإِن كنت تشكو من خليل مَخانَةً،
فتلك الحَوارِي عَقُّها ونُصُورُها
يجوز أَن يكون نُصُور جمع ناصِــر كشاهد وشُهود، وأن يكون مصدراً كالخُروج
والدُّخول؛ وقول أُمية الهذلي:
أُولئك آبائي، وهُمْ لِيَ ناصــرٌ،
وهُمْ لك إِن صانعتَ ذا مَعْقِلُ
(*« أولئك آبائي إلخ» هكذا في الأصل والشطر الثاني منه ناقص.)
أَراد جمع ناصِــر كقوله عز وجل: نَحْنُ جميع مُنْتَصِر. والنَّصِير:
الــنَّاصِــر؛ قال الله تعالى: نِعم المولى ونِعم النَّصير، والجمع أَنْصَار مثل
شَرِيف وأَشرافٍ. والأَنصار: أَنصار النبي، صلى الله عليه وسلم، غَلبت
عليهم الصِّفة فجرى مَجْرَى الأَسماء وصار كأَنه اسم الحيّ ولذلك أُضيف
إِليه بلفظ الجمع فقيل أَنصاري. وقالوا: رجل نَصْر وقوم نَصْر فَوصَفوا
بالمصدر كرجل عَدْلٍ وقوم عَدْل؛ عن ابن الأَعرابي.
والنُّصْرة: حُسْن المَعُونة. قال الله عز وجل: من كان يَظُنّ أَن لَنْ
ينصُره الله في الدنيا والآخرة؛ المعنى من ظن من الكفار أَن الله لا
يُظْهِر محمداً، صلى الله عليه وسلم، على مَنْ خالفَه فليَخْتَنِق غَيظاً حتى
يموت كَمَداً، فإِن الله عز وجل يُظهره، ولا يَنفعه غيظه وموته حَنَقاً،
فالهاء في قوله أَن لن يَنْصُرَه للنبيّ محمد، صلى الله عليه وسلم.
وانْتَصَر الرجل إِذا امتَنَع من ظالِمِه. قال الأَزهري: يكون
الانْتصَارَ من الظالم الانْتِصاف والانْتِقام، وانْتَصَر منه: انْتَقَم. قال الله
تعالى مُخْبِراً عن نُوح، على نبينا وعليه الصلاة والسلام، ودعائِه
إِياه بأَن يَنْصُره على قومه: فانْتَصِرْ ففتحنا، كأَنه قال لِرَبِّه: انتقم
منهم كما قال: رَبِّ لا تَذَرْ على الأَرض من الكافرين دَيَّاراً.
والانتصار: الانتقام. وفي التنزيل العزيز: ولَمَنِ انْتَصَر بعد ظُلْمِه؛
وقوله عز وجل: والذين إِذا أَصابهم البغي هم يَنْتَصِرُون؛ قال ابن سيده: إِن
قال قائل أَهُمْ مَحْمُودون على انتصارهم أَم لاف قيل: من لم يُسرِف ولم
يُجاوِز ما أمر الله به فهو مَحْمُود.
والاسْتِنْصار: اسْتِمْداد النَّصْر. واسْتَنْصَره على عَدُوّه أَي
سأَله أَن ينصُره عليه. والتَّنَصُّرُ: مُعالَجَة النَّصْر وليس من باب
تَحَلَّم وتَنَوَّر. والتَّــناصُــر: التَّعاون على النَّصْر. وتَــناصَــرُوا: نَصَر
بعضُهم بعضاً. وفي الحديث: كلُّ المُسْلِمِ عَنْ مُسْلِمٍ مُحَرَّم
أَخَوانِ نَصِيرانَ أَي هما أَخَوانِ يَتَــناصَــران ويَتعاضَدان. والنَّصِير
فعيل بمعنى فاعِل أَو مفعول لأَن كل واحد من المتَــناصِــرَيْن ناصِــر
ومَنْصُور. وقد نصره ينصُره نصْراً إِذا أَعانه على عدُوّه وشَدَّ منه؛ ومنه حديث
الضَّيْفِ المَحْرُوم: فإِنَّ نَصْره حق على كل مُسلم حتى يأْخُذ
بِقِرَى ليلته، قيل: يُشْبه أَن يكون هذا في المُضْطَرّ الذي لا يجد ما يأْكل
ويخاف على نفسه التلف، فله أَن يأْكل من مال أَخيه المسلم بقدر حاجته
الضرورية وعليه الضَّمان. وتَــناصَــرَتِ الأَخبار: صدَّق بعضُها بعضاً.
والنَّواصِرُ: مَجاري الماء إِلى الأَودية،واحدها ناصِــر، والــنَّاصِــر:
أَعظم من التَّلْعَةِ يكون مِيلاً ونحوَه ثم تمج النَّواصِر في التِّلاع.
أَبو خيرة: النَّواصِر من الشِّعاب ما جاء من مكان بعيد إِلى الوادي
فَنَصَرَ سَيْلَ الوادي، الواحد ناصِــر. والنَّواصِر: مَسايِل المِياه، واحدتها
ناصِــرة، سميت ناصِــرة لأَنها تجيء من مكان بعيد حتى تقع في مُجْتَمع
الماء حيث انتهت، لأَن كل مَسِيل يَضِيع ماؤه فلا يقع في مُجتَمع الماء فهو
ظالم لمائه. وقال أَبو حنيفة: الــناصِــر والــناصِــرة ما جاء من مكان بعيد إِلى
الوادي فنَصَر السُّيول. ونصَر البلاد ينصُرها: أَتاها؛ عن ابن
الأَعرابي. ونَصَرْتُ أَرض بني فلان أَي أَتيتها؛ قال الراعي يخاطب
خيلاً:إِذا دخل الشهرُ الحرامُ فَوَدِّعِي
بِلادَ تميم، وانْصُرِي أَرضَ عامِرِ
ونَصر الغيثُ الأَرض نَصْراً: غاثَها وسقاها وأَنبتها؛ قال:
من كان أَخطاه الربيعُ، فإِنما
نصر الحِجاز بِغَيْثِ عبدِ الواحِدِ
ونَصَر الغيثُ البلَد إِذا أَعانه على الخِصْب والنبات. ابن الأَعرابي:
النُّصْرة المَطْرَة التَّامّة؛ وأَرض مَنْصُورة ومَضْبُوطَة. وقال أَبو
عبيد: نُصِرَت البلاد إِذا مُطِرَت، فهي مَنْصُورة أَي مَمْطُورة. ونُصِر
القوم إِذا غِيثُوا. وفي الحديث: إِنَّ هذه السَّحابةَ تَنصُر أَرضَ بني
كَعْب أَي تُمطرهم. والنَّصْر: العَطاء؛ قال رؤبة:
إِني وأَسْطارٍ سُطِرْنَ سَطْرا
لَقائِلٌ: يا نَصْرُ نَصْراً نَصْراً
ونَصَره ينصُره نَصْراً: أَعطاه. والنَّصائِرُ: العطايا.
والمُسْتَنْصِر: السَّائل. ووقف أَعرابيّ على قوم فقال: انْصُرُوني نَصَركم الله أَي
أَعطُوني أَعطاكم الله.
ونَصَرى ونَصْرَى وناصِــرَة ونَصُورِيَّة
(* قوله« ونصورية» هكذا في
الأصل ومتن القاموس بتشديد الياء، وقال شارحه بتخفيف الياء): قرية بالشام،
والنَّصارَى مَنْسُوبُون إِليها؛ قال ابن سيده: هذا قول أَهل اللغة، قال:
وهو ضعيف إِلا أَن نادِر النسب يَسَعُه، قال: وأَما سيبويه فقال أَما
نَصارَى فذهب الخليل إِلى أَنه جمع نَصْرِيٍّ ونَصْران، كما قالوا ندْمان
ونَدامى، ولكنهم حذفوا إِحدى الياءَين كما حذفوا من أُثْفِيَّة وأَبدلوا
مكانها أَلفاً كما قالوا صَحارَى، قال: وأَما الذي نُوَجِّهه نحن عليه جاء
على نَصْران لأَنه قد تكلم به فكأَنك جمعت نَصْراً كما جمعت مَسْمَعاً
والأَشْعَث وقلت نَصارَى كما قلت نَدامى، فهذا أَقيس، والأَول مذهب، وإِنما
كان أَقْيَسَ لأَنا لم نسمعهم قالوا نَصْرِيّ. قال أَبو إِسحق: واحِد
النصارَى في أَحد القولين نَصْرَان كما ترى مثل نَدْمان ونَدامى، والأُنثى
نَصْرانَة مثل نَدْمانَة؛ وأَنشد لأَبي الأَخزر الحماني يصف ناقتين
طأْطأَتا رؤوسهما من الإِعياء فشبه رأْس الناقة من تطأْطئها برأْس النصوانية
إِذا طأْطأَته في صلاتها:
فَكِلْتاهُما خَرَّتْ وأَسْجَدَ رأْسُها،
كما أَسْجَدَتْ نَصْرانَة لم تحَنَّفِ
فَنَصْرانَة تأْنيث نَصْران، ولكن لم يُستعمل نَصْران إِلا بياءي النسب
لأَنهم قالوا رجل نَصْراني وامرأَة نَصْرانيَّة، قال ابن بري: قوله إِن
النصارى جمع نَصْران ونَصْرانَة إِنما يريد بذلك الأَصل دون الاستعمال،
وإِنما المستعمل في الكلام نَصْرانيٌّ ونَصْرانِيّة، بياءي النسب، وإِنما
جاء نَصْرانَة في البيت على جهة الضرورة؛ غيره: ويجوز أَن يكون واحد
النصارى نَصْرِيّاً مثل بعير مَهْرِيّ وإِبِل مَهارَى، وأَسْجَد: لغة في
سَجَد. وقال الليث: زعموا أَنهم نُسِبُوا إِلى قرية بالشام اسمها نَصْرُونة.
التهذيب: وقد جاء أَنْصار في جمع النَّصْران؛ قال:
لما رأَيتُ نَبَطاً أَنْصارا
بمعنى النَّصارى. الجوهري: ونَصْرانُ قرية بالشأْم ينسب إِليها
النَّصارى، ويقال: ناصِــرَةُ.
والتَّنَصُّرُ: الدخول في النَّصْرانية، وفي المحكَم: الدخول في دين
النصْري
(* قوله« في دين النصري» هكذا بالأصل) . ونَصَّرَه: جعله
نَصْرانِيّاً. وفي الحديث: كلُّ مولود يولد على الفِطْرة حتى يكونَ أَبواه اللذان
يَهَوِّدانِه ويُنَصِّرانِه؛ اللَّذان رفع بالابتداء لأَنه أُضمر في يكون؛
كذلك رواه سيبويه؛ وأَنشد:
إِذا ما المرء كان أَبُوه عَبْسٌ،
فَحَسْبُك ما تُرِيدُ إِلى الكلامِ
أَي كان هو. والأَنْصَرُ: الأَقْلَفُ، وهو من ذلك لأَن النصارى قُلْف.
وفي الحديث: لا يَؤمَّنَّكُم أَنْصَرُ أَي أَقْلَفُ؛ كذا فُسِّر في
الحديث.ونَصَّرُ: صَنَم، وقد نَفَى سيبويه هذا البناء في الأَسماء.
وبُخْتُنَصَّر: معروف، وهو الذي كان خَرَّب بيت المقدس، عَمَّره الله تعالى. قال
الأَصمعي: إِنما هو بُوخَتُنَصَّر فأُعرب، وبُوخَتُ ابنُ، ونَصَّرُ صَنَم،
وكان وُجد عند الصَّنَم ولم يُعرف له أَب فقيل: هو ابن الصنم. ونَصْر
ونُصَيْرٌ وناصِــر ومَنْصُور: أَسماء. وبنو ناصِــر وبنو نَصْر: بَطْنان.
ونَصْر: أَبو قبيلة من بني أَسد وهو نصر ابن قُعَيْنٍ؛ قال أَوس بن حَجَر يخاطب
رجلاً من بني لُبَيْنى بن سعد الأَسَدِي وكان قد هجاه:
عَدَدْتَ رِجالاً من قُعَيْنٍ تَفَجُّساً،
فما ابنُ لُبَيْنى والتَّفَجُّسُ والفَخْرُف
شَأَتْكَ قُعَيْنٌ غَثُّها وسَمِينُها،
وأَنت السَّهُ السُّفْلى، إِذا دُعِيَتْ نَصْرُ
التَّفَجُّس: التعظُّم والتكبر. وشأَتك: سَبَقَتْك. والسَّه: لغة في
الاسْتِ.
نصب: النَّصَبُ: الإِعْياءُ من العَناءِ. والفعلُ نَصِبَ الرجلُ،
بالكسر،نَصَباً: أَعْيا وتَعِبَ؛ وأَنْصَبه هو، وأَنْصَبَني هذا الأَمْرُ.وهَمٌّ ناصِــبٌ مُنْصِبٌ: ذو نَصَبٍ، مثل تامِرٍ ولابِنٍ، وهو فاعلٌ بمعنى مفعول، لأَنه يُنْصَبُ فيه ويُتْعَبُ.
وفي الحديث: فاطمةُ بَضْعَةٌ مِنِّي، يُنْصِـبُني ما أَنْصَبَها أَي
يُتْعِـبُني ما أَتْعَبَها.
والنَّصَبُ: التَّعَبُ؛ قال النابغة:
كِليني لـهَمٍّ، يا أُمَيْمَةَ، ناصِــبِ
قال: ناصِــب، بمعنى مَنْصُوب؛ وقال الأَصمعي: ناصِــب ذي نَصَبٍ، مثلُ لَيْلٌ نائمٌ ذو نومٍ يُنامُ فيه، ورجل دارِعٌ ذو دِرْعٍ؛ ويقال: نَصَبٌ ناصِــبٌ، مثل مَوْتٌ مائِت، وشعرٌ شاعر؛ وقال سيبويه: هَمٌّ ناصــبٌ، هو على النَّسَب. وحكى أَبو علي في التَّذْكرة: نَصَبه الـهَمُّ؛ فــناصِــبٌ إِذاً على الفِعْل. قال الجوهري: ناصِــبٌ فاعل بمعنى مفعول فيه، لأَنه يُنْصَبُ فيه ويُتْعَبُ، كقولهم: لَيْلٌ نائمٌ أَي يُنامُ فيه، ويوم عاصِفٌ أَي تَعْصِفُ فيه الريح. قال ابن بري: وقد قيل غير هذا القول، وهو الصحيح، وهو أَن يكون ناصِــبٌ بمعنى مُنْصِبٍ، مثل مكان باقلٌ بمعنى مُبْقِل، وعليه قول النابغة؛ وقال أَبو طالب:
أَلا مَنْ لِـهَمٍّ، آخِرَ اللَّيْلِ، مُنْصِبِ
قال: فــناصِــبٌ، على هذا، ومُنْصِب بمعنًى. قال: وأَما قوله ناصِــبٌ بمعنى مَنْصوب أَي مفعول فيه، فليس بشيءٍ. وفي التنزيل العزيز: فإِذا فَرَغْتَ فانْصَبْ؛ قال قتادة: فإِذا فرغتَ من صَلاتِكَ، فانْصَبْ في الدُّعاءِ؛ قال الأَزهري: هو من نَصِبَ يَنْصَبُ نَصَباً إِذا تَعِبَ؛ وقيل: إِذا فرغت من الفريضة، فانْصَبْ في النافلة.
ويقال: نَصِبَ الرجلُ، فهو ناصِــبٌ ونَصِبٌ؛ ونَصَبَ لـهُمُ الـهَمُّ،
وأَنْصَبَه الـهَمُّ؛ وعَيْشٌ ناصِــبٌ: فيه كَدٌّ وجَهْدٌ؛ وبه فسر الأَصمعي قول أَبي ذؤيب:
وغَبَرْتُ بَعْدَهُمُ بعيشٍ ناصِــبٍ، * وإِخالُ أَني لاحِقٌ مُسْتَتْبِـعُ
قال ابن سيده: فأَما قول الأُمَوِيِّ إِن معنى ناصِــبٍ تَرَكَني مُتَنَصِّباً، فليس بشيءٍ؛ وعَيْشٌ ذو مَنْصَبةٍ كذلك. ونَصِبَ الرجلُ: جَدَّ؛ وروي بيتُ ذي الرمة:
إِذا ما رَكْبُها نَصِـبُوا
ونَصَبُوا. وقال أَبو عمرو في قوله ناصِــب: نَصَبَ نَحْوي أَي جَدَّ.
قال الليث: النَّصْبُ نَصْبُ الدَّاءِ؛ يقال: أَصابه نَصْبٌ من
الدَّاءِ.والنَّصْبُ والنُّصْبُ والنُّصُبُ: الداءُ والبَلاءُ والشرُّ. وفي
التنزيل العزيز: مَسَّني الشيطانُ بنُصْبٍ وعَذابٍ. والنَّصِبُ: المريضُ الوَجِـعُ؛ وقد نَصَبه المرض وأَنْصَبه. والنَّصْبُ: وَضْعُ الشيءِ ورَفْعُه، نَصَبه يَنْصِـبُه نَصْباً، ونَصَّبَه فانْتَصَبَ؛ قال:
فباتَ مُنْتَصْـباً وما تَكَرْدَسا
أَراد: مُنْتَصِـباً، فلما رأَى نَصِـباً من مُنْتَصِبٍ، كفَخِذٍ، خففه
تخفيف فَخِذٍ، فقال: مُنْتَصْباً. وتَنَصَّبَ كانْتَصَبَ.
والنَّصِـيبةُ والنُّصُبُ: كلُّ ما نُصِبَ، فجُعِلَ عَلَماً. وقيل: النُّصُب جمع نَصِـيبةٍ، كسفينة وسُفُن، وصحيفة وصُحُفٍ. الليث: النُّصُبُ
جماعة النَّصِـيبة، وهي علامة تُنْصَبُ للقوم.
والنَّصْبُ والنُّصُبُ: العَلَم الـمَنْصُوب. وفي التنزيل العزيز:
كأَنهم إِلى نَصْبٍ يُوفِضُونَ؛ قرئ بهما جميعاً، وقيل: النَّصْبُ الغاية، والأَول أَصحّ. قال أَبو إِسحق: مَن قرأَ إِلى نَصْبٍ، فمعناه إِلى عَلَمٍ مَنْصُوبٍ يَسْتَبِقُون إِليه؛ ومن قرأَ إِلى نُصُبٍ، فمعناه إِلى أَصنام كقوله: وما ذُبِحَ على النُّصُب، ونحو ذلك قال الفراء؛ قال: والنَّصْبُ واحدٌ، وهو مصدر، وجمعه الأَنْصابُ.
واليَنْصُوبُ: عَلم يُنْصَبُ في الفلاةِ. والنَّصْبُ والنُّصُبُ: كلُّ ما عُبِدَ من دون اللّه تعالى، والجمع أَنْصابٌ. وقال الزجاج: النُّصُبُ جمع، واحدها نِصابٌ. قال: وجائز أَن يكون واحداً، وجمعه أَنْصاب. الجوهري: النَّصْبُ ما نُصِبَ فعُبِدَ من دون اللّه تعالى، وكذلك النُّصْب، بالضم، وقد يُحَرّكُ مثل عُسْر؛ قال الأَعشى
يمدح سيدنا رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم:
وذا النُّصُبَ الـمَنْصُوبَ لا تَنْسُكَنَّهُ * لعافيةٍ، واللّهَ رَبَّكَ فاعْبُدا(1)
(1 قوله «لعافية» كذا بنسخة من الصحاح الخط وفي نسخ الطبع كنسخ شارح القاموس لعاقبة.)
أَراد: فاعبدنْ، فوقف بالأَلف، كما تقول: رأَيت زيداً؛ وقوله: وذا النُّصُبَ، بمعنى إِياك وذا النُّصُبَ؛ وهو للتقريب، كما قال لبيد:
ولقد سَئِمْتُ من الـحَياةِ وطولِها، * وسُؤَالِ هذا الناسِ كيف لَبيدُ!
ويروى عجز بيت الأَعشى:
ولا تَعْبُدِ الشيطانَ، واللّهَ فاعْبُدا
التهذيب، قال الفراء: كأَنَّ النُّصُبَ الآلهةُ التي كانت تُعْبَدُ من
أَحجار. قال الأَزهري: وقد جَعَلَ الأَعشى النُّصُبَ واحداً حيث يقول:
وذا النُّصُبَ الـمَنْصُوبَ لا تَنْسُكَنَّه
والنَّصْبُ واحد، وهو مصدر، وجمعه الأَنْصابُ؛ قال ذو الرمة:
طَوَتْها بنا الصُّهْبُ الـمَهاري، فأَصْبَحَتْ * تَــناصِـــيبَ، أَمثالَ الرِّماحِ بها، غُبْرا
والتَّــناصِـــيبُ: الأَعْلام، وهي الأَــناصِـــيبُ، حجارةٌ تُنْصَبُ على رؤوس القُورِ، يُسْتَدَلُّ بها؛ وقول الشاعر:
وَجَبَتْ له أُذُنٌ، يُراقِبُ سَمْعَها * بَصَرٌ، كــناصِـــبةِ الشُّجاعِ الـمُرْصَدِ
يريد: كعينه التي يَنْصِـبُها للنظر.
ابن سيده: والأَنْصابُ حجارة كانت حول الكعبة، تُنْصَبُ فيُهَلُّ عليها، ويُذْبَحُ لغير اللّه تعالى.
وأَنْصابُ الحرم: حُدوده.
والنُّصْبةُ: السَّارِية.
والنَّصائِبُ: حجارة تُنْصَبُ حَولَ الـحَوض، ويُسَدُّ ما بينها من
الخَصاص بالـمَدَرة المعجونة، واحدتها نَصِـيبةٌ؛ وكلُّه من ذلك.
وقوله تعالى: والأَنْصابُ والأَزْلامُ، وقوله: وما ذُبِحَ على
النُّصُبِ؛ الأَنْصابُ: الأَوثان. وفي حديث زيد بن حارثة قال: خرج رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، مُرْدِفي إِلى نُصُبٍ من الأَنْصاب، فذَبحنا له شاةً، وجعلناها في سُفْرتِنا، فلَقِـيَنا زيدُ بن عَمْرو، فقَدَّمْنا له السُّفرةَ، فقال: لا آكل مما ذُبحَ لغير اللّه. وفي رواية: أَن زيد بن عمرو مَرَّ برسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، فدعاه إِلى الطعام، فقال زيدٌ:إِنَّا لا نأْكل مما ذُبحَ على النُّصُب. قال ابن الأَثير، قال الحربيُّ: قوله ذَبحنا له شاةً له وجهان:
أَحدهما أَن يكون زيد فعله من غير أَمر النبي، صلى اللّه عليه وسلم، ولا رِضاه، إِلاَّ أَنه كان معه، فنُسِب إِليه، ولأَنَّ زيداً لم يكن معه من العِصْمة، ما كان مع سيدنا رسول اللّه، صلى
اللّه عليه وسلم. والثاني أَن يكون ذبحها لزاده في خروجه، فاتفق ذلك عند صنم كانوا يذبحون عنده، لا أَنه ذبحها للصنم، هذا إِذا جُعِلَ النُّصُب الصَّنم، فأَما إِذا جُعِلَ الحجر الذي يذبح عنده، فلا كلام فيه، فظن زيد بن عمرو أَن ذلك اللحم مما كانت قريش تذبحه لأَنصابها، فامتنع لذلك، وكان زيد يخالف قريشاً في كثير من أُمورها، ولم يكن الأَمْرُ كما ظَنَّ زيد.
القُتَيْبـيُّ: النُّصُب صَنَم أَو حَجَرٌ، وكانت الجاهلية تَنْصِـبُه،
تَذْبَحُ عنده فيَحْمَرُّ للدمِ؛ ومنه حديث أَبي ذرّ في إِسلامه، قال:
فخَررْتُ مَغْشِـيّاً عليّ ثم ارْتَفَعْتُ كأَني نُصُبٌ أَحمر؛ يريد أَنهم
ضَرَبُوه حتى أَدْمَوْه، فصار كالنُّصُب الـمُحْمَرِّ بدم الذبائح. أَبو
عبيد: النَّصائِبُ ما نُصِبَ حَوْلَ الـحَوْضِ من الأَحْجار؛ قال ذو
الرمة:
هَرَقْناهُ في بادي النَّشِـيئةِ داثرٍ، * قَديمٍ بعَهْدِ الماءِ، بُقْعٍ نَصائِـبُهْ
والهاءُ في هَرَقْناه تَعُودُ على سَجْلٍ تقدم ذكره. الجوهري:
والنَّصِـيبُ الـحَوْضُ.
وقال الليث: النَّصْبُ رَفْعُك شيئاً تَنْصِـبُه قائماً مُنْتَصِـباً،
والكلمةُ الـمَنْصوبةُ يُرْفَعُ صَوْتُها إِلى الغار الأَعْلى، وكلُّ شيءٍ
انْتَصَبَ بشيءٍ فقد نَصَبَهُ. الجوهري: النَّصْبُ مصدر نَصَبْتُ الشيءَ إِذا أَقَمته.
وصَفِـيحٌ مُنَصَّبٌ أَي نُصِبَ بعضُه على بعض. ونَصَّبَتِ الخيلُ آذانَها: شُدِّد للكثرة أَو للمبالغة. والـمُنَصَّبُ من الخَيلِ: الذي يَغْلِبُ على خَلْقه كُلِّه نَصْبُ عِظامه، حتى يَنْتَصِبَ منه ما يحتاج إِلى عَطْفه. ونَصَبَ السَّيْرَ يَنْصِـبه نَصْباً: رَفَعه.
وقيل: النَّصْبُ أَن يسيرَ القومُ يَوْمَهُم، وهو سَيْرٌ لَيِّنٌ؛ وقد نَصَبوا نَصْباً. الأَصمعي: النَّصْبُ أَن يسير القومُ يومَهم؛ ومنه قول
الشاعر:
كأَنَّ راكِـبَها، يَهْوي بمُنْخَرَقٍ * من الجَنُوبِ، إِذا ما رَكْبُها نَصَبوا
قال بعضهم: معناه جَدُّوا السَّيْرَ.
وقال النَّضْرُ: النَّصْبُ أَوَّلُ السَّيْر، ثم الدَّبيبُ، ثم العَنَقُ، ثم التَّزَيُّدُ، ثم العَسْجُ، ثم الرَّتَكُ، ثم الوَخْدُ، ثم الـهَمْلَجَة. ابن سيده: وكلُّ شيءٍ رُفِعَ واسْتُقْبِلَ به شيءٌ، فقد نُصِبَ.
ونَصَبَ هو، وتَنَصَّبَ فلانٌ، وانْتَصَبَ إِذا قام رافعاً رأْسه. وفي حديث الصلاة: لا يَنْصِبُ رأْسه ولا يُقْنِعُه أَي لا يرفعه؛ قال ابن الأَثير: كذا في سنن أَبي داود، والمشهور: لا يُصَبِّـي ويُصَوِّبُ، وهما مذكوران في مواضعهما.
وفي حديث ابن عمر: مِنْ أَقْذَرِ الذُّنوبِ رجلٌ ظَلَمَ امْرَأَةً
صَداقَها؛ قيل للَّيْثِ: أَنَصَبَ ابنُ عمر الحديثَ إِلى رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم؟ قال: وما عِلْمُه، لولا أَنه سمعه منه أَي أَسنَدَه إِليه ورَفَعَه.
والنَّصْبُ: إِقامةُ الشيءِ ورَفْعُه؛ وقوله:
أَزَلُّ إِنْ قِـيدَ، وإِنْ قامَ نَصَبْ
هو من ذلك، أَي إِن قام رأَيتَه مُشْرِفَ الرأْس والعُنُق.
قال ثعلب: لا يكون النَّصْبُ إِلا بالقيام.
وقال مرة: هو نُصْبُ عَيْني، هذا في الشيءِ القائم
الذي لا يَخْفى عليَّ، وإِن كان مُلْـقًى؛ يعني بالقائم، في هذه الأَخيرة: الشيءَ الظاهرَ.القتيبي: جَعَلْتُه نُصْبَ عيني، بالضم، ولا تقل نَصْبَ عيني. ونَصَبَ له الحربَ نَصْباً: وَضَعَها. وناصَــبَه الشَّرَّ والحربَ والعَداوةَ مُــناصــبةً: أَظهَرَهُ له ونَصَبه، وكلُّه من الانتصابِ.
والنَّصِـيبُ: الشَّرَكُ الـمَنْصوب. ونَصَبْتُ للقَطا شَرَكاً.
ويقال: نَصَبَ فلانٌ لفلان نَصْباً إِذا قَصَدَ له، وعاداه، وتَجَرَّدَ
له. وتَيْسٌ أَنْصَبُ: مُنْتَصِبُ القَرْنَيْنِ؛ وعَنْزٌ نَصْباءُ: بَيِّنةُ
النَّصَب إِذا انْتَصَبَ قَرْناها؛ وتَنَصَّبَتِ الأُتُنُ حَوْلَ الـحِمار. وناقة نَصْباءُ: مُرْتَفِعةُ الصَّدْر. وأُذُنٌ نَصْباءُ: وهي التي تَنْتَصِبُ، وتَدْنُو من الأُخرى. وتَنَصَّبَ الغُبار: ارْتَفَعَ. وثَـرًى مُنَصَّبٌ: جَعْدٌ. ونَصَبْتُ القِدْرَ نَصْباً.
والـمِنْصَبُ: شيءٌ من حديد، يُنْصَبُ عليه القِدْرُ؛ ابن الأَعرابي:
الـمِنْصَبُ ما يُنْصَبُ عليه القِدْرُ إِذا كان من حديد.
قال أَبو الحسن الأَخفش: النَّصْبُ، في القَوافي، أَن تَسْلَمَ القافيةُ
من الفَساد، وتكونَ تامَّـةَ البناءِ، فإِذا جاءَ ذلك في الشعر
المجزوءِ، لم يُسَمَّ نَصْباً، وإِن كانت قافيته قد تَمَّتْ؛ قال: سمعنا ذلك من العربِ، قال: وليس هذا مما سَمَّى الخليلُ، إِنما تؤْخَذ الأَسماءُ عن العرب؛ انتهى كلام الأَخفش كما حكاه ابن سيده. قال ابن سيده، قال ابن جني: لما كان معنى النَّصْبِ من الانْتِصابِ، وهو الـمُثُولُ والإِشْرافُ والتَّطاوُل، لم يُوقَعْ على ما كان من الشعر مجزوءاً، لأَن جَزْأَه عِلَّةٌ وعَيْبٌ لَحِقَه، وذلك ضِدُّ الفَخْرِ والتَّطاوُل. والنَّصِـيبُ: الـحَظُّ من كلِّ شيءٍ. وقوله، عز وجل: أُولئك يَنالُهم نَصيبُهم من الكتاب؛ النَّصِـيب هنا: ما أَخْبَرَ اللّهُ من جَزائهم، نحو قوله تعالى: فأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى؛ ونحوُ قوله تعالى: يَسْلُكْه عذاباً صَعَداً؛ ونحو قوله تعالى: إِن المنافقين في الدَّرْكِ الأَسْفل من النار؛ ونحو قوله تعالى: إِذا الأَغْلالُ في أَعْناقِهِم والسَّلاسِلُ، فهذه أَنْصِـبَتُهم من الكتاب، على قَدْرِ ذُنُوبِهم في كفرهم؛ والجمع أَنْصِـباءُ وأَنْصِـبةٌ.
والنِّصْبُ: لغة في النَّصِـيبِ. وأَنْصَبَه: جَعَلَ له نَصِـيباً. وهم يَتَــناصَــبُونَه أَي يَقْتَسمونه. والـمَنْصِبُ والنِّصابُ: الأَصل والـمَرْجِـع.
والنِّصابُ: جُزْأَةُ السِّكِّين، والجمع نُصُبٌ.
وأَنْصَبَها: جَعَلَ لها نِصاباً، وهو عَجْزُ السكين. ونِصابُ السكين:
مَقْبِضُه. وأَنْصَبْتُ السكين: جَعَلْتُ له مَقْبِضاً. ونِصابُ كلِّ
شيءٍ: أَصْلُه. والـمَنْصِبُ: الأَصلُ، وكذلك النِّصابُ؛ يقال: فلانٌ
يَرْجِـعُ إِلى نِصاب صِدْقٍ، ومَنْصِبِ صِدْقٍ، وأَصْلُه مَنْبِتُه
ومَحْتِدُه.وهَلَكَ نِصابُ مالِ فلانٍ أَي ما اسْتَطْرفه. والنِّصابُ من المال: القَدْرُ الذي تجب فيه الزكاة إِذا بَلَغَه، نحو مائَتَيْ درهم، وخَمْسٍ من الإِبل. ونِصابُ الشَّمْسِ: مَغِـيبُها ومَرْجِعُها الذي تَرْجِـعُ إِليه. وثَغْرٌ مُنَصَّبٌ: مُسْتَوي النِّبْتةِ كأَنه نُصبَ فسُوِّيَ.
والنَّصْبُ: ضَرْبٌ من أَغانيّ الأَعراب. وقد نَصَبَ الراكبُ نَصْباً إِذا غَنَّى النَّصْبَ. ابن سيده: ونَصْبُ العربِ ضَرْبٌ من أَغانِـيّها.
وفي حديث نائل (1)
(1 قوله «وفي حديث نائل» كذا بالأصل كنسخة من النهاية بالهمز وفي أخرى منها نابل بالموحدة بدل الهمز.) ، مولى عثمان: فقلنا لرباحِ بن الـمُغْتَرِفِ: لو نَصَبْتَ لنا نَصْبَ
العَرب أَي لو تَغَنَّيْتَ؛ وفي الصحاح: لو غَنَّيْتَ لنا غِناءَ
العَرَب، وهو غِناءٌ لهم يُشْبِه الـحُداءَ، إِلا أَنه أَرَقُّ منه. وقال أَبو
عمرو: النَّصْبُ حُداءٌ يُشْبِهُ الغِناءَ. قال شمر: غِناءُ النَّصْبِ هو
غِناءُ الرُّكْبانِ، وهو العَقِـيرةُ؛ يقال: رَفَعَ عَقيرته إِذا غَنَّى
النَّصْبَ؛ وفي الصحاح: غِناءُ النَّصْبِ ضَرْب من الأَلْحان؛ وفي حديث السائبِ بن يزيد: كان رَباحُ بنُ الـمُغْتَرِفِ يُحْسِنُ غِناءَ
(يتبع...)
(تابع... 1): نصب: النَّصَبُ: الإِعْياءُ من العَناءِ. والفعلُ نَصِبَ الرجلُ،... ...
النَّصْبِ، وهو ضَرْبٌ من أَغانيّ العَرب، شَبيهُ الـحُداءِ؛ وقيل: هو الذي أُحْكِمَ من النَّشِـيد، وأُقِـيمَ لَحْنُه ووزنُه. وفي الحديث: كُلُّهم كان يَنْصِبُ أَي يُغَنِّي النَّصْبَ. ونَصَبَ الحادي: حَدا ضَرْباً من الـحُداءِ.
والنَّواصِبُ: قومٌ يَتَدَيَّنُونَ ببِغْضَةِ عليّ، عليه السلام. ويَنْصُوبُ: موضع.
ونُصَيْبٌ: الشاعر، مصغَّر. ونَصيبٌ ونُصَيْبٌ: اسمان.
ونِصابٌ: اسم فرس.
والنَّصْبُ، في الإِعْراب: كالفتح، في البناءِ، وهو من مُواضَعات
النحويين؛ تقول منه: نَصَبْتُ الحرفَ، فانْتَصَبَ.
وغُبار مُنْتَصِبٌ أَي مُرْتَفِـع.
ونَصِـيبينَ: اسمُ بلد، وفيه للعرب مذهبان: منهم مَن يجعله اسماً
واحداً، ويُلْزِمُه الإِعرابَ، كما يُلْزم الأَسماءَ المفردةَ التي لا تنصرف، فيقول: هذه نَصِـيبينُ، ومررت بنَصِـيبينَ، ورأَيتُ نَصِـيبينَ، والنسبة نَصِـيبـيٌّ، ومنهم مَن يُجْريه مُجْرى الجمع، فيقول هذه نَصِـيبُونَ، ومررت بنَصِـيبينَ، ورأَيت نَصِـيبينَ. قال: وكذلك القول في يَبْرِينَ، وفِلَسْطِـينَ، وسَيْلَحِـينَ، وياسمِـينَ، وقِنَّسْرينَ، والنسبة إِليه، على هذا: نَصِـيبينيٌّ، ويَبْرينيٌّ، وكذلك أَخواتها. قال ابن بري، رحمه اللّه: ذكر الجوهري أَنه يقال: هذه نَصِـيبينُ ونَصِـيبون، والنسبة إِلى قولك نَصِـيبين، نصيبـيٌّ، وإِلى قولك نصيبون، نصيبينيّ؛ قال: والصواب عكس هذا، لأَن نَصِـيبينَ اسم مفرد معرب بالحركات، فإِذا نسبتَ إِليه أَبقيته على حاله، فقلت: هذا رجلٌ نَصِـيبينيٌّ؛ ومن قال نصيبون، فهو معرب إِعراب جموع السلامة، فيكون في الرفع بالواو، وفي النصب والجر بالياءِ، فإِذا نسبت إِليه، قلت: هذا رجل نَصِـيبـيّ، فتحذف الواو والنون؛ قال: وكذلك كلُّ ما جمعته جمع السلامة، تَرُدُّه في النسب إِلى الواحد، فتقول في زيدون، اسم رجل أَو بلد: زيديّ، ولا تقل زيدونيّ، فتجمع في الاسم الإِعرابَين، وهما الواو والضمة.
نوص: ناصَ للحركة نَوْصاً ومَــناصــاً: تهَيّأَ. وناصَ ينُوصُ نَوْصاً
ومَــناصــاً ومَنِيصاً: تحرك وذهب. وما يَنُوصُ فلان لحاجتي وما يقدر على أَن
يَنُوص أَي يتحرك لشيء. وناصَ يَنُوصُ نَوْصاً: عدل. وما به نَوِيصٌ أَي
قوة وحَراكٌ. وناوَصَ الجَرّة ثم سالمها أَي جابَذَها ومارَسَها، وهو مثل
قد ذكر عنه ذكر الجَرّة. ويقال: نُصْت الشيء جَذَبْتُه؛ قال المّرار:
وإِذا يُــناصُ رأَيْته كالأَشْوَس
وناصَ يَنُوصُ مَنِيصاً ومَــناصــاً: نَجا. أَبو سعيد: انْتاصَت الشمسُ
انْتياصاً إِذا غابت. وفي التنزيل: ولاتَ حِينَ مَــناصٍ؛ أَي وقت مَطْلَبٍ
ومَغاثٍ، وقيل: معناه أَي اسْتَغاثوا وليس ساعةَ ملْجإٍ ولا مَهْرب.
الأَزهري في ترجمة حيص: ناصَ وناضَ بمعنى واحد. قال اللّه عزّ وجلّ: ولاتَ حينَ
مــناص؛ أَي لاتَ حينَ مَهْربٍ أَي ليس وقت تأَخّرٍ وفِرارٍ. والنَّوْصُ:
الفِرارُ. والمَــناصُ: المَهْربُ. والمَــناصُ: الملْجأُ والمَفَرُّ. وناصَ
عن قِرنه يَنُوص نَوْصاً ومَــناصــاً أَي فرَّ وراغَ. ابن بري: النُّوص، بضم
النون، الهرب؛ قال عدي بن زيد:
يا نَفْسُ أَبْقي واتّقي شَتْمَ ذَوي الـ
ـأَعْراضِ في غير نُوص
والنَّوْصُ في كلام العرب: التأَخر، والبَوْصُ: التقدم، يقال: نُصْته؛
وأَنشد قول امرئ القيس:
أَمِن ذِكْرِ سَلْمى إِذْ نَأَتْكَ، تَنُوصُ
فَتَقْصُر عنها خَطْوةً وتَبُوصُ؟
فمَــناص مَفْعل: مثل مَقام. وقال الأَزهري: قوله ولات حين مــناص، لات في
الأَصل لاه، وهاؤها هاء التأْنيث، تَصير تاءً عند المُرورِ عليها مثل
ثُمَّ وثُمَّت، تقول: عمراً ثُمَّتَ خالداً. أَبو تراب: يقال لاصَ عن الأَمر
وناصَ بمعنى حادَ. وأَنَصْت أَن آخُذَ منه شيئاً أُنِيصُ إِــناصــةً أَي
أَردت. وناصَــه ليُدْرِكه: حركه. والنَّوْص والمَــناصُ: السخاء؛ حكاه أَبو علي
في التذكرة.
والنائِصُ: الرافعُ رأْسه نافراً، وناصَ الفرسُ عند الكَبْحِ والتحريك.
وقولهم: ما به نَويصٌ أَي قُوّةٌ وحَراكٌ. واسْتــناصَ: شَمَخَ برأْسه،
والفرس يَنِيصُ ويَسْتَنِيصُ؛ وقال حارثة بن بدر:
غَمْرُ الجِراء إِذا قَصَرْتُ عِنانَه
بِيَدي، اسْتــناص ورامَ جَرْيَ المِسْحَل
واسْتــناصَ أَي تأَخّر. والنَّوْصُ: الحمارُ الوحشي لا يزال نائصاً
رافعاً رأْسه يتردد كأَنه نافذ جامح. والمُنَوَّصُ: المُلَطَّخُ؛ عن كراع.
وأَنَصْت الشيء: أَدَرْته، وزعم اللحياني أَن نونه بدل من لام أَلَصْته. ابن
لأَعرابي: الصَّاني اللازِمُ للخِدْمة والــناصــي المُعَرْبِد. ابن
الأَعرابي: النَّوْصة الغَسْلة بالماء أَو غيره، قال الأَزهري: الأَصل مَوْصة،
فقبلت الميم نوناً.
سفع: السُّفْعةُ والسَّفَعُ: السَّوادُ والشُّحُوبُ، وقيل: نَوْع من
السَّواد ليس بالكثير، وقيل: السواد مع لون آخر، وقيل: السواد المُشْرَبُ
حُمْرة، الذكر أَسْفَعُ والأُنثى سَفْعاءُ؛ ومنه قيل للأَثافي سُفْعٌ، وهي
التي أُوقِدَ بينها النار فسَوَّدَت صِفاحَها التي تلي النار؛ قال زهير:
أَثافيَّ سُفْعاً في مُعَرَّسِ مِرْجَل
وفي الحديث: أَنا وسَفْعاءُ الخدَّيْنِ الحانِيةُ على ولدها يومَ
القيامة كَهاتَيْنِ، وضَمَّ إِصْبَعَيْه؛ أَراد بسَفْعاءِ الخدَّيْنِ امرأَة
سوداء عاطفة على ولدها، أَراد أَنها بذلت نفسها وتركت الزينة والترَفُّه
حتى شحِبَ لونها واسودَّ إِقامة على ولدها بعد وفاة زوجها، وفي حديث أَبي
عمرو النخعي: لما قدم عليه فقال: يا رسول الله إِني رأَيت في طريقي هذا
رؤْيا، رأَيت أَتاناً تركتها في الحيّ ولدت جَدْياً أَسْفَعَ أَحْوَى، فقال
له: هل لك من أَمة تركتها مُسِرَّةً حَمْلاً؟ قال: نعم، قال: فقد ولدت
لك غلاماً وهو ابنك. قال: فما له أَسْفَعَ أَحْوى؟ قال: ادْنُ مِنِّي،
فدنا منه، قال: هل بك من بَرَص تكتمه؟ قال: نعم، والذي بعثك بالحق ما رآه
مخلوق ولا علم به قال: هو ذاك ومنه حديث أَبي اليَسَر: أَرَى في وجهك
سُفْعةً من غضَب أَي تغيراً إِلى السواد. ويقال: للحَمامة المُطَوَّقة
سَفْعاءُ لسواد عِلاطَيْها في عُنُقها. وحَمامة سفعاء: سُفْعَتُها فوق
الطَّوْقِ؛ وقال حميد بن ثور:
منَ الْوُرْقِ سَفْعاء العِلاطَيْنِ باكَرَتْ
فُرُوعَ أَشاءٍ، مَطْلَع الشَّمْسِ، أَسْحَما
ونَعْجة سَفْعاءُ: اسوَدّ خَدّاها وسائرها أَبيض. والسُّفْعةُ في الوجه:
سواد في خَدَّي المرأَة الشاحِبةِ. وسُفَعُ الثوْرِ: نُقَط سُود في
وجهه، ثَوْرٌ أَسْفَع ومُسَفَّعٌ. والأَسْفَعُ: الثوْرُ الوحْشِيُّ الذي في
خدّيه سواد يضرب إِلى الحُمرة قليلاً؛ قال الشاعر يصف ثَوْراً وحشيّاً
شبَّه ناقته في السرعة به:
كأَنها أَسْفَعُ ذُو حِدّةٍ،
يَمْسُدُه البَقْلُ ولَيْلٌ سَدِي
كأَنما يَنْظُرُ مِن بُرْقُع،
مِنْ تَحْتِ رَوْقٍ سَلِبٍ مِذْوَدِ
شبَّه السُّفْعةَ في وجه الثور بِبُرْقُع أَسْودَ، ولا تكون السُّفْعةُ
إِلا سواداً مُشْرَباً وُرْقةً، وكل صَقْرٍ أَسْفَعُ، والصُّقُورُ كلها
سُفْعٌ. وظَلِيمٌ أَسْفَعُ: أَرْبَدُ.
وسَفَعَتْهُ النارُ والشمسُ والسَّمُومُ تَسْفَعُه سَفْعاً فَتَسَفَّعَ:
لَفَحَتْه لَفْحاً يسيراً فغيرت لون بشَرته وسَوَّدَتْه. والسَّوافِعُ:
لَوافِحُ السَّمُوم؛ ومنه قول تلك البَدوِيّةِ لعمر بن عبد الوهاب
الرياحي: ائْتِني في غداةٍ قَرَّةٍ وأَنا أَتَسَفَّعُ بالنار.
والسُّفْعةُ: ما في دِمْنةِ الدار من زِبْل أَو رَمْل أَو رَمادٍ أَو
قُمامٍ مُلْتبد تراه مخالفاً للون الأَرض، وقيل: السفعة في آثار الدار ما
خالف من سوادِها سائر لَوْنِ الأَرض؛ قال ذو الرمة:
أَمْ دِمْنة نَسَفَتْ عنها الصِّبا سُفَعاً،
كما يُنَشَّرُ بَعْدَ الطِّيّةِ الكُتُبُ
ويروى: من دِمْنة، ويروى: أَو دِمْنة؛ أَراد سواد الدّمن أَنّ الريح
هَبَّتْ به فنسفته وأَلبَسَتْه بياض الرمل؛ وهو قوله:
بجانِبِ الزرْق أَغْشَتْه معارِفَها
وسَفَعَ الطائِرُ ضَرِيبَتَه وسافعَها: لَطَمَها بجناحه. والمُسافَعةُ:
المُضارَبةُ كالمُطارَدةِ؛ ومنه قول الأَعشى:
يُسافِعُ وَرْقاءَ غَوْرِيّةً،
لِيُدْرِكُها في حَمامٍ ثُكَنْ
أَي يُضارِبُ، وثُكَنٌ: جماعاتٌ. وسَفَعَ وجهَه بيده سَفْعاً: لَطَمَه.
وسَفَع عُنُقَه: ضربها بكفه مبسوطة، وهو مذكور في حرف الصاد. وسَفَعَه
بالعَصا: ضَربه. وسافَعَ قِرْنه مُسافَعةً وسِفاعاً: قاتَلَه؛ قال خالد بن
عامر
(* قوله «خالد بن عامر» بهامش الأصل وشرح القاموس: جنادة ابن عامر
ويروى لأبي ذؤيب.):
كأَنَّ مُجَرَّباً مِنْ أُسْدِ تَرْج
يُسافِعُ فارِسَيْ عَبْدٍ سِفاعا
وسَفَعَ بــناصِــيته ورجله يَسْفَعُ سَفْعاً: جذَب وأَخَذ وقَبض. وفي
التنزيل: لَنَسْفَعنْ بالــناصــية ناصــية كاذبة؛ ناصِــيَتُه: مقدَّم رأْسِه، أَي
لَنَصْهَرَنَّها ولنأْخُذَنَّ بها أَي لنُقْمِئَنَّه ولَنُذِلَّنَّه؛
ويقال: لنأْخُذنْ بالــناصــية إِلى النار كما قال: فيؤخذ بالنواصي والأَقدام.
ويقال: معنى لنسفعنْ لنسوّدنْ وجهه فكَفَتِ الــناصــيةُ لأَنها في مقدّم الوجه؛
قال الأَزهري: فأَما من قال لنسفعنْ بالــناصــية أَي لنأْخُذنْ بها إِلى
النار فحجته قول الشاعر:
قَومٌ، إِذا سَمِعُوا الصَّرِيخَ رأَيْتَهُم
مِنْ بَيْنِ مُلْجِمِ مُهْرِهِ، أَو سافِعِ
أَراد وآخِذٍ بــناصــيته. وحكى ابن الأَعرابي: اسْفَعْ بيده أَي خُذْ بيده.
ويقال: سَفَعَ بــناصــية الفرس ليركبه؛ ومنه حديث عباس الجشمي: إِذا بُعِثَ
المؤمن من قبره كان عند رأْسه ملَك فإِذا خرج سفَع بيده وقال: أَنا
قرينُك في الدنيا، أَي أَخذ بيده، ومن قال: لنسفعنْ لنسوّدنْ وجهه فمعناه
لنَسِمنْ موضع الــناصــية بالسواد، اكتفى بها من سائر الوجه لأَنه مُقدَّم
الوجه؛ والحجة له قوله:
وكنتُ، إِذا نَفْسُ الغَوِيّ نَزَتْ به،
سَفَعْتُ على العِرْنِين منه بمِيسَمِ
أَراد وَسَمْتُه على عِرْنِينِه، وهو مثل قوله تعالى: سَنَسِمُه على
الخُرْطوم. وفي الحديث: ليصيبن أَقواماً سَفْعٌ من النار أَي علامة تغير
أَلوانهم. يقال: سَفَعْتُ الشيءَ إِذا جعلت عليه علامة، يريد أَثراً من
النار. والسَّفْعةُ: العين. ومرأَة مَسْفُوعةٌ: بها سَفعة أَي إِصابة عين،
ورواها أَبو عبيد: شَفْعةٌ، ومرأَة مشفوعة، والصحيح ما قلناه.
ويقال: به سَفْعة من الشيطان أَي مَسٌّ كأَنه أَخذ بــناصــيته. وفي حديث
أُم سلمة، رضي الله عنها، أَنه، صلى الله عليه وسلم، دخل عليها وعندها
جارية بها سَفْعةٌ، فقال: إِنّ بها نَظْرةً فاسْتَرْقُوا لها أَي علامة من
الشيطان، وقيل: ضَربة واحدة منه يعني أَنّ الشيطان أَصابها، وهي المرة من
السَّفْعِ الأَخذِ، المعنى أَن السَّفْعَة أَدْرَكَتْها من قِبَلِ النظرة
فاطلبوا لها الرُّقْيةَ، وقيل: السَّفْعةُ العين، والنَّظْرة الإِصابةُ
بالعين؛ ومنه حديث ابن مسعود: قال لرجل رآه: إِنَّ بهذا سَفعة من الشيطان،
فقال له الرجل: لم أَسمع ما قلت، فقال: نشدتك بالله هل ترى أَحداً خيراً
منك؟ قال: لا، قال: فلهذا قُلْتُ ما قُلْتُ، جعل ما به من العُجْب بنفسه
مَسّاً من الجنون. والسُّفْعةُ والشُّفْعةُ، بالسين والشين: الجنون.
ورجل مَسْفوع ومشفوع أَي مجنون.
والسَّفْعُ: الثوب، وجمعه سُفُوع؛ قال الطرماح:
كما بَلَّ مَتْنَيْ طُفْيةٍ نَضْحُ عائطٍ،
يُزَيِّنُها كِنٌّ لها وسُفُوعُ
أَراد بالعائط جارية لم تَحْمِلْ. وسُفُوعها: ثيابها.
واسْتَفَعَ الرجلُ: لَبِسَ ثوبه. واستفعت المرأَة ثيابها إِذا لبستها،
وأَكثر ما يقال ذلك في الثياب المصبوغة.
وبنو السَّفْعاء: قبيلة. وسافِعٌ وسُفَيْعٌ ومُسافِعٌ: أَسماء.
عزز: العَزِيزُ: من صفات الله عز وجل وأَسمائه الحسنى؛ قال الزجاج: هو
الممتنع فلا يغلبه شيء، وقال غيره: هو القوي الغالب كل شيء، وقيل: هو الذي
ليس كمثله شيء. ومن أَسمائه عز وجل المُعِزُّ، وهو الذي يَهَبُ العِزَّ
لمن يشاء من عباده. والعِزُّ: خلاف الذُّلِّ. وفي الحديث: قال لعائشة: هل
تَدْرِينَ لِمَ كان قومُك رفعوا باب الكعبة؟ قالت: لا، قال: تَعَزُّزاً
أَن لا يدخلها إِلا من أَرادوا أَي تَكَبُّراً وتشدُّداً على الناس، وجاء
في بعض نسخ مسلم: تَعَزُّراً، براء بعد زايٍ، من التَّعْزير والتوقير،
فإِما أَن يريد توقير البيت وتعظيمه أَو تعظيمَ أَنفسهم وتَكَبُّرَهم على
الناس. والعِزُّ في الأَصل: القوة والشدة والغلبة. والعِزُّ والعِزَّة:
الرفعة والامتناع، والعِزَّة لله؛ وفي التنزيل العزيز: ولله العِزَّةُ
ولرسوله وللمؤمنين؛ أَي له العِزَّة والغلبة سبحانه. وفي التنزيل العزيز: من
كان يريد العِزَّةَ فللَّه العِزَّةُ جميعاً؛ أَي من كان يريد بعبادته
غير الله فإِنما له العِزَّة في الدنيا ولله العِزَّة جميعاً أَي يجمعها
في الدنيا والآخرة بأَن يَنْصُر في الدنيا ويغلب؛ وعَزَّ يَعِزّ، بالكسر،
عِزًّا وعِزَّةً وعَزازَة، ورجل عَزيزٌ من قوم أَعِزَّة وأَعِزَّاء
وعِزازٍ. وقوله تعالى: فسوف يأْتي اللهُ بقوم يحبهم ويحبونه أَذِلَّةٍ على
المؤمنين أَعِزَّةٍ على الكافرين؛ أَي جانبُهم غليظٌ على الكافرين لَيِّنٌ
على المؤمنين؛ قال الشاعر:
بِيض الوُجُوهِ كَرِيمَة أَحْسابُهُمْ،
في كلِّ نائِبَةٍ عِزاز الآنُفِ
وروي:
بِيض الوُجُوه أَلِبَّة ومَعاقِل
ولا يقال: عُزَزَاء كراهية التضعيف وامتناع هذا مطرد في هذا النحو
المضاعف. قال الأَزهري: يَتَذَلَّلُون للمؤمنين وإِن كانوا أَعِزَّةً
ويَتَعَزَّزُون على الكافرين وإِن كانوا في شَرَف الأَحْساب دونهم. وأَعَزَّ
الرجلَ: جعله عَزِيزاً. ومَلِكٌ أَعَزُّ: عَزِيزٌ؛ قال الفرزدق:
إِن الذي سَمَكَ السَّماءَ بَنى لنا
بَيْتاً دَعائِمُهُ أَعَزُّ وأَطْوَلُ
أَي عَزِيزَةٌ طويلة، وهو مثل قوله تعالى: وهو أَهْوَنُ عليه، وإِنما
وَجَّهَ ابنُ سيده هذا على غير المُفاضلة لأَن اللام ومِنْ متعاقبتان، وليس
قولهم الله أَكْبَرُ بحجَّة لأَنه مسموع، وقد كثر استعماله، على أَن هذا
قد وُجِّهَ على كبير أَيضاً. وفي التنزيل العزيز: ليُخْرِجَنَّ
الأَعَزُّ منها الأَذَلَّ، وقد قرئ: ليخْرُجَنَّ الأَعَزُّ منها الأَذَلَّ أَي
ليَخْرُجَنَّ العزيزُ منها ذليلاً، فأَدخل اللام والأَلف على الحال، وهذا
ليس بقويّ لأَن الحال وما وضع موضعها من المصادر لا يكون معرفة؛ وقول
أَبي كبير:
حتى انتهيْتُ إِلى فِراشِ عَزِيزَة
شَعْواءَ، رَوْثَةُ أَنْفِها كالمِخْصَفِ
(* قوله« شعواءَ» في القاموس في هذه المادة بدله سوداء.)
عنى عقاباً، وجعلها عَزِيزَةً لامتناعها وسُكْناها أَعالي الجبال. ورجل
عزِيزٌ: مَنِيع لا يُغْلب ولا يُقْهر. وقوله عز وجل: ذُقْ إِنك أَنت
العَزِيزُ الكريم؛ معناه ذُقْ بما كنت تعَدُّ في أَهل العِزّ والكرم كما قال
تعالى في نقيضه: كلوا واشربوا هنيئاً بما كنتم تعملون؛ ومن الأَوّل قول
الأَعشى:
على أَنها، إِذْ رَأَتْني أُقا
دُ، قالتْ بما قَدْ أَراهُ بَصِيرا
وقال الزجاج: نزلت في أَبي جهل، وكان يقول: أَنا أَعَزُّ أَهلِ الوادي
وأَمنعُهم، فقال الله تعالى: ذُقْ إِنك أَنت العَزِيزُ الكريم، معناه ذُقْ
هذا العذاب إِنك أَنت القائل أَنا العَزِيزُ الكريم. أَبو زيد: عَزَّ
الرجلُ يَعِزُّ عِزّاً وعِزَّةً إِذا قوي بعد ذِلَّة وصار عزيزاً.
وأَعَزَّه اللهُ وعَزَزْتُ عليه: كَرُمْت عليه. وقوله تعالى: وإِنه لكتاب عَزِيزٌ
لا يأْتيه الباطلُ من بين يديه ولا من خَلْفه؛ أَي أَن الكتب التي
تقدّمته لا تبطله ولا يأْتي بعده كتاب يبطله، وقيل: هو محفوظ من أَن يُنْقَصَ
ما فيه فيأْتيه الباطل من بين يديه، أَو يُزاد فيه فيأْتيه الباطل من
خلفه، وكِلا الوجهين حَسَنٌ، أَي حُفِظَ وعَزَّ مِنْ أَن يلحقه شيء من هذا.
ومَلِكٌ أَعَزّ وعَزِيزٌ بمعنى واحد. وعِزٌّ عَزِيزٌ: إِما أَن يكون على
المبالغة، وإِما أَن يكون بمعنى مُعِزّ؛ قال طرفة:
ولو حَضَرتْهُ تَغْلِبُ ابْنَةُ وائلٍ،
لَكانُوا له عِزّاً عَزيزاً وناصِــرا
وتَعَزَّزَ الرجلُ: صار عَزِيزاً. وهو يَعْتَزُّ بفلان واعْتَزَّ به.
وتَعَزَّزَ: تشرَّف. وعَزَّ عَليَّ يَعِزُّ عِزّاً وعِزَّةً وعَزازَةً:
كَرُمَ، وأَعْزَزتُه: أَكرمته وأَحببته، وقد ضَعَّفَ شمرٌ هذه الكلمة على
أَبي زيد
(* قوله « على أبي زيد» عبارة شرح القاموس: عن أبي زيد.) وعَزَّ
عَلَيَّ أَنْ تفعل كذا وعَزَّ عَلَيَّ ذلك أَي حَقَّ واشتدَّ. وأُعْزِزْتُ
بما أَصابك: عَظُم عليَّ. وأَعْزِزْ عليَّ بذلك أَي أَعْظِمْ ومعناه
عَظُمَ عليَّ. وفي حديث عليّ، رضي الله عنه، لما رأَى طَلْحَةَ قتيلاً قال:
أَعْزِزْ عليَّ أَبا محمد أَن أَراك مُجَدَّلاً تحت نجوم السماء؛ يقال:
عَزَّ عليَّ يَعِزُّ أَن أَراك بحال سيئة أَي يشتدُّ ويشق عليَّ. وكلمةٌ
شنعاء لأَهل الشِّحْر يقولون: بِعِزِّي لقد كان كذا وكذا وبِعِزِّكَ،
كقولك لَعَمْري ولَعَمْرُكَ. والعِزَّةُ: الشدَّة والقوَّة. يقل: عَزَّ
يَعَزُّ، بالفتح، إِذا اشتدَّ. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: اخْشَوْشِنُوا
وتَمَعْزَزُوا أَي تشدَّدوا في الدين وتصلَّبوا، من العِزِّ القوَّةِ
والشدةِ، والميم زائدة، كَتَمَسْكَن من السكون، وقيل: هو من المَعَزِ وهو
الشدة، وسيجيءُ في موضعه. وعَزَزْتُ القومَ وأَعْزَزْتُهم وعَزَّزْتُهم:
قَوَّيْتُهم وشَدَّدْتُهم. وفي التنزيل العزيز: فَعَزَّزْنا بثالث؛ أَي
قَوَّينا وشَدَّدنا، وقد قرئت: فَعَزَزْنا بثالث، بالتخفيف، كقولك شَدَدْنا،
ويقال في هذا المعنى أَيضاً: رجل عَزِيزٌ على لفظ ما تقدم، والجمع كالجمع.
وفي التنزيل العزيز: أذِلَّةٍ على المؤْمنين أَعِزَّةٍ على الكافرين أَي
أَشِداء عليهم، قال: وليس هو من عِزَّةِ النَّفْس. وقال ثعلب: في الكلام
الفصيح: إِذا عَزَّ أَخوكَ فَهُنْ، والعرب تقوله، وهو مَثَلٌ معناه إِذا
تَعَظَّم أَخوكَ شامِخاً عليك فالْتَزِمْ له الهَوانَ. قال الأَزهري:
المعنى إِذا غلبك وقهرك ولم تقاوِمْه فتواضع له، فإِنَّ اضْطِرابَكَ عليه
يزيدك ذُلاً وخَبالاً. قال أَبو إِسحق: الذي قاله ثعلب خطأٌ وإِنما الكلام
إِذا عزَّ أَخوك فَهِنْ، بكسر الهاء، معناه إِذا اشتد عليك فَهِنْ له
ودارِه، وهذا من مكارم الأَخلاق كما روي عن معاوية، رضي الله عنه، أَنه قال:
لو أَنَّ بيني وبين الناس شعرةً يمدُّونها وأَمُدُّها ما انقطعت، قيل:
وكيف ذلك؟ قال: كنت إِذا أَرْخَوْها مَدَدْتُ وإِذا مدُّوها أَرْخَيْت،
فالصحيح في هذا المثل فَهِنْ، بالكسر، من قولهم هان يَهِينُ إِذا صار
هَيِّناً لَيِّناً كقوله:
هَيْنُونَ لَيْنُونَ أَيْسارٌ ذَوُو كَرَمٍ،
سُوَّاسُ مَكْرُمَةٍ أَبناءُ أَطْهارِ
ويروى: أَيسار. وإِذا قال هُنْ، بضم الهاء، كما قاله ثعلب فهو من
الهَوانِ، والعرب لا تأْمر بذلك لأَنهم أَعزَّة أَبَّاؤُونَ للضَّيْم؛ قال ابن
سيده: وعندي أَن الذي قاله ثعلب صحيح لقول ابن أَحمر:
وقارعةٍ من الأَيامِ لولا
سَبِيلُهُمُ، لزَاحَتْ عنك حِينا
دَبَبْتُ لها الضَّرَاءَ وقلتُ: أَبْقَى
إِذا عَزَّ ابنُ عَمِّكَ أَن تَهُونا
قال سيبويه: وقالوا عَزَّ ما أَنَّك ذاهبٌ، كقولك: حقّاً أَنك ذاهب.
وعَزَّ الشيءُ يَعِزُّ عِزّاً وعِزَّةً وعَزازَةً وهو عَزِيز: قَلَّ حتى كاد
لا يوجد،وهذا جامع لكل شيء.
والعَزَزُ والعَزازُ: المكان الصُّلْب السريع السيل. وقال ابن شميل:
العَزازُ ما غَلُظَ من الأَرض وأَسْرَعَ سَيْلُ مطره يكون من القِيعانِ
والصَّحاصِحِ وأَسْنادِ الجبال والإِكامِ وظُهور القِفاف؛ قال العجاج:
من الصَّفا العاسِي ويَدْعَسْنَ الغَدَرْ
عَزَازَهُ، ويَهْتَمِرْنَ ما انْهَمَرْ
وقال أَبو عمرو: في مسايل الوادي أَبعدُها سَيْلاً الرَّحَبَة ثم
الشُّعْبَةُ ثم التَّلْعَةُ ثم المِذْنَبُ ثم العَزَازَةُ. وفي كتابه، صلى الله
عليه وسلم، لوَفْدِ هَمْدانَ: على أَن لهم عَزَازَها؛ العَزَازَ: ما
صَلُبَ من الأَرض واشتدّ وخَشُنَ، وإِنما يكون في أَطرافها؛ ومنه حديث
الزهري: قال كنتُ أَخْتَلِفُ إِلى عبيد الله بن عبد الله بن عُتْبَة فكنت
أَخدُمُه، وذكَر جُهْدَه في الخِدمة فَقَدَّرْتُ أَني اسْتَنْظَفْتُ ما عنده
واستغنيت عنه، فخرج يوماً فلم أَقُمْ له ولم أُظْهِرْ من تَكْرِمَته ما
كنتُ أُظهره من قبلُ فنظر إِليَّ وقال: إِنك بعدُ في العَزَازِ فَقُمْ أَي
أَنت في الأَطراف من العلم لم تتوسطه بعدُ. وفي الحديث: أَنه، صلى الله
عليه وسلم، نهى عن البول في العَزازِ لئلا يَتَرَشَّشَ عليه. وفي حديث
الحجاج في صفة الغيث: وأَسالت العَزازَ؛ وأَرض عَزازٌ وعَزَّاءُ وعَزَازَةٌ
ومَعْزوزةٌ: كذلك؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
عَزَازَة كلِّ سائِلِ نَفْعِ سَوْءٍ،
لكلِّ عَزَازَةٍ سالتْ قَرارُ
وأَنشد ثعلب:
قَرارة كل سائلِ نَفْعِ سَوْءٍ،
لكلِّ قَرارَةٍ سالتْ قَرارُ
قال: وهو أَجود. وأَعْزَزْنا: وقعنا في أَرضٍ عَزَازٍ وسرنا فيها، كما
يقال: أَسْهَلْنا وقعنا في أَرض سهلةٍ.
وعَزَّزَ المطرُ الأَرضَ: لَبَّدَها. ويقال للوابلِ إِذا ضرب الأَرض
السهلة فَشَدَّدَها حتى لا تَسُوخَ فيها الرِّجْلُ: قد عَزَّزَها وعَزَّزَ
منها؛ وقال:
عَزَّزَ منه، وهو مُعْطِي الإِسْهالْ،
ضَرْبُ السَّوارِي مَتْنَه بالتَّهْتالْ
وتَعَزَّز لحمُ الناقة: اشتدَّ وصَلُبَ. وتَعَزَّزَ الشيءُ: اشتدّ؛ قال
المُتَلَمِّسُ:
أُجُدٌ إِذا ضَمَرَتْ تَعَزَّزَ لَحْمُها،
وإِذا تُشَدُّ بِنِسْعِها لا تنْبِسُ
لا تَنْبِسُ أَي لا تَرْغُو. وفرسٌ مُعْتَزَّة: غليظة اللحم شديدته.
وقولهم تَعَزَّيْتُ عنه أَي تصبرت أَصلها تَعَزَّزْت أَي تشدّدت مثل
تَظَنَّيْت من تَظَنَّنْتُ، ولها نظائر تذكر في مواضعها، والاسم منه
العَزاءُ. وقول النبي، صلى الله عليه وسلم: مَنْ لم يَتَعَزَّ بِعَزاءِ اللهِ
فليس منَّا؛ فسره ثعلب فقال: معناه من لم يَرُدَّ أَمْرَه إِلى الله فليس
منا. والعَزَّاءُ: السَّنَةُ الشديدة؛ قال:
ويَعْبِطُ الكُومَ في العَزَّاءِ إِنْ طُرِقا
وقيل: هي الشدة. وشاة عَزُوزٌ: ضيِّقة الأَحاليل، وكذلك الناقة، والجمع
عُزُزٌ، وقد عَزَّتْ تَعُزُّ عُزُوزاً وعِزازاً وعَزُزَتْ عُزُزاً،
بضمتين؛ عن ابن الأَعرابي، وتَعَزَّزَتْ، والاسم العَزَزُ والعَزَازُ.
وفلان عَنْزٌ عَزُوزٌ: لها دَرُّ جَمٌّ، وذلك إِذا كان كثير المال
شحيحاً. وشاة عَزُوز: ضيقة الأَحاليل لا تَدِرُّ حتى تُحْلَبَ بجُهْدٍ. وقد
أَعَزَّت إِذا كانت عَزُوزاً، وقيل: عَزُزَتِ الناقة إِذا ضاق إِحليلها
ولها لبن كثير. قال الأَزهري: أَظهر التضعيف في عَزُزَتْ، ومثله قليل. وفي
حديث موسى وشعيب، عليهما السلام: فجاءَت به قالِبَ لَوْنٍ ليس فيها
عَزُوزٌ ولا فَشُوشٌ؛ العزُوزُ: الشاة البَكِيئَةُ القليلة اللبن الضَّيِّقَةُ
الإِحليل؛ ومنه حديث عمرو بن ميمون: لو أَن رجلاً أَخذ شاة عَزُوزاً
فحلبها ما فرغ من حَلْبِها حتى أُصَلِّيَ الصلواتِ الخمسَ؛ يريد التجوّز في
الصلاة وتخفيفَها؛ ومنه حديث أَبي ذرٍّ: هل يَثْبُتُ لكم العدوُّ حَلْبَ
شاةٍ؟ قال: إِي والله وأَرْبَعٍ عُزُزٍ؛ هو جمع عزوز كصَبُور وصُبُرٍ.
وعَزَّ الماءُ يَعِزُّ وعَزَّتِ القَرْحَةُ تَعِزُّ إِذا سال ما فيها،
وكذلك مَذَعَ وبَذَعَ وضَهَى وهَمَى وفَزَّ وفَضَّ إِذا سال.
وأَعَزَّتِ الشاة: اسْتَبانَ حَمْلُها وعَظُمَ ضَرْعُها؛ يقال ذلك
للمَعَز والضَّأْن، يقال: أَرْأَتْ ورَمَّدَتْ وأَعَزَّت وأَضْرَعَتْ بمعنى
واحد.
وعازَّ الرجلُ إِبلَه وغنمه مُعازَّةً إِذا كانت مِراضاً لا تقدر أَن
ترعى فاحْتَشَّ لها ولَقَّمَها، ولا تكون المُعازَّةُ إِلا في المال ولم
نسمع في مصدره عِزازاً. وعَزَّه يَعُزُّه عَزًّا: قهره وغلبه. وفي التنزيل
العزيز: وعَزَّني في الخِطاب؛ أَي غلبني في الاحتجاج. وقرأَ بعضهم:
وعازَّني في الخطاب، أَي غالبني؛ وأَنشد في صفة جَمَل:
يَعُزُّ على الطريقِ بمَنْكِبَيْهِ،
كما ابْتَرَكَ الخَلِيعُ على القِداحِ
يقول: يغلب هذا الجملُ الإِبلَ على لزوم الطريق فشبَّه حرصه على لزوم
الطريق وإِلحاحَه على السير بحرص هذا الخليع على الضرب بالقداح لعله يسترجع
بعض ما ذهب من ماله، والخليع: المخلوع المَقْمُور مالُه. وفي المثل: من
عَزَّ بَزَّ أي غَلَبَ سَلَبَ، والاسم العِزَّة، وهي القوّة والغلبة؛
وقوله:
عَزَّ على الريح الشَّبُوبَ الأَعْفَرا
أَي غلبه وحال بينه وبين الريح فردَّ وجوهها، ويعني بالشَّبُوب الظبي لا
الثور لأَن الأَعفر ليس من صفات البقر.
والعَزْعَزَةُ: الغلبة. وعازَّني فَعَزَزْتُه أَي غالبني فغلبته، وضمُّ
العين في مثل هذا مطَّرد وليس في كل شيءٍ، يقال: فاعلني فَفَعَلْتُه.
والعِزُّ: المطر الغَزير، وقيل: مطر عِزٌّ شديد كثير لا يمتنع منه سهل
ولا جبل إِلا أَساله. وقال أَبو حنيفة: العِزُّ المطر الكثير. أَرض
مَعْزُوزَة: أَصابها عِزٌّ من المطر. والعَزَّاءُ: المطر الشديد الوابل.
والعَزَّاءُ: الشِّدَّةُ.
والعُزَيْزاءُ من الفرس: ما بين عُكْوَتِه وجاعِرَتِه، يمد ويقصر، وهما
العُزَيْزاوانِ؛ والعُزَيْزاوانِ: عَصَبَتانِ في أُصول الصَّلَوَيْنِ
فُصِلَتا من العَجْبِ وأَطرافِ الوَرِكَينِ؛ وقال أَبو مالك: العُزَيْزاءُ
عَصَبَة رقيقة مركبة في الخَوْرانِ إِلى الورك؛ وأَنشد في صفة فرس:
أُمِرَّتْ عُزَيْزاءُ ونِيطَتْ كُرومُه،
إِلى كَفَلٍ رَابٍ، وصُلْبٍ مُوَثَّقِ
والكَرْمَةُ: رأْس الفخذ المستدير كأَنه جَوْزَةٌ وموضعُها الذي تدور
فيه من الورك القَلْتُ، قال: ومن مَدَّ العُزَيْزَا من الفرس قال:
عُزَيْزاوانِ، ومن قَصَرَ ثَنَّى عُزَيْزَيانِ، وهما طرفا الوَرِكين. وفي شرح
أَسماء الله الحسنى لابن بَرْجانَ: العَزُوز من أَسماء فرج المرأَة
البكر.والعُزَّى: شجرة كانت تُعبد من دون الله تعالى؛ قال ابن سيده: أُراه
تأْنيث الأَعَزِّ، والأَعَزُّ بمعنى العَزيزِ، والعُزَّى بمعنى العَزِيزَةِ؛
قال بعضهم: وقد يجوز في العُزَّى أَن تكون تأْنيث الأَعَزِّ بمنزلة
الفُضْلى من الأَفْضَل والكُبْرَى من الأَكْبَرِ، فإِذا كان ذلك فاللام في
العُزَّى ليست زائدة بل هي على حد اللام في الحَرثِ والعَبَّاسِ، قال:
والوجه أَن تكون زائدة لأَنا لم نسمع في الصفات العُزَّى كما سمعنا فيها
الصُّغْرى والكُبْرَى. وفي التنزيل العزيز: أَفرأَيتم اللاَّتَ والعُزَّى؛
جاءَ في التفسير: أَن اللاَّتَ صَنَمٌ كان لِثَقِيف، والعُزَّى صنم كان
لقريش وبني كِنانَةَ؛ قال الشاعر:
أَمَا ودِماءٍ مائراتٍ تَخالُها،
على قُنَّةِ العُزَّى وبالنَّسْرِ، عَنْدَما
ويقال: العُزَّى سَمُرَةٌ كانت لغَطَفان يعبدونها وكانوا بَنَوْا عليها
بيتاً وأَقاموا لها سَدَنَةً فبعث إِليها رسول الله، صلى الله عليه وسلم،
خالد بن الوليد فهدم البيت وأَحرق السَّمُرَة وهو يقول:
يا عُزَّ، كُفْرانَكِ لا سُبْحانَكِ
إِنِّي رأَيتُ الله قد أَهانَكِ
وعبد العُزَّى: اسم أَبي لَهَبٍ، وإِنما كَنَّاه الله عز وجل فقال:
تَبَّتْ يَدَا أَبي لَهَبٍ، ولم يُسَمِّه لأَن اسمه مُحالٌ.
وأَعَزَّت البقرةُ إِذا عَسُرَ حَمْلُها.
واسْتَعَزَّ الرَّمْلُ: تَماسَكَ فلم يَنْهَلْ. واسْتَعَزَّ الله بفلان
(* قوله« واستعز الله بفلان» هكذا في الأصل. وعبارة القاموس وشرحه:
واستعز الله به أماته.)
واسْتَعَزَّ فلان بحقِّي أَي غَلَبَني. واسْتُعِزَّ بفلان أَي غُلِبَ في
كل شيءٍ من عاهةٍ أَو مَرَضٍ أَو غيره. وقال أَبو عمرو: اسْتُعِزَّ
بالعليل إِذا اشتدَّ وجعُه وغُلِب على عقله. وفي الحديث: لما قَدِمَ المدينة
نزل على كُلْثوم بن الهَدْمِ وهو شاكٍ ثم اسْتُعِزَّ بكُلْثُومٍ فانتقل
إِلى سعد بن خَيْثَمة. وفي الحديث: أَنه اسْتُعِزَّ برسول الله، صلى الله
عليه وسلم، في مرضه الذي مات فيه أَي اشتدّ به المرضُ وأَشرف على الموت؛
يقال: عَزَّ يَعَزُّ، بالفتح
(* قوله« يقال عز يعز بالفتح إلخ» عبارة
النهاية: يقال عز يعز بالفتح إِذا اشتد، واستعز به المرض وغيره واستعز عليه
إذا اشتد عليه وغلبه، ثم يبنى الفعل للمفعول)، إِذا اشتدَّ، واسْتُعِزَّ
عليه إِذا اشتد عليه وغلبه.
وفي حديث ابن عمر، رضي الله عنه: أَن قوماً مُحْرِمِينَ اشتركوا في قتل
صيد فقالوا: على كل رجل مِنَّا جزاءٌ، فسأَلوا بعضَ الصحابة عما يجبُ
عليهم فأَمر لكل واحد منهم بكفَّارة، ثم سأَلوا ابنَ عمر وأَخبروه بفُتْيا
الذي أَفتاهم فقال: إِنكم لَمُعَزَّزٌ بكم، على جميعكم شاةٌ، وفي لفظٍ
آخر: عليكم جزاءٌ واحدٌ، قوله لَمُعَزَّزٌ بكم أَي مشدد بكم ومُثَقَّل عليكم
الأَمرُ: وفلانٌ مِعْزازُ المرض أَي شديده. ويقال له إِذا مات أَيضاً:
قد اسْتُعِزَّ به.
والعَزَّة، بالفتح: بنت الظَّبْية؛ قال الراجز:
هانَ على عَزّةَ بنتِ الشَّحَّاجْ
مَهْوَى جِمالِ مالِك في الإِدْلاجْ
وبها سميت المرأَة عَزَّة.
ويقال للعَنْز إِذا زُجِرت: عَزْعَزْ، وقد عَزْعَزْتُ بها فلم
تَعَزْعَزْ أَي لم تَتَنَحَّ، والله أَعلم.
نصص: النَّصُّ: رفْعُك الشيء. نَصَّ الحديث يَنُصُّه نصّاً: رفَعَه. وكل
ما أُظْهِرَ، فقد نُصَّ. وقال عمرو بن دينار: ما رأَيت رجلاً أَنَصَّ
للحديث من الزُّهْري أَي أَرْفَعَ له وأَسْنَدَ. يقال: نَصَّ الحديث إِلى
فلان أَي رفَعَه، وكذلك نصَصْتُه إِليه. ونَصَّت الظبيةُ جِيدَها:
رفَعَتْه.
ووُضِعَ على المِنَصَّةِ أَي على غاية الفَضِيحة والشهرة والظهور.
والمَنَصَّةُ: ما تُظْهَرُ عليه العروسُ لتُرَى،وقد نَصَّها وانتَصَّت هي،
والماشِطةُ تَنْتَصُّ عليها العروسَ فتُقْعِدُها على المِنَصَّة، وهي
تَنْتَصُّ عليها لتُرَى من بين النساء. وفي حديث عبدالله بن زمعة: أَنه
تَزَوَّج بنتَ السائب فلما نُصَّت لتُهْدَى إِليه طلَّقها، أَي أُقعِدَت على
المِنَصَّة، وهي بالكسر، سريرُ العروسِ، وقيل: هي بفتح الميم الحجَلةُ
عليها
(* قوله: عليها؛ هكذا في الأصل، ولعله: الحَجلةُ عليها العروس.) من
قولهم نَصَّصْت المتاعَ إِذا جعلت بعضه على بعض. وكل شيء أَظْهرْته، فقد
نَصَّصْته. والمِنَصّة: الثياب المُرَفّعة والفرُشُ الموَطَّأَة.
ونصَّ المتاعَ نصّاً: جعلَ بعضه على بعض. ونَصَّ الدابةَ يَنُصُّها
نصّاً: رَفَعَها في السير، وكذلك الناقة. وفي الحديث: أَن النبي، صلّى اللّه
عليه وسلّم، حين دَفَع من عرفات سار العَنَقَ فإِذا وجد فَجْوةً نَصَّ
أَي رفَع ناقتَه في السير، وقد نصَّصْت ناقتي: رفَعْتها في السير، وسير
نصٌّ ونَصِيصٌ. وفي الحديث: أَن أُم سلمة قالت لعائشة، رضي اللّه عنهما: ما
كنتِ قائلةً لو أَن رسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، عارَضَكِ ببعض
الفلوات ناصَّــةً قَلُوصَك من منهلٍ إِلى آخر؟ أَي رافعةً لها في السير؛ قال
أَبو عبيد: النَّصُّ التحريك حتى تستخرج من الناقة أَقصَى سيرها؛
وأَنشد:وتَقْطَعُ الخَرْقَ بسَيْرٍ نَصِّ
والنَّصُّ والنَّصِيصُ: السير الشديد والحثُّ، ولهذا قيل: نَصَصْت الشيء
رفعته، ومنه مِنَصَّة العروس. وأَصل النَّصّ أَقصى الشيء وغايتُه، ثم
سمي به ضربٌ من السير سريع. ابن الأَعرابي: النَّصُّ الإِسْنادُ إِلى
الرئيس الأَكبر، والنَّصُّ التوْقِيفُ، والنصُّ التعيين على شيءٍ ما، ونصُّ
الأَمرِ شدتُه؛ قال أَيوب بن عباثة:
ولا يَسْتَوي، عند نَصِّ الأُمو
رِ، باذِلُ معروفِه والبَخِيل
ونَصَّ الرجلَ نصّاً إِذا سأَله عن شيءٍ حتى يستقصي ما عنده. ونصُّ كلِّ
شيءٍ: منتهاه. وفي الحديث عن عليّ، رضي اللّه عنه، قال: إِذا بلَغَ
النساءُ نَصَّ الحِقاقِ فالعَصَبَةُ أَوْلى، يعني إِذا بلغت غاية الصغر إِلى
أَن تدخل في الكبر فالعصبة أَوْلى بها من الأُمِّ، يريد بذلك الإِدراكَ
والغاية. قال الأَزهري: النصُّ أَصلُه منتهى الأَشياء ومَبْلغُ أَقْصاها،
ومنه قيل: نصَصْتُ الرجلَ إِذا استقصيت مسأَلته عن الشيء حتى تستخرج كل
ما عنده، وكذلك النصّ في السير إِنما هو أَقصى ما تقدر عليه الدابة، قال:
فنصُّ الحِقاقِ إِنما هو الإِدراكُ، وقال المبرد: نصُّ الحقاق منتهى بلوغ
العقل، أَي إِذا بلغت من سِنِّها المبلغَ الذي يصلح أَن تُحاقِقَ
وتُخاصم عن نفسها، وهو الحِقاقُ، فعصبتُها أَولى بها من أُمِّها.
ويقال: نَصْنَصْت الشيءَ حركته. وفي حديث أَبي بكر حين دخل عليه عمر،
رضي اللّه عنهما، وهو يُنَصْنِصُ لِسانَه ويقول: هذا أَوْرَدَني المواردَ؛
قال أَبو عبيد: هو بالصاد لا غير، قال: وفيه لغة اُخرى ليست في الحديث
نَضْنَضْت، بالضاد. وروي عن كعب أَنه قال: يقول الجبار احْذَرُوني فإِني لا
أُــناصُّ عبداً إِلا عذَّبْتُه أَي لا أَستقصي عليه في السؤال والحساب،
وهي مفاعلة منه، إِلا عذَّبته. ونَصَّصَ الرجلُ غريمَه إِذا استقصى عليه.
وفي حديث هرقل: يَنُصُّهم أَي يستخرجُ رأْيهم ويُظْهِرُه؛ ومنه قول
الفقهاء: نَصُّ القرآنِ ونَصُّ السنَّة أَي ما دل ظاهرُ لفظهما عليه من
الأَحكام. شمر: النَّصْنَصَة والنَّضْنَضَةُ الحركة. وكل شيءٍ قَلْقَلْتَه، فقد
نَصْنَصْته.
والنُّصَّة: ما أَقبل على الجبهة من الشعر، والجمع نُصَصٌ ونِصاصٌ.
ونَصَّ الشيءَ: حركه. ونَصْنَصَ لسانه: حركه كنَضْنَضَه، غير أَن الصاد فيه
أَصل وليست بدلاً من ضاد نَضْنَضَه كما زعم قوم، لأَنهما ليستا أُخْتَين
فتبدل إِحداهما من صاحبتها. والنَّصْنَصَةُ: تحرُّك البعير إِذا نَهَضَ من
الأَرض. ونَصْنَص البعيرُ: فَحَص بصدره في الأَرض ليبرُك. الليث:
النَّصْنَصَة إِثبات البعير ركبتيه في الأَرْض وتحرُّكه إِذا همَّ بالنهوض.
ونَصْنَص البعيرُ: مثل حَصْحَصَ. ونَصْنَص الرجل في مشيه: اهتز منتصباً.
وانْتَصَّ الشيءُ وانتصب إِذا استوى واستقام؛ قال الراجز:
فبات مُنْتَصّاً وما تَكَرْدَسَا
وروى أَبو تراب عن بعض الأَعراب: كان حَصِيصُ القومِ ونَصِيصُهم
وبَصِيصُهم كذا وكذا أَي عَدَدُهم، بالحاء والنون والباء.
نصا: الــنَّاصِــيةُ: واحدة النَّواصي. ابن سيده: الــناصِــيةُ والنَّصاةُ،
لغة طيئية، قُصاصُ الشعر في مُقدَّم الرأْس؛ قال حُرَيْث بن عَتاب
الطائي:لقَدْ آذَنَتْ أَهْلَ اليَمامةِ طَيِّءٌ
بحَرْبٍ كــناصــاةِ الحِصانِ المُشَهَّرِ
وليس لها نظير إِلا حرفين: بادِيةٌ وباداةٌ وقارِيةٌ وقاراةٌ، وهي
الحاضِرةُ. ونَصاه نَصْواً: قبض على ناصِــيَتِه، وقيل: مَدَّ بها. وقال الفراء
في قوله عز وجل: لنَسْفَعَنْ بالــنّاصِــيةِ؛ ناصِــيَتُه مقدَّمُ رأْسه أَي
لنَهْصُرَنَّها لنَأْخُذَنَّ بها أَي لنُقِيمَنَّه ولَنُذِلَّنَّه. قال
الأَزهري: الــناصِــية عند العرب مَنْبِتُ الشعر في مقدَّم الرأْس، لا الشعَرُ
الذي تسميه العامة الــناصــية، وسمي الشعر ناصــية لنباته من ذلك الموضع،
وقيل في قوله تعالى: لنَسْفَعَنْ بالــناصِــية؛ أَي لنُسَوِّدَنَّ وجهه،
فكَفَتِ الــناصِــيةُ لأَنها في مقدّم الوجه من الوجه؛ والدليل على ذلك قول
الشاعر:وكُنتُ، إِذا نَفْس الغَوِيِّ نَزَتْ به،
سَفَعْتُ على العِرْنِينِ منه بِمِيسَمِ
ونَصَوْته: قبضت على ناصِــيَتِه. والمُــناصــاةُ: الأَخْذُ بالنَّواصي.
وقوله عز وجل: ما من دابة إِلا هو آخِذٌ بــناصِــيَتِها؛ قال الزجاج: معناه في
قَبْضَته تَنالُه بما شاء قُدرته، وهو سبحانه لا يَشاء إِلا العَدْلَ.
وناصَــيْتُه مُــناصــاةً ونِصاء: نَصَوْتُه ونَصاني؛ أَنشد ثعلب:
فأَصْبَحَ مِثْلَ الحِلْسِ يَقْتادُ نَفْسَه،
خَلِيعاً تُــناصِــيه أُمُورٌ جَلائِلُ
وقال ابن دريد: ناصَــيْتُه جَذَبْت ناصِــيَتَه؛ وأَنشد:
قِلالُ مَجْدٍ فَرَعَتْ آصاصا،
وعِزَّةً قَعْساءَ لَنْ تُــناصــى
وناصَــيْتُه إِذا جاذبْته فيأْخذ كل واحد منكما بــناصِــيةِ صاحبه. وفي حديث
عائشة، رضي الله عنها: لم تكن واحدةٌ من نساء النبي، صلى الله عليه
وسلم، تُــناصِــيني غير زَيْنَبَ أَي تُنازِعُني وتباريني، وهو أَن يأْخذ كه
واحد من المُتنازعين بــناصِــيةِ الآخر. وفي حديث مقتل عُمر: فثارَ إِليه
فتَــناصَــيا أَي تَواخَذا بالنَّواصِي؛ وقال عمرو بن مَعْدِ يكرب:
أَعَبَّاسُ لو كانت شَناراً جِيادُنا
بتَثْلِيثَ، ما ناصَــيْتَ بَعْدي الأَحامِسا
وفي حديث ابن عباس: قال للحسين حين أَراد العِراق لولا أَني أَكْرَهْ
لنَصَوْتك أَي أَخذت بــناصِــيَتِك ولم أَدَعْك تخرج.
ابن بري: قال ابن دريد النَّصِيُّ عَظْم العُنُق؛ ومنه قول ليلى
الأَخيلية:
يُشَبّهُونَ مُلوكاً في تَجِلَّتِهمْ،
وطولِ أَنْصِيةِ الأَعْناقِ والأُمَمِ
ويقال: هذه الفلاة تُــناصِــي أَرض كذا وتُواصِيها أَي تَتَّصل بها.
والمفازة تَنْصُو المَفازة وتُــناصــيها أَي تتصل بها؛ وقول أَبي ذؤيب:
لِمَنْ طَلَلٌ بالمُنْتَصى غَيْرُ حائلِ،
عَفا بَعْدَ عَهْدٍ من قِطارٍ ووابِلِ؟
قال السكري: المُنْتَصى أَعلى الوادِيين. وإِبل ناصِــيةٌ إِذا ارتَفَعتْ
في المرعى؛ عن ابن الأَعرابي.
وإِني لأَجِد في بطني نَصْواً ووَخْزاً أَي وَجَعاً، والنَّصْوُ مثل
المَغَس، وإِنما سمي بذلك لأَنه يَنْصوك أَي يُزْعِجُك عن القَرار. قال أَبو
الحسن: ولا أَدري ما وجه تعليله له بذلك. وقال الفراء: وجدْتُ في بطني
حَصْواً ونَصْواً وقَبْصاً بمعنى واحد. وانْتَصى الشيءَ: اخْتارَه؛ وأَنشد
ابن بري لحميد بن ثور يصف الظبية:
وفي كلِّ نَشْزٍ لها مَيْفَعٌ،
وفي كلِّ وَجْهٍ لها مُنْتَصى
قال: وقال آخر في وصف قطاة:
وفي كلِّ وَجْهٍ لها وِجْهةٌ،
وفي كلِّ نَحْوٍ لها مُنْتَصى
قال: وقال آخر:
لَعَمْرُكَ ما ثَوْبُ ابنِ سَعْدٍ بمُخْلِقٍ،
ولا هُوَ مِمّا يُنْتَصى فيُصانُ
يقول: ثوبه من العُذْر لا يُخْلِقُ، والاسم النِّصْيةُ، وهذه نَصِيَّتي.
وتَذَرَّيت بني فلان وتَنَصَّيْتُهم إِذا تَزَوَّجت في الذِّروة منهم
والــنّاصِــية. وفي حديث ذِي المِشْعارِ: نَصِيّةٌ من هَمْدان من كلِّ حاضِر
وبادٍ؛ النَّصِيّةُ منْ يُنْتَصى من القوم أَي يُخْتار من نَواصِيهم، وهمُ
الرُّؤوس والأَشْراف، ويقال للرُّؤساء نواصٍ كما يقال للأَتباع
أَذْنابٌ. وانْتَصَيْتُ من القوم رَجلاً أَي اخترته. ونَصِيّةُ القومِ: خِيارُهم.
ونَصِيَّةُ المال: بَقِيَّتُه. والنَّصِيّة: البَقِيَّة؛ قاله ابن
السكيت؛ وأَنشد للمَرّار الفَقْعَسي:
تَجَرَّدَ مِنْ نَصِيَّتها نَواجٍ،
كما يَنْجُو من البَقَر الرَّعِيلُ
(* قوله« تجرد من لخ» ضبط تجرد بصيغة الماضي كما ترى في التهذيب
والصحاح، وتقدم ضبطه في مادة رعل برفع الدال بصيغة المضارع تبعاً لما وقع في
نسخة من المحكم.)
وقال كعب بن مالك الأَنصاري:
ثَلاثةُ آلافٍ ونحنُ نَصِيّةٌ
ثلاثُ مِئينٍ، إِن كَثُرْنا، وأَربَعُ
وقال في موضع آخر: وفي الحديث أَن وفْدَ هَمْدانَ قَدِمُوا على
النبي،صلى الله عليه وسلم، فقالوا نحْنُ نَصِيَّةٌ من هَمْدانَ؛ قال الفراء:
الأَنْصاء السابقُونَ، والنَّصِيَّةُ الخِيار الأَشراف، ونَواصي القوم
مَجْمَعُ أَشرافِهم، وأَما السَّفِلة فهم الأَذْنابُ؛ قالت أُمّ قُبَيْسٍ
الضَّبِّيّة:
ومَشْهَدٍ قد كفَيْتُ الغائِبينَ به
في مَجْمَعٍ، من نَواصي النّاسِ، مَشْهُودِ
والنَّصِيَّةُ من القوم: الخِيارُ، وكذلك من الإِبل وغيرها.
ونَصَتِ الماشِطةُ المرأَةَ ونَصَّتْها فتَنَصَّتْ، وفي الحديث: أَن أُم
سلمة
(* قوله« أن أم سلمة» كذا بالأصل، والذي في نسخة التهذيب: ان بنت
أبي سلمة، وفي غير نسخة من النهاية: أن زينب.) تَسَلَّبَت على حمزة ثلاثة
أَيام فدعاها رسول الله،صلى الله عليه وسلم، وأَمرها أَن تنَصَّى
وتَكْتَحِلَ؛ قوله: أَمرها أَن تنَصَّى أَي تُسَرِّح شَعَرَها، أَراد تَنَصَّى
فحذف التاء تخفيفاً. يقال: تنَصَّتِ المرأَةُ إِذا رجَّلت شَعْرَها. وفي
حديث عائشة، رضي الله عنها، حين سُئِلت عن الميت يُسرَّح رأْسه فقالت:
عَلامَ تَنْصُون ميِّتَكم؟ قولها: تَنْصُون مأْخوذ من الــناصِــية، يقال:
نَصَوْتُ الرجل أَنْصُوه نَصْواً إِذا مَدَدْت ناصِــيَتَه، فأَرادت عائشة أَنَّ
الميتَ لا يَحتاجُ إِلى تَسْريحِ الرَّأْس، وذلك بمنزلة الأَخذ
بالــناصِــيةِ؛ وقال أَبو النَّجم:
إِنْ يُمْسِ رأْسي أَشْمَطَ العَــناصــي،
كأَنما فَرَّقَه مُــناصــي
قال الجوهري: كأَنَّ عائشةَ، رضي الله عنها، كَرِهَت تَسْريحَ رأْسِ
الميّتِ. وانْتَصى الشعَرُ أَي طال.
والنَّصِيُّ: ضَرْب من الطَّريفةِ ما دام رَطْباً، واحدتُه نَصِيّةٌ،
والجمع أَنْصاء، وأَــناصٍ جمعُ الجمع؛ قال:
تَرْعى أَــناصٍ مِنْ حرير الحَمْضِ
(* قوله« حرير الحمض» كذا في الأصل وشرح القاموس بمهملات، والذي في بعض
نسخ المحكم بمعجمات.)
وروي أَناضٍ، وهو مذكور في موضعه. قال ابن سيده: وقال لي أَبو العلاء لا
يكون أَناضٍ لأَنَّ مَنْبِتَ النصيِّ غير منبت الحمض. وأَنْصَتِ
الأَرضُ: كثر نَصِيُّها. غيره: النَّصِيُّ نَبت معروف، يقال له نَصِيٌّ ما دام
رَطباً، فإِذا ابْيضَّ فهو الطَّريفة، فإِذا ضَخُمَ ويَبِس فهو الحَلِيُّ؛
قال الشاعر:
لَقَدْ لَقِيَتْ خَيْلٌ بجَنْبَيْ بُوانةٍ
نَصِيّاً، كأَعْرافِ الكَوادِنِ، أَسْحَما
(* قوله «لقيت خيل» كذا في الأصل والصحاح هنا، والذي في مادة بون من
اللسان شول ومثله في معجم ياقوت.)
وقال الراجز:
نَحْنُ مَنَعْنا مَنْبِتَ النَّصِيِّ،
ومَنْبِتَ الضَّمْرانِ والحَلِيِّ
وفي الحديث: رأَيتُ قبُورَ الشُّهداء جثاً قد نَبَتَ عليها النَّصِيُّ؛
هو نَبْتٌ سَبْطٌ أَبيضُ ناعِمٌ من أَفضل المَرْعى. التهذيب: الأَصْناء
الأَمْثالُ، والأَنْصاءُ السَّابقُون.
نصف: النِّصْفُ: أَحد شقَّي الشيء. ابن سيده: النِّصْفُ والنُّصف،
بالضم، والنَّصِيفُ والنَّصْفُ؛ الأَخيرة عن ابن جني: أَحد جزأَي الكمال،
وقرأَ زيد بن ثابت: فلها النُّصْف. وفي الحديث: الصبر نِصْف الإيمان؛ قال ابن
الأَثير: أَراد بالصبر الوَرَع لأَن العبادة قِسمان: نُسُك وورَعٌ،
فالنُّسُك ما أَمَرَتْ به الشريعة، والورَعُ ما نَهَت عنه، وإنما يُنْتَهى
عنه بالصبر فكان الصبرُ نِصفَ الإيمانِ، والجمع أَنْصاف. ونصَفَ الشيءَ
يَنْصُفُه نَصْفاً وانتَصَفه وتَنَصَّفَه ونَصَّفه: أَخذ نِصْفَه.
والمُنَصَّفُ من الشراب: الذي يُطبَخ حتى يذهب نِصْفُه. ونصَفَ القَدَحَ يَنْصفُه
نَصْفاً: شرب نِصْفَه. ونصفَ الشيءُ الشيءَ ينصُفُه: بلغ نِصْفَه. ونصَف
النهارُ يَنْصُف وينصِف وانْتَصَف وأَنْصَف: بلغ نِصْفه، وقيل: كلُّ ما
بَلغ نِصْفه في ذاته فقد أَنصَف؛ وكلُّ ما بلغ نصفه في غيره فقد نصَف؛
وقال المسيب بن علس يصف غائصاً في البحر على دُرَّة:
نَصَفَ النهارُ، الماءُ غامِرُه،
ورَفِيقُه بالغَيْبِ لا يدري
أَراد انتصَف النهارُ والماءُ غامره فانتَصَفَ النهارُ ولم يخرج من
الماء، فحذف واو الحال، ونصَفْت الشيء إذا بلغت نِصْفه؛ تقول: نَصَفْت القرآن
أَي بلغت النصف؛ ونصَفَ عُمُرَه ونصَف الشيبُ رأْسَه. ويقال: قد نصَف
الإزارُ ساقَه يَنْصُفها إذا بلغ نِصفها؛ وأَنشد لأَبي جُنْدَب الهذلي:
وكنتُ، إذا جارِي دَعا لِمَضُوفةٍ،
أُشَمِّر حتى يَنْصُف الساقَ مِئْزَرِي
وقال ابنُ مَيَّادةَ يمدح رجلاً:
ترَى سَيْفَه لا يَنْصُفُ السَّاقَ نَعْلُه،
أَجَلْ لا، وإن كانت طِوالاً مَحامِلُهْ
اليزيديّ: ونصف الماءُ البئر والحُبَّ والكُوزَ وهو يَنصُفه نَصفاً
ونُصوفاً، وقد أَنصَف الماءُ الحبّ إنْصافاً؛ وكذلك الكوز إذا بلغ نصفه، فإن
كنت أَنت فعَلْت به قلت: أَنصَفْتُ الماءَ الحُبَّ والكوز إنصافاً،
وتقول: أَنصَف الشيبُ رأْسه ونصَّف تَنْصيفاً، وإذا بلغت نصْف السّنّ قلت: قد
أَنصَفْته ونصَّفْته إنصافاً وتنصيفاً وأَنصفْته من نفسي.
وإناء نَصْفان، بالفتح: بلغ الكيلُ أَو الماء نِصْفَه، وجُمْجُمةٌ
نَصْفَى، ولا يقال ذلك في غير النِّصْف من الأَجزاء أَْعني أنه، لا يقال
ثَلْثان ولا رَبْعان ولا غير ذلك من الصفات التي تقتضي هه الأجزاء، وهذا مرويّ
عن ابن الأَعرابي. ونصَّف البُسْرُ: رطَّب نصفُه؛ هذه عن أَبي حنيفة.
ومَنْصَفُ القَوْسِ والوتَر: موضع النِّصف منهما. ومَنْصَف الشيء:
وسَطُه. والمَنْصَف من الطريق ومن النهار ومن كل شيء: وسطه. والمَنْصَف: نصف
الطريق. وفي الحديث: حتى إذا كان بالمَنصف أَي الموضع الوسَط بين
الموضعين. ومُنْتَصفُ الليل والنهار: وسَطُه. وانتصف النهارُ ونصَفَ، فهو
يَنْصُف. ويقال: أَنصَف النهار أَيضاً أَي انتصف، وكذلك نصَّف؛ قال
الفرزدق:وإنْ نَبَّهَتْهُنَّ الولائدُ بعدما
تصعَّد يومُ الصَّيْف، أَو كاد يَنْصُف
وقال العجاج:
حتى إذا الليلُ التَّمامُ نصَّفا
وكل شيء بلَغ نصف غيره فقد نصَفَه؛ وكل شيء بلغ نِصْف نفْسِه فقد
أَنصَف. ابن السكيت: نصَف النهارُ إذا انتصف؛ وأَنصفَ النهارُ إذا
انتصف.ونصَّفْت الشيء؛ إذا أَخذت نِصفه. وتَنْصِيفُ الشيء: جعله نِصْفَين.
وناصَــفْته المال: قاسَمْته على النصف. والنَّصَفُ: الكَهْل كأَنه بلغ نِصف
عُمُره. وقوم أَنصاف ونَصَفُون، والأُنثى نصَف ونَصَفة كذلك أَيضاً:
كأَنَّ نِصفَ عمرها ذهب؛ وقد بيَّن ذلك الشاعر في قوله:
لا تَنْكِحَنَّ عَجُوزاً أَو مُطلَّقةً،
ولا يَسُوقَنَّها في حَبْلِك القَدَرُ
وإن أَتَوْكَ فقالوا: إنها نَصَفٌ،
فإنَّ أَطْيَبَ نِصْفَيْها الذي غَبَرا
(* في هذا البيت إقواء.)
أَنشده ابن الأَعرابي. ابن شميل: إن فلانة لعلى نَصَفِها أَي نِصْف
شبابها؛ وأَنشد:
إنَّ غُلاماً، غَرَّه جَرْشَبِيَّةٌ
على نَفْسِها من نفْسِه، لَضَعِيف
الجَرْشَبِيّة: العجوز الكبيرة الهَرِمة، وقيل: النَّصَف، بالتحريك،
المرأَة بين الحَدَثة والمُسِنّة، وتصغيرها نُصَيْف بلا هاء لأَنها صفة؛ وفي
قصيدة كعب:
شَدَّ النهارِ ذِراعَيْ عَيْطَلٍ نَصَفٍ
النصف، بالتحريك: التي بين الشابَّة والكهْلة، وقيل: النصَف من النساء
التي قد بلغت خمساً وأَربعين ونحوها، وقيل: التي قد بلغت خمسين، والقياس
الأَول لأَنه يجرّه اشتقاق وهذا لا اشتقاق له، والجمع أَنصاف ونُصُفٌ
ونُصْفٌ؛ الأَخيرة عن سيبويه، وقد يكون النصَف للجمع كالواحد، وقد نَصَّف.
والنَّصِيف: مِكيال. وقد نصَفَهم: أخذ منهم النِّصف يَنْصُفهم نَصْفاً كما
يقال عشَرَهم يَعْشُرُهم عَشْراً. وفي حديث النبي، صلى اللّه عليه وسلم:
لاتسُبُّوا أَصحابي فإن أَحدكم لو أَنفق ما في الأَرض جميعاً ما أَدرك
مُدَّ أَحدِهم ولا نَصِيفَه؛ قال أَبو عبيد: العرب تسمي النِّصف النصيف كما
يقولون في العُشر العَشِير وفي الثُّمن الثَّمِين؛ وأَنشد لسلَمة بن
الأَكوع:
لم يَغْذُها مُدٌّ ولا نَصِيفُ،
ولاتُمَيْراتٌ ولا تعْجِيفُ
لكنْ غذاها اللَّبَن الخَريفُ:
أَلمَحْضُ والقارِصُ والصَّريفُ
والنصِيف: الخِمار، وقد نَصَّفَتِ المرأَةُ رأْسها بالخمار. وانتَصَفَت
الجارية وتَنَصَّفت أَي اختمرت، ونصَّفْتها أَنا تَنْصيفاً؛ ومنه الحديث
في صفة الحور العين: ولَنَصِيفُ إحداهن على رأْسها خير من الدنيا وما
فيها؛ هو الخِمار، وقيل المِعْجَر؛ ومنه قول النابغة يصف امرأَة:
سقَطَ النَّصِيف، ولم تُرِد إسقاطَه،
فَتناوَلَتْه واتَّقَتْنا باليَدِ
قال أَبو سعيد: النصِيف ثوب تتجلَّل به المرأَة فوق ثيابها كلها، سمي
نصيفاً لأَنه نصَفٌ بين الناس وبينها فحَجز أَبصارهم عنها، قال: والدليل
على صحة ما قاله قول النابغة: سقط النصيف، لأَن النصيف إذا جعل خِماراً
فسقط فليس لستْرِها وجهَها مع كشفِها شعَرها معنًى، وقيل: نَصِيف المرأَة
مِعْجَرُها.
والنَّصَفُ والنَّصَفةُ والإنْصاف: إعطاء الحق، وقد انتصف منه، وأَنصف
الرجلُ صاحبه إنْصافاً، وقد أَعطاه النَّصفَةَ. ابن الأَعرابي: أَنصف إذا
أَخذ الحق وأَعطى الحق. والنصَفة: اسم الإنصاف، وتفسيره أَن تعطيه من
نفسك النصَف أَي تُعْطيه من الحق كالذي تستحق لنفسك. ويقال: انتصفت من فلان
أَخذْت حقي كَمَلاً حتى صرت أَنا وهو على النَّصَف سَواءً. وتَنَصَّفْت
السلطان أَي سأَلته أَن يُنْصِفَني. والنِّصْفُ: الإنْصافُ؛ قال
الفرزدق:ولكنَّ نِصْفاً، لو سَبَبْتُ وسَبَّني
بنُو عبد شَمسٍ من مَنافٍ وهاشِمِ
وأَنصَف الرجلُ أَي عدل. ويقال: أَنْصفَه من نفْسه وانْتصفْت أَنا منه
وتَــناصَــفوا أَي أَنصف بعضُهم بعضاً من نفسه؛ وفي حديث عمر مع زِنْباع بن
رَوْح:
مَتَى أَلْقَ زِنْباعَ بن رَوْحٍ ببلدةٍ،
لي النِّصْفُ منها، يَقْرَع السِّنَّ من نَدَمْ
النصف، بالكسر: الانتصاف، وقد أَنصَفه من خصمه يُنْصِفُه إنْصافاً
ونَصَفه ينْصِفه ويَنْصُفه نَصْفاً ونِصافة ونَصافاً ونِصافاً وأَنصَفَه
وتَنَصَّفَه كلُّه: خدَمه. الجوهري: تنصَّف أَي خَدم؛ قالت الحُرَقة بنت
النعمان بن المنذر:
فبَيْنا نَسُوسُ الناسَ، والأَمْرُ أَمْرُنا،
إذا نحنُ فيهم سُوقةٌ نَتَنَصَّفُ
فأُفٍّ لدُنيا لا يدُوم نَعيمُها؛
تقَلَّبُ تاراتٍ بِنا وتَصَرَّفُ
ويقال: تنصَّفْته بمعنى خدَمْته وعبَدْته؛ وأَنشد ابن بري:
فإنَّ الإلَه تَنَصَّفْته،
بأَنْ لاأَعُقَّ وأَن لا أَحُوبا
قال: وعليه بيت الحُرَقة بنت النعمان بن المنذر:
إذا نحن فيهم سوقة نتنصف
ونصف القومَ أَيضاً: خدمهم؛ قال لبيد:
لها غَلَلٌ من زازِقيٍّ وكُرْسُفٍ
بأَيْمانِ عُجْمٍ يَنْصُفون المَقاوِلا
قوله لها أَي لظُروف الخمر. والــناصِــفُ والمِنْصَف، بكسر الميم: الخادم.
ويقال للخادم: مِنْصَف ومَنْصَفٌ. والنَّصِيفُ: الخادم. وفي حديث ابن
عباس، رضي اللّه عنهما: أَنه ذكر داود، عليه السلام، فقال: دخل المِحراب
وأَقعد مِنْصفاً على الباب، يعني خادماً، والجمع مَــناصِــف؛ قال ابن الأَثير:
المنصف، بكسر الميم، الخادم، وقد تفتح الميم. وفي حديث ابن سَلام، رضي
اللّه عنه: فجاءني مِنصف فرَفع ثيابي من خَلْفي. ويقال: نصَفْت الرجل فأَنا
أَنْصُفُه وأَنْصِفُه نِصافة ونَصافة أَي خدمته. والنَّصَفةُ:
الخُدَّام، واحدهم ناصِــفٌ، وفي الصحاح: والنصَف الخدَّام. وتنصَّفه: طلَب
مَعْرُوفه؛ قال:
فإن الإله تَنَصَّفْتُه،
بأَنْ لا أَخُونَ وأَنْ لا أُخانا
وقيل: تَنَصَّفْته أَطعْته وانْقَدْت له؛ وقول ابن هَرْمَةَ:
مَنْ ذا رسولٌ ناصِــحٌ فَمُبَلِّغٌ
عنَّي عُلَيَّةَ غَيرَ قِيلِ الكاذِبِ
أَني غَرِضْتُ إلى تَــناصُــف وجْهِها،
غَرَضَ المُحِبِّ إلى الحبيبِ الغائِبِ
أَي اشْتَقْت، وقيل: معناه خِدْمة وجهها بالنظر إليه، وقيل: إلى محاسنه
التي تقَسَّمت الحسن فتَــناصَــفَتْه أَي أَنصفَ بعضُها بعضاً فاستوت فيه؛
وقال ابن الأَعرابي: تــناصُــف وجهِها محاسنها أَنها كلّها حَسَنة يُنْصِفُ
بعضها بعضاً، يريد أَن أَعضاءها متساوية في الجمال والحسن فكأَنَّ بعضها
أَنصف بعضاً فتــناصــف؛ وقال الجوهري: يعني استواء المحاسن كأَنَّ بعض أَعضاء
الوجه أَنصف بعضاً في أَخذ القِسْط من الجمال؛ ورجل متــناصــف: مُتساوي
المحاسن، وأَنصف إذا خدم سيده. وأَنصف إذا سار بنصف النهار.
والمَــناصِــف: أَودية صغار، والنواصِف: صخور في مَــناصِــف أَسناد الوادي
ونحو ذلك من المَسايِل؛ وفي حديث ابن الصَّبْغاء:
بين القِرانِ السَّوْء والنَّواصِف
جمع ناصــفة وهي الصخرة. قال ابن الأَثير: ويروى التَّراصُف. والنواصِفُ:
مجاري الماء في الوادي، واحدتها ناصــفة: وأَنشد:
خَلايا سَفِينٍ بالنَّواصِف من دَدِ
والــناصــفة من الأَرض: رَحَبة بها شجر لا تكون ناصــفة إلا ولها شجر.
والــناصــفة: الأَرض التي تُنبت الثُّمام وغيره. وقال أَبو حنيفة: الــناصــفة موضع
مِنبات يتَّسع من الوادي؛ قال الأَعشى:
كخَذُولٍ تَرْعى النَّواصِفَ من تَثْـ
ـلِيثَ قَفْراً، خَلا لها الأَسْلاقُ
والــناصــفة: مجرى الماء، والجمع النواصف، وقيل: النواصف أَماكن بين
الغِلَظ واللَّين؛ وأَنشد قول طرفة:
كأَنَّ حُدُوجَ المالِكِيّةِ، غُدْوةً،
خَلايا سَفِينٍ بالنَّواصِفِ من دَدِ
وقيل: النواصِف رِحاب من الأَرض. وناصــفةُ: موضع؛ قال:
بــناصِــفةِ الجَوَّيْن أَو بمُحَجِّر
قنص: قَنَص الصيْدَ يَقْنِصُه قَنْصاً وقَنَصاً واقْتَنَصَه
وتَقَنَّصَه. صاده كقولك صِدْت واصْطَدت. وتَقَنَّصَه: تَصَيَّده. والقَنَص
والقَنِيص: ما اقْتُنِص. قال ابن بري: القَنِيص الصائد والمَصِيد أَيضاً.
والقَنِيص والقانِص والقَــنَّاص: الصائد، والقُــنَّاص جمع القانِص. وقال عثمان بن
جني: القَنِيص جماعة القانِص، ومثل فَعِيل جمعاً الكَلِيبُ والمَعِيزُ
والحَمِيرُ. والقَنْص، بالتسكين: مصدر قَنَصَه أَي صاده.
والقانصة للطائر: كالْحَوْصَلة للإِنسان. التهذيب: والقانِصَة هَنَة
كأَنها حُجَيْر في بطن الطائر، ويقال بالسين، والصادُ أَحسنُ. والقانِصَة:
واحدة القَوانِص وهي من الطير تُدْعَى الجِرِّيئَة، مهموز على فِعِّيلَة،
وقيل: هي للطير بمنزلة المَصَارين لغيرها. وفي الحديث: تُخْرِجُ النارُ
عليهم قَوَانِصَ أَي قِطَعاً قانِصَة تَقْنِصُهُم وتأْخُذُهم كما تَخْتَطف
الجارحةُ الصَّيْدَ. والقَوانِص: جمع قانِصَة من القَنْصِ الصَّيْد،
وقيل: أَراد شَرَراً كَقَوانِصِ الطَّيْر أَي حَواصِلِها. وفي حديث علي:
قَمَصَتْ بأَرْجُلِها وقَنَصَتْ بأَحْبُلها أَي اصطادَتْ بحَبائلها. وفي
حديث أَبي هريرة: وأَنْ تَعْلُوَ التُّحُوتُ الوُعُولَ، فقيل: ما التُّحُوت؟
فقال: بيوت القانِصة، كأَنه ضَرَبَ بيوت الصَّيَّادِينَ مثلاً للأَراذل
والأَدْنِياء لأَنها أَرذل البيوت، وقد تقدم ذلك في قفص. وفي حديث
جُبَيْر بن مُطْعِم: قال له عمر، رضي اللّه عنه: كان أَنسبَ العرب ممن كان
النُّعْمانُ بنُ المُنذر، فقال: مِنْ أَشْلاءِ قَنَصِ بن مَعَدٍّ أَي من بقية
أَولاده، وقيل: بنو قَنَصِ بنِ مَعَدّ ناسٌ دَرَجُوا في الدَّهْرِ
الأَوَّل.
نصل: التهذيب: النَّصْلُ نصلُ السهم ونَصْلُ السيفِ والسِّكِّينِ
والرمحِ، ونَصْلُ البُهْمَى من النبات ونحوه إِذا خرجت نصالُها. المحكم:
النَّصْلُ حديدةُ السهم والرمحِ، وهو حديدة السيف ما لم يكن لها مَقْبَِض؛
حكاها ابن جني قال: فإِذا كان لها مَقْبَِض فهو سيف؛ ولذلك أَضاف الشاعر
النَّصْل إِلى السيف فقال:
قد عَلِمتْ جارية عُطْبول
أَنِّي، بنَصْل السيف، خَنْشَلِيل
ونَصْل السيف: حديده. وقال أَبو حنيفة: قال أَبو زياد النصْل كل حديدة
من حدائد السِّهام، والجمع أَنصُل ونُصُول ونِصال. والنَّصْلانِ: النَّصْل
والزُّجُّ؛ قال أَعشى باهلة:
عِشْنا بذلك دَهْراً ثم فارَقَنا،
كذلك الرُّمْحُ ذُو النَّصْلَيْن ينكَسِر
وقد سمِّي الزُّجُّ وحدَه نَصْلاً. ابن شميل: النَّصْل السهم العريضُ
الطويلُ يكون قريباً من فِتْر والمِشْقَصُ على النصف من النَّصْل، قال:
والسهم نفس النَّصْل، فلو التقطْتَ نَصْلاً لقلْتُ ما هذا السهم معك؟ ولو
التقطتَ قِدْحاً لم أَقل ما هذا السهم معك.
وأَنْصَل السهمَ ونَصَّله: جعل فيه النَّصْلَ، وقيل: أَنْصَله أَزال عنه
النَّصْل، ونَصَّله ركَّب فيه النَّصْل، ونَصَل السهمُ فيه ثبت فلم
يخرج، ونَصَلْته أَنا ونَصَل خرج، فهو من الأَضداد، وأَنْصَلَه هو. وكل ما
أَخرجته فقد أَنْصَلته. ابن الأَعرابي: أَنْصَلْت الرمحَ ونَصَلْته جعلت له
نَصْلاً، وأَنْصَلْته نزعت نَصْلَه. وفي حديث أَبي سفيان: فَامَّرَطَ
قُذَذُ السهم وانْتَصَل أَي سقط نَصْلُه. ويقال: أَنْصَلْت السهمَ
فانْتَصَل أَي خرج نَصْلُه. وفي حديث أَبي موسى: وإِن كان لِرُمْحِك سِنان
فأَنْصِلْه أَي انزعْه.
ويقال: سهم ناصِــل إِذا خرج منه نَصْلُه، ومنه قولهم: ما بَلِلْتُ من
فلان بأَفْوَقَ ناصِــلٍ أَي ما ظفِرت منه بسهم انكسر فُوقُه وسقط نَصْلُه.
وسهم ناصِــل: ذو نَصْل، جاء بمعنيين مُتضادَّين. الجوهري: ونَصَل السهمُ
إِذا خرج منه النَّصْل؛ ومنه قولهم: رَماه بأَفْوَقَ ناصِــلٍ؛ قال ابن بري:
ومنه قول أَبي ذؤيب:
فَحُطَّ عليها والضُّلوعُ كأَنها،
من الخَوْفِ، أَمثالُ السِّهام النَّواصِلِ
وقال رَزِين بن لُعْط:
أَلا هل أَتى قُصْوَى الأَحابيشِ أَننا
رَدَدْنا بني كَعْب بأَفْوَقَ ناصِــلِ؟
وفي حديث علي، كرم الله وجهه: ومَنْ رَمَى بكم فقد رَمَى بأَفْوَقَ
ناصِــلٍ أَي بِسَهم منكسر الفُوق لا نَصْل فيه. ويقال أَيضاً
(* قوله «ويقال
أيضاً إلخ» هكذا في الأصل، وعبارة النهاية: ويقال نصل السهم إذا خرج منه
النصل، ونصل أيضاً إِذا ثبت نصله اهـ. ففي الأصل سقط).
نَصَل السهم إِذا ثبت نصله في الشيء فلم يخرج، وهو من الأَضداد.
ونَصَّلْت السهمَ تَنْصيلاً: نزعت نَصْلَه، وهو كقولهم قَرَّدْت البعيرَ
وقَذَّيْت العينَ إِذا نزعت منها القُراد والقَذَى، وكذلك إِذا ركَّبت عليه
النَّصْل فهو من الأَضداد، وكان يقال لِرَجَب: مُنْصِل الأَلَّةِ ومُنْصِل
الإِلال ومُنْصِل الأَلِّ لأَنهم كانوا يَنزِعون فيه أَسِنَّة الرِّماح؛
وفي الحديث: كانوا يسمون رَجَباً مُنْصِل الأَسِنَّة أَي مخرِج الأَسِنَّة
من أَماكنها، كانوا إِذا دخل رَجَبٌ نزَعوا أَسِنَّة الرِّماح ونِصالَ
السِّهام إِبطالاً للقتال فيه وقطعاً لأَسباب الفِتَن لحُرْمته، فلما كان
سبباً لذلك سمِّي به. المحكم: مُنْصِلُ الأَلِّ رَجَبٌ، سمي بذلك لأَنهم
كانوا ينزِعون الأَسِنَّة فيه أَعْظاماً له ولا يَغْزُون ولا يُغِيرُ
بعضهم على بعض؛ قال الأَعشى:
تَدارَكَه في مُنْصِل الأَلِّ بعدما
مضَى غير دَأْداءٍ، وقد كادَ يَذْهَبُ
أَي تَداركه في آخر ساعة من ساعاته. الكسائي: أَنْصَلْت السهمَ،
بالأَلف، جعلت فيه نَصْلاً، ولم يذكر الوجه الآخر أَن الإِنْصال بمعنى النَّزْع
والإِخراج، قال: وهو صحيح، ولذلك قيل لرجبٍ مُنْصِل الأَسِنَّة. وقال ابن
الأَعرابي: النَّصْل القَهَوْباة بلا زِجاجٍ، والقَهَوْبات السِّهامُ
الصغارُ.
(* ورد في مادة قهب أن القَهَوبات جمع. وأنّ القَهُوبات السهام
الصغار واحدها قَهُوبة (راجع مادة قهب).
ونَصَل فيه السهم: ثبت فلم يخرج، وقيل: نَصَلَ خرج، وقال شمر: لا أَعرف
نَصَل بمعنى ثَبت، قال: ونَصَل عندي خرج. ونَصْلُ الغَزْلِ: ما يخرج من
المِغْزَلِ. ويقال للغزْل إِذا أُخْرج من المِغْزَل: نَصَل. ونَصَل من بين
الجبال نُصولاً: خرج وظهر. ونَصَلَ فلان من الجبل إِلى موضع كذا وكذا
علينا أَي خرج. ونَصَل الطريقُ من موضع كذا: خرج. وفي الحديث: مرت سحابة
فقال تَنَصَّلَت هذه تَنْصُرُ بَني كعب أَي أَقبلت، من قولهم نَصل علينا
إِذا خرج من طريق أَو ظهر من حجاب، ويروى: تَنْصَلِتُ أَي تقصِد للمطر.
ونَصَل الحافرُ نُصولاً إِذا خرج من موضعه فسقط كما يَنْصُلُ الخِضابُ.
ونَصَلتِ اللحيةُ تَنْصُل نُصولاً، ولحيةٌ ناصِــل، بغير هاء، وتَنَصَّلت: خرجت
من الخِضاب؛ وقوله:
كما اتَّبَعَتْ صَهْباءُ صِرْفٌ مُدامةٌ
مُشاشَ المُرَوَّى، ثم لَمَّا تَنَصَّلِ
معناه لم تَخرج فيَصْحو شارِبُها، ويروى: ثم لمّا تَزَيَّل. ونَصَل
الشَّعَرُ يَنْصُل: زال عنه الخِضاب. ونَصَلتِ اللسعةُ والحُمَةُ تَنْصُل:
خرج سَمُّها وزال أَثَرُها؛ وقوله:
ضَوْرِيةٌ أُولِعْتُ باشتِهارِها،
ناصِــلة الحِقْوَينِ من إِزارِها
إِنما عنى أَن حِقْوَيْها يَنْصُلان من إِزارِها، لتسلُّطها
وتَبَرُّجِها وقلَّة تثقُّفها في ملابسها لأَشَرِها وشَرَهِها. ومِعْوَلٌ نَصْل:
نَصَل عنه نِصابُه أَي خرج، وهو مما وصِف بالمصدر؛ قال ذو الرمة:
شَرِيح كحُمَّاض الثَّماني عَلَتْ به،
على راجِفِ اللَّحْيَين، كالمِعْوَل النَّصْل
وتَنَصَّل فلان من ذنبه أَي تبرَّأَ. والتَّنَصُّل: شبه التبرُّؤ من
جناية أَو ذنب. وتنصَّل إِليه من الجناية: خرج وتبرَّأَ. وفي الحديث: من
تنصَّل إِليه أَخوه فلم يقبَل أَي انتفى من ذنبه واعتذر إِليه. وتنصَّل
الشيءَ: أَخرجه. وتنصَّله: تَخَيَّره. وتنصَّلوه: أَخذوا كل شيء معه.
وتنصَّلْت الشيء واسْتَنْصَلْته إِذا استخرجته؛ ومنه قول أَبي زبيد:
قَرْم تنصَّله من حاصِنٍ عُمَرُ
والنَّصْل: ما أَبْرَزتِ البُهْمَى ونَدَرتْ به من أَكِمَّتها، والجمع
أَنْصُل ونِصال.
والأُنْصولةُ: نَوْرُ نَصْل البُهْمَى، وقيل: هو ما يُوبِسُه الحرُّ من
البُهْمَى فيشتد على الأَكَلَة؛ قال:
كأَنه واضِحُ الأَقْراب في لُقُحٍ
أَسْمَى بهنَّ، وعَزَّتْه الأَــناصِــيلُ
أَي عزَّت عليه. واسْتَنْصَل الحرُّ السَّفَا جعله أَــناصِــيل؛ أَنشد ابن
الأَعرابي:
إِذا اسْتَنْصَلَ الهَيْفُ السَّفَا، بَرَّحَتْ به
عِراقيَّةُ الأَقْياظِ نَجْدُ المَراتِع
ويروى المَرابع؛ عِراقيَّة الأَقْياظ أَي تطلُب الماء في القَيْظ، قال
غيره: هي منسوبة إِلى العِراق الذي هو شاطئ الماء، وقوله: نَجْدُ
المَراتِع أَراد جمع نَجْديٍّ فحذف ياء النسب في الجمع، كما قالوا زَنْجِيّ
وزَنْج.
ويقال: اسْتَنْصَلَتِ الريحُ اليَبِيسَ إِذا اقتلَعَتْه من أَصله.
وبُرٌّ نَصِيلٌ: نَقِيٌّ من الغَلَثِ. والنَّصِيل: حجر طويل قدْرُ ذِراع
يُدقُّ به. ابن شميل: النَّصِيل حجر طويل رقيقٌ كهيئة الصفيحة
المحدَّدة، وجمعه النُّصُل، وهو البِرْطِيلُ، ويشبه به رأْس البعير وخُرْطومه إِذا
رَجَف في سيره؛ قال رؤبة يصف فحلاً:
عَرِيض أَرْآدِ النَّصِيل سَلْجَمُهْ،
ليس بلَحْيَيْه حِجامٌ يَحْجُمُهْ
وقال الأَصمعي: النَّصِيل ما سَفَل من عَيْنَيْه إِلى خَطْمه، شبَّه
بالحجر الطويل؛ وقال أَبو خراش في النَّصِيل فجعله الحجَر:
ولا أَمْغَرُ السَّاقَيْن بات كأَنه،
على مُحْزَئِلاَّت الإِكام، نَصِيلُ
وفي حديث الخُدْرِيّ: فقام النَّحَّامُ العَدَويّ يومئذ وقد أَقام على
صُلْبه نَصِيلاً؛ النَّصِيلُ: حَجر طويل مُدَمْلَك قدر شبر أَو ذراع،
وجمعه نُصُل. وفي حديث خَوَّاتٍ: فأَصاب ساقَه نَصِيل حجَرٍ. والنَّصِيل:
الحنَك على التشبيه بذلك. والنَّصِيل: مَفْصِل ما بين العنق والرأْس تحت
اللَّحْيين، زاد الليث: من باطن من تحت اللَّحْيين. والنَّصِيل: الخَطْمُ.
ونَصِيلُ الرأْس ونَصْله: أَعلاه. والنَّصْلُ: الرأْس بجميع ما فيه.
والنَّصْلُ: طول الرأْس في الإِبل والخيل ولا يكون ذلك للإِنسان؛ وقال
الأَصمعي في قوله:
بِــناصِــلاتٍ تُحْسَبُ الفُؤُوسا
(* قوله «بــناصــلات إلخ» صدره وهو لرؤبة كما في التكملة:
والصهب تمطو الحلق المعكوسا)
قال: الواحد نَصِيل وهو ما تحت العين إِلى الخَطْم فيقول تَحْسَبها
فؤُوساً. وقال ابن الأَعرابي: النَّصِيل حيث تَصِل الجِباه.
والمُنْصُل، بضم الميم والصاد، والمُنْصَل: السيف اسم له. قال ابن سيده:
لا نعرف في الكلام اسماً على مُفْعُل ومُفْعَل إِلا هذا، وقولهم مُنْخُل
ومُنْخَل. والنَّصِيل: اسم موضع؛ قال الأَفوه:
تُبَكِّيها الأَرامِلُ بالمآلي،
بِداراتِ الصَّفائِح والنَّصِيلِ
حور: الحَوْرُ: الرجوع عن الشيء وإِلى الشيء، حارَ إِلى الشيء وعنه
حَوْراً ومَحاراً ومَحارَةً وحُؤُورواً: رجع عنه وإِليه؛ وقول العجاج:
في بِئْرِ لا حُورٍ سَرَى وما شَعَرْ
أَراد: في بئر لا حُؤُورٍ، فأَسكن الواو الأُولى وحذفها لسكونها وسكون
الثانية بعدها؛ قال الأَزهري: ولا صلة في قوله؛ قال الفرّاء: لا قائمة في
هذا البيت صحيحة، أَراد في بئر ماء لا يُحِيرُ عليه شيئاً. الجوهري: حارَ
يَحُورُ حَوْراً وحُؤُوراً رجع. وفي الحديث: من دعا رجلاً بالكفر وليس
كذلك حارَ عليه؛ أَي رجع إِليه ما نسب إِليه؛ ومنه حديث عائشة: فَغَسلْتها
ثم أَجْفقتها ثم أَحَرْتها إِليه؛ ومنه حديث بعض السلف: لو عَيَّرْتُ
رجلاً بالرَّضَعِ لخشيتُ أَن يَحُورَ بي داؤه أَي يكونَ عَلَيَّ مَرْجِعُه.
وكل شيء تغير من حال إِلى حال، فقد حارَ يَحُور حَوْراً؛ قال لبيد:
وما المَرْءُ إِلاَّ كالشِّهابِ وضَوْئِهِ،
يِحُورُ رَماداً بعد إِذْ هو ساطِعُ
وحارَتِ الغُصَّةُ تَحُورُ: انْحَدَرَتْ كأَنها رجعت من موضعها،
وأَحارَها صاحِبُها؛ قال جرير:
ونُبِّئْتُ غَسَّانَ ابْنَ واهِصَةِ الخُصى
يُلَجْلِجُ مِنِّي مُضْغَةً لا يُحِيرُها
وأَنشد الأَزهري:
وتِلْكَ لَعَمْرِي غُصَّةٌ لا أُحِيرُها
أَبو عمرو: الحَوْرُ التَّحَيُّرُ، والحَوْرُ: الرجوع. يقال: حارَ بعدما
كارَ. والحَوْرُ: النقصان بعد الزيادة لأَنه رجوع من حال إِلى حال. وفي
الحديث: نعوذ بالله من الحَوْرِ بعد الكَوْرِ؛ معناه من النقصان بعد
الزيادة، وقيل: معناه من فساد أُمورنا بعد صلاحها، وأَصله من نقض العمامة بعد
لفها، مأْخوذ من كَوْرِ العمامة إِذا انقض لَيُّها وبعضه يقرب من بعض،
وكذلك الحُورُ، بالضم. وفي رواية: بعد الكَوْن؛ قال أَبو عبيد: سئل عاصم
عن هذا فقال: أَلم تسمع إِلى قولهم: حارَ بعدما كان؟ يقول إِنه كان على
حالة جميلة فحار عن ذلك أَي رجع؛ قال الزجاج: وقيل معناه نعوذ بالله من
الرُّجُوعِ والخُروج عن الجماعة بعد الكَوْرِ، معناه بعد أَن كنا في
الكَوْرِ أَي في الجماعة؛ يقال كارَ عِمامَتَهُ على رأْسه إِذا لَفَّها، وحارَ
عِمامَتَهُ إِذا نَقَضَها. وفي المثل: حَوْرٌ في مَحَارَةٍ؛ معناه نقصان
في نقصان ورجوع في رجوع، يضرب للرجل إِذا كان أَمره يُدْبِرُ. والمَحارُ:
المرجع؛ قال الشاعر:
نحن بنو عامِر بْنِ ذُبْيانَ، والنَّا
سُ كهَامٌ، مَحارُهُمْ للقُبُورْ
وقال سُبَيْعُ بن الخَطِيم، وكان بنو صُبْح أَغاروا على إِبله فاستغاث
بزيد الفوارس الضَّبِّيّ فانتزعها منهم، فقال يمدحه:
لولا الإِلهُ ولولا مَجْدُ طالِبِها،
لَلَهْوَجُوها كما نالوا مِن الْعِيرِ
واسْتَعْجَلُوا عَنْ خَفِيف المَضْغِ فازْدَرَدُوا،
والذَّمُّ يَبْقَى، وزادُ القَوْمِ في حُورِ
اللَّهْوَجَة: أَن لا يُبالغ في إِنضاج اللحم أَي أَكلوا لحمها من قبل
أَن ينضج وابتلعوه؛ وقوله:
والذم يبقى وزاد القوم في حور
يريد: الأَكْلُ يذهب والذم يبقى. ابن الأَعرابي: فلان حَوْرٌ في
مَحارَةٍ؛ قال: هكذا سمعته بفتح الحاء، يضرب مثلاً للشيء الذي لا يصلح أَو كان
صالحاً ففسد. والمَحارة: المكان الذي يَحُور أَو يُحارُ فيه. والباطل في
حُورٍ أَي في نقص ورجوع. وإِنك لفي حُورٍ وبُورٍ أَي في غير صنعة ولا
إِجادة. ابن هانئ: يقال عند تأْكيد المَرْزِئَةِ عليه بِقِلَّةِ النماء: ما
يَحُور فلان وما يَبُورُ، وذهب فلان في الحَوَارِ والبَوَارِ، بفتح
الأَول، وذهب في الحُورِ والبُورِ أَي في النقصان والفساد. ورجل حائر بائر،
وقد حارَ وبارَ، والحُورُ الهلاك وكل ذلك في النقصان والرجوع. والحَوْرُ:
ما تحت الكَوْرِ من العمامة لأَنه رجوع عن تكويرها؛ وكلَّمته فما رَجَعَ
إِلَيَّ حَوَاراً وحِواراً ومُحاوَرَةً وحَوِيراً ومَحُورَة، بضم الحاء،
بوزن مَشُورَة أَي جواباً.
وأَحارَ عليه جوابه: ردَّه. وأَحَرْتُ له جواباً وما أَحارَ بكلمة،
والاسم من المُحاوَرَةِ الحَوِيرُ، تقول: سمعت حَوِيرَهما وحِوَارَهما.
والمُحاوَرَة: المجاوبة. والتَّحاوُرُ: التجاوب؛ وتقول: كلَّمته فما أَحار
إِليَّ جواباً وما رجع إِليَّ خَوِيراً ولا حَوِيرَةً ولا مَحُورَةً ولا
حِوَاراً أَي ما ردَّ جواباً. واستحاره أَي استنطقه. وفي حديث علي، كرم الله
وجهه: يرجع إِليكما ابنا كما بِحَوْرِ ما بَعَثْتُما بِه أَي بجواب ذلك؛
يقال: كلَّمته فما رَدَّ إِليَّ حَوْراً أَي جواباً؛ وقيل: أَراد به
الخيبة والإِخْفَاقَ. وأَصل الحَوْرِ: الرجوع إِلى النقص؛ ومنه حديث عُبادة:
يُوشِك أَن يُرَى الرجُل من ثَبَجِ المسلمين قُرَّاء القرآن على لسان
محمد، صلى الله عليه وسلم، فأَعاده وأَبْدَأَه لا يَحُورُ فيكم إِلا كما
يَحُور صاحبُ الحمار الميت أَي لا يرجع فيكم بخير ولا ينتفع بما حفظه من
القرآن كما لا ينتفع بالحمار الميت صاحبه. وفي حديث سَطِيحٍ: فلم يُحِرْ
جواباً أَي لم يرجع ولم يَرُدَّ. وهم يَتَحاوَرُون أَي يتراجعون الكلام.
والمُحاوَرَةُ: مراجعة المنطق والكلام في المخاطبة، وقد حاوره.
والمَحُورَةُ: من المُحاوَرةِ مصدر كالمَشُورَةِ من المُشاوَرَة كالمَحْوَرَةِ؛
وأَنشد:
لِحاجَةِ ذي بَتٍّ ومَحْوَرَةٍ له،
كَفَى رَجْعُها من قِصَّةِ المُتَكَلِّمِ
وما جاءتني عنه مَحُورَة أَي ما رجع إِليَّ عنه خبر.
وإِنه لضعيف الحَوْرِ أَي المُحاوَرَةِ؛ وقوله:
وأَصْفَرَ مَضْبُوحٍ نَظَرْتُ حَِوارَهُ
على النَّارِ، واسْتَوْدَعْتُهُ كَفَّ مُجْمِدِ
ويروى: حَوِيرَه، إِنما يعني بحواره وحويره خروجَ القِدْحِ من النار أَي
نظرت الفَلَجَ والفَوْزَ.
واسْتَحار الدارَ: اسْتَنْطَقَهَا، من الحِوَارِ الذي هو الرجوع؛ عن ابن
الأَعرابي.
أَبو عمرو: الأَحْوَرُ العقل، وما يعيش فلانٌ بأَحْوَرَ أَي ما يعيش
بعقل يرجع إِليه؛ قال هُدْبَةُ ونسبه ابن سيده لابن أَحمر:
وما أَنْسَ مِ الأَشْياءِ لا أَنْسَ قَوْلَها
لجارَتِها: ما إِن يَعِيشُ بأَحْوَرَا
أَراد: من الأَشياء. وحكى ثعلب: اقْضِ مَحُورَتَك أَي الأَمر الذي أَنت
فيه.
والحَوَرُ: أَن يَشْتَدَّ بياضُ العين وسَوادُ سَوادِها وتستدير حدقتها
وترق جفونها ويبيضَّ ما حواليها؛ وقيل: الحَوَرُ شِدَّةُ سواد المُقْلَةِ
في شدّة بياضها في شدّة بياض الجسد، ولا تكون الأَدْماءُ حَوْراءَ؛ قال
الأَزهري: لا تسمى حوراء حتى تكون مع حَوَرِ عينيها بيضاءَ لَوْنِ
الجَسَدِ؛ قال الكميت:
ودامتْ قُدُورُك، للسَّاعِيَيْـ
ن في المَحْلِ، غَرْغَرَةً واحْوِرارَا
أَراد بالغَرْغَرَةِ صَوْتَ الغَلَيانِ، وبالاحورار بياضَ الإِهالة
والشحم؛ وقيل: الحَوَرُ أَن تسودّ العين كلها مثل أَعين الظباء والبقر، وليس
في بني آدم حَوَرٌ، وإِنما قيل للنساء حُورُ العِينِ لأَنهن شبهن بالظباء
والبقر.
وقال كراع: الحَوَرُ أَن يكون البياض محدقاً بالسواد كله وإِنما يكون
هذا في البقر والظباء ثم يستعار للناس؛ وهذا إِنما حكاه أَبو عبيد في
البَرَج غير أَنه لم يقل إِنما يكون في الظباء والبقر. وقال الأَصمعي: لا
أَدري ما الحَوَرُ في العين وقد حَوِرَ حَوَراً واحْوَرَّ، وهو أَحْوَرُ.
وامرأَة حَوْراءُ: بينة الحَوَرِ. وعَيْنٌ حَوْراءٌ، والجمع حُورٌ، ويقال:
احْوَرَّتْ عينه احْوِرَاراً؛ فأَما قوله:
عَيْناءُ حَورَاءُ منَ العِينِ الحِير
فعلى الإِتباع لعِينٍ؛ والحَوْراءُ: البيضاء، لا يقصد بذلك حَوَر عينها.
والأَعْرابُ تسمي نساء الأَمصار حَوَارِيَّاتٍ لبياضهن وتباعدهن عن
قَشَفِ الأَعراب بنظافتهن؛ قال:
فقلتُ: إِنَّ الحَوارِيَّاتِ مَعْطَبَةٌ،
إِذا تَفَتَّلْنَ من تَحْتِ الجَلابِيبِ
يعني النساء؛ وقال أَبو جِلْدَةَ:
فَقُلْ للحَوَارِيَّاتِ يَبْكِينَ غَيْرَنا،
ولا تَبْكِنا إِلاَّ الكِلابُ النَّوابِحُ
بكَيْنَ إِلينا خفيةً أَنْ تُبِيحَها
رِماحُ النَّصَارَى، والسُّيُوفُ الجوارِحُ
جعل أَهل الشأْم نصارى لأَنها تلي الروم وهي بلادها. والحَوارِيَّاتُ من
النساء: النَّقِيَّاتُ الأَلوان والجلود لبياضهن، ومن هذا قيل لصاحب
الحُوَّارَى:
مُحَوَّرٌ؛ وقول العجاج:
بأَعْيُنٍ مُحَوَّراتٍ حُورِ
يعني الأَعين النقيات البياض الشديدات سواد الحَدَقِ.
وفي حديث صفة الجنة: إِن في الجنة لَمُجْتَمَعاً للحُورِ العِينِ.
والتَّحْوِيرُ: التببيض. والحَوارِيُّونَ: القَصَّارُونَ لتبييضهم
لأَنهم كانوا قصارين ثم غلب حتى صار كل ناصــر وكل حميم حَوارِيّاً. وقال بعضهم:
الحَوارِيُّونَ صَفْوَةُ الأَنبياء الذين قد خَلَصُوا لَهُمْ؛ وقال
الزجاج: الحواريون خُلْصَانُ الأَنبياء، عليهم السلام، وصفوتهم. قال: والدليل
على ذلك قول النبي، صلى الله عليه وسلم: الزُّبَيْرُ ابن عمتي
وحَوارِيَّ من أُمَّتِي؛ أَي خاصتي من أَصحابي وناصــري. قال: وأَصحاب النبي، صلى
الله عليه وسلم، حواريون، وتأْويل الحواريين في اللغة الذين أُخْلِصُوا
ونُقُّوا من كل عيب؛ وكذلك الحُواَّرَى من الدقيق سمي به لأَنه يُنَقَّى من
لُباب البُرِّ؛ قال: وتأْويله في الناس الذي قد روجع في اختِياره مرة بعد
مرة فوجد نَقِيّاً من العيوب. قال: وأَصل التَّحْوِيرِ في اللغة من حارَ
يَحُورُ، وهو الرجوع. والتَّحْوِيرُ: الترجيع، قال: فهذا تأْويله، والله
أَعلم. ابن سيده: وكلُّ مُبالِغٍ في نُصْرَةِ آخر حوَارِيٌّ، وخص بعضهم
به أَنصار الأَنبياء، عليهم السلام، وقوله أَنشده ابن دريد:
بَكَى بِعَيْنِك واكِفُ القَطْرِ،
ابْنَ الحَوارِي العَالِيَ الذِّكْرِ
إِنما أَراد ابنَ الحَوارِيِّ، يعني الحَوارِيِّ الزُّبَيرَ، وعنى بابنه
عَبْدَ اللهِو بْنَ الزبير. وقيل لأَصحاب عيسى، عليه
السلام: الحواريون للبياض، لأَنهم كانوا قَصَّارين. والحَوارِيُّ:
البَيَّاضُ، وهذا أَصل قوله، صلى الله عليه وسلم، في الزبير: حَوارِيَّ من
أُمَّتي، وهذا كان بدأَه لأَنهم كانوا خلصاء عيسى وأَنصاره، وأَصله من
التحوير التبييض، وإِنما سموا حواريين لأَنهم كانوا يغسلون الثياب أَي
يُحَوِّرُونَها، وهو التبييض؛ ومنه الخُبْزُ الحُوَّارَى؛ ومنه قولهم: امرأَة
حَوارِيَّةٌ إِذا كانت بيضاء. قال: فلما كان عيسى بن مريم، على نبينا وعليه
السلام، نصره هؤلاء الحواريون وكانوا أَنصاره دون الناس قيل لــناصــر نبيه
حَوارِيُّ إِذا بالغ في نُصْرَتِه تشبيهاً بأُولئك. والحَوارِيُّونَ:
الأَنصار وهم خاصة أَصحابه. وروى شمر أَنه قال: الحَوارِيُّ الــناصــح وأَصله
الشيء الخالص، وكل شيء خَلَصَ لَوْنُه، فهو حَوارِيٌّ. والأَحْوَرِيُّ:
الأَبيض الناعم؛ وقول الكميت:
ومَرْضُوفَةٍ لم تُؤْنِ في الطَّبْخِ طاهِياً،
عَجِلْتُ إِلى مُحْوَرِّها حِينَ غَرْغَرَا
يريد بياض زَبَدِ القِدْرِ. والمرضوفة: القدر التي أُنضجت بالرَّضْفِ،
وهي الحجارة المحماة بالنار. ولم تؤْن أَي لم تحبس. والاحْوِرَارُ:
الابْيِضاضُ. وقَصْعَةٌ مُحْوَرَّةٌ: مُبْيَضَّةٌ بالسَّنَامِ؛ قال أَبو المهوش
الأَسدي:
يا وَرْدُ إِنِّي سَأَمُوتُ مَرَّهْ،
فَمَنْ حَلِيفُ الجَفْنَةِ المُحْوَرَّهْ؟
يعني المُبْيَضَّةَ. قال ابن بري: وورد ترخيم وَرْدَة، وهي امرأَته،
وكانت تنهاه عن إِضاعة ماله ونحر إِبله فقال ذلك: الأَزهري في الخماسي:
الحَوَرْوَرَةُ البيضاء. قال: هو ثلاثي الأَصل أُلحق بالخماسي لتكرار بعض
حروفها. والحَوَرُ: خشبة يقال لها البَيْضاءُ.
والحُوَّارَى: الدقيق الأَبيض، وهو لباب الدقيق وأَجوده وأَخلصه.
الجوهري: الحُوَّارَى، بالضم وتشديد الواو والراء مفتوحة، ما حُوِّرَ من الطعام
أَي بُيّصَ. وهذا دقيق حُوَّارَى، وقد حُوِّرَ الدقيقُ وحَوَّرْتُه
فاحْوَرَّ أَي ابْيَضَّ. وعجين مُحَوَّر، وهو الذي مسح وجهه بالماء حتى صفا.
والأَحْوَرِيُّ: الأَبيض الناعم من أَهل القرى؛ قال عُتَيْبَةُ بن
مِرْدَاسٍ المعروفُ بأَبي فَسْوَةَ:
تكُفُّ شَبَا الأَنْيَابِ منها بِمِشْفَرٍ
خَرِيعٍ، كَسِبْتِ الأَحْوَرِيِّ المُخَصَّرِ
والحَوُْر: البَقَرُ لبياضها، وجمعه أَحْوارٌ؛ أَنشد ثعلب:
للهِ دَرُّ منَازِل ومَنازِل،
إِنَّا بُلِينَ بها ولا الأَحْوارُ
والحَوَرُ: الجلودُ البِيضُ الرِّقَاقُ تُعمل منها الأَسْفَاطُ، وقيل:
السُّلْفَةُ، وقيل: الحَوَرُ الأَديم المصبوغ بحمرة. وقال أَبو حنيفة: هي
الجلود الحُمْرُ التي ليست بِقَرَظِيَّةٍ، والجمع أَحْوَارٌ؛ وقد
حَوَّرَهُ. وخُفَّ مُحَوَّرٌ بطانته بِحَوَرٍّ؛ وقال الشاعر:
فَظَلَّ يَرْشَحُ مِسْكاً فَوْقَهُ عَلَقٌ،
كأَنَّما قُدَّ في أَثْوابِه الحَوَرُ
الجوهري: الحَوَرُ جلود حمر يُغَشَّى بها السِّلالُ، الواحدةُ حَوَرَةٌ؛
قال العجاج يصف مخالف البازي:
بِحَجَباتٍ يَتَثَقَّبْنَ البُهَرْ،
كأَنَّما يَمْزِقْنَ باللَّحْمِ الحَوَرْ
وفي كتابه لِوَفْدِ هَمْدَانَ: لهم من الصدقة الثِّلْبُ والنَّابُ
والفَصِيلُ والفَارِضُ والكَبْشُ الحَوَرِيُّ؛ قال ابن الأَثير: منسوب إِلى
الحَوَرَِ، وهي جلود تتخذ من جلود الضأْن، وقيل: هو ما دبغ من الجلود بغير
القَرَظِ، وهو أَحد ما جاء على أَصله ولم يُعَلَّ كما أُعلَّ ناب.
والحُوَارُ والحِوَارُ، الأَخيرة رديئة عند يعقوب: ولد الناقة من حين
يوضع إِلى أَن يفطم ويفصل، فإِذا فصل عن أُمه فهو فصيل، وقيل: هو حُوَارٌ
ساعةَ تضعه أُمه خاصة، والجمع أَحْوِرَةٌ وحِيرانٌ فيهما. قال سيبويه:
وَفَّقُوا بين فُعَالٍ وفِعَال كما وَفَّقُوا بين فُعالٍ وفَعِيلٍ، قال: وقد
قالوا حُورَانٌ، وله نظير، سمعت العرب تقول رُقاقٌ ورِقاقٌ، والأُنثى
بالهاء؛ عن ابن الأَعرابي. وفي التهذيب: الحُوَارُ الفصيل أَوَّلَ ما ينتج.
وقال بعض العرب: اللهم أَحِرْ رِباعَنا أَي اجعل رباعنا حِيراناً؛
وقوله:أَلا تَخافُونَ يوماً، قَدْ أَظَلَّكُمُ
فيه حُوَارٌ، بِأَيْدِي الناسِ، مَجْرُورُ؟
فسره ابن الأَعرابي فقال: هو يوم مَشْؤُوم عليكم كَشُؤْم حُوارِ ناقة
ثمود على ثمود.
والمِحْوَرُ: الحديدة التي تجمع بين الخُطَّافِ والبَكَرَةِ، وهي أَيضاً
الخشبة التي تجمع المَحَالَةَ. قال الزجاج: قال بعضهم قيل له مِحْوَرٌ
للدَّوَرَانِ لأَنه يرجع إِلى المكان الذي زال عنه، وقيل: إِنما قيل له
مِحْوَرٌ لأَنه بدورانه ينصقل حتى يبيض. ويقال للرجل إِذا اضطرب أَمره: قد
قَلِقَتْ مَحاوِرُه؛ وقوله أَنشده ثعلب:
يا مَيُّ ما لِي قَلِقَتْ مَحاوِرِي،
وصَارَ أَشْبَاهَ الفَغَا ضَرائِرِي؟
يقول: اضطربت عليّ أُموري فكنى عنها بالمحاور. والحديدة التي تدور عليها
البكرة يقال لها: مِحْورٌ. الجوهري: المِحْوَرُ العُودُ الذي تدور عليه
البكرة وربما كان من حديد. والمِحْوَرُ: الهَنَةُ والحديدة التي يدور
فيها لِسانُ الإِبْزِيمِ في طرف المِنْطَقَةِ وغيرها. والمِحْوَرُ: عُودُ
الخَبَّازِ. والمِحْوَرُ: الخشبة التي يبسط بها العجين يُحَوّرُ بها الخبز
تَحْوِيراً. قال الأَزهري: سمي مِحْوَراً لدورانه على العجين تشبيهاً
بمحور البكرة واستدارته.
وحَوَّرَ الخُبْزَةَ تَحْوِيراً: هَيَّأَها وأَدارها ليضعها في
المَلَّةِ. وحَوَّرَ عَيْنَ الدابة: حَجِّرَ حولها بِكَيٍّ وذلك من داء يصيبها،
والكَيَّةُ يقال لها الحَوْراءُ، سميت بذلك لأَن موضعها يبيضُّ؛ ويقال:
حَوِّرْ عينَ بعيرك أَي حَجَّرْ حولها بِكَيٍّ. وحَوَّرَ عين البعير: أَدار
حولها مِيسَماً. وفي الحديث: أَنه كَوَى أَسْعَدَ بنَ زُرَارَةَ على
عاتقه حَوْراءَ؛ وفي رواية: وجد وجعاً في رقبته فَحَوَّرَهُ رسولُ الله، صلى
الله عليه وسلم، بحديدة؛ الحَوْراءُ: كَيَّةٌ مُدَوَّرَةٌ، وهي من حارَ
يَحُورُ إِذا رجع. وحَوَّرَه: كواه كَيَّةً فأَدارها. وفي الحديث: أَنه
لما أُخْبِرَ بقتل أَبي جهل قال: إِن عهدي به وفي ركبتيه حَوْراءُ فانظروا
ذلك، فنطروا فَرَأَوْهُ؛ يعني أَثَرَ كَيَّةٍ كُوِيَ بها.
وإِنه لذو حَوِيرٍ أَي عداوة ومُضَادَّةٍ؛ عن كراع. وبعض العرب يسمي
النجم الذي يقال له المُشْتَري: الأَحْوَرَ. والحَوَرُ: أَحد النجوم الثلاثة
التي تَتْبَعُ بنات نَعْشٍ، وقيل: هو الثالث من بنات نعش الكبرى اللاصق
بالنعش.
والمَحارَةُ: الخُطُّ والنَّاحِيَةُ. والمَحارَةُ: الصَّدَفَةُ أَو
نحوها من العظم، والجمع مَحاوِرُ ومَحارٌ؛ قال السُّلَيْكُ
بْنُ السُّلَكَةِ:
كأَنَّ قَوَائِمَ النِّخَّامِ، لَمَّا
تَوَلَّى صُحْبَتِي أَصْلاً، مَحارُ
أَي كأَنها صدف تمرّ على كل شيء؛ وذكر الأَزهري هذه الترجمة أَيضاً في
باب محر، وسنذكرها أَيضاً هناك. والمَحارَةُ: مرجع الكتف. ومَحَارَةُ
الحَنَكِ: فُوَيْقَ موضع تَحْنيك البَيْطار. والمَحارَةُ: باطن الحنك.
والمَحارَةُ: مَنْسِمُ البعير؛ كلاهما عن أَبي العَمَيْثَلِ الأَعرابي.
التهذيب: المَحارَةُ النقصان، والمَحارَةُ: الرجوع، والمَحارَةُ:
الصَّدَفة.والحَوْرَةُ: النُّقْصانُ. والحَوْرَةُ: الرَّجْعَةُ.
والحُورُ: الاسم من قولك: طَحَنَتِ الطاحنةُ فما أَحارتْ شيئاً أَي ما
رَدَّتْ شيئاً من الدقيق؛ والحُورُ: الهَلَكَةُ؛ قال الراجز:
في بِئْرٍ لا حُورٍ سَرَى وما شَعَرْ
قال أَبو عبيدة: أَي في بئر حُورٍ، ولا زَيادَةٌ. وفلانٌ حائِرٌ بائِرٌ:
هذا قد يكون من الهلاك ومن الكَسادِ. والحائر: الراجع من حال كان عليها
إِلى حال دونها، والبائر: الهالك؛ ويقال: حَوَّرَ الله فلاناً أَي خيبه
ورَجَعَهُ إِلى النقص.
والحَوَر، بفتح الواو: نبت؛ عن كراع ولم يُحَلِّه. وحَوْرانُ، بالفتح:
موضع بالشام. وما أَصبت منه حَوْراً وحَوَرْوَراً أَي شيئاً.
وحَوَّارُونَ: مدينة بالشام؛ قال الراعي:
ظَلِلْنَا بِحَوَّارِينَ في مُشْمَخِرَّةٍ،
تَمُرُّ سَحابٌ تَحْتَنَا وثُلُوجُ
وحَوْرِيتُ: موضع؛ قال ابن جني: دخلت على أَبي عَلِيٍّ فحين رآني قال:
أَين أَنت؟ أَنا أَطلبك، قلت: وما هو؟ قال: ما تقول في حَوْرِيتٍ؟ فخضنا
فيه فرأَيناه خارجاً عن الكتاب، وصَانَعَ أَبو علي عنه فقال: ليس من لغة
ابني نِزَارٍ، فأَقَلَّ الحَفْلَ به لذلك؛ قال: وأَقرب ما ينسب إِليه أَن
يكون فَعْلِيتاً لقربه من فِعْلِيتٍ، وفِعْلِيتٌ موجود.
نوض: النَّوضُ: وُصْلةُ ما بين العَجُز والمتن، وخَصَّصَه الجوهري
بالبعير. ولكل امرأَة نَوْضانِ: وهما لَحمتان مُنْتَبِرتانِ مُكْتَنِفتانِ
قَطَنَها يعني وسَط الوَرِك؛ قال:
إِذا اعْتَزَمْنَ الدَّهْرَ في انْتِهاضِ،
جاذَبْنَ بالأَصْلابِ والأَنْواضِ
(* قوله «الدهر» كذا بالأَصل، والذي في شرح القاموس: الزهو.)
والنَّوْضُ: شِبْهُ التَّذَبْذُبِ والتَّعَثْكُلِ. وناضَ الشيءُ يَنُوضُ
نَوْضاً: تَذَبْذَبَ. وناضَ فلان يَنُوض نَوْضاً: ذهب في البلاد.
ونُضْتُ الشَّيءَ وناضَ الشيءَ يَنُوضُه نَوْضاً: أَراغَه لينتزعه كالغُصْن
والوَتدِ ونحوهما. وناضَ نَوْضاً كــناصَ أَي عدَل؛ عن كراع. وناضَ البرْقُ
يَنُوضُ نَوْضاً إِذا تلألأ. ويقال: فلان ما يَنُوضُ بحاجة وما يَقْدِر أَن
ينوض أَي يتحرّك بشيء، والصاد لغة. والمَناضُ: المَلْجأُ؛ عن كراع،
والصاد أَعلى. وأَناضَ حَمْلُ النخلة إِناضةً وإِناضاً كأَقامَ إِقامةً
وإِقاماً: أَدرَك؛ قال لبيد:
فاخِراتٌ ضُروعُها في ذُراها،
وأَناضَ العَيْدانُ والجَبّارُ
قال ابن سيده: وإِنما كانت الواو أَولى به من الياء لأَنَّ ض ن و أَشدّ
انقلاباً من ض ن ي. والإِناضُ: إِدْراكُ النخل. وإِذا أَدْرَكَ حَمْلُ
النخلةِ، فهو الإِناضُ.
أَبو عمرو: الأَنْواضُ مَدافِعُ الماء. والأَنْواضُ والأَناوِيضُ: مواضع
متفرّقة
(* قوله «متفرقة» في الصحاح مرتفعة.)؛ ومنه قول لبيد:
أَرْوَى الأَناوِيضَ وأَرْوَى مِذْنَبَهْ
والأَنْواضُ: موضع معروف؛ قال رؤبة:
غُرّ الذُّرى ضَواحِك الإِيماضِ،
تُسْقَى به مَدافِعُ الأَنْواضِ
وقيل: الأَنْواضُ هنا مَنافِقُ الماء، وبه فسر الشعر ولم يذكر
للأَنْواضِ ولا للمَنافِق واحد. والأَنْواضُ: الأَوْدِية، واحدها نَوْض، والجمع
الأَناوِيضُ. والنَّوْضُ: الحرَكة. والنَّوْضُ: العُصْعُصُ. قال الكسائي:
العرب تبدل من الصاد ضاداً فتقول: ما لكَ من هذا الأَمر مَناضٌ أَي
مَــناصٌ، وقد ناضَ وناصَ مَناضاً ومَــناصــاً إِذا ذهب في الأَرض. قال ابن
الأَعرابي: نَوَّضْتُ الثوبَ بالصِّبْغ تَنْوِيضاً؛ وأَنشد في صفة
الأَسد:في غِيلِه جِيَفُ الرِّجالِ كأَنَّه،
بالزَّعْفرانِ من الدِّماء، مُنَوَّضُ
أَي مُضَرَّج. أَبو سعيد: الأَنْواضُ والأَنْواطُ واحد، وهي ما نُوِّطَ
على الإِبل إِذا أُوقِرَتْ؛ قال رؤبة:
جاذَبْنَ بالأَصْلابِ والأَنْواضِ
ذأب: الذِّئْبُ: كَلْبُ البَرِّ، والجمعُ أَذْؤُبٌ، في القليل، وذِئابٌ
وذُؤْبانٌ؛ والأُنثَى ذِئْبَةٌ، يُهْمَزُ ولا يُهْمَزُ، وأَصله الـهَمْز.
وفي حديث الغار: فيُصْبِحُ في ذُوبانِ الناسِ. يقال لِصعالِيك العرب ولُصُوصِها: ذُوبانٌ، لأَنهم كالذِّئابِ. وذكره ابن الأَثير في ذَوَبَ، قال:
والأَصل في ذُوبان الهمزُ، ولكنه خُفِّفَ، فانْقَلَبت واواً.
وأَرْضٌ مَذْأَبةٌ: كثِـيرة الذِّئابِ، كقولك أَرضٌ مَـأْسَدَةٌ، من الأَسَد. قال أَبو علي في التذكرة: وناسٌ من قَيْس يقولون مذيَبة، فلا
يَهْمِزون، وتعليل ذلك أَنه خُفِّفَ الذِّئْبُ تَخْفيفاً بَدَلِـيّاً صحيحاً، فجاءَت الهمزة ياءً، فلَزِمَ ذلك عندَه، في تَصْرِيفِ الكلمة.
وذُئِبَ الرَّجُلُ: إِذا أَصابَه الذِّئْبُ.
ورجلٌ مَذْؤُوبٌ: وقَع الذِّئْبُ في غَنَمِه، تقول منه: ذُئِبَ الرَّجُلُ، على فُعِلَ؛ وقوله أَنشده ثعلب:
هاعٍ يُمَظِّعُني، ويُصْبِحُ سادِراً، * سَدِكاً بلَحْمِـي، ذِئْبُه لا يَشْبَعُ
عَنَى بِذِئْبِه لسانَه أَي إِنه يأْكلُ عِرْضَه، كما يأْكلُ الذِّئْبُ الغنمَ.
وذُؤْبانُ العرب: لُصُوصُهم وصَعالِـيكُهُمُ الذين يَتَلَصَّصون
ويَتَصَعْلَكُونَ.
وذِئابُ الغَضَى: بنو كعب بن مالك بن حنظلة، سُمُّوا بذلك لخُبْثِهم، لأَن ذِئْبَ الغَضَى أَخْبَثُ الذِّئَابِ.
وذَؤُبَ الرجلُ يَذْؤُبُ ذَآبَةً، وذَئِبَ وتَذَأَّبَ: خَبُثَ، وصار كالذِّئْبِ خُبْثاً ودَهاءً.
واسْتَذْأَبَ النَّقَدُ: صارَ كالذِّئْب؛ يُضْرَبُ مثلاً للذُّلاّن إِذا عَلَوا الأَعِزَّة.
وتَذَأَّبَ الناقةَ وتَذَأَّبَ لَـها: وهو أَن يَسْتَخْفِـيَ لها إِذا عَطَفَها على غير ولَدِها، مُتَشَبِّهاً لها بالسَّبُعِ، لتكون أَرْأَمَ عليه؛ هذا تعبير أَبي عبيد.
قال: وأَحسن منه أَن يقول: مُتَشَبِّهاً لها بالذِّئْبِ، لـيَتَبَـيَّن الاِشْتقاقُ. وتَذَأَّبَتِ الرِّيحُ وتَذَاءَبَتْ: اخْتَلَفَتْ، وجاءَتْ من هُنا وهُنا. وتَذَأَّبْـتُه وتَذاءَبْـتُه: تَدَاولْـتُه، وأَصْلُه من الذِّئْبِ إِذا حَذِرَ من وجهٍ جاءَ من آخَر. أَبو عبيد: الـمُتَذَئِّبَة والـمُتَذائِبَةُ، بوَزنِ مُتَفَعِّلة ومُتَفاعِلَة: من الرِّياح التي تَجِـيءُ من هَهُنا مرَّةً ومن ههنا مرَّةً؛ أُخِذَ من فِعْل
الذِّئْبِ، لأَنه يأْتي كذلك. قال ذوالرُّمة، يذكر ثوراً وَحْشِـيّاً:
فباتَ يُشْئِزهُ ثَـأْدٌ، ويُسْهِرُه * تَذَؤُّبُ الرِّيح، والوَسْواسُ والـهِضَبُ
وفي حديث عليّ، كرّم اللّه وجهه: خَرَجَ منكم جُنَيْدٌ مُتَذائِبٌ
ضَعِـيفٌ؛ الـمُتَذائِبُ: الـمُضْطَرِبُ، من قولهم: تَذَاءَبَتِ الرِّيحُ،
اضْطرب هبوبُها. وغَرْبٌ ذَأْبٌ: مُخْتَلَفٌ به؛ قال أَبو عبيدة، قال
الأَصمعي: ولا أُراهُ أُخِذَ إِلا من تَذَؤُّبِ الرِّيحِ، وهو اخْتِلافُها،
فشُبِّه اخْتلافُ البَعيرِ في الـمَنْحاةِ بها؛ وقيل: غَرْبٌ ذَأْبٌ، على
مثالِ فَعْلٍ: كثيرةُ الحركةِ بالصُّعُودِ والنُّزول. والـمَذْؤُوبُ:
الفَزِعُ.
وذُئِبَ الرجُل: فَزِعَ من الذِّئْبِ.
وذَأَّبْتُه: فَزَّعْتُه.
وذَئِب وأَذْأَبَ: فَزِع من أَيِّ شيءٍ كان. قال الدُّبَيْرِيُّ:
إِني، إِذا ما لَيْثُ قَوْمٍ هَرَبا، * فسَقَطَتْ نَخْوَتُه وأَذْأَبا
قال: وحقيقتُه من الذِّئبِ.
ويقال للذي أَفْزَعَتْه الجِنُّ: تَذَأَّبَتْه وتَذَعَّبَتْه.
وقالوا: رَماه اللّهُ بداءِ الذِّئبِ، يَعْنُونَ الجُوعَ، لأَنهم يَزْعُمونَ أَنه لا داءَ له غيرُ ذلك.
وبنُو الذِّئبِ: بَطْنٌ من الأَزْدِ، منهم سَطِـيحٌ الكاهنُ؛ قال الأَعشى:
ما نَظَرَتْ ذاتُ أَشْفارٍ كنَظْرَتِها * حَقّاً، كما صَدَقَ الذِّئْبِـيُّ، إِذ سَجَعا
وابنُ الذِّئْبةِ: الثَّقَفِـيُّ، من شُعرائِهِم.
ودارةُ الذِّئبِ: موضعٌ. ويقال للمرأَةِ التي تُسَوِّي مَرْكَبَها: ما
أَحْسَنَ ما ذَأَبَتْه! قال الطِّرمَّاح:
كلُّ مَشْكُوكٍ عَصافِيرُه، * ذَأَبَتْه نِسْوَةٌ من جُذامْ
وذَأَبْتُ الشيءَ: جَمَعْته.
والذُّؤَابةُ: الــنَّاصِــيةُ لنَوَسانِها؛ وقيل: الذُّؤَابةُ مَنْبِتُ الــناصــيةِ من الرأْس، والجَمْعُ الذَّوائِبُ. وكان الأَصلُ ذَآئبَ، وهو القياسُ، مثل دُعابةٍ ودَعائِبَ، لكنه لـمَّا التَقَتْ همزتان بينهما أَلِفٌ لَيِّنةٌ، لَيَّـنُوا الهمزة الأولى، فقَلَبُوها واواً، اسْتِثقالاً لالتقاءِ همزتين في كلمة واحدةٍ؛ وقيل: كان الأَصلُ (1)
(1 قوله «وقيل كان الأصل إلخ» هذه عبارة الصحاح والتي قبلها عبارة المحكم.) ذَآئبَ، لأَن أَلِف ذُؤَابةٍ كأَلِفِ رِسالَةٍ، فحقُّها أَنْ تُبْدَل منها همزةٌ في الجمع، لكنهم اسْتَثْقَلوا أَن تقَع أَلِف الجمع بين الهمزتين، فأَبدلوا من الأُولى واواً. أَبو زيد: ذُؤَابة الرأْسِ: هي التي أَحاطَتْ بالدَوَّارة من الشَّعَر. وفي حديث دَغْفَلٍ وأَبي بكرٍ: إِنَّكَ لستَ من ذَوائِبِ قُرَيْشٍ؛ هي جمع ذُؤَابةٍ، وهي الشَّعَر الـمَضْفورُ من شَعَرِ الرأْسِ؛ وذُؤَابَةُ الجَبَلِ: أَعْلاه، ثم اسْتُعيرَ للعِزِّ والشَّرَف والـمَرْتَبة أَي لستَ من أَشرافِهِم وذَوِي أَقْدارِهم.
وغُلامٌ مُذَأَّبٌ: له ذُؤَابة. وذُؤَابةُ الفَرَسِ: شَعَرٌ في الرأْسِ،
في أَعْلى الــنَّاصِـــية.
أَبو عمرو: الذِّئْبانُ الشَّعَر على عُنُقِ البعيرِ ومِشْفَرِه. وقال
الفَرَّاءُ: الذِّئْبانُ بَقِـيَّة الوَبَر؛ قال: وهو واحدٌ. قال الشيخ
أَبو محمد بن بري: لم يذكر الجوهريّ شاهداً على هذا. قال: ورأَيتُ في الحاشية بيتاً شاهداً عليه لكُثير، يصف ناقة:
عَسُوف بأَجْوازِ الفَلا حِمْيَرِيَّة، * مَريش، بذئْبانِ السَّبِـيبِ، تَلِـيلُها
والعَسُوفُ: التي تَمُرُّ على غيرِ هدايةٍ، فتَرْكَبُ رأْسها في
السَّـيْر، ولا يَثْنِـيها شيءٌ. والأَجْوازُ: الأَوْساطُ. وحِمْيَرِيَّة: أَراد
مَهْرِية، لأَن مَهْرة من حِمْيَر. والتَّلِـيلُ: العُنق. والسَّبِـيبُ:
الشَّعَرُ الذي يكونُ مُتَدَلِّياً على وجه الفَرَسِ من ناصِـــيَتِه؛ جَعل
الشَّعَر الذي على عيْنَي الناقة بمنزلة السَّبِـيبِ.
وذُؤَابةُ النَّعْلِ: الـمُتَعَلِّقُ من القِبالِ؛ وذُؤَابة النَّعْلِ: ما أَصابَ الأَرضَ من الـمُرْسَلِ على القَدَم لتَحَرُّكِه. وذُؤَابةُ كلِّ شيءٍ أَعلاه، وجَمْعُها ذُؤَابٌ؛ قال أَبو ذؤيب:
بأَرْي التي تَـأْري اليَعاسيبُ، أَصْبَحَتْ * إِلى شاهِقٍ، دُونَ السَّماءِ، ذُؤَابُها
قال: وقد يكون ذُؤَابُها من بابِ سَلٍّ وسَلَّةٍ. والذُّؤَابَةُ: الجِلْدَة الـمُعَلَّقَة على آخِر الرَّحْلِ، وهي العَذبَة؛ وأَنشد الأَزهري،
في ترجمة عذب في
هذا المكان:
قَالُوا: صَدَقْتَ ورَفَّعُوا، لـمَطِـيِّهِمْ، * سَيْراً، يُطِـيرُ ذَوائِبَ الأَكْوارِ
وذُؤَابَة السَّيْفِ: عِلاقَةُ قائِمِه. والذُّؤَابَةُ: شَعَرٌ مَضْفُور، ومَوْضِعُها من الرَّأْسِ ذُؤَابَةٌ، وكذلك ذُؤَابةُ العِزِّ والشَّرَف. وذُؤَابة العِزِّ والشَّرَف: أَرْفَعُه على الـمَثَلِ، والجَمْع من ذلك كلِّه ذَوائِبُ. ويقال: هم ذُؤَابَة قَوْمِهِمْ أَي أَشْرافُهُم، وهو في ذُؤَابَةِ قَوْمِه أَي أَعْلاهُم؛ أُخِذوا من ذُؤَابَةِ الرَّأْسِ.
واسْتَعارَ بعضُ الشُّعراءِ الذَّوائِبَ للنَّخْل؛ فقال:
جُمّ الذَّوائِب تَنْمِـي، وهْيَ آوِيَةٌ، * ولا يُخافُ، على حافاتِها، السَّرَق
والذِّئْبَةُ من الرَّحْلِ، والقَتَبِ، والإِكافِ ونحوِها، ما تَحْتَ مُقَدَّمِ مُلْتَقَى الـحِنْوَيْن، وهو الذي يَعَضُّ على مِنْسَجِ الدَّابَّةِ؛ قال:
وقَتَبٍ ذِئْبَتُه كالـمِنْجَلِ
وقيل: الذِّئْبَةُ: فُرْجَةُ ما بَيْنَ دَفَّتَي الرَّحْلِ والسَّرْجِ والغَبِـيطِ أَيّ ذلك كان.
وقال ابن الأَعرابي: ذِئْبُ الرَّحْلِ أَحْناؤُه من مُقَدَّمِه.
وذَأَبَ الرَّحْلَ: عَمِلَ لَه ذِئْبةً.
وقَتَبٌ مُذَأَّبٌ وغَبِـيطٌ مُذَأَبٌ: إِذا جُعِلَ له فُرْجَة؛ وفي الصحاح: إِذا جُعِلَ له ذُؤَابَةٌ؛ قال لبيد:
فكَلَّفْتُها هَمِّي، فآبَتْ رَذِيَّـةً * طَلِـيحاً، كأَلْواحِ الغَبِـيطِ الـمُذَأَبِ
وقال امرؤُ القيس:
له كَفَلٌ، كالدِّعْصِ، لَبَّدَه النَّدى * إِلى حارِكٍ، مِثلِ الغَبِـيطِ الـمُذأَبِ
والذِّئْبةُ: دَاءٌ يأْخُذُ الدَّوابَّ في حُلُوقِها؛ يقال: بِرْذوْنٌ مَذْؤُوبٌ: أَخَذَتْهُ الذِّئْبَةُ. التهذيب: من أَدْواءِ الخَيْلِ الذِّئْبَةُ، وقد ذُئِبَ الفَرسُ، فهو مَذْؤُوبٌ إِذا أَصابَه هذا الدَّاءُ؛ ويُنْقَبُ عنه بحديدةٍ في أَصلِ أُذُنِهِ، فيُسْتَخْرَجُ منه غُدَدٌ صِغارٌ بيضٌ، أَصْغَرُ من لُبِّ الجَاوَرْسِ.
وذَأَبَ الرَّجُلَ: طَرَدَه وضَرَبَه كذَأَمَه، حكاه اللحياني. وذَأَبَ
الإِبِلَ يَذْأَبُها ذَأْباً: ساقَها. وذَأَبَه ذَأْباً: حَقَّرَه وطَرَدَه، وذَأَمَه ذَأْماً؛ ومنه قوله تعالى: مَذْؤُوماً مَدْحوراً.
والذَّأْبُ: الذَّمُّ، هذه عن كُراع. والذَّأْبُ: صَوْتٌ شديدٌ، عنه أَيضاً.
وذُؤَابٌ وذُؤَيْبٌ: اسْمانِ.
وذُؤَيْبَة: قبيلَةٌ من هذيل؛ قال الشاعر:
عَدَوْنا عَدْوَةً، لا شَكَّ فِـيها، * فَخِلْناهُم ذُؤَيْبَةَ، أَو حَبِـيبَا
وحَبِـيبٌ: قبيلَةٌ أَيضاً.
عنص: العُنْصُوَة والعِنْصُوَة والعَنْصُوَة والعِنْصِيةُ والعَــناصِــي:
الخُصْلةُ من الشعر قدر القُنْزُعةِ؛ قال أَبو النجم:
إِن يُمْسِ رَأْسي أَشْمَطَ العَــناصِــي،
كأَنما فَرّقَه مُــناصِ،
عن هامةٍ كالحَجَرِ الوَبّاصِ
والعُنْصُوة والعِنْصُوة والعَنْصُوة: القطعة من الكَلإِ والبقيةُ من
المال من النصف إِلى الثلث أَقلّ ذلك. وقال ثعلب: العَــناصِــي بقيّةُ كل شيء.
يقال: ما بقي من ماله إِلا عَــنَاصٍ، وذلك إِذا ذهب مُعْظَمُه وبقي
نَبْذٌ منه؛ قال الشاعر:
وما تَرَك المَهْرِيُّ مِنْ جُلِّ مالِنا،
ولا ابْناهُ في الشهرين، إِلا العَــناصِــيَا
وقال اللحياني: عَنْصُوةُ كلِّ شيء بقيّتُه، وقيل: العَنْصُوة
والعِنْصُوة والعُنْصُوة والعِنْصِيةُ قطعةٌ من إِبلٍ أَو غنمٍ. ويقال: في أَرض
بني فلان عَــناصٍ من النبت، وهو القليل المتفرق. والعَــناصِــي: الشعرُ المنتصب
قائماً في تفَرُّقٍ. وأَعْنَصَ الرجل إِذا بقِيَت في رأْسه عَــناصٍ من
ضَفائِره، وبَقِيَ في رأْسه شعرٌ متفرِّق في نواحيه، الواحدةُ عُنْصُوةٌ،
وهي فُعْلُوة، بالضم، وما لم يكن ثانيه نوناً فإِن العرب لا تَضُمُّ
صَدْرَه مثل ثُنْدُوة، فأَما عَرْقُوةٌ وتَرْقوةٌ وقَرنوة فمفتوحات؛ قال
الجوهري: وبعضهم يقول عَنْصُوة وثَنْدُوة وإِن كان الحرف الثاني منهما نوناً
ويُلْحِقُهما بعَرْقُوةٍ وتَرْقُوةٍ وقَرْنُوة.
ليت: لاتَه حَقَّه يَليتُه لَيْتاً، وأَلاتَه: نَقَصه، والأُولى أَعلى.
وفي التنزيل العزيز: وإِن تُطيعُوا اللهَ ورَسُولَه لا يَلِتْكُمْ من
أَعمالكم شيئاً؛ قال الفراء: معناه لا يَنْقُصْكم، ولا يَظْلِمْكم من
أَعمالكم شيئاً، وهو من لاتَ يَلِيتُ؛ قال: والقُرَّاءُ مجتمعون عليها. قال
الزجاج: لاتَه يَلِيتُه، وأَلاتَه يُلِيتُه، وأَلَته يَأْلِتُه إِذا
نَقَصَه، وقُرئ قوله تعالى: وما لِتْناهم، بكسر اللام، مِن عَمَلِهمْ مِن شيء؛
قال: لاتَه عن وَجْهه أَي حَبَسَه؛ يقول: لا نُقْصانَ ولا زيادة؛ وقيل في
قوله: وما أَلَتْناهم؛ قال: يجوز أَن يكون من أَلَتَ ومن أَلاتَ؛ قال:
ويكون لاتَه يَلِيتُه إِذا صَرَفه عن الشيء؛ وقال عُرْوة بن الوَرْد:
ومُحْسِبةٍ ما أَخْطَأَ الحَقُّ غَيْرَها،
تَنَفَّسَ عنْها حَيْنُها، فهي كالشَّوي
فأَعْجَبَنِي إِدامُها وسَنامُها،
فبِتُّ أُلِيتُ الحَقَّ، والحَقُّ مُبْتَلِي
أَنشده شمر وقال: أُلِيتُ الحقَّ أُحِيلُه وأَصْرِفُه، ولاتَه عن أَمْره
لَيْتاً وأَلاتَهُ: صَرَفه. ابن الأَعرابي: سمعت بعضهم يقول: الحمد لله
الذي لا يُفاتُ ولا يُلاتُ ولا تَشْتَبهُ عليه الأَصوات؛ يُلاتُ: من
أَلاتَ يُلِيتُ، لغة في لاتَ يَلِيتُ إِذا نَقَصَ، ومعناه: لا يُنْقَصُ ولا
يُحْبسُ عنه الدُّعاء؛ وقال خالد بنُ جَنْبةَ: لا يُلاتُ أَي لا يَأْخُذُ
فيه قولُ قائل أَي لا يُطيعُ أَحَداً.
قال: وقيل للأَسدِيَّة ما المُداخَلَةُ؟ فقالت: أَن تُلِيتَ الإِنسانَ
شيئاً قد عَمِلَهُ أَي تَكْتُمَه وتأْتي بِخَبرٍ سواه. ولاتَه لَيْتاً:
أَخْبَرَه بالشيء على غير وجهه؛ وقيل: هو أَن يُعَمِّيَ عليه الخَبَر،
فيُخْبرَه بغير ما سأَله عنه: قال الأَصمعي: إِذا عَمَّى عليه الخَبَر، قيل:
قد لاتَه يَليتُه لَيْتاً: ويقال: ما أَلاتَه من عَمَله شيئاً أَي ما
نَقَصَه، مثل أَلَته؛ عنه، وأَنشد لعَدِيّ بن زيد:
ويَاْكُلْنَ ما أَعْنَى الوَلِيُّ فلم يُلِتْ،
كأَنَّ، بِحافاتِ النِّهاءِ، المَزَارِعَا
قوله: أَعْنَى أَنْبَتَ. والوَلِيُّ: المَطَرُ تَقَدَّمه مطَرٌ، والضمير
في يَأْكُلْنَ يَعُودُ على حُمُرٍ، ذكرها قبل البيت.
وقوله تعالى: ولاتَ حِينَ مَــنَاصٍ؛ قال الأَخْفَش: شَبَّهوا لاتَ
بلَيْسَ، وأَضمروا فيها اسمَ الفاعل، قال: ولا يكون لاتَ إِلاَّ مع حِينَ. قال
ابن بري: هذا القول نسبه الجوهري للأَخفش، وهو لسيبويه لأَنه يرى أَنها
عاملة عمل ليس، وأَما الأَخفش فكان لا يُعْمِلُها، ويَرْفَعُ ما بعدها
بالابتداء إِن كان مرفوعاً، وينصبه بإِضمار فعلٍ إِن كان منصوباً؛ قال: وقد
جاء حذف حين من الشعر
(* قوله «من الشعر» كذا قال الجوهري أيضاً. وقال في
المحكم انه ليس بشعر.(؛ قال مازنُ بن مالك:
حَنَّتْ ولاتَ هَنَّتْ وأَنَّى لَكَ مَقْرُوع.
فحذف الحين وهو يريده. وقرأَ بعضهم: ولاتَ حِينُ مَــنَاصٍ؛ فرفع حين،
وأَضْمَر الخَبر؛ وقال أَبو عبيد: هي لا، والتاء إِنما زِيدت في حين، وكذلك
في تَلانَ وأَوانَ؛ كُتِبَتْ مفردة؛ قال أَبو وَجْزة:
العاطِفُونَ تَحِينَ ما مِنْ عاطِفٍ،
والمُطْعِمُونَ زَمانَ أَينَ المُطْعِمُ؟
قال ابن بري صواب إِنشاده:
العاطِفُونَ تَحِينَ ما مِنْ عاطِفٍ،
والمُنْعِمُونَ زَمانَ أَيْنَ المُنْعِمُ؟
واللاَّحِفُونَ جِفانَهُمْ قَمْعَ الذُّرَى،
والمُطْعِمُونَ زَمانَ أَيْنَ المُطْعِمُ؟
قال المُؤَرِّجُ: زيدت التاء في لات، كما زيدت في ثُمَّت ورُبَّت.
واللَّيتُ، بالكسر: صَفْحة العُنُق؛ وقيل: اللِّيتان صَفْحَتا العُنُق؛
وقيل: أَدْنَى صَفْحَتَي العُنُق من الرأْس، عليهما يَنْحَدِرُ
القُرْطَانِ، وهما وراء لِهْزِمَتَي اللَّحْيَيْن؛ وقيل: هما موضع
المِحْجَمَتَيْن؛ وقيل: هما ما تَحْتَ القُرْطِ من العُنُق، والجمع أَلْياتٌ ولِيتَةٌ.
وفي الحديث: يُنْفَخُ في الصور فلا يَسمَعُه أَحدٌ إِلا أَصْغَى لِيتاً
أَي أَمَالَ صَفْحة عُنُقِه. ولِيتُ الرَّمْلِ: لُعْطُه، وهو ما رَقَّ منه
وطالَ أَكثر من الإِبطِ. واللَّيتُ: ضَربٌ من الخَزَمِ. ولَيْتَ، بفتح
اللام: كلمةُ تَمنٍّ؛ تقول: ليتني فَعَلْتُ كذا وكذا، وهي من الحروف
الــناصــبة، تَنْصِبُ الاسمَ وتَرْفَعُ الخبر، مثل كأَنَّ وأَخواتها، لأَِنها
شابهت الأَفعال بقوَّة أَلفاظها واتصال أَكثر المضمرات بها وبمعانيها، تقول:
ليت زيداً ذاهبٌ؛ قال الشاعر:
يا لَيْتَ أَيامَ الصِّبا رَواجِعَا
فإِنما أَراد: يا لَيْتَ أَيام الصِّبا لنا رواجع، نصبه على الحال؛ قال:
وحكى النحويون أَن بعض العرب يستعملها بمنزلة وَجَدْتُ، فيُعَدِّيها
إِلى مفعولين، ويُجْريها مُجْرَى الأَفعال، فيقول: ليت زيداً شاخصاً، فيكون
البيت على هذه اللغة؛ ويقال: لَيْتي ولَيْتَنِي، كما قالوا: لعَلِّي
ولَعَلَّنِي، وإِنِّي وإِنَّنِي؛ قال ابن سيده: وقد جاء في الشعر لَيْتي؛
أَنشد سيبويه لزيدِ الخَيْلِ:
تَمَنَّى مِزْيَدٌ زَيْداً، فلاقَى
أَخاً ثِقَةً، إِذا اخْتَلَفَ العَوَالي
كمُنْيَةِ جابرٍ إِذ قال: لَيْتِي
أُصادِفُه، وأُتْلِفُ جُلَّ مَالِي
ولاتَهُ عن وَجْهِه يَلِيتُه ويَلُوتُه لَيْتاً أَي حَبَسه عن وَجْهه
وصَرَفه؛ قال الراجز:
وليلةٍ ذاتِ نَدًى سَرَيْتُ،
ولم يَلِتْنِي عن سُراها لَيْتُ
وقيل: معنى هذا لم يَلِتْني عن سُراها أَنْ أَتَنَدَّم فأَقول لَيْتَني
ما سَرَيْتُها؛ وقيل: معناه لم يَصْرِفْني عن سُراها صارِفٌ إِن لم
يَلِتْني لائِت، فوضع المصدر موضع الاسم؛ وفي التهذيب: إِن لم يَثْنِني عنها
نَقْصٌ، ولا عَجْزٌ عنها، وكذلك: أَلاته عن وَجْهه، فَعَلَ وأَفْعَلَ،
بمعنًى.