نازيّ [مفرد]: (انظر: ن ز و - نازيّ).
نازيَّــة [مفرد]: (انظر: ن ز و - نازيَّــة).
وطن: الوَطَنُ: المَنْزِلُ تقيم به، وهو مَوْطِنُ الإنسان ومحله؛ وقد
خففه رؤبة في قوله:
أَوْطَنْتُ وَطْناً لم يكن من وَطَني،
لو لم تَكُنْ عاملَها لم أَسْكُنِ
بها، ولم أَرْجُنْ بها في الرُّجَّنِ
قال ابن بري: الذي في شعر رؤبة:
كَيْما تَرَى أَهلُ العِراقِ أَنني
أَوْطَنْتُ أَرضاً لم تكن من وَطَني
وقد ذكر في موضعه، والجمع أَوْطان. وأَوْطانُ الغنم والبقر: مَرَابِضُها
وأَماكنها التي تأْوي إليها؛ قال الأَخْطَلُ:
كُرُّوا إلى حَرَّتَيْكُمْ تَعْمُرُونَهُمَا،
كما تَكُرُّ إلى أَوْطانها البَقَرُ
ومَوَاطِنُ مكة: مَوَافقها، وهو من ذلك. وَطَنَ بالمكان وأَوْطَنَ
أَقام؛ الأَخيرة أَعلى. وأَوْطَنَهُ: اتخذه وَطَناً. يقال: أَوْطَنَ فلانٌ
أَرض كذا وكذا أَي اتخذها محلاً ومُسْكَناً يقيم فيها.
والمِيطانُ: الموضع الذي يُوَطَّنُ لترسل منه الخيل في السِّباق، وهو
أَول الغاية، والمِيتاء والمِيداء آخر الغاية؛ الأَصمعي: هو المَيْدانُ
والمِيطانُ، بفتح الميم من الأول وكسرها من الثاني. وروى عمرو عن أَبيه قال:
المَيَاطِينُ المَيادين. يقال: من أَين مِيطانك أَي غايتك. وفي صفته،
صلى الله عليه وسلم: كان لا يُوطِنُ الأَماكن أََي لا يتخذ لنفسه مجلساً
يُعْرَفُ به. والمَوْطِنُ: مَفْعِلٌ
منه، ويسمى به المَشْهَدُ من مشَاهد الحرب، وجمعه مَوَاطن. والمَوْطِنُ:
المَشْهَدُ من مَشَاهد الحرب. وفي التنزيل العزيز: لقد نصَركُمُ اللهُ
في مَوَاطن كثيرة؛ وقال طَرَفَةُ:
على مَوْطِنٍ يَخْشَى الفَتَى عنده الرَّدَى،
متى تَعْتَرِكْ فيه الفَرائصُ تُرْعَدِ
وأَوطَنْتُ الأَرض ووَطَّنْتُها تَوطِيناً واسْتَوْطَنْتُها أَي اتخذتها
وَطَناً، وكذلك الاتِّطانُ، وهو افْتِعال منه. غيره: أَما المَوَاطِنُ
فكل مَقام قام به الإنسان لأَمر فهو مَوْطِنٌ له، كقولك: إذا أَتيت فوقفت
في تلك المَوَاطِنِ فادْعُ الله لي ولإخواني. وفي الحديث: أَنه نَهَى عن
نَقْرَة الغُراب وأَن يُوطِنَ الرجلُ في المكان بالمسجد كما يُوطِنُ
البعيرُ؛ قيل: معناه أَن يأْلف الرجل مكاناً معلوماً من المسجد مخصوصاً به
يصلي فيه كالبعير لا يأْوي من عَطَنٍ إلا إلى مَبْرَكٍ دَمِثٍ قد أَوْطَنَه
واتخذه مُناخاً، وقيل: معناه أَن يَبْرُكَ على ركبتيه قبل يديه إذا
أَراد السجودَ مثلَ بُرُوكِ البعير؛ ومنه الحديث: أَنه نَهَى عن إيطان
المساجد أَي اتخاذها وَطَناً. وواطنَهُ على الأَمر: أَضمر فعله معه، فإن أَراد
معنى وافقه قال: واطأَه. تقول: واطنْتُ فلاناً على هذا الأَمر إذا جعلتما
في أَنفسكما أَن تفعلاه، وتَوْطِينُ النفس على الشيء: كالتمهيد. ابن
سيده: وَطَّنَ نفسَهُ على الشيء وله فتَوَطَّنَتْ حملها عليه فتحَمَّلَتْ
وذَلَّتْ له، وقيل: وَطَّنَ نفسه على الشيء وله فتَوَطَّنَت حملها عليه؛
قال كُثَيِّرٌ:
فقُلْتُ لها: يا عَزَّ، كلُّ مُصيبةٍ
إذا وُطِّنتْ يوماً لها النَّفْسُ، ذَلَّتِ
حرق: الحَرَقُ، بالتحريك: النار. يقال: في حَرَقِ الله؛ قال:
شدّاً سَريعاً مِثلَ إضرامِ الحَرَقْ
وقد تَحرَّقَتْ، والتحريقُ: تأْثيرها في الشيء. الأَزهري: والحَرَقُ من
حَرَق النار. وفي الحديث: الحَرَقُ والغَرَقُ والشَّرَقُ شهادة. ابن
الأَعرابي: حرَقُ النار لهَبُه، قال: وهو قوله ضالَّةُ المُؤمِن حرَقُ النارِ
أي لَهَبُها؛ قال الأَزهري: أَراد أَن ضالةَ المؤمن إذا أَخذها إنسان
ليتملَّكها فإنها تؤدّيه إلى حرَق النار، والضالةُ من الحيوان: الإبل
والبقر وما أشبهها مما يُبْعِد ذهابه في الأَرض ويمتنع من السِّباع، ليس لأَحد
أَن يَعْرِض لها لأَن النبي، صلى الله عليه وسلم، أوعد مَن عرض لها
ليأْخذها بالنار. وأحْرقَه بالنار وحَرَّقه: شدّد للكثرة. وفي الحديث:
الحَرِقُ شهيد، بكسر الراء، وفي رواية: الحَريقُ أي الذي يقَع في حرَق النار
فيَلْتَهِب. وفي حديث المُظاهِر: احْتَرَقْت أي هلكْت؛ ومنه حديث
المُجامِع: في نهار رمضان احْترقْت؛ شبها ما وقَعا فيه من الجِماع في المُظاهرة
والصَّوْم بالهَلاك. وفي الحديث: إنه أُوحي إليَّ أن أُحْرِقَ قريشاً أَي
أُهْلِكَهم، وحديث قتال أَهل الردة: فلم يزل يُحَرِّقُ أعْضاءهم حتى
أدخلهم من الباب الذي خَرجوا منه، قال: وأُخذ من حارقة الوَرِك، وأَحرقته
النار وحَرّقَتْه فاحترق وتحرّقَ، والحُرْقةُ: حَرارتها. أبو مالك: هذه نارٌ
حِراقٌ وحُراق: تُحْرِق كل شيء. وأَلقى الله الكافر في حارِقَتِه أي في
نارِه؛ وتحرّقَ الشيءُ بالنار واحْترقَ، والاسم الحُرْقةُ والحَريقُ. وكان
عمرو بن هِند يلقَّب بالمُحَرِّق، لأنه حرَّق مائة من بني تميم: تسعة
وتسعين من بني دارِم، وواحداً من البَراجِم، وشأْنه مشهور. ومُحَرِّق
أَيضاً: لقب الحرث بن عمرو ملِك الشام من آلِ جَفْنةَ، وإِنما سمي بذلك لأَنه
أَوّل من حرَّق العرب في ديارهم، فهم يُدْعَوْن آلَ مُحَرِّق؛ وأَما قول
أسودَ بن يَعْفُر:
ماذا أُؤَمِّلُ بعدَ آلِ مُحَرِّقٍ،
تركوا منازِلَهم، وبعدَ إيادِ؟
فإنما عنى به امرأَ القيس بن عمرو بن عَدِيّ اللخْمِيّ لأنه أَيضاً
يُدعَى محرّقاً. قال ابن سيده: محرِّق لقب ملِك، وهما مُحرِّقان: محرّق
الأَكبر وهو امرؤ القيس اللخمي، ومحرّق الثاني وهو عَمرو بن هند مُضَرِّطُ
الحجارة، سمي بذلك لتحريقه بني تميم يوم أوارةَ، وقيل: لتحريقه نخل
مَلْهَمٍ.والحُرْقةُ: ما يجده الإنسان من لَذْعةِ حُبّ أو حزن أو طعم شيء فيه
حرارة. الأَزهري عن الليث: الحُرقة ما تجد في العين من الرمَد، وفي القلب من
الوجَع، أو في طعم شيء مُحرِق.
والحَرُوقاء والحَرُوقُ والحُرّاقُ والحَرُّوقُ: ما يُقْدَح به النار؛
قال ابن سيده: قال أبو حنيفة هي الخُرَقُ المُحرًقة التي يقع فيها
السّقْط؛ وفي التهذيب: هو الذي تُورَى فيه النارُ. ابن الأَعرابي: الحَرُوقُ
والحَرُّوقُ والحُراقُ ما نتقت به النار من خِرْقة أو نَبْجٍ، قال:
والنَّبْجُ أصُول البَرْدِيّ إذا جفّ. الجوهري: الحُراق والحُراقة ما تقع فيه
النارُ عند القَدْح، والعامة تقوله التشديد. قال ابن بري: حكى أبو عبيد في
الغريب المصنف في باب فَعُولاء عن الفراء: أنه يقال الحَرُوقاء للتي
تُقْدَحُ منه النار والحَرُوقُ والحُرّاقُ والحَرُّوقُ، قال: والذي ذكره
الجوهري الحُراقُ والحُراقةُ فعدَّتها ست لغات.
ابن سيده: والحَرّاقاتُ سفُن فيها مَرامِي نِيران، وقيل: هي المَرامِي
أنفُسها. الجوهري: الحَرّاقة، بالفتح والتشديد، ضرب من السفن فيها مرامي
نيران يُرمى بها العدوّ في البحر؛ وقول الراجز يصف إبلاً:
حَرًقَها حَمْضُ بِلادٍ فِلِّ،
وغَتْمُ نَجْمٍ غيرِ مُسْتَقِلِّ،
فما تكادُ نِيبُها تُوَلِّي
يعني عَطًشها، والغَتْم: شدّة الحرّ، ويروى: وغَيم نجم، والغَيْم:
العطَش. والحَرّاقات: مواضع القَلاَّيِينَ والفَحّامِين. وأَحْرِقْ لنا في هذه
القصَبَةِ ناراً أي أقْبِسْنا؛ عن ابن الأَعرابي.
ونارٌ حِراقٌ: لا تُبْقي شيئاً. ورجل حُراق وحِراق: لا يبقى شيئاً إلا
أفسده، مثل بذلك، ورَمْيٌ حِراقٌ: شديد، مثل بذلك أيضاً.
والحَرَقُ: أن يُصيب الثوبَ احْتِراقٌ من النار. والحَرَقُ: احْتراق
يُصِيبُه من دَقِّ القَصّار. ابن الأَعرابي: الحَرَق النَّقْب في الثوب من
دق القَصّار، جعله مثل الحرَق الذي هو لهَب النار؛ قال الجوهري: وقد
يسكَّن. وعِمامة حَرَقانِيّة: وهو ضرب من الوَشْي فيه لون كأَنه مُحْترِق.
والحرَقُ والحَريقُ: اضْطِرام النار وتَحَرُّقها. والحَرِيقُ أَيضاً:
اللَّهَب؛ قال غَيْلانُ الربعي:
يُثِرْنَ، من أَكْدَرِها بالدَّقْعاء،
مُنْتَصِباً مِثْلَ حَرِيقِ القَصْباء
وفي الحديث: شَرِبَ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الماء المُحْرقَ من
الخاصِرةِ؛ الماء المُحرَقُ: هو المُغْلى بالحَرَق وهو النار، يريد أنه
شربه من وجَع الخاصِرةِ.
والحَرُوقةُ: الماء يُحْرَق قليلاً ثم يُذَرُّ عليه دقِيق قليل فيتنافَت
أي يَنتفخ ويتقافَز عند الغَليانِ.
والحَرِيقةُ: النَّفِيتةُ، وقيل: الحَرِيقةُ الماء يُغْلى ثم يذرُّ عليه
الدقيق فيُلْعَق وهو أغلظ من الحَساء، وإنما يستعملونها في شدّة الدهْر
وغَلاء السِّعر وعجَفِ المال وكلَب الزمان. الأَزهري: ابن السكيت
الحَرِيقة والنَّفِيتة أَن يُذرّ الدقيق على ماء أَو لبن حليب حتى يَنْفِت
يُتحسَّى من نَفْتها، وهو أَغلظ من السَّخينة، فيوسّع بها صاحب العِيال على
عِياله إذا غلبه الدهر. ويقال: وجدت بني فلان ما لهم عيش إلاَّ
الحَرائقُ.والحَرِيقُ: ما أَحرقَ النباتَ من حر أَو برد أَو ريح أو غير ذلك من
الآفات، وقد احترقَ النَّبات. وفي التنزيل: فأَصابها إعصار فيه نار فاحترقت.
وهو يَتحرَّقُ جُوعاً: كقولك يَتضرَّم. ونَصل حَرِقٌ حديد: كأََنه ذو
إحراق، أَراه على النسب؛ قال أَبو خراش:
فأَدْرَكَه فأَشْرَعَ في نَساه
سِناناً، نَصْلُه حَرِقٌ حَدِيدُ
وماء حُراقٌ وحُرّاقٌ: مِلْح شديدُ المُلُوحةِ، وكذلك الجمع. ابن
الأَعرابي: ماء حُراق وقُعاعٌ بمعنى واحد، وليس بعد الحُراقِ شيء، وهو الذي
يُحَرِّق أوبار الإِبل.
وأَحْرَقَنا فلان: بَرَّح بنا وآذانا؛ قال:
أَحْرَقَني الناسُ بتَكْلِيفِهمْ،
ما لَقِيَ الناسُ من الناسِ؟
والحُرْقانُ: المَذَحُ وهو اصْطِكاكُ الفخِذين. الأَزهري: الليث
الحَرْقُ حَرْق النابَيْن أَحدهما بالآخر؛ وأنشد:
أبى الضَّيْمَ، والنُّعمانُ يَحرِق نابَه
عليه، فأفْصى، والسيوفُ مَعاقِلُه
وحَريقُ النابِ: صَريفُه. والحَرْقُ: مصدر حَرَقَ نابُ البعير. وفي
الحديث: يَحْرقُون أَنيابهم غَيْظاً وحَنَقاً أي يَحُكُّون بعضها ببعض. ابن
سيده: حرَق نابُ البعير يَحْرُقُ ويَحْرِقُ حرْقاً وحَريقاً صرَف بِنابِه،
وحرَق الإنسانُ وغيرُه نابَه يَحرُقه ويَحْرِقُه حرْقاً وحَرِيقاً
وحُروقاً فعل ذلك من غَيْظ وغضَبٍ، وقيل: الحُروق مُحْدَث. وحرَق نابَه
يَحْرُقه أي سحَقه حتى سُمع له صَريفٌ؛ وفلان يحرُق عليك الأُرَّمَ غَيظاً؛ قال
الشاعر:
نُبِّئْتُ أحْماء سُلَيْمى إنما
باتُوا غِضاباً، يَحْرُقون الأُرَّما
وسَحابٌ حَرِقٌ أي شديد البرْقِ. وفَرس حُراقُ العَدْوِ إذا كان
يحتَرِقُ في عَدْوه.
والحارِقةُ: العصَبةُ التي تَجْمع بين رأْس الفخذ والوَرِك؛ وقيل: هي
عصبة متصلة بين وابلَتَي الفخذ والعَضُد التي تدور في صدَفة الورك والكتف،
فإذا انفصلت لم تلتئم أبداً، يقال عندها حُرِقَ الرجل فهو مَحْروق، وقيل:
الحارقةُ في الخُرْبة عصبة تُعلِّق الفخذ بالورك وبها يمشي الإنسان،
وقيل: الحارِقَتانِ عصَبتان في رؤوس أعالي الفخذين في أَطرافها ثم تدخلان في
نُقْرتي الوركين ملتزقتين نابتتين في النقرتين فيهما مَوْصِل ما بين
الفخذين والورك، وإذا زالت الحارقةُ عَرِجَ الذي يُصيبه ذلك، وقيل: الحارقة
عصبة أَو عِرْق في الرِّجل، وحَرِقَ حَرَقاً وحُرِقَ حَرْقاً: انقطعت
حارقته. الأَزهري: ابن الأَعرابي الحارقة العصبة التي تكون في الورك، فإذا
انقطعت مشى صاحبها على أَطراف أَصابعه لايستطيع غير ذلك، قال: وإذا مشى
على أَطراف أصابعه اختياراً فهو مُكتامٌ؛ وقد اكْتامَ الراعي على أطراف
أصابعه . . .
(* كذا بياض بالأصل.) أن يريد أن ينال أطراف الشجر بعصاه
ليَهُشً بها على غنمه؛ وأنشد للراجز يصف راعَّياً:
تَراهُ، تحتَ الفَننِ الوَريقِ،
يَشُولُ بالمِحْجَنِ كالمَحْرُوقِ
قال ابن سيده: قال ابن الأَعرابي أخبر أنه يقوم على أطراف أصابعه حتى
يتناول الغصن فيُميله إلى إبله، يقول: فهو يرفع رجله ليتناول الغُصن البعيد
منه فيَجْذِبه؛ وقال الجوهري في تفسيره: يقول إنه يقوم على فَرْد رجل
يتطاول للأَفنان ويجتذبها بالمحجن فينفُضها للإبل كأنه مَحْروق. والحَرَقُ
في الناسِ والإبل: انقطاع الحارقة. ورجل حَرِقٌ: أكثر من مَحْروق؛ وبعير
مَحْروقٌ: أكثر من حَرِقٍ، واللغتان في كل واحد من هذين النوعين فصيحتان.
والحارقةُ أيضاً: عصَبة أو عِرْق في الرِّجل؛ عن ابن الأَعرابي؛ قال
الجوهري: والمَحروق الذي انقطعت حارقته، ويقال: الذي زال وَرِكُه؛ قال
آخر:همُ الغِرْبانُ في حُرُماتِ جارٍ،
وفي الأَدْنَيْنَ حُرَّاقُ الوُرُوكِ
يقول: إذا نزل بهم جار ذو حُرمة أكلوا ماله كالغراب الذي لا يَعاف
الدَّبعر ولا القَذَر، وهم في الظُّلم والجَنَف على أدانِيهم كالمَحروق الذي
يمشي مُتجانِفاً ويَزهَد في مَعُونتهم والذبِّ عنهم.
والحَرْقُوَةُ: أعلى الحَلق أو اللَّهاة.
وحَرِقَ الشعرُ حَرَقاً، فهو حَرِقٌ: قَصُر فلم يطل أو انقطع؛ قال أبو
كَبير الهُذلي:
ذَهَبَت بَشاشَته فأَصْبَح خامِلاً،
حَرِقَ المَفارِقِ كالبُراءِ الأَعْفَرِ
البُراء: البُرايةُ وهي النُّحاتةُ، والأَعفرُ: الأَبيضُ الذي تعلوه
حُمرة. وحَرِقَ ريش الطائر، فهو حَرِقٌ: انْحصّ؛ قال عنترة يصف غراباً:
حَرِقُ الجَناحِ، كأنَّ لَحْيَيْ رأسِه
جَلَمانِ، بالأَخْبارِ هَشٌّ مُولَعُ
والحَرَقُ في الناصيةِ: كالسّفى، والفعلُ كالفعل. وحَرِقَت اللِّحية فهي
حَرِقةٌ: قصُر شعر ذقَنها عن شعر العارِضين. أبو عبيد: إذا انقطع الشعر
ونَسَل قيل حَرِق يحرَقُ، وهو حَرِق، وفي الصحاح: فهو حَرِقُ الشعر
والجناح؛ قال الطِّرمّاح يصف غراباً:
شَنِجُ النِّسا حَرِقُ الجَناح كأنَّه،
في الدَّارِ إثْرَ الظَّاعِنينَ، مُقَيَّدُ
وحَرَقَ الحديدَ بالمِبْرَد يحْرُقه ويَحْرِقُه حَرْقاً وحَرَّقه: بردَه
وحَكَّ بعضَه ببعض. وفي التنزيل: لنُحَرِّقَنّه
(* قوله «وفي التنزيل
لنحرقنه إلخ» كذا بالأصل مضبوطاً. وعبارة زاده على البيضاوي: والعامة على
ضم النون وكسر الراء مشدّدة من حرقه يحرقه، بالتشديد، بمعنى أحرقه بالنار،
وشدّد للكثرة زالمبالغة، أو برده بالمبرد على أن يكون من حرق الشيء
يحرقه ويحرقه، بضم الراء وكسرها، إذا برده بالمبرد، ويؤيد الإحتمال الأول
قراءة لنحرقنه بضم النون وسكون الحاء وكسر الراء من الاحراق، ويعضد الثاني
قراءة لنحرقنه بفتح النون وكسر الراء وضمها خفيفة أي لنبردنه اهـ. فتلخص
أن فيه أربع قراءات). وقرئ لنُحَرِّقَنَّه ولنَحْرُقَنَّه، وهما سواء في
المعنى؛ قال الفراء: من قرأ لنحرُقنّه لنَبْرُدَنَّه بالحديد بَرْداً من
حرَقْتُه أحْرُقه حَرْقاً؛ وأنشد المُفَضَّل لعامر بن شَقِيق الضَّبي:
بذِي فَرْقَيْنِ، يَومَ بنو حَبيبٍ
نُيوبَهُم علينا يَحْرُقُونا
قال: وقرأ علي، كرم الله وجهه: لنحرُقنًه أي لنبرُدَنًه. وفي الحديث:
أنه نهى عن حَرْق النواة؛ هو بَرْدها بالمِبرد. يقال: حرَقه المِحْرقِ أي
برده به؛ ومنه القراءة لنُحَرِّقَنَّه، ويجوز أن يكون أراد إحراقها
بالنار، وإنما نهى عنه إكراماً للنخلة أو لأن النوى قُوتُ الدَّواجِن في
الحديث. ابن سيده: وحرّقه مكثّرة عن حَرَقه كما ذهب إليه الزجاج من أنّ
لنُّحَرِّقَنَّه بمعنى لنبرُدنَّه مرة بعد مرة، لأن الجوهر المبرود لا يحتمل
ذلك، وبهذا ردّ عليه الفارسي قوله.
والحِرْقُ والحُراقُ والحِراقُ والحَرُوقُ، كله: الكُشُّ الذي يُلْقَح
به النخل، أعني بالكُشّ الشِّمْراخَ الذي يؤخذ من الفحل فيُدَسُّ في
الطَّلْعة.
والحارِقةُ من النساء: التي تُكثر سَبَّ جارتِها. والحارِقةُ والحارُوق
من النساء: الضيّقةُ الفرج. ابن الأَعرابي: وامرأة حارِقةٌ ضيّقة
المَلاقي، وقيل: هي التي تَغْلِبها الشهوة حتى تَحْرُقَ أنيابَها بعضها على بعض
أي تحُكّها، يقول: عليكم بها
(* قوله «يقول عليكم بها» كذا بالأصل هنا،
وأورده ابن الأثير في تفسير حديث الامام علي: خير النساء الحارقة، وفي
رواية: كذبتكم الحارقة.) ومنه الحديث: وجدْتُها حارِقةً طارِقةً فائقةً.
وفي حديث الفتح: دخلَ مكةَ وعليه عمامة سَوداء حَرَقانِيّةٌ؛ جاء في
التفسير أنها السوداء ولا يُدرَى ما أصلُه؛ قال الزمخشري: هي التي على لون
ما أحرقته النار كأنها منسوبة بزيادة الأَلف والنون إلى الحرَق، بفتح
الحاء والراء، قال: ويقال الحَرْقُ بالنار والحَرَقُ معاً. والحَرَقُ من
الدّقِّ: الذي يَعْرِض للثوب عند دقّه، محرك لا غير؛ ومنه حديث عمر بن عبد
العزيز: أراد أن يَستبدل بعُمَّاله لِما رأى من إبطائهم فقال: أمّا عَدِيُّ
بن أرْطاة فإنما غرَّني بِعمامته الحَرَقانِيَّة السوداء.
وفي حديث عليّ، كرم الله وجهه: خير النساء الحارِقةُ؛ وقال ثعلب:
الحارقة هي التي تُقام على أربع، قال: وقال علي، رضي الله عنه: ما صَبَر على
الحارِقةِ إلا أسماء بنتُ عُمَيْسٍ؛ هذا قول ثعلب. قال ابن سيده: وعندي أنّ
الحارقة في حديث علي، كرم الله وجهه، هذا إنما هو اسم لهذا الضّرْب من
الجماع.
والمُحارَقةُ: المُباضَعةُ على الجَنب؛ قال الجوهري: المُحارَقة
المُجامَعة. وروي عن علي أنه قال: كذَبَتْكم الحارقة ما قام لي بها إلا أسماء
بنت عُميس، وقال بعضهم: الحارقةُ الإبْراكُ؛ قال الأَزهري في هذا المكان:
وأما قول جرير:
أَمَدَحْتَ، ويْحَكَ مِنْقَراً أَن ألزَقُوا
بالحارِقَيْنِ، فأرْسَلُوها تَظْلَعُ
ولم يقل في تفسيره شيئاً. وروي عن علي، عليه السلام، أنه قال: عليكم
بالحارقة من النساء فما ثبت لي منهن إلا أسماء؛ قال الأَزهري: كأنه قال
عليكم بهذا الضرب من الجماع معهن. قال والحارقةُ من السُبع اسم له. قال ابن
سيده: والحارقة السبع.
ابن الأَعرابي: الحَرْق الأَكل المُسْتَقْصى. والحُرْقُ: الغَضابى من
الناس. وحَرَقَ الرجلُ إذا
(* قوله «وحرق الرجل كذا إلخ» كذا ضبط في الأصل
بفتح الراء ولعله بضمها كما هو المعروف في أفعال السجايا.) ساء خُلقُه.
والحُرْقَتانِ: تَيْمٌ وسَعد ابنا قَيْسِ بن ثَعْلبة بن عُكابةَ بن صَعْب
وهما رَهط الأَعشى؛ قال:
عجبتُ لآلِ الحُرْقَتَيْنِ، كأنّما
رأوْني نَفِيّاً من إيادٍ وتُرْخُمِ
وحَراقٌ وحُرَيْقٌ وحُرَيْقاء: أسماء. وحُرَيْقٌ: ابن النعمان بن
المنذر، وحُرَقةُ: بنته؛ قال:
نُقْسِمُ باللهِ: نُسْلِمُ الحَلَقَهْ،
ولا حُرَيْقاً، وأخْتَه الحُرَقَهْ
قوله نسلم أي لا نُسلم. والحُرَقةُ أيضاً: حيّ من العرب، وكذلك
الحَرُوقةُ. والمُحَرّقةُ: بلد.
فرط: الفارِطُ: المتقدّم السابقُ، فرَطَ يَفْرُط فُروطاً. قال أَعرابي
للحسَن: يا أَبا سَعِيدٍ، عَلِّمْني ديناً وَسُوطاً، لا ذاهباً فُروطاً،
ولا ساقِطاً سُقوطاً أَي دِيناً مُتوسِّطاً لا مُتقدِّماً بالغُلُوِّ ولا
متأَخِّراً بالتُّلُوِّ، قال له الحسن: أَحسنت يا أَعرابي خيرُ الأُمورِ
أَوْساطُها. وفرَّطَ غيرَه؛ أَنشد ثعلب:
يُفَرِّطُها عن كُبّةِ الخَيْلِ مَصْدَقٌ
كَرِيمٌ، وشَدٌّ ليس فيه تَخاذُلُ
أَي يُقَدِّمُها. وفرَّطَ إِليه رسولَه: قدَّمه وأَرسله. وفرَّطَه في
الخُصومةِ: جَرَّأَه. وفرَط القومَ يفرطهم فَرْطاً وفَراطاً وفَراطةً:
تقدَّمهم إِلى الوِرْدِ لإِصلاح الأَرْشِيةِ والدِّلاء ومَدْرِ الحِياض
والسَّقْيِ فيها. وفرَطْتُ القومَ أَفْرِطُهم فَرْطاً أَي سبقْتُهم إِلى
الماء، فأَنا فارِطٌ وهم الفرَّاطُ؛ قال القُطامي:
فاسْتَعْجَلُونا وكانوا من صَحابَتِنا،
كما تَقَدَّمَ فُرّاطٌ لِوُرَّادِ
وفي الحديث أَنه قال بطريق مكة: مَن يَسْبِقُنا إِلى الأَثايةِ
فَيَمْدُر حوْضَها ويُفْرِطُ فيه فيَمْلَؤُه حتى نأْتِيَه، أَي يُكْثر من صبّ
الماء فيه. وفي حديث سراقة: الذي يُفْرِطُ في حوْضِه أَي يَمْلَؤُه؛ ومنه
قصيد كعب:
تَنْفي الرِّياحُ القَذَى عنه وأَفْرَطَه
أَي ملأَه، وقيل: أَفْرَطَه ههنا بمعنى تركَه.
والفارِطُ والفَرَطُ، بالتحريك: المتقدِّم إِلى الماء يتقدَّمُ
الوارِدةَ فُيهَيِّء لهم الأَرْسانَ والدِّلاءَ ويملأُ الحِياضَ ويستقي لهم، وهو
فَعَلٌ بمعنى فاعِلٍ مثل تَبَعٍ بمعنى تابِعٍ؛ ومنه قول النبي، صلّى
اللّه عليه وسلّم: أَنا فرَطُكم على الحوْضِ أَي أَنا متقدِّمُكم إِليه؛ رجل
فرَطٌ وقوم فرَطٌ ورجل فارِطٌ وقوم فُرَّاطٌ؛ قال:
فأَثارَ فارِطُهم غَطاطاً حُثَّماً،
أَصْواتُها كتَراطُنٍ الفُرْسِ
ويقال: فرَطْتُ القومَ وأَنا أَفرُطُهم فُروطاً إِذا تقدَّمْتَهم،
وفرَّطْت غيري: قدَّمْتُه، والفَرَطُ: اسم للجمع. وفي الحديث: أَنا والنبيّون
فُرَّاطٌ لقاصِفينَ، جمع فارِطٍ، أَي متقدّمون إِلى الشَّفاعةِ، وقيل:
إِلى الحوْضِ، والقاصِفونَ: المُزْدَحِمون.
وفي حديث ابن عباس قال لعائشة، رضي اللّه عنهم: تَقْدَمِينَ على فَرَطِ
صِدْقٍ، يعني رسولَ اللّه، صلّى الله عليه وسلّم، وأَبا بكر، رضي اللّه
عنه، وأَضافهما إِلى صِدْقٍ وصفاً لهما ومَدْحاً؛ وقوله:
إِنَّ لها فَوارِساً وفَرَطا
يجوز أَن يكون من الفَرَط الذي يقع على الواحد والجمع، وأَن يكون من
الفَرط الذي هو اسم لجمع فارِطٍ، وهذا أَحسن لأَن قبله فوارساً فَمُقابلة
الجمع باسم الجمع أَوْلى في قوة الجمع. والفَرَطُ: الماء المتقدّمُ لغيره
من الأَمْواه.
والفُراطةُ: الماء يكون شَرَعاً بين عدَّةِ أَحْياء مَن سبَق إِليه فهو
له، وبئر فُراطةٌ كذلك. ابن الأَعرابي: الماء بينهم فُراطةٌ أَي
مُسابَقة. وهذا ماء فُراطة بين بني فلان وبني فلان، ومعناه أَيُّهم سبَق إِليه
سَقى ولم يُزاحِمْه الآخَرُون. الصحاح: الماء الفِراطُ الذي يكون لمن سبق
إِليه من الأَحْياء.
وفُرَّاطُ القَطا: متقدِّماتُها إِلى الوادي والماء؛ قال نِقادَةُ
الأَسدي:
ومَنْهَلٍ ورَدْتُه التِقاطا،
لم أَرَ، غِذْ ورَدْتُه، فُرّاطا
إِلاَّ الحَمام الوُرْقَ والغَطاطا
وفرَطْت البئرَ إِذا تركتَها حتى يَثوب ماؤها؛ قال ذلك شمر وأَنشد في
صفة بئر:
وهْيَ، إِذا ما فُرِطَتْ عَقْدَ الوَذَمْ،
ذاتُ عِقابٍ همشٍ، وذاتُ طَمْ،
يقول: إِذا أُجِمَّتْ هذه البئرُ قَدْرَ ما يُعْقَدُ وذَمُ الدلْوِ ثابت
بماء كثير. والعِقابُ: ما يَثوب لها من الماء، جمع عَقبٍ؛ وأَما قول
عمْرو بن معديكرب:
أَطَلْتُ فِراطَهم، حتى إِذا ما
قَتَلْتُ سَراتَهم، كانت قَطاطِ
أَي أَطَلْت إِمْهالَهم والتَّأَني بهم إِلى أَن قتلتُهم. والفرَطُ: ما
تقدَّمك من أَجْرٍ وعَمَل. وفرَطُ الولد: صِغاره ما لم يُدْرِكوا، وجمعُه
أَفراط، وقيل: الفرَطُ يكون واحداً وجمعاً. وفي الدعاء للطِّفل الميت:
اللهم اجعله لنا فَرَطاً أَي أَجراً يتقدَّمُنا حتى نَرِدَ عليه. وفرَطَ
فلانٌ وُلْداً وافْتَرطَهم: ماتوا صِغاراً. وافْتُرِطَ الوَلدُ: عُجِّلَ
موتُه؛ عن ثعلب. وأَفرطَتِ المرأَةُ أَولاداً: قدَّمتهم. قال شمر: سمعتُ
أَعرابية فصيحة تقول: افْتَرَطْتُ ابنينِ. وافترَط فلان فرَطاً له أَي
أَولاداً لم يبلغوا الحُلُم. وأَفْرَطَ فلان ولداً إِذا مات له ولد صغير قبل
أَن يبلغُ الحُلُم. وافترط فلان أَولاداً أَي قدَّمهم.
والإِفْراط: أَن تَبعث رسولاً مجرَّداً خاصّاً في حوائجك.
وفارَطْتُ القومَ مُفَارَطة وفِرطاً أَي سابقتُهم وهم يتَفارَطون؛ قال
بشر:
إِذا خَرَجَتْ أَوائلُهُنَّ شُعْثاً
مُجَلِّحةً، نَواصيها قتامُ
يُنازِعْنَ الأَعِنَّةَ مُصْغِياتٍ،
كما يتَفارَطُ الثَّمْدَ الحَمامُ
ويُروى: الحِيامُ. وفلانٌ لا يُفْتَرَطُ إِحسانه وبِرُّه أَي لا
يُفْتَرص ولا يُخاف فَوْتُه؛ وقول أَبي ذؤيب:
وقد أَرْسَلُوا فُرَّاطَهم فتَأَثَّلُوا
قَلِيباً سَفاهاً، كالإِماءِ القَواعِدِ
يعني بالفُرَّاط المتقدِّمين لحفر القَبْرِ، وكله من التقدُّم والسبقِ.
وفرَط إِليه مِنِّي كلامٌ وقولٌ: سبَق؛ وفي الدعاء: على ما فرَط مِنِّي
أَي سبق وتقدَّم. وتكلم فلانٌ فِراطاً أَي سبقت منه كلمة. وفَرَّطْته:
تركتُه وتقدّمته؛ وقول ساعدة بن جؤية:
معه سِقاءٌ لا يُفَرِّط حَمْلَه
صُفْنٌ، وأَخْراصٌ يَلُحْنَ، ومِسْأَبُ
أَي لا يترك حملَه ولا يُفارقه. وفرَط عليه في القول يَفْرُط: أَسرف
وتقدَّم. وفي التنزيل العزيز: إِنّا نَخاف أَن يفرُط علينا أَو أَن يَطْغَى؛
والفُرُطُ: الظُّلْم والاعتداء.
قال اللّه تعالى: وكان أَمْرُهُ فُرُطاً. وأَمره فُرُطٌ أَي مَتْروك.
وقوله تعالى: وكان أَمرُه فُرُطاً، أَي متروكاً تَرَك فيه الطاعة وغَفَل
عنها، ويقال: إِيّاك والفُرُطَ؛ وفي حديث سَطيح:
إِنْ يُمْسِ مُلْكُ بَنِي ساسانَ أَفْرَطَهم
أَي تَرَكهم وزال عنهم. وقال أَبو الهيثم: أَمرٌ فُرُطٌ أَي متهاوَنٌ به
مضيَّع؛ وقال الزجاج: وكان أَمرُه فُرُطاً، أَي كان أَمرُه التفريطَ وهو
تقديم العَجْز، وقال غيره: وكان أَمرُه فُرطاً أَي نَدَماً ويقال
سَرَفاً.
وفي حديث علي، رضوان اللّه عليه: لا يُرى الجاهلُ إِلا مُفْرِطاً أَو
مُفَرِّطاً؛ هو بالتخفيف المُسرف في العمل، وبالتشديد المقصِّر فيه؛ ومنه
الحديث: أَنه نام عن العشاء حتى تفرّطت أَي فات وقتُها قبل أَدائها. وفي
حديث توبةِ كعبٍ: حتى أَسرعوا وتَفارَطَ الغَزْوُ أَي فات وقتُه. وأَمر
فُرُط أَي مجاوَزٌ فيه الحدّ؛ ومنه قوله تعالى: وكان أَمرُه فُرُطاً.
وفَرَط في الأَمر يَفْرُط فَرْطاً أَي قصَّر فيه وضيَّعه حتى فات، وكذلك
التفريطُ. والفُرُط: الفرَس السريعة التي تَتَفَرَّط الخيلَ أيُ تتقدَّمُها.
وفرس فُرُط: سريعة سابقة؛ قال لبيد:
ولقد حَمَيْتُ الحيَّ تحمِل شِكَّتي
فُرُطٌ وِشاحي، إِذ غدوتُ، لجامُها
وافترَط إِليه في هذا الأَمر: تقدّم وسبَق.
والفُرْطة، بالضم: اسمٌ للخروج والتقدّم، والفَرْطة، بالفتح: المرّة
الواحدة منه مثل غُرْفة وغَرْفة وحُسْوة وحَسْوة؛ ومنه قولُ أُمّ سلمة
لعائشة: إِن رسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، نهاكِ عن الفُرْطة في
البِلاد. غيره: وفي حديث أُم سلمة قالت لعائشة، رضي اللّه عنهما: إِن رسول
اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، نهاكِ عن الفُرْطة في الدِّين يعني السبْق
والتقدّم ومجاوزة الحدّ.
وفلان مُفْتَرِط السِّجال إِلى العُلى أَي له فيه قُدْمة؛ وأَنشد:
ما زِلْت مُفْتَرِطَ السِّجال إِلى العُلى،
في حَوْضِ أَبْلَجَ، تَمْدُرُ التُّرْنُوقا
ومَفارِطُ البلد: أَطرافه؛ وقال أَبو زبيد:
وسَمَوْا بالمَطِيِّ والذُّبَّلِ الصُّمِّ
لعَمْياءَ في مَفارِط بيدِ
وفلان ذو فُرْطة في البلاد إِذا كان صاحبَ أَسفار كثيرة. ابن الأَعرابي:
يقال أَلْقاه وصادَفه وفارَطَه وفالَطَه ولاقَطَه كله بمعنى واحد. وقال
بعض الأَعراب: فلان لا يُفْتَرَط إِحسانه وبرُّهُ أَي لا يُفْتَرص ولا
يُخاف فَوْتُه.
والفارِطان: كَوْكَبان مُتباينان أَمام سَرِير بَنات نَعْشٍ
يتقدَّمانها.وأَفراطُ الصَّباح: أَولُ تَباشيره لتقدّمها وإِنذارها بالصبح، واحدها
فُرْطٌ؛ وأَنشد لرؤبة:
باكَرْتُه قبل الغَطاط اللُّغَّطِ،
وقبل أَفْراط الصَّباح الفُرَّطِ
والإِفراطُ: الإِعجال والتقدُّم. وأَفْرَطَ في الأَمر: أَسرف وتقدَّم.
والفُرُط: الأَمر يُفْرَط فيه، وقيل: هو الإِعجال، وقيل: النَّدَم. وفرَط
عليه يَفْرُط: عَجِل عليه وعَدا وآذاه. وفرط: تَوانَى ونَسِيَ.
والفَرَطُ: العَجلة. وقال الفراء في قوله تعالى: إِنّا نَخاف أَن يَفْرُط علينا،
قال: يَعْجَل إِلى عُقوبتنا. والعرب تقول: فَرَط منه أَي بَدَر وسبَق.
والإِفْراط: إِعجالُ الشيء في الأَمر قبل التثبُّت. يقال: أَفْرَط فلان في
أَمره أَي عَجِل فيه، وأَفْرَطه أَي أَعجله، وأَفرطت السِّقاءَ ملأْته،
والسحابةُ تُفْرط الماء في أَول الوَسْمِيّ أَي تُعجله وتُقدِّمه.
وأَفْرَطت السحابة بالوسمي: عَجَّلت به، قال سيبويه: وقالوا فَرّطْت إِذا كنت
تُحذّره من بين يديه شيئاً أَو تأْمره أَن يتقدَّم، وهي من أَسماء الفعل
الذي لا يتعدّى.
وفَرْطُ الشهوة والحزن: غلبتهما. وأَفْرط عليه: حَمَّله فوق ما يُطيق.
وكلُّ شيء جاوز قَدْرَه، فهو مُفْرِط. يقال: طول مُفْرِط وقِصَر مُفْرِط.
والإِفراط: الزيادة على ما أُمرت. وأَفرطْت المَزادةَ: ملأْتها. ويقال:
غَدِير مُفْرَط أَي ملآن؛ وأَنشد ابن بري:
يَرَجِّعُ بين خُرْمٍ مُفْرَطاتٍ
صَوافٍ، لم يُكدِّرْها الدِّلاء
وأَفرط الحوضَ والإِناءَ: ملأَه حتى فاض؛ قال ساعدة بن جؤية:
فأَزال ناصِحَها بأَبْيَض مُفْرطٍ،
من ماء أَلْهابٍ بهِنَّ التَّأْلَبُ
أَي مزَجها بماء غَدِير مملوءٍ؛ وقول أَبي وجزة:
لاعٍ يكادُ خَفِيُّ الزَّجْرِ يُفْرِطُه،
مُسْتَرْفِع لِسُرَى المَوْماة هَيَّاج
(* قوله «مسترفع لسرى» أورده في مادة ربع مستربع بسرى وفسره هناك.)
يُفْرِطُه: يملؤه رَوْعاً حتى يذهَب به.
والفَرْطُ، بفتح الفاء: الجبل الصغير، وجمعه فُرُط؛ عن كراع. الجوهري:
والفُرُط واحد الأَفْراط وهي آكام شبيهات بالجبال. يقال: البُوم تَنوح على
الأَفْراط؛ عن أَبي نصر؛ وقال وعْلَة الجَرْمي:
سائلْ مُجاوِرَ جَرْمٍ: هل جَنَيْتُ لهم؟
حَرْ بأَتُفَرِّقُ بين الجِيرةِ الخُلُطِ؟
وهل سَمَوْتُ بجرّارٍ له لَجَبٌ،
جَمِّ الصَّواهِلِ، بين السَّهْلِ والفُرُطِ؟
والفُرْط: سَفْحُ الجبال وهو الجَرُّ؛ عن اليزيدي؛ قال حسان:
ضاقَ عَنّا الشِّعْبُ إِذ نَجْزَعُه،
ومَلأْنا الفُرْطَ منكم والرِّجَلْ
وجمعه أَفراط؛ قال امرؤ القيس:
وقد أُلْبِسَت أَفْراطها ثِنْيَ غَيْهَب
والفَرْط: العَلَم المستقيم يُهتدى به. والفَرْط: رأْس الأَكَمَة
وشخصها، وجمعه أَفْراط وأَفْرُط؛ قال ابن بَرّاقة:
إِذا الليلُ أَدْجَى واكْفَهَرَّت نُجومُه،
وصاح من الأَفْراط بُومٌ جواثِمُ
وقيل: الأَفْراط ههنا تَباشير الصبح لأَن الهامَ تَزْقو عند ذلك، قال:
والأَول أَولى، ونسَب ابن بري هذا البيت للأَجدع الهمداني وقال: أَراد
كأَن الهامَ لما أَحسَّت بالصباح صَرَخت.
وأَفرطْتُ في القول أَي أَكثرت.
وفرَّط في الشيء وفرَّطه: ضيعه وقدَّم العجز فيه. وفي التنزيل العزيز:
أَن تقولَ نفسٌ يا حَسْرتا على ما فرَّطْت في جنْب اللّه؛ أَي مَخافة أَن
تصيروا إِلى حال الندامة للتفريط في أَمر اللّه، والطريق الذي هو طريق
اللّه الذي دعا إِليه، وهو توحيد اللّه والإِقرار بنبوّة رسوله، صلّى اللّه
عليه وسلّم؛ قال صخر البغيّ:
ذلك بَزِّي، فَلَن أُفَرِّطَه،
أَخافُ أَن يُنْجِزوا الذي وعَدُوا
يقول: لا أُخلّفه فأَتقدّم عنه؛ وقال ابن سيده: يقول لا أُضيّعه، وقيل:
معناه لا أُقدّمه وأَتخلّف عنه. والفَرَطُ: الأَمر الذي يفرِّط فيه صاحبه
أَي يضيّع. وفرَّطَ في جَنْب اللّه: ضيَّع ما عنده فلم يعمل له.
وتفارطَت الصلاة عن وقتها: تأَخرت. وفرَّط اللّه عنه ما يكره أَي نَحّاه،
وقَلّما يستعمل إِلا في الشعر؛ قال مُرَقِّش:
يا صاحبَيَّ، تَلَبَّثا لا تُعْجَلا،
وَقِفا برَبْعِ الدار كَيْما تَسْأَلا
فلَعَلَّ بُطْأَ كما يُفَرِّط سَيِّئاً،
أَو يَسْبِق الإِسراعُ خَيْراً مُقْبِلا
والفَرْط: الحِين: يقال: إِنما آتيه الفَرْطَ وفي الفَرْط، وأَتيته
فَرْط أَشهر أَي بعدها؛ قال لبيد:
هلِ النفْسُ إِلاَّ مُتْعةٌ مُسْتعارةٌ،
تُعارُ، فَتَأْتي رَبَّها فَرْطَ أَشهُر؟
وقيل: الفَرْط أَن تأْتيه في الأَيام ولا تكون أَقلّ من ثلاثة ولا أَكثر
من خمس عشرة ليلة. ابن السكيت: الفَرْط أَن يقال آتيك فَرْط يوم أَو
يومين. والفَرْط: اليوم بعد اليومين. أَبو عبيد: الفَرْط أَن تلقَى الرجل
بعد أَيام. يقال: إِنما تلقاه في الفَرْط، ويقال: لقيته في الفَرْط بعد
الفَرْطِ أَي الحِين بعد الحِين. وفي حديث ضُباعة: كان الناس إِنما يذهبون
فَرْطَ يوم أَو يومين فيَبْعَرُون كما تَبْعَرُ الإِبل أَي بعد يومين.
وقال بعض العرب: مضيت فَرْط ساعة ولم أُومِنْ أَنْ أَنْفَلِت، فقيل لهع: ما
فرْط ساعة؟ فقال: كمُذ أَخذت في الحديث، فأَدخل الكاف على مُذْ، وقوله
ولم أومِن أَي لم أَثِقْ ولم أُصدِّق أَني أَنفلِت. وتفارطَتْه الهموم:
أَتته في الفَرْط: وقيل: تسابقت إِليه.
وفَرَّط: كَفَّ عنه وأَمهلَه. وفرَّطْت الرجل إِذا أَمهلتَه.
والفِراط: التَّرْك. وما أَفرط منهم أَحداً أَي ما ترك. وما أَفْرَطْت
من القوم أَحداً أَي ما تركت. وأَفْرَط الشيءَ: نَسِيه. وفي التنزيل:
وأَنَّهم مُفْرَطون؛ قال الفراء: معناه منسيُّون في النار، وقيل: منسيُّون
مضيَّعون متروكون، قال: والعرب تقول أَفْرَطْت منهم ناساً أَي خَلَّفتهم
ونَسِيتهم، قال: ويُقرأُ مُفْرِطون، يقال: كانوا مُفْرِطِين على أَنفسهم في
الذنوب، ويروى مُفَرِّطون كقوله تعالى: يا حَسْرتا على ما فَرَّطْتُ في
جَنْب اللّه، يقول: فيما ترَكْتُ وضيَّعت.
زون: الزُّوَانُ والزِّوَانُ: ما يخرج من الطعام فيرمى به، وهو الرديءُ
منه، وفي الصحاح: هو حب يخالط البُرَّ، وخص بعضهم به الدَّوْسَر، واحدته
زُوَانة وزِوانة، ولم يُعِلُّوا الواو في زوان لأَنه ليس بمصدر، وقد
تقدّم الزُّؤان، بالضم، في الهمز، فأَما الزِّوَانُ، بالكسر، فلا يهمز؛ قال
ابن سيده: هذا قول اللحياني. وطعام مَزُونٌ: فيه زُوان، فإِما أَن يكون
على التخفيف من الزُّوان، وإما أَن يكون موضوعه الإعلال من الزُّوان الذي
موضوعه الواو. الليث: الزُّوَانُ حبٌّ يكون في الحنطة تسمِّيه أَهل الشام
الشَّيْلَمَ. وروي عن الفراء أَنه قال: الأَزْناءُ الشَّيْلَمُ. قال
محمد بن حبيب: قالت أَعرابية لابن الأَعرابي إنك تَزُونُنا إذا طَلَعَتْ
كأَنك هلال في غير سمان ( ) (قوله «في غير سمان» كذا بالأصل من غير نقط هنا
وفيما يأتي). قال: تَزُوننا وتَزِينُنا واحد. والزُّونَةُ: كالزِّينة في
بعض اللغات. ورجل زَوْن وزُون: قصير، والفتح أَعرف. وامرأَة زِوَنَّة:
قصيرة. ورجل زِوَنّ، بالتشديد، أَي قصير. والزَّوَنْزَى: القصير؛ قال ابن
بري: زَوَنْزَى حقُّه أَن يذكر في فصل زوز من باب الزاي لأَن وزنه
فَعَنْلَى، وإنما ذكره لموافقته معنى زِوَنَّة؛ وقال:
وبَعْلُها زَوَنَّك زَوَنْزَى
ابن الأَعرابي: الزَّوَنْزَى الرجل ذو الأُبَّهَة والكِبْر الذي يرى في
نفسه ما لا يراه غيره، وهو المتكبر. والزَّوَنَّكُ: المُختال في مِشْيَته
الناظر في عِطْفَيْه يرى أَن عنده خيراً وليس عنده ذلك؛ قال أَبو منصور:
وقد شدده بعضهم فقال رجل زَوَنَّكٌ، والأَصل في هذا الزَّوَنُّ، فزيدت
الكاف وترك التشديد. ابن الأَعرابي: الزُّونَةُ المرأَة العاقلة ( ) (قوله
«الزونة إلخ» ضبطها المجد بالضم، ونص الصاغاني على أنها بالفتح).
والزِّوَنَّة: المرأَة القصيرة. والزّانُ: البَشَمُ. وروى الفراء عن
الدُّبَيرِيَّة قالت: الزّانُ التُّخَمة؛ وأَنشدت:
مُصَحَّحٌ ليس يَشكو الزّانَ خَثْلَتُهُ،
ولا يُخافُ على أَمعائه العَرَبُ
وروى ثعلب أَن ابن الأَعرابي أَنشده:
تَرَى الزَّوَنْزَى منهم ذا البُرْدَين،
يَرْمِيه سَوّارُ الكَرَى في العَيْنَين،
بين الجِحاجَينِ وبين المَأْقَيْن
والزُّونُ: الصَّنم، وهو بالفارسية زون، بشم الزاي الشين
(* قوله: بشم
الزاي الشين أي ان الزاي تلفظ وفي لفظها شيء من لفظ الشين). ؛ قال حميد:
ذاتُ المَجُوسِ عَكَفَتْ للزُّونِ
والزُّونُ: موضع تجمع فيه الأنْصاب وتُنْصَبُ؛ قال رؤبة:
وَهْنانة كالزُّونِ يُجْلى صَنَمُه
والزُّون: الصنم، وكل ما عُبد من دون الله واتُّخذ إلهاً فهو زُونٌ
وزُور؛ قال جرير:
يَمْشي بها البَقَرُ المَوْشِيُّ أَكْرُعُه،
مَشْيَ الهَرابِذ تَبْغي بيعَةَ الزُّونِ
وهو مثل الزُّور، والله أَعلم.
ترع: تَرِعَ الشيءُ، بالكسر، تَرَعاً وهو تَرِعٌ وتَرَعٌ: امتَلأَ.
وحَوْضٌ تَرَعٌ، بالتحريك، ومُتْرَعٌ أَي مَمْلوء. وكُوزٌ تَرَعٌ أَي
مُمْتَلِئ، وجَفْنة مُتْرَعة، وأَتْرَعه هو؛ قال العجاج:
وافْتَرَشَ الأَرضَ بسَيْلٍ أَتْرَعا
وهذا البيت أَورده الجوهري: بسَيْر أَتْرَعا؛ قال ابن بري: هو لرؤبة،
قال: والذي في شعره بسَيْل باللام؛ وبعده:
يَمْلأُ أَجْوافَ البِلادِ المَهْيَعا
قال: وأَتْرعَ فعل ماض. قال: ووصف بني تَمِيم وأَنهم افترشوا الأَرض
بعدد كالسيل كثرة؛ ومنه سَيْلٌ أَتْرَعُ وسَيْلٌ تَرّاع أَي يملأُ الوادي،
وقيل: لا يقال تَرِعَ الإِناءُ ولكن أُتْرِعَ. الليث: التَّرَعُ امْتِلاءُ
الشيء، وقد أَتْرَعْت الإِناءَ ولم أَسمع تَرِعَ الإِناءُ، وسَحاب
تَرِعٌ: كثير المطر؛ قال أَبو وجزة:
كأَنّما طَرَقَتْ ليْلى مُعَهَّدةً
من الرِّياضِ، ولاها عارِضٌ تَرِعُ
وتَرِعَ الرجلُ تَرَعاً، فهو تَرِعٌ: اقتحم الأُمور مَرَحاً ونشاطاً.
ورجل تَرِعٌ: فيه عَجَلة، وقيل: هو المُستعِدُّ للشرّ والغَضبِ السريعُ
إِليهما؛ قال ابن أَحمر:
الخَزْرَجِيُّ الهِجانُ الفَرْعُ لا تَرِعٌ
ضَيْقُ المَجَمِّ، ولا جافٍ، ولا تَفِلُ
وقد تَرِعَ تَرَعاً. والتَّرِعُ: السفيهُ السريعُ إِلى الشرِّ.
والتَّرِعةُ من النساء: الفاحِشة الخفيفة.
وتَتَرَّع إِلى الشيء: تَسَرَّعَ. وتَتَرَّعَ إِلينا بالشرِّ:
تَسَرَّعَ. والمُتَتَرِّع: الشِّرِّيرُ المُسارِعُ إِلى ما لا ينبغي له؛ قال
الشاعر:
الباغي الحَرْب يَسْعَى نحْوَها تَرِعاً،
حتى إِذا ذاقَ منها حامِياً بَرَدا
الكسائي: هو تَرِعٌ عَتِلٌ. وقد تَرِعَ تَرَعاً وعَتِلَ عَتَلاً إِذا
كان سريعاً إِلى الشرِّ. وروى الأَزهري عن الكلابيِّين: فلان ذو مَتْرَعةٍ
إِذا كان لا يَغْضَب ولا يعجل، قال: وهذا ضدّ التَّرِع. وفي حديث ابن
المُنْتَفِق: فأَخَذتُ بِخِطام راحلةِ رسولِ الله، صلى الله عليه وسلم، فما
تَرَعَني؛ التَّرَعُ: الإِسراعُ إِلى الشيء، أَي ما أَسرَعَ إِليّ في النهْي،
وقيل: تَرَعَه عن وجهه ثَناه وصرَفَه.
والترْعةُ: الدرجة، وقيل: الرُّوْضة على المكان المرتفع خاصّة، فإِذا
كانت في المَكان المُطمئنّ فهي روضة، وقيل: التُّرْعة المَتْن المرتفع من
الأَرض؛ قال ثعلب: هو مأْخوذ من الإِناء المُتْرَع، قال: ولا يعجبني. وقال
أَبو زياد الكلابي: أَحسنُ ما تكون الروْضةُ على المكان فيه غِلَظٌ
وارْتفاع؛ وأَنشد قول الأَعشى:
ما رَوْضةٌ من رِياض الحَزْنِ مُعْشِبةٌ
خَضْراء، جادَ عليها مُسْبِلٌ هَطِلُ
فأَما قول ابن مقبل:
هاجُوا الرحيلَ، وقالوا: إِنّ مَشْرَبَكم
ماء الزَّنانيرِ من ماويَّةَ التُّرَعُ
فهو جمع التُّرْعةِ من الأَرض، وهو على بدل من قوله ماء الزنانير كأَنه
قال غُدْران ماء الزنانير، وهي موضع. ورواه ابن الأَعرابي: التُّرَعِ،
وزعم أَنه أَراد المَمْلُوءة فهو على هذا صفة لماويّة، وهذا القول ليس
بقويّ لأَنا لم نسمعهم قالوا آنية تُرَع.
والتُّرْعةُ: البابُ. وحديث سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم: إنّ
مِنْبري هذا على تُرْعةٍ من تُرَعِ الجنة، قيل فيه: التُّرْعة البابُ، كأَنه
قال مِنبري على باب من أَبواب الجنة، قال ذلك سهَل بن سعد الساعدي وهو
الذي رَوى الحديث؛ قال أَبو عبيد: وهو الوجه، وقيل: الترعة المِرْقاةُ من
المِنبر، قال القُتيبي: معناه أَن الصلاةَ والذكر في هذا الموضع يُؤدّيان
إِلى الجنة فكأَنه قِطْعة منها، وكذلك قوله في الحديث الآخر: ارْتَعُوا في
رِياض الجنة أَي مَجالِسِ الذكر، وحديث ابن مسعود: مَن أَراد أَن يَرْتَعَ
في رياض الجنة فليقرأْ أَلَ حم، وهذا المعنى من الاستعارة في الحديث
كثير، كقوله عائدُ المَريض في مَخارِف الجنة، والجنةُ تحت بارقةِ السيوف، وتحت
أَقدام الأُمهات أَي أَن هذه الأَشياء تؤدّي إِلى الجنة، وقيل: التُّرعة
في الحديث الدَّرجةُ، وقيل: الروضة. وفي الحديث أَيضاً: إِن قَدَمَيَّ على
تُرْعةٍ من تُرَعِ الحوض، ولم يفسره، أَبو عبيد. أَبو عمرو: التُّرْعةُ
مَقام الشاربةِ من الحوض. وقال الأَزهري: تُرْعةُ الحوض مَفْتح الماء
إِليه، ومنه يقال: أَتْرَعْت الحوضَ إِتْراعاً إِذا ملأْته، وأَتْرَعْت
الإِناء، فهو مُتْرَع. والتَّرّاعُ: البَوّاب؛ عن ثعلب؛ قال هُدْبةُ
(* قوله
«قال هدبة» أي يصف السجن كما في الاساس) بن الخَشْرَم:
يُخَيِّرُني تَرّاعُه بين حَلْقةٍ
أَزُومٍ، إِذا عَضَّتْ، وكَبْلٍ مُضَبَّبِ
قال ابن بري: والذي في شعره يخيرين حَدّاده. وروى الأَزهري عن حماد بن
سَلَمة أَنه قال: قرأْت في مصحف أُبيّ بن كعب: وتَرَّعَتِ الأَبوابَ، قال:
هو في معنى غَلَّقت الأَبواب. والتُّرْعة: فَمُ الجَدْولِ يَنْفَجِر من
النهر، والجمع كالجمع. وفي الصحاح: والتُّرْعةُ أَفواه الجَداولِ، قال ابن
بري: صوابه والتُّرَعُ جمع تُرْعة أَفواه الجداول. وفي الحديث: أَن النبي،
صلى الله عليه وسلم، قال وهو على المنبر: إِنّ قَدَمَيَّ على تُرْعة من
تُرَع الجنة، وقال: إِنَّ عبداً من عِبادِ الله خَيَّره رَبُّه بين أَن
يَعِيش في الدنيا ما شاء وبين أَن يأْكل في الدنيا ما شاء وبين لقائه فاختار
العبدُ لقاء ربه، قال: فبكى أَبو بكر، رضي الله عنه، حين قالها وقال: بل
نُفَدِّيك يا رسول الله بآبائنا. قال أَبو القاسم الزجاجي: والرواية متصلة من
غير وجه أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال هذا في مرضه الذي مات فيه،
نَعَى نفْسَه، صلى الله عليه وسلم، إِلى أَصحابه. والتُّرْعة: مَسِيل الماء
إِلى الروضة، والجمع من كل ذلك تُرَعٌ. والتُّرْعة: شجرة صغيرة تنبت مع
البقل وتَيْبَس معه هي أَحب الشجر إِلى الحَمِير. وسَيْر أَتْرَعُ: شَدِيد،
والتِّرياعُ، بكسر التاء وإسكان الراء: موضع.
أشش: الأَشُّ والأَشاش والهَشَاشُ: النشاط والارْتِياح، وقيل: هو
الإِقبال على الشيء بنشاط، أَشَّه يَؤُشُّه أَشّاً؛ وأَنشد:
كَيْف يُؤَاتِيهِ ولا يَؤُشُّهُ
والأَشَّاش: الهَشَّاش. وفي الحديث: أَن علقمة بن قيس كان إِذا رأَى من
أَصحابه بعض الأَشاش وعَظهم، أَي إِقْبالاً بنشاط. والأشاش والهَشَاش:
الطَّلاقة والبَشاشة. وأَشَّ القومُ يَؤُشُّون أَشّاً: قام بعضهم إِلى بعض
وتحرّكوا؛ قال ابن دريد: وأَحسبهم قالوا أَشَّ على غَنَمه يَؤُشُّ أَشّاً
مثل هَشَّ هَشّاً، قال: ولا أَقف على حقيقته. ابن الأَعرابي: الأَشُّ
الخبز اليابس الهَشّ؛ وأَنشد شمر:
رُبَّ فَتَاةٍ من بَني العِنازِ،
حَيَّاكةٍ ذَاتِ هَنٍ كِنَازِ
ذي عَضُدَيْنِ مُكْلَئِزٍّ نازِي،
تَأَشُّ لِلْقُبْلَةِ والمَحازِ
شمر عن بعض الكلابيين: أَشَّت الشَّحْمة ونَشَّت، قال: أَشَّت إِذا
أَخذَت تَحَلَّبُ، ونَشَّت إِذا قَطَرت.
نزا: النَّزْو: الوَثَبانُ ، ومنه نَزْو التَّيس ، ولا يقال إلاَّ
للشاء والدَّوابِّ والبقر في معنى السِّفاد. وقال الفراء: الأَنْزاء حركات
التُّيوس عند السِّفاد. ويقال للفحل: إنه لكثير النَّزاءِ أَي النَّزْو
. قال: وحكى الكسائي النِّزاء ، بالكسر ، والهُذاء من الهَذَيان ، بضم
الهاء ونَزا الذكر على الأُنثى نِزاء ، بالكسر، يقال ذلك في الحافر
والظِّلف والسِّباع ، وأَنْزاه غيره ونَزَّاه تَنْزِية . وفي حديث علي ، كرم
الله وجهه: أُمِرنا أَن لا نُنْزيَ الحُمُر على الخَيْلِ أَي نَحْمِلَها
عليها للنَّسل . يقال: نَزَوْتُ على الشيء أَنْزُو نَزْواً إذا وَثَبْت
عليه ؛ قال ابن الأَثير: وقد يكون في الأَجسام والمعاني ، قال الخطابي :
يشبه أَن يكون المَعنى فيه، والله أَعلم ، أن الحُمر إذا حُمِلت على
الخيل قَلَّ عدَدُها وانْقَطع نَماؤها وتعَطَّلَتْ مَنافِعها ، والخيل
يُحتاج إليها للركوب وللرَّكْض وللطَّلَب وللجِهاد وإحْراز الغَنائم ،
ولحْمُها مأْكول وغير ذلك من المنافع ، وليس للبغل شيء من هذه ، فأَحَبَّ أَن
يَكثر نَسْلُها ليَكْثر الانتفاع بها . ابن سيده: النُّزاء الوَثْب ،
وقيل: هو النَّزَوانُ في الوَثْب ، وخصَّ بعضُهم به الوَثْب إلى فَوْقُ ،
نَزا ينْزُو نَزْواً ونُزاء ونُزُوّاً ونَزَواناً ؛ وفي المثل :
نَزْوُ الفُرارِ اسعتَجْهَلَ الفُرارا
قال ابن بري: شاهد النَّزَوان قولهم في المثل: قد حِيلَ بيْنَ
العَيْرِ والنَّزَوان ؛ قال: وأَول مَن قاله صخر بن عمرو السُّلَمِي أَخو
الخنْساء:
أَهُمُّ بأَمْرِ الحَزْمِ لوْ أَسْتَطِيعُه،
وقد حِيلَ بيْنَ العَيْرِ والنَّزَوانِ
وتَنَزَّى ونَزا ؛ قال :
أَنا شَماطِيطُ الذي حُدِّثْتَ بهْ،
مَتى أُنَبَّهْ للغَداءِ أَنْتَبِهْ
ثُمَّ أُنَزِّ حَوْلَه وأَحْتَبِهْ،
حتى يُقالُ سَيِّدٌ ، ولَسْتُ بِهْ
الهاء في أَحْتَبِهْ زائدة للوقف، وإنما زادها للوصل لا فائدة لها أَكثر
من ذلك، وليست بضمير لأَن أَحْتَبي غير متعدّ، وأَنْزاه ونَزَّاه
تَنْزِيةً وتَنْزِيًّا ؛ قال :
باتَتْ تُنَزِّي دَلْوَها تَنْزِِيّا،
كما تُنَزِّي شَهْلةٌ صَبِيّا
النُّزاء: داء يأْخذ الشاء فتَنْزُو منه حتى تَمُوت.
ونَزا به قلبُه: طمَح . ويقال: وقع في الغنم نُزاء ، بالضم ، ونُقازٌ
وهما معاً داء يأْخذها فتَنْزُو منه وتَنْقُزُ حتى تموت . قال ابن بري :
قال أَبو علي النُّزاء في الدابة مثل القُماص ، فيكون المعنى أَن نُزاء
الدابة هو قُماصُها ؛ وقال أَبو كبير:
يَنْزُو لوَقْعَتها طُمورَ الأَخْيَل
فهذا يدل على أَن النَّزْوَ الوُثوب ؛ وقال ابن قتيبة في تفسير بيت ذي
الرمة :
مُعْرَوْريِاً رَمَضَ الرَّضْراضِ يَرْكضُه
يريد أَنه قد ركب جَوادُه الحصى فهو يَنْزُو من شدَّة الحرّ أَي يَقْفِز
. وفي الحديث: أَن رجلاً أَصابَته جِراحة فنُزِيَ منها حتى مات . يقال: نُزِيَ دمُه ونُزِف إذا جَرى ولم يَنْقَطِع. وفي حديث أَبي عامر
الأَشعري: أَنه كان في وَقْعةِ هَوازِنَ رُمِي بسَهْم في رُكْبته فنُزِيَ منه
فماتَ . وفي حديث السَّقِيفة: فنَزَوْنا على سعد أَي وقَعُوا عليه
ووَطِئُوه.
والنَّزَوانُ: التَّفَلُّتُ والسَّوْرةُ . وإنه لَنَزِيٌّ إلى الشرِّ
ونَزَّاء ومُتَنَزٍّ أَي سَوَّار إليه، والعرب تقول: إذا نَزا بك الشر
فاقْعُد ؛ يضرب مثلاً للذي يَحْرِصُ على أَن لا يَسْأَم الشر حتى
يَسْأَمَه صاحبُه. والــنَّازِيــةُ: الحِدَّةُ والنادِرةُ
(* قوله «والنادرة» كذا
في الأصل بالنون ، والذي في متن شرح القاموس: والباردة ، بالباء وتقديم
الدال ، وفي القاموس المطبوع: والبادرة بتقديم الراء.)
الليث: الــنازيــةُ حِدَّة الرجل المُتَنَزِّي إلى الشر ، وهي النَّوازي.
ويقال: إن قلبه ليَنْزُو إلى كذا أي يَنْزِعُ إلى كذا . والتَّنَزِّي :
التوثُّب والتسرُّع؛ وقال نُصَيب ، وقيل هو لبشار:
أَقولُ ، ولَيْلَتي تَزْدادُ طُولاً:
أَما للَّيْلِ بَعْدَهُمُ نَهارُ؟
جَفَتْ عَيْني عن التَّغْمِيضِ حتى
كأَنَّ جُفونَها ، عنها ، قِصارُ
كأَنَّ فُؤادَه كُرةٌ تَنَزَّى
حِذارَ البَيْنِ ، لو نَفَعَ الحِذارُ
وفي حديث وائل بن حُجْر: إنَّ هذا انْتَزى على أَرضي فأَخَذها ؛ هو
افْتَعَلَ من النَّزْوِ. والانْتِزاءُ والتَّنَزِّي أَيضاً: تسَرُّع الإنسان
إلى الشر . وفي الحديث الآخر: انْتَزى على القَضاء فقضى بغير علم.
ونَزَتِ الخَمر تَنْزُو: مُزِجَتْ فوَثَبَتْ. ونَوازي الخَمر: جَنادِعُها
عند المَزْجِ وفي الرأْس. ونَزا الطعامُ ينْزُو نَزْواً: علا سِعْرُه
وارتفع. والنُّزاء والنِّزاء: السِّفاد ، يقال ذلك في الظِّلْف والحافِرِ
والسَّبُعِ ، وعمَّ بعضهم به جميع الدواب ، وقد نَزا ينْزُو نُزاء
وأَنْزَيْتُه . وقَصْعة نازِيــةُ القَعْر أَي قَعِيرةٌ ، ونَزِيَّةٌ إذا لم يُذكر
القَعْرُ ولم يُسمَّ قَعْرُها أَي قَعِيرة . وفي الصحاح: الــنَّازيــة
قصعة قَريـبة القَعْر. ونُزيَ الرجل: كُنزِفّ وأَصابه جُرح فنُزِيَ منه
فمات . ابن الأَعرابي: يقال للسِّقاء الذي ليس بضَخْم أَدِيٌّ ، فإذا كان
صغيراً فهو نَزيء ، مهموز .
وقال : النَّزِيَّةُ ، بغير همز ، ما فاجأَكَ من مطر أَو شَوق أَو أَمر
؛ وأَنشد :
وفي العارِضِينَ المُصْعِدينَ نَزِيَّةٌ
من الشَّوقِ ، مَجْنُوبٌ به القَلْبُ أَجْمعُ
قال ابن بري: ذكر أَبو عبيد في كتاب الخيل في باب نعوت الجري والعَدْو
من الخيل: فإذا نَزا نَزْواً يقاربُ العَدْو فذلك التوقُّص ، فهذا شاهد
على أَن النُّزاء ضَرْبٌ من العَدْو مثل التوقُّص والقُماص ونحوه . قال :
وقال ابن حمزة في كتاب أَفعلَ من كذا: فأَما قولهم أَنْزى من ظَبْيٍ
فمن النَّزَوان لا من النَّزْو ، فهذا قد جعل النَّزَوانَ والقُماصَ
والوَثْبَ ، وجعل النَّزْو نَزْوَ الذكر على الأُنثى ، قال: ويقال نَزَّى دلوه
تَنْزِيةً وتَنْزِيًّا ؛ وأَنشد :
باتَت تُنَزِّي دَلْوها تَنْزىّا
(* وعجز البيت: كما تنزِّي شهلةٌ صَبيًّا)
نزج: ابن الأَعرابي: نَزَجَ إِذا رَقَصَ. غيره: النَّيزَجُ جَهازُ
المرأَةِ إِذا كان نازِيَ البَظْر طَويلَه؛ وأَنشد:
بذاكَ أَشْفِي النَّيْزَجَ الخِجاما
محز: المَحْزُ: النكاح. مَحَزَ المرأَة مَحْزاً: نكحها؛ وأَنشد لجرير:
مَحَزَ الفَرَزْدَقُ أُمَّه من شاعر
قال الأَزهري: وقرأَت بخط شمر:
رُبَّ فتاة من بني العِنازِ
حَيَّاكَةٍ، ذاتِ هَنٍ كِنازِ
ذي عَقَدَيْنِ مُكْلَئِزٍّ نازي،
تَأَشُّ للقُبْلَةِ والمِحازِ
(* قوله« ذي عقدين» تثنية عقد، بالتحريك، والذي تقدم في كلز ذي عضدين.)
أَراد بالمحاز: النَّيْكَ والجماع.
والمَاحُوزُ: ضرب من الرَّياحين ويقال له: مَرْوُ ماحُوزِي. وفي الحديث:
فلم نَزَلْ مُفْطِرين حتى بلغنا ماحُوزَنا؛ قيل: هو موضعهم الذي
أَرادوه، وأَهل الشام يُسَمُّونَ المكان الذي بينهم وبين العدوّ وفيه أَساميهم
ومَكاتبُهم: ماحُوزاً، وقيل: هو من حُزْتُ الشيءَ أَحْرَزْتُه، وتكون
الميم زائدة. قال ابن الأَثير: قال الأَزهري لو كان منه لقيل مَحازَنا
ومَحُوزَنا؛ قال: وأَحسبه بلغة غير عربية.
كلز: كَلَزَ الشيءَ يَكْلِزُه كَلْزاً وكَلَّزَهُ: جمعه. واكْلأَزَّ
الرجلُ: تَقَبَّض ولم يطمئن. والمُكْلَئِزُّ: المنقبض. الليث: يقال
اكْلأَزَّ، وهو انقباض في جَفاء ليس بمطمئن، كالراكب إِذا لم يتمكن عَدْلاً عن
ظهر الدابة؛ وأَنشد غيره:
أَقولُ والناقةُ بي تَقَحَّمُ،
وأَنا منها مُكْلَئِزٌّ مُعْصِمُ
وأميت ثلاثيُّ فعله؛ وأَنشد شمر:
رُب فتاةٍ من بني العِنازِ،
حَيَّاكَةٍ ذاتِ حِرٍ كِنازِ
ذِي عَضُدَيْن مُكْلَئِزٍّ نازِي،
كالنَّبتِ الأَحْمَر بالبَرازِ
واكْلأَزَّ إِذا انقبض وتَجَمَّعَ؛ وفي شعر حُميد بن ثور:
فَحَمّل الهَمَّ كِلازاً جَلْعَدا
الكلاز: المجتمع الخَلْقِ الشديدُ، ويروى: كِنازاً، بالنون؛ وقيل:
اكْلأَزَّ اكْلِئْزازاً انقبض، واللام زائدة. واكْلأَزَّ البازي: هَمَّ بأَخذ
الصيد وتَقَبَّض له. وكَلاَّزٌ: اسم.
غيث: الغَيْثُ: المطر والكَلأُ؛ وقيل: الأَصلُ المطر، ثم سُمِّي ما
يَنْبُتُ به غَيْثاً؛ أَنشد ثعلب:
وما زِلْتُ مثلَ الغَيْثِ، يُرْكَبُ مرَّةً
فيُعْلى، ويُولَى مَرَّةً، فيُثِيبُ
يقول: أَنا كشجر يؤْكل، ثم يُصيبُه الغَيْثُ فيَرْجِعُ أَي يَذْهَبُ
مالي ثم يَعُودُ، والجمع: أَغْياثٌ وغُيوثٌ؛ قال المُخَبَّلُ السَّعْدي:
لها لَجَبٌ حَوْلَ الحِياضِ، كأَنه
تَجاوُبُ أَغياثٍ، لَهُنَّ هَزيمُ
وغاثَ الغَيْثُ الأَرضَ: أَصابَها، ويقال: غاثَهم اللهُ، وأَصابَهم
غَيْثٌ، غاث اللهُ البلادَ يَغيثُها غَيْثاً إِذا أَنزل بها الغَيْثَ؛ ومنه
الحديث: فادْعي الله يَغِيثُنا، بفتح الياء. وغِيثَتِ الأَرضُ، تُغاثُ
غَيْثاً، فهي مَغِيثةٌ، ومَغْيُوثة: أَصابها الغَيْثُ. وغِيثَ القومُ:
أَصابَهم الغَيْثُ. قال الأَصمعي: أَخبرني أَبو عمرو بن العَلاء قال: سمعت ذا
الرُّمة يقول: قاتَلَ اللهُ أَمَةَ بني فلانٍ ما أَفْصَحَها قُلْتُ لها:
كيفَ كان المطرُ عندكم؟ فقالت: غِثْنا ما شئنا. وفي حديث رُقَيقةَ: أَلا
فَغِثْتم ما شئتم غِثتم، بكسر الغين، أَي سُقِيتم الغَيثَ، وهو المطر،
والسؤَال منه: غِثنا؛ ومِن الإِغاثة، بمعنى الإِعانة: أَغِثْنا؛ وإِذا
بَنَيتَ منه فعلاً ماضياً لم يُسَمَّ فاعله، قلت: غِثْنا، بالكسر، والأَصل
غُيِثْنا، فحذفت الياء، وكسرت الغين؛ وربما سُمي السحابُ والنباتُ:
غَيْثاً.
والغَيْث الكَلأُ يَنْبُتُ من ماء السماء. وفي حديث زكاة العسل: إِنما
هو ذبابُ غَيْثٍ، قال ابن الأَثير: يعني النَّحْلَ، وأَضافه إِلى
الغَيْثِ، لأَنه يَطلُبُ النباتَ والأَزهارَ، وهما من تَوابع الغَيْثِ. وغَيْثٌ
مُغِيثٌ: عامٌّ. وبئر ذاتُ غَيِّثٍ أَي ذاتُ مادَّةِ؛ قال رؤبة:
نَغْرِفُ مِن ذي غَيِّثٍ ونُؤْزِي
(* قوله «قال رؤبة إلخ» صدره كما في التكملة: أَنا ابن أَنضاد إليها
أَرزي تغرف:
الانضاد الاشراف. وأرزي أَسند. أي نفضل عليه ونضعف، بضم النون.)
والغَيِّثُ: عَيْلَم الماءِ. وفرس ذو غَيِّثٍ: على التشبيه، إِذا جاءه
عَدْوٌ بعدَ عَدْوٍ. وغَيَّثَ الأَعمَى: طلبَ الشيءَ؛ عن كراع، وهو بالعين
أَيضاً، وهو الصحيح؛ قال ابن سيده: وأُرى العين المهملة تصحيفاً.
وغَيَّثٌ: رجل من طَيِّئٍ. وبنو غَيْثٍ، أَو غَيِّثٍ: حَيٌّ. وبَين مَعْدِنِ
النَّقْرة والرَّبَذة موضع يعرف بمُغِيثِ ماوانَ، وماؤُه مِلْح.
ومَغِيثَة: رَكِيَّةٌ أُخرى، غذبةُ الماءِ، وهي إِحدى مَناهِل الطريق
مما يلي القادِسِيَّةَ؛ وأَنشد أَبو عمرو:
شَرِبْنَ من ماوانَ ماءً مُرَّا،
ومِنْ مُغِيثَ مِثْلَه، أَو شَرَّا
عنق: العُنْقُ والعُنُقُ: وُصْلة ما بين الرأس والجسد، يذكر ويؤنث. قال
ابن بري: قولهم عُنُق هَنْعَاءُ وعُنُق سَطْعاءُ يشهد بتأنيث العُنُق،
والتذكير أَغلب.
يقال: ضربت عُنُقه، قاله الفراء وغيره؛ وقال رؤبة يصف الآل والسَّراب:
تَبْدُوا لَنا أعْلامُه، بعد الفَرَقْ،
خارِجَةً أعناقُها من مُعْتَنَقْ
ذكر السراب وانْقِماسَ الحِبال فيه إلى أَعاليها، والمُعْتَنَقُ: مَخْرج
أَعناق الحِبال من السراب، أَي اعْتَنَقَتْ فأَخرجت أَعناقها، وقد يخفف
العُنُق فيقال عُنْق، وقيل: مَنْ ثَقَّل أَنَّث ومَن خَفَّف ذكَّر؛ قال
سيبويه: عُنْق مخفف من عُنُق، والجمع فيهما أَعناق، لم يجاوزوا هذا
البناء.والعَنَقُ: طول العُنُقِ وغِلظه، عَنِقَ عَنَقاً فهو أَعنق، والأْنثى
عَنْقاء بيِّنة العَنَق. وحكى اللحياني: ما كان أَعْنَقَ ولقد عَنِقَ
عَنَقاً يذهب إلى النّقلة. ورجل مُعْنِقٌ وامرأة مُعْنِقَةٌ: طويلا العُنُقِ.
وهَضْبة معْنقة وعَنْقاءُ: مرتفعة طويلة؛ أَبو كبير الهذلي:
عَنْقاءُ مُعْنِقةٌ يكون أَنِيسُها
وُرْقَ الحَمام، جَميمُها لم يُؤكل
ابن شميل: مَعَانيق الرمال حبال صغار بين أَيدي الرمل، الواحدة
مُعْنِقة.وعانَقهُ مُعَانقةً وعِناقاً: التزمه فأدنى عُنُقَه من عُنُقِه، وقيل:
المُعَانقة في المودة والإعْتِناقُ في الحرب؛ قال:
يَطْعُنُهم، وما ارْتَمَوْا، حتى إذا اطَّعَنُوا
ضارَبَ، حتى إذا ما ضَارَبُوا اعْتَنَقَا
وقد يجوز الافتعالُ في موضع المُفاعلة، فإذا خصصت بالفعل واحداً دون
الآخر لم تقل إلاّ عانَقه في الحالين، قال الأَزهري: وقد يجوز الاعتناقُ في
المودَّةِ كالتَّعانُقِ، وكلٌّ في كلٍّ جائزٌ.
والعَنِيقُ: المُعانِقُ؛ عن أَبي حنيفة؛ وأَنشد:
وما راعَني إلاَّ زُهاءُ مُعانِقِي،
فأَيُّ عَنِيقٍ بات لي لا أَبالِيَا
وفي حديث أُم سلمة قالت: دخَلَتْ شاة فأَخذت قُرْصاً تحت دَنٍّ لنا فقمت
فأَخذته من بين لَحْييها فقال: ما كان ينبغي لكِ أَن تُعَنِّقِيها أَي
تأخذي بعُنُقِها وتَعْصِريها، وقيل: التَّعْنِيقُ التَّخْييبُ من
العَنَاقِ وهي الخيبة. وفي الحديث أَنه قال لنساء عثمان بن مظعون لما مات:
ابْكِينَ وإياكنَّ وتَعَنُّقَ الشيطان؛ هكذا جاء في مسند أَحمد، وجاء في غيره:
ونَعِيقَ الشيطان، فإن صَحَّت الأُولى فتكون من عَنَّقَه إذا أَخذ
بعُنُقِه وعَصَرَ في حلقه لِيَصِيح، فجعل صياح النساء عند المصيبة مسبَّباً عن
الشيطان لأنه الحامل لهنَّ عليه.
وكلب أَعْنَقُ: في عُنُقِه بياض. والمِعْنَقَةُ: قلادة توضع في عُنُق
الكلب؛ وقد أَعْنَقَه: قلَّده إياها. وفي التهذيب: والمِعْنَقَةُ القلادة،
ولم يخصص. والمِعْنَقةُ: دُوَيبة.
واعْتَنَقَت الدابةُ: وقعت في الوَحْل فأخرجت عُنقَها. والعانِقاءُ:
جُحْرٌ مملوءٌ تراباً رِخْواً يكون للأَرنب واليَرْبوع يُدْخِل فيه عُنُقَه
إذا خاف. وتَعَنَّقَت الأَرنب بالعانِقاء وتَعَنَّقَتْها كلاهما: دَسَّتْ
عُنقها فيه وربما غابت تحته، وكذلك اليربوع، وخصَّ الأَزهري به اليربوع
فقال: العانقاءُ جُحْر من جِحَرة اليربوع يملؤه تراباً، فإذا خاف
انْدَسَّ فيه إلى عُنُقه فيقال تَعَنَّقَ، وقال المفضل: يقال لجِحَرة اليربوع
النّاعِقاءُ والعانِقاء والقاصِعاءُ والنافِقاءُ والرَّاهِطماءُ
والدامّاءُ.ويقال: كان ذلك على عُنُق الدهر أَي على قديم الدهر. وعُنُق كل شيء.
عُنُق الصيف والشتاء: أَولهما ومقدَّمتهما على المثل، وكذلك عُنُق السِّنّ.
قال ابن الأَعرابي: قلت لأَعرابي كم أَتى عليك؟ قال: أخذت بعُنُق الستين
أي أَولها، والجمع كالجمع. والمُعْتنَق: مَخْرج أَعناق الحبال
(* قوله
«أعناق الحبال» أي حبال الرمل.) قال:
خارجة أَعْناقُها من مُعْتَنَقْ
وعُنُق الرَّحِم: ما اسْتدق منها مما يلي الفرج. والأَعناق: الرؤساء.
والعُنُق: الجماعة الكثيرة من الناس، مذكَّر، والجمع أَعْناق. وفي التنزيل:
فظلَّت أَعناقهم لها خاضعين؛ أَي جماعاتهم، على ما ذهب إليه أكثر
المفسرين، وقيل: أَراد بالأَعناق هنا الرِّقاب كقولك ذَلَّتْ له رقاب القوم
وأَعْناقهم، وقد تقدم تفسير الخاضعين على التأويلين، والله أَعلم بما أَراد.
وجاء بالخبر على أصحاب الأَعناق لأنه إذا خضع عُنُقهِ فقد خضع هو، كما
يقال قُطِع فلان إذا قُطِعَتْ يده. وجاءَ القوم عُنُقاً عُنُقاً أَي
طوائف؛ قال الأَزهري: إذا جاؤوا فِرَقاً، كل جماعة منهم عُنُق؛ قال الشاعر
يخاطب أَمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب، رضي الله عنه:
أَبْلِغْ أَميرَ المؤمنيـ
ـن أخا العِراقِ، إذا أَتَيْتا
أَن العِراقَ وأَهلَهُ
عُنُقٌ إليكَ، فَهْيتَ هَيْتَا
أَراد أَنهم أَقبلواإليك بجماعتهم، وقيل: هم مائلون إليك ومنتظروك.
ويقال: جاء القوم عُنُقاً عُنُقاً أَي رَسَلاً رَسَلاً وقَطِيعاً قطيعاً؛ قال
الأَخطل:
وإذا المِئُونَ تواكَلَتْ أَعْناقُها،
فاحْمِدْ هُناكَ على فَتىً حَمّالِ
قال ابن الأَعرابي: أَعْناقُها جماعاتها، وقال غيره: سادَاتها. وفي
حديث: يخرج عُنُقٌ من النار أَي تخرج قطعة من النار. ابن شميل: إذا خرج من
النهر ماء فجرى فقد خرج عُنُق. وفي الحديث: لا يزال الناس مختلفةً
أَعْناقُهم في طلب الدنيا أَي جماعات منهم، وقيل: أَراد بالأَعناق الرؤساء
والكُبَرَاء كما تقدم، ويقال: هم عُنُق عليه كقولك هم إلْبٌ عليه، وله عُنُق في
الخير أَي سابقة. وقوله: المؤذِّنون أَطول الناس أَعْناقاً يوم القيامة؛
قال ثعلب: هو من قولهم له عُنُق في الخير أَي سابقة، وقيل: إنهم أكثر
الناس أَعمالاً، وقيل: يُغْفَرُ لهم مَدَّ صوتهم، وقيل: يُزَادونَ على
الناس، وقال غيره: هو من طول الأَعْناقِ أي الرقاب لأَن الناس يومئذ في
الكرب، وهم في الرَّوْح والنشاط متطلعون مُشْرَئِبُّونَ لأَنْ يُؤذَنَ لهم في
دخول الجنة؛ قال ابن الأَثير: وقيل أَراد أَنهم يكونون يومئذ رؤساء
سادةً، والعرب تصف السادة بطول الأَعناق، وروي أَطولُ إعْناقاً، بكسر الهمزة،
أَي أَكثر إسراعاً وأَعجل إلى الجنة. وفي الحديث: لا يزال المؤمن
مُعْنِقاً صالحاً ما لم يُصِبْ دماً حراماً أَي مسرعاً في طاعته منبسطاً في
عمله، وقيل: أَراد يوم القيامة. والعُنُق: القطعة من المال. والعُنُق أَيضاً:
القطعة من العمل، خيراً كان أَو شرّاً. والعَنَق من السير: المنبسط،
والعَنِيقُ كذلك. وسير عَنَقٌ وعَنِيقٌ: معروف، وقد أَعْنَقَت الدابةُ، فهي
مُعْنِقٌ ومِعْناق وعَنِيق؛ واستعار أَبو ذؤيب الإعْناق للنجوم فقال:
بأَطْيَبَ منها، إذا ما النُّجُو
م أَعْنَقْنَ مِثْلَ هَوَادِي
(* هكذا ورد عجز هذا البيت في الأصل وهو مختل الوزن).
وفي حديث مُعاذٍ وأَبي موسى: أَنهما كانا مع النبي، صلى الله عليه وسلم،
في سفر أَصحابه فأناخُوا ليلةً وتَوَسَّدَ كلُّ رجل منهم بذراع راحلته،
قالا: فانتبهنا ولم نَرَ رسول الله، صلى الله عليهم وسلم، عند راحلته
فاتبعناه؛ فأَخبرنا، عليه السلام، أَنه خُيِّرَ بين أَن يدخل نصفُ أُمته
الجنة وبين الشفاعة، قال شمر: قوله مَعََانيق أَي مسرعين؛ يقال: أَعْنَقْتُ
إليه أُعْنَقَ إعْناقاً. وفي حديث أصحاب الغارِ: فانفرجت الصخرة فانطلقوا
مُعَانقينَ إلى الناس نبشّرهم، قال شمر: قوله معانيق أَي مسرعين، من
عانَقَ مثل أَعْنِقَ إذا سارَع وأَسرع، ويروى: فانطلقوا مَعانيقَ؛ ورجل
مُعْنِقٌ وقوم مُعْنِقون ومَعانيق؛ قال القطامي:
طَرَقَتْ جَنُوبُ رحالَنا من مُطْرِق،
ما كنت أَحْسَبُها قريبَ المُعْنِقِ
وقال ذو الرمة:
أَشَاقَتْكَ أخْلاقُ الرُّسوم الدوائرِ،
بأََدْعاصِ حَوضَى المُعْنِقاتِ النَّوادِرِ؟
المُعْنِقات: المتقدمات منها. والعَنَقُ والعَنِيقُ من السير: معروف
وهما اسمان من أَعْنَقَ إعْناقاً. وفي نوادر الأَعراب: أَعْلَقْتُ
وأَعْنَقْتُ. وبلاد مُعْلِقة ومُعْنِقة: بعيدة. وقال أَبو حاتم: المَعانقُ هي
مُقَرِّضات الأَسَاقي لها أَطواق في أَعناقها ببياض. ويقال عَنَقَت السحابةُ
إذا خرجت من معظم الغيم تراها بيضاء لإشراق الشمس عليها؛ وقال:
ما الشُّرْبُ إلاّ نَغَباتٌ فالصَّدَرْ،
في يوم غَيْمٍ عَنَقَتْ فيه الصُّبُرْ
قال: والعَنَقُ ضرب من سير الدابة والإبل، وهو سير مُسْبَطِرٌّ؛ قال
أَبو النجم:
يا ناقَ سِيرِي عَنَقاً فَسِيحاً،
إلى سليمانَ، فَنَسْترِيحا
ونَصب نَسْتريح لأَنه جواب الأمر بالفاء. وفرس مِعْناق أي جيد العَنَق.
وقال ابن بري: يقال ناقة مِعْناق تسير العَنَق؛ قال الأَعشى:
قد تجاوَزْتُها وتَحْتي مَرُوحٌ،
َعنْتَرِيسٌ نَعّابة مِعْناقُ
وفي الحديث: أنه كان يسير العَنَقَ فإذا وجد فَجْوةً نَصَّ. وفي الحديث:
أَنه بعث سَرِيّةً فبعثوا حَرَامَ بن مِلْحان بكتاب رسول الله، صلى الله
عليه وسلم، إلى بني سُلَيْم فانْتَحَى له عامرُ بن الطُّفَيْل فقتله،
فلما بلغ النبيَّ، صلى الله عليه وسلم، قَتْلُه قال: أَعْنَقَ لِيَمُوتَ،
أَي أَن المنية أَسرعت به وساقته إلى مصرعه.
والمُعْنِق: ما صُلب وراتفع عن الأَرض وحوله سَهْل، وهو منقاد نحو مِيلٍ
وأَقل من ذلك، والجمع مَعانيقُ، توهموا فيه مِفْعالاً لكثرة ما يأتيان
معاً نحو مُتْئِم ومِتْآم ومُذْكِر ومِذْكار.
والعَناق: الحَرَّة. والعَناق: الأُنثى من المَعَز؛ أَنشد ابن الأَعرابي
لقُريْطٍ يصف الذئب:
حَسِبْتَ بُغامَ راحِلتي عَناقاً،
وما هي، وَيْبَ غَيرِك، بالعَناقِ
فلو أَني رَمَيْتُك من قريب،
لعاقَكَ عن دُعاءِ الذَّئبِ عاقِ
والجمع أَعْنُق وعُنُق وعُنُوق. قال سيبويه: أَمُّا تكسيرهم إياه على
أَفْعُل فهو الغالب على هذا البناء من المؤنث، وأَما تكسيرهم له على فُعُول
فلتكسيرهم إياه على أَفْعُل، إذ كانا يعتقبان على باب فَعْل. وقال
الأَزهري: العَنَاق الأُنثى من أَولاد المِعْزَى إذا أتت عليها سنة، وجمعها
عنوق، وهذا جمع نادر، وتقول في العدد الأَقل: ثلاث أَعْنُقٍ وأَربع
أََعْنُقٍ؛ قال الفرزدق:
دَعْدِِعْ بأَعْنُقِك القَوائِم، إنَّني
في باذِخٍ، يا ابن المَراغة، عالِ
وقال أَوس بن حجر في الجمع الكثير:
يَصُوعُ عُنُوقَها أَحْوَى زَنِيمُ،
له ظأبٌ كما صَخِبَ الغِرِيمُ
وفي حديث الضحية: عندي عَناقٌ جَذَعةٌ؛ هي الأُنثى من أَولاد المعز ما
لم يتم له سنة. وفي حديث أَبي بكر، رضي الله عنه: لو مَنَعوني عَناقاً مما
كانوا يؤدُّونه إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لقاتلتُهم عليه؛ قال
ابن الأَثير: فيه دليل على وجوب الصدقة في السِّخَال وأَن واحدة منها
تجزئ عن الواجب في الأَربعين منها إذا كانت كلها سِخَالاً ولا يُكَلَّفُ
صاحبها مُسِنَّةً؛ قال: وهو مذهب الشافعي، وقال أَبو حنيفة: لا شيء في
السخال، وفيه دليل على أن حَوْل النَّتَاجِ حوْلُ الأُمّهاتِ، ولو كانَ
يُستأنَف لها الحَوْلُ لم يوجد السبيلُ إلى أَخذ العَناق. وفي حديث الشعبي:
نحن في العُنُوق ولم نبلغ النُّوق؛ قال ابن سيده: وفي المثل هذه العُنُوق
بعد النُّوق؛ يقول: مالُكَ العُنُوق بعد النّوق، يضرب للذي يكون على حالة
حَسَنة ثم يركب القبيح من الأَمر ويَدَعُ حاله الأُولى، وينحطّ من عُلُو
إلى سُفل؛ قال الأَزهري: يضرب مثلاَ للذي يُحَطُّ عن مرتبته بعد الرفعة،
والمعنى أَنه صار يرعى العُنُوق بعدما كان يرعى الإبل، وراعي الشّاءِ
عند العرب مَهِينٌ ذليل، وراعي الإبل عزيز شريف؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
لا أَذَبحُ الــنّازِيَ الشّبُوبَ، ولا
أَسْلُخُ، يومَ المَقامةِ، العُنُقَا
لا آكلُ الغَثَّ في الشِّتاءِ، ولا
أَنْصَحُ ثوبي إذا هو انْخَرَقَا
وأَنشد ابن السكيت:
أَبوكَ الذي يَكْوي أُنُوف عُنُوقِه
بأَظفارِهِ حتى أَنَسَّ وأَمْحَقا
وشاة مِعْناق: تلد العُنُوق؛ قال:
لَهْفِي على شاةِ أَبي السِّبّاقِ
عَتِيقةٍ من غنمٍ عِتَاقٍ،
مَرْغُوسَةٍ مأمورةٍ مِعْناقِ
والعَناقُ: شيءٌ من دوابِّ الأَرض كالفَهْد، وقيل: عَناق الأَرض
دُوَيْبَّة أَصفر من الفَهْد طويلة الظهر تصيد كل شيء حتى الطير؛ قال الأَزهري:
عَناقُ الأَرض دابة فوق الكلب الصيني يصيد كما يصيد الفَهْدُ، ويأكل
اللحم وهو من السباع؛ يقال: إنه ليس شيء من الدواب يُؤَبِّرُ أَي يُعَقّي
أَثرَه إذا عدا غيره وغير الأَرْنب، وجمعه عُنُوق أَيضاً، والفُرْسُ تسميه
سِيَاهْ كُوشَ، قال: وقد رأَيته بالبادية وهو أَسود الرأس أَبيض سائره.
وفي حديث قتادة: عَناقُ الأَرض من الجوارح؛ هي دابة وحشية أَكبر من
السَّنَّوْر وأَصغر من الكلب. ويقال في المثل: لقي عَنَاقَ الأرض، وأُذُنَيْ
عَنَاقٍ أَي داهية؛ يريد أَنها من الحيوان الذي يُصْطاد به إذا عُلِّم.
والعَنَاقُ: الداهية والخيبة؛ قال:
أَمِنْ تَرْجِيعِ قارِيَةٍ تَرَكْتُمْ
سَبَاياكُمْ، وأُبْتُمْ بالعَنَاقِ؟
القاريةُ: طير أَخضر تحبّه الأَعراب، يشبهون الرجل السخيّ بها، وذلك
لأَنه يُنْذِرُ بالمطر؛ وصفهم بالجُبْن فهو يقول: فَزِعتُمْ لمَّا سمعتم
ترجيع هذا الطائر فتركتم سباياكم وأُبْتُمْ بالخيبة. وقال علي بن حمزة:
العَنَاقُ في البيت المُنْكَرُ أَي وأُبْتُم بأَمر مُنْكَر. وأُذُنا عَناقٍ،
وجاء بأُذنَيْ عَناقٍ الأَرض أَي بالكذب الفاحش أَو بالخيبة؛ وقال:
إذا تَمَطَّيْنَ على القَيَاقي،
لاقَيْنَ منه أُذُنَيْ عَنَاقِ
يعني الشدَّة أَي من الحادي أَو من الجمل. ابن الأَعرابي: يقال منه
لقيتُ أُذُنَيْ عَناقٍ أَي داهية وأمراً شديداً. وجاء فلان يأُذني عنَاق إذا
جاء بالكذب الفاحش. ويقال: رجع فلان بالعَناق إذا رجع خائباً، يوضع
العَناق موضع الخيبة. والعنَاق: النجم الأَوسط من بنات نَعْش الكُبْرى:
والعَنْقاءُ: الداهية؛ قال:
يَحْمِلْنَ عَنْقاء وعَنْقَفِيرا،
وأُمَّ خَشّافٍ وخَنْشَفِيرا،
والدَّلْوَ والدَّيْلَمَ والزَّفِيرَا
وكلهن دَواهِ، ونكرَّ عَنْقاء وعَنْقَفِيراً، وإنما هي العَنْقاء
والعَنْقَفِير، وقد يجوز أن تحذف منهما اللام وهما باقيان على تعريفهما.
والعَنْقاء: طائر ضخم ليس بالعُقاب، وقيل: العَنْقاءُ المُغْرِبُ كلمة لا أَصل
لها، يقال: إنها طائر عظيم لا ترى إلا في الدهور ثم كثر ذلك حتى سموا
الداهية عَنْقاء مُغْرِباً ومُغْرِبةً؛ قال:
ولولا سليمانُ الخليفةُ، حَلَّقَتْ
به، من يد الحَجّاج، عَنْقاءُ مُغْرِب
وقيل: سمِّيت عَنْقاء لأنه كان في عُنُقها بياض كالطوق، وقال كراع:
العَنْقاء فيما يزعمون طائر يكون عند مغرب الشمس، وقال الزجاج: العَنْقاءُ
المُغْرِبُ طائر لم يره أَحد، وقيل في قوله تعالى؛ طيراً أَبابِيلَ؛ هي
عَنْقاءُ مُغْرِبَة. أَبو عبيد؛ من أَمثال العرب طارت بهم العَنْقاءُ
المُغْرِبُ، ولم يفسره. قال ابن الكلبي: كان لأهل الرّس نبيٌّ يقال له حنظلة بن
صَفْوان، وكان بأَرضهم جبل يقال له دَمْخ، مصعده في السماء مِيلٌ، فكان
يَنْتابُهُ طائرة كأَعظم ما يكون، لها عنق طويل من أَحسن الطير، فيها من
كل لون، وكانت تقع مُنْقَضَّةً فكانت تنقضُّ على الطير فتأْكلها، فجاعت
وانْقَضَّت على صبيِّ فذهبت به، فسميت عَنْقاءَ مُغْرباً، لأَنها تَغْرُب
بكل ما أَخذته، ثم انْقَضَّت على جارية تَرعْرَعَت وضمتها إلى جناحين
لها صغيرين سوى جناحيها الكبيرين، ثم طارت بها، فشكوا ذلك إلى نبيهم، فدعا
عليها فسلط الله عليها آفةً فهلكت، فضربتها العرب مثلاً في أَشْعارها،
ويقال: أَلْوَتْ به العَنْقاءُ المُغْرِبُ، وطارت به العَنْقاء.
والعَنْقاء: العُقاب، وقيل: طائر لم يبق في أَيدي الناس من صفتها غير اسمها.
والعَنْقاءُ: لقب رجل من العرب، واسمه ثعلبة بن عمرو. والعَنْقاءُ: اسم مَلِكِ،
والتأنيث عند الليث للفظ العَنْقاءِ. والتَّعانِيقُ: موضع؛ قال زهير:
صَحَا القلبُ عن سَلْمَى، وقد كاد لا يَسْلُو،
وأَقْفَرَ، من سَلْمَى، التَّعانِيقُ فالثِّقْلُ
قال الأَزهري: ورأَيت بالدهناء شبه مَنارة عاديَّةٍ مبنية بالحجارة،
وكان القوم الذين كنت معهم يسمونها عَناقَ ذي الرمة لذكره إياها في شعره
فقال:
ولا تَحْسَبي شَجِّي بك البِيدَ، كلَّما
تَلأْلأَ بالغَوْرِ النُّجومُ الطَّوامِسُ
مُرَاعاتَكِ الأَحْلالَ ما بين شارعٍ،
إلى حيثُ حادَتْ عن عَنَاق الأَواعِسُ
قال الأَصمعي: العَناق بالحِمَى وهو لَغَنِيٍّ وقيل: وادي العَناق
بالحِمَى في أَرض غنِيّ؛ قال الراعي:
تَحمَّلْنَ من وادي العَناق فثَهْمَدِ
والأَعْنَق: فحل من خيل العرب معروف، إليه تنسب بنات أَعْنَق من الخيل؛
وأَنشد ابن الأَعرابي:
تَظَلُّ بناتُ أَعْنَقَ مُسْرَجاتٍ،
لرؤيتِها يَرُحْنَ ويَغْتَدِينا
ويروى: مُسْرِجاتٍ. قال أَبو العباس: اختلفوا في أَعْنَق فقال قائل: هم
اسم فرس، وقال آخرون: هو دُهْقان كثير المال من الدَّهَاقِين، فمن جعله
رجلاً رواه مُسْرِجات، ومن جعله فرساً رواه مُسْرَجات.
وأَعْنَقَت الثُّرَيّا إذا غابت؛ وقال:
كأنِّي، حين أَعْنَقَتِ الثُّرَيّا،
سُقِيتُ الرَّاح أَو سَمّاً مَدُوفا
وأَعْنَقَتِ النجومُ إذا تقدمت للمَغيب.
والمُعْنِقُ: السابق، يقال: جاء الفرس مُعْنِقاً، ودابة مِعْناقٌ وقد
أَعْنَق؛ وأَما قول ابن أَحمر:
في رأس خَلْقاءَ من عَنْقاءَ مُشْرِفَةٍ،
لا يُبْتَغَى دونها سَهْلٌ ولا جَبَلُ
فإنه يصف جبلاً، يقول: لا ينبغي أَن يكون فوقها سهل ولا جبل أَحصن منها.
وقد عَانَقه إذا جعل يديه على عُنُقه وضمَّه إلى نفسه وتَعَانَقَا
واعْتَنَقا، فهو عَنِيقُه؛ وقال:
وباتَ خَيالُ طَيْفك لي عَنِيقاً،
إلى أَن حَيْعَل الدَّاعِي الفَلاحَا
عقن: قال الأَزهري: أَما عَقَنَ فإِني لم أَسمع من مُشْتقاته شيئاً
مستعملاً إلا أَن يكون العِقْيَانُ فِعْيالاً منه، وهو الذَّهَبُ، ويجوز أَن
يكون فِعَْلاناً من عَقَى يَعْقِي، وهو مذكور في بابه.