Academy of the Arabic Language in Cairo, al-Muʿjam al-Wasīṭ (1998) المعجم الوسيط لمجموعة من المؤلفين
Permalink (الرابط القصير إلى هذا الباب):
http://arabiclexicon.hawramani.com/?p=83982#ee7698
(الــمكنسة) آلَة الكنس (ج) مكانس
كنس: الكَنْسُ: كَسْحُ القُمام عن وجه الأَرض. كَنَسَ الموضع يَكْنُسُه،
بالضم، كَنْساً: كَسَح القُمامَة عنه. والــمِكْنَسَة: ما كُنِس به،
والجمع مَكانِس. والكُناسَة: ما كُنِسَ. قال اللحياني: كُناسَة البيت ما
كُسِحَ منه من التراب فأُلقي بعضه على بعض. والكُناسة أَيضا: مُلْقَى
القُمَامِ. وفَرَسٌ مَكْنوسَة: جَرْداء.
والمَكْنِسُ
(* قوله «والمكنس» هكذا في الأصل مضبوطاً بكسر النون،
وهومقتضى قوله بعد البيت وكنست الظباء والبقر تكنس بالكسر، ولكن مقتضى قوله قبل
البيت وهو من ذلك لأنها تكنس الرمل أَن تكون النون مفتوحة وكذا هو مقتضى
قوله جمع مكنس مفعل الآتي في شرح حديث زياد حيث ضبطه بفتح العين.):
مَوْلِجُ الوَحْشِ من الظِّباء والبَقر تَسْتَكِنُّ فيه من الحرِّ، وهو
الكِناسُ، والجمع أَكْنِسَة وكُنْسٌ، وهو من ذلك لأَنها تَكْنُسُ الرمل حتى
تصل إِلى الثَّرَى، وكُنُسَات جمع كطُرُقاتٍ وجُزُرات؛ قال:
إِذا ظُبَيُّ الكُنُساتِ انْغَلاَّ،
تَحْت الإِرانِ، سَلَبَتْه الطَّلاَّ
(* قوله «سلبته الطلا» هكذا في الأصل، وفي شرح القاموس: سلبته الظلا.)
وكَنَسَتِ الظِّباء والبقر تَكْنِسُ، بالكسر، وتَكَنَّسَتْ
واكْتَنَسَتْ: دخلت في الكِناس؛ قال لبيد:
شاقَتُكَ ظُعْنُ الحَيِّ يوم تَحَمَّلُوا،
فَتَكَنَّسُوا قُطْناً تَصِرُّ خِيامُها
أَي دخَلوا هَوادِجَ جُلِّلَتْ بثياب قُطْن. والكَانِسُ: الظبي يدخل في
كِناسِهِ، وهو موضع في الشجر يَكْتَنُّ فيه ويستتر؛ وظِباء كُنَّسٌ
وكُنُوس؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
وإِلا نَعاماً بها خِلْفَةً،
وإِلاَّ ظِباءً كُنُوساً وذِيبَا
وكذلك البقر؛ أَنشد ثعلب:
دارٌ لليلى خَلَقٌ لَبِيسُ،
ليس بها من أَهلِها أَنِيسُ
إِلا اليَعافِيرُ وإِلاَّ العِيسُ،
وبَقَرٌ مُلَمَّعٌ كُنُوسُ
وكَنَسَتِ النجوم تَكْنِسُ كُنُوساً: استمرَّت في مَجاريها ثم انصرفت
راجعة. وفي التنزيل: فلا أُقْسِمُ بالخُنْسِ الجَوارِ الكُنَّسِ؛ قال
الزجاج: الكُنَّسُ النجوم تطلع جارية، وكُنُوسُها أَن تغيب في مغاربها التي
تغِيب فيها، وقيل: الكُنَّسُ الظِّباء. والبقر تَكْنِس أَي تدخل في
كُنُسِها إِذا اشتدَّ الحرُّ، قال: والكُنَّسُ جمع كانِس وكانِسَة. وقال الفراء
في الخُنَّسِ والكُنَّسِ: هي النجوم الخمسة تُخْنُِسُ في مَجْراها
وترجِع، وتَكْنِسُ تَسْتَتِر كما تَكْنِسُ الظِّباء في المَغار، وهو الكِناسُ،
والنجوم الخمسة: بَهْرام وزُحَلُ وعُطارِدٌ والزُّهَرَةُ والمُشْتَرِي،
وقال الليث: هي النجوم التي تَسْتَسِرُّ في مجاريها فتجري وتَكْنِسُ في
مَحاوِيها فَيَتَحَوَّى لكل نجم حَوِيّ يَقِف فيه ويستدِيرُ ثم ينصرف
راجعاً، فكُنُوسُه مُقامُه في حَويِّه، وخُنُوسُه أَن يَخْنِسَ بالنهار فلا
يُرى. الصحاح: الكُنَّسُ الكواكِب لأَنها تَكْنِسُ في المَغيب أَي
تَسْتَسِرُّ، وقيل: هي الخُنَّسُ السَّيَّارة. وفي الحديث: أَنه كان يقرأ في
الصلاة بالجَوارِي الكُنَّسِ؛ الجَوارِي الكواكب، والكُنَّسُ جمع كانِس، وهي
التي تغيب، من كَنَسَ الظَّبْيُ إِذا تغيَّب واستتر في كِناسِه، وهو
الموضع الذي يَأْوِي إِليه. وفي حديث زياد: ثم أَطْرَقُوا وَراءكم في
مَكانِسِ الرِّيَبِ؛ المَكانِسُ: جمع مَكْنَس مَفْعَل من الكِناس، والمعنى
اسْتَترُوا في موضع الرِّيبَة. وفي حديث كعب: أَول من لَبسَ القَباءَ سليمان،
على نبينا وعليه الصلاة والسلام، لأَنه كان إِذا أَدخل رأْسه لِلُبْسِ
الثَّياب كَنَسَتْ الشياطين استهزاء. يقال: كَنَسَ أَنفه إِذا حَرَّكه
مستهزٍئاً؛ ويروى: كنَّصت، بالصاد. يقال: كنَّصَ في وجه فلان إِذا استهزأَ
به. ويقال: فِرْسِنٌ مَكْنُوسَة وهي المَلْساء الجَرْداء من الشعَر. قال
أَبو منصور: الفِرْسِنُ المَكْنُوسَة المَلْساء الباطن تُشَبِّهُها العرب
بالمَرايا لِمَلاسَتِها. وكَنِيسَةُ اليهود وجمعها كَنائِس، وهي معرَّبة
أَصلها كُنِشْتُ. الجوهري: والكنِيسَة للنصارى. ورَمْلُ الكِناس: رمل في
بلاد عبد اللَّه بن كلاب، ويقال له أَيضاً الكِناس؛ حكاه ابن الأَعرابي؛
وأَنشد:
رَمَتْني، وسِتْرُ اللَّه بَيْني وبَيْنها،
عَشِيَّة أَحْجار الكِناس، رَمِيمُ
(* قوله «رميم» هو اسم امرأة كما في شرح القاموس.)
قال: أَراد عشية رَمْل الكِناس فلم يستقم له الوزن فوضع الأَحجار موضع
الرمل.
والكُناسَةُ: اسم موضع بالكوفة. والكُناسَة والكانِسيَّة: موضعان؛ أَنشد
سيبويه:
دارٌ لِمَرْوَةَ إِذْ أَهْلي وأَهْلُهُمُ،
بالكانِسِيَّة تَرْعى اللَّهْوَ والغَزَلا
شطب: الشَّطْبُ، من الرجال والخَيْلِ: الطويلُ، الـحَسَنُ الخَلْقِ.
وجارِيةٌ شِطْبةٌ وشَطْبةٌ: طَويلةٌ، حَسَنَـةٌ، تارَّةٌ، غَضَّةٌ، الكسر عن
ابن جني، قال: والفتح أَعلى. ويقال: غُلامٌ شَطْبٌ: حَسَنُ الخَلْق،
ليس بطويل، ولا قصير.
ورَجل مَشْطُوبٌ ومُشَطَّبٌ إِذا كان طويلاً. وفَرَسٌ شِطْبةٌ: سَبِطَةُ
اللحم، وقيل: طويلة، والكسر لغة، ولا يوصف به الذكر.
والشَّطْب، مجزوم: السَّعَف الأَخضر، الرَّطْبُ من جريد النخل، واحدته شَطْبةٌ. وفي حديث أُم زرع: كَـمَسَلِّ شَطْبةٍ؛ قال أَبو عبيد: الشَّطْبةُ ما شُطِبَ من جَريد النخل، وهو سَعَفُه، شَبَّهته بتلك الشَّطْبة، لِنَعْمَتِه، واعْتِدالِ شَبابِه؛ وقيل: أَرادت أَنه مَهْزول، كأَنه سَعَفَةٌ في دِقَّتِها؛ أَرادت أَنه قليل اللحم، دَقِـيقُ الخَصْر، فشبَّهته بالشَّطْبةِ أَي موضِعُ نومِه دَقِـيقٌ لنَحافَتِه؛ وقيل: أَرادت سَيْفاً سُلَّ من غِمْدِه؛ والـمَسَلُّ: مصدر، بمعنى السَّلّ، أُقِـيمَ مُقامَ
المفعول، أَي كَـمَسْـلُول الشَّطْبة، يعني ما سُلَّ من قِشره أَو غِمْده؛ وقال أَبو سعيد: الشَّطْبةُ: السيفُ، أَرادت أَنه كالسَّيْفِ يُسَلُّ من غِمْده؛ كما قال العُجَيْرُ السَّلُولي يرثي أَبا الـحَجناء:
فتًى قُدَّ قَدَّ السَّيْفِ، لا مُتآزِفٌ، * ولا رَهِلٌ لَـبَّاتُه وأَباجلُه
ابن الأَعرابي: الشَّطائِبُ دون الكَرانِـيفِ، الواحدة شَطِـيبةٌ؛
والشَّطْبُ دون الشَّطائِب، الواحدة شَطْبةٌ.
ابن السكيت: الشَّاطِـبةُ التي تَعْمَلُ الـحُصْر من الشَّطْب، الواحدة
شَطْبة، وهي السَّعَفُ.
والشُّطُوبُ: أَن تأْخُذَ قِشْرَه الأَعلى. قال: وتَشْطُب وتَلْحَى
واحد.
والشَّواطِبُ من النساءِ: اللواتي يَشْقُقْنَ الخُوصَ، ويَقْشُرْنَ
العُسُبَ، لِـيَتَّخِذْن منه الـحُصْر، ثم يُلْقِـينها إِلى الـمُنَقِّيات؛
قال قيس بن الخطيم:
تَرى قِصَدَ الـمُرَّانِ تُلْقَى، كأَنها * تَذَرُّعُ خِرْصانٍ بأَيْدي الشَّواطِبِ
تقول منه: شَطَبَتِ الـمَرأَةُ الجَريدَ شَطْباً شَقَّته، فهي
شاطِـبةٌ، لتعمل منه الحصر. الأَصمعي: الشَّاطِـبةُ التي تَقْشُر العَسِـيبَ، ثم تُلْقِـيه إِلى المنَقِّيةِ، فتأْخُذ كل شيء عليه بِسِكِّينها، حتى تتركه رقِـيقاً، ثم تُلْقِـيه الـمُنَقِّيةُ إِلى الشاطبة ثانية، وهو قوله:
تَذَرُّعُ خِرْصانٍ بأَيْدي الشَّواطِبِ
وشُطُوبُ السيف وشُطُبُه، بِضم الشين والطاء، وشُطَبُه: طَرائقُه التي في متنه، واحدته شُطْبةٌ، وشُطَبةٌ، وشِطْبةٌ.
وسيف مُشَطَّبٌ ومَشْطُوبٌ: فيه شُطَبٌ. وثوبٌ مُشَطَّبٌ: فيه طَرائقُ.
والشَّطائبُ من الناسِ وغيرهم: الفِرَقُ والضُّرُوبُ المختلفةُ؛ قال
الراعي:
فهاجَ به، لـمَّا تَرَجَّلَتِ الضُّحَى، * شَطائِبُ شَتَّى، من كِلابٍ ونابلِ
وسَيْفٌ مُشَطَّب: فيه طَرائِقُ، وربما كانت مُرْتَفِعةً ومُنْحَدِرَةً.
ابن شميل: شُطْبةُ السيف: عَموده الناشِزُ في متْنِه.
الشَّطبةُ والشِّطْبةُ: قِطْعةٌ من سَنام البعير، تُقْطَع طُولاً. وكلُّ
قِطْعة من ذلك أَيضاً تسمى: شَطِـيبةً؛ وقيل: شَطِـيبةُ اللحم
الشَّرِيحةُ منه.
وشَطَّبه: شَرَّحه. ويقال: شَطَبْتُ السنام والأَديمَ أَشْطُبه شَطْباً.
أَبو زيد: شُطَبُ السَّنامِ أَن تُقَطِّعَه قِدَداً، ولا تُفَصِّلَها،
واحدتها شُطْبةٌ، وقالوا أَيضاً شَطِـيبة، وجمعها شَطائِبُ. وكلُّ
قِطْعَةِ أَديمٍ تُقَدُّ طولاً شَطِـيبةٌ.
وشَطَبَ الأَديمَ والسَّنام، يَشْطُبهما شَطْباً: قَطَعَهما.
وشَطِـيبةٌ مِن نَبْع يُتَّخَذُ منها القَوْسُ.
والشَّواطِبُ من النساءِ: اللواتي يَقْدُدْنَ الأَدِيمَ، بعدما
يَخْلُقْنَه.
وناقة شَطِـيبةٌ: يابِسةٌ.
وفَرَسٌ مَشْطُوبُ الـمَتْن والكَفَل: انْتَبَر مَتْناه سِمَناً، وتَبايَنَتْ غُرورُه؛ وقال الجعدي:
مِثلُ هِمْيانِ العَذارَى، بَطْنُه * أَبْلَقُ الحقْوَينِ، مَشْطوبُ الكَفَلْ
ورجل شاطِب الـمَحَلِّ: بعيدُه، مثل شاطِنٍ.
والانْشِطابُ: السَّـيَلانُ.
والـمُنْشَطِبُ: السائِلُ (1)
(1 قوله «والمنشطب السائل» هذه العبارة
الثانية للأزهري والأولى لابن سيده، جمع المؤلف بين عبارتيهما.) من الماءِ
وغيره. والـمُنْشَطِبُ : السائل.
وطريقٌ شاطِبٌ: مائِلٌ.
وشَطَبَ عن الشيءِ: عَدَلَ عنه. الأَصمعي: شَطَفَ وشَطَبَ إِذا ذَهَبَ وتباعَد. وفي النوادر: رَمْيةٌ شاطِفةٌ، وشاطِـبةٌ، وصائِفةٌ إِذا زَلَّت عن الـمَقْتَلِ.
وفي الحديث: فَحَمَلَ عامِرُ بنُ رَبِـيعةَ على عامر بن الطُّفَيْلِ،
فطَعَنَه، فشَطَبَ الرُّمْحُ عن مَقْتَله؛ هو من شَطَبَ، بمعنى بَعُدَ. قال ابراهيم الـحَرْبيُّ: شَطَبَ الرُّمح عن مَقْتَله أَي لم يَبْلُغْه.
الأَصمعي: شَطَفَ وشَطَبَ إِذا عَدَل ومالَ.
أَبو الفرج: الشَّطائبُ والشَّصائبُ الشَّدائدُ.
وشَطِبٌ: جبلٌ معروف؛ قال:
كأَنَّ أَقْرابَه، لـمَّا عَلا شَطِـباً، * أَقْرابُ أَبْلَقَ، يَنْفِـي الخيْلَ، رَمّاحِ
وفي الصحاح: شَطِـيبٌ: اسم جَبَل. ورأَيت في حواشي نسخة موثوق بها: هكذا وقع في النسخ، والذي أَورده الفارابي في ديوان الأَدب، والذي رواه ابن دريد، وابن فارس: شَطِبٌ، على فَعِلٍ: اسم جَبل، واللّه أَعلم.
عسل: قال الله عز وجل: وأَنهارٌ من عَسَل مُصَفى؛ العَسَلُ في الدنيا هو
لُعاب النَّحْل وقد جعله الله تعالى بلطفه شِفاءً للناس، والعرب
تُذَكِّر العَسَل وتُؤنِّثه، وتذكيره لغة معروفة والتأْنيث أَكثر؛ قال
الشماخ:كأَنَّ عُيونَ الناظِرِين يَشُوقُها
بها عَسَلٌ، طابت يدا من يَشُورُها
بها أَي بهذه المرأَة كأَنه قال: يَشُوقُها بِشَوْقِها إِيَّاها عَسَلٌ؛
الواحدة عَسَلةٌ، جاؤوا بالهاء لإِرادة الطائفة كقولهم لَحْمة ولبَنَة؛
وحكى أَبو حنيفة في جمعه أَعْسال وعُسُلٌ وعُسْلٌ وعُسُولٌ وعُسْلانٌ،
وذلك إِذا أَردت أَنواعه؛ وأَنشد أَبو حنيفة:
بَيْضاءُ من عُسْلِ ذِرْوَةٍ ضَرَبٌ،
شِيبَتْ بماء القِلاتِ من عَرِم
القِلاتُ: جمع قَلْتٍ، والعَرِمُ: جمع عَرِمة، وهي الصُّخور تُرْصَف
ويُقْطَع بها الوادي عَرْضاً لتكون رَدّاً للسَّيْل. وقد عَسَّلَتِ النَّحْل
تعسيلاً. والعَسَّالة: الشُّورة التي تَتَّخِذ فيها النَّحْلُ العَسَلَ
من راقُودٍ وغيره فتُعَسِّل فيه. والعَسَّالة والعاسِلُ: الذي يَشْتارُ
العَسَلَ من موضعه ويأْخُذه من الخَلِيَّة؛ قال لبيد:
بأَشْهَبَ من أَبكارِ مُزْنِ سَحابة،
وأَرْيِ دُبُورٍ شارَهُ النَّحْلَ عاسِلُ
أَراد شارَه من النَّحْل فعدّى بحذف الوَسِيط كاخْتارَ مُوسى قومَه
سَبْعِين رَجُلاً. ومَكانٌ عاسِلٌ: فيه عَسَلٌ؛ وقول أَبي ذؤيب:
تَنَمَّى بها اليَعْسُوبُ حَتَّى أَقَرَّها
إِلى مَأْلَفٍ، رَحْبِ المَباءةِ، عاسِلِ
إِنما هو على النَّسَب أَي ذي عَسَلٍ، والعرب تُسَمِّي صَمْغَ العُرْفُط
عَسَلاً لحلاوته، وتقول للحديث الحُلْو: مَعْسُولٌ. واستعار أَبو حنيفة
العَسَلَ لِدِبْس الرُّطَب فقال: الصَّقْرُ عَسَلُ الرُّطَب وهو ما سال
من سُلافَتِه، وهو حُلْوٌ بمَرَّةٍ، وعَسَلُ النَّحْل هو المنفرد بالاسم
دون ما سواه من الحُلْو المسمَّى به على التشبيه.
وعَسَلَ الشيءَ يَعْسِلُه ويَعْسُله عَسْلاً وعَسَّله: خَلَطَه بالعَسَل
وطَيّبه وحَلاَّه. وعَسَّلْتُ الرجُلَ: جَعَلْتُ أُدْمَه العَسَل.
واسْتَعْسَلَ القومُ: اسْتَوْهَبوا العَسَل. وعَسَّلْتُ القومَ: زوَّدتهم
إِيَّاه. وعَسَلْتُ الطعامَ أَعْسِلُه وأَعْسُله أَي عمِلْته بالعَسَل.
وزَنْجَبِيل مُعَسَّل أَي مَعْمول بالعَسَل؛ قال ابن بري: ومنه قول
الشاعر:إِذا أَخَذَتْ مِسْواكَها مَنَحَتْ به
رُضاباً، كطَعْم الزَّنْجَبِيل المُعَسَّل
وفي الحديث في الرجل يُطَلِّق امرأَته ثم تَنْكِح زوجاً غيره: فإِن
طَلَّقها الثاني لم تَحِلَّ للأَوَّل حتى يَذُوقَ من عُسَيْلَتِها وتَذُوقَ
من عُسَيْلَته، يعني الجِماع على المَثَل. وقال النبي، صلى الله عليه
وسلم، لامرأَة رِفاعة القُرَظِيِّ، وقد سأَلَتْه عن زوج تَزَوَّجَتْه
لِتَرْجِع به إِلى زَوْجِها الأَوَّل الذي طَلَّقها، فلم يَنْتَشِرْ ذَكَرُه
للإِيلاج فقال له: أَتُرِيدينَ أَن تَرْجِعي إِلى رِفاعة؟ لا، حَتَّى
تَذُوقي عُسَيْلَتَه ويَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ، يعني جِماعَها لأَن الجِماع هو
المُسْتَحْلى من المرأَة، شَبَّهَ لَذَّة الجماع بذَوْق العَسَل فاستعار لها
ذَوْقاً؛ وقالوا لكُلِّ ما اسْتَحْلَوْا عَسَلٌ ومَعْسول، على أَنه
يُسْتَحْلى اسْتِحْلاء العَسَل، وقيل في قوله: حتى تَذُوقي عُسَيْلَته ويَذوق
عُسَيْلَتَك، إِنَّ العُسَيْلة ماء الرجل، والنُّطْفَةُ تُسَمَّى
العُسَيْلة؛ وقال الأَزهري: العُسَيْلة في هذا الحديث كناية عن حَلاوة الجِماع
الذي يكون بتغييب الحَشَفة في فرج المرأَة، ولا يكون ذَواقُ
العُسَيْلَتَيْن معاً إِلا بالتغييب وإِن لم يُنْزِلا، ولذلك اشترط عُسَيْلَتهما
وأَنَّثَ العُسَيْلة لأَنه شَبَّهها بقِطْعة من العَسَل؛ قال ابن الأَثير:
ومن صَغَّرَه مؤنثاً قال عُسَيْلة كَقُوَيْسة وشُمَيْسة، قال: وإِنما
صَغَّرَه إِشارة إِلى القدر القليل الذي يحصل به الحِلُّ.
ويقال: عَسَلْت من طَعامه عَسَلاً أَي ذُقْت. وعَسَلَ المرأَةَ
يَعْسِلُها عَسْلاً: نكَحها، فإِمَّا أَن تكون مشتقَّة من قوله حتى تَذُوقي
عُسَيْلته ويَذُوق عُسَيْلتك، وإِمَّا أَن تكون لفظَةً مُرْتَجَلَة على حِدَة،
قال ابن سيده: وعندي أَنها مشتقة.
والمَعْسُلة
(* قوله «والمعسلة» هكذا ضبط في الأصل وفي موضعين من المحكم
بضم السين وعليه علامة الصحة، ووزنه في القاموس بمرحلة) الخَلِيَّة؛
يقال: قَطَفَ فلان مَعْسُلَتَه إِذا أَخذ ما هنالك من العَسَل، وخَلِيَّة
عاسِلةٌ، والنَّحْل عَسَّالة.
وما أَعرف له مَضْرِبَ عَسَلة: يعني أَعْراقَه؛ ويقال: ما لِفُلان
مضرِبُ عَسَلَة يعني من النسب، لا يستعملان إِلاَّ في النفي؛ وقيل: أَصل ذلك
في شَوْر العَسَل ثم صار مثلاً للأَصل والنسب.
وعَسَلُ اللُّبْنى: شيءٌ يَنْضَحُ من شَجَرِها يُشْبِه العَسَل لا
حَلاوة له. وعَسَلُ الرِّمْث: شيء أَبيض يخرج منه كأَنَّه الجُمَان. وعَسَلَ
الرجُلَ: طَيَّب الثناءَ عليه؛ عن ابن الأَعرابي، وهو من العَسَل لأَن
سامِعَه يَلَذُّ بِطيبِ ذِكْرِه. والعَسَلُ: طِيبُ الثناء على الرجل. وفي
الحديث: إِذا أَراد الله بعبد خيراً عَسَلَه في الناس أَي طَيَّب ثَناءه
فيهم؛ وروي أَنه قيل لرسول الله، صلى الله عليه وسلم: ما عَسَلَه؟ فقال:
يَفْتَح له عَمَلاً صالحاً بين يَدَيْ موته حتى يَرْضى عنه مَنْ حَوْلَه
أَي جَعَل له من العمل الصالح ثناء طَيِّباً، شَبَّه ما رَزَقَه اللهُ من
العمل الصالح الذي طاب به ذِكْرُه بين قومه بالعَسَل الذي يُجْعَل في
الطعام فَيَحْلَوْلي به ويَطِيب، وهذا مَثَلٌ، أَي وفَّقَه الله لعمل صالح
يُتْحِفه كما يُتْحِف الرجل أَخاه إِذا أَطعمه العَسَل.
ويقال: لَبَنَهُ ولَحَمه وعَسَلَهُ إِذا أَطعمه اللبن واللحم والعَسَل.
والعُسُلُ: الرجال الصالحون، قال: وهو جمع عاسِلٍ وعَسُول، قال: وهو مما
جاء على لفظ فاعل وهو مفعول به، قال الأَزهري: كأَنه أَراد رجل عاسِلٌ
ذو عَسَل أَي ذو عَمَلٍ صالِحٍ الثَّناء به عليه يُسْتَحْلى كالعَسَل.
وجارية مَعْسُولة الكلام إِذا كانت حُلْوة المَنْطِق مَلِيحة اللفظ طَيِّبة
النَّغْمة. وعَسَلَ الرُّمْحُ يَعْسِلُ عَسْلاً وعُسُولاً وعَسَلاناً:
اشْتَدَّ اهتزازُه واضْطَرَب. ورُمْحٌ عَسَّالٌ وعَسُولٌ: عاسِلٌ
مُضْطَرِبٌ لَدْنٌ، وهو العاتِرُ وقد عَتَرَ وعَسَلَ؛ قال:
بكُلِّ عَسَّالٍ إِذا هُزَّ عَتَر
وقال أَوس:
تَقاكَ بكَعْبٍ واحدٍ وتَلَذُّه
يَداكَ، إِذا ما هُزَّ بالكَفِّ يَعْسِلُ
والعَسَلُ والعَسَلانُ: أَن يَضْطَرِم الفرسُ في عَدْوِه فيَخْفِق
برأْسه ويَطَّرِد مَتْنُه. وعَسَل الذِّئْبُ والثعلبُ يَعْسِلُ عَسَلاً
وعَسَلاناً: مَضَى مُسْرِعاً واضْطَرب في عَدْوِه وهَزَّ رأْسَه؛ قال:
واللهِ لولا وَجَعٌ في العُرْقُوب،
لكُنْتُ أَبْقَى عَسَلاً من الذِّيب
استعاره للإِنسان؛ وقال لبيد:
عَسَلانَ الذِّئْب أَمْسَى قارِباً،
بَرَدَ اللَّيْلُ عليه فنَسَل
وقيل: هو للنابغة الجعدي، والذئب عاسِلٌ، والجمع العُسَّل والعَواسِل؛
وقول ساعدة بن جُؤَيَّة:
لَدْنٌ بِهَزِّ الكَفِّ يَعْسِلُ مَتْنُه
فيه، كما عَسَلَ الطَّريقَ الثَّعْلَبُ
أَراد عَسَلَ في الطريق فحذف وأَوْصل، كقولهم دَخَلْتُ البيت، ويروى
لَذٌّ. والعَسَلُ حَبابُ الماء إِذا جَرَى من هُبوب الرِّيح. وعَسَلَ الماءُ
عَسَلاً وعَسَلاناً: حَرَّكَتْه الريحُ فاضْطَرَب وارْتَفَعَتْ حُبُكُه؛
أَنشد ثعلب:
قد صبَّحَتْ والظِّلُّ غَضٌّ ما زَحَل
حَوْضاً، كأَنَّ ماءه إِذا عَسَل
من نافِضِ الرِّيحِ، رُوَيْزِيٌّ سَمَل
الرُّوَيْزِيُّ: الطَّيْلَسانُ، والسَّمَل: الخَلَق، وإِنما شَبَّه
الماءَ في صَفائه بخُضْرة الطَّيْلَسان وجعله سَمَلاً لأَن الشيء إِذا
أَخْلَق كان لونُه أَعْتَق. وعَسَلَ الدَّليلُ بالمَفازة: أَسرع.
والعَنْسَل: الناقةُ السريعة، ذهب سيبويه إِلى أَنه من العَسَلانِ. وقال
محمد بن حبيب: قالوا للعَنْس عَنْسَل، فذهب إِلى أَن اللام من عَنْسَل
زائدة، وأَن وزن الكلمة فَعْلَلٌ واللام الأَخيرة زائدة؛ قال ابن جني: وقد
تَرَك في هذا القول مذهب سيبويه الذي عليه ينبغي أَن يكون العمل، وذلك
أَن عَنْسَل فَنْعَلٌ من العَسَلانِ الذي هو عَدْوُ الذئب، والذي ذهب
إِليه سيبويه هو القول، لأَن زيادة النون ثانيةً أَكثر من زيادة اللام، أَلا
ترى إِلى كثرة باب قَنْبَر وعُنْصُل وقِنْفَخْرٍ وقِنْعاس وقلة باب ذلِك
وأُولالِك؟ قال الأَعشى:
وقد أَقْطَعُ الجَوْزَ، جَوْزَ الفَلا،
ةِ بالحُرَّةِ البازِلِ العَنْسَل
والنون زائدة. ويقال: فلان أَخْبَثُ من أَبي عِسْلة ومن أَبي رِعْلة ومن
أَبي سِلْعامَة ومن أَبي مُعْطة، كُلُّه الذِّئب.
ورَجُلٌ عَسِلٌ: شديد الضَّرْب سَرِيعُ رَجْعِ اليد بالضَّرْب؛ قال
الشاعر:
تَمْشِي مُوالِيةً، والنَّفْس تُنْذِرُها
مع الوَبِيلِ، بكَفِّ الأَهْوَجِ العَسِل
والعَسِيلُ: مِكْنَسة الطِّيب، وهي مِكْنَسَة شَعَرٍ يَكْنِس بها
العطَّارُ بَلاطَه من العِطْر؛ قال:
فَرِشْني بخَيْرٍ، لا أَكونُ ومِدْحَتي
كَناحِتِ، يوماً، صَخْرةٍ بِعَسِيل
فَصَلَ بين المضاف والمضاف إِليه بالظرف
(* قوله «فصل بين المضاف
والمضاف إليه بالظرف» هذه عبارة المحكم وضبط صخرة فيه بالجر. وقوله «أراد إلخ»
هذه عبارة التهذيب وضبط صخرة فيه بالنصب وعليه يتم تمثيله ببيت أبي
الأسود فهما روايتان في البيت كما لا يخفى، وقوله بعد «وقيل أراد لا أكونن»
لعله سقط قبل هذا ما يحسن العطف عليه، وفي التهذيب والصحاح: لا أكونن، بنون
التوكيد) ؛ أَراد كناحِتٍ صَخْرةً يوماً بعَسِيلٍ، هكذا أُنشد عن
الفراء؛ ومثله قول أَبي الأَسود:
فأَلْفَيْتُه غَيْرَ مُسْتَعْتِبٍ،
ولا ذاكِرِ اللهَ إِلا قليلا
أَراد: ولا ذاكِرٍ اللهَ؛ وأَنشد الفراء أَيضاً:
رُبَّ ابْن عَمٍّ لسُلَيْمَى مُشْمَعِلْ،
طَبَّاخِ ساعاتِ الكَرَى زادَ الكَسِلْ
وقيل: أَراد لا أَكونَنْ ومِدْحَتي.
والعَسيل: الرِّيشة التي تُقْلَع بها الغالِية، وجمعها عُسُلٌ.
وإِنه لَعِسْلٌ من أَعْسالِ المالِ أَي حَسَنُ الرِّعية له، يقال عِسْلُ
مالٍ كقولك إِزاء مالٍ وخالُ مالٍ أَي مُصْلح مالٍ. والعَسيل: قَضيب
الفيل، وجمعه عُسُلٌ. والعَسَلُ والعَسَلانُ: الخبَب. وفي حديث عمر: أَنه
قال لعمرو بن مَعْدِيكَرِب: كَذَبَ، عليْك العَسَلَ أَي عليْك بسُرْعة
المَشْي؛ هو من العَسَلان مَشْيِ الذئب واهتزاز الرمح، وعَسَلَ بالشيء
عُسُولاً.
ويقال: بَسْلاً له وعَسْلاً، وهو اللَّحْيُ في المَلام. وعَسَلِيُّ
اليهودِ: علامَتُهم. وابن عَسَلة: من شعرائهم؛ قال ابن الأَعرابي: وهو
عَبْدالمَسيح بن عَسَلة. وعاسِلُ بن غُزَيَّة: من شُعَراء هُذَيل. وبَنُو
عِسْلٍ: قَبيلةٌ يزعمون أَن أُمَّهم السِّعْلاة. وقال الأَزهري في ترجمة
عسم: قال وذكر أَعرابي
(* قوله «قال وذكر أعرابي» القائل هو النضر بن شميل
كما يؤخذ من التهذيب) أَمَةً فقال: هي لنا وكُلُّ ضَرْبَةٍ لها من
عَسَلةٍ؛ قال: العَسَلة النَّسْل.
قشش: قَشَّ القومُ يَقُشُّون ويَقِشُّون قُشُوشاً، والضم أَعْلى:
أَحْيَوْا بعد هُزال. وأَقَشُّوا إِقْشاشاً وانْقَشُّوا: انطلقوا وجَفَلوا،
فجعلوا الفاء لغةً
(* يريد بقوله: جعلوا الفاء لغة أَي انهم قالوا أَفشوا،
بالفاء، بمعنى أَقشوا، بالقاف.)، فهم مُقِشُّون. قال: ولا يقال ذلك إلا
للجميع فقط. والقَشُّ: ما يُكْنَسُ من المنازل أشو غيرها.
والقَشُّ والتقْشَِيشُ والاقْتِشاشُ والتقَشّشُ: تطَلّبُ الأَكل من هنا
وهنا ولَفُّ ما يُقْدر عليه. والقَشِيشُ والقُشَاشُ: ما اقْتَشَشْته،
ورجل قَشَّان وقَشَّاش وقَشُوش ومِقَشّ. وقَشَّ الشيء يَقُشُّه قَشّاً:
جمعه. وقَشَّ الماءُ قَشِيشاً: صَوَّتَ. وقَشَّشَهم بكلامه: سَبَعَهم
وآذاهم.والقِشَّةُ: دُوَيْبّة شِبْه الخُنْفساء أَو الجُعَل. والقِشَّةُ،
بالكسر: الأُنثى من ولد القُرود، وقيل: هي كل أُنثى منها؛ يمانية، والذكر
رُبّاحٌ. وفي حديث جعفر الصادق، رضي اللَّه عنه: كونوا قِشَشاً؛ هي جمع
قِشَّة وهي القرد، وقيل جِرْوُه، وقيل دُوَيْبّة تُشْبِه الجُعَلَ.
والقِشَّةُ: الصَّبِيّةُ الصغيرةُ الجُثّةِ القصيرةُ الجُبَّةِ التي لا تكاد
تَنْبُت ولا تَنْمي، يقال: إِنما هي قِشَّةٌ.
والقَشُّ: رَدِيءُ التمر نحو الدَّقَل، عُمانِيّة؛ قال:
يا مُقْرِضاً قَشّاً ويُقْضَى بَلْعَقا
والبَلْعَقُ مذكور في موضعه، وجمعه قُشُوشٌ. وقَشَّ الرجل من مَرَضِه
يَقشُّ قُشُوشاً وتقَشْقَشَ: بَرأَ. قال ابن السكيت: يقال للقَرْح
والجُدَرِيّ إِذا يَبِس وتَقَرَّفَ وللجَرَب في الإِبل إِذا قَفَل: قد تَوَسَّفَ
جلدُه وتقَشَّر جلْدُه وتقَشْقَشَ جلدُه. والقَشْقَشَةُ: تَهيُّؤُُ
البُرْء وقد تقَشْقَشَ. وتَقَشْقَشَ الجُرْحُ: تَقَرَّفَ قَرْحُه
للبُرْء.والمُقَشْقِشَتان: قل هو اللَّه أَحد، وقل أَعوذ برب الناس، لأَنهما
كانا يُبْرَأُ بهما من النفاق؛ قال أَبو عبيد: كما يُقَشْقِشُ الهِنَاءُ
الجرَبَ فيُبْرِئُه، وقيل: هما: قل يا أَيها الكافرون، وقل هو اللَّه أَحد؛
وفي الحديث كان يقال لسورتي: قل هو اللَّه أَحد، وقل يا أَيها الكافرون،
المُقَشْقِشَتان، سُمِّيتا مُقَشْقِشَتَين لأَنهما تُبرِئان من الشرك
والنفاق إِبراءَ المريضِ من علَّته. قال أَبو عبيدة: إِذا بَرَأَ الرجل من
عِلّته قيل: قد تَقَشْقَشَ، والعرب تقول للراتع الذي يلقُطُ الشيء الحقيرَ
من الطعام فيأْكله: القَشّاشُ والرمّامُ، وقد قَشَّ يَقُشُّ قَشّاً.
والقَشُّ: أَكْلُ كِسَرِ السؤال. والقَشُّ: أَكلُ ما على المزابِل مما
يُلْقِيه الناسُ. وصُوفةُ الهِناءِ إِذا عَلِقَ بها الهِناءُ ودُلِك بها
البعيرُ وأُلقِيَت، فهي قِشَّةٌ.
والقَشْقَشةُ: حكايةُ الصوت قبل الهَدير في مَخْض الشَقْشِقةِ قبل أَن
يَزْغَدَ البَكْرُ بالهدير. قال الأَزهري: الذي قاله الليث في القَشْقَشةِ
أَنه الصوت قبل الهدير فهو الكشْكَشةُ، بالكاف، وهو الكَشِيشُ، فإِذا
ارتفع قليلاً فهو الكَتِيتُ. والقَشْقَشةُ: نَشِيشُ اللحم في النار.
والقِشْقِشةُ: ثمرةُ أُمّ غَيْلان، والجمع قِشْقِش.
شرف: الشَّرَفُ: الحَسَبُ بالآباء، شَرُفَ يَشْرُفُ شَرَفاً وشُرْفَةً
وشَرافةً، فهو شريفٌ، والجمع أَشْرافٌ. غيره: والشَّرَفُ والمَجْدُ لا
يكونانِ إلا بالآباء. ويقال: رجل شريفٌ ورجل ماجدٌ له آباءٌ متقدِّمون في
الشرَف. قال: والحسَبُ والكَرَمُ يكونانِ وإن لم يكن له آباء لهم شَرَفٌ.
والشَّرَفُ: مصدر الشَّريف من الناس. وشَريفٌ وأَشْرافٌ مثل نَصِيرٍ
وأَنْصار وشَهِيد وأَشْهادٍ، الجوهري: والجمع شُرَفاء وأَشْرافٌ، وقد شَرُفَ،
بالضم، فهو شريف اليوم، وشارِفٌ عن قليل أَي سيصير شريفاً؛ قال الجوهري:
ذكره الفراء. وفي حديث الشعبي: قيل للأَعمش: لمَ لمْ تَسْتَكْثِر من
الشعبي؟ قال: كان يَحْتَقِرُني كنت آتِيه مع إبراهيم فَيُرَحِّبُ به ويقول
لي: اقْعُدْ ثَمَّ أَيـُّها العبدُ ثم يقول:
لا نَرْفَعُ العبدَ فوق سُنَّته،
ما دامَ فِينا بأَرْضِنا شَرَفُ
أَي شريف. يقال: هو شَرَفُ قومه وكَرَمُهم أَي شَريفُهُم وكَريمهم،
واستعمل أَبو إسحق الشَّرَفَ في القرآن فقال: أَشْرَفُ آيةٍ في القرآن آيةُ
الكرسي.
والمَشْرُوفُ: المفضول. وقد شَرَفه وشَرَفَ عليه وشَرَّفَه: جعل له
شَرَفاً؛ وكل ما فَضَلَ على شيء، فقد شَرَفَ. وشارَفَه فَشَرَفَه يَشْرُفه:
فاقَه في الشرفِ؛ عن ابن جني. وَشَرفْتُه أَشْرُفه شَرْفاً أَي غَلَبْته
بالشرَفِ، فهو مَشْرُوف، وفلان أَشْرَفُ منه. وشارَفْتُ الرجل: فاخرته
أَيـُّنا أَشْرَفُ. وفي الحديث: أَن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، قال: ما
ذِئبان عادِيانِ أَصابا فَريقة غَنَمٍ بأَفْسَدَ فيها من حُبِّ المرء
المالَ والشَّرَفَ لِدِينه؛ يريد أَنه يَتَشَرَّفُ للمُباراةِ والمُفاخَرةِ
والمُساماةِ. الجوهري: وشَرَّفَه اللّه تَشْريفاً وتَشَرَّفَ بكذا أَي
عَدَّه شَرَفاً، وشَرَّفَ العظْمَ إذا كان قليل اللحم فأَخذ لحمَ عظم آخرَ
ووضَعَه عليه؛ وقول جرير:
إذا ما تَعاظَمْتُمْ جُعُوراً، فَشَرِّفُوا
جَحِيشاً، إذا آبَتْ من الصَّيْفِ عِيرُها
قال ابن سيده: أَرى أَنَّ معناه إذا عَظُمَتْ في أَعينكم هذه القبيلة من
قبائلكم فزيدوا منها في جَحِيش هذه القبيلة القليلة الذليلة، فهو على
نحو تَشْريفِ العظْمِ باللَّحم.
والشُّرْفةُ: أَعلى الشيء. والشَّرَفُ: كالشُّرْفةِ، والجمع أَشْرافٌ؛
قال الأَخطل:
وقد أَكل الكِيرانُ أَشْرافَها العُلا،
وأُبْقِيَتِ الأَلْواحُ والعَصَبُ السُّمْرُ
ابن بزرج: قالوا: لك الشُّرْفةُ في فُؤَادي على الناس.
شمر: الشَّرَفُ كل نَشْزٍ من الأَرض قد أَشْرَفَ على ما حوله، قادَ أَو
لم يَقُد، سواء كان رَمْلاً أَو جَبَلاً، وإنما يطول نحواً من عشْر
أَذرُع أَو خمس، قَلَّ عِرَضُ طهره أَو كثر. وجبل مُشْرِفٌ: عالٍ. والشَّرَفُ
من الأَرض: ما أَشْرَفَ لك. ويقال: أَشْرَفَ لي شَرَفٌ فما زِلْتُ
أَرْكُضُ حتى علوته؛ قال الهذلي:
إذا ما اشْتَأَى شَرَفاً قَبْلَه
وواكَظَ، أَوْشَكَ منه اقْتِرابا
الجوهري: الشَّرَفُ العُلُوُّ والمكان العالي؛ وقال الشاعر:
آتي النَّدِيَّ فلا يُقَرَّبُ مَجْلِسي،
وأَقُود للشَّرَفِ الرَّفِيعِ حِماري
يقول: إني خَرِفْت فلا يُنتفع برَأْيي، وكبِرْت فلا أَستطيع أَن أَركب
من الأَرض حماري إلا من مكان عال. الليث: المُشْرَفُ المكان الذي تُشْرِفُ
عليه وتعلوه. قال: ومَشارِفُ الأَرض أَعاليها. ولذلك قيل: مَشارِفُ
الشَّامِ. الأَصمعي: شُرْفةُ المال خِيارُه، والجمع الشُّرَفُ. ويقال: إني
أَعُدُّ إتْيانَكم شُرْفةً وأَرى ذلك شُرْفةً أَي فَضْلاً وشَرَفاً.
وأَشْرافُ الإنسان: أُذُناه وأَنـْفُه؛ وقال عديّ:
كَقَصِير إذ لم يَجِدْ غير أَنْ جَدْ
دَعَ أَشْرافَه لمَكْر قَصِير
ابن سيده: الأَشْرافُ أَعلى الإنسانِ، والإشرافُ: الانتصابُ. وفرس
مُشْتَرِفٌ أَي مُشْرِفُ الخَلْق. وفرس مُشْتَرِفٌ: مُشْرِفُ أَعالي العظام.
وأَشْرَف الشيءَ وعلى الشيء: عَلاه. وتَشَرَّفَ عليه: كأَشْرَفَ.
وأَشْرَفَ الشيءُ: علا وارتفع. وشَرَفُ البعير: سَنامه، قال الشاعر:
شَرَفٌ أَجَبُّ وكاهِلٌ مَجْزُولُ
وأُذُن شَرْفاء أَي طويلة. والشَّرْفاء من الآذان: الطويلة القُوفِ
القائمة المُشْرِفةُ وكذلك الشُّرافِيَّة، وقيل: هي المنتصبة في طول، وناقة
شَرْفاء وشُرافِيَّةٌ: ضَخْمةُ الأُذنين جسيمة، وضَبٌّ شُرافيٌّ كذلك،
ويَرْبُوعٌ شُرافيّ؛ قال:
وإني لأَصْطادُ اليَرابيعَ كُلَّها:
شُرافِيَّها والتَّدْمُريَّ المُقَصِّعا
ومنكب أَشْرَفُ: عال، وهو الذي فيه ارتفاع حَسَنٌ وهو نقِيض الأَهدإِ.
يقال منه: شَرِفَ يَشْرَفُ شَرَفاً، وقوله أَنشده ثعلب:
جَزى اللّهُ عَنَّا جَعْفَراً، حين أَشْرَفَتْ
بنا نَعْلُنا في الواطِئين فَزَلَّتِ
لم يفسره وقال: كذا أَنشدَناه عمر بن شَبَّة، وقال: ويروى حين
أَزْلَفَتْ؛ قال ابن سيده: وقوله هكذا أَنشدناه تَبَرُّؤٌ من الرواية.
والشُّرْفةُ: ما يوضع على أَعالي القُصور والمدُن، والجمع شُرَفٌ.
وشَرَّفَ الحائطَ: جعل له شُرْفةً. وقصر مُشَرَّفٌ: مطوَّل.
والمَشْرُوف: الذي قد شَرَفَ عليه غيره، يقال: قد شَرَفَه فَشَرَفَ عليه. وفي حديث
ابن عباس: أُمِرْنا أَن نَبْني المَدائِنَ شُرَفاً والمساجِدَ جُمّاً؛
أَراد بالشُّرَفِ التي طُوّلت أَبْنِيَتُها بالشُّرَفِ، الواحدة شُرْفةٌ،
وهو على شَرَفِ أَمر أَي شَفًى منه. والشَّرَفُ: الإشْفاء على خَطَر من خير
أَو شر.
وأَشْرَفَ لك الشيءُ: أَمْكَنَك. وشارَفَ الشيءَ: دنا منه وقارَبَ أَن
يَظْفَرَ به. ويقال: ساروا إليهم حتى شارَفُوهم أَي أَشْرَفُوا عليهم.
ويقال: ما يُشْرِفُ له شيء إلا أَخذه، وما يُطِفُّ له شيء إلا أَخذه، وما
يُوهِفُ له شيء إلا أَخذه. وفي حديث عليّ، كرم اللّه وجهه: أُمِرْنا في
الأَضاحي أَن نَسْتَشْرفَ العين والأُذن؛ معناه أَي نتأَمل سلامتهما من آفةٍ
تكون بهما، وآفةُ العين عَوَرُها، وآفة الأُذن قَطْعها، فإذا سَلِمَت
الأُضْحِية من العَوَر في العين والجَدْعِ في الأَذن جاز أَن يُضَحَّى بها،
إذا كانت عَوْراء أَو جَدْعاء أَو مُقابَلَةً أَو مُدابَرَةً أَو
خَرْقاء أَو شَرْقاء لم يُضَحَّ بها، وقيل: اسْتِشْرافُ العين والأُذن أَن
يطلبهما شَريفَيْن بالتمام والسلامة، وقيل: هو من الشُّرْفةِ وهي خِيارُ
المال أَي أُمِرْنا أَن نتخيرها. وأَشْرَفَ على الموت وأَشْفى: قارَبَ.
وتَشَرَّفَ الشيءَ واسْتَشْرَفه: وضع يده على حاجِبِه كالذي يَسْتَظِلُّ من
الشمس حتى يُبْصِرَه ويَسْتَبِينَه؛ ومنه قول ابن مُطَيْر:
فَيا عَجَباً للناسِ يَسْتَشْرِفُونَني،
كأَنْ لم يَرَوا بَعْدي مُحِبّاً ولا قبْلي
وفي حديث أَبي طلحة، رضي اللّه عنه: أَنه كان حسَنَ الرمْي فكان إذا رمى
اسْتَشْرَفَه النبي، صلى اللّه عليه وسلم، لينظر إلى مَواقِعِ نَبْله
أَي يُحَقِّقُ نظره ويَطَّلِعُ عليه. والاسْتِشْرافُ: أَن تَضَع يدك على
حاجبك وتنظر، وأَصله من الشرَف العُلُوّ كأَنه ينظر إليه من موضع مُرْتَفِع
فيكون أَكثر لإدراكه. وفي حديث أَبي عبيدة: قال لعمر، رضي اللّه عنهما،
لما قَدِمَ الشامَ وخرج أَهلُه يستقبلونه: ما يَسُرُّني أَن أَهلَ هذا
البلد اسْتَشْرَفُوك أَي خرجوا إلى لقائك، وإنما قال له ذلك لأن عمر، رضي
اللّه عنه، لما قدم الشام ما تَزَيَّا بِزِيِّ الأُمراء فخشي أَن لا
يَسْتَعْظِمُوه. وفي حديث الفِتَن: من تَشَرَّفَ لها اسْتَشْرَفَتْ له أَي من
تَطَلَّعَ إليها وتَعَرَّضَ لها واتَتْه فوقع فيها. وفي الحديث: لا
تُشْرِفْ يُصِبْك سهم أَي لا تَتَشَرَّفْ من أَعْلى الموضع؛ ومنه الحديث: حتى
إذا شارَفَتِ انقضاء عدّتها أَي قَرُبَت منها وأَشْرَفَت عليها. وفي
الحديث عن سالم عن أَبيه: أَن رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، كان يُعْطِي
عُمَر العطاء فيقول له عمر: يا رسولَ اللّه أَعْطِه أَفْقَرَ إليه مني،
فقال له رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم: خُذْه فتَمَوَّلْه أَو
تَصَدَّقْ به، وما جاءك من هذا المال وأَنتَ غيرُ مُشْرِفٍ له ولا سائل فخذه وما
لا فلا تُتْبِعْه نفسَك، قال سالم: فمن أجل ذلك كان عبد اللّه لا
يَسْأَلُ أحداً شيئاً ولا يُرُدُّ شيئاً أُعْطِيَه؛ وقال شمر في قوله وأَنت غير
مُشْرِفٍ له قال: ما تُشْرِفُ عليه وتَحَدَّثُ به نفسك وتتمناه؛ وأَنشد:
لقد عَلِمْتُ، وما الإشْرافُ من طَمَعي،
أَنَّ الذي هُو رِزْقي سَوْفَ يأْتيني
(* قوله «من طمعي» في شرح ابن هشام لبانت سعاد: من خلقي.)
وقال ابن الأَعرابي: الإشْرافُ الحِرْصُ. وروي في الحديث: وأَنتَ غيرُ
مُشْرِفٍ له أَو مُشارِفٍ فخذه. وقال ابن الأعرابي: اسْتَشْرَفَني حَقّي
أَي ظَلمَني؛ وقال ابن الرِّقاع:
ولقد يَخْفِضُ المُجاوِرُ فيهمْ،
غيرَ مُسْتَشْرَفٍ ولا مَظْلوم
قال: غيرَ مُسْتَشْرَف أَي غيرَ مظلوم. ويقال: أَشْرَفْتُ الشيءَ
عَلَوْتُه، وأَشْرَفْتُ عليه: اطَّلَعْتُ عليه من فوق، أَراد ما جاءك منه وأَنت
غيرُ مُتَطَلِّع إليه ولا طامِع فيه، وقال الليث: اسْتَشْرَفْتُ الشيءَ
إذا رَفَعْتَ رأْسَك أَو بصَرك تنظر إليه. وفي الحديث: لا يَنْتَهِبُ
نُهْبةً ذاتَ شَرَفٍ وهو مؤمِنٌ أَي ذاتَ قَدْر وقِيمة ورِفْعةٍ يرفع الناسُ
أَبصارهم للنظر إليها ويَسْتَشْرفونها. وفي الحديث: لا تَشَرَّفُوا
(*
قوله «لا تشرفوا» كذا بالأصل، والذي في النهاية: لا تستشرفوا.) للبلاء؛
قال شمر: التَّشَرُّف للشيء التَّطَلُّعُ والنظرُ إليه وحديثُ النفْسِ
وتَوَقُّعُه؛ ومنه: فلا يَتَشَرَّفُ إبلَ فلان أَي يَتَعَيَّنُها. وأَشْرَفْت
عليه: اطَّلَعْتُ عليه من فوق، وذلك الموضع مُشْرَفٌ. وشارَفْتُ الشيء
أَي أَشْرَفْت عليه. وفي الحديث: اسْتَشْرَفَ لهم ناسٌ أَي رفعوا رؤُوسَهم
وأَبصارَهم؛ قال أَبو منصور في حديث سالم: معناه وأَنت غير طامع ولا
طامِحٍ إليه ومُتَوَقِّع له. وروي عن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، أَنه قال:
من أَخَذَ الدنيا بإشرافِ نفْس لم يُبارَك له فيها، ومن أَخذها بسخاوةِ
نَفْس بُورِك له فيها، أَي بحرْصٍ وطَمَعٍ. وتَشَرَّفْتُ المَرْبَأَ
وأَشْرَفْتُه أَي علوته؛ قال العجاج:
ومَرْبَإٍ عالٍ لِمَن تَشَرَّفا،
أَشْرَفْتُه بلا شَفًى أَو بِشَفى
قال الجوهري: بلا شَفًى أَي حين غابت الشمس، أَو بشَفًى أَي بقِيَتْ من
الشمس بقِيّة. يقال عند غروب الشمس: ما بَقِيَ منها إلا شَفًى.
واسْتَشْرَفَ إبلَهم: تَعَيَّنَها ليُصِيبها بالعين.
والشارِفُ من الإبل: المُسِنُّ والمُسِنَّةُ، والجمع شَوارِفُ وشُرَّفٌ
وشُرُفٌ وشُرُوفٌ، وقد شَرُفَتْ وشَرَفَتْ تَشْرُف شُرُوفاً. والشارِفُ:
الناقةُ التي قد أَسَنَّتْ. وقال ابن الأعرابي: الشارِفُ الناقة
الهِمّةُ، والجمع شُرْفٌ وشَوارِفُ مثل بازِلٍ وبُزْلٍ، ولا يقال للجمل شارِفٌ؛
وأَنشد الليث:
نَجاة من الهُوجِ المَراسِيلِ هِمَّة،
كُمَيْت عليها كَبْرةٌ، فهي شارفُ
وفي حديث عليّ وحَمْزة، عليهما السلام:
أَلا يا حَمْزَ للشُّرُفِ النِّواء،
فَهُنَّ مُعَقَّلاتٌ بالفِناء
هي جمع شارِفٍ وتضمُّ راؤُها وتسكن تخفيفاً، ويروى ذا الشرَف، بفتح
الراء والشين، أَي ذا العَلاء والرِّفْعةِ. وفي حديث ابن زمْل: وإذا أَمام
ذلك ناقةٌ عَجْفاء شارِفٌ؛ هي المُسِنّةُ. وفي الحديث: إذا كان كذا وكذا
أَنى أَن يَخْرُجَ بكم الشُّرْفُ الجُونُ، قالوا: يا رسول اللّه وما
الشُّرْفُ الجُون؟ قال: فِتَنٌ كقِطْعِ الليلِ المُظْلمِ؛ قال أَبو بكر:
الشُّرْفُ جمع شارِفٍ وهي الناقة الهَرِمةُ، شبَّه الفِتَنَ في اتِّصالها
وامْتِداد أَوقاتها بالنُّوق المُسِنَّة السُّود، والجُونُ: السود؛ قال ابن
الأَثير: هكذا يروى بسكون الراء
(* قوله «يروى بسكون الراء» في القاموس:
وفي الحديث أتتكم الشرف الجون بضمتين.) وهي جمع قليل في جمع فاعل لم يَردْ
إلا في أَسماء معدودة، وفي رواية أُخرى: الشُّرْقُ الجُون، بالقاف، وهو
جمع شارِق وهو الذي يأْتي من ناحية المَشْرِق، وشُرْفٌ جمع شارِفٍ نادر لم
يأْت مثلَه إلا أَحرف معدودة: بازِلٌ وبُزْلٌ وحائلٌ وحُولٌ وعائذٌ
وعُوذٌ وعائطٌ وعُوطٌ. وسهم شارِفٌ: بعيد العهد بالصِّيانةِ، وقيل: هو الذي
انْتَكَثَ رِيشُه وعَقَبُه، وقيل: هو الدقيق الطويل. غيره: وسهم شارِفٌ
إذا وُصِف بالعُتْق والقِدَم؛ قال أَوس بن حجر:
يُقَلِّبُ سَهْماً راشَه بمَناكِبٍ
ظُهار لُؤامٍ، فهو أَعْجَفُ شارِفُ
الليث: يقال أَشْرَفَتْ علينا نفْسُه، فهو مُشْرِفٌ علينا أَي مُشْفِقٌ.
والإشْرافُ: الشَّفَقة؛ وأَنشد:
ومن مُضَرَ الحَمْراء إشْرافُ أَنْفُسٍ
علينا، وحَيّاها إلينا تَمَضُّرا
ودَنٌّ شارِفٌ: قدِيمُ الخَمْر؛ قال الأَخطل:
سُلافةٌ حَصَلَتْ من شارِفٍ حَلِقٍ،
كأَنـَّما فارَ منها أَبْجَرٌ نَعِرُ
وقول بشر:
وطائرٌ أَشْرَفُ ذو خُزْرةٍ،
وطائرٌ ليس له وَكْرُ
قال عمرو: الأَشْرفُ من الطير الخُفّاشُ لأَنَّ لأُذُنيه حَجْماً
ظاهراً، وهو مُنْجَرِدٌ من الزِّفِّ والرِّيش، وهو يَلِدُ ولا يبيض، والطير
الذي ليس له وكر طير يُخبِر عنه البحريون أَنه لا يَسْقط إلا ريثما يَجْعَلُ
لبَيْضِه أُفْحُوصاً من تراب ويُغَطِّي عليه ثم يَطِيرُ في الهواء وبيضه
يتفَقَّس من نفسه عند انتهاء مدته، فإذا أَطاق فَرْخُه الطيَران كان
كأَبوَيه في عادتهما. والإشْرافُ: سُرعةُ عَدْوِ الخيل. وشَرَّفَ الناقةَ:
كادَ يَقْطَعُ أَخلافها بالصَّرّ؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
جَمَعْتُها من أَيْنُقٍ غِزارِ،
من اللَّوا شُرِّفْنَ بالصِّرارِ
أَراد من اللواتي، وإنما يُفعل بها ذلك ليَبْقى بُدْنُها وسِمَنُها
فيُحْمَل عليها في السنة المُقْبلة. قال ابن الأَعرابي: ليس من الشَّرَف ولكن
من التشريف، وهو أَن تَكادَ تقطع أَخْلافها بالصِّرار فيؤثِّر في
أَخْلافِها؛ وقول العجاج يذكر عَيْراً يَطْرُد أُتُنه:
وإنْ حَداها شَرَفاً مُغَرِّبا،
رَفَّهَ عن أَنـْفاسِه وما رَبا
حَداها: ساقها، شرفاً أَي وجْهاً. يقال: طَرَده شرَفاً أَو شَرَفَين،
يريد وجْهاً أَو وجْهَين؛ مُغَرِّباً: مُتَباعداً بعيداً؛ رَفَّهَ عن
أَنفاسه أَي نَفَّسَ وفرَّجَ. وعَدا شَرَفاً أَو شَرَفَينِ أَي شَوْطاً أَو
شَوْطَيْنِ. وفي حديث الخيل: فاسْتَنَّتْ شَرَفاً أو شَرَفين؛ عَدَتْ
شَوْطاً أَو شَوْطَيْن.
والمَشارِفُ: قُرًى من أَرض اليمن، وقيل: من أَرض العرب تَدْنُو من
الرِّيف، والسُّيُوفُ المَشْرَفِيّةُ مَنْسوبة إليها. يقال: سَيفٌ مَشْرَفيّ،
ولا يقال مَشارِفيٌّ لأَن الجمع لا يُنسب إليه إذا كان على هذا الوزن،
لا يقال مَهالِبيّ ولا جَعَافِرِيٌّ ولا عَباقِرِيٌّ. وفي حديث سَطِيح:
يسكن مَشارِفَ الشام؛ هي كل قرية بين بلاد الرِّيفِ وبين جزيرة العرب، قيل
لها ذلك لأَنها أشْرَفَتْ على السواد، ويقال لها أَيضاً المَزارِعُ
والبَراغِيلُ، وقيل: هي القرى التي تَقْرُب من المدن.
ابن الأَعرابي: العُمَرِيَّةُ ثياب مصبوغة بالشَّرَفِ، وهو طين أَحمر.
وثوب مُشَرَّفٌ: مصبوغ بالشَّرَف؛ وأَنشد:
أَلا لا تَغُرَّنَّ امْرَأً عُمَرِيّةٌ،
على غَمْلَجٍ طالَتْ وتَمَّ قَوامُها
ويقال شَرْفٌ وشَرَفٌ للمَغْرةِ. وقال الليث: الشَّرَفُ له صِبْغٌ أَحمر
يقال له الدّارْبَرْنَيان؛ قال أَبو منصور: والقول ما قال ابن الأعرابي
في المُشَرَّفِ. وفي حديث عائشة: أَنها سُئِلَتْ عن الخِمار يُصْبَغُ
بالشَّرْف فلم ترَ به بأْساً؛ قال: هو نبت أَحمر تُصْبَغ به الثياب.
والشُّرافيُّ: لَوْنٌ من الثياب أَبيض.
وشُرَيفٌ: أَطولُ جبل في بلاد العرب. ابن سيده: والشُّرَيْف جبل تزعم
العرب أَنه أَطول جبل في الأَرض. وشَرَفٌ: جبل آخرُ يقرب منه. والأَشْرَفُ:
اسم رجل: وشِرافُ وشَرافِ مَبْنِيَّةً: اسم ماء بعينه. وشَراف: موضع؛ عن
ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
لقد غِظْتَني بالحَزْمِ حَزْمِ كُتَيْفةٍ،
ويومَ الْتَقَيْنا من وراء شَرافِ
(* قوله «غظتني بالحزم حزم» في معجم ياقوت: عضني بالجوّ جوّ.)
التهذيب: وشَرافِ ماء لبني أَسد. ابن السكيت: الشَّرَفُ كَبِدُ نَجْدٍ،
قال: وكانت الملوك من بني آكِل المُرار تَنزِلُها، وفيها حِمَى ضَرِيّةَ،
وضرِيّة بئر، وفي الشرف الرَّبَذةُ وهي الحِمَى الأَيمنُ، والشُّرَيْفُ
إلى جنبه، يَفْرُق بين الشرَف والشُّريفِ وادٍ يقال له التَّسْرِيرُ، فما
كان مُشَرِّقاً فهو الشُّرَيْف، وما كان مغرِّياً، فهو الشرَفُ؛ قال
أَبو منصور: وقولُ ابن السكّيت في الشرَف والشُّريف صحيح. وفي حديث ابن
مسعود، رضي اللّه عنه: يُوشِكُ أَن لا يكونَ بين شَرافِ وأَرضِ كذا جَمَّاءُ
ولا ذاتُ قَرْن؛ شَرافِ: موضع، وقيل: ماء لبني أَسد. وفي الحديث: أَن عمر
حمى الشَّرَفَ والرَّبَذَةَ؛ قال ابن الأَثير: كذا روي بالشين وفتح
الراء، قال: وبعضهم يرويه بالمهملة وكسر الراء. وفي الحديث: ما أُحِبُّ أَن
أَنْفُخَ في الصلاة وأَن لي مَمَرَّ الشرَفِ. والشُّرَيْفُ، مُصَغّر: ماء
لبني نُمير. والشاروفُ: جبل، وهو موَلَّد. والشاروفُ: الــمِكْنَسةُ، وهو
فارسيٌّ معرَّب. وأَبو الشَّرفاء: من كُناهم؛ قال:
أَنا أَبو الشَّرْفاء مَنَّاعُ الخَفَرْ
أَراد مَنّاع أَهل الخفر.
شرب: الشَّرْبُ: مصدر شَرِبْتُ أَشْرَبُ شَرْباً وشُرْباً. ابن سيده: شَرِبَ الماءَ وغيره شَرْباً وشُرْباً وشِرْباً؛ ومنه قوله تعالى: فشارِبون عليه من الـحَميمِ فشارِبون شُرْبَ الـهِـيمِ؛ بالوجوه الثلاثة. قال سعيد بن يحيـى الأُموي: سمعت أَبا جريج يقرأُ: فشارِبون شَرْبَ الـهِـيمِ؛ فذكرت ذلك لجعفر بن محمد، فقال: وليست كذلك، إِنما هي: شُرْب الـهِـيمِ؛ قال الفراء: وسائر القراء يرفعون الشين. وفي حديث أَيـّامِ التَّشْريق: إِنها أَيامُ أَكل وشُربٍ؛ يُروى بالضم والفتح، وهما بمعنى؛ والفتح أَقل اللغتين، وبها قرأَ أَبو عمرو: شَرْب الـهِـيمِ؛ يريد أَنها أَيام لا يجوز صَومُها، وقال أَبو عبيدة: الشَّرْبُ، بالفتح، مصدر، وبالخفض والرفع، اسمان من شَرِبْتُ. والتَّشْرابُ: الشُّرْبُ؛ فأَما قول أَبي ذؤيب:
شَرِبنَ بماءِ البحرِ، ثم تَرَفَّعَتْ، * مَتى حَبَشِـيَّاتٍ، لَـهُنَّ نئِـيجُ(1)
(1 قوله «متى حبشيات» هو كذلك في غير نسخة من المحكم.)
فإِنه وصفَ سَحاباً شَرِبنَ ماء البحر، ثم تَصَعَّدْنَ، فأَمْطَرْن
ورَوَّيْنَ؛ والباء في قوله بماء البحر زائدة، إِنما هو شَرِبنَ ماء البحر؛ قال ابن جني: هذا هو الظاهر من الحالِ، والعُدُولُ عنه تَعَسُّفٌ؛ قال: وقال بعضهم شَرِبنَ مِن ماء البحر، فأَوْقَع الباء مَوْقِـعَ من؛ قال: وعندي أَنه لما كان شَرِبنَ في معنى رَوِينَ، وكان رَوِينَ مما يتعدَّى بالباءِ، عَدَّى شَرِبنَ بالباءِ، ومثله كثير؛ منه ما مَضَى، ومنه ما
سيأْتي، فلا تَسْتَوْحِش منه.
والاسم: الشِّرْبةُ، عن اللحياني؛ وقيل: الشَّرْبُ المصدر، والشِّرْبُ
الاسم. والشِّرْبُ: الماء، والجمع أَشرابٌ.
والشَّرْبةُ من الماءِ: ما يُشْرَبُ مَرَّةً. والشَّرْبةُ أَيضاً: المرةُ الواحدة من الشُّرْبِ.
والشِّرْبُ: الـحَظُّ من الماءِ، بالكسر. وفي المثل: آخِرُها أَقَلُّها
شِرْباً؛ وأَصلُهُ في سَقْيِ الإِبل، لأَنَّ آخِرَها يرد، وقد نُزِفَ
الحوْضُ؛ وقيل: الشِّرْبُ هو وقتُ الشُّرْبِ. قال أَبو زيد: الشِّرْبُ
الـمَوْرِد، وجمعه أَشْرابٌ. قال: والـمَشْرَبُ الماء نَفسُه.
والشَّرابُ: ما شُرِب من أَيِّ نوْعٍ كان، وعلى أَيّ حال كان. وقال أَبو حنيفة: الشَّرابُ، والشَّرُوبُ، والشَّرِيبُ واحد، يَرْفَع ذلك إِلى أَبي زيد.
ورَجلٌ شارِبٌ، وشَرُوبٌ وشَرّابٌ وشِرِّيبٌ: مُولَع بالشَّرابِ،
كخِمِّيرٍ. التهذيب: الشَّرِيبُ الـمُولَع بالشَّراب؛ والشَّرَّابُ: الكثيرُ
الشُّرْبِ؛ ورجل شَروبٌ: شديدُ الشُّرْب. وفي الحديث: مَن شَرِبَ الخَمْرَ في الدنيا، لم يَشْرَبها في الآخرة؛ قال ابن الأَثير: هذا من باب التَّعْلِـيقِ في البيان؛ أَراد: أَنه لم يَدْخُلِ الجنَّةَ، لأَنَّ الجنةَ شرابُ أَهلِها الخمْرُ، فإِذا لم يَشْرَبْها في الآخرة، لم يَكن قد دَخَلَ
الجنةَ.والشَّرْبُ والشُّرُوبُ: القَوم يَشْرَبُون، ويجْتَمعون على الشَّراب؛ قال ابن سيده: فأَما الشَّرْبُ، فاسم لجمع شارِب، كرَكْبٍ ورَجْلٍ؛ وقيل: هو جمع. وأَما الشُّروب، عندي، فجمع شاربٍ، كشاهدٍ وشُهودٍ، وجعله ابن الأَعرابي جمع شَرْبٍ؛ قال: وهو خطأٌ؛ قال: وهذا مـمَّا يَضِـيقُ عنه عِلْمُه لجهله بالنحو؛ قال الأَعشى:
هو الواهِبُ الـمُسْمِعاتِ الشُّرُو * بَ، بَين الـحَريرِ وبَينَ الكَتَنْ
وقوله أَنشده ثعلب:
يَحْسَبُ أَطْمَاري عَليَّ جُلُبا، * مِثلَ الـمَنادِيلِ، تُعاطَى الأَشرُبا(1)
(1 قوله «جلبا» كذا ضبط بضمتين في نسخة من المحكم.)
يكون جمع شَرْبٍ، كقول الأَعشى:
لها أَرَجٌ، في البَيْتِ، عالٍ، كأَنما * أَلمَّ بهِ، مِن تَجْرِ دارِينَ، أَرْكُبُ
فأَرْكُبٌ: جمع رَكْبٍ، ويكون جمع شَارِبٍ وراكِبٍ، وكلاهما نادر، لأَنَّ سيبويه لم يذكر أَن فاعلاً قد يُكَسَّر على أَفْعُلٍ.
وفي حديث علي وحمزة، رضي اللّه عنهما: وهو في هذا البيت في شَرْبٍ من الأَنصار؛ الشَّرْبُ، بفتح الشين وسكون الراء: الجماعة يَشْرَبُونَ الخمْر.التهذيب، ابن السكيت: الشِّرْبُ: الماءُ بعَينهِ يُشْرَبُ. والشِّرْبُ: النَّصِـيبُ من الماء.
والشَّرِيبةُ من الغنم: التي تُصْدِرُها إِذا رَوِيَتْ، فتَتْبَعُها الغَنمُ، هذه في الصحاح؛ وفي بعض النسخ حاشيةٌ: الصواب السَّريبةُ، بالسين المهملة. وشارَبَ الرَّجُلَ مُشارَبَةً وشِراباً. شَرِبَ معه، وهو شَرِيبـي؛ قال:
رُبَّ شَرِيبٍ لكَ ذِي حُساسِ، * شِرابُه كالـحَزِّ بالـمَواسي
والشَّرِيبُ: صاحِـبُكَ الذي يُشارِبُكَ، ويُورِدُ إِبلَه معَكَ، وهو
شَرِيبُك؛ قال الراجز:
إِذا الشَّرِيبُ أَخَذَتْه أَكَّهْ، فخلِّه، حتى يَبُكَّ بَكَّهْ
وبه فسر ابن الأَعرابي قوله:
رُبَّ شَرِيب لك ذي حُساس
قال: الشَّرِيبُ هنا الذي يُسْقَى مَعَك. والـحُساسُ: الشُّؤْم والقَتْلُ؛ يقول: انتِظارُك إِيَّاه على الحوضِ، قَتْلٌ لك ولإِبلِك. قال: وأَما
نحن ففَسَّرْنا الـحُساسَ هنا، بأَنه الأَذَى والسَّوْرةُ في الشَّراب،
وهو شَرِيبٌ، فَعِـيلٌ بمعنى مُفاعِل، مثل نَديم وأَكِـيل.
وأَشْرَبَ الإِبِلَ فَشرِبَتْ، وأَشْرَبَ الإِبل حتى شَرِبَتْ، وأَشْرَبْنَا نحن: رَوِيَتْ إِبلُنا، وأَشْرَبْنا: عَطِشْنا، أَو عَطِشَت إِبلُنا؛ وقوله:
اسْقِنِـي، فإِنَّـنِـي مُشْرِب
رواه ابن الأَعرابي، وفسره بأَنَّ معناه عطشان، يعني نفسه، أَو إِبله.
قال ويروى: فإِنَّكَ مُشْرِب أَي قد وجَدْتَ مَن يَشْرَبُ. التهذيب:
الـمُشْرِبُ العَطْشان. يقال: اسْقِنِي، فإِنِّي مُشْرِب. والـمُشْرِبُ:
الرجُل الذي قد عَطِشَت إِبلُه أَيضاً. قال: وهذا قول ابن الأَعرابي.
قال وقال غيره: رَجل مُشْرِبٌ قد شَرِبَت إِبله. ورجل مُشرِبٌ: حانَ لإِبلِه أَن تَشْرَبَ. قال: وهذا عنده من الأَضداد.
والـمَشْرَبُ: الماء الذي يُشْرَبُ.
والـمَشْرَبةُ: كالـمَشْرَعةِ؛ وفي الحديث: مَلْعُونٌ ملعونٌ مَن أَحاطَ
على مَشْرَبةٍ؛ الـمَشْرَبة، بفتح الراءِ من غير ضم: الموضع الذي يُشْرَبُ منه كالـمَشْرَعةِ؛ ويريد بالإِحاطة تَملُّكَه، ومنعَ غيره منه.
والـمَشْرَبُ: الوجهُ الذي يُشْرَبُ منه، ويكون موضعاً، ويكون مصدراً؛ وأَنشد:
ويُدْعَى ابنُ مَنْجُوفٍ أَمامي، كأَنه * خَصِـيٌّ، أَتَى للماءِ مِنْ غَيْرِ مَشْرَبِ
أَي من غير وجه الشُّرْب؛ والـمَشْرَبُ: شَرِيعةُ النَّهر؛
والـمَشْرَبُ: الـمَشْروبُ نفسُه.
والشَّرابُ: اسم لما يُشْرَبُ. وكلُّ شيء لا يُمْضَغُ، فإِنه يقال فيه:
يُشْرَبُ.
والشَّرُوبُ: ما شُرِبَ. والماء الشَّرُوب والشَّريبُ: الذي بَيْنَ
العَذْبِ والـمِلْح؛ وقيل: الشَّروب الذي فيه شيء من عُذوبةٍ، وقد يَشْرَبُه الناس، على ما فيه. والشَّرِيبُ: دونه في العُذوبةِ، وليس يَشْرَبُه الناس إِلاّ عند ضرورة، وقد تَشْرَبُه البهائم؛ وقيل: الشَّرِيبُ العَذْبُ؛ وقيل: الماء الشَّرُوب الذي يُشْرَبُ. والمأْجُ: الـمِلْحُ؛ قال ابن هرمة:
فإِنَّكَ، بالقَرِيحةِ، عامَ تُمْهى، * شَروبُ الماء، ثم تَعُودُ مَـأْجا
قال: هكذا أَنشده أَبو عبيد بالقَرِيحة، والصواب كالقَرِيحةِ. التهذيب أَبو زيد: الماء الشَّريبُ الذي ليس فيه عُذوبةٌ، وقد يَشْرَبُه الناسُ على ما فيه. والشَّرُوبُ: دُونهُ في العُذوبةِ، وليس يَشْرَبُه الناس إِلاّ عند الضَّرُورة. وقال الليث: ماء شَرِيبٌ وشَرُوب فيه مَرارةٌ ومُلُوحة، ولم يمتنع من الشُّرْب؛ وماء شَرُوبٌ وماء طَعِـيمٌ بمعنى واحد. وفي حديث الشورى: جُرْعةٌ شَرُوبٌ أَنْفَع من عَذْبٍ مُوبٍ؛ الشَّرُوبُ من الماءِ: الذي لا يُشْرَب إِلاّ عند الضرورة، يستوي فيه المذكر والمؤَنث، ولهذا وصف به الجُرْعةَ؛ ضرب الحديث
مثلاً لرجلين: أَحدهما أَدْوَنُ وأَنفعُ، والآخر أَرفعُ وأَضرُّ. وماءٌ مُشْرِبٌ: كَشَروبٍ.
ويقال في صِفَةِ بَعِيرٍ: نِعْمَ مُعَلَّقُ الشَّرْبةِ هذا؛ يقول: يكتفي إِلى منزله الذي يريدُ بشَرْبةٍ واحدة، لا يَحْتاجُ إِلى أُخرى.
وتقول: شَرَّبَ مالي وأَكَّـلَه أَي أَطْعَمه الناسَ وسَقاهُم به؛ وظَلَّ مالي يُؤَكَّل ويُشَرَّب أَي يَرْعَى كيف شاءَ.
ورجل أُكَلةٌ وشُرَبةٌ، مثال هُمَزةٍ: كثير الأَكل والشُّرب، عن ابن
السكيت.
ورجلٌ شَرُوبٌ: شديدُ الشُّرْبِ، وقومٌ شُرُبٌ وشُرَّبٌ.
ويومٌ ذو شَرَبةٍ: شديدُ الـحَرِّ، يُشْرَبُ فيه الماءُ أَكثر مما يُشْرَب على هذا الآخر. وقال اللحياني: لم تَزَلْ به شَرَبَةٌ هذا اليومَ أَي
عَطَشٌ. التهذيب: جاءَت الإِبل وبها شَرَبةٌ أَي عطَش، وقد اشْتَدَّتْ شَرَبَتُها؛ وقال أَبو حنيفة: قال أَبو عمرو إِنه لذو شَرَبةٍ إِذا كان كثير الشُّرب.
وطَعامٌ مَشْرَبةٌ: يُشْرَبُ عليه الماء كثيراً، كما قالوا: شَرابٌ مَسْفَهةٌ.
وطَعامٌ ذو شَرَبة إِذا كان لا يُرْوَى فيه من الماءِ. والـمِشْرَبةُ،
بالكسر: إِناءٌ يُشْرَبُ فيه.
والشَّارِبةُ: القوم الذين مسكنهم على ضَفَّة النهر، وهم الذين لهم ماء ذلك النهر.
والشَّرَبةُ: عَطَشُ المالِ بعدَ الـجَزءِ، لأَنَّ ذلك يَدْعُوها إِلى
الشُّرْب. والشَّرَبةُ، بالتحريك: كالـحُوَيْضِ يُحْفَرُ حولَ النخلةِ
والشجرة، ويُمْلأُ ماء، فيكون رَيَّها، فَتَتَرَوَّى منه، والجمع شَرَبٌ
وشَرَباتٌ؛ قال زهير:
يَخْرُجْنَ مِن شَرَباتٍ، ماؤها طَحِلٌ، * على الجُذوعِ، يَخَفْنَ الغَمَّ والغَرَقا
وأَنشد ابن الأَعرابي:
مِثْلُ النَّخِـيلِ يُرَوِّي، فَرْعَها، الشَّرَبُ
وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: اذْهَبْ إِلى شَرَبةٍ من الشَّرَباتِ، فادْلُكْ رأْسَك حتى تُنَقِّيَه.
الشَّرَبة، بفتح الراءِ: حَوْضٌ يكون في أَصل النخلة وحَوْلَها، يُمْلأُ
ماء لِتَشْرَبه؛ ومنه حديث جابر، رضي اللّه عنه: أَتانا رسولُ اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، فَعَدَلَ إِلى الرَّبِـيع، فتَطَهَّرَ وأَقْبَلَ
إِلى الشَّرَبةِ؛ الرَّبِـيعُ: النهرُ. وفي حديث لَقِـيطٍ: ثم أَشْرَفْتُ عليها، وهي شَرْبةٌ واحدة؛ قال القتيبـي: إِن كان بالسكون، فإِنه أَرادأَن الماء قد كثر، فمن حيث أَردت أَن تشرب شربت، ويروى بالياءِ تحتها نقطتان، وهو مذكور في موضعه.
والشَّرَبةُ: كُرْدُ الدَّبْرَةِ، وهي الـمِسْقاةُ، والجمع من كل ذلك
شَرَباتٌ وشَرَبٌ.
وشَرَّبَ الأَرضَ والنَّخلَ: جَعَلَ لها شَرَباتٍ؛ وأَنشد أَبو حنيفة في
صفة نخل:
مِنَ الغُلْبِ، مِن عِضْدانِ هامةَ شُرِّبَتْ * لِسَقْيٍ، وجُمَّتْ لِلنَّواضِحِ بِئْرُها
وكلُّ ذلك من الشُّرْب.
والشَّوارِبُ مَجاري الماءِ في الـحَلْقِ؛ وقيل: الشَّوارِبُ عُروقٌ في
الـحَلْقِ تَشْرَبُ الماء؛ وقيل: هي عُرُوقٌ لاصِقةٌ بالـحُلْقوم،
وأَسْفَلُها بالرِّئةِ؛ ويقال: بَل مُؤَخَّرُها إِلى الوَتِـين، ولها قَصَبٌ
منه يَخْرُج الصَّوْت؛ وقيل: الشَّوارِبُ مَجاري الماء في العُنُقِ؛ وقيل: شَوارِبُ الفَرَسِ
ناحِـيةُ أَوْداجِه، حيث يُوَدِّجُ البَيْطارُ، واحِدُها، في التقدير، شارِبٌ؛ وحِمارٌ صَخِبُ الشَّوارِبِ، مِن هذا، أَي شَديدُ النَّهِـيقِ. الأَصمعي، في قول أَبي ذؤَيب:
صَخِبُ الشَّوارِب، لا يَزالُ كأَنـَّه * عَبْدٌ، لآلِ أَبي رَبِـيعةَ، مُسْبَعُ
قال: الشَّوارِبُ مَجاري الماءِ في الـحَلْقِ، وإِنما يريد كَثرةَ
نُهاقِه؛ وقال ابن دريد: هي عُرُوقُ باطِن الـحَلْقِ. والشَّوارِبُ: عُرُوقٌ مُحْدِقَةٌ بالـحُلْقُومِ؛ يقال: فيها يَقَعُ الشَّرَقُ؛ ويقال: بل هي
عُرُوق تأْخذ الماء، ومنها يَخْرُج الرِّيقُ. ابن الأَعرابي: الشَّوارِبُ
مَجاري الماءِ في العين؛ قال أَبو منصور: أَحْسَبُه أَرادَ مَجارِيَ الماءِ في العين التي تَفُور في الأَرض، لا مَجارِيَ ماءِ عين الرأْس.
والـمَشْرَبةُ: أَرضٌ لَـيِّـنةٌ لا يَزالُ فيها نَبْتٌ أَخْضَرُ رَيّانُ. والـمَشْرَبةُ والـمَشْرُبَةُ، بالفتح والضم: الغُرْفةُ؛ سيبويه: وهي الـمَشْرَبةُ، جعلوه اسماً كالغُرْفةِ؛ وقيل: هي كالصُّفَّة بين يَدَي الغُرْفةِ.
والـمَشارِبُ: العَلاليُّ، وهو في شعر الأَعشى. وفي الحديث: أَن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، كان في مَشْرَبةٍ له أَي كان في غُرْفةٍ؛ قال: وجمعها مَشْرَباتٌ ومَشارِبُ.
والشارِبانِ: ما سالَ على الفَم من الشَّعر؛ وقيل: إِنما هو الشَّارِبُ، والتثنية خطأٌ. والشَّارِبان: ما طالَ مِن ناحِـيةِ السَّبَلةِ، وبعضهم يُسمِّي السَّبَلةَ كلَّها شارِباً واحداً، وليس بصواب، والجمع شَوارِبُ.
قال اللحياني: وقالوا إِنه لَعَظِـيمُ الشَّواربِ. قال: وهو من الواحد
الذي فُرِّقَ، فَجُعِلَ كلُّ جزءٍ منه شارِباً، ثم جُمِع على هذا. وقد
طَرَّ شارِبُ الغُلامِ، وهما شارِبانِ. التهذيب: الشارِبانِ ما طالَ من ناحِـيةِ السَّبَلةِ، وبذلك سُمِّي شارِبا السيفِ؛ وشارِبا السيفِ: ما
اكْـتَنَفَ الشَّفْرةَ، وهو من ذلك. ابن شميل: الشارِبانِ في السيفِ، أَسْفَلَ القائِم، أَنْفانِ طَويلانِ: أَحدُهما من هذا الجانب، والآخَرُ من هذا الجانِب. والغاشِـيةُ: ما تحتَ الشَّارِبَين؛ والشارِبُ والغاشِيةُ: يكونان من حديدٍ وفِضَّةٍ وأَدَمٍ.
وأَشْرَبَ اللَّونَ: أَشْبَعَه؛ وكلُّ لَوْنٍ خالَطَ لَوْناً آخَر، فقد أُشْرِبَه.
وقد اشْرابَّ: على مِثالِ اشْهابَّ.
والصِّبْغُ يَتَشَرَّبُ في الثوبِ، والثوبُ يَتَشَـرَّبُه أَي يَتَنَشَّفُه.
والإِشْرابُ: لَوْنٌ قد أُشْرِبَ من لَونٍ؛ يقال: أُشْرِبَ الأَبيضُ حُمْرةً أَي عَلاه ذلك؛ وفيه شُرْبةٌ من حُمْرَةٍ أَي إِشْرابٌ.
ورجُل مُشْرَبٌ حُمْرةً، وإِنه لَـمَسْقِـيُّ الدَّم مثله، وفيه شُرْبةٌ من الـحُمْرةِ إِذا كان مُشْرَباً حُمْرَةً وفي صفته، صلى اللّه عليه
وسلم: أَبيضُ مُشْرَبٌ حُمرةً.
(يتبع...)
(تابع... 1): شرب: الشَّرْبُ: مصدر شَرِبْتُ أَشْرَبُ شَرْباً وشُرْباً. ابن سيده:... ...
الإِشْرابُ: خَلْطُ لَوْنٍ بلَوْنٍ. كأَنَّ أَحد اللَّوْنَينِ سُقِـيَ اللونَ الآخَرَ؛ يقال: بياضٌ مُشْرَبٌ حُمْرةً مخففاً، وإِذا شُدّد كان للتكثير والمبالغة.
ويقال أَيضاً: عنده شُرْبةٌ من ماءٍ أَي مِقدارُ الرِّيِّ؛ ومثله
الـحُسْوةُ، والغُرْفةُ، واللُّقْمةُ.
وأُشْرِبَ فلان حُبَّ فلانةَ أَي خالَطَ قَلْبَه. وأُشْرِبَ قلبُه مَحَبَّـةَ هذا أَي حَلَّ مَحَلَّ الشَّرابِ. وفي التنزيل العزيز: وأُشْرِبُوا في قُلوبِهِم العِجْلَ؛ أَي حُبَّ العِجْلِ، فحذَف المضافَ، وأَقامَ المضافَ
إِليه مُقامَه؛ ولا يجوز أَن يكون العِجْلُ هو الـمُشْرَبَ، لأَنَّ
العِجْل لا يَشْرَبُه القَلْبُ؛ وقد أُشْرِبَ في قَلْبِه حُبّه أَي خالَطَه. وقال الزجاج: وأُشْرِبُوا في قُلوبِهم العِجْلَ بكُفْرِهم؛ قال:
معناه سُقُو حُبَّ العِجْلِ، فحذف حُبَّ، وأُقِـيمَ العِجْلُ مُقامَه؛ كما
قال الشاعر:
وكَيْفَ تُواصِلُ مَنْ أَصْبَحَتْ * خَلالَـتُه، كأَبي مَرْحَبِ؟
أَي كَخلالةِ أَبي مَرْحَبٍ.
والثَّوْب يَتَشرَّبُ الصِّبْغَ: يَتَنَشَّفُه. وتَشَرَّبَ الصِّبْغُ فيه: سَرَى.
واسْتَشْرَبَتِ القَوْسُ حُمْرةً: اشْتَدَّت حُمْرَتُها؛ وذلك إِذا كانت
من الشِّرْبانِ؛ حكاه أَبو حنيفة.
قال بعض النحويين: من الـمُشْرَبةِ حُروف يخرج معها عند الوُقوفِ عليها نحو النفخ، إِلاَّ أَنها لم تُضْغَطْ ضَغْطَ الـمَحْقُورَةِ، وهي الزاي والظاءُ والذال والضاد. قال سيبويه: وبعضُ العرب أَشَدُّ تصويباً من بعض.وأُشْرِبَ الزَّرْعُ: جَرى فيه الدَّقيقُ؛ وكذلك أُشْرِبَ الزَّرْعُ الدَّقيقَ، عَدَّاه أَبو حنيفة سماعاً من العرب أَو الرُّواة.
ويقال للزرع إِذا خرج قَصَبُه: قد شَرِبَ الزرعُ في القَصَبِ، وشَرَّبَ قَصَبُ الزرعِ إِذا صارَ الماءُ فيه. ابن الأَعرابي: الشُّرْبُبُ الغَمْلى من النبات.
وفي حديث أُحد: انَّ المشركين نزلوا على زَرْعِ أَهلِ المدينةِ،
وخَلَّوا فيه ظَهْرهم، وقد شُرِّبَ الزرعُ الدَّقيقَ؛ وفي رواية: شَرِبَ الزرعُ الدقيقَ، وهو كناية عن اشْتِدادِ حَبِّ الزَّرْع، وقُرْبِ إِدْراكِه.
يقال: شَرَّبَ قَصَبُ الزرع إِذا صارَ الماءُ فيه؛ وشُرِّبَ السُّنْبُلُ
الدَّقيقَ إِذا صارَ فيه طُعْمٌ؛ والشُّرْبُ فيه مستعارٌ، كأَنَّ الدَّقِـيقَ كان ماءً، فَشَرِبَه.
وفي خديث الإِفك: لقد سَمِعْتُموه وأُشْرِبَتْه قُلوبُكم، أَي سُقِـيَتْهُ كما يُسْقَى العَطْشانُ الماء؛ يقال: شَرِبْتُ الماءَ وأُشْرِبْتُه إِذا سُقِـيتَه. وأُشْرِبَ قَلْبُه كذا، أَي حَلَّ مَحَلَّ الشَّراب، أَو اخْتَلَطَ به، كَما يَخْتَلِطُ الصِّبغُ بالثوب. وفي حديث أَبي بكر، رضي الله عنه: وأُشْرِبَ قَلْبُه الإِشْفاقَ.
أَبو عبيد: وشَرَّبَ القِرْبةَ، بالشين المعجمة، إِذا كانت جديدة، فجعل فيها طيباً وماء، لِـيَطِـيبَ طَعْمُها؛ قال القطامي يصف الإِبل بكثرة أَلبانها:
ذَوارِفُ عَيْنَيْها، منَ الـحَفْلِ، بالضُّحَى، * سُجُومٌ، كتَنْضاحِ الشِّنانِ الـمُشَرَّب
هذا قول أَبي عبيد وتفسيره، وقوله: كتَنْضاحِ الشِّنانِ الـمُشَرَّبِ؛
إِنما هو بالسين المهملة؛ قال: ورواية أَبي عبيد خطأ.
وتَشَرَّبَ الثوبُ العَرَقَ: نَشِفَه.
وضَبَّةٌ شَرُوبٌ: تَشْتَهِـي الفحل، قال: وأُراه ضائنةٌ شَرُوبٌ.
وشَرِبَ بالرجل، وأَشْرَبَ به: كَذَبَ عليه؛ وتقول: أَشْرَبْتَني ما لم
أَشْرَبْ أَي ادَّعَيْتَ عليَّ ما لم أَفْعَلْ.
والشَّرْبةُ: النَّخْلة التي تَنبُتُ من النَّوى، والجمع الشَّرَبَّاتُ،
والشَّرائِبُ، والشَّرابِـيبُ(1)
(1 قوله «والجمع الشربَّات والشرائب والشرابيب» هذه الجموع الثلاثة إِنما هي لشربة كجربة أَي بالفتح وشدّ الباء كما في التهذيب ومع ذلك فالسابق واللاحق لابن سيده وهذه العبارة متوسطة أوهمت أنها جمع للشربة النخلة فلا يلتفت إلى من قلد اللسان.).
وأَشْرَبَ البعيرَ والدَّابَّةَ الـحَبْلَ: وَضَعَه في عُنُقها؛ قال:
يا آلَ وَزْرٍ أَشْرِبُوها الأَقْرانْ
وأَشْرَبْتُ الخَيْلَ أَي جعلت الـحِـبالَ في أَعْناقِها؛ وأَنشد ثعلب:
وأَشْرَبْتُها الأَقْرانَ، حتى أَنَخْتُها * بِقُرْح، وقد أَلقَيْنَ كُلَّ جَنِـينِ
وأَشْرَبْتُ إِبلَكَ أَي جَعَلْتُ لكل جَمَلٍ قَريناً؛ ويقول أَحدهم لناقته: لأُشْرِبَنَّكِ الـحِـبالَ والنُّسُوع أَي لأَقْرُنَنَّكِ بها.
والشَّارِبُ: الضَّعْفُ، في جميع الحيوان؛ يقال: في بعيرِك شارِبُ
خَوَرٍ أَي ضَعْفٌ؛ ونِعْم البعيرُ هذا لولا أَن فيه شارِبَ خَوَرٍ أَي عِرقَ خَوَرٍ.
قال: وشَرِبَ إِذا رَوِيَ، وشَرِبَ إِذا عَطِشَ، وشَرِبَ إِذا ضَعُفَ
بَعيرُه.
ويقال: ما زالَ فلان على شَرَبَّةٍ واحدةٍ أَي على أَمرٍ واحد.
أَبو عمرو: الشَّرْبُ الفهم. وقد شَرَبَ يَشْرُبُ شَرْباً إِذا فَهِمَ؛
ويقال للبليد: احْلُبْ ثم اشْرُبْ أَي ابْرُك ثم افْهَمْ.
وحَلَبَ إِذا بَرَكَ.
وشَرِيبٌ، وشُرَيْبٌ، والشُّرَّيْبُ، بالضم، والشُّرْبُوبُ، والشُّرْبُبُ: كلها مواضع. والشُّرْبُبُ في شعر لبيد، بالهاءِ؛ قال:
هل تَعْرِفُ الدَّار بسَفْحِ الشُّرْبُبَه؟
والشُّرْبُبُ: اسم وادٍ بعَيْنِه.
والشَّرَبَّةُ: أَرض لَـيِّـنَة تُنْبِتُ العُشْبَ، وليس بها شجر؛ قال
زهير:
وإِلاَّ فإِنَّا بالشَّرَبَّةِ، فاللِّوَى، * نُعَقِّر أُمّاتِ الرِّباع، ونَيْسِرُ
وشَرَبَّةُ، بتشديد الباءِ بغير تعريف: موضع؛ قال ساعدة بن جؤَية:
بِشَرَبَّةٍ دَمِث الكَثِـيبِ، بدُورِه * أَرْطًى، يَعُوذُ به، إِذا ما يُرْطَبُ
يُرْطَبُ: يُبَلُّ؛ وقال دَمِث الكَثِـيب، لأَنَّ الشُّرَبَّةَ موضع أَو مكان؛ ليس في الكلام فَعَلَّةٌ إِلاَّ هذا، عن كراع، وقد جاءَ له ثان، وهو قولهم: جَرَبَّةٌ، وهو مذكور في موضعه.
واشْرَأَبَّ الرجل للشيءِ وإِلى الشيءِ اشْرِئْباباً: مَدَّ عُنُقَه إِليه، وقيل: هو إِذا ارْتَفَعَ وعَلا؛ والاسم: الشُّرَأْبِـيبةُ، بضم الشين، من اشْرَأَبَّ. وقالت عائشة، رضي اللّه عنها: اشْرَأَبَّ النِّفاقُ،
وارْتَدَّت العربُ؛ قال أَبو عبيد: اشْرَأَبَّ ارتفعَ وعلا؛ وكلُّ رافِعٍ
رأْسَه: مُشْرَئِبٌّ. وفي حديث: يُنادِي منادٍ يومَ القيامةِ: يا أَهلَ
الجنةِ، ويا أَهلَ النار، فيَشْرَئِبُّون لصوته؛ أَي يَرْفَعُون رؤُوسهم
ليَنْظُروا إِليه؛ وكلُّ رافع رأْسه مشرئبٌّ؛ وأَنشد لذي الرمة يصف الظَّبْيةَ، ورَفْعَها رأْسَها:
ذَكَرْتُكِ، إِذْ مَرَّتْ بِنا أُمُّ شادِنٍ، * أَمامَ الـمَطايا، تَشْرَئِبُّ وتَسْنَحُ
قال: اشْرأَبَّ مأْخوذ من الـمَشْرَبة، وهي الغُرْفةُ.
صول: صالَ على قِرْنِه صَوْلاً وصِيالاً وصُؤُولاً وصَوَلاناً وصالاً
ومَصالةً: سَطا؛ قال:
ولم يَخْشَوْا مَصالَتَهُ عليهم،
وتَحْتَ الرَّغْوَةِ اللَّبَنُ الصَّريحُ
والصَّؤُول من الرجال: الذي يَضْرب الناسَ ويَتَطاول عليهم؛ قال
الأَزهري: الأَصل فيه ترك الهمز وكأَنه هُمِز لانضمام الواو، وقد هَمَزَ بعض
القُرَّاء: وإِن تَلْؤُوا، بالهمز، أَو تُعْرِضوا لانضمام الواو. وصالَ عليه
إِذا اسْتطال. وصالَ عليه: وَثَبَ صَوْلاً وصَوْلةً، يقال: رُبَّ قَوْلٍ
أَشَدّ من صَوْل.
والمُصاوَلَةُ: المُواثَبة، وكذلك الصِّيالُ والصِّيالة. والفَحْلان
يَتَصاولانِ أَي يَتَواثَبانِ.
الليث: صالَ الجَمَلُ يَصُولُ صِيالاً وصُوالاً وهو جَمَلٌ صَؤولٌ، وهو
الذي يأْكل راعَيه ويُواثِبُ الناسَ فيأْكلهم. وفي حديث الدعاء: بك
أَصُول، وفي رواية: أُصاوِل أَي أَسْطُو وأَقْهَر. والصَّولة: الوَثْبة. وصالَ
الفَحْلُ على الإِبل صَوْلاً، فهو صَؤُول: قاتَلَها وقَدَّمَها. أَبو
زيد: صَؤُل البعير يَصْؤُل، بالهمز، صآلةً إِذا صار يَشُلُّ الناس ويَعْدُو
عليهم، فهو صَؤول.
وصِيلَ لهم كذا أَي أُتِيح لهم؛ قال خُفاف بن نُدْبَة:
فَصِيلَ لهُم قَرْمٌ كأَنَّ بكَفِّه
شِهاباً، بدا في ظُلْمة اللَّيل يَلْمَع
وصالَ العَيْرُ على العانةِ: شَلَّها وحَمَلَ عليها. وفي الحديث: إِنَّ
هؤلاء الحَيَّيْنِ من الأَوْس والخَزْرج كانا يتصاوَلانِ مع رسول الله،
صلى الله عليه وسلم، تَصاوُلَ الفَحْلين أَي لا يفعل أَحدُهما معه شيئاً
إِلا فعل الآخر مثله. وفي حديث عثمان: فَصامِتٌ صَمْتُه أَنْفَذُ من
صَوْلِ غيره أَي إِمْساكُه أَشَدُّ من تَطاوُل غيره؛ وقوله أَنشده ابن
الأَعرابي:
لا خَيْرَ فيه غَيْر أَن لا يَهْتَدي،
وأَنَّه ذُو صَوْلَةٍ في المِزْوَدِ،
وأَنَّه غيرُ ثَقِيل في اليَدِ
قوله ذُو صَوْلة في المِزْوَد، يقول: إِنه ذو صَوْلةٍ على الطعام يأْكله
ويَنْهَكه ويُبالِغ فيه، فكأَنه إِنما يَصُولُ على حَيَوان مَّا، أَو
يَصُول على أَكِيله لذَوْدِه إِيَّاهم ومُدافَعَته لهم؛ وقوله وأَنه غير
ثقيلٍ في اليد، يقول: إِذا بَلِلْتَ به لم يَصِرْ في يدك منه خَيْر تَثْقُل
به يَدُك لأَنه لا خير عنده.
ابن الأَعرابي: المِصْوَلة الــمِكْنَسة التي يُكْنَس بها نواحي
البَيْدَر. أَبو زيد: المِصْوَل شيء يُنْقَع فيه الحَنْظَل لتَذْهَب مَرارتُه،
والصِّيلة، بالكسر: عُقْدة العَذَبة. وصُولٌ: اسم موضع؛ قال حُنْدُج ابن
حُنْدُج المُرِّي:
في لَيْلِ صُولٍ تَناهى العَرْضُ والطُّولُ،
كأَنما لَيْلُه باللَّيل مَوْصولُ
لِساهِرٍ طالَ في صُولٍ تَمَلْمُلُه،
كأَنه حَيَّة بالسَّوْط مَقْتولُ
زعف: موت زُعافٌ وذُعافٌ وذُؤافٌ وزُؤاف: شديدٌ، وقيل: الموت الزُّعافُ
الوَحِيُّ.
وزَعَفَه يَزْعَفُه زَعْفاً وأَزْعَفَه: رَماه أَو ضَرَبه فمات مكانه
سريعاً. وقد أَزْعَفْتُه: أَقْعَصْتُهُ، وكذلك ازْدَعَفْتُه. وزَعَفَه
يَزْعَفُه زَعْفاً: أَجْهَز عليه.
وسمٌّ زُعافٌ، والمُزْعِفُ: القاتِلُ من السّمّ؛ وقوله:
فلا تَتَعَرَّضْ أَنْ تُشاكَ، ولا تَطَأْ
بِرِجْلِكَ من مِزْعافةِ الرِّيقِ مُعْضِلِ
أَراد حَيَّةً ذاتَ ريقٍ مُزْعِفٍ، وزاد من
(* قوله «وزاد من إلخ» كذا
بالأصل وشرح القاموس.) في الواجب كما ذهب إليه أَبو الحسن. ومن أَسماء
الحية المِزْعافةُ والمِزْعامةُ.
وسيفٌ مُزْعِفٌ: لا يُطْني. وكان عبد اللّه بن سَبْرةَ أَحدَ الفُتّاكِ
في الإسلام وكان له سيف سماه المُزْعِفَ؛ وفيه يقول:
عَلَوْتُ بالمُزْعِفِ المَأْثُورِ هامَتَه،
فما اسْتَجابَ لداعِيهِ وقد سَمِعا
والزُّعُوفُ: المَهالكُ. وزَعَفَ في الحديث: زادَ عليه أَو كَذَبَ فيه.
كسح: الكَسْحُ: الكَنْسُ؛ كَسَحَ البيتَ والبئر يَكْسَحُه كَسْحاً:
كَنَسه.
والمِكْسَحة: الــمِكْنَسةُ؛ قال سيبويه: هذا الضرب مما يُعْتَمل مكسور
الأَوّل، كانت الهاء فيه أَو لم تكن. الجوهري: المِكْسَحة ما يُكْنَس به
الثَّلْجُ وغيره.
والكُساحة مثل الكُناسة؛ قال ابن سيده: والكُساحة الكُناسة، وقال
اللحياني: كُساحةُ البيت ما كُسِحَ من التراب فأُلْقِيَ بعضُه على بعض.
والكُساحة: تراب مجموع كُسِحَ بالمِكْسَحِ.
واكْتَسَح أَموالَهم: أَخذها كلها؛ يقال: أَغاروا عليهم فاكْتَسَحُوهم
أَي أَخذوا مالهم كله، ويقال: أَتينا بني فلان فاكْتَسَحْنا مالهم أَي لم
نُبْق لهم شيئاً؛ قال المُفَضَّل: كَسَحَ وكَثَح بمعنى واحد.
والكُساحُ: الزَّمانةُ في اليدين والرجلين وأَكثر ما يستعمل في الرجلين.
الأَزهري: الكَسَحُ ثِقَل في إِحدى الرجلين إِذا مَشَى جَرَّها جَرّاً.
وكَسِحَ كَسَحاً، وهو أَكْسَحُ وكَسْحانُ وكَسِيحٌ ومكَسَّحٌ؛ وقيل:
الأَكْسَحُ الأَعوجُ والمُقْعَدُ أَيضاً؛ قال الأَعشى:
كُل وَضَّاحٍ كَريمٍ جَدُّه،
وخَذولِ الرِّجْلِ، من غيرِ كَسَحْ
وهذا البيت أَورده الجوهري وغيره وابن بري: بين مغلوب نبيل جدّه، وقال:
هو يصف قوماً نَشاوى ما بين مغلوب قد غلبه السكر، وخَذُولِ الرجل من غير
كَسَح. قال ابن بري: ويروى تليل خدّه، بالخاء المعجمة والدال المهملة.
والكَسَحُ: داء يأْخذ في الأَوراك فتَضْعُفُ له الرجل. وقد كَسِحَ
الرجلُ كَسَحاً إِذا ثقلت إِحدى رجليه في المشي، فإِذا مشى كأَنه يَكْسَحُ
الأَرضَ أَي يَكْنُسُها، وفي حديث قتادة في تفسير قوله: ولو نشاء لمسخناهم
على مكانتهم أَي جعلناهم كُسْحاً يعني مُقْعَدين، جمع أَكْسَحَ كأَحْمر
وحُمْرٍ. والأَكسح: المُقْعَدُ، والفعل كالفعل. وفي حديث ابن عمر: سئل عن
مال الصدقة فقال: إِنها شَرُّ مال، إِنما هي مال الكُسْحانِ والعُورانِ؛
وهي جمع الأَكْسَحِ، وهو المُقْعَد، ومعنى الحديث أَنه كره الصدقة إِلاّ
لأَهل الزَّمانَة؛ وأَنشد الليث للأَعشى:
ولقد أَمْنَحُ مَنْ عادَيْتُه
كلَّ ما يَقْطَعُ من داءِ الكَسَحْ
قال: ويروى بالشين. وقال أَبو سعيد: الكُساح من أَدواء الإِبل. جمل
مَكْسُوح: لا يمشي من شدّة الضَّلَع. قال: وعُود مُكَسَّح ومُكَشَّح أَي
مَقْشُور مُسَوًّى؛ قال: ومنه قول الطِّرِمَّاح:
جُمالِيَّة تَغْتالُ فَضْلَ جَديلِها،
شَناحٍ كَصَقْبِ الطائِفِيِّ المُكَسَّحِ
ويروى المكشح بالشين؛ أَراد بالشَّناحِي عُنُقَها لطوله. والمُكاسَحة:
المُشارَّة الشديدة. وكَسَحَتِ الريح الأَرضَ: قشرت عنها التراب.
نعم: النَّعِيمُ والنُّعْمى والنَّعْماء والنِّعْمة، كله: الخَفْض
والدَّعةُ والمالُ، وهو ضد البَأْساء والبُؤْسى. وقوله عز وجل: ومَنْ
يُبَدِّلْ نِعْمَةَ الله من بَعْدِ ما جاءته؛ يعني في هذا الموضع حُجَجَ الله
الدالَّةَ على أَمر النبي، صلى الله عليه وسلم. وقوله تعالى: ثم
لَتُسْأَلُنَّ يومئذ عن النعيم؛ أي تُسْأَلون يوم القيامة عن كل ما استمتعتم به في
الدنيا، وجمعُ النِّعْمةِ نِعَمٌ وأََنْعُمٌ كشِدَّةٍ وأَشُدٍّ؛ حكاه
سيبويه؛ وقال النابغة:
فلن أَذْكُرَ النُّعْمان إلا بصالحٍ،
فإنَّ له عندي يُدِيّاً وأَنْعُما
والنُّعْم، بالضم: خلافُ البُؤْس. يقال: يومٌ نُعْمٌ ويومٌ بؤُْْسٌ،
والجمع أَنْعُمٌ وأَبْؤُسٌ. ونَعُم الشيءُ نُعومةً أي صار ناعِما لَيِّناً،
وكذلك نَعِمَ يَنْعَم مثل حَذِرَ يَحْذَر، وفيه لغة ثالثة مركبة بينهما:
نَعِمَ يَنْعُمُ مثل فَضِلَ يَفْضُلُ، ولغة رابعة: نَعِمَ يَنْعِم،
بالكسر فيهما، وهو شاذ. والتنَعُّم: الترفُّه، والاسم النِّعْمة. ونَعِمَ
الرجل يَنْعَم نَعْمةً، فهو نَعِمٌ بيّن المَنْعَم، ويجوز تَنَعَّم، فهو
ناعِمٌ، ونَعِمَ يَنْعُم؛ قال ابن جني: نَعِمَ في الأصل ماضي يَنْعَمُ،
ويَنْعُم في الأصل مضارعُ نَعُم، ثم تداخلت اللغتان فاستضاف من يقول نَعِمَ
لغة من يقول يَنْعُم، فحدث هنالك لغةٌ ثالثة، فإن قلت: فكان يجب، على هذا،
أَن يستضيف من يقول نَعُم مضارعَ من يقول نَعِم فيتركب من هذا لغةٌ ثالثة
وهي نَعُم يَنْعَم، قيل: منع من هذا أَن فَعُل لا يختلف مضارعُه أَبداً،
وليس كذلك نَعِمَ، فإن نَعِمَ قد يأَْتي فيه يَنْعِمُ ويَنعَم، فاحتمل
خِلاف مضارعِه، وفَعُل لا يحتمل مضارعُه الخلافَ، فإن قلت: فما بالهُم
كسروا عينَ يَنْعِم وليس في ماضيه إلا نَعِمَ ونَعُم وكلُّ واحدٍ مِنْ فَعِل
وفَعُل ليس له حَظٌّ في باب يَفْعِل؟ قيل: هذا طريقُه غير طريق ما قبله،
فإما أن يكون يَنْعِم، بكسر العين، جاء على ماضٍ وزنه فعَل غير أَنهم لم
يَنْطِقوا به استغناءٍ عنه بنَعِم ونَعُم، كما اسْتَغْنَوْا بتَرَك عن
وَذَرَ ووَدَعَ، وكما استغنَوْا بمَلامِحَ عن تكسير لَمْحةٍ، أَو يكون
فَعِل في هذا داخلاً على فَعُل، أَعني أَن تُكسَر عينُ مضارع نَعُم كما
ضُمَّت عينُ مضارع فَعِل، وكذلك تَنَعَّم وتَناعَم وناعَم ونَعَّمه وناعَمَه.
ونَعَّمَ أَولادَه: رَفَّهَهم. والنَّعْمةُ، بالفتح: التَّنْعِيمُ.
يقال: نَعَّمَه الله وناعَمه فتَنَعَّم. وفي الحديث: كيف أَنْعَمُ وصاحبُ
القَرْنِ قد الْتَقَمه؟ أي كيف أَتَنَعَّم، من النَّعْمة، بالفتح، وهي
المسرّة والفرح والترفُّه. وفي حديث أَبي مريم: دخلتُ على معاوية فقال: ما
أَنْعَمَنا بك؟ أَي ما الذي أَعْمَلَكَ إلينا وأَقْدَمَك علينا، وإنما يقال
ذلك لمن يُفرَح بلقائه، كأنه قال: ما الذي أَسرّنا وأَفرَحَنا وأَقَرَّ
أَعيُنَنا بلقائك ورؤيتك.
والناعِمةُ والمُناعِمةُ والمُنَعَّمةُ: الحَسنةُ العيشِ والغِذاءِ
المُتْرَفةُ؛ ومنه الحديث: إنها لَطَيْرٌ ناعِمةٌ أي سِمانٌ مُتْرَفةٌ؛ قال
وقوله:
ما أَنْعَمَ العَيْشَ، لو أَنَّ الفَتى حَجَرٌ،
تنْبُو الحوادِثُ عنه، وهو مَلْمومُ
إنما هو على النسب لأَنا لم نسمعهم قالوا نَعِم العيشُ، ونظيره ما حكاه
سيبويه من قولهم: هو أَحْنكُ الشاتين وأَحْنَكُ البَعيرين في أَنه استعمل
منه فعل التعجب، وإن لم يك منه فِعْلٌ، فتَفهَّمْ.
ورجل مِنْعامٌ أي مِفْضالٌ. ونَبْتٌ ناعِمٌ ومُناعِمٌ ومُتناعِمٌ سواء؛
قال الأَعشى:
وتَضْحَك عن غُرِّ الثَّنايا، كأَنه
ذرى أُقْحُوانٍ، نَبْتُه مُتناعِمُ
والتَّنْعيمةُ: شجرةٌ ناعمةُ الورَق ورقُها كوَرَق السِّلْق، ولا تنبت
إلى على ماء، ولا ثمرَ لها وهي خضراء غليظةُ الساقِ. وثوبٌ ناعِمٌ:
ليِّنٌ؛ ومنه قول بعض الوُصَّاف: وعليهم الثيابُ الناعمةُ؛ وقال:
ونَحْمي بها حَوْماً رُكاماً ونِسْوَةً،
عليهنَّ قَزٌّ ناعِمٌ وحَريرُ
وكلامٌ مُنَعَّمٌ كذلك.
والنِّعْمةُ: اليدُ البَيْضاء الصاحلة والصَّنيعةُ والمِنَّة وما
أُنْعِم به عليك. ونِعْمةُ الله، بكسر النون: مَنُّه وما أَعطاه الله العبدَ
مما لا يُمْكن غيره أَن يُعْطيَه إياه كالسَّمْع والبصَر، والجمعُ منهما
نِعَمٌ وأَنْعُمٌ؛ قال ابن جني: جاء ذلك على حذف التاء فصار كقولهم ذِئْبٌ
وأَذْؤب ونِطْع وأَنْطُع، ومثله كثير، ونِعِماتٌ ونِعَماتٌ، الإتباعُ
لأَهل الحجاز، وحكاه اللحياني قال: وقرأَ بعضهم: أَن الفُلْكَ تجرِي في
البَحْرِ بنِعَمات الله، بفتح العين وكسرِها، قال: ويجوز بِنِعْمات الله،
بإسكان العين، فأَما الكسرُ
(* قوله «فأما الكسر إلخ» عبارة التهذيب: فأما
الكسر فعلى من جمع كسرة كسرات، ومن أسكن فهو أجود الأوجه على من جمع
الكسرة كسات ومن قرأ إلخ) فعلى مَنْ جمعَ كِسْرَةً كِسِرات، ومَنْ قرأَ
بِنِعَمات فإن الفتح أخفُّ الحركات، وهو أَكثر في الكلام من نِعِمات الله،
بالكسر. وقوله عز وجل: وأَسْبَغَ عليكم نِعَمَه ظاهرةً وباطنةً
(* قوله وقوله
عز وجل وأسبغ عليكم نعمة ظاهرة وباطنة إلى قوله وقرأ بعضهم» هكذا في
الأصل بتوسيط عبارة الجوهري بينهما). قال الجوهري: والنُّعْمى كالنِّعْمة،
فإن فتحتَ النون مددتَ فقلت النَّعْماء، والنَّعيمُ مثلُه. وفلانٌ واسعُ
النِّعْمةِ أي واسعُ المالِ. وقرأَ بعضهم: وأَسْبَغَ عليكم نِعْمَةً، فمن
قرأَ نِعَمَه أَراد جميعَ ما أَنعم به عليهم؛ قال الفراء: قرأَها ابن
عباس
(* قوله «قرأها ابن عباس إلخ» كذا بالأصل) نِعَمَه، وهو وَجْهٌ جيِّد
لأَنه قد قال شاكراً لأَنعُمِه، فهذا جمع النِّعْم وهو دليل على أَن
نِعَمَه جائز، ومَنْ قرأَ نِعْمةً أَراد ما أُعطوه من توحيده؛ هذا قول الزجاج،
وأَنْعَمها اللهُ عليه وأَنْعَم بها عليه؛ قال ابن عباس: النِّعمةُ
الظاهرةُ الإسلامُ، والباطنةُ سَتْرُ الذنوب. وقوله تعالى: وإذْ تقولُ للذي
أَنْعَم اللهُ عليه وأَنْعَمْت عليه أَمْسِكْ عليكَ زوْجَك؛ قال الزجاج:
معنى إنْعامِ الله عليه هِدايتُه إلى الإسلام، ومعنى إنْعام النبي، صلى
الله عليه وسلم، عليه إعْتاقُه إياه من الرِّقِّ. وقوله تعالى: وأَمّا
بِنِعْمةِ ربِّك فحدِّثْ؛ فسره ثعلب فقال: اذْكُر الإسلامَ واذكر ما أَبْلاكَ
به ربُّك. وقوله تعالى: ما أَنتَ بِنِعْمةِ ربِّك بمَجْنونٍ؛ يقول: ما
أَنت بإنْعامِ الله عليك وحَمْدِكَ إياه على نِعْمتِه بمجنون. وقوله
تعالى: يَعْرِفون نِعمةَ الله ثم يُنْكِرونها؛ قال الزجاج: معناه يعرفون أَن
أمرَ النبي، صلى الله عليه وسلم، حقٌّ ثم يُنْكِرون ذلك. والنِّعمةُ،
بالكسر: اسمٌ من أَنْعَم اللهُ عليه يُنْعِمُ إنعاماً ونِعْمةً، أُقيم الاسمُ
مُقامَ الإنْعام، كقولك: أَنْفَقْتُ عليه إنْفاقاً ونَفَقَةً بمعنى
واحد. وأَنْعَم: أَفْضل وزاد. وفي الحديث: إن أَهلَ الجنة ليَتراءوْنَ أَهلَ
عِلِّيِّين كما تَرَوْنَ الكوكبَ الدُّرِّيَّ في أُفُقِ السماء، وإنَّ
أبا بكر وعُمَر منهم وأَنْعَما أي زادا وفَضَلا، رضي الله عنهما. ويقال: قد
أَحْسَنْتَ إليَّ وأَنْعَمْتَ أي زدت عليَّ الإحسانَ، وقيل: معناه صارا
إلى النعيم ودخَلا فيه كما يقال أَشْمَلَ إذا ذخل في الشِّمالِ، ومعنى
قولهم: أَنْعَمْتَ على فلانٍ أي أَصَرْتَ إليه نِعْمةً. وتقول: أَنْعَم
اللهُ عليك، من النِّعْمة. وأَنْعَمَ اللهُ صَباحَك، من النُّعُومةِ.
وقولهُم: عِمْ صباحاً كلمةُ تحيّةٍ، كأَنه محذوف من نَعِم يَنْعِم، بالكسر، كما
تقول: كُلْ من أَكلَ يأْكلُ، فحذف منه الألف والنونَ استخفافاً. ونَعِمَ
اللهُ بك عَيْناً، ونَعَم، ونَعِمَك اللهُ عَيْناً، وأَنْعَم اللهُ بك
عَيْناً: أَقرَّ بك عينَ من تحبّه، وفي الصحاح: أي أَقرَّ اللهُ عينَك بمن
تحبُّه؛ أَنشد ثعلب:
أَنْعَم اللهُ بالرسولِ وبالمُرْ
سِلِ، والحاملِ الرسالَة عَيْنا
الرسولُ هنا: الرسالةُ، ولا يكون الرسولَ لأَنه قد قال والحامل الرسالة،
وحاملُ الرسالةِ هو الرسولُ، فإن لم يُقَل هذا دخل في القسمة تداخُلٌ،
وهو عيب. قال الجوهري: ونَعِمَ اللهُ بكَ عَيْناً نُعْمةً مثل نَزِهَ
نُزْهةً. وفي حديث مطرّف: لا تقُلْ نَعِمَ اللهُ بكَ عَيْناً فإن الله لا
يَنْعَم بأَحدٍ عَيْناً، ولكن قال أَنْعَمَ اللهُ بك عَيْناً؛ قال الزمخشري:
الذي منَع منه مُطرّفٌ صحيحٌ فصيحٌ في كلامهم، وعَيْناً نصبٌ على
التمييز من الكاف، والباء للتعدية، والمعنى نَعَّمَكَ اللهُ عَيْناً أي نَعَّم
عينَك وأَقَرَّها، وقد يحذفون الجارّ ويُوصِلون الفعل فيقولون نَعِمَك
اللهُ عَيْناً، وأَمَّا أَنْعَمَ اللهُ بك عَيْناً فالباء فيه زائدة لأَن
الهمزة كافية في التعدية، تقول: نَعِمَ زيدٌ عيناً وأَنْعَمه اللهُ عيناً،
ويجوز أَن يكون من أَنْعَمَ إذا دخل في النَّعيم فيُعدَّى بالباء، قال:
ولعل مُطرِّفاً خُيِّلَ إليه أَنَّ انتصاب المميِّز في هذا الكلام عن
الفاعل فاستعظمه، تعالى اللهُ أن يوصف بالحواس علوّاً كبيراً، كما يقولون
نَعِمْتُ بهذا الأمرِ عَيْناً، والباء للتعدية، فحَسِبَ أن الأَمر في
نَعِمَ اللهُ بك عيناً كذلك، ونزلوا منزلاً يَنْعِمُهم ويَنْعَمُهم بمعنى
واحد؛ عن ثعلب، أي يُقِرُّ أَعْيُنَهم ويَحْمَدونه، وزاد اللحياني:
ويَنْعُمُهم عيناً، وزاد الأَزهري: ويُنْعمُهم، وقال أَربع لغات. ونُعْمةُ العين:
قُرَّتُها، والعرب تقول: نَعْمَ ونُعْمَ عينٍ ونُعْمةَ عينٍ ونَعْمةَ
عينٍ ونِعْمةَ عينٍ ونُعْمى عينٍ ونَعامَ عينٍ ونُعامَ عينٍ ونَعامةَ عينٍ
ونَعِيمَ عينٍ ونُعامى عينٍ أي أفعلُ ذلك كرامةً لك وإنْعاماً بعَينِك وما
أَشبهه؛ قال سيبويه: نصبوا كلَّ ذلك على إضمار الفعل المتروك إظهارهُ.
وفي الحديث: إذا سَمِعتَ قولاً حسَناً فَرُوَيْداً بصاحبه، فإن وافقَ قولٌ
عَملاً فنَعْمَ ونُعْمةَ عينٍ آخِه وأَوْدِدْه أي إذا سمعت رجُلاً
يتكلّم في العلم بما تستحسنه فهو كالداعي لك إلى مودّتِه وإخائه، فلا تَعْجَلْ
حتى تختبر فعلَه، فإن رأَيته حسنَ العمل فأَجِبْه إلى إخائه ومودّتهِ،
وقل له نَعْمَ ونُعْمة عين أَي قُرَّةَ عينٍ، يعني أُقِرُّ عينَك بطاعتك
واتّباع أمرك. ونَعِمَ العُودُ: اخضرَّ ونَضَرَ؛ أنشد سيبويه:
واعْوَجَّ عُودُك من لَحْوٍ ومن قِدَمٍ،
لا يَنْعَمُ العُودُ حتى يَنْعَم الورَقُ
(* قوله «من لحو» في المحكم: من لحق، واللحق الضمر).
وقال الفرزدق:
وكُوم تَنْعَمُ الأَضيْاف عَيْناً،
وتُصْبِحُ في مَبارِكِها ثِقالا
يُرْوَى الأَضيافُ والأَضيافَ، فمن قال الأَضيافُ، بالرفع، أراد تَنْعَم
الأَضيافُ عيناً بهن لأَنهم يشربون من أَلبانِها، ومن قال تَنْعَم
الأَضيافَ، فمعناه تَنْعَم هذه الكُومُ بالأَضيافِ عيناً، فحذفَ وأَوصل فنَصب
الأَضيافَ أي أن هذه الكومَ تُسَرُّ بالأَضيافِ كسُرورِ الأَضيافِ بها،
لأنها قد جرت منهم على عادة مأَلوفة معروفة فهي تأْنَسُ بالعادة، وقيل:
إنما تأْنس بهم لكثرة الأَلبان، فهي لذلك لا تخاف أن تُعْقَر ولا تُنْحَر،
ولو كانت قليلة الأَلبان لما نَعِمَت بهم عيناً لأنها كانت تخاف العَقْرَ
والنحر. وحكى اللحياني: يا نُعْمَ عَيْني أَي يا قُرَّة عيني؛ وأَنشد عن
الكسائي:
صَبَّحكَ اللهُ بخَيْرٍ باكرِ،
بنُعْمِ عينٍ وشَبابٍ فاخِرِ
قال: ونَعْمةُ العيش حُسْنُه وغَضارَتُه، والمذكر منه نَعْمٌ، ويجمع
أَنْعُماً.
والنَّعامةُ: معروفةٌ، هذا الطائرُ، تكون للذكر والأُنثى، والجمع
نَعاماتٌ ونَعائمُ ونَعامٌ، وقد يقع النَّعامُ على الواحد؛ قال أبو
كَثْوة:ولَّى نَعامُ بني صَفْوانَ زَوْزَأَةً،
لَمَّا رأَى أَسَداً بالغابِ قد وَثَبَا
والنَّعامُ أَيضاً، بغير هاء، الذكرُ منها الظليمُ، والنعامةُ الأُنثى.
قال الأَزهري: وجائز أَن يقال للذكر نَعامة بالهاء، وقيل النَّعام اسمُ
جنس مثل حَمامٍ وحَمامةٍ وجرادٍ وجرادةٍ، والعرب تقول: أَصَمُّ مِن
نَعامةٍ، وذلك أنها لا تَلْوي على شيء إذا جفَلت، ويقولون: أَشمُّ مِن هَيْق
لأَنه يَشُمّ الريح؛ قال الراجز:
أَشمُّ من هَيْقٍ وأَهْدَى من جَمَلْ
ويقولون: أَمْوَقُ من نعامةٍ وأَشْرَدُ من نَعامةٍ؛ ومُوقها: تركُها
بيضَها وحَضْنُها بيضَ غيرها، ويقولون: أَجبن من نَعامةٍ وأَعْدى من
نَعامةٍ. ويقال: ركب فلانٌ جَناحَيْ نَعامةٍ إذا جدَّ في أَمره. ويقال
للمُنْهزِمين: أَضْحَوْا نَعاماً؛ ومنه قول بشر:
فأَما بنو عامرٍ بالنِّسار
فكانوا، غَداةَ لَقُونا، نَعامَا
وتقول العرب للقوم إذا ظَعَنوا مسرعين: خَفَّتْ نَعامَتُهم وشالَتْ
نَعامَتُهم، وخَفَّتْ نَعامَتُهم أَي استَمر بهم السيرُ. ويقال للعَذارَى:
كأنهن بَيْضُ نَعامٍ. ويقال للفَرَس: له ساقا نَعامةٍ لِقِصَرِ ساقَيْه،
وله جُؤجُؤُ نَعامةٍ لارتفاع جُؤْجُؤها. ومن أَمثالهم: مَن يَجْمع بين
الأَرْوَى والنَّعام؟ وذلك أن مَساكنَ الأَرْوَى شَعَفُ الجبال ومساكن النعام
السُّهولةُ، فهما لا يجتمعان أَبداً. ويقال لمن يُكْثِرُ عِلَلَه عليك:
ما أَنت إلا نَعامةٌ؛ يَعْنون قوله:
ومِثْلُ نَعامةٍ تُدْعَى بعيراً،
تُعاظِمُه إذا ما قيل: طِيري
وإنْ قيل: احْمِلي، قالت: فإنِّي
من الطَّيْر المُرِبَّة بالوُكور
ويقولون للذي يَرْجِع خائباً: جاء كالنَّعامة، لأَن الأَعراب يقولون إن
النعامة ذهَبَتْ تَطْلُبُ قَرْنَينِ فقطعوا أُذُنيها فجاءت بلا أُذُنين؛
وفي ذلك يقول بعضهم:
أو كالنَّعامةِ، إذ غَدَتْ من بَيْتِها
لتُصاغَ أُذْناها بغير أَذِينِ
فاجْتُثَّتِ الأُذُنان منها، فانْتَهَتْ
هَيْماءَ لَيْسَتْ من ذوات قُرونِ
ومن أَمثالهم: أنْتَ كصاحبة النَّعامة، وكان من قصتها أَنها وجَدتْ
نَعامةً قد غَصَّتْ بصُعْرورٍ فأَخذتْها وربَطتْها بخِمارِها إلى شجرة، ثم
دنَتْ من الحيّ فهتَفَتْ: من كان يحُفُّنا ويَرُفُّنا فلْيَتَّرِكْ
وقَوَّضَتْ بَيْتَها لتَحْمِل على النَّعامةِ، فانتَهتْ إليها وقد أَساغَتْ
غُصَّتَها وأَفْلَتَتْ، وبَقِيَت المرأَةُ لا صَيْدَها أَحْرَزَتْ ولا
نصيبَها من الحيّ حَفِظتْ؛ يقال ذلك عند المَزْريَةِ على من يَثق بغير
الثِّقةِ. والنَّعامة: الخشبة المعترضة على الزُّرنُوقَيْنِ تُعَلَّق منهما
القامة، وهي البَكَرة، فإن كان الزَّرانيق من خَشَبٍ فهي دِعَمٌ؛ وقال أَبو
الوليد الكِلابي: إذا كانتا من خَشَب فهما النَّعامتان، قال: والمعترضة
عليهما هي العَجَلة والغَرْب مُعَلَّقٌ بها، قال الأزهري: وتكون
النَّعامتانِ خَشَبتين يُضَمُّ طرَفاهما الأَعْليان ويُرْكَز طرفاهما الأَسفلان في
الأرض، أحدهما من هذا الجانب، والآخر من ذاك الجنب، يُصْقَعان بحَبْل
يُمدّ طرفا الحبل إلى وتِدَيْنِ مُثْبَتيْنِ في الأرض أو حجرين ضخمين،
وتُعَلَّقُ القامة بين شُعْبتي النَّعامتين، والنَّعامتانِ: المَنارتانِ
اللتان عليهما الخشبة المعترِضة؛ وقال اللحياني: النَّعامتان الخشبتان اللتان
على زُرْنوقَي البئر، الواحدة نَعامة، وقيل: النَّعامة خشبة تجعل على فم
البئر تَقوم عليها السَّواقي. والنَّعامة: صخرة ناشزة في البئر.
والنَّعامة: كلُّ بناء كالظُّلَّة، أو عَلَم يُهْتَدَى به من أَعلام المفاوز،
وقيل: كل بناء على الجبل كالظُّلَّة والعَلَم، والجمع نَعامٌ؛ قال أَبو ذؤيب
يصف طرق المفازة:
بِهنَّ نَعامٌ بَناها الرجا
لُ، تَحْسَب آرامَهُن الصُّروحا
(* قوله «بناها» هكذا بتأنيث الضمير في الأصل ومثله في المحكم هنا،
والذي في مادة نفض تذكيره، ومثله في الصحاح في هذه المادة وتلك).
وروى الجوهري عجزه:
تُلْقِي النَّقائِضُ فيه السَّريحا
قال: والنَّفائضُ من الإبل؛ وقال آخر:
لا شيءَ في رَيْدِها إلا نَعامَتُها،
منها هَزِيمٌ ومنها قائمٌ باقِي
والمشهور من شعره:
لا ظِلَّ في رَيْدِها
وشرحه ابن بري فقال: النَّعامة ما نُصب من خشب يَسْتَظِلُّ به الربيئة،
والهَزيم: المتكسر؛ وبعد هذا البيت:
بادَرْتُ قُلَّتَها صَحْبي، وما كَسِلوا
حتى نَمَيْتُ إليها قَبْلَ إشْراق
والنَّعامة: الجِلْدة التي تغطي الدماغ، والنَّعامة من الفرس: دماغُه.
والنَّعامة: باطن القدم. والنَّعامة: الطريق. والنَّعامة: جماعة القوم.
وشالَتْ نَعامَتُهم: تفرقت كَلِمَتُهم وذهب عزُّهم ودَرَسَتْ طريقتُهم
وولَّوْا، وقيل: تَحَوَّلوا عن دارهم، وقيل: قَلَّ خَيْرُهم وولَّتْ
أُمورُهم؛ قال ذو الإصْبَع العَدْوانيّ:
أَزْرَى بنا أَننا شالَتْ نَعامتُنا،
فخالني دونه بل خِلْتُه دوني
ويقال للقوم إذا ارْتَحَلوا عن منزلهم أو تَفَرَّقوا: قد شالت نعامتهم.
وفي حديث ابن ذي يَزَنَ: أتى هِرَقْلاً وقد شالَتْ نَعامَتُهم: النعامة
الجماعة أَي تفرقوا؛ وأَنشد ابن بري لأبي الصَّلْت الثَّقَفِيِّ:
اشْرَبْ هنِيئاً فقد شالَتْ نَعامتُهم،
وأَسْبِلِ اليَوْمَ في بُرْدَيْكَ إسْبالا
وأَنشد لآخر:
إني قَضَيْتُ قضاءً غيرَ ذي جَنَفٍ،
لَمَّا سَمِعْتُ ولمّا جاءَني الخَبَرُ
أَنَّ الفَرَزْدَق قد شالَتْ نعامَتُه،
وعَضَّه حَيَّةٌ من قَومِهَِ ذَكَرُ
والنَّعامة: الظُّلْمة. والنَّعامة: الجهل، يقال: سكَنَتْ نَعامتُه؛ قال
المَرّار الفَقْعَسِيّ:
ولو أَنيّ حَدَوْتُ به ارْفَأَنَّتْ
نَعامتُه، وأَبْغَضَ ما أَقولُ
اللحياني: يقال للإنسان إنه لخَفيفُ النعامة إذا كان ضعيف العقل.
وأَراكةٌ نَعامةٌ: طويلة. وابن النعامة: الطريق، وقيل: عِرْقٌ في الرِّجْل؛ قال
الأَزهري: قال الفراء سمعته من العرب، وقيل: ابن النَّعامة عَظْم الساق،
وقيل: صدر القدم، وقيل: ما تحت القدم؛ قال عنترة:
فيكونُ مَرْكبَكِ القَعودُ ورَحْلُه،
وابنُ النَّعامةِ، عند ذلك، مَرْكَبِي
فُسِّر بكل ذلك، وقيل: ابن النَّعامة فَرَسُه، وقيل: رِجْلاه؛ قال
الأزهري: زعموا أَن ابن النعامة من الطرق كأَنه مركب النَّعامة من قوله:
وابن النعامة، يوم ذلك، مَرْكَبي
وابن النَعامة: الساقي الذي يكون على البئر. والنعامة: الرجْل.
والنعامة: الساق. والنَّعامة: الفَيْجُ المستعجِل. والنَّعامة: الفَرَح.
والنَّعامة: الإكرام. والنَّعامة: المحَجَّة الواضحة. قال أَبو عبيدة في
قوله:وابن النعامة، عند ذلك، مركبي
قال: هو اسم لشدة الحَرْب وليس ثَمَّ امرأَة، وإنما ذلك كقولهم: به داء
الظَّبْي، وجاؤوا على بَكْرة أَبيهم، وليس ثم داء ولا بَكرة. قال ابن
بري: وهذا البيت، أَعني فيكون مركبكِ، لِخُزَزَ بن لَوْذان السَّدوسيّ؛
وقبله:
كذَبَ العَتيقُ وماءُ شَنٍّ بارِدٍ،
إنْ كنتِ شائلَتي غَبُوقاً فاذْهَبي
لا تَذْكُرِي مُهْرِي وما أَطعَمْتُه،
فيكونَ لَوْنُكِ مِثلَ لَوْنِ الأَجْرَبِ
إني لأَخْشَى أن تقولَ حَليلَتي:
هذا غُبارٌ ساطِعٌ فَتَلَبَّبِ
إن الرجالَ لَهمْ إلَيْكِ وسيلَةٌ،
إنْ يأْخذوكِ تَكَحِّلي وتَخَضِّبي
ويكون مَرْكَبَكِ القَلوصُ ورَحلهُ،
وابنُ النَّعامة، يوم ذلك، مَرْكَبِي
وقال: هكذا ذكره ابن خالويه وأَبو محمد الأَسود، وقال: ابنُ النَّعامة
فرس خُزَزَ بن لَوْذان السَّدوسي، والنعامة أُمُّه فرس الحرث بن عَبَّاد،
قال: وتروى الأبيات أَيضا لعنترة، قال: والنَّعامة خَطٌّ في باطن
الرِّجْل، ورأَيت أبا الفرج الأَصبهاني قد شرح هذا البيت في كتابه
(* قوله «في
كتابه» هو الأغاني كما بهامش الأصل)، وإن لم يكن الغرض في هذا الكتاب
النقل عنه لكنه أَقرب إلى الصحة لأنه قال: إن نهاية غرض الرجال منكِ إذا
أَخذوك الكُحْل والخِضابُ للتمتع بك، ومتى أَخذوك أَنت حملوك على الرحل
والقَعود وأَسَروني أَنا، فيكون القَعود مَرْكَبك ويكون ابن النعامة مَرْكَبي
أَنا، وقال: ابنُ النَّعامة رِجْلاه أو ظلُّه الذي يمشي فيه، وهذا أَقرب
إلى التفسير من كونه يصف المرأَة برُكوب القَعود ويصف نفسه بركوب الفرس،
اللهم إلا أَن يكون راكب الفرس منهزماً مولياً هارباً، وليس في ذلك من
الفخر ما يقوله عن نفسه، فأَيُّ حالة أَسوأُ من إسلام حليلته وهرَبه عنها
راكباً أو راجلاً؟ فكونُه يَسْتَهوِل أَخْذَها وحملَها وأَسْرَه هو
ومشيَه هو الأمر الذي يَحْذَرُه ويَسْتهوِله.
والنَّعَم: واحد الأَنعْام وهي المال الراعية؛ قال ابن سيده: النَّعَم
الإبل والشاء، يذكر ويؤنث، والنَّعْم لغة فيه؛ عن ثعلب؛ وأَنشد:
وأَشْطانُ النَّعامِ مُرَكَّزاتٌ،
وحَوْمُ النَّعْمِ والحَلَقُ الحُلول
والجمع أَنعامٌ، وأَناعيمُ جمع الجمع؛ قال ذو الرمة:
دانى له القيدُ في دَيْمومةٍ قُذُفٍ
قَيْنَيْهِ، وانْحَسَرَتْ عنه الأَناعِيمُ
وقال ابن الأَعرابي: النعم الإبل خاصة، والأَنعام الإبل والبقر والغنم.
وقوله تعالى: فجَزاءٌ مثْلُ ما قَتَلَ من النَّعَم يحكم به ذَوَا عَدْلٍ
منكم؛ قال: ينظر إلى الذي قُتل ما هو فتؤخذ قيمته دارهم فيُتصدق بها؛ قال
الأَزهري: دخل في النعم ههنا الإبلُ والبقرُ والغنم. وقوله عز وجل:
والذين كفروا يتمتعون ويأْكلون كما تأْكل الأَنْعامُ؛ قال ثعلب: لا يذكرون
الله تعالى على طعامهم ولا يُسمُّون كما أَن الأَنْعام لا تفعل ذلك، وأما
قول الله عز وجَل: وإنَّ لكم في الأَنعام لَعِبْرةً نُسْقِيكم مما في
بطونه؛ فإن الفراء قال: الأَنْعام ههنا بمعنى النَّعَم، والنَّعَم تذكر
وتؤنث، ولذلك قال الله عز وجل: مما في بطونه، وقال في موضع آخر: مما في
بطونها، وقال الفراء: النَّعَم ذكر لا يؤَنث، ويجمع على نُعْمانٍ مثل حَمَل
وحُمْلانٍ، والعرب إذا أَفردت النَّعَم لم يريدوا بها إلا الإبل، فإذا قالوا
الأنعام أَرادوا بها الإبل والبقر والغنم، قال الله عز وجل: ومن
الأَنْعام حَمولةً وفَرْشاً كلوا مما رزقكم الله (الآية) ثم قال: ثمانية أَزواج؛
أي خلق منها ثمانية أَزواج، وكان الكسائي يقول في قوله تعالى: نسقيكم
مما في بطونه؛ قال: أَراد في بطون ما ذكرنا؛ ومثله قوله:
مِثْل الفراخ نُتِفَتْ حَواصِلُهْ
أي حواصل ما ذكرنا؛ وقال آخر في تذكير النَّعَم:
في كلّ عامٍ نَعَمٌ يَحْوونَهُ،
يُلْقِحُه قَوْمٌ ويَنْتِجونَهُ
ومن العرب من يقول للإبل إذا ذُكِرت
(* قوله «إذا ذكرت» الذي في
التهذيب: كثرت) الأَنعام والأَناعيم.
والنُّعامى، بالضم على فُعالى: من أَسماء ريح الجنوب لأَنها أَبلُّ
الرياح وأَرْطَبُها؛ قال أَبو ذؤيب:
مَرَتْه النُّعامى فلم يَعْتَرِفْ،
خِلافَ النُّعامى من الشَّأْمِ، ريحا
وروى اللحياني عن أَبي صَفْوان قال: هي ريح تجيء بين الجنوب والصَّبا.
والنَّعامُ والنَّعائمُ: من منازل القمر ثمانيةُ كواكبَ: أَربعة صادرٌ،
وأَربعة واردٌ؛ قال الجوهري: كأنها سرير مُعْوجّ؛ قال ابن سيده: أَربعةٌ
في المجرّة وتسمى الواردةَ وأَربعة خارجة تسمَّى الصادرةَ. قال الأَزهري:
النعائمُ منزلةٌ من منازل القمر، والعرب تسمّيها النَّعامَ الصادرَ، وهي
أَربعة كواكب مُربَّعة في طرف المَجَرَّة وهي شاميّة، ويقال لها
النَّعام؛ أَنشد ثعلب:
باضَ النَّعامُ به فنَفَّر أَهلَه،
إلا المُقِيمَ على الدّوَى المُتَأَفِّنِ
النَّعامُ ههنا: النَّعائمُ من النجوم، وقد ذكر مستوفى في ترجمة بيض.
ونُعاماكَ: بمعنى قُصاراكَ. وأَنْعَم أن يُحْسِنَ أَو يُسِيءَ: زاد.
وأَنْعَم فيه: بالَغ؛ قال:
سَمِين الضَّواحي لم تَُؤَرِّقْه، لَيْلةً،
وأَنْعَمَ، أبكارُ الهُمومِ وعُونُها
الضَّواحي: ما بدا من جَسدِه، لم تُؤرّقْه ليلةً أَبكارُ الهموم
وعُونُها، وأَنْعَمَ أي وزاد على هذه الصفة، وأَبكار الهموم: ما فجَأَك،
وعُونُها: ما كان هَمّاً بعدَ هَمّ، وحَرْبٌ عَوانٌ إذا كانت بعد حَرْب كانت
قبلها. وفَعَل كذا وأَنْعَمَ أي زاد. وفي حديث صلاة الظهر: فأَبردَ
بالظُّهْرِ وأَنْعَمَ أي أَطال الإبْرادَ وأَخَّر الصلاة؛ ومنه قولهم: أَنْعَمَ
النظرَ في الشيءِ إذا أَطالَ الفِكْرةَ فيه؛ وقوله:
فوَرَدَتْ والشمسُ لمَّا تُنْعِمِ
من ذلك أَيضاً أَي لم تُبالِغْ في الطلوع.
ونِعْمَ: ضدُّ بِئْسَ ولا تَعْمَل من الأَسماء إلا فيما فيه الألفُ
واللام أو ما أُضيف إلى ما فيه الأَلف واللام، وهو مع ذلك دالٌّ على معنى
الجنس. قال أَبو إسحق: إذا قلت نِعْمَ الرجلُ زيدٌ أو نِعْمَ رجلاً زيدٌ،
فقد قلتَ: استحقّ زيدٌ المدحَ الذي يكون في سائر جنسه، فلم يجُزْ إذا كانت
تَسْتَوْفي مَدْحَ الأَجْناسِ أن تعمل في غير لفظ جنسٍ. وحكى سيبويه:
أَن من العرب من يقول نَعْمَ الرجلُ في نِعْمَ، كان أصله نَعِم ثم خفَّف
بإسكان الكسرة على لغة بكر من وائل، ولا تدخل عند سيبويه إلا على ما فيه
الأَلف واللام مُظَهَراً أو مضمراً، كقولك نِعْم الرجل زيد فهذا هو
المُظهَر، ونِعْمَ رجلاً زيدٌ فهذا هو المضمر. وقال ثعلب حكايةً عن العرب: نِعْم
بزيدٍ رجلاً ونِعْمَ زيدٌ رجلاً، وحكى أَيضاً: مررْت بقومٍ نِعْم قوماً،
ونِعْمَ بهم قوماً، ونَعِمُوا قوماً، ولا يتصل بها الضمير عند سيبويه
أَعني أَنَّك لا تقول الزيدان نِعْما رجلين، ولا الزيدون نِعْموا رجالاً؛
قال الأزهري: إذا كان مع نِعْم وبِئْسَ اسمُ جنس بغير أَلف ولام فهو نصبٌ
أَبداً، وإن كانت فيه الأَلفُ واللامُ فهو رفعٌ أَبداً، وذلك قولك نِعْم
رجلاً زيدٌ ونِعْم الرجلُ زيدٌ، ونَصَبتَ رجلاً على التمييز، ولا تَعْملُ
نِعْم وبئْس في اسمٍ علمٍ، إنما تَعْمَلانِ في اسم منكورٍ دالٍّ على
جنس، أو اسم فيه أَلف ولامٌ تدلّ على جنس. الجوهري: نِعْم وبئس فِعْلان
ماضيان لا يتصرَّفان تصرُّفَ سائر الأَفعال لأَنهما استُعملا للحال بمعنى
الماضي، فنِعْم مدحٌ وبئسَ ذمٌّ، وفيهما أَربع لغات: نَعِمَ بفتح أَوله وكسر
ثانيه، ثم تقول: نِعِمَ فتُتْبع الكسرة الكسرةَ، ثم تطرح الكسرة الثانية
فتقول: نِعْمَ بكسر النون وسكون العين، ولك أَن تطرح الكسرة من الثاني
وتترك الأَوَّل مفتوحاً فتقول: نَعْم الرجلُ بفتح النون وسكون العين،
وتقول: نِعْمَ الرجلُ زيدٌ ونِعم المرأَةُ هندٌ، وإن شئت قلت: نِعْمتِ
المرأَةُ هند، فالرجل فاعلُ نِعْمَ، وزيدٌ يرتفع من وجهين: أَحدهما أَن يكون
مبتدأ قدِّم عليه خبرُه، والثاني أن يكون خبر مبتدإِ محذوفٍ، وذلك أَنَّك
لمّا قلت نِعْم الرجل، قيل لك: مَنْ هو؟ أو قدَّرت أَنه قيل لك ذلك فقلت:
هو زيد وحذفت هو على عادة العرب في حذف المبتدإ، والخبر إذا عرف المحذوف
هو زيد، وإذا قلت نِعْم رجلاً فقد أَضمرت في نِعْمَ الرجلَ بالأَلف
واللام مرفوعاً وفسّرته بقولك رجلاً، لأن فاعِلَ نِعْم وبِئْسَ لا يكون إلا
معرفة بالأَلف واللام أو ما يضاف إلى ما فيه الأَلف واللام، ويراد به تعريف
الجنس لا تعريفُ العهد، أو نكرةً منصوبة ولا يليها علَمٌ ولا غيره ولا
يتصل بهما الضميرُ، لا تقول نِعْمَ زيدٌ ولا الزيدون نِعْموا، وإن أَدخلت
على نِعْم ما قلت: نِعْمَّا يَعِظكم به، تجمع بين الساكنين، وإن شئت حركت
العين بالكسر، وإن شئت فتحت النون مع كسر العين، وتقول غَسَلْت غَسْلاً
نِعِمّا، تكتفي بما مع نِعْم عن صلته أي نِعْم ما غَسَلْته، وقالوا: إن
فعلتَ ذلك فَبِها ونِعْمَتْ بتاءٍ ساكنة في الوقف والوصل لأَنها تاء
تأْنيث، كأَنَّهم أَرادوا نِعْمَت الفَعْلةُ أو الخَصْلة. وفي الحديث: مَن
توضَّأَ يومَ الجمعة فبها ونِعْمَت، ومَن اغْتَسل فالغُسْل أَفضل؛ قال ابن
الأثير: أَي ونِعْمَت الفَعْلةُ والخَصْلةُ هي، فحذف المخصوص بالمدح،
والباء في فبها متعلقة بفعل مضمر أي فبهذه الخَصْلةِ أو الفَعْلة، يعني
الوضوءَ، يُنالُ الفضلُ، وقيل: هو راجع إلى السُّنَّة أي فبالسَّنَّة أَخَذ
فأَضمر ذلك. قال الجوهري: تاءُ نِعْمَت ثابتةٌ في الوقف؛ قال ذو الرمة:
أَو حُرَّة عَيْطَل ثَبْجاء مُجْفَرة
دَعائمَ الزَّوْرِ، نِعْمَت زَوْرَقُ البَلدِ
وقالوا: نَعِم القومُ، كقولك نِعْم القومُ؛ قال طرفة:
ما أَقَلَّتْ قَدَمايَ إنَّهُمُ
نَعِمَ السَّاعون في الأَمْرِ المُبِرّْ
هكذا أَنشدوه نَعِمَ، بفتم النون وكسر العين، جاؤوا به على الأَصل ولم
يكثر استعماله عليه، وقد روي نِعِمَ، بكسرتين على الإتباع. ودقَقْتُه
دَقّاً نِعِمّا أي نِعْمَ الدقُّ. قال الأَزهري: ودقَقْت دواءً فأَنْعَمْت
دَقَّه أي بالَغْت وزِدت. ويقال: ناعِمْ حَبْلَك وغيرهَ أَي أَحكمِه.
ويقال: إنه رجل نِعِمّا الرجلُ وإنه لَنَعِيمٌ.
وتَنَعَّمَه بالمكان: طلَبه. ويقال: أَتيتُ أَرضاً فتَنَعَّمَتْني أي
وافقتني وأَقمتُ بها. وتَنَعَّمَ: مَشَى حافياً، قيل: هو مشتق من النَّعامة
التي هي الطريق وليس بقويّ. وقال اللحياني: تَنَعَّمَ الرجلُ قدميه أي
ابتذَلَهما. وأَنْعَمَ القومَ ونَعَّمهم: أتاهم مُتَنَعِّماً على قدميه
حافياً على غير دابّة؛ قال:
تَنَعَّمها من بَعْدِ يومٍ وليلةٍ،
فأَصْبَحَ بَعْدَ الأُنْسِ وهو بَطِينُ
وأَنْعَمَ الرجلُ إذا شيَّع صَديقَه حافياً خطوات. وقوله تعالى: إن
تُبْدوا الصَّدَقاتِ فنِعِمَّا هي، ومثلُه: إنَّ الله نِعِمّا يَعِظكم به؛
قرأَ أَبو جعفر وشيبة ونافع وعاصم وأَبو عمرو فنِعْمّا، بكسر النون وجزم
العين وتشديد الميم، وقرأَ حمزة والكسائي فنَعِمّا، بفتح النون وكسر العين،
وذكر أَبو عبيدة
(* قوله «وذكر أَبو عبيدة» هكذا في الأصل بالتاء، وفي
التهذيب وزاده على البيضاوي أبو عبيد بدونها) حديث النبي، صلى عليه وسلم،
حين قال لعمرو بن العاص: نِعْمّا بالمالِ الصالح للرجل الصالِح، وأَنه
يختار هذه القراءة لأَجل هذه الرواية؛ قال ابن الأَثير: أَصله نِعْمَ ما
فأَدْغم وشدَّد، وما غيرُ موصوفةٍ ولا موصولةٍ كأَنه قال نِعْمَ شيئاً
المالُ، والباء زائدة مثل زيادتها في: كَفَى بالله حسِبياً حسِيباً ومنه
الحديث: نِعْمَ المالُ الصالحُ للرجل الصالِح؛ قال ابن الأثير: وفي نِعْمَ
لغاتٌ، أَشهرُها كسرُ النون وسكون العين، ثم فتح النون وكسر العين، ثم
كسرُهما؛ وقال الزجاج: النحويون لا يجيزون مع إدغام الميم تسكينَ العين
ويقولون إن هذه الرواية في نِعْمّا ليست بمضبوطة، وروي عن عاصم أَنه قرأَ
فنِعِمَّا، بكسر النون والعين، وأَما أَبو عمرو فكأَنَّ مذهَبه في هذا كسرةٌ
خفيفةٌ مُخْتَلَسة، والأصل في نِعْمَ نَعِمَ نِعِمَ ثلاث لغات، وما في
تأْويل الشيء في نِعِمّا، المعنى نِعْمَ الشيءُ؛ قال الأزهري: إذا قلت
نِعْمَ ما فَعل أو بئس ما فَعل، فالمعنى نِعْمَ شيئاً وبئس شيئاً فعَل،
وكذلك قوله: إنَّ اللهَ نِعِمّا يَعِظُكم به؛ معناه نِعْمَ شيئاً يَعِظكم
به.والنُّعْمان: الدم، ولذلك قيل للشَّقِر شَقائق النُّعْمان. وشقائقُ
النُّعْمانِ: نباتٌ أَحمرُ يُشبَّه بالدم. ونُعْمانُ بنُ المنذر: مَلكُ العرب
نُسب إِليه الشَّقيق لأَنه حَماه؛ قال أَبو عبيدة: إن العرب كانت
تُسَمِّي مُلوكَ الحيرة النُّعْمانَ لأَنه كان آخِرَهم. أَبو عمرو: من أَسماء
الروضةِ الناعِمةُ والواضِعةُ والناصِفةُ والغَلْباء واللَّفّاءُ.
الفراء: قالت الدُّبَيْرِيّة حُقْتُ المَشْرَبةَ ونَعَمْتُها
(* قوله
«ونعمتها» كذا بالأصل بالتخفيف، وفي الصاغاني بالتشديد) ومَصَلْتها
(* قوله
«ومصلتها» كذا بالأصل والتهذيب، ولعلها وصلتها كما يدل عليه قوله بعد
والمصول) أي كَنسْتها، وهي المِحْوَقةُ. والمِنْعَمُ والمِصْوَلُ:
الــمِكْنَسة.
وأُنَيْعِمُ والأُنَيْعِمُ وناعِمةُ ونَعْمانُ، كلها: مواضع؛ قال ابن
بري: وقول الراعي:
صبا صَبْوةً مَن لَجَّ وهو لَجُوجُ،
وزايَلَه بالأَنْعَمينِ حُدوجُ
الأَنْعَمين: اسم موضع. قال ابن سيده: والأَنْعمان موضعٌ؛ قال أَبو
ذؤيب، وأَنشد ما نسبه ابن بري إلى الراعي:
صبا صبوةً بَلْ لجَّ، وهو لجوجُ،
وزالت له بالأَنعمين حدوجُ
وهما نَعْمانانِ: نَعْمانُ الأَراكِ بمكة وهو نَعْمانُ الأَكبرُ وهو
وادي عرفة، ونَعْمانُ الغَرْقَد بالمدينة وهو نَعْمانُ الأَصغرُ. ونَعْمانُ:
اسم جبل بين مكة والطائف. وفي حديث ابن جبير: خلقَ اللهُ آدمَ مِن
دَحْنا ومَسحَ ظهرَ آدمَ، عليه السلام، بِنَعْمان السَّحابِ؛ نَعْمانُ: جبل
بقرب عرفة وأَضافه إلى السحاب لأَنه رَكَد فوقه لعُلُوِّه. ونَعْمانُ،
بالفتح: وادٍ في طريق الطائف يخرج إلى عرفات؛ قال عبد الله ابن نُمَير
الثَّقَفِيّ:
تضَوَّعَ مِسْكاً بَطْنُ نَعْمانَ، أنْ مَشَتْ
به زَيْنَبٌ في نِسْوةٍ عَطرات
ويقال له نَعْمانُ الأَراكِ؛ وقال خُلَيْد:
أَمَا والرَّاقِصاتِ بذاتِ عِرْقٍ،
ومَن صَلَّى بِنَعْمانِ الأَراكِ
والتَّنْعيمُ: مكانٌ بين مكة والمدينة، وفي التهذيب: بقرب من مكة.
ومُسافِر بن نِعْمة بن كُرَير: من شُعرائهم؛ حكاه ابن الأَعرابي. وناعِمٌ
ونُعَيْمٌ ومُنَعَّم وأَنْعُمُ ونُعْمِيّ
(* قوله «ومنعم» هكذا ضبط في الأصل
والمحكم، وقال القاموس كمحدّث، وضبط في الصاغاني كمكرم. وقوله «وأنعم»
قال في القاموس بضم العين، وضبط في المحكم بفتحها. وقوله «ونعمى» قال في
القاموس كحبلى وضبط في الأصل والمحكم ككرسي) ونُعْمانُ ونُعَيمانُ
وتَنْعُمُ، كلهن: أَسماءٌ. والتَّناعِمُ: بَطْنٌ من العرب ينسبون إلى تَنْعُم بن
عَتِيك. وبَنو نَعامٍ: بطنٌ. ونَعامٌ: موضع. يقال: فلانٌ من أَهل بِرْكٍ
ونَعامٍ، وهما موضعان من أطراف اليَمن. والنَّعامةُ: فرسٌ مشهورة فارسُها
الحرث بن عبّاد؛ وفيها يقول:
قَرِّبا مَرْبَِطِ النَّعامةِ مِنّي،
لَقِحَتْ حَرْبُ وائلٍ عن حِيالِ
أي بَعْدَ حِيالٍ. والنَّعامةُ أَيضاً: فرسُ مُسافِع ابن عبد العُزّى.
وناعِمةُ: اسمُ امرأَةٍ طَبَخَت عُشْباً يقال له العُقّارُ رَجاءَ أَن
يذهب الطبخ بِغائلتِه فأَكلته فقَتلَها، فسمي العُقّارُ لذلك عُقّار
ناعِمةَ؛ رواه ابن سيده عن أبي حنيفة. ويَنْعَمُ: حَيٌّ من اليمن. ونَعَمْ
ونَعِمْ: كقولك بَلى، إلا أن نَعَمْ في جواب الواجب، وهي موقوفة الآخِر لأنها
حرف جاء لمعنى، وفي التنزيل: هلْ وجَدْتُمْ ما وعَدَ ربُّكم حَقّاً قالوا
نَعَمْ؛ قال الأزهري: إنما يُجاب به الاستفهامُ الذي لا جَحْدَ فيه،
قال: وقد يكون نَعَمْ تَصْديقاً ويكون عِدَةً، وربما ناقَضَ بَلى إذا قال:
ليس لك عندي ودِيعةٌ، فتقول: نَعَمْ تَصْديقٌ له وبَلى تكذيبٌ. وفي حديث
قتادة عن رجل من خثْعَم قال: دَفَعتُ إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، وهو
بِمِنىً فقلت: أنتَ الذي تزعُم أنك نَبيٌّ؟ فقال: نَعِمْ، وكسر العين؛ هي
لغة في نَعَمْ، وكسر العين؛ وهي لغة في نَغَمْ بالفتح التي للجواب، وقد
قرئَ بهما. وقال أَبو عثمان النَّهْديّ: أمرَنا أميرُ المؤمنين عمرُ،
رضي الله عنه، بأمر فقلنا: نَعَمْ، فقال: لا تقولوا نَعَمْ وقولوا نَعِمْ،
بكسر العين. وقال بعضُ ولد الزبير: ما كنت أَسمع أشياخَ قرَيش يقولون
إلاَّ نَعِمْ، بكسر العين. وفي حديث أبي سُفيان حين أَراد الخروج إلى أُحد:
كتبَ على سَهمٍ نَعَمْ، وعلى آخر لا، وأَجالهما عند هُبَل، فخرج سهمُ
نَعَمْ فخرج إلى أُحُد، فلما قال لِعُمر: أُعْلُ هُبَلُ، وقال عمر: اللهُ
أَعلى وأَجلُّ، قال أَبو سفيان: أنعَمتْ فَعالِ عنها أي اترك ذِكرَها فقد
صدقت في فَتْواها، وأَنعَمَتْ أَي أَجابت بنَعَمُْ؛ وقول الطائي:
تقول إنْ قلتُمُ لا: لا مُسَلِّمةً
لأَمرِكُمْ، ونَعَمْ إن قلتُمُ نَعَما
قال ابن جني: لا عيب فيه كما يَظنُّ قومٌ لأَنه لم يُقِرَّ نَعَمْ على
مكانها من الحرفية، لكنه نقَلها فجعلها اسماً فنصَبها، فيكون على حد قولك
قلتُ خَيراً أو قلت ضَيراً، ويجوز أن يكون قلتم نَعَما على موضعه من
الحرفية، فيفتح للإطلاق، كما حرَّك بعضُهم لالتقاء الساكنين بالفتح، فقال:
قُمَ الليلَ وبِعَ الثوبَ؛ واشتقَّ ابنُ جني نَعَمْ من النِّعْمة، وذلك أن
نعَمْ أَشرفُ الجوابين وأَسرُّهما للنفْس وأَجلَبُهما للحَمْد، ولا
بضِدِّها؛ ألا ترى إلى قوله:
وإذا قلتَ نَعَمْ، فاصْبِرْ لها
بنَجاحِ الوَعْد، إنَّ الخُلْف ذَمّْ
وقول الآخر أَنشده الفارسي:
أبى جُودُه لا البُخْلِ واسْتَعْجَلتْ به
نَعَمْ من فَتىً لا يَمْنَع الجُوع قاتِله
(* قوله «لا يمنع الجوع قاتله» هكذا في الأصل والصحاح، وفي المحكم:
الجوس قاتله، والجوس الجوع. والذي في مغني اللبيب: لا يمنع الجود قاتله، وكتب
عليه الدسوقي ما نصه: قوله لا يمنع الجود، فاعل يمنع عائد على الممدوح؛
والجود مفعول ثان؛ وقاتله مفعول أول، ويحتمل أن الجود فاعل يمنع أي جوده
لا يحرم قاتله أي فإذا أراد إنسان قتله فجوده لا يحرم ذلك الشخص بل يصله
اهـ. تقرير دردير).
يروى بنصب البخل وجرِّه، فمن نصبه فعلى ضربين: أحدهما أن يكون بدلاً من
لا لأن لا موضوعُها للبخل فكأَنه قال أَبى جودُه البخلَ، والآخر أن تكون
لا زائدة، والوجه الأَول أعني البدلَ أَحْسَن، لأنه قد ذكر بعدها نَعَمْ،
ونَعمْ لا تزاد، فكذلك ينبغي أَن تكون لا ههنا غير زائدة، والوجه الآخر
على الزيادة صحيح، ومَن جرَّه فقال لا البُخْلِ فبإضافة لا إليه، لأَنَّ
لا كما تكون للبُخْل فقد تكون للجُود أَيضاً، ألا ترى أَنه لو قال لك
الإنسان: لا تُطْعِمْ ولا تأْتِ المَكارمَ ولا تَقْرِ الضَّيْفَ، فقلتَ
أَنت: لا لكانت هذه اللفظة هنا للجُود، فلما كانت لا قد تصلح للأَمرين جميعاً
أُضيفَت إلى البُخْل لما في ذلك من التخصيص الفاصل بين الضدّين. ونَعَّم
الرجلَ: قال له نعَمْ فنَعِمَ بذلك بالاً، كما قالوا بَجَّلْتُه أي قلت
له بَجَلْ أي حَسْبُك؛ حكاه ابن جني. وأَنعَم له أي قال له نعَمْ.
ونَعامة: لَقَبُ بَيْهَسٍ؛ والنعامةُ: اسم فرس في قول لبيد:
تَكاثرَ قُرْزُلٌ والجَوْنُ فيها،
وتَحْجُل والنَّعامةُ والخَبالُ
(* قوله «وتحجل والخبال» هكذا في الأصل والصحاح، وفي القاموس في مادة
خبل بالموحدة، وأما اسم فرس لبيد المذكور في قوله:
تكاثر قرزل والجون فيها * وعجلى والنعامة والخيال
فبالمثناة التحتية، ووهم الجوهري كما وهم في عجلى وجعلها تحجل).
وأَبو نَعامة: كنية قَطَريّ بن الفُجاءةِ، ويكنى أَبا محمد أَيضاً؛ قال
ابن بري: أَبو نَعامة كُنْيَتُه في الحرب، وأَبو محمد كُنيته في السِّلم.
ونُعْم، بالضم: اسم امرأَة.
ثمل: الثُّمْلة والثَّمِيلة: الحَبُّ والسَّويق والتمر يكون في الوِعاء
يكون نِصْفَه فما دونه، وقيل: نِصْفَه فصاعداً. والثُّمَل: جمع ثُمْلة.
أَبو حنيفة: الثَّمِيل الحَبُّ لأَنه يُدَّخر؛ وأَنشد لتأَبَّط شَرّاً:
ويَوْماً على أَهل المَواشي، وتارةً
لأَهْلِ رَكيبٍ ذي ثَمِيلٍ وسُنْبُل
والثُّمْلة والثَّمَلة والثَّمِيلة والثُّمالة: الماء القليل يبقى في
أَسفل الحوض أَو السِّقاء أَو في أَي إِناء كان. والمَثْمَلة: مُسْتَنْقَع
الماء، وقيل: الثُّمالةُ الماء القليل في أَيّ شيء كان. وقد أَثْمَل
اللبنُ أَي كثرت ثُمالته. ويقال لبقية الماء في الغُدْران والحَفير: ثَمِيلة
وثَمِيل؛ قال الأَعشى:
بعَيْرانَةٍ كأَتان الثَّميل،
توافي السُّرى بعد أَيْنٍ عَسِيرا
(* قوله «توافي السرى» كذا بالأصل، وفي ترجمة عسر: تقضي بدل توافي).
توافي السُّرى أَي توافيها. والثَّمِيلة: البَقِيَّة من الماء في
الصَّخرة وفي الوادي، والجمع ثَمِيل؛ ومنه قول أَبي ذؤيب:
ومُدَّعَسٍ فيه الأَنِيضُ اخْتَفَيْتُه
بِجَرْداءَ، يَنْتابُ الثَّمِيلَ حِمارُها
أَي يرد حِمارُ هذه المَفازة بقايا الماء في الحوض لأَن مياه الغُدْران
قد نَضَبَت؛ وقال دُكَيْن:
جادَ به من قَلْتِ الثَّمِيل
الثَّميل: جمع ثَمِيلة وهي بقِيَّة الماء في القَلْتِ أَعْنِي النُّقْرة
التي تُمْسِك الماء في الجبل. والثَّمِيلة: البَقِيَّة من الطعام
والشراب تبقى في البطن؛ قال ذو الرمة يصف عَيْراً وابنه:
وأَدْرَكَ المُتَبَقَّى من ثَمِيلَتِه
ومِن ثَمائِلِها، واسْتُنْشِيءَ الغَرَبُ
يعني ما بقي في أَمعائها وأَعضائها من الرُّطْب والعَلَف؛ وأَنشد ثعلب
في صفة الذئب:
وطَوى ثَمِيلَتَه فأَلْحَقها
بالصُّلْبِ، بَعْدَ لُدُونَةِ الصُّلْب
وقال اللحياني: ثَميلة الناس ما يكون فيه الطعام والشراب. والثَّمِيلة
أَيضاً: ما يكون فيه الشراب في جَوْفِ الحِمار. وما ثَمَل شرابَه بشيء من
طعام أَي ما أَكل شيئاً من الطعام قبل أَن يشرب، وذلك يسمى الثَّميلة.
ويقال: ما ثَمَلْتُ طعامي بشيء من شراب أَي ما أَكلت
(* قوله «أَي ما أَكلت
إلخ» هكذا في الأصل) بعد الطعام شَراباً. والثَّمِيلة: البَقِيَّة تبقى
من العَلَف والشراب في بطن البعير وغيره، فكل بَقِيَّة ثَمِيلة. وقد
أَثْملت الشيء أَي أَبقيته. وثمَّلته تثميلاً: بَقَّيته. وفي حديث عبد الملك:
قال للحجاج أَما بعد فقد وَلَّيتُكَ العِرَاقَيْن صَدْمة فسِر إِليها
مُنْطَوِيَ الثَّمِيلة؛ أَصل الثَّمِيلة: ما يبقى في بطن الدابة من العَلَف
والماء وما يَدَّخِرْه الإِنسان من طعام أَو غيره، المعنى سِرْ إِليها
مُخِفّاً.
والثُّمْلة: ما اُخْرجَ من أَسفل الرَّكيَّة من الطين والتراب، والميم
فيها وفي الحَبِّ والسَّويق ساكنة، والثاء مضمونة. قال القالي: روينا
الثَّمْلة في طين الرَّكِيِّ وفي التمر والسَّويق بالفتح؛ عن أَبي نصر،
وبالضم عن أَبي عبيد.
والثَّمَل: السُّكْر. ثَمِل، بالكسر، يَثْمَل ثَمَلاً، فهو ثَمِل إِذا
سَكِر وأَخذ فيه الشَّرابُ؛ قال الأَعشى:
فَقُلْت للشَّرْب في دُرْنَى، وقد ثَمِلوا:
شِيمُوا، وكَيْف يَشِيمُ الشَّارب الثَّمِلُ؟
وفي حديث حمزة وشارِفَيْ عليٍّ، رضي الله عنهما: فإِذا حمزة ثَمِل
مُحْمَرَّةٌ عيناه؛ الثَّمِل: الذي قد أَخذ منه الشرابُ والسُّكْر؛ ومنه حديث
تزويج خديجة، رضي الله عنها: أَنها انطلقت إِلى أَبيها وهو ثَمِل؛ وجعل
ساعدةُ بن
جُؤَيَّة الثَّمَل السُّكْرَ من الجِراح؛ قال:
ماذا هُنالك من أَسْوانَ مُكْتَئِبٍ،
وسَاهِفٍ ثَمِلٍ في صَعْدَةٍ حِطَم
والثَّمَل: الظِّلُّ. والثَّمْلة والثَّمَلة، بتحريك الميم: الصُّوفة
أَو الخِرْقة التي تُغْمَس في القَطِران ثم يُهْنَأُ بها الجَرِب ويُدْهَن
بها السِّقاء؛ الأُولى عن كراع؛ قال الراجز صخر بن عمير:
مَمْغُوثَة أَعراضُهم مُمَرْطَله،
في كُلِّ ماء آجِنٍ وسَمَله،
كما تُلاثُ بالهِنَاءِ الثَّمَله
وهي المِثْمَلة أَيضاً، بالكسر. وفي حديث عمر، رضي افيفي عنه: أَنه طَلَى
بعيراً من الصدقة بقَطِران فقال له رجل: لو أَمَرْتَ عَبْداً كَفاكَهُ،
فَضَرَب بالثَّمَلة في صدره وقال: عَبْدٌ أَعْبَدُ مِنِّي الثَّمَلة،
بفتح الثاء والميم: صُوفَة أَو خِرْقة يُهْنَأُ بها البعير ويُدْهَن بها
السِّقاء؛ وفي حديثه الآخر: أَنه جاءته امرأَة جَلِيلَةٌ فَحَسَرَتْ عن
ذراعيها وقالت: هذا من احْتِراش الضِّباب، فقال: لو أَخَذْتِ الضَّبَّ
فورَّيْتِه ثم دعَوْتِ بمكتفه
(* قوله «بمكتفه» هكذا في الأصل وسيأتي في وري
مثله، وفي ثمل من النهاية: بمنكفة) فَثَمَلْتِه كان أَشْبَع أَي أَصلحته.
والثَّمَلة: خِرْقة الحَيضِ، والجمع ثَمَل. والثَّمَل: بَقِيَّة الهِناء
في الإِناء. والثُّمُول والثَّمَل: الإِقامة والمُكْث والخَفْض. يقال: ما
دارُنا بدار ثَمَل أَي بدار إِقامة. وحكى الفارسي عن ثعلب: مكان ثَمْل
عامر؛ وأَنشد بيت زهير:
مَشارِبُها عَذْب وأَعْلامُها ثَمْل
وقال أُسامة الهذلي:
إِذا سَكَنَ الثَّمْل الظِّباءُ الكَواسِعُ
ودارُ ثَمَلٍ وثَمْل أَي إِقامة. وسَيْفٌ ثامل أَي قديم طال عَهْدُه
بالصِّقال فدرس وبَلِي؛ قال ابن مقبل:
لِمَنِ الدِّيارُ عَرَفْتُها بالسَّاحِلِ،
وكأَنَّها أَلواحُ سَيْفٍ ثامِلِ؟
الأَصمعي: الثَّامل القديم العَهْدِ بالصِّقَال كأَنه بقي في أَيدي
أَصحابه زماناً من قولهم ارتحل بنو فلان وثَمَل فلان في دارهم أَي بقي.
والثَّمْل: المُكْث.
والثُّمال، بالضم: السُّمُّ المُنْقَع. ويقال: سَقاه المُثَمَّلَ أَي
سقاه السُّمَّ، قال الأَزهري: ونُرى أَنه الذي أُنْقِع فَبَقِي وثَبَت.
والمُثَمَّل: السُّم المُقَوَّى بالسَّلَع وهو شجر مُرٌّ. ابن سيده: وسُمٌّ
مُثَمَّل طال إِنقاعُه وبَقِي، وقيل: إِنه من المَثْمَلة الذي هو
المُسْتَنْقَع؛ قال العباس بن مِرْداس السُّلَمي:
فَلا تَطْعَمَنْ ما يَعْلِفونَكَ، إِنَّهُم
أَتَوْكَ على قُرْبانِهم بالمُثَمَّل
وهو الثُّمال. والمَثْمِل: أَفضل العَشِيرة. وقال شمر: المُثَمَّل من
السُّمِّ المُثَمَّن المجموع.
وكل شيء جمعته فقد ثَمَّلْته وثَمَّنْته. وثَمَلْت الطعام: أَصلحته،
وثَمَلْته سَتَرته وغَيَّبته.
والثُّمالُ: جمع ثُمالة وهي الرَّغوة. ابن سيده: والثُّمالة رَغْوة
اللبن. والثُّمالة: بياض البَيْضة الرَّقِيقُ ورَغْوَتُه، وبه شبهت رَغْوَة
اللبن؛ قال مُزَرِّد:
إِذا مَسَّ خِرْشاءَ الثُّمالة أَنْفُه،
ثَنى مِشْفَرَيْه للصَّرِيح فأَقْنَعا
ابن سيده: الثُّمالة رَغْوَة اللَّبن إِذا حُلِب، وقيل: هي الرَّغْوة ما
كانت، وأَنشد بيت مُزَرِّد؛ وأَنشد الأَزهري في ترجمة قشعم:
وقِصَعٍ تُكْسَى ثُمالاً قَشْعَما
وقال: الثُّمال الرَّغْوة؛ وقال آخر:
وقِمَعاً يُكْسى ثُمالاً زَغْرَبا
وجمعها ثُمال؛ قال الشاعر:
وأَتَتْه بزَغْرَبٍ وحَتِيٍّ،
بَعْدَ طِرْمٍ وتامِكٍ وثُمال
تامكٍ يعني سَنَاماً تامِكاً. ولبن مُثَمِّل ومُثْمِل: ذُو ثُمَالة،
يقال: احْقِن الصَّريح وأَثْمِل الثُّمالةَ أَي أَبْقِها في المِحْلَب. وقال
أَبو عبيد في باب فُعَالة: الثُّمالة بَقِيَّة الماء وغيره، وفي حديث
أُم مَعْبَد: فحَلَب فيه ثَجًّا حتى عَلاه الثُّمال؛ هو، بالضَّم، جمع
ثُمالة الرَّغوة. والثُّمال: كهيئة زُبْد الغنم، وتقول العرب في كلامها: قالت
اليَنَمة أَنا اليَنَمه، أُغْبُق الصَّبيَّ قبل العَتَمه، وأَكُبّ
الثُّمَال فوق الأَكَمه؛ اليَنَمة: نَبْتٌ لَيِّنٌ تَسْمَن عليه الإِبل، وقيل:
بَقْلَة طَيِّبة، وقولها أُغْبُق الصَّبيَّ قبل العَتَمة أَي أُعَجِّل
ولا أُبْطِئ، وقولها وأَكُبُّ الثُّمَال فوق الأَكَمَة، تقول: ثُمَال
لَبَنِها كَثيرٌ، وقيل: أَراد بالثُّمَال جمع الثُّمَالة وهي الرغوة، وزعم
ثعلب أَن الثُّمَال رغوة اللبن فجعله واحداً لا جمعاً؛ قال ابن سيده:
فالثُّمَال والثُّمَالة على هذا من باب كَوْكَبٍ وكَوْكَبَة، فأَما أَبو عبيد
فجعله جمعاً كما بيَّنَّا. ابن بزرج: ثَمَلت القومَ وأَنا أُثْمِلُهم،
قال أَبو منصور: معناه أَن يكون ثِمَالاً لهم أَي غِيَاثاً وقِوَاماً
يَفْزَعون إِليه.
والثَّمل: المُقام والخَفْض، يقال: ثَمَل فلان فما يَبْرَح. واختار فلان
دار الثَّمل أَي دار الخَفْض والمُقَام.
والثِّمَال، بالكسر: الغِيَاث. وفلان ثِمَال بني فلان أَي عِمَادُهم
وغِيَاثٌ لهم يقوم بأَمرهم؛ قال الحطيئة:
فِدًى لابن حِصْنٍ ما أريح، فإِنه
ثِمَالُ اليَتَامى، عِصْمَةٌ في المَهَالِكِ
وقال اللحياني: ثِمَال اليتامى غِياثُهم. وثَمَلهم ثَمْلاً: أَطعمهم
وسقاهم وقام بأَمرهم؛ وقال أَبو طالب يمدح سيدنا رسول الله، صلى الله عليه
وسلم:
وأَبيَض يُستَسقَى الغَمامُ بوجهه،
ثِمَال اليتَامى، عِصْمَة للأَرامل
والثِّمَال، بالكسر: المَلْجأُ والغِيَاث والمُطْعِم في الشِّدَّة.
ويقال: أَكَلَتِ الماشية من الكَلإِ ما يثمل ما في أَجوافها من الماء أَي
يكون سواء لما شربت من الماء. وقال الخليل: المَثْمِل المَلْجأُ؛ أَنشد ابن
بري لأَبي كبير الهذلي:
وعَلَوْت مُرْتَقِباً على مَرْهُوبَةٍ
حَصَّاءَ، ليس رَقِيبُها في مَثْمِل
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: فإِنها ثِمال حاضرتهم أَي غِيَاثُهم
وعِصْمَتُهم.
وثَمَلَت المَرْأَةُ الصِّبيانَ تَثْمُلهم: كانت لهم أَصلاً يُقيم
مَعَهم. والمِثْمَلة: خَريطة وَسَطٌ يَحْمِلها الراعي في مَنكِبه.
والثَّمَائل: الضفائر التي تُبْنَى بالحجارة لِتُمسِكَ الماء على
الحَرْث، واحدتها ثَميلة، وقيل: الثَّميلة الجَدْر نَفْسُه، وقيل: الثَّمِيلة
البناء الذي فيه الغِراس
(* قوله: الغراس، هكذا في الأصل. وفي القاموس:
الفراش) والخَفْضُ والوقائد. والثَّمِيلة: طائر صغير يكون بالحجاز. وبنو
ثُمَالَة: بطن من الأَزْدِ إِليهم يُنسب المُبَرَّد. وثُمالة: لَقَبٌ.
وثُمَالة: حَيٌّ من العَرَب.
ورك: الوَرِكُ: ما فوق الفَخذِ كالكتف فوق العضد، أنثى، ويخفف مثل فخِذٍ
وفَخْذٍ؛ قال الراجز:
جاريةٌ شَبَّتْ شَباباً غَضّاً،
تُصْبَحُ مَحْضاً وتُعَشَّى رَضّا
ما بينَ دِرْكَيْها ذِراعٌ عَرْضَا
لا تُحبسُ التقبيلَ إلاَّ عَضَّا
والجمع أوْراكٌ، لا يكسَّر على غير ذلك، اسْتَغْنَوْا ببناء أدنى
العَدَدَ؛ قال ذو الرمة:
ورَمْل كأوْراكِ العَذارى قَطَعَْتُهُ،
إذا ألْبَسَتْه المُظْلِماتُ الحَنادِسُ
شبَّه كُثْبان الأَنقاء بأعجاز النساء فجعل الفرع أصلاً والأصل فرعاً،
والعُرْف عكس ذلك، وهذا كأنه يخرج مخرج المبالغة أي قد ثبت هذا المعنى
لأعجاز النساء، وصار كأنه الأصل فيه حتى شبهت به كثبان الأنقاء. وحكى
اللحياني: إنه لعظيم الأوْراك، كأنهم جعلوا كل جزء من الوَركَيْنِ وَرِكاً ثم
جمع على هذا. الليث: الوَرِكان هما فوق الفخذين كالكتفين فوق العـضدين.
والوَرَكُ: عِظَمُ الوَركَيْنِ. ورجل أوْرَكُ: عظيم الوَركَيْنِ. وفلان
وَرَكَ على دابته وتَوَرَّكَ عليها إذا وضع عليها وَرْكَه فنزل، بجزم الراء،
يقال منه: وَرَكْتُ أركُ. وثَنى وَرْكَه فنزل: جعل رجلاً على رجل أو ثنى
رجله كالمتربع. ووَرَكَ وَرْكاً وتَوَرَّكَ وتَوارَك: اعتمد على وَرِكه؛
أنشد ابن الأَعرابي:
تَوارَكْتُ في شِقِّي له، فانْتَهَزْتُه
بفَتْخاءَ في شَدٍّ من الخَلْقِ لِينُها
وفي الحديث: لعلك من الذين يُصَلُّون على أوْراكهم؛ فُسِّرَ بأنه الذي
يسجد ولا يرتفع على الأرض ويُعْلي وَرِكَه لكنه يُفَرِّج ركبتيه فكأنه
يعتمد على وَرِكه.
وفي حديث مجاهد: كان لا يرى بأساً أن يَتَوَرَّك الرجل على رجله اليمنى
في الأَرض المُسْتَحِيلة في الصلاة أي يضع وركه على رجله، والمستحيلة غير
المستوية. قال أبو عيد: التَّوَرُّك على اليمنى وضعُ الوَرك عليها، وفي
الصحاح: وضع الورك في الصلاة على الرجل اليمنى. وفي حديث إبراهيم: أنه
كان يكره التَّوَرُّكَ في الصلاة؛ يعني وضع الأَلْيَتَيْن أو إحداهما على
عَقِبَيْه، وقال الجوهري: هو وضع الألْيتين أو إحداهما على الأَرض؛ قال
أبو منصور: التَّوَرُّك في الصلاة ضربان: أحدهما سُنَّة والآخر مكروه، فأما
السنة فأنْ يُنْحِي رجليه في التشهد الأخير ويُلْزِقَ مقعَدته بالأرض
كما جاء في الخبر، وأما التَّوَرُّك المكروه فأن يضع يديه على وركيه في
الصلاة وهو قائم وقد نهي عنه. وقال أبو حاتم: يقال ثَنى وَرِكَه فنزل ولا
يجوز وَرْكه في ذا المعنى إنما هو مصدر وَرَكَ يَرِكُ وَرْكاً، ويسمى ذلك
الموضع من الرِّجل المَوْرِكَةَ لأن الإنسان يثني عليه رجله ثَنْياً، كأنه
يتربع ويضع رجلاً على رجل، وأما الوَرِكُ نفسها فلا يستطيع أن يثنيها
لأنها لا تنكسر. وفي الوَرك لغات: الوَرِكُ والوَرْكُ والوِرْك. وفي حديث
عبد الله: أنه كره أن يسجد الرجل مُتَورِّكاً أو مضطجعاً. قال أبو عبيد:
قوله متورِّكاً أي أن يرفع وَركيه إذا سجد حتى يُفْحِش في ذلك، وقوله: أو
مضطجعاً يعني أن يتضامّ ويُلصِقَ صدره بالأرض ويَدَعَ التَّجافيَ في
سجوده، ولكن يكون بين ذلك، قال: ويقال التورُّك أن يُلْصق أليتيه بعقبيه في
السجود؛ قال الأَزهري: معنى التورُّك في السجود أن يُوَرِّكَ يُسْراه
فيجعلَها تحت يمناه كما يَتَوَرَّك الرجل في التشهد، ولا يجوز ذلك في السجود،
قال: وهذا هو الصواب. قال بعضهم: التَّوَرُّك أن يَسْدِلَ رجليه في جانب
ثم يسجد وهو سابِلُهما، والراكب إذا أعيا فيتورَّك فيثني رجليه حتى
يجعلهما على مَعْرَفَة الدابة، وأمِرَ النساءُ أن يتَوَرَّكن في الصلاة وهو
سَدْلُ الرجلين في شِقِّ السجود ونُهيَ الرجال عن ذلك، قال: وأنكر التفسير
الأول أن يرفع وَركه حتى يُفْحِشَ. وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه:
يتورَّك المصلي في الرابعة ولا يتورك في الفجر ولا في صلاة الجمعة لأن فيها
جلسة واحدة، وكان يتورَّك في الفجر لأن التورّك إنما جعل من طول القعود.
ويَتَوَرَّك الرجل للرجل فيَصْرَعُه: وهو ان يَعْتَقِلَه برجله. ابن
الأَعرابي: ما أَحسن رِكَتَه ووُرْكَه، من التَّوَرُّك.
ويقال: وَرَكْتُ على السرج والرحل وَرْكاً ووَرَّكْتُ تَوْريكاً وثَنى
وَرْكَه، بجزم الراء. وتَوَرَّكَ على الدابة أَي ثنى رجله ووضع إِحدى
وَرِكَيْه في السرج، وكذلك التَّوْرِيك؛ قال الراعي:
ولا تُعْجِلِ المَرْءَ قَبْلَ الوُرُو
كِ، وهي بُركْبَتِه أَبْصَرُ
وتَوَرَّكَتِ
المرأَة الصبيَّ إِذا حملته على وَرِكها. وفي الحديث: جاءت فاطمة
مُتَوَرِّكَةً الحَسَنَ أَي حاملته على وَرِكها. وتَوَرَّك الصبيَّ: جعله في
وركه معتمداً عليها؛ قال الشاعر:
تَبَيَّنَ أَنَّ أُمَّك لم تَوَرَّكْ،
ولم تُرْضِعْ أَميرَ المُؤْمِنينا
ويروى: تُؤَرَّك من الأَرِيكة، وهي السرير، وقد تقدَّم.
ونعل مَوْرِكٌ ومَوْرِكةٌ، بتسكين الواو: من حِيال الوَرِك، وفي الصحاح:
إِذا كانت من الوَرِكِ يعني نَعْلَ الخفِّ، وقال أَبو عبيدة: المَوْرِكُ
والمَوْرِكة الموضع الذي يثني الراكب رجله عليه قُدَّام واسِطَةِ الرحْل
إِذا مَلَّ من الركوب؛ قال ابن سيده: مَوْرِك الرَّحْل ومَوْرِكَته
ووِراكُه الموضع الذي يضع فيه الراكب رجله، وقيل: الوراكُ ثوب يُزَيَّنُ به
المَوْرِكُ، وأَكثر ما يكون من الحِبَرة، والجمع وُرُك؛ وأَنشد:
إِلا القُتُود على الأَوْراكِ والوُرُك
وقيل: الوِراك اوالمَوْرَكة قادِمة الرحْل. والمِوْرَكة: كالمِصْدَغَة
يتخذها الراكب تحت وَرِكِه. وفي حديث عر، رضي الله عنه: أَنه كان يَنْهى
أَن يُجْعل في وِراكٍ صَلِيبٌ؛ الوراكُ: ثوب ينسج وحده يزين به الرحل،
وقيل هو النُّمْرُقَةُ التي تُلْبَسُ مُقدّمَ
الرحل ثم تُثْنى تحته. أَبو عبيدة: الوُراك رَقْم يُعْلى المِوْركَةَ
ولها ذُؤابةُ عُهونٍ، قال: والمَوْرِكةُ حيث يَتَوَرَّك الراكب على تِيكَ
التي كأَنها رفادَة من أَدَمٍ، يقال لها مَوْرِكة ومَوْرِكٌ. والمَوْرِكُ:
حبل يُحَف به الرحل، قال: والمِيْرَكة تكون بين يدي الرحل يضع الرجل
رجله عليها إِذا أَعيا وهي المَوْرِكة؛ وأَنشد:
إِذا حَرَّدَ الأَكتافَ مَوْرُ المَوارِك
أَبو زيد: الوِراكُ الذي يُلْبَسُ المَوْرِكَ، ويقال: هي خرقة مزينة
صغيرة تُغَطِّي المَوْرِكَة، ويقال: وَرَك الرجلُ على المَوْرِكَة. الجوهري:
الوِراكُ النُّمْرُقَةُ التي تُلْبَسُ مُقَدِّمَ الرَّحْلِ ثم تُثْنى
تحته يزين بها، والجمع وُرُك؛ قال زهير:
مُقْوَرَّة تَتَبارَى لا شَوارَ لها
إِلا القُطوعُ، على الأَجْوازِ، والوُرُك
(* في ديوان زهير: مُقَوَّرة بدل مُقورَّة والأنساع بدل الأجواز).
وفي الحديث: حتى إِن رأْس ناقته لتُصِيبُ مَوْرِكَ رَحْله؛ المَوْرِكُ:
المِرْفَقَة التي تكون عند قادِمةِ الرحل يَضعُ الراكب رجله عليها
ليستريح من وضع رجله في الركاب، أَراد أَنه قد بالغ في جذب رأْسها إِليه ليكفها
عن السير.
ووَرَك الحَبْلَ وَرْكاً: جعله حِيالَ
وَرِكه، وكذلك وَرَّكَه؛ قال بعض الأَغْفال:
حتى إِذا وَرَّكْتُ من أُيَيْرِي
سَوادَ ضِيفَيْهِ إِلى القُصَيْرِ،
رَأَتْ شُحوبي وبَذاذَ شَوْرِي
وأَنشد الجوهري لزهير:
ووَرَّكْنَ بالسُّوبان يَعلونَ مَتْنَه،
عليهنَّ دَلُّ الناعِمِ المُتَنَعِّمِ
ويقال: وَرَّكْنَ أَي عَدَلْنَ. وورَّكت الجبلَ توركاً إِذا جاوزته.
ووَرَكَ على الأَمر وُروكاً ووَرَّكَ وتَوَرَّك: قَدَر عليه. ووارَكَ الجبل:
جاوزه. ووَرَّك الشيء: أَوجبه. والتَّوْرِيكُ: تَوْرِيكُ الرجل ذنبه
غيره كأَنه يُلْزِمُه إِياه. ووَرَّكَ فلان ذنبه على غيره تَوْريكاً إِذا
أَضافه إِليه وقَرَفَه به. وإِنه لمُوَرِّكٌ في هذا الأَمر أَي ليس له فيه
ذنب. ووَرَّكَ الذنبَ عليه: حَمَلَه؛ واستعمله ساعدةُ في السيف فقال:
فَوَرَّكَ لَيْناً لا يُثَمْثَمُ نَصْلُه،
إِذا صابَ أَوساطَ العِظامِ صَميمُ
أَراد نَصْلُه صميمٌ أَي يُصَمِّمُ في العظم. ووَرَّكَ ليناً أَي أَماله
للضرب حتى ضرب به يعني السيف. وفي حديث النخعي في الرجل يُسْتَحْلَف
قال: إِن كان مظلوماً فَوَرَّكَ إِلى شيء جزى عنه التَّوْرِيك، وإِن كان
ظالماً لم يَجْز عنه التوريك، كأَنَّ التوريكَ في اليمين نية ينويها الحالف
غير ما ينويه مُسْتَحْلِفُه، من وَرَّكْتُ في الوادي إِذا عدلت فيه
وذهبت، وقد وَرَكَ يَرِكُ وُروكاً أَي اضطجع كأَنه وضع وَرِكه على الأَرض.
ووَرَكَ بالمكان وُروكاً: أَقام، وكذلك تَوَرَّك به؛ عن اللحياني. قال: وقال
أَبو زياد التَّوَرُّك التّبَطُّؤُ عن الحاجة. قال ابن سيده: وأَرى
اللحياني حكى عن أَبي الهيثم العُقَيْليّ تَوَرَّكَ في خُرْئِه كتَضَوَّكَ.
والوِرْكُ: جانب القوس ومَجْرى الوَتَرِ منها؛ عن ابن الأَعرابي؛
وأَنشد:هل وصَلُ غانيةٍ عَضَّ العَشيرُ بها،
كما يَعَضُّ بظَهْرِ الغارِبِ القَتَبُ،
إِلاَّ ظُنونٌ كوِرْكَ القَوْس، إِن تُرِكت
يوماً بلا وَتَرٍ، فالوِرْكُ مُنْقَلبُ
عَضَّ العشيرُ
بها: لزمها. وقال أَبو حنيفة: وَرِكُ الشجرة عَجُزها. والوَرْكُ
والوِرْك: القَوْسُ المصنوعة من وَرِكها؛ وأَنشد للهذلي:
بها مَحِصٌ غيرُ جافي القُوَى،
إِذا مُطْيَ حَنَّ بِوَرْكٍ حُدالْ
أَراد مُطِيَ فأَسكن الحركة. والوَرِكانِ، بفتح الواو وكسر الراء:؛ ما
يلي السِّنْخَ من النَّصْل. وفي الحديث: أَنه ذكر فتنة تكون فقال: ثم
يصطلح الناس على رجل كوَرِكٍ على ضِلع أَي يصطلحون على أَمر واهٍ لا نظام له
ولا استقامة، لأَن الوَرِكَ لا يستقيم على الضلع ولا يتركب عليه لاختلاف
ما بينهما وبُعده.