الجذر: ق ل ي
مثال: مِقْلاة الطعام
الرأي: مرفوضة
السبب: لأنها لم تسمع عن العرب.
المعنى: وِعَاءٌ يُقْلَى فيه الطعام ونحوه
الصواب والرتبة: -مِقْلاة الطعام [فصيحة]-مِقْلَى الطعام [فصيحة]
التعليق: ذكرت المعاجم «مِقْلى»، و «مِقْلاة» بمعنى واحد.
قلا: ابن الأَعرابي: القَلا والقِلا والقَلاء المَقْلِيةُ. غيره:
والقِلَى البغض، فإِن فتحت القاف مددت، تقول قَلاه يَقْلِيه قِلًى وقَلاء،
ويَقْلاه لغة طيء؛ وأَنشد ثعلب:
أيامَ أُمِّ الغَمْرِ لا نَقْلاها،
ولو تَشاءُ قُبِّلَت عَيْناها
فادِرُ عُصْمِ الهَضْب لو رآها،
مَلاحةً وبَهْجةً، زهاها
قال ابن بري: شاهد يَقْلِيه قول أَبي محمد الفقعسي:
يَقْلِي الغَواني والغَواني تَقْليه
وشاهد القَلاء في المصدر بالمد قول نُصَيْب:
عَلَيكِ السَّلامُ لا مُلِلْتِ قَرِيبَةً،
وما لَكِ عِنْدي، إِنْ نَأَيْتِ، قَلاءُ
ابن سيده: قَلَيْتُه قِلًى وقَلاء ومَقْلِيةً أَبغضته وكَرِهْتُه غاية
الكَراهة فتركته. وحكى سيبويه: قَلى يَقلَى، وهو نادر، شبهوا الأَلف
بالهمزة، وله نظائر قد حكاها كلها أَو جلها، وحكى ابن جني قَلاه وقَلِيَه.
قال: وأُرى يَقْلَى إِنما هو على قَلِيَ، وحكى ابن الأَعرابي قَلَيْته في
الهجر قِلًى، مكسور مقصور، وحكى في البُغْض: قَلِيته، بالكسر، أَقْلاه على
القياس، وكذلك رواه عنه ثعلب. وتَقَلَّى الشيءُ: تَبَغَّضَ؛ قال ابن
هَرْمةَ:
فأَصْبَحْتُ لا أَقْلي الحَياةَ وطُولَها
أَخيراً، وقد كانتْ إَلَيَّ تَقَلَّتِ
الجوهري: وتَقَلّى أَي تَبَغَّض؛ قال كثير
أَسِيني بنا أو أَحسني، لا مَلُولةٌ
لَدَيْنا، ولا مَقْلِيَّةٌ إِن تَقَلَّتِ
خاطَبها ثم غايَبَ. وفي التنزيل العزيز: ما وَدَّعَك ربُّك وما قَلَى؛
قال الفراء: نزلت في احتباس الوحي عن سيدنا رسول الله،صلى الله عليه وسلم
خمس عشرة ليلة، فقال المشركون: قد وَدَّعَ محمداً ربُّه وقَلاه التابعُ
الذي يكون معه، فأَنزل الله تعالى: ما وَدَّعك ربك وما قَلَى؛ يريد وما
قَلاك، فأُلقيت الكاف كما تقول قد أَعْطَيْتُك وأَحْسَنْتُ، معناه أَحسنت
إِليك، فيُكْتَفَى بالكاف الأُولى من إِعادة الأُخرى. الزجاج: معناه لم
يَقطع الوحي عنك ولا أَبْغَضَك. وفي حديث أَبي الدرداء: وجَدْتُ الناسَ
اخْبُرْ تَقْلِهْ؛ القِلَى: البُغْضُ، يقول: جَرِّب الناس فإِنك إِذا
جرّبتهم قليتهم وتركتهم لما يظهر لك من بَواطِن سرائرهم، لفظه لفظ الأَمر
ومعناه الخبر أَي من جرَّبهم وخبرهم أَبغضهم وتركهم، والهاء في تقله للسكت،
ومعنى نظم الحديث وجدت الناس مقولاً فيهم هذا القول، وقد تكرر ذكر القِلى
في الحديث.
وقَلَى الشيء قَلْياً: أَنْضَجَه على الــمِقْلاة. يقال: قَلَيْت اللحم
على المِقْلَى أَقْلِيه قَلْياً إِذا شويته حتى تُنْضِجه، وكذلك الحبّ
يُقْلَى على المِقلى. ابن السكيت: يقال قَلَوْت البُرَّ والبُسْر، وبعضهم
يقول قَلَيْت، ولا يكون في البُغْض إِلا قَلَيْت. الكسائي: قَلَيْت الحَبّ
على المِقْلَى وقَلَوْته. الجوهري: قَلَيْت السويق واللحم فهو مَقْلِيٌّ،
وقَلَوْت فهو مَقْلُوّ، لغة.
والــمِقْلاة والمِقْلَى: الذي يُقْلَى عليه، وهما مِقْلَيانِ، والجمع
المَقالي. ويقال للرجل إِذا أَقْلقَه أَمر مُهمّ فبات ليله ساهراً: باتَ
يَتَقَلَّى أَي يتقَلَّب على فراشه كأَنه على المِقْلى. والقَلِيَّةُ من
الطعام، والجمع قَلايا، والقَلِيَّة: مرَقة تتخذ من لحوم الجَزُور
وأَكْبادِها. والقَلاَّء:
الذي حرفته ذلك. والقَلاء: الذي يَقْلي البُرّ للبيع. والقَلاَّءة،
ممدودة: الموضع الذي تتخذ فيه المَقالي، وفي التهذيب: الذي تتخذ فيه مَقالي
البر، ونظيره الحَرَّاضةُ للمَوضِع الذي يطبخ فيه الحُرُضُ.
وقَلَيْت الرَّجل: ضربت رأْسه.
والقِلْيُ والقِلَى: حب يشبب به العصفر. وقال أَبو حنيفة: القِلْي يتخذ
من الحَمض وأَجوده ما اتخذ من الحُرُض، ويتخذ من أَطراف الرِّمث وذلك
إِذا اسْتَحْكَم في آخر الصيف واصفرَّ وأَوْرَس. الليث: يقال لهذا الذي
يُغسل به الثياب قِلْيٌ، وهو رَماد الغَضَى والرِّمْث يُحرق رَطباً ويرش
بالماء فينعقد قِلْياً. الجوهري: والقِلْيُ الذي يتخذ من الأُشْنان، ويقال
فيه القِلَى أَيضاً، ابن سيده: القُلة عود يجعل في وسطه حبل ثم يدفن ويجعل
للحبل كِفَّة فيها عيدان، فإِذا وَطِئ الظبي عليها عَضَّت على أَطراف
أَكارِعِه. والمِقْلَى: كالقُلةِ. والقُلةُ والمِقْلَى والمِقْلاء، على
مِفْعالٍ، كلهُ: عودانِ يَلعب بهما الصبيان، فالمِقْلَى العود الكبير الذي
يضرب به، والقُلةُ الخَشبة الصغيرة التي تنصب وهي قدر ذراع . قال
الأَزهري: والقالي الذي يَلعب فيَضْرب القُلةَ بالمِقْلَى. قال ابن بري: شاهد
المِقْلاء قول امرئ القيس:
فأَصْدَرَها تَعْلُو النِّجادَ، عَشِيَّةً،
أَقبُّ، كمِقْلاءِ الوَليدِ، خَمِيصُ
والجمع قُلاتٌ وقُلُونَ وقِلُونَ على ما يَكثر في أَوَّل هذا النحو من
التغيير؛ وأَنشد الفراء:
مِثْل المقالي ضُرِبَتْ قِلِينُها
قال أَبو منصور: جعل النون كالأَصلية فرفعها، وذلك على التوهم، ووجه
الكلام فتح النون لأَنها نون الجمع. وتقول: قَلَوْت القُلة أَقْلُو قَلْواً،
وقَلَيْتُ أَقْلي قَلْياً لغة، وأَصلها قُلَوٌ، والهاء عوض، وكان الفراء
يقول: إِنما ضم أَوّلها ليدل على الواو، والجمع قُلاتٌ وقُلُونَ
وقِلُون، بكسر القاف. وقَلا بها قَلْواً وقَلاها: رَمى؛ قال ابن مقبل:
كأَنَّ نَزْوُ فِراخِ الهامِ، بَيْنَهُمُ،
نَزْوُ القُلاتِ زَهاها قالُ قالِينا
أَراد قَلْوُ قالِينا فقلب فتغير البناء للقَلْب، كما قالوا له جاهٌ عند
السلطان، وهو من الوجه، فقلبوا فَعْلاً إِلى فَلْع لأَن القلب مما قد
يغير البناء، فافهم.
وقال الأصمعي: القالُ هو المِقْلاء، والقالُون الذين يلعبون بها، يقال
منه قَلَوْت أَقْلُو. وقَلَوْتُ بالقُلة والكُرة: ضربت.
ابن الأَعرابي: القُلَّى القصيرة من الجواري. قال الأَزهري: هذا فُعْلَى
من الأَقَلّ والقِلَّةِ.
وقَلا الإِبل قَلْواً: ساقَها سَوْقاً شديداً. وقَلا العَيْرُ آتُنَهُ
يَقْلُوها قَلْواً: شَلَّها وطَرَدَها وساقَها. التهذيب: يقال قَلا
العَيرُ عانته يَقْلُوها وكَسَأَها وشَحَنَها وشَذَّرَها إِذا طَرَدَها؛ قال ذو
الرمة:
يَقْلُو نَحائِصَ أَشْباهاً مُحَمْلَجَةً،
وُرْقَ السَّرابِيلِ، في أَلْوانِها خَطَبُ
والقِلْوُ: الحمار الخفيف، وقيل: هو الجحش الفَتيُّ، زاد الأَزهري: الذي
قد أَركَب وحَمَل، والأُنثى قِلْوة، وكل شديد السوق قِلْوٌ، وقيل:
القِلو الخفيف من كل شيء، والقِلوة الدابة تتقدَّم بصاحبها، وقد قَلَتْ به
واقْلَوْلَتْ.
الليث: يقال الدابة تَقْلُو بصاحبها قَلْواً، وهو تَقَدِّيها به في
السير في سرعة. يقال: جاء يَقْلو به حماره. وقَلَت الناقة براكبها قَلْواً
إِذا تقدمت به. واقْلَوْلَى القوم: رحلوا، وكذلك الرجل؛ كلاهما عن
اللحياني. واقْلَولَى في الجبل: صَعِدَ أَعْلاه فأَشْرَفَ. وكلُّ ما عَلَوت ظهره
فقد اقْلَوْلَيْتَه، وهذا نادر لأَنَّا لا نعرف افْعَوْعَل متعدِّية إِلا
اعْرَوْرَى واحْلَوْلى. واقْلَوْلَى الطائر: وقع على أَعلى الشجرة؛ هذه
عن اللحياني. والقَلَوْلَى: الطائر إِذا ارتفع في طيرانه. واقْلولَى أَي
ارتفع. قال ابن بري: أَنكر المهلبي وغيره قَلَوْلَى، قال: ولا يقال إِلا
مُقْلَوْلٍ في الطائر مثل مُحْلَوْلٍ. وقال أَبو الطيب: أَخطأَ من ردَّ
على الفراء قَلَوْلَى؛ وأَنشد لحميد بن ثور يصف قطاً:
وَقَعْنَ بِجَوْف الماء، ثم تَصَوَّبَتْ
بِهِنَّ قَلَوْلاةُ الغُدُوِّ ضَرُوبُ
ابن سيده: قال أَبو عبيدة قَلَوْلَى الطائر جعله علماً أَو كالعلم
فأَخطأَ. والمُقْلَوْلِي: المُسْتَوْفِز المُتَجافي. والمُقْلَولي:
المُنْكَمِش؛ قال:
قد عَجِبَتْ مِنِّي ومِن بُعَيْلِيا،
لَمَّا رأَتْني خَلَقاً مُقْلوْلِيا
وأَنشد ابن بري هنا لذي الرمة:
واقْلَولَى على عُودِه الجَحْلُ
وفي الحديث: لو رأَيت ابن عُمر ساجداً لرأَيته مُقْلَوْلِياً؛ هو
المُتَجافي المُسْتَوْفِزُ، وقيل: هو مَن يَتَقَلَّى على فراشه أَي يَتَمَلمَل
ولا يَسْتَقِرّ، قال أَبو عبيد: وبعض المحدثين كان يفسر مُقْلَوْلِياً
كأَنه على مِقْلًى، قال: وليس هذا بشيء إِنما هو من التجافي في السجود.
ويقال: اقْلَولى الرجل في أَمره إِذا انكمش، واقْلَوْلَتِ الحُمر في سرعتها؛
وأَنشد الأَحمر للفرزدق:
تقُولُ، إِذا اقْلَوْلَى عليها وأَقْرَدَتْ:
أَلا هَل أَخُو عَيْشٍ لَذيذٍ بدائمِ؟
قال ابن الأَعرابي: هذا كان يزني بها فانقضت شهوته قبل انقضاء شهوتها،
وأَقْرَدَتْ: ذَلَّت؛ قال ابن بري: أَدخل الباء في خبر المبتدإِ حملاً على
معنى النفي كأَنه قال ما أَخو عيش لذيذ بدائم؛ قال: ومثله قول الآخر:
فاذْهَبْ، فأَيُّ فَتًى، في الناس، أَحْرَزَه
مِنْ يَوْمِه ظُلَمٌ دُعْجٌ ولا خَبَلُ؟
وعلى ذلك قوله سبحانه وتعالى: أَوَلم يروا أَن الله الذي خلق السموات
والأَرض بقادر؛ ومن هذا قول الفرزدق أَيضاً:
أَنا الضَّامِنُ الحانِي عَليهِم، وإِنَّما
يُدافِعُ عن أَحْسابِهِم أَنا، أَو مِثْلِي
والمعنى ما يُدافِع عن أَحسابهم إِلا أَنا؛ وقوله:
سَمِعْنَ غِناءً بعدما نِمْنَ نَوْمةً،
من الليلِ، فاقْلَوْلَيْنَ فوق المَضاجع
(* قوله« غناء» كذا بالأصل والمحكم، والذي في الاساس غنائي، بياء
المتكلم.)
يجوز أَن يكون معناه خَفَقْنَ لصوته وقَلِقْنَ فزال عنهن نومهن
واستثقالهن على الأَرض، وبهذا يعلم أَن لام اقْلَوْ لَيْت واو لا ياء؛ وقال أَبو
عمرو في قول الطرماح:
حَواتم يَتَّخِذْنَ الغِبَّ رِفْهاً،
إِذا اقْلَوْلَيْنَ بالقَرَبِ البَطينِ
اقْلَوْلَيْنَ أَي ذَهبن.
ابن الأَعرابي: القُلى رُؤوس الجِبال، والقُلى هامات الرجال، والقُلى
جمع القُلةِ التي يلعب بها. وقلا الشيءَ في المِقْلى قَلْواً، وهذه الكلمة
يائية وواوية.
وقَلَوْت الرجل: شَنِئْتُه لغة في قَلَيْتُه . والقِلُْو: الذي يستعمله
الصباغ في العفصر، وهو يائي أَيضاً لأَن القِلْيَ فيه لغة . ابن
الأَثير في حديث عمر ، رضي الله عنه: لما صالح نصارى أَهل الشأْم كتبوا له
كتاباً إنا لا نُحدِث في مدينتنا كنيسة ولا قَلِيّة ولا نَخْرج سَعانِينَ
ولا باعُوثاً ؛ القَلِيَّةُ: كالصومعة ، قال: كذا وردت ، واسمها عند
النصارى القَلاَّيةُ ، وهي تَعْريب كَلاذةَ ، وهي من بيوت عباداتهم .
وقالي قَلا: موضع ؛ قال سيبويه: هو بمنزلة خمسة عشر ؛ قال :
سَيُصْبِحُ فَوْقي أَقْتَمُ الرِّيشِ واقِعاً
بِقالي قَلا ، أَو من وَراء دَبيلِ
ومن العرب من يضيف فينوِّن . الجوهري: قالي قَلا اسمان جعلا واحداً ؛
قال ابن السراج: بني كل واحد منهما على الوقف لأَنهم كرهوا الفتحة؛ في
الياء والأَلف .
مقل: المُقْلة: شَحْمة العين التي تجمع السوادَ والبياضَ، وقيل: هي
سوادُها وبياضُها الذي يَدُورُ كله في العين، وقيل: هي الحَدَقة؛ عن كراع،
وقيل: هي العين كلُّها، وإِنما سميت مُقْلة لأَنها تَرْمِي بالنظر.
والمَقْل: الرَّمْيُ. والحدَقة: السوادُ دون البياضِ، قال ابن سيده: وأَعرف ذلك
في الإِنسان، وقد يستعمل ذلك في الناقة؛ أَنشد ثعلب:
من المُنْطِياتِ المَوْكِبَ المَعْجَ بعدَما
يُرَى، في فُرُوعِ المُقْلَتَيْنِ، نُضُوبُ
وقال أَبو داود: سمعت بالغَرّاف يقولون: سخِّن جَبِينَك بالمُقْلة؛
شبَّه عين الشمس بالمُقْلةِ. والمَقْل: النظر. ومَقَله بعينه يَمْقُله
مَقْلاً: نظر إِليه؛ قال القطامي:
ولقد يَرُوعُ قُلوبَهُنَّ تَكَلُّمِي،
ويَرُوعُني مَقْلُ الصِّوارِ المُرْشق
ويروى: مُقَل، ومَقْل أَحسن لقوله تكلُّمِي. ويقال: ما مَقَلَتْه عيني
منذ اليوم. وحكى اللحياني. ما مَقَلَتْ عيني مثلَه مَقْلاً أَي ما أَبصرتْ
ولا نظرتْ، وهو فَعَلَتْ من المُقْلة، وفي حديث ابن مسعود وسئل عن مَسْح
الحَصى في الصلاة فقال مرَّةً: وتركُها خير من مائة ناقة لِمُقْلةٍ؛ قال
أَبو عبيد: المُقْلة هي العين، يقول: تركها خير من مائة ناقة يختارها
الرجل على عينه ونظره كما يريد، قال: وقال الأَوزاعي ولا يريد أَنه
يقتنيها؛ وفي حديث ابن عمر: خيرٌ من مائة ناقة كلّها أَسْوَدُ المُقْلةِ أَي كل
واحد منها أَسودُ العين.
والمَقْلة، بالفتح: حَصاة القَسْم توضع في الإِناء ليُعْرَف قدرُ ما
يُسْقَى كلُّ واحد منهم، وذلك عند قلَّة الماء في المَفاوِزِ، وفي المحكم:
تُوضَع في الإِناء إِذا عَدِموا الماء في السفر ثم يُصَبُّ فيه من الماء
قَدْرُ ما يَغْمُرُ الحَصاة فيُعطاها كل رجل منهم؛ قال يزيد بن
طُعْمة الخَطْمِيّ وخَطْمةُ من الأَنصار بنو عبدِ الله بن مالك بن
أَوْس:قَذَفُوا سيِّدَهم في وَرْطةٍ،
قَذْفَك المَقْلةَ وسْطَ المُعْتَرَكْ
ومَقَلَ المَقْلة: أَلقاها في الإِناء وصبَّ عليها ما يغمُرها من الماء.
وحكى ابن بري عن أَبي حمزة: يقال مَقْلة ومُقْلة، شبهت بمُقْلة العين
لأَنها في وسط بياض العين، وأَنشد بيت الخَطْمِيّ. وفي حديث عليٍّ: لم يبق
منها إِلا جُرْعة كجُرْعة المَقْلة؛ هي بالفتح حَصاة القَسْم، وهي بالضم
واحدة المُقْل الثمر المعروف، وهي لصِغَرِها لا تسَعُ إِلا الشيء اليسير
من الماء.
ومَقَله في الماء يَمْقُله مَقْلاً: غَمَسه وغطَّه. ومَقَل الشيء في
الشيء يَمْقُله مَقْلاً: غَمَسَه. وفي الحديث: إِذا وقَع الذُّبابُ في إِناء
أَحدِكم فامْقُلوه فإِن في أَحد جَناحيه سُمّاً وفي الآخر شِفاء وإِنه
يقدِّم السُّمَّ ويؤخر الشِّفاء؛ قال أَبو عبيدة: قوله فامْقُلوه يعني
فاغْمِسوه في الطعام أَو الشراب ليُخْرِج الشفاء كما أَخرج الداء. والمَقْل:
الغَمْس. ويقال للرَّجُلَين إِذا تَغاطَّا في الماء: هما يَتَماقَلان،
والمَقْل في غير هذا النظرُ. وتَماقَلوا في الماء: تَغاطُّوا. وفي حديث
عبد الرحمن وعاصم: يَتماقَلان في البحر، ويروى: يَتَماقَسان. ومَقَل في
الماء يَمْقُل مَقْلاً: غاصَ. ويروى أَن ابن لقمان الحكيم سأَل أَباه لقمان
فقال: أَرأَيت الحَبَّة التي تكون في مَقْل البحر أَي في مَغاص البحر،
فأَعلمه أَن الله يعلم الحَبَّة حيث هي، يعلمها بعِلمه ويستخرجها بلُطفه؛
وقوله في مَقْل البحر، أَراد في موضع المَغاص من البحر. والمَقْل: أَن
يَخَاف الرجل على الفصيل من شربه اللبن فيسقيَه في كفّه قليلاً قليلاً؛ قال
شمر: قال بعضهم لا يعرف المَقْل الغَمْس، ولكن المَقْل أَن يُمْقَل
الفصيلُ الماءَ إِذا آذاه حَرُّ اللبن فيُوجَر الماءَ فيكون دواءٍ. والرجل
يمرض فلا يسمع شيئاً فيقال: امْقُلوه الماءَ واللبنَ أَو شيئاً من الدواء
فهذا المَقْل الصحيح. وقال أَبو عبيد: إِذا لم يَرْضَع الفَصِيل أُخِذ
لسانه ثم صُبَّ الماء في حَلْقه، وهو المَقْل، وقد مَقَلْته مَقْلاً، قال:
وربما خرج على لسانه قُروح فلا يقدر على الرضاع حتى يُمْقَل؛ وأَنشد:
إِذا اسْتَحَرَّ فامْقُلوه مَقْلا،
في الحَلْقِ واللَّهاةِ صُبُّوا الرِّسْلا
والمَقْل: ضرْب من الرضاع؛ وأَنشد في وصف الثَّدْي:
كَثَدْي كَعابٍ لم يُمَرَّثَ بالمَقْلِ
قال الليث: نصَب الثاء على طلَب النون، قال الأَزهري: وكأَنَّ المَقْل
مقلوب من المَلْق وهو الرضاع. ومَقْل البئر: أَسفلها.
والمُقْل: الكُنْدُر الذي تُدَخِّن به اليهودُ ويجعل في الدواء.
والمُقْل: حمل الدَّوْم، واحدته مُقْلة، والدَّوْم شجرة تشبه النخلة في حالاتها.
قال أَبو حنيفة: المُقْل الصمغ الذي يسمى الكُور، وهو من الأَدوية.
نشش: نَشَّ الماءُ يَنِشُّ نَشًّا ونَشِيشاً ونَشَّشَ: صَوَّتَ عند
الغلَيان أَو الصبِّ، وكذلك كل ما سُمع له كَتِيت كالنَّبِيد وما أَشبهه،
وقيل: النَّشِيش أَولُ أَخْذِ العصير في الغليان، والخَمرُ تَنِشُّ إِذا
أَخذَت في الغليات. وفي الحديث: إِذا نَشَّ فلا تَشرَبُ. ونَشَّ اللحمُ
نَشًّا ونَشِيشاً: سُمع له صوت على المِقْلى أَو في القِدْر. ونَشِيشُ
اللحمِ: صوْتُه إِذا غلى. والقِدرُ تَنِشُّ إِذا أَخذت تَغْلي. ونَشَّ الماءُ
إِذا صبَبْته من صاخِرةٍ طال عهدُها بالماء. والنَّشِيشُ: صوْتُ الماء
وغيرِه إِذا غَلى. وفي حديث النبيذ: إِذا نَشَّ فلا تَشْربْ أَي إِذا غلى؛
يقال: نَشَّت الخمرُ تَنِشُّ نَشِيشاً؛ ومنه حديث الزهري: أَنه كرِه
للمتوفى عنها زوجُها الدُّهْنَ الذي يُنَشُّ بالريْحان أَي يُطيَّب بأَن يُغلى
في القدر مع الريحان حتى يَنِشَّ.
وسَبَخَةٌ نَشَّاشةٌ ونَشْناشةٌ: لا يَجِفُّ ثَراها ولا ينبت مَرْعاها،
وقد نَشَّت بالنَّزِّ تَنِشُّ. وسَبَخَةٌ نَشَّاشةٌ: تَنِشُّ من النَّزّ،
وقيل: سَبَخَةٌ نَشَّاشةٌ وهو ما يظهر من ماء السباخ فيَنِشُّ فيها حتى
يعود مِلْحاً؛ ومنه حديث الأَحنف: نَزَلْنا سَبَخَةً نَشَّاشةً، يعني
البَصْرة، أَي نَزَّارةً تَنِزٌّ بالماء لأَن السبَخَةَ يَنِزُّ ماؤُها
فيَنِشُّ ويعود مِلْحاً، وقيل: النَّشَّاشةُ التي لا يجِفُّ تُرْبُها ولا
ينبُت مرعاها.
بعض الكِلابيّين: أَشَّت الشَّجَّةُ ونَشَّت؛ قال: أَشَّت إِذا أَخذت
تَحَلَّبُ، ونَشَّت إِذا قطَرت، ونَشَّ الغَدِيرُ والحَوْضُ يَنِشُّ نَشّاً
ونَشِيشاً: يَبِسَ ماؤُهما ونَضَبَ، وقيل: نَشَّ الماءُ على وجه الأَرض
نَشِفَ وجفَّ، ونَشَّ الرُّطَبُ وذَوِيَ ذهب ماؤُه؛ قال ذو الرمة:
حتى إِذا مَعْمَعانُ الصَّيْفِ هَبَّ له
بأَجَّةٍ، نَشَّ عنها الماءُ والرُّطَبُ
والنَّشُّ: وزنُ نَواة من ذهب، وقيل: هو وزن عشرين درهماً، وقيل: وزن
خمسة دراهم، وقيل: هو ربع أُوقيَّة والأُوقية أَربعون درهماً. ونَشَّ
الشيء: نِصْفُه. وفي الحديث: أشن النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، لم يُصْدِق
امرأَةً من نسائه أَكْثرَ من ثِنْتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّة ونَشٍّ؛
الأُوقِيَّةُ أَربعون والنَّشُّ عشرون فيكون الجميعُ خَمْسَمائة درهم؛ قال
الأَزهري: وتصديقُه ما رُوي عن عبد الرحمن قال: سأَلت عائشة، رضي اللَّه عنها:
كم كان صَداقُ النبي، صلى اللَّه عليه وسلم؟ قالت: ان صَداقُه اثنتَيْ
عشرة ونَشّاً، قالت: والنَّشُّ نصفُ أُوقية. ابن الأَعرابي: النَّشُّ النصف
من كل شيء؛ وأَنشد:
من نِسوةٍ مُهورُهنَّ النَّشُّ
الجوهري: النَّشُّ عشرون درهماً وهو نصف أُوقية لأَنهم يُسَمُّون
الأَربعين درهماً أُوقيةً، ويسمون العشرين نَشّاً، ويسمون الخمسة
نَواةً.ونَشْنَشَ الطائرُ رِيشَه بمِنْقارِه إِذا أَهْوى له إِهْواءً خفيفاً
فنَتَف منه وطَيَّر به، وقيل: نتَفَه فأَلقاه؛ قال:
رأَيتُ غُراباً واقِعاً فوقَ بانةٍ،
يُنَشْنِشُ أَعلى رِيشِه ويُطايِرهْ
وكذلك وضعْتُ له لَحْماً فنَشْنَشَ منه إِذا أَكل بعَجَلة وسرعة؛ وقال
أَبو الدرداء لبَلْعَنْبر يصف حية نشَطَتْ فِرْسِنَ بَعِير:
فنَشْنَشَ إِحدى فِرْسِنَيْها بِنَشْطةٍ،
رَغَتْ رَغْوَةً منها، وكادَتْ تُقَرْطِبُ
ونَشْنَشُوه: تَعْتَعُوه؛ عن ابن الأَعرابي. وفي حديث عمر، رضي اللَّه
عنه: أَنه كان يَنُشُّ الناس بعد العِشاء بالدِّرَّة أُ يَسُوقُهم إِلى
بيوتهم. والنَّشُّ: السَّوْقُ الرَّفيق، ويروى بالسين، وهو السَّوْق
الشديد؛ قال شمر: صحّ الشين عن شعبة في حديث عمر وما أَراه إِلاَّ صحيحاً؛ وكان
أَبو عبيد يقول: إِنما هو يَنُسُّ أَو يَنُوش. وقال شمر: نَشْنَشَ
الرجلُ الرجلَ إِذا دفعه وحَرَّكه. ونَشْنَش ما في الوِعاء إِذا نَتَرَه
وتناوَلَه؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
الأُقْحُوَانةُ إِذ يُثْنىَ بجانِبِها
كالشَّيخ، نَشْنَشَ عنه الفارِسُ السِّلبَا
وقال الكميت:
فغادَرْتُها تَحْبُو عَقِيراً ونَشْنَشُوا
حَقِيبَتها، بين التَّوَزُّع والنَّتْرِ
والنَّشْنَشَةُ: النَّقْض والنَّتْرُ. ونَشْنَشَ الشجرَ: أخذ من لِحائه.
ونَشْنَشَ السَّلَب: أَخذه. ونَشَّشْت الجلد إِذا أَسرعْت سلْخَه
وقطَعْته عن اللحم؛ قال مرة بن مَحْكان:
أَمْطَيْتُ جازِرَها أَعْلة سَناسِنها،
فَخِلْتُ جازِرَنا من فوقِها قَتَبا
يُنَشْنِشُ الجِلْدَ عنها وهي بارِكةٌ،
كما يُنَشْنِشُ كفَّا قاتِلٍ سَلَبا
أَمْطَيْتُه أَي أَمْكَنْتُه من مَطاها وهو ظَهْرُها أَي عَلا عليها
ليَنْتَزِع عنها جلْدَها لمَّا نُحِرَت. والسَّناسِنُ: رؤُوسُ الفَقارٍ،
الواحدُ سِنْسِنٌ. والقتَبُ: رَحْلُ الهَوْدج، ويروى: كفَّا فاتِلٍ سَلَبا،
بالسَّلَبُ على هذا ضرْبٌ من الشجر يُمَدُّ فَيَلِينُ بذلك ثم يُقْتل منه
الحُزُم. ورجل نَشْنَشِيُّ الذِّراعِ: خفيفُها رَحْبُها، وقيل: خفيف في
عمله ومِرَاسِه؛ قال:
فقامَ فَتًى نَشْنَشيُّ الذِّراع،
فلَم يَتَلَبَّثُ ولم يَهْمُمِ
وغلام نَشْنَشٌ: خفيفٌ في السفر. ابن الأَعرابي: النَّشُّ السَوْق
الرفيق، والنَشُّ الخَلْط؛ ومنه زَعْفرانٌ مَنْشُوش. ورَوَى عبدُ الرزاق عن
ابن جريج: قلت لعطاء الفَأْرَةُ تَمُوت في السَّمْنِ الذائبِ أَو الدُّهْن،
قال: أَما الدُّهن فيُنَشُّ ويُدْهَنُ به إِن لم تَقْذَرْه نفسُك؛ قلتُ:
ليس في نفسك من أَن يأْثمَ إِذا نشَّ؟ قال: لا، قال: قلتُ فالسَّمْنُ
يُنَشُّ ثم يؤْكل، قال: ليس ما يؤْكل به كهيئة شيءٍ في الرأْس يُدَّهَنُ
به، وقوله يُنَشُّ ويدهن به إَن لم تَقذَره نفسُك أَي يُخلط ويُداف. ورجل
نَشْناشٌ: وهو الكَمِيشةُ يَداه في عمَله.
ويقال: نَشْنَشَه إِذا عَمِلَ عَملاً فأَسرع فيه. والنَّشْنَشةُ: صوت
حركةِ الدُّرُوع والقرْطاسِ والثوبِ الجديد، والمَشْمَشةُ: تفريقُ
القُمَاش. والنِّشْنِشةُ: لغةٌ في الشِّنْشِنَةِ ما كانت؛ قال الشاعر:
بَاكَ حُيَيٌّ أُمَّه بَوكَ الفَرَسْ،
نَشْنَشَها أَرْبعةً ثم جَلَسْ
رأَيت في حواشي بعض الأُصول: البَوْكُ للحمار والنَّيْك للإِنسان.
ونَشْنَشَ المرأَةَ ومَشْمَشها إِذا نكحَها. وفي حديث عمر، رضي اللَّه عنه،
أَنه قال لابن عباس في شيءٍ شاوَرَه فيه فأَعْجَبه كلامُه فقال: نِشْنِشةٌ
أَعرِفُها من أَخْشَن؛ قال أَبو عبيد: هكذا حدَّثَ به سفيان وأَما أَهل
العربية فيقولون غيرَه، قال الأَصمعي إِنما هو:
شِنْشِنةٌ أَعْرِفُها من أَخْزَم
قال: والنِّشْنِشةُ قد تكون كالمُضْغة أَو كالقِطْعة تقطع من اللحم،
وقال أَبو عبيدة: شِنْشِنة ونِشْنشة، قال ابن الأَثير: نِشْنشةٌ من أَخْشَن
أَي حجَرٌ من جبل، ومعناه أَنه شبَّهه بأَبيه العباس في شَهامتِه ورأْيِه
وجُرْأَتِه على القول، وقيل: أَراد أَن كلمته منه حجرٌ من جبل أَي أَن
مثلها يجيءُ من مثله، وقال الحربي: أَراد شِنشِنةٌ أَي غَريزة وطبيعة.
ونَشْنَشَ ونشَّ: ساقَ وطَرَدَ. والنَشْنَشةُ: كالخَشْخَشة؛ قال:
للدِّرْع فوق مَنْكِبيه نَشْنَشَهْ
وروى الأَزهري عن الشافعي قال: الأَدْهان دُهْنانِ: دُهْنٌ طيِّب مثل
الْبانِ المَنْشُوشِ بالطِّيب، ودُهْنٌ ليس بالطَّيِّب مثل سَلِيخة الْبان
غير مَنْشُوشٍ ومثل الشِّبْرِق. قال الأَزهري: المَنْشوشُ المُرَيَّبُ
بالطيْب إِذا رُبِّب بالطِّيب فهو مَنْشُوش، والسَّلِيخةُ ما اعْتُصر من
ثمَر البان ولم يُرَبَّبْ بالطِّيب. قال ابن الأَعرابي: النَّشّ
الخَلْط.ونَشَّةُ ونَشْناشٌ: اسمان. وأَبو النَّشْناش: كنية؛ قال:
ونائِية الأَرْجاءِ طامِية الصُّوى،
خَدَتْ بأَبي النَّشْناشِ فيها ركائبُهْ
والنَّشْناشُ: موضع بعينه؛ عن ابن الأَعرابي، وأَنشد:
بِأَوْدِيَةِ النَّشْناشِ حتى تتابَعَتْ
رِهامُ الحَيا، واعْتَمَّ بالزهَرِ البَقْلُ
حجم: الإِحْجامُ: ضدُّ الإِقْدام. أَحْجَمَ عن الأَمر: كَفَّ أَو نكص
هَيْبةً. وفي الحديث: أَن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أَخذَ سَيْفاً
يوم أُحُدٍ فقال: من يأْخذ هذا السيف بحَقِّه؟ فأَحْجَم القوم أَي نكصوا
وتأَخروا وتَهَيَّبوا أَخْذه. ورجل مِحْجام: كثير النُّكوص.
والحِجامُ: شيء يجعل في فم البعير أَو خَطْمِه لئلا يَعَضَّ
(* قوله
«لئلا يعض» في المحكم بعده: وقال أبو حنيفة الدينوري هي مخلاة تجعل على خطمه
لئلا يعض)، وهو بعير مَحْجُوم، وقد حَجَمه يَحْجُمه حَجْماً إذا جعل على
فمه حجاماً وذلك إِذا هاجَ. وفي الحديث عن ابن عمر: وذكر أَباه فقال:
كان يَصيحُ الصَّيْحةَ يكاد مَنْ سمعها يَصْعَقُ كالبعير المَحْجُوم
وأَما قوله في حديث حمزة: إِنه خرج يومَ أُحُدٍ كأَنه بعير مَحْجُوم، وفي
رواية: رجل مَحْجوم؛ قال ابن الأَثير: أَي جسيم، من الحَجْمِ وهو
النُّتُوُّ؛ قال ابن سيده: وربما قيل في الشعر فلان يَحْجُم فلاناً عن الأَمر أَي
يكفه، والحَجْمُ: كَفُّكَ إِنساناً عن أَمر يريده. يقال: أَحْجَمَ الرجلُ
عن قِرْنِه، وأَحْجَمَ إِذا جَبُنَ وكَفَّ؛ قاله الأَصمعي وغيره، وقال
مبتكر الأَعرابي: حَجَمْتُه عن حاجته منعته عنها، وقال غيره: حَجَوْتُه عن
حاجته مثله، وحَجَمْتُه عن الشيء أَحْجُمُه أَي كفَفْته عنه. يقال:
حَجَمْتُه عن الشيء فأَحْجَمَ أَي كففته فكَفَّ، وهو من النوادر مثل كبَبْتُه
فأَكبَّ. قال ابن بري: يقال حَجَمْته عن الشيء فأَحْجَم أَي كففته عنه
وأَحْجَمَ هو وكَبَبْتُه وأَكَبَّ هو، وشَنَقْتُ البعيرَ وأَشنَقَ هو إِذا
رفع رأْسه، ونَسَلْتُ ريشَ الطائر وأَنْسَلَ هو، وقَشَعَتِ الريحُ الغيمَ
وأَقْشَعَ هو، ونَزَفْتُ البئرَ وأَنْزََفَتْ هي، ومَرَيْتُ الناقةَ
وأَمْرَتْ هي إِذا دَرَّ لبنُها. وإِحْجام المرأَةِ المولودَ: أَوَّلُ
إِرْضاعةٍ تُرْضِعُه، وقد أَحْجَمَتْ له. وحَجَمَ العظمَ يَحْجُمه حَجْماً:
عَرَقَهُ. وحَجَمَ ثَدْيُ المرأَة يَحْجُم حُجُوماً: بدا نُهُوده؛ قال
الأَعشى:
قد حَجَمَ الثَّدْيُ على نَحْرِها
في مُشْرِقٍ ذي بَهْجةٍ ناضِرِ
(* قوله «ذي بهجة إلخ» كذا في المحكم، وفي التكملة: ذي صبح نائر).
وهذه اللفظة في التهذيب بالأَلف في النثر والنظم: قد أَحْجَمَ الثديُ
على نحر الجارية.
قال: وحَجَّمَ وبَجَّم إِذا نظر نظراً شديداً، قال الأَزهري: وحَمَّجَ
مثله. ويقال للجارية إِذا غَطَّى اللحمُ رؤوس عظامها فسمنت: ما يبدو
لعِظامها حَجْمٌ؛ الجوهري: حَجْمُ الشيء حَيْدهُ. يقال: ليس لِمِرْفَقِهِ
حَجْمٌ أَي نُتُوٌّ. وحَجْم كلِّ شيء: مَلْمَسُه الناتئ تحت يدك، والجمع
حُجُوم. وقال اللحياني: حَجْمُ العظام أَن يوجد مَسُّ العِظام من وراء
الجلد، فَعَبَّرَ
عنه تَعْبيرَه عن المصادر؛ قال ابن سيده: فلا أَدري أَهو عنده مصدر أَم
اسم. قال الليث: الحَجْمُ وِجْدانُك مسَّ شيء تحت ثوب، تقول: مَسِسَتْ
بطنَ الحُبْلى فوجدت حَجْمَ الصبيِّ في بطنها. وفي الحديث: لا يَصِف حَجْمَ
عظامها؛ قال ابن الأَثير: أَراد لا يلتصق الثوب ببدنها فَيَحْكي
الناتئَ والناشزَ من عظامها ولحمها، وجعله واصفاً على التشبيه لأَنه إِذا
أَظهره وبيَّنه كان بمنزلة الواصف لها بلسانه. والحَجْمُ: المَصّ. يقال:
حَجَمَ الصبيُّ ثَدي أُمه إذا مصه. وما حَجَمَ الصبيُّ ثدي أُمه أَي ما
مَصَّه. وثَدْيٌ مَحْجوم أَي ممصوص. والحَجَّامُ: المَصَّاص. قال
الأَزهري: يقال للحاجم حَجَّامٌ لامْتِصاصه فم المِحْجَمَة، وقد حَجَمَ يَحْجِمُ
ويَحْجُم حَجْماً وحاجِمٌ حَجُومٌ ومِحْجَمٌ رَفيقٌ. والمِحْجَمُ
والمِحْجَمَةُ: ما يُحْجَم به. قال الأَزهري: المحْجَمَةُ قارُورَتُهُ، وتطرح
الهاء فيقال مِحْجَم، وجمعه مَحاجِم؛ قال زهير:
ولم يُهَريقُوا بينهم مِلْءَ مِحْجمِ
وفي الحديث: أَعْلَقَ فيه مِحْجَماً؛ قال ابن الأَثير: المِحْجَمُ،
بالكسر، الآلة التي يجمع فيها دم الحِجامة عند المصّ، قال: والمِحْجَمُ
أَيضاً مِشْرَطُ الحَجَّام؛ ومنه الحديث: لَعْقَةُ عَسلٍ أَو شَرْطة مِحْجَمٍ،
وحِرفَتُه وفعلُه الحِجامةُ. والحَجْمُ: فعل الحاجم وهو الحَجّامُ.
واحْتَجَمَ: طلب الحِجامة، وهو مَحْجومٌ، وقد احْتَجَمْتُ من الدم. وفي حديث
الصوم: أَفْطَرَ الحاجِمُ والمَحْجومُ؛ ابن الأَثير: معناه: أَنهما
تَعَرَّضا للإفْطار، أَما المَحْجومُ فللضعف الذي يلحقه من خروج دمه فربما
أَعجزه عن الصوم، وأَما الحاجمُ فلا يأْمَنُ أَن يصل إلى حلقه شيء من الدم
فيبلعَهُ أَو من طَعْمِه، قال: وقيل هذا على سبيل الدعاء عليهما أَي بطل
أَجْرُهما فكأَنهما صارا مفطرين، كقَوله: من صام الدَّهْرَ فلا صام ولا
أَفطر. والمَحْجمة من العنق: موضع المِحْجمةِ. وأَصل الحَجْمِ المصّ،
وقولهم: أَفْرَغُ من حَجَّام ساباطٍ، لأَنه كان تَمُرُّ به الجيوش فيَحْجُمهم
نَسيئةً من الكساد حتى يرجعوا فضربوا به المَثَلَ؛ قال ابن دريد:
الحِجامةُ من الحَجْمِ الذي هو البَداءُ لأَن اللحم يَنْتَبِرُ أَي
يرتفع.والحَوْجَمةُ: الوَرْدُ الأَحمر، والجمع حَوْجَمٌ.
بغث: البَغَثُ والبُغْثة: بياضٌ يَضرِبُ إِلى الخُضرة؛ وقيل: بياض
يَضرِبُ إلىِ الحُمْرة، الذكر أَبْغَثُ، والأُنثَى بَغْثاء. والأَبغَثُ: طائرٌ
غَلَبَ عليه غَلَبَة الأَسماء، وأَصلُه الصفةُ للونه.
التهذيب: البُغَاثُ والأَبغَثُ من طير الماء، كلون الرماد، طويل العُنق؛
والجمع البُغْثُ والأَبَاغِثُ؛ قال أَبو منصور: جَعَلَ الليثُ البُغاثَ
والأَبغَثَ شيئاً واحداً، وجعلهما معاً من طير الماء، قال: والبُغاثُ،
عندي، غيرُ الأَبغَثِ؛ فأَما الأَبغَثُ، فهو من طير الماء، معروف، وسمي
أَبْغَثَ لِبُغْثَتِه، وهو بياض إِلى الخُضرة؛ وأَما البُغاثُ: فكلُّ طائر
ليس من جوارح الطير؛ يقال: هو اسم للجنس من الطير الذي يُصادُ.
والأَبْغَثُ: قريبٌ من الأَغْبَر. ابن سيده: وبَغاثُ الطير وبُغاثها: أَلائِمها
وشِرارُها، وما لا يصيد منها، واحدتُها بَغاثة، بالفتح، الذَّكر والأُنثى في
ذلك سواء. وقال بعضهم: من جعل البَغاثَ واحداً، فجمعه بِغْثانٌ، مثل
غَزال وغِزلانٍ؛ ومنقال للذكر والأُنثى بَغاثة، فجمعه بَغاثٌ، مثل نَعامة
ونَعام، وتكون النعامة للذكر والأُنثى؛ سيبويه: بُغاثٌ، بالضم، وبِغثانٌ،
بالكسر. وفي حديث جعفر بن عمرو: رأَيت وَحْشِيّاً، فإِذا شَيْخٌ مثلُ
البَغَاثة: هي الضعيف من الطير، وجمعها بَغاثٌ. وفي حديث عطاء: في بُغَاثِ
الطيرِ مُدٌّ أَي إِذا صادَه المحرم: وفي حديث المُغِيرة يصف امرأَة:
كأَنها بَغاثٌ؛ والبَغَاثُ طائرٌ أَبيض، وقيل: أَبْغَثُ إِلى الغُبْرى، بطيءُ
الطيرانِ، صغير دُوَيْنَ الرَّخَمَة. قال ابن بري قول الجوهري عن ابن
السكين: البَغاثُ طائرٌ أَبْغَثُ إِلى الغُبْرةِ دون الرَّخَمة، بطيءُ
الطيران؛ قال: هذا غلط من وجهين أَحدهما أَنَّ البَغَاثَ اسم جنس، واحدته
بَغاثة، مثل حَمام وحَمامة، وأَبْغَثُ صفة بدليل قولهم: أَبْغَثُ بَيِّنُ
البُغْثَة، كما تقول: أَحْمَر بَيِّنُ الحُمْرة؛ وجمعه: بُغْثٌ، مثل أَحْمَر
وحُمر؛ قال: وقد يجمع على أَباغِثَ لمَّا اسْتُعمِل استِعمالَ الأَسماء،
كما قالوا: أَبْطَحُ وأَباطِحُ، وأَجْرَعُ وأَجَارِعُ؛ والوجه الثاني:
أَن البُغَاثَ ما لا يصيد من الطير، وأَما الأَبْغَثُ من الطير، فهو ما
كان لونه أَغْبَر، وقد يكون صائداً وغير صائد. قال النضر بن شميل: وأَما
الصُّقورُ فمنها أَبْغَثُ وأَحْوَى، وأَخْرَجُ وأَبيض، وهو الذي يَصيدُ به
الناسُ على كل لون، فجَعَل الأَبْغَثَ صفة لِمَا كان صائداً أشو غير
صائد، بخلاف البَغاثِ الذي لا يكون منه شيءٌ صائداً؛ وقيل: البَغَاث أَولادُ
الرَّخَم والغِرْبان. وقال أَبو زيد: البَغاثُ الرَّخَمُ، واحدتُها
بَغاثة؛ قال: وزعم يونس أَنه يقال له البِغاثُ والبُغاثُ، بالكسر والضم،
الواحدة: بِغاثة وبُغاثة. والبُغاثُ: طير مثلُ السَّوَادِقِ لا يصيد؛ وفي
التهذيب: كالباشِقِ لا يَصِيدُ شيئاً من الطير، الواحدة بُغاثة، ويجمع على
البِغْثان؛ قال عباس بن مِرْداس:
بغاثُ الطَيْر أَكثَرُها فِراخاً،
وأُمُّ الصَّقْرِ مِقْلاةٌ نَزُورُ
وفي المثل:
إِنَّ البِغاثَ بأَرضنا يَسْتَنْسِرُ
يُضربُ مثلاً للَّئيم يرتفع أَمره؛ وقيل: معناه أَي من جاوَرَنا عَزَّ
بِنا. قال الأَزهري: سمعناه بكسر الباء، قال: ويقال بَغاث، بفتح الباء؛
قال: والبَغاثُ الطير الذي يُصاد ويَسْتَنْسِرُ أَي يصير كالنَّسْر الذي
يَصيدُ ولا يُصاد.
والبَغْثاءُ من الضأْن، مثل الرَّقْطاء: وهي التي فيها سواد وبياض،
وبياضها أَكثر من سوادها.
والبَغِيثُ: الطعامُ المخلوطُ يُغَشُّ بالشَّعير كاللَّغِيثِ، عن ثعلب،
وهو مذكور في موضعه؛ قال الشاعر:
إِنَّ البَغِيثَ واللَّغيثَ سِيَّان
والبَغْثاءُ: أَخلاطُ الناس. ودَخَلَ في بَغْثاءِ الناس وبَرْشاءِ الناس
أَي جماعتهم.
وبُغاثٌ: موضع، عن ثعلب. الليث: يومُ بُغاثٍ: يومُ وَقْعَةٍ كانت بين
الأَوْس والخَزْرج؛ قال الأَزهري: إِنما هو بُعاث، بالعين، وقد مرَّ
تفسيره، وهو من مشاهير أَيام العرب، ومن قال بُغاث، فقد صحَّف.
والأَبْغَثُ: مكانٌ ذو رمل وحجارة.
نزر: النَّزْر: القليل التافِه. قال ابن سيده: النَّزْر والنَّزِير
القليل من كل شيء؛ نَزُرَ الشيء، بالضم، يَنْزُرُ نَزْراً ونَزارة ونُزُورة
ونُزْرَة. ونَزَّر عطاءه: قَلَّلَهُ. وطَعم مَنْزُورٌ وعَطاء مَنزُور أَي
قليل، وقيل: كل قليل نَزْرٌ ومَنْزُورٌ؛ قال:
بَطِيءٌ من الشيء القَليلِ احْتِفاظُهُ
عليكَ، ومَنْزورُ الرِّضا حِينَ يَغْضَبُ
وقول ذي الرمة:
لها بَشَرٌ مثلُ الحَرِير، ومَنْطِقٌ
رَخِيمُ الحَواشي، لا هُراءٌ ولا نَزْرُ
يعني أَن كلامَها مختصرُ الأَطرافِ وهذا ضِدّ الهَذْرِ والإِكثار
وذاهِبٌ في التخفيف والاختصار، فإِن قال قائل: وقد قال ولا نَزْر، فَلَسْنا
ندفع أَن الخَفَرَ يَقِلُّ معه الكلام وتُحذَف منه أَحْناءُ المقال لأَنه
على كل حال لا يكون ما يَجري منه، وإِن خَفَّ ونَزَرَ، أَقلَّ من الجُمل
التي هي قواعد الحديث الذي يَشُوق مَوْقِعُه ويَرُوق مَسْمَعُه.
والتَّنَزُّر: التَّقلُّل.
وامرأَة نَزُورٌ: قليلة الولد، ونِسوةٌ نُزُرٌ. والنَّزُور: المرأَة
القليلة الولَد؛ وفي حديث ابن جُبَير: إِذا كانت المرأَة نَزرَةً أَو
مِقْلاتاً أَي قليلةَ الولَد؛ يقال: امرأَة نَزِرَة ونَزُورٌ، وقد يُستعمل ذلك
في الطير؛ قال كُثيِّر:
يُغاثُ الطَّيْر أَكثرها فِراخاً،
وأُمُّ الصَّقْرِ مِقْلاتٌ نَزُورُ
وقال النضر: النَّزُورُ القليل الكلامِ لا يتكلم حتى تُنْزِرَه. وفي
حديث أُمِّ مَعْبَد: لا نَزْر ولا هَذَر؛ النَّزْر القليل، أَي ليس بقليل
فيدُلَّ على عِيٍّ ولا كثيرٍ فاسد. قال الأَصمعي: نَزَرَ فلان فلاناً
يَنْزُره نَزْراً إِذا استخرج ما عنده قليلاً قليلاً. ونَزَرَ الرجلَ: احتقَره
واستقلَّه؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
قد كنتُ لا أُنزَرُ في يوم النَّهَلْ،
ولا تَخُونُ قُوَّتي أَن أُبْتَذَلْ،
حتى تَوَشَّى فيَّ وَضَّاحٌ وَقَلْ
يقول: كنتُ لا أُسْتَقَلُّ ولا أُحتقَرُ حتى كَبِرت. وتَوَشَّى: ظهَر
فيّ كالشِّيَة. ووضَّاح: شَيْب. وقَلَّ: مُتَوَقِّل.
والنَّزْرُ: الإِلحاحُ في السؤال. وقولهم: فلان لا يُعطي حتى يُنْزَر
أَي يُلحَّ عليه ويُصغَّرَ من قدرِه. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: وما
كان لكم أَن تَنْزُرُوا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على الصَّلاة أَي
تُلِحُّوا عليه فيها. ونَزَرَه نَزْراً: أَلحَّ عليه في المسأَلة. وفي
الحديث: أَن عمرَ، رضي الله عنه، كان يُسايِرُ النبي، صلى الله عليه وسلم،
في سفَرٍ فسأَلهُ عن شيء فلم يُجِبْه ثم عاد يسأَلهُ فلم يُجِبْه، فقال
لنفسه كالمُبَكِّت لها: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يا ابنَ الخطَّابِ نَزَرْتَ
رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مِراراً لا يُجِيبُك؛ قال الأَزهري: معناه
أَنك أَلْحَحْتَ عليه في المسأَلة إِلْحاحاً أَدَّبك بسكوته عن جوابك؛
وقال كثير:
لا أَنْزُرُ النَّائِلَ الخليلَ، إِذا
ما اعْتلَّ نَزْرُ الظُّؤُورِ لم تَرَمِ
أَراد: لم تَرْأَمْ فحذف الهمزة. ويقال: أَعطاه عطاء نَزْراً وعطاء
مَنْزُوراً إِذا أَلَحَّ عليه فيه، وعطاءً غير مَنْزُور إِذا لم يُلِحَّ عليه
فيه بل أَعطاه عفواً؛ ومنه قوله:
فَخُذْ عَفْوَ ما آتاك لا تَنْزُرَنَّهُ،
فعندَ بُلوغِ الكدْرِ رَنْقُ المَشارِبِ
(* قوله« ما آتاك إلخ» في الاساس: فخذ عفو من آتاك إلخ.)
أَبو زيد: رجلٌ نَزْر وفَزر، وقد نَزُرَ نَزارَة إِذا كان قليل الخير؛
وأَنْزَرَه الله وهو رجلٌ مَنْزُور. ويقال لكل شيء يَقِل: نَزُورٌ؛ ومنه
قول زيد بن عدي:
أَو كماءِ المَثْمُودِ بَعْدَ جمامٍ،
رَذِم الدَّمْعِ لا يَؤُوب نَزُورا
قال: وجائز أَن يكون النَّزُور بمعنى المنزور فعول بمعنى مفعول.
والنَّزُور من الإِبل: التي لا تَكاد تَلقَحُ إِلا وهي كارهة. وناقة نَزُورٌ:
بينة النَّزار. والنَّزور أَيضاً: القليلة اللبن، وقد نَزُرَتْ نَزْراً.
قال: والنَّاتِق التي إِذا وجَدت مسَّ الفحل لَقِحَت، وقد نَتَقَت تَنتُقُ
إِذا حَمَلت. والنَّزُور: الناقة التي مات ولدها فهي تَرْأَم ولدَ غيرها
ولا يجيء لبنُها إِلا نَزْراً. وفرس نَزُور: بطيئة اللِّقاح. والنَّزْر:
ورمٌ في ضَرْع الناقة؛ ناقة مَنْزُورة، ونَزَرْتُك فأَكثرت أَي أَمرتُك.
قال شمر: قال عِدَّة من الكِلابِييِّن النَّزْر الاستعجال والاسْتِحْثاث،
يقال: نَزَرَه إِذا أَعجلَه، ويقال: ما جئتَ إِذا نَزْراً أَي بطيئاً.
ونِزَار: أَبو قبيلة، وهو نِزارُ بن مَعَدّ بن عَدنان. والتَّنَزُّر:
الانتِساب إِلى نِزار بن معد. ويقال: تَنَزَّر الرجل إِذا تشَبَّه
بالنَّزَارية أَو أَدخَل نفسَه فيهم. وفي الروض الأُنُفِ: سُمي نِزارٌ نِزاراً
لأَن أَباه لمَّا وُلد له نظر إِلى نُور النبوّة بين عينيه، وهو النُّور
الذي كان يُنقل في الأَصلاب إِلى محمد، صلى الله عليه وسلم، ففرِح فرَحاً
شديداً ونَحَر وأَطعم وقال: إِن هذا كلَّه لَنَزْرٌ في حق هذا المولود،
فسمي نِزاراً لذلك.
قول: القَوْل: الكلام على الترتيب، وهو عند المحقِّق كل لفظ قال به
اللسان، تامّاً كان أَو ناقصاً، تقول: قال يقول قولاً، والفاعل قائل،
والمفعول مَقُول؛ قال سيبويه: واعلم أَن قلت في كلام العرب إِنما وقعت على أَن
تحكي بها ما كان كلاماً لا قَوْلاً، يعني بالكلام الجُمَل كقولك زيد منطلق
وقام زيد، ويعني بالقَوْل الأَلفاظ المفردة التي يبنى الكلام منها كزيد
من قولك زيد منطلق، وعمرو من قولك قام عمرو، فأَما تَجوُّزهم في تسميتهم
الاعتقادات والآراء قَوْلاً فلأَن الاعتقاد يخفَى فلا يعرف إِلاَّ
بالقول، أَو بما يقوم مقام القَوْل من شاهد الحال، فلما كانت لا تظهر إِلا
بالقَوْل سميت قولاً إِذ كانت سبباً له، وكان القَوْل دليلاً عليها، كما
يسمَّى الشيء باسم غيره إِذا كان ملابساً له وكان القول دليلاً عليه، فإِن
قيل: فكيف عبَّروا عن الاعتقادات والآراء بالقَوْل ولم يعبروا عنها
بالكلام، ولو سَوَّوْا بينهما أَو قلبوا الاستعمال فيهما كان ماذا؟ فالجواب:
أَنهم إِنما فعلوا ذلك من حيث كان القَوْل بالاعتقاد أَشبه من الكلام، وذلك
أن الاعتقاد لا يُفْهَم إِلاَّ بغيره وهو العبارة عنه كما أَن القَوْل قد
لا يتمُّ معناه إِلاَّ بغيره، أَلا ترى أَنك إِذا قلت قام وأَخليته من
ضمير فإِنه لا يتم معناه الذي وضع في الكلام عليه وله؟ لأَنه إِنما وُضِع
على أَن يُفاد معناه مقترِناً بما يسند إِليه من الفاعل، وقام هذه نفسها
قَوْل، وهي ناقصة محتاجة إِلى الفاعل كاحتياج الاعتقاد إِلى العبارة عنه،
فلما اشتبها من هنا عبِّر عن أَحدهما بصاحبه، وليس كذلك الكلام لأَنه
وضع على الاستقلال والاستغناء عما سواه، والقَوْل قد يكون من المفتقِر إِلى
غيره على ما قدَّمْناه، فكان بالاعتقاد المحتاج إِلى البيان أَقرب
وبأَنْ يعبَّر عنه أَليق، فاعلمه. وقد يستعمل القَوْل في غير الإِنسان؛ قال
أَبو النجم:
قالت له الطيرُ: تقدَّم راشدا،
إِنك لا ترجِعُ إِلا جامِدا
وقال آخر:
قالت له العينانِ: سمعاً وطاعةً،
وحدَّرتا كالدُّرِّ لمَّا يُثَقَّب
وقال آخر:
امتلأَ الحوض وقال: قَطْني
وقال الآخر:
بينما نحن مُرْتعُون بفَلْج،
قالت الدُّلَّح الرِّواءُ: إِنِيهِ
إِنِيهِ: صَوْت رَزَمة السحاب وحَنِين الرَّعْد؛ ومثله أَيضاً:
قد قالتِ الأَنْساعُ للبَطْن الحَقِي
وإِذا جاز أَن يسمَّى الرأْي والاعتقاد قَوْلاً، وإِن لم يكن صوتاً، كان
تسميتهم ما هو أَصوات قولاً أَجْدَر بالجواز، أَلا ترى أَن الطير لها
هَدِير، والحوض له غَطِيط، والأَنْساع لها أَطِيط، والسحاب له دَوِيّ؟
فأَما قوله:
قالت له العَيْنان: سَمْعاً وطاعة
فإِنه وإِن لم يكن منهما صوت، فإِن الحال آذَنَتْ بأَن لو كان لهما
جارحة نطق لقالتا سمعاً وطاعة؛ قال ابن جني: وقد حرَّر هذا الموضع وأَوضحه
عنترة بقوله:
لو كان يَدْرِي ما المْحَاورة اشْتَكى،
أَو كان يَدْرِي ما جوابُ تَكَلُّمي
(* وفي رواية أخرى:
ولكان لو علم الكلامَ مُكَلمي)
والجمع أَقْوال، وأَقاوِيل جمع الجمع؛ قال يقول قَوْلاً وقِيلاً
وقَوْلةً ومَقالاً ومَقالةً؛ وأَنشد ابن بري للحطيئة يخاطب عمر، رضي الله
عنه:تحنّنْ علَيَّ، هَداكَ المَلِيك
فإِنَّ لكلِّ مَقام مَقالا
وقيل: القَوْل في الخير والشر، والقال والقِيل في الشرِّ خاصة، ورجل
قائل من قوم قُوَّل وقُيَّل وقالةٍ. حكى ثعلب: إِنهم لَقالةٌ بالحق، وكذلك
قَؤول وقَوُول، والجمع قُوُل وقُوْل؛ الأَخيرة عن سيبويه، وكذلك قَوّال
وقَوّالةٌ من قوم قَوَّالين وقَوَلةٍ وتِقْوَلةٌ وتِقْوالةٌ؛ وحكى سيبويه
مِقْوَل، وكذلك الأُنثى بغير هاء، قال: ولا يجمع بالواو والنون لأَن
مؤَنثه لا تدخله الهاء. ومِقْوال: كمِقْول؛ قال سيبويه: هو على النسَب، كل ذلك
حسَن القَوْل لسِن، وفي الصحاح: كثير القَوْل. الجوهري: رجل قَؤُول وقوم
قُوُل مثل صَبور وصُبُر، وإِن شئت سكنت الواو. قال ابن بري: المعروف عند
أَهل العربية قَؤُول وقُوْل، بإِسكان الواو، تقول: عَوان وعُوْن الأَصل
عُوُن؛ ولا يحرك إِلا في الشعر كقول الشاعر:
تَمْنَحُه سُوُكَ الإِسْحِل
(* قوله «تمنحه إلخ» صدره كما في مادة سوك:
أغر الثنايا أحم اللثاــــــت تمنحه سوك الإِسحل).
قال: وشاهد قوله رجل قَؤُول قول كعب بن سعد الغَنَوي:
وعَوراء قد قِيلَتْ فلم أَلْتَفِتْ لها،
وما الكَلِمُ العُورانُ لي بِقَبيل
وأُعرِضُ عن مولاي، لو شئت سَبَّني،
وما كلّ حين حلمه بأَصِيل
وما أَنا، للشيء الذي ليس نافِعِي
ويَغْضَب منه صاحبي، بِقَؤُول
ولستُ بِلاقي المَرْء أَزْعُم أَنه
خليلٌ، وما قَلْبي له بخَلِيل
وامرأَة قَوَّالة: كثيرة القَوْل، والاسم القالةُ والقالُ والقِيل. ابن
شميل: يقال للرجل إِنه لَمِقْوَل إِذا كان بَيِّناً ظَرِيفَ اللسان.
والتِّقْولةُ، الكثيرُ الكلام البليغ في حاجته. وامرأَة ورجل تِقْوالةٌ:
مِنْطِيقٌ. ويقال: كثُر القالُ والقِيلُ. الجوهري: القُوَّل جمع قائل مثل
راكِع ورُكَّع؛ قال رؤبة:
فاليوم قد نَهْنَهَني تنَهْنُهِي،
أَوَّل حلم ليس بالمُسَفَّهِ،
وقُوَّل إِلاَّ دَهٍ فَلا دَهِ
وهو ابنُ أَقوالٍ وابنُ قَوَّالٍ أَي جيدُ الكلام فصيح. التهذيب: العرب
تقول للرجل إِذا كان ذا لسانٍ طَلِق إِنه لابنُ قَوْلٍ وابن أَقْوالٍ.
وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم: أَنه نهى عن قِيل وقال وإِضاعةِ المال؛
قال أَبو عبيد في قوله قيل وقال نحوٌ وعربيَّة، وذلك أَنه جعل القال
مصدراً، أَلا تراه يقول عن قِيلٍ وقالٍ كأَنه قال عن قيلٍ وقَوْلٍ؟ يقال على
هذا: قلتُ قَوْلاً وقِيلاً وقالاً، قال: وسمعت الكسائي يقول في قراءة
عبد الله: ذلك عيسى بنُ مريم قالَ الحقِّ الذي فيه يَمْتَرُونَ؛ فهذ من هذا
كأَنه قال: قالَ قَوْلَ الحق؛ وقال الفراء: القالُ في معنى القَوْل مثل
العَيْب والعابِ، قال: والحق في هذا الموضع يراد به الله تعالى ذِكرُه
كأَنه قال قَوْلَ اللهِ. الجوهري: وكذلك القالةُ. يقال: كثرتْ قالةُ الناس،
قال: وأَصْل قُلْتُ قَوَلْتُ، بالفتح، ولا يجوز أَن يكون بالضم لأَنه
يتعدّى. الفراء في قوله، صلى الله عليه وسلم: ونهيِه عن قِيل وقال وكثرة
السؤَال، قال: فكانتا كالاسمين، وهما منصوبتان ولو خُفِضتا على أَنهما
أُخرجتا من نية الفعل إِلى نية الأَسماء كان صواباً كقولهم: أَعْيَيْتني من
شُبٍّ إِلى دُبٍّ؛ قال ابن الأَثير: معنى الحديث أَنه نهَى عن فُضُول ما
يتحدَّث به المُتجالِسون من قولهم قِيلَ كذا وقال كذا، قال: وبناؤهما على
كونهما فعلين ماضيين محكيَّيْن متضمِّنين للضمير، والإِعراب على
إِجرائهما مجرى الأَسماء خِلْوَيْن من الضمير وإِدخال حرف التعريف عليهما لذلك في
قولهم القِيل والقال، وقيل: القالُ الابتداء، والقِيلُ الجواب، قال:
وهذا إِنما يصح إِذا كانت الرواية قِيل وقال على أَنهما فِعْلان، فيكون
النهي عن القَوْل بما لا يصح ولا تُعلم حقيقتُه، وهو كحديثه الآخر: بئس
مَطِيَّةُ الرجل زعموا وأَما مَنْ حكَى ما يصح وتُعْرَف حقيقتُه وأَسنده إِلى
ثِقةٍ صادق فلا وجه للنهي عنه ولا ذَمَّ، وقال أَبو عبيد: إِنه جعل
القال مصدراً كأَنه قال: نهى عن قيلٍ وقوْلٍ، وهذا التأْويل على أَنهما
اسمان، وقيل: أَراد النهي عن كثرة الكلام مُبتدئاً ومُجيباً، وقيل: أَراد به
حكاية أَقوال الناس والبحث عما لا يجدي عليه خيراً ولا يَعْنيه أَمرُه؛
ومنه الحديث: أَلا أُنَبِّئُكم ما العَضْهُ؟ هي النميمةُ القالةُ بين الناس
أَي كثرة القَوْلِ وإِيقاع الخصومة بين الناس بما يحكي البعضُ عن البعض؛
ومنه الحديث: فَفَشَتِ القالةُ بين الناس، قال: ويجوز أَن يريد به
القَوْل والحديثَ. الليث: تقول العرب كثر فيه القالُ والقِيلُ، ويقال إِن
اشتِقاقَهما من كثرة ما يقولون قال وقيل له، ويقال: بل هما اسمان مشتقان من
القَوْل، ويقال: قِيلَ على بناء فِعْل، وقُيِل على بناء فُعِل، كلاهما من
الواو ولكن الكسرة غلبت فقلبت الواو ياء، وكذلك قوله تعالى: وسِيقَ الذين
اتّقَوْا ربَّهم. الفراء: بنو أَسد يقولون قُولَ وقِيلَ بمعنى واحد؛
وأَنشد:
وابتدأَتْ غَضْبى وأُمَّ الرِّحالْ،
وقُولَ لا أَهلَ له ولا مالْ
بمعنى وقِيلَ:
وأَقْوَلَهُ ما لم يَقُلْ وقَوَّلَه ما لم يَقُل، كِلاهما: ادّعى عليه،
وكذلك أَقاله ما لم يقُل؛ عن اللحياني. قَوْل مَقُولٌ ومَقْؤول؛ عن
اللحياني أَيضاً، قال: والإتمام لغة أَبي الجراح. وآكَلْتَني وأَكَّلْتَني ما
لم آكُل أَي ادّعَيْته عَليَّ. قال شمر: تقول قوَّلَني فُلان حتى قلتُ
أَي علمني وأَمرني أَن أَقول، قال: قَوَّلْتَني وأَقْوَلْتَني أَي علَّمتني
ما أَقول وأَنطقتني وحَمَلْتني على القَوْل. وفي حديث سعيد بن المسيب
حين قيل له: ما تقول في عثمان وعلي، رضي الله عنهما؟ فقال: أَقول فيهما ما
قَوَّلَني الله تعالى؛ ثم قرأَ: والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر
لنا ولإِخواننا الذين سبقونا بالإِيمان (الآية). وفي حديث علي، عليه
السلام: سمع امرأَة تندُب عمَر فقال: أَما والله ما قالتْه ولكن قُوِّلتْه
أَي لُقِّنته وعُلِّمته وأُلْقي على لسانها يعني من جانب الإِلْهام أَي
أَنه حقيق بما قالت فيه. وتَقَوَّل قَوْلاً: ابتدَعه كذِباً. وتقوَّل فلان
عليَّ باطلاً أَي قال عَليَّ ما لم أَكن قلتُ وكذب عليَّ؛ ومنه قوله
تعالى: ولو تقوَّل علينا بعضَ الأَقاويل. وكلمة مُقَوَّلة: قِيلتْ مرَّة بعد
مرَّة.
والمِقْوَل: اللسان، ويقال: إِنَّ لي مِقْوَلاً، وما يسُرُّني به
مِقْوَل، وهو لسانه. التهذيب: أَبو الهيثم في قوله تعالى: زعم الذين كفروا أَن
لن يُبْعَثوا، قال: اعلم أَنُ العرب تقول: قال إِنه وزعم أَنه، فكسروا
الأَلف في قال على الابتداء وفتحوها في زعم، لأَن زعم فِعْل واقع بها
متعدٍّ إِليها، تقول زعمت عبدَ الله قائماً، ولا تقول قلت زيداً خارجاً إِلاَّ
أَن تدخل حرفاً من حروف الاستفهام في أَوله فتقول: هل تَقُوله خارجاً،
ومتى تَقُوله فعَل كذا، وكيف تقوله صنع، وعَلامَ تَقُوله فاعلاً، فيصير
عند دخول حروف الاستفهام عليه بمنزلة الظن، وكذلك تقول: متى تَقُولني
خارجاً، وكيف تَقُولك صانعاً؟ وأَنشد:
فمتى تَقُول الدارَ تَجْمَعُنا
قال الكميت:
عَلامَ تَقُول هَمْدانَ احْتَذَتْنا
وكِنْدَة، بالقوارِصِ، مُجْلِبينا؟
والعرب تُجْري تقول وحدها في الاستفهام مجرى تظنُّ في العمل؛ قال هدبة
بن خَشْرم:
متى تَقُول القُلُصَ الرَّواسِما
يُدْنِين أُمَّ قاسِمٍ وقاسِما؟
فنصب القُلُص كما ينصب بالظنِّ ؛ وقال عمرو بن معديكرب:
عَلامَ تَقُول الرُّمْحَ يُثْقِلُ عاتِقي،
إِذا أَنا لم أَطْعُنْ، إِذا الخيلُ كَرَّتِ؟
وقال عمر بن أَبي ربيعة:
أَمَّا الرَّحِيل فدُون بعدَ غدٍ،
فمتى تَقُولُ الدارَ تَجْمَعُنا؟
قال: وبنو سليم يُجْرون متصرِّف قلت في غير الاستفهام أَيضاً مُجْرى
الظنِّ فيُعدُّونه إِلى مفعولين، فعلى مذهبهم يجوز فتح انَّ بعد القَول. وفي
الحديث: أَنه سَمِعَ صوْت رجل يقرأُ بالليل فقال أَتَقُوله مُرائياً أَي
أَتظنُّه؟ وهو مختصٌّ بالاستفهام؛ ومنه الحديث: لمَّا أَراد أَن يعتَكِف
ورأَى الأَخْبية في المسجد فقال: البِرَّ تَقُولون بهنَّ أَي تظنُّون
وتَرَوْن أَنهنَّ أَردْنَ البِرَّ، قال: وفِعْلُ القَوْلِ إِذا كان بمعنى
الكلام لا يعمَل فيما بعده، تقول: قلْت زيد قائم، وأَقول عمرو منطلق، وبعض
العرب يُعمله فيقول قلْت زيداً قائماً، فإِن جعلتَ القَوْلَ بمعنى الظنّ
أَعملته مع الاستفهام كقولك: متى تَقُول عمراً ذاهباً، وأَتَقُول زيداً
منطلقاً؟
أَبو زيد: يقال ما أَحسن قِيلَك وقَوْلك ومَقالَتك ومَقالَك وقالَك،
خمسة أَوجُه. الليث: يقال انتشَرَت لفلان في الناس قالةٌ حسنة أَو قالةٌ
سيئة، والقالةُ تكون بمعنى قائلةٍ، والقالُ في موضع قائل؛ قال بعضهم لقصيدة:
أَنا قالُها أَي قائلُها. قال: والقالةُ القَوْلُ الفاشي في الناس.
والمِقْوَل: القَيْل بلغة أَهل اليمن؛ قال ابن سيده: المِقْوَل والقَيْل
الملك من مُلوك حِمْير يَقُول ما شاء، وأَصله قَيِّل؛ وقِيلَ: هو دون
الملك الأَعلى، والجمع أَقْوال. قال سيبويه: كسَّروه على أَفْعال تشبيهاً
بفاعل، وهو المِقْوَل والجمع مَقاوِل ومَقاوِلة، دخلت الهاء فيه على حدِّ
دخولها في القَشاعِمة؛ قال لبيد:
لها غَلَلٌ من رازِقيٍّ وكُرْسُفٍ
بأَيمان عُجْمٍ، يَنْصُفُون المَقاوِلا
والمرأَة قَيْلةٌ. قال الجوهري: أَصل قَيْل قَيِّل، بالتشديد، مثل
سَيِّد من ساد يَسُود كأَنه الذي له قَوْل أَي ينفُذ قولُه، والجمع أَقْوال
وأَقْيال أَيضاً، ومن جمَعه على أَقْيال لم يجعل الواحد منه مشدَّداً؛
التهذيب: وهم الأَقْوال والأَقْيال، الواحد قَيْل، فمن قال أَقْيال بناه على
لفظ قَيْل، ومن قال أَقْوال بناه على الأَصل، وأَصله من ذوات الواو؛ وروي
عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه كتب لوائل بن حُجْر ولقومه: من
محمدٍ رسول الله إِلى الأَقْوالِ العَباهِلة، وفي رواية: إِلى الأَقْيال
العَباهِلة؛ قال أَبو عبيدة: الأَقْيال ملوك باليمن دون الملك الأَعظم،
واحدُهم قَيْل يكون ملكاً على قومه ومِخْلافِه ومَحْجَره، وقال غيره: سمي
الملك قَيْلاً لأَنه إِذا قال قولاً نفَذ قولُه؛ وقال الأَعشى فجعلهم
أَقْوالاً:
ثم دانَتْ، بَعْدُ، الرِّبابُ، وكانت
كعَذابٍ عقوبةُ الأَقْوالِ
ابن الأَثير في تفسير الحديث قال: الأَقْوال جمع قَيْل، وهو الملك
النافذ القَوْل والأَمرِ، وأَصله قَيْوِل فَيْعِل من القَوْل، حذفت عينه، قال:
ومثله أَموات في جمع ميْت مخفف ميّت، قال: وأَما أَقْيال فمحمول على لفظ
قَيْل كما قيل أَرْياح في جمع ريح، والشائع المَقِيس أَرْواح. وفي
الحديث: سبحان مَنْ تَعَطَّف العِزَّ وقال بِه: تعطَّف العِزَّ أَي اشتمل
بالعِزِّ فغلب بالعز كلَّ عزيز، وأَصله من القَيْل ينفُذ قولُه فيما يريد؛
قال ابن الأَثير: معنى وقال به أَي أَحبَّه واختصَّه لنفسه، كما يُقال:
فلان يَقُول بفلان أَي بمحبَّته واختصاصِه، وقيل: معناه حَكَم به، فإِن
القَوْل يستعمل في معنى الحُكْم. وفي الحديث: قولوا بقَوْلكم أَو بعض
قَوْلِكم ولا يَسْتَجْرِيَنَّكم الشيطان أَي قُولوا بقَوْل أَهل دِينكم
ومِلَّتكم، يعني ادعوني رسولاً ونبيّاً كما سمَّاني الله، ولا تسموني سيِّداً كما
تسمُّون رؤساءكم، لأَنهم كانوا يحسَبون أَن السيادة بالنبوة كالسيادة
بأَسباب الدنيا، وقوله بعض قولِكم يعني الاقتصادَ في المقال وتركَ الإِسراف
فيه، قال: وذلك أَنهم كانوا مدحوه فكره لهم المبالغة في المدح فنهاهم
عنه، يريد تكلَّموا بما يحضُركم من القَوْلِ ولا تتكلَّفوه كأَنكم وُكلاءُ
الشيطان ورُسُلُه تنطِقون عن لسانه. واقْتال قَوْلاً: اجْتَرَّه إِلى
نفسِه من خير أَو شر. واقْتالَ عليهم: احْتَكَم؛ وأَنشد ابن بري للغَطَمَّش
من بني شَقِرة:
فبالخَيْر لا بالشرِّ فارْجُ مَوَدَّتي،
وإِنِّي امرُؤٌ يَقْتالُ مني التَّرَهُّبُ
قال أَبو عبيد: سمعت الهيثم بن عدي يقول: سمعت عبد العزيز بن عمر بن عبد
العزيز يقول في رُقْية النَّمْلة: العَرُوس تَحْتَفِل، وتَقْتالُ
وتَكْتَحِل، وكلَّ شيء تَفْتَعِلْ، غير أَن لا تَعْصِي الرجل؛ قال: تَقْتال
تَحْتَكِم على زوجها. الجوهري: اقْتال عليه أَي تحكَّم؛ وقال كعب بن سعد
الغَنَويّ:
ومنزلَةٍ في دار صِدْق وغِبْطةٍ،
وما اقْتال من حُكْمٍ عَليَّ طَبيبُ
قال ابن بري: صواب إِنشاده بالرفع ومنزلةٌ لأَن قبله:
وخَبَّرْ تُماني أَنَّما الموتُ في القُرَى،
فكيف وهاتا هَضْبَةٌ وكَثِيبُ
وماءُ سماء كان غير مَحَمَّة
بِبَرِّيَّةٍ، تَجْري عليه جَنُوبُ
وأَنشد ابن بري للأَعشى:
ولمِثْلِ الذي جَمَعْتَ لِرَيْبِ الد
هر تَأْبى حكومة المُقْتالِ
وقاوَلْته في أَمره وتَقاوَلْنا أَي تَفاوَضْنا؛ وقول لبيد:
وإِنَّ الله نافِلةٌ تقاه،
ولا يَقْتالُها إِلا السَّعِيدُ
أَي ولا يقولها؛ قال ابن بري: صوابه فإِنَّ الله، بالفاء؛ وقبله:
حَمِدْتُ اللهَ واللهُ الحميدُ
والقالُ: القُلَةُ، مقلوب مغيَّر، وهو العُود الصغير، وجمعه قِيلان؛
قال:وأَنا في ضُرَّاب قِيلانِ القُلَهْ
الجوهري: القالُ الخشبة التي يضرَب بها القُلَة؛ وأَنشد:
كأَنَّ نَزْوَ فِراخِ الهامِ، بينَهُم،
نَزْوُ القُلاة، قلاها قالُ قالِينا
قال ابن بري: هذا البيت يروى لابن مقبل، قال: ولم أَجده في شعره.
ابن بري: يقال اقْتالَ بالبعير بعيراً وبالثوب ثوباً أَي استبدله به،
ويقال: اقْتال باللَّوْن لَوْناً آخر إِذا تغير من سفرٍ أَو كِبَر؛ قال
الراجز:
فاقْتَلْتُ بالجِدّة لَوْناً أَطْحَلا،
وكان هُدَّابُ الشَّباب أَجْملا
ابن الأَعرابي: العرب تقول قالوا بزيدٍ أَي قَتَلُوه، وقُلْنا به أَي
قَتَلْناه؛ وأَنشد:
نحن ضربناه على نِطَابه،
قُلْنا به قُلْنا به قُلْنا به
أَي قَتَلْناه، والنَّطابُ: حَبْل العاتِقِ. وقوله في الحديث: فقال
بالماء على يَده؛ وفي الحديث الآخر: فقال بِثَوبه هكذا، قال ابن الأَثير:
العرب تجعل القول عبارةً عن جميع الأَفعال وتطلِقه على غير الكلام واللسان
فتقول قال بِيَده أَي أَخذ، وقال برِجْله أَي مشى؛ وقد تقدَّم قول
الشاعر:وقالت له العَيْنانِ: سمعاً وطاعة
أَي أَوْمَأَتْ، وقال بالماء على يدِه أَي قَلب، وقال بثوب أَي رفَعَه،
وكل ذلك على المجاز والاتساع كما روي في حديث السَّهْوِ قال: ما يَقُولُ
ذو اليدين؟ قالوا: صدَق، روي أَنهم أَوْمَؤُوا برؤوسِهم أَي نعم ولم
يتكلَّموا؛ قال: ويقال قال بمعنى أَقْبَلَ، وبمعنى مال واستراحَ وضرَب وغلَب
وغير ذلك.
وفي حديث جريج: فأَسْرَعَت القَوْلِيَّةُ إِلى صَوْمَعَتِه؛ همُ
الغَوْغاءُ وقَتَلَةُ الأَنبياء واليهودُ، وتُسمَّى الغَوْغاءُ
قَوْلِيَّةً.
ألا: أَلا يَأْلو أَلْواً وأُلُوّاً وأُلِيّاً وإلِيّاً وأَلَّى
يُؤَِلِّي تََأْلِيَةً وأْتَلى: قَصَّر وأَبطأَ؛ قال:
وإنَّ كَنائِني لَنِساءُ صِدْقٍ،
فَما أَلَّى بَنِيَّ ولا أَساؤوا
وقال الجعدي:
وأَشْمَطَ عُرْيانٍ يُشَدُّ كِتافُه،
يُلامُ على جَهْدِ القِتالِ وما ائْتَلى
أَبو عمرو: يقال هُو مُؤَلٍّ أي مُقَصِّر؛ قال:
مُؤلٍّ في زِيارَتها مُلِيم
ويقال للكلب إذا قَصَّر عن صيده: أَلَّى، وكذلك البازِي؛ وقال الراجز:
جاءت به مُرَمَّداً ما مُلاَّ،
ما نِيَّ آلٍ خَمَّ حِينَ أَلاَّ
قال ابن بري: قال ثعلب فميا حكاه عنه الزجاجي في أَماليه سأَلني بعض
أَصحابنا عن هذا لبيت فلم أَدْرِ ما أَقول، فصِرْت إلى ابن الأَعرابي
ففَسَّره لي فقال: هذا يصف قُرْصاً خَبَزته امرأَته فلم تُنْضِجه، فقال جاءت به
مُرَمَّداً أَي مُلَوَّثاً بالرماد، ما مُلَّ أَي لم يُمَلَّ في الجَمْر
والرماد الحارّ، وقوله: ما نِيَّ، قال: ما زائدة كأَنه قال نِيَّ الآلِ،
والآلُ: وَجْهُه، يعني وجه القُرْصِ، وقوله: خَمَّ أَي تَغَيَّر، حين
أَلَّى أَي أَبطأَ في النُّضْج؛ وقول طُفَيل:
فَنَحْنُ مَنعَنْا يَوْمَ حَرْسٍ نِساءَكم،
غَدَاةَ دَعانا عامِرٌ غَيْرَ مُعْتَلي
قال ابن سيده: إنما أَراد غَيْرَ مُؤْتَلي، فأَبدل العين من الهمزة؛
وقول أَبي سَهْو الهُذلي:
القَوْمُ أَعْلَمُ لَو ثَقِفْنا مالِكاً
لاصْطافَ نِسْوَتُه، وهنَّ أَوالي
أَراد: لأَقَمْنَ صَيْفَهُنَّ مُقَصِّرات لا يَجْهَدْنَ كلَّ الجَهْدِ
في الحزن عليه لِيَأْسِهِنَّ عنه. وحكى اللحياني عن الكسائي: أقْبَل يضربه
لا يَأْلُ، مضمومة اللام دون واو، ونظيره ما حكاه سيبويه من قولهم: لا
أَدْرِ، والاسم الأَلِيَّة؛ ومنه المثل: إلاَّ حَظِيِّه فلا أَلِيَّه؛ أَي
إن لم أَحْظَ فلا أَزالُ أَطلب ذلك وأَتَعَمَّلُ له وأُجْهِد نَفْسي
فيه، وأَصله في المرأَة تَصْلَف عند زوجها، تقول: إن أَخْطَأَتْك الحُظْوة
فيما تطلب فلا تَأْلُ أَن تَتَودَّدَ إلى الناس لعلك تدرك بعض ما تريد.
وما أَلَوْتُ ذلك أَي ما استطعته.
وما أَلَوْتُ أَن أَفعله أَلْواً وأُلْواً وأُلُوّاً أَي ما تركْت.
والعرب تقول: أَتاني فلان في حاجة فما أَلَوْتُ رَدَّه أَي ما استطعت،
وأَتاني في حاجة فأَلَوْت فيها أَي اجتهدت. قال أَبو حاتم: قال الأَصمعي يقال
ما أَلَوْت جَهْداً أَي لم أَدَع جَهْداً، قال: والعامة تقول ما آلُوكَ
جَهْداً، وهو خطأ. ويقال أَيضاً: ما أَلَوْته أَي لم أَسْتَطِعْه ولم
أُطِقْه. ابن الأَعرابي في قوله عز وجل: لا يَأَلُونَكم خَبالاً؛ أَي لا
يُقَصِّرون في فسادكم. وفي الحديث: ما من وَالٍ إلاَّ وله بِطانَتانِ:
بِطانةٌ تأْمره بالمعروف وتَنْهاه عن المُنْكَر، وبِطانةٌ لا تَأْلُوه خَبالاً،
أَي لا تُقَصِّر في إفساد حاله. وفي حديث زواج علي، عليه السلام: قال
النبي، صلى الله عليه وسلم، لفاطمة، عليها السلام: ما يُبْكِيكِ فما
أَلَوْتُكِ ونَفْسِي وقد أَصَبْتُ لكِ خَيرَ أَهْلي أَي ما قَصَّرْت في أَمرك
وأَمري حيث اخترتُ لكِ عَلِيّاً زوجاً. وفلان لا يأْلُو خيراً أَي لا
يَدَعُه ولا يزال يفعله. وفي حديث الحسن: أُغَيْلِمَةٌ حَيَارَى تَفاقَدُوا
ما يَأْلَ لهم
(* قوله «ما يأل لهم إلى قوله وأيال له إيالة» كذا في الأصل
وفي ترجمة يأل من النهاية). أَن يَفْقَهوا. يقال: يالَ له أَن يفعل كذا
يولاً وأَيالَ له إيالةً أَي آنَ له وانْبَغَى. ومثله قولهم: نَوْلُك أَن
تفعل كذا ونَوالُكَ أَن تَفْعَله أَي انْبَغَى لك. أَبو الهيثم:
الأَلْوُ من الأَضداد، يقال أَلا يَأْلُو إذا فَتَرَ وضَعُف، وكذلك أَلَّى
وأْتَلى. قال: وأَلا وأَلَّى وتَأَلَّى إذا اجتهد؛ وأَنشد:
ونحْنُ جِياعٌ أَيَّ أَلْوٍ تَأَلَّتِ
معناه أَيَّ جَهْدٍ جَهَدَتْ. أَبو عبيد عن أَبي عمرو: أَلَّيْتُ أَي
أَبْطأْت؛ قال: وسأَلني القاسم بن مَعْن عن بيت الربيع بن ضَبُع
الفَزارِي:وما أَلَّى بَنِيّ وما أَساؤوا
فقلت: أَبطؤوا، فقال: ما تَدَعُ شيئاً، وهو فَعَّلْت من أَلَوْت أَي
أَبْطأْت؛ قال أَبو منصور: هو من الأُلُوِّ وهو التقصير؛ وأَنشد ابن جني في
أَلَوْت بمعنى استطعت لأَبي العِيال الهُذَلي:
جَهْراء لا تَأْلُو، إذا هي أَظْهَرَتْ
بَصَراً، ولا مِنْ عَيْلةٍ تُغْنِيني
أَي لا تُطِيق. يقال: هو يَأْلُو هذا الأَمر أَي يُطِيقه ويَقْوَى عليه.
ويقال: إنى لا آلُوكَ نُصْحاً أَي لا أَفْتُر ولا أُقَصِّر. الجوهري:
فلان لا يَأْلُوك نصْحاً فهو آلٍ، والمرأَة آلِيَةٌ، وجمعها أَوالٍ.
والأُلْوة والأَلْوة والإلْوة والأَلِيَّة على فعِيلة والأَلِيَّا، كلُّه:
اليمين، والجمع أَلايَا؛ قال الشاعر:
قَلِيلُ الأَلايَا حافظٌ لِيَمينِه،
وإنْ سَبَقَتْ منه الأَلِيَّةُ بَرَّتِ
ورواه ابن خالويه: قليل الإلاء، يريد الإيلاءَ فحذف الياء، والفعل آلَى
يُؤْلي إيلاءً: حَلَفَ، وتأَلَّى يَتأَلَّى تأَلِّياً وأْتَلى يَأْتَلي
ائتِلاءً. وفي التنزيل العزيز: ولا يَأْتَلِ أُولو الفَضْل منكم (الآية)؛
وقال أَبو عبيد: لا يَأْتَل هو من أَلَوْتُ أَي قَصَّرْت؛ وقال الفراء:
الائتِلاءُ الحَلِفُ، وقرأَ بعض أَهل المدينة: ولا يَتَأَلَّ، وهي مخالفة
للكتاب من تَأَلَّيْت، وذلك أَن أَبا بكر، رضي الله عنه، حَلَف أَن لا
يُنْفِقَ على مِسْطَح بن أُثَاثَةَ وقرابته الذين ذكروا عائشة، رضوان الله
عليها، فأَنزل الله عز وجل هذه الآية، وعاد أَبو بكر، رضي الله عنه، إلى
الإنفاق عليهم. وقد تَأَلَّيْتُ وأْتَلَيْت وآلَيْتُ على الشيء
وآلَيْتُه، على حذف الحرف: أَقْسَمْت. وفي الحديث: مَنْ يَتَأَلَّ على الله
يُكْذِبْه؛ أَي مَن حَكَم عليه وخَلَف كقولك: والله لَيُدْخِلَنَّ الله فلاناً
النارَ، ويُنْجِحَنَّ اللهُ سَعْيَ فلان. وفي الحديث: وَيْلٌ
للمُتَأَلِّينَ من أُمَّتي؛ يعني الذين يَحْكُمون على الله ويقولون فلان في الجنة
وفلان في النار؛ وكذلك قوله في الحديث الآخر: مَنِ المُتأَلِّي على الله.
وفي حديث أَنس بن مالك: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، آلى من نسائه
شهراً أَي حلف لا يدْخُل عليهن، وإنما عَدَّاهُ بِمِن حملاً على المعنى، وهو
الامتناع من الدخول، وهو يتعدى بمن، وللإيلاء في الفقه أَحكام تخصه لا
يسمى إيلاءً دونها. وفي حديث علي، عليه السلام: ليس في الإصلاح إيلاءٌ أَي
أَن الإيلاء إنما يكون في الضِّرار والغضب لا في النفع والرضا. وفي حديث
منكر ونكير: لا دَرَيْتَ ولا ائْتَلَيْتَ، والمحدّثون يروونه: لا
دَرَيْتَ ولا تَلَيْتَ، والصواب الأَول. ابن سيده: وقالوا لا دَرَيْتَ ولا
ائْتَلَىتَ، على افْتعَلْتَ، من قولك ما أَلَوْتُ هذا أَي ما استطعته أَي ولا
اسْتَطَعْتَ. ويقال: أَلَْوته وأْتَلَيْتُه وأَلَّيْتُه بمعنى استطعته؛
ومنه الحديث: مَنْ صامَ الدهر لا صام ولا أَلَّى أَي ولا استطاع الصيام،
وهو فَعَّلَ منه كأَنه دَعا عليه، ويجوز أَن يكون إخباراً أَي لم يَصُمْ
ولم يُقَصِّر، من أَلَوْت إذا قَصَّرت. قال الخطابي: رواه إبراهيم بن فراس
ولا آلَ بوزن عالَ، وفسر بمعنى ولا رجَع، قال: والصوابُ أَلَّى مشدداً
ومخففاً. يقال: أَلا الرجلُ وأَلَّى إذا قَصَّر وترك الجُهْد. وحكي عن ابن
الأَعرابي: الأَلْوُ الاستطاعة والتقصير والجُهْدُ، وعلى هذا يحمل قوله
تعالى: ولا يَأْتَلِ أُولو الفضل منكم؛ أَي لا يُقَصِّر في إثناء أُولي
القربى، وقيل: ولا يحلف لأَن الآية نزلت في حلف أَبي بكر أَن لا يُنْفِقَ
على مِسْطَح، وقيل في قوله لا دَرَيْت ولا ائْتَلَيْت: كأَنه قال لا
دَرَيْت ولا استطعت أَن تَدْري؛ وأَنشد:
فَمَنْ يَبتَغي مَسْعاةَ قَوْمِي فَلْيَرُمْ
صُعوداً إلى الجَوْزاء، هل هو مُؤتَلي
قال الفراء: ائْتَلَيْت افتعلت من أَلَوْت أي قَصَّرت. ويقول: لا
دَرَيْت ولا قَصَّرت في الطلب ليكون أَشقى لك؛ وأَنشد
(* امرؤ القيس):
وما المرْءُ، ما دامت حُشاشَةُ نفسه،
بمُدْرِك أَطرافِ الخُطُوب ولا آلي
وبعضهم يقول: ولا أَلَيْت، إتباع لَدَرَيْت، وبعضهم يقول: ولا أَتْلَيْت
أَي لا أَتْلَتْ إبلُك. ابن الأَعرابي: الأَلْوُ التقصير، والأَلْوُ
المنع، والأَلْوُ الاجتهاد، والأَلْوُ الاستطاعة، والأَلْو العَطِيَّة؛
وأَنشد:
أَخالِدُ، لا آلُوكَ إلاَّ مُهَنَّداً،
وجِلْدَ أَبي عِجْلٍ وَثيقَ القَبائل
أَي لا أُعطيك إلا سيفاً وتُرْساً من جِلْدِ ثور، وقيل لأَعرابي ومعه
بعير: أَنِخْه، فقال: لا آلُوه. وأَلاه يَأْلُوه أَلْواً: استطاعه؛ قال
العَرْجي:
خُطُوطاً إلى اللَّذَّات أَجْرَرْتُ مِقْوَدي،
كإجْرارِك الحَبْلَ الجَوادَ المُحَلِّلا
إذا قادَهُ السُّوَّاسُ لا يَمْلِكُونه،
وكانَ الذي يَأْلُونَ قَوْلاً له: هَلا
أَي يستطيعون. وقد ذكر في الأَفعال أَلَوْتُ أَلْواً. والأَلُوَّةُ:
الغَلْوَة والسَّبْقة. والأَلُوَّة والأُلُوَّة، بفتح الهمزة وضمها
والتشديد، لغتان: العُودُ الذي يُتَبَخَّر به، فارسي معرَّبٌ، والجمع أَلاوِيَة،
دخلت الهاء للإشعار بالعجمة؛ أُنشد اللحياني:
بِساقَيْنِ ساقَيْ ذي قِضِين تَحُشُّها
بأَعْوادِ رَنْدٍ أَو أَلاوِيَةً شُقْرا
(* قوله «أو ألاوية شقرا» كذا في الأصل مضبوطاً بالنصب ورسم ألف بعد شقر
وضم شينها، وكذا في ترجمة قضى من التهذيب وفي شرح القاموس).
ذو قِضين: موضع. وساقاها جَبَلاها. وفي حديث النبي، صلى الله عليه
وسلَّم، في صفة أَهل الجنة: ومَجامِرُهم الأَلُوَّة غير مُطَرَّاة؛ قال
الأَصمعي: هو العُود الذي يُتَبَخَّر به، قال وأُراها كلمة فارسية عُرِّبت. وفي
حديث ابن عمر: أَنه كان يَسْتَجمر بالأَلُوَّة غيرَ مُطَرَّاة. قال أَبو
منصور: الأَلُوَّة العود، وليست بعربية ولا فارسية، قال: وأُراها هندية.
وحكي في موضع آخر عن اللحياني قال: يقال لضرب من العُود أَلُوَّة
وأُلُوَّةٌ ولِيَّة ولُوَّة، ويجمع أَلُوَّةٌ أَلاوِيَةً؛ قال حسان:
أَلا دَفَنْتُم رسولَ اللهِ في سَفَطٍ،
من الأَلُوَّة والكافُورِ، مَنْضُودِ
وأَنشد ابن الأَعرابي:
فجاءتْ بِكافورٍ وعُود أَلُوَّةٍ
شَآمِيَة، تُذْكى عليها المَجامِرُ
ومَرَّ أَعرابي بالنبي، صلى الله عليه وسلم، وهو يُدْفَن فقال:
أَلا جَعَلْتُم رسولَ اللهِ في سَفَطٍ،
من الأَلُوَّةِ، أَحْوى مُلْبَساً ذَهَبا
وشاهد لِيَّة في قول الراجز:
لا يَصْطَلي لَيْلَةَ رِيح صَرْصَرٍ
إلاَّ بِعُود لِيَّةٍ، أَو مِجْمَر
ولا آتيك أَلْوَة أَبي هُبَيْرة؛ أَبو هُبَيْرَة هذا: هو سعد بن زيد
مَناة بن تميم، وقال ثعلب: لا آتيك أَلْوَةَ بنَ هُبيرة؛ نَصبَ أَلْوَة
نَصْبَ الظروف، وهذا من اتساعهم لأَنهم أَقاموا اسم الرجل مُقام
الدَّهر.والأَلْىة، بالفتح: العَجِيزة للناس وغيرهم، أَلْيَة الشاة وأَلْية
الإنسان وهي أَلْية النعجة، مفتوحة الأَلف، في حديث: كانوا يَجْتَبُّون
أَلَياتِ الغَنَم أَحياءً؛ جمع أَلْية وهي طَرَف الشاة، والجَبُّ القطع، وقيل:
هو ما رَكِبَ العَجُزَ من اللحم والشحم، والجمع أَلَيات وأَلايا؛
الأَخيرة على غير قياس. وحكى اللحياني: إنَّه لذُو أَلَياتٍ، كأَنه جعل كل جزء
أَلْيةً ثم جمع على هذا، ولا تقل لِيَّة ولا إلْية فإنهما خطأٌ. وفي
الحديث: لا تقومُ الساعةُ حتى تَضْطرِبَ أَلَياتُ نِساء دَوْسٍ على ذي
الخَلَصة؛ ذو الخَلَصَة: بيتٌ كان فيه صَنَمٌ لدَوْسٍ يسمى الخَلَصة، أَراد: لا
تقوم الساعة حتى ترجع دَوْسٌ عن الإسلام فَتَطُوفَ نساؤهم بذي الخَلَصة
وتَضْطَرِبَ أَعجازُهُنَّ في طوافهن كما كُنَّ يفعلن في الجاهلية.
وكَبْشٌ أَلَيان، بالتحريك، وأَلْيان وأَلىً وآلٍ وكباشٌ ونِعاجٌ أُلْيٌ مثل
عُمْي، قال ابن سيده: وكِباش أَلْيانات، وقالوا في جمع آلٍ أُلْيٌ، فإما
أَن يكون جُمِع على أَصله الغالب عليه لأَن هذا الضرب يأْتي على أَفْعَل
كأَعْجَز وأَسْته فجمعوا فاعلاً على فُعْلٍ ليعلم أَن المراد به أَفْعَل،
وإمّا أَن يكون جُمِع نفس آلٍ لا يُذْهَب به إلى الدلالة على آلَى، ولكنه
يكون كبازِلٍ وبُزْلٍ وعائذٍ وعُوذٍ. ونعجة أَلْيانةٌ وأَلْيا، وكذلك
الرجل والمرأَة مِنْ رِجالٍ أُلْيٍ ونساء أُلْيٍ وأَلْيانات وأَلاءٍ؛ قال
أَبو إسحق: رجل آلٍ وامرأَة عَجزاء ولا يقال أَلْياءُ، قال الجوهري: وبعضهم
يقوله؛ قال ابن سيده: وقد غلط أَبو عبيد في ذلك. قال ابن بري: الذي يقول
المرأَة أَليْاء هو اليزيدي؛ حكاه عنه أَبو عبيد في نعوت خَلْق
الإِنسان. الجوهري: ورجل آلَى أَي عظيم الأَليْة. وقد أَلِيَ الرجلُ، بالكسر،
يَأْلَى أَلىً. قال أَبو زيد: هما أَليْانِ للأَلْيَتَيْن فإِذا أَفردت
الواحدة قلت أَليْة؛ وأَنشد:
كأَنَّما عَطِيَّةُ بنُ كَعْبِ
ظَعِينةٌ واقِفَةٌ في رَكْبِ،
تَرْتَجُّ أَليْاهُ ارْتِجاجَ الوَطْبِ
وكذلك هما خُصْيانِ، الواحدة خُصْيَة. وبائعه أَلاَّء، على فَعَّال. قال
ابن بري: وقد جاء أَلْيَتان؛ قال عنترة:
مَتَى ما تَلْقَني فَرْدَيْنِ تَرْجُفْ
رَوانِفُ أَلْيَتَيْك وتُسْتَطارا
واللِّيَّة، بغير همز، لها مَعنيان؛ قال ابن الأَعرابي: اللِّيَّة قرابة
الرجل وخاصته؛ وأَنشد:
فَمَنْ يَعْصِبْ بِلِيَّتهِ اغْتِراراً،
فإِنَّك قد مَلأْتَ يَداً وشامَا
يَعْصِبْ: يَلْوِي مِنْ عصب الشيء، وأَراد باليد اليَمَن؛ يقول: مَنْ
أَعْطى أَهل قرابته أَحياناً خصوصاً فإِنك تعطي أَهل اليَمَن والشام.
واللِّيَّة أَيضاً: العود الذي يُسْتَجْمَر به وهي الأَلُوَّة.
ويقال: لأَى إِذا أَبطأَ، وأَلاَ إِذا تَكَبَّر؛ قال الأَزهري: أَلاَ
إِذا تَكبَّر حرف غريب لم أَسمعه لغير ابن الأَعرابي، وقال أَيضاً:
الأَليُّ الرجل الكثير الأَيْمان.
وأَليْة الحافر: مُؤخَّره. وأَليْة القَدَم: ما وقَع عليه الوَطءُ من
البَخَصَة التي تحت الخِنْصَر. وأَلْيَةُ الإبهام: ضَرَّتُها وهي اللَّحْمة
التي في أَصلها، والضرَّة التي تقابلها. وفي الحديث: فَتَفَلَ في عين
عليٍّ ومسَحَها بأَليْة إِبْهامه؛ أَليْة الإِبهام: أَصلُها، وأَصلُ
الخِنْصَر الضَّرَّة. وفي حديث البَراء: السُّجود على أَلْيَتَي الكَفِّ؛ أَراد
أَلْية الإِبهام وضَرَّة الخِنْصر، فَغَلَّب كالعُمَرَيْن
والقَمَرَيْن. وأَلْيةُ الساقِ: حَماتُها؛ قال ابن سيده: هذا قول الفارسي. الليث:
أَلْية الخِنْصَر اللَّحْمة التي تحتها، وهي أَلْية اليد، وأَلْية الكَفِّ
هي اللَّحْمة التي في أَصل الإِبهام، وفيها الضَّرَّة وهي اللَّحْمة التي
في الخِنْصَر إِلى الكُرْسُوع، والجمع الضَّرائر. والأَلْية: الشحمة.
ورجل أَلاَّءٌ: يبيع الأَلْية، يعني الشَّحْم. والأَلْية: المَجاعة؛ عن
كراع. التهذيب: في البَقَرة الوحشية لآةٌ وأَلاةٌ بوزن لَعاة وعَلاة. ابن
الأَعرابي: الإِلْية، بكسر الهمزة، القِبَلُ. وجاء في الحديث: لا يُقام
الرجلُ من مَجْلِسه حتى يقوم من إِلْية نفسه أَي من قِبَل نفسه من غير أَن
يُزْعَج أَو يُقام، وهمزتها مكسورة. قال أَبو منصور: وقال غيره قام فلان
مِنْ ذِي إِلْيةٍ أَي من تِلْقاء نفسه. وروي عن ابن عمر: أَنه كان يقوم له
الرجلُ مِنْ لِيةِ نفسه، بلا أَلف؛ قال أَبو منصور: كأَنه اسم من وَلِيَ
يَلي مثل الشِّية من وَشَى يَشِي، ومن قال إِلْية فأَصلها وِلْية، فقلبت
الواو همزة؛ وجاء في رواية: كان يقوم له الرجل من إِلْيته فما يَجْلِس في
مجلسه.
والآلاء: النِّعَمُ واحدها أَلىً، بالفتح، وإِلْيٌ وإِلىً؛ وقال
الجوهري: قد تكسر وتكتب بالياء مثال مِعىً وأَمْعاء؛ وقول الأَعشى:
أَبْيض لا يَرْهَبُ الهُزالَ، ولا
يَقْطَع رِحْماً، ولا يَخُونُ إِلا
قال ابن سيده: يجوز أَن يكون إِلا هنا واحد آلاء اللهِ، ويخُون:
يَكْفُر، مُخفَّفاً من الإِلِّ
(* قوله «مخففاً من الال» هكذا في الأصل، ولعله
سقط من الناسخ صدر العبارة وهو: ويجوز أن يكون إلخ أو نحو ذلك). الذي هو
العَهْد. وفي الحديث: تَفَكَّروا في آلاء الله ولا تَتَفَّكروا في الله.
وفي حديث عليّ، رضي الله عنه: حتى أَوْرَى قَبَساً لقابِسِ آلاء الله؛ قال
النابغة:
هُمُ الملوكُ وأَنْباءُ المُلُوكِ، لَهُمْ
فَضْلٌ على الناس في الآلاء والنِّعَم
قال ابن الأَنباري: إِلا كان في الأَصل وِلاَ، وأَلا كان في الأَصل
وَلاَ.
والأَلاء، بالفتح: شَجَر حَسَنُ المَنْظَر مُرُّ
الطَّعْم؛ قال بشر بن أَبي خازم:
فإِنَّكُمُ ومَدْحَكُمُ بُجيَراً
أَبا لَجَأٍ كما امْتُدِح الأَلاءُ
وأرْضٌ مأْلأَةٌ كثيرة الأَلاء. والأَلاء: شجر من شجر الرمل دائم الخضرة
أَبداً يؤكل ما دام رَطْباً فإِذا عَسا امْتَنَع ودُبغ به، واحدته
أَلاءة؛ حكى ذلك أَبو حنيفة، قال: ويجمع أَيضاً أَلاءَات، وربما قُصِر
الأَلاَ؛ قال رؤبة:
يَخْضَرُّ ما اخضَرَّ الأَلا والآسُ
قال ابن سيده: وعندي أَنه إِنما قصر ضرورة. وقد تكون الأَلاءَات جمعاً،
حكاه أَبو حنيفة، وقد تقدم في الهمز. وسِقاءٌ مَأْلِيٌّ ومَأْلُوٌّ:
دُبِغ بالأَلاء؛ عنه أَيضاً.
وإِلْياءُ: مدينة بين المقدس. وإِلِيَّا: اسم رجل. والمِئلاة، بالهمز،
على وزن المِعْلاة
(* قوله «المعلاة» كذا في الأصل ونسختين من الصحاح بكسر
الميم بعدها مهملة والذي في مادة علا: المعلاة بفتح الميم، فلعلها محرفة
عن الــمقلاة بالقاف): خِرْقَة تُمْسِكها المرأَة عند النَّوح، والجمع
المآلِي. وفي حديث عمرو بن العاص: إِني والله ما تَأَبَّطَتْني الإِماء ولا
حَمَلَتني البَغايا في غُبَّرات المآلي؛ المَآلِي: جمع مِئلاة بوزن
سِعْلاة، وهي ههنا خرقة الحائض أَيضاً
(* قوله «وهي ههنا خرقة الحائض أيضاً»
عبارة النهاية: وهي ههنا خرقة الحائض وهي خرقة النائحة أيضاً). يقال:
آلَتِ
المرأَة إِيلاءً إِذا اتَّخَذَتْ مِئْلاةً، وميمها زائدة، نَفَى عن نفسه
الجَمْع بين سُبَّتَيْن: أَن يكون لِزَنْيةً، وأَن يكون محمولاً في
بَقِية حَيْضَةٍ؛ وقال لبيد يصف سحاباً:
كأَنَّ مُصَفَّحاتٍ في ذُراه،
وأَنْواحاً عَلَيْهِنَّ المَآلي
المُصَفَّحاتُ: السيوفُ، وتَصْفِيحُها: تَعْريضُها، ومن رواه
مُصَفِّحات، بكسر الفاء، فهي النِّساء؛ شَبَّه لَمْعَ البَرْق بتَصْفِيح النساء
إِذا صَفَّقْنَ بأَيديهن.
ألا: حرف يفتتح به الكلام ، تقول ألا إنَّ زيداً خارج كما تقول اعلم أن
زيداً خارج. ثعلب عن سلمة عن الفراء عن الكسائي قال: أَلا تكون تنبيهاً
ويكون بعدها أَمرٌ أَو نهي أَو إخبار ، تقول من ذلك: أَلا قُمْ، أَلا لا
تقم ، أَلا إنَّ زَيْداً قد قام ، وتكون عرضاً أَيضاً، وقد يكون الفعل
بعدها جزْماً ورفعاً، كل ذلك جاء عن العرب، تقول من ذلك: أَلا تَنْزِلُ
تأْكل، وتكون أَيضاً تَقْريعاً وتوبيخاً ويكون الفعل بعدها مرفوعاً لا غير،
تقول من ذلك: أَلا تَنْدَمُ على فِعالك، أَلا تسْتَحي من جِيرانِك، أَلا
تخافُ رَبَّكَ؛ قال الليث: وقد تُرْدَفُ أَلا بلا أُخرى فيقال: أَلا لا
؛ وأَنشد:
فقامَ يذُودُ الناسَ عنها بسَيْفِه
وقال: أَلا لا من سَبيلٍ إلى هِنْدِ
ويقال للرجل: هل كان كذا وكذا ؟ فيقال: أَلا لا ، جعل أَلا تنبيهاً
ولا نفياً. غيره: وألا حرف استفتاح واستفهام وتنبيه نحو قول الله عز وجل:
أَلا إنَّهم من إفْكِهم ليَقولون ، وقوله تعالى: أَلا إِنَّهم هُمُ
المُفْسِدون؛ قال الفارِسي: فإذا دخلت على حرف تنبيه خَلَصَتْ للاستفتاح
كقوله:
أَلا يا اسْلَمي يا دارَ مَيَّ على البِلى
فخَلَصَتْ ههنا للاستفتاح وخُصّ التنبيهُ بيا. وأَما أَلا التي للعَرْضِ
فمُرَكَّبة من لا وأَلف الاستفهام.
ألا: مفتوحة الهمزة مُثَقَّلة لها معنيان: تكون بمعنى هَلاَّ فَعَلْتَ
وأَلاَّ فعلتَ كذا، كأَنَّ معناه لِمَ لَمْ تَفْعَلْ كذا، وتكون أَلاَّ
بمعنى أَنْ لا فأُدغمت النون في اللام وشُدِّدت اللامُ، تقول: أَمرته
أَلاَّ يفعل ذلك ، بالإدغام، ويجوز إظهار النون كقولك: أَمرتك أَن لا تفعل
ذلك، وقد جاء في المصاحف القديمة مدغماً في موضع ومظهراً في موضع ، وكل ذلك
جائز. وروى ثابت عن مطرف قال: لأَنْ يَسْأَلني ربِّي: أَلاَّ فعلتَ،
أَحبُّ إلي من أَن يقول لي: لِمَ فعَلْتَ؟ فمعنى أَلاَّ فعَلْتَ هَلاَّ
فعلتَ، ومعناه لِم لم تفعل. وقال الكسائي أَنْ لا إذا كانت إخباراً نَصَبَتْ
ورَفَعَتْ، وإذا كانت نهياً جَزَمَت.
قطف: قطَف الشيءَ يَقْطِفُه قَطْفاً وقَطفاناً وقَطافاً وقِطافاً؛ عن
اللحياني: قَطعه. والقِطْف: ما قُطِف من الثمر، وهو أَيضاً العُنْقود ساعة
يُقْطَف. والقِطْف: اسم الثمار المقطوفة، والجمع قُطوف، والقِطف، بالكسر:
العُنْقود، وبجمعه جاء في القرآن العزيز قال سبحانه: قُطوفُها دانِية؛
أَي ثمارها قريبة التناول يَقْطِفها القاعد والقائم. وفي الحديث: يجتمع
النفَر على القِطف فيُشبِعهم؛ القِطف، بالكسر: العنقود، وهو اسم لكل ما
يُقْطَف كالذِّبْح والطِّحْن ويجمع على قِطاف وقُطوف، وأَكثر المحدثين
يروونه بفتح القاف، وإنما هو بالكسر.
والقَطاف والقِطاف: أَوانُ قَطْفِ الثمر، التهذيب: القِطافُ اسم وقت
القَطْف. قال الحجاج على المنبر: أَرى رؤوساً قد أَينعت وحان قِطافها؛ قال
الأَزهري: القِطاف اسم وقت القَطف، قال: والقَطاف، بالفتح، جائز عند
الكسائي أَيضاً، وقال: ويجوز أَن يكون القِطاف مصدراً.
وأَقْطَفَ العِنْبُ: حان أَن يُقْطَف. وأَقطفَ القوم: آن قِطافُ
كُرومهم، وأَجْززوا من الجَزاز في النخل إذا أَصْرَمُوا. وأَقْطَفَ الكَرْمُ:
دَنا قِطافه. التهذيب: القَطْف قَطعُك العِنب، وكلُّ شيء تَقطعه عن شيء،
فقد قطَفْته حتى الجراد تقطِف رؤوسها.
والمِقْطَف: المِنْجَل الذي يُقْطف به. والمِقْطفُ: أَصل العُنقود.
وقُطافة الشجر: ما قُطِفَ منه: والقُطافة، بالضم: ما يسقط من العنب إذا
قُطِف كالجُرامة من التمر. ابن الأَثير: وفي الحديث: يَقْذِفون فيه من
القَطيف، وفي رواية: يَديفون القَطيف: المَقطوف من الثمر، فعيل بمعنى
مفعول.والقَطفُ في الوافر: حذف حرفين من آخر الجُزْء وتسكين ما قبلها كحذفك
تُن من مفاعلتن وتسكين اللام فيبقى مفاعل فينقل في التقطيع إلى فعولن، ولا
يكون إلا في عروض أَو ضرب، وليس هذا بحادث للزّحاف، إنما هو المستعمل في
عروض الوافر وضربه، وإنما سمي مقطوفاً لأَنك قطفت الحرفين ومعهما حركة
قبلهما، فصار نحو الثمرة التي تقطعها فيَعْلق بها شيء من الشجرة.
والقَطِيفةُ: القَرْطفةُ، وجمعها القطائفُ، والقراطِف
(* قوله «وجمعها
القطائف والقراطف إلى قوله وفي الحديث» كذا بالأصل.) فُرش مُخْمَلَة.
والقَطيفة: دِثار مُخْمل، وقيل: كساء له خَمْل، والجمع القَطائفُ، وقُطُف مثل
صَحيفة وصُحف كأَنها جمع قَطيف وصَحِيف. وفي الحديث: تَعِس عبد
القَطيفة؛ هي كساء له خَمْل، أَي الذي يَعمل لها ويَهْتَمّ بتحصيلها؛ ومنه
القَطائف التي تؤكل. التهذيب: القَطائف طعام يُسَوَّى من الدقيق المُرَقِّ
بالماء، شبهت بخَمْل القطائف التي تُفْترش.
والقَطوف من الدَّواب: البطيء. وقال أَبو زيد: هو الضّيِّق المشْي.
وقَطَفَت الدابة تَقْطِف قَطْفاً وتقطُف قِطافاً وقُطوفاً وقَطُفَتْ، وهي
قَطوف: أَساءَتِ السَّيرَ وأَبطأَت، والجمع قُطُفٌ، والاسم القِطاف؛ ومنه
قول زهير:
بآرِزَةِ الفَقارةِ لم يَخُنْها
قِطافٌ في الرّكاب، ولا خِلاء
التهذيب: والقِطافُ مصدر القَطوف من الدوابّ، وهو المتقارِب الخَطو
البطِيء. وفَرس قَطوف: يَقْطِف في عَدْوه، وقد يستعمل في الإنسان؛ أَنشد ابن
الأَعرابي:
أَمْسَى غُلامْي كَسِلاً قَطوفا،
مُوَصَّباً تَحْسَبُه مَجُوفا
وأَقْطَفَ الرجل والقوم إذا كانت دابَّته أَو دوابُّهم قُطُفاً؛ قال ذو
الرمة يصف جراداً:
كأَنَّ رِجْلَيْهِ رِجْلا مُقْطِفٍ عَجِلٍ،
إذا تَجاوَبَ من بُرْدَيْه تَر نِيمُ
برداه: جَناحاه؛ يقول: تضرب رِجْلاه جناحَيه فيسمع لهما صويت كأَنه
تَرْنيم. والقَطْفُ: ضرب من مشي الخيل، وفرس قَطوف. وفي حديث جابر: فبينا
أَنا على جملي أَسِير وكان جملي فيه قِطاف، وفي رواية: على جمل لي قَطُوفٍ؛
القِطافُ: تقارُب الخَطْو في سُرْعة من القَطف وهو القَطع؛ ومنه الحديث:
رَكِب على فرس لأَبي طَلحَة تَقْطُف، وفي رواية: قطوف؛ ومنه الحديث:
أَقْطَفُ القومِ دابةً أَمِيرُهم أَي أَنهم يسيرون بسَيْر دابَّته
فيَتَّبعُونه كما يُتَّبع الأَمير. والقَطْف: الخَدْشُ، وجمعه قُطوفٌ. قطَفَه
يَقْطِفه قَطْفاً وقطَّفه: خدَشه؛ قال حاتم:
سِلاحُك مرقى فما أَنت ضائرٌ
عَدُوًّا، ولكنْ وَجْه مولاك تَقطِفُ
(* قوله «مرقى» كذا في الأصل براء، والذي في شرح القاموس بواو، ووقع في
بعض نسخ الصحاح همزها.)
وأَنشد الأَزهري:
وهنَّ إذا أَبْصَرْنه مُتَبَذِّلاً،
خَمَشْنَ وُجُوهاً حُرَّةً لم تُقَطَّفِ
أَي لم تُخَدَّش. وقطَّفَ الماءَ في الخَمْر: قطَّره؛ قال جرانُ
العَوْد:ونِلنا سُقاطاً مِن حَدِيثٍ كأَنه
جَنَى النحلِ، في أَبْكارِ عُودٍ تُقَطَّفُ
والقِطفةُ، بكسر القاف وإسكان الطاء، من السُّطَّاح: وهي بقلة رِبْعِية
تسْلَنْطِح وتَطولُ ولها شوك كالحَسَك، وجَوْفُه أَحْمر وورقه أَغْبر.
والقَطَفُ: بقْلة، واحدتها قَطَفةٌ. والقَطْفُ: نبات رَخْص عَرِيض
الورَق يطبخ، الواحدة قَطفة، يقال له بالفارسية سَرْنك، كذا ذكر الجوهري
القَطْف، بالتسكين؛ قال ابن بري: وصوابه القَطْف، بفتح الطاء، الواحدة
قَطَفَة، وبه سمي الرجل قَطَفَة. والقَطَفُ: ضَرب من العِضاه. وقال أَبو حنيفة:
القطَف من شجر الجبل وهو مثل شجر الإجّاص في القَدْر، ورقته خَضْراء
مُعْرَضَّة حمراء الأَطراف خَشْناء، وخشبه صُلب متين.
وقَطِيفٌ والقَطِيف جميعاً: قرية بالبحرين، وفي الصحاح: القَطِيفُ اسم
موضع.
طجن: الطاجِنُ: المِقْلَى، وهو بالفارسية تابه. والطَّجْنُ: قَلْوُك
عليه، دَخيل. قال الليث: أُهملت الجيم والطاء في الثلاثي الصحيح، ووجدناها
مستعملة بعضها عربية وبعضها معرَّبة، فمن المعرّب قولهم طَجْنَةُ بلد
معروف، وقولهم للطابِقِ الذي يُقْلَى عليه اللحم الطاجِنُ، وقَلِيَّةٌ
مُطَجَّنة، والعامة تقول مُطَنْجنة. الجوهري: الطَّيْجَنُ والطاجِنُ يُقْلى
فيه، وكلاهما معرَّب لأَن الطاء والجيم لا يجتمعان في أَصل كلام العرب.
رقص: الرَّقْصُ والرَّقَصانُ: الخَبَبُ، وفي التهذيب: ضَرْبٌ من
الخَبَب، وهو مصدر رَقَصَ يَرْقُص رَقْصاً؛ عن سيبويه، وأَرْقَصَه. ورجل
مِرْقَصٌ: كثير الخبب؛ أَنشد ثعلب لغادية الدبيرية:
وزاغ بالسَّوْطِ عَلَنْدىً مِرْقَصا
ورَقَصَ اللَّعَّابُ يَرْقُص رَقْصاً، فهو رقَّاصٌ. قال ابن بري: قال
ابن دريد يقال رَقَصَ يَرْقُص رَقَصاً، وهو أَحد المصادر التي جاءت على
فَعَلَ فَعَلاً نحو طَرَدَ طَرَداً وحَلَبَ حَلَباً؛ قال حسان:
بِزُجاجةٍ رَقَصَت بما في قَعْرِها،
رَقَصَ القَلُوصِ بِراكبٍ مُسْتَعْجِلِ
وقال مالك بن عمار الفُرَيْعِيّ:
وأَدْبَرُوا، ولَهُمْ من فَوْقِها رَقَصٌ،
والموتُ يَخْطُرُ، والأَرْواحُ تَبْتَدِرُ
وقال أَوس:
نَفْسي الفِداءُ لِمَنْ أَدّاكُمُ رَقَصاً،
تَدْمَى حَراقِفُكم في مَشْيِكم صَكَكُ
وقال المساور:
وإِذا دَعا الداعِي عَلَيّ رَقَصتُمُ
رَقَصَ الخَنافِس من شِعابِ الأَخْرَم
وقال الأَخطل:
وقَيْس عَيْلانَ حتى أَقْبَلُوا رَقَصاً،
فبايَعُوك جِهاراً بَعدما كَفَرُوا
ورَقَصَ السَّرابُ والحَبابُ: اضطرب. والراكب يُرقِصُ بَعِيرَهُ:
يُنَزِّيه ويَحْمِلُه على الخَبَبِ، وقد أَرْقَصَ بَعِيرَه. ولا يقال يَرْقُص
إِلا لِلأعِب والإِبلِ، وما سوى ذلك فإِنه يقال: يَقْفِزُ ويَنْقُزُ،
والعرب تقول: رَقَصَ البعيرُ يَرْقُصُ رَقَصاً، مُحرك القاف، إِذا أَسرع في
سيره؛ قال أَبو وجزة:
فما أَرَدْنا بها مِنْ خَلَّةٍ بدَلاً،
ولا بها رَقَصَ الواشِين نَسْتَمِعُ
أَراد: إِسراعهم في هَتِّ النَّمائم. ويقال للبعير إِذا رَقَصَ في
عَدْوِه: قد الْتَبَطَ وما أَشدَّ لَبْطَتَه. وأَرْقَصَت المرأَة صبِيَّها
ورَقَّصَته: نَزَّتْه. وارْتَقَصَ السِّعْرُ: غلا؛ حكاها أَبو عبيد. ورَقَصَ
الشرابُ: أَخَذَ في الغَلَيَانِ. التهذيب: والشرابُ يَرْقُصُ، والنبِيذُ
إِذا جاشَ رَقَصَ؛ قال حسان:
بِزُجاجةٍ رقَصَتْ بما في قَعْرِها،
رَقَصَ القَلُوصِ براكبٍ مُسْتَعْجِل
وقال لَبِيد في السراب:
فبِتِلْكَ إِذ رَقَصَ اللوامِعُ بالضُّحَى
قال أَبو بكر: والرَّقَصُ في اللغة الارتفاع والانخفاض. وقد أَرْقَصَ
القومُ في سَيْرِهم إِذا كانوا يَرْتَفِعُون ويَنْخَفِضُون؛ قال الراعي:
وإِذا ترَقَّصَت المَفازةُ غادَرَتْ
رَبِذاً يُبَغِّلُ خَلْفَها تَبْغِيلا
معنى تَرَقَّصَت ارتفعت وانخفضت وإِنما يرفعها ويخفضها السرابُ:
والرَّبِذُ: السريعُ الخفيف، واللّه أَعلم.
ترر: تَرَّ الشَّيْءُ يَتِرُّ ويَتُرُّ تَرّاً وتُروراً: بان وانقطع
بضربه، وخص بعضهم به العظم؛ وتَرَّتْ يَدُه تَتِرُّ وتَتُرُّ تُروراً
وأَتَرَّها هو وتَرَّها تَرّاً؛ الأَخيرة عن ابن دريد؛ قال: وكذلك كل عضو قطع
بضربه فقد تُرَّ تَرّاً؛ وأَنشد لطرفة يصف بعيراً عقره:
تَقُولُ، وقد تُرَّ الوَظِيفُ وساقُها:
أَلَسْتَ تَرَى أَنْ قَدْ أَتَيْتَ بِمُؤْيِدِ؟
تُرَّ الوظيفُ أَي انقطع فبان وسقط؛ قال ابن سيده: والصواب أَتَرَّ
الشَّيْءَ وتَرَّ هو نَفْسُه؛ قال: وكذلك رواية الأَصمعي:
تقول، وقد تَرَّ الوَظِيفُ وساقُها
بالرفع. ويقال: ضرب فلان يد فلان بالسيف فأَتَرَّها وأَطَرَّها
وأَطَنَّها أَي قطعها وأَنْدَرَها. وتَرَّ الرجلُ عن بلاده تُروراً: بَعُدَ.
وأَتَرَّه القضاءُ إِتْراراً: أَبعده. والتُّرُورُ: وَثْبَةُ النَّواة من
الحَيْس. وتَرَّت النَّواةُ منْ مِرْضاخِها تَتِرُّ وتَتُرُّ تُروراً:
وثَبَتْ ونَدَرَتْ. وأَتَرَّ الغلامُ القُلَةَ بِمِقْلاتِه والغلامُ يُتِرُّ
القُلَةَ بالمِقْلَى: نَزَّاها.
والتَّرارَةُ: السِّمَنُ والبَضَاضَةُ؛ يقال منه: تَرِرْتَ، بالكسر، أَي
صرت تارّاً وهو الممتلئ والتَّرارَةُ: امتلاء الجسم من اللحم ورَيُّ
العظم؛ يقال للغلام الشاب الممتلئ: ثارٌّ. وفي حديث ابن زِمْلٍ: رَبْعَةٌ
من الرجال تارٌّ؛ التارُّ: الممتلئ البدن، وتَرَّ الرجلُ يَتِرُّ ويَتُرُّ
تَرّاً وتَرارةً وتُروراً: امتلأَ جسمه وتَرَوَّى عظمه؛ قال العجاج:
بِسَلْهَبٍ لُيِّنَ في تُرُورِ
وقال:
ونُصْبِحُ بالغَدَاةِ أَتَرَّ شَيْءٍ،
ونُمْسِي بالعَشِيِّ طَلَنْفَحِينَا
ورجلٌ تارٌّ وتَرٌّ: طويل. قال ابن سيده: وأُرَى تَرّاً فَعِلاً، وقد
تَرَّ تَرارَةً، وقَصَرَةٌ تارَّةٌ.
والتَّرَّةُ: الجارية الحسناء الرَّعْناءُ. ابن الأَعرابي:
التَّرَاتِيرُ الجواري الرُّعْنُ.
ابن شميل: الأُتْرُورُ الغلام الصغير. الليث: الأُتْرُورُ الشُّرَطِيُّ؛
وأَنشد:
أَعوذُ باللهِ وبالأَمِيرِ
مِنْ صاحِبِ الشُّرْطةِ والأُتْرُورِ
وقيل: الأُتْرُورُ غلامُ الشُّرَطِيِّ لا يَلْبَسُ السَّوادَ؛ قالت
الدهناء امرأَة العجاج:
والله لولا خَشْيَةُ الأَمِيرِ،
وخَشْيَةُ الشُّرْطِيِّ والأُترورِ،
لَجُلْتُ بالشيخ من البَقِيرِ،
كَجَوَلانِ صَعْبَةٍ عَسِيرِ
وتَرَّ بسَلْحِه وهَذَّ بِهِ وهَرَّ بِهِ رمى به. وتَرَّ بِسَلْحِه
يَتِرُّ: قذف به. وتَرَّ النَّعامُ: أَلقى ما في بطنه. وتُرَّ في يده:
دفع.والتُّرُّ: الأَصل. يقال: لأَضْطَرَّنَّكَ إِلى تُرِّكَ وقُحاحِكَ. ابن
سيده: لأَضْطَرَّنَّكَ إِلى تُرِّكَ أَي إِلى مجهودك. والتُّرُّ، بالضم:
الخيط الذي يُقَدَّرُ به البِناءُ، فارسي مُعَرَّبٌ؛ قال الأَصمعي: هو
الخيط الذي يمدّ على البناء فيبنى عليه وهو بالعربية الإِمام، وهو مذكور في
موضعه. التهذيب: الليث: التُّرُّ كلمة يتكلم بها العرب، إِذا غضب أَحدهم
على الآخر قال: والله لأُقيمنك على التُّرِّ. قال الأَصمعي: المِطْمَرُ
هو الخيط الذي يقدَّر به البناء يقال له بالفارسية التُّرُّ؛ وقال ابن
الأَعرابي: التُّرُّ ليس بعربي.
وفي النوادر: بِرْذَوْنٌ تَرٌّ ومُنْتَرٌّ وَعَرِبٌ وقَزَعٌ ودُِفاقٌ
إِذا كان سريعَ الرَّكْضِ، وقالوا: التَّرُّ من الخيل المعتدل الأَعضاء
الخفيف الدَّرِيرُ؛ وأَنشد:
وقَدْ أَغْدُو مَعَ الفِتْيَا
نِ بالمُنْجَرِدِ التَّرِّ
(* قوله «وقد أغدو إلخ» هذه ثلاثة أبيات من الهزج كما لا يخفى، لكن
البيت الثالث ناقص وبمحل النقص بياض بالأصل).
وذِي البِرْكَةِ كالتَّابُو
تِ، والمِحْزَمِ كالقَرِّ،
مع قاضيه في متنيه... كالدر
وقال الأَصمعي: التَّارُّ المنفرد عن قومه، تَرَّ عنهم إِذا انفرد وقد
أَتَرُّوه إِتْراراً.
ابن الأَعرابي: تَرْتَرَ إِذا استرخى في بدنه وكلامه.
وقال أَبو العباس: التارّ المسترخي من جوع أَو غيره؛ وأَنشد:
ونُصْبِحُ بالغَداةِ أَتَرَّ شَيْءٍ
قوله: أَترّ شيء أَي أَرخى شيء من امتلاء الجوف، ونمسي بالعشي جياعاً قد
خلت أَجوافنا؛ قال: ويجوز أَن يكون أَتَرَّ شيء أَمْلأَ شيء من الغلام
التَّارّ، وقد تقدم. قال أَبو العباس: أَتَرَّ شيء أَرخى شيء من التعب.
يقال: تُرَّ يا رَجُلُ.
والتَّرْتَرَةُ: تحريك الشيء. الليث: التَّرْتَرَةُ أَن تقبض على يدي
رجل تُتَرْتِرُه أَي تحركه. وتَرْتَرَ الرجُلَ: تَعْتَعَهُ. وفي حديث ابن
مسعود في الرجل الذي ظُنَّ أَنَّهُ شرب الخمر فقال: تَرْتِرُوه
ومَزْمِزُوه أَي حركوه ليُسْتَنْكَهَ هل يُوجَدُ منه ريح الخمر أَم لا؛ قال أَبو
عمرو: هو أَن يُحَرِّكَ ويُزَعْزَعَ ويُسْتَنْكَهَ حتى يوجد منه الريح
ليعلم ما شرب، وهي التَّرْتَرَةُ والمَزْمَزَةُ والتَّلْتَلَةُ؛ وفي رواية:
تَلْتِلُوه، ومعنى الكل التحريك؛ وقول زيد الفوارس:
أَلم تَعْلَمِي أَنِّي إِذا الدَّهْرُ مَسَّنِي
بنائِبَةٍ، زَلَّتْ وَلَمْ أَتَتَرْتَرِ
أَي لم أَتزلزل ولم أَتقلقل. وتَرْتَرَ: تكلم فأَكثر؛ قال:
قُلْتُ لِزَيْدٍ: لا تُتَرْتِرْ، فإِنَّهُمْ
يَرَوْنَ المنايا دونَ قَتْلِكَ أَوْ قَتْلِي
ويروى: تُثَرْثِرْ وتُبَرْبِرْ.
والتَّراتِرُ: الشدائد والأُمور العظام. والتُّرَّى: اليد المقطوعة.
ثمن: الثُّمُن والثُّمْن من الأَجزاء: معروف، يطِّرد ذلك عند بعضهم في
هذه الكسور، وهي الأَثمان. أَبو عبيد: الثُّمُنُ والثَّمينُ واحدٌ، وهو
جزء من الثمانية؛ وأَنشد أَبو الجراح ليزيد بن الطَّثَرِيَّة فقال:
وأَلْقَيْتُ سَهْمِي وَسْطَهم حين أَوْخَشُوا،
فما صارَ لي في القَسْمِ إلا ثَمينُها.
أَوْخَشُوا: رَدُّوا سِهامَهم في الرَّبابةِ مرة بعد مرة. وثَمَنَهم
يَثْمُنُهم، بالضم، ثَمْناً: أَخذ ثمْنَ أَموالهم. والثَّمانيةُ من العدد:
معروف أَيضاً، قال: ثَمانٍ عن لفظ يَمانٍ، وليس بنَسبٍ، وقد جاء في الشعر
غير مصروف؛ حكاه سيبويه عن أَبي الخطاب؛ وأَنشد لابن مَيَّادة:
يَخْدُو ثمانيَ مُولَعاً بِلِقاحها،
حتى هَمَمْنَ بزَيْغةِ الإرْتاج.
قال ابن سيده: ولم يَصْرِفْ ثَمانيَ لشبَهِها بجَوارِيَ لَفْظاً لا
معنى؛ أَلا ترى أَن أَبا عثمان قال في قول الراجز:
ولاعبِ بالعشيّ بينَها،
كفِعْل الهِرّ يَحْتَرِشُ العَظايا
فأَبْعَدَه الإله ولا يُؤتَّى،
ولا يُشْفَى من المَرضِ الشَّفايا
(* قوله «ولاعب إلخ» البيتين هكذا في الأصل الذي بأيدينا والأول ناقص).
إنه شبَّه أَلفَ النَّصْبِ في العظَايا والشِّفايا بهاء التأْنيث في نحو
عَظاية وصَلاية، يريد أَنه صحَّح الياء وإن كانت طَرَفاً، لأَنه شبَّه
الأَلف التي تحدُث عن فتحة النصب بهاء التأْنيث في نحو عَظاية وعَباية،
فكما أَنَّ الهاء فيها صحَّحت الياءَ قبلها، فكذلك أَلفُ النصب الذي في
العَظايا والشِّفايا صحَّحت الياء قبلها، قال: هذا قول ابن جني، قال: وقال
أَبو عليّ الفارسي أَلفُ ثَمانٍ للنسَبِ؛ قال ابن جني: فقلت له: فلِمَ
زَعَمْتَ أَن أَلِفَ ثَمانٍ للنسب؟ فقال: لأَنها ليست بجمع مكسر كصحارٍ، قلت
له: نعم ولو لم تكن للنسب للزمتها الهاءُ البتَّة نحو عَتاهية وكراهِية
وسَباهية، فقال: نعم هو كذلك، وحكى ثعلب ثمانٌ في حدّ الرفع؛ قال:
لها ثَنايا أَرْبَعٌ حِسانُ،
وأَرْبَعٌ فثَغْرُها ثَمانُ.
وقد أَنكروا ذلك وقالوا: هذا خطأ. الجوهري: ثمانيةُ رجالٍ وثماني
نِسْوة، وهو في الأَصل منسوب إلى الثُّمُن لأَنه الجزء الذي صيَّر السبعةَ
ثمانيةً، فهو ثُمُنها، ثم فتحوا أَوله لأَنهم يغيِّرون في النسب كما قالوا
دُهْريٌّ وسُهْليٌّ، وحذفوا منه إحدى ياءَي النسب، وعَوَّضوا منها الأَلِفَ
كما فعلوا في المنسوب إلى اليمن، فثَبَتتْ ياؤُه عند الإضافة، كما ثبتت
ياءُ القاضي، فتقول ثماني نِسْوةٍ وثماني مائة، كما تقول قاضي عبد الله،
وتسقُط مع التنوين عند الرفع والجر، وتثبُت عند النصب لأَنه ليس بجمع،
فيَجري مَجْرى جَوارٍ وسَوارٍ في ترك الصرف، وما جاء في الشعر غيرَ مصروفٍ
فهو على توهّم أَنه جمع؛ قال ابن بري يعني بذلك قولَ ابن مَيّادة:
يَحْدو ثمانِيَ مُولَعاً بلِقاحِها.
قال: وقولهم الثوبُ سَبْعٌ في ثمانٍ، كان حقُّه أَن يقال ثمانية لأَن
الطُّول يُذْرَع بالذراع وهي مؤنثة، والعَرْضُ يُشْبَر بالشِّبر وهو
مذكَّر، وإنما أَنثه لمَّا لم يأْت بذكر الأَشبار، وهذا كقولهم: صُمْنا من
الشهر خَمْساً، وإنما يريد بالصَّوْم الأَيام دون الليالي، ولو ذكَر الأَيام
لم يَجِدْ بُدّاً من التذكير، وإن صغَّرت الثمانيةَ فأَنت بالخيار، إن
شئت حذَفْت الأَلِف وهو أَحسَن فقلت ثُمَيْنِية، وإن شئت حذفت الياء فقلت
ثُمَيِّنة، قُلِبت الأَلف ياء وأُدغمت فيها ياء التصغير، ولك أَن تعوّض
فيهما. وثَمَنَهم يَثْمِنُهم، بالكسر، ثَمْناً: كان لهم ثامِناً. التهذيب:
هُنَّ ثمانِيَ عَشْرة امرأَة، ومررت بثمانيَ عشرة امرأَة: قال أَبو
منصور: وقول الأَعشى:
ولقد شَرِبْتُ ثَمانياً وثمانيا،
وثمانِ عَشْرةَ واثنَتَين وأَرْبَعا.
قال: ووجْه الكلام بثمانِ عشْرة، بكسر النون، لتدل الكسرةُ على الياء
وتَرْكِ فتحة الياء على لغة من يقول رأَيت القاضي، كما قال الشاعر:
كأَنَّ أَيديهنّ بالقاع القَرِق.
وقال الجوهري: إنما حذف الياء في قوله وثمانِ عشْرة على لغة من يقول
طِوالُ الأَيْدِ، كما قال مُضرِّس بن رِبْعيٍّ الأَسَديّ:
فَطِرْتُ بِمُنْصُلي في يَعْمَلاتٍ،
دَوامِي الأَيْدِ يَخْبِطْنَ السِّريحا.
قال شمر: ثَمَّنْت الشيء إذا جمعته، فهو مُثَمَّن. وكساء ذو ثمانٍ:
عُمِل من ثمانِ جِزّات؛ قال الشاعر في معناه:
سَيَكْفيكِ المُرَحَّلَ ذو ثَمانٍ،
خَصيفٌ تُبْرِمِين له جُفالا.
وأَثَمَنَ القومُ: صاروا ثمانية. وشيء مُثَمَّنٌ: جعل له ثمانية أَركان.
والمُثَمَّن من العَروض: ما بُنِيَ على ثمانية أَجزاء. والثِّمْنُ:
الليلة الثامنة من أَظماء الإبل. وأَثمَنَ الرجلُ إذا ورَدت إبلُه ثِمْناً،
وهو ظِمءٌ من أَظمائها. والثمانونَ من العدد: معروفٌ، وهو من الأَسماء
التي قد يوصف بها؛ أَنشد سيبويه قول الأَعشى:
لئن كنتُ في جُبٍّ ثمانينَ قامةً،
ورُقِّيت أَسْبابَ السماءِ بسُلَّم.
وصف بالثمانين وإن كان اسماً لأَنه في معنى طويل. الجوهري: وقولهم هو
أَحمقُ من صاحب ضأْنٍ ثمانين، وذلك أَن أَعرابيّاً بَشَّرَ كِسْرى ببُشْرى
سُرَّ بها، فقال: اسْأَلني ما شئتَ، فقال: أَسأَلُك ضأْناً ثمانين؛ قال
ابن بري: الذي رواه أَبو عبيدة أَحمقُ من طالب شأْن ثمانين، وفسره بما
ذكره الجوهري، قال: والذي رواه ابن حبيب أَحمقُ من راعي ضأْنٍ ثمانين، وفسره
بأَنَّ الضأْنَ تَنْفِرُ من كل شيء فيَحتاج كلَّ وقت إلى جمعها، قال:
وخالف الجاحظُ الروايتين قال: وإنما هو أَشْقى من راعي ضأْن ثمانين، وذكر
في تفسيره لأَن الإبل تتَعشَّى وتربِضُ حَجْرةً تجْتَرُّ، وأَن الضأْن
يحتاج راعيها إلى حِفْظها ومنعها من الانتشار ومن السِّباع الطالبة لها،
لأَنها لا تَبرُك كبُروكِ الإبل فيستريح راعيها، ولهذا يتحكَّمُ صاحب الإبل
على راعيها ما لا يتحكَّم صاحبُ الضأْن على راعيها، لأَن شَرْطَ صاحب
الإبل على الراعي أَن عليك أَن تَلوطَ حَوْضَها وترُدَّ نادَّها، ثم يَدُك
مبسوطةٌ في الرِّسْل ما لم تَنْهَكْ حَلَباً أَو تَضُرَّ بنَسْلٍ، فيقول:
قد الْتزَمْتُ شرْطك على أَن لا تذكر أُمّي بخير ولا شرٍّ، ولك حَذْفي
بالعصا عند غضَبِك، أَصَبْت أَم أَخْطَأْت، ولي مَقعدي من النار وموضع
يَدِي من الحارّ والقارّ، وأَما ابن خالويه فقال في قولهم أَحمقُ من طالب
ضأْنٍ ثمانين: إنه رجل قضى للنبي، صلى الله عليه وسلم، حاجَته فقال: ائتِني
المدينةَ، فجاءه فقال: أَيُّما أَحبُّ إليك: ثمانون من الضأْنِ أَم
أَسأَل الله أَن يجعلك معي في الجنة؟ فقال: بل ثمانون من الضأْن، فقال: أَعطوه
إياها، ثم قال: إن صاحبةَ موسى كانت أَعقلَ منك، وذلك أَن عجوزاً
دلَّتْه على عظام يوسف، عليه السلام، فقال لها موسى، عليه السلام: أَيُّما
أَحبُّ إليكِ أَن أَسأَل الله أَن تكوني معي في الجنة أَم مائةٌ من الغنم؟
فقالت: بل الجنة. والثَّماني: موضعٌ به هضَبات؛ قال ابن سيده: أُراها
ثمانيةً؛ قال رؤبة:
أَو أَخْدَرِيّاً بالثماني سُوقُها
وثَمينةُ: موضع؛ قال ساعدة بن جُؤيّة:
بأَصْدَقَ بأْساً من خليلِ ثَمينةٍ
وأَمْضَى، إذا ما أَفْلَط القائمَ اليدُ.
والثَّمَنُ: ما تستحقّ به الشيءَ. والثَّمَنُ: ثمنُ البيعِ، وثمَنُ كلّ
شيء قيمتُه. وشيء ثَمينٌ أَي مرتفعُ الثَّمَن. قال الفراء في قوله عز
وجل: ولا تَشْتَروا بآياتي ثَمَناً قليلاً؛ قال: كل ما كان في القرآن من هذا
الذي قد نُصِب فيه الثَّمَنُ وأُدخلت الباء في المَبِيع أَو المُشْتَرَى
فإن ذلك أَكثر ما يأْتي في الشَّيئين لا يكونان ثَمَناً معلوماً مثل
الدنانير والدراهم، فمن ذلك اشتريت ثوباً بكساء، أَيهما شئت تجعله ثمناً
لصاحبه لأَنه ليس من الأَثمان، وما كان ليس من الأَثمان مثل الرَّقِيق
والدُّور وجميعِ العروض فهو على هذا، فإذا جئت إلى الدراهم والدنانير وضعت
الباء في الثَّمَن، كما قال في سورة يوسف: وشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ
دراهِم، لأَن الدراهم ثمن أَبداً، والباء إنما تدخل في الأَثْمانِ، وكذلك قوله:
اشْتَرَوْا بآياتي ثمناً قليلاً، واشترَوا الحياةَ الدنيا بالآخرة
والعذاب بالمغفرة؛ فأَدْخِل الباءَ في أَيِّ هذين شئت حتى تصير إلى الدراهم
والدنانير فإنك تُدْخِل الباء فيهن مع العروض، فإذا اشتريت أَحدَ هذين،
يعني الدنانيرَ والدراهم، بصاحبه أَدخلت الباء في أَيّهما شئت، لأَن كل واحد
منهما في هذا الموضع مَبِيعٌ وثَمَنٌ، فإذا أَحْبَبْت أَن تعرف فَرْقَ
ما بين العُروض والدراهم، فإنك تعلم أَنَّ مَنِ اشترى عبداً بأَلف دينار
أَو أَلِفِ درهم معلومة ثم وجد به عيباً فردّه لم يكن على المشتري أَن
يأْخذ أَلْفَه بعينها، ولكن أَلْفاً، ولو اشترى عبداً بجارية ثم وجد به
عيباً لم يرجع بجارية أُخرى مثلها، وذلك دليل على أَن العُروض ليست بأَثمان.
وفي حديث بناء المسجد: ثامِنُوني بحائِطِكُم أَي قَرِّرُوا مَعي ثَمَنَه
وبِيعُونِيهِ بالثَّمَنِ. يقال: ثامَنْتُ الرجلَ في المَبيع أُثامِنُه
إذا قاوَلْتَه في ثَمَنِه وساوَمْتَه على بَيْعِه واْشتِرائِه. وقولُه
تعالى: واشْتَرَوا به ثمناً قليلاً؛ قيل معناه قبلوا على ذلك الرُّشى وقامت
لهم رِياسةٌ، والجمع أَثْمانٌ وأَثْمُنٌ، لا يُتَجاوَزُ به أَدْنى العدد؛
قال زهيرفي ذلك:
مَنْ لا يُذابُ له شَحْمُ السَّدِيفِ إذا
زارَ الشِّتاءُ، وعَزَّتْ أَثْمُنُ البُدُنِ.
ومن روى أَثْمَن البُدُنِ، بالفتح، أَراد أَكثَرها ثَمَناً وأَنَّث على
المعنى، ومن رواه بالضم، فهو جمع ثَمَن مثل زَمَنٍ وأَزْمُنٍ، ويروى:
شحمُ النَّصيبِ؛ يريد نصيبه من اللحم لأَنه لا يَدَّخِرُ له منه نَصيباً،
وإنما يُطْعِمُه، وقد أَثْمَنَ له سلعته وأَثْمَنَهُ. قال الكسائي:
وأَثْمَنْتُ الرجلَ متاعَه وأَثْمَنْتُ له بمعنى واحدٍ. والمِثْمَنَة:
المِخْلاةُ؛ حكاها اللحياني عن ابن سنبل العُقَيْلي. والثَّماني: نَبْتٌ؛ لم
يَحْكِه غيرُ أَبي عبيد. الجوهري: ثمانية اسم موضع
(* قوله «ثمانية اسم موضع»
في التكملة: هي تصحيف، والصواب ثمينة على فعيلة مثال دثينة).
زنر: زَنَرَ القِرْبَةَ والإِناء: ملأَه. وتَزَنَّرَ الشيءُ: دَقَّ.
والزُّنَّارُ والزُّنَّارَةُ: ما على وسط المجوسي والنصرانيّ، وفي
التهذيب: ما يَلْبَسُه الذَّمِّيُّ يشدّه على وسطه، والزُّنَّيْرُ لغة فيه؛
قال بعض الأَغفال:
تَحْزِمُ فوقَ الثوبِ بالزُّنَّيْرِ،
تَقْسِمُ اسْتِيّاً لَهَا بِنَيْرِ
وامرأَة مُزَنَّرَةٌ: طويلة عظيمة الجسم. وفي النوادر: زَنَّرَ فلان
عينَه إِليَّ إِذا شد نظره إِليه.
والزَّنانِيرُ: ذُبابٌ صِغَار تكون في الحُشُوشِ، واحدها زُنَّارٌ
وزُنَّيْرٌ. والزَّنانِيرُ: الحَصَى الصِّغارُ؛ قال ابن الأَعرابي: الزَّنانير
الحصى فعم بها الحصى كله من غير أَن يُعَيِّنَ صغيراً أَو كبيراً؛
وأَنشد:
تَحِنَّ لِلظِّمْءِ مما قد أَلَمَّ بها
بالهَجْلِ منها، كأَصواتِ الزَّنانِيرِ
قال ابن سيده: وعندي أَنها الصغار منها لأَنه لا يصوّت منها إِلاَّ
الصغار، واحدتها زُنَّيْرَةٌ وزُنَّارَةٌ، وفي التهذيب: واحدها زُنَّيْرٌ.
والزَّنانِيرُ: أَرض باليمن؛ عنه، ويقال لها أَيضاً زَنانِير بغير لام،
قال: وهو أَقيس لأَنه اسم لها عام؛ وأَنشد:
(* قوله: «وأَنشد» عبارة ياقوت
وقال ابن مقبل:
يا دار سلمى خلاء لا أُكلفها
إِلاَّ المرانة كيما تعرف الدينا
تهدي زنانير أَرواح المصيف لها
ومن ثنايا فروج الكور تأَتينا
قالوا: الزنانير ههنا رملة والكور جبل ا هـ. وكذلك استشهد به ياقوت في
كور).
تُهْدِي زَنانِيرُ أَرْواحَ المَصِيفِ لها،
ومن ثنايا فُرُوجِ الغَوْرِ تهدينا
والزنانير: أَرض بقرب جُرَش. الأَزهري: في النوادر فلان مُزَنْهِرٌ
إِليَّ بعينه ومُزَنِّرٌ ومُحَلِّقٌ وجاحِظٌ ومُجَحِّظٌ ومُنْذِرٌ إِليَّ
بعينه وناذِرٌ، وهو شدة النظر وإِخراج العين.
حمس: حَمِسَ الشَّرُّ: اشتدَّ، وكذلك حَمِشَ. واحْتَمَسَ الدِّيكانِ
واحْتَمَشا واحْتَمَسَ القِرْنانِ واقتتلا؛ كلاهما عن يعقوب. وحَمِسَ
بالشيء: عَلِق به. والحَماسَة: المَنْعُ والمُحارَبَةُ. والتَّحمُّسُ: التشدد.
تَحَمَّسَ الرجلُ إِذا تَعاصَى. وفي حديث علي، كرم اللَّه وجهه: حَمِسَ
الوَغى واسْتَحَرَّ الموتُ أَي اشتدَّ الحرُّ. والحَمِيسُ: التَّنُّورٌ.
قال أَبو الدُّقَيْشِ: التنور يقال له الوَطِيسُ والحمِيسُ. ونَجْدَةٌ
حَمْساء: شديدة، يريد بها الشجاعةَ؛ قال:
بِنَجْدَةٍ حَمْساءَ تُعْدِي الذِّمْرا
ورجل حَمِسٌ وحَمِيسٌ وأَحْمَسُ: شجاع؛ الأَخيرة عن سيبويه، وقد حَمِسَ
حَمَساً؛ عنه أَيضاً؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
كأَنَّ جَمِيرَ قُصَّتِها، إِذا ما
حَمِسْنا، والوِقايَةُ بالخِناقِ
وحَمِسَ الأَمرُ حَمَساً: اشتد. وتحَامَسَ القومُ تَحامُساً وحِماساً:
تشادّوا واقتتلوا. والأَحْمَسُ والحَمِسُ والمُتَحَمِّسُ: الشديد.
والأَحْمَسُ أَيضاً: المتشدِّد على نفسه في الدين. وعام أَحْمَسُ وسَنَة
حَمْساء: شديدة، وأَصابتهم سِنُون أَحامِسُ. قال الأَزهري: لو أَرادوا مَحْضَ
النعت لقالوا سِنونَ حُمْسٌ، إِنما أرادوا بالسنين الأحامس تذكير الأَعوام؛
وقال ابن سيده: ذَكَّروا على إِرادة الأَعوام وأَجْرَوا أَفعل ههنا صفةً
مُجراه اسماً؛ وأَنشد:
لنا إِبِلٌ لم نَكْتَسِبْها بغَدْرةٍ،
ولم يُفْنِ مولاها السُنونَ الأَحامِسُ
وقال آخر:
سَيَذْهَبُ بابن العَبْدِ عَوْنُ بنُ جَحْوشٍ،
ضَلالاً، وتُفْنِيها السِّنونَ الأَحامِسُ
ولَقِيَ هِنْدَ الأَحامِسِ أَي الشدَّة، وقيل: هو إِذا وقع في الداهية،
وقيل: معناه مات ولا أَشدَ من الموت. ابن الأَعرابي: الحَمْسُ الضَّلالُ
والهَلَكة والشَّرُّ؛ وأَنشدنا:
فإِنكمُ لَسْتُمْ بدارٍ تَكِنَّةٍ،
ولكِنَّما أَنتم بِهِنْدِ الأَحامِسِ
قال الأَزهري: وأَما قول رؤبة:
لاقَيْنَ منه حَمَساً حَميسا
معناه شدة وشجاعة.
والأَحامِسُ: الأَرضون التي ليس بها كَلأٌ ولا مرْتَعٌ ولا مَطَرٌ ولا
شيء، وأَراضٍ أَحامِسُ. والأَحْمَس: المكان الصُّلْبُ؛ قال العجاج:
وكم قَطَعْنا من قِفافٍ حُمْسِ
وأَرَضُون أَحامسُ: جَدْبة؛ وقول ابن أَحمر:
لَوْ بي تَحَمَّسَتِ الرِّكابُ، إِذاً
ما خانَني حَسَبي ولا وَفْرِي
قال شمر: تحمست تحرّمت واستغاثت من الحُمْسَة؛ قال العجاج:
ولم يَهَبْنَ حُمْسَةً لأَِحْمَسا،
ولا أَخَا عَقْدٍ ولا مُنَجَّسا
يقول: لم يهبن لذي حُرْمة حُرمة أَي ركبت رؤوسهن. والحُمْسُ: قريش
لأَنهم كانوا يتشددون في دينهم وشجاعتهم فلا يطاقون، وقيل: كانوا لا يستظلون
أَيام منى ولا يدخلون البيوت من أَبوابها وهم محرمون ولا يَسْلأُون السمن
ولا يَلْقُطُون الجُلَّة. وفي حديث خَيْفان: أَما بنو فلان فَمُسَك
أَحْماس أَي شجعان. وفي حديث عرفة: هذا من الحُمْسِ؛ هم جمع الأَحْمس. وفي
حديث عمر، رضي اللَّه عنه، ذكر الأَحامِس؛ هو جمع الأَحْمس الشجاع. أَبو
الهيثم: الحُمْسُ قريش ومَنْ وَلدَتْ قريش وكنانة وجَديلَةُ قَيْسٍ وهم
فَهْمٌ وعَدْوانُ ابنا عمرو بن قيس عَيْلان وبنو عامر بن صَعْصَعَة، هؤلاء
الحُمْسُ، سُمُّوا حُمْساً لأَنهم تَحَمَّسُوا في دينهم أَي تشدَّدوا. قال:
وكانت الحُمْسُ سكان الحرم وكانوا لا يخرجون أَيام الموسم إِلى عرفات
إِنما يقفون بالمزدلفة ويقولون: نحن أَهل اللَّه ولا نخرج من الحرم، وصارت
بنو عامر من الحُمْسِ وليسوا من ساكني الحرم لأَن أُمهم قرشية، وهي
مَجْدُ بنت تيم بن مرَّة، وخُزاعَةُ سميت خزاعة لأنهم كانوا من سكان الحرم
فَخُزِعُوا عنه أَي أُخْرجوا، ويقال: إِنهم من قريش انتقلوا بنسبهم إِلى
اليمن وهم من الحُمْسِ؛ وقال ابن الأَعرابي في قول عمرو:
بتَثْلِيثَ ما ناصَيت بَعْدي الأَحامِسا
أَراد قريشاً؛ وقال غيره: أَراج بالأَحامس بني عامر لأَن قريشاً ولدتهم،
وقيل: أَراد الشجعان من جميع الناس. وأَحْماسْ العرب أُمهاتهم من قريش،
وكانوا يتشدّدون في دينهم، وكانوا شجعان العرب لا يطاقون. والأَحْمَسُ:
الوَرِعُ من الرجال الذي يتشدد في دينه. والأَحْمَسُ: الشديد الصُّلْب في
الدين والقتال، وقد حَمِسَ، بالكسر، فهو حَمِسٌ وأَحْمَسُ بَيِّنُ
الحَمَسِ. ابن سيده: والحُمْسُ في قَيْسٍ أَيضاً وكله من الشدَّة.
والحَمْسُ: جَرْسُ الرجال؛ وأَنشد:
كأَنَّ صَوْتَ وَهْسِها تحت الدُّجى
حَمْسُ رجالٍ، سَمِعُوا صوتَ وَحى
والحَماسَةُ: الشجاعة.
والحَمَسَةُ: دابة من دواب البحر، وقيل: هي السُّلَحْفاة، والحَمَسُ اسم
للجمع. وفي النوادر: الحَمِيسَةُ القَلِيَّةُ. وحَمَسَ اللحم إِذا
قَلاه.وحِماسٌ: اسم رجل. وبنو حَمْسٍ وبنو حُمَيْسٍ وبنو حِماسٍ: قبائل. وذو
حِماسٍ: موضع. وحَماساءُ، ممدود: موضع.