من (ق ص ص) المروية من القصة ونحوها، والمقتفي أثرها، والشيء المقطوع بالمقص.
من (ق ص ص) المروية من القصة ونحوها، والمقتفي أثرها، والشيء المقطوع بالمقص.
قصص: قَصَّ الشعر والصوف والظفر يقُصُّه قَصّاً وقَصّصَه وقَصّاه على
التحويل: قَطعَه. وقُصاصةُ الشعر: ما قُصّ منه؛ هذه عن اللحياني، وطائر
مَقْصُوص الجناح. وقُصَاصُ الشعر، بالضم، وقَصَاصُه وقِصاصُه، والضم أَعلى:
نهايةُ منبته ومُنْقَطعه على الرأْس في وسطه، وقيل: قُصاصُ الشعر حدُّ
القفا، وقيل: هو حيث تنتهي نبْتتُه من مُقدَّمه ومؤخَّره، وقيل: قُصاص
الشعر نهايةُ منبته من مُقدَّم الرأْس. ويقال: هو ما استدار به كله من خلف
وأَمام وما حواليه، ويقال: قُصاصَة الشعر. قال الأَصمعي: يقال ضربَه على
قُصاصِ شعره ومقَصّ ومقاصّ. وفي حديث جابر: أَن رسول اللّه، صلّى اللّه
عليه وسلّم، كان يسجد على قِصاص الشعر وهو، بالفتح والكسر، منتهى شعر الرأْس
حيث يؤخذ بالمِقَصّ، وقد اقْتَصَّ وتَقَصّصَ وتقَصّى، والاسم القُصّةُ.
والقُصّة من الفرس: شعر الناصية، وقيل: ما أَقْبَلَ من الناصية على
الوجه. والقُصّةُ، بالضم: شعرُ الناصية؛ قال عدي بن زيد يصف فرساً:
له قصّةٌ فَشَغَتْ حاجِبَيـ
ـه، والعيْنُ تُبْصِرُ ما في الظُّلَمْ
وفي حديث سَلْمان: ورأَيته مُقَصَّصاً؛ هو الذي له جُمّة. وكل خُصْلة من
الشعر قُصّة. وفي حديث أَنس: وأَنتَ يومئذ غُلامٌ ولك قَرْنانِ أَو
قُصّتانِ؛ ومنه حديث معاوية: تنَاوَلَ قُصّةً من شعر كانت في يد حَرَسِيّ.
والقُصّة: تتخذها المرأَة في مقدمِ رأْسها تقصُّ ناحيتَيْها عدا
جَبِينها.والقَصُّ: أَخذ الشعر بالمِقَصّ، وأَصل القَصِّ القَطْعُ. يقال: قصَصْت
ما بينهما أَي قطعت.
والمِقَصُّ: ما قصَصْت به أَي قطعت. قال أَبو منصور: القِصاص في الجِراح
مأْخوذ من هذا إِذا اقْتُصَّ له منه بِجِرحِه مثلَ جَرْحِه إِيّاه أَو
قتْله به.
الليث: القَصُّ فعل القاصّ إِذا قَصَّ القِصَصَ، والقصّة معروفة. ويقال:
في رأْسه قِصّةٌ يعني الجملة من الكلام، ونحوُه قوله تعالى: نحن نَقُصُّ
عليك أَحسنَ القصص؛ أَي نُبَيّن لك أَحسن البيان. والقاصّ: الذي يأْتي
بالقِصّة من فَصِّها.
ويقال: قَصَصْت الشيء إِذا تتبّعْت أَثره شيئاً بعد شيء؛ ومنه قوله
تعالى: وقالت لأُخْته قُصّيه؛ أَي اتّبِعي أَثَرَه، ويجوز بالسين: قسَسْت
قَسّاً.
والقُصّةُ: الخُصْلة من الشعر. وقُصَّة المرأَة: ناصيتها، والجمع من ذلك
كله قُصَصٌ وقِصاصٌ. وقَصُّ الشاة وقَصَصُها: ما قُصَّ من صوفها. وشعرٌ
قَصِيصٌ: مقصوصٌ. وقَصَّ النسّاجُ الثوبَ: قطَع هُدْبَه، وهو من ذلك.
والقُصاصَة: ما قُصَّ من الهُدْب والشعر. والمِقَصُّ: المِقْراض، وهما
مِقَصَّانِ. والمِقَصَّان: ما يَقُصّ به الشعر ولا يفرد؛ هذا قول أَهل اللغة،
قال ابن سيده: وقد حكاه سيبويه مفرداً في باب ما يُعْتَمل به. وقصَّه
يقُصُّه: قطَعَ أَطراف أُذُنيه؛ عن ابن الأَعرابي. قال: وُلدَ لِمَرْأَةٍ
مِقْلاتٍ فقيل لها: قُصِّيه فهو أَحْرى أَن يَعِيشَ لكِ أَي خُذي من أَطراف
أُذنيه، ففعلَتْ فعاش. وفي الحديث: قَصَّ اللّهُ بها خطاياه أَي نقَصَ
وأَخَذ.
والقَصُّ والقَصَصُ والقَصْقَصُ: الصدر من كل شيء، وقيل: هو وسطه، وقيل:
هو عَظْمُه. وفي المثل: هو أَلْزَقُ بك من شعرات قَصِّك وقَصَصِك.
والقَصُّ: رأْسُ الصدر، يقال له بالفارسية سَرِسينه، يقال للشاة وغيرها.
الليث: القص هو المُشاشُ المغروزُ فيه أَطرافُ شراسِيف الأَضلاع في وسط الصدر؛
قال الأَصمعي: يقال في مثل: هو أَلْزَمُ لك من شُعَيْراتِ قَصِّك، وذلك
أَنها كلما جُزَّتْ نبتت؛ وأَنشد هو وغيره:
كم تمَشَّشْتَ من قَصٍّ وانْفَحَةٍ،
جاءت إِليك بذاك الأَضْؤُنُ السُّودُ
وفي حديث صَفْوانَ بن مُحْرز: أَنه كان إِذا قرأَ: وسيَعْلَمُ الذين
ظَلَموا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبون، بَكى حتى نقول: قد انْدَقَّ قَصَصُ
زَوْرِه، وهو منبت شعره على صدره، ويقال له القصَصُ والقَصُّ. وفي حديث
المبعث: أَتاني آت فقدَّ من قَصِّي إِلى شِعْرتي؛ القصُّ والقَصَصُ: عظْمُ
الصدر المغروزُ فيه شَراسِيفُ الأَضلاع في وسطه. وفي حديث عطاء: كَرِه
أَن تُذْبَحَ الشاةُ من قَصِّها، واللّه أَعلم.
والقِصّة: الخبر وهو القَصَصُ. وقصّ عليّ خبَره يقُصُّه قَصّاً
وقَصَصاً: أَوْرَدَه. والقَصَصُ: الخبرُ الــمَقْصوص، بالفتح، وضع موضع المصدر حتى
صار أَغْلَبَ عليه. والقِصَص، بكسر القاف: جمع القِصّة التي تكتب. وفي
حديث غَسْل دَمِ الحيض: فتقُصُّه بريقها أَي تعَضُّ موضعه من الثوب
بأَسْنانها وريقها ليذهب أَثره كأَنه من القَصّ القطع أَو تتبُّع الأَثر؛ ومنه
الحديث: فجاء واقْتصّ أَثَرَ الدم. وتقَصّصَ كلامَه: حَفِظَه. وتقَصّصَ
الخبر: تتبّعه. والقِصّة: الأَمرُ والحديثُ. واقْتَصَصْت الحديث: رَوَيْته
على وجهه، وقَصَّ عليه الخبَرَ قصصاً. وفي حديث الرؤيا: لا تقُصَّها إِلا
على وادٍّ. يقال: قَصَصْت الرؤيا على فلان إِذا أَخبرته بها، أَقُصُّها
قَصّاً. والقَصُّ: البيان، والقَصَصُ، بالفتح: الاسم. والقاصُّ: الذي
يأْتي بالقِصّة على وجهها كأَنه يَتَتَبّع معانيَها وأَلفاظَها. وفي الحديث:
لا يقصُّ إِلا أَميرٌ أَو مأْمورٌ أَو مُخْتال أَي لا ينبغي ذلك إِلا
لأَمير يَعظُ الناس ويخبرهم بما مضى ليعتبروا، وأَما مأْمورٌ بذلك فيكون
حكمُه حكمَ الأَمير ولا يَقُصّ مكتسباً، أَو يكون القاصّ مختالاً يفعل ذلك
تكبراً على الناس أَو مُرائياً يُرائي الناس بقوله وعملِه لا يكون وعظُه
وكلامه حقيقة، وقيل: أَراد الخطبة لأَن الأُمَراء كانوا يَلونها في
الأَول ويَعظون الناس فيها ويَقُصّون عليهم أَخبار الأُمم السالفة. وفي
الحديث: القاصُّ يَنْتظر المَقْتَ لما يَعْرِضُ في قِصَصِه من الزيادة
والنقصان؛ ومنه الحديث: أَنّ بَني إِسرائيل لما قَصُّوا هَلَكوا، وفي رواية: لما
هلكوا قَصُّوا أَي اتكَلوا على القول وتركوا العمل فكان ذلك سببَ هلاكهم،
أَو العكس لما هلكوا بترك العمل أَخْلَدُوا إِلى القَصَص.
وقَصَّ آثارَهم يَقُصُّها قَصّاً وقَصَصاً وتَقَصّصَها: تتبّعها بالليل،
وقيل: هو تتبع الأَثر أَيَّ وقت كان. قال تعالى: فارتدّا على آثارهما
قَصصاً. وكذلك اقْتَصَّ أَثره وتَقَصّصَ، ومعنى فارتدّا على آثارهما
قَصَصاً أَي رَجَعا من الطريق الذي سلكاه يَقُصّان الأَثر أَي يتّبعانه؛ وقال
أُمية بن أَبي الصلت:
قالت لأُخْتٍ له: قُصِّيهِ عن جُنُبٍ،
وكيف يَقْفُو بلا سَهْلٍ ولا جَدَدِ؟
قال الأَزهري: القصُّ اتِّباع الأَثر. ويقال: خرج فلان قَصَصاً في أَثر
فلان وقَصّاً، وذلك إِذا اقْتَصَّ أَثره. وقيل: القاصُّ يَقُصُّ القَصَصَ
لإِتْباعه خبراً بعد خبر وسَوْقِه الكلامَ سوقاً. وقال أَبو زيد:
تقَصّصْت الكلامَ حَفِظته.
والقَصِيصَةُ: البعيرُ أَو الدابةُ يُتَّبع بها الأَثرُ. والقَصيصة:
الزامِلةُ الضعيفة يحمل عليها المتاع والطعام لضعفها. والقَصيصةُ: شجرة تنبت
في أَصلها الكَمأَةُ ويتخذ منها الغِسْل، والجمع قَصائِصُ وقَصِيصٌ؛ قال
الأَعشى:
فقلت، ولم أَمْلِكْ: أَبَكْرُ بن وائلٍ
متى كُنْتَ فَقْعاً نابتاً بقَصائِصا؟
وأَنشد ابن بري لامرئ القيس:
تَصَيَّفَها، حتى إِذا لم يَسُغ لها
حَلِيّ بأَعْلى حائلٍ وقَصِيص
وأَنشد لعدي بن زيد:
يَجْنِي له الكَمْأَةَ رِبْعِيّة،
بالخَبْءِ، تَنْدَى في أُصُولِ القَصِيص
وقال مُهاصِر النهشلي:
جَنَيْتُها من مُجْتَنىً عَوِيصِ،
من مُجْتَنى الإِجْرِدِ والقَصِيصِ
ويروى:
جنيتها من منبِتٍ عَوِيصِ،
من مَنبت الإِجرد والقصيص
وقد أَقَصَّت الأَرضُ أَي أَنْبَتَتْه. قال أَبو حنيفة: زعم بعض الناس
أَنه إِنما سمي قَصيصاً لدلالته على الكمأَة كما يُقْتَصّ الأَثر، قال:
ولم أَسمعه، يريد أَنه لم يسمعه من ثقة. الليث: القَصِيص نبت ينبت في أُصول
الكمأَة وقد يجعل غِسْلاً للرأْس كالخِطْمِيّ، وقال: القَصِيصة نبت يخرج
إِلى جانب الكمأَة.
وأَقَصّت الفرسُ، وهي مُقِصّ من خيل مَقاصَّ: عظُم ولدها في بطنها،
وقيل: هي مُقِصّ حتى تَلْقَح، ثم مُعِقٌّ حتى يَبْدو حملها، ثم نَتُوج، وقيل:
هي التي امتنعت ثم لَقِحت، وقيل: أَقَصّت الفرس، فهي مُقِصٌّ إِذا حملت.
والإِقْصاصُ من الحُمُر: في أَول حملها، والإِعْقاق آخره. وأَقَصّت
الفرس والشاة، وهي مُقِصٌّ: استبان ولدُها أَو حملُها، قال الأَزهري: لم
أَسمعه في الشاء لغير الليث. ابن الأَعرابي: لَقِحت الناقة وحملت الشاة
وأَقَصّت الفرس والأَتان في أَول حملها، وأَعَقَّت في آخره إِذا استبان حملها.
وضرَبه حتى أَقَصَّ على الموت أَي أَشْرف. وأَقْصَصْته على الموت أَي
أَدْنَتْه. قال الفراء: قَصَّه من الموت وأَقَصَّه بمعنى أَي دنا منه، وكان
يقول: ضربه حتى أَقَصَّه الموت. الأَصمعي: ضربه ضرباً أَقصَّه من الموت
أَي أَدناه من الموت حتى أَشرف عليه؛ وقال:
فإِن يَفْخَرْ عليك بها أَميرٌ،
فقد أَقْصَصْت أُمَّك بالهُزال
أَي أَدنيتها من الموت. وأَقَصَّته شَعُوبٌ إِقْصاصاً:
أَشرف عليها ثم نجا.
والقِصاصُ والقِصاصاءُ والقُصاصاءُ: القَوَدُ وهو القتل بالقتل أَو
الجرح بالجرح.
والتَّقاصُّ: التناصفُ في القِصَاص؛ قال:
فَرُمْنا القِصَاصَ، وكان التقا
صُّ حُكماً وعَدْلاً على المُسْلِمينا
قال ابن سيده: قوله التقاص شاذ لأَنه جمع بين الساكنين في الشعر ولذلك
رواه بعضهم: وكان القصاصُ؛ ولا نظير له إلا بيت واحد أَنشده الأَخفش:
ولولا خِداشٌ أَخَذْتُ دوا
بَّ سَعْدٍ، ولم أُعْطِه ما عليها
قال أَبو إِسحق: أَحسَب هذا البيت إِن كان صحيحاً فهو:
ولولا خداش أَخذت دوابِـ
ـب سعدٍ، ولم أُعْطِه ما عليها
لأَن إِظهار التضعيف جائز في الشعر، أَو: أَخذت رواحل سعد. وتقاصَّ
القومُ إِذا قاصَّ كل واحد منهم صاحبَه في حساب أَو غيره. والاقْتِصاصُ:
أَخْذُ القِصاصِ. والإِقْصاصُ: أَن يُؤْخَذ لك القِصاصُ، وقد أَقَصَّه.
وأَقَصَّ الأَمير فُلاناً من فلان إِذا اقْتَصَّ له منه فجرحه مثل جرحه أَو
قتَلَه قوَداً. واسْتَقَصَّه: سأَله أَن يُقِصَّه منه. الليث: القِصاصُ
والتَّقاصُّ في الجراحات شيءٌ بشيء، وقد اقْتَصَّ من فلان، وقد أَقْصَصْت
فلاناً من فلان أَقِصّه إِقْصاصاً، وأَمْثَلْت منه إِمْثالاً فاقتَصَّ منه
وامْتَثَل. والاسْتِقْصاص: أَن يَطْلُب أَن يُقَصَّ ممن جرحه. وفي حديث
عمر، رضي اللّه عنه: رأَيت رسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، يُقِصّ من
نفسه. يقال: أَقَصَّه الحاكم يُقِصّه إِذا مكَّنَه من أَخذ القِصاص، وهو
أَن يفعل به مثل فعله من قتل أَو قطع أَو ضرب أَو جرح، والقِصَاصُ الاسم؛
ومنه حديث عمر: رأَيت رسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، أُتِيَ
بشَارِبٍ فقال لمُطيع بن الأَسود: اضرِبْه الحَدَّ، فرآه عمرُ وهو يَضْرِبُه
ضرباً شديداً فقال: قتلت الرجل، كم ضَرَبْتَه؟ قال سِتِّينَ فقال عُمر:
أَقِصّ منه بِعِشْرِين أَي اجعل شدة الضرب الذي ضرَبْتَه قِصاصاً بالعشرين
الباقية وعوضاً عنها.
وحكى بعضهم: قُوصَّ زيد ما عليه، ولم يفسره؛ قال ابن سيده: وعندي أَنه
في معنى حوسِبَ بما عليه إِلا أَنه عُدِّيَ بغير حرف لأَن فيه معنى
أُغْرِمَ ونحوه. والقَصّةُ والقِصّة والقَصُّ: الجَصُّ، لغة حجازية، وقيل:
الحجارة من الجَصِّ، وقد قَصّصَ دارَه أَي جَصّصَها. ومدينة مُقَصَّصة:
مَطْليّة بالقَصّ، وكذلك قبر مُقَصَّصٌ. وفي الحديث: نهى رسول اللّه، صلّى
اللّه عليه وسلّم، عن تَقْصِيص القُبور، وهو بناؤها بالقَصّة.
والتَّقْصِيصُ: هو التجْصِيص، وذلك أَن الجَصّ يقال له القَصّة. يقال: قصّصْت البيتَ
وغيره أَي جَصّصْته. وفي حديث زينب: يا قَصّةً على مَلْحودَةٍ؛ شَبَّهت
أَجسامَهم بالقبور المتخذة من الجَصّ، وأَنفُسَهم بجِيَف الموتى التي تشتمل
عليها القبورُ. والقَصّة: القطنة أَو الخرقةُ البيضاء التي تحْتَشي بها
المرأَة عند الحيض. وفي حديث الحائض: لا تَغْتَسِلِنَّ حتى تَرَيْنَ
القَصّة البَيْضاءَ، يعني بها ما تقدم أَو حتى تخرج القطنة أَو الخرقة التي
تحتشي بها المرأَة الحائض، كأَنها قَصّة بيضاء لا يُخالِطُها صُفْرة ولا
تَرِيّةٌ، وقيل: إِن القَصّة كالخيط الأَبيض تخرج بعد انقطاع الدم كله،
وأَما التَّريّة فهو الخَفِيّ، وهو أَقل من الصفرة، وقيل: هو الشيء الخفي
اليسير من الصفرة والكُدْرة تراها المرأَة بعد الاغتسال من الحيض، فأَما
ما كان من أَيام الحيض فهو حَيض وليس بِتَرِيّة، ووزنها تَفْعِلة، قال ابن
سيده: والذي عندي أَنه إِنما أَراد ماء أَبيض من مَصَالة الحيض في آخره،
شبّهَه بالجَصّ وأَنّتَ لأَنه ذهب إِلى الطائفة كما حكاه سيبويه من
قولهم لبَنة وعَسَلة.
والقَصّاص: لغة في القَصّ اسم كالجيَّار. وما يَقِصُّ في يده شيء أَي ما
يَبْرُدُ ولا يثبت؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
لأُمِّكَ وَيْلةٌ وعليك أُخْرى،
فلا شاةٌ تَقِصّ ولا بَعِيرُ
والقَصَاصُ: ضرب من الحمض. قال أَبو حنيفة: القَصاصُ شجر باليمن
تَجْرُسُه النحل فيقال لعسلها عَسَلُ قَصَاصٍ، واحدته قَصَاصةٌ. وقَصْقَصَ
الشيء: كَسَره.
والقُصْقُصُ والقُصْقُصة، بالضم، والقُصَاقِصُ من الرجال: الغليظُ
الشديد مع قِصَر. وأَسد قُصْقُصٌ وقُصْقُصةٌ وقُصاقِصٌ: عظيم الخلق شديد؛
قال:قُصْقُصة قُصاقِص مُصَدَّرُ،
له صَلاً وعَضَلٌ مُنَقَّرُ
وقال ابن الأَعرابي: هو من أَسمائه. الجوهري: وأَسد قَصْقاصٌ، بالفتح،
وهو نعت له في صوته. والقَصْقاصُ: من أسماء الأَسد، وقيل: هو نعت له في
صوته. الليث: القَصْقاصُ نعت من صوت الأَسد في لغة، والقَصْقاصُ أَيضاً:
نَعْتُ الحية الخبيثة؛ قال: ولم يجئ بناء على وزن فَعْلال غيره إِنما
حَدُّ أَبْنِيةِ المُضاعَفِ على وزن فُعْلُل أَو فُعْلول أَو فِعْلِل أَو
فِعْلِيل مع كل مقصور ممدود منه، قال: وجاءت خمس كلمات شواذ وهي: ضُلَضِلة
وزُلزِل وقَصْقاص والقلنقل والزِّلزال، وهو أَعمّها لأَن مصدر الرباعي
يحتمل أَن يبنى كله على فِعْلال، وليس بمطرد؛ وكل نَعْتٍ رُباعِيٍّ فإِن
الشُّعَراء يَبْنُونه على فُعالِل مثل قُصَاقِص كقول القائل في وصف بيت
مُصَوَّرٍ بأَنواع التَّصاوير:
فيه الغُواةُ مُصَوَّرو
ن، فحاجِلٌ منهم وراقِصْ
والفِيلُ يرْتكبُ الرِّدَا
ف عليه، والأَسد القُصاقِصْ
التهذيب: أَما ما قاله الليث في القُصَاقِص بمعنى صوت الأَسد ونعت
الحيّة الخبيثة فإِني لم أَجِدْه لغير الليث، قال: وهو شاذٌ إِن صَحَّ. وروي
عن أَبي مالك: أَسد قُصاقِصٌ ومُصَامِصٌ وفُرافِصٌ شديد. ورجل قُصَاقِصٌ
فُرافِصٌ: يُشَبَّه بالأَسد. وجمل قُصاقِصٌ أَي عظيمٌ. وحيَّة قَصْقاصٌ:
خبيث. والقَصْقاصُ: ضرْبٌ من الحمض؛ قال أَبو حنيفة: هو ضعيف دَقِيق أَصفر
اللون. وقُصاقِصا الوَرِكَين: أَعلاهما.
وقُصاقِصَةُ: موضع. قال: وقال أَبو عمرو القَصقاص أُشْنان الشَّأْم. وفي
حديث أَبي بكر: خَرَجَ زمَنَ الرِّدّة إِلى ذي القَصّةِ؛ هي، بالفتح،
موضع قريب من المدينة كان به حصىً بَعَثَ إِليه رسول اللّه، صلّى اللّه
عليه وسلّم، محمدَ بن مَسْلمة وله ذكر في حديث الردة.
جدف: جَدَفَ الطائِرُ يَجْدِفُ جُدُوفاً إذا كان مَقْصُوصَ الجناحين
فرأَيته إذا طار كأَنه يَرُدُّهما إلى خَلْفه؛ وأَنشد ابن بري للفرزدق:
ولو كنتُ أَخْشى خالداً أَنْ يَرُوعَني،
لَطِرْتُ بوافٍ ريشُه غيرِ جادِفِ
وقيل: هو أَن يَكْسِرَ من جناحه شيئاً ثم يَميلَ عند الفَرَقِ من
الصَّقْر؛ قال:
تُناقِضُ بالأَشْعارِ صَقْراً مُدَرَّباً،
وأَنتَ حُبارَى خِيفَةَ الصَّقْرِ تَجْدِفُ
الكسائي: والمصدرُ من جَدَفَ الطائرُ الجَدْفُ، وجناحا الطائر
مِجْدافاه، ومنه سمي مِجْداف السَّفينة. ومجداف السفينة، بالدال والذال جميعاً،
لغتان فصيحتان. ابن سيده: مِجْداف السفينة خشبة في رأْسها لَوْحٌ عَرِيضٌ
تُدْفَعُ بها، مُشتَقٌ من جَدَفَ الطائرُ، وقد جَدَفَ الـمَلاَّحُ السفينة
يَجْدِفُ جَدْفاً. أَبو عمرو: جَدَف الطائرُ وجَدَفَ الملاَّحُ
بالمِجْدافِ، وهو الـمُرْدِيُّ والمِقْذَفُ والمِقْذافُ. أَبو المِقْدامِ
السُّلَمِيُّ: جَدَفَتِ السماءُ بالثلج وجَذَفَتْ تَجْذِفُ إذا رَمَتْ
به.والأَجْدَفُ: القَصِيرُ؛ وأَنشد:
مُحِبٌّ لِصُغْراها، بَصِيرٌ بنَسْلِها،
حَفِيظٌ لأُخْراها، حُنَيِّفُ أَجْدَفُ
والمِجْدافُ: العُنُق، على التشبيه؛ قال:
بأَتْلَعِ المِجْدافِ ذَيّالِ الذَّنَبْ
والمِجْدافُ: السوطُ، لغة نَجْرانِيَّة؛ عن الأَصمعي؛ قال الـمُثَقِّبُ
العَبْدِيّ:
تَكادُ إن حُرِّكَ مِجْدافُها،
تَنْسَلُّ من مَثْناتِها واليد
(* قوله «واليد» كذا بالأصل وشرح القاموس، والذي في عدة نسخ من الصحاح:
باليد.)
ورجل مَجْدُوفُ اليدِ والقميصِ والإزارِ: قصيرُها؛ قال ساعدةُ بن
جُؤيّةَ:
كحاشِيةِ الـمَجْدُوفِ زَيَّنَ لِيطَها،
من النَّبْعِ، أَزْرٌ حاشِكٌ وكَتُومُ
وجَدَفَتِ المرأَة تَجْدِفُ: مَشَتْ مَشْيَ القِصارِ. وجَدَفَ الرجل في
مَشْيَتِه: أَسْرَعَ، بالدال؛ عن الفارسيّ، فأَما أَبو عبيد فذكرها مع
جَدَفَ الطائرُ وجَدَفَ الإنسانُ فقال في الإنسان: هذه بالذال، وصرح
الفارسي بخلافه كما أَرَيْتك فقال بالدال غير المعجمة. والجَدْفُ: القَطْعُ.
وجدَفَ الشيءَ جَدْفاً: قَطَعَه؛ قال الأَعشى:
قاعداً عندَه النَّدامى، فما يَنْـ
ـفَكُّ يُؤْتى بمُوكَرٍ مَجْدُوفِ
وإنه لَمَجْدُوفٌ
(* قوله «وانه لمجدوف إلخ» كذا بالأصل، وعبارة
القاموس: وانه لمجدّف عليه العيش كمعظم مضيق.) عليه العَيْشُ أَي مُضَيَّقٌ
عليه. الأَزهري في ترجمة جذف قال: والمجذوف الزِّقُّ، وأَنشد بيت الأَعشى
هذا، وقال: ومجدوف، بالجيم وبالدال وبالذال، قال: ومعناهما الـمَقْطُوعُ،
قال: ورواه أَبو عبيد مَنْدُوف، قال: وأَما محذوف فما رواه غير الليث.
والتَّجديفُ: هو الكُفْرُ بالنِّعم. يقال منه: جَدَّفَ يُجَدِّفُ
تَجْدِيفاً. وجَدَّفَ الرجلُ بنعمة اللّه: كفَرها ولم يَقْنَعْ بها. وفي
الحديث: شَرُّ الحديثِ التَّجْديفُ، قال أَبو عبيد: يعني كفر النِّعْمة
واسْتِقلال ما أَنعم اللّه عليك؛ وأَنشد:
ولكِنِّي صَبَرْتُ، ولم أُجَدِّفْ،
وكان الصَّبْرُ غاية أَوَّلينا
وفي الحديث: لا تُجَدِّفوا بنِعْمة اللّه أَي لا تَكْفُروها
وتَسْتَقِلُّوها.
والجَدَفُ: القَبْرُ، والجمع أَجْدافٌ، وكرهها بعضهم وقال: لا جمع
للجَدَفِ لأَنه قد ضَعُفَ بالإبْدال فلم يتصرّف. الجوهري: الجَدَفُ القبر وهو
إبدال الجَدَثِ والعرب تُعَقِّبُ بين الفاء والثاء في اللغة فيقولون
جَدَثٌ وجَدَفٌ، وهي الأَجداثُ والأَجْدافُ. والجَدَفُ من الشَّراب: ما لم
يُغَطَّ. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه، حين سأَل الرجل الذي كان الجنُّ
اسْتَهْوَتْه: ما كان طَعامُهم؟ قال: الفُولُ، وما لم يُذْكَر اسْمُ اللّه
عليه، قال: فما كان شَرابُهم؟ قال: الجَدَفُ، وتفسيره في الحديث أَنه ما
لا يُغَطَّى من الشراب؛ قال أَبو عمرو: الجدَف لم أَسمعه إلا في هذا
الحديث وما جاء إلا وله أَصل، ولكن ذهب من كان يعرفه ويتكلم به كما قد ذهب من
كلامهم شيء كثير. وقال بعضهم: الجَدَفُ من الجَدْف وهو القَطْع كأَنه
أَراد ما يُرْمى به من الشراب من زَبَد أَو رَغْوة أَو قَذًى كأَنه قُطِعَ
من الشراب فَرُمِيَ به؛ قال ابن الأَثير: كذا حكاه الهرويّ عن القتيبي
والذي جاء في صحاح الجوهري أَن القَطْع هو الجَذْفُ، بالذال المعجمة، ولم
يذكره في المهملة، وأَثبته الأَزهري فيهما وقد فُسِّرَ أَيضاً بالنبات الذي
يكون باليمن لا يحتاج آكله إلى شُرْب ماء. ابن سيده: الجدَفُ نبات يكون
باليمن تأْكله الإبل فتَجْزَأُ به عن الماء، وقال كراع: لا يُحْتاج مع
أَكله إلى شرب ماء؛ قال ابن بري: وعليه قول جرير:
كانُوا إذا جعَلوا في صِيرِهِم بَصَلاً،
ثم اشْتَوَوْا كَنْعَداً من مالِحٍ، جَدَفُوا
والجُدافى، مقصور: الغنيمة. أَبو عمرو: الجَدافاةُ الغنيمة؛ وأَنشد:
قَدْ أَتانا رامِعاً قِبِّراهْ،
لا يَعْرِفُ الحَقَّ وليْس يَهْواهْ،
كان لَنا، لَـمَّا أَتَى، جَدافاهْ
(* قوله «قد أتانا» كذا في الأصل وشرح القاموس بدون حرف قبل قد، وقوله
كان لنا إلخ بهامش الأصل صوابه: فكان لما جاءنا جدافاه.)
ابن الأَعرابي: الجَدافاءُ والغُنامى والغُنْمى والهُبالةُ والابالة
والحُواسةُ والحُباسةُ.
ريش: الرِّيشُ: كِسْوةُ الطائر، والجمع أَرياش ورِياشٌ؛ قال أَبو كبير
الهذلي:
فإِذا تُسَلُّ تَخَشْخَشَتْ أَرْياشُها،
خَشْفَ الجَنُوب بيابِسٍ من إِسْحِلِ
وقرئ: ورِياشاً ولِباسُ التَّقْوى؛ وسمى أَبو ذؤيب كسوةَ النحل ريشاً
فقال:
تظَلُّ على الثَّمْراء منها جَوارِسٌ
مَراضِيعُ صُهْبُ الرِّيشِ، زُغْبٌ رِقابُها
واحدته رِيشة. وطائرٌ راشٌ: نَبَتَ رِيشُه. وراشَ السهمَ رَيْشاً
وارْتاشَه: ركّب عليه الرِّيشَ؛ قال لبيد يصف السهم:
ولئن كَبِرْتُ لقد عَمَرْتُ كأَنني
غُصْنٌ، تُقَيِّئه الرِّياحُ، رَطِيبُ
وكذاك حقًّا، مَن يُعَمِّرْ يُبْلِه
كَرُّ الزمانِ عليه، والتقْلِيبُ
حتى يَعُودَ من البلاء كأَنه،
في الكفّ، أَفْوَقُ ناصِلٌ مَعْصوبُ
مُرُطُ القِذاذِ، فليس فيه مَصْنَعٌ،
لا الريشُ يَنْفعه، ولا التعْقِيبُ
وقال ابن بري: البيت لنافع بن لقيط الأَسدي يصف الهَرَمَ والشَّيْبَ،
قال: ويقال سَهم مُرُطٌ إِذا لم يكن عليه قُذَذٌ، والقِذاذ: ريشُ السهم،
الواحدة قُذّة، والتعقيبُ: أَن يُشدَّ عليه العَقَبُ وهي الأَوتار،
والأَفْوَقُ: السهم المكسور الفوقِ، والفيوق: موضع الوَتَرِ من السهم، والناصلُ:
الذي لا نَصْل فيه، والمعصوب: الذي عُصِب بِعصابة بعد انكساره؛ وأَنشد
سيبويه لابن ميَّادة:
وارْتَشْنَ، حين أَرَدْنَ أَن يَرْمِينَنا،
نَبْلاً بلا رِيشٍ ولا بِقِداح
وفي حديث عمر قال لجرير بن عبد اللَّه وقد جاء من الكوفة: أَخْبِرني عن
الناس، فقال: هم كسِهامِ الجَعْبةِ منها القائمُ الرائِشُ أَي ذو الريش
إِشارة إِلى كماله واستقامته. وفي حديث أَبي جُحَيفة: أَبْرِي النَّبْلَ
وأَرِيشُها أَي أَعْمَلُ لها رِيشاً، يقال منه: رِشْتُ السهم أَرِيشُه.
وفلان لا يَرِيشُ ولا يَبْرِي أَي لا يضر ولا ينفع. أَبو زيد: يقال لا
تَرِشْ عليّ يا فلانُ أَي لا تَعْترض لي في كلامي فتَقْطَعه عليّ.
والرَّيْشُ، بالفتح: مصدرُ راش سهمَه يَرِيشُه رَيْشاً إِذا ركَّب عليه الرِّيشَ.
ورِشْتُ السهمَ: أَلْزَقْتُ عليه الرِّيشَ، فهو مَرِيشٌ؛ ومنه قولهم: ما
لَه أَقذُّ ولا مَرِيشٌّ أَي ليس له شيء.
والرائِشُ: الذي يُسْدِي بين الراشي والمُرْتَشي. والراشي: الذي يتردّد
بينهما في المُصانعةِ فَيرِيش المُرْتَشي من مال الراشي. وفي الحديث:
لَعَنَ اللَّه الراشِيَ والمُرْتَشِيَ والرائش؛ والرائشُ: الذي يسعى بين
الراشي والمُرْتَشِي ليَقْضِيَ أَمرَهما. وبُرْدٌ مُرَيّشٌ؛ عن اللحيَاني:
خطوطُ وشْيِهِ على أَشكال الرِّيش. نصيرٌ: الرِّيَشُ الزبَب، وناقة
رَياشٌ، والزبَب: كثرةُ الشعر في الأُذنين ويَعْتَري الأَزَبَّ النِّفارُ؛
وأَنشد:
أَنْشدُ من خَوّارةٍ رَياشِ،
أَخْطَأَها في الرَّعْلةِ الغَواشِ،
ذُو شَمْلة تَعْثُرُ بالإِنْفاشِ
والريشُ: شعرُ الأُذن خاصّة. ورجل أَرْيَشُ وراشٌ: كثير شعر الأُذُن.
وراشَه اللَّهُ يَرِيشُه رَيْشاً: نَعشَه. وتَرَيَّش الرجلُ وارْتاشَ:
أَصابَ خيراً فرُئيَ عليه أَثَرُ ذلك. وارْتاشَ فلانٌ إِذا حسُنَتْ حالُه.
ورِشْتُ فلاناً إِذا قوَّيْته وأَعَنْته على معاشه وأَصْلَحْت حالَه؛
قال الشاعر عمير
(* قوله «قال الشاعر عمير إلخ» هكذا في الأَصل، وعبارة شارح
القاموس: قال سويد الأَنصاري.) بن حبَّاب:
فرِشْني بخيرٍ، طالَما قد بَرَيْتَني،
وخَيْرُ المَوالي مَنْ يَرِيشُ ولا يَبْري
والرِّيشُ والرِّياشُ: الخِصْبُ والمعاشُ والمالُ والأَثاثُ واللِّباسُ
الحسَنُ الفاخرُ. وفي التنزيل العزيز: ورِيشاً ولِباسُ التَّقْوى، وقد
قرئ: رِياشاً، على أَن ابن جني قال: رِياشٌ قد يكون جمعَ ريش كلِهْبٍ
ولِهابٍ؛ وقال محمد بن سَلامٍ: سمعت سلاماً أَبا مُنْذِرٍ القارئ يقول:
الرِّيشُ الزِّينةُ والرِّياشُ كلُّ اللباس، قال: فسأَلت يونسَ فقال: لم يقل
شيئاً، هما سواءٌ، وسأَل جماعةً من الأَعراب فقالوا كما قال؛ قال أَبو
الفضل: أَراه يعني كما قال أَبو المنذر قال: وقال الحَرَّاني سمعت ابن
السكيت قال: الريشُ جمعُ ريشة. وفي حديث عليّ: أَنه اشترى قَميصاً بثلاثة
دَراهم وقال: الحمدُ للِّه الذي هذا من رِياشه؛ الرِّيشُ والرِّياشُ: ما
ظهَر من اللباس. وفي حديثه الآخَر: أَنه كان يُفْضِلُ على امرأَةٍ
مُؤْمِنَةٍ من رِياشِه أَي مما يستفيده، وهذا من الرِّياشِ الخِصْبِ والمعاشِ
والمال المستفاد. وفي حديث عائشة تَصِفُ أَباها، رضي اللَّه عنهما: يَفُكّ
عانِيَها ويَرِيشُ مُمْلِقَها أَي يَكْسُوه ويُعِينُه، وأَصله من الرِّيشِ
كأَنّ الفقِيرَ المُمْلِقَ لا نُهُوضَ به كالــمَقْصوصِ من الجَناحِ. يقال:
راشَه يَرِيشُه إِذا أَحْسَنَ إِليه. وكلُّ من أَوْلَيْتَه خيراً، فقد
رِشْتَه؛ ومنه الحديث: أَن رجلاً راشَه اللَّه مالاً أَي أَعطاه؛ ومنه
حديث أَبي بكر والنسّابة:
الرائشون، وليس يُعرف رائِشٌ،
والقائلون: هلُمَّ للأَضيافِ
ورجل أَرْيشُ وراشٌ: ذو مال وكسوة. والرِّياشُ: القِشْرُ وكلُّ ذلك من
الرِّيشِ. ابن الأَعرابي: راشَ صدِيقَه يَرِيشُه رَيْشاً إِذا أَطعَمه
وسقاه وكساه. وراشَ يَرِيشُ رَيشاً إِذا جَمَع الرِّيشَ وهو المال والأَثاث.
القتيبي: الرِّيشُ والرِّياشُ واحدٌ، وهما ما ظهر من اللباس. ورِيشُ
الطائرِ: ما سَتَرَه اللَّه به. وقال ابن السكيت: قالت بنو كلاب الرِّياشُ
هو الأَثاث من المتاع ما كان من لِباسٍ أَو حشْوٍ من فراش أَو دِثارٍ،
والرِّيشُ المتاعُ والأَموالُ. وقد يكون في النبات دون المال. وإِنه لحسَنُ
الرِّيش أَي الثيابِ. ويقال: فلان رَيِّشٌ ورَيْشٌ وله رِيشٌ وذلك إِذا
كَبُر ورَفَّ، وكذلك راشَ الطائرُ إِذا كان عليه زَغَبة من زِفٍّ، وتلك
الزَّغَبة يقال لها النُّسال. الفراء: شارَ الرجلُ إِذا حسُنَ وجْهُه،
وراشَ إِذا استَغْنى. ورُمْحٌ راشٌ ورائِشٌ: خَوّارٌ ضعيفٌ. بالرِّيشِ
لخفّته. وجَمَل راشُ الظَّهر ضعيفٌ.وناقةٌ رائِشةٌ: ضعيفةٌ. ورجل راشٌ: ضعيف،
وأَعطاه مائة بريشها؛ وقيل: كانت الملُوكُ إِذا حَبَتْ حِباءً جعليوا في
أَسْنِمةِ الإِبِلِ رِيشاً، وقيل: رِيشَ النعامةِ لِيُعلم أَنها من حِبَاء
المَلِك، وقيل: معناه برِحالِها وكسوتها وذلك لأَن الرحال لها
كالرِّيشِ؛ وقول ذي الرمة:
أَلا تَرى أَظْعانَ ميَّ كأَنها
ذُرى أَثْأَبٍ، راشَ الغُصونَ شَكِيرُها؟
قيل في تفسيرها: راشَ كَسَا، وقيل: طالَ؛ الأَخيرة عن أَبي عمرو،
والأَوّل أَعْرَفُ. وذاتُ الرِّيش: ضرْبٌ من الحَمْضِ يُشْبِه القَيْصومَ
وورقُها وورْدُها يَنْبُتان خِيطاناً من أَصلٍ واحد، وهي كثيرةُ الماءِ جدًّا
تَسِيل من أَفواه الإِبِل سيْلاَ، والناسُ يأْكلونها؛ حكاها أَبو حنيفة.
والرائِشُ الحِمْيَريُّ: ملِكٌ كان غزا قوماً فغنِم غنائم كثيرةً وراشَ
أَهلَ بيتِه. الجوهري: والحرث الرائِشُ من ملوك اليمن.
شكك: الشَّكُّ: نقيض اليقين، وجمعه شُكُوك، وقد شَكَكْتُ في كذا
وتَشَكَّكْتُ، وشَكَّ في الأَمر يَشُكُّ شَكّاً وشَكَّكَه فيه غيرهُ؛ أَنشد
ثعلب:من كان يزعمُ أَن سيَكتُم حبَّه،
حتى يُشَكِّكَ فيه، فهو كَذُوبُ
أَراد حتى يُشَكِّك فيه غيره، وفي الحديث: أَنا أَولى بالشَّكِّ من
إبراهيم لما نزل قوله: أَوَلم تؤمن قال بلى؛ قال قوم لما سمعوا الآية: شَكَّ
إبراهيمُ ولم يَشُكَّ نبينا، فقال، عليه السلام، تواضعاً منه وتقديماً
لإبراهيم على نفسه: أَنا أَحق بالشك من إبراهيم، أَي أَنا لم أَشُكَّ وأَنا
دونه، فكيف يَشُكُّ هو؟ وهذا كحديثه الآخر: لا تفضلوني على يونس بن
متَّى؛ قال محمد بن المكرم: نقلت هذا الكلام على نَصّه وفي قلمي نَبْوَةٌ عن
قوله وأَنا دونه، ولقد كان في قوله أَنا لم أَشك فكيف يشك هو كفاية، وغنى
عن قوله وأَنا دونه، وليس في ذلك مناسبة لقوله لا تفضلوني على يونس بن
متى، فليس هذا مما يدل على أن يونس بن متى أَفضل منه، ولكنه يعطي معنى
التأَدب مع الأنبياء، صلوات الله عليهم، أَي وإن كنت أفضل منه فلا تفضلوني
عليه، تواضعاً منه وشَرَفَ أَخلاقٍ، صلوات الله عليه. وقولهم: صمت الشهر
الذي شَكَّه الناسُ؛ يريدون شك فيه الناس.
والشَّكُوكُ: الناقة يُشَكُّ في سنامها أَبه طِرْق أَم لا لكثرة وبرها
فيُلْمَسُ سنامُها، والجمع شُكٌّ.
وشَكَّه بالرمح والسهم ونحوهما يشُكُّه شَكّاً: انتظمه، وقيل: لا يكون
الإنتظام شكّاً إلا أَن يجمع بين شيئين بسهم أَو رمح أَو نحوه. وشَككْتُه
بالرمح إذا خزقته وانتظمته؛ قال طرفة:
حِفافَيْه شُكَّا في العَسِيب بمِسْرَدِ
وقال عنترة:
وشَكَكْتُ بالرُّمْحِ الأَصَمِّ ثِيابَه،
ليس الكريمُ على القَنا بمُحَرَّمِ
وفي حديث الخُدْريّ: أن رجلاً دخل بيته فوجد حية فشَكَّها بالرمح أَي
خزقها وانتظمها به. والشِّكَّةُ: السلاح، وقيل: الشِّكَّةُ ما يلبس من
السلاح، ومن ثم قيل: شاكٌّ في سلاحه أي داخل فيه؛ وكل شيء أَدخلته في شيء،
فقد شَكَكْته. والشِّكَّةُ: خشبة عريضة تجعل في خُرْت الفأس ونحوه يُضيَّقُ
بها. ويقال: رجل شاكُّ السلاح، وشاكٌّ في السلاح، والشَّاكُّ في السلاح
وهو اللابس السلاح التامّ. وقوم شُكَّاكٌ في الحديد. وفي الحديث فِداء
عَيَّاش بن أَبي ربيعة: فأَبى النبيّ أَنْ يَفديَه إلا بِشِكَّةِ أَبيه
أَي بسلاحه. وفي حديث مُحَلَّم بن جَثَّامَة: فقام رجل عليه شِكَّةٌ.
وشَكَّ في السلاح: دخل. ويقال: هو شاكٌّ في السلاح، وقد خفف فقيل: شاكِ السلاح
وشاكُ السلاح، وتفسيره في المعتلّ، وقد شَكّ فيه فهو يشُكُّ شَكّاً أَي
لبسه تامّاً فلم يَدَعْ منه شيئاً، فهو شاكٌّ فيه. أَبو عبيد: فلان شاك
السلاح مأخوذ من الشِّكَّةِ أَي تامّ السلاح. والشَّاكي، بالتخفيف،
والشائِكُ جميعاً: ذو الشَّوكة والحَدِّ في سلاحه. ابن الأَعرابي: شُكَّ إذا
أُلْحِقَ بنسب غيره، وشَكَّ إذا ظَلَع وغَمَزَ. أَبو الجرَّاح واحد
الشَّواكِّ شاكٌّ، وقال غيره: شاكَّةٌ وهو ورم يكون في الحلق وأَكثر ما يكون في
الصبيان.
والشَّكائكُ من الهوادج: ما شُكَّ من عيدانها التي بقيت بها بعضها في
بعض؛ قال ذو الرمة:
وما خِفْتُ بين الحيّ حتى تَصَدَّعَتْ،
على أَوجُهٍ شَتَّى، حُدوجُ الشَّكائِكِ
والشَّكُّ: لُزوقُ العَضُدِ بالجَنْب، وقيل: هو أَيسر من الظَّلَع.
وشكَّ يشُكُّ شَكّاً، وبعير شاكُّ: أَصابه ذلك.والشَّكُّ: اللُّزومُ
واللُّصوق؛ قال أَبو دَهْبَل الجُمَحيّ:
دِرْعي دِلاصٌ، شَكُّها شَكٌّ عَجَبْ،
وجَوْبُها القاتِرُ من سَيْرِ اليَلَبْ
وفي حديث الغامدية: أَنه أَمر بها فشُكَّتْ عليها ثيابُها ثم رُجمت، أَي
جُمعت عليها ولُفَّت لئلا تنكشف كأَنها نُظمت وزُرَّت عليها بِشَوكة أَو
خِلال، وقيل: معناه أُرسلت عليها ثيابها. والشَّكُّ: الإتصالُ
واللُّصوقُ. وشَكَّ البعيرُ يشُكُّ شكّاً أَي ظَلَع ظَلْعاً خفيفاً؛ ومنه قول ذي
الرمة يصف ناقته وشَّبهها بحماروحش:
وثْبَ المُسَحَّجِ من عاناتِ مَعْقُلَةٍ،
كأَنه مُسْتَبانُ الشَّكِّ أَو جَنِبُ
يقول: تَثِبُ هذه الناقةُ وثْبَ الحمار الذي هو في تمايله في المشي من
النشاط كالجَنِبِ الذي يشتكي جنْبَه. والشَّكِيكَةُ: الفرقة من الناس:
والشكائك: الفِرَقُ من الناس. ودَعْه على شَكِيكَته أَي طريقته، والجمع
شَكائك، على القياس، وشُكَكٌ نادرة. ورجل مختلف الشَّكَّةِ والشِّكَّةِ:
متفاوت الأخلاق. ابن الأَعرابي: الشُّكَكُ الأدعياءُ، والشُّكَكُ الجماعاتُ من
العساكر يكونون فرقاً؛ قول ابن مُقْبِل يصف الخيل:
بكُلِّ أَشَقَّ مَقْصوصِ الذُّنابي،
بشَكِّيَّات فارِسَ قد شُجِينا
يعني اللُّجُم. والشِّكُّ: الحُلَّة التي تُلْبَسُ ظهورَ السَّبَتينِ.
التهذيب: يقال شَكَّ القومُ بيوتَهم يشُكُّونها شَكّاً إذا جعلوها على
طريقة واحدة ونظم واحد، وهي الشِّكاكُ للبيوت المصطفَّة؛ قال الفرزدق:
فإني، كما قالت نَوارُ، إن اجْتَلَتْ
على رجُلٍ ما شَكَّ كَفّي خَليلُها
(* في ديوان الفرزدق: ما سَدَّ كفي بدل ما شكَّ).
أَي ما قارنَ. ورحمٌ شاكَّة أَي قريبة، وقد شَكَّت إذا اتصلت. وضربوا
بيوتَهم شِكاكاً أَي صفّاً واحداً، وقال ثعلب: إنما هو سِكاكٌ
يشتقه من السِّكَّةِ، وهو الزُّقاق الواسع. أَبو سعيد: كل شيء إذا ضممته
إلى شيء، فقد شَكَكْتَه؛ قال الأعشى:
أَو اسْفَنْطَ عانةَ، بعدَ الرُّقا
دِ، شَكَّ الرِّصافُ إليها الغَديرا
ومنه قول لبيد:
جُماناً ومَرْجاناً يشُكُّ المَفاصِلا
أَراد بالمفاصل ضُروبَ ما في العِقْدِ من الجواهر المنظومة، وفي حديث
عليّ: خَطَبهم على مِنبر الكوفة وهو غير مَشْكوك أَي غير مشدود؛ ومنه قصيد
كعب:
بيضٌ سَوابغُ قد شُكَّتْ لها حَلَقٌ،
كأَنها حَلَقُ القَفْعاء مَجْدُولُ
ويروى بالسين المهملة من السَّكَك، وهو الضِّيقُ، وقد تقدم.
بنت: أَبو عمرو: بَنَّتَ فلانٌ عن فلانٍ تَبْنِيتاً إِذا اسْتَخبَر عنه،
فهو مُبَنِّتٌ، إِذا أَكْثَر السؤال عنه؛ وأَنشد:
أَصْبَحْتَ ذا بَغْيٍ، وذا تَغَبُّشٍ،
مُبَنِّتاً عن نَسَباتِ الحِرْبِشِ،
وعن مَقالِ الكاذِبِ المُرَقِّشِ
برد: البَرْدُ: ضدُّ الحرّ. والبُرودة: نقيض الحرارة؛ بَرَدَ الشيءُ
يبرُدُ بُرودة وماء بَرْدٌ وبارد وبَرُودٌ وبِرادٌ، وقد بَرَدَه يَبرُدُه
بَرْداً وبَرَّدَه: جعله بارداً. قال ابن سيده: فأَما من قال بَرَّدَه
سَخَّنه لقول الشاعر:
عافَتِ الماءَ في الشتاء، فقلنا:
بَرِّديه تُصادفيه سَخِينا
فغالط، إِنما هو: بَلْ رِدِيه، فأَدغم على أَن قُطْرباً قد قاله.
الجوهري: بَرُدَ الشيءُ، بالضم، وبَرَدْتُه أَنا فهو مَبْرُود وبَرّدته
تبريداً، ولا يقال أَبردته إِلاّ في لغة رديئة؛ قال مالك بن الريب، وكانت المنية
قد حضرته فوصى من يمضي لأَهله ويخبرهم بموته، وأَنْ تُعَطَّلَ قَلُوصه
في الركاب فلا يركبهَا أَحد ليُعْلم بذلك موت صاحبها وذلك يسرّ أَعداءه
ويحزن أَولياءه؛ فقال:
وعَطِّلْ قَلُوصي في الركاب، فإِنها
سَتَبْرُدُ أَكباداً، وتُبْكِي بَواكيا
والبَرود، بفتح الباء: البارد؛ قال الشاعر:
فبات ضَجيعي في المنام مع المُنَى
بَرُودُ الثَّنايا، واضحُ الثغر، أَشْنَبُ
وبَرَدَه يَبْرُدُه: خلطه بالثلج وغيره، وقد جاء في الشعر. وأَبْرَدَه:
جاء به بارداً. وأَبْرَدَ له: سقاهُ بارداً. وسقاه شربة بَرَدَت فؤَادَه
تَبْرُدُ بَرْداً أَي بَرَّدَتْه. ويقال: اسقني سويقاً أُبَرِّد به كبدي.
ويقال: سقيته فأَبْرَدْت له إِبراداً إِذا سقيته بارداً. وسقيته شربةً
بَرَدْت بها فوؤَادَه من البَرود؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
إِنِّي اهْتَدَيْتُ لِفِتْية نَزَلُوا،
بَرَدُوا غَوارِبَ أَيْنُقٍ جُرْب
أَي وضعوا عنها رحالها لتَبْرُدَ ظهورها. وفي الحديث: إِذا أَبصر أَحدكم
امرأَة فليأْت زوجته فإِن ذلك بَرْدُ ما في نفسه؛ قال ابن الأَثير: هكذا
جاء في كتاب مسلم، بالباء الموحدة، من البَرْد، فإِن صحت الرواية فمعناه
أَن إِتيانه امرأَته يُبرِّد ما تحركت له نفسه من حر شهوة الجماع أَي
تسكنه وتجعله بارداً، والمشهور في غيره يردّ، بالياء، من الرد أَي يعكسه.
وفي حديث عمر: أَنه شرب النبيذ بعدما بَرَدَ أَي سكن وفَتَر. ويُقال: جدّ
في الأَمر ثم بَرَدَ أَي فتر. وفي الحديث: لما تلقاه بُرَيْدَةُ الأَسلمي
قال له: من أَنت؟ قال: أَنا بريدة، قال لأَبي بكر: بَرَدَ أَمرنا وصلح
(* قوله «برد أمرنا وصلح» كذا في نسخة المؤلف والمعروف وسلم، وهو المناسب
للأسلمي فانه، صلى الله عليه وسلم، كان يأخذ الفأل من اللفظ). أَي سهل.
وفي حديث أُم زرع: بَرُودُ الظل أَي طيب العشرة، وفعول يستوي فيه الذكر
والأُنثى.
والبَرَّادة: إِناء يُبْرِد الماء، بني على أَبْرَد؛ قال الليث:
البَرَّادةُ كوارَةٌ يُبَرَّد عليها الماء، قال الأَزهري: ولا أَدري هي من كلام
العرب أَم كلام المولدين. وإِبْرِدَةُ الثرى والمطر: بَرْدُهما.
والإِبْرِدَةُ: بَرْدٌ في الجوف.
والبَرَدَةُ: التخمة؛ وفي حديث ابن مسعود: كل داء أَصله البَرَدة وكله
من البَرْد؛ البَرَدة، بالتحريك: التخمة وثقل الطعام على المعدة؛ وقيل:
سميت التخمةُ بَرَدَةً لأَن التخمة تُبْرِدُ المعدة فلا تستمرئ الطعامَ
ولا تُنْضِجُه.
وفي الحديث: إِن البطيخ يقطع الإِبردة؛ الإِبردة، بكسر الهمزة والراء:
علة معروفة من غلبة البَرْد والرطوبة تُفَتِّر عن الجماع، وهمزتها زائدة.
ورجل به إِبْرِدَةٌ، وهو تقطِير البول ولا ينبسط إِلى النساء.
وابْتَرَدْتُ أَي اغتسلت بالماء البارد، وكذلك إِذا شربته لتَبْرُدَ به كبدك؛ قال
الراجز.
لَطالَما حَلأْتُماها لا تَرِدْ،
فَخَلِّياها والسِّجالَ تَبْتَرِدْ،
مِنْ حَرِّ أَيامٍ ومِنْ لَيْلٍ وَمِدْ
وابْتَرَد الماءَ: صَبَّه على رأَسه بارداً؛ قال:
إِذا وجَدْتُ أُوَارَ الحُبِّ في كَبِدي،
أَقْبَلْتُ نَحْوَ سِقاء القوم أَبْتَرِدُ
هَبْنِي بَرَدْتُ بِبَرْدِ الماءِ ظاهرَهُ،
فمَنْ لِحَرٍّ على الأَحْشاءِ يَتَّقِدُ؟
وتَبَرَّدَ فيه: استنقع. والبَرُودُ: ما ابْتُرِدَ به.
والبَرُودُ من الشراب: ما يُبَرِّدُ الغُلَّةَ؛ وأَنشد:
ولا يبرِّد الغليلَ الماءُ
والإِنسان يتبرّد بالماء: يغتسل به.
وهذا الشيء مَبْرَدَةٌ للبدن؛ قال الأَصمعي: قلت لأَعرابي ما يحملكم على
نومة الضحى؟ قال: إِنها مَبْرَدَةٌ في الصيف مَسْخَنَةٌ في الشتاء.
والبَرْدانِ والأَبرَدانِ أَيضاً: الظل والفيء، سميا بذلك لبردهما؛ قال
الشماخ بن ضرار:
إِذا الأَرْطَى تَوَسَّدَ أَبْرَدَيْهِ
خُدودُ جَوازِئٍ، بالرملِ، عِينِ
سيأْتي في ترجمة جزأَ
(* وهي متأخرة عن هذا الحرف في تهذيب الأزهري.) ؛
وقول أَبي صخر الهذلي:
فما رَوْضَةٌ بِالحَزْمِ طاهرَةُ الثَّرَى،
ولَتْها نَجاءَ الدَّلْوِ بَعْدَ الأَبارِدِ
يجوز أَن يكون جمع الأَبردين اللذين هما الظل والفيء أَو اللذين هما
الغداة والعشيّ؛ وقيل: البردان العصران وكذلك الأَبردان، وقيل: هما الغداة
والعشي؛ وقيل: ظلاَّهما وهما الرّدْفانِ والصَّرْعانِ والقِرْنانِ. وفي
الحديث: أَبْرِدُوا بالظهر فإِن شدّة الحرّ من فيح جهنم؛ قال ابن الأَثير:
الإِبراد انكسار الوَهَج والحرّ وهو من الإِبراد الدخول في البَرْدِ؛
وقيل: معناه صلوها في أَوّل وقتها من بَرْدِ النهار، وهو أَوّله. وأَبرد
القومُ: دخلوا في آخر النهار. وقولهم: أَبرِدوا عنكم من الظهيرة أَي لا
تسيروا حتى ينكسر حرّها ويَبُوخ. ويقال: جئناك مُبْرِدين إِذا جاؤوا وقد باخ
الحر. وقال محمد بن كعب: الإِبْرادُ أَن تزيغ الشمس، قال: والركب في
السفر يقولون إِذا زاغت الشمس قد أَبردتم فرُوحُوا؛ قال ابن أَحمر:
في مَوْكبٍ، زَحِلِ الهواجِر، مُبْرِد
قال الأَزهري: لا أَعرف محمد بن كعب هذا غير أَنّ الذي قاله صحيح من
كلام العرب، وذلك أَنهم ينزلون للتغوير في شدّة الحر ويقيلون، فإِذا زالت
الشمس ثاروا إِلى ركابهم فغيروا عليها أَقتابها ورحالها ونادى مناديهم:
أَلا قد أَبْرَدْتم فاركبوا قال الليث: يقال أَبرد القوم إِذا صاروا في وقت
القُرِّ آخر القيظ. وفي الحديث: من صلى البَرْدَيْنِ دخل الجنة؛
البردانِ والأَبْرَدانِ: الغداةُ والعشيّ؛ ومنه حديث ابن الزبير: كان يسير بنا
الأَبْرَدَيْنِ؛ وحديثه الآخر مع فَضالة بن شريك: وسِرْ بها
البَرْدَيْن.وبَرَدَنا الليلُ يَبْرُدُنا بَرْداً وبَرَدَ علينا: أَصابنا برده.
وليلة باردة العيش وبَرْدَتُه: هنيئته؛ قال نصيب:
فيا لَكَ ذا وُدٍّ، ويا لَكِ ليلةً،
بَخِلْتِ وكانت بَرْدةَ العيشِ ناعِمه
وأَما قوله: لا بارد ولا كريم؛ فإِن المنذري روى عن ابن السكيت أَنه
قال: وعيش بارد هنيء طيب؛ قال:
قَلِيلَةُ لحمِ الناظرَيْنِ، يَزِينُها
شبابٌ، ومخفوضٌ من العيشِ بارِدُ
أَي طاب لها عيشها. قال: ومثله قولهم نسأَلك الجنة وبَرْدَها أَي طيبها
ونعيمها.
قال ابن شميل: إِذا قال: وابَرْدَهُ
(* قوله «قال ابن شميل إِذا قال
وابرده إلخ» كذا في نسخة المؤلف والمناسب هنا أن يقال: ويقول وابرده على
الفؤاد إذا أصاب شيئاً هنيئاً إلخ.) على الفؤاد إِذا أَصاب شيئاً هنيئاً،
وكذلك وابَرْدَاهُ على الفؤاد. ويجد الرجل بالغداة البردَ فيقول: إِنما هي
إِبْرِدَةُ الثرى وإِبْرِدَةُ النَّدَى. ويقول الرجل من العرب: إِنها
لباردة اليوم فيقول له الآخر: ليست بباردة إِنما هي إِبْرِدَةُ الثرى. ابن
الأَعرابي: الباردة الرباحة في التجارة ساعة يشتريها. والباردة: الغنيمة
الحاصلة بغير تعب؛ ومنه قول النبي، صلى الله عليه وسلم: الصوم في الشتاء
الغنيمة الباردة لتحصيله الأَجر بلا ظمإٍ في الهواجر أَي لا تعب فيه ولا
مشقة. وكل محبوب عندهم: بارد؛ وقيل: معناه الغنيمة الثابتة المستقرة من
قولهم بَرَدَ لي على فلان حق أَي ثبت؛ ومنه حديث عمر: وَدِدْتُ أَنه
بَرَدَ لنا عملُنا. ابن الأَعرابي: يقال أَبرد طعامه وبَرَدَهُ
وبَرَّدَهُ.والمبرود: خبز يُبْرَدُ في الماءِ تطعمه النِّساءُ للسُّمْنة؛ يقال:
بَرَدْتُ الخبز بالماءِ إِذا صببت عليه الماء فبللته، واسم ذلك الخبز
المبلول: البَرُودُ والمبرود.
والبَرَدُ: سحاب كالجَمَد، سمي بذلك لشدة برده. وسحاب بَرِدٌ وأَبْرَدُ:
ذو قُرٍّ وبردٍ؛ قال:
يا هِندُ هِندُ بَيْنَ خِلْبٍ وكَبِدْ،
أَسْقاك عني هازِمُ الرَّعْد برِدْ
وقال:
كأَنهُمُ المَعْزاءُ في وَقْع أَبْرَدَا
شبههم في اختلاف أَصواتهم بوقع البَرَد على المَعْزاء، وهي حجارة صلبة،
وسحابة بَرِدَةٌ على النسب: ذات بَرْدٍ، ولم يقولوا بَرْداء. الأَزهري:
أَما البَرَدُ بغير هاء فإِن الليث زعم أَنه مطر جامد. والبَرَدُ: حبُّ
الغمام، تقول منه: بَرُدَتِ الأَرض. وبُرِدَ القوم: أَصابهم البَرَدُ،
وأَرض مبرودة كذلك. وقال أَبو حنيفة: شجرة مَبْرودة طرح البَرْدُ ورقها.
الأَزهري: وأَما قوله عز وجل: وينزل من السماء من جبال فيها من بَرَدٍ فيصيب
به؛ ففيه قولان: أَحدهما وينزل من السماء من أَمثال جبال فيها من بَرَدٍ،
والثاني وينزل من السماء من جبال فيها بَرَداً؛ ومن صلة؛ وقول الساجع:
وصِلِّياناً بَرِدَا
أَي ذو برودة. والبَرْد. النوم لأَنه يُبَرِّدُ العين بأَن يُقِرَّها؛
وفي التنزيل العزيز: لا يذوقون فيها بَرْداً ولا شراباً؛ قال العَرْجي:
فإِن شِئت حَرَّمتُ النساءَ سِواكمُ،
وإِن شِئت لم أَطعَمْ نُقاخاً ولا بَرْدا
قال ثعلب: البرد هنا الريق، وقيل: النقاخ الماء العذب، والبرد النوم.
الأَزهري في قوله تعالى: لا يذوقون فيها برداً ولا شراباً؛ روي عن ابن عباس
قال: لا يذوقون فيها برد الشراب ولا الشراب، قال: وقال بعضهم لا يذوقون
فيها برداً، يريد نوماً، وإِن النوم ليُبَرِّد صاحبه، وإِن العطشان لينام
فَيَبْرُدُ بالنوم؛ وأَنشد الأَزهري لأَبي زُبيد في النوم:
بارِزٌ ناجِذاه، قَدْ بَرَدَ المَوْ
تُ على مُصطلاه أَيَّ برود
قال أَبو الهيثم: بَرَدَ الموتُ على مُصْطلاه أَي ثبت عليه. وبَرَدَ لي
عليه من الحق كذا أَي ثبت. ومصطلاه: يداه ورجلاه ووجهه وكل ما برز منه
فَبَرَدَ عند موته وصار حرّ الروح منه بارداً؛ فاصطلى النار ليسخنه.
وناجذاه: السنَّان اللتان تليان النابين. وقولهم: ضُرب حتى بَرَدَ معناه حتى
مات. وأَما قولهم: لم يَبْرُدْ منه شيء فالمعنى لم يستقر ولم يثبت؛
وأَنشد:اليومُ يومٌ باردٌ سَمومه
قال: وأَصله من النوم والقرار. ويقال: بَرَدَ أَي نام؛ وقول الشاعر
أَنشده ابن الأَعرابي:
أُحِبُّ أُمَّ خالد وخالدا
حُبّاً سَخَاخِينَ، وحبّاً باردا
قال: سخاخين حب يؤْذيني وحباً بارداً يسكن إِليه قلبي. وسَمُوم بارد أَي
ثابت لا يزول؛ وأَنشد أَبو عبيدة:
اليومُ يومٌ باردٌ سَمومه،
مَن جَزِعَ اليومَ فلا تلومه
وبَرَدَ الرجل يَبْرُدُ بَرْداً: مات، وهو صحيح في الاشتقاق لأَنه عدم
حرارة الروح؛ وفي حديث عمر: فهَبَره بالسيف حتى بَرَدَ أَي مات. وبَرَدَ
السيفُ: نَبا. وبَرَدَ يبرُدُ بَرْداً: ضعف وفتر عن هزال أَو مرض.
وأَبْرَده الشيءُ: فتَّره وأَضعفه؛ وأَنشد بن الأَعرابي:
الأَسودانِ أَبْرَدَا عِظامي،
الماءُ والفتُّ ذوا أَسقامي
ابن بُزُرج: البُرَاد ضعف القوائم من جوع أَو إِعياء، يقال: به بُرادٌ.
وقد بَرَد فلان إِذا ضعفت قوائمه. والبَرْد: تبرِيد العين. والبَرود:
كُحل يُبَرِّد العين: والبَرُود: كل ما بَرَدْت به شيئاً نحو بَرُود العينِ
وهو الكحل. وبَرَدَ عينَه، مخففاً، بالكُحل وبالبَرُود يَبْرُدُها
بَرْداً: كَحَلَها به وسكَّن أَلَمها؛ وبَرَدت عينُه كذلك، واسم الكحل
البَرُودُ، والبَرُودُ كحل تَبْردُ به العينُ من الحرِّ؛ وفي حديث الأَسود: أَنه
كان يكتحل بالبَرُود وهو مُحْرِم؛ البَرُود، بالفتح: كحل فيه أَشياء
باردة. وكلُّ ما بُرِدَ به شيءٌ: بَرُود. وبَرَدَ عليه حقٌّ: وجب ولزم. وبرد
لي عليه كذا وكذا أَي ثبت. ويقال: ما بَرَدَ لك على فلان، وكذلك ما ذَابَ
لكَ عليه أَي ما ثبت ووجب. ولي عليه أَلْفٌ بارِدٌ أَي ثابت؛ قال:
اليومُ يومٌ باردٌ سَمُومه،
مَنْ عجز اليومَ فلا تلومُه
أَي حره ثابت؛ وقال أَوس بن حُجر:
أَتاني ابنُ عبدِاللَّهِ قُرْطٌ أَخُصُّه،
وكان ابنَ عمٍّ، نُصْحُه لِيَ بارِدُ
وبَرَد في أَيديهم سَلَماً لا يُفْدَى ولا يُطْلَق ولا يُطلَب.
وإِن أَصحابك لا يُبالون ما بَرَّدوا عليك أَي أَثبتوا عليك. وفي حديث
عائشة، رضي الله تعالى عنها: لا تُبَرِّدي عنه أَي لا تخففي. يقال: لا
تُبَرِّدْ عن فلان معناه إِن ظلمك فلا تشتمه فتنقص من إِثمه، وفي الحديث: لا
تُبَرِّدوا عن الظالم أَي لا تشتموه وتدعوا عليه فتخففوا عنه من عقوبة
ذنبه.
والبَرِيدُ: فرسخان، وقيل: ما بين كل منزلين بَرِيد. والبَريدُ: الرسل
على دوابِّ البريد، والجمع بُرُد. وبَرَدَ بَرِيداً: أَرسله. وفي الحديث:
أَنه، صلى الله عليه وسلم، قال: إِذا أَبْرَدْتم إِليَّ بَرِيداً فاجعلوه
حسن الوجه حسن الاسم؛ البَرِيد: الرسول وإِبرادُه إِرساله؛ قال الراجز:
رأَيتُ للموت بريداً مُبْردَا
وقال بعض العرب: الحُمَّى بَرِيد الموتِ؛ أَراد أَنها رسول الموت تنذر
به. وسِكَكُ البرِيد: كل سكة منها اثنا عشر ميلاً. وفي الحديث: لا
تُقْصَرُ الصلاةُ في أَقلَّ من أَربعة بُرُدٍ، وهي ستة عشر فرسخاً، والفرسخ
ثلاثة أَميال، والميل أَربعة آلاف ذراع، والسفر الذي يجوز فيه القصر أَربعة
برد، وهي ثمانية وأَربعون ميلاً بالأَميال الهاشمية التي في طريق مكة؛
وقيل لدابة البريد: بَريدٌ، لسيره في البريد؛ قال الشاعر:
إِنِّي أَنُصُّ العيسَ حتى كأَنَّني،
عليها بأَجْوازِ الفلاةِ، بَرِيدا
وقال ابن الأَعرابي: كل ما بين المنزلتين فهو بَرِيد. وفي الحديث: لا
أَخِيسُ بالعَهْدِ ولا أَحْبِسُ البُرْدَ أَي لا أَحبس الرسل الواردين
عليّ؛ قال الزمخشري: البُرْدُ، ساكناً، يعني جمعَ بَرِيد وهو الرسول فيخفف عن
بُرُدٍ كرُسُلٍ ورُسْل، وإِنما خففه ههنا ليزاوج العهد. قال: والبَرِيد
كلمة فارسية يراد بها في الأَصل البَرْد، وأَصلها «بريده دم» أَي محذوف
الذنَب لأَن بغال البريد كانت محذوفة الأَذناب كالعلامة لها فأُعربت
وخففت، ثم سمي الرسول الذي يركبه بريداً، والمسافة التي بين السكتين بريداً،
والسكة موضع كان يسكنه الفُيُوجُ المرتبون من بيت أَو قبة أَو رباط، وكان
يرتب في كل سكة بغال، وبُعد ما بين السكتين فرسخان، وقيل أَربعة.
الجوهري: البريد المرتب يقال حمل فلان على البريد؛ وقال امرؤ القيس:
على كلِّ مَقْصوصِ الذُّنَابَى مُعاودٍ
بَرِيدَ السُّرَى بالليلِ، من خيلِ بَرْبَرَا
وقال مُزَرِّدٌ أَخو الشماخ بن ضرار يمدح عَرابَة الأَوسي:
فدتْك عَرابَ اليومَ أُمِّي وخالتي،
وناقتيَ النَّاجي إِليكَ بَرِيدُها
أَي سيرها في البرِيد. وصاحب البَرِيد قد أَبردَ إِلى الأَمير، فهو
مُبْرِدٌ. والرسول بَرِيد؛ ويقال للفُرانِق البَرِيد لأَنه ينذر قدَّام
الأَسد.
والبُرْدُ من الثيابِ، قال ابن سيده: البُرْدُ ثوب فيه خطوط وخص بعضهم
به الوشي، والجمع أَبْرادٌ وأَبْرُد وبُرُودٌ.
والبُرْدَة: كساء يلتحف به، وقيل: إِذا جعل الصوف شُقة وله هُدْب، فهي
بُرْدَة؛ وفي حديث ابن عمر: أَنه كان عليه يوم الفتح بُرْدَةٌ فَلُوتٌ
قصيرة؛ قال شمر: رأَيت أَعرابيّاً بِخُزَيْمِيَّةَ وعليه شِبْه منديل من صوف
قد اتَّزَر به فقلت: ما تسميه؟ قال: بُرْدة؛ قال الأَزهري: وجمعها
بُرَد، وهي الشملة المخططة. قال الليث: البُرْدُ معروف من بُرُود العَصْب
والوَشْي، قال: وأَما البُرْدَة فكساء مربع أَسود فيه صغر تلبسه الأَعراب؛
وأَما قول يزيد بنِ مُفَرّغ الحميري:
وشَرَيْتُ بُرْداً ليتني،
من قَبْلِ بُرْدٍ، كنتُ هامَهْ
فهو اسم عبد. وشريت أَي بعت. وقولهم: هما في بُرْدة أَخْمَاسٍ فسره ابن
الأَعرابي فقال: معناه أَنهما يفعلان فعلاً واحداً فيشتبهان كأَنهما في
بُرَدة، والجمع بُرَد على غير ذلك؛ قال أَبو ذؤيب:
فسَمعَتْ نَبْأَةً منه فآسَدَها،
كأَنَّهُنَّ، لَدَى إِنْسَائِهِ، البُرَد
يريد أَن الكلاب انبسطنَ خلف الثور مثل البُرَدِ؛ وقول يزيد بن المفرّغ:
مَعاذَ اللَّهِ رَبَّا أَن تَرانا،
طِوالَ الدهرِ، نَشْتَمِل البِرادا
قال ابن سيده: يحتمل أَن يكون جمع بُرْدةٍ كبُرْمةٍ وبِرام، وأَن يكون
جمع بُرْد كقُرطٍ وقِراطٍ.
وثوب بَرُودٌ: ليس فيه زِئبِرٌ. وثوب بَرُودٌ إِذا لم يكن دفِيئاً ولا
لَيِّناً من الثياب.
وثوب أَبْرَدُ: فيه لُمَعُ سوادٍ وبياض، يمانية.
وبُرْدَا الجراد والجُنْدُب: جناحاه؛ قال ذو الرمة:
كأَنَّ رِجْلَيْهِ رجْلا مُقْطَفٍ عَجِلٍ،
إِذا تَجاوَبَ من بُرْدَيْه تَرْنِيمُ
وقال الكميت يهجو بارقاً:
تُنَفِّضُ بُرْدَيْ أُمِّ عَوْفٍ، ولم يَطِرْ
لنا بارِقٌ، بَخْ للوَعيدِ وللرَّهْبِ
وأُم عوف: كنية الجراد.
وهي لك بَرْدَةُ نَفْسِها أَي خالصة. وقال أَبو عبيد: هي لك بَرْدَةُ
نَفْسِها أَي خالصاً فلم يؤَنث خالصاً.
وهي إِبْرِدَةُ يَمِيني؛ وقال أَبو عبيد: هو لِي بَرْدَةُ يَمِيني إِذا
كان لك معلوماً.
وبَرَدَ الحدِيدَ بالمِبْرَدِ ونحوَه من الجواهر يَبْرُدُه: سحله.
والبُرادة: السُّحالة؛ وفي الصحاح: والبُرادة ما سقط منه. والمِبْرَدُ: ما
بُرِدَ به، وهو السُّوهانُ بالفارسية. والبَرْدُ: النحت؛ يقال: بَرَدْتُ
الخَشَبة بالمِبْرَد أَبْرُدُها بَرْداً إِذا نحتها.
والبُرْدِيُّ، بالضم: من جيد التمر يشبه البَرْنِيَّ؛ عن أَبي حنيفة.
وقيل: البُرْدِيّ ضرب من تمر الحجاز جيد معروف؛ وفي الحديث: أَنه أَمر أَن
يؤْخذ البُرْدِيُّ في الصدقة، وهو بالضم، نوع من جيد التمر.
والبَرْدِيُّ، بالفتح: نبت معروف واحدته بَرْدِيَّةٌ؛ قال الأَعشى:
كَبَرْدِيَّةِ الفِيلِ وَسْطَ الغَريـ
ـفِ، ساقَ الرِّصافُ إِليه غَديرا
وفي المحكم:
كَبَرْدِيَّةِ الغِيلِ وَسْطَ الغَريـ
ـفِ، قد خالَطَ الماءُ منها السَّريرا
وقال في المحكم: السرير ساقُ البَرْدي، وقيل: قُطْنُهُ؛ وذكر ابن برّيّ
عجز هذا البيت:
إِذا خالط الماء منها السُّرورا
وفسره فقال: الغِيل، بكسر الغين، الغيضة، وهو مغيض ماء يجتمع فينبت فيه
الشجر. والغريف: نبت معروف. قال: والسرور جمع سُرّ، وهو باطن
البَرْدِيَّةِ. والأَبارِدُ: النُّمورُ، واحدها أَبرد؛ يقال للنَّمِرِ الأُنثى
أَبْرَدُ والخَيْثَمَةُ.
وبَرَدَى: نهر بدمشق؛ قال حسان:
يَسْقُونَ مَن وَرَدَ البَريصَ عليهِمُ
بَرَدَى، تُصَفَّقُ بالرَّحِيقِ السَّلْسَلِ
أَي ماء بَرَدَى
والبَرَدانِ، بالتحريك: موضع؛ قال ابن مَيَّادة:
ظَلَّتْ بِنهْيِ البَرَدانِ تَغْتَسِلْ،
تَشْرَبُ منه نَهَلاتٍ وتَعِلْ
وبَرَدَيَّا: موضع أَيضاً، وقيل: نهر، وقيل: هو نهر دمشق والأَعرف أَنه
بَرَدَى كما تقدم.
والأُبَيْرِد: لقب شاعر من بني يربوع؛ الجوهري: وقول الشاعر:
بالمرهفات البوارد
قال: يعني السيوف وهي القواتل؛ قال ابن برّي صدر البيت:
وأَنَّ أَميرَ المؤمنين أَغَصَّني
مَغَصَّهما بالمُرْهَفاتِ البَوارِدِ
رأَيت بخط الشيخ قاضي القضاة شمس الدين بن خلكان في كتاب ابن برّي ما
صورته: قال هذا البيت من جملة أَبيات للعتابي كلثوم بن عمرو يخاطب بها
زوجته؛ قال وصوابه:
وأَنَّ أَميرَ المؤمنين أَغصَّني
مَغَصَّهُما بالمُشْرِقاتِ البَوارِدِ
قال: وإِنما وقع الشيخ في هذا التحريف لاتباعه الجوهري لأَنه كذا ذكره
في الصحاح فقلده في ذلك، ولم يعرف بقية الأَبيات ولا لمن هي فلهذا وقع في
السهو. قال محمد بن المكرّم: القاضي شمس الدين بن خلكان، رحمه الله، من
الأَدب حيث هو، وقد انتقد على الشيخ أَبي محمد بن برّي هذا النقد، وخطأَه
في اتباعه الجوهري، ونسبه إلى الجهل ببقية الأَبيات، والأَبيات مشهورة
والمعروف منها هو ما ذكره الجوهري وأَبو محمد بن بري وغيرهما من العلماء،
وهذه الأَبيات سبب عملها أَن العتابي لما عمل قصيدته التي أَوّلها:
ماذا شَجاكَ بِجَوَّارينَ من طَلَلٍ
ودِمْنَةٍ، كَشَفَتْ عنها الأَعاصيرُ؟
بلغت الرشيد فقال: لمن هذه؟ فقيل: لرجل من بني عتاب يقال له كلثوم، فقال
الرشيد: ما منعه أَن يكون ببابنا؟ فأَمر بإِشخاصه من رَأْسِ عَيْنٍ
فوافى الرشِيدَ وعليه قيمص غليظ وفروة وخف، وعلى كتفه مِلحفة جافية بغير
سراويل، فأَمر الرشيد أَن يفرش له حجرة، ويقام له وظيفة، فكان الطعام إِذا
جاءَه أَخذ منه رقاقة وملحاً وخلط الملح بالتراب وأَكله، وإِذا كان وقت
النوم نام على الأَرض والخدم يفتقدونه ويعجبون من فعله، وأُخْبِرَ الرشِيدُ
بأَمره فطرده، فمضى إِلى رأْس عَيْنٍ وكان تحته امرأَة من باهلة فلامته
وقالت: هذا منصور النمريّ قد أَخذ الأَموال فحلى نساءه وبني داره واشترى
ضياعاً وأَنت. كما ترى؛ فقال:
تلومُ على تركِ الغِنى باهِليَّةٌ،
زَوَى الفقرُ عنها كُلَّ طِرْفٍ وتالدِ
رأَتْ حولَها النّسوانَ يَرْفُلْن في الثَّرا،
مُقَلَّدةً أَعناقُها بالقلائد
أْسَرَّكِ أَني نلتُ ما نال جعفرٌ
من العَيْش، أَو ما نال يحْيَى بنُ خالدِ؟
وأَنَّ أَميرَ المؤمنين أَغَصَّنِي
مَغَصِّهُما بالمُرْهَفات البَوارِدِ؟
دَعِينِي تَجِئْنِي مِيتَتِي مُطْمَئِنَّةً،
ولم أَتَجَشَّمْ هولَ تلك المَوارِدِ
فإنَّ رَفيعاتِ الأُمورِ مَشُوبَةٌ
بِمُسْتَوْدَعاتٍ، في بُطونِ الأَساوِدِ
درج: دَرَجُ البناءِ ودُرَّجُه، بالتثقيل: مَراتِبُ بعضها فوق بعض،
واحدتُه دَرَجَة ودُرَجَةٌ مثال همزة، الأَخيرة عن ثعلب.
والدَّرَجَةُ: الرفعة في المنزلة. والدَّرَجَةُ: المِرْقاةُ
(* قوله
«والدرجة المرقاة» في القاموس: والدرجة، بالضم وبالتحريك، كهمزة، وتشدد جيم
هذه، والأَدرجة كأَسكفة أَي بضم الهمزة فسكون الدال فضم الراء فجيم مشددة
مفتوحة: المرقاة.). والدَّرَجَةُ واحدةُ الدَّرَجات، وهي الطبقات من
المراتب. والدَّرَجَةُ: المنزلة، والجمع دَرَجٌ. ودَرَجاتُ الجنة: منازلُ
أَرفعُ من مَنازِلَ.
والدَّرَجانُ: مِشْيَةُ الشيخ والصبي.
ويقال للصبي إِذا دَبَّ وأَخذ في الحركة: دَرَجَ. ودَرَج الشيخ والصبي
يَدْرُجُ دَرْجاً ودَرَجاناً ودَرِيجاً، فهو دارج: مَشَيا مَشْياً ضعيفاً
ودَبَّا؛ وقوله:
يا ليتني قد زُرْتُ غَيْرَ خارِجِ،
أُمَّ صَبِيٍّ، قد حَبَا، ودارِجِ
إِنما أَراد أُمَّ صَبِيٍّ حابٍ ودارِج، وجاز له ذلك لأَن قد تُقرِّبُ
الماضي من الحال حتى تلحقه بحكمه أَو تكاد، أَلا تراهم يقولون: قد قامت
الصلاة، قبل حال قيامها؟ وجعَلَ مُلَيْحٌ الدَّريجَ للقطا فقال:
يَطُفْنَ بِأَحْمالِ الجِمالِ عُذَيَّةً،
دَريجَ القَطا، في القَزِّ غَيْرِ المُشَقَّقِ
قوله: في القَزِّ، من صلة يَطُفْنَ؛ وقال:
تَحْسَبُ بالدَّوِّ الغَزالَ الدَّارِجا،
حمارَ وحشٍ يَنْعَبُ المَناعِبا،
والثَّعْلَبَ المَطْرودَ قَرْماً هابِجَا
فأَكفأَ بالباء والجيم على تباعد ما بينهما في المخرج. قال ابن سيده:
وهذا من الإِكفاء الشاذ النادر، وإِنما يَمْثُلُ الإِكفاءُ قليلاً إِذا كان
بالحروف المتقاربة كالنون والميم، والنون واللام، ونحو ذلك من الحروف
المتدانية المخارج.
والدَّرَّاجةُ: العَجَلَةُ التي يَدِبُّ الشيخ والصبي عليها، وهي أَيضاً
الدَّبَّابة التي تُتَّخذ في الحرب يدخل فيها الرجال. الجوهري:
الدَّرَّاجَةُ، بالفتح، الحالُ وهي التي يَدْرُجُ عليها الصبي إِذا مشى. التهذيب:
ويقال للدَّبَّابات التي تُسَوَّى لحرب الحِصارِ يدخل تحتها الرجال:
الدَّبَّابات والدَّرَّاجات. والدَّرَّاجَةُ: التي يُدَرَّجُ عليها الصبي
أَوَّلَ ما يمشي.
وفي الصحاح: دَرَجَ الرجلُ والضب يَدْرُجُ دُرُوجاً أَي مشى. ودَرَجَ
ودَرِجَ أَي مضى لسبيله.
ودَرَِجَ القومُ إِذا انقرضوا؛ والانْدِراجُ مثله. وكلُّ بُرْج من
بُرُوج السماء ثلاثون دَرَجةً.
والمَدارِجُ: الثنايا الغِلاظُ بين الجبال، واحدته مدْرَجةٌ، وهي
المواضع التي يدرج فيها أَي يمشى؛ ومنه قول المزني، وهو عبد الله ذو
البِجادَينِ:
تَعَرَّضي مَدارِجاً وسُومِي،
تَعَرُّضَ الجَوْزاءِ للنُّجُومِ،
هذا أَبو القاسمِ فاسْتَقِيمي
ويقال: دَرَّجْتُ العليل تَدْريجاً إِذا أَطعمته شيئاً قليلاً، وذلك
إِذا نَقِهَ، حتى يَتَدَرَّجَ إِلى غاية أَكله، كما كان قبل العلة، دَرَجَةً
درجةً.
والدَّرَاجُ: القُنْفُذُ لأَنه يَدْرُج ليلته جمعاء، صفة غالبة.
والدَّوارِجُ: الأَرجُلُ؛ قال الفرزدق:
بَكَى المِنْبَرُ الشَّرْقِيُّ، أَنْ قام فَوْقَهُ
خَطِيبٌ فُقَيْمِيٌّ، قصيرُ الدَّوارِجِ
قال ابن سيده: ولا أَعرف له واحداً. التهذيب: ودَوارِجُ الدابة قوائمه،
الواحدة دارجةٌ.
وروى الأَزهري بسنده عن الثوري، قال: كنت عند أَبي عبيدة فجاءه رجل من
أَصحاب الأَخفش فقال لنا: أَليس هذا فلاناً؟ قلنا: بلى، فلما انتهى إِليه
الرجل قال: ليس هذا بِعُشِّكِ فادْرُجِي، قلنا: يا أَبا عبيدة لمن يُضرب
هذا المثل؛ فقال: لمن يرفع له بحبال. قال المبرد: أَي يطرد. وفي خطبة
الحجاج: ليس هذا بِعُشِّكِ فادرُجي أَي اذهبي؛ وهو مثل يضرب لمن يتعرّض
إِلى شيء ليس منه، وللمطمئن في غير وقته فيؤْمر بالجِدِّ والحركة.
ويقال: خلّي دَرَجَ الضَّبِّ؛ ودَرَجُه طريقه، أَي لا تَعَرَّضي له أَي
تَحَوَّلي وامضي واذهبي. ورجع فلان دَرَجَه أَي رجع في طريقه الذي جاء
فيه؛ وقال سلامة بن جندل:
وكَرِّنا خَيْلَنا أَدْراجَنا رَجَعاً،
كُسَّ السَّنابِكِ مِنْ بَدْءٍ وتَعْقِيبِ
ورجع فلانٌ دَرَجَه إِذا رجع في الأَمر الذي كان تَرَكَ. وفي حديث أَبي
أَيوب: قال لبعض المنافقين، وقد دخل المسجد: أَدْراجَكَ يا منافق
الأَدْراجُ: جمع دَرَجٍ وهو الطريق، أَي اخْرُجْ من المسجد وخُذْ طريقَك الذي
جئت منه. ورَجَعَ أَدْراجَه: عاد من حيث جاء. ويقال: استمرَّ فلان دَرَجَه
وأَدْراجَه. والدَّرَجُ: المَحاجُّ. والدَّرَجُ: الطريق. والأَدْراجُ:
الطُّرُقُ: أَنشد ابن الأَعرابي:
يَلُفُّ غُفْلَ البِيدِ بالأَدْراجِ
غُفْل البِيد: ما لا عَلَم فيه. معناه أَنه جيش عظيم يَخْلِطُ هذا بهذا
ويعفي الطريقَ. قال ابن سيده: قال سيبويه وقالوا: رجعَ أَدْراجَه أَي رجع
في طريقه الذي جاء فيه. وقال ابن الأَعرابي: رجع على أَدْراجه كذلك،
الواحد دَرَجٌ. ابن الأَعرابي: يقال للرجل إِذا طلب شيئاً فلم يقدر عليه:
رجع على غُبَيْراءِ الظَّهْرِ، ورجع على إِدراجِه، ورجع دَرْجَه الأَول؛
ومثله عَوْدَهُ على بَدْئِهِ، ونَكَصَ على عَقِبَيْهِ، وذلك إِذا رجع ولم
يصب شيئاً. ويقال: رجع فلان على حافِرَتِه وإِدْراجه، بكسر الأَلف، إِذا
رجع في طريقه الأَول. وفلان على دَرَجِ كذا أَي على سبيله. ودَرَجُ
السَّيْلِ ومَدْرَجُه: مُنْحَدَرُه وطريقُه في مَعاطف الأَوْدِيةِ. وقالوا: هو
دَرَجَ السَّيْلِ، وإِن شئت رفعت؛ وأَنشد سيبويه:
أَنُصْبٌ، للمَنِيَّةِ تَعْتَريهِمْ،
رِجالي، أَمْ هُمُوا دَرَجُ السُّيولِ؟
ومَدارِجُ الأَكَمَةِ: طُرُقٌ مُعْتَرِضَة فيها.
والمَدْرَجةُ: مَمَرُّ الأَشياء على الطريق وغيره. ومَدْرَجَةُ الطريق:
مُعْظَمُه وسَنَنُه. وهذا الأَمر مَدْرَجةٌ لهذا أَي مُتَوَصَّلٌ به
إِليه. ويقال للطريق الذي يَدْرُجُ فيه الغلام والريح وغيرهما: مَدْرَجٌ
ومَدْرَجَةٌ ودَرَجٌ، وجمعه أَدْراجٌ أَي مَمَرٌّ ومَذْهَبٌ. والمَدْرَجةُ:
المَذْهَب والمسلَكُ؛ وقال ساعدة بن جؤَية:
تَرَى أَثْرَهُ في صَفْحَتَيْهِ، كأَنَّهُ
مَدارِجُ شِبْثانٍ، لَهُنَّ هَمِيمُ
يريد بأَثْرِهِ فِرِنْدَهُ الذي تراه العين، كأَنه أَرجل النمل.
وشِبْثانٌ: جمع شَبَثٍ لدابة كثيرة الأَرجل من أَحناش الأَرض. وأَما هذا الذي
يسمى الشِّبِثَّ، وهو ما تُطيَّب به القدور من النبات المعروف، فقال الشيخ
أَبو منصور موهوب بن أَحمد بن محمد بن الخضر المعروف بابن الجُواليقي:
والشِّبِثُّ على مثال الطِّمِرِّ، وهو بالتاء المثناة لا غير. والهَمِيم:
الدَّبِيبُ.
وقولهم: خَلِّ دَرَجَ الضَّبِّ أَي طريقه لئلا يَسْلُك بين قدميك
فتنتفخ.ودَرَّجَه إِلى كذا واسْتَدْرَجه، بمعنًى، أَي أَدناه منه على التدريج،
فتَدَرَّجَ هو. وفي التنزيل العزيز: سنستَدْرِجُهُم من حيثُ لا يعلمون؛
قال بعضهم: معناه سنأْخُذُهم قليلاً قليلاً ولا نُباغِتُهم؛ وقيل: معناه
سنأْخذهم من حيث لا يحتسبون؛ وذلك أَن الله تعالى يفتح عليهم من النعيم ما
يغتبطون به فيركنون إِليه ويأْنسون به فلا يذكرون الموت، فيأْخذهم على
غِرَّتِهم أَغْفَلَ ما كانوا. ولهذا قال عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، لما
حُمِلَ إِليه كُنُوزُ كِسْرَى: اللهم إِني أَعوذ بك أَن أَكونَ
مُسْتَدْرَجاً، فإِني أَسمعك تقول: سنستدرجهم من حيث لا يعلمون. وروي عن أَبي
الهيثم: امتنع فلان من كذا وكذا حتى أَتاه فلان فاسْتَدْرجه أَي خدعه حتى
حمله على أَن دَرَجَ في ذلك. أَبو سعيد: اسْتَدْرجَه كلامي أَي أَقلقه حتى
تركه يَدْرُجُ على الأَرض؛ قال الأَعشى:
لَيَسْتَدْرِجَنْكَ القَوْلُ حتى تَهُزَّه،
وتَعْلَمَ أَني مِنكُمُ غَيرُ مُلْجَمِ
والدَّرُوجُ من الرياح: السريعة المَرِّ، وقيل: هي التي تَدْرُجُ أَي
تَمُرُّ مَرّاً ليس بالقَويّ ولا الشديد. يقال: ريح دَروجٌ، وقِدْحٌ
دَرُوجٌ. والريح إِذا عصفت اسْتَدْرَجَتِ الحَصى أَي صَيَّرَتْهُ إِلى أَن
يَدْرُجَ على وجه الأَرض مِن غير أَن ترفعه إِلى الهواء، فيقال: دَرَجَتْ
بالحصى واسْتَدْرَجَتِ الحَصى. أَمَّا دَرَجَتْ به فجرت عليه جرياً شديداً
دَرَجَتْ في سيرها، وأَمَّا اسْتَدْرَجَتْهُ فصيرته بجريه عليها
(* قوله
«بجريه عليها» كذا بالأصل ولعل الأولى بجريها عليه.) إِلى أَنْ دَرَجَ
الحَصى هو بنفسه.
ويقال: ذهب دمه أَدْراجَ الرِّياحِ أَي هَدَراً.
ودَرَجَتِ الريح: تركت نَمانِمَ في الرَّمْلِ. وريح دَرُوجٌ: يَدْرُجُ
مؤَخرها حتى يُرى لها مثل ذَيْلِ الرَّسَنِ في الرَّمْلِ، واسم ذلك الموضع
الدَّرَجُ.
ويقال: اسْتَدْرَجَتِ المحاوِرُ المَحالَ؛ كما قال ذو الرمة:
صَرِيفُ المَحالِ اسْتَدْرَجَتْها المَحاوِرُ
أَي صيرتها إِلى أَن تَدْرُجَ. ويقال: اسْتَدْرَجَتِ الناقةُ ولدها إِذا
استتبعته بعدما تلقيه من بطنها. ويقال: دَرِجَ إِذا صَعِدَ في المراتب،
ودَرِجَ إِذا لَزِمَ المَحَجَّةَ من الدين والكلام، كله بكسر العين من
فَعِلَ. ودَرَجَ ودَرِج الرجل: مات. ويقال للقوم إِذا ماتوا ولم يُخَلِّفوا
عَقِباً: قد دَرِجوا ودَرَجُوا. وقبيلة دارِجَةٌ إِذا انقرضت ولم يبق
لها عقب؛ وأَنشد ابن السكيت للأَخطل:
قَبِيلَةٌ بِشِراكِ النَّعْلِ دارِجَةٌ،
إِنْ يَهْبِطُوا العَفْوَ لا يُوجَدْ لهُم أَثَرُ
وكأَن أَصل هذا من دَرَجْتُ الثوب إِذا طويته، كأَنَّ هؤلاء لما ماتوا
ولم يخلفوا عَقِباً طَوَوْا طريق النسل والبقاء. ويقال للقوم إِذا
انقرضوا: دَرِجُوا. وفي المثل: أَكْذَبُ مَنْ دَبَّ ودَرَجَ أَي أَكذب الأَحياء
والأَموات. وقيل: دَرَِجَ مات ولم يخلف نسلاً، وليس كل من مات دَرَِجَ؛
وقيل: دَرَجَ مثل دَبَّ. أَبو طالب في قولهم: أَحسَنُ مَنْ دَبَّ ودَرَجَ؛
فَدَبَّ مشى ودَرَجَ مات. وفي حديث كعب قال له عمر: لأَيّ ابني آدم كان
النسل؟ فقال: ليس لواحد منهما نسل، أَما المقتول فدَرَجَ، وأَما القاتل
فَهَلَكَ نَسْلُه في الطوفان. دَرَجَ أَي مات، وأَدْرَجَهُم الله أَفناهم.
ويقال: دَرَجَ قَرْنٌ بعد قرن أَي فَنَوْا.
والإِدْراجُ: لف الشيء في الشيء؛ وأَدْرَجَتِ المرأَة صبيها في
مَعاوزها.والدَّرْجُ: لَفُّ الشيء. يقال: دَرَجْتُه وأَدْرَجْتُه ودَرَّجْتُه،
والرباعي أَفصحها. ودَرَجَ الشيءَ في الشيء يَدْرُجُه دَرْجاً، وأَدْرَجَه:
طواه وأَدخله. ويقال لما طويته: أَدْرَجْتُه لأَنه يطوى على وجهه.
وأَدْرَجْتُ الكتابَ: طويته.
ورجل مِدْراجٌ: كثير الإِدْراجِ للثياب.
والدَّرْجُ: الذي يُكتب فيه، وكذلك الدَّرَجُ، بالتحريك. يقال: أَنقذته
في دَرْجِ الكتاب أَي في طَيِّه. وأَدْرَجَ الكتابَ في الكتاب: أَدخله
وجعله في دَرْجِه أَي في طيِّه. ودَرْجُ الكتابِ: طَيُّه وداخِلُه؛ وفي
دَرْجِ الكتاب كذا وكذا. وأَدْرَجَ الميتَ في الكفن والقبر: أَدخله.
التهذيب: ويقال للخِرَقِ التي تُدْرَجُ إِدراجاً، وتلف وتجمع ثم تدسُّ
في حياء الناقة التي يريدون ظَأْرَها على ولد ناقة أُخرى، فإِذا نزعت من
حيائها حسبت أَنها ولدت ولداً، فيدنى منها ولد الناقة الأُخرى
فَتَرْأَمُه، ويقال لتلك اللفيفة: الدُّرْجَةُ والجَزْمُ والوثيقة. ابن سيده:
والدُّرْجَةُ مُشاقَةٌ وخِرَقٌ وغير ذلك، تدرج وتدخل في رحم الناقة ودبرها،
وتشدّ وتترك أَياماً مشدودة العينين والأَنف، فيأْخذها لذلك غَمٌّ مِثْلُ
غَمِّ المخاض، ثم يحلُّون الرباط عنها فيخرج ذلك عنها، وهي ترى أَنه ولدها؛
وذلك إِذا أَرادوا أَنْ يَرْأَمُوها على ولد غيرها؛ زاد الجوهري: فإِذا
أَلقته حَلُّوا عينيها وقد هَيَّأُوا لها حُواراً فيُدْنونَه إِليها
فتحسبه ولدها فتَرْأَمُه. قال: ويقال لذلك الشيء الذي يشدّ به عيناها:
الغِمامَةُ، والذي يشدَّ به أَنفها: الصِّقاعُ، والذي يحشى به: الدُّرْجَةُ،
والجمع الدُّرَجُ؛ قال عمران بن حطان:
جَمادٌ لا يُرادُ الرِّسْلُ مِنْها،
ولم يُجْعَلْ لهَا دُرَجُ الظِّئارِ
والجَماد: الناقة التي لا لبن فيها، وهو أَصلب لجسمها. والظِّئار: أَن
تعالج الناقة بالغِمامَةِ في أَنفها لكي تَظْأَرَ؛ وقيل: الظِّئار خرقة
تدخل في حياء الناقة ثم يعصب أَنفها حتى يمسكوا نفَسها، ثم يحل من أَنفها
ويخرجون الدرجة فيلطخون الولد بما يخرج على الخرقة، ثم يدنونه منها فتظنه
ولدها فترأَمه. وفي الصحاح: فتشمه فتظنه ولدها فترأَمه. والدُّرْجَةُ
أَيضاً: خرقة يوضع فيها دواء ثم يدخل في حياء الناقة، وذلك إِذا اشتكت
منه.والدُّرْجُ، بالضم: سُفَيْطٌ صغير تَدَّخِرُ فيه المرأَةُ طيبها
وأَداتَها، وهو الحِفْشُ أَيضاً، والجمع أَدْراجٌ ودِرَجَةٌ. وفي حديث عائشة:
كُنَّ يَبْعَثْن بالدِّرَجَةِ فيها الكُرْسُفُ. قال ابن الأَثير: هكذا يروى
بكسر الدال وفتح الراء، جمع دُرْجٍ، وهو كالسَّقَطِ الصغير تضع فيه
المرأَةُ خِفَّ متاعها وطيبها، وقال: إِنما هو الدُّرْجَةُ تأْنيث دُرْجٍ؛
وقيل: إِنما هي الدُّرجة، بالضم، وجمعها الدُّرَجُ، وأَصله ما يُلف ويدخل
في حياء الناقة وقد ذكرناه آنفاً.
التهذيب: المِدْراجُ الناقة التي تَجُرُّ الحَمْلَ إِذا أَتت على
مَضْرَبِها.
ودَرَجَتِ الناقةُ وأَدْرَجَتْ إِذا جازت السنة ولم تُنْتَجْ.
وأَدْرَجَتِ الناقة، وهي مُدْرِجٌ: جاوزت الوقت الذي ضربت فيه، فإِن كان ذلك لها
عادة، فهي مِدْراجٌ؛ وقيل: المِدْراجُ التي تزيد على السنة أَياماً ثلاثة
أَو أَربعة أَو عشرة ليس غير. والمُدْرِجُ والمِدْراجُ: التي تؤخر جهازها
وتُدْرِجُ عَرَضَها وتُلْحِقُه بِحَقَبِها، وهي ضِدُّ المِسْنافِ؛ قال
ذو الرمة:
إِذا مَطَوْنا حِبال المَيْسِ مُصْعِدَةً،
يَسْلُكْنَ أَخْراتَ أَرْباضِ المَدارِيج
عنى بالمَداريج هنا اللواتي يُدْرِجْنَ عروضهن ويلحقنها بأَحقابهن؛ قال
ابن سيده: ولم يعن المداريج اللواتي تجاوز الحَوْلَ بأَيام.
أَبو طالب: الإِدْرَاجُ أَنْ يَضْمُرَ البعيرُ فَيَضْطَرِبَ بطانُه حتى
يستأْخر إِلى الحَقَب فَيَسْتَأْخِرَ الحِملُ، وإِنما يُسَنَّفُ
بالسِّنَافِ مخافةَ الإِدْراجِ. أَبو عمرو: أَدْرَجْتُ الدَّلْوَ إِذا مَتَحْتَ
به في رفق؛ وأَنشد:
يا صاحِبَيَّ أَدْرِجا إِدْراجَا،
بالدَّلْوِ لا تَنْضَرِجُ انْضِراجَا
ولا أُحِبُّ السَّاقِيَ المِدْراجَا،
كأَنَّهُ مُحْتَضِنٌ أَوْلادا
قال: وتسمى الدال والجيم الإِجازة. قال الرياشي: الإِدْرَاجُ النَّزْعُ
قليلاً قليلاً.
ويقال: هم دَرْجُ يدك أَي طَوْعُ يدك. التهذيب: يقال فلانٌ دَرْجُ يديك،
وبنو فلان لا يعصونك، لا يثنى ولا يجمع.
والدَّرَّاجُ: النَّمَّامُ؛ عن اللحياني. وأَبو دَرَّاجٍ: طائر صغير.
والدُّرَّاجُ: طائر شبه الحَيْقُطانِ، وهو من طير العراق، أَرقط، وفي
التهذيب: أَنقط، قال ابن دريد: أَحسبه مولَّداً.
وهي الدُّرَجَةُ مثال رُطَبَةٍ، والدُّرَّجَةُ، الأَخيرة عن سيبويه؛
التهذيب: وأَما الدُّرَجَةُ فإِن ابن السكيت قال: هو طائر أَسود باطنِ
الجناحين، وظاهرهما أَغبر، وهو على خلقة القطا إِلاَّ أَنها أَلطف.
الجوهري: والدُّرَّاجُ والدُّرَّاجَةُ ضرب من الطير للذكر والأُنثى حتى
تقول الحَيْقُطانُ فيختص بالذكر. وأَرض مَدْرَجَةٌ أَي ذاتُ دُرَّاجٍ.
والدِّرِّيجُ: شيءٌ يضرب به، ذو أَوتار كالطُّنْبُورِ. ابن سيده:
الدِّرِّيجُ طنبور ذو أَوتار تضرب.
والدَّرَّاج: موضع؛ قال زهير:
بِحَوْمانَةِ الدَّرَّاجِ فالمُتَثَلَّمِ
ورواه أَهل المدينة: بالدَّرَّاج فالمُتَثَلَّم. ودُرَّاجٌ: اسم.
ومَدْرَجُ الريح: من شعرائهم، سمي به لبيت ذكر فيه مَدْرَج الريح.
جنح: جَنَحَ إِليه
(* قوله «جنح إِليه إلخ» بابه منع وضرب ونصر كما في
القاموس.) يَجْنَحُ ويَجْنُحُ جُنُوحاً، واجْتَنحَ: مالَ، وأَجْنَحَه هو؛
وقول أَبي ذؤيب:
فَمَرَّ بالطيرِ منه فاحِمٌ كَدِرٌ،
فيه الظِّباءُ وفيه العُصْمُ أَجْناحُ
إِنما هو جمع جانح كشاهد وأَشهاد، وأَراد مَوائِلَ. وفي الحديث: مَرِضَ
رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فوجد خِفَّةً فاجْتَنحَ على أُسامة حتى
دخل المسجد أَي خرج مائلاً متكئاً عليه. ويقال: أَقمت الشيء فاستقام.
واجْتَنَحْتُه أَي أَمَلته فَجَنَحَ أَي مال. وقال الله عز وجل: وإِن
جَنَحُوا للسِّلْم فاجْنَحْ لها؛ أَي إِن مالوا إِليك
(* قوله «مالوا إليك» هكذا
في الأَصل والأَمر سهل.) فَمِلْ إِليها، والسِّلْمُ: المُصالحة، ولذلك
أُنثت؛ وقول أَبي النجم يصف السحاب:
وسَحَّ كلُّ مُدْجنٍ سَحَّاحِ،
يَرْعُدُ في بَِيضِ الذُّرَى جُنَّاحِ
قال الأَصمعي: جُنَّاح دانية من الأَرض، وقال غيره: جُنَّاح مائلة عن
القصد. وجَنَحَ الرجلُ واجْتَنَحَ: مال على أَحد شقَّيه وانحنى في
قَوْسِه.وجُنُوح الليل: إِقباله. وجَنَحَ الظلامُ: أَقْبلَ الليلُ. وجَنَحَ
الليلُ يَجْنَحُ جُنُوحاً: أَقبل.
وجُنْحُ الليل وجِنْحُه: جانِبُه، وقيل: أَوَّله، وقيل: قطعة منه نحو
النصف، وجُنْحُ الظلام وجِنْحُه لغتان، ويقال: كأَنه جُِنْحُ ليل يُشَبَّه
به العَسْكَرُ الجرّار؛ وفي الحديث: إِذا اسْتَجنح الليلُ فاكْفِتُوا
صِبيانكم؛ المراد في الحديث أَوَّل الليل. وجِنْحُ الطريق
(* قوله «وجنح
الطريق إلخ» هذا وما بعده بكسر الجيم لا غير، كما هو ضبط الأَّصل. ومفاد
الصحاح والقاموس وفي المصباح: وجنح الليل، بضم الجيم وكسرها، ظلامه
واختلاطه، ثم قال: وجنح الطريق، بالكسر، جانبه.): جانبه؛ قال الأَخْضَر بن
هُبَيْرة الضَّبّي:
فما أَنا يومَ الرَّقْمَتَيْنِ بِناكِلٍ،
ولا السيفُ إِن جَرَّدْتُه بكَلِيلِ
وما كنتُ ضَغَّاطاً، ولكنَّ ثائراً
أَناخَ قليلاً، عند جِنْحِ سَبيلِ
وجِنْحُ القوم: ناحيتُهم وكَنَفُهم؛ وقال:
فبات بِجِنْحِ القومِ حتى إِذا بدا
له الصُّبْحُ، سام القومَ إِحدى المَهالكِ
وجَناحُ الطائر: ما يَخْفِق به في الطيران، والجمع أَجْنِحة وأَجْنُحٌ.
وجَنَحَ الطائرُ يَجْنَحُ جُنُوحاً إِذا كَسَرَ مِن جَناحَيْه ثم أَقبل
كالواقع اللاجئ إِلى موضع؛ قال الشاعر:
تَرَى الطيرَ العِتاقَ يَظَلْنَ منه
جُنُوحاً، إِنْ سَمِعْنَ له حَسِيسا
وجَناحا الطائر: يداه. وجَناحُ الإِنسان: يَدُه. ويد الإِنسان: جَناحاه.
وفي التنزيل: واخْفِضْ لهما جَناحَ الذُّلِّ من الرَّحْمة؛ أَي أَلِنْ
لهما جانِبَكَ. وفيه: واضْمُمْ إِليك جَناحَك من الرَّهْب؛ قال الزجاج:
معنى جَناحك العَضُدُ، ويقال اليد كلُّها جَناحٌ، وجمعه أَجْنِحة
وأَجْنُحٌ، حكى الأَخيرة ابن جني وقال: كَسَّرُوا الجَناحَ وهو مذكَّر على
أَفْعُلٍ، وهو من تكسير المؤَنث لأَنهم ذهبوا بالتأْنيث إِلى الرِّيشَة، وكله
راجع إِلى معنى المَيْل لأَن جَناحَ الإِنسان والطائر في أَحد شِقَّيْه.
وفي الحديث: إِن الملائكة لَتَضَعُ أَجْنِحتها لطالب العلم أَي تضعها لتكون
وِطاءً له إِذا مَشَى؛ وقيل: هو بمعنى التواضع له تعظيماً لحقِّه؛ وقيل:
أَراد بوضع الأَجنحة نزولَهم عند مجالس العلم وتَرْكَ الطيران؛ وقيل:
أَراد إِظلالهم بها؛ وفي الحديث الآخر: تُظِلُّهم الطيرُ بأَجنحتها.
وجَناحُ الطائر: يَدُه.
وجَنَحَه يَجْنِحُه جَنْحاً: أَصاب جَناحَه.
الأَزهري: وللعرب أَمثال في الجَناح، منها قولهم في الرجل إِذا جَدَّ في
الأَمر واحتفل: رَكِبَ فلانٌ جَناحَيْ نَعامة؛ قال الشماخ:
فمن يَسْعَ أَو يَرْكَبْ جَناحَيْ نَعامةٍ،
لِيُدْرِكَ ما قَدَّمْتَ بالأَمْسِ، يُسْبَق
ويقال: ركب القومُ جَناحَيِ الطائر إِذا فارقوا أَوطانهم؛ وأَنشد
الفرَّاء:
كأَنما بِجَناحَيْ طائِرٍ طاروا
ويقال: فلان في جناحي طائر إِذا كان قَلِقاً دَهِشاً، كما يقال: كأَنه
على قَرْن أَعْفَر، ويقال: نحن على جَناح سَفَر أَي نريد السفر، وفلان في
جنَاح فلان أَي في ذَراهُ وكنفه؛ وأَما قول الطِّرِمَّاحِ:
يَبُلُّ بمَعْصورٍ جَناحَيْ ضَئِيلَةٍ
أَفاوِيقَ، منها هَلَّةٌ ونُقُوعُ
فإِنه يريد بالجَناحين الشفتين، ويقال: أَراد بهما جَناحَيِ اللَّهاةِ
والحَلْقِ. وجَناحا العَسْكَرِ: جانباه. وجَناحا الوادي: مَجْرَيانِ عن
يمينه وشماله. وجَناحُ الرَّحَى: ناعُورُها. وجَناحا النَّصْلِ: شَفْرَتاه.
وجَناحُ الشيء: نَفْسُه؛ ومنه قول عَدِيِّ ابن زيد:
وأَحْوَرُ العينِ مَرْبُوبٌ، له غُسَنٌ،
مُقَلَّدٌ من جَناحٍ الدُّرِّ تِقْصارا
وقيل: جَناحُ الدُّرِّ نَظْمٌ منه يُعَرَّضُ. وكلُّ شيء جعلته في
نِظامٍ، فهو جَناحٌ.
والجَوانح: أَوائل الضُّلُوع تحت الترائب مما يلي الصدر، كالضلوع مما
يلي الظهر، سميت بذلك لجنوحها على القلب، وقيل: الجوانح الضُّلُوع القِصارُ
التي في مُقَدَّمِ الصدرِ، والواحدة جانحة؛ وقيل: الجوانح من البعير
والدابة ما وقعت عليه الكتف وهو من الإِنسان الدَّئيُّ، وهي ما كان من قبل
الظهر وهي ست: ثلاث عن يمينك وثلاث عن شمالك؛ قال الأَزهري: جَوانِحُ
الصَّدْرِ من الأَضلاع المتصلة رُؤُوسها في وَسَطِ الزَّوْرِ، الواحدة جانحة؛
وفي حديث عائشة: كان وَقِيذَ الجَوانِح، هي الأَضلاع مما يلي الصدر.
وجُنِحَ البعيرُ: انكسرت جَوانِحُه من الحِمْل الثقيل. وجَنَحَ البعيرُ
يَجْنَحُ جَنُوحاً: انكسر أَوَّلُ ضُلُوعه مما يلي الصدر. وناقة
مُجْتَنِحَة الجَنْبَينِ: واسعتهما. وجَنَحَتِ الإِبلُ: خَفَضَتْ سَوالِفَها في
السير، وقيل: أَسرعت.
ابن شميل: الاجْتِناحُ في الناقة كأَنَّ مُؤَخَّرَها يُسْنَدُ إِلى
مُقَدَّمها من شدّة اندفاعها بحَفْزِها رجليها إِلى صدرها؛ وقال شمر:
اجْتَنَحَتِ الناقة في سيرها إِذا أَسرعت؛ وأَنشد:
من كلِّ وَرْقاء لها دَفٌّ قَرِحْ،
إِذا تَبادَرْنَ الطريقَ تَجْتَنِحْ
وقال أَبو عبيدة: المُجْتَنِحُ من الخيل الذي يكون حُضْرُه واحداً
لأَحَدِ شِقَّيْه يَجْتَنِحُ عليه أَي يعتمده في حُضْره؛ والناقة الباركة إِذا
مالت على أَحد شقيها يقال: جَنَحَتْ؛ قال ذو الرمة:
إِذا مالَ فوقَ الرَّحْلِ، أَحْيَيْتِ نَفْسَه
بذكراكِ، والعِيسُ المَراسِيلُ جُنَّحُ
وجَنَحَتِ السفينة تَجْنَحُ جُنُوحاً: انتهت إِلى الماء القليل
فَلَزِقَتْ بالأَرض فلم تَمْضِ. واجْتَنَحَ الرجلُ في مَقْعَده على رحله إِذا
انْكَبَّ على يديه كالمُتَّكِئ على يدٍ واحدة. الأَزهري: الرجل يَجْنَحُ
إِذا أَقبل على الشيء يعمله بيديه وقد حَنَى عليه صَدْرَهُ؛ وقال لبيد:
جُنُوحَ الهَالِكِيّ على يديهِ،
مُكِبّاً يَجْتَلِي ثُقَبَ النِّصالِ
وروى أَبو صالح السَّمَّانُ عن أَبي هريرة أَن رسول الله، صلى الله عليه
وسلم، أَمَرَ بالتَّجَنُّحِ في الصلاة، فشَكا ناسٌ إِلى النبي، صلى الله
عليه وسلم، الضَّعْفَةَ فأَمَرَهم أَن يستعينوا بالرُّكَبِ؛ وفي رواية:
شكا أَصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الاعتمادَ في السجود
فَرَخَّصَ لهم أَن يستعينوا بمرافقهم على رُكَبهم. قال شمر: التَّجَنُّحُ
والاجْتِناحُ كأَنه الاعتماد في السجود على الكفين، والادِّعامُ على الراحتين
وترك الافتراش للذراعين؛ قال ابن الأَثير: هو أَن يرفع ساعديه في السجود عن
الأَرض ولا يفترشهما، ويجافيهما عن جانبيه ويعتمد على كفيه فيصيرَان له
مثل جَناحَيِ الطائر؛ قال ابن شميل: جَنَحَ الرجل على مِرْفَقَيْه إِذا
اعتمد عليهما وقد وضعهما بالأَرض أَو على الوسادة يَجْنَحُ جُنُوحاً
وجَنْحاً.
والمَجْنَحة: قطعة أَدَمٍ تُطرح على مُقَدَّم الرحل يَجْتَنِحُ الراكب
عليها.
والجُناح، بالضم: الميل إِلى الإِثم، وقيل: هو الإِثم عامّة. والجُناحُ:
ما تُحُمِّلَ من الهَمِّ والأَذى؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
ولاقَيْتُ، من جُمْلٍ وأَسبابِ حُبِّها،
جُناحَ الذي لاقَيْتُ من تِرْبِها قَبْلُ
قال: وأَصل ذلك من الجُناح الذي هو الإِثم. وقال أَبو الهيثم في قوله عز
وجل: ولا جُناحَ عليكم فيما عَرَّضتم به؛ الجُناح: الجناية والجُرْمُ؛
وأَنشد قول ابن حِلِّزَةَ:
أَعَلينا جُناحُ كِنْدَةَ، أَن يَغْـ
ـنَمَ غازيهمُ، ومنا الجَزاءُ؟
وصف كندة بأَنهم غَزَوْكم فقتلوكم وتُحَمِّلوننا جزاءَ فعلهم أَي عقاب
فعلهم، والجزاء يكون ثواباً وعقاباً؛ وقيل في قوله: لا جُناح عليكم أَي لا
إِثم عليكم ولا تضييق. وفي حديث ابن عباس في مال اليتيم: إِني لأَجْنَحُ
أَن آكُلَ منه أَي أَرى الأَكل منه جُناحاً وهو الإِثم؛ قال ابن
الأَثير: وقد تكرر الجُناحُ في الحديث، فأَين ورد فمعناه الإِثم والميل. ويقال:
أَنا إِليك بحُناحٍ أَي متشوّق، كذا حكي بضم الجيم؛ وأَنشد:
يا لَهْفَ هِنْدٍ بعدَ أُسْرَةِ واهِبٍ،
ذَهَبُوا، وكنتُ إِليهمُ بجُناحِ
بالضم، أَي مُتَشَوِّقاً. وجَنَحَ الرجلُ يَجْنَحُ جُنُوحاً: أَعطى
بيده. ابن شميل: جَنَحَ الرجلُ إِلى الحَرورِيَّة، وجَنَحَ لهم إِذا تابعهم
وخضع لهم.
وجَناحٌ: اسم رجل، واسم ذئب؛ قال:
ما راعَني إِلاَّ جَناحٌ هابطا،
على البُيوتِ، قَوْطَه العُلابِطا
وجَنَّاحٌ: اسم رجل. وجَنَّاحٌ: اسم خِباءٍ من أَخبيتهم؛ قال:
عَهْدي بجَنَّاحٍ إِذا ما اهْتَزَّا،
وأَذْرَتِ الريحُ تُراباً نَزَّا،
أَنْ سَوْفَ تَمْضِيهِ، وما ارْمَأَزَّا
وتمضيه: تمضي عليه.
قرض: القَرْضُ: القَطْعُ. قَرَضه يَقْرِضُه، بالكسر، قَرْضاً وقرَّضَه:
قطَعه.
والمِقْراضانِ: الجَلَمانِ لا يُفْرَدُ لهما واحد، هذا قول أَهل اللغة،
وحكى سيبويه مِقْراضٌ فأَفْرد.
والقُراضةُ: ما سقَط بالقَرْضِ، ومنه قُراضةُ الذَّهب.
والمِقْراضُ: واحد المَقارِيض؛ وأَنشد ابن بري لعدي بن زيد:
كلّ صَعْلٍ، كأَنَّما شَقَّ فِيه
سَعَفَ الشَّرْيِ شَفْرتا مِقْراضِ
وقال ابن مَيّادةَ:
قد جُبْتُها جَوْبَ ذِي المِقْراضِ مِمْطَرةً،
إِذا اسْتَوى مُغْفلاتُ البِيدِ والحدَب
(* قوله «مغفلات» كذا فيما بأَيدينا من النسخ ولعله معقلات جمع معقلة
بفتح فسكون فضم وهي التي تمسك الماء.)
وقال أَبو الشِّيصِ:
وجَناحِ مَقْصُوصٍ، تَحَيَّفَ رِيشَه
رَيْبُ الزَّمان تَحَيُّفَ المِقْراضِ
فقالوا مِقْراضاً فأَفْرَدُوه. قال ابن بري: ومثله المِفْراصُ، بالفاء
والصاد، للحاذِي؛ قال الأَعشى:
لِساناً كَمِفْراصِ الخَفاجِيِّ ملْحبا
وابنُ مِقْرَضٍ: دُوَيْبّة تقتل الحمام يقال لها بالفارسية دَلَّهْ؛
التهذيب: وابنُ مِقْرَض ذو القوائم الأَربع الطويلُ الظهرِ القَتالُ
للحَمام. ابن سيده: ومُقَرِّضاتُ الأَساقي دُويبة تَخْرِقُها
وتَقْطَعُها.والقُراضةُ: فُضالةُ ما يَقْرِضُ الفأْرُ من خبز أَو ثوب أَو غيرهما،
وكذلك قُراضاتُ الثوب التي يَقْطَعُها الخَيّاطُ ويَنْفِيها الجَلَمُ.
والقَرْضُ والقِرْضُ: ما يَتَجازَى به الناسُ بينهم ويَتَقاضَوْنَه،
وجمعه قرُوضٌ، وهو ما أَسْلَفَه من إِحسانٍ ومن إِساءة، وهو على التشبيه؛
قال أُمية ابن أَبي الصلت:
كلُّ امْرِئٍ سَوْفَ يُجْزَى قَرْضَه حَسَناً،
أَو سَيِّئاً، أَو مَدِيناً مِثْلَ ما دانا
وقال تعالى: وأَقْرِضُوا اللّه قَرْضاً حَسَناً. ويقال: أَقْرَضْتُ
فلاناً وهو ما تُعْطِيهِ لِيَقْضِيَكَه. وكلُّ أَمْرٍ يَتَجازَى به الناسُ
فيما بينهم، فهو من القُروضِ. الجوهري: والقَرْضُ ما يُعْطِيه من المالِ
لِيُقْضاه، والقِرْضُ، بالكسر، لغة فيه؛ حكاها الكسائي. وقال ثعلب:
القَرْضُ المصدر، والقِرْضُ الاسم؛ قال ابن سيده: ولا يعجبني، وقد أَقْرَضَه
وقارَضَه مُقارَضةً وقِراضاً. واسْتَقْرَضْتُ من فلان أَي طلبت منه القَرْضَ
فأَقْرَضَني. وأَقْرَضْتُ منه أَي أَخذت منه القَرْض. وقَرَضْته قَرْضاً
وقارَضْتُه أَي جازَيتُه. وقال أَبو إِسحق النحوي في قوله تعالى: مَنْذا
الذي يُقْرِضُ اللّه قَرْضاً حسَناً، قال: معنى القَرْضِ البَلاء
الحسَنُ، تقول العرب: لك عندي قَرْضٌ حَسَنٌ وقَرْضٌ سَيِّء، وأَصل القَرْضِ ما
يُعطيه الرجل أَو يفعله ليُجازَى عليه، واللّه عزّ وجلّ لا يَسْتَقْرِضُ
من عَوَزٍ ولكنه يَبْلُو عباده، فالقَرْضُ كما وصفنا؛ قال لبيد:
وإِذا جُوزِيتَ قَرْضاً فاجْزِه،
إِنما يَجْزِي الفَتَى ليْسَ الجَمَلْ
معناه إِذا أُسْدِيَ إِليكَ مَعْروفٌ فكافِئْ عليه. قال: والقرض في
قوله تعالى: منذا الذي يقرض اللّه قرضاً حسناً، اسم ولو كان مصدراً لكان
إِقْراضاً، ولكن قَرْضاً ههنا اسم لكل ما يُلْتَمَسُ عليه الجزاء. فأَما
قَرَضْتُه أَقْرِضُه قَرْضاً فجازيته، وأَصل القَرْضِ في اللغة القَطْعُ،
والمِقْراضُ من هذا أُخِذ. وأَما أَقْرَضْتُه فَقَطَعْتُ له قِطْعَةً
يُجازِي عليها. وقال الأَخفش في قوله تعالى: يُقْرِضُ، أَي يَفْعَلُ فِعْلاً
حسناً في اتباع أَمر اللّه وطاعته. والعَربُ تقول لكل مَن فعلَ إِلَيه
خَيْراً: قد أَحْسَنْتَ قَرْضِي، وقد أَقْرَضْتَني قَرْضاً حسناً. وفي
الحديث: أَقْرِضْ من عِرْضِكَ ليوم فَقْرِكَ؛ يقول: إِذا نالَ عِرْضَكَ رجل
فلا تُجازِه ولكن اسْتَبْقِ أَجْرَهُ مُوَفَّراً لك قَرْضاً في ذمته
لتأْخذه منه يوم حاجتك إِليْهِ.
والمُقارَضةُ: تكون في العَمَلِ السَّيِّء والقَوْلِ السَّيِّء يَقْصِدُ
الإنسان به صاحِبَه. وفي حديث أَبي الدرداء: وإِن قارَضْتَ الناسَ
قارَضُوك، وإِن تركْتَهم لم يَتْرُكوك؛ ذهَب به إِلى القول فيهم والطَّعْنِ
عليهم وهذا من القَطْعِ، يقول: إِن فَعَلْتَ بهم سُوءاً فعلوا بك مثله،
وإِن تركتهم لم تَسْلَمْ منهم ولم يَدَعُوك، وإِن سَبَبْتَهم سَبُّوكَ
ونِلْتَ منهم ونالُوا منك، وهو فاعَلْت من القَرْضِ. وفي حديث النبي، صلّى
اللّه عليه وسلّم: أَنه حضَرَه الأَعْرابُ وهم يَسْأَلونه عن أَشياء:
أَعَلَيْنا حَرَجٌ في كذا؟ فقال: عبادَ اللّهِ رَفَع اللّهُ عَنّا الحَرَجَ
إِلا مَنِ اقْتَرَضَ امْرَأً مُسْلِماً، وفي رواية: من اقْتَرَضَ عِرْضَ
مُسْلِمٍ؛ أَراد بقوله اقْتَرَضَ امْرَأً مُسْلِماً أَي قطَعَه بالغِيبة
والطّعْنِ عليه ونالَ منه، وأَصله من القَرْض القطع، وهو افْتِعالٌ منه.
التهذيب: القِراضُ في كلام أَهل الحجاز المُضارَبةُ، ومنه حديث الزهري: لا
تَصْلُحُ مُقارَضةُ مَنْ طُعْمَتُه الحَرامُ، يعني القِراضَ؛ قال
الزمخشري: أَصلها من القَرْضِ في الأَرض وهو قَطْعُها بالسيرِ فيها، وكذلك هي
المُضارَبةُ أَيضاً من الضَّرْب في الأَرض. وفي حديث أَبي موسى وابني عمر،
رضي اللّه عنهم: اجعله قِراضاً؛ القِراضُ: المضاربة في لغة أَهل الحجاز.
وأَقْرَضَه المالَ وغيره: أَعْطاه إِيّاهُ قَرْضاً؛ قال:
فَيا لَيْتَني أَقْرَضْتُ جَلْداً صَبابَتي،
وأَقْرَضَني صَبْراً عن الشَّوْقِ مُقْرِضُ
وهم يَتقارضُون الثناء بينهم. ويقال للرجلين: هما يَتقارَضانِ الثناءَ
في الخير والشر أَي يَتَجازَيانِ؛ قال الشاعر:
يتَقارَضُون، إِذا التَقَوْا في مَوْطِنٍ،
نَظَراً يُزِيلُ مَواطِئَ الأَقْدامِ
أَراد نَظَر بعضِهم إِلى بعض بالبَغْضاء والعَداوَةِ؛ قال الكميت:
يُتَقَارَضُ الحَسَنُ الجَمِيـ
ـلُ من التَّآلُفِ والتَّزاوُرْ
أََبو زيد: قَرَّظَ فلانٌ فلاناً، وهما يَتقارَظانِ المَدْحَ إِذا
مَدَحَ كلُّ واحد منهما صاحَبه، ومثله يتَقارَضان، بالضاد، وقد قرَّضَه إِذا
مَدَحَه أَو ذَمَّه، فالتَّقارُظُ في المَدْحِ والخير خاصّةً،
والتَّقارُضُ إِذا مدَحَه أَو ذَمَّه، وهما يتقارضان الخير والشر؛ قال
الشاعر:إِنَّ الغَنِيَّ أَخُو الغَنِيِّ، وإِنما
يَتقارَضانِ، ولا أَخاً للمُقْتِرِ
وقال ابن خالويه: يقال يتَقارَظانِ الخير والشرَّ، بالظاء أَيضاً.
والقِرْنانِ يتقارضان النظر إِذا نظر كلُّ واحد منهما إِلى صاحبه شَزْراً.
والمُقارَضةُ: المُضاربةُ. وقد قارَضْتُ فلاناً قِراضاً أَي دَفَعْتَ إِليه
مالاَ ليتجر فيه، ويكون الرِّبْحُ بينكما على ما تَشْتَرِطانِ
والوَضِيعةُ على المال. واسْتَقْرَضْتُه الشيءَ فأَقْرَضَنِيه: قَضانِيه. وجاء: وقد
قرَضَ رِباطَه وذلك في شِدَّةِ العَطَشِ والجُوعِ. وفي التهذيب: أَبو
زيد جاء فلان وقد قَرَض رِباطَه إِذا جاء مجْهُوداً قد أَشْرَفَ على الموت.
وقرَض رِباطه: مات. وقرَض فلان أَي مات. وقرَضَ فلان الرِّباطَ إِذا
مات. وقَرِضَ الرجلُ إِذا زالَ من شيءٍ إِلى شيء. وانْقَرَضَ القومُ:
دَرَجُوا ولم يَبْقَ منهم أَحد.
والقَرِيضُ: ما يَرُدُّه البعير من جِرَّتِه، وكذلك المَقْرُوضُ، وبعضهم
يَحْمِلُ قولَ عَبيدٍ: حالَ الجَرِيضُ دون القَرِيضِ على هذا. ابن سيده:
قرَض البعيرُ جِرَّتَه يَقْرِضُها وهي قَرِيضٌ: مَضَغَها أَو ردَّها.
وقال كراع: إِنما هي الفَرِيضُ، بالفاء. ومن أَمثال العرب: حالَ الجَرِيضُ
دون القَرِيض؛ قال بعضهم: الجريض الغُصّةُ والقَرِيضُ الجِرَّة لأَنه
إِذا غُصَّ لم يَقْدِرْ على قَرْضِ جِرَّتِه. والقَرِيضُ: الشِّعْر وهو
الاسم كالقَصِيدِ، والتقْرِيضُ صِناعتُه، وقيل في قول عبيد بن الأَبرص حالَ
الجَرِيضُ دون القَرِيض: الجَرِيضُ الغَصَصُ والقَرِيضُ الشِّعْرُ، وهذا
المثل لعَبيد بن الأَبرص قاله للمُنْذِر حين أَراد قتله فقال له: أَنشدني
من قولك، فقال عند ذلك: حال الجريض دون القريض؛ قال أَبو عبيد: القَرْضُ
في أَشياء: فمنها القَطْعُ، ومنها قَرْضُ الفأْر لأَنه قَطْعٌ، وكذلك
السيْرُ في البِلادِ إِذا قطعتها؛ ومنه قوله:
إِلى ظُعُنٍ يَقْرِضْنَ أَجْوازَ مُشْرِف
ومنه قوله عزّ وجلّ: وإِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهم ذاتَ الشِّمالِ.
والقَرْضُ: قَرْضُ الشعْر، ومنه سمي القَرِيضُ. والقَرْضُ: أَن يَقْرِضَ الرجُلُ
المالَ. الجوهري: القَرْضُ قولُ الشعْر خاصّةً. يقال: قَرَضْتُ الشعْرَ
أَقْرِضُه إِذا قلته، والشعر قرِيضٌ؛ قال ابن بري: وقد فرق الأَغْلَبُ
العِجْلِيُّ بين الرَّجز والقَرِيضِ بقوله:
أَرَجَزاً تُرِيدُ أَمْ قَرِيضا؟
كِلَيْهِما أَجِدُ مُسْتَرِيضا
وفي حديث الحسن: قيل له: أَكان أَصْحابُ رسولِ اللّه، صلّى اللّه عليه
وسلّم، يَمْزَحُون؟ قال: نعم ويَتقارَضُون أَي يقولون القَرِيضَ
ويُنشِدُونَه. والقَرِيضُ: الشِّعْرُ. وقرَضَ في سَيرِه يَقْرِضُ قَرْضاً: عدَل
يَمْنةً ويَسْرَةً؛ ومنه قوله عزّ وجلّ: وإِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهم ذاتَ
الشِّمالِ؛ قال أَبو عبيدة: أَي تُخَلِّفُهم شِمالاً وتُجاوِزُهم
وتَقْطَعُهم وتَتْرُكُهم عن شِمالها. ويقول الرجل لصاحبه: هل مررت بمكان كذا وكذا؟
فيقول المسؤول: قرَضْتُه ذاتَ اليَمينِ ليلاً. وقرَضَ المكانَ يَقْرِضُه
قرْضاً: عدَل عنه وتَنَكَّبَه؛ قال ذو الرمة:
إِلى ظُعُنٍ يَقْرِضْن أَجْوازَ مُشْرِفٍ
شِمالاً، وعنْ أَيْمانِهِنَّ الفَوارِسُ
ومُشْرِفٌ والفَوارِسُ: موضعان؛ يقول: نظرت إِلى ظُعُن يَجُزْنَ بين
هذين الموضعين. قال الفراء: العرب تقول قرضْتُه ذاتَ اليمينِ وقرَضْتُه ذاتَ
الشِّمالِ وقُبُلاً ودُبُراً أَي كنت بحِذائِه من كلِّ ناحية، وقرَضْت
مثل حَذَوْت سواء. ويقال: أَخذَ الأَمرَ بِقُراضَتِه أَي بطَراءَتِه
وأَوَّله. التهذيب عن الليث: التَّقْرِيضُ في كل شيء كتَقْرِيض يَدَي الجُعَل؛
وأَنشد:
إِذا طَرَحا شَأْواً بأَرْضٍ، هَوَى له
مُقَرَّضُ أَطْرافِ الذِّراعَينِ أَفْلَحُ
قال الأَزهري: هذا تصحيف وإِنما هو التَّفْرِيضُ، بالفاء، من الفَرْض
وهو الحَزُّ، وقوائِمُ الجِعْلانِ مُفَرَّضةٌ كأَنَّ فيها حُزوزاً، وهذا
البيتُ رواه الثِّقاتُ أَيضاً بالفاه: مُفَرَّضُ أَطْرافِ الذِّراعَينِ،
وهو في شِعْر الشمَّاخِ. وروى ثعلب عن ابن الأَعرابي أَنه قال: من أَسماء
الخُنْفُساء المَنْدُوسةُ والفاسِياء، ويقال لذكرها المُقَرَّضُ
والحُوَّازُ والمُدَحْرِجُ والجُعَلُ.
رشم: رَشَمَ إليه رَشْماً: كتب. والرَّشْم: خاتم البُر وغيره من الحبوب،
وقيل: رَشْمُ كل شيء علامته، رَشَمَهُ يَرْشُمِهُ رَشْماً، وهو وضع
الخاتم على فراء البُر فيبقى أََثره فيه، وهو الرَّوْشَمُ، سوادية. الجوهري:
الروشم اللوح الذي يختم به البَيادر، بالسين والشين جميعاً. قال أبو
تراب: سمعت عَرَّاماً يقول الرَّسْمُ والرَّشْمُ الأَثَرُ. ورَسَمَ على كذا
ورَشَمَ أي كتب. ويقال للخاتم الذي يختم البُرَّ: الرَّوْشَمُ
والرَّوْسَمُ. والرَّشْم: مصدر رَشَمْتُ الطعام أَرْشُمُهُ إذا ختمته. والرَّوْشَمُ:
الطابَعُ، لغة في الرَوْسَمِ. وقال أبو حنيفة: ارْتَشَمَ ختم إناءه
بالرَّوْشَم.
والرَّشَمُ، بالتحريك، والرَّوْشَم: أوَّل ما يظهر من النبت. يقال: فيه
رَشَمٌ من النبات. وأَرْشَمَتِ الأرضُ: بدا نبتها. وأَرْشَمَتِ المَهاةُ:
رأَت الرَّشَمَ فَرَعَتْهُ؛ قال أبو الأَخْزَر الحماني:
كم من كَعابٍ كالمَهاة المُرْشِمِ
ويروى المُوشِم، بالواو، يعني التي نبت لها وَشْمٌ من الكَلإ، وهو
أوّله، يشبَّه بوَشْمِ النساء. وعامٌ أَرْشَمُ: ليس بجَيّد خَصيب. ومكان
أَرْشَمُ كأبْرَشَ إذا اختلفت أَلوانه. اللحياني: بِرْذَوْن أرْشَمُ وأرْمَشُ
مثل الأبْرَشِ في لونه؛ قال: وأرض رَشْماءُ ورَمْشاء مثل البَرْشاء إذا
اختلفت ألوان عُشْبها. وأَرْشَمَ الشجرُ: أَخرج ثمره كالحمص؛ عن ابن
الأعرابي. وأرْشَمَ الشجرُ وأرْمَشَ إذا أَورق. والأَرْشَمُ: الذي يتشَمَّمُ
الطعام ويحرص عليه؛ قال البَعِيثُ يهجو جَريراً:
لَقًى حملتهُ أمُّه، وهي ضَيْفَةٌ،
فجاءَتْ بيَتْنٍ للضِّيافة أَرْشَما
ويروى:
فجاءت بنَزٍّ للنُّزالة أَرْشَما
قال ابن سيده: وأنشد أبو عبيد هذا البيت لجرير، قال: وهو غلط. الجوهري:
الرَّشَمُ مصدر قولك رَشِمَ الرجلُ، بالكسر، يَرْشَمُ إذا صار أَرْشَمَ،
وهو الذي يتشمَّمُ الطعام ويحرص عليه. وقال ابن السكيت في قوله أَرْشَما
قال: في لونه بَرَشٌ يشوب لونَه لون آخر يدل على الريبة، قال: ويروى من
نُزالة أرْشَما؛ يريد من ماء عبدٍ أَرْشَمَ. والأَرْشَم: الذي به وَشْمٌ
وخطوط. والأَرْشَمُ: الذي ليس بخالص اللون ولا حُرِّهِ. والأرْشَمُ:
الشَّرِهُ. وأَرْشَمَ البرقُ: مثل أَوْشَمَ. وغيث أرْشَم: قليل مذموم. ورَشَمَ
رَشْماً
(* قوله «ورشم رشماً» هذه عبارة المحكم وهي مضبوطة فيه بهذا
الضبط كالأصل، ويخالفه ما تقدم قريباً عن الجوهري وهو الذي في القاموس
والتكملة). كرَشَنَ إذا تَشَمَّمَ الطعام وحَرِصَ عليه. والرَّشْمُ: الذي يكون
في ظاهر اليد والذراع بالسواد؛ عن كراع، والأَعرف الوَشْمُ، بالواو.
الليث: الرَّشْمُ أن تُرشمَ يد الكُرْدِيِّ والعِلْجِ كما تُوشَمُ يدُ
المرأة بالنِّيل لكي تُعرف بها، وهي كالوَشْمِ. والرُّشْمَةُ: سواد في وجه
الضبع مشتق من ذلك، وضبع رَشْماءُ، والله أَعلم.
حوف: الحافةُ والحَوْفُ: الناحِيةُ والجانِبُ، وسنذكر ذلك في حيف لأَن
هذه الكلمة يائية وواوِية. وتَحَوَّفَ الشيءَ: أَخذ حافتَه وأَخذه من
حافَتِه وتَخَوَّفَه، بالخاء، بمعناه. الجوهري: تَحَوَّفَه أَي تَنَقَّصَه.
غيره: وحافتا الوادي جانِباه. وحافَ الشيءَ حَوْفاً: كان في حافَتِه.
وحافَه: رارَه؛ قال ابن الزِّبَعْرى:
ونعْمان قد غادَرْنَ تَحْتَ لِوائِه
. . . .* طير يَحُفْنَ وُقُوعُ
(* كذا بياض بسائر النسخ.)
وحَوْفُ الوادي: حَرْفُه وناحِيَتُه؛ قال ضَمْرةُ ابن ضمرةَ:
ولو كُنْتَ حَرْباً ما طَلَعْتَ طُوَيْلِعاً،
ولا حَوْفَه إلا خَمِيساً عَرَمْرَما
ويروى: جَوْفَه وجَوَّه. وفي الحديث: سَلِّطْ
(* قوله «سلط إلخ» ضبط في
النهاية هنا وفي مادة حرف بالبناء للفاعل، وضبط في مادة ذفف منها بالبناء
للمفعول وكذا ضبطه المجد هنا.) عليهم مَوْتَ طاعُونٍ يَحُوفُ القُلوبَ؛
أَي يُغَيِّرُها عن التوكل ويَدْعُوها إلى الانتقال والهَرَب منه، وهو من
الحافةِ ناحيةِ الموضع وجانِبِه، ويروى يُحَوِّفُ، بضم الياء وتشديد
الواو وكسرها، وقال أَبو عبيد: إنما هو بفتح الياء وسكون الواو. وفي حديث
حذيفة: لما قُتِلَ عمرُ، رضي اللّه عنه، تركَ الناسُ حافةَ الإسلامِ أَي
جانِبَه وطَرَفَه.
وفي الحديث: كان عُمارةُ بنُ الوَلِيدِ وعَمرو بن العاص في البحر، فجلس
عمرٌو على مِيحافِ السفينة فدفعه عُمارةُ؛ أَراد بالمِيحافِ أَحَدَ جانبي
السفينة، ويروى بالنون والجيم.
والحافةُ: الثَّوْرُ الذي في وسَطِ الكُدْسِ وهو أَشْقى العَوامِلِ.
والحَوْفُ بلغة أَهلِ الحوْفِ وأَهل الشَّحْرِ: كالهَوْدَجِ وليس به،
تركب به المرأَةُ البعيرَ، وقيل: الحَوْفُ مَرْكَب للنساء ليس بهودج ولا
رَحْل. والحَوْفُ: الثوب. والحَوف: جلد يُشَقَّقُ كهيئة الإزارِ تلْبَسُه
الحائضُ والصِّبيانُ، وجمعه أَحْوافٌ، وقال ابن الأَعرابي: هو جِلْد
يُقَدُّ سُيُوراً عَرْضُ السير أَربع أَصابعَ، أَو شِبْرٌ، تَلْبَسُه الجاريةُ
صغيرة قبل أَن تُدْرِكَ، وتلبسُه أَيضاً وهي حائض، حجازية، وهي
الرَّهْطُ، نَجْدية؛ وقال مُرَّةُ: هي كالنُّقْبةِ إلا أَنها تُقَدَّدُ قِدَداً
عَرْضُ القِدَّةِ أَربع أَصابع إن كانت من أَدَم أَو خِرَقٍ؛ قال
الشاعر:جارية ذات هنٍ كالنَّوْفِ،
مُلَمْلَمٍ تَسْتُرُه بحَوْفِ،
يا لَيْتَني أَشِيمُ فيه عَوْفي
وأَنشد ابن بري لشاعر:
جَوارٍ يُحَلَّيْنَ اللِّطاطَ، تَزِينُها
شَرائِحُ أَحْوافٍ من الأَدَمِ الصِّرْف
وفي حديث عائشة، رضي اللّه عنها: تزوَّجَني رسولُ اللّه، صلى اللّه عليه
وسلم، وعليَّ حَوْفٌ؛ الحَوْف: البَقِيرةُ تَلْبَسُه الصَّبيةُ، وهو ثوب
لا كُمَّيْنِ له، وقيل: هي سُيُور تَشُدُّها الصبيان عليهم، وقيل: هو
شِدَّةُ العَيْشِ. والحوْفُ: القَرْيةُ في بعض اللغات، وجمعه الأَحْوافُ.
والحَوْفُ: موضِع.
وبر: الوَبَرُ: صوف الإِبل والأَرانب ونحوها، والجمع أَوْبارٌ. قال أَبو
منصور: وكذلك وَبَرُ السَّمُّور والثعالب والفَنَكِ، الواحدة وَبَرَةٌ.
وقد وَبِرَ البعير، بالكسر؛ وحاجى به ثعلبةُ بن عبيد فاستعمله للنحل
فقال:شَتَتْ كَثَّةَ الأَوْبارِ لا القُرَّ تَتَّقي،
ولا الذِّئْبَ تَخْشى، وهي بالبَلَدِ المُفْضي
يقال: جمل وَبِرٌ وأَوْبَرُ إِذا كان كثير الوَبَرِ، وناقة وَبِرَةٌ
ووَبْراءُ. وفي الحديث: أَحَبُّ إِليّ من أَهل الوَبَرِ والمَدَرِ أَي أَهل
البوادي والمُدْنِ والقُرى، وهو من وَبَرِ الإِبل لأَن بيوتهم يتخذونها
منه، والمَدَرُ جمع مَدَرَة، وهي البِنْيَةُ.
وبناتُ أَوْبَرَ: ضَرْبٌ من الكمأَة مُزْغِبٌ؛ قال أَبو حنيفة: بناتُ
أَوبَرَ كَمْأَةٌ كأَمثال الحصى صِغارٌ، يَكنَّ في النقص من واحدة إِلى
عشر، وهي رديئة الطعم، وهي أَول الكمأَة؛ وقال مرة: هي مثل الكمأَة وليست
بكمأَة وهي صغار. الأَصمعي: يقال للمُزْغِبَةِ من الكمأَة بناتُ أَوْبَرَ،
واحدها ابن أَوبر، وهي الصغار. قال أَبو زيد: بناتُ الأَوْبَرِ كمأَةٌ
صغار مُزْغِبَةٌ على لون التراب؛ وأَنشد الأَحمر:
ولقد جَنَيْتُكَ أَكْمُؤاً وعَساقِلاً،
ولقد نَهَيْتُكَ عن بَناتِ الأَوْبَرِ
أَي جنيت لك، كما قال تعالى: وإِذا كالوهم أَو وَزَنُوهم؛ قال الأَصمعي:
وأَما قول الشاعر:
ولقد نهيتك عن بنات الأَوبر
فإِنه زاد الأَلف واللام للضرورة كقول الراحز:
باعَدَ أُمَّ العَمْرِ من أَسِيرِها
وقول الآخر:
يا ليتَ أُمَّ العَمْرِ كانتْ صاحبي
يريد أَنه عمرو فيمن رواه هذا، وإِلا فالأَعرف: يا ليت أُم الغَمْرِ،
قال: وقد يجوز أَن يكون أَوْبَرُ نكرةً فعرّفه باللام كما حكى سيبويه أَن
عُرْساً من ابن عُرْسٍ قد نكره بعضهم، فقال: هذا ابن عُرْسٍ مقبلٌ. وقال
أَبو حنيفة: يقال إِن بني فلان مثل بَناتِ أَوْبَر يظن أَن فيهم خيراً.
ووَبَّرَتِ الأَرنبُ والثعلب تَوْبِيراً إِذا مشى في الخُزُونَةِ ليخفى
أَثره فلا يتبين. وفي حديث الشُّورى رواه الرِّياشِيُّ: أَن الستة لما
اجتمعوا تكلموا فقال قائل منهم في خطبته: لا تُوَبِّرُوا آثارَكم
فَتُولِتُوا ديْنَكُمْ. وفي حديث عبد الرحمن يوم الشُّورى: لا تَغْمِدوا السيوف عن
أَعدائكم فَتُوَبِّرُوا آثارَكم؛ التَّوْبِيرُ التَّعْفِيَةُ ومَحْوُ
الأَثر؛ قال الزمخشري: هو من تَوْبِير الأَرنب مَشْيِها على وَبَرِ قوائمها
لئلا يُقْتَصَّ أَثَرُها، كأَنه نهاهم عن الأَخذ في الأَمر بالهُوَيْنا،
قال: ويروى بالتاء وهو مذكور في موضعه، رواه شمر: لا تُوَتِّرُوا
آثاركم، ذهب به إِلى الوَتْرِ والثَّأْرِ، والصواب ما رواه الرياشي، أَلا ترى
أَنه يقال وَتَرْتُ فلاناً أَتِرُه من الوَتْرِ ولا يقال أَوْتَرْتُ؟
التهذيب: إِنما يُوَبِّرُ من الدواب التُّفَهُ وعَناقُ الأَرض والأَرنبُ.
ويقال: وَبَّرَتِ الأَرنب في عَدْوها إِذا جمعت بَراثِنَها لِتُعَفِّيَ
أَثَرَها. قال أَبو منصور: والتَّوْبِيرُ أَن تَتْبَعَ المكانَ الذي لا
يَسْتَبِين فيه أَثَرُها، وذلك أَنها إِذا طُلِبَتْ نظرت إِلى صَلابة من
الأَرض وحَزْنٍ فَوَثَبَتْ عليه لئلا يستبين أَثرها لصلابته. قال أَبو زيد:
إِنما يُوَبِّرُ من الدواب الأَرنبُ وشيءٌ آخرُ لم نحفظه. وَوَبَّرَ الرجلُ
في منزله إِذا أَقام حيناً فلم يبرح. التهذيب في ترجمة أَبر: أَبَّرْتُ
النخلَ أَصلحته، وروي عن أَبي عمرو بن العلاء قال: يقال نخل قد أُبِّرَتْ
ووُبِرتْ وأُبِرَتْ، ثلاث لغات، فمن قال أُبِّرَتْ فهي مؤَبَّرَةٌ، ومن
قال وُبِرَتْ فهي مَوْبُورَةٌ، ومن قال أُبِرَتْ فهي مأُبُورَةٌ أَي
مُلَقَّحَةٌ.
والوَبْرُ، بالتسكين: دُوَيْبَّة على قدر السِّنَّوْرِ غبراء أَو بيضاء
من دواب الصحراء حسنة العينين شديدة الحياء تكون بالغَوْرِ، والأُنثى
وَبْرَةٌ، بالتسكين، والجمع وَبْرٌ ووُبُورٌ ووِبارٌ ووِبارَةٌ وإِبارةٌ؛
قال الجوهري: هي طَحْلاء اللون لا ذَنَبَ لها تَدْجُنُ في البيوت، وبه سمي
الرجل وَبْرَةَ. وفي حديث أَبي هريرة: وَبْرٌ تَحَدَّرَ من قُدُومِ ضأْنٍ
(* قوله« من قدوم ضأن» كذا ضبط بالأصل بضم القاف، وضبط في النهاية
بفتحها، ونبه ياقوت في المعجم على أنهما روايتان) ؛ الوَبْرُ، بسكون الباء:
دويبة كما حليناها حجازية وإِنما شبهه بالوَبْرِ تحقيراً له، ورواه بعضهم
بفتح الباء من وَبَرِ الإِبلِ تحقيراً له أَيضاً، قال: والصحيح الأَول.
وفي حديث مجاهد: في الوَبْرِ شاةٌ، يعني إِذا قتلها المحرم لأَن لها
كَرِشاً وهي تَجْتَرُّ. ابن الأَعرابي: فلان أَسْمَجُ من مُخَّةِ الوَبْرِ. قال
والعرب تقول: قالت الأَرنبُ للوَبْرِ: وَبْر وَبْر، عَجُزٌ وصَدْر،
وسائرك حَقْرٌ نَقْر فقال لها الوَبْرُ: أَرانِ أَرانْ، عَجُزٌ وكَتِفانْ،
وسائركِ أُكْلَتانْ
ووَبَّرَ الرجلُ: تَشَرَّدَ فصار مع الوَبْرِ في التَّوَحُّشِ؛ قال
جرير:فما فارقْتُ كِنْدَةَ عن تَراضٍ،
وما وَبَّرْتُ في شعبي ارْتِعابا
أَبو زيد: يقال وَبَّرَ فلانٌ على فلانٍ الأَمرَ أَي عَمَّاه عليه؛
وأَنشد أَبو مالك بيت جرير أَيضاً:
وما وَبَّرْتُ في شُعَبَى ارتعابا* ويُروى: ارتغاباً كما في ديوان جرير.
قال: يقول ما أَخفيت أَمرك ارتعاباً أَي اضطراباً. وأُمُّ الوَبْرِ: اسم
امرأَة؛ قال الراعي:
بأَعلامِ مَرْكُوزٍ فَعَنْزٍ فَغُرَّبٍ،
مَغاني أُمِّ الوَبْرِ إِذ هي ما هيا
وما بالدار وابِرٌ أَي ما بها أَحد؛ قال ابن سيده: لا يستعمل إِلا في
النفي؛ وأَنشد غيره:
فَأُبْتُ إِلى الحيّ الذين وراءَهمْ
جَرِيضاً، ولم يُفْلِتْ من الجيشِ وابِرُ
والوَبْراءُ: نبات.
ووَبارِ مثل قَطام: أَرض كانت لعاد غلبت عليها الجن، فمن العرب من
يجريها مجرى نَزالِ، ومنهم من يجريها مجرى سُعادَ، وقد أُعرب في الشعر؛ وأَنشد
سيبويه للأَعشى:
ومَرَّ دَهرٌ على وَبارِ،
فَهَلَكَتْ جَهْرَةً وبارُ
قال: والقوافي موفوعة. قال الليث: وَبارِ أَرضٌ كانت من مَحالِّ عادٍ
بين اليمن ورمال يَبْرِينَ، فلما هلكت عاد أَورث الله ديارهم الجنَّ فلا
يتقاربها أَحد من الناس؛ وأَنشد:
مِثْل ما كان بَدْءُ أَهلِ وَبارِ
وقال محمد بن إِسحق بن يسار: وبَارِ بلدة يسكنها النَّسْنَاسُ.
والوَبْرُ: يوم من أَيام العجوز السبعة التي تكون في آخر الشتاء، وقيل:
إِنما هو وَبْر بغير أَلف ولام. تقول العرب: صِنٌّ وصِنَّبْر وأُخَيُّهما
وَبْر، وقد يجوز أَن يكونوا قالوا ذلك للسجع لأَنهم قد يتركون للسجع
أَشياء يوجبها القياس.
وفي حديث أُهبانَ الأَسْلَمِيّ: بينا هو يَرْعَى بِحرَّةِ الوَبْرَةِ،
هي بفتح الواو وسكون الباء، ناحية من أَعراض المدينة، وقيل: هي قرية ذات
نخيل. ووَبَرٌ ووَبَرَةُ: اسمان، ووَبْرَةٌ: لصٌّ معروف؛ عن ابن
الأَعرابي.