من (ف ح م) الذي يسكت الخصم بالحجة، والبكاء بشدة عند الصبي.
من (ف ح م) الذي يسكت الخصم بالحجة، والبكاء بشدة عند الصبي.
فحم: الفَحْم والفَحَم، معروف مثل نَهْر ونَهَر: الجمر الطافئ. وفي
المثل: لو كنت أنْفُخ في فَحَم أي لو كنت أعمل في عائدة؛ قال الأغلب
العجلي:هل غَيْرُ غارٍ هَدَّ غاراً فانْهَدَمْ؟
قد قاتَلُوا لو يَنْفُخُون في فَحَمْ،
وصَبَروا لو صَبَرُوا على أَمَمْ
يقول: لو كان قتالهم يغني شيئاً ولكنه لا يغني، فكان كالذي ينفخ نارً
ولا فحم ولا حطب فلا تتقد النار؛ يضرب هذا المثل للرجل يمارس أمراً لا
يُجدي عليه، واحدته فَحْمة وفَحَمة. والفَحِيم: كالفَحْم؛ قال امرؤ
القيس:وإذْ هِيَ سَوْداءُ مثل الفَحِيم،
تُغَشِّي المَطانِبَ والمَنْكِبا
وقد يجوز أن يكون الفَحِيم جمع فَحْم كعبْد وعَبِيد، وإن قلّ ذلك في
الأجناس، ونظير مَعْز ومَعِيز وضَأْن وضَئِين.
وفَحْمة الليل: أوّله، وقيل: أشدّ سواد في أوّله، وقيل: أشدّه سواداً،
وقيل: فحمته ما بين غروب الشمس إلى نوم الناس، سميت بذلك لحرّها لأن أوّل
الليل أَحرّ من آخره ولا تكون الفحمة في الشتاء، وجمعها فِحام وفُحوم مثل
مَأْنة ومُؤون؛ قال كثيِّر:
تُنازِعُ أشْرافَ الإكامِ مَطِيَّتي،
مِن الليل، شَيحاناً شَدِيداً فُحومُها
ويجوز أن يكون فُحومها سوادها كأنه مصدر فَحُم. والفَحْمة: الشراب في
جميع هذه الأوقات المذكورة. الأزهري: ولا يقال للشراب فحمة كما يقال
لِلجاشِرِيَّةِ والصَّبُوح والغَبُوق والقَيْل. وأَفْحِمُوا عنكم من الليل
وفَحِّمُوا أي لا تسيروا حتى تذهب فَحمته، والتفحيم مثله. وانطلقنا فَحْمةَ
السَّحَر أي حينه. وفي الحديث: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: ضُموا
فَواشِيَكم حتى تذهب فحمة الشتاء؛ والفَواشي: ما انتشر من المال والإبل
والغنم وغيرها. وفَحْمة العِشاء: شدة سواد الليل وظلمتِه، وإنما يكون ذلك
في أوّله حتى إذا سكن فَوْرُه قَلَّت ظُلمته. قال ابن بري: حكى حمزة بن
الحسن الأصبهاني أن أبا المفضل قال: أخبرنا أبو معمر عبد الوارث قال كنا
بباب بكر بن حبيب فقال عيسى بن عمر في عرض كلام له قَحْمة العِشاء، فقلنا:
لعله فحمة العشاء، فقال: هي قحمة، بالقاف، لا يختلف فيها، فدخلنا على
بكر بن حبيب فحكيناها له فقال: هي فحمة العشاء، بالفاء لا غير، أي فَورته.
وفي الحديث: اكْفِتوا صبيانكم حتى تذهب فحمة العشاء؛ هي إقباله وأول
سواده، قال: ويقال للظُّلمة التي بين صلاتي العشاء الفحمة، والتي بين العتمة
والغداة العَسْعَسَةُ.
ويقال: فَحِّموا عن العشاء؛ يقول: لا تَسِيروا في أوله حين تَفُور
الظُّلمة ولكن امْهَلوا حتى تَسْكن وتَعتدل الظلمة ثم سيروا؛ وقال
لَبيد:واضْبِطِ الليلَ، إذا طالَ السُّرى
وتَدَجَّى بَعْدَ فَوْرٍ، واعْتَدَلْ
وجاءنا فَحْمةَ ابن جُمَيْرٍ إذا جاء نصف الليل؛ أَنشد ابن الكلبي:
عِنْدَ دَيْجورِ فَحْمةِ ابن جُمَيْرٍ
طَرَقَتْنا، والليلُ داجٍ بَهِيمُ
والفاحِمُ من كل شيء: الأَسود بَيِّن الفُحومة، ويُبالَغ فيه فيقال:
أَسود فاحم. وشَعر فَحِيم: أَسود، وقد فَحُم فُحوماً. وشعر فاحِم وقد فَحُم
فُحُومة: وهو الأَسود الحسن؛ وأَنشد:
مُبَتَّلة هَيْفاء رُؤْد شَبابُها،
لَها مُقْلَتا رِيمٍ وأَسْودُ فاحِمُ
وفَحَّم وجهه تفحيماً: سوَّده.
والــمُفْحَم: العَييُّ. والــمفْحَم: الذي لا يقول الشعر. وأفْحَمه الهمُّ
أو غيره: منعه من قول الشعر. وهاجاه فأَفْحَمه: صادفه مُفْحَمــاً. وكلَّمه
فَفَحَم: لم يُطق جواباً. وكلمته حتى أَفْحَمْته إذا أَسكتَّه في خصومة
أو غيرها. وأَفْحَمْته أي وجدته مُفْحَمــاً لا يقول الشعر. يقال:
هاجَيْناكم فما أَفْحَمْناكم. قال ابن بري: يقال هاجيته فأَفْحَمْته بمعنى
أََسكتُّه، قال: ويجيء أَفحمته بمعنى صادفته مُفحَمــاً، تقول: هَجَوته فأَفحمته
أي صادفته مفحمــاً، قال: ولا يجوز في هذا هاجيته لأن المهاجاة تكون من
اثنين، وإذا صادفه مُفْحَمــاً لم يكن منه هجاء، فإذا قلت فما أَفحمناكم بمعنى
ما أَسكتناكم جاز كقول عمرو بن معد يكرب: وهاجيناكم فما أفحمناكم أي فما
أَسكتناكم عن الجواب. وفي حديث عائشة مع زينب بنت جحش: فلم أَلبث أن
أَفْحَمْتها أي أَسكتُّها. وشاعر مُفْحَم: لا يجيب مُهاجِيه؛ وقول
الأخطل:وانزِعْ إلَيْكَ، فإنَّني لا جاهلٌ
بَكِمٌ، ولا أنا، إنْ نَطَقْتُ، فَحُوم
قال ابن سيده: قيل في تفسيره فَحُوم مُفْحَم، قال: ولا أدري ما هذا إلاّ
أن يكون توهّم حذف الزيادة فجعله كرَكُوب وحَلُوب، أو يكون أراد به
فاعلاً من فَحَم إذا لم يُطق جواباً، قال: ويقال للذي لا يتكلم أصلاً فاحِم.
وفَحَم الصبيُّ، بالفتح، يَفْحَم، وفَحِمَ فَحْماً وفُحاماً وفُحوماً
وفُحِمَ وأُفْحِمَ كل ذلك إذا بكى حتى ينقطع نفَسُه وصوته. الليث: كلمني
فلان فأَفْحَمته إذا لم يُطق جوابك؛ قال أبو منصور: كأَنه شبه بالذي يبكي
حتى ينقطع نفَسه. وفَحَم الكبشُ وفَحِمَ، فهو فاحِم وفَحِمٌ: صاح. وثَغا
الكبْشُ حتى فَحِمَ أي صار في صوته بحُوحة.
قطع: القَطْعُ: إِبانةُ بعض أَجزاء الجِرْمِ من بعضٍ فَضْلاً. قَطَعَه
يَقْطَعُه قَطْعاً وقَطِيعةً وقُطوعاً؛ قال:
فما بَرِحَتْ، حتى اسْتبانَ سقابها
قُطُوعاً لِمَحْبُوكٍ من اللِّيفِ حادِرِ
والقَطْعُ: مصدر قَطَعْتُ الحبْلَ قَطْعاً فانْقَطَع. والمِقْطَعُ،
بالكسر: ما يُقْطَعُ به الشيء. وقطَعه واقتطَعه فانقطَع وتقطَّع، شدد للكثرة.
وتقطَّعوا أَمرهم بينهم زُبُراً أَي تقَسَّمُوه. قال الأَزهري: وأَما
قوله: وتقطَّعوا أَمرهم بينهم زُبراً فإِنه واقع كقولك قَطَّعُوا أَمرهم؛
قال لبيد في الوجه اللازم:
وتَقَطَّعَتْ أَسْبابُها ورِمامُها
أَي انْقَطَعَتْ حِبالُ مَوَدَّتِها، ويجوز أَن يكون معنى قوله:
وتقطَّعوا أَمرهم بينهم؛ أَي تفرقوا في أَمرهم، نصب أَمرهم بنزع في منه؛ قال
الأَزهري: وهذا القول عندي أَصوب. وقوله تعالى: وقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنّ؛ أَي
قَطَعْنَها قَطْعاً بعد قَطْعٍ وخَدَشْنَها خدشاً كثيراً ولذلك شدد،
وقوله تعالى: وقطَّعْناهم في الأَرض أُمَماً؛ أَي فرّقْناهم فِرَقاً، وقال:
وتَقَطَّعَتْ بهم الأَسبابُ؛ أَي انْقَطَعَتْ أَسْبابُهم ووُصَلُهُم؛ قول
أَبي ذؤَيب:
كأَنّ ابْنةَ السَّهْمِيّ دُرَّةُ قامِسٍ
لها، بعدَ تَقْطِيعِ النُّبُوح، وَهِيجُ
أَراد بعد انْقِطاعِ النُّبُوحِ، والنُّبُوحُ: الجماعات، أَراد بعد
الهُدُوِّ والسكون بالليل، قال: وأَحْسَبُ الأَصل فيه القِطْع وهو طائفة من
الليل. وشيءٌ قَطِيعٌ: مقطوعٌ.
والعرب تقول: اتَّقُوا القُطَيْعاءَ أَي اتقوا أَن يَتَقَطَّعَ بعضُكم
من بعض في الحرب.
والقُطْعةُ والقُطاعةُ: ما قُطِعَ من الحُوّارَى من النُّخالةِ.
والقُطاعةُ، بالضم: ما سقَط عن القَطْعِ. وقَطَعَ النخالةَ من
الحُوّارَى: فَصَلَها منه؛ عن اللحياني.
وتَقاطَعَ الشيءُ: بانَ بعضُه من بعض، وأَقْطَعَه إِياه: أَذن له في
قطعه. وقَطَعاتُ الشجرِ: أُبَنُها التي تَخْرُجُ منها إِذا قُطِعَت، الواحدة
قَطَعَةٌ. وأَقْطَعْتُه قُضْباناً من الكَرْمِ أَي أَذِنْتُ له في
قَطْعِها. والقَطِيع: الغُصْنُ تَقْطَعُه من الشجرة، والجمع أَقْطِعةٌ وقُطُعٌ
وقُطُعاتٌ وأَقاطِيعُ كحديثٍ وأَحاديثَ. والقِطْعُ من الشجر: كالقَطِيعِ،
والجمع أَقطاعٌ؛ قال أَبو ذؤَيب:
عَفا غيرُ نُؤْيِ الدارِ ما إِنْ تُبِينُه،
وأَقْطاعُ طُفْيٍ قد عَفَتْ في المَعاقِلِ
والقِطْعُ أَيضاً: السهم يعمل من القَطِيعِ والقِطْعِ اللذين هما
المَقْطُوعُ من الشجر، وقيل: هو السهم العَرِيضُ، وقيل: القِطْعُ نصل قَصِيرٌ
عَرِيضُ السهم، وقيل: القِطْعُ النصل القصير، والجمع أَقْطُعٌ وأَقْطاعٌ
وقُطُوعٌ وقِطاعٌ ومَقاطِيعُ، جاء على غير واحده نادراً كأَنه إِنما جمع
مِقْطاعاً، ولم يسمع، كما قالوا مَلامِحَ ومَشابِهَ ولم يقولوا مَلْمَحَةً
ولا مَشْبَهةً؛ قال بعض الأَغفالِ يصف دِرْعاً:
لها عُكَنٌ تَرُدُّ النَّبْلَ خُنْساً،
وتَهْزَأُ بالمَعابِلِ والقِطاعِ
وقال ساعدة بن جُؤَيَّةَ:
وشَقَّتْ مَقاطِيعُ الرُّماةِ فُؤَادَه،
إِذا يَسْمَعُ الصوتَ المُغَرِّدَ يَصْلِدُ
والمِقْطَعُ والمِقْطاعُ: ما قَطَعْتَه به.
قال الليث: القِطْعُ القضيبُ الذي يُقْطَعُ لبَرْيِ السِّهامِ، وجمعه
قُطْعانٌ وأَقْطُعٌ؛ وأَنشد لأَبي ذؤَيب:
ونَمِيمَةً من قانِصٍ مُتَلَبِّبٍ،
في كَفِّه جَشْءٌ أَجَشُّ وأَقْطُعُ
قال: أَراد السِّهامَ، قال الأَزهري: وهذا غلط، قال الأَصمعي: القِطْعُ
من النِّصالِ القصير العريضُ، وكذلك قال غيره، سواء كان النصل مركباً في
السهم أَو لم يكن مركباً، سُمِّيَ قِطْعاً لأَنه مقطوعٌ من الحديث، وربما
سَمَّوْه مقطوعاً، والمَقاطِيعُ جمعه؛ وسيف قاطِعٌ وقَطَّاعٌ ومِقْطَعٌ.
وحبل أَقْطاعٌ: مقطوعٌ كأَنهم جعلوا كل جزء منه قِطْعاً، وإِن لم يتكلم
به، وكذلك ثوب أَقْطاعٌ وقِطْعٌ؛ عن اللحياني. والمَقْطُوعُ من المديد
والكامل والرَّجَزِ: الذي حذف منه حرفان نحو فاعلاتن ذهب منه تن فصار
محذوفاً فبقي فاعلن ثم ذهب من فاعِلن النون ثم أُسكنت اللام فنقل في التقطيع إِلى
فعْلن، كقوله في المديد:
إِنما الذَّلْفاءُ ياقُوتةٌ،
أُخْرِجَتْ من كِيسِ دِهْقانِ
فقوله قاني فعْلن، وكقوله في الكامل:
وإِذا دَعَوْنَكَ عَمَّهُنَّ، فإِنَّه
نَسَبٌ يَزِيدُكَ عِنْدَهُنَّ خَبالا
فقوله نَخَبالا فعلاتن وهو مقطوع؛ وكقوله في الرجز:
دار لِسَلْمَى، إِذ سُلَيْمَى جارةٌ،
قَفْرٌ تُرى آياتها مِثْلَ الزُّبُرْ
(* قوله« دار لسلمى إلخ» هو موفور لا مقطوع فلا شاهد فيه كما لا يخفى.)
وكقوله في الرجز:
القَلْبُ منها مُسْتَرِيحٌ سالِمٌ،
والقلبُ مِنِّي جاهِدٌ مَجْهُودُ
فقوله مَجْهُود مَفْعُولُنْ.
وتَقْطِيعُ الشعر: وَزْنه بأَجزاء العَرُوضِ وتَجْزئته بالأَفعالِ.
وقاطَعَ الرجُلانِ بسيفيهما إِذا نظرا أَيُّهما أَقْطَعُ؛ وقاطَعَ فلان
فلاناً بسيفيهما كذلك. ورجل لَطّاع قَطّاعٌ: يَقْطَعُ نصف اللُّقْمةِ
ويردّ الثاني، واللَّطّاعُ مذكور في موضعه. وكلامٌ قاطِعٌ على المَثَلِ:
كقولهم نافِذٌ.
والأَقْطَعُ: المقطوعُ اليَدِ، والجمع قُطْعٌ وقُطْعانٌ مثل أَسْوَدَ
وسُودانٍ. ويَدٌ قَطعاءُ: مقطوعةٌ، وقد قَطَعَ وقطِعَ قَطعاً. والقَطَعَةُ
والقُطْعةُ، بالضم، مثل الصَّلَعةِ والصُّلْعةِ: موضع القَطْعِ من اليد،
وقيل: بقيّةُ اليدِ المقطوعةِ، وضربَه بقَطَعَتِه. وفي الحديث: أَنَّ
سارِقاً سَرَقَ فَقُطِعَ فكان يَسْرِقُ بقَطَعَتِه، بفتحتين؛ هي الموضعُ
المقطوعُ من اليد، قال: وقد تضم القاف وتسكن الطاء فيقال: بقُطْعَتِه، قال
الليث: يقولون قُطِعَ الرجلُ ولا يقولون قُطِعَ الأَقْطَعُ لأَنَّ
الأَقْطَعَ لا يكون أَقْطَعَ حتى يَقْطَعَه غيره، ولو لزمه ذلك من قبل نفسه لقيل
قَطِعَ أَو قَطُعَ، وقَطَعَ الله عُمُرَه على المَثَلِ. وفي التنزيل:
فَقُطِعَ دابِرُ القوم الذين ظَلَموا؛ قال ثعلب: معناه استُؤْصِلُوا من
آخرهم.ومَقْطَعُ كل شيءٍ ومُنْقَطَعُه: آخره حيث يَنْقَطِعُ كمَقاطِعِ
الرِّمالِ والأَوْدِيةِ والحَرَّةِ وما أَشبهها. ومَقاطِيعُ الأَوديةِ:
مآخيرُها. ومُنْقَطَعُ كلِّ شيءٍ: حيث يَنْتَهي إِليه طَرَفُه. والمُنْقَطِعُ:
الشيءُ نفسُه. وشرابٌ لذيذُ المَقْطَعِ أَي الآخِر والخاتِمَةِ. وقَطَعَ
الماءَ قَطْعاً: شَقَّه وجازَه. وقطَعَ به النهرَ وأَقْطَعَه إِياه
وأَقطَعَه به: جاوَزَه، وهو من الفصل بين الأَجزاء. وقَطَعْتُ النهر قَطْعاً
وقُطُوعاً: عَبَرْتُ. ومَقاطِعُ الأَنهار: حيث يُعْبَرُ فيه. والمَقْطَعُ:
غايةُ ما قُطِعَ. يقال: مَقْطَعُ الثوبِ ومَقْطَعُ الرمْلِ للذي لا رَمْلَ
وراءه. والمَقْطَعُ: الموضع الذي يُقْطَعُ فيه النهر من المَعابرِ.
ومَقاطِعُ القرآنِ: مواضعُ الوقوفِ، ومَبادِئُه: مواضعُ الابتداءِ. وفي حديث
عمر، رضي الله عنه، حين ذَكَر أَبا بكر، رضي الله عنه: ليس فيكم مَنْ
تَقَطَّعُ عليه
(* قوله« تقطع عليه» كذا بالأصل، والذي في النهاية: دونه)
الأَعْناقُ مثلَ أَبي بكر؛ أَراد أَن السابِقَ منكم الذي لا يَلْحَقُ شَأْوَه
في الفضل أَحدٌ لا يكون مِثْلاً لأَبي بكر لأَنه أَسْبَقُ السابقين؛ وفي
النهاية: أَي ليس فيكم أَحدٌ سابقٌ إِلى الخيراتِ تَقَطَّعُ أَعْناقُ
مُسابقِيه حتى لا يَلْحَقَه أَحدٌ مِثْلَ أَبي بكر، رضي الله عنه. يقال للفرَس
الجَوادِ: تَقَطَّعَت أَعناقُ الخيْلِ عليه فلم تَلْحَقْه؛ وأَنشد ابن
الأَعرابي للبَعِيثِ:
طَمِعْتُ بِلَيْلى أَن تَرِيعَ، وإِنَّما
تُقَطِّعُ أَعناقَ الرِّجالِ المَطامِعُ
وبايَعْتُ لَيْلى في الخَلاءِ، ولم يَكُنْ
شُهُودي على لَيْلى عُدُولٌ مَقانِعُ
ومنه حديث أَبي ذر: فإِذا هي يُقَطَّعُ دونَها السَّرابُ أَي تُسْرِعُ
إِسْراعاً كثيراً تقدمت به وفاتت حتى إن السراب يظهر دونها أَي من ورائها
لبعدها في البر.
ومُقَطَّعاتُ الشيء: طرائقُه التي يتحلَّلُ إِليها ويَتَرَكَّبُ عنها
كَمُقَطَّعاتِ الكلامِ، ومُقَطَّعاتُ الشعْرِ ومَقاطِيعُه: ما تَحَلَّل
إِليه وترَكَّبَ عنه من أَجْزائِه التي يسميها عَرُوضِيُّو العرب الأَسْبابَ
والأَوْتادَ.
والقِطاعُ والقَطاعُ: صِرامُ النخْلِ مِثْلُ الصِّرامِ والصَّرامِ.
وقَطَعَ النخلَ يَقْطَعُه قَطْعاً وقِطاعاً وقَطاعاً؛ عن اللحياني: صرَمه.
قال سيبويه: قَطَعْتُه أَوْصَلْتُ إِليه القَطْعَ واستعملته فيه. وأَقْطَعَ
النخلُ إِقْطاعاً إِذا أَصرَمَ وحانَ قِطاعُه. وأَقْطَعْتُه: أَذِنْتُ
له في قِطاعه.
وانْقَطَعَ الشيءُ: ذهَب وقْتُه؛ ومنه قولهم: انْقَطَعَ البَرْدُ
والحرُّ. وانْقَطَع الكلامُ: وَقَفَ فلم يَمْضِ.
وقَطَعَ لسانه: أَسْكَتَه بإِحسانِه إِليه. وانْقَطَعَ لسانه: ذهبت
سَلاطَتُه. وامرأَة قَطِيعُ الكلامِ إِذا لم تكن سَلِيطةً. وفي الحديث لما
أَنشده العباس ابن مِرْداسٍ أَبياته العينية: اقْطَعُوا عني لِسانه أَي
أَعْطُوه وأَرْضُوه حتى يسكت، فكنى باللسانِ عن الكلامِ. ومنه الحديث: أَتاه
رجل فقال: إِني شاعر، فقال: يا بلال، اقْطَعْ لسانه فأَعطاه أَربعين
درهماً. قال الخطابي: يشبه أَن يكون هذا ممن له حق في بيت المال كابن السبيل
وغيره فتعرّض له بالشعر فأَعطاه لحقه أَو لحاجته لا لشعره.
وأَقْطَعَ الرجلُ إِذا انْقَطَعَت حُجَّتُه وبَكَّتُوه بالحق فلم
يُجِبْ، فهو مُقْطِعٌ. وقَطَعَه قَطْعاً أَيضاً: بَكَّتَه، وهو قَطِيعُ القولِ
وأَقْطَعُه، وقد قَطَعَ وقَطِعَ قَطاعةً. واقْطَعَ الشاعِرُ: انْقَطَعَ
شِعْرُه. وأَقْطََعَت الدجاجةُ مثل أَقَفَّت: انْقَطَعَ بيضُها، قال
الفارسيّ: وهذا كما عادلوا بينهما بأَصْفَى. وقُطِعَ به وانْقُطِعَ وأُقْطِعَ
وأَقْطَعَ: ضَعُفَ عن النكاح. وأُقْطِعَ به إِقْطاعاً، فهو مُقْطَعٌ إِذا
لم يُرِدِ النساءَ ولم يَنْهَض عُجارِمُه. وانْقُطِعَ بالرجل والبعيرِ:
كَلاَّ. وقفطِعَ بفلان، فهو مَقْطُوعٌ به، وانْقُطِعَ به، فهو مُنْقَطَعٌ
به إِذا عجز عن سفره من نَفَقَةٍ ذهبت، أَو قامَت عليه راحِلَتُه، أَو
أَتاه أَمر لا يقدر على أَن يتحرك معه، وقيل: هو إِذا كان مسافراً
فأُبْدِعَ به وعَطِبَت راحلته وذَهَبَ زادُه وماله. وقُطِعَ به إِذا انْقَطَعَ
رَجاؤُهُ. وقُطِعَ به قَطْعاً إِذا قُطِعَ به الطريقُ. وفي الحديث:
فَخَشِينا أَن يُقْتَطَعَ دُونَنا أَي يُؤْخَذَ ويُنْفَرَدَ به. وفي الحديث: ولو
شئنا لاقْتَطَعْناهم. وفي الحديث: كان إِذا أَراد أَن يَقْطَعَ بَعْثاً
أَي يُفْرِدَ قوماً يبعثُهم في الغَزْوِ ويُعَيِّنَهُم من غيرهم. ويقال
للغريب بالبلد: أُقْطِعَ عن أَهله إِقْطاعاً، فهو مُقْطَعٌ عنهم ومُنْقَطِعٌ،
وكذلك الذي يُفْرَضُ لنظرائه ويترك هو. وأَقْطَعْتُ الشيء إِذا
انْقَطَعَ عنك يقال: قد أَقْطَعْتُ الغَيْثَ. وعَوْدٌ مُقْطَعٌ إِذا انْقَطَعَ عن
الضِّراب. والمُقْطَعُ، بفتح الطاءِ: البعير إِذا جَفَرَ عن الصواب؛ قال
النمر بن تَوْلَبٍ يصف امرأَته:
قامَت تَباكَى أَن سَبَأْتُ لِفِتْيةٍ
زِقًّا وخابِيَةً بِعَوْدٍ مُقْطَعِ
وقد أُقْطِعَ إِذا جَفَرَ. وناقةٌ قَطُوعٌ: يَنْقَطِعُ لبنها سريعاً.
والقَطْعُ والقَطِيعةُ: الهِجْرانُ ضِدُّ الوصل، والفعل كالفعل والمصدر
كالمصدر، وهو على المثل. ورجل قَطُوعٌ لإِخْوانه ومِقْطاعٌ: لا يثبت على
مُؤاخاةٍ. وتَقَاطَعَ القومُ: تَصارَمُوا. وتَقَاطَعَتْ أَرْحامُهُمْ:
تَحاصَّتْ. وقَطَعَ رَحِمَه قَطْعاً وقَطِيعةً وقَطَّعَها: عَقَّها ولم
يَصِلْها، والاسم القَطِيعةُ. ورجل قُطَعَةٌ وقُطَعٌ ومِقْطَعٌ وقَطَّاعٌ:
يَقْطَعُ رَحِمَه. وفي الحديث: من زَوَّجَ كَرِيمَةً من فاسِقٍ فقد قَطَعَ
رَحمها، وذلك أَن الفاسِقَ يطلقها ثم لا يبالي أَن يضاجعها. وفي حديث
صِلَةِ الرَّحِمِ: هذا مقام العائذ بك من القَطِيعَةِ؛ القَطِيعَةُ:
الهِجْرانُ والصَّدُّ، وهيَ فَعِيلَةٌ من القَطْعِ، ويريد به ترك البر والإِحسان
إِلى الأَهل والأَقارب، وهي ضِدّ صِلَة الرَّحمِ. وقوله تعالى: أَن تفسدوا
في الأَرض وتُقَطِّعُوا أَرحامَكم؛ أَي تعُودوا إِلى أَمر الجاهلية
فتفسدوا في الأَرض وتَئِدُوا البناتِ، وقيل: تقطعوا أَرحامكم تقتل قريش بني هاشم
وبنو هاشم قريشاً. ورَحِمٌ قَطعاءُ بيني وبينك إِذا لم توصل. ويقال:
مَدّ فلان إِلى فلان بِثَدْيٍ غير أَقْطَعَ ومَتَّ، بالتاء، أَي تَوَسَّلَ
إِليه بقرابة قريبة؛ وقال:
دَعاني فلم أُورَأْ بِه، فأَجَبْتُه،
فَمَدّ بِثَدْيٍ بَيْنَنا غَيْرِ أَقْطَعا
والأُقْطوعةُ: ما تبعثه المرأَة إِلى صاحبتها علامة للمُصارَمةِ
والهِجْرانِ، وفي التهذيب: تبعث به الجارية إِلى صاحبها؛ وأَنشد:
وقالَتْ لِجارِيَتَيْها: اذْهَبا
إِليه بأُقْطُوعةٍ إِذْ هَجَرْ
والقُطْعُ: البُهْرُ لقَطْعِه الأَنفاسَ. ورجل قَطِيعٌ: مَبْهُورٌ
بَيّنُ القَطاعةِ، وكذلك الأُنثى بغير هاء. ورجل قَطِيعُ القيام إِذا وصف
بالضعف أَو السِّمَنِ. وامرأَة قَطُوعٌ وقَطِيعٌ: فاتِرةُ القِيامِ. وقد
قَطُعَتِ المرأَةُ إِذا صارت قَطِيعاً. والقُطْعُ والقُطُعُ في الفرس وغيره:
البُهْرُ وانْقِطاعُ بعض عُرُوقِه. وأَصابه قُطْعٌ أَو بُهْر: وهو النفَس
العالي من السمن وغيره. وفي حديث ابن عمر: أَنه أَصابه قُطْعٌ أَو بهر
فكان يُطْبَخُ له الثُّومُ في الحَسا فيأْكله؛ قال الكسائي: القُطْعُ
الدَّبَرُ
(* قوله «القطع الدبر» كذا بالأصل. وقوله «لأبي جندب» بهامش الأصل بخط
السيد مرتضى صوابه:
وإني إذا ما الصبح آنست ضوءه * يعاودني قطع علي ثقيل
والبيت لأبي خراش الهذلي). وأَنشد أَبو عبيد لأَبي جندب الهذلي:
وإِنِّي إِذا ما آنسٌ . . .* مُقْبَلاً،
(* كذا بياض بالأصل ولعله:
وإني إذا ما آنس شمت مقبلاً،)
يُعاوِدُني قُطْعٌ جَواه طَوِيلُ
يقول: إِذا رأَيت إِنساناً ذكرته. وقال ابن الأَثير: القُطْعُ انْقِطاعُ
النَّفَسِ وضيقُه. والقُطْعُ: البُهْرُ يأْخذ الفرس وغيره. يقال: قُطِعَ
الرجلُ، فهو مقطوعٌ، ويقال للفرس إِذا انْقَطَعَ عِرْقٌ في بطنه أَو
شَحْمٌ: مقطوعٌ، وقد قُطِعَ.
واقْتَطَعْتُ من الشيء قِطْعةً، يقال: اقتَطَعْتُ قَطِيعاً من غنم فلان.
والقِطْعةُ من الشيء: الطائفةُ منه. واقْتَطَعَ طائفة من الشيء: أَخذها.
والقَطِيعةُ: ما اقْتَطَعْتَه منه. وأَقْطَعَني إِياها: أَذِنَ لي في
اقْتِطاعِها. واسْتَقْطَعَه إِياها: سأَلَه أَن يُقْطِعَه إِياها.
وأَقْطَعْتُه قَطِيعةً أَي طائفة من أَرض الخراج. وأَقْطَعَه نهراً: أَباحَه له.
وفي حديث أَبْيَضَ بن حَمّالٍ: أَنه اسْتَقْطَعَه المِلْحَ الذي بِمَأْرِبَ
فأَقْطَعَه إِياه؛ قال ابن الأَثير: سأَله أَن يجعله له إِقطاعاً
يتملَّكُه ويسْتَبِدُّ به وينفرد، والإِقطاعُ يكون تمليكاً وغير تمليك. يقال:
اسْتَقْطَعَ فلان الإِمامَ قَطيعةً فأَقْطَعَه إِيّاها إِذا سأَلَه أَن
يُقْطِعَها له ويبنيها مِلْكاً له فأَعطاه إِياها، والقَطائِعُ إِنما تجوز
في عَفْوِ البلاد التي لا ملك لأَحد عليها ولا عِمارةَ فيها لأَحد
فيُقْطِعُ الإِمامُ المُسْتَقْطِعَ منها قَدْرَ ما يتهيَّأْ له عِمارَتُه
بإِجراء الماء إِليه، أَو باستخراج عين منه، أَو بتحجر عليه للبناء فيه. قال
الشافعي: ومن الإِقْطاعِ إِقْطاعُ إِرْفاقِ لا تمليكٍ، كالمُقاعَدةِ
بالأسواق التي هي طُرُقُ المسلمين، فمن قعد في موضع منها كان له بقدر ما
يَصْلُحُ له ما كان مقيماً فيه، فإِذا فارقه لم يكن له منع غيره منه كأَبنية
العرب وفساطِيطِهمْ، فإِذا انْتَجَعُوا لم يَمْلِكُوا بها حيث نزلوا، ومنها
إِقْطاعُ السكنى. وفي الحديث عن أُمّ العلاءِ الأَنصارية قالت: لما قَدِمَ
النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، المدينةَ أَقْطَع الناسَ الدُّورَ فطار
سَهْمُ عثمانَ ابن مَظْعُونٍ علَيّ؛ ومعناه أَنزلهم في دُورِ الأَنصارِ
يسكنونها معهم ثم يتحوّلون عنها؛ ومنه الحديث: أَنه أَقْطَعَ الزبير نخلاً،
يشبه أَنه إِنما أَعطاه ذلك من الخُمُسِ الذي هو سَهْمُه لأَنَّ النخل
مالٌ ظاهِرُ العين حاضِرُ النفْعِ فلا يجوز إِقْطاعُه، وكان بعضهم يتأَوّل
إِقْطاعَ النبيِّ، صلى الله عليه وسلم، المهاجرين الدُّورَ على معنى
العارِيّةِ، وأَما إِقْطاعُ المَواتِ فهو تمليك. وفي الحديث في اليمين: أَو
يَقْتَطِعَ بها مالَ امرئٍ مُسْلِمٍ أَي يأْخذه لنفسه متملكاً، وهو
يَفْتَعِلُ من القَطْعِ. ورجل مُقْطَعٌ: لا دِيوانَ له. وفي الحديث: كانوا أَهلَ
دِيوانٍ أَو مُقْطَعِينَ، بفتح الطاء، ويروى مُقْتَطِعينَ لأَن الجند لا
يَخْلُونَ من هذين الوجهين.
وقَطَعَ الرجلُ بحبل يَقْطَعُ قَطْعاً: اخْتَنَقَ به. وفي التنزيل:
فَلْيَمْدُدْ بسبب إِلى السماء ثم ليَقْطَعْ فلينظر؛ قالوا: لِيَقْطَعْ أَي
لِيَخْتَنِقْ لأَن المُخْتَنِقَ يَمُدّ السبب إِلى السقف ثم يَقْطَعُ نفسَه
من الأَرض حتى يختنق، قال الأَزهري: وهذا يحتاج إِلى شرح يزيد في إِيضاحه،
والمعنى، والله أَعلم، من كان يظن أَن لن ينصر الله محمداً حتى يظهره على
الدين كله فليمت غيظاً، وهو تفسير قوله فليمدد بسَبَبٍ إِلى السماء،
والسببُ الحبل يشدّه المختنق إِلى سَقْفِ بيته، وسماءُ كل شيء سقفه، ثم ليقطع
أَي ليمد الحبل مشدُوداً في عنقه مدّاً شديداً يُوَتِّرُه حتى ينقطع فيموت
مختنقاً؛ وقال الفراء: أَراد ليجعل في سماء بيته حبلاً ثم ليختنق به، فذلك
قوله ثم ليقطع اختناقاً. وفي قراءة عبد الله: ثم ليقطعه، يعني السبب وهو
الحبل، وقيل: معناه ليمد الحبل المشدود في عنقه حتى ينقطعَ نفَسُه
فيموتَ.وثوبٌ يَقْطَعُكَ ويُقْطِعُكَ ويُقَطِّعُ لك تَقْطِيعاً: يَصْلُح عليك
قميصاً ونحوَه. وقال الأَزهري: إِذا صلح أَن يُقْطَعَ قميصاً، قال
الأَصمعي: لا أَعرف هذا ثوب يَقْطَعُ ولا يُقَطِّعُ ولا يُقَطِّعُني ولا
يَقْطَعُني، هذا كله من كلام المولّدين؛ قال أَبو حاتم: وقد حكاه أَبو عبيدة عن
العرب.
والقُطْعُ: وجَعٌ في البطن ومَغَسٌ. والتقطِيعُ مَغَسٌ يجده الإِنسان في
بطنه وأَمْعائِه. يقال: قُطِّعَ فلان في بطنه تَقْطِيعاً.
والقَطِيعُ: الطائفة من الغنم والنعم ونحوه، والغالب عليه أَنه من عشر
إِلى أَربعين، وقيل: ما بين خمس عشرة إِلى خمس وعشرين، والجمع أَقْطاعٌ
وأَقْطِعةٌ وقُطْعانٌ وقِطاعٌ وأَقاطِيعُ؛قال سيبويه: وهو مما جمع على غير
بناء واحده، ونظيره عندهم حديثٌ وأَحاديثُ. والقِطْعةُ: كالقَطِيع.
والقَطِيعُ: السوط يُقْطَعُ من جلد سير ويعمل منه، وقيل: هو مشتق من القَطِيعِ
الذي هو المَقْطُوعُ من الشجر، وقيل: هو المُنْقَطِعُ الطرَف، وعَمَّ أَبو
عبيد بالقَطِيعِ، وحكى الفارسي: قَطَعْتُه بالقَطِيع أَي ضربته به كما
قالوا سُطْتُه بالسوط؛ قال الأَعشى:
تَرى عَينَها صَغْواءَ في جَنْبِ مُوقِها،
تُراقِبُ كَفِّي والقَطِيعَ المُحَرَّما
قال ابن بري: السوط المُحَرَّمُ الذي لم يُليَّن بَعْد. الليث:
القَطِيعُ السوط المُنْقَطِعُ. قال الأَزهري: سمي السوط قَطِيعاً لأَنهم يأْخذون
القِدّ المُحَرَّمَ فيَقْطَعونه أَربعة سُيُور، ثم يَفْتِلونه ويَلْوُونه
ويتركونه حتى يَيْبَسَ فيقومَ قِياماً كأَنه عَصاً، سمي قَطِيعاً لأَنه
يُقْطَعُ أَربع طاقات ثم يُلْوى.
والقُطَّعُ والقُطَّاعُ: اللُّصوص يَقْطَعون الأَرض. وقُطَّاعُ الطريق:
الذين يُعارِضون أَبناءَ السبيل فيَقْطَعون بهم السبيلَ.
ورجل مُقَطَّعٌ: مُجَرَّبٌ. وإِنه لحسَنُ التقْطِيع أَي القَدِّ. وشيء
حسن التقْطِيعِ إِذا كان حسن القَدِّ. ويقال: فلان قَطِيعُ فلان أَي
شَبيهُه في قَدِّه وخَلْقِه، وجمعه أَقْطِعاءُ.
ومَقْطَعُ الحقِّ: ما يُقْطَعُ به الباطل، وهو أَيضاً موضع التِقاءِ
الحُكْمِ، وقيل: هو حيث يُفْصَلُ بين الخُصومِ بنص الحكم؛ قال زهير:
وإِنَّ الحَقَّ مَقْطَعُه ثَلاثٌ:
يَمِينٌ أَو نِفارٌ أَو جَلاءُ
ويقال: الصوْمُ مَقْطَعةٌ للنكاح.
والقِطْعُ والقِطْعةُ والقَطِيعُ والقِطَعُ والقِطاعُ: طائفة من الليل
تكون من أَوّله إِلى ثلثه، وقيل للفزاريِّ: ما القِطْعُ من الليل؟ فقال:
حُزْمةٌ تَهُورُها أَي قِطْعةٌ تَحْزُرُها ولا تَدْرِي كمْ هِيَ.
والقِطْعُ: ظلمة آخر الليل؛ ومنه قوله تعالى: فأَسْرِ بأَهلك بقِطْعٍ من الليل؛
قال الأَخفش: بسواد من الليل؛ قال الشاعر:
افْتَحي الباب، فانْظُري في النُّجومِ،
كَمْ عَلَيْنا مِنْ قِطْعِ لَيْلٍ بَهِيمِ
وفي التنزيل: قِطَعاً من الليل مظلماً، وقرئ: قِطْعاً، والقِطْعُ: اسم
ما قُطِعَ. يقال: قَطَعْتُ الشيءَ قَطْعاً، واسم ما قُطِعَ فسقط قِطْعٌ.
قال ثعلب: من قرأَ قِطْعاً، جعل المظلم من نعته، ومن قرأَ قِطَعاً جعل
المظلم قِطَعاً من الليل، وهو الذي يقول له البصريون الحال. وفي الحديث:
إِنَّ بين يَدَيِ الساعة فِتَناً كقِطْعِ الليل المُظْلِمِ؛ قِطْعُ الليلِ
طلئفةٌ منه وقِطْعةٌ، وجمع القِطْعةِ قِطَعٌ، أَراد فتنة مظلمة سوْداءَ
تعظيماً لشأْنها.
والمُقَطَّعاتُ من الثيابِ: شِبْه الجِبابِ ونحوها من الخَزِّ وغيره. وفي
التنزيل: قُطِّعَتْ لهم ثيابٌ من نار؛ أَي خِيطَتْ وسُوِّيَتْ وجُعِلَتْ
لبَوساً لهم. وفي حديث ابن عباس في صفة نخل الجنة قال: نخل الجنة سَعَفُها
كِسْوةٌ لأَهل الجنة منها مُقَطَّعاتُهم وحُلَلُهم؛ قال ابن الأَثير: لم
يكن يَصِفُها بالقِصَر لأَنه عيب. وقال ابن الأَعرابي: لا يقال للثياب
القِصار مُقَطَّعاتٌ، قال شمر: ومما يقوِّي قوله حديث ابن عباس في وصف
سَعَفِ الجنة لأَنه لا يصف ثياب أَهل الجنة بالقَصَرِ لأَنه عيب، وقيل:
المقطَّعات لا واحد لها فلا يقال لجملة للجُبّةِ القصيرة مُقَطَّعةٌ، ولا
للقَمِيصِ مُقَطَّعٌ، وإِنما يقال الثياب القصار مُقَطَّعات، وللواحد ثوب. وفي
الحديث: أَن رجلاً أَتى النبي، صلى الله عليه وسلم، وعليه مُقَطَّعاتٌ
له؛ قال ابن الأَثير: أَي ثياب قصار لأَنها قُطِعَتْ عن بلوغ التمام،
وقيل: المُقَطَّع من الثياب كلُّ ما يُفَصَّلُ ويُخاطُ من قميصٍ وجِبابٍ
وسَراوِيلاتٍ وغيرها، وما لا يقطع منها كالأَردية والأُزُر والمَطارِفِ
والرِّياطِ التي لم تقطع، وإِنما يُتَعَطَّفُ بها مرَّة ويُتَلَفَّعُ بها
أُخرى؛ وأَنشد شمر لرؤبة يصف ثوراً وحشيّاً:
كأَنَّ نِصْعاً فَوْقَه مُقَطَّعا،
مُخالِطَ التَّقْلِيصِ، إِذْ تَدَرَّعا
(* وقوله« كأن إلخ» سيأتي في نصع: تخال بدل كأن.)
قال ابن الأَعرابي: يقول كأَنَّ عليه نِصْعاً مُقَلَّصاً عنه، يقول:
تخال أَنه أُلْبِسَ ثوباً أَبيض مقلصاً عنه لم يبلغ كُراعَه لأَنها سُود لست
على لونه؛ وقول الراعي:
فَقُودُوا الجِيادَ المُسْنِفاتِ، وأَحْقِبوا
على الأَرْحَبِيّاتِ الحَديدَ المُقَطَّعا
يعني الدروع. والحديدُ المُقَطَّعُ: هو المتخذ سلاحاً. يقال: قطعنا
الحديد أَي صنعناه دُروعاً وغيره من السِّلاح. وقال أَبو عمرو: مُقَطَّعاتُ
الثياب والشِّعرْ قِصارُها. والمقطَّعات: الثياب القصار، والأَبياتُ
القِصارُ، وكل قصيرٍ مُقَطَّعٌ ومُتَقَطِّعٌ؛ ومنه حديث ابن عباس:وقتُ صلاةِ
الضُّحى إِذا تقَطَّعتِ الظِّلالُ، يعين قَصُرَتْ لأَنها تكون ممتدة في
أَول النهار، فكلما ارتفعت الشمسُ تَقَطَّعَتِ الظِّلالُ وقصرت، وسميت
الأَراجيز مُقَطِّعاتِ لقصرها، ويروى أَن جرير بن الخَطَفى كان بينه وبين رؤبة
اختلاف في شيء فقال: أَما والله لئن سَهِرْتُ له ليلة لأَدَعَنَّه
وقلَّما تغني عنه مقطَّعاته، يعني أَبيات الرجز. ويقال للرجُل القصير: إِنه
لَمُقَطَّعٌ مُجَذَّرٌ.
والمِقْطَعُ: مثالٌ يُقْطَعُ عليه الأَديم والثوب وغيره. والقاطِعُ:
كالمِقْطَعِ اسم كالكاهل والغارِبِ. وقال أَبو الهيثم: إِنما هو القِطاعُ لا
القاطِعُ، قال: وهو مثل لِحافٍ ومِلْحَفٍ وقِرامٍ ومِقْرَمٍ وسِرادٍ
ومِسْرَدٍ.
والقِطْعُ: ضرب من الثياب المُوَشَّاةِ، والجمع قُطوعٌ. والمُقَطَّعاتُ:
بُرود عليها وشْيٌ مُقَطَّعٌ. والقِطْعُ: النُّمْرُقةُ أَيضاً.
والقِطْعُ: الطِّنْفِسةُ تكون تحت الرَّحْلِ على كَتِفَيِ البعير، والجمع كالجمع؛
قال الأَعشى:
أَتَتْكَ العِيسُ تَنْفَحُ في بُراها،
تَكَشَّفُ عن مَناكِبها القُطوعُ
قال ابن بري: الشعر لعبد الرحمن بن الحكم بن أَبي العاص يمدح معاوية
ويقال لِزيادٍ الأَعْجَمِ؛ وبعده:
بأَبيَضَ مِنْ أُمَيَّةَ مَضْرَحِيٍّ،
كأَنَّ جَبِينَه سَيْفٌ صَنِيعُ
وفي حديث ابن الزبير والجِنِّيِّ: فجاء وهو على القِطع فنَفَضَه،
وفُسِّرَ القِطْعُ بالطِّنْفِسةِ تحت الرَّحْلِ على كتفي البعير.
وقاطَعَه على كذا وكذا من الأَجْرِ والعَمَلِ ونحوه مُقاطعةً.
قال الليث: ومُقَطَّعةُ الشعَر هناتٌ صِغار مثل شعَرِ الأَرانِبِ؛ قال
الأَزهري: هذا ليس بشيء وأُراه إِنما أَراد ما يقال للأَرْنَبِ السريعة؛
ويقال للأَرنب السريعة: مُقَطِّعةُ الأَسْحارِ ومقطِّعةُ النِّياطِ
ومقطِّعةُ السحورِ كأَنها تَقْطَعُ عِرْقاً في بطن طالبها من شدّةِ العَدْوِ،
أَو رِئاتِ من يَعْدُو على أَثرها ليصيدها، وهذا كقولهم فيها مُحَشِّئةُ
الكِلاب، ومن قال النِّياطُ بُعْدُ المَفازةِ فهي تَقْطَعُه أَيضاً أَي
تُجاوِزُه؛ قال يصف الأَرنب:
كأَنِّي، إِذْ مَنَنْتُ عليكَ خَيْري،
مَنَنْتُ على مُقَطِّعةِ النِّياطِ
وقال الشاعر:
مَرَطى مُقَطِّمةٍ سُحُورَ بُغاتِها
مِنْ سُوسِها التَّوْتِيرُ، مهما تُطْلَبِ
ويقال لها أَيضاً: مُقَطِّعةُ القلوب؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
كأَنِّي، إِذْ مَنَنْتُ عليكَ فَضْلي،
مَنَنْتُ على مُقَطِّعةِ القُلُوبِ
أُرَيْنِبِ خُلّةٍ، باتَتْ تَغَشَّى
أَبارِقَ، كلُّها وَخِمٌ جَدِيب
ويقال: هذا فرس يُقَطِّعُ الجَرْيَ أَي يجري ضُرُوباً من الجَرْيِ
لِمَرحِه ونشاطِه. وقَطَّعَ الجَوادُ الخيلَ تَقْطِيعاً: خَلَّفَها ومضى؛ قال
أَبو الخَشْناءِ، ونسبه الأَزهري إِلى الجعدي:
يُقَطِّعُهُنَّ بِتَقْرِيبه،
ويَأْوي إِلى حُضُرٍ مُلْهِبِ
ويقال: جاءت الخيل مُقْطَوْطِعاتٍ أَي سِراعاً بعضها في إِثر بعض. وفلان
مُنْقَطِعُ القَرِينِ في الكرم والسّخاء إِذا لم يكن له مِثْلٌ، وكذلك
مُنْقَطِعُ العِقالِ في الشرّ والخُبْثِ؛ قال الشماخ:
رأَيْتُ عَرابَةَ الأَوْسِيَّ يَسْمُو
إِلى الخَيْراتِ، مُنْقَطِعَ القَرِينِ
أَبو عبيدة في الشِّياتِ: ومن الغُرَرِ المُتَقَطِّعةُ وهي التي
ارْتَفَعَ بياضُها من المَنْخَرَيْنِ حتى تبلغ الغُرَّةُ عينيه دون جَبْهته. وقال
غيره: المُقَطَّعُ من الحَلْي هو الشيء اليسيرُ منه القليلُ،
والمُقَطَّعُ من الذَّهَبِ اليسِيرِ كالحَلْقةِ والقُرْطِ والشَّنْفِ والشَّذْرةِ
وما أَشبهها؛ ومنه الحديث: أَنه نَهى عن لُبْسِ الذهب إِلا مُقَطَّعاً؛
أَراد الشيء اليسير وكره الكثير الذي هو عادة أَهل السَّرَفِ والخُيَلاء
والكِبْر، واليسيرُ هو ما لا تجب فيه الزكاة؛ قال ابن الأَثير: ويشبه أَن
يكون إِنما كره استعمال الكثير منه لأَن صاحبه ربما بَخِلَ بإِخراج زكاته
فيأْثم بذلك عند منْ أَوْجَب فيه الزكاةَ. وقَطَّعَ عليه العذابَ:
لوَّنَه وجَزَّأَه ولَوَّنَ عليه ضُرُوباً من العذاب. والمُقَطَّعاتُ:
الدِّيارُ. والقَطِيعُ: شبيه بالنظير. وأَرض قَطِيعةٌ: لا يُدْرى أَخُضْرَتُها
أَكثر أَم بياضُها الذي لا نبات به، وقيل: التي بها نِقاطٌ من الكَلإِ.
والقُطْعةُ: قِطْعةٌ من الأَرض إِذا كانت مَفْروزةً، وحكي عن أَعرابي
أَنه قال: ورثت من أَبي قُطْعةً. قال ابن السكيت: ما كان من شيء قُطِعَ من
شيء، فإِن كان المقطوعُ قد يَبْقى منه الشيء ويُقْطَعُ قلت: أَعطِني
قِطْعةً، ومثله الخِرْقةُ، وإِذا أَردت أَن تجمع الشيء بأَسره حتى تسمي به
قلت: أَعْطِني قُطْعةً، وأَما المرة من الفِعْل فبالفتح قَطَعْتُ قَطْعةً،
وقال الفراء: سمعت بعض العرب يقول غَلَبَني فلان على قُطْعةٍ من الأَرض،
يريد أَرضاً مَفْروزةً مثل القِطْعةِ، فإِن أَردت بها قِطْعةً من شيء
قُطِعَ منه قلت قِطْعةٍ. وكل شيء يُقْطَعُ منه، فهو مَقْطَع. والمَقْطَعُ:
موضع القَطْعِ. والمَقْطعُ: مصدر كالقَطْعِ. وقَطَّعْتُ الخمر بالماء إِذا
مَزَجْتَه، وقد تَقَطَّعَ فيه الماءُ؛ وقال ذو الرمة:
يُقَطِّعُ مَوْضُوعَ الحَدِيثِ ابْتِسامُها،
تَقَطُّعَ ماءِ المُزْنِ في نُزَفِ الخَمْر
موضوعُ الحديثِ: مَحْفُوظُه وهو أَن تخْلِطَه بالابْتِسام كما يُخْلَطُ
الماءُ بالخَمْرِ إِذا مُزِجَ. وأَقْقَعَ القومُ
(* قوله« القوم» بهامش
الأصل صوابه: القرم.) إِذا انْقَطَعَتْ مِياهُ السماء فرجَعوا إِلى أَعدادِ
المياهِ؛ قال أَبو وَجْزةَ:
تَزُورُ بيَ القومَ الحَوارِيّ، إِنهم
مَناهلُ أَعدادٌ، إِذا الناسُ أَقْطَعوا
وفي الحديث: كانت يهودُ قوماً لهم ثِمارٌ لا تُصِيبها قُطْعةٌ أَي عَطَشٌ
بانْقِطاعِ الماءِ عنها. ويقال: أَصابت الناسَ قُطْعةٌ أَي ذَهَبَتْ
مِياهُ رَكاياهُم. ويقال للقوم إِذا جَفَّتْ مِياهُهم قُطْعةٌ مُنْكَرةٌ.
وقد قَطَعَ ماءُ قَلِيبِكُم إِذا ذهَب أَو قلّ ماؤه. وقَطَعَ الماءُ
قُطُوعاً وأَقْطَعَ؛ عن ابن الأَعرابي: قلَّ وذهب فانْقَطَعَ، والاسم
القُطْعةُ. يقال: أَصابَ الناسَ قُطْعٌ وقُطْعةٌ إِذا انْقَطَعَ ماءُ بئرهم في
القيظ. وبئر مِقْطاعٌ: يَنْقَطِعُ ماؤها سريعاً. ويقال: قَطَعْتُ الحوْضَ
قَطْعاً إِذا مَلأْتَه إِلى نصْفِه أَو ثُلثه ثم قَطَعْتُ الماء؛ ومنه قول
ابن مقبل يذكر الإِبل:
قَطَعْنا لَهُنَّ الحوْضَ فابْتَلَّ شَطْرُه
بِشِرْبٍ غشاشٍ، وهْوَ ظَمْآنُ سائِرُهْ
أَي باقِيه. وأَقْطَعَت السماء بموضع كذا إِذا انْقَطعَ المطر هناك
وأَقْلَعَتْ. يقال: مَطَرَتِ السماءُ ببلد كذا وأَقْطَعَتْ ببلد كذا.
وقَطَعَتِ الطَّيْرُ قَطاعاً وقِطاعاً وقُطوعاً واقْطوطعَت: انْحَدَرَت من بلاد
البرد إِلى بلاد الحر. والطير تَقْطَعُ قُطُوعاً إِذا جاءت من بلد إِلى بلد
في وقت حر أَو برد،وهي قَواطِعُ. ابن السكيت: كان ذلك عند قَطاعِ الطير
وقَطاعِ الماءِ، وبعضهم يقول قُطُوعِ الطير وقُطوعِ الماء، وقَطاعُ الطير:
أَن يجيء من بلد إِلى بلد، وقَطاعُ الماء: أَن َينْقَطِعَ. أَبو زيد:
قطَعَتِ الغِرْبانُ إِلينا في الشتاء قُطُوعاً ورجعت في الصيف رُجُوعاً،
والطير التي تقيم ببلد شِتاءَها وصَيْفها هي الأَوابدُ، ويقال: جاءَت الطير
مُقْطَوْطِعاتٍ وقَواطِعَ بمعنى واحد. والقُطَيْعاءُ، ممدود مثال
الغُبَيْراءِ: التمر الشِّهْرِيزُ، وقال كراع: هو صِنْفٌ من التمر فلم يُحَلِّه؛
قال:
باتُوا يُعَشُّونَ القُطَيْعاءَ جارَهُمْ،
وعِنْدَهُمُ البَرْنيُّ في جُلَلٍ دُسْمِ
وفي حديث وفد عبد القيس: تَقْذِفُونَ فيه من القُطَيْعاءِ، قال: هو نوع
من التمر، وقيل: هو البُسْرُ قبل أَن يُدْرِكَ. ويقال: لأَقْطَعَنَّ
عُنُقَ دابتي أَي لأَبيعنها؛ وأَنشد لأَعرابي تزوج امرأَة وساق إِليها
مَهْرَها إِبلاً:
أَقُولُ، والعَيْساءُ تَمْشي والفُصُلْ
في جِلّةٍ منها عَرامِيسٌ عُطُلْ:
قَطَّعَتِ الأَحْراجُ أَعناقَ الإِبلْ
ابن الأَعرابي: الأَقْطَعُ الأَصم؛ قال وأَنشدني أَبو المكارم:
إِنَّ الأُحَيْمِرَ، حين أَرْجُو رِفْدَه
عُمُراً، لأَقْطَعُ سَيِّءُ الإِصْرانِ
قال: الإِصْرانُ جمع إِصْرٍ وهو الخِنَّابةُ، وهو شَمُّ الأَنْفِ.
والخِنَّابَتانِ: مَجْرَيا النفَسِ من المَنْخَرَيْنِ. والقُطْعَةُ في طَيِّءٍ
كالعَنْعَنة في تَميمٍ، وهو أَن يقول: يا أَبا الحَكا، يريد يا أَبا
الحَكَمِ، فيَقْطَعُ كلامه. ولبن قاطِعٌ أَي حامِضٌ.
وبنو قُطَيْعةَ: قبيلة حيٌّ من العرب، والنسبة إِليهم قُطَعِيٌّ. وبنو
قُطْعةَ: بطن أَيضاً. قال الأَزهري: في آخر هذه الترجمة: كلّ ما مر في هذا
الباب من هذه الأَلفاظ فالأَصل واحد والمعاني مُتَقارِبةٌ وإِن اختلفت
الأَلفاظ، وكلام العرب يأْخذ بعضه برقاب بعض، وهذا دليل على أَنه أَوسع
الأَلسنة.
طبق: الطَّبَقُ غطاء كل شيء، والجمع أَطْباق، وقد أَطْبَقَه وطَبَّقَه
انْطَبَقَ وتَطَبَّقَ: غَطَّاه وجعله مُطَبَّقاً؛ ومنه قولهم: لو
تَطَبَّقَت السماء على الأَرض ما فعلت كذا. وفي الحديث حِجابُه النُّورُ
لو كُشِفَ طَبَقُه لأَحْرَقت سُبحاتُ وَجهِه كلَّ شيء أَدّرَكه بصرُه؛
الطَّبَقُ: كلُّ غطاء لازم على الشيء. وطَبَقُ كلِّ شيء: ما ساواه، والجمع
أَطْباقٌ؛ وقوله:
ولَيْلة ذات جَهامٍ أَطْباق
معناه أَن بعضَه طَبَقٌ لبعض أَي مُساوٍ له، وجَمَع لأَنه عنى الجنس،
وقد يجوز أَن يكون من نعت الليلة أَي بعضُ ظُلَمِها مُساوٍ لبعض فيكون
كجُبَّةٍ أَخْلاق ونحوها.
وقد طابَقَهُ مطابَقةً وطِباقاً. وتَطابَقَ
الشيئَان: تساوَيا. والمُطابَقةُ: المُوافَقة. والتَّطابُق: الاتفاق.
وطابَقْتُ بين الشيئين إِذا جعلتهما على حَذْو واحد وأَلزقتهما. وهذا الشيء
وَفْقُ هذا ووِفاقُه وطِباقُه وطابَقُهُ وطِبْقُه وطَبِيقُه ومُطْبِقُه
وقالَبُه وقالِبُه بمعنى واحد. ومنه قولهم: وافَقَ
شَنٌّ طَبَقَه. وطابَقَ بين قميصين. لَبِسَ أَحدهما على الآخر.
والسمواتُ
الطِّباقُ: سميت بذلك لمُطابَقة بعضها بعضاً أَي بعضها فوق بعض، وقيل:
لأَن بعضها مُطْبَق على بعض، وقيل: الطِّباقُ
مصدر طوبقَتْ طِباقاً. وفي التنزيل. أَلم تَرَوْا كيف خلق الله سَبْعَ
سَمَواتٍ طِباقاً؛ قال الزجاج: معنى طِباقاً مُطْبَقٌ بعضها على بعض،
قال: ونصب طِباقاً على وجهين: أَحدهما مطابَقة طِباقاً، والآخر من نعت سبع
أَي خلق سبعاً ذات طِباقٍ. الليث: السمواتُ طِباقٌ بعضها على بعض، وكل
واحد من الطباق طَبَقة، ويذكَّر فيقال طَبَقٌ؛ ابن الأَعرابي: الطَّبَقُ
الأُمّة بعد الأُمّة. الأَصمعي: الطِّبْقُ، بالكسر، الجماعةْ من الناس. ابن
سيده: والطَّبَق الجماعة من الناس يَعْدِلون جماعةً مثلهم، وقيل: هو
الجماعة من الجراد والناس. وجاءنا طَبَقٌ من الناس وطِبْقٌ أَي كثير. وأَتى
طَبَقٌ من الجراد أَي جماعة. وفي الحديث: أَن مريم جاعَتْ فجاءَها طَبَقٌ
من جَرادٍ فصادَتْ منه، أَي قَطيعٌ من الجراد. والطَّبَقُ: الذي يؤكل
عليه أَو فيه، والجمع أَطْباقٌ.
وطَبَّقَ السَّحابُ الجَوَّ: غَشّاه، وسَحابةُ مُطَبِّقةٌ. وطَبَّقَ
الماءُ وَجْهَ الأَرض: غطّاه. وأَصبحت الأَرض طَبَقاً واحداً إِذا تغشّى
وجهُها بالماء. والماء طَبَقٌ للأَرض أَي غِشاء؛ قال امرؤ القيس:
دِيمةٌ هَطْلاءُ فيها وَطَفٌ،
طَبَقُ الأَرْضِ تَحَرَّى وتَدُرّ
وفي حديث الاستسقاء: اللهم اسْقِنا غَيْثاً مُغِيثاً طَبَقاً أَي
مالِئاً للأَرض مغطّياً لها. يقال: غيث طَبَقٌ أَي عامٌّ واسع،. يقال: هذا مطر
طَبَقُ الأَرض إِذا طَبَّقها؛ وأَنشد بيت امرئ القيس:
طبق الأَرض تحرّى وتدر
ومن رواه طَبَقَ الأَرضِ نصبَه بقوله تحَرَّى. الأَصمعي في قوله غيثاً
طَبَقاً: الغيث الطَبق العامّ، وقال الأَصمعي في الحديث: قُرَيش الكَتَبَة
الحَسَبة مِلْحُ هذه الأُمّة، عِلْمُ عالِمهم طِباقُ الأَرض؛ كأَنه
يعُمّ الأَرض فيكون طَبَقاً لها، وفي رواية: عِلْمُ عالمِ قُرَيْش طَبَقُ
الأَرض.
وطَبَّقَ الغيثُ الأَرضَ: ملأَها وعمّها. وغيثٌ طَبَقٌ: عامٌّ
يُطَبِّقُالأَرض. وطَبَّقَ الغيمُ
تَطْبيقاً: أَصاب مطرُه جميعَ الأَرض. وطِباقُ الأَرض وطِلاعُها سواء:
بمعنى مِلْئها. وقولهم: رحمة طِباقُ الأَرضِ أَي تُغَشِّي الأَرض كلها.
وفي الحديث: لله مائةُ رَحْمةٍ كلُّ رَحْمةٍ منها كطِباقِ الأَرض أَي
تُغَشِّي الأَرضَ كلها. ومنه حديث عمر: لو أَنَّ لي طِباقَ الأَرض ذهَباً أَي
ذهباً يعُمّ الأَرض فيكون طَبَقاً لها. وطَبَّقَ
الشيءُ: عَمَّ. وطَبَقُ الأَرض: وجهُها. وطِباقُ
الأَرض: ما عَلاها. وطَبَقاتُ الناس في مراتبهم. وفي حديث ابن مسعود في
أَشراط الساعة: تُوصَلُ الأَطْباقُ وتُقْطَعُ الأَرْحامُ؛ يعني
بالأَطْباقِ
البُعَداءَ والأَجانِبَ لأَن طَبَقاتِ الناس أَصناف مختلفة. وطابَقَه
على الأَمر: جامَعَه وأَطْبَقوا على الشيء: أَجمعوا عليه. والحروف
المُطْبَقة أَربعة: الصاد والضاد والطاء والظاء، وما سوى ذلك فمفتوح غير مُطْبَق.
والإِطْباقُ: أَن ترفع ظهرَ
لسانك إِلى الحنك الأَعلى مُطْبِقاً له، ولولا الإِطْباقُ لصارت الطاء
دالاً والصاد سيناً والظاء ذالاً ولخرجت الضاد من الكلام لأَنه ليس من
موضعها شيء غيرها، تزول الضاد إِذا عدم الإِطْباق البتة. وطابَقَ
لي بحقِّي وطابَقَ بحقِّي: أَذْعَنَ وأَقرَّ وبَخَعَ؛ قال الجعدي:
وخَيْل تُطابقُ بالدارعين،
طِباقَ الكِلاب يَطَأْنَ الهَراسا
ويقال: طابَقَ فلانٌ فلاناً إذا وافَقه وعاوَنَه. وطابَقَت المرأَةُ
زوْجهَا إذا واتتْه. وطابَقَ فلانٌ: بمعنى مَرَنَ. وطابَقَت الناقةُ
والمرأَةُ: انْقادت لمريدها. وطابَقَ على العمل: مارَنَ.
التهذيب: والمُطَبَّقُ شِبْه اللُّؤْلُؤ، إذا قُشر اللؤلؤ أخِذ قشرهُ
ذلك فأُلزِق بالغراء بعضه على بعض فيصير لؤلؤاً أَو شبْهَه. والانْطِباقُ:
مُطاوعة ما أطبقت. والطِّبْقُ والمُطَبَّقُ: شيء يُلْصَقُ به قشرُ اللؤلؤ
فيصير مثله، وقيل: كل ما أُلْزِقَ به شيء فهو طِبْقٌ. وطَبِقَت يدُه،
بالكسر، طَبَقاً، فهي طَبِقةٌ: لزِقت بالجنب ولا تنبسط. والتَّطْبِيقُ في
الصلاة: جعْلُ اليدين بين الفخذين في الركوع، وقيل: التَّطْبِيق في الركوع
كان من فعل المسلمين في أوَّل ما أمِروا بالصلاة، وهو إطْباقُ الكفين
مبسوطتين بين الركبتين إذا ركع، ثم أُمِروا بإلْقام الكفَّين رأُس
الركبتين، وكان ابن مسعود استمرّ على التَّطْبِيق لأنه لم يكن عَلِم الأَمْرَ
الآخر؛ وروى المنذري عن الحَرّبيّ قال: التَّطْبِيقُ في حديث ابن مسعود أن
يَضَع كفَّه اليمنى على اليسرى. يقال: طابَقْتُ وطَبَّقْت. وفي حديث ابن
مسعود: أنه كان يُطَبِّقُ في صلاته وهو أن يجمع بين أصابع يديه ويجعلهما
بين ركبتيه في الركوع والتشهد. وجاءت الإِبل طَبَقاً واحداً أي على خُفٍّ.
ومرّ طَبَقٌ من الليل والنهار أي بعضهما، وقيل معظمهما؛ قال ابن أحمر:
وتواهَقَتْ أخْفافُها طَبَقاً،
والظِّلُّ لم يَفْضُل ولم يُكْرِ
وقيل: الطَّبَقة عشرون سنة؛ عن ابن عباس من كتاب الهجري. ويقال: مَضى
طَبَقٌ من النهار وطَبَق من الليل أي ساعة، وقيل أي مُعْظَم منه؛ ومثله:
مضى طائفة من الليل. وطَبِقَت النجومُ إذا ظهرت كلها، وفلانَ يَرْعى طَبَقَ
النُّجوم؛ وقال الراعي:
أَرى إِبِلاَ تكالأَ راعِياها،
مَخافَة جارِها طَبَقَ النُّجوم
والطَّبَق: سدّ الجَراد عينَ الشمس. والطَّبَق: انطباق الغَيْم في
الهواء. وقول العباس في النبي، صلى الله عليه وسلم: إذا مَضى عالَمٌ بَدا
طَبَقٌ؛ فإِنه أَراد إِذا مضى قَرْن ظَهَر قَرْن آخر، وإِنما قيل للقَرْن
طَبَقٌ لأَنهم طَبَق للأَرض ثم يَنْقرضِون ويأْتي طَبَق للأَرض آخر، وكذلك
طَبَقات الناس كل طَبَقة طَبَقت زمانها. والطَّبَقة: الحال، يقال: كان
فلان من الدنيا على طَبَقات شَتَّى أي حالات. ابن الأَعرابي: الطَّبَقُ
الحال على اختلافها. والطَّبَقُ والطَّبَقة: الحال. وفي التنزيل:
لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عن طَبَق؛ أي حالاً عن حال يوم القيامة. التهذيب: إن ابن عباس
قال لَتَرْكَبُنَّ، وفسَّررلتَصِيرنَّ الأُمور حالاً بعد حال في الشدّة،
قال: والعرب تقول وقع فلان في بنات طَبَق إذا وقع في الأَمر الشديد؛
وقال ابن مسعود: لتركَبُنَّ السماء حالاً بعد حال. وقال مَسروق: لتركَبَنَّ
يا محمد حالاً بعد حال، وقرأَ أَهل المدينة لتَرْكَبُنَّ طَبَقاً، يعني
الناس عامَّة، والتفسير الشِّدَّة؛ وقال الزجاج: لتركَبْنَّ حالاً بعد حال
حتى تصيروا إلى الله من إِحيّاء وإِماتَةٍ وبَعْثٍ، قال: ومن قرأَ
لتركَبَنَّ أراد لتركَبَنَّ يا محمد طَبَقاً عن طَبَق من أطبْاق السماء؛ قاله
أبو علي، وفسَّروا طَبَقاً عن طَبَقِ بمعنى حالاً بعد ؛ حال؛ ونظيرُ وقوع
عن مَوْقع بعد قول الأَعشى:
وكابِر تَلَدوُك عن كابر
أي بعد كابر؛ وقال النابغة:
بَقيّة قِدْر من قُدُورٍ تُوُورِثَتْ
لآلِ الجُلاحِ، كابراً بعد كابِرِ
وفي حديث عمرو بن العاص: إني كنت على أطبْاقٍ ثلاثٍ أي أحْوالٍ، واحدها
طَبَق. وأَخبر الحسن بأَمْرٍ فقال: إحْدى المُطْبِقات، قال أبو عمرو:
يُريد إحْدى الدواهي والشدايد التي تُطْبِقُ عليهم. ويقال للسنة الشديدة:
المُطْبِقة؛ قال الكميت:
وأَهْلُ السَّماحَة في المُطْبِقات،
وأَهل السَّكينةِ في المَحْفَلِ
قال: ويكون المُطْبَق بمعنى المُطْبِق. وولدتِ الغنم طَبَقاً وطِبْقاً
إِذا نُتِجَ بعضُها بعد بعض، وقال الأُموي: إِذا ولدتِ الغنمُ بعضها بعد
بعض قيل: قد وَلَّدْتُها الرُّجَيْلاءَ، وولَّدتها طَبَقاً وطَبَقَةً.
والطَّبَق والطَّبَقة: الفَقْرة حيث كانت، وقيل: هي ما بين الفقرتين، وجمعها
طِباق. والطَّبَقة: المفصل، والجمع طَبَق، وقيل: الطَّبَق عُظَيْم رَقيق
يفصل بين الفَقارَيْن؛ قال الشاعر:
أَلا ذهبَ الخُداعُ فلا خِداعا،
وأَبْدى السَّيفُ عن طَبَقٍ نُخاعا
وقيل: الطَّبَق فَقال الصلب أَجمع، وكل فَقار طَبَقة. وفي الحديث:
وتَبْقى أصْلابُ المنافقين طَبَقاً واحداً. قال أبو عبيد: قال الأَصمعي
الطَّبَقُ فَقار الظهر، واحدته طَبَقَة واحدة؛ يقول: فصار فَقارُهم كلُّه
فَقارةً واحداة فلا يدرون على السجود. وفي حديث ابن الزبير: قال لمعاوية
وايْمُ الله لئن ملك مَرْوانُ عِنان خيل تنقاد له في عثمان ليَرْكَبَنَّ منك
طَبَقاً تخافه، يريد فَقار الظهر، أي ليَرْكبن منك مَرْكباً صعباً وحالاً
لا يمكنك تَلافِيها، وقيل: أَراد بالطَّبَق المنازل والمراتب أي ليركبن
منك منزلة فوق منزلة في العداوة. ويقال: يدُ فلانٍ طَبَقَةٌ واحدة إذا لم
تكن منبسطة ذات مفاصل. وفي حديث الحجاج: فقال لرجل قُمْ فاضرب عُنُقَ هذا
الأَسير فقال: إِن يدي طَبِقَةٌ؛ هي التي لصق عَضُدُها بجنب صاحبه فلا
يستطيع أَن يحرّكها. وفي حديث عمْران بن حُصَيْن: أَن غلاماً له أَبَقَ
فقال لئن قدرت عليه لأَقطعن منه طابَِقَاً، قال: يريد عضواً. الأَصمعي:
كل مفصِل طَبَقٌ، وجمع أَطبْاق، ولذلك قيل للذي يصيب المفصل مُطَبِّقٌ؛
وقال:
ويَحْمِيكَ بالليِّن الحُسام المُطَبِّق
وقيل في جمعه طَوابِق. قال ثعلب:
الطَّابِقُ والطَّابَقُ العضو من أعضاء الإِنسان كاليد والرجل ونحوهما.
وفي حديث عليّ: إِنما أَمر في السارق بقطع طابِقِه أي يده. وفي الحديث:
فَخَبَزْتُ خبزاً وشويت طابَقاً من شاة أَي مقدار ما يأْكل منه اثنان أَو
ثلاثة. والطَّبَقَةُ من الأَرض: شبه المَشارَة، والجمع الطَّبَقات تخرج
بين السُّلحَفْاة والهِرْهِرِ
(* قوله «تخرج بين السلحفاة والهرهر» هكذا
هو بالأصل، ولعل قبله سقطاً تقديره ودويبة تخرج بين السلحفاة إلخ أَو نحو
ذلك). والمطَبَّقُ من السيوف: الذي يصيب المَفْصِل فيُبينُه يقال طَبَّق
السيفُ إِذا أَصاب المَفْصل فأَبان العضو؛ قال الشاعر يصف سيفاً:
يُصَمِّمُ أَحْياناً وحِيناً يُطَبِّقُ
ومنه قولهم للرجل إذا أَصاب الحجة: إِنه يُطَبَّقُ المفصل. أََبو زيد:
يقال للبليغ من الرجال: قد طَبَّقَ المفصل وردَّ قالَبَ الكلام ووضع
الهِناء مواضع النُّقَب. وفي حديث ابن عباس: أَنه سأَل أَبا هريرة عن امرأَة
غير مدخول بها طلقت ثلاثاً، فقال: لا تحلُّ له حتى تنكح زوجاً غيره، فقال
ابن عباس: طَبَّقْتَ؛ قال أَبو عبيد: قوله طبقت أَراد أَصبتَ وجه
الفُتْيا، وأَصله إِصابة المفصل وهو طَبَقُ العظمينِ أَي ملتقاهما فيفصل بينهما،
ولهذا قيل لأَعضاء الشاة طَوابِقُ، واحدها طابَقٌ، فإِذا فَصَّلها الرجل
فلم يخطئ المفاصل قيل قد طَبَّقَ؛ وأَنشد أَيضاً:
يُصمِّم أَحياناً وحِيناً يُطَبِّقُ
والتصميم: أن يمضي في العظم، والتَّطْبِيقُ: إِصابة المفصل؛ قال الراعي
يصف إبلاً:
وطَبَّقْنَ عُرْضَ القُفِّ لما عَلَوْنَهُ،
كما طَبَّقَتْ في العظم مُدْيَةُ جازِرِ
وقال ذو الرمة:
لقد خَطَّ رُوميّ ولا زَعَماتِهِ
لعُتْبَةَ خطّاً، لم تُطَبَّقْ مفاصلُه
وطَبَّقَ
فلان إذا أَصاب فَصَّ الحديث. وطَبَّقَ السيفُ إِذا وقع بين عظمين.
والمُطَبَّقُ من الرجال: الذي يصيب الأُمور برأْيه، وأَصله من ذلك.
المُطابِقُ من الخيل والإِبل: الذي يضع رجله موضع يده. وتَطْبِيقُ الفرس:
تَقْرِيبُهُ في العَدْو. الأَصمعي: التَّطْبِيقُ أَن يَثِبَ البعيرُ فتقع قوائمه
بالأرض معاً؛ ومنه قول الراعي يصف ناقة نجيبة:
حتى إِذا ما اسْتَوى طَبِّقَتْ،
كما طَبَّقَ المِسْحَلُ الأَغْبَرُ
يقول: لما استوى الراكب عليها طَبَّقَتْ؛ قال الأَصمعي:
وأَحسن الراعي في قوله:
وهْيَ إِذا قام في غَرْزها،
كمِثْل السَّفِينة أَو أَوْقَر
لأَن هذا من صفة النجائب، ثم أَساء في قوله طَبَّقَتْ لأَن النجيبة
يستحب لها أَن تقدم يداً ثم تقدم الأُخرى، فإِذا طَبَّقَتْ لم تُحمْدَ؛ قال:
وهو مثل قوله:
حتى إذا ما استْوى في غَرْزها تَثِبُ
والمُطابَقَة: المشي في القيد وهو الرَّسْفُ. والمُطابَقَةُ: أَن يضع
الفرسُ رجلَه في موضع يده، وهو الأحَقُّ من الخيل. ومُطابَقَةُ الفرسِ
في جريه: وضع رجليه مواضع يديه. والمُطابَقَةُ: مشي المقيَّد.
وبنَاتُ الطَّبَقِ: الدواهي، يقال للداهية احدى بنات طَبَقٍ، ويقال
للدواهي بنات طَبَقٍ، ويروى أَن أَصلها الحية أَي أَنها استدارت حتى صارت مثل
الطَّبَقِ، ويقال إحدى بناتِ طَبَق شَرُّك على رأْسك، تقول ذلك للرجل
إِذا رأَى ما يكرهه؛ وقيل: بنتُ طَبَقٍ سُلحَفْاةٌ، وتَزْعُمُ العرب أَنها
تبيض تسعاً وتسعين بيضة كلها سَلاحِفُ، وتبيض بيضة تَنْقُفُ عن أَسود،
يقال: لقيت منه بناتِ طَبَقٍ وهي الداهية. الأَصمعي: يقال جاء بإِحدى بناتِ
طَبَقٍ وأَصلها من الحيَّات، وذكر الثعالبي أَن طَبَقاً حيَّة صفراء؛
ولمَّا نُعي المنصورُ إِلى خَلَف الأَحمر أَنشأَ يقول:
قد طَرَّقَتْ بِبِكْرِها أُمُّ طَبَقْ،
فَذَمَّرُوهَا وَهْمَةً ضَخْم العُنُقْ،
موتُ الإِمامِ فِلْقَةٌ مِن الفِلَقْ
وقال غيره: قيل للحية أمُّ طَبَقٍ وبنتُ طَبَقٍ لتَرَحِّيها وتحَوّيها،
وأَكثر التَّرحِّي للأَفْعى، وقيل: قيل للحيات بناتُ طَبَقٍ لإِطْبَاقها
على من تلسعه، وقيل: إِنما قيل لها بناتُ طَبَقٍ لأَن الحَوَّاء يمسكها
تحت أَطْبَاق الأَسْفاط المُجَلّدة.
ورجل طَبَاقَاءُ: أَحمق، وقيل هو الذي ينكح، وكذلك البعير. جمل
طَبَاقَاءُ: للذي لا يَضْرب. والطَّبَاقاء: العَيِيُّ الثقيل الذي يُطْبِقُ على
الطَّرُوقة أَو المرأَة بصدره لصغره؛ قال جميل بن معمر:
طَبَاقَاءُ لم يَشْهد خصوماً، ولم يُنِخْ
قِلاصاً إلى أَكْوارها، حين تُعْكَفُ
ويروى عَيَاياءُ، وهما بمعنى؛ قال ابن بري: ومثله قول الآخر:
طَبَاقَاءُ لم يَشْهَد خصوماً، ولم يَعِشْ
حَميداً، ولم يَشْهَدْ حلالاً ولا عطرا
وفي حديث أُم زرع: أَن إحدى النساء وصفت زوجها فقالت: زوجي عَيَايَاءُ
طَبَاقَاءُ وكل دَاءٍ دواء؛ قال الأَصمعي: الطَّبَاقاء الأحمق الفَدْم؛
وقال ابن الأعرابي: هو المُطْبَقُ عليه حُمْقاً، وقيل: هو الذي أُموره
مُطْبَقةُ عليه أَي مُغَشَّاة، وقيل: هو الذي يعجز عن الكلام فَتَنْطَبق
شفتاه.
والطَّابَقُ والطَّابِقُ: ظَرْف يطبخ فيه، فارسي معرب، والجمع طَوَابِق
وطَوابِيق. قال سيبويه: أَما الذين قالوا طَوابيق فإِنما جعلوه تكسير
فَاعَال، وإِن لم يكن في كلامهم، كما قالوا مَلامِحُ. والطَّابَقُ: نصف
الشاة، وحكى اللحياني عن الكسائي طابِق وطابَق، قال ابن سيده: ولا أدري أيّ
ذلك عنى. وقولهم: صادف شَنٌّ طَبَقَه؛ هما قبيلتان شنٌّ بن أَفْصَى بن عبد
القيس وطَبَقٌ حيّ من إِياد، وكانت شَنّ لا يقام لها فواقعتها طَبَقٌ
فانتصفت منها، فقيل: وَافَقَ شَنٌّ طَبَقَه، وافقه فاعتنقه؛ قال الشاعر:
لَقِيَتْ شَناًّ إِيادٌ بالقَنَا
طَبَقاً، وافق شَنٌّ طَبَقَه
قال ابن سيده: وليس الشَّنُّ هنا القِربَة لأَن القربة لا طَبَقَ لها.
وقال أَبو عبيد عن الأَصمعي في هذا المثل: الشَّنُّ الوعاء المعمول من
أَدَمٍ، فإِذا يبس فهو شَنّ، وكان قوم لهم مثله فَتَشَنَّنَ فجعلوا له غطاء
فوافقه. وفي كتاب علي، رضوان الله عليه، إلى عمرو بن العاص: كما وافق
شَنٌّ طَبَقَه؛ قال: هذا مثل للعرب يضرب لكل اثنين أَو أمرين جَمَعَتْهُما
حالةٌ واحدة اتَّصف بها كلٌّ منهما، وأَصله أَن شَناًّ وطَبَقَة حيَّان
اتفقا على أَمر فقيل لهما ذلك، لأَن كل واحد منهما قيل ذلك له لما وافق
شكله ونظيره، وقيل: شَنٌّ رجل من دُهَاة العرب وطبقة امرأة من جنسه زُوجَتْ
منه ولهما قصة. التهذيب: والطَّبَقُ الدَّرَكُ من أَدراك جهنم. ابن
الأَعرابي: الطِّبْقُ الدِّبْقُ. والطَّبْق، بفتح الطاء: الظلم بالباطل.
والطِّبْقُ: الخلق الكثير: وقوله أَنشده ابن الأعرابي:
كَأِنَّ أَيدِيَهُنَّ بالرَّغَامِ
أَيْدي نَبِيط، طَبَقَى اللِّطَامِ
فسره فقال: معناه مداركوه حاذقون به، ورواه ثعلب طَبِقي اللطام ولم
يفسره. قال ابن سيده: وعندي أَن معناه لازقي اللطام بالملطوم. وأَتانا بعد
طَبَقٍ من الليل وطَبيقٍ: أَراه يعني بعد حين، وكذلك من النهار؛ وقول ابن
أَحمر:
وتَوَاهَقَتْ أَخفافها طَبَقاً،
والظلُّ لم يُفْضُلْ ولم يُكْرِ
قال ابن سيده: أَراه من هذا. والطِّبْق: حمل شجر بعينه.
والطُّبَّاقُ: نبت أو شجر. قال أَبو حنيفة: الطُّبَّاقُ شجر نحو القامة
ينبت متجاوراً لا يكاد يُرَى منه واحدة منفردة، وله ورق طوال دقاق خضر
تَتَلَزَّجُ إِذا غُمِزَ، وله نَوْرٌ أَصفر مجتمع؛ قال تأَبط شرّاً:
كأَنما حَثْحَثُوا حُصّاًّ قَوَادِمُهُ،
أَو أُمَّ خِشْفٍ بذي شَثٍّ وطُبَّاقِ
وروي عن محمد بن الحنفية أَنه وَصَفَ مَنْ يَلي الأَمر بعد السفياني
فقال: يكون بين شَثّ وطُبَّاقٍ؛ والشَثُّ والطُّبَّاق: شجرتان معروفتان
بناحية الحجار.
والحُمَّى المُطْبِقةُ: هي الدائمة لا تفارق ليلاً ولا نهاراً.
والطَّابَق والطَّابِق: الآجرّ الكبير، وهو فارسي معرب. ابن شميل: يقال
تحلَّبوا على ذلك الإِنسان طبَاقَاءَ، بالمد، أَي تجمعوا كلهم عليه. وفي
حديث أَبي عمرو النخعي: يَشْتَجِرُون اشْتِجَار أَطْباق الرأْس أَي عظامه
فإِنها مُتَطابقة مُشْتبكة كما تشتبك الأَصابع؛ أَراد التِحَام الحرب
والاختلاط في الفتنة.
وجاء فلان مُقْتَعِطاًّ إِذا متعمماً طَابِقِياًّ، وقد نهي عنها.
حسم: الحَسْمُ: القطع، حَسَمَهُ يَحْسِمُهُ حَسْماً فانْحَسَمََ: قَطعه.
وحَسَمَ العِرْقَ: قطعه ثم كواهُ لئلا يسيل دَمُهُ، وهو الحَسْمُ.
وحَسَمَ الداءَ: قطعه بالدواء. وفي الحديث: عليكم بالصوم فإنه مَحْسَمةٌ
للعِرْق ومَذْهَبَةٌ للأَشَرِ أَي مقطعة للنكاح؛ وقال الأَزهري: أَي مَجْفَرة
مَقْطعة للباهِ.
والحُسامُ: السيف القاطع. وسيف حُسامٌ: قاطع، وكذلك مُدْيَةٌ حُسامٌ
كما قالوا مُدْيَةٌ هُذام وجُرازٌ؛ حكاه سيبويه؛ وقول أَبي خِراش
الهذلي:ولولا نَحْنُ أَرْهَقَهُ صُهَيْبٌ،
حُسامَ الحَدِّ مَذْروباً خَشيبا
يَعْني سيفاً حديدَ الحدِّ، ويروى: حُسامَ السيفِ أَي طَرَفَهُ. وخشيباً
أَي مَصْقولاً. وحُسامُ السيف: طرَفُهُ الذي يُضْرَبُ به، سمي بذلك
لأَنه يَحْسِمُ
(* قوله «لأنه يحسم إلخ» عبارة المحكم: لأنه يحسم العدو عما
يريد من بلوغ عداوته، وقيل: سمي بذلك لأنه يحسم الدم إلخ)، الدم أَي
يسبقه فكأَنه يكويه.
والحَسْمُ: المنع. وحَسَمَه الشيءَ يَحْسِمُهُ حَسْماً: منعه إياه.
والمَحْسُومُ: الذي حُسِمَ رَضاعُه وغِذاؤُه أَي قُطِعَ. ويقال للصبي
السَّيِّء الغذاء: مَحسُومٌ. وتقول: حَسَمَتْه الرَّضاعَ أُمُّه تَحْسِمُهُ
حَسْماً، ويقال: أَنا أَحْسِمُ على فلان الأَمر أَي أَقطعه عليه لا يَظْفَرُ
منه بشيء. وفي الحديث: أَنه أُتيَ بسارق فقال اقْطعوه ثم احْسِموه أَي
اقطعوا يده ثم اكووها لينقطع الدم. والمَحْسومُ: السَّيِّءُ الغِذاء؛ ومن
أَمثالهم: وَلْغُ جُرَيٍّ كان مَحْسوماً؛ يقال عند استكثار الحريص من
الشيء، لم يكن يَقْدِرُ عليه فقَدَرَ عليه، أَو عند أَمره بالإستكثار حين
قَدَرَ.
والحُسُوم: الشُّؤْمُ. وأَيام حُسومٌ، وصفت بالمصدر: تقطع الخيرَ أَو
تمنعه، وقد تضاف، والصفة أَعلى. وفي التنزيل: سَخَّرَها عليهم سبعَ ليالٍ
وثمانيةَ أَيامٍ حُسوماً؛ وقيل: الأَيام الحُسومُ الدائمة في الشر خاصةً،
وعلى هذا فسر بعضهم هذه الآية التي تلوناها، وقيل: هي المُتَواليةُ؛ قال
ابن سيده: وأُراه المتوالية في الشر خاصةً؛ قال الفراء: الحُسومُ
التِّباعُ، إذا تَتابع الشيءُ فلم ينقطع أَولهُ عن آخره قيل له حُسومٌ. وقال ابن
عرفة في قوله: ثمانية أَيام حُسوماً أَي متتابعة؛ قال أَبو منصور: أَراد
متتابعة لم يُقطع أَوله عن آخره كما يُتابَعُ الكَيُّ على المقطوع
ليَحْسِمَ دمَهُ أَي يقطعه، ثم قيل لكل شيء تُوبِعَ: حاسِمٌ، وجمعه حُسومٌ مثل
شاهِدٍ وشُهودٍ. ويقال: اقطعوه ثم احْسِموهُ أَي اقطعوا عنه الدم بالكي،
والحَسْمُ: كَيُّ العِرْقِ بالنار. وفي حديث سَعْدٍ: أَنه كواه في
أَكْحَلِهِ ثم حَسَمَهُ أَي قطع الدم عنه بالكَيّ. الجوهري: يقال الليالي
الحُسُومُ لأنها تَحْسِمُ الخير عن أَهلها، قيل: إنما أُخِذَ من حَسْمِ الداء
إذا كُوِيَ صاحبُه، لأَنه يُحْمَى يُكوى بالمِكْواة ثم يتابَعُ ذلك
عليه؛ وقال الزجاج: الذي توجِبُه اللغةُ في معنى قوله حُسوماً أَي
تَحْسِمُهُمْ حُسوماً أَي تُذْهبهم وتُفْنيهم؛ قال الأَزهري: وهذا كقوله عز وعلا:
فقُطِعَ دابرُ القومِ الذين ظلموا. وقال يونس: الحُسُومُ يورِثُ الحُشومَ،
وقال: الحُسومُ الدُّؤوبُ، قال: والحُشومُ الإعْياءُ. ويقال: هذه ليالي
الحُسوم تَحْسِمُ الخيرَ عن أَهلها كما حُسِمَ عن عاد في قوله عز وجل:
ثمانية أَيام حُسوماً أَي شُؤْماً عليهم ونَحْساً.
والحَيْسُمانُ والحَيْمُسان جميعاً: الآدَمُ
(* قوله «جميعاً الآدم»
الذي في المحكم: الضخم الآدم)، وبه سمي الرجل حَيْسُماناً. والحَيْسُمانُ:
اسم رجل من خزاعة؛ ومنه قول الشاعر:
وعَرَّدَ عَنّا الحَيْسُمانُ بن حابس
الجوهري: وحِسْمَى، بالكسر، أَرض بالبادية فيها جبال شَواهِقُ مُلسُ
الجوانب لا يكاد القَتامُ يفارقها. وفي حديث أَبي هريرة: لتُخْرِجَنَّكم
الرُّومُ منها كَفْراً كَفْراً إلى سُنْبُكٍ من الأَرض، قيل: وما ذاك
السُّنْبُكُ؟ قال: حِسْمى جُذامَ؛ ابن سيده حِسْمى موضع باليمن، وقيل: قبيلة
جُذامَ. قال ابن الأَعرابي: إذا لم يَذْكُرْ كُثَيِّرٌ غَيْقَةَ فحِسْمَى،
وإذا ذَكَرَ غَيْقَة فَحَسْنا
(* قوله «فحسنا» بالفتح ثم السكون ونون
وألف مقصورة وكتابته بالياء أولى لأنه رباعيّ، قال ابن حبيب: حسنى جبل قرب
ينبع. وكلام ابن الأَعرابي غامض، لا يُدرى إلى أي قولٍ قاله كثيّر يعود)؛
وأَنشد الجوهري للنابغة:
فأَصبَحَ عاقِلاً بجبال حِسْمَى،
دِقاقَ التُّرْبِ مُحْتَزِمَ القَتامِ
قال ابن بري: أَي حِسْمى قد أَحاط به القَتامُ كالحزام له. وفي الحديث:
فَلَهُ مثل قُورِ حِسْمَى؛ حِسْمى، بالكسر والقصر: اسم بلد جُذام.
والقُور: جمع قارةٍ وهي دون الجبل. أَبو عمرو: الأَحْسَمُ الرجلُ البازِل
القاطع للأُمور. وقال ابن الأَعرابي: الحَيْسَمُ الرجل القاطع للأُمور
الكيِّس. وقال ثعلب: حِسَْى وحُسُمٌ وذو حُسُمٍ وحُسَمٌ
وحاسِمٌ مواضع بالبادية؛ قال النابغة:
عَفا حُسُمٌ من فَرْتَنا فالفَوارِعُ،
فجَنْبا أَريكٍ، فالتِّلاعُ الدَّوافِعُ
وقال مُهَلْهِلٌ:
أَليْلَتَنا بذي حُسُمٍ أَنِيري،
إذا أَنْتِ انقضيْتِ فلا تَحُوري
بكت: بَكَتَه يَبْكُتُه بَكْتاً، وبَكَّتَه: ضَرَبه بالسيف والعصا
ونحوهما. والتَّبْكِيتُ: كالتَّقْرِيعِ والتَّعْنِيفِ. الليث: بَكَّته بالعصا
تَبْكِيتاً، وبالسيف ونحوه؛ وقال غيره: بَكَّتَه تَبْكِيتاً إِذا
قَرَّعَه بالعَذْل تَقْريعاً. وفي الحديث: أَنه أُتِيَ بِشَارِبٍ، فقال:
بَكِّتُوه؛ التَّبْكِيتُ: التَّقْرِيعُ والتَّوْبيخُ، يقال له: يا فاسق، أَما
اسْتَحَيْتَ؟ أَما اتَّقَيْتَ اللَّهَ؟ قال الهَرَوِيّ: ويكون باليد
وبالعصا ونحوه.
وبَكَتَه بالحُجَّة أَي غَلَبه. وبَكَتَه يَبْكُتُه بَكْتاً، وبَكَّتَه:
كلاهما استقبله بما يَكْرَه.
الأَصمعي: التَّبْكِيتُ والبَلْغُ أَن يَسْتَقْبِلَ الرجلَ بما يَكْرَه.
وقيل في تفسير قوله تعالى: وإِذا المُوْءُودةُ سُئِلَتْ بأَيِّ ذَنْبٍ
قُتِلَتْ؟ تُسْأَلُ تَبْكِيتاً لوائِدِها.
بكم: البَكَمُ: الخرَسُ مع عِيٍّ وبَلَهٍ، وقيل: هو الخرَس ما كان، وقال
ثعلب: البَكَمُ أَنْ يُولَدَ الإنسانُ لا يَنْطِق ولا يَسْمَع ولا
يُبْصِر، بَكِمَ بَكَماً وبَكامةً، وهو أَبْكَمُ وبَكِيمٌ أَي أَخْرَس بَيِّن
الخَرَس. وقوله تعالى: صُمٌّ بُكْمٌ عْمْيٌ؛ قال أَبو إِسحق: قيل معناه
أَنهم بمنزلة من وُلد أَخْرَس، قال: وقيل البُكْمُ هنا المَسْلُوبُو
الأَفئدة. قال الأَزهري: بَيْن الأَخْرسِ والأبْكَمِ فَرقٌ في كلام العرَب:
فالأَخْرسُ خُلِقَ ولا نُطْقَ له كالبَهيمة العَجْماء، والأَبْكَم الذي
للسانه نُطْقٌ وهو لا يعْقِل ألجوابَ ولا يُحْسِن وَجْه الكلام. وفي حديث
الإيمان: الصُّمّ البُكْمُ؛ قال ابن الأَثير: البُكُم جمع الأَبْكَم وهو
الذي خُلِقَ أَخْرَس، وأَراد بهم الرَّعاعَ والجُهَّالَ لأَنهم لا ينتفعون
بالسَّمْع ولا بالنُّطْق كبيرَ منْفعةٍ فكأَنهم قد سُلِبُوهُما؛ ومنه
الحديث: سَتكونُ فِتنةٌ صَمَّاءُ بَكْماءُ عَمْياءُ؛ أَراد أَنها لا تَسْمَع
ولا تُبْصِر ولا تَنْطِق فهي لذهاب حَواسِّها لا تُدْرِك شيئاً ولا
تُقلِع ولا تَرْتَفِع، وقيل: شَبَّههَا لاخُتِلاطِها وقَتْل البريء فيها
والسَّقِيم بالأَصَمّ الأَخْرس الأَعمى الذي لا يَهْتَدِي إلى شيء، فهو
يَخْبِطُ خَبْطَ عَشْواء. التهذيب في قوله تعالى في صِفَة الكُفَّار: صُمٌّ
بُكْمٌ عُمْيٌ؛ وكانوا يَسْمَعون ويَنْطِقُون ويُبْصرون ولكنهم لا يعُون ما
أَنزل الله ولا يتكلَّمون بما أُمروا به، فهم بمنزِلة الصُّمِّ البُكْمِ
العُمْي. والبَكِيمُ: الأَبْكَمُ، والجمع أَبْكامٌ؛ وأَنشد الجوهري:
فَلَيْتَ لِساني كانَ نِصْفَيْنِ: منهما
بَكِيمٌ ونِصفٌ عند مَجْرَى الكَواكِب
وبَكُمَ: انقَطع عن الكلام جَهْلاً أَو تَعَمُّداً. الليث: ويقال للرجل
إذا امتنَع من الكلام جَهْلاً أو تَعمُّداً: بَكُمَ عن الكلام. أَبو زيد
في النوادر: رجلٌ أَبْكَم وهو العَييُّ الــمُفْحَم، وقال في موضع آخر:
الأَبْكَم الأَقْطَع اللسان، وهو العَييُّ بالجَواب الذي لا يُحسِن وجه
الكلام. ابن الأَعرابي: الأَبْكَمُ الذي لا يَعْقِل الجَواب، وجمع الأَبْكَم
بُكْمٌ وبُكْمان، وجمع الأَصَمِّ صُمٌّ وصُمَّانٌ.
بلسم: بَلْسَمَ: سكت عن فَزَع، وقيل: سكت فقط من غير أَن يقَيَّد
بفَرَقٍ؛ عن ثعلب. الأَصمعي: طَرْسَم الرجل طَرْسَمةً وبَلْسَمَ بَلْسَمَة إذا
أَطرق وسكَت وفَرِق. والبِلْسامُ: البِرْسامُ؛ قال العجاج يصف شاعراً
أَفْحَمَه:
فلم يَزَلْ بالقَوْم والتَّهَكُّمِ
(* قوله «فلم يزل بالقوم» هكذا في الأصل بالميم).
حتى التَقَيْنا، وهو مثل الــمُفْحَمِ،
واصْفَرَّ حتى آضَ كالمُبَلْسَمِ
قال: المُبَلْسَمُ والمُبَرْسَم واحد. قال ابن بري: البِلْسامُ
البِرْسامُ وهو المُومُ؛ قال رؤبة:
كأَنَّ بِلْساماً به أَو مُوما
وقد بُلْسِمَ وبَلْسَمَ: كَرَّهَ وجهَه.
دمغ: الدِّماغُ: حَشْوُ الرأْسِ، والجمع أَدْمِغةٌ ودُمُغٌ. وأُمّ
الدِّماغِ: الهامةُ، وقيل: الجلدة الرَّقِيقةُ المشتملة عليه.
والدَّمْغُ: كسر الصَّاقُورةِ عن الدِّماغ. دَمَغَه يَدْمَغُه دَمْغاً،
فهو مَدْموغٌ ودَمِيغٌ، والجمع دَمْغى، وكذلك مَرَةٌ دَمِيغٌ من نِسْوةٍ
دَمْغى؛ عن أَبي زيد. وفي حديث عليّ، عليه السلام: رأَيت عَيْنَيْه
عَيْنَيْ دَمِيغٍ؛ رجل دَمِيغٌ ومَدْموغ: خرج دِماغُه. ودَمَغَه: أَصابَ
دِماغَه. ودَمَغَه دَمْغاً: شَجَّه حتى بَلَغَتِ الشجّةُ الدّماغ، واسمها
الدَّامِغةُ. وفي حديث علي، عليه السلام: دامِغِ جَيْشاتِ الأَباطِيل أَي
مُهْلِكِها. يقال: دَمَغَه دَمْغاً إذا أَصاب دِماغَه فقتله. وفي حديث ذكر
الشِّجاجِ: الدامغةُ التي انتهت إلى الدماغ، والدَّامِغةُ من الشجاج التي
تَهْشِمُ الدّماغ حتى لا تُبْقي شيئاً. والشجاج عشرة: أَولها القاشرةُ
وهي الحارِصةُ ثم الباضعةُ ثم الدّاميةُ ثم المُتَلاحِمةُ ثم السِّمْحاقُ
ثم المُوضِحة ثم الهاشِمةُ ثم المُنَقِّلةُ ثم الآمّةُ ثم الدَّامِغة،
وزاد أَبو عبيد: الدّامِغةُ بعين مهملة بعد الدامية. ودَمَغَتْه الشمسُ
دَمْغاً: آلَمَتْ دِماغَه. ودَمِيغُ الشيطان: نَبْزُ رجل من العرب كان
الشيطانُ دَمَغَه. والدّامِغةُ: حَدِيدةٌ تُشَدُّ بها آخرةُ الرَّحل.
الأَصمعي: يقال للحديدة التي فوق مؤخَّرة الرحل الغاشِيةُ، وقال بعضهم: هي
الدّامِغةُ؛ وقال ذو الرمة:
فَرُحْنا وقُمْنا، والدَّوامِغُ تَلْتَظي
على العِيسِ من شَمْسٍ بَطِيءٍ زَوالُها
قال ابن شميل: الدَّوامِغُ على حاقِّ رُؤوس الأَحْناء من فوقها،
واحِدتُها دامِغة، وربما كانت من خشب وتُؤْسَرُ بالقِدِّ أَسْراً شديداً، وهي
الخَذارِيفُ، واحدها خُذْرُوف. وقد دَمَغَتِ المرأَةُ حَوِيَّتَها تَدْمَغُ
دَمْغاً. قال الأَزهري: الدّامغة إذا كانت من حديد عُرِّضَت فوق طرَفَي
الحِنْوَيْنِ وسُمِّرَتْ بمِسْمارين، والخذاريفُ تشدّ على رؤوس
العَوارِضِ لئلا تتفَكَّكَ. أَبو عمرو: أَحْوَجْتُه إلى كذا وأَحْرَجْتُه
وأَدْغَمْتُه وأَدْمَغْتُه وأَجْلَدْتُه وأَزْأَمْتُه بمعنًى واحد. والدّامِغةُ:
طَلْعةٌ طَوِيلةٌ صُلْبة تخرج من بين شَظِيّاتِ قُلْبِ النَّخْلة
فَتُفْسِدُها إِن تُرِكَتْ، فإِذا عُلِم بها امْتُصِخَتْ، والقَهْرُ والأَخْذُ
من فوقُ دَمْغٌ كما يَدْمَغُ الحَقُّ الباطلَ. ودَمَغَه يَدْمَغُه
دَمْغاً: غَلَبه وأَخذه من فوق. وفي التنزيل: بَل نَقْذِفُ بالحقِّ على الباطل
فيَدْمَغُه؛ أَي يَعْلوه ويغلبه ويُبْطِله؛ قال الأَزهري: فيَدْمَغُه
فيذهب به ذَهابَ الصَّغارِ والذُّلِّ.
وأَدْمَغَ الرجلُ طَعامَه: ابتلَعه بعد المَضْغ، وقيل قَبْلَه، وهو
أَشبه. ودَمَغَتِ الأَرضُ: أَكَلتْ؛ عن ابن الأَعرابي. وحكى اللحياني:
دَمَغَهم بمُطْفِئةِ الرَّضْف، يعني بمُطْفئة الرضْف الشاةَ المهْزولة، ولم
يفسر دمغهم إلا أَن يَعْني غَلَبَهم.
غمم: الغمُّ: واحد الغُمُومِ. والغَمُّ والغُمَّةُ: الكَرْبُ؛ الأخيرة
عن اللحياني؛ قال العجاج:
بَلْ لَوْ شَهِدْتِ النَّاس إذ تُكُمُّوا
بغُمَّةٍ، لوْ لمْ تُفَرَّجْ غُمُّوا
تُكُمُّوا أي غُطُّوا بالغَمِّ؛ وقال الآخر:
لا تَحْسَبَنْ أن يَدِي في غُمَّه،
في قَعْرِ نِحْيٍّ أَسْتَثِيرُ حَمَّه
والغَمْاءُ: كالغَمِّ. وقد غَمَّه الأمرُ يَغُمُّه غَمّاً فاغْتَمَّ
وانْغَمَّ؛ حكاها سيبويه بعد اغْتَمَّ، قال: وهي عربية.
ويقال: ما أَغَمَّك إليَّ وما أَغَمَّكَ لي وما أَغَمَّك عليَّ. وإنه
لَفِي غُمَّةٍ من أمره أي لَبْسٍ ولم يَهْتَدِ له. وأَمْرُهُ عليه غُمَّةٌ
أي لَبْسٌ. وفي التنزيل العزيز: ثم لا يكن أمركم عليكم غُمَّةً؛ قال أَبو
عبيد: مجازها ظُلْمة وضيقٌ وهَمٌّ، وقيل: أي مُغَطّىً مستوراً.
والغُمَّى: الشديدة من شدائد الدهر؛ قال ابن مقبل:
خَروج مِنَ الغُمَّى إذا صُكَّ صَكَّةً
بَدا، والعُيُونُ المُسْتَكِفَّةُ تَلْمَحُ
وأمْرٌ غُمَّةٌ أي مُبْهَمٌ ملتبس؛ قال طرفة:
لَعَمْري وما أَمْرِي عليَّ بِغُمَّةٍ
نَهارِي، وما لَيْلي عليَّ بِسَرْمَدِ
ويقال: إنهم لفي غُمَّى من أمرهم إذا كانوا في أمر ملتبس؛ قال الشاعر:
وأَضْرِبُ في الغُمَّى إذا كَثُرَ الوَغَى،
وأََهْضِمُ إنْ أَضْحى المَراضِيعُ جُوَّعا
قال ابن حمزة: إذا قَصَرْتَ الغُمَّى ضَمَمْتَ أَولها، وإذا فتحْت
أَولها مددت، قال: والأَكثر على أَنه يجوز القصر والمدّ في الأَوَّل
(* قوله
«في الأول» كذا في الأصل، ولعله في الثاني إذ هو الذي يجوز فيه القصر
والمد) قال مغلس:
حُبِسْتُ بِغَمَّى غَمْرةٍ فَتَركْتُها،
وقد أَتْرُك الغَمّى إذا ضاق بابُها
والغُمَّةُ: قَعْرُ النِّحْي وغيره.
وغُمَّ علي الخَبَرُ، على ما لم يسم فاعله، أي اسْتَعجم مثال أُغْمِيَ.
وغُمَّ الهِلال على الناس غَمّاً: سَترَه الغَيمُ وغيره فلم يُرَ.
وليلةُ غَمَّاءَ: آخر ليلة من الشهر، سميت بذلك لأنه غُمَّ عليهم أمرُها
أي سُتِرَ فلم يُدْرَ أَمِن المقبل هي أم من الماضي؛ قال:
ليلةُ ُغُمَّى* طامِسٌ هِلالُها،
(* قوله «ليلة غمى إلخ» أورده الجوهري شاهداً على ما بعده وهو المناسب)
أَوْغَلتُها ومُكْرَةٌ إيغالُها
وهي ليلةُ الغُمَّى. وصُمْنا للغُمَّى وللغَمَّى، بالفتح والضم، إذ
غُمَّ عليهم الهلال في الليلة التي يرون أن فيها استهلاله. وصُمْنا
للغَمَّاء، بالفتح والمد. وصُمْنا للغُمِّيَّة وللغُمَّة كل ذلك إذا صاموا على غير
رؤية. وفي الحديث: أنه قال صوموا لرؤيته وأَفطروا لرؤيته فإن غُمَّ
عليكم فأَكملوا العدة؛ قال شمر: يقال غُمَّ علينا الهلال غَمّاً فهو مَغْموم
إذا حال دون رؤية الهلال غَيْمٌ رَقِيق، من غَمَمْت الشيء إذا غَطَّيته،
وفي غُمَّ ضمير الهلال، قال: ويجوز أن يكون غُمَّ مسنداً إلى الظرف أي
فإن كنتم مَغْموماً عليكم فأَكملوا، وترك ذكر الهلال للاستغناء عنه. وفي
حديث وائل ابن حجر: ولا غُمَّةَ في فرائض الله أي لا تُسْتَرُ ولا تُخفَى
فرائضه، وإنما تُظْهَر وتُعْلن ويُجْهَر بها؛ وقال أَبو دواد:
ولها قُرْحَةٌ تَلأْلأ كالشِّعْـ
ـرَى، أَضاءَتْ وغُمَّ عنها النُّجومُ
يقول: غَطَّى السحابُ غيرَها من النجوم؛ وقال جرير:
إذا نَجْمٌ تعَقَّبَ لاحَ نَجْمٌ،
ولَيْسَتْ بالمُحاقِ ولا الغُمومِ
قال: والغُمُومُ من النجوم صغارها الخفية. قال الأَزهري: وروي هذا
الحديث فإن غُمِّيَ عليكم وأُغْمِيَ عليكم، وسنذكرهما في المعتل. أَبو عبيد:
ليلةٌ غَمَّى، بالفتح مثال كَسْلى، وليلةٌ غَمَّةٌ إذا كان على السماء
غَمْيٌ مثال رَمْيٍ وغَمٌّ وهو أن يُغَمَّ عليهم الهلال. قال الأزهري: فمعنى
غُمَّ وأُغْمِيَ وغُمِّيَ واحد، والغَمُّ والغَمْيُ بمعنى واحد. وفي
حديث عائشة: لما نُزِلَ برسول الله، صلى الله عليه وسلم، طَفِقَ يطرح
خَمِيصةً على وجهه فإذا اغتَمَّ كشفها أي إذا احتبس نَفَسُه عن الخروج، وهو
افتعل من الغَمِّ التغطية والستر. وغَمَّ القمرُ النجوم: بَهَرَها وكاد يستر
ضوءَها. وغَمَّ يومُنا، بالفتح، يَغُمُّ غَمّاً وغُموماً من الغَمِّ.
ويومٌ غامٌ وغَمٌّ ومِغَمٌّ: ذو غَمّ؛ قال:
في أُخْرَياتِ الغَبَشِ المِغَمِّ
وقيل: هو إذا كان يأْخذ بالنَّفَس من شدة الحر. وأَغَمَّ يومُنا مثله.
وليلة غَمَّة وليل غَمٌّ أي غامَّةٌ، وصف بالمصدر كما تقول ماءٌ غَوْرٌ
وأَمرٌ غامٌّ. ورجل مَغْموم: مُغْتَمٌّ من قولهم غُمَّ علينا الهلالُ، فهو
مَغْموم إذا التبس.
والغِمامةُ، بالكسر: خَريطةٌ يجعل فيها فم البعير يُمْنَعُ بها الطعام،
غَمَّهُ يَغُمُّه غَمّاً، والجمع الغَمائم. والغِمامة: ما تُشَدُّ به
عينا الناقة أو خَطْمُها. أَبو عبيد: الغِمامة ثوب يُشَدُّ به أَنف الناقة
إذا ظُئِرَتْ على حُوار غيرها، وجمعها غَمائم؛ قال القطامي:
إذا رَأْسٌ رأَيْتُ به طِماحاً،
شَدَدْتُ له الغَمائِمَ والصِّقاعا
الليث: الغِمامةُ شِبْه فِدامٍ أو كِعامٍ. ويقال: غَمَمْتُ الحمار
والدَّابة غَمّاً، فهو مَغْمُومٌ إذا أَلقَمْتَ فاه ومنخريه؛ الغِمامة،
بالكسر: وهي كالكِعام، وقال غيره: إذا أَلقمت فاه مخْلاةً أو ما أشبهها يمنعه
من الاعتلاف، واسم ما يُغَمُّ به غِمامة.
التهذيب: شمر الغِمَّةُ، بكسر الغين، اللِّبْسة؛ تقول: اللِّباسُ
والزِّيُّ والقِشْرة والهَيْئة والغِمَّة واحد. والغِمامةُ: القُلْفة، على
التشبيه.
ورُطَبٌ مَغْمومٌ: جعل في الجَرَّة وسُتِر ثم غُطِّي حتى أَرْطَب.
وغَمَّ الشيءَ يَغُمُّه: علاه؛ عن ابن الأعرابي؛ قال النمر بن تولب:
أُنُفٌ يَغُمٌّ الضَّالَ نَبْتُ بِحارِها
وبحرٌ مُغَنَّمٌ: كثير الماء، وكذلك الرَّكِيَّة؛ قال ابن الأَعرابي: هي
التي تَمْلأُ كلَّ شيء وتُغَرِّقه؛ وأَنشد:
قَرِيحةُ حِسيٍ من شُرَيْح مُغَمِّم
وغَمَمْتُه: غَطَّيته فانغَمَّ؛ قال أَوس يرثي ابنه شريحاً:
وقدْ رامَ بَحْري قَبْلَ ذلك طامِياً،
مِنَ الشُّعَراءِ، كُلٌّ عَوْدٍ ومُفْحِمِ
على حِينَ أَنْ جَدَّ الذَّكاءُ وأَدْرَكتْ
قَريحةُ حِسْيٍ مِن شُرَيْحٍ مُغَمَّم
يريد: رام الشعراء بحري بعدما ذَكِيتُ، والذَّكاء انتهاء السنّ
واستحكامه، وقوله قَريحةُ حِسْيٍ من شريح يريد أَن ابنه شريحاً قد قال الشعر،
وقَريحةُ الماء: أَول خروجه من البئر، والذي في شعره مغمم، بكسر الميم، يريد
الغامر المغطي؛ شبه شعر ابنه شريح بماء غامر لا ينقطع، ولم يَرْث ابنه
في هذه القصة كما ذكر، وإنما افتخر بنفسه وبولده ونصرة قومه في يوم
السُّوبان. وغَيم مُغَمِّم: كثير الماء.
والغَمامة، بالفتح: السحابة، والجمع غَمام وغَمائم؛ وأَنشد ابن بري
للحطيئة يمدح سعيد بن العاص:
إذا غِبْتَ عَنَّا غابَ عَنَّا رَبيعُنا،
ونُسْقى الغَمامَ الغُرَّ حِينَ تَؤُوبُ
فوصف الغمام بالغُرّ وهو جمع غَرّاء. وقد أَغَمَّتِ السماءُ أي تغيرت.
وحَبُّ الغَمام: البَرَد. وسحاب أَغَمُّ: لا فُرْجة فيه. وقال ابن عرفة في
قوله تعالى: وظللنا عليهم الغمام؛ الغَمام الغَيْم الأبيض وإنما سمي
غماماً لأنه يَغُمُّ السماء أي يسترها، وسمي الغَمّ غَمّاً لاشتماله على
القلب. وقوله عز وجل: فأَثابكم غَمّاً بغَمّ؛ أَراد غمّاً متصلاً، فالغم
الأول الجِراح والقتل، والثاني ما أُلقي إليهم من قبل النبي، صلى الله عليه
وسلم، فأَنساهم الغم الأول. وفي حديث عائشة: عَتَبُوا على عثمان موضع
الغَمامة المُحْماة؛ هي السحابة وجمعها الغَمام، وأرادت بها العُشب والكَلأَ
الذي حماه، فسمته بالغمامة كما يسمى بالسماء، أرادت أَنه حَمى الكَلأَ
وهو حق جميع الناس. والغَمَمُ: أَن يَسيل الشَّعر حتى يضيق الوجه والقفا،
ورجل أَغَمّ وجبهة غَمّاء؛ قال هدبة بن الخشرم:
فلا تَنْكِحي، إنْ فَرَّقَ الدهرُ بيننا،
أَغَمَّ القَفا والوَجْهِ، ليس بأَنْزَعا
ويقال: رجل أَغَمّ الوجه وأَغَمّ القفا. وفي حديث المعراج في رواية ابن
مسعود: كنا نسير في أَرض غُمَّة
(* قوله «في أرض غمة» ضبطت الغمة بضم
الغين وشد الميم كما ترى في غير نسخة من النهاية)؛ الغُمّةُ: الضيقة.
والغَمّاء من النواصي: كالفاشِغة، وتكره الغَمّاء من نواصي الخيل وهي المُفرطة
في كثرة الشعَر.
والغَمِيم: النبات الأخضر تحت اليابس. وفي الصحاح: الغَمِيم الغَمِيس
وهو الكلأُ تحت اليَبِيس. وفي النوادر: اعتَمَّ الكلأُ واغْتَمَّ. وأَرض
مُعِمّة ومُغِمّة ومُعْلَوْلِىة ومُغْلَوْلِيَة، وأَرض عَمْياء وكَمْهاءُ
كل هذا في كثرة النبات والتفافه. والغُمام: الزُّكام. ورجل مَغْموم:
مَزْكوم. والغَمِيمُ: اللبن يسخن حتى يغلظ. والغَمِيم: موضع بالحجاز، ومنه
كُراع الغَمِيم وبُرَق الغَميم؛ قال:
حَوَّزَها مِن بُرَق الغَمِيمِ
أَهْدَأُ، يَمْشِي مِشْيةَ الظَّلِيمِ
والغَمْغَمةُ والتَّغَمْغُم: الكلام الذي الذي لا يُبَين، وقيل هما
أَصوات الثيران عند الذُّعْر وأَصوات الأَبطال في الوَغى عند القتال؛ قال
امرؤ القيس:
وظَلَّ لِثيرانِ الصَّرِيم غَماغِمٌ،
يُداعِسُها بالسَّمْهَريِّ المُعَلَّب
وأورد الأَزهري هنا بيتاً نسبه لعلقمة وهو:
وظلَّ لثيرانِ الصَّريمِ غماغِمٌ،
إذا دَعَسُوها بالنَّضِيِّ المُعَلَّب
وقال الراعي:
يَفْلِقْن كلَّ ساعِد وجُمْجُمه
ضَرباً، فلا تَسمع إلا غَمْغَمَه
وفي صفة قريش: ليس فيهم غَمْغمةُ قُضاعة؛ الغَمغمة والتَّغَمْغم: كلام
غير بيِّن؛ قاله رجل من العرب لمعاوية، قال: من هم؟ قال: قومك من قريش؛
وجعله عبد مناف بن ربع الهذلي للقِسِيّ فقال:
وللقِسِيِّ أَزامِيلٌ وغَمْغمةٌ،
حِسَّ الجَنُوبِ تَسوقُ الماء والبَرَدا
وقال عنترة:
في حَوْمةِ المَوْتِ التي لا تَشْتَكي
غَمَراتِها الأبْطالُ، غيرَ تَغَمْغُمِ
وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
إذا المُرْضِعاتُ، بعد أَوّل هَجْعةٍ،
سَمِعْتَ على ثُدِيِّهنّ غَماغِما
فسره فقال: معناه أَن أَلبانهن قليلة، فالرَّضيع يُغَمْغِم ويبكي على
الثَّدي إذا رَضِعه طلباً للبن، فإما أَن تكون الغمغمة في بكاء الأطفال
وتَصويتهم أَصلاً، وإما أَن تكون استعارة.
وتَغَمْغَمَ الغريقُ تحت الماء: صوَّت، وفي التهذيب إذا تداكَأَت فوقه
الأمواج؛ وأَنشد:
من خَرَّ في قَمْقامِنا تَقَمْقَما،
كما هَوَى فِرعونُ، إذْ تَغَمْغَما
تحتَ ظِلال المَوْجِ، إذْ تَدَأّما
أي صار في دَأْماء البحر.
نتج: النِّتاجُ: اسم يَجْمع وضْعَ جميعِ البهائِمِ؛ قال بعضهم: هو في
الناقة والفرس، وهو فيما سِوى ذلك نَتج، والأَول أَصح؛ وقيل: النِّتاجُ في
جميع الدَّوابِّ، والوِلادُ في الغنم، وإِذا وَليَ الرجلُ ناقةً ماخِضاً
ونِتاجَها حتى تضع، قيل: نَتَجها نَتْجاً. يقال: نَتَجْتُ الناقةَ
(*
قوله «نتجت الناقة إلخ» هو من باب ضرب كما في المصباح. والنتاج، بالفتح:
المصدر، وبالكسر: الاسم، كما في هامش نسخ القاموس نقلاً عن عاصم.)
أَنْتِجُها إِذا وَلِيتَ نَتاجَها، فأَناناتِجٌ، وهي مَنْتُوجةٌ؛ وقال ابن
حِلِّزةَ:
لا تَكْسَعِ الشَّوْلَ بأَغبارِها،
إِنك لا تَدْرِي مَنِ الناتجُ
وقد قال الكميت بيتاً فيه لفظ ليس بالمُسْتَفِيضِ في كلام العرب، وهو
قوله:
لِيَنْتَتِجُوها فِتْنَةً بعدَ فِتْنَةٍ
والمعروف من الكلامِ ليَنْتِجُوها.
التهذيب عن الليث: لا يقال نَتَجَتِ الشاةُ إِلا أَن يكون إِنسان يَلي
نَتاجَها، ولكن يقال: نُتِجَ القومُ إِذا وضَعَتْ إِبلُهم وشاؤُهم؛ قال:
ومنهم من يقول: أَنْتَجَتِ الناقَةُ إِذا وضَعَتْ؛ وقال الأَزهري: هذا
غلط، لا يقال أَنْتَجَتْ بمعنى وَضَعَتْ؛ وفي الحديث: كما تُنْتَجُ
البَهيمةُ بَهِيمَةً جَمْعاءَ أَي تَلِدُ؛ قال: يقال نُتِجَتِ الناقةُ إِذا ولدت،
فهي مَنْتُوجةٌ، وأَنْتَجَتْ إِذا حَملت، فهي نَتُوجٌ، قال: ولا يقال
مُنْتِجٌ. ونَتَجْتُ الناقةَ أَنْتِجُها إِذا ولَّدْتَها. والناتِجُ
للإِبل: كالقابلة للنساء.
وفي حديث الأَقرع والأَبرص: فأُنْتِجَ هذانِ، ووَلَّدَ هذا؛ قال ابن
الأَثير: كذا جاء في الرواية أُنْتِجَ، وإِنما يقال نُتِجَ، فأَما
أَنْتَجَتْ، فمعناه إِذا حمَلَت وحان نَتَاجُها؛ ومنه حديث أَبي الأَحوص: هل
تَنْتِج إِبلَك صِحاحاً آذانُها؟ أَي تُوَلِّدها وتَلي نَتاجَها. أَبو زيد:
أَنْتَجَتِ الفرسُ، فهي نُتوجٌ ومُنْتِجٌ إِذا دنا وِلادُها وعظم بطنها.
وقال يعقوب: إِذا ظهر حملها؛ قال: وكذلك الناقة، ولا يقال مُنْتِجٌ، قال:
وإِذا ولدت الناقةُ من تلقاء نفسها ولم يلِ نَتَاجَها، قيل: قد
انْتَتَجَتْ، وحاجَى به بعض الشعراء فجعله للنخل، فقال أَنشده ابن
الأَعرابي:إِنَّ لنَا مِن مالِنا جِمالا؛
مِنْ خَيْرِ ما تَحْوي الرجالُ مالا،
نَحْلُِبُها غُزْراً ولا بِلالا
بِهِنَّ، لا علاً ولا نِهالا،
يُنْتَجْن كلَّ شتْوةٍ أَجْمالا
يقول: هي بَعْلٌ لا تحتاج إِلى الماء. وقد نَتَجَها نَتْجاً ونَتَاجاً
ونُتِجَتْ. وأَما أَحمد بن يحيى فجعله من باب ما لا يُتكلم به إِلا على
الصيغة الموضوعة للمفعول؛ الجوهري: نُتِجَتِ الناقةُ، على ما لم يُسَمَّ
فاعله، تُنْتَجُ نَتَاجاً، وقد نَتَجَها أَهلُها نَتْجاً؛ قال الكميت:
وقال المُذَمِّرُ للناتِجينَ:
متى ذُمِّرَتْ قَبْلِيَ الأَرْجُلُ؟
والنَّتُوجُ من الخيل وجميعِ الحَافِرِ: الحَامِلُ، وقد أَنْتَجَتْ؛
وبعضهم يقول: نَتَجَتْ، وهو قليل. الليث: النَّتُوجُ الحامِلُ من الدوابِّ؛
فرس نَتُوجٌ وأَتانٌ نَتوج: في بطنها ولد قد استبان؛ وبها نِتاجٌ أَي
حَمل، قال: وبعض يقول للنَّتوج من الدواب: قد نَتَجَتْ بمعنى حملت، وليس
بعامّ.
ابن الأَعرابي: نُتِجَتِ الفرسُ والناقةُ: ولَدت، وأُنْتِجَتْ: دَنا
وِلادُها، كلاهما فِعْلُ ما لم يُسَمَّ فاعله؛ وقال: لم أَسمع نَتَجَت ولا
أَنْتَجَتْ على صيغة فعل الفاعل؛ وقال كراع: نُتِجَتِ الفَرَسُ، وهي
نَتُوجٌ، ليس في الكلام فُعِلَ وهي فَعُولٌ إِلا هذا، وقولهم: بُتِلَتِ
النخلةُ عن أُمِّها وهي بَتُولٌ إِذا أُفْرِدَت؛ وقال مرة: أَنْتَجَتِ الناقةُ
وهي نُتوجٌ إِذا ولَدت، ليس في الكلام أَفْعَلَ وهي فَعُولٌ إِلا هذا،
وقولهم: أَخْفَدَتِ الناقةُ وهي خَفُودٌ إِذا أَلقت ولدها قبل أَن يتم،
وأَعَقَّتِ الفرسُ وهي عَقُوقٌ إِذا لم تحمل، وأَشَصَّتِ الناقةُ وهي
شَصُوصٌ إِذا قلَّ لبنها؛ وناقةٌ نَتِيجٌ: كَنَتُوجٍ، حكاها كراع
أَيضاً.وقال أَبو حنيفة: إِذا نَأَتِ الجَبْهةُ نَتَّجَ الناسُ ووَلَّدوا
واجْتُنِيَ أَوَّلُ الكَمْأَةِ، هكذا حكاه نتَّج، بتشديد التاء، يذهب في ذلك
إِلى التكثير.
وبالناقة نِتاجٌ أَي حمل.
وأَنْتَجَ القومُ: نُتِجَتْ إِبلهم وشاؤُهم. وأَنْتَجَتِ الناقةُ: وضعت
من غير أَن يليها أَحد. والريح تُنْتِجُ السحابَ: تَمْريه حتى يخرج قطره.
وفي المثل: إِن العَجْزَ والتواني تَزاوَجا فأَنْتَجا الفَقْر.
يونس: يقال للشاتين إِذا كانتا سنّاً واحدة: هما نَتيجةٌ، وكذلك غنمُ
فلان نَتائِجُ أَي في سن واحدة. ومَنْتِجُ الناقةِ: حيث تُنْتَجُ فيه،
وأَتَتِ الناقةُ على مَنْتِجِها أَي الوقتِ الذي تُنْتَجُ فيه، وهو مَفْعِلٌ،
بكسر العين.
نخر: النَّخِيرُ: صوتُ الأَنفِ. نَخَرَ الإِنسانُ والحمار والفرس بأَنفه
يَنْخِرُ ويَنْخُرُ نَخِيراً: مدّ الصوت والنفَس في خَياشِيمه. الفراء
في قوله تعالى: أَئذا كنا عِظاماً نَخِرَةً، وقرئ: ناخِرَةً؛ قال:
وناخِرَةً أَجود الوجهين لأَن الآيات بالأَلف، أَلا ترى أَن ناخرة مع الحافِرة
والساهِرة أَشبه بمجيء التأْويلفقال: والناخِرة والنَّخِرة سواء في
المعنى بمنزلة الطامِع والطمِع؛ قال ابن بري وقال الهَمْداني يوم
القادسية:أَقْدِمْ أَخا نَهْمٍ على الأَساوِرَهْ،
ولا تَهُولَنْكَ رؤوسٌ نادِرَهْ،
فإِنما قَصْرُكَ تُرْبُ الساهِرَه،
حتى تعودَ بعدَها في الحافِرَهْ،
من بعدِ ما صِرتَ عِظاماً ناخِرَهْ
ويقال: نَخِرَ العَظْمُ، فهو نَخِرٌ إِذا بَليَ ورَمَّ، وقيل: ناخِرة
أَي فارِغة يجيء منها عند هُبوب الريح كالنَّخير.
والمَنْخِرُ والمَنْخَرُ والمِنْخِرُ والمُنْخُرُ والمُنْخورُ: الأَنف؛
قال غيلان بن حريث:
يَسْتَوْعِبُ البُوعَينِ من جَرِيرِهِ
من لَدُ لَحْيَيْهِ إِلى مُنْخُورِهِ
قال ابن بري: وصواب إِنشاده كما أَنشده سيبويه إِلى مُنْحورهِ، بالحاء،
والمنحور: النَّحْر؛ وصف الشاعر فَرَساً بطول العُنُق فجعله يَستوعِب
حَبْله مقدار باعَين من لحْيَيْه إِلى نَحْرِه. الجوهري: والمَنْخِرُ ثُقْبُ
الأَنْفِ، قال: وقد تكسر الميم إِتباعاً لكسرة الخاء، كما قالوا
مِنْتِن، وهما نادران لأن مِفْعِلاً ليس من الأَبنية. وفي الحديث: أَنه أَخذ
بِنُخْرَة الصبيّ أَي بأَنفِه. والمُنْخُران أَيضاً: ثُقْبا الأَنْف. وفي
حديث الزِّبْرِقان: الأُفَيْطِس النُّخْرَةِ لِلذي كان يَطْلُع في حِجْرِه.
التهذيب: ويقولون مِنْخِراً وكان القياس مَنْخِراً ولكن أَرادوا
مِنْخِيراً، ولذلك قالوا مِنْتِن والأَصل مِنْتِين. وفي حديث عمر، رضي الله عنه:
أَنه أَُتِيَ بسكران في شهر رمضان فقال: لِلمَنْخِرَين دُعاءٌ عليه أَي
كَبَّه الله لِمَنْخِرَيهِ، كقولهم: بْعداً له وسُحْقاً وكذلك لليدين
والفَم. قال اللحياني في كل ذي مَنْخِرٍ: إِنه لَمُنْتَفِخُ المَناخِر كما
قالوا إِنه لمُنْتَفِخ الجوانِب، قال: كأَنهم فَرَّقوا الواحد فجعلوه
جمعاً. قال ابن سيده: وأَما سيبويه فذهب إِلى تعظيم العُضْوِ فجعل كلَّ واحد
منه مَنْخِراً
(* قوله« فجعل كل واحد إلخ» لعل المناسب فجعل كل جزء)،
والغَرَضان مُقْترِبان.
والنُّخْرة: رأْس الأَنفِ. وامرأَةٌ مِنْخار: تَنْخِرُ عند الجماع،
كأَنها مجنونة، ومن الرجال من يَنْخِرُ عند الجماع حتى يُسمع نَخِيره.
ونُخْرَتا الأَنْف: خَرْقاه، الواحدة نُخْرة، وقيل: نُخْرَتُه مُقدّمه، وقيل:
هي ما بين المُنْخُرَين، وقيل: أَرْنَبَتُهُ يكون للإِنسان والشاء والناقة
والفرس والحمار؛ وكذلك النُّخَرة مثال الهُمَزَة. ويقال: هَشَم
نُخْرَتَه أَي أَنفه. غيره: النُّخْرة والنُّخَرة، مثال الهُمَزة، مُقدَّم أَنف
الفرس والحمار والخنزير.
ونَخَرَ الحالِبُ الناقةَ: أَدخل يده في مَنْخرها ودلَكه أَو ضرَب
أَنفَها لتَدِرَّ؛ وناقة نَخُور: لا تَدِرُّ إِلاّ على ذلك. الليث: النَّخُور
الناقة التي يَهلِك ولدُها فلا تَدِرّ حتى تُنَخَّر تَنْخِيراً؛
والتَّنْخِير: أَن يدلُك حالبُها مُنْخُرَيها بإِبهامَيه وهي مُناخة فتثُور
دارَّة. الجوهري: النَّخُور من النُّوق التي لا تَدِرّ حتى تضرِب أَنفَها،
ويقال: حتى تُدخِل إِصْبَعَك في أَنفها.
ونَخِرَت الخشَبة، بالكسر، نَخَراً، فهي نَخِرة: بَلِيَتْ وانْفَتَّت
أَو اسْتَرْخَت تَتَفَتَّت إِذا مُسَّت، وكذلك العظْم، يقال: عَظْم نَخِر
وناخِر، وقيل: النَّخِرَة من العظام الباليةُ، والناخِرة التي فيها بقيَّة
(*قوله« التي فيها بقية» كذا في الأصل. وعبارة القاموس: المجوفة التي
فيها ثقبة.) ، والناخر من العظام الذي تَدخل الريح فيه ثم تخرج منه، ولها
نَخِير. وفي حديث ابن عباس، رضي الله عنهما: لما خلق الله إِبليس نَخَرَ؛
النَّخِير: صوت الأَنف. ونَخَر نَخِيراً: مدّ الصَّوت في خياشيمه وصوَّت
كأَنه نَغْمة جاءت مضطرِبة. وفي الحديث: ركِب عمرو بن العاص على بغلة
سَمِطَ وجهُها هرَماً فقيل له: أَتركب بغلة وأَنت على أَكرمِ ناخرة بمصر؟
وقيل: ناجِرة، بالجيم؛ قال المبرّد: قوله الناخِرة يريد الخيل، يقال للواحد
ناخِر وللجماعة ناخرة، كما يقال رجل حَمَّار وبغَّال وللجماعة الحمَّارة
والبغَّالة؛ وقال غيره: يريد وأَنت على ذلك أَكرم
(* قوله« وانت على ذلك
أكرم إلخ» كذا في الأصل) ناخِرة. يقال: إِن عليه عَكَرَةً من مال أَي
إِنّ له عَكَرة، والأَصل فيه أَنها تَرُوحُ عليه، وقيل للحمير الناخِرة
للصَّوت الذي خرج من أُنوفها، وأَهلُ مِصر يُكثِرون ركوبها أَكثرَ من ركوب
البِغال. وفي الحديث: أَفضلُ الأَشياءِ الصلاةُ على وقتها أَي لوقتها.
وقال غيره: الناخِر الحمار. الفراء: هو الناخِر والشاخِر، نخيرُه من أَنفِه
وشَخِيرُه من حلقِه. وفي حديث النَّجاشيِّ: لما دخل عليه عمرو والوفْدُ
معه قال لهم: نَخِّرُوا أَي تكلموا؛ قال ابن الأَثير:كذا فُسر في الحديث،
قال: ولعله إِن كان عربيّاً مأْخوذ من النَّخير الصَّوتِ، ويروى بالجيم،
وقد تقدم. وفي الحديث أَيضاً: فتناخَرَتْ بَطارِقَتُه أَي تكلمت وكأَنه
كلام مع غضب ونُفور.
والناخِر: الخِنزير الضَّارِي، وجمعه نُخُرٌ.
ونُخْرة الريح، بالضم: شِدّةُ هُبوبها.
والنَّخْوَرِيُّ: الواسع الإِحلِيل؛ وقال أَبو نصر في قول عَدِيِّ بن
زيد:
بعدَ بنِي تُبَّعٍ نَخاوِرَة،
قدِ اطمأَنَّتْ بهم مَرازِبُها
قال: النَّخاوِرَة الأَشراف، واحدهم نِخْوارٌ ونَخْوَرِيّ، ويقال: هم
المتكبرون. ويقال: ما بها ناخِر أَي ما بها أَحد؛ حكاه يعقوب عن الباهلي.
ونُخَير ونَخَّار: اسمانِ.
فسكل: الفِسْكِل والفُسْكُلُ والفِسْكَوْل والفُسْكُول: الذي يجيء في
آخر الحلبة آخر الخيل. وهو بالفارسية فُشْكل، وقيل: الفِسْكِل والمُفَسْكل
هو المؤخر البطيء، وقد فُسْكِلْت أَي أُخِّرْت؛ ومنه قيل: رجل فِسْكل
إِذا كان رَذْلاً. والعامة تقول فُسْكُل، بالضم؛ قال أَبو الغوث: أَولها
المُجَلِّي وهو السابق ثم المصلّي ثم المُسَلِّي ثم التالي ثم العاطِف ثم
المُرْتاح ثم المؤمَّل ثم الحَظي ثم اللَّطيم ثم السُّكَيت، وهو الفِسْكل
والفاشُور؛ قال ابن بري: يقال فَسْكَل الفرسُ إِذا جاء آخر الحلْبة. وفي
الحديث: أَن أَسماء بنت عُمَيْس قالت لعليّ، عليه السلام: إِن ثلاثةً أَنت
آخرُهم لأَخْيار، فقال عليّ لأَولادها: قد فَسْكَلَتْني أُمُّكم أَي
أَخَّرتني وجعلتني كالفِسْكل، وهو الفرس الذي يجيء في آخر خيل السِّباق،
وكانت قد تزوّجت قبله بجعفر أَخيه ثم بأَبي بكر بعد جعفر فعدَّاه إِلى
المفعول، قال: والصواب أَن يذكر الحَظِيّ قبل المؤمَّل لا بعده؛ قال وهذا
ترتيبها منظّماً:
أَتانا المُجَلِّي والمُصَلِّي، وبعده
مُسَلٍّ وتالٍ بعده عاطِفٌ يَجْرِي
ومُرْتاحُها ثم الحَظِي ومُؤَمَّل،
يَحُثّ اللَّطِيم، والسُّكَيْت له يَبري
ورجل فُسْكُول وفِسْكَوْل: متأَخر تابع، وقد فَسْكَل وفُسْكِل؛ قال
الأَخطل:
أَجُمَيْع قد فُسْكِلْت عبداً تابِعاً،
فبَقِيت أَنت الــمُفْحَم المَكْعوم
قصف: القَصْف: الكسر، وفي التهذيب: كسر القَناة ونحوها نِصفين. قَصَفَ
الشيءَ يَقْصِفه قصْفاً: كسره. وفي حديث عائشة تَصِف أَباها، رضي اللّه
عنهما: ولا قصَفُوا له قَناة أَي كسروا. وقد قَصِف قصَفاً، فهو قَصِفٌ
وقصِيفٌ وأَقْصَفُ. وانقَصَف وتَقَصَّفَ: انكسر، وقيل: قَصِفَ انكسر ولم
يَبِن. وانقَصَف: بان؛ قال الشاعر:
وأَسْمَرٌ غيرُ مَجْلُوزٍ على قَصَفِ
(* قوله «وأسمر إلخ» صدره كما في شرح القاموس:
سيفي جريء وفرعي غير مؤتشب)
وقَصَفتِ الرِّيحُ السفينة. والأَقْصَفُ: لغة في الأَقْصَم، وهو الذي
انكسرت ثَنِيّته من النصف. وقصِفت ثنِيّتُه قَصَفاً، وهي قَصْفاء: انكسرت
عَرْضاً؛ قال الأَزهري: الذي نعرفه في الذي انكسرت ثنيته من النصف
الأَقصم. والقَصْفُ: مصدر قصَفْتُ العُود أَقْصِفُه قَصْفاً إذا كسرته. وقَصِفَ
العودُ يَقْصَف قَصَفاً، وهو أَقْصَفُ وقَصِفٌ إذا كان خَوّاراً
ضَعِيفاً، وكذلك الرجل رجل قَصِف سريع الانكسار عن النَّجْدةِ؛ قال ابن بري:
شاهده قول قَيس بن رِفاعة:
أُولو أَناةٍ وأَحْلامٍ إذا غَضِبُوا،
لا قَصِفُونَ ولا سُودٌ رَعابيبُ
ويقال للقوم إذا خَلَوْا عن شيء فَترةً وخِذلاناً: انْقصَفوا عنه. ورجل
قصِفُ البَطن عن الجوع: ضَعِيف عن احتماله؛ عن ابن الأعرابي.
وريح قاصِف وقاصِفة: شديدة تُكَسِّر ما مرَّت به من الشجر وغيره. وروي
عن عبيد اللّه بن عمرو: الرِّياحُ ثمان: أَربعٌ عذاب وأَربع رحمة، فأَما
الرَّحمة فالناشِراتُ والذَّارِياتُ والمُرْسَلاتُ والمُبَشِّرات، وأَما
العذاب فالعاصِفُ والقاصِفُ وهما في البحر، والصَّرْصَر والعَقيمُ وهما في
البرِّ. وقوله تعالى: أَو يُرسِلَ عليكم قاصفاً من الرِّيح؛ أَي ريحاً
تَقْصِف الأَشياء تَكْسِرُها كما تُقْصَف العِيدان وغيرها. وثوب قَصِيف:
لا عَرْض له.
والقَصْفُ والقَصَفة: هدير البعير وهو شدّة رُغائه. قَصَف البعيرُ
يَقْصِفُ قَصْفاً وقُصوفاً وقَصيفاً: صَرَفَ أَنيابه وهَدر في الشٍّقْشِقة.
ورَعْدٌ قاصِفٌ: شديد الصوت. قال أَبو حنيفة: إذا بلَغ الرَّعد الغاية في
الشدَّة فهو القاصف، وقد قصَف يقصِف قصْفاً وقَصيفاً. وفي حديث موسى، على
نبينا وعليه الصلاة والسلام، وضَرْبه البحر: فانتَهى إليه وله قَصِيف
مَخافة أَن يَضْرِبه بعَصاه، أَي صوت هائل يُشبه صوت الرَّعْد؛ ومنه قولهم:
رَعْد قاصِف أَي شديد مُهْلك لصوته. والقَصْف: اللَّهْو واللَّعِب،
ويقال: إنها مُولَّدة. والقَصْفُ: الجَلَبة والإعْلان باللهو. وقَصَفَ علينا
بالطَّعام يَقْصِف قَصْفاً: تابَعَ. ابن الأَعرابي: القُصُوف الإقامة في
الأَكل والشرب.
والقَصْفة: دَفْعة الخيل عند اللِّقاء. والقَصْفةُ: دَفْعة الناس
وقَضَّتُهم وزَحْمتهم، وقد انْقَصَفوا، وربما قالوه في الماء. وقَصْفة القوم:
تَدافُعُهم وازدحامهم. وفي الحديث يرويه نابغة بني جَعدةَ عن النبي، صلى
اللّه عليه وسلم، أَنه قال: أَنا والنبيون فُرَّاطٌّ لقاصِفينَ، وذلك على
باب الجنة؛ قال ابن الأَثير: هم الذين يزدحمون حتى يَقْصِف بعضهم بعضاً،
من القَصْف الكسرِ والدَّفْعِ الشديد، لفَرْط الزِّحام؛ يريد أَنهم
يتقدَّمون الأُممَ إلى الجنة وهم على إثرهم بِداراً مُتدافعين ومُزْدَحِمين.
وقال غيره: الانْقِصافُ الانْدِفاع. يقال: انْقَصَفوا عنه إذا تركوه
ومرُّوا؛ معنى الحديث أَن النبيين يتقدمون أُممهم في الجنة والأُمم على أَثرهم
يبادرون دخولها فيَقْصِفُ بعضُهم بعضاً أَي يَزْحَمُ بعضُهم بعضاً
بِداراً إليها. وقال ابن الأَنباري: معناه أَنا والنبيون متقدمون في الشفاعة
كثيرين متدافعين مُزْدَحِمين. ويقال: سمعت قَصْفة الناسِ أَي دَفْعَتهم
وزَحْمتَهم؛ قال العجاج:
كقَصْفةِ الناسِ من المُحْرَنْجِمِ
وروي في حديث عن النبي، صلى اللّه عليه وسلم: لما يَهُمُّني من
انْقِصافهم على باب الجنة أَهَمُّ عندي من تمام شفاعَتي؛ قال ابن الأَثير: أَي
أَنّ اسْتِسْعادَهم بدخول الجنة وأَن يَتِمَّ لهم ذلك أَهمُّ عندي من أَن
أَبلغ أَنا منزلة الشافعين المُشَفَّعين، لأَن قبول شفاعته كرامة له،
فوصولهم إلى مبتغاهم آثَرُ عنده من نَيل هذه الكرامة لفَرْط شفَقته، صلى
اللّه عليه وسلم، على أُمته. وفي حديث أَبي بكر، رضي اللّه عنه: كان يصلي
ويَقرأُ القرآن فتَتَقَصَّفُ عليه نساء المشركين وأَبناؤهم أَي يَزْدَحِمون.
وفي حديث اليهوديّ: لما قَدِمَ المدينة قال: تركت بني قَيْلة
يَتَقاصَفون على رجل يزعم أَنه نبي. وفي الحديث: شَيَّبَتْني هُود وأَخواتُها
قَصَّفْن عليَّ الأُمم أَي ذُكر لي فيها هلاك الأُمم وقُصّ عليَّ فيها
أَخبارهم حتى تقاصَف بعضُها على بعض، كأَنَّها ازدحمت بِتتابُعها. ورجل صَلِفٌ
قَصِفٌ:كأَنه يُدافع بالشرّ. وانْقَصفُوا عليه: تتابَعُوا.
والقَصْفةُ: رِقَّةٌ تخرج في الأَرْطى، وجمعها قَصْفٌ، وقد أَقْصَفَ،
وقيل: القَصْفة قِطعة من رمل تَتَقَصَّف من مِعْظَمِه؛ حكاه ابن دريد،
والجمع قَصْف وقُصْفانٌ مثل تَمْرة وتَمْر وتُمْران، والقَصْفة: مِرْقاة
الدرجة مثل القَصْمة، وتسمى المرأَة الضَّخْمة القِصاف. وفي الحديث: خرج
النبي، صلى اللّه عليه وسلم، على صَعْدةٍ يتبعها حُذاقيٌّ عليها قوْصَفٌ لم
يَبق منه إلا قَرْقَرُها؛ قال: والصَّعْدة الأَتانُ، الحُذاقيُّ الجَحْش،
والقَوصَفُ القَطِيفة، والقَرْقر ظهرها.
والقَصِيف: هَشيم الشجر. والتَّقَصُّف: التكسُّر. ويقال: قَصِف النبْتُ
يَقْصَفُ قَصَفاً، فهو قَصِفٌ إذا طال حتى انحنى من طُوله؛ قال لبيد:
حتى تَزَيَّنَتِ الجِواءُ بفاخِرٍ
قَصِفٍ، كأَلوان الرِّجال، عَميم
أَي نَبْتٍ فاخِر. والبَرْدِيُّ إذا طال يقال له القَصِيفُ.
وبنو قِصافٍ: بطن.
ردد: الرد: صرف الشيء ورَجْعُه. والرَّدُّ: مصدر رددت الشيء. ورَدَّهُ
عن وجهه يَرُدُّه رَدّاً ومَرَدّاً وتَرْداداً: صرفه، وهو بناء للتكثير؛
قال ابن سيده: قال سيبويه هذا باب ما يكثر فيه المصدر من فَعَلْتُ فتلحق
الزائد وتبنيه بناء آخر، كما أَنك قلت في فَعَلْتُ فَعَّلْتُ حين كثرت
الفعل، ثم ذكر المصادر التي جاءت على التَّفْعال كالترداد والتلعاب والتهذار
والتصفاق والتقتال والتسيار وأَخوانها؛ قال: وليس شيء من هذا مصدر
أَفعلت، ولكن لما أَردتَ التكثير بنيت المصدر على هذا كما بنيت فَعَلْتُ على
فَعَّلْتُ. والمَرَدُّ: كالردّ. وارْتَدَّه: كَرَدَّه؛ قال مليح:
بَعَزْمٍ كوَقْعِ السيف لا يستقله
ضعيفٌ، ولا يَرْتَدُّه، الدهرَ، عاذِلُ
وردَّه عن الأَمر ولَدَّه أَي صرفه عنه برفق.
وأَمر الله لا مردَّ له، وفي التنزيل العزيز: فلا مردَّ له؛ وفيه: يوم
لا مردَّ له؛ قال ثعلب: يعني يوم القيامة لأَنه شيءٌ لا يُرَدُّ.
وفي حديث عائشة: من عمل عملاً ليس عليه أَمرنا فهو رَدٌّ أَي مردودٌ
عليه. يقال: أَمْدٌ رَدٌّ إذا كان مخالفاً لما عليه السنَّة، وهو مصدر وصف
به.
وشيءٌ رَدِيدٌ: مَرْدودٌ؛ قال:
فَتىً لم تَلِدْهُ بِنتُ عَمٍّ قريبةٌ
فَيَضْوَى، وقد يَضْوَى رَدَيِدُ الغَرائب
وقد ارتدَّ وارتدَّ عنه: تحوّل. وفي التنزيل: من يرتدد منكم عن دينه؛
والاسم الرِّدّة، ومنه الردَّة عن الإِسلام أَي الرجوع عنه. وارتدَّ فلان
عن دينه إِذا كفر بعد إِسلامه. وردَّ عليه الشيء إِذا لم يقبله، وكذلك
إِذا خَطَّأَه. وتقول: رَدَّه إِلى منزله ورَدَّ إِليه جواباً أَي رجع.
والرِّدّة، بالكسر: مصدر قولك ردَّه يَرُدُّه رَدّاً ورِدَّة. والرِّدَّةُ:
الاسم من الارتداد. وفي حديث القيامة والحوض فيقال: إِنهم لم يزالوا
مُرْتَدِّين على أَعقابهم أَي متخلفين عن بعض الواجبات. قال: ولم يُرِدْ
رِدَّةَ الكفر ولهذا قيده بأَعقابهم لأَنه لم يَرْتَدَّ أَحد من الصحابة بعده،
إِنما ارتد قوم من جُفاة الأَعراب.
واسَتَردَّ الشيءَ وارْتَدَّه: طلب رَدَّه، عليه؛ قال كثير عزة:
وما صُحْبَتي عبدَ العزيز ومِدْحتي
بِعارِيَّةٍ، يَرتدُّها مَن يُعِيرُها
والاسم: الرَّداد والرِّداد؛ قال الأَخطل:
وما كلُّ مَغْبونٍ، ولو سَلْفَ صَفْقَةٍ،
يُراجِعُ ما قد فاته بِرَدادِ
ويروى بالوجهين جميعاً، ورُدُود الدارهم: ما رُدَّ، واحدها رِدُّ، وهو
ما زِيفَ فَرُدَّ على ناقده بعدما أُخذ منه، وكل ما رُدَّ بغير أَخذ:
رَدٌّ.
والرِّدُّ: ما كان عماداً للشيء يدفعه ويَرُدُّه؛ قال:
يا رب أَدعوك إِلهاً فَرْداً،
فكن له من البلايا رِدَّا
أَي مَعْقِلاً يُردُّ عنه البلاء. والرِّدُّ: الكهف؛ عن كراع. وقوله
تعالى: فأَرسله معي رِدّاً يصدّقني؛ فيمن قرأَ به يجوز أَن يكون من الاعتماد
ومن الكهف، وأَن يكون على اعتقاد التثقيل في الوقف بعد تحفيف الهمز.
ويقال: وهب هبة ثم ارتدَّها أَي استردَّها. وفي الحديث: أَسأَلك إِيماناً لا
يَرْتَدُّ أَي لا يرجع. والمردودة: المطلقة وكله من الرَّدّ. وفي حديث
النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال لسراقة بن جُعْشُمٍ: أَلا أَدلك على
أَفضل الصدقة؟ ابنتك مردودة عليك ليس لها كاسب غيرك؛ أَراد أَنها مطلقة
من زوجها فترد إِلى بيت أَبيها فأَنفق عليها، وأَراد: أَلا أَدلك على
أَفضل أَهل الصدقة؟ فحذف المضاف. وفي حديث الزبير في دارٍ له وقفها فكتب:
وللمردودة من بناتي أَن تسكنها؛ لأَن المطلقة لا مسكن لها على زوجها. وقال
أَبو عمرو: الرُّدَّى المرأَة المردودة المطلقة. والمردودة: المُوسَى
لأَنها ترد في نصابها. والمردود: الردّ، وهو مصدر مثل المحلوف والمعقول؛ قال
الشاعر:
لا يَعْدَمُ السائلون الخيرَ أَفْعَلُه،
إِمَّا نَوالاً، وإِمَّا حُسْنَ مَرْدودِ
وقوله في الحديث: رُدُّوا السائل ولو بِظِلْفٍ مُحْرَقٍ أَي أَعطوه ولو
ظلفاً محرقاً. ولم يُرِدْ رَدَّ الحِرْمان والمنع كقولك سَلَّم فردَّ
عليه أَي أَجابه. وفي حديث آخر: لا تردوا السائل ولو بِظِلفٍ أَي لا تردّوه
ردَّ حرمات بلا شيء ولو أَنه ظلف؛ وقول عروة بن الورد:
وزَوَّد خيراً مالكاً، إِنَّ مالكاً
له رَدَّةٌ فينا، إِذا القوم زُهَّدُ
قال شمر: الرَّدَّةُ العَطْفَة عليهم والرغبة فيهم. وردَّده ترديداً
وتَرْداداً فتردد. ورجل مُردِّدٌ: حائر بائر. وفي حديث الفتن: ويكون عند
ذلكم القتال رَدَّةٌ شديدة، وهو بالفتح، أَي عطفة قوية. وبحر مُرِدٌّ أَي
كثير الموج. ورجل مُرِدٌّ أَي شَبِق. والارتداد: الرجوع، ومنه المُرْتَدّ.
واستردَّه الشيء: سأَله أَن يَرُدَّه عليه.
والرِّدِّيدَى: الرد. وتَرَدَّدَ وتَرادَّ: تراجع. وما فيه رِدِّيدَى
أَي احتباس ولا تَرْداد. وروي عن عمر بن عبدالعزيز أَنه قال: لا رِدِّيدَى
في الصدقة؛ يقول لا تردّ، المعنى أَن الصدقة لا تؤْخذ في السنة مرتين
لقوله، عليه السلام: لا ثِنى في الصدقة. أَبو عبيد: الرِّدِّيدَى من الردِّ
في الشيء. ورِدِّيدَى، بالكسر والتشديد والقصر: مصدر من رد يرد
كالقَتِّيت والخِصِّيصى.
والرِّدُّ: الظهر والحَمُولة من الإِبل؛ قال أَبو منصور: سميت رِدّاً
لأَنها تُردُّ من مرتعها إِلى الدار يوم الظعن؛ قال زهير:
رَدَّ القِيانُ جِمالَ الحيِّ، فاحتُمِلوا
إِلى الظَّهيرَةِ، أَمرٌ بينهم لَبِكُ
ورادَّه الشيءَ أَي رده عليه. وهما يتَرادَّان البيعَ: من الرد والفسخ.
وهذا الأَمر أَرَدُّ عليه أَي أَنفع له. وهذا الأَمر لا رادَّة له أَي لا
فائدة له ولا رجوع. وفي حديث أَبي إِدريسَ الخولاني: قال لمعاوية إِن
كان دَاوَى مَرْضاها ورَدَّ أُولادها على أُخْراها أَي إِذا تقدمت أَوائلها
وتباعدت عن الأَواخر، لم يَدَعْها تتفرق، ولكن يحبس المتقدمة حتى تصل
إِليها المتأَخرة. ورجلٌ مُتردِّد: مجتمع قصير ليس بِسَبْطِ الخَلْقِ. وفي
صفته، صلى الله عليه وسلم: ليس بالطويل البائن ولا القصير المتردِّد أَي
المتناهي في القصر، كأَنه تردد بعض خْلَقه على بعض وتداخلت أَجزاؤُه.
وعُضْو رِدِّيدٌ: مكتز مجتمع، قال أبو خراش:
مكتنز الحُتُوفُ فَهُوَّ جَوْنٌ،
كِنازُ اللحْمِ، فائلُهُ رَدِيدُ
والرَّدَد والرِّدَّة: أَن تشرب الإِبل الماء عَلَلاً فترتد الأَلبان في
ضروعها. وكل حامل دنت ولادتها فعظم بطنها وضرعها: مُرِدّ. والرِّدَّة:
أَن يُشْرِقَ ضرع الناقة ويقع فيه اللبن، وقد أَردّتْ. الكسائي: ناقة
مُرْمِدٌ على مثال مُكرِم، ومُرِدٌّ مثال مُقِل إِذا أَشْرَقَ ضرعها ووقع فيه
اللبن. وأَردّت الناقة: بركت على نَدًى فَورِم ضرعها وحياؤها، وقيل: هو
ورم الحياء من الضَّبَعَة، وقيل: أَرَدَّتِ الناقة وهي مُردّ وَرمت
أَرفاغها وحياؤها من شرب الماء. والرَّدَدُ والرَّدَّة: ورم يصيبها في
أَخلافها، وقيل: ورمها من الحَفْل. الجوهري: الرِّدَّة امتلاء الضرع من اللبن
قبل النتاج؛ عن الأَصمعي؛ وأَنشد لأَبي النجم:
تَمْشِي من الرِّدَّة مَشْيَ الحِفَّل،
مَشْيَ الرَّوايا بالمَزادِ المُثْقِل
ويروى بالمزاد الأَثقل، وتقول منه: أَردَّتِ الشاة وغيرها، فهي مُرِدّ
إِذا أَضرعت. وناقة مُرِدٌّ إِذا شربت الماء فورم ضرعها وحياؤها من كثرة
الشرب. يقال: نوق مَرادُّ، وكذلك الجمال إِذا أَكثرت من الماء فثقلت. ورجل
مُرِدٌّ إِذا طالت عُزْبَتُه فترادّ الماء في ظهره. ويقال: بحر مُرِدٌّ
أَي كثير الماء؛ قال الشاعر:
ركِبَ البحر إِلى البحرِ، إِلى
غَمَراتِ الموتِ ذي المَوْجِ المُرِدّ
وأَردّ البحر: كثرت أَمواجه وهاج. وجاء فلان مُرِدَّ الوجه أَي غضبانَ.
وأَرَدَّ الرجلُ: انتفخ غضباً، حكاه صاحب الأَلفاظ؛ قال أَبو الحسن: وفي
بعض النسخ اربَدَّ. والرِّدَّة: البقية؛ قال أَبو صخر الهذلي:
إِذا لم يكن بين الحَبِيبَيْنِ رِدَّةٌ،
سِوىِ ذكر شيء قد مَضى، دَرَسَ الذِّكر
والرَّدَّة: تَقاعُس في الذقن إِذا كان في الوجه بعض القباحة ويعتريه
شيء من جمال؛ وقال ابن دريد:
في وجهه قبح وفيه رَدَّة
أَي عيب. وشيء رَدٌّ أَي رديء. ابن الأَعرابي: يقال للإِنسان إِذا كان
فيه عيب: فيه نَظْرة ورَدَّة وخَبْلَة؛ وقال أَبو ليلى: في فلان رَدَّة
أَي يرتد البصر عنه من قبحه؛ قال: وفيه نَظْرَة أَي قبح. الليث: يقال
للمرأَة إِذا اعتراها شيء من خبال وفي وجهها شيء من قباحة: هي جميلة ولكن في
وجهها بعض الرَّدَّة. وفي لسانه رَدٌّ أَي حُبسة. وفي وجهه رَدَّة أَي قبح
مع شيء من الجمال.
ابن الأَعرابي: الرُّدُدُ القباح من الناس. يقال: في وجهه ردَّة، وهو
رادّ.
ورَدَّادٌ: اسم رجل، وقيل: اسم رجل كان مُجَبِّراً نسب إِليهَ
المُجَبِّرون، فكل مُجَبِّر يقال له ردَّاد. ورُؤيَ رجل يوم الكُلاب يَشُدُّ على
قوم ويقول: أَنا أَبو شدَّاد، ثم يردّ عليهم ويقول: أَنا أَبو رَدَّاد.
ورجل مِرَدٌّ: كثير الردّ والكرّ؛ قال أَبو ذؤَيب:
مِرَدٌّ قد نَرى ما كان منه،
ولكن إِنما يُدْعى النجيب
عضل: العَضَلةُ والعَضِيلةُ: كلُّ عَصَبةٍ معها لَحْم غليظ. عَضِلَ
عَضَلاً فهو عَضِلٌ وعُضُلٌّ إِذا كان كثير العَضَلات؛ قال بعض
الأَغفال:لو تَنْطِحُ الكُنَادِرَ العُضُلاَّ،
فَضَّتْ شُؤُونَ رأْسِه فافْتَلاَّ
وعَضَلْته: ضرَبْت عَضَلتَه. وفي صفة سيدنا رسول الله، صلى الله عليه
وسلم: أَنه كان مُعَضَّلاً أَي مُوَثَّقَ الخَلْق، وفي رواية: مُقَصَّداً،
وهو أَثبت. وقال الليث: العَضَلة كل لَحْمة غليظة مُنْتَبِرة مثل لحم
الساق والعَضُد، وفي الصحاح: كل لَحْمة غليظة في عَصَبة، والجمع عَضَلٌ،
يقال: ساقٌ عَضِلة ضَخْمة. وفي حديث ماعز: أَنه أَعْضَلُ قصيرٌ، هو من ذلك،
ويجوز أَن يكون أَراد أَن عَضَلة ساقِه كبيرة. وفي حديث حذيفة: أَخذَ
النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، بأَسْفلَ من عَضلةِ ساقِي وقال هذا موضع
الإِزار. والعَضِلةُ من النساء: المُكْتنزة السَّمِجة.
وعَضَلَ المرأَةَ عن الزوج: حَبَسها. وعَضَلَ الرَّجُلُ أَيِّمَه
يَعْضُلها ويَعْضِلُها عَضْلاً وعضَّلها: مَنَعها الزَّوْج ظُلْماً؛ قال الله
تعالى: فلا تَعْضُلوهُنَّ أَن يَنْكِحْن أَزواجهن؛ نزلت في مَعْقِل بن
يَسارٍ المُزَني وكان زَوَّج أُخْتَه رَجُلاً فطَلَّقها، فلما انقضت
عِدَّتُها خَطَبها، فآلى أَن لا يُزَوِّجه إِياها، ورَغِبتْ فيه أُخته فنزلت
الآية. وأَما قوله تعالى: ولا تَعْضُلُوهنَّ لتَذْهَبوا ببعض ما آتيتموهن
إِلا أَن يأْتِين بفاحشة مُبيِّنة؛ فإِن العَضْلَ في هذه الآية من الزوج
لامرأَته، وهو أَن يُضارَّها ولا يُحْسِن عِشْرَتها ليضْطَرَّها بذلك إِلى
الافتداء منه بمهرها الذي أَمهرها، سَمَّاه اللهُ تعالى عَضْلاً لأَنه
يَمْنعها حَقَّها من النفقة وحُسْن العِشْرة، كما أَن الولي إِذا مَنع
حُرْمته من التزويج فقد مَنعها الحَقَّ الذي أُبيح لها من النِّكاح إِذا
دَعَتْ إِلى كُفْءٍ لها، وقد قيل في الرجل يَطَّلِع من امرأَته على فاحشة
قال: لا بأْس أَن يُضارَّها حتى تَخْتَلِع منه، قال الأَزهري: فجعل الله
سبحانه وتعالى اللَّواتي يأْتِين الفاحشة مُسْتَثْنَياتٍ من جملة النساء
اللَّواتي نَهى الله أَزواجهن عن عَضْلِهِن ليَذْهبوا ببعض ما آتَوْهن من
الصَّدَاق. وفي حديث ابن عمرو: قال له أَبوه زَوَّجْتُك امرأَةً
فعَضَلْتها؛ هو من العَضْلِ المَنْعِ، أَراد إِنك لم تُعامِلْها معاملةَ الأَزواج
لنسائهم ولم تتركها تتصرَّف في نفسها فكأَنك قد منعتها.
وعَضَّلَ عليه في أَمره تعضيلاً: ضَيَّق من ذلك وحالَ بينه وبين ما يريد
ظلماً. وعَضَّلَ بهم المكانُ: ضاق. وعضَّلَتِ الأَرضُ بأَهلها إِذا ضاقت
بهم لكثرتهم؛ قال أَوس بن حَجر:
تَرى الأَرضَ مِنَّا بالفَضاءِ مَريضةً،
مُعَضِّلةً مِنَّا بِجَمْعٍ عَرَمْرَم
وعَضَّل الشيءُ عن الشيء: ضاق. وعضَّلَتِ المرأَةُ بولدها تعضيلاً إِذا
نَشِبَ الولدُ فخرَج بعضُه ولم يخرج بعضٌ فبقِيَ مُعْترِضاً، وكان أَبو
عبيدة يحمل هذا على إِعْضال الأَمر ويراه منه. وأَعْضلَتْ، وهي مُعْضِلٌ،
بلا هاء، ومُعَضِّل: عَسُر عليها وِلادُه، وكذلك الدَّجاجة ببَيْضِها،
وكذلك الشاء والطير؛ قال الكميت:
وإِذا الأُمورُ أَهَمَّ غِبُّ نِتاجِها،
يَسَّرْتَ كلَّ مُعضِّلٍ ومُطَرِّق
وفي ترجمة عصل: والمُعصِّلُ، بالتشديد، السهمُ الذي يَلْتوِي إِذا
رُمِيَ به؛ وحكى ابن بري عن علي بن حمزة قال: هو المُعَضِّل، بالضاد المعجمة،
من عَضَّلَتِ الدجاجةُ إِذا الْتَوَت البَيْضةُ في جوفها. والمُعضِّلة
أَيضاً: التي يَعْسُرُ عليها ولدُها حتى يموتَ؛ هذه عن اللحياني. وقال
الليث: يقال للقَطَاة إِذا نَشِبَ بَيْضُها: قَطاةٌ مُعَضِّل. وقال الأَزهري:
كلام العرب قَطَاةٌ مُطَرِّقٌ وامرأَة مُعَضِّلٌ. وقال أَبو مالك:
عَضَّلَتِ المرأَةُ بولدها إِذا غَصَّ في فَرْجها فلم يَخْرُج ولم يَدْخُل.
وفي حديث عيسى، على نبينا وعليه الصلاة والسلام: أَنه مَرَّ بظَبْية قد
عَضَّلها ولَدُها، قال: يقال عَضَّلَتِ الحاملُ وأَعْضَلَتْ إِذا صَعُب
خروجُ ولدها، وكان الوجه أَن يقول بظَبْية قد عَضَّلَتْ فقال عَضَّلَها
ولدُها، ومعناه أَن ولدها جَعَلَها مُعَضِّلة حيث نَشِبَ في بطنها ولم يخرج.
وأَصل العَضْل المَنْعُ والشِّدَّة، يقال: أَعْضَلَ بي الأَمر إِذا ضاقت
عليك فيه الحِيَل.
وأَعْضَلَه الأَمرُ: غَلَبَه. وداء عُضالٌ: شديدٌ مُعْيٍ غالبٌ؛ قال
لَيْلى:
شَفَاها مِنَ الدَّاءِ العُضالِ الَّذي بها
غُلامٌ، إِذا هَزَّ القَناةَ سَقَاها
ويقال: أَنْزَلَ بي القومُ أَمراً مُعْضِلاً لا أَقوم به؛ وقال ذو
الرمة:ولم أَقْذِفْ لمؤمنةٍ حَصانٍ،
بإِذْنِ الله، مُوجِبةً عُضالا
وقال شمر: الدَّاء العُضال المُنْكَر الذي يأْخُذُ مبادَهَة ثم لا
يَلْبَث أَن يَقْتُل، وهو الذي يُعْيي الأَطِبَّاءَ عِلاجُه، يقال أَمْرٌ
عُضالٌ ومُعْضِلٌ، فأَوَّلُه عُضَالٌ فإِذا لَزِم فهو مُعْضِلٌ. وفي حديث
كعب: لما أَراد عمرُ الخروجَ إِلى العراق قال له: وبها الدَّاء العُضَال؛
قال ابن الأَثير: هو المرض الذي يُعْجِزُ الأَطباءَ فلا دواء له.
وتَعَضَّلَ الدَّاءُ الأَطِبَّاءَ وأَعْضَلَهم: غَلَبَهم. وحَلْفَةٌ عُضالٌ:
شديدةٌ غيرُ ذات مَثْنَوِيَّة؛ قال:
إِنِّي حَلَفْتُ حَلْفَةً عُضالا
وقال ابن الأَعرابي: عُضالٌ هنا داهِيَة عجيبة أَي حَلَفْتُ يَمِيناً
داهية شديدة. وفلان عُضْلَةٌ وعِضْل: شديد، داهية؛ الأَخيرة عن ابن
الأَعرابي. وفلان عُضْلةٌ من العُضَل أَي داهيةٌ من الدواهي. والعُضْلة، بالضم:
الداهيةُ. وشيء عِضْلٌ ومُعْضِلٌ: شديدُ القُبْح؛ عنه أَيضاً؛ وأَنشد:
ومِنْ حِفَافَيْ لِمَّةٍ لي عِضْلِ
ويقال: عَضَّلَتِ الناقةُ تَعْضِيلاً وبَدَّدت تَبْدِيداً وهو الإِعْياء
من المشي والركوب وكُلِّ عَمَل. وعَضَلَ بي الأَمرُ وأَعْضَلَ بي
وأَعْضَلَني: اشْتَدَّ وغَلُظَ واسْتَغْلَق. وأَمْرٌ مُعْضِلٌ: لا يُهْتَدى
لوجهه. والمُعْضِلاتُ: الشدائد. وروي عن عمر، رضي الله عنه، أَنه قال:
أَعْضَلَ بي أَهْلُ الكوفة، ما يَرْضَوْن بأَمير ولا يرضاهم أَمير؛ قال
الأُموي في قوله أَعْضَلَ بي: هو من العُضال وهو الأَمر الشديد الذي لا يقوم به
صاحبُه، أَي ضاقت عَلَيَّ الحِيَلُ في أَمرهم وصَعُبَتْ عَلَيَّ
مداراتُهم. يقال: قد أَعْضَلَ الأَمرُ، فهو مُعْضِلٌ؛ قال الشاعر:
واحدةٌ أَعْضَلَني داؤها،
فكَيْفَ لو قُمْتُ على أَرْبَع؟
وأَنشد الأَصمعيُّ هذا البيتَ أَبا تَوْبة مَيْمونَ بن
حَفْص مُؤَدِّبَ عمر بن
سَعِيد بن سَلْم بحَضْرة سعيد، ونَهَضَ الأَصْمَعي فدار على أَرْبَع
يُلَبِّس بذلك على أَبي تَوْبة، فأَجابه أَبو توبة بما يُشاكِلُ فِعْلَ
الأَصمعي، فضَحِكَ سَعيدٌ وقال لأَبي تَوْبة: أَلم أَنْهَكَ عن مُجاراته في
المَعاني؟ هذه صِناعتُه. وسُئل الشَّعْبي عن مسأَلة مُشْكِلة فقال:
زَبَّاءُ ذاتُ وَبَرٍ، لو وَرَدَتْ على أَصحاب محمد،
صلى الله عليه وسلم، لَعَضَّلَتْ بهم؛ عَضَّلَتْ بهم أَي ضاقت عليهم؛
قال الأَزهري: معناه أَنهم يَضِيقون بالجواب عنها ذَرْعاً لإِشْكالها. وفي
حديث عمر، رضي الله عنه: أَعوذ بالله من كل مُعْضِلة ليس لها أَبو حَسَن،
وروي مُعَضِّلة؛ أَراد المسأَلة الصعبة أَو الخُطَّة الضَّيِّقة
المَخارج من الإِعْضال أَو التعضيل، ويريد بأَبي الحسن علي بن أَبي طالب، كَرَّم
اللهُ وجهَه. وفي حديث معاوية وقد جاءته مسأَلة مشكلة فقال: مُعْضِلَةٌ
ولا أَبا حَسَن قال ابن الأَثير: أَبو حَسَنٍ مَعْرفةٌ وُضِعَت موضع
النكرة كأَنه قال: ولا رَجُلَ لها كأَبي حَسَن، لأَن لا النافية إِنما تدخل
على النكرات دون المَعارِف. وفي الحديث: فأَعْضَلَتْ بالمَلَكَيْن فقالا
يا رب إِن عَبْدك قد قال مَقالةً لا ندري كيف نكتبها.
واعْضَأََلَّت الشجرةُ: كَثُرت أَغْصانُها واشْتدَّ الْتِفافُها؛ قال:
كأَنَّ زِمامَها أَيْمٌ شُجاعٌ،
تَرَأَّدَ في غُصونٍ مُعْضَئِلَّه
هَمَزَ على ثقولهم دَأَبَّة
(* قوله «همز على قولهم دأبة إلخ» كتب
بحاشية نسخة المحكم التي بأيدينا معزوّاً لابن خلصة ما نصه: هذا غلط ليست
الهمزة في اعضأل مزيدة فيكون من باب الثلاثي ويكون وزنه حينئذ افعأل وإنما
الهمزة أصلية على مذهب سيبويه، رحمه الله تعالى، وهو رباعي وزنه افعلل
كاطمأن وشبهه هذا من نصوص سيبويه وليس في الأفعال افعأل) وهي هُذَليَّة
شاذَّة؛ قال أَبو منصور: الصواب
(* قوله «قال أبو منصور الصواب إلخ» أنشده
الجوهري في عضل بالضاد كما رواه الليث، وقوله معطئلة بالطاء أي مع اهمال
العين كما هو ظاهر اقتصاره على تصويبه بالطاء ولكن وقع في التكملة نقط العين
ونص عبارتها بعد عبارة الأزهري وصدق الأزهري فان أبا عبيد ذكر في الغريب
المصنف في باب مفعلل المغطئل الراكب بعضه بعضاً) مُعْطَئلَّة، بالطاء،
وهي النَّاعمة؛ ومنه قيل: شجر عَيْطَلٌ أَي ناعم.
والعَضَلة: شُجَيرةٌ مثل الدِّفْلى تأْكُلُه الإِبل فتشرب عليه كلَّ يوم
الماء
(* هكذا في الأصل، ولعل في الكلام سقطاً) قال أَبو منصور:
أَحْسَبه
(* قوله «قال أبو منصور أحسبه إلخ» عبارته في التهذيب: لا أدري أهي
العضلة أم العصلة ولم يروها لنا الثقات عن أبي عمرو).
العَصَلة، بالصاد المهملة، فصحف.
والعَضَل، بفتح الضاد والعين: الجُرَذُ، والجمع عِضْلانٌ. ابن
الأَعرابي: العَضَلُ ذَكَر الفأْر، والعَضَل: موضع، وقيل: موضع بالبادية كثير
الغِياض. وعَضَلٌ: حَيٌّ وبَنُو عُضَيْلة: بطن. وقال الليث: بَنُو عَضَلٍ
حَيٌّ من كِنانة، وقال غيره: عَضَلٌ والدِّيش حَيَّانِ يقال لهما القارَة
وهُمْ من كِنانة. وقال الجوهري: عَضَل قبيلة، وهو عَضَل بن الهُون بن
خُزَيْمة أَخو الدِّيشِ، وهما القارَة.