Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: معصية

ْلَمَة 

(لَمَمَ)
[هـ] فِي حَدِيثِ بُرَيدة «أَنَّ امْرَأَةً شَكَت إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَماً بابْنَتها» اللَّمَم: طَرَف مِنَ الجُنون يُلَمُّ بِالْإِنْسَانِ: أَيْ يقرُب مِنْهُ وَيَعْتَريه.
[هـ] وَمِنْهُ حَدِيثُ الدُّعَاءِ «أَعُوذُ بكَلِماتِ اللَّهِ التَّامَّة مِنْ شَرِّ كُلّ سامَّة، وَمِنْ كُلّ عَيْنٍ لامَّة» أَيْ ذَاتِ لَمَم، وَلِذَلِكَ لَمْ يَقُلْ «مُلِمَّة» وأصْلُها مِنْ ألْمَمْتُ بِالشَّيْءِ، لِيُزَاوِجَ قَوْلَهُ «مِنْ شَرِّ كُلِّ سامَّة» .
[هـ] وَمِنْهُ الْحَدِيثُ فِي صِفَةِ الْجَنَّةِ «فَلَوْلاَ أَنَّهُ شيءٌ قَضاء اللَّهِ لَأَلَمَّ أَنْ يَذْهَب بَصَرُه؛ لِما يَرَى فِيهَا» أَيْ يَقْرُب.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «مَا يَقْتُل حَبَطاً أَوْ يُلِمُّ» أَيْ يَقْرُب مِنَ القَتْل.
وَفِي حَدِيثِ الْإِفْكِ «وإنْ كنْتِ أَلْمَمْتِ بذنْبٍ فاستغفرِي اللهَ» أَيْ قاربْتِ.
وَقِيلَ: اللَّممُ: مُقَارَبة الــمَعْصِيَة مِنْ غَيْرِ إِيقَاعِ فِعْل.
وَقيل: هُوَ من اللَّمَم: صِغار الذنوب. وَقَدْ تَكَرَّرَ «اللَّمَمُ» فِي الْحَدِيثِ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي الْعَالِيَةِ «إنَّ اللَّمَم مَا بيْنَ الحَدّين: حَدِّ الدُّنْيَا وحَدِّ الْآخِرَةِ» أَيْ صِغار الذُّنُوبِ الَّتِي لَيْسَ عَلَيْهَا حَدٌّ فِي الدُّنْيَا وَلاَ فِي الْآخِرَةِ.
[هـ] وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ «لابْن آدمَ لَمَّتَان: لَمَّةٌ مِنَ المَلك وَلَمَةٌ من الشيطان» اللَّمَّة: الْهَمَّة والخَطْرَة تَقَع فِي الْقَلْبِ، أَرَادَ إلْمَام المَلك أَوِ الشَّيْطَانِ بِهِ والقُرْبَ مِنْهُ، فَما كَانَ مِنْ خَطَرَات الخَيْر، فَهُوَ مِنَ المَلك، وَمَا كَانَ مِن خَطَرَات الشَّرِّ، فَهُوَ مِنَ الشَّيطان.
[هـ] وَفِيهِ «اللَّهُمَّ الْمُم شعَثَنَا» .
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ «وتَلُمُّ بِهَا شَعَثي» هُوَ مِنَ اللَّمِّ: الجَمْع. يُقَالُ: لَمَمْتُ الشيءَ ــألُمُّه لَمًّا، إِذَا جَمَعْتَه: أَيْ اجْمَع مَا تَشَتَّت مِنْ أمرِنا.
وَفِي حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ «تأكُل لَمًّا وتُوسِع ذَمّاً» أَيْ تأكُل كَثِيراً مُجْتَمِعاً.
(س) وَفِي حَدِيثِ جَمِيلَةَ «أَنَّهَا كَانَتْ تحتَ أوْس بْنِ الصَّامت، وَكَانَ رجُلاً بِهِ لَمَم، فَإِذَا اشْتَدَّ لَمَمُه ظَاهَرَ مِنِ امْرأته، فَأَنْزَلَ اللَّهُ كَفَّارَةَ الظِّهار» اللَّمَمُ هَاهُنَا: الإِلْمَام بالنِّساء وشِدَّة الحِرْص عليهِنَّ. وَلَيْسَ مِنَ الجُنون، فَإِنَّهُ لَوْ ظاهَر فِي تِلْكَ الْحَالِ لَمْ يَلْزمه شَيْءٌ.
(هـ) وَفِيهِ «مَا رأيتُ ذَا لِمَّة أحْسَنَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» اللِّمَّة مِنْ شَعر الرَّأْسِ: دُونَ الْجُمَّةِ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ، لِأَنَّهَا أَلَّمت بالمَنْكِبَين، فَإِذَا زَادَتْ فَهِيَ الجُمَّة .
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي رِمْثَة «فَإِذَا رجلٌ لَهُ لِمَّة» يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

نَذَرَ

(نَذَرَ)
- فِيهِ «كَانَ إِذَا خَطَبَ احمرَّتْ عَيْنَاهُ، وَعَلَا صوتُه، واشتدَّ غَضَبُه، كَأَنَّهُ منذِرُ جَيْشٍ يَقُولُ: صبَّحكم ومسَّاكُم» الْمُنْذِرُ: المُعْلِم الَّذِي يُعرِّف القومَ بِمَا يَكُونُ قَدْ دَهَمِهم، مِنْ عدوّ أو غيره. وهو المخوّف أيضا. وَأَصْلُ الْإِنْذَارِ: الْإِعْلَامُ. يُقَالُ: أَنْذَرْتُهُ أُنْذِرُهُ إِنْذَاراً، إِذَا أعلمتَه، فَأَنَا مُنْذِرٌ ونَذِيرٌ: أَيْ مُعْلِمٌ ومخوِّف ومحذِّر. ونَذِرْتُ بِهِ، إِذَا علِمتَ.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «فَلَمَّا عَرَف أَنْ قَدْ نَذِرُوا بِهِ هَرَب» أَيْ عَلِموا وأحسُّوا بِمَكَانِهِ.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «انْذَرِ القومَ» أَيِ احْذَرْ مِنْهُمْ، واستعَّد لَهُمْ، وَكُنْ مِنْهُمْ عَلَى عِلْم وحَذَر.
وَفِيهِ ذِكر «النَّذْر» مكرَّرا. يُقَالُ: نَذَرْتُ أَنْذِرْ، وأَنْذُرُ نَذْراً، إِذَا أوجبتَ عَلَى نفسِك شَيْئًا تبرُّعا؛ مِنْ عِبَادَةٍ، أَوْ صَدَقَةٍ، أَوْ غَيْرِ ذلك.
وقد تكرر في أحاديثه ذِكرُ النَّهي عَنْهُ. وَهُوَ تَأْكِيدٌ لِأَمْرِهِ، وَتَحْذِيرٌ عَنِ التَّهَاوُنِ بِهِ بَعْدَ إِيجَابِهِ، وَلَوْ كَانَ مَعْنَاهُ الزَّجْرَ عَنْهُ حَتَّى لَا يُفْعَل، لَكَانَ فِي ذَلِكَ إبطالُ حُكمِه، وإسقاطُ لُزوم الْوَفَاءِ بِهِ، إِذْ كَانَ بِالنَّهْيِ يَصِيرُ مَعْصِيَةً، فَلَا يَلْزَمُ. وَإِنَّمَا وَجْهُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ قَدْ أَعْلَمَهُمْ أَنَّ ذَلِكَ أمرٌ لَا يجٌرُّ لَهُمْ فِي الْعَاجِلِ نَفْعًا، وَلَا يصرِف عَنْهُمْ ضَرّاً، وَلَا يرُدّ قَضَاءً، فَقَالَ: لَا تَنْذِرُوا، عَلَى أَنَّكُمْ قَدْ تُدْرِكُونَ بِالنَّذْرِ شَيْئًا لَمْ يُقدِّرهُ اللَّه لَكُمْ، أَوْ تَصْرِفُونَ بِهِ عَنْكُمْ مَا جَرَى بِهِ القضاءُ عَلَيْكُمْ، فَإِذَا نَذَرتم وَلَمْ تَعْتَقِدُوا هَذَا، فَاخْرُجُوا عَنْهُ بِالْوَفَاءِ، فَإِنَّ الَّذِي نَذَرْتُمُوهُ لازِمٌ لَكُمْ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ «أَنَّ عُمَرَ وَعُثْمَانَ قَضَيا فِي المِلْطاة بِنِصْفِ نَذْر المُوضِحَة» أَيْ بِنِصْفِ مَا يَجِبُ فِيهَا مِنَ الأرْش وَالْقِيمَةِ. وَأَهْلُ الْحِجَازِ يُسمُّون الْأَرْشَ نَذْراً. وَأَهْلُ الْعِرَاقِ يُسمُّونه أَرْشا.

وَرِعَ

(وَرِعَ)
(س) فِيهِ «مِلاَكُ الدِّين الْوَرَعُ» الْوَرَعُ فِي الأصْل: الكَفُّ عَنِ المَحارِم والتَّحَرُّج مِنْه. يُقَالُ: وَرِعَ الرَّجُل يَرِعُ، بالكَسْر فِيهِمَا، وَرَعاً ورِعَةً، فهُو وَرِعٌ، وتَوَرَّعَ مِنْ كذا، ثم اسْتُعِير للكفّ عن المباح والحلا. وَيَنْقَسِمُ إِلَى ... .
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «وَرِّعِ اللّصَّ وَلَا تُرَاعِهِ» أَيْ إِذَا رَأيْتَه فِي مَنْزلك فاكْفُفْه وادْفَعْه بِمَا اسْتَطَعْت. وَلَا تُرَاعِهِ: أَيْ لَا تَنْتَظِر فِيهِ شَيْئًا وَلَا تَنْظُر مَا يَكُونُ مِنه. وَكُلُّ شَيْءٍ كفَفْتَه فَقَدْ ورَّعْتَه.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُهُ الْآخَرُ «أَنَّهُ قَالَ للسَّائِب: وَرِّعْ عَنِّي فِي الدِّرْهَم والدِّرْهَمَيْن» أَيْ كُفَّ عَنّي الخُصُومَ، بِأَنْ تَقْضِيَ بَيْنَهُم وتَنُوبَ عَنّي في ذلك. وَحَدِيثُهُ الْآخَرُ «وَإِذَا أشْفَى وَرِع» أَيْ إِذَا اشْرف عَلَى مَعْصِيَةٍ كَفَّ.
(س) وَفِي حَدِيثِ الْحَسَنِ «ازدَحَمُوا عَلَيْهِ، فَرَأَى منْهُم رِعَةً سَيّئة، فقال: اللهمّ إليك» يريد بالرّعة هاهنا الاحْتِشَامَ والكَفَّ عَنْ سُوء الْأَدَبِ، أَيْ لَمْ يُحْسِنوا ذَلِكَ. يُقال: وَرِعَ يَرِعُ رِعَةً، مِثْل وَثِقَ يَثِقُ ثِقَةً.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ الدُّعَاءِ «وأعذْني مِنْ سُوء الرِّعَةِ» أَيْ سُوء الكَفّ عَمَّا لَا يَنْبَغَي.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عَوْفٍ «وبِنَهْيه يَرِعُونَ» أَيْ يَكُفُّون.
(هـ) وَحَدِيثُ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ «فَلَا يُوَرَّعُ رجُلٌ عَنْ جَمَل يَخْتَطِمُه» أَيْ يُكَفُّ وَيُمْنَع.
(هـ) وَفِيهِ «كَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ يُوَارِعَانِهِ» يَعْني عَلِيًّا: أَيْ يَسْتَشِيرانِه. والْمُوَارَعَةُ:
المُناطَقة والمُكالَمةُ.

أَمر

(أَمر) : الأَميرُ: الجارُ، لأَنَّ الجيرانَ يَسْتَاْمِرُ بعضُهم بعضاً.
(أَمر) فلَان أَمارَة نصب عَلامَة وَفُلَان صيره أَمِيرا وَالشَّيْء جعل لَهُ حدودا بالعلامات والسنان حدده والقناة ركب فِيهَا سِنَانًا
(أَمر) عَلَيْهِم أمرا وإمارة صَار أَمِيرا وَالشَّيْء أمرا وأمرة وأمارة كثر ونما فَهُوَ أَمر يُقَال قل بَنو فلَان بَعْدَمَا أمروا وَيُقَال من قل ذل وَمن أَمر فل وَفُلَان كثر مَاله وَالْأَمر اشْتَدَّ

(أَمر) عَلَيْهِم أَمارَة صَار أَمِيرا
(أَمر) الشَّيْء صَار مرا يُقَال قد أَمر هَذَا الطَّعَام فِي فمي وَيُقَال مَا أَمر فلَان وَمَا أحلى مَا قَالَ مرا وَلَا حلوا وَمَا يمر وَمَا يحلى مَا يضر وَمَا ينفع وَالْبر صَار فِيهِ المريراء وعَلى بعيره شدّ عَلَيْهِ المرار الْحَبل وَالشَّيْء صيره مرا وَجعله يمر وَيُقَال أَمر فلَانا بِكَذَا وَأمر يَده على الشَّيْء وَأمر عَلَيْهِ الْقَلَم وَالْحَبل فتله وَيُقَال أَمر الْأَمر أحكمه والدهر ذُو نقض وإمرار وَفُلَانًا عالجه وَضرب عُنُقه ليصرعه
أَمر
: (} الأَمْرُ: (معْرُوفٌ، وَهُوَ (ضِدُّ النَّهْيِ، {كالإِمَارِ} والإِيمارِ، بكسرِهما) الأَوَّلُ فِي اللِّسَان، وَالثَّانِي حَكَاه أَهلُ الغَرِيبِ، وَقد أَنكرَهما شيخُنا واستغربَ الأَخِيرَ، وَقد وَجَدتُه عَن أَبي الحَسَنِ الأَخْفَشِ، قَالَ: {وأَمِرَ بِالْكَسْرِ مالُ بني فلانٍ} إِيماراً: كَثُرَتْ أَموالُهم؛ فَفِي كلامِ المصنِّف نَظَرَّ وتأَمُّلٌ.
( {والآمِرَةُ) ، وَهُوَ أَحدُ المصادرِ الَّتِي جاءَتْ (على فاعِلَةٍ) كالعافِيَةِ، والعاقِبَةِ والخاتِمَةِ.
(} أَمَرَه و) {أَمَرَه (بِهِ) ، الأَخيرةُ عَن كُراع،} وأَمَرَه إِيّاه على حَذف الْحَرْف يأْمرُه أَمْراً وإِمَاراً.
( {وآمَرهَ) بالمدِّ، هاكذا فِي سائرِ النُّسَخِ، وَهُوَ لُغةٌ فِي أَمَرَه، وَقَالَ أَبو عُبَيْد:} آمَرْتُه بالمدّ {وأَمرْتُه لُغَتَانِ بِمَعْنى كَثَّرتُه. وسيأْتي.
(} فأْتَمَرَ) ، أَي قَبِلَ أَمْرَه، وَيُقَال: {ائتُمِرَ بخيرٍ؛ كأَنَّ نفسَه} أَمَرَتُه بِهِ فقَبِلَه.
وَفِي الصّحاح: {وائْتَمَرَ الأَمْرَ، أَي امتَثَلَه، قَالَ امرؤُ الْقَيْس:
ويَعْدُو على المَرْءِ مَا يَأْتَمِرْ
وَفِي الأَساس:} وائْتَمَرْتُ مَا {- أَمرْتَنِي بِهِ: امْتَثَلْتُ.
(و) وَقَعَ أَمرٌ عظيمٌ، أَي (الحادثةُ، ج} أُمُورٌ) ، لَا يُكَسَّر على غيرِ ذالك، وَفِي التَّنزِيل الْعَزِيز: {أَلاَ إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ! الاْمُورُ} (الشورى: 53) . وَيُقَال: {أَمْرُ فلانٍ مستقيمٌ،} وأُمُوره مستقيمةٌ.
وَقد وَقَعَ فِي مُصَنَّفات الأُصُول الفَرْقُ فِي الجَمع، فَقَالُوا: الأَمر إِذا كَانَ بمعنَى ضِدِّ النَّهْي فحمعُه {أَوَامِرُ، وإِذا كَانَ بمعنَى الشَّأْنِ فجمعُه} أمُور، وَعَلِيهِ أَكثُر الفُقَهاء، وَهُوَ الجارِي فِي أَلْسِنَة الأَقوام.
وحقَّق شيخُنَا فِي بعض الحَوَاشِي أُصولِيَّة مَا نصّه: اخْتلفُوا فِي واحدِ {أُمورٍ} وأوامِرَ؛ فَقَالَ الأُصولِيُّون: إِنّ {الأَمرَ بمعنَى القولِ المخصَّصِ يُجمَع على أَوامِرَ، وبمعنَى الفِعْلِ أَو الشأْن يُجمَع على أُمُورٍ، وَلَا يعْرَف مَن وافقَهم إِلا الجوهريّ فِي قَوْله: أَمَرَه بِكَذَا أَمْراً وجمعُه أَوامِرُ، وأَما الأَزهريُّ فإِنه قَالَ: الأَمْرُ ضِدُّ النَّهْيِ واحدُ الأُمُور. وَفِي المُحكَم: لَا يُجمَع الأَمرُ إِلّا على أُمور، وَلم يَذْكُر أَحدٌ من النُّحاة أَنَّ فَعْلاً يُجمَع على فَوَاعِلَ، أَو أَنَّ شَيْئا مِن الثُّلاثِيَّاتِ يُجْمَع على فَوَاعِلَ، ثمَّ نَقَلَ شيخُنَا عَن شرح البُرْهَان كلَاما يَنْبَغِي التَّأَمُّلُ فِيهِ.
وَفِي المِصباح: جَمْعُ الأَمْرِ أَوامرُ، هاكذا يَتكلَّم بِهِ النَّاس، ومِن الأَئِمَّةِ مَنْ يُصحِّحه وَيَقُول فِي تَأْوِيله: إِنّ الأَمْرَ} مَأْمُورٌ بِهِ، ثمَّ حُوِّلَ المفعولُ إِلى فَاعل، كَمَا قيل أَمْرٌ عارِفٌ وأَصلُه معرُوفٌ، وعيشةٌ راضيةٌ وأَصلُه مَرْضِيَّة، إِلى غير ذَلِك، ثمَّ جُمِع فاعلٌ على فَوَاعِلَ، {فأَوامِرُ جمعُ} مأْمورٍ. وبعضُهُم يَقُول: جُمِعَ على أَوامِرَ فَرْقاً بَينه وَبَين الأَمْرِ بمعْنَى الحالِ، فإِنه يُجمَع على فُعُول.
(و) الأَمْرُ: (مَصْدَرُ أَمَرَ) فلانٌ (علينا) {يَأْمُر،} وأَمِرَ، وأَمُرَ (مُثَلَّثَة، إِذا وَلِيَ) ، قَالَ شيخُنَا: اقتصرَ فِي الفَصِيح على الفتْح، وحَكَى ابنُ القَطّاع الضَّمَّ، ورَوَى غيرُهم الكسرَ، وأَنكره جماعةٌ.
قلتُ: مَا ذَكَره عَن الفَصِيح، فإِنه حَكَى ثعلبٌ عَن الفَرّاء: كَانَ ذالك إِذْ! أَمَرَ عَلَيْنَا الحَجّاجُ. بفتحِ المِيمِ وأَما بالكسرِ والضَّمِّ فقد حَكَاهُمَا غيرُ واحِدٍ من الأَئِمَّة، قَالُوا: وَقد {أَمِرَ فلانٌ بِالْكَسْرِ} وأَمُرَ بالضمِّ، أَي: صَار {أَمِيراً، وأَنشدُوا على الْكسر:
قد} أَمِرَ المُهَلَّبُ
فَكَرْنِبُوا ودَوْلِبُوا
وحيثُ شِئْتُمْ فاذْهَبُوا
(والاسمُ {الإِمْرَةُ، بِالْكَسْرِ) ، وَهِي} الإِمارة، وَمِنْه حيثُ طَلْحَةَ: (لعلَّكَ ساءَتْكَ {إِمْرَةُ ابنِ عَمِّكَ) .
(وقولُ الجوهريِّ: مصدرٌ، وَهَمٌ) ، قَالَ شيخُنا: وهاذا ممّا لَا يَنْبَغِي بمثلهِ الاعتراضُ عَلَيْهِ: إِذْ هُوَ لعلَّه أَراد كَوْنَه مَصدَراً على رَأْي مَن يقولُ فِي أَمثاله بالمصدريَّة، كَمَا فِي لنِّشْدَةِ وأَمثالِهَا، قَالُوا: إِنّه مصدرُ نَشَدَ الضَّالَّةَ، أَو جاءَ بِهِ على حذْفِ مضافٍ، أَي اسْم مصدر الإِمرة بِالْكَسْرِ، أَو غير ذالك مِمَّا لَا يخفَى عمَّن لَهُ إِلمامٌ باصطلاحهم.
(و) يُقَال: (لَهُ عليَّ} أَمْرَةٌ مُطَاعَةٌ، بِالْفَتْح) لَا غير؛ (للمَرَّةِ) الواحِدةِ (مِنْهُ) ، أَي من {الأَمْر، (أَيْ لَهُ عليَّ أَمْرَةٌ أُطِيعُه فِيهَا) وَلَا تَقُل:} إمْرَةٌ، بِالْكَسْرِ؛ إِنما {الإِمْرَةُ مِن الْولَايَة، كَذَا فِي التَّهْذِيب والصّحاح وشُرُوح الفَصِيح، وَفِي الأَساس: ولكَ عليَّ} أَمْرَةٌ مُطاعةٌ، أَي أَنْ {- تَأْمُرَنِي مَرَّةً واحِدَةً فأُطِيعَكَ.
(} والأَمِيرُ: المَلِكُ؛ لِنَفَاذِ {أَمْرِه، (وَهِي) أَي الأُنْثَى} أَمِيرَةٌ، (بهاءٍ) ، قَالَ عبدُ الله بنُ هَمّام السَّلُولِيُّ:
ولَوْ جاءُوا بِرَمْلَةَ أَو بِهِنْدٍ
لَبَايَعْنَا أَمِيرَةَ مُؤْمِنِينَا
قَالَ شيخُنَا: وَهُوَ بِنَاء على مَا كَانَ فِي الجاهليَّةِ مِن تَوْلِيَةِ النِّسَاءِ، وإِنْ مَنَعَ الشَّرْعُ ذالك، على مَا تَقَرَّر؛ (بَيِّنُ! الإِمارةِ) ، بالكسرِ؛ لأَنّها من الوِلايَات، وَهِي ملحقةٌ بالحِرَف والصَّنائع، (ويُفْتَحُ) وهاذا ممّا أَنكرُوه وَقَالُوا: هُوَ لَا يُعرَف، كَمَا فِي الفَصِيح وشُرُوحه، قَالَه شيخُنَا، وَقد ذَكَرَهما صاحبُ اللِّسَان وَغَيره، فتَأَمَّلْ، (ج أُمَراء) .
(و) الأَميرُ: (قائدُ الأَعْمَى) ؛ لأَنه يَملِكُ أَمرَه، وَمِنْه قَول الأَعشى:
إِذا كانَ هادِي الفَتَى فِي البِلا
دِ صَدْرَ القَنَاةِ أَطاعَ الأَميرَا
(و) الأَمِيرُ: (الجارُ) ؛ لانْقيادِه لَهُ.
(و) الأَمِيرُ: هُوَ {المُؤامَر، أَي (المُشَاوَر) ، وَفِي الحَدِيث: (} أَمِيرِي مِن الملائكةِ جِبْرِيلُ) ، أَي صَاحب {- أَمْرِي ووَلِيِّي. وكلُّ مَن فَزِعْتَ إِلى مُشَاوَرَتِه} ومُؤَامَرَتِه فَهُوَ {أَمِيرُك.
(و) } الأَمِيرُ: ( {المُؤَمَّرُ، كمُعَظَّمٍ: المُمَلَّكُ) ، يُقَال:} أُمِّرَ علَيْه فلانٌ، إِذا صُيِّر {أَمِيراً.
(و) } المُؤَمَّرُ: (المحَدَّدُ) بالعَلاماتِ، (و) قيل: هُوَ) المَوْسُومُ) . وسِنَانٌ {مُؤَمَّرٌ: أَي مُحَدَّدٌ، قَالَ ابنُ مُقْبِلٍ:
وَقد كانَ فِينا مَنْ يَحُوطُ ذِمَارَنا
ويُحْذِي الكَمِيَّ الزّاعِبِيَّ} المُؤَمَّرَا
(و) {المؤَمَّرُ: (القَنَاةُ إِذا جَعَلْتَ فِيهَا سِنَاناً) ، والعربُ تَقول: أَمِّرْ قَنَاتَكَ، أَي اجعَلْ فِيهَا سِنَاناً.
(و) } المُؤَمَّرُ: (المُسَلَّطُ) . وَقَالَ خالدٌ فِي تفسِيرِ الزّاعِبِيِّ المُؤَمَّر: إِنّه هُوَ المُسَلَّط، والزّاعِبِيُّ الرُّمْح الَّذِي إِذا هُزَّ تَدافَعَ كُّه؛ كأَنّ مُؤَخَّرَه يَجْرِي فِي مُقَدَّمِه، وَمِنْه قيل: مَرَّ يَزْعَبُ بحِمْلِه، إِذا كانَ يَتَدَافَعُ، حَكَاه عَن الأَصمعِيِّ.
(و) فِي التَّنزِيل الْعَزِيز: {أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِى الاْمْرِ مِنْكُمْ} (النِّسَاء: 59) . قَالُوا: (أُولُو {الأَمْرِ: الرُّؤَسَاءُ والعُلَماءُ) ، وللمفسِّرين أَقوالٌ فِيهِ كَثِيرَة.
(} وأَمِرَ) الشيْءُ، (كفَرِحَ، {أَمَراً} وأَمَرَةٌ) ، بالتَّحْرِيك فيهمَا: (كَثُرَ وتَمَّ) . وحَكَى ابنُ القَطاع فِيهِ الضّمَّ أَيضاً، قَالَ المصنِّفُ فِي البَصائر: وأَمِرَ القَوْمُ، كسَمِعَ: كَثُرُوا؛ وذالك لأَنّهم، إِذا كَثُرَوا صارُوا ذَا! أَمْرٍ، مِن حيثُ إِنّه لَا بُدَّ لَهُم مِن سائِسٍ يَسُوسُهم، (فَهُوَ {أَمِرٌ) كفَرِح، قَالَ:
أُمُّ عِيَالٍ ضَنْؤُهَا غيرُ} أَمِرْ
والاسمُ {الإِمْرُ.
وزَرْعٌ} أَمِرٌ: كَثِيرٌ، عَن اللِّحيانيّ.
وَقَرَأَ الحَسَنُ: { {أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا} (الْإِسْرَاء: 16) على مِثَالِ عَلِمْنَا، قَالَ ابنُ سِيدَه: وعَسى أَن تكونَ هاذه لُغَة ثَالِثَة، وَقَالَ الأَعْشَى:
طَرِفُونَ وَلَّادُون كلَّ مُبَارَكٍ
} أَمِرُونَ لَا يَرِثُونَ سَهْمَ القُعْدُدِ
وَيُقَال: {أَمَرَهم للهُ} فأَمِرُوا، أَي كَثُرُوا.
(و) يُقَال: {أَمِرَ (} الأَمْرُ) {يَأْمرُ} أَمْراً إِذا (اشتدَّ) . والاسْمُ {الإِمْرُ بِالْكَسْرِ.
وتقولُ: (الْعَرَب) : الشَّرُّ} أَمِرٌ.
وَمِنْه حديثُ أَبي سُفْيَانَ: (لقد {أَمِرَ} أَمْرُ ابنِ أَبِي كَبْشَةَ وارتَفَعَ شَأْنُه، يَعْنِي النبيَّ صلَّى الله عليْه وسلَّم. (و) مِنْهُ حديثُ ابنِ مَسْعُود: (كُنّا نقولُ فِي الجاهِلِيَّةِ: قد {أَمِرَ بَنو فلانٍ، أَي كَثُرُوا.
} وأَمِرَ (الرَّجُلُ) فَهُوَ {أَمِرٌ: (كَثُرَت ماشِيَتُه) ، وَقَالَ أَبو الحَسَن:} أَمِرَ بَنو فلانٍ: كَثُرَتْ أَموالُهم.
( {وآمَره اللهُ) ، بالمدِّ، (} وأَمَره، كنَصَره) وهاذه (لُغَيَّةٌ) .
فأَماَّ قولُهُم: ومُهْرَةٌ {مَأُمْورَةٌ، فعلَى مَا قد أُنِسَ من الإِتباع، مثلُه كثيرٌ.
وَقَالَ أَبو عُبَيْدَ:} آمَرتُه بالمدّ {وأَمَرتُه لغتانِ بِمَعْنى كَثَّرتُه، وأَمِرَ هُوَ، أَي كَثُرَ: فخُرِّجَ على تقديرِ قَوْلهم: عَلِمَ فلانٌ وأَعلمتُه أَنا ذالك، قَالَ يعقوبُ: وَلم يَقُلْه أَحدٌ غيرُه، أَي (كَشَّرَ نَسْلَه وماشِيَتَه) .
وَفِي الأَساس: وقَلَّ بَنو فلانٍ بعدَما} أَمِرُوا، وَفِي مَثَل: (مَنْ قَلَّ ذَلَّ ومَنْ أَمِرَ فَلّ) وإِنَّ مالَه! لأَمِرٌ، وعَهْدِي بِهِ وَهُوَ زَمِرٌ. ( {والأَمِرُ، ككَتِفٍ) : الرجلُ (المُبَارَكُ) يُقْبِلُ عَلَيْهِ المالُ. وامرأَةٌ} أَمِرَةٌ: مُبَاركةٌ على بَعْلها، وكلُّه من الكَثْرَة. وَعَن ابْن بُزُرْجَ: رجلٌ {أَمِرٌ وامرأَةٌ أَمِرَةٌ، إِذا كَانا مَيْمُونَيْنِ.
(وَرَجُلٌ} إِمَّرٌ) {وإِمَّرَةٌ (كإِمَّعٍ وإِمَّعَةٍ) ، بِالْكَسْرِ (ويُفْتَحَان) ، الأُولَى مفتوحةٌ، عَن الفَرّاءِ: (ضعيفُ الرَّأْيِ) أَحمقُ، وَفِي اللِّسَان: رجلٌ إِمَّرٌ وإِمَّرَةٌ: ضعيفٌ لَا رَأْيَ لَهُ، وَفِي التَّهْذِيب: لَا عَقْلَ لَهُ، (يُوَافِقُ كلَّ أَحدٍ على مَا يُرِيدُ مِن أَمْرِه كلِّه) وَفِي اللِّسَان: إِلّا مَا} أَمَرْتَه بِهِ، لِحُمْقِه، وَقَالَ امْرُؤُ القَيْس:
وَلَيْسَ بِذِي رَثْيَةٍ {إمَّرٍ
إِذَا قِيدَ مُسْتَكْرَهاً أَصْحَبَا
وَيُقَال: رجلٌ} إِمَّرٌ: لَا رَأْيَ لَهُ، فَهُوَ {يَأْتَمِرُ لكلِّ} آمِر ويُطِيعُه. قَالَ السّاجِعُ: إِذا طَلَعَتِ الشِّعْرَى سَفَراً فَلَا تُرْسِلْ فِيهَا {إِمَّرَةً وَلَا} إِمَّراً. قَالَ شَمِرٌ: معنه لَا تُرْسِلْ فِي الإِبلِ رجلا لَا عقلَ لَهُ يُدَبِّرُها. وَفِي حَدِيث آدَمَ عَلَيْهِ السّلام: (مَن يُطِعْ {إِمَّرَةً لَا يَأْكُلْ ثَمَرَةً) . قَالَ ابنُ الأَثِير: هُوَ الأَحمق الضعيفُ الرَّأْيِ الَّذِي يقولُ لغيرِه: مُرْنِي بأَمْرِكَ، أَي مَنْ يُطِعْ امرأَةً حمقاءَ يُحْرَمِ الخَيْرَ، ومثلُه فِي الأَساس، قَالَ: وَقد يُطلَقُ} الإِمَّرةُ على الرَّجل، والهاءُ للْمُبَالَغَة، يُقَال: رجلٌ إِمَّرَةٌ، وَقَالَ ثعلبٌ فِي قَوْله: رجلٌ! إمَّرٌ، قَالَ: شُبِّه بالجَدْي.
(وهما) أَيضاً: (الصَّغِيرُ من أَولادِ لضَّأْنِ) ، أَي يُطلَقان عَلَيْهِ، وقِيل: هما الصَّغِيرَان من أَولادِ المَعزِ.
وَالْعرب تقولُ للرَّجل إِذا وَصَفُوه بالإِعدام: مالَه إِمَّرٌ وَلَا إِمَّرَةٌ، أَي مَاله خَرُوفٌ وَلَا رِخْلٌ، وَقيل: مَاله شيءٌ، والإِمَّرُ: الخَرُوفُ، والإِمَّرَةُ: الرِّخْلُ، والخروفُ ذَكَرٌ والرِّخْلُ أُنْثَى.
( {والأَمَرَةُ، حرَّكةً: الحِجَارةُ) . قَالَ أَبو زُبَيْدٍ (من قصيدة) يَرْثِي فِيهَا عُثمانَ بنَ عفّانَ، رَضِيَ اللهُ عَنهُ:
يَا لَهْفَ نَفْسِيَ إِنْ كَانَ الَّذِي زَعَمُوا
حقًّا وماذاا يَرُدُّ اليَومَ تَلْهِيفِي
إِنْ كَان عُثْمانُ أَمْسَى فَوقَه} أَمَرٌ
كراقِبِ العُونِ فوقَ القُنَّةِ المُوفِي
شَبَّه الأَمَرَ بالفحل يَرْقُبُ عُيُونَ أُتُنهِ.
(و) قَالَ ابنُ سِيدَه: الأَمَرَةُ: (العَلَامةُ) .
وَقَالَ غيرُه: الأَمرَة: العَلَم الصغيرُ مِن أَعلام المَفَاوِزِ من حِجارةٍ، وَهُوَ بفَتْحِ الهمزةِ وَالْمِيم.
(و) الأَمَرةُ أَيضاً: (الرّابِيَةُ) .
وَقَالَ ابنُ شُمَيل: الأَمَرَةُ ثلُ المَنارةِ فوقَ الجبلِ عَرِيضٌ، مثلُ البَيتِ وأَعظمُ، وطُولُه فِي السَّماءِ أَربعونَ قامَة صُنِعَتْ على عهدِ عادٍ وإِرَمَ، وَرُبمَا كَانَ أَصلُ إِحداهنّ مثلَ الدّارِ، وإِنما هِيَ جارٌ مُكوَّمةٌ بعضُها فَوق بعضٍ قد أُلزِقَ مَا بَينهَا بالطِّين، وأَنت تَراها كأَنَّهَا خِلْقَة.
(جَمْعُ الكُلِّ أَمَرٌ) .
قَالَ الفَراءُ: يُقَال: مَا بهَا أَمَرٌ، أَي عَلَمٌ.
وَقَالَ أَبو عَمْرو: {الأَمَرَاتُ: الأَعلامُ، واحدتُها} أَمَرَةٌ، وَقَالَ غيرُه {وأَمَارةٌ مثلُ} أَمَرَةٍ.
( {والأَمَارةُ} والأَمَارُ، بفتحِهما: المَوْعِدُ والوقْتُ) المحدُودُ، وعَمَّ ابنُ لأَعْرَابِيِّ {بالأَمَارةِ الوَقتَ؛ فَقَالَ: الأَمَارةُ: الوَقتُ، وَلم يُعَيِّن أَمَحدودٌ أَم غيرُ محدودٍ.
(و) } الأَمَارُ: (العَلَمُ) الصغيرُ من أَعلامِ المَفاوِزِ من حجارةٍ، وَقَالَ حُمَيد:
بِسَوَاءِ مَجْمَعَةٍ كأَنَّ! أَمَارَةً
مِنْهَا إِذا بَرَزَتْ فَنِيقٌ يَخْطِرُ وكلُّ عَلَامةٍ تُعَدُّ فَهِيَ أَمَارةٌ، وَتقول: هِيَ أَمَارةُ مَا بَيْنِي وبَيْنِكَ، أَي عَلامَة، وأَنشد:
إِذا طَلَعَتْ شمسُ النّهارِ فإِنَّها
أَمَارةُ تَسْلِيمِي عَلَيْك فَسَلِّمِي
وَقَالَ العَجّاج:
إِذْ رَدَّهَا بِكَيْدِه فارْتَدَّتِ
إِلى أَمَارٍ وأَمارٍ مُدَّتِي
قَالَ ابنُ بَرّيّ: (وأَمَارِ مُدَّتِي) بالإِضافةِ، والضميرُ المرتفعُ فِي رَدَّها يعودُ على الله تعالَى، يَقُول: إِذْ رَدَّ اللْهُ نفسِي بكَيْدِه وقوَّتهِ إِلى وقتِ انتهاءِ مُدَّتِي.
وَفِي حَدِيث ابنِ مَسْعُود: (ابْعَثوا بالهَدْيِ، واجْعَلوا بَينَكم وبينَه يومَ {أَمَارٍ) . الأَمَار} والأَمَارة: العَلَامَة، وَقيل: الأَمَار جمْع الأَمَارةِ، وَمِنْه الحديثُ الآخَرُ: (فَهَل للسَّفَرِ أَمَارة؟) .
( {وأَمْرٌ} إِمْرٌ) ، بِالْكَسْرِ: اسمٌ مِن أَمِرَ الشَّيءُ بِالْكَسْرِ إِذا اشتدَّ، أَي (مُنْكَرٌ عَجِيبٌ) قَالَ الرّاجز:
قد لَقِيَ الأَقْرَانُ منِّي نُكْرَا
داهِيةً دَهْيَاءَ إِدًّا {إِمْرَا
وَفِي التَّنزِيل الْعَزِيز: {لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا} (الْكَهْف: 71) . قَالَ أَبو إِسحاق: أَي جئتَ شَيْئا عَظِيما من المُنْكَر، وَقيل:} الإِمْر، بِالْكَسْرِ؛ الأَمْرُ العظيمُ الشَّنِيعُ، وَقيل: العَجِيب، قَالَ: ونُكْراً أَقلُّ مِن قَوْله:! إمْراً؛ لأَنّ تَغْرِيقَ مَنْ فِي السَّفِينة أَنْكَرُ مِن قَتْلِ نفسٍ واحدةٍ. قَالَ ابنُ سِيدَه: وذهبَ الكسائيُّ إِلى أَنّ معنى إِمْراً: شَيْئا داهِياً مُنكَراً عَجَباً، واشتقَّه مِن قَوْلهم: أَمِرَ القومُ، إِذا كَثُرُوا.
(و) يُقَال: (مَا بهَا) أَي بالدّارِ ( {أَمَرٌ محرّكةً} وتَأْمُورٌ) ، وهاذه عَن أَبي زَيْد، مَهْمُوز، ( {وتُؤْمُور) ، بالضَّمِّ فِي الأَخِير، وهاذه عَن أَبي الأَعرابيّ، والتاءُ زائدةٌ فِيهَا، وبالهمز ودونَه، أَثبتَهما الرَّضِيُّ وَغَيره وزادَ:} - وتُؤْمُرِيٌّ، (أَيّ أَحَدٌ) ، واستطردَ شيخُنا فِي شرح نَظْمِ الفَصِيح أَلفاظاً كَثِيرَة من هاذا القَبِيل، مِنْهَا: مَا بهَا شُفْرٌ (وشَفْرةٌ) وطُوئِيٌّ وطاوِيٌّ (وطُوَوِيٌّ وطُؤَوِيٌّ) وطُؤْرِيٌّ ودُورِيٌّ ودارِيٌّ ودِبِّيجٌ وآرِمٌ وأَرَمٌ وأَريمٌ (وإِرَمِيٌّ، وأَءيرَمِيٌّ) ونُمِّيٌّ ودُعْوِيٌّ وِدُبِّيٌّ وكَتِيعٌ وكُتَاعٌ ودَيّار (ودَيُّورٌ) وكَرّابٌ ووَابِنٌ ونافِخُ ضَرَمَةٍ ووَابرٌ وعَيْنٌ وعائِنَةٌ وَلَا عَريبٌ وَلَا صافِرٌ، قَالَ: ومعنَى هاذه الحُرُوفِ كلِّهَا: أَحَدٌ. وحَكَى جميعَها صاحِبُ كتابِ المَعَالِم، والمُطَرّز فِي كتاب الْيَاقُوت، وابنُ الأَنباريّ فِي كتاب الزّاهر، وابنُ السِّكِّيت، ابنُ سِيدَه فِي العَوِيص، وَزَاد بعضُهم على بعضٍ، وَقد ذَكَر المصنِّفُ بَعْضًا مِنْهَا فِي موَاضعهَا واستجادَ، فارجِع شَرْحَ شيخِنا فِي هَذَا المَحَل فإِنه بَسَطَ وأَفادَ.
( {والائْتِمَارُ: المُشَاوَرَةُ،} كالمُؤامَرَةِ {والاسْتِئْمارِ} والتَّأَمُّرِ) على التَّفَعُّلِ، {والتَّآمُرِ على التفَّاعُلِ.} وآمَرَه فِي {أَمْره ووَامَرَه} واستَأْمَره: شاوَرَه. وَقَالَ غيرُه: {آمَرْتُه فِي} - أَمْرِي {مُؤامرةً، إِذا شاوَرْته، والعامَّةُ تَقول: وَامَرْته.
ومِن} المُؤامَرةِ: المُشَاورةِ، فِي الحدِيث: ( {آمِرُوا النِّساءَ فِي أَنْفُسِهِن) ، أَي شاوِرُوهُنَّ فِي تَزْوِيجِهْنَّ، قَالَ ابنُ الأَثِير: وَيُقَال فِيهِ: وَأمَرْتُه، وَلَيْسَ بفَصِيحٍ. وَفِي حَدِيث عُمر: (} آمِرُوا النِّساءَ فِي بناتِهنَّ) ، وَهُوَ من جهةِ استطابَةِ أَنفسِهنَّ؛ وَهُوَ أَدْعَى للأُلفةِ وخَوْفاً من وُقُوعِ الوَحْشَةِ بَينهمَا إِذا لم يكن برِضَا الأُمِّ؛ إِذ البَناتُ إِلى الأُمَّهَاتِ أَمْيَلُ، وَفِي سَماع قولِهِنَّ أَرغبُ. وَفِي حَدِيث المُتْعَة: ( {فآمَرَتْ نفْسَها) أَي شاوَرَتْها واستأْمَرَتْهَا.
وَيُقَال:} تأَمَّرُوا على الأَمْر! وائْتَمَرُوا: تَمارَوْا وأَجْمَعُوا آراءَهم. وَفِي التَّنزِيل: {إِنَّ الْمَلاَ {يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ} (الْقَصَص: 20) قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: أَي يَتَشَاوَرُون عليكَ، وَقَالَ الزَّجَّاج: معنى قولِه: {يَأْتَمِرُونَ بِكَ} : يأْمُر بعضُهم بَعْضًا بقتلِكَ. قَالَ أَبو مَنْصُور:} ائتمرَ القومُ {وتآمَرُوا، إِذا أَمَرَ بعضُهُم بَعْضًا، كَمَا يُقَال: اقْتَتَل القومُ وتَقَاتَلُوا، اختَصُموا وتَخَاصَمُوا، وَمعنى، {يأتمرون بك} أَي} يؤُامِرُ بعضُهم بَعْضًا بقتلِكَ وَفِي قتلِكَ، قَالَ: وأَمّا قولُه: { {وائْتَمِرُواْ بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ} (الطَّلَاق: 6) فَمَعْنَاه واللهُ أَعلمُ} لِيأْمُرْ بعضُكم بَعْضًا بمعروفٍ. وَقَالَ شَمِرٌ فِي تفسِيرِ حديثِ عُمَرَ، رَضِي اللهُ عَنهُ: (الرِّجالُ ثلاثةٌ: رجلٌ إِذا نَزَلَ بِهِ أَمْرٌ {ائْتَمَرَ رَأْيَه) ، قَالَ: مَعْنَاهُ ارْتَأَى وشاوَرَ نفسَه قبلَ أَنْ يُواقِعَ مَا يُرِيدُ، قَالَ: وَمِنْه قولُ الأَعْشَى:
لَا يَدَّرِي المَكْذُوبُ كيفَ} يَأْتَمِرْ
أَي كَيفَ يَرْتَئِي رَأْياً ويُشاوِرُ نفسَه ويَعْقِدُ عَلَيْهِ؟ .
(و) {الائْتِمَارُ: (الهَمُّ بالشيْءِ) ، وَبِه فَسَّر القُتَيبيُّ قولَه تعالَى: {إِنَّ الْمَلاَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ} أَي يَهُمُّون بكَ، وأَنشد:
اعْلَمَنْ أَنْ كلَّ} مُؤْتَمِرٍ
مُخْطىءٌ فِي الرَّأْيِ أَحْيَانَا
قَالَ: يقولُ: مَن رَكب أَمْراً بغيرِ مَشُورةٍ أَخطأَ أَحياناً. وخَطَّأَ قولَ مَن فَسيَّر قولَ النَّمِر بنِ تَوْلَب أَو امْرِىء القَيس:
أَحارُ بنَ عَمْرٍ وفؤُادِي خَمِرْ
ويَعْدُو على المَرْءِ مَا يَأْتَمِرْ
أَي إِذا ائْتَمَرَ أَمْراً غيرَ رَشَدٍ عَدَا عَلَيْهِ فأَهْلَكَه، قَالَ: كَيفَ يَعْدُو على المرءِ مَا شاوَرَ فِيهِ والمُشَاوَرَةُ بَرَكةٌ؟ : وإِنما أَرادَ يَعْدُو على المرءِ مَا يَهُمُّ بِهِ من الشَّرِّ، وَقَالَ أَيضاً فِي قَوْله تعالَى: {وَأْتَمِرُواْ بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ} : أَي هُمّوا بِهِ واعْتَزِمُوا عَلَيْهِ، قَالَ: وَلَو كانَ كَمَا قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قولِه تعالَى: {إِنَّ الْمَلاَ {يَأْتَمِرُونَ بِكَ} أَي يَتشاوَرُونَ عليكَ لقَالَ:} يَتأَمَّرُون بكَ.
قَالَ أَبو مَنْصُور: وجائزٌ أَن يُقَال: {ائْتمر فلانٌ رَأْيَه، إِذا شاوَرَ عقلَه فِي الصَّوَاب الَّذِي يَأْتِيه، وَقد يُصِيبُ الَّذِي} يَأْتَمِرُ رأْيَه مرَّةً ويُخْطِيءُ أُخْرَى، قَالَ: فمعنَى قولِه: {يَأْتَمِرُونَ بِكَ} : أَي {يُؤامِرُ بعضُهِم بَعْضًا فيكَ، أَي فِي قَتْلِكَ، أَحْسَنُ مِن قَول القُتَيْبِيِّ: إِنّه بِمَعْنى يَهُمُّون بكَ.
وَفِي اللِّسَان:} والمُؤْتَمِرُ: المُسْتَبِدُّ بِرَأْيِه، وَقيل: هُوَ الَّذِي يَسْبِقُ إِلى القَوْلِ، وَقيل: هُو الَّذِي يَهُمُّ {بأَمْرٍ يَفْعَلُه، وَمِنْه الحديثُ: (لَا يَأْتَمرُ رَشَداً) ، أَي لَا يَأْتِي برَشَدٍ مِن ذاتِ نفسِه، وَيُقَال لكلِّ مَنْ فَعَلَ فِعْلاً مِن غيرِ مُشَاورةٍ: ائْتَمَرَ؛ كأَنَّ نفسَه أَمرتْه بشيْءِ} فَائتَمرها، أَي أَطاعَها.
(و) يُقَال: أَنتَ أَعْلَمُ {بتَأْمُورِك، (} التَّأْمُورُ: الوِعَاءُ) ؛ يريدُ أَنتَ أَعلمُ بِمَا عندكَ.
(و) قيل: التَّأْمُورُ (النَّفْسُ) ؛ لأَنها {الأَمّارة، قَالَ أَبو زَيْدٍ: يُقَال: لقد عَلِم} تَأْمُورُكَ ذالك، أَي قد عَلِمَتْ نفْسُك ذالك، وَقَالَ أَوْسُ بنُ حَجَرٍ:
أُنْبِئْتُ أَنَّ بَي سُحَيْمٍ أَوْلَجُوا
أَبْياتَهم تَأْمُورَ نَفْسِ المُنْذِرِ
قَالَ الاصمعيّ: أَي مُهْجةَ نفْسِه، وكانُوا قَتَلُوه.
(و) قيل: تَأْمُورُ النَّفْسِ: (حَيَاتُها) .
وَقيل: العقْلُ، وَمِنْه قولُهم: عَرَفْتُه {- بِتَأْمُورِي.
(و) التَّأْمُورُ: (القَلْبُ) نفسُه، تَفْعُول مِن الأَمْر، وَمِنْه قولُهم: حَرْفٌ فِي} تَأْمُورِكَ خَيْر مِن عَشَرَةٍ فِي وِعَائكَ. (و) قيل: التَّأْمُورُ: (حَبَّتُه وحَياتُه ودَمُه) وعُلْقَتُه، وَبِه فَسَّر بعضُهُم قولَ عَمْرِو بنِ مَعْدِ يكَرِبَ: (أَسَد فِي {تَأْمُورَتِهِ) ، أَي فِي شِدَّةِ شجاعتِه وقَلْبِه.
ورُبَّمَا جُعِلَ خَمْراً، ورُبَّما جُعِلَ صِبْغاً، على التَّشْبِيه.
(أَو) التَّأْمُورُ (الدَّمُ) مُطلقًا؛ على التَّشْبِيه، قالَه الأَصْمَعِيُّ.
وكذالك (الزَّعْفَرانُ) ، على التَّشبِيه، قالَه الأَصمعيُّ.
(و) التَّأْمُور: (الوَلَدُ، ووِعاؤُه) .
(و) التَّأْمُور: (وَزِيرُ المَلِكِ) ؛ لنفُوذِ أَمْرِه.
(و) التَّأْمُور: (لَعِبُ الجَوَارِي أَو الصِّبيانِ) ، عَن ثَعْلَب.
(و) التَّأْمُور: (صَوْمَعَةُ الرّاهِبِ، ونامُوسُه) .
(و) من الْمجَاز: مَا فِي الرَّكِيَّةِ تَأْمُور، يُعْنَى: شَيْءٌ من (المَاء) . قَالَ أَبو عُبَيْد: وَهُوَ قِيَاس على قَوْلهم: مَا بالدّار تَأْمُور، أَي مَا بهَا أَحَدٌ، وحَكَاه الفارسيُّ فِيمَا يُهْمَزُ وَلَا يُهْمَزُ.
(و) التَّأْمُورُ: (عِرِّيسَةُ الأَسَدِ) وخِيسُه، عَن ثَعْلَب، وَهُوَ} التَّأْمُورَةُ أَيضاً: وَيُقَال: احْذَرِ الأَسَد فِي {تَأْمُورِه ومِحْرَابِه وغِيلِه. وسَأَلَ عُمَرُ بنُ الخَطّاب رضيَ اللهُ عَنهُ عَمْرَو بنَ مَعْدِ يكَرِبَ عَن سَعْد، فَقَالَ: أَسَدٌ فِي تَأْمُورَتِه، أَي فِي عَرِينه، وَهِي فِي الأَصل الصَّوْمَعَةُ، فاستعارَها للأَسد، وَقيل: أَصلُ هاذه الكلمةِ سُرْيَانِيَّة.
(و) التَّأْمُور: (الخَمْرُ) نفسُها؛ على التَّشْبِيه بدَمِ الْقلب.
(و) التَّأْمور: (الإِبْرِيقُ) . قَالَ الأَعْشَى يصفُ خَمَّارة:
وإِذا لَهَا} تَامُورَةٌ
مَرْفُوعَةٌ لشَرابِهَا
وَلم يَهْمِزْها.
(و) قيل: التَّأْمور: (الحُقَّةُ) يُجْعَل فِيهَا الخَمْر، (! كالتّأْمُورةِ، فِي هاذه الأَربعِ، وَزْنُه تَفْعُولٌ) ، أَو تَفْعُولَةٌ. قَالَ ابنُ سِيدَه: وقَضَيْنا عَلَيْهِ أَنَّ التّاءَ زَائدةٌ فِي هاذا كلِّه لعَدَمِ فَعْلُولٍ فِي كَلَام الْعَرَب. (وهاذا مَوْضِعُ ذِكْرِه، لَا كَمَا تَوَهَّمَ الجوهَرِيُّ) ، وَهُوَ مذهبُ أَهلِ الاشْتِقَاقِ، ووَزْنُه حينئذٍ فاعُولٌ وفَاعُولَةٌ. وَمَا اختارَه المصنِّفُ تَبَعاً لِابْنِ سِيدَه مالَ إِليه كثيرٌ مِن أَئِمَّة الصَّرْف.
( {- والتَّأْمُورِيُّ} - والتَّأْمُرِيُّ {- والتُّؤْمُرِيُّ) ، بالضمّ فِي الأَخير: (الإِنسانُ) ، تَقول: مَا رأَيتُ} تَأْمُرِيَّا أَحسنَ من هاذه المَرْأَة، وَقيل: إِنها من أَلفاظ الجَحْدِ؛ لُغَة فِي {- تأْمُورِيَ السَّابِق، وصُوِّبَ فِيهَا العُمُوم، كَمَا هُوَ ظاهِرُ المُصَنِّفِ، قالَه شيخُنَا.
(} وآمِرٌ {ومُؤْتَمِر، آخِرُ أَيامِ العَجُوزِ) ؛} فالآمِر: السَّادِس مِنْهَا، {والمُؤْتَمِرُ السابعُ مِنْهَا، قَالَ أَبو شِبْلٍ الأَعرابيُّ:
كُسِعَ الشِّتاءُ بسَبْعَةٍ غُبْرِ
بالصِّنِّ والصِّنَّبْ الوَبْرِ
} وبِآمِرٍ وأَخِيه {مُؤْتَمِرٍ
ومُعَلِّلٍ وبمُطْفِيءِ الجَمْرِ
كأَنَّ الأَوّلَ مِنْهُمَا} يأْمرُ الناسَ بالحَذَر، وَالْآخر يُشاوِرُهم فِي الظَّعْن أَو المُقام. وَفِي التَّهْذِيب: قَالَ البُشْتِيّ: سُمِّيَ أَحدُ أَيامِ العَجُوزِ {آمِراً؛ لأَنه} يأْمرُ الناسَ بالحَذَر مِنْهُ، وسُمِّيَ الآخَر {مُؤْتَمِرًا. قَالَ الأَزهريُّ: وهاذا خَطَأٌ وإِنّما سُمِّيَ} آمِراً لأَنّ الناسَ {يُؤامِرُ فِيهِ بعضُهم بَعْضًا للظَّعْن أَو المُقَام، فجَعَلَ} المؤتمرَ نَعْتاً لليوم، وَالْمعْنَى أَنه {يُؤْتَمرُ فِيهِ، كَمَا يُقَال: ليلٌ نائمٌ: يُنَامُ فِيهِ، ويومٌ عاصفٌ: تَعْصِفُ فِيهِ الرِّيح، ومثلُه كثير، وَلم يَقُلْ أَحدٌ وَلَا سُمِعَ مِن عربيٌّ: ائْتَمرتُه، آي آذَنْتُه، فَهُوَ بَاطِل.
(} والمُؤْتَمِرُ) بالّلام ( {ومُؤْتَمِرٌ) بغيرِها: (المُحَرَّم) . أَنشد ابنُ الأَعرابي:
نَحن أَجَرْنَا كلَّ ذَيّالٍ قَتِرْ
فِي الحَجِّ مِن قَبْلِ دَ آدِى} المُؤْتَمِرْ أَنشدَه ثَعْلَب. (ج {مآمِرُ} ومآمِيرُ) قَالَ ابنُ الكَلْبيِّ: كَانَت عادٌ تُسَمِّي المُحَرَّم {مُؤْتَمِراً، وصَفَرَ نَاجِراً، ورَبِيعاً الأَوّلَ خُوّاناً، وربيعاً الآخِرَ بُصَاناً، وجُمَادَى الأُولى رُبَّى وجُمادَى الآخِرَة حَنِيناً، ورَجَبَ الأَصَمَّ وشَعبانَ عاذِلاً، ورمضانَ ناتِقاً، وشَوالاً وَعِلاً، وَذَا القَعْدَةِ ورْنَةَ، وَذَا الحِجَّةِ بُرَكَ.
(} وإِمَّرَةُ، كإِمَّعَة: د) قَالَ عُرْوَةُ بنُ الوَرْد:
وأَهْلُكَ بينَ {إِمَّرَةٍ وكِيرِ
(و) } إِمَّرَةُ أَيضاً: (جَبَلٌ) قَالَ البكريّ: (إِمَّرَةُ) الحِمَى لغَنِيَ وأَسَد وَهِي أَدْنَى حِمَى ضَرِيَّة، حَمَاه عُثْمَانُ لإِبلِ الصَّدَقَةِ، وَهُوَ اليومَ لعامرِ بنِ صَعْصَعَة، وَقَالَ حبيبُ بنُ شَوْذبٍ: كَانَ الحِمَى حِمَى ضَرِيَّةَ على عَهْد عُثْمَانَ، سَرْحَ الغَنَمِ سِتَّةَ أَميالٍ، ثمَّ رادَ الناسُ فِيهِ فصارَ خَيالٌ {بإِمَّرَةَ، وخَيَالٌ بأَسْوَدِ العَيْنِ، والخَيَالُ: خُشُبٌ كانُوا يَنْصِبُونها وَعَلَيْهَا ثِيابٌ سُودٌ لِيُعْلَمَ أَنَّها حِمىً.
(ووادِي} الأُمَيِّرِ، مُصغَّراً: ع) قَالَ الرّاعِي:
وأُفْزعنَ فِي وادِي الأُمَيِّرِ بَعْدَما
كَسَا البِيدَ سَافِي القَيْظَةِ المُتَناصِرُ
(ويومُ! المَأْمُورِ) يومٌ (لبَنِي الحارثِ) بنِ كَعْب على بني دارِم، وإِيّاه عَنَى الفَرزدقُ بقوله:
هَل تَذْكُرُون بَلاءَكُمْ يومَ الصَّفَا
أَو تَذْكُرُون فَوَارِسَ المَأْمُورِ (و) فِي الحَدِيث: ((خَيْرُ المَال مُهْرَةٌ {مَأْمُورةٌ وسِكَّةٌ مَأْبُورةٌ)) . قالِ أَبو عُبَيْد: (أَي كثيرةُ النِّتَاج والنَّسْلِ، والأَصلُ} مُؤْمَرةٌ) ، مِن {آمَرَهَا اللهُ. (و) قَالَ غيرُه: (إِنّمَا هُوَ) مُهرةٌ} مَأْمُورةٌ (للإِزْدِوَاج) والإِتباع؛ لأَنّهم أَتْبَعُوه مَأْبُورَةٌ فلمّا ازدوجَ اللَّفظانِ جاءُوا {بمأْمُورةٍ على وزن مَأْبُورة، كَمَا قَالَت العربُ: إِنِّي آتِيَهِ بالغَدَيا والعَشايَا، وإِنما يُجْمَع الغَداةُ غَدَوَاتٍ، فجاءُوا بالغَدايا على لفظ العَشَايا تزويجاً للفْظَينَ، وَلها نظائرُ. وَقَالَ الجوهريُّ: والأَصلُ فِيهَا} مُؤْمَرةٌ على مُفْعَلَةٍ، كَمَا قَالَ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلّم: (ارْجِعْنَ مَأْمُوراتٍ غيرَ مَأْمُوراتٍ) ، وإِنّما هُوَ مَوْزُورات من الوِزْر، فِيل: مَأْزُورَات على لفظ مَأْجُورات لِيَزْدَوِجَا.
وَقَالَ أَبو زَيْد: مُهْرَةٌ مَأْمُورَةٌ هِيَ الَّتِي كَثُرَ نَسْلُها، يَقُولُونَ: أَمَرَ اللهُ المُهرةَ، أَي كَثَّر وَلَدَها، وَفِيه لُغتانِ أَمَرَها فَهِيَ مَأْمُورة، {وآمَرَها فَهِيَ} مُؤْمَرَةٌ ورَوَى مُهَاجِرٌ عَن عليِّ بنِ عاصِمٍ: مُهْرَةٌ {مَأْمُورَةٌ، أَي نَتُوجٌ وَلُودٌ. وَفِي الأَساس وَمن المَجاز: مهرةٌ} مَأْمورةٌ، أَي كثيرةُ النِّتَاج؛ كأَنَّهَا {أُمِرَتْ بِهِ، وقِيل لَهَا كُونِي نَثُوراً فكانتْ: (أَو لُغَيَّةٌ، كَمَا سَبَقَ) ، أَي إِذا كَانَت مِن} أَمَرَها اللهُ فَهِيَ {مَأْمُورة، كنَصَر، وَقد تقدَّم عَن أَبي عُبَيد وغيرِه أَنهما لغتانِ.
(و) يُقَال: (} تَأَمَّرَ عَلَيْهِم) فحَسُنَت {إِمْرَتُه، أَي (تَسَلَّطَ) .
(} واليَأْمُورُ) ، بالياءِ المُثَنّاة التَّحْتِيَّة كَمَا فِي سَائِر النُّسَخ، ومثلُه فِي التكملة عَن اللَّيْث، وَالَّذِي فِي اللِّسَان وغيرِه من الأُمَّهات بالمُثنَّاةِ الفَوْقِيَّة كنَظَائِرها السَّابِقَة، والأَوّلُ الصَّوَابُ: (دابَّةٌ بَرِّيَّةٌ) لَهَا قَرْنٌ واحِدٌ متشعِّبٌ فِي وسَطِ رَأْسِه، قَالَ اللَّيْث: يجْرِي على مَن قَتَلَه فِي الحَرَمِ والإِحرام إِذا صِيدَ الحُكْمُ، انْتهى. وَقيل: هُوَ مِن دَوابِّ البحرِ، (أَو جِنْسٌ من الأَوْعَالِ) ، وَهُوَ قولُ الجاحظِ، ذَكَره فِي بَاب الأَوْعَال الجَبَلِيَّة والأَيايِل والأَرْوَى وَهُوَ اسمٌ لجِنْسٍ مِنْهَا بِوَزْن اليَعْمُور.
( {والتّآمِيرُ) هِيَ (الأَعْلامُ فِي المَفاوِزِ) ليُهْتَدَى بهَا، وَهِي حجارةٌ مُكَوَّمَةٌ بعضُها على بعض، (الواحدُ} تُؤْمُورٌ) بالضّمِّ، عَن الفَرّاءِ: { (بَنُو عِيدِ بنِ {- الآمِرِيِّ، كعامريَ) : قبيلةٌ من حِمْيَر (نُسِبَ إِلي النَّجائِبُ العيدِيَّةُ) ، وَقد تقدَّم فِي الدّال الْمُهْملَة.
وممّا يُستدرَك عَلَيْهِ:
} الأَمِيرُ: ذُو {الأَمْر،} والأَمِير: {الآمِرُ، قَالَ:
والنّاسُ يَلْحَوْنَ الأَمِيرَ إِذَا هُمِ
خَطِئُوا الصَّوابَ وَلَا يُلامُ المُرْشِدُ
ورجلٌ} أَمُورٌ بِالْمَعْرُوفِ نَهُوٌّ عَن المُنْكَر.
{والمُؤْتَمِرُ المُسْتَبِدُّ برأْيهِ، وَمِنْه قولُهم:} أَمَرْتُه {فأْتَمِرَ، وأَبَى أَنْ} يَأْتَمِرَ.
{وأَمَّرَ} أَمَارَةً، إِذا صَيَّرَ عَلَماً.
{والتَّأْمِيرُ: تَوْلِيَةُ} الإِمارةِ.
وَقَالُوا: فِي وَجْهِ مالِكَ تَعْرِفُ {أَمَرَتَه، محرَّكةً، وَهُوَ الَّذِي تَعْرِفُ فِيهِ الخيرَ مِن كلِّ شيْءٍ،} وأَمَرَتُهُ زيادتُه وكثرَتُه.
وَمَا أَحسنَ {أَمارَتَهم، أَي مَا يَكْثرُون ويَكثرُ أَولادُهم وعَددُهم.
وَعَن الفَرّاءِ:} الأَمَرَة: الزِّيادة والنَّماءُ والبَركة، قَالَ: ووَجْهُ الأَمْرِ أَوّلُ مَا تَراه، وَقَالَ أَبو الهيْثَم: تقولُ العَربُ: فِي وجْهِ المالِ تَعْرِفُ {أَمَرَتَه، أَي نُقصانَه، قَالَ أَبو مَنْصُور: والصَّوابُ مَا قَالَ الفَرّاءُ، وَقَالَ ابْن بُزُرْج: قَالُوا: فِي وَجْه مالِكَ تَعرفُ} أَمَرَتَه، أَي يُمْنَه، {وأَمَارَتَهُ مثلُه،} وأَمْرَتُه، بفَتْحٍ فسُكُون.
وَقَالُوا:
يَا حَبَّذَا {الإِمَارهْ
ولَوْ عَلى الحِجَارَهْ
} - ومُرْنِي، بمعنَى: أَشِرْ عليَّ.
وفلانٌ بَعِيدٌ مِن! المِئْمَرِ قَريبٌ مِن المِئْبَرِ، وَهُوَ المَشُورَة: مِفْعَلٌ مِن المُؤامَرَةِ. والمِئْبر: النَّمِيمَةُ. وفلانة مُطِيعةٌ لأَمِيرِهَا: زَوْجِهَا. وَفِي الحَدِيث: ذُكِرَ ذُو {أَمَرٍ، محرَّكةً وَهُوَ موضعٌ بنَجّدٍ مِن ديار غَطَفَانَ، قَالَ مُدْرِكُ بنُ لأْيٍ:
تَرَبَّعَتْ مُوَاسِلاً وَذَا} أَمَرْ
فمُلْتَقَى البَطْنَيْنِ مِن حيثُ انْفَجَرْ
وَكَانَ رسولُ اصلَّى اعليْه وسلَّم خَرَجَ إِليه لجَمْع مُحَارِب، فهربَ القومُ مِنْهُ إِلى رُؤُوس الجِبال، وزَعِيمُهُم دُعْثُورُ بنُ الحارثِ المُحَارِبيُّ، فعَسْكَر الْمُسلمُونَ بِهِ.
وَذُو {أَمَرّ، مثلُه مشدَّداً: ماءٌ أَو قريةٌ مِن الشَّام.
} والأَمِيرِيَّة، ومَحَلَّةُ الأَمِير: قَرْيَتَانِ بِمصْر.
تَذْيِيلٌ:
قَالَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ: وَإِذَآ أَرَدْنَآ أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً {أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا} (الْإِسْرَاء: 16) ، قَالَ ابْن مَنْظُور: أَكثرُ القراءِ (أَمَرْنا) ، ورَوَى خارِجَةُ عَن نَافِع: (} آمَرْنَا) بالمَدّ، وسائرُ أَصحابِ نافِعٍ، رَوَوْه عَنهُ مَقْصُوراً. ورُوِيَ عَن أَبي عَمْرٍ و: (! أَمَّرْنَا) ، بالتَّسْدِيد، وسائرُ أَصحابِه رَوَوْه بتخفيفِ المِيمِ وبالقَصْر، وَرَوَى هُدْبَةُ عَن حَمّادِ بنِ سَلَمَةَ عَن ابنِ كَثِيرٍ بالتَّشديد، وسائرُ النَّاسِ رَوَوْه عَنهُ مخفَّفاً، وَرَوَى سَلَمَةُ عَن الفَرْاءِ: مَنْ قرأَ: (أَمَرْنَا) خَفِيفَةً فَسَّرها بعضُهُم أَمَرنا مُترفِيها بالطّاعَة ففسقُوا فِيهَا، أَن المُتْرَفَ إِذا أُمِرَ بالطَّاعَة خالَفَ إِلى الفِسْق، قَالَ الفَرّاءُ: وقرأَ الحَسَنُ: (آمَرنا) ، ورُوِيَ عَنهُ: (أَمَرنا) ، قَالَ: ورُوِيَ عَنهُ أَنه بِمَعْنى أَكْثَرْنَا، قَالَ: وَلَا نرَى أَنها حُفِظَتْ عَنْه؛ لأَنَّا لَا نعرفُ مَعْنَاهَا هُنَا، وَمعنى آمرنا بالمَدِّ أَكثَرْنا، قَالَ: وقرأَ أَبو العالِيَةِ: أَمَّرنا، وَهُوَ موافِقٌ لتفسِيرِ ابنِ عَبّاس؛ وَذَلِكَ أَنّه قَالَ: سَلَّطْنَا رُؤَسَاءَهَا ففسَقُوا، وَقَالَ الزَّجّاج نَحوا ممّا قَالَ الفَرّاءِ، قَالَ: ومَن قرأَ: (أَمَرنا) بالتَّخْفِيف، فَالْمَعْنى {أَمَرناهم بالطّاعة ففسَقوا، فإِن قَالَ قائلٌ: أَلستَ تَقول: أَمَرْتُ زيدا فضَرَب عَمْراً، وَالْمعْنَى أَنكَ} أَمَرْتَه أَن يَضْربَ، فَهَذَا اللفْظُ لَا يَدُلّ على غير الضَّرْب، ومثلُه قولُه: {أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا} {أَمَرْتُكَ فَعَصَيْتَنِي؛ فقد عُلِمَ أَنّ الــمَعْصِيةَ مخَالَفَةٌ الأَمرِ، وذالك الفِسقُ مُخَالفَة أَمْرِ اللهِ، وقرأَ الحَسَنُ: {} أَمِرْنَا مُتْرَفِيهَا} على مِثال عَلِمْنَا، قَالَ ابنُ سِيدَه: وعسَى أَن تكون هاذه لُغَة ثَالِثَة قَالَ الجَوْهَريُّ: مَعْنَاهُ أَمَرْنَاهُم بالطّاعة فعَصَوْا، قَالَ: وَقد تكونُ مِن الإِمارة، قَالَ: وَقد قِيل: أَمِرْنَا مُتْرَفِيها: كَثَّرْنَا مُترَفِيها، والدليلُ على هاذا قولُ النبيِّ صلّى الله عليْه وسلّم: (خيرُ المالِ سِكَّةٌ مأْبُورَةٌ أَو مُهْرَةٌ مَأْمُورةٌ) ، أَي مُكَثِّرةٌ.
تَكْمِيلٌ:
وإِذَا أمَرْتَ مِن أَمَرَ قلتَ: {مُرّ؛ وأَصلُه اؤْمُرْ فَلَمَّا اجتمعتْ همزتانِ وكَثُرَ استعمالُ الكلمةِ حُذِفت الهمزةِ الأَصليّةُ، فَزَالَ السّاكنُ فاستُغْنِيَ عَن الهمزةِ الزائدةِ، وَقد جاءَ على الأَصْل، وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز: {} وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلواةِ} (طه: 132) . وَفِي التَّهْذِيبِ: قَالَ اللَّيْث: وَلَا يُقال: أُومُرْ (فلَانا) وَلَا أُوخُذْ مِنْهُ شَيْئا، وَلَا أُوكُلْ. إِنّمَا يُقَال: {مُرْ وكُلْ وخُذْ، فِي الابتداءِ بالأَمْر؛ استثقالاً للضَّمَّتَيْنِ، فإِذا تقدَّم قبلَ الكلامِ واوٌ أَو فاءٌ قلت:} وأُمُرْ، {فأْمُرْ، كَمَا قَالَ عزّ وجلّ: {} وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلواةِ} ، فأَمّا كُلْ مِن أَكلَ يأْكُل فَلَا يكادُ يُدخِلُون فِيهِ الهَمْزةَ مَعَ الفاءِ والواوِ، ويقولُون: وكُلَا، وخُذَا، وارْفَعَاه فكُلَاه، وَلَا يَقُولُونَ: فَأْكُلَاه، قَالَ: وهاذه أَحْرفٌ جاءَتْ عَن العربِ نَوَادِرَ؛ وذالك أَنّ أَكثرَ كلامِهَا فِي كلِّ فِعْلٍ أَولُه همزةٌ، مثل أَبَلَ يأْبِلُ، وأَسَرَ يَأْسِرُ، أَنْ يَكْسِرُوا يَفْعِلُ مِنْهُ، وكذالك أَبَقَ يَأْبِقُ فإِذا كَانَ الفِعْلُ الَّذِي أَولُه همزةٌ ويفْعِلُ مِنْهُ مكسوراً مَرْدُوداً إِلى {الأَمْر، قيل: إِيسِرْ فلانُ، إِيبِقْ يَا غُلامُ، وَكَانَ أَصْلُه إِأْسِرْ بهمزتَيْن، فكَرِهُوا جَمْعاً بَين همزتَيْن فحَوَّلُوا إِحداهما يَاء، إِذْ كَانَ مَا قبلَها مكسوراً، قَالَ: وَكَانَ حَقُّ الأَمر مِن} أَمَرَ {يَأْمُرُ (وأَخذ يأْخُذُ وأَكلَ يأْكلُ) أَن يُقَال: أُؤمُرْ، أُؤْخُذْ، أُؤْكُلْ، بهمزتينْن، فتُرِكَتْ الْهمزَة الثانيةُ وحُوِّلتْ واواً للضَّمَّةِ، فاجتمعَ فِي الحَرْف ضَمَّتَان بَينهمَا واوٌ، والضَّمَّةُ مِن جنس الْوَاو، فستَثْقلَتِ العربُ جَمْعاً بَين ضَمَّتَين وواوٍ، وطَرَحُوا هِمْزَة (و) الواوَ؛ لأَنه بَقِيَ بعد طَرْحِهِما حرفان فَقَالُوا: مُرْ فلَانا بِكَذَا وَكَذَا وخُذْ من فلانٍ، وكُلْ، لم يَقُولُوا: أُكُلْ وَلَا أُخُذْ وَلَا أُمُرْ، كَمَا تقدَّم، فإِنْ قيل: لمَ رَدُّوا} وأْمُرْ إِلى أَصلها ولَمْ يَرُدُّا كُلَا وَلَا خُذَا؟ قيل: لسَعَةِ كلامِ العربِ؛ رُبمَا رَدُّوا الشيءَ إِلى أَصلِه، وَرُبمَا بَنَوْه على مَا سَبَقَ لَهُ، وَرُبمَا كَتَبُوا الْحَرْف مهمزاً، وَرُبمَا كَتَبُوه على تَرْكِ الهمزةِ وَرُبمَا كَتَبُوه على الإِدغام، وَرُبمَا كتبوه على ترك الإِدغام، وكلُّ ذَلِك جَائِز وَاسع.
تَتْمِيم:
العربُ تَقول: {أَمَرْتكَ أَن تفْعَل، ولِتَفْعَلَ، وبأَنْ تَفْعَلَ؛ فمَنْ قَالَ: أَمَرتُكَ بأَن تفعلَ فالباءُ للإِلصاق، وَالْمعْنَى وَقع الأَمْرُ بِهَذَا الفِعل، ومَن قَالَ: أَمرتُكَ أَن تفعلَ، فعلى حذفِ الباءِ، ومَن قَالَ: أَمرتُكَ لِتَفْعَلَ فقد أَخبرَنا بالعِلَّة الَّتِي لَهَا وَقَعَ الأَمْرُ، وَالْمعْنَى} أُمِرْنا للإِسلام. وقولُه عَزّ وجَلّ: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ} (النَّحْل: 1) قَالَ الزَّجّاج: أَمْرُ اللهِ مَا وَعَدَم بِهِ مِن المُجَازاةِ على كُفْرِهم مِن أَصنافِ الْعَذَاب، والدَّلِيلُ على ذَلِك قولُه تعالَى: {حَتَّى إِذَا جَآء {أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ} (هود: 40) ، أَي جاءَ مَا وَعَدْناهُم بِهِ، وَكَذَلِكَ قولُه تَعَالَى: {أَتَاهَآ أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا} (يُونُس: 24) ؛ وذالك أَنّهم استعجَلُوا العذابَ واستَبْطَئُوا أَمْرَ السَّاعةِ فأَعْلَمَ اللهُ أَنْ ذَلِك فِي قُرْبِه بمَنْزِلَةِ مَا قد أَتَى، كَمَا قَالَ عَزّ وجَلّ: {وَمَآ أَمْرُ السَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ} (النَّحْل: 77) .

سرى

(سرى) : لا أَفْعَلُ ذاكَ ما أَسْرَى سُرَيٌّ، وزَعَمُوا أنَّ سُرَيّاُ: النَّسْرُ الواقِعُ.
(سرى) : قال ابن جرير حدثني الحارث حدثنا الحسن حدثنا ورقاء عن ابن ابي نجيح عن مجاهد (سريا) قال (نهر) بالسريانية. وقال حدثنا وكيع حدثنا أبي عن سلمة بن نبيط عن الضحاك (سريا) قال جدول صغير بالسريانية. وقال ابن أبي حاتم حدثنا حجاج بن حمزة حدثنا شبابة حدثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد (سربا) نهراً بالنبطية، وقال حدثنا أبو داود عن قيس بن حصين عن سعيد بن جبير (سريا) نهرا بالنبطية.
(سرى)
اللَّيْل سريا وسراية وسرى مضى وَذهب وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {وَاللَّيْل إِذا يسر} وَيُقَال سرى الْهم وَاللَّيْل وَبِه قطعه بالسير وَيُقَال سرى بفلان لَيْلًا جعله يسير فِيهِ وعرق الشَّجَرَة فِي الأَرْض سريا وسراية دب تحتهَا وَيُقَال أَيْضا سرى فِيهِ السم وَالْخمر وسرى فِيهِ عرق السوء وَعَلِيهِ الْهم أَتَاهُ لَيْلًا وَالْجرْح إِلَى النَّفس دَامَ ألمه حَتَّى حدث مِنْهُ الْمَوْت وَيُقَال سرى التَّحْرِيم وسرى الْعتْق تعدى إِلَى غير الْمحرم أَو الْمُعْتق
سرى: سرى: تفشى، ذاب، ففي كتاب الخطيب (ص32 و): فجعل فيه ملحاً وذاقه على الفور قبل أن ينحل الملح ويسرى في المرقة.
سرى: أعدى، سار. يقال: سرى إليه أو فيه المرض. ومرض له قوة السريان أي العدوى (بوشر) سرى النسيم: عند الشعراء: نسم، هب بلطف. (ويجرز ص86 رقم 74)، هوجفلايت ص58 رقم 4، عباد 1: 3، 1: 13).
سُرَىّ: دوران، جولان (بوشر).
سَرَايا وسراية وتجمع على سرايات: هي سراي أي قصر مثل قصر السلطان أو الوزير ونحوهما.
(فليشر معجم ص65 - 66).
سار وتجمع على سواري = صار (بوشر، محيط المحيط) الأمراض السارية: هي التي تسرى من مريض إلى مريض بطريقة العدوى أو الوباء (محيط المحيط).
مُسرى: متأمل، متبصر (فوك).
سرى
السرَى: سَيْرُ اللَّيْلِ، سَرى يَسْري سُرى وسَرْياً، فهو سارٍ. وسَرَى وأسْرى: بمعنىً. وسَرَيْنا سُرْيَةً من الليْلِ وسَرْيَةً: أي سُدْفَةً. واسْتَرى الرجُلُ: أي سَرى. وسارَيْتُه: أي سَرَيْت مَعَه. وهو يُسَارِي إبِلَه: إذا جاءَ يَخْتِلُها لَيْلاً وَيسْرِقُها.
وفي المَثَل: " إذا سَمِعْتَ بسُرَى القَيْنِ فإنَّه مُصَبِّحٌ ".
والسارِيَةُ من السحَاب: التي بَيْنَ الغادِيَةِ والرائحَةِ لَيْلاً. والعِرْقُ يَسْرِي في الأرْضِ سَرْياً. والسرِيُ: النَّهْرُ، وجَمْعُه أسْرِيَةٌ وسُرْيَانٌ. واسْتَرَيْتُ الشَّيْءَ: اخْتَرْته. والسرِيةُ: خَيْلٌ تَبْلُغُ أرْبَعَمائةٍ.
والسّارِيَةُ: أُسْطُوَانَة من حِجَارَةٍ وآجُر.
وسُريَ عن فلانٍ: إذا تَجَلّى عنه غَشْيَةٌ عَرَضَتْ له. وسَرَيْتُ عنه الثَّوْبَ: بمعنى سَرَوْتُ أي كَشَفْت.
وسَرّى العَرَقَ عن نَفْسِه: أفَاضَه، فهو يُسَرِّيْه. والسُّرَيّاءُ: ضَرْبٌ من البُرُوْدِ؛ وهي بُرُوْدٌ مُسَيَّرَةٌ.
سرى
السُّرَى: سير اللّيل، يقال: سَرَى وأَسْرَى.
قال تعالى: فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ
[هود/ 81] ، وقال تعالى: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا [الإسراء/ 1] ، وقيل: إنّ (أسرى) ليست من لفظة سرى يسري، وإنما هي من السَّرَاةِ، وهي أرض واسعة، وأصله من الواو، ومنه قول الشاعر: بسرو حمير أبوال البغال به
فأسرى نحو أجبل وأتهم، وقوله تعالى:
سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ
[الإسراء/ 1] ، أي: ذهب به في سراة من الأرض، وسَرَاةُ كلّ شيء: أعلاه، ومنه: سَرَاةُ النهار، أي: ارتفاعه، وقوله تعالى: قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا
[مريم/ 24] أي: نهرا يسري ، وقيل: بل ذلك من السّرو، أي: الرّفعة. يقال، رجل سَرْوٌ.
قال: وأشار بذلك إلى عيسى عليه السلام وما خصّه به من سروه، يقال: سَرَوْتُ الثوبَ عنّي، أي: نزعته، وسَرَوْتُ الجُلَّ عن الفرس ، وقيل: ومنه: رجل سَرِيٌّ، كأنه سَرَى ثوبه بخلاف المتدثّر، والمتزمّل، والزّمّيل ، وقوله: وأَسَرُّوهُ بِضاعَةً [يوسف/ 19] ، أي: خمّنوا في أنفسهم أن يحصّلوا من بيعه بضاعة، والسَّارِيَةُ يقال للقوم الذين يَسْرُونَ بالليل، وللسّحابة التي تسري، وللأسطوانة.
[سرى] فيه: يرد "متسريهم" على قاعدهم، هو من يخرج في سرية وهى طائفة من جيش أقصاها أربعمائة تبعث إلى العدو، وجمعها السرايا، سموا به لأنهم يكونون خلاصة العسكر وخيارهم، من الشىء الرى النفيس، وقيل: لأنهم ينفذون سرا وخفية، ولا يصح لأن السر مضاعف وهذه ناقص، ومعناه أن أن الإمام وأمير الجيش يبعثهم وهو خارج إلى بلاد العدو فاذا اغنموا شيئا كان بينهم وبين الجيش عامة لأنهم ردء لهم وفئة، فأما إذا بعثهم وهو مقيم فان القاعدين معه لا يشاركونهم في المغتم، وإن كان جعل لهم نفلا من الغنم لم يشرهم غيرهم في شىء منه على الوجهين. وفي ح سعد: لا يسير "بالسربة" أي لا يخرج بنفسه مع السيرة في الغزو، وقيل: أي لا يسير فينا بالسيرة النفسية - ويتم بيانا عن قريب. ومنه ح: فنكحت بعده "سريا" أي نفيسا شريفا، وقيل: سحيا ذا مروءة، والجمع سراة بالفتح على غير قياس وقد يضم السين والاسم السرو. و. ح: إنه قال أحد: اليوم "تسرون" أي يقتل سريكم فقتل حمزة. وح: لما حضر نى شيبان وكلم "سراتهم" أي أشرافهم، وجمع السراة سروات. وح الأنصار: قد افترق ملؤهم وقتل "سرواتهم". ك: وقتلت "سراتهم" في دخول الإسلام، في دخول متعلق بقدمه فانه لو كان صناديدهم أحياء لما انقادوا له صلى الله عليه وسلم حبا للرائاسة. ومنه: وكان من "سراتهم". ومنه: وأمهاتهم بنات "سروات" الجن، أي ساداتهم. زر: هو بفتحات. ك: ومنه:
وهان على "سراة" بني لؤى
أي سادتهم، وهم النبى صلى الله عليه وسلم وأقاربه، منها أي من البويرة وأحراقها، وروى: منهم، أي من بنى النضير، والنزه بضم نون وفتحها النزاهة وهى البعد من السوء، ونضير بضاد معجمة من الضير أي بتضرر به، وروى: نضر، من النضارة، فان قيل قال ابن الحارث: أدام الله ذلك، أي تحريق المسلمين أرض الكافرين وهو كافر، قلت: غرضه أدام الله تحريق تلك الأرض بحيث يتصل بنواحيها، وهى المدينة وسائر أرض المسلمين وأي أرضينا أي من المدينة التى هي دار الإيمان أومكة التى بها الكفار يبقى متضررة، مستطير أي منتشر. ومر في بويرة بيانه. وفيه: أما إذا نشدتنا فإن سعدا لا يسير "بالسرية" أما بالتشديد، نشدتنا بفتح شين أي سألتنا بالله، لا يسير أي لا يخرج مع الجيش بنفسه وهى نفي شجاعته، ولا يقسم بالسوية نفي عفته، ولا يعدل في القضية أي الحكومة نفي شجاعته، ولا يقسم بالسوية نفي عفته، ولا يعدل في القضية أي الحكومة نفي الحكومة، فنفي العدل عنه الكلية فدعا عليه سعد ثلاث دعوات وفق ثلاث: افترائه في النفس والمال والدين، جزاء وفقا وشرط كذبه إنصافا وعدلا، قوله: قام رياء وسمعة، أي ليراه الناس ويسمعوه فيشهروا ذلك منه ليذكر به، فدعا باطالة عمره ليرد إلى أرذل العمر وويضعف قواه وينتكس في الخلق ويجعله عرضة للفتن، وهذا وإن استلزم تمنى وقوع مسلم في العصية لكنه جائز من حيث أنه يؤدى إلى نكاية الظالم، كتمى شهادة مسلم بقتل كافر له الذي هو معصية ووهن في الدين كقول نوح: (ولا تزد الظالمين إلا ضللا). غ: (والليل إذا "يسر") أي يسرى فيه، وسمى النهر سريا لأن الماء يسرى فيه. مد: (تحتك "سريا") جدولًا، وقيل: شريفا وهو عيسى. ك: يضع عرشه على الماء ثم يبعث "سراياه" هو جمع سرية قطعة من الجيش- ويجىءكان مشغولا بناحية فلم يشعر بصلاته. ط: ابتدروا "السوارى" بالتشديد جمع سارية، أي يقف كل أحد خلف أسطوانة.

سر

ى1 سَرَى, (S, M, K,) or سَرَى اللَّيْلَ (Msb) and بِاللَّيْلِ, (Mgh, Msb,) aor. ـْ (K,) inf. n. سُرًى (S, M, Mgh, K) and مَسْرًى (S, K) and سَرْيَةٌ and سُرْيَةٌ (M, K) and سِرَايَةٌ; (S, * and TA as from the K, but not in the CK nor in my MS. copy of the K;) the first of a form rare among inf. ns., because it is one of the forms of pls., as is shown by the fact that some of the Arabs make it and هُدًى fem., namely, Benoo-Asad, supposing them to be pls. of سُرْيَةٌ and هُدْيَةٌ, (S,) and Lh knew not سُرًى but as a fem. noun; (M;) or the inf. n. is سَرْىٌ, and سُرْيَةٌ and سَرْيَةٌ are more special [in meaning, as will be shown below, voce سَرْيَةٌ], and سُرًى is pl. of سُرْيَةٌ; (Msb;) or سَرْيَةٌ is an inf. n. un., and سُرْيَةٌ is a simple subst., and so is سُرًى, (S, TA,) and so is سِرَايَةٌ (Msb, TA) also, as some say; (TA;) He journeyed, or travelled, by night, or in the night, (S, M, Mgh, Msb, K,) in a general sense; (M, K;) accord. to Az, in the first part part of the night, and in the middle thereof, and in the last part thereof; (Msb, TA;) and ↓ اسرى signifies the same (S, M, Mgh, Msb, K) in the dial. of El-Hijáz, (S, Msb,) inf. n. إِسْرَآءٌ; (M;) as also ↓ استرى; (M, K;) and perhaps ↓ تسرّى likewise. (Mgh.) [See also سُرًى and سَرْيَةٌ below.] It is said in a prov., ذَهَبُوا إِسْرَاءَ ↓ قُنْفُذٍ‏ [They went away in the manner of a hedge-hog's night-travelling; meaning they went away by night]; because the قنفذ goes all the night, not sleeping. (M.) b2: [Hence, as denoting unseen progress,] it is said also of the root of a tree, meaning It crept along beneath the ground; (Az, M, K;) aor. as above, (M,) inf. n. سَرْىٌ. (TA.) b3: And it is said of ideal things, as being likened to corporeal things; tropically, and by extension of the signification; (Msb, TA;) or metaphorically; [as, for instance,] of calamities, and wars, and anxieties: (M, TA:) and the predominant inf. ns. [in these cases] are سِرَايَةٌ and سَرَيَانٌ. (TA.) One says, سَرَى عِرْقُ السُّوْءِ فِى الإِنْسَانِ (tropical:) [The root, or strain, of evil crept in the man]. (Es-Sarakustee, Msb, TA.) And سَرَى فِيهِ السَّمُّ (tropical:) [The poison crept in him, or pervaded him]; and similarly one says of wine; and of the like of these two things. (El-Fárábee, Msb, TA. [See also دَبَّ.]) And the lawyers say, سَرَى الجُرْحُ إِلَى النَّفْسِ (tropical:) [The wound extended to the soul], meaning that the pain of the wound continued until death ensued in consequence thereof: (Mgh, * Msb, TA:) and قُطِعَ كَفُّهُ فَسَرَى إِلَى سَاعِدِهِ (tropical:) [His hand was cut off, and it extended to his upper arm], meaning that the effect of the wound passed by transmission: and سَرَى التَّحْرِيمُ, and العِتْقُ, (tropical:) The prohibition, and the emancipation, [extended, or] passed by transmission: phrases current among the lawyers, but not mentioned in books of repute, though agreeable with others here preceding and following. (Msb, TA.) One says also, سَرَى عَلَيْهِ الهَمُّ (tropical:) Anxiety came to him [or upon him] by night: and سَرَى هَمُّهُ (tropical:) His anxiety went away. (Msb, TA.) and similar to these is the phrase in the Kur [lxxxix. 3], وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ (tropical:) And by the night when it goes away: (Msb, TA:) or, as some say, when one journeys in it; like as one says لَيْلٌ نَائِمٌ meaning “ night in which one sleeps: ” the [final] ى [of the verb] is elided because it terminates a verse. (TA.) b4: It is made trans. by means of ب: (Msb:) one says, سَرَى بِهِ [He made him to journey, or travel, or he transported him, by night, or in the night; or it may be rendered he journeyed, or travelled, with him, by night, or in the night]; (M, Msb, K;) and in like manner, [and more commonly,] بِهِ ↓ أَسْرَى; (S, M, Msb, K;) and ↓ أَسْرَاهُ; (S, M, K;) like as one says, أَخَذَ بِالخِطَامِ as well as اخذ الخِطَامَ. (S.) As to the saying in the Kur [17:1], سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا [Extolled be the glory of Him who transported his servant by night!], it is an instance of corroboration, (S, K, * TA,) like the saying, سِرْتُ أَمْسِ نَهَارًا and البَارِحَةَ لَيْلًا: (S, TA:) or the meaning is [simply] سَيَّرَهُ: (K, TA:) accord. to 'Alam-ed-Deen Es-Sakháwee, لَيْلًا is added, although الإِسْرَآء is not otherwise than by night, because the space over which he was transported is not to be traversed in less than forty days, but was traversed by him in one night; as though the meaning [intended] were, فِى لَيْلٍ وَاحِدٍ; and it denotes wonder: لَيْلًا is here used instead of لَيْلَةً because when they say سَرَى لَيْلَةً the meaning generally is he occupied the whole of the night in journeying: Er-Rághib holds the verb in this instance to be from سَرَاةٌ signifying “ a wide tract of land,” to belong to art. سرو, and to be like أَجْبَلَ and أَتْهَمَ; the meaning being, who transported his servant over a wide tract of land: but this is strange. (TA.) A2: سَرَى مَتَاعَهُ, (M, K,) aor. ـْ (M, TA,) inf. n. سَرْىٌ, (TA,) He threw his goods, or utensils and furniture, upon the back of his beast. (M, K.) b2: And سَرَى عَنِّى الثَّوْبَ, inf. n. سَرْىٌ, He removed from over me the garment: but و is more approved [as the final radical: see 1 in art, سرو]. (M, TA.) You say, سَرَيْتُ الثَّوْبَ and ↓ سَرَّيْتُهُ I pulled off the garment: and عَنْهُ ↓ سُرِّىَ It was removed from over him, and removed from its place: the teshdeed denotes intensiveness. (TA.) 2 سرّى, (K,) or سرّى سَرِيَّةً, (TA,) inf. n. تَسْرِيَةٌ, He (the leader of an army, TA) detached a سَرِيَّة [q. v.] (K, TA) to the enemy by night. (TA.) b2: سرّى العَرَقَ عَنْ بَدَنِهِ, inf. n. as above, He exuded the sweat from his body. (TA.) b3: See also 1, last sentence, in two places.4 أَسْرَىَ see 1, in the former half of the paragraph, in two places: b2: and again, in the latter half, in three places. b3: See also 4 in art. سرو.5 تَسَرَّىَ see 1, first sentence.8 إِسْتَرَىَ see 1, first sentence.

سُرًى, [said by some to be an inf. n., by some to be a simple subst., and by some to be pl. of سُرْيَةٌ, or supposed to be so, and therefore made fem., as mentioned in the first sentence of this art.,] meaning A journeying, or travelling, by night, or in the night, in a general sense, is masc. and fem., (M, K,) by some of the Arabs made fem., (S,) and not known to Lh but as a fem. noun. (M.) It is said in a prov., عِنْدَ الصَّبَاحِ يَحْمَدُ القَوْمُ السُّرَى

[At daybreak, the party commend night-journeying]: applied to the man who endures difficulty, or distress, or fatigue, hoping for rest, or ease: (Meyd:) and in inciting to labour for the accomplishment of an affair with patience, and to dispose and subject the mind, until one commends the result thereof. (Har p. 555, q. v.) سَرَاةٌ: see art. سرو.

سَرْيَةٌ and ↓ سُرْيَةٌ are inf. ns. of سَرَى: (M, K:) or have a more special signification than the inf. n. of that verb, which is سَرْىٌ: one says, سَرَيْنَا سَرْيَةً مِنَ اللَّيْلِ and ↓ سُرْيَةً [We journeyed by night a journey of the night]: and the pl. of ↓ سُرْيَةٌ is [said to be] سُرًى: (Msb:) or one says, سَرَيْنَا سَرْيَةً وَاحِدَةً [We journeyed by night a single night-journey]: and the subst. [signifying a journeying, or travelling, by night, or in the night,] is ↓ سُرْيَةٌ, and سُرًى. (S, TA.) سُرْيَةٌ: see the next preceding paragraph, in four places.

سِرْيَةٌ meaning An arrow-head, (As, M, TA,) such as is small, short, round and smooth, having no breadth, (M, TA,) is a dial. var. of سِرْوَةٌ [q. v.], (As, TA,) or formed from the latter word by the substitution of ى for و because of the kesreh: (M, TA:) accord. to the K, ↓ سَرِيَّةٌ signifies a small round arrow-head; but this is a mistake; the correct word being سِرْيَةٌ, with kesr, and without teshdeed to the ى. (TA.) A2: It is also a dial. var. of سِرْوَةٌ signifying The locust in its first state, when it is a larva. (S in art. سرو.) سَرَآءٌ A certain tree, (AHn, S, M, K,) from which bows are made, (AHn, S, M,) the wood whereof is of the best of woods, and which is of the trees of the mountains: (AHn, M:) ElGhanawee El-Aarábee says, the نَبْع and شَوْحَط [q. v.] and سَرَآء are one: (TA in art. شحط:) [it is also mentioned in the TA in art. سرأ:] n. un.

سَرَآءَةٌ. (M, K.) سَرِىٌّ i. q. نَهْرٌ [A river, &c.]: (Th, M:) or a rivulet, or streamlet: (S, M, Msb:) or a rivulet running to palm-trees: (M, K:) pl. [of pauc.]

أَسْرِيَةٌ (S, M, K) and [of mult.] سُرْيَانٌ: (Sb, S, M, Msb, K:) أَسْرِيَآءُ as its pl. has not been heard. (S.) Thus it has been expl. as occurring in the Kur xix. 24. (M, TA.) A2: See also art. سرو.

سَرِيَّةٌ A portion of an army: (S, Msb:) of the measure فَعِيلَةٌ in the sense of the measure فَاعِلَةٌ; because marching by night, privily; (Mgh, Msb;) thus originally, and afterwards applied also to such as march by day: (Ham p. 45:) or it may be from الاِسْتِرَآءُ “ the act of choosing, or selecting; ” because a company chosen from the army: (Mgh: [but if so, belonging to art. سرو:]) from five persons to three hundred: (M, K:) or four hundred: (K:) or, of horsemen, about four hundred: (M:) or the best thereof, (S,) or the utmost, (Nh,) consists of four hundred: (S, Nh:) or, accord. to the “ Fet-h el-Bári,” from a hundred to five hundred: (TA:) or nine, and more than this; three, and four, and the like being termed طَلِيعَةٌ, not سَرِيَّةٌ: but it is related of the Prophet that he sent a single person as a سَرِيَّة: (Mgh:) the pl. is سَرَايَا (S, Msb) and سَرِيَّاتٌ. (Msb.) A2: See also سِرْيَةٌ.

سِرَايَةٌ A journeying, or travelling, by night, or in the night: (S, Msb, TA:) an inf. n.; (TA as from the K; [see 1, first sentence;]) or a simple subst. (Msb, TA.) سَرَيَانِىٌّ, from the inf. n. سَرَيَانٌ, Pervasive: occurring in philosophical works, and probably post-classical.]

السُّرْيَانِيَّةُ The Syriac language.]

سَرَّآءٌ One who journeys much, or often, by night. (K.) سَارٍ Journeying, or travelling, by night, or in the night, in a general sense: (M, TA: *) pl. سُرَاةٌ. (TA.) b2: Hence, because of his going [about] by night, (TA,) السَّارِى signifies The lion; as also ↓ المُسَارِى and ↓ المُسْتَرِى. (K, TA.) سَارِيَةٌ A party, or company of men, journeying by night. (Er-Rághib, TA.) b2: And A cloud that comes by night: (S, Msb:) or clouds that travel by night: (K:) or a cloud that is between that which comes in the early morning and that which comes in the evening: [perhaps thus termed as having previously travelled in the night:] or, accord. to Lh, a rain that comes in the night: (M, TA:) pl. سَوَارِى [app. a mistranscription for سَوَارٍ, being indeterminate]. (K, TA.) b3: One says, جَآءَ صَبِيحَةَ سَارِيَةٍ He came in the morning of a night in which was rain. (TA.) b4: and the pl. السَّارِيَاتُ signifies The asses: (M:) or the wild asses: (TA:) because they rest not by night: (M:) or because they pasture by night. (TA.) A2: Also A column, syn. أُسْطُوَانَةٌ, (S, M, Msb, K,) of stone, or of baked bricks; so in the “ Bári': ” (TA:) pl. سَوَارٍ. (Mgh.) b2: [And A mast: see حَنَّ and صَرَّ: and see also صَارِيَةٌ.]

أَسْرَى [More, and most, used to night-journeying]. أَسْرَى مِنْ قُنْفُذٍ [More used to go about by night than a hedge-hog] is a prov. of the Arabs. (TA.) [See also the same word in art. سرو.]

مَسْرًى may be a n. of place and a n. of time, [signifying A place, and a time, of night-journeying,] as well as an inf. n. (Ham p. 23.) It is [used also in a larger sense, as] syn. with مَذْهَبٌ [A place, and a time, of going &c.: a way by which one goes &c.]. (Har p. 540.) المُسَارِى: see سَارٍ, above.

المُسْتَرَى: see سَارٍ, above.

المُتَسَرِّى He who goes forth in, or among, the [company termed] سَرِيَّة. (IAth, TA.)

توبة

بَاب التَّوْبَة

ثاب وَنزع وأقلع واقصر وانهى وانثنى وأناب وارعوى وأأنزجر وَفَاء وَرجع وارتدع وكف وامسك واحجم وكع وَصرف
التوبة: الرجوع إلى الله بحل عقدة الإصرار عن القلب، ثم القيام بكل حقوق الرب.

التوبة النصوح: هي توثيق بالعزم على ألا يعود لمثله، قال ابن عباس، رضي الله عنهما: التوبة النصوح الندم بالقلب، والاستغفار باللسان، والإقلاع بالبدن، والإضمار على ألا يعود. وقيل: التوبة في اللغة: الرجوع عن الذنب، وكذلك التوب، قال الله تعالى: {غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ} . وقيل: التوب جمع توبة. والتوبة في الشرع: الرجوع عن الأفعال المذمومة إلى الممدوحة، وهي واجبة على الفور عند عامة العلماء؛ أما الوجوب؛ فلقوله تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ} . وأما الفورية؛ فلما في تأخيرها من الإصرار المحرم، والإنابة قريبة من التوبة لغةً وشرعًا، وقيل: التوبة النصوح: ألا يبقي على عمله أثرًا من الــمعصية سرًّا وجهرًا، وقيل: هي التي تورث صاحبها الفلاح عاجلًا وآجلًا، وقيل: التوبة: الإعراض والندم والإقلاع، والتوبة على ثلاثة معانٍ: أولها الندم، والثاني: العزم على ترك العود إلى ما نهى الله تعالى عنه، والثالث: السعي في أداء المظالم.

تقوى

(تقوى) كَانَ ذَا قُوَّة
تقوى
تاء تقوى مقلوب من الواو، وذلك مذكور في بابه . 
التقوى: في الطاعة يراد بها الإخلاص، وفي الــمعصية: يراد بها الترك والحذر، وقيل: أن يتقي العبد ما سوى الله تعالى، وقيل: محافظة آداب الشريعة، وقيل: مجانبة كل ما يبعدك عن الله تعالى، وقيل: ترك حظوظ النفس ومباينة النهي، وقيل: ألا ترى في نفسك شيئا سوى الله، وقيل: أن لا ترى نفسك خيرًا من أحد، وقيل: ترك ما دون الله، والمتبع عندهم هو الذي اتقى متابعة الهوى، وقيل: الاقتداء بالنبي عليه السلام قولًا وفعلًا.
التقوى: في اللغة: بمعنى الاتقاء، وهو اتخاذ الوقاية، وعند أهل الحقيقة: هو الاحتراز بطاعة الله عن عقوبته، وهو صيانة النفس عما تستحق به العقوبة من فعل أو ترك.

البُوحُ

البُوحُ، بالضم: الأَصْلُ، والذَّكَرُ، والفَرْجُ، والنَّفْسُ، والجِماعُ، والاخْتِلاطُ في الأَمْرِ.
وبُوحُ: اسمُ الشَّمْسِ.
والباحَةُ: قاموسُ الماءِ، ومُعْظَمُهُ، والسَّاحَةُ، والنَّخْلُ الكثيرُ.
وأبَحْتُكَ الشيءَ: أحْلَلْتُهُ لكَ.
وباحَ: ظَهَرَ،
وـ بِسِرِّهِ بَوْحاً وبُؤُوحاً وبُؤُوحَةً: أظْهَرَهُ،
كأَباحَهُ، وهو بَؤُوحٌ بما في صَدْرِهِ، وبَيحانُ وبَيِّحانُ.
واسْتَباحَهُمْ: اسْتَأْصَلَهُمْ.
وباحٌ: صاحِبُ الرِّسالَةِ الباحِيَّةِ.
وأمَرَهُ بِــمَعْصِيَةٍ بَواحاً: ظاهراً مَكْشوفاً.
والمُبيحُ: الأَسَدُ.
وبَوْحَكَ: كلمةُ تَرَحُّمٍ، كَوَيْسَكَ.
والبِياحُ، ككِتابٍ وكَتَّانٍ: ضَرْبٌ من السَّمَكِ.
وتَرَكَهُمْ بَوْحى، أي: صَرْعى.

الخذلان

الخذلان: خلق قدرة الــمعصية في العبد ورجل خذلة كثيرا ما يخذل. وخذله تخذيلا حملة على الفشل وترك القتال. 
الخذلان:
[في الانكليزية] Abandon ،desertion
[ في الفرنسية] Abandon ،lachage
بفتح الخاء وسكون الذال المعجمتين كما في المنتخب وبكسر الخاء كما في الصراح بمعنى گذاشتن- أي الترك- وعند الأشاعرة هو خلق قدرة الــمعصية في العبد. وعند المعتزلة هو منع اللطف كذا في تهذيب الكلام ويجيء في لفظ اللطف.

الكبيرة

الكبيرة: كل معصية تؤذن بقلة اكتراث مرتكبها بالدين، ورقة الديانة، أو كل ما توعد عليه بخصوصه في الكتاب أو السنة، أو ما فيه حد أو غير ذلك.

النّذر

(النّذر) مَا يقدمهُ الْمَرْء لرَبه أَو يُوجِبهُ على نَفسه من صَدَقَة أَو عبَادَة أَو نَحْوهمَا (ج) نذور
النّذر: إِيجَاب مَا وَجب من جنسه لله تَعَالَى بِعَيْنِه حَتَّى لَا يجب اتِّبَاع الْجِنَازَة بِالنذرِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِب من جنسه. وَلَا الْوضُوء لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِب بِعَيْنِه بل وَاجِب للصَّلَاة. وَقَالَ السَّيِّد السَّنَد شرِيف الْعلمَاء قدس سره النّذر إِيجَاب عين الْفِعْل الْمُبَاح على نَفسه تَعْظِيمًا لله تَعَالَى.
النّذر:
[في الانكليزية] Vow
[ في الفرنسية] Voeu
بالفتح وسكون الذال المعجمة هو لغة الوعد بخير أو شرّ. وشرعا الوعد بخير، وحدّه بعضهم بأنّه التزام قربة غير لازمة بأصل الشرع، وهو ضربان: نذر لجاج بفتح اللام وهو كأن يقول إن كلمته فلله عليّ صوم أو عتق وهو ما أخرج مخرج اليمين، سمّي لجاجا لوقوعه حال الغضب واللّجاج؛ ونذر تبرّر بأن يلتزم قربة إن حدثت نعمة أو ذهبت نقمة كأن يقول إن شفي مريضي فلله علي كذا، أو يقول فعليّ كذا يسمّى تبرّرا لأنّه طلب البرّ والتّقرّب إلى الله تعالى، وهو قسمان، معلّق وسمّاه الرافعي وغيره نذر مجازاة، وغير معلّق كذا في شرح المنهاج فتاوى الشافعية. وقال الإمام الرازي في التفسير الكبير في تفسير قوله تعالى: وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ الآية، النّذر ما التزمه الإنسان بإيجابه على نفسه. يقال نذر ينذر، وأصله من الخوف لأنّ الإنسان إنّما يفقد على نفسه خوف التقصير في الأمر المهم عنده.
ونذرت القوم أنذارا بالتخويف. وفي الشريعة على ضربين: مفسّر وغير مفسّر. فالمفسر أن يقول نذرت لله عليّ عتق رقبة ولله عليّ حجّ، فههنا يلزم الوفاء به ولا يجزيه غيره. وغير المفسّر أن يقول نذرت لله على أن لا أفعل كذا ثم يفعله، أو يقول لله عليّ نذر من غير تسميته فيلزم فيه كفارة يمين لقوله عليه الصلاة والسلام: «من نذر نذرا وسمّى فعليه ما سمّى، ومن نذر نذرا ولم يسمّ فعليه كفارة يمين» انتهى. وفي جامع الرموز في فصل الاعتكاف النّذر إيجاب على النفس مما ليس عليها بالقول ولو اكتفى بالقلب لم يلزمه. وفي البحر الرائق وحواشي الهداية ما حاصله أنّ الأصل أنّ النّذر لا يصحّ إلّا بشروط: منها أن يكون الواجب من جنسه شرعا فلم يصح النّذر بعيادة المريض وتشييع الجنازة. ومنها أن يكون مقصودا لا وسيلة فلم يصح النّذر بالوضوء وسجدة التلاوة والاغتسال ودخول المسجد ومسّ المصحف والأذان وبناء الرباطات والمساجد وغير ذلك لأنّها قربات غير مقصودة. ومنها أن لا يكون واجبا في الحال وثاني الحال فلم يصح بصلاة الظهر وغيرها من المفروضات. ومنها أن لا يكون مستحيل الكون، فلو نذر صوم أمس أو اعتكاف شهر مضى لم يصح نذره به. ومنها أن لا يكون النّذر بــمعصية فإنّه يحرم عليه الوفاء به ولا بمباح فلا يلزم الوفاء بنذر مباح من أكل وشرب ولبس وجماع وطلاق. ومنها أن يكون لله تعالى لا للمخلوق فلم يصح إذا قال لبعض الصلحاء يا سيدي فلان إن ردّ غائبي أو عوفي مريضي أو قضيت حاجتي فلك من الطعام أو الذهب كذا فإنّه باطل لكونه نذرا للمخلوق، اللهم إلّا إن قال يا الله إني نذرت لك إن شفيت مريضي أو رددت غائبي وقضيت حاجتي أن أطعم الفقراء الذين بباب الإمام الشافعي أو الإمام أبي الليث ونحو ذلك مما يكون فيه نفع للفقراء والنذر لله تعالى، ومصرف النذر هو الفقير. فما يوجد من الدراهم والشمع والزيت وغيرها وينقل إلى قبور الأولياء تقربا إليهم فحرام بإجماع المسلمين ما لم يقصدوا بصرفها إلى الفقراء الأحياء قولا واحدا.

عَمْرو

عَمْرو: بِالْفَتْح وَسُكُون الْمِيم علم رجل كزيد وَيكْتب بعده الْوَاو للْفرق بَينه وَبَين عمر بِالضَّمِّ وَفتح الْمِيم. وَهُوَ اسْم عمر بن الْخطاب خَليفَة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعد أبي بكر الصّديق رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا وَهُوَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ عمر الْفَارُوق بن الْخطاب بن نفَيْل بن عبد الله. ويجتمع رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي كَعْب بن لؤَي.
وَأمه رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ حنتمة بنت هَاشم بن الْمُغيرَة المَخْزُومِي وبويع لَهُ بالخلافة فِي الْيَوْم الَّذِي مَاتَ فِيهِ أَبُو بكر الصّديق رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ بِوَصِيَّة مِنْهُ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فَقَامَ بعده بِمثل سيرته. وَلما أسلم رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أعز الله تَعَالَى بِهِ الْإِسْلَام. وَتُوفِّي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ رَاض عَنهُ وبشره بِالْجنَّةِ.ومناقبه وفضله كَثِيرَة جدا. وَهُوَ أول من سمي بأمير الْمُؤمنِينَ وَهُوَ من الْمُهَاجِرين الْأَوَّلين وَكَانَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ زاهدا عادلا فارقا بَين الْحق وَالْبَاطِل واعظا ناصحا ذَا مهابة وهيبته رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَانَت فِي قُلُوب أَعدَاء الدّين وَكَانَ رَضِي الله عَنهُ يلبس المرقوع وَيَأْكُل خبز الشّعير ويجاهد فِي الدّين.
حُكيَ أَن كَعْب الْأَحْبَار قَالَ فِي أَوَاخِر أَيَّام حَيَاته رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ يَا عمر استعد لسفر الْآخِرَة وقم بمراسم الْوَصِيَّة فَإِن الْبَاقِي من أَيَّام حياتك ثَلَاثَة أَيَّام. فَقَالَ يَا كَعْب من أَيْن تعلم هَذَا فَقَالَ من التَّوْرَاة فَإِن من صفاتك وأفعالك مَذْكُور فِيهَا. وَفِي تِلْكَ الأوان جَاءَهُ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَبُو لؤلؤة النَّصْرَانِي غُلَام مُغيرَة بن شُعْبَة واسْمه فَيْرُوز وشكا من مَوْلَاهُ أَنه يطلبني أَرْبَعَة دَرَاهِم فَأمره أَن يُخَفف عني فَسَأَلَهُ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ مَا تصنع. قَالَ أَبُو لؤلؤة إِنِّي أفعل فعل النجار والحداد والنقاش فَقَالَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ مَا يَطْلُبهُ مَوْلَاك مِنْك لَيْسَ بظُلْم بل مقرون بِالْعَدْلِ اتَّقِ الله وَأحسن إِلَى مَوْلَاك. فَغَضب أَبُو لؤلؤة وَقَالَ يَا عجباه وَقد وسع النَّاس عدله غَيْرِي. واضمر على قَتله واصطنع لَهُ خنجرا لَهُ رأسان وسمه. فجَاء إِلَى صَلَاة الْغَدَاة. قَالَ عَمْرو بن مَيْمُون إِنِّي لقائم فِي الصَّلَاة وَمَا بيني وَبَين عمر إِلَّا ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا فَمَا هُوَ إِلَّا أَن كبر فَسَمعته يَقُول قتلني الْكَلْب حِين طعنه وطار العلج بسكين ذَات طرفين لَا يمر على أحد يَمِينا وَشمَالًا إِلَّا طعنه حَتَّى طعن ثَلَاثَة عشر رجلا. مَاتَ سَبْعَة وَقيل تِسْعَة. فَلَمَّا رأى ذَلِك رجل من الْمُسلمين طرح عَلَيْهِ برنسا.
فَلَمَّا علم أَنه مَأْخُوذ نحر نَفسه. فَقَالَ عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَاتله الله تَعَالَى لقد أمرت بِهِ مَعْرُوفا. ثمَّ قَالَ الْحَمد لله الَّذِي لم يَجْعَل منيتي بيد رجل يَدعِي الْإِسْلَام وَكَانَ أَبُو لؤلؤة مجوسيا وَيُقَال كَانَ نَصْرَانِيّا. وَتُوفِّي عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فِي ذِي الْحجَّة لسبع وَعشْرين لَيْلَة مِنْهُ فِي سنة ثَلَاث وَعشْرين بعد طعنه بِيَوْم وَلَيْلَة عَن ثَلَاث وَسِتِّينَ سنة. وَدفن عِنْد أبي بكر الصّديق رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فِي الْحُجْرَة النَّبَوِيَّة بِحَيْثُ وضع رَأسه رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ عِنْد صدر أبي بكر الصّديق رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَكَانَ رَأس أبي بكر الصّديق رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ عِنْد صدر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالَ ابْن إِسْحَاق وَكَانَت خِلَافَته رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ عشر سِنِين وَسِتَّة أشهر وَخمْس لَيَال. وَقَالَ غَيره ثَلَاثَة عشر يَوْمًا. وَكَانَ لَهُ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ سِتَّة بَنِينَ وَخمْس بَنَات. وَحكي أَنه رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لما صَار مجروحا بِسِتَّة جروح أَو ثَلَاثَة جروح وإحداهن تَحت لسرة كَانَت مهلكة قَالُوا يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ تمم الْوَصِيَّة واستعد لسفر الْآخِرَة. فَبَيْنَمَا حضر كَعْب الْأَحْبَار رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فَلَمَّا رأه أَمِير الْمُؤمنِينَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أنْشد ببيتين ترجمتها بِالْفَارِسِيَّةِ وَهَكَذَا:
(لقد أخبر كَعْب عَن عمرك يَا عمر ... )
(بَقِي ثَلَاثَة أَيَّام وَلَا اشْتِبَاه فِي ذَلِك ... )
(وَالله لَا خوف من انْقِضَاء الْعُمر ... )
(وَلَكِنِّي أحذر من كَثْرَة الأخطاء ... )
وَلما التمسوا أَن يُوصي ابْنه عبد الله بالخلافة أنكر وَترك الْخلَافَة شُورَى بَين سِتَّة أَصْحَاب مبشرين بِالْجنَّةِ (عُثْمَان) و (عَليّ) و (سعد بن أبي وَقاص) و (طَلْحَة) و (زبير) و (عبد الرَّحْمَن بن عَوْف) رضوَان الله تَعَالَى عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ. وَأوصى أَن يختاروا وَاحِدًا مِنْهُم للخلافة. حُكيَ أَن بعض الْمُسلمين لما اطلعوا على وَصيته رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فتحُوا لِسَان الطعْن على أَصْحَاب الشورى فَلَمَّا اطلع رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ استنكره _ وَقَالَ إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ مَا من موقف من المواقف أَلا وَيكون يَدي فِي يَد عَليّ بن أبي طَالب. وَإِن عُثْمَان يُصَلِّي لَيْلًا وملائكة السَّمَوَات السَّبع يترحمون عَلَيْهِ.وَهَذَا مَخْصُوص بِهِ فَإِنَّهُ يستحي من الله تَعَالَى أَن يصدر عَنهُ مَعْصِيّة. هَكَذَا ذكر فَضَائِل كل من الْأَرْبَعَة الْبَاقِيَة كَمَا فصلت فِي كتب السّير.
وَزوج رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ بنته حَفْصَة من النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فِي الْمَدِينَة وَأَيْضًا عمر اسْم نحوي كَانَ مُجْتَهدا فِي النَّحْو حُكيَ أَنه جَاءَ عمر النَّحْوِيّ إِلَى بَاب عَالم وحرك حَلقَة الْبَاب فَقَالَ الْعَالم: من؟ فَأجَاب المحرك عمر _ فَقَالَ الْعَالم وَهُوَ فِي الْبَيْت انْصَرف. فَأجَاب المحرك أَلا تعلم أَن عمر لَا ينْصَرف. فَقَالَ الْعَالم إِذا نكر صرف. فَأجَاب المحرك هَذَا عمر غير مُنكر فَقَالَ الْعَالم نكرته. فضحكا فَفتح الْبَاب _ والعمر بِضَم الْعين وَسُكُون الْمِيم الْبَقَاء وَلَا يسْتَعْمل مَعَ اللَّام إِلَّا مَفْتُوح الْعين لِأَن الْقسم مَوضِع التَّخْفِيف لِكَثْرَة اسْتِعْمَاله فَيُقَال لعمرك أَي بَقَاءَك قسمي أَي مَا اقْسمْ:
(ذهب هَذَا الْعُمر الغالي حسرات مَعَ الرّيح ... )
(فَلم يضع أحد يَده لحماية هَذِه الشمعة ... ) 

الإيمان

الإيمان: بالكسرِ في اللغة: التصديق بالقلب، وفي الشرع: هو الاعتقاد بالقلب والإقرار باللسان وقد مرَّ. قيل: من شهد وعمل ولم يعتقد فهو منافق، ومن شهد ولم يعمل واعتقد فهو فاسق، ومن أخلَّ بالشهادة فهو كافر.
والأيمان- بالفتح-: جمع اليمين وسيأتي.
الإيمان: أحينا وأمِتْنا عليه يَا أرحمَ الرَّاحمين- هو تصديق سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - في جميع ما جاء به عن الله تعالى مما عُلِم مجيئه ضرورة كذا في "الدر المختار" يعني أن الإيمان هو الاعتماد والوثوق بالرسول في كل ما جاء به علماً وعملاً والإقرار إما شرط أو شطر. قال النسفي في "العقائد" "الإيمان والإسلام واحد". قال العلاَّمة التفتازاني في شرحه: "لأن الإسلام هو الخضوعُ والانقياد، بمعنى قَبول الأحكام والإذعان بها وذلك حقيقةُ التصديق ويؤيده قوله تعالى: {فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (35) فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (36)} [الذاريات:35، 36].
قلت: هذا إذا كان الإسلامُ على الحقيقة، أما إذا كان على الاستسلام فقط أو على الخوف من القتل فهو غير الإيمان وذلك لقوله تعالى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات:14]. 
الإيمان
هو من الأمن، فالإيمان هو: الاعتماد، ومن هاهنا: "آمَنَ بهِ" : أيقن به. [والفرق بين "الإيمان" و "الإيقان" أن "الإيمان": تصديق وتسليم، وضده: التكذيب، والجحود، والكفر. و "الإيقان" ضده: الظن والشك. فليس كلُّ مَن أيقن صَدَّقَ، بل ربّما يكذّب المرءُ عُتوّاً ومكابرةً وقد أيقن بالشيء، كما حكى الله تعالى عن فرعون وقومه:
{فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} .
وكذلك ليس كلُّ من آمن فقد أيقن، فربَّما يؤمنُ الرجلُ بغلبة الظنِّ، ثمَّ يوفقه اللهُ، فيخرج عن الظن، ولكن لا يكمل الإيمان إلا بالإيقان. فالإيمان جزءان: علم وتسليم، وبكمالهما يكمل] .
و"آمَنَ لَه": أذعن لقوله. ["آمَنَه": أعطاه الأمن] فهذا هو الأصل لغةً.
[وهو اصطلاح ديني قديم. في العبرانية؟؟؟؟ (أمن) معناه: الصدق والاعتماد، والمتعدي منه: إيمان وتصديق وتثبّت. ومنه؟؟؟؟ (آمين) كلمة تصديق] . ثم علّمنا القرآنُ فروعَ هذا الأصل:
فمنها أن المؤمن لا بد أن يتوكل على الله، كما قال تعالى:
{زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} .
ومنها أن الإيمان لكونه جزماً واعتقاداً لا بد أن يسوق إلى العمل، كما قال تعالى: {يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} .
الإيمان:
[في الانكليزية] Faith ،belief
[ في الفرنسية] Foi ،croyance
هو في اللغة التصديق مطلقا. واختلفت فيه أهل القبلة على أربع فرق. الفرقة الأولى قالوا الإيمان فعل القلب فقط، وهؤلاء قد اختلفوا على قولين: أحدهما أنه تصديق خاص وهو التصديق بالقلب للرسول عليه السلام فيما علم مجيئه به ضرورة من عند الله. فمن صدّق بوحدانية الله تعالى بالدليل ولم يصدّق بأنه مما علم به مجيء الرسول من عند الله لم يكن هذا التصديق منه إيمانا. ثم ما لوحظ إجمالا كالملائكة والكتب والرسل كفى الإيمان به إجمالا، وما لوحظ تفصيلا كجبرئيل وموسى والإنجيل اشترط الإيمان به تفصيلا. فمن لم يصدّق بمعيّن من ذلك فهو كافر. ثم التقييد بالضرورة لإخراج ما لا يعلم بالضرورة كالاجتهاديات، فإن منكرها ليس بكافر وعدم تقييد التصديق بالدليل لاشتمال اعتقاد المقلّد إذ إيمانه صحيح عند الأكثر وهو الصحيح.
والتصديق اللغوي هو اليقيني على ما يجيء في محله. فالظني ليس بكاف في الإيمان، وهذا قول جمهور العلماء، فإنّ الإيمان عندهم هو التصديق الجازم الثابت.

وقال بعضهم: عدم كفاية الظنّ القوي الذي لا يخطر معه النقيض محل كلام، وقد صرّح في شرح المواقف أنّ الظنّ الغالب الذي لا يخطر معه احتمال النقيض حكمه حكم اليقين في كونه إيمانا حقيقة فإن إيمان أكثر العوام من هذا القبيل. وأطفال المؤمنين وإن لم يكن لهم تصديق لكنهم مصدقون حكما لما علم من الدين ضرورة أنه عليه السلام كان يجعل إيمان أحد الأبوين إيمانا للأولاد.
والتصديق مع لبس الزنار بالاختيار كلا تصديق فيحكم بكفر هذا المصدّق. وقيل الكفر في مثل هذه الصورة أي في الصورة التي يكون التصديق مقرونا بشيء من أمارات التكذيب في الظاهر في حق إجراء أحكام الدنيا لا فيما بينه وبين الله تعالى، كذا في حاشية الخيالي للمولوي عبد الحكيم.
وحدّ الإيمان بما ذكرنا هو مختار جمهور الأشاعرة وعليه الماتريدية وأكثر الأئمة كالقاضي والأستاذ والحسين بن الفضل ووافقهم على ذلك الصالحي وابن الراوندي من المعتزلة. والقول الثاني أنه معرفة الله تعالى مع توحيده بالقلب. والإقرار باللسان ليس بركن فيه ولا شرط، حتى أن من عرف الله بقلبه ثم جحد بلسانه ومات قبل أن يقرّ به فهو مؤمن كامل الإيمان وهو قول جهم بن صفوان.
وأما معرفة الكتب والرسل واليوم الآخر فزعم أنها داخلة في حدّ الإيمان، وهذا بعيد عن الصواب لمخالفته ظاهر الحديث «بني الإسلام على خمس». والصواب ما حكاه الكعبي عن جهم أنّ الإيمان معرفة الله تعالى وكل ما علم بالضرورة كونه من دين محمد عليه السلام. وفي شرح المواقف قيل الإيمان هو المعرفة، فقوم بالله وهو مذهب جهم بن صفوان، وقوم بالله وبما جاءت به الرسل إجمالا وهو منقول عن بعض الفقهاء.
والفرقة الثانية قالوا إنّ الإيمان عمل باللسان فقط وهم أيضا فريقان: الأول أنّ الإقرار باللسان هو الإيمان فقط ولكن شرط في كونه إيمانا حصول المعرفة في القلب، فالمعرفة شرط لكون الإقرار اللساني إيمانا لا أنها داخلة في مسمّى الإيمان وهو قول غيلان بن مسلم الدمشقي. والثاني أنّ الإيمان مجرّد الإقرار باللسان وهو قول الكرّاميّة، وزعموا أنّ المنافق مؤمن الظاهر كافر السريرة، فثبت له حكم المؤمنين في الدنيا وحكم الكافرين في الآخرة.
والفرقة الثالثة قالوا إنّ الإيمان عمل القلب واللسان معا أي في الإيمان الاستدلالي دون الذي بين العبد وربه، وقد اختلف هؤلاء على أقوال: الأول أنه إقرار باللسان ومعرفة بالقلب وهو قول أبي حنيفة وعامة الفقهاء وبعض المتكلمين والثاني أنه التصديق بالقلب واللسان معا وهو قول أبي الحسن الأشعري وبشر المريسي. وفي شرح المقاصد فعلى هذا المذهب من صدّق تقلبه ولم يتفق له الإقرار باللسان في عمره مرة لا يكون مؤمنا عند الله تعالى، ولا يستحق دخول الجنة ولا النجاة من الخلود في النار، بخلاف ما إذا جعل اسما للتصديق فقط، فالإقرار حينئذ لإجراء الأحكام عليه فقط كما هو مذهب أبي حنيفة رحمه الله تعالى انتهى كلامه. والمذهب الأخير موافق لما في الحديث «يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرّة من الإيمان» كذا في حاشية الخيالي للمولوي عبد الحكيم. والثالث أنه إقرار باللسان وإخلاص بالقلب. ثم المعرفة بالقلب على قول أبي حنيفة مفسّرة بشيئين: الأول الاعتقاد الجازم سواء كان استدلاليّا أو تقليديّا، ولذا حكموا بصحة إيمان المقلّد وهو الأصح.
والثاني العلم الحاصل بالدليل، ولذا زعموا أن الأصح أنّ إيمان المقلّد غير صحيح. ثم هذه الفرقة اختلفوا، فقال بعضهم الإقرار شرط للإيمان في حق إجراء الأحكام حتى أنّ من صدّق الرسول عليه السلام فهو مؤمن فيما بينه وبين الله تعالى وإن لم يقرّ بلسانه وهو مذهب أبي حنيفة وإليه ذهب الأشعري في أصح الروايتين وهو قول أبي منصور الماتريدي. ولا يخفى أنّ الإقرار لهذا الغرض لا بدّ أن يكون على وجه الإعلام على الإمام وغيره من أهل الإسلام ليجروا عليه الأحكام، بخلاف ما إذا كان ركنا فإنه يكفي مجرّد التكلّم في العمر مرة، وإن لم يظهر على غيره كذا في الخيالي. وقال بعضهم هو ركن ليس بأصلي له بل هو ركن زائد، ولهذا يسقط حال الإكراه. وقال فخر الإسلام إنّ كونه زائدا مذهب الفقهاء وكونه لإجراء الأحكام مذهب المتكلمين.
والفرقة الرابعة قالوا إنّ الإيمان فعل بالقلب واللسان وسائر الجوارح وهو مذهب أصحاب الحديث ومالك والشافعي وأحمد والأوزاعي. وقال الإمام وهو مذهب المعتزلة والخوارج والزيدية. أما أصحاب الحديث فلهم أقوال ثلاثة: القول الأول أنّ المعرفة إيمان كامل وهو الأصل ثم بعد ذلك كل طاعة إيمان على حدة، وزعموا أنّ الجحود وإنكار القلب كفر، ثم كل معصية بعده كفر على حدة، ولم يجعلوا شيئا من الطاعات ما لم يوجد المعرفة والإقرار باللسان إيمانا ولا شيئا من المعاصي كفرا ما لم يوجد الجحود والإنكار لأن اصل الطاعات الإيمان وأصل المعاصي الكفر والفرع لا يحصل بدون ما هو أصله وهو قول عبد الله بن سعد. والقول الثاني أن الإيمان اسم للطاعات كلها فرائضها ونوافلها، وهي بجملتها إيمان واحد، وأنّ من ترك شيئا من الفرائض فقد انتقض إيمانه، ومن ترك النوافل لا ينتقض إيمانه. والقول الثالث أنّ الإيمان اسم للفرائض دون النوافل.
وأما المعتزلة فقد اتفقوا على أنّ الإيمان إذا عدّي بالباء فالمراد به في الشرع التصديق، يقال آمن بالله أي صدّق، إذ الإيمان بمعنى أداء الواجبات لا يمكن فيه هذه التعدية، لا يقال فلان آمن بكذا إذا صلّى وصام، فالإيمان المتعدّي بالباء يجري على طريق اللغة، وإذا أطلق غير متعدّ فقد اتفقوا على أنه منقول نقلا ثانيا من التصديق إلى معنى آخر. ثم اختلفوا فيه على وجوه. الأول أنّ الإيمان عبارة عن فعل كل الطاعات سواء كانت واجبة أو مندوبة أو من باب الاعتقادات أو الأقوال أو الأفعال وهذا قول واصل بن عطاء وأبي الهذيل والقاضي عبد الجبار. والثاني أنه عبارة عن فعل الواجبات فقط دون النوافل وهو قول أبي علي الجبائي وأبي هاشم. والثالث أنه عبارة عن اجتناب كل ما جاء فيه الوعيد وهو قول النظّام وأصحابه، ومن قال شرط كونه مؤمنا عندنا وعند الله اجتناب كل الكبائر.
وأما الخوارج فقد اتفقوا على أنّ الإيمان بالله يتناول معرفة الله تعالى ومعرفة كل ما نصب الله عليه دليلا عقليا أو نقليا، ويتناول طاعة الله في جميع ما أمر ونهي عنه صغيرا كان أو كبيرا.
وقالوا مجموع هذه الأشياء هو الإيمان ويقرب من مذهب المعتزلة مذهب الخوارج، ويقرب من مذهبهما مذهب السلف وأهل الأثر أنّ الإيمان عبارة عن مجموع ثلاثة أشياء: التصديق بالجنان والإقرار باللسان والعمل بالأركان، إلّا أنّ بين هذه المذاهب فرقا، وهو أن من ترك شيئا من الطاعات فعلا كان أو قولا خرج من الإيمان عند المعتزلة ولم يدخل في الكفر، بل وقع في مرتبة بينهما يسمّونها منزلة بين المنزلتين. وعند الخوارج دخل في الكفر لأن ترك كلّ واحد من الطاعات كفر عندهم. وعند السلف لم يخرج من الإيمان لبقاء أصل الإيمان الذي هو التصديق بالجنان. وقال الشيخ أبو إسحاق الشيرازي: هذه أول مسألة نشأت في الاعتزال. ونقل عن الشافعي أنه قال الإيمان هو التصديق والإقرار والعمل، فالمخلّ بالأول وحده منافق، وبالثاني وحده كافر، وبالثالث وحده فاسق ينجو من الخلود في النار ويدخل الجنّة.

قال الإمام: هذه في غاية الصعوبة لأن العمل إذا كان ركنا لا يتحقق الإيمان بدونه، فغير المؤمن كيف يخرج من النار ويدخل الجنة. قلت الإيمان في كلام الشارع قد جاء بمعنى أصل الإيمان وهو الذي لا يعتبر فيه كونه مقرونا بالعمل كما في قوله عليه السلام «الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته ورسله وتؤمن بالبعث والإسلام وأن تعبد الله ولا تشرك به وتقيم الصلاة» الحديث. وقد جاء بمعنى الإيمان الكامل وهو المقرون بالعمل وهو المراد بالإيمان المنفي في قوله عليه السلام «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن» الحديث، وكذا كل موضع جاء بمثله. فالخلاف في المسألة لفظي لأنه راجع إلى تفسير الإيمان وأنه في أيّ المعنيين منقول شرعي، وفي أيهما مجاز ولا خلاف في المعنى فإنّ الإيمان المنجّي من دخول النار هو الثاني باتفاق جميع المسلمين، والإيمان المنجّي من الخلود في النار هو الأول باتفاق أهل السنة خلافا للمعتزلة والخوارج.
وبالجملة فالسلف والشافعي جعلوا العمل ركنا من الإيمان بالمعنى الثاني دون الأول، وحكموا مع فوات العمل ببقاء الإيمان بالمعنى الأول، وبأنه ينجو من النار باعتبار وجوده، وإن فات الثاني فاندفع الإشكال.
اعلم أنهم اختلفوا في التصديق بالقلب الذي هو تمام مفهوم الإيمان عند الأشاعرة أو جزء مفهومه عند غيرهم. فقيل هو من باب العلوم والمعارف فيكون عين التصديق المقابل للتصور. وردّ بأنّا نقطع بكفر كثير من أهل الكتاب مع علمهم بحقيقة رسالته صلّى الله عليه وآله وسلّم وما جاء به قال الله تعالى: فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ ويَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ الآية. وأجيب بأنّا إنما نحكم بكفرهم لأن من أنكر منهم الرسالة أبطل تصديقه القلبي بتكذيبه اللساني، ومن لم ينكرها أبطله بترك الإقرار اختيارا، لأنّ الإقرار شرط لإجراء الأحكام على رأي، وركن الإيمان على رأي.
ولهذا لو حصل التصديق لأحد ومات من ساعته فجأة قبل الإقرار يكون مؤمنا إجماعا. لكن بقي شيء آخر وهو أنّ الإيمان مكلّف به والتكليف إنما يتعلق بالأفعال الاختيارية فلا بد أن يكون التصديق بالقلب اختياريا، والتصديق المقابل للتصوّر ليس اختياريا كما بيّن في موضعه.
وأجيب بأن التكليف بالإيمان تكليف بتحصيل أسبابه من القصد إلى النظر في آثار القدرة الدالة على وجوده تعالى ووحدانيته وتوجيه الحواس إليها، وترتيب المقدمات المأخوذة، وهذه أفعال اختيارية. ولذا قال القاضي الآمدي: التكليف بالإيمان تكليف بالنظر الموصل إليه وهو فعل اختياري. وفيه أنه يلزم على هذا اختصاص التصديق بأن يكون علما صادرا عن الدليل.
وقيل هو أي التصديق من باب الكلام النفسي وعليه إمام الحرمين. وهكذا ذكر صدر الشريعة حيث قال: المراد
بالتصديق معناه اللغوي وهو أن ينسب الصدق إلى المخبر اختيارا لأنه إن وقع في القلب صدق المخبر ضرورة كما إذا شاهد أحد المعجزة ووقع صدق دعوى النبوة في قلبه ضرورة وقهرا من غير أن ينسب الصدق إلى النبي عليه السلام اختيارا، لا يقال في اللغة إنه صدّقه، فعلم أنّ المراد من التصديق إيقاع نسبة الصدق إلى المخبر اختيارا الذي هو كلام النفس ويسمّى عقد الإيمان. وظاهر كلام الأشعري أنه كلام النفس والمعرفة شرط فيه إذ المراد بكلام النفس الاستسلام الباطني والانقياد لقبول الأوامر والنواهي. وبالمعرفة إدراك مطابقة دعوى النبي للواقع أي تجليها للقلب وانكشافها له وذلك الاستسلام إنّما يحصل بعد حصول هذه المعرفة، ويحتمل أن يكون كل منهما ركنا. وقال بعض المحققين إنّ كلا من المعرفة والاستسلام خارج من مفهوم التصديق لغة، وهو نسبة الصدق بالقلب أو اللسان إلى القائل، لكنهما معتبران شرعا في الإيمان إمّا على أنهما جزءان لمفهومه شرعا، أو شرطان لإجراء أحكامه شرعا. والثاني هو الراجح لأن الأول يلزمه نقل الإيمان عن معناه اللغوي إلى معنى آخر شرعي، والنقل خلاف الأصل، فلا يصار إليه بغير دليل.
فائدة:
قيل الإيمان والإسلام مترادفان، وقيل متغايران. وقد سبق تفصيله في لفظ الإسلام.
فائدة:
الإيمان هل يزيد وينقص أو لا؟ اختلف فيه. فقيل لا يقبل الزيادة والنقصان لأنه حقيقة التصديق، وهو لا يقبلهما. وقيل لا يقبل النقصان لأنه لو نقص لانتفى الإيمان، ولكن يقبل الزيادة لقوله تعالى زادَتْهُمْ إِيماناً ونحوها. وقيل يقبلهما وهو مذهب جماعة أهل السنة من سلف الأمة وخلفائها. وقال الإمام هذا البحث لفظي لأن المراد بالإيمان إن كان هو التصديق فلا يقبلهما لأنّ الواجب هو اليقين الغير القابل للتفاوت لعدم احتمال النقيض فيه، والاحتمال ولو بأبعد وجه ينافي اليقين. وإن كان المراد به الأعمال إمّا وحدها أو مع التصديق فيقبلهما وهو ظاهر. فإن قلت انتفاء الجزء يستلزم انتفاء الكل فكيف تتصوّر الزيادة والنقصان؟ قلت الأعمال ليست مما جعله الشارع جزءا من الإيمان حتى ينتفي بانتفائها الإيمان بل هي تقع جزءا منه إن وجدت. فما لم يوجد الأعمال فالإيمان هو التصديق والإقرار وإن وجدت كانت داخلة في الإيمان، فيزيد على ما كان قبل الأعمال.
وقيل الحق أنّ التصديق يقبلهما بحسب الذات وبحسب المتعلق، أمّا الأول فلقبوله القوة والضعف فإنه من الكيفيات النفسانية القابلة لهما كالفرح والحزن والغضب. وقولكم الواجب هو اليقين والتفاوت لاحتمال النقيض. قلنا لا نسلم أنّ التفاوت لذلك فقط إذ يجوز أن يكون بالقوة والضعف بلا احتمال النقيض. ثم الذي قلتم يقتضي أن يكون إيمان النبي عليه السلام وإيمان آحاد الأمة سواء وأنه باطل إجماعا ولقول إبراهيم عليه السلام وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي فإنه يدل على قبول التصديق اليقيني للزيادة والنقصان. والظاهر أنّ الظن الغالب الذي لا يخطر معه احتمال النقيض بالبال حكمه حكم اليقين في كونه إيمانا حقيقة، فإنّ إيمان أكثر العوام من هذا القبيل. وعلى هذا فقبول الزيادة والنقصان واضح وضوحا تاما. وأمّا الثاني فإن التصديق التفصيلي في أفراد ما علم مجيئه به جزء من الإيمان يثاب عليه ثوابه على تصديقه بالإجمال.
فائدة:
هل الإيمان مخلوق أم لا؟ فذهب جماعة إلى أنه مخلوق. وذكر عن أحمد بن حنبل وجمع من أصحاب الحديث أنهم قالوا الايمان غير مخلوق. وأحسن ما قيل فيه الإيمان إقرار، وهو مخلوق لأنه صنع العبد أو هداية وهي غير مخلوقة لأنها صنع الربّ. هذا خلاصة ما في العيني شرح صحيح البخاري والفتح المبين شرح الأربعين وشرح المواقف. وقد بقيت بعد أبحاث تركناها مخافة الإطناب، فإن شئت تحقيقها فارجع إلى العيني في أول كتاب الإيمان.

جَذَمَ

(جَذَمَ)
- فِيهِ «مَنْ تَعَلَّم الْقُرْآنَ ثُمَّ نَسِيَه لَقِي اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهُوَ أَجْذَمُ» أَيْ مَقطوع اليَدِ، مِنَ الجَذْمِ: القَطْع.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «مَنْ نَكَث بَيْعتَه لَقي اللهَ وَهُوَ أَجْذَمُ لَيْسَت لَهُ يَدٌ» قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: الأَجْذَمُ هَاهُنَا الَّذِي ذهَبَتْ أَعْضَاؤُهُ كلُّها، وليْسَت اليَدُ أوْلَى بالعُقُوبة مِنْ بَاقِي الْأَعْضَاءِ.
يُقال: رجُل أَجْذَمُ ومَجْذُومٌ إِذَا تَهافَتَتْ أطْرافُه مِنَ الجُذَام، وَهُوَ الدَّاء المَعْروف. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ:
لَا يُقال للمَجْذُوم أَجْذَم. وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ رَدًّا عَلَى ابْنِ قُتَيْبَة: لَوْ كَانَ العِقَاب لَا يَقَع إلاَّ بالجَارِحَة الَّتي باشَرَت الــمعْصِية لَمَا عُوقب الزَّانِي بالجَلْد والرَّجْم فِي الدُّنيا، وبالنَّار فِي الْآخِرَةِ. وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ:
معنَى الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ أَجْذَمُ الحُجَّةِ، لاَ لِسَان لَهُ يَتَكَلَّم، وَلَا حُجَّة فِي يَدِه. وقَولُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ليْسَت لَهُ يَدٌ: أَيْ لَا حُجَّة لَهُ. وَقِيلَ مَعْنَاهُ لَقِيَه مُنْقَطِعَ السَّبَبِ، يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ:
الْقُرْآنُ سَبَبٌ بِيَدِ اللَّهِ وَسَبَبٌ بِأَيْدِيكُمْ، فَمَنْ نَسِيَهُ فَقَدْ قَطع سَبَبَه. وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: مَعْنَى الْحَدِيثِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ، وَهُوَ أَنَّ مَنْ نَسِي الْقُرْآنَ لَقِي اللَّهَ خَالِيَ اليدِ مِنَ الخَيْر صِفْرَها مِنَ الثَّواب، فكنَى باليَدِ عمَّا تحْوِيه وتَشْتَمل عَلَيْهِ مِنَ الْخَيْرِ. قُلْتُ: وَفِي تَخْصِيص عَلِيٍّ بذِكْر اليَدِ مَعْنًى لَيْسَ فِي حَدِيثِ نسْيان الْقُرْآنِ، لِأَنَّ البَيْعة تُباشرُها اليَدُ مِنْ بَيْن الْأَعْضَاءِ، وهُو أَنْ يَضَع الْمُبَايِعُ يدَه فِي يَدِ الْإِمَامِ عنْد عَقْد البَيْعة وأخْذِها عَلَيْهِ.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «كُلُّ خُطْبَة ليْسَت فِيهَا شَهَادَةٌ فَهِيَ كاليَدِ الجَذْمَاء» أَيِ المقْطُوعة.
وَمِنْهُ حَدِيثُ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ قَالَ: «انْجَذَمَ أَبُو سُفيان بالْعِير» أَيِ انْقَطع بِهَا مِنَ الرَّكْب وسَار.
(س) وَفِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ «أَنَّهُ كتَب إِلَى مُعَاوِيَةَ: إِنَّ أهْل الْمَدِينَةِ طَالَ عَلَيْهِمُ الجَذْمُ والجَذْبُ» أَيِ انْقِطاع المِيرَة عَنْهم.
وَفِيهِ «أَنَّهُ قَالَ لمَجْذُوم فِي وَفْدِ ثَقِيف: ارْجِعْ فَقد بَايَعْتُكَ» المَجْذُومُ: الَّذِي أَصَابَهُ الجُذَام، وَهُوَ الدَّاء الْمَعْرُوفُ، كَأَنَّهُ مِنْ جُذِمَ فَهُوَ مَجْذُومٌ. وإنَّما رَدّه النبي صلى الله عليه وسلم لِئلاّ يَنْظُر أصحابُه إِلَيْهِ فيَزْدَرُونه ويَروْن لأنْفُسِهم عَلَيْهِ فَضْلا فيَدْخُلهم العُجْب والزَّهْو، أوْ لِئلاَّ يَحْزَن المَجْذُوم برُؤية النبي صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَمَا فَضَلُوا بِهِ عَلَيْهِ، فيَقلُّ شُكْره عَلَى بلاَء اللَّهِ تَعَالَى. وَقِيلَ لِأَنَّ الجُذَام مِنَ الْأَمْرَاضِ المُعْدِيه، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَتَطَيَّرُ مِنْهُ وتَتَجَنَّبُه، فردَّه لِذَلِكَ، أَوْ لِئَلَّا يَعْرِض لأحَدِهم جُذَام فيَظُنَّ أَنَّ ذَلِكَ قَدْ أعْدَاه. ويَعْضُد ذَلِكَ:
الْحَدِيثُ الْآخَرُ «أَنَّهُ أخَذ بيدِ مَجْذُوم فوَضَعها مَعَ يَدِهِ فِي القَصْعة، وَقَالَ: كُلْ ثِقَةً بِاللَّهِ وتَوَكُّلا عَلَيْهِ» وَإِنَّمَا فَعل ذَلِكَ لِيُعْلِم النَّاسَ أَنَّ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا بتَقْدير اللَّهِ تَعَالَى، وَرَدّ الأوَّل لِئَلَّا يأَثم فِيهِ الناسُ، فإنَّ يَقينَهم يقصُر عَنْ يَقينه.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «لَا تُديموا النَّظر إلَى المَجْذُومِين» لِأَنَّهُ إِذَا أدَام النَّظَر إِلَيْهِ حَقَره، وَرأى لنَفْسه فَضْلا وَتأذَّى بِهِ المَنْظُور إِلَيْهِ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «أرْبَع لَا يَجُزْنُ فِي البَيْع وَلَا النِّكاح: المجْنُونة، والمَجْذُومَة، والبَرْصَاء، والعَفْلاَء.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ الْأَذَانِ «فَعَلَا جِذْمِ حَائط فأذَّنَ» الجِذْمُ: الأصْل، أَراد بَقِيَّة حَائِطٍ أَوْ قِطْعَة مِنْ حَائِطٍ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ حاطِب «لَمْ يَكُن رجُل مِنْ قُريش إلاَّ وَلَه جِذْمٌ بِمَكَّةَ» يُريد الْأَهْلَ وَالْعَشِيرَةَ. (هـ س) وَفِيهِ «أَنَّهُ أتِيَ بتَمْر مِنْ تَمْرِ الْيَمَامَةِ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَقِيلَ: الجُذَامِيُّ، فَقال اللَّهُمَّ بَارِكْ فِي الجُذَامِيُّ» قِيل هُو تَمْر أحْمَر اللَّون.

علم آداب التوبة

علم آداب التوبة
وحقيقتها ترك الذنب في الحال والعزم على ذلك في الاستقبال والندم على ما مضى بتلافي ما فات وشرط صحتها في الماضي: أن يتكامل في كل طاعة تركها وفي كل معصية فعلها في ساعات عمره فيتوب عنها إلى الله تعالى بالندم والتحسر عليها ويحسب عددها ويعمل مكان كل سيئة حسنة ليمحوها بها وكذا يتأمل في مظالم العباد ويفعل مكان كل ظلم منها حسنة لصاحبها.
وآداب التوبة وشروطها وما يليها مشروحة في كتاب الإحياء للغزالي وهذا العلم معدود في علوم الأخلاق المنجيات على ما ذكره في مدينة العلوم.

أَبانُ

أَبانُ:
بفتح أوله وتخفيف ثانيه وألف ونون: أبان الأبيض، وأبان الأسود، فأبان الأبيض شرقيّ الحاجر فيه نخل وماء يقال له أكرة، وهو العلم لبني فزارة وعبس. وأبان الأسود جبل لبني فزارة خاصّة، وبينه وبين الأبيض ميلان. وقال أبو بكر ابن موسى: أبان جبل بين فيد والنّبهانية أبيض، وأبان جبل أسود، وهما أبانان، وكلاهما محدّد الرأس كالسنان، وهما لبني مناف بن دارم بن تميم بن مرّ، وقد قال امرؤ القيس:
كأنّ أبانا، في أفانين وبله، ... كبير أناس في بجاد مزمّل [1]
وحدّث أبو العبّاس محمد بن يزيد المبرّد قال: كان بعض الأعراب يقطع الطريق فأخذه وإلي اليمامة في عمله فحبسه فحنّ إلى وطنه، فقال:
أقول لبوّابيّ، والسّجن، مغلق ... وقد لاح برق: ما الذي تريان؟
فقالا: نرى برقا يلوح وما الذي ... يشوقك من برق يلوح يمان؟
فقلت: افتحا لي الباب أنظر ساعة ... لعلّي أرى البرق الذي تريان
فقالا: أمرنا بالوثاق، وما لنا ... بــمعصية السلطان فيك يدان
فلا تحسبا سجن اليمامة دائما، ... كما لم يدم عيش لنا بأبان
وأبان أيضا مدينة صغيرة بكرمان من ناحية الرّوذان.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.