من (ط ر ق) نسبة إلى مَطْرُوق: الذي به ضعف عقل.
من (ط ر ق) نسبة إلى مَطْرُوق: الذي به ضعف عقل.
طرق: روي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال:
الطَّرْق والعِيَافَةُ من الجِبْتِ؛ والطَّرْقُ: الضرب بالحصى وهو ضرب
من التَّكَهُّنِ. والخَطُّ في التراب: الكَهانَةُ. والطُّرَّاقُ:
المُتكَهِّنُون. والطَّوارِقُ: المتكهنات، طَرَقَ يَطْرُقُ طَرْقاً؛ قال
لبيد:لَعَمْرُكَ ما تَدْري الطَّوَارِقُ بالحصى، * ولا زَاجِراتُ الطير ما اللهُ صَانِعُ
واسْتَطْرَقَهُ: طلب منه الطَّرْقَ بالحصى وأَن ينظر له فيه؛ أَنشد ابن
الأَعرابي:
خَطَّ يدِ المُسْتَطْرَقِ المَسْؤولِ
وأَصل الطَّرْقِ الضرب، ومنه سميت مِطْرقَة الصائغ والحدّاد لأَنه
يَطْرقُ بها أَي يضرب بها، وكذلك عصا النَّجَّاد التي يضرب بها الصوفَ.
والطَّرقُ: خطّ بالأَصابع في الكهانة، قال: والطَّرْقُ أَن يخلط الكاهن القطنَ
بالصوف فَيَتَكهَّن. قال أَبو منصور: هذا باطل وقد ذكرنا في تفسير
الطَّرْقِ أَنه الضرب بالحصى، وقد قال أَبو زيد: الطَّرْقُ أَن يخط الرجل في
الأَرض بإِصبعين ثم بإِصبع ويقول: ابْنَيْ عِيانْ، أَسْرِعا البيان؛ وهو
مذكور في موضعه. وفي الحديث: الطِّيَرَةُ والعِيافَةُ والطَّرْقُ من
الجِبْتِ؛ الطرقُ: الضرب بالحصى الذي تفعله النساء، وقيل: هو الخَطُّ في
الرمل.وطَرَقَ النَّجَّادُ الصوفَ بالعود يَطْرُقُه طَرْقاً: ضربه، واسم ذلك
العود الذي يضرب به المِطْرَقةُ، وكذلك مِطْرَقَةُ الحدّادين. وفي الحديث:
أَنه رأَى عجوزاً تَطْرُقُ شَعراً؛ هو ضرب الصوف والشعر بالقضيب
لَينْفشا. والمِطْرَقة: مِضْربة الحداد والصائغ ونحوهما؛ قال رؤبة:
عَاذِل قد أُولِعْتِ بالتَّرقِيشِ
إِليَّ سِراًّ، فاطْرُقي ومِيشِي
التهذيب: ومن أَمثال العرب التي تضرب للذي يخلط في كلامه ويتفنن فيه
قولهم: اطْرُقي ومِيشِي. والطَّرْق: ضرب الصوف بالعصا. والمَيْشُ: خلط الشعر
بالصوف. والطَّرْق: الماء المجتمع الذي خيضَ فيه وبِيل وبُعِرَ فكَدِر،
والجمع أَطْرَاق. وطَرَقَت الإِبل الماء إِذا بالت فيه وبعرت، فهو ماء
مَطْرُوق وطَرْقٌ. والطَّرْقُ والــمَطرُوق أَيضاً: ماء السماء الذي تبول فيه
الإِبل وتَبْعَرُ؛ قال عدي بن زيد:
ودَعَوْا بالصَّبُوح يوماً، فجاءَتْ
قَيْنَةٌ في يمينها إِبْريقُ
قدَّمَتْهُ على عُقارٍ، كعَيْن الـ
ـدّيكِ، صَفَّى سُلافَها الرَّاووقُ
مُزَّةٍ قبل مَزْجِها، فإِذا ما
مُزِجَتْ، لَذَّ طَعْمَها مَنْ يَذُوقُ
وطَفَا فوقها فَقَاقِيعُ، كاليا
قوت، حُمْرٌ يَزينُها التَّصفيقُ
ثم كان المِزَاجُ ماءَ سحاب
لا جَوٍ آجِنٌ، ولا مَطْرُوقُ
ومنه قول إِبراهيم في الوضوء بالماء: الطَّرْقُ أَحَبُّ إليَّ من
التَّيَمُّم؛ هو الماء الذي خاضت فيه الإِبل وبالت وبعرت. والطَّرْق أَيضاً:
ماء الفحلِ. وطرَقَ الفحلُ الناقة يَطْرُقها طَرْقاً وطُروقاً أَي قَعا
عليها وضربها. وأَطْرَقه فحلاً: أَعطاه إِياه يضرب في إِبله، يقال:
أَطرِقْني فحلَك أَي أَعِرْني فحلك ليضرب في إِبلي. الأَصمعي: يقول الرجل للرجل
أَعِرْني طَرْقَ فحلِك العامَ أَي ماءه وضِرابَهُ؛ ومنه يقال: جاء فلان
يَسْتَطْرِقُ ماءَ طَرْقٍ. وفي الحديث: ومِنْ حقِّها إِطْراقُ فحلِها أَي
إِعارته للضراب، واسْتطْراق الفحل إِعارته لذلك. وفي الحديث: من أَطْرَقَ
مسلماً فَعَقّتْ له الفرسُ؛ ومنه حديث ابن عمر: ما أُعْطيَ رجلٌ قطّ
أَفضلَ من الطَّرْقِ، يُطْرِق الرجلُ الفحل فيُلْقِح مائة فَيَذْهبُ
حَيْرِيَّ دَهْرٍ أَي يحوي أَجره أَبَدَ الآبِدينَ، ويُطْرِقُ أَي يعير فحله
فيضرب طَرُوقَة الذي يَستَطْرِقه. والطَّرْقُ في الأَصل: ماء الفحل، وقيل: هو
الضِّرابُ ثم سمي به الماء. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: والبيضة منسوبة
إِلى طَرْقِها أَي إِلى فحلها. واسْتَطْرَقَهُ فحلاً: طلب منه أَن
يُطْرِقَهُ إِياه ليضرب في إِبله. وطَرُوقَةُ الفحل: أُنثْاه، يقال: ناقة
طَرُوقَةُ الفحل للتي بلغت أَن يضربها الفحل، وكذلك المرأَة. وتقول العرب:
إِذا أَردت أَن يُشْبهك ولَدُك فأَغْضِب طَرُوقَتَك ثم ائتِْها. وفي
الحديث: كان يُصْبِحُ جنباً من غير طَرُوقَةٍ أَي زوجة، وكل امرأة طَرُوقَةُ
زوجها، وكل ناقة طَرُوقَةُ فحلها، نعت لها من غير فِعْلٍ لها؛ قال ابن
سيده: وأَرى ذلك مستعاراً للنساء كما استعار أَبو السماك الطَّرْق في
الإِنسان حين قال له النجاشي: ما تَسْقِنيي؟ قال: شراب كالوَرْس، يُطَيْب النفس،
ويُكْثر الطَّرْق، ويدرّ
في العِرْق، يشدُّ العِظام، ويسهل للفَدْم الكلام؛ وقد يجوز أَن يكون
الطَّرْقُ وَضْعاً في الإِنسان فلا يكون مستعاراً. وفي حديث الزكاة في
فرائض صدَقات الإِبل: فإِذا بلغت الإِبل كذا ففيها حِقَّةٌ طَرُوقَةُ الفحل؛
المعنى فيها ناقة حِقَّةٌ يَطْرقٌ الفحلُ مثلها أَي يضربها ويعلو مثلها
في سنها، وهي فَعُولَةٌ بمعنى مَفْعولة أَي مركوبة للفحل. ويقال
للقَلُوصِ التي بلغت الضَّرابَ وأَرَبَّتْ بالفحل فاختارها من الشُّوَّل: هي
طَرْوقَتُه. ويقال للمتزوج: كيف وجدتَ طَرُوقَتَك؟ ويقال: لا أَطْرَقَ اللهُ
عليك أَي لا صَيَّر لك ما تَنكْحِه. وفي حديث عمرو بن العاص: أَنه قَدِم
على عمر، رضي الله عنه، من مصر فجرَى بينهما كلام، وأَن عمر قال له: إِن
الدجاجة لتَفْحَصُ في الرماد فَتَضَعُ لغير الفحل والبيضة منسوبة إِلى
طَرْقها، فقام عمرو مُتَرَبَّدَ
الوجه؛ قوله منسوبة إِلى طَرْقها أَي إِلى فحلها، وأَصل الطَّرْق
الضِّرَاب ثم يقال للضارب طَرْقٌ بالمصدر، والمعنى أَنه ذو طَرْقٍ؛ قال الراعي
يصف إِبلاً:
كانَتْ هَجائِنُ مُنْذرٍ ومُحٍرَّقٍ
أُمَّاتِهِنَّ وطَرْقُهُنَّ فَحِيلا
أَي كان ذو طَرْقِها فحلاً فحيلاً أَي منجباً. وناقة مِطْراق: قريبة
العهد بطَرق الفحل إِِياها. والطَّرْق: الفحل، وجمعه طُرُوقٌ وطُرَّاقٌ؛ قال
الشاعر يصف ناقة:
مُخْلفُ الطُّرَّاقِ مَجهُولَةٌ،
مُحْدِثٌ بعد طِرَاقِ اللُّؤَم
قال أَبو عمرو: مُخْلِفُ الطُّرَّاق: لم تلقح، مجهولة: محرَّمة الظهر لم
تُرْكَبْ ولم تُحْلَبْ، مُحْدِث: أَحدثتِ لِقاحاً، والطِّراق: الضِّراب،
واللؤام: الذي يلائمها. قال شمر: ويقال للفحل مُطْرِق؛ وأَنشد:
يَهَبُ النَّجِيبَةَ والنَّجِيبَ، إِذا شَتَا،
والبازِلَ الكَوْمَاء مثل المُطْرِق
وقال تيم:
وهل تُبْلغَنِّي حَيْثُ كانَتْ دِيارُها
جُمالِيَّةٌ كالفحل، وَجنْاءُ مُطْرِقُ؟
قال: ويكون المُطْرِقُ من الإِطْراقِ أَي لا تَرْغو ولا تَضِجّ. وقال
خالد بن جنبة: مُطْرِقٌ من الطَّرْق وهو سرعة المشي، وقال: العَنَقُ
جَهْدُ الطَّرْق؛ قال الأَزهري: ومن هذا قيل للراجل مُطْرِق وجمعه
مَطَارِيقُ، وأَما قول رؤبة:
قَوَارِباً من واحِفٍ بعد العَنَقْ
للعِدِّ، إِذ أَخْلَفَه ماءُ الطَّرَقْ
فهي مناقع المياه تكون في بحائر الأَرض. وفي الحديث: نهى المسافر أَن
يأْتي أَهله طُروقاً أَي ليلاً، وكل آتٍ بالليل طَارِقٌ، وقيل: أَصل
الطُّروقِ من الطَّرْقِ وهو الدَّق، وسمي الآتي بالليل طَارِقاً لحاجته إلى دَق
الباب. وطَرَق القومَ يَطْرُقُهم طَرْقاً وطُروقاً: جاءَهم ليلاً، فهو
طارِقٌ. وفي حديث عليّ، عليه السلام: إِنها حَارِقةٌ طارِقةٌ أَي طَرَقَتْ
بخير. وجمع الطارِقَةِ طَوارِق. وفي الحديث: أَعوذ بك من طَوارِقِ الليل
إِلا طارِقاً يَطْرُقُ بخير. وقد جُمع طارِقٌ على أَطْراقٍ مثل ناصرٍ
وأَنصار؛ قال ابن الزبير:
أَبَتْ عينُه لا تذوقُ الرُّقاد،
وعاوَدها بعضُ أَطْراقِها
وسَهَّدَها، بعد نوع العِشاء،
تَذَكُّرُ نَبْلِي وأَفْواقِها
كنى بنبله عن الأقارب والأَهل. وقوله تعالى: والسماء والطَّارِقِ؛ قيل:
هو النجم الذي يقال له كوكب الصبح، ومنه قول هند بنت عتبة، قال ابن بري:
هي هند بنت بياضة بن رباح بن طارق الإِيادي قالت يوم أُحد تحض على
الحرب:نَحْنُ بناتُ طارِق،
لا نَنْثَني لِوامِق،
نَمْشي على النَّمارِق،
المِسْكُ في المَفَارِق،
والدُّرُّ في المَخانِق،
إِن تُقْبِلوا نُعانِق،
أَو تُدْبِرُوا نُفارِق،
فِراقَ غَيرِ وامِق
أَي أَن أَبانا في الشرف والعلو كالنجم المضيء، وقيل: أَرادت نحن بنات
ذي الشرف في الناس كأَنه النجم في علو قدره؛ قال ابن المكرم: ما أَعرف
نجماً يقال له كوكب الصبح ولا سمعت من يذكره في غير هذا الموضع، وتارة يطلع
مع الصبح كوكب يُرَى مضيئاً ، وتارة لا يطلُع معه كوكب مضيء، فإِن كان
قاله متجوزاً في لفظه أَي أَنه في الضياء مثل الكوكب الذي يطلع مع الصبح
إِذا اتفق طلوع كوكب مضيء في الصبح، وإِلا فلا حقيقة له. والطَّارِقُ:
النجم، وقيل: كل نجم طَارِق لأَن طلوعه بالليل؛ وكل ما أَتى ليلاً فهو طارِق؛
وقد فسره الفراء فقال: النجم الثّاقِب. ورجل طُرَقَةٌ، مثال هُمَزَةٍ،
إِذا كان يسري حتى يَطْرُق أَهله ليلاً. وأَتانا فلان طُروقاً إِذا جاء
بليل. الفراء: الطَّرَقُ في البعير ضعف في ركبتيه. يقال: بعير أَطرَقُ
وناقة طَرْقاءُ بيِّنة الطَّرَقِ، والطَّرَقُ ضعف في الركبة واليد، طَرِقَ
طَرَقاً وهو أَطْرَقُ، يكون في الناس والإِبل؛ وقول بشر:
ترى الطِّرَقَ المُعَبَّدَ في يَدَيْها
لكَذَّان الإكَامِ، به انْتِضالُ
يعني بالطَّرَق المُعَبَّد المذلل، يريد ليناً في يديها ليس فيه جَسْوٌ
ولا يبس. يقال: بعير أَطْرَق وناقة طَرْقاءُ بيِّنة الطَّرَق في يديها
لين، وفي الرَّجل طَرْقَةٌ وطِراقٌ وطِرِّيقَةٌ أَي استرخاء وتكسر ضعيف
ليِّن؛ قال ابن أَحمر يخاطب امرأَته:
ولا تَحْلَيْ بــمَطْرُوقٍ، إِذا ما
سَرى في القَوْم، أَصبح مُسْتَكِينَا
وامرأَة مَطْروقَــةٌ: ضعيفة ليست بمُذكًّرَة. وقال الأَصمعي: رجل
مَطْروقٌ أَي فيه رُخْوَةٌ وضعف، ومصدره الطِّرِّيقةُ، بالتشديد. ويقال: في ريشه
طَرَقٌ أَي تراكب. أَبو عبيد: يقال للطائر إِذا كان في ريشه فَتَخٌ، وهو
اللين: فيه طَرَقٌ. وكَلأٌ مَطْروقٌ: وهو الذي ضربه المطر بعد يبسه.
وطائر فيه طَرَقٌ أَي لين في ريشه. والطَّرَقُ في الريش: أَن يكون بعضُها
فوق بعض. وريش طِرَاقٌ إِذا كان بعضه فوق بعض؛ قال يصف قطاة:
أَمّا القَطاةُ، فإِنِّي سَوْفَ أَنْعَتُها
نعْتاً، يُوافِقُ نَعْتي بَعْضَ ما فيها:
سَكَّاءٌ مخطومَةٌ، في ريشها طَرَقٌ،
سُود قوادمُها، صُهْبٌ خَوافيها
تقول منه: اطَّرقَ جناحُ الطائر على افْتَعَلَ أَي التف. ويقال:
اطَّرَقَت الأَرض إِذا ركب التراب بعضه بعضاً. والإِطْراقُ: استرخاء العين.
والمُطْرِقُ: المسترخي العين خِلقةً. أَبو عبيد: ويكون الإِطْراقُ الاسترخاءَ
في الجفون؛ وأَنشد لمُزَِّدٍ يرثي عمر بن الخطاب، رضي الله عنه:
وما كُنْت أَخْشَى أَن تكونَ وفاتُه
بِكَفَّيْ سَبَنْتى أَزرقِ العينِ مُطْرِقِ
والإِطْراقُ: السكوت عامة، وقيل: السكوت من فَرَقٍ. ورجل مُطْرِقٌ
ومِطْراقٌ وطِرِّيق: كثير السكوت. وأَطْرَقَ الرجل إِذا سكت فلم يتكلم،
وأَطْرَقَ أيضاً أَي أَرخى عينيه ينظر إِلى الأَرض. وفي حديث نظر الفجأَة:
أَطْرِق بصَرك، الإِطْراقُ: أَن يُقْبل ببصره إِلى صدره ويسكت ساكناً؛ وفيه:
فأَطْرَقَ ساعة أَي سكت، وفي حديث آخر: فأَطْرَقَ رأْسَه أَي أَماله
وأَسكنه. وفي حديث زياد: حتى انتهكوا الحَرِيمَ ثم أَطْرَقُوا وراءكم أَي
استتروا بكم.
والطِّرِّيقُ: ذَكَر الكَرَوان لأَنه يقال أَطْرِقْ كَرَا فيَسْقط
مُطْرِقاً فيُؤخذ. التهذيب: الكَرَوان الذكر اسمه طِرِّيق لأَنه إِذا رأَى
الرجل سقط وأَطْرَق، وزعم أَبو خيرة أَنهم إِذا صادوه فرأَوه من بعيد
أَطافوا به، ويقول أَحدهم: أَطْرِقْ كَرَا إِنك لا تُرى، حتى يتَمَكن منه
فيُلقي عليه ثوباً ويأْخذه؛ وفي المثل:
أَطْرِقْ كَرَا أَطْرِقْ كَرَا
إِنَّ النَّعامَ في القُرَى
يضرب مثلاً للمعجب بنفسه كما يقال فَغُضَّ الطرْفَ، واستعمل بعض العرب
الإِطراق في الكلب فقال:
ضَوْرِيّة أُولِعْتُ باشْتِهارِها،
يُطْرِقُ كلبُ الحيِّ مِن حِذارِها
وقال اللحياني: يقال إِنَّ تحت طِرِّيقتِك لَعِنْدأْوةً؛ يقال ذلك
للمُطْرق المُطاوِل ليأْتِي بداهية ويَشُدّ شَدّة ليثٍ غيرِ مُتّعقٍ، وقيل
معناه أَي إِن في لينِه أَي إِنَّ تحت سكوتك لَنَزْوةً وطِماحاً،
والعِنْدَأْوةُ أَدْهى الدَّواهي، وقيل: هو المكر والخديعة، وهو مذكور في
موضعه.والطُّرْقةُ: الرجل الأَحْمَق. يقال: إِنه لَطُرْقةٌ ما يحسن يطاق من
حمقه.
وطارَقَ الرجلُ بين نعلين وثوبين: لَبِس أَحدَهما على الآخر. وطارَقَ
نعلين: خَصَفَ إِحدَاهما فوق الأُخرى، وجِلْدُ النعل طِراقُها. الأَصمعي:
طارَقَ الرجلُ نعليه إِذا أَطبَقَ نعلاً على نعل فخُرِزَتا، وهو
الطَّرّاق، والجلدُ الذي يضربها به الطِّراقُ؛ قال الشاعر:
وطِرَاقٌ من خَلْفِهِنّ طِراقٌ،
ساقِطاتٌ تَلْوي بها الصحراءُ
يعني نعال الإِبل. ونعل مُطارَقة أَي مخصوفة، وكل خصيفة طِراقٌ؛ قال ذو
الرمة:
أَغبْاشَ لَيْلِ تمامٍ، كانَ طارَقَه
تَطَخْطُخُ الغيمِ، حتى ما لَه جُوَبُ
وطِرَاقُ النعل: ما أُطْبِقَت عليه فخُرِزَتْ به، طَرَقَها يَطْرُقُها
طَرْقاً وطارَقَها؛ وكل ما وضع بعضه على بعض فقد طُورِقَ وأَطْرقَ.
وأَطْراقُ البطن: ما ركب بعضه بعضاً وتَغَضَّنَ. وفي حديث عمر: فلِبْسْتُ
خُفَّيْنِ مُطارَقَيْنِ أَي مُطبْقَينِ واحداً فوق الآخر. يقال: أَطْرَقَ
النعلَ وطارَقَها.
وطِرَاقُ بيضةِ الرأْس: طبقاتٌ بعضها فوق بعض. وأَطراقُ القربة:
أَثناؤها إِذا انْخَنَثَتْ وتثنَّتْ، واحدها طَرَقٌ. والطَّرَقُ ثِنْيُ القربة،
والجمع أَطرْاقٌ وهي أَثناؤها إِذا تَخَنَّثَتْ وتثنَّتْ. ابن الأَعرابي:
في فلان طَرْقة وحَلَّة وتَوضِيع إِذا كان فيه تخنُّث. والمَجَانّ
المُطْرَقَة: التي يُطْرَق بعضُها على بعض كالنَّعْل المُطْرَقة المَخصُوفة.
ويقال: أُطْرِقَت بالجلْد والعصَب أَي أُلْبِسَت، وتُرْس مُطْرَق.
التهذيب: المَجانُّ المُطْرَقة ما يكون بين جِلْدين أَحدهما فوق الآخر، والذي
جاءَ في الحديث: كأَنَّ وُجوهَهم المَجانَّ المُطْرَقة أَي التِّراس التي
أُلْبِسَتِ العَقَب شيئاً فوق شيء؛ أَراد أَنهم عِراضُ الوُجوه غِلاظها؛
ومنه طارَق النعلَ إِذا صيَّرها طاقاً فوق طاقٍ وركَب بعضها على بعض،
ورواه بعضهم بتشديد الراء للتكثير، والأَول أَشهر. والطِّراق: حديد يعرَّض
ويُدار فيجعل بَيْضة أَو ساعِداً أَو نحوَه فكل طبقة على حِدَة طِراق.
وطائر طِراق الريش إِذا ركب بعضُه بعضاً؛ قال ذو الرمة يصف بازياً:
طِرَاق الخَوافي، واقِعٌ فَوْقَ ريعهِ،
نَدَى لَيْلِه في رِيشِه يَتَرَفْرَقُ
وأَطْرَق جَناح الطائر: لَبِسَ الريش الأَعلى الريش الأَسفل. وأَطْرَق
عليه الليل: ركب بعضُه بعضاً؛ وقوله:
. . . . . . . . ولم
تُطْرِقْ عليك الحُنِيُّ والوُلُجُ
(* قوله «ولم تطرق إلخ» تقدم انشاده في مادة سلطح:
أنت ابن مسلنطح البطاح ولم * تعطف عليك الحني والولج.)
أَي لم يوضَع بعضُه على بعض فتَراكَب. وقوله عز وجل: ولقد خلقنا فوقكم
سبعَ طَرائق؛ قال الزجاج: أَراد السمواتِ السبع، وإِنما سميت بذلك
لتراكُبها، والسموات السبع والأرضون السبع طَرائِقُ بعضُها فوق بعض؛ وقال
الفراء: سبْعَ طرائق يعني السموات السبع كلُّ سماء طَرِيقة.
واختضَبَت المرأَة طَرْقاً أَو طَرْقين وطرْقَة أَو طَرْقَتَينِ يعني
مرة أَو مرتين، وأَنا آتيه في النهار طََرْقة أَو طَرْقَتَين أَي مرَّة أَو
مرَّتين. وأَطْرَق إِلى اللهْو: مال؛ عن ابن الأعرابي.
والطَّرِيقُ: السبيل، تذكَّر وتؤنث؛ تقول: الطَّريق الأَعظم والطَّريق
العُظْمَى، وكذلك السبيل، والجمع أَطْرِقة وطُرُق؛ قال الأَعشى:
فلمّا جَزَمتُ به قِرْبَتي،
تَيَمَّمْتُ أَطْرِقَةً أَو خَلِيفَا
وفي حديث سَبْرة: أَن الشيطان قَعَد لابن آدم بأَطْرِقة؛ هي جمع طريق
على التذكير لأَن الطريق يذكَّر ويؤنث، فجمعه على التذكير أَطْرِقة كرغيف
وأَرْغِفة، وعلى التأْنيث أَطْرُق كيمين وأَيْمُن. وقولهم: بَنُو فلان
يَطَؤُهم الطريقُ؛ قال سيبويه: إِنما هو على سَعَة الكلام أَي أَهلُ الطريق،
وقيل: الطريق هنا السابِلةُ
فعلى هذا ليس في الكلام حذف كما هو في القول الأول، والجمع أَطْرِقة
وأَطْرِقاء وطُرُق، وطُرُقات جمع الجمع؛ وأَنشد ابن بري لشاعر:
يَطَأُ الطَّرِيقُ بُيُوتَهم بِعيَاله،
والنارُ تَحْجُبُ والوُجوه تُذالُ
فجعل الطَّرِيقَ يَطَأُ بِعياله بيوتَهم، وإِنما يَطَأُ بيوتَهم أَهلُ
الطَّرِيق.
وأُمُّ الطَّرِيق: الضَّبُع؛ قال الكُمَيْت:
يُغادِرْنَ عَصْبَ الوالِقيّ وناصِحٍ،
تَخُصُّ به أُمُّ الطَّريقِ عِيالَها
الليث: أُمُّ طَريق هي الضَّبُع إِذا دخل الرجل عليها وِجارَها قال
أَطْرِقي أُمَّ طرِيق ليست الضَّبُع ههنا.
وبناتُ الطَّرِيق: التي تفترق وتختلِف فتأْخذ في كل ناحية؛ قال أَبو
المثنى بن سَعلة الأَسدي:
أِرْسَلْت فيها هَزِجاً أَصْواتُهُ،
أََكْلَف قَبْقَابَ الهَدِيرِ صاتُهُ،
مُقاتِلاً خالاته عَمّاتُهُ،
آباؤُه فيها وأُمَّهاتُهُ،
إِذا الطَّرِيقُ اختلفَتْ بَناتُهُ
وتَطَرَّقَ إِلى الأَمر: ابتغى إِليه طَريقاً. والطريق: ما بين
السِّكَّتَينِ من النَّخْل. قال أَبو حنيفة: يقال له بالفارسية
الرَّاشْوان.والطَّرُيقة: السِّيرة. وطريقة الرجل: مَذْهبه. يقال: ما زال فلان على
طَرِيقة واحدة أَي على حالة واحدة. وفلان حسن الطَّرِيقة، والطَّرِيقة
الحال. يقال: هو على طَرِيقة حسَنة وطَريقة سَيِّئة؛ وأَما قول لَبِيد
أَنشده شمر:
فإِنْ تُسْهِلوا فالسِّهْل حظِّي وطُرْقَني،
وإِِنْ تُحْزِنُوا أَرْكبْ بهم كلَّ مَرْكبِ
قال: طُرْقَتي عادَتي. وقوله تعالى: وأَنْ لَوِ اسْتَقاموا على
الطَّرِيقة؛ أَراد لَوِ استقاموا على طَرِيقة الهُدى، وقيل، على طَريقة الكُفْر،
وجاءت معرَّفة بالأَلف واللام على التفخيم، كما قالوا العُودَ للمَنْدَل
وإِن كان كل شجرة عُوداً. وطَرائقُ الدهر: ما هو عليه من تَقَلُّبه؛ قال
الراعي:
يا عَجَباً للدَّهْرِ شَتَّى طَرائِقُهْ،
ولِلْمَرْءِ يَبْلُوه بما شاء خالِقُهْ
كذا أَنشده سيبويه يا عجباً منوناً، وفي بعض كتب ابن جني: يا عَجَبَا،
أَراد يا عَجَبي فقلب الياء أَلفاً لمدِّ الصَّوْت كقوله تعالى: يا
أَسَفَى على يوسف. وقولُه تعالى: ويَذْهَبا بطَرِيقَتكُم المُثْلى؛ جاء في
التفسير: أَن الطَّرِيقة الرجالُ
الأَشراف، معناه بجَماعِتكم الأَشراف، والعرب تقول للرجل الفاضل: هذا
طَرِيقَة قومِه، وطَرِيقَة القوم أَماثِلُهم وخِيارُهُم، وهؤلاء طَرِيقةُ
قومِهم، وإِنَّما تأْويلُه هذا الدي يُبْتَغَى أَن يجعلَه قومُه قُدْوةً
ويسلكوا طَرِيقَته. وطَرائِقُ قومِهم أَيضاً: الرجالُ الأشراف. وقال
الزجاج: عندي، والله أَعلم، أَن هذا على الحذف أَي ويَذْهَبا بأَهْل
طَريقَتِكم المُثْلى، كما قال تعالى: واسأَلِ
القَرْية؛ أَي أَهل القرية؛ الفراء: وقوله طَرائِقَ قِدَداً من هذا.
وقال الأَخفش: بطَرِيقَتكم المُثْلى أَي بسُنَّتكم ودينكم وما أَنتم عليه.
وقال الفراء: كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً؛ أَي كُنَّا فِرَقاً مختلفة
أَهْواؤنا. والطّريقة: طَرِيقة الرجل. والطَّرِيقة: الخطُّ في الشيء. وطَرائِقُ
البَيْض: خطُوطُه التي تُسمَّى الحُبُكَ. وطَريقة الرمل والشَّحْم: ما
امتدَّ منه. والطَّرِيقة: التي على أَعلى الظهر. ويقال للخطّ الذي يمتدّ
على مَتْن الحمار طَرِيقة، وطريقة المَتْن ما امتدَّ منه؛ قال لبيد يصف
حمار وَحْش:
فأَصْبَح مُمتْدَّ الطَّريقة نافِلاً
الليث: كلُّ أُخْدُودٍ من الأَرض أَو صَنِفَةِ ثَوْب أَو شيء مُلْزَق
بعضه ببعض فهو طَرِيقة، وكذلك من الأَلوان. اللحياني: ثوب طَرائقُ
ورَعابِيلُ بمعنى واحد. وثوبٌ طَرائق: خَلَقٌ؛ عن اللحياني، وإِذا وصفت القَناة
بالذُّبُول قِيل قَناة ذات طَرائق، وكذلك القصبة إِذا قُطِعَتْ رَطْبة
فأَخذت تَيْبَس رأَيت فيها طَرائق قد اصْفَرَّت حين أَخذت في اليُبْس وما لم
تَيْبَس فهو على لوْن الخُضّرة، وإِن كان في القَنا فهو على لَوْن
القَنا؛ قال ذو الرمة يصف قَناة:
حتَّى يَبِضْنَ كأَمْثال القَنا ذبَلَتْ،
فيها طرائقُ لَدْناتٌ على أَوَدِ
والطَّرِيقَةُ وجمعها طَرائق: نَسِيجة تُنْسَج من صوف أَو شعَر عَرْضُها
عَظْمُ الذِّراع أَو أَقلّ، وطولها أَربع أَذرُع أَو ثماني أَذرُع على
قَدْرِ عِظَم البيت وصِغَره، تُخَيّط في مُلتْقَى الشِّقاق من الكِسْر
إِلى الكِسْر، وفيها تكون رؤوس العُمُد، وبينها وبين الطَّرائقِِ أَلْبادٌ
تكون فيها أُنُوف العُمُد لئلا تَُخْرِقَ الطَّرائق. وطَرَّفوا بينهم
طَرائِق، والطَّرائق: آخرُ ما يَبْقى من عَفْوةِ الكَلإِ. والطَّرائق:
الفِرَق.
وقوم مَطارِيق: رَجَّالة، واحدهم مُطْرِق، وهو الرَّاجِل؛ هذا قول أَبي
عبيد، وهو نادر إِلا أَن يكون مَطارِيق جمع مِطْراق. والطَّرِيقة:
العُمُد، وكل عَمُود طَرِيقة. والمُطْرِق: الوَضيع.
وتَطارق الشيءُ تتابع. واطَّرَقت الإِبل اطِّراقاً وتَطارقت: تَبِع
بعضُها بعضاً وجاءت على خُفٍّ واحد؛ قال رؤبة:
جاءتْ معاً، واطَّرَقَتْ شَتِيتا،
وهيَ تُثِير السَّاطعَ السِّخْتِيتا
يعني الغُبار المرتفع؛ يقول: جاءت مجتمِعة وذهبت متفرِّقة.
وتركَتْ راعِيَها مَشْتُوتا
ويقال: جاءت الإِبل مَطارِيق يا هذا إِذا جاء بعضُها في إِثْر بعض،
والواحد مِطْراق. ويقال: هذا مِطراق هذا أَي مثله وشِبْهه، وقيل أَي تِلْوُه
ونظيرهُ؛ وأَنشد الأَصمعي:
فاتَ البُغاةَ أَبو البَيْداء مُحْتَزِماً؛
ولم يُغادِر له في الناس مِطْراقا
والجمع مَطارِيق. وتَطارق القومُ: تَبِعَ بعضُهم بعضاً. ويقال: هذا
النَّبْل طَرْقةُ رجلٍ واحد أَي صنعة رجل واحد. والطَّرَق: آثار الإِبل إِذا
تبع بعضُها بعضاً، واحدتها طَرَقة، وجاءت على طَرَقة واحدة كذلك أَي على
أَثر واحد. ويقال: جاءت الإِبل مَطارِيقَ إِذا جاءت يَتْبع بعضُها بعضاً.
وروى أَبو تراب عن بعض بني كلاب: مررت على عَرَقَة الإِبل وطَرَقَتِها
أَي على أَثرها؛ قال الأَصمعي: هي الطَّرَقة والعَرَقة الصَّفّ
والرَّزْدَقُ. واطَّرَق الحوْضُ، على افْتَعل، إِذا وقع فيه الدِّمْنُ فَتَلَبَّد
فيه. والطَّرَق، بالتحريك: جمع طَرَقة وهي مثال العَرَقة. والصَّفّ
والرَّزْدَق وحِبالةُ الصائد ذات الكِفَفِ وآثارُ الإِبل بعضها في إِثْر بعض:
طَرَقة. يقال: جاءت الإِبل على طَرَقة واحدة وعلى خُفّ واحد أَي على أَثر
واحد.
واطَّرَقت الأَرض: تلبَّد تُرابها بالمطر؛ قال العجاج:
واطَّرَقت إِلاَّ ثلاثاً عُطَّفا
والطُّرَق والطُّرق: الجوادُّ وآثارُ المارة
تظهر فيها الآثار، واحدتها طُرْقة. وطُرَق القوس: أَسارِيعُها
والطَّرائقُ التي فيها، واحدتها طُرْقة، مثل غُرْفة وغُرَف. والطُّرَق:
الأَسارِيعُ. والطُّرَق أَىضاً: حجارة مُطارَقة بعضها على بعض.
والطُّرْقة: العادَة. ويقال: ما زال ذلك طُرْقَتَك أَي دَأْبك.
والطِّرْق: الشَّحْم، وجمعه أَطْراق؛ قال المَرَّار الفَقْعَسي:
وقد بَلَّغْنَ بالأَطْراقِ، حتَّى
أُذِيعَ الطِّرْق وانكَفَت الثَّمِيلُ
وما به طِرْق، بالكسر، أَي قُوَّة، وأَصل الطِّرْق الشَّحْم فكنى به
عنها لأَنها أَكثر ما تكون عنه؛ وكل لحمة مستطيلة فهي طَرِيقة. ويقال: هذا
بعير ما به طِرْق أَي سِمَن وشَحْم. وقال أَبو حنيفة: الطِّرْق السِّمَن،
فهو على هذا عَرَض. وفي الحديث: لا أَرى أَحداً به طِرْقٌ يتخلَّف؛
الطَّرْق، بالكسر: القوَّة، وقيل: الشحم، وأَكثر ما يستعمل في النفي. وفي حديث
ابن الزبير
(* قوله «وفي حديث ابن الزبير إلخ» عبارة النهاية: وفي حديث
النخعي الوضوء بالطرق أحب إليّ من التيمم، الطرق الماء الذي خاضته الإبل
وبالت فيه وبعرت، ومنه حديث معاوية: وليس للشارب إلخ): وليس للشَّارِب
إِلا الرَّنْقُ والطَّرْقُ
وطَرَّقَتِ المرأَة والناقة: نَشِب ولدُها في بطنها ولم يسهُل خروجه؛
قال أَوس بن حجر:
لها صَرْخة ثم إِسْكاتةٌ،
كما طَرَّقَتْ بِنفاسٍ بِكُرْ
(* قوله «لها» في الصحاح لنا).
الليث: طَرَّقَتِ
المرأَة، وكلُّ حامل تُطَرِّقُ إِذا خرج من الولد نصفه ثم نَشِب فيقال
طَرَّقَت ثم خَلُصت؛ قال أَبو منصور: وغيره يجعل التَّطْرِيق للقَطاة إِذا
فَحَصَتْ للْبَيْض كأَنها تجعل له طَريقاً؛ قاله أَبو الهيثم، وجائز أَن
يُستْعار فيُجعَل لغير القَطاة؛ ومنه قوله:
قد طَرَّقَتْ بِبِكْرِها أُمُّ طَبَقْ
يعني الداهية. ابن سيده: وطَرَّقت القطاة وهي مُطَرِّق: حان خروج
بَيْضها؛ قال المُمَزِّق العَبْدي: وكذا ذكره الجوهري في فصل مزق، بكسر الزاي،
قال ابن بري: وصوابه المُمَزَّق، بالفتح، كما حكي عن الفراء واسمه شَأْسُ
بن نَهار:
وقد تَخِذَتْ رجْلي إِلى جَنْبِ غَرْزِها
نَسِيفاً، كَأُفْحُوصِ القَطاةِ المُطَرِّقِ
أَنشده أَبو عمرو بن العلاء؛ قال أَبو عبيد: ولا يقال ذلك في غير
القطاة. وطَرَّق بحَقِّي تَطْرِيقاً: جَحَدَه ثم أَقرَّ به بعد ذلك. وضَرَبَه
حتى طَرَّق بِجَعْرِه أَي اخْتَضَب. وطَرَّق الإِبلَ تَطْرِيقاً: حَبَسها
عن كَلإٍ أَو غيره، ولا يقال في غير ذلك إِلا أَن يُستعار؛ قاله أَبو
زيد؛ قال شمر: لا أعَرف ما قال أَبو زيد في طَرَّقْت، بالقاف، وقد قال ابن
الأعَرابي طَرَّفْت، بالفاء، إِذا طَرَده. وطَرَّقْت له من الطَّرِيق.
وطَرْقاتُ الطَّرِيق: شَرَكُها، كل شَرَكة منها طَرْقَة، والطَّرِيق: ضرْب
من النَّخْل؛ قال الأَعشى:
وكلّ كُمَيْتٍ كجِذْعِ الطَّرِيـ
قِ، يَجْري على سِلطاتٍ لُثُمْ
وقيل: الطَّرِيقُ أَطول ما يكون من النخل بلغة اليمامة، واحدته طَرِيقة؛
قال الأَعشى:
طَرِيقٌ وجَبَّارٌ رِواءٌ أُصُولُهُ،
عليه أَبابِيلٌ مِنَ الطَّيْر تَنْعَبُ
وقيل: هو الذي يُنال باليد. ونخلة طَرِيقة: مَلْساء طويلة.
والطَّرْق: ضرْب من أَصوات العُودِ. الليث: كل صوت من العُودِ ونحوه
طَرْق على حِدَة، تقول: تضرِبُ هذه الجارية كذا وكذا طَرْقاً. وعنده طُرُوق
من الكلام، واحِدُه طَرْق؛ عن كراع ولم يفسره، وأَراه يعني ضُرُوباً من
الكلام. والطَّرْق: النخلة في لغة طيّء؛ عن أَبي حنيفة؛ وأَنشد:
كأَنه لَمَّا بدا مُخايِلا
طَرْقٌ، تَفُوت السُّحُقَ الأَطاوِلا
والطَّرْق والطِّرْق: حِبالة يُصاد بها الوحوش تتَّخذ كالفخّ، وقيل:
الطِّرْقُ الفَخّ.. وأَطرق الرجل الصَّيْدَ إِذا نصَب له حِبالة. وأَطْرَق
فلان لفلان إِذا مَحَل به ليُلْقِيه في وَرْطة، أُخِذ من الطِّرْق وهو
الفخّ؛ ومن ذلك قيل للعدُوّ مُطْرِق وللسَّاكت مُطْرِق.
والطُّرَيْق والأُطَيْرِقُ: نخْلة حجازيّة تبكِّر بالحَمْل صَفْراء
التمرة والبُسْرة؛ حكاه أَبو حنيفة. وقال مرّة: الأُطَيْرِق ضرّب من النخل
وهو أَبْكَر نخل الحجاز كله؛ وسماها بعض الشعراء الطُّرَيْقيِن
والأُطَيْرِقِين، قال:
أَلا تَرَى إِلى عَطايا الرَّحْمَنْ
مِنَ الطُّرَيْقِيِن وأُمِّ جِرْذانْ؟
قال أَبو حنيفة: يريد بالطُّرَيْقِين جمعَ الطُّرَيْقِ.
والطَّارِقيّة: ضرْب من القلائد.
وطارق: اسم والمِطْرَقُ: اسم ناقة أَو بعير، والأَسبق أَنه اسم بعير؛
قال:
يَتْبَعْنَ جَرْفاً من بَناتِ المِطْرَقِ
ومُطْرِق: موضع؛ أَنشد أَبو زيد:
حَيْثُ تَحَجَّى مُطْرِقٌ بالفالِقِ
وأَطْرِقا: موضع؛ قال أَبو ذؤيب:
على أَطْرِقا بالياتُ الخيا
مِ، إِلا الثُّمامُ وإِلا العِصِيُّ
قال ابن بري: من روى الثمام بالنصب جعله استثناء من الخيام، لأَنها في
المعنى فاعلة كأَنه قال بالياتٌ خِيامُها إِلا الثمامَ لأَنهم كانوا
يظلّلُون به خِيامَهم، ومَنْ رفع جعله صفة للخيام كأَنه قال باليةٌ خيامُها
غيرُ الثُّمام على الموضع، وأَفْعِلا مقصور بناءٌ قد نفاه سيبويه حتى قال
بعضهم إِن أَطْرِقا في هذا البيت أَصله أَطْرِقاء جمع طريق بلغة هذيل ثم
قصر الممدود؛ واستدل بقول الآخر:
تَيَمَّمْتُ أَطْرِقَةً أَو خَلِيفا
ذهب هذا المعلِّل إِلى أَن العلامتين تَعْتَقِبان؛ قال الأَصمعي: قال
أَبو عمرو بن العلاء أَطْرِقا على لفظ الاثنين بَلد، قال: نرى أَنه سمي
بقوله أَطْرِق أَي اسكت وذلك أَنهم كانوا ثلاثة نَفَر بأَطْرِقا، وهو موضع،
فسَمِعُوا صوتاً فقال أَحدُهم لصاحِبَيْه: أَطْرِقا أَي اسكُتا فسمِّي
به البلد، وفي التهذيب: فسمي به المكان؛ وفيه يقول أَبو ذؤَيب:
على أَطْرِقا بالياتُ الخِيام
وأَما مَنْ رواه أَطْرُفاً، فَعَلا هذا: فعل ماض. وأَطْرُق: جمع طَرِيق
فيمن أَنَّث لأَن أَفْعُلاً إِنما يكسَّر عليه فَعِيل إِذا كان مؤنثاً
نحو يمين وأَيْمُن.
والطِّرْياقُ: لغة في التِّرْياقِ؛ رواه أَبو حنيفة.
وطارِقَةُ الرجل: فَخْذُه وعَشِيرتُه؛ قال ابن أَحمر:
شَكَوْتُ ذَهابَ طارِقَتي إِليها،
وطارِقَتي بأَكْنافِ الدُّرُوبِ
النضر: نَعْجة مَطْرُوقــة وهي التي تُوسَم بالنار على وَسَط أُذُنها من
ظاهر، فذلك الطِّراقُ، وإِنما هو خطّ أَبيض بنارٍ كأَنما هو جادّة، وقد
طَرَقْناها نَطْرُقها طَرْقاً، والمِيسَمُ الذي في موضع الطِّراق له حُروف
صِغار، فأَمّا الطَّابِعُ فهو مِيسَمُ الفَرائضِ، يقال: طَبَعَ الشَّاة.
سلك: السُّلُوك: مصدر سَلَكَ طريقاً؛ وسَلَكَ المكانَ يَسْلُكُه سَلْكاً
وسُلُوكاً وسَلَكَه غَيْرَه وفيه وأَسْلكه إياه وفيه وعليه؛ قال عبد
مناف بن رِبْعٍ الهُذَلِيُّ:
حتى إذا أَسْلَكُوهُمْ في قُتائِدَةٍ
شَلاًّ، كما تَطْرُدُ الجَمَّالةُ الشُّرُدَا
وقال ساعِدَة بنُ العَجْلان:
وهمْ مَنَعُوا الطريق وأَسْلَكوهُمْ
على شَمَّاءَ، مَهْواها بَعيدُ
والسَّلْكُ، بالفتح: مصدر سَلَكْتُ الشيء في الشيء فانْسَِلَك أَي
أَدخلته فيه فدخل؛ ومنه قول زهير:
تَعَلَّماها، لَعَمْرُ الله، ذا قَسَما،
وافْصِدْ بِذَرْعِكَ، وانظرُ أَين تَنْسَلِكُ
وقال عديُّ بن زيد:
وكنتُ لِزازَ خَصْمِكَ لم أُعَرّدْ،
وهمْ سَلَكُوكَ في أَمْرٍ عَصِيبِ
وفي التنزيل العزيز: كذلك سَلَكْناه في قلوب المجرمين، وفيه لغة أخرى:
أَسْلَكْتُهُ فيه. والله يُسْلِكُ الكفَّارَ في جهنم أي يدخلهم فيها،
وأنشد بيت عبد مناف بن رِبْعٍ، وقد تقدّم. وفي التزيل العزيز: أَلم تر أَن
الله أَنزل من السماء ماءً فسَلَكَه يَنابِيعَ في الأرض، أي أَدخله ينابيع
في الأرض. يقال: سَلَكْتُ الخَيْطَ في المِخْيَطِ أَي أَدخلته فيه. أَبو
عبيد عن أصحابه: سلَكْتُه في المَكانِ وأَسْلَكْتُه بمعنى واحد. ابن
الأَعرابي: سَلَكْتُ الطريقَ وسَلَكْتُه غَيْري، قال: ويجوز أَسْلَكْتُه
غيري. وسَلَكَ يَدَه في الجَيْب والسِّقاء ونحوهما يَسْلُكها وأسْلَكَها:
أَدخلها فيهما.
والسَّلْكَةُ: الخَيْطُ الذي يُخاط به الثوبُ، وجمعه سِلْكٌ وأَسْلاكٌ
وسُلُوكٌ؛ كلاهما جمع الجمع.
والمَسْلَكُ: الطريق. والسَّلْكُ: إِدخالُ شيء تَسْلُكه فيه كما
تَطْعُنُ الطاعنَ فتَسْلُكُ الرمح فيه إذا طعنته تِلْقاءَ وجهه على سَجيحته؛
وأَنشد قول امرئ القيس:
نَطْعُنُهُمْ سُلْكى ومَخْلُوجَةً،
كَرَّكَ ّلأمَيْنِ على نابِلِ
وروي: كرَّ كلامَيْنِ، قال: وصَفَه بسرعة الطعن وشبهه بمن يدفع الريشة
إلى النَّبَّال في السرعة، وإنما يحتاج إليه في السرعة والخفة لأن الغِراء
إذا بَرَدَ لم يَلْزَقْ فيستعمل حارًّاً.
والسُّلْكى: الطعنةُ المستقيمة تلقاءَ وجهه، والمَخْلوجَةُ التي في
جانب. وروي عن أَبي عمرو بن العلاء أَنه قال: ذهب من كان يُحْسِنُ هذا
الكلام، يعني سُلْكى ومَخْلُوجَةً. ابن السكيت: يقال الرأيُ مَخْلُوجةٌ وليس
بسُلْكى أَي ليس بمستقيم. وأَمْرُهُمْ سُلْكى: على طريقة واحدة؛ وقولُ قيس
بن عَيْزارَةَ:
غَداةَ تَنادَوْا، ثم قامُوا فأَجْمَعُوا
بقَتْلِيَ سُلْكى، ليس فيها تنَازُعُ
أَراد عزيمة قوية لا تنازع فيها.
ورجل مُسَلَّكٌ: نحيف وكذلك الفرس.
والسُّلَكُ: فرخُ القَطا، وقيل فَرْخُ الحَجَلِ، وجمعهِ سِلْكانٌ، لا
يكسر على غير ذلك مثل صُرَدٍ وصِرْدانٍ، والأُنثى سُلَكَةٌ وسِلْكانةٌ،
الأَخيرة قليلة؛ قال الشاعر:
تَظَلُّ به الكُدْرُسِلْكانُها
والسُّلَكَةُ والسُّلَيْكَةُ: اسمان. وسُليْكٌ: اسم رجل، وهو سُلَيْكٌ
السَّعْدِيّ وهو من العَدَّائين، كان يقال لهُ سلَيْك المقانِبِ، واسم أمه
سُلَكَةُ؛ وقال قرّان الأَسدي:
لَخُطَّابُ ليْلى يالَ بُرْثُنَ مِنْكُمُ،
على الهَوْلِ، أَمْضى من سُلَيْك المَقانِبِ
قرع: القَرَعُ: قَرَعُ الرأْس وهو أَن يَصْلَعَ فلا يبقى على رأْسه شعر،
وقيل: هو ذَهابُ الشعر من داءٍ؛ قَرِعَ قَرَعاً وهو أَقْرَعُ وامرأَة
قَرْعاءُ. والقَرَعةُ: موضع القَرَعِ من الرأْسِ، والقوم قُرْعٌ وقُرْعانٌ.
وقَرِعَتِ النَّعامةُ قَرَعاً: سقَط ريشُ رأْسها من الكِبَرِ، والصِّفةُ
كالصِّفةِ؛ والحَيّةُ الأَقرع إِنما يَتَمَعَّطُ شعر رأْسه، زعموا لجمعه
السمّ فيه. يقال: شُجاعٌ أَقْرَعُ. وفي الحديث: يَجِيءُ كَنْزُ أَحدِكم
يومَ القيامةِ شُجاعاً أَقْرَعَ له زَبِيبَتانِ؛ الأَقْرَعُ: الذي لا شعر
له على رأْسه، يريد حية قد تمعَّط جلد رأْسه لكثرة سمه وطُولِ عُمُره،
وقيل: سمي أَقرع لأَنه يَقْرِي السم ويجمعه في رأْسه حتى تتمعط منه فَرْوةُ
رأْسه؛ قال ذو الرمة يصف حية:
قَرَى السَّمَّ، حتى انْمازَ فَرْوةُ رأْسِه
عن العَظْمِ، صِلٌّ فاتِكُ اللَّسْعِ مارِدُهْ
والتَّقْرِيعُ: قَصُّ الشعَر؛ عن كراع. والقَرَعُ: بَثْرٌ أَبيض يخرج
بالفُصْلانِ وحَشْوِ الإِبل يُسْقِطُ وَبَرها، وفي التهذيب: يخرج في أَعْناق
الفُصْلان وقوائمها. وفي المثلِ: أَحَرُّ من القَرَعِ. وقد قَرِع
الفَصِيلُ، فهو قَرِعٌ، والجمع قَرْعى. وفي المثل: اسْتَنَّتِ الفِصالُ حتى
القَرْعَى أَي سَمِنَتْ؛ يضرب مثلاً لمن تعدّى طَوْرَه وادّعى ما ليس له.
ودواءُ القَرَع المِلْح وجُبابُ أَلبانِ الإِبل، فإِذا لم يجدوا مِلْحاً
نَتَفُوا أَوباره ونَضَحُوا جلده بالماء ثم جرّوه على السَّبَخةِ. وتَقَرَّعَ
جلده: تَقَوَّبَ عن القَرَعِ. وقُرِّعَ الفَصِيلُ تقريعاً: فُعِلَ به ما
يُفْعَلُ به إِذا لم يوجد الملح؛ قال أَوس بن حجر يذكر الخيل:
لَدَى كلِّ أُخْدُودٍ يُغادِرْنَ دارِعاً،
يُجَرُّ كما جُرَّ الفَصِيلُ المُقَرَّعُ
وهذا على السلب لأَنه يُنْزَعُ قَرَعُه بذلك كما يقال: قَذَّيْتُ العينَ
نزعت قذاها، وقَرَّدْت البعير. ومنه المثل: هو أَحرّ من القَرَع، وربما
قالوا: هو أَحرّ من القرْع، بالتسكين، يعنون به قَرْعَ المِيسَمِ وهو
المِكْواةُ؛ قال الشاعر:
كأَنَّ على كَبِدِي قَرْعةً،
حِذاراً مِنَ البَيْنِ، ما تَبْرُدُ
والعامة تقوله كذلك بتسكين الراء، تريد به القَرْعَ الذي يؤكل، وإِنما
هو بتحريكها. والفَصِيلُ قَرِيعٌ والجمع قَرْعى، مثل مَرِيضٍ ومَرْضَى.
والقَرَعُ: الجَرَبُ؛ عن ابن الأَعرابي، أَراه يعني جرب الإِبل. وقَرَّعَتِ
الحَلُوبةُ رأْسَ فَصِيلها إِذا كانت كثيرة اللبن، فإِذا رَضِعَ الفصيلُ
خِلْفاً قَطَرَ اللبَنُ من الخِلفِ الآخرِ على رأْسه فَقَرَعَ رأْسَه؛
قال لبيد:
لها حَجَلٌ قد قَرَّعَتْ مِنْ رُؤُوسِه،
لها فَوْقَه مِمَّا تَحَلَّبَ واشِلُ
سَمَّى الإِفالَ حَجلاً تشبيهاً بها لصغرها؛ وقال الجعدي:
لها حَجَلٌ قُرْعُ الرُؤُوسِ تَحَلَّبَتْ
على هامِها، بالصَّيْفِ، حتى تَمَوَّرا
وقَرِعَتْ كُرُوشُ الإِبل إِذا انْجَرَدَتْ في الحرّ حتى لا تَسْقِ
(*
قوله «لا تسق» كذا بالأصل على هذه الصورة ولعله لا تستبقي الماء أو ما في
معناه.) الماءَ فيكثر عَرَقُها وتَضْعُفَ بذلك. والقَرَعُ: قَرَعُ
الكَرِش، وهو أَن يذهب زئبره ويَرِِقَّ من شدَّة الحر. واسْتَقْرَعَ الكَرِش
إِذا استَوْكَعَ. والأَكْراشُ يقال لها القُرْعُ إِذا ذهب خَمَلُها. وفي
الحديث: أَنه لما أَتى على محسِّرٍ قَرَعَ راحلته أَي ضرَبها بِسوْطِه.
وقَرَعَ الشيءَ يَقْرَعُهُ قَرْعاً: ضربه. الأَصمعي: يقال العَصا قُرِعَتْ
لِذِي الحِلْمِ أَي إِذا نُبِّه انْتَبَه؛ ومعنى قول الحرث بن وعْلةَ
الذُّهْليّ:
وزَعَمْتُمُ أَنْ لاحُلُومَ لنا،
إِنَّ العَصا قُرِعَتْ لِذِي الحِلْمِ
قال ثعلب: المعنى أَنكم زعمتم أَنَّا قد أَخطأْنا فقد أَخطأَ العلماءُ
قبلنا، وقيل: معنى ذلك أَي أَنَّ الحليم إِذا نبه انتبه، وأَصله أَنَّ
حَكَماً من حُكَّام العرب عاش حتى أُهْتِرَ فقال لابنته: إِذا أَنكَرْتِ من
فَهْمِي شيئاً عند الحُكْمِ فاقْرَعِي لي المِجَنَّ بالعصا لأَرتدع، وهذا
الحكم هو عَمْرو بن حُمَمةَ الدَّوْسِيّ قضَى بين العرب ثلثمائة سنة،
فلما كَبِرَ أَلزموه السابع من ولده يقرع العصا إِذا غَلِطَ في حكومته؛ قال
المتلمس:
لِذِي الحِلْمِ قَبْلَ اليَوْمِ ما تُقْرَعُ العَصا،
وما عُلِّمَ الإِنسانُ إِلاَّ ليَعْلَما
ابن الأَعرابي: وقول الشاعر:
قَرَعْت ظَنابِيبَ الهَوَى، يومَ عاقِلٍ،
ويومَ اللِّوَى حتى قَشَرْت الهَوَى قَشْرا
أَي أَذَلَلْته كما تقرَع ظُنْبُوبَ بعيرك لِيَتَنَوَّخَ لك فتركبه. وفي
حديث عمار قال: قال عمر بن أَسَدِ بن عبد العُزَّى حين قيل له محمد يخطب
خديجة قال: نِعْمَ البُضْعُ
(* قوله« البضع» هو الكفء كما في النهاية
وبهامشها هو عقد النكاح على تقدير مضاف أي صاحب البضع.) لا يُقْرَعُ أَنفه؛
وفي حديث آخر: قال ورقة بن نوفل: هو الفحل لا يُقْرَعُ أَنفه أَي أَنه كفءٌ
كريم لا يُرَدُّ، وقد ذكر في ترجمة قدع أَيضاً، وقوله لا يقرع أَنفه كان
الرجل يأْتي بناقة كريمة إِلى رجل له فحل يسأَله أَن يُطْرِقَها فحلَه،
فإِن أَخرج إِليه فحلاً ليس بكريم قَرَعَ أَنفه وقال لا أُريده.
والمُقْرَعُ: الفحْلُ يُعْقَلُ فلا يُتْرَكُ أَن يضرب الإِبل رغبة عنه، وقَرَعْتُ
البابَ أَقْرَعُه قَرْعاً. وقَرَعَ الدابَّةَ وأَقرَع الدابة بلجامها
يَقْرَعُ: كفَّها به وكبَحَها؛ قال سُحَيْمُ بن وَثِيلٍ الرِّياحِي:
إِذا البَغْلُ لم يُقْرَعْ له بلِجامِه،
عَدا طَوْرَه في كلِّ ما يَتَعَوَّدُ
وقال رؤْبة:
أَقْرَعَه عَنِّي لِجامٌ يُلْجِمُه
وقَرَعْت رأْسه بالعَصا قَرْعاً مثل فَرَعْتُ، وقَرَعَ فلان سنَّه
نَدَماً؛ وأَنشد أَبو نصر:
ولو أَني أَطَعْتُكَ في أُمُورٍ،
قَرَعْتُ نَدامةً مِنْ ذاكَ سِنِّي
وأَنشد بعضهم لعمر بن الخطاب، رضي الله عنه:
مَتَى أَلْقَ زِنْباعَ بنَ رَوْحٍ ببَلْدةٍ
ليَ النِّصْفُ منها، يَقْرَعِ السِّنَّ مِنْ نَدَمْ
وكان زِنْباعُ بن رَوْحٍ في الجاهلية ينزل مَشارفَ الشام، وكان يَعْشُرُ
من مَرَّ به، فخرج عمر في تجارة إِلى الشام ومعه ذَهَبةٌ جعلها في دَبِيلٍ
وأَلقَمَها شارِفاً له، فنظر إِليها زِنْباعٌ تَذْرِفُ عيناها فقال: إِن
لها لَشَأْناً، فنحرها ووجَد الذهبَةَ فَعَشَرَها، فحينئذ قال عمر، رضي
الله عنه، هذا البيت. وقَرَعَ الشاربُ بالإِناء جبهتَه إِذا اشتفَّ ما فيه
يعني أَنه شرب جميع ما فيه؛ وأَنشد:
كأَنَّ الشُّهْبَ في الآذانِ منها،
إِذا قَرَعُوا بِحافَتِها الجَبِينا
وفي حديث عمر: أَنه أَخذ قَدَحَ سويق فشربه حتى قَرَعَ القَدَحُ جبينَه
أَي ضرَبه، يعني شرب جميع ما فيه؛ وقال ابن مقبل يصف الخمر:
تَمَزَّزْتُها صِرفاً، وقارَعْتُ دَنَّها
بعُودِ أَراكٍ هَدَّه فَتَرَنَّما
قارَعْتُ دَنَّها أي نزَفْتُ ما فيه حتى قَرِعَ، فإِذا ضُرِبَ الدَّنُ
بعد فَراغِه بعود تَرَنَّمَ.
والمِقْرعةُ: خشبة تُضْرَبُ بها البغالُ والحمير، وقيل: كلُّ ما قُرِعَ
به فهو مِقْرعةٌ. الأَزهريُّ: المِقْرعةُ: التي تضرب بها الدابة،
والمِقْراعُ كالفأْس يكسر بها الحجارة؛ قال يصف ذئباً:
يَسْتَمْخِرُ الرِّيحَ إِذالم يَسْمَعِ،
بِمِثْلِ مِقْراعِ الصَّفا المُوَقَّعِ
(* قوله« يستمخر إلخ» أنشده في مادة مخر: لم أسمع بدل لم يسمع .)
والقِراعُ والمُقارَعةُ: المُضاربةُ بالسيوف، وقيل: مضاربة القوم في
الحرب، وقد تَقارعُوا. وقَرِيعُك: الذي يُقارِعُك. وفي حديث عبد الملك وذكر
سيف الزبير:
بِهِنَّ فُلُولٌ من قِراعِ الكَتائِبِ
أَي قتال الجيوش ومحاربتها.
والإِقْراعُ: صَكُّ الحَمِيرِ بعضُها بعضاً بحَوافِرِها؛ قال رؤبة:
حَرًّا منَ الخَرْدلِ مَكْرُوهِ النَّشَقْ،
أَو مُقْرَعِ مِن رَكْضِها دامِي الزَّنَقْ
والمِقْراعُ: الساقُورُ. والأَقارِعُ: الشِّدادُ؛ عن أَبي نصر.
والقارِعةُ من شدائدِ الدهْرِ وهي الداهِيةُ؛ قال رؤبة:
وخافَ صَدْعَ القارعاتِ الكُدَّهِ
قال يعقوب: القارِعةُ هنا كل هَنةٍ شديدةِ القَرْعِ، وهي القيامة
أَيضاً؛ قال الفراء: وفي التنزيل: وما أَدراك ما القارعةُ؛ وقوله:
ولا رَمَيْتُ على خَصْمٍ بقارِعةٍ،
إِلاَّ مُنِيتُ بِخَصْمٍ فُرَّ لي جَذَعا
يعني حُجّة، وكله من القَرْع الذي هو الضرْبُ. وقوله تعالى: ولا يزال
كفروا تصيبهم بما صنعوا قارِعةٌ؛ قيل في التفسير: سَرِيّةٌ من سَرايا رسول
الله، صلى الله عليه وسلم، ومعنى القارعة في اللغة النازلةُ الشديدة تنزل
عليهم بأَمر عظيم، ولذلك قيل ليوم القيامة القارعة. ويقال: قَرَعَتْهم
قَوارعُ الدهْرِ أَي أَصابتهم، ونعوذ بالله من قَوارِعِ فلان ولواذِعِه
وقَوارِصِ لسانه. وفي حديث أَبي أُمامة: من لم يَغْز أَو يُجَهِّزْ غازِياً
أَصابه الله بقارعةٍ أَي بداهيةٍ تُهْلِكُه. يقال: قَرَعَه أَمرٌ إِذا
أَتاه فَجْأَةً، وجمعها قَوارِعُ. الأَصمعي: يقال أَصابته قارعة يعني أَمراً
عظيماً يَقْرَعُه. ويقال: أَنزل الله به قَرْعاءَ وقارعةً ومُقْرِعةً،
وأَنزل الله به بَيْضاء ومُبَيِّضةً؛ هي المصيبة التي لا تدَعُ مالاً ولا
غيره. وفي الحديث: أُقسم لَتَقْرَعَنّ بها أَبا هريرة أَي لَتَفْجَأنَّه
بذكرها كالصّكّ له والضربْ.
وقَرِعَ ماءُ البئرِ: نَفِدَ فَقَرَعَ قَعْرَها الدَّلْوُ. وبئر
قَرُوعٌ: قليلة الماء يَقْرَعُ قَعْرَها الدَّلْوُ لفَناءِ مائِها. والقَرُوعُ
من الرَّكايا: التي تحفر في الجبل من أَعلاها إِلى أَسفلها. وأَقْرَعَ
الغائصُ والمائِحُ إِذا انتهى إِلى الأَرض.
والقَرَّاعُ: طائر له مِنْقارٌ غليظ أَعْقَفُ يأْتي العُود اليابس فلا
يزال يَقْرَعُه حتى يدخل فيه، والجمع قَرّاعاتٌ، ولم يكسّر. والقَرّاعُ:
الصُّلْبُ الشديد. وتُرْسٌ أَقْرَعُ وقَرّاعٌ: صُلْبٌ شديد؛ قال الفارسي:
سمي به لصبره على القَرْعِ؛ قال أَبو قَيْسِ بن الأَسْلتِ:
صَدْقٍ حُسامٍ وادِقٍ حَدُّه،
ومُجْناءٍ أَسْمَرَ قَرَّاعِ
وقال الآخر:
فلما فَنى ما في الكَنائِنِ ضارَبُوا
إِلى القُرعِ من جِلْدِ الهِجانِ المُجَوَّبِ
أَي ضربوا بأَيديهم إِلى التِّرَسةِ لَمّا فَنِيَتْ سِهامُهم، وفَنى
بمعنى فَنِيَ في لغات طيِّءٍ. والقَرّاعُ: التُّرْسُ. والقَرَّاعانِ: السيفُ
والحَجَفةُ؛ هذه من أَمالي ابن بري. والقَرّاعُ من كل شيء: الصُّلْبُ
الأَسفلِ الضَّيِّقُ الفم. واسْتَقْرَعَ حافِرُ الدابّة إِذا اشتد.
والقِراعُ: الضِّرابُ. وقَرَعَ الفحلُ الناقةَ والثورُ يَقْرَعُها
قَرْعاً وقِراعاً: ضربها. وناقة قَرِيعةٌ: يُكْثر الفحلُ ضِرابها ويُبْطِئ
لَقاحُها. ويقال: إِنَّ ناقتك لقَرِيعةٌ أَي مُؤَخَّرةُ الضَّبَعةِ.
واسْتَقْرَعَت الناقةُ: اشتهت الضِّرابَ. الأَصمعي: إِذا أَسْرَعَتِ الناقةُ
اللَّقَحَ فهي مِقْراعٌ؛ وأَنشد:
تَرى كلَّ مِقْراعٍ سَرِيعٍ لَقاحُها،
تُسِرُّ لَقاحَ الفحْلِ ساعةَ تُقْرَعُ
وفي حديث هشام يصف ناقة: إِنها لَمِقْراعٌ؛ هي التي تَلْقَحُ في أَوَّل
قَرْعةٍ يَقْرَعُها الفحلُ. وفي حديث علقمة: أَنه كان يُقَرِّعُ غَنَمه
ويَحْلُِبُ ويَعْلِفُ أَي يُنْزِي الفُحولَ عليها؛ هكذا ذكره الزمخشري
والهروي، وقال أَبو موسى: هو بالفاء، وقال: هو من هفوات الهروي. واسْتَقْرَعَتِ
البقرُ: أَرادت الفحل. الأُمَوِيُّ: يقال للضأْن اسْتَوْبَلَتْ،
وللمِعْزى اسْتَدَرَّتْ، وللبقرة استقرعت، وللكلبة اسْتَحْرَمَتْ. وقَرَعَ
التيْسُ العَنْزَ إِذا قَفَطها. وقرَّعَ القومَ: أَقْلَقَهم؛ قال أَوس بن حجر
أَنشده الفراء:
يُقَرِّعُ للرّجالِ، إِذا أَتَوْه،
وللنِّسْوانِ، إِنْ جِئْنَ، السَّلامُ
أَراد يُقَرِّعُ الرجالَ فزادَ اللام كقوله تعالى: قل عسَى أَن يكون
رَدِفَ لكم؛ وقد يجوزأَن يريد بيُقَرِّع يَتَقَرَّعُ. والتقْرِيعُ:
التأْنِيبُ والتعْنِيف. وقيل: هو الإِيجاعُ باللَّوْمِ. وقَرَّعْتُ الرجلَ إِذا
وَبَّخْتَه وعَذلْتَه، ومرجعه إِلى ما أَنشده الفراء لأَوس بن حجر. ويقال:
قَرَّعَني فلان بلَوْمِه فما ارْتَقَعْتُ به أَي لم أَكْتَرِثْ به. وبات
بَتَقَرَّعُ ويُقَرِّعُ: يَتَقَلَّبُ، وبِتُّ أَتَقَرَّعُ.
والقُرْعةُ: السُّهْمةُ. والمُقارَعةُ: المُساهَمةُ. وقد اقْتَرَعَ
القومُ وتقارَعوا وقارَع بينهم، وأَقْرَعَ أَعْلى، وأَقْرَعْتُ بين الشركاء في
شيء يقتسمونه. ويقال: كانت له القُرْعةُ إِذا قرَع أَصحابه. وقارَعه
فقرَعَه يَقْرَعُه أَي أَصابته القُرْعةُ دونه. وروي عن النبي، صلى الله
عليه وسلم: أَنه رُفِعَ إِليه أَنَّ رجلاً أَعتق ستة مَمالِيكَ له عند مَوته
لا مال له غيرُهم، فأَقْرَعَ بينهم وأَعْتَق اثنين وأَرَقَّ أَربعة؛
وقول خِداشِ بن زُهَيْر أَنشده ابن الأَعرابي:
إِذا اصْطادُوا بُغاثاً شَيَّطُوه،
فكانَ وفاءَ شاتِهِم القُرُوعُ
فسره فقال: القُرُوعُ المُقارعَةُ، وإِنما وصف لُؤْمَهم، يقول: إِنما
يتَقارَعُون على البغاثِ لا على الجُزُرِ كقوله:
فما يَذْبَحُونَ الشاةَ إِلاّ بمَيْسِرٍ،
طويلاً تَناجِيها صِغاراً قُدُورُها
قال ابن سيده: ولا أَدري ما هذا الذي قاله ابن الأَعرابي في هذا البيت،
وكذلك لا أَعرف كيف يكون القُرُوعُ المُقارَعةَ إِلا أَن يكون على حذف
الزائد، قال: ويروى شاتِهم القَرُوعِ، وفسره فقال: معناه كان البُغاثُ وفاءً
من شاتهم التي يتَقارَعون عليها لأَنه لا قدرة لهم أَن يتقارعوا على
جُزُرٍ، فيكون أَيضاً كقوله:
فما يذبحون الشاة إِلا بميسر
قال: والذي عندي أَن هذا أَصح لقوَّة المعنى بذلك، قال: وأَيضاً فإِنه
يسلم بذلك من الإِقْواءِ لأَن القافية مجرورة؛ وقبل هذا البيت:
لَعَمْرُ أَبيك، لَلْخَيْلُ المُوَطّى
أُمامَ القَوْمِ للرَّخَمِ الوُقوعِ،
أَحَقُّ بكم، وأَجْدَرُ أَن تَصِيدُوا
مِنَ الفُرْسانِ تَرْفُلُ في الدُّروعِ
ابن الأَعرابي: القَرَعُ والسَّبَقُ والخَطَرُ الذي يُسْبَقُ عليه.
والاقْتِراعُ: الاختيارُ. يقال: اقتُرِعَ فلان أَي اخْتِيرَ.
والقَرِيعُ: الخيارُ؛ عن كراع. واقتَرَعَ الشيءَ: اختارَه. وأَقْرَعوه خِيارَ
مالهِم ونَهْبِهم: أَعْطَوه إِياه، وذكر في الصحاح: أَقْرَعَه أَعْطاه خيرَ
مالِه. والقَريعةُ والقُرْعةُ: خيارُ المالِ. وقَرِيعةُ الإِبل: كريمتها.
وقُرْعةُ كل شيء: خياره. أَبو عمرو: يقال قَرَعْناكَ واقْتَرَعْناكَ
وقْرَحْناكَ واقْتَرَحْناكَ ومَخَرْناكَ وامْتَخَرْناك وانتَضَلْناك أَي
اخترناك. وفي الحديث: أَنه ركب حِمارَ سعدِ ابن عُبادةَ وكان قَطوفاً فردّه وهو
هِمْلاجٌ قَرِيعٌ ما يُسايَرُ أَي فارِهٌ مختارٌ؛ قال ابن الأَثير: قال
الزمخشري ولو روي فريغٌ، بالفاء الموحدة والغين المعجمة، لكان مُطابقاً
لفراغٍ، وهو الواسع المشي، قال: ولا آمَنُ أَن يكون تصحيفاً. والقَرِيعُ:
الفحل، سمي بذلك لأَنه مُقْتَرَعٌ من الإِبل أَي مختارٌ. قال الأَزهري:
والقريع الفحل الذي تَصَوَّى للضِّراب. والقَرِيعُ من لإِبل: الذي يأْخذ
بِذِراعِ الناقة فيُنيخُها، وقيل: سمي قَريعاً لأَنه يَقْرَعُ الناقة؛ قال
الفرزدق:
وجاءَ قَرِيعُ الشوْلِ قَبْلَ إِفالِها
يَزِفُّ، وجاءتْ خَلْفَه، وهْي زُفَّفُ
وقال ذو الرمة:
وقد لاحَ للسّارِي سُهَيْلٌ، كأَنّه
قَرِيعُ هِجانٍ عارَضَ الشوْلَ جافِرُ
ويروى:
وقد عارَضَ الشِّعْرَى سُهَيْلٌ
وجمعه أَقْرِعة. والمَقْروعُ: كالقَريع الذي هو المختار للفِحْلةِ؛
أَنشد يعقوب:
ولَمَّا يَزَلْ يَسْتَسْمِعُ العامَ حوْلَه
نَدى صَوْتِ مَقْروعٍ عن العَدْوِ عازِبِ
قال ابن سيده: إِلاَّ أَني لا أَعرف للمقروع فِعْلاً ثانياً بغير زيادة،
أَعني لا أَعرف قَرَعَه إِذا اختارَه.
والقِراعُ: أَن يأُخُذَ الرجلُ الناقةَ الصعْبة فيُرَيِّضَها للفحل
فيَبْسُرها. ويقال: قَرَّعْ لجملك
(* قوله« فيريضها» هو في الأصل بياء تحتية
بعد الراء وفي القاموس بموحدة. وقوله «قرع لجملك» قال شارح القاموس: نقله
الصاغاني هكذا.)
والمَقْروعُ السيِّدُ. والقَريعُ: السيدُ. يقال: فلان قريعُ دَهْرِه
وفلان قريعُ الكَتِيبةِ وقِرِّيعُها أَي رئيسها. وفي حديث مسروق: إِنكَ
قَرِيعُ القُرّاء أَي رئيسهم. والقريعُ: المختارُ. والقريع: المَغْلوب.
والقَريعُ: الغالب. واسْتَقْرَعَه جملاً وأَقْرعَه إِياه أَي أَعطاه إِياه
ليضرب أَيْنُقَه. وقولهم أَلْفٌ أَقْرَعُ أَي تامّ. يقال: سُقْتُ إِليك
أَلفاً أَقرَعَ من الخيل وغيرها أَي تامّاً، وهو نعت لكل أَلفٍ، كما أَنَّ
هُنَيْدة اسم لكل مائة؛ قال الشاعر:
قَتَلْنا، لَوَ نَّ القَتْل يشْفي صُدورَنا،
بِتَدْمُرَ، أَلْفاً مِنْ قُضاعةَ أَقْرَعا
وقال الشاعر:
ولو طَلَبُوني بالعَقوقِ، أَتيتُهم
بأَلفٍ، أُؤَدِّيه إِلى القَوْمِ، أَقْرَعا
وقِدْحٌ أَقْرَعُ: وهو الذي حُكَّ بالحصى حتى بدت سَفاسِقُه أَي
طرائِقُه. وعُود أَقْرَعُ إِذا قُرِعَ من لِحائِه. وقَرِعَ قَرَعاً، فهو قَرِعٌ:
ارتدع عن الشيء. والقَرَعُ: مصدر قولك قَرِعَ الرجلُ، فهو قَرِعٌ إِذا
كان يقبل المَشورةَ ويَرْتَدِعُ إِذا رُدِعَ. وفلان لا يُقْرَعَ إِقْراعاً
إِذا كان لا يقْبَل المَشْوَرةَ والنصيحة. وفلان لا يَقْرَعُ أَي لا
يرتدع، فإِن كان يرتدع قيل رجل قَرِعٌ. ويقال: أَقْرَعْتُه أَي كففته؛ قال
رؤبة:
دَعْني، فقد يُقْرَعُ للأَضَزِّ
صَكِّي حِجاجَيْ رأْسِه، وبَهْزي
أَبو سعيد: فلان مُقْرِعٌ ومُقْرِنٌ له أَي مُطيقٌ، وأَنشد بيت رؤبة
هذا، وقد يكون الإِقْراعُ كفّاً ويكون إِطاقة. ابن الأَعرابي: أَقْرَعْتُه
وأَقْرَعتُ له وأَقدَعْتُه وقدَعْتُه وأَوزَعْتُه ووزَعْتُه وزُعْتُه إِذا
كففتَه. وأَقرَعَ الرجلُ على صاحبه وانقَرَعَ إِذا كَفَّ. قال الفارسي:
قَرَعَ الشيءَ قَرْعاً سَكَّنَه، وقَرَعَه صرَفه. وقَوارِعُ القرآنِ منه:
الآياتُ التي يقرؤُها إِذا فَزِعَ من الجن والإِنس فَيَأْمن، مثل آية
الكرسي وآيات آخر سورة البقرة وياسينَ لأَنها تصرف الفَزعَ عمن قرأَها
كأَنها تَقْرَعُ الشيطانَ. وأَقرَع الفَرسَ: كبَحَه. وأَقرَعَ إِلى الحق
إِقراعاً: رجع إِليه وذَلّ. يقال: أَقرَعَ لي فلان؛ وأَنشد لرؤبة:
دَعْني، فقد يُقْرَعُ للأَضَزِّ
صَكِّي حِجاجَيْ رأْسِه، وبَهْزي
أَي يُصْرَفُ صَكِّي إِليه ويُراضُ له ويَذِلُّ. وقرَعَه بالحق:
اسْتَبْدَلَه
(* هكذا في الأصل، وربما هي محرفة عن استقبله. وفي اساس البلاغة:
رماه.) وقَرِعَ المكانُ: خَلا ولم يكن له غاشيةٌ يَغْشَوْنَه. وقَرِعَ
مَأْوى المال ومُراحُه من المال قَرَعاً، فهو قَرِعٌ: هلكَت ماشيته فخلا؛ قال
ابن أُذينة:
إِذا آداكَ مالُك فامْتَهِنْه
لِجادِيهِ، وإِنْ قَرِعَ المُراحُ
ويروى: صَفِرَ المُراحُ. آداكَ: أَعانك؛ وقال الهذلي:
وخَوَّالٍ لِمَوْلاهُ إِذا ما
أَتاهُ عائِلاً، قَرِعَ المُراحُ
ابن السكيت: قَرَّعَ الرجلُ مكانَ يدِه من المائدةِ تَقْريعاً إِذا ترَك
مكانَ يده من المائدة فارغاً. ومن كلامهم: نعوذ بالله من قَرَعِ
الفِناءِ وصَفَرِ الإِناء أَي خُلُوِّ الديار من سُكانها والآنيةِ من
مُسْتَوْدعاتها. وقال ثعلب: نعوذ بالله من قَرْعِ الفِناء، بالتسكين، على غير قياس.
وفي الحديث عن عمر، رضي الله عنه: قَرِعَ حَجُّكم أَي خلت أَيام الحج. وفي
الحديث: قَرِعَ أَهلُ المسجد حين أُصِيبَ أَصحاب النَّهر
(* قوله
«النهر» كذا بالأصل وبالنهاية أيضاً، وبهامش الأصل: صوابه النهروان.) أَي قَلّ
أَهلُه كما يَقْرَعُ الرأْسُ إِذا قل شعره، تشبيهاً بالقَرعةِ، أَو هو من
قولهم قَرِعَ المُراحُ إِذا لم تكن فيه إِبل.
والقُرْعةُ: سِمةٌ على أَيْبَس الساقِ، وهي وَكزةٌ بطرَف المِيسَمِ،
وربما قُرِعَ منه قَرْعةً أَو قرْعَتين، وبعير مَقْروعٌ وإِبل مُقَرَّعةٌ؛
وقيل: القُرْعةُ سِمةٌ خَفِيَّةٌ على وسط أَنف البعير والشاة.
وقارِعةُ الدارِ: ساحَتُها. وقارِعةُ الطريقِ: أَعلاه. وفي الحديث: نَهى
عن الصلاةِ على قارعةِ الطريق؛ هي وسطه، وقيل أَعلاه، والمراد به ههنا
نفس الطريق ووجهه. وفي الحديث: لا تُحْدِثُوا في القَرَعِ فإِنه مُصَلَّى
الخافِينَ؛ القَرَعُ، بالتحريك: هو أَن يكون في الأَرض ذات الكَلإِ مواضع لا
نباتَ فيها كالقَرَعِ في الرأْس، والخافُون: الجنُّ. وقَرْعاءُ الدار:
ساحَتُها.
وأَرض قَرِعةٌ: لا تُنْبِتُ شيئاً. وأَصبحت الرِّياضُ قُرْعاً: قد
جَرَّدَتْها المَواشِي فلم تترك فيها شيئاً من الكلإِ. وفي حديث علي: أَن
أَعرابيّاً سأَل النبي، صلى الله عليه وسلم، عن الصُّلَيْعاءِ والقُرَيْعاءِ؛
القُرَيْعاءُ: أَرض لعنها الله إِذا أَنْبَتَتْ أو زُرِعَ فيها نَبَتَ في
حافَتَيْها ولم ينبت في متنها شيء. ومكان أَقْرَعُ: شديد صُلْبٌ، وجمعه
الأَقارِعُ؛ قال ذو الرمة:
كَسا الأُكْمَ بُهْمَى غَضّةً حَبَشِيّةً
قواماً، ونقعان الظُّهُورِ الأَقارِعِ
وقول الراعي:
رَعَيْنَ الحَمْضَ حَمْضَ خُناصِراتٍ،
بما في القُرْعِ من سَبَلِ الغَوادِي
قيل: أَراد بالقُرْعِ غُدْراناً في صلابة من الأَرض. والقَرِيعةُ:
عَمُودُ البيتِ الذي يُعْمَدُ بالزِّرِّ؛ والزِّرُّ أَسْفَلَ الرُّمّانة وقد
قَرَعَه به. وقَرِيعةُ البيتِ: خيْرُ موضع فيه، إِن كان في حَرٍّ فخِيارُ
ظِلِّه، وإِن كان في قُرٍّ فخِيارُ كِنِّه، وقيل: قَرِيعَتُه سَقْفُه؛ ومنه
قولهم: ما دخلت لفلان قَرِيعةَ بيت قَطّ أَي سَقْفَ بيت.
وأَقْرَعَ في سِقائه: جَمَع؛ عن ابن الأَعرابي. والمِقْرَعُ: السِّقاءُ
يُخْبَأُ فيه السمْن. والقُرْعةُ: الجِرابُ الواسع يلقى فيه الطعام. وقال
أَبو عمرو: القُرْعةُ الجِراب الصغير، وجمعها قُرَعٌ. والمِقْرَعُ:
وِعاءٌ يُجْبَى فيه التمرُ أَي يُجْمَعُ. وتميم تقول: خُفّانِ مُقَرَعانِ أَي
مُثْقَلانِ. وأَقْرَعتُ نَعْلي وخُفِّي إِذا جعلت عليهما رُقْعةً
كَثِيفةً.
والقَرّاعةُ: القَدّاحةُ التي يُقْتَدَحُ بها النارُ.
والقَرْعُ: حمْل اليَقْطِين، الواحدة قَرْعةٌ. وكان النبي، صلى الله
عليه وسلم، يحبّ القَرْعَ، وأَكثر ما تسميه العرب الدُّبَّاء وقلّ من
يسْتعمل القَرْعَ. قال المَعَرِّيُّ: القرع الذي يؤكل فيه لغتان: الإِسكان
والتحريك، والأَصل التحريك؛ وأَنشد:
بِئْسَ إِدامُ العَزَبِ المُعْتَلِّ،
ثَرِيدةٌ بقَرَعٍ وخَلِّ
وقال أَبو حنيفة: هو القَرَعُ، واحدته قَرَعَةٌ، فحرك ثانيها ولم يذكر
أَبو حنيفة الإِسكان؛ كذا قال ابن بري.
والمَقْرَعةُ: مَنْنِتُه كالمَبْطَخَةِ والمَقْثَأَةِ. يقال: أَرض
مَقْرَعة. والقَرْعُ: حَمْلُ القِثّاء من المَرْعَى.
ويقال: جاء فلان بالسَّوْءةِ القَرْعاءِ والسوءةِ الصَّلْعاءِ أَي
المتكشفة.
ويقال: أَقرَعَ المسافر إِذا دَنا من منزله، وأَقْرَع دارَه آجُرًّا
إِذا فرشها بالآجرّ، وأَقرَعَ الشرُّ إِذا دامَ. ابن الأَعرابي: قَرِعَ فلان
في مِقْرَعِه، وقَلَدَ في مِقْلَدِه، وكَرَص في مِكْرَصِه، وصرَب في
مِصْرَبِه، كله: السِّقاءُ والزِّقُّ. ابن الأَعرابي: قَرِعَ الرجلُ إِذا قُمِرَ
في النِّضالِ، وقَرِعَ إِذا افتقر، وقَرِعَ إِذا اتَّعَظَ.
والقَرْعاء، بالمدّ: موضع. قال الأَزهري: والقرعاء مَنْهَلٌ من مَناهِلِ
طريق مكة بين القادسية والعَقَبةِ والعُذَيْب. والأَقْرعانِ: الأَقرع بن
حابس، وأَخوه مَرْثَدٌ؛ قال الفرزدق:
فإِنَّكَ واجِدٌ دُوني صَعُوداً،
جَراثِيمَ الأُقارِعِ والحُتاتِ
الحُتاتُ: هو بشر بن عامر بن علقمة، والأَقارِعةُ والأَقارِعُ: آلُهُما
على نحو المَهالِبةِ والمَهالِبِ؛ والأَقْرَعُ: هو الأَشيم بن معاذ بن
سِنان، سمي بذلك لبيت قاله يهجو معاوية بن قشير:
مُعاوِيَ مَنْ يَرْقِيكُمُ إِنْ أَصابَكُمْ
شَبا حَيّةٍ، مِمّا عَدا القَفْرَ، أَقْرَع؟
ومقْروعٌ: لقب عبد شمس بن سعد بن زيد مَناةَ بن تميم، وفيه يقول مازِنُ
بن مالك بن عمرو بن تميم في هَيْجُمانةَ بنت العَنْبر بن عمرو بن تميم:
حَنَّتْ ولاتَ هَنَّتْ وأَنَّى لَكِ مَقْرُوعٌ. ومُقارِعٌ وقُرَيْعٌ:
اسمان. وبنو قُرَيْع: بطن من العرب. الجوهري: قُريع أَبو بطن من تميم رهط بني
أَنف الناقة، وهو قُرَيْعُ بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم،
وهو أَبو الأَضبط.
معد: المَعْدُ: الضَّخْم. وشيء مَعْدٌ: غليظ. وتَمَعْدَدَ: غَلُظ
وسَمِن؛ عن اللحياني، قال:
رَبَبْتُه حتى إِذا تمَدَدَا
والمَعِدَةُ والمَِعْدَةُ: موضع الطعام قبل أَن يَنحدر إِلى الأَمعاء؛
وقال الليث: التي تَسْتَوْعِبُ الطعامَ من الإِنسان. ويقال: المَعِدةُ
للإِنسان بمنزلة الكرشة لكل مُجْتَرٍّ؛ وفي المحكم: بمنزلة الكرِش لذوات
الأَظْلافِ والأَخْلافِ، والجمع مَعِدٌ ومِعَدٌ، توهمت فيه فِعَلَة. وأَما
ابن جني فقال في جمع مَعِدَة: مِعَدٌ، قال: وكان القِياس أَن يقولوا
مَعِدٌ كما قالوا في جمع نَبِقة نَبِقٌ، وفي جمع كلِمةٍ كَلِمٌ، فلم يقولوا
ذلك وعدلوا عنه إِلى أَن فتحوا المكسور وكسروا المفتوح. قال: وقد علمنا أَن
من شرط الجمع بخلع الهاءِ أَن لا يغير من صيغة الحروف والحركات شيء ولا
يزاد على طرح الهاء نحو تمرة وتمر ونخلة ونخل، فلولا أَن الكسرة والفتحة
عندهم تجريان كالشيء الواحد لما قالوا مَعِدٌ، ولكنهم فعلوا هذا لقرب
الحالين عليهم ولِيُعْلِموا رأْيهم في ذلك فيؤنسوا به ويوطِّئوا بمكانه لما
وراء.
هومُعِدَ الرجلُ، فهو مَمْعودٌ: ذَرِبت مَعِدَتُه فلم يَسْتَمْرِئْ ما
يأْكله. ومَعَدَه: أَصاب مَعِدتَه. والمَعْدُ: ضَرْب من الرُّطَب.
ورُطَبَة مَعْدَة ومُتَمَعِّدة: طرية؛ عن ابن الأَعرابي. وبسر ثَعْدٌ مَعْدٌ
أَي رخْص؛ وبعضهم يقول: هو إِتباع لا يفرد. والمَعْدُ: الفسادُ.
ومَعَدَ الدَّلْوَ مَعْداً ومَعَدَ بها وامْتَعَدَها: نزعها وأَخرجها من
البئر، وقيل: جدبها. والمَعْدُ: الجَذْبُ؛ مَعَدْتُ الشيء: جَذَبْتُه
بسرعة.
وذِئْبٌ مِمْعَدٌ وماعِدٌ إِذا كان يَجْذِبُ العَدْو جَذْباً؛ قال ذو
الرمة يذكر صائداً شبهه في سرعته بالذئب:
كأَنَّما أَطْمارُه، إِذا عدا،
جُلِّلْنَ سِرحانَ فَلاةٍ مِمْعَدا
ونَزْعٌ مَعْدٌ: يُمَدُّ فيه بالبكْرة؛ قال أَحمد بن جندل السعدي:
يا سَعْدُ، يا ابنَ عُمَرٍ، يا سعدُ
هل يُرْوِيَنْ ذَوْدَكَ نَزْعٌ مَعْدُ،
وساقِيانِ: سَبِطٌ وجَعْدُ؟
وقال ابن الأَعرابي: نَزْعٌ مَعْدٌ سَريع، وبعض يقول: شديد، وكأَنه
نَزْعٌ من أَسفل قعر الركية؛ وجعل أَحد الساقيين جَعْداً والآخر سَبطاً لأَن
الجعد منهما أَسودُ زنْجِيٌّ والسبط رُوميّ، وإِذا كانا هكذا لم يشغلا
بالحديث عن ضيعتهما.
وامْتَعَدَ سَيْفَه من غِمْدَه: اسْتَلَّه واخْتَرَطَه. ومَعَدَ الرمْحَ
مَعْداً وامْتَعَدَه: انتزعه من مركزه، وهو من الاجتذاب. وقال اللحياني:
مَرَّ بِرُمْحِهِ وهو مَرْكُوز فامْتَعَدَه ثم حَمَل: اقتلعه. ومَعَدَ
الشيءَ مَعْداً وامْتَعَدَ: اخْتَطَفَه فَذَهَبَ به، وقيل: اختلسه؛ قال:
أَخْشَى عليها طَيِّئاً وأَسَدَا،
وخارِبَيْنِ خَرَباً فَمَعَدَا،
لا يَحْسَبَانِ اللهَ إِلا رَقَدَا
أَي اخْتَلساها واخْتَطفاها. ومَعَدَ في الأَرض يَمْعَدُ مَعْداً
ومُعُوداً إِذا ذَهب؛ الأَخيرة عن اللحياني. والمُتَمَعْدِدُ: البَعِيدُ.
وتَمَعْدَدَ: تباعَد؛ قال مَعْنُ بن أَوس:
قِفا إِنَّها أمْسَتْ قِفاراً ومَنْ بِها،
وإِن كانَ مِنْ ذي ودِّنا، قد تَعَمْدَدا
أَي تَباعَدَ. قال شمر: قوله المُتَمَعْدِدُ البعيد لا أَعلمه إِلا من
مَعَدَ في الأَرض إِذا ذهب فيها، ثم صيره تَفَعْلَلَ منه.
وبعير مَعْد أَي سريع؛ قال الزَّفَيانُ:
لمَّا رأَيتُ الظُّعْنَ شَالَتْ تُحْدَى،
أَتْبَعْتُهُنَّ أَرْحَبِيًّا مَعْدا
ومَعَدَ بِخُصْيَيه مَعْداً: ذهب بهما، وقيل: مدّهما. وقال اللحياني:
أَخذ فلان بِخُصْيَيْ فلان فمعدهما ومعد بهما أَي مدّهما واجتبذهما.
والمَعَدّ، بتشديد الدال: اللحم الذي تحت الكتف أَو أَسفل منها قليلاً،
وهو من أَطيب لحم الجنب؛ قال الأَزهري: وتقول العرب في مثل يضربونه: قَدْ
يَأْكُلُ المَعَدِّيُّ أَكلَ السُّوءِ؛ قال: هو في الاشتقاق يخرج على
مَفْعَل ويخرج على فَعَلٍّ على مثال عَلَدٍّ، ولم يشتقُّ منه فِعْل.
والمَعَدّان: الجنبان من الإِنسان وغيره، وقيل: هما موضع رِجْلَي الراكب من
الفرس؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
أُقَيْفِدُ حَفَّادٌ عَلَيْه عَبَاءَةٌ،
كَسَاها مَعَدَّيْهِ مُقَاتَلة الدَّهْرِ
أَخبر أَنه يقاتل الدهر من لؤْمه؛ هذا قول ابن الأَعرابي. وقال
اللحياني: المعدّ الجنب فأَفرده. والمَعَدّان من الفرس: ما بين رو وس كتفيه إِلى
مؤَخر متنه؛ قال ابن أَحمر يخاطب امرأَته:
فإِمَّا زالَ سَرْجِي عن مَعَدٍّ،
وأَجْدِرْ بالحَوادث أَن تَكُونا
يقول: إِن زال عنك سرجي فبنت بطلاق أَو بموت فلا تتزوجي هذا الــمطروق؛
وهو قوله:
فلا تَصِلِي بِــمَطْروُق، إِذا ما
سَرَى في القَوْمِ أَصبَحَ مُسْتَكِينا
وقال ابن الأَعرابي: معناه إِن عُرِّي فرسي من سرجي ومت:
فَبَكِّي، يا غَنِيُّ بِأَرْيَحِيٍّ،
مِنَ الفِتْيانِ، لا يُمْسي بَطِينا
وقيل: المَعَدَّان من الفرس ما بين أَسفل الكتف إِلى منقطع الأَضلاع
وهما اللحم الغليظ المجتمع خلف كتفيه، ويستحب نُتُوءُهُما لأَن ذلك الموضع
إِذا ضاق ضغطَ القلب فَغَمَّه. والمَعَدُّ: موضع عقب الفارس. وقال
اللحياني: هو موضع رجل الفارس من الدابة، فلم يخص عقباً من غيرها، ومن الرَّجُل
مثله؛ وأَنشد شمر في المعدّ من الإِنسان:
وكأَنَّما تَحْتَ المَعَدِّ ضَئِيلةٌ،
يَنْفِي رُقادَك سَمُّها وسمَاعُها
يعني الحية. والمَعْدُ والمَغْدُ، بالعين والغين: النتف. والمَعَدُّ:
عرق في مَنْسِجِ الفرس. والمَعَدُّ: البطن؛ عن أَبي علي، وأَنشد:
أَبْرأْت مِنِّي بَرَصاً بِجِلْدِي،
مِنْ بَعْدِ ما طَعَنْتَ في مَعَدِّي
ومَعَدٌّ: حيّ سمي بأَحد هذه الأَشياء وغلب عليه التذكير، وهو مما لا
يقال فيه من بني فلان، وما كان على هذه السورة فالتذكير فيه أَغلبَ، وقد
يكون اسماً للقبيلة؛ أَنشد سيبويه:
ولَسْنا إِذا عُدِّ الحَصَى بِأَقَلِّهِ،
وإِنَّ مَعَدَّ اليومَ مُؤْذٍ ذَلِيلُها
والنسب إِليه مَعَدِّيٌّ. فأَما قولهم في المثل: تَسْمَعُ بالمُعَيْدِي
لا أَن تراه؛ فمخفف عن القياس اللازم في هذا الضرب؛ ولهذا النادر في حدّ
التحقير ذكرت الإِضافة
(* قوله «ذكرت الاضافة إلخ» كذا بالأصل.) إِليه
مكبراً وإِلا فَمَعَدِّي على القياس؛ وقيل فيه: أَن تَسْمَعَ بالمُعَيْدي
خير من أَن تراه، وقيل فيه: تسمع بالمعيدي خير من أَن تراه، وقيل: المختار
الأَول. قال: وإِن شئت قلت: لأَنْ تسمعَ بالمعيدي خير من أَن تراه؛ وكان
الكسائي يرى التشديد في الدال فيقول: بالمُعَيدِّيِّ، ويقول إِنما هو
تصغير رجل منسوب إِلى معدّ؛ يضرب مثلاً لمن خَبَرُه خير من مَرْآتِه؛ وكان
غير الكسائي يخفف الدال ويشدد ياء النسبة، وقال ابن السكيت: هو تصغير
معدّي إِلا أَنه إِذا اجتمعت تشديدة الحرف وتشديدة ياء النسبة خفت ياء
النسبة؛ وقال الشاعر:
ضَلَّتْ حُلُومُهُمُ عنهمْ، وغَرَّهُمُ
سَنُّ المُعَيديِّ في رَعْيٍ وتَعْزِيبِ.
يضرب للرجل الذي له صيت وذكر، فإذا رأَيته ازدريت مَرْآتَه، وكان
تأْويلُه تأْويلَ آمر كأَنه قال: اسمع به ولا تره.
والتَّمَعْدُدُ: الصبر على عيش معدّ، وقيل: التمعدد التشَظُّف،
مُرْتَجَل غير مشتق. وتَمَعْدَدَ: صار في مَعَدّ. وفي حديث عمر: اخْشَوْشِنُوا
وتَمَعْدَدُوا؛ هكذا روي من كلام عمر، وقد رفعه الطبراني في المعجم عن أَبي
حدرد الأَسلمي عن النبي، صلى الله عليه وسلم؛ قال أَبو عبيد: فيه قولان،
يقال: هو من الغلظ، ومنه قيل للغلام إِذا شب وغلظ: قد تمعدد؛ قال
الراجز:رَبَّيْتُه حتى إِذا تَمَعْدَدا
ويقال: تمعددوا تشبهوا بعيش مَعَدّ بن عدنان وكانوا أَهل قَشَف وغِلَظ
في المَعاش؛ يقول: فكونوا مثلهم ودَعُوا التَّنَعُّمَ وزِيَّ العجم؛ وهكذا
هو في حديث الآخر: عليكم باللِّبْسةِ المَعَدِّية أَي خُشُونةِ
اللِّباس. وقال الليث: التمعدد الصبر على عيش مَعَدّ في الحضر والسفر. قال: وإِذا
ذكرت أَن قوماً تحولوا عن معدٍّ إِلى اليمن ثم رجعوا قلت: تَمَعْدَدُوا.
ومَعْدِيٌّ ومَعْدانُ: اسمان. ومَعْديكَرِبَ: اسم مركب؛ من العرب من
يجعل إِعرابه في آخره ومنهم من يضيف مَعْدِي إِلى كَرِبَ؛ قال ابن جني:
معديكرب فيمن ركبه ولم يضف صدره إِلى عجزه يكتب متصلاً، فإِذا كان، يكتب كذلك
مع كونه اسماً، ومن حكم الأَسماء أَنْ تُفْرَد ولا توصل بغيرها لقوتها
وتمكنها في الوضع، فالفِعْلُ في قَلَّما وطالما لاتصاله في كثير من
المواضع بما بعده نحو ضربت وضربنا ولتُبلَوُنَّ، وهما يقومان وهم يقعدون وأَنتِ
تذهبين ونحو ذلك مما يدل على شدة اتصال الفعل بفاعله، أَحْجَى بجواز
خلطه بما وُصِلَ به في طالما وقلما؛ قال الأَزهري في آخر هذه الترجمة:
المَدْعِيُّ المُتَّهَمُ في نسبه، قال كأَنه جعله من الدِّعْوة في النسب،
وليست الميم بأَصلية.
حدث: الحَدِيثُ: نقيضُ القديم.
والحُدُوث: نقيضُ القُدْمةِ. حَدَثَ الشيءُ يَحْدُثُ حُدُوثاً وحَداثةً،
وأَحْدَثه هو، فهو مُحْدَثٌ وحَديث، وكذلك اسْتَحدثه.
وأَخذني من ذلك ما قَدُمَ وحَدُث؛ ولا يقال حَدُث، بالضم، إِلاَّ مع
قَدُم، كأَنه إِتباع، ومثله كثير. وقال الجوهري: لا يُضَمُّ حَدُثَ في شيء
من الكلام إِلا في هذا الموضع، وذلك لمكان قَدُمَ على الازْدواج. وفي حديث
ابن مسعود: أَنه سَلَّمَ عليه، وهو يصلي، فلم يَرُدَّ عليه السلامَ،
قال: فأَخذني ما قَدُمَ وما حَدُث، يعْني همومه وأَفكارَه القديمةَ
والحديثةَ. يقال: حَدَثَ الشيءُ، فإِذا قُرِن بقَدُم ضُمَّ، للازْدواج.
والحُدُوثُ: كونُ شيء لم يكن. وأَحْدَثَه اللهُ فَحَدَثَ. وحَدَثَ أَمرٌ
أَي وَقَع.
ومُحْدَثاتُ الأُمور: ما ابتدَعه أَهلُ الأَهْواء من الأَشياء التي كان
السَّلَف الصالحُ على غيرها. وفي الحديث: إِياكم ومُحْدَثاتِ الأُمور،
جمعُ مُحْدَثَةٍ بالفتح، وهي ما لم يكن مَعْرُوفاً في كتاب، ولا سُنَّة،
ولا إِجماع.
وفي حديث بني قُرَيظَة: لم يَقْتُلْ من نسائهم إِلا امْرأَةً واحدةً
كانتْ أَحْدَثَتْ حَدَثاً؛ قيل: حَدَثُها أَنها سَمَّتِ النبيَّ، صلى الله
عليه وسلم؛ وقال النبي، صلى الله عليه وسلم: كلُّ مُحْدَثَةٍ بدْعَةٌ،
وكلُّ بِدْعةٍ ضَلالةٌ.
وفي حديث المدينة: من أَحْدَثَ فيها حَدَثاً، أَو آوَى مُحْدِثاً؛
الحَدَثُ: الأَمْرُ الحادِثُ المُنْكَرُ الذي ليس بمعتادٍ، ولا معروف في
السُّنَّة، والمُحْدِثُ: يُروى بكسر الدال وفتحها على الفاعل والمفعول، فمعنى
الكسر مَن نَصَرَ جانياً، وآواه وأَجاره من خَصْمه، وحال بينه وبين أَن
يَقْتَضَّ منه؛ وبالفتح، هو الأَمْرُ المُبْتَدَعُ نَفْسُه، ويكون معنى
الإِيواء فيه الرضا به، والصبر عليه، فإِنه إِذا رَضِيَ بالبِدْعة، وأَقرّ
فاعلَها ولم ينكرها عليه، فقد آواه.
واسْتَحْدَثْتُ خَبَراً أَي وَجَدْتُ خَبَراً جديداً؛ قال ذو الرمة:
أَسْتَحْدَثَ الرَّكْبُ عن أَشْياعهم خَبَراً،
أَم راجَعَ القَلْبَ، من أَطْرابه، طَرَبُ؟
وكان ذلك في حِدْثانِ أَمْرِ كذا أَي في حُدُوثه. وأَخذَ الأَمْر
بحِدْثانِه وحَدَاثَته أَي بأَوّله وابتدائه. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها:
لولا حِدْثانُ قَوْمِك بالكُفْر، لَهَدَمْتُ الكعبةَ وبَنَيْتُها.
حِدْثانُ الشيء، بالكسر: أَوّلهُ، وهو مصدر حَدَثَ يَحْدُثُ حُدُوثاً
وحِدْثاناً؛ والمراد به قُرْبُ عهدهم بالكفر والخروج منه، والدُّخولِ في الإِسلام،
وأَنه لم يتمكن الدينُ من قلوبهم، فلو هَدَمْتُ الكعبة وغَيَّرْتُها،
ربما نَفَرُوا من ذلك. وفي حديث حُنَين: إِني لأُعْطِي رجالاً حَديثِي
عَهْدٍ بكفر أَتَأَلَّفُهم، وهو جمعُ صحةٍ لحديثٍ، وهو فعيل بمعنى فاعل. ومنه
الحديث: أُناسٌ حَديثةٌ أَسنانُهم؛ حَداثةُ السِّنِّ: كناية عن الشَّباب
وأَوّلِ العمر؛ ومنه حديثُ أُم الفَضْل: زَعَمَت امرأَتي الأُولى أَنها
أَرْضَعَت امرأَتي الحُدْثى؛ هي تأْنيثُ الأَحْدَث، يريد المرأَة التي
تَزَوَّجَها بعد الأُولى.
وحَدَثانُ الدَّهْر
(* قوله «وحدثان الدهر إلخ» كذا ضبط بفتحات في الصحاح
والمحكم والتهذيب والتكملة والنهاية وصرح به صاحب المختار. فقول المجد:
ومن الدهر نوبه، صوابه: والحدثان، بفتحات، من الدهر نوبه إلخ ليوافق
أصوله، ولكن نشأ له ذلك من الاختصار، ويؤيد ما قلناه أنه قال في آخر المادة.
وأوس بن الحدثان محركة صحابي. فقال شارحه: منقول من حدثان الدهر أَي
صروفه ونوائبه نعوذ بالله منها.) وحَوادِثُه: نُوَبُه، وما يَحْدُث منه،
واحدُها حادِثٌ؛ وكذلك أَحْداثُه، واحِدُها حَدَثٌ. الأَزهري: الحَدَثُ من
أَحْداثِ الدَّهْرِ: شِبْهُ النازلة.
والأَحْداثُ: الأَمْطارُ الحادثةُ في أَوّل السنة؛ قال الشاعر:
تَرَوَّى من الأَحْداثِ، حتى تَلاحَقَتْ
طَرائقُه، واهتَزَّ بالشِّرْشِرِ المَكْرُ
أَي مع الشِّرْشِر؛ فأَما قول الأَعشى:
فإِمَّا تَرَيْني ولِي لِمَّةٌ،
فإِنَّ الحَوادث أَوْدى بها
فإِنه حذف للضرورة، وذلك لمَكان الحاجة إِلى الرِّدْف؛ وأَما أَبو علي
الفارسي فذهب إِلى أَنه وضع الحَوادِثَ موضع الحَدَثانِ، كما وَضَع الآخرُ
الحَدَثانَ موضعَ الحوادث في قوله:
أَلا هَلَكَ الشِّهابُ المُسْتَنِيرُ،
ومِدْرَهُنا الكَمِيُّ، إِذا نُغِيرُ
ووَهَّابُ المِئِينَ، إِذا أَلَمَّتْ
بنا الحَدَثانُ، والحامي النَّصُورُ
الأَزهري: وربما أَنَّثت العربُ الحَدَثانَ، يذهبون به إِلى الحَوادث،
وأَنشد الفراءُ هذين البيتين أَيضاً، وقال عِوَضَ قوله ووهَّابُ المِئين:
وحَمَّالُ المِئين، قال: وقال الفراءُ: تقول العرب أَهلكتْنا الحَدَثانُ؛
قال: وأَما حِدْثانُ الشَّباب، فبكسر الحاءِ وسكون الدال. قال أَبو عمرو
الشَّيباني: تقول أَتيته في رُبَّى شَبابه، ورُبَّانِ شَبابه، وحُدْثى
شبابه، وحديثِ شبابه، وحِدْثان شبابه، بمعنى واحد؛ قال الجوهري: الحَدَثُ
والحُدْثى والحادِثَةُ والحَدَثانُ، كله بمعنى. والحَدَثان: الفَأْسُ،
على التشبيه بحَدَثان الدَّهْر؛ قال ابن سيده: ولم يَقُلْهُ أَحَدٌ؛ أَنشد
أَبو حنيفة:
وجَوْنٌ تَزْلَقُ الحَدَثانُ فيه،
إِذا أُجَراؤُه نَحَطُوا، أَجابا
الأَزهري: أَراد بِجَوْنٍ جَبَلاً. وقوله أَجابا: يعني صَدى الجَبل
يَسْمَعُه. والحَدَثانُ: الفأْس التي لها رأْس واحدة.
وسمى سيبويه المَصْدَر حَدَثاً، لأَن المصادرَ كلَّها أَعراضٌ حادِثة،
وكَسَّره على أَحْداثٍ، قال: وأَما الأَفْعال فأَمثلةٌ أُخِذَتْ من
أَحْداثِ الأَسماء. الأَزهري: شابٌّ حَدَث فَتِيُّ السِّنِّ. ابن سيده: ورجل
حَدَثُ السِّنِّ وحَديثُها: بيِّن الحَداثة والحُدُوثة.
ورجال أَحْداثُ السِّنِّ، وحُِدْثانُها، وحُدَثاؤُها. ويقال: هؤُلاء
قومٌ حُِدْثانٌ، جمعُ حَدَثٍ، وهو الفَتِيُّ السِّنِّ. الجوهري: ورجلٌ
حَدَثٌ أَي شابٌّ، فإِن ذكرت السِّنَّ قلت: حديث السِّنِّ، وهؤلاءِ غلمانٌ
حُدْثانٌ أَي أَحْداثٌ. وكلُّ فَتِيٍّ من الناس والدوابِّ والإِبل: حَدَثٌ،
والأُنثى حَدَثةٌ. واستعمل ابن الأَعرابي الحَدَثَ في الوَعِل، فقال:
إِذا كان الوَعِلُ حَدَثاً، فهو صَدَعٌ.
والحديثُ: الجديدُ من الأَشياء. والحديث: الخَبَرُ يأْتي على القليل
والكثير، والجمع: أَحاديثُ، كقطيع وأَقاطِيعَ، وهو شاذٌّ على غير قياس، وقد
قالوا في جمعه: حِدْثانٌ وحُدْثانٌ، وهو قليل؛ أَنشد الأَصمعي:
تُلَهِّي المَرْءَ بالحِدْثانِ لَهْواً،
وتَحْدِجُه، كما حُدِجَ المُطِيقُ
وبالحُدْثانِ أَيضاً؛ ورواه ابن الأَعرابي: بالحَدَثانِ، وفسره، فقال:
ِْذا أَصابه حَدَثانُ الدَّهْرِ من مَصائِبه ومَرارِئه، أَلْهَتْه
بدَلِّها وحَدِيثها عن ذلك وقوله تعالى: إِن لم يُؤْمِنوا بهذا الحديث أَسَفاً؛
عنى بالحديث القرآن؛ عن الزجاج. والحديثُ: ما يُحَدِّثُ به المُحَدِّثُ
تَحْديثاً؛ وقد حَدَّثه الحديثَ وحَدَّثَه به. الجوهري: المُحادثة
والتَّحادُث والتَّحَدُّثُ والتَّحْديثُ: معروفات.
ابن سيده: وقول سيبويه في تعليل قولهم: لا تأْتيني فتُحَدِّثَني، قال:
كأَنك قلت ليس يكونُ منك إِتيانٌ فحديثٌ، غِنما أَراد فتَحْديثٌ، فوَضَع
الاسم موضع المصدر، لأَن مصدر حَدَّث إِنما هو التحديثُ، فأَما الحديثُ
فليس بمصدر. وقوله تعالى: وأَما بنِعْمةِ ربك فَحَدِّثْ؛ أَي بَلِّغْ ما
أُرْسِلْتَ به، وحَدِّث بالنبوّة التي آتاك اللهُ، وهي أَجلُّ النِّعَم.
وسمعت حِدِّيثى حَسنَةً، مثل خِطِّيبيى، أَي حَديثاً. والأُحْدُوثةُ: ما
حُدِّثَ به. الجوهري: قال الفراءُ: نُرى أَن واحد الأَحاديث أُحْدُوثة،
ثم جعلوه جمعاً للحَديث؛ قال ابن بري: ليس الأَمر كما زعم الفراءُ، لأَن
الأُحْدُوثةَ بمعنى الأُعْجوبة، يقال: قد صار فلانٌ أُحْدُوثةً. فأَما
أَحاديث النبي، صلى الله عليه وسلم، فلا يكون واحدها إِلا حَديثاً، ولا
يكون أُحْدوثةً، قال: وكذلك ذكره سيبويه في باب ما جاءَ جمعه على غير واحده
المستعمل، كعَرُوض وأَعاريضَ، وباطل وأَباطِيل.
وفي حديث فاطمة، عليها السلام: أَنها جاءَت إِلى النبي، صلى الله عليه
وسلم، فوَجَدَتْ عنجه حُدّاثاً أَي جماعة يَتَحَدَّثُون؛ وهو جمع على غير
قياس، حملاً على نظيره، نحو سامِرٍ وسُمَّارٍ فإِن السُّمّارَ
المُحَدِّثون. وفي الحديث: يَبْعَثُ اللهُ السَّحابَ فيَضْحَكُ أَحْسَنَ الضَّحِكِ
ويَتَحَدَّث أَحْسَن الحَديث. قال ابن الأَثير: جاءَ في الخبر أَن
حَديثَه الرَّعْدُ، وضَحِكَه البَرْقُ، وشَبَّهه بالحديث لأَنه يُخْبِر عن
المطر وقُرْبِ مجيئه، فصار كالمُحَدِّث به؛ ومنه قول نُصَيْب:
فعاجُوا، فأَثْنَوْا بالذي أَنتَ أَهْلُه،
ولو سَكَتُوا، أَثْنَتْ عليكَ الحَقائبُ
وهو كثير في كلامهم. ويجوز أَن يكون أَراد بالضحك: افْتِرارَ الأَرض
بالنبات وظهور الأَزْهار، وبالحديث: ما يَتَحدَّثُ به الناسُ في صفة النبات
وذِكْرِه؛ ويسمى هذا النوعُ في علم البيان: المجازَ التَّعْليقِيَّ، وهو
من أَحْسَن أَنواعه.
ورجل حَدِثٌ وحَدُثٌ وحِدْثٌ وحِدِّيثٌ ومُحَدِّثٌ، بمعنى واحد: كثيرُ
الحَديثِ، حَسَنُ السِّياق له؛ كلُّ هذا على النَّسَب ونحوه.
والأَحاديثُ، في الفقه وغيره، معروفة.
ويقال: صار فلانٌ أُحْدُوثةً أَي أَكثروا فيه الأَحاديثَ.
وفلانٌ حِدْثُك أَي مُحَدِّثُك، والقومُ يَتحادَثُون ويَتَحَدَّثُون،
وتركت البلادَ تَحَدَّثُ أَي تَسْمَعُ فيها دَويّاً؛ حكاه ابن سيده عن
ثعلب.ورجل حِدِّيثٌ، مثال فِسِّيق أَي كثيرُ الحَديث. ورجل حِدْثُ مُلوك،
بكسر الحاءِ، إِذا كان صاحبَ حَدِيثهم وسَمَرِهِم؛ وحِدْثُ نساءٍ:
يَتَحَدَّثُ إِليهنّ، كقولك: تِبْعُ نساءٍ، وزيرُ نساءٍ.
وتقول: افْعَلْ ذلك الأَمْر بحِدْثانِه وبحَدَثانه أَي أَوّله
وطَراءَته.ويقال للرجل الصادق الظَّنِّ: مُحَدَّثٌ، بفتح الدال مشدَّدة. وفي
الحديث: قد كان في الأُمم مُحَدَّثون، فإِن يكن في أُمتي أَحَدٌ، فعُمَرُ بن
الخطاب؛ جاءَ في الحديث: تفسيره أَنهم المُلْهَمُون؛ والمُلْهَم: هو الذي
يُلْقَى في نفسه الشيءُ، فيُخْبِرُ به حَدْساً وفِراسةً، وهو نوعٌ
يَخُصُّ اللهُ به مَن يشاءُ من عباده الذين اصْطَفى مثل عُمر، كأَنهم حُدِّثوا
بشيءٍ فقالوه.
ومُحادَثةُ السيف: جِلاؤُه. وأَحْدَثَ الرجلُ سَيْفَه، وحادَثَه إِذا
جَلاه. وفي حديث الحسن: حادِثُوا هذه القُلوبَ بذكر الله، فإِنها سريعةُ
الدُّثورِ؛ معناه: اجْلُوها بالمَواعظ، واغْسِلُوا الدَّرَنَ عنها،
وشَوِّقُوها حتى تَنْفُوا عنها الطَّبَع والصَّدَأَ الذي تَراكَبَ عليها من
الذنوب، وتَعاهَدُوها بذلك، كما يُحادَثُ السيفُ بالصِّقالِ؛ قال لبيد:
كنَّصْلِ السَّيْف، حُودِث بالصِّقال
والحَدَثُ: الإِبْداءُ؛ وقد أَحْدَث: منَ الحَدَثِ. ويقال: أَحْدَثَ
الرجلُ إِذا صَلَّعَ، أَو فَصَّعَ، وخَضَفَ، أَيَّ ذلك فَعَلَ فهو مُحْدِثٌ؛
قال: وأَحْدَثَ الرجلُ وأَحْدَثَتِ المرأَةُ إِذا زَنَيا؛ يُكنى
بالإِحْداثِ عن الزنا. والحَدَثُ مِثْل الوَليِّ، وأَرضٌ مَحْدُوثة: أَصابها
الحَدَثُ.
والحَدَثُ: موضع متصل ببلاد الرُّوم، مؤَنثة.
درب: الدَّرْبُ: مَعروف. قالوا: الدَّرْبُ بابُ السِّكَّة الواسِعُ؛ وفي التهذيب: الواسِعة، وهو أَيضاً البابُ الأَكبَر، والمعنى واحدٌ، والجمع دِرابٌ. أَنشد سيبويه:
مِثْل الكِلابِ، تَهِرُّ عند دِرابِها، * ورِمَتْ لهَازِمُها مِنَ الخِزْبازِ
وكلُّ مَدْخلٍ إِلى الرُّومِ: دَرْبٌ من دُرُوبِها. وقيل: هو بفتح الراءِ، للنافِذِ منه، وبالسكون لغيرِ النَّافِذِ. وأَصل الدَّرْبِ: المضِيقُ في الجِبالِ؛ ومنه قَولُهُم: أَدْرَب القومُ إِذا دَخَلُوا أَرضَ العَدُوِّ من بلادِ الرُّوم. وفي حديث جَعْفرِ بنِ عمرو: وأَدْرَبْنا أَي دَخَلْنا الدَّرْبَ. والدَّرْبُ: الـمَوْضِعُ الذي يُجْعلُ فيه التَّمْرُ لِيَقِبَّ.
ودَرِبَ بالأَمـْرِ دَرَباً ودُرْبَةً، وتَدَرَّبَ: ضَرِيَ؛ ودَرَّبَه به وعليه وفيه: ضَرَّاهُ.
والـمُدَرَّبُ من الرِّجالِ: الـمُنَجَّذُ. والـمُدَرَّبُ: الـمُجَرَّبُ. وكلُّ ما في معناه مـما جاءَ على بِناءِ مُفَعَّلٍ، فالكسر والفتح فيه جائزٌ في عَيْنِه، كالـمُجَرَّبِ والـمُجَرَّسِ ونحوه، إِلاَّ الـمُدَرَّبَ. وشيخٌ مُدَرَّبٌ أَي مُجَرَّبٌ. والـمُدَرَّب أَيضاً: الذي قد أَصابَتْه البَلايا، ودَرَّبَتْه الشَّدائِد، حتى قَوِيَ ومَرِنَ عليها؛ عن اللحياني، وهو من ذلك.
والدُّرَّابَة: الدُّرْبَة والعادة؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
والحِلْمُ دُرَّابةٌ، أَو قُلْتَ مَكْرُمةٌ، * ما لم يُواجِهْكَ يوماً فيه تَشْمِيرُ
والتَّدْريبُ: الصَّبْرُ في الحَرْبِ وقْتَ الفِرارِ، ويقال: دَرِبَ.
وفي الحديث عن أَبي بكر، رضي اللّه عنه: لا تَزالون تَهْزِمونَ الرُّومَ، فإِذا صاروا إِلى التَّدْريبِ، وقَفَتِ الحَرْبُ؛ أَراد الصَّبْر في الحربِ وقتَ الفِرارِ؛ قال: وأَصلُه من الدُّرْبة: التَّجْرِبةِ، ويجوز أَن يكون من الدُّروبِ، وهي الطُّرُقُ، كالتَّبْويبِ من الأَبْوابِ؛ يعني أَن المسالِكَ تَضِيقُ، فَتَقِفُ الحَرْبُ.
وفي حديث عمران بن حصين: وكانتْ ناقة مُدَرَّبةً أَي مُخَرَّجةً
مُؤَدَّبةً، قد أَلِفَتِ الرُّكُوبَ والسَّيرَ أَي عُوِّدَتِ الـمَشْيَ في الدُّروبِ، فصارَتْ تَأْلَفُها وتَعْرِفُها ولا تَنْفِرُ.
والدُّرْبةُ: الضَّراوة. والدُّرْبةُ: عادةٌ وجُرْأَةٌ على الحَرْبِ وكلِّ أَمرٍ.
وقد دَرِبَ بالشيءِ يَدْرَبُ، ودَرْدَبَ به إِذا اعتادَه وضَرِيَ به.
تقول: ما زِلْتُ أَعْفُو عن فلانٍ، حتى اتَّخذَها دُرْبةً؛ قال كعب بن
زهير:
وفي الحِلْمِ إِدْهانٌ، وفي العَفْوٍ دُرْبةٌ، * وفي الصِّدقِ منْجاةٌ من الشَّرِّ، فاصْدُقِ
قال أَبو زيد: دَرِبَ دَرَباً، ولَهِجَ لَهجاً، وضَرِيَ ضَرًى إِذا
اعْتادَ الشيءَ وأُولِعَ به.
والدَّارِبُ: الحاذِقُ بصناعتِه.
والدَّارِبةُ: العاقِلة. والدَّارِبةُ أَيضاً: الطَّبَّالة. وأَدْرَب إِذا صَوّت بالطَّبْل.
ومن أَجناسِ البَقَر: الدِّرابُ، مـما رَقَّتْ أَظْلافُه، وكانت له
أَسْنِمَةٌ، ورَقَّتْ جُلُودُه، واحدُها دَرْبانِيٌّ؛ وأَما العِرابُ: فما
سَكَنَتْ سَرَواتُه، وغَلُظَت أَظلافُه وجُلودُه، واحدُها عَرَبِيٌّ؛
وأَما الفِراشُ: فما جاءَ بين العِرابِ والدِّرَابِ، وتكون لها أَسْنِمَةٌ
صغارٌ، وتَسْتَرْخي أَعيابُها، الواحِدُ فَريشٌ.
ودَرَّبْتُ البازِيَّ على الصيد أَي ضَرَّيْته. ودَرَّبَ الجارحة:
ضَرَّاها على الصيد. وعُقابٌ دارِبٌ ودَرِبة: كذلك.
وجَمَلٌ دَرُوبٌ ذَلولٌ: وهو من الدُّرْبة.
قال اللحياني: بَكْرٌ دَرَبوتٌ وتَرَبُوت أَي مُذَلَّلٌ؛ وكذلك ناقةٌ
دَرَبُوتٌ، وهي التي إِذا أَخَذْتَ بِمشْفَرِها، ونَهَزْتَ عينها،
تَبِعَتْكَ. وقال سيبويه: ناقةٌ تَرَبُوتٌ: خِيارٌ فارِهةٌ، تاؤُه بَدَلٌ من دال دَرَبُوتٍ. وقال الأَصمعيّ: كل ذَلُول تَرَبُوتٌ من الأَرض وغيرها، التاءُ في كلّ ذلك بدلٌ من الدَّالِ، ومن أَخَذَه من التُّرْبِ أَي إِنه في الذِّلَّة كالتُّرْب، فتاؤُه وضع غير مُبدلة.
وتَدَرَّبَ الرجلُ: تَهَدّأَ.
ودَرَابْ جِردَ: بَلَدٌ من بلادِ فارِسَ، النَّسَبُ إِليه دَرَاوَرْدِيٌّ، وهو من شاذّ النَّسَب.
ابن الأَعرابي: دَرْبَى فلانٌ فلاناً يُدَرْبِيه إِذا أَلقاه؛ وأَنشد:
اعْلَوَّطَا عَمْراً، ليُشْبِياهُ * في كلِّ سوءٍ، ويُدَرْبِياهُ
يُشْبِياهُ ويُدَرْبياه أَي يُلْقِيانه. ذكرها الأَزهري في الثلاثي هنا،
وفي الرُّباعي في دَرْبى.
الأَزهري في كتاب الليث: الدَّرَبُ داءٌ في الـمَعِدة. قال: وهذا عندي غلط، وصوابه الذَّرَبُ، داءٌ في الـمَعِدة، وسيأْتي ذكره في كتاب الذال المعجمة.
جوا: الجَوُّ: الهَواء؛ قال ذو الرمة:
والشمسُ حَيْرَى لها في الجَوِّ تَدْوِيمُ
وقال أَيضاً:
وظَلَّ للأَعْيَسِ المُزْجِي نَوَاهِضَه،
في نَفْنَفِ الجَوِّ، تَصْوِيبٌ وتَصْعِيدُ
ويروى: في نَفْنَفِ اللُّوحِ. والجَوُّ: ما بين السماء والأَرض. وفي
حديث علي، رضوان الله عليه: ثم فتَقَ الأَجْواءَ وشَقَّ الأَرْجاءَ؛ جمع
جَوٍّ وهو ما بين السماء والأَرض. وجَوُّ
السماء: الهواء الذي بين السماء والأَرض. قال الله تعالى: أَلم يروا
إِلى الطير مُسَخَّرات في جَوِّ السماء؛ قال قتادة: في جَوِّ السماء في
كَبِدِ السماء، ويقال كُبَيْداء السماء. وجَوُّ الماء: حيث يُحْفَر له؛
قال:تُراحُ إِلى جَوِّ الحِياضِ وتَنْتَمي
والجُوَّة: القطعة من الأَرض فيها غِلَظ. والجُوَّةُ: نُقْرة. ابن سيده:
والجَوُّ والجَوَّة المنخفض من الأَرض؛ قال أَبو ذؤيب:
يَجْري بِجَوَّتِه مَوْجُ السَّرابِ، كأَنْـ
ـضاحِ الخزاعى جازت رَنْقَها الرِّيحُ
(* قوله «كأنضاح الخزاعى» هكذا في الأصل والتهذيب).
والجمع جِوَاءٌ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
إِنْ صابَ ميثاً أُتْئِقَتْ جِوَاؤُه
قال الأَزهري: الجِوَاءُ جمع الجَوِّ؛ قال زهير:
عَفَا، من آلِ فاطِمة، الجِوَاءُ
ويقال: أَراد بالجواء موضعاً بعينه. وفي حديث سليمان: إِنَّ لكلِّ
امرِئٍ جَوَّانِيّاً وبَرَّانِيّاً فمن أَصلحَ جَوَّانِيَّهُ أَصلحَ الله
بَرَّانِيَّهُ؛ قال ابن الأَثير: أَي باطناً وظاهراً
وسرّاً وعلانية، وعنى بجَوَّانِيَّه سرَّه وببرَّانِيَّه عَلانِيَتَه،
وهو منسوب إِلى جَوِّ البيت وهو داخله، وزيادة الأَلف والنون للتأْكيد.
وجَوُّ كلِّ شيءٍ: بَطْنُه وداخله، وهو الجَوَّةُ
أَيضاً؛ وأَنشد بيت أَبي ذؤيب:
يَجْرِى بِجَوَّتِه مَوْجُ الفُراتِ، كأَنْـ
ـضاحِ الخُزاعى حازَتْ رَنْقَه الرِّيحُ
قال: وجَوَّته بطنُ ذلك الموضع؛ وقال آخر:
ليست تَرَى حَوْلَها شخصاً، وراكِبُها
نَشْوانُ في جَوَّةِ الباغُوتِ، مَخْمُورُ
والجَوَى: الحُرْقة وشدَّة الوَجْدِ من عشق أَو حُزْن، تقول منه: جَوِيَ
الرجل، بالكسر، فهو جَوٍ مثل دَوٍ؛ ومنه قيل للماء المتغير المُنْتِن:
جَوٍ؛ قال الشاعر:
ثم كان المِزاجُ ماءَ سَحَاب،
لا جَوٍ آجِنٌ ولا مَطْروقُ
والآجِنُ: المتغيِّر أَيضاً إِلاَّ أَنه دون الجَوِي في النَّتْن.
والجَوِي: الماء المُنْتنِ. وفي حديث يأْجوج ومأْجوج: فتَجْوَى الأَرضُ من
نَتْنِهِم؛ قال أَبو عبيد: تُنْتِن، ويروى بالهمز وقد تقدم. وفي حديث عبد
الرحمن بن القاسم: كان القاسم لا يدخُل منْزِلَه إِلاَّ تَأَوَّهَ، قلْتُ:
يا أَبَتِ، ما أَخْرَجَ هذا منك إِلاَّ جَوىً، يريد إِلا داء الجَوْف،
ويجوز أَن يكون من الجَوَى شِدَّةِ الوَجْدِ من عشق أَو حزن ابن سيده:
الجَوَى الهَوَى الباطن، والجَوَى السُّلُّ وتطاوُل المرض. والجَوَى،
مقصور: كل داءٍ يأْخذ في الباطن لا يُسْتَمْرَأُ معه الطعام، وقيل: هو داءٌ
يأْخذ في الصدر، جَوِي جَوىٌ، فهو جَوٍ وجَوىً، وصْفٌ بالمصدر، وامرأَة
جَوِيَةٌ. وجَوِىَ الشيءَ جَوىً واجْتواه: كرهه؛ قال:
فقدْ جعَلَتْ أَكبادُنا تَجْتَوِيكُمُ،
كما تَجْتَوِي سُوقُ العِضاهِ الكَرازِما
وجَوِيَ الأَرضَ جَوىً واجْتَواها: لم توافقه. وأَرض جَوِيَةٌ
وجَوِيَّةٌ غير موافقة. وتقول: جَوِيَتْ نفسي إِذا لم يُوافِقْكَ
البلدُ.واجْتَوَيْتُ البلَدَ إِذا كرهتَ المُقامَ فيه وإِن كنت في نِعْمة. وفي
حديث العُرَنِيِّينَ: فاجْتَوَوُا المدينةَ أَي أَصابهم الجَوَى، وهو
المرض وداءُ الجَوْف إِذا تَطاوَلَ، وذلك إِذا لم يوافقهم هواؤُها
واسْتَوْخَمُوها. واجْتَوَيْتُ البلدَ إِذا كرهتَ المُقام فيه وإِن كنت في نِعْمة.
وفي الحديث: أَن وفْد عُرَيْنَة قدموا المدينة فاجْتَوَوْها. أَبو زيد:
اجْتَوَيْت البلادَ إِذا كرهتها وإِن كانت موافقة لك في بدنك؛ وقال في
نوادره: الاجْتِواءُ النِّزاع إِلى الوطن وكراهةُ المكان الذي أَنت فيه
وإِن كنت في نِعْمة، قال: وإِن لم تكن نازِعاً إِلى وطنك فإِنك مُجْتَوٍ
أَيضاً. قال: ويكون الاجْتِواءُ أَيضاً أَن لا تسْتَمْرِئَ الطعامَ بالأَرض
ولا الشرابَ، غيرَ أَنك إِذا أَحببت المُقام بها ولم يوافِقْك طعامُها
ولا شرابُها فأَنت مُسْتَوْبِلٌ ولستَ بمُجْتَوٍ؛ قال الأَزهري: جعل أَبو
زيد الاجْتِواء على وجهين. ابن بُزُرْج: يقال للذي يَجْتَوِي البلاد به
اجْتِواءٌ وجَوىً، منقوص، وجِيَةٌ. قال: وحَقَّروا الجِيَة جُيَيَّة. ابن
السكين: رجل جَوِي الجَوْفِ وامرأَة جَوِيَة أَي دَوِي الجَوْفِ.
وجَوِيَ الطعامَ جَوىً واجْتَواه واسْتَجْواه: كرِهَه ولم يوافقه، وقد جَوِيَتْ
نفسي منه وعنه؛ قال زهير:
بَشِمْتُ بِنَيِّها فجَوِيتُ عنْها،
وعِنْدي، لو أَشاءُ، لها دَوَاءُ
أَبو زيد: جَوِيَتْ نفسي جَوىً إِذا لم توافقك البلاد. والجُوَّةُ: مثل
الحُوَّةِ ، وهو لون كالسُّمرة وصَدَإِ الحديد.
والجِواءُ: خِياطَة حياءِ الناقة. والجِواءُ: البطنُ من الأَرض.
والجِواء. الواسع من الأَوْدية. والجِواءُ: موضع بالصَّمّان؛ قال الراجز يصف
مطراً وسيلاً:
يَمْعَسُ بالماء الجِواءَ مَعْسا،
وغَرَّقَ الصَّمّانَ ماءً قَلْسا
والجِواءُ الفُرْجَةُ بين بُيوت القوم. والجِواءُ: موضع. والجِواءُ
والجِواءَةُ والجِياء والجِياءة والجِياوة، على القلب: ما توضع عليه
القِدْرُ. وفي حديث علي، رضي الله عنه: لأَنْ أَطَّلِيَ بجِواء قِدْرٍ
أَحبُّإِليَّ من أَن أَطَّلِيَ
بزَعْفران؛ الجِواء: وِعاءُ القِدْر أَو شيءٌ توضع عليه من جِلْد أَو
خَصَفَةٍ، وجمعها أَجْوِيةٌ، وقيل: هي الجِئاءُ، مهموزة، وجمعها
أَجْئِئَةٌ، ويقال لها الجِياءُ بلا همز، ويروى بِجِئاوةِ مثل جِعَاوة. وجِياوَةُ:
بطن من باهِلَة.
وجاوَى بالإِبل: دعاها إِلى الماء وهي بعيدة منه؛ قال الشاعر:
جاوَى بها فهاجَها جَوْجاتُه
قال ابن سيده: وليست جاوَى بها من لفظ الجَوْجاةِ إِنما هي في معناها،
قال: وقد يكون جاوَى بها من ج و و.
وجوٌّ: اسم اليمامة كأَنها سميت بذلك؛ الأَزهري: كانت اليَمامة جَوّاً؛
قال الشاعر:
أَخْلَق الدَّهْرُ بِجَوٍّ طَلَلا
قال الأَزهري: الجَوُّ ما اتسع من الأَرض واطْمَأَنَّ وبَرَزَ، قال: وفي
بلاد العرب أَجْوِيَة
كثيرة كل جَوٍّ منها يعرف بما نسب إِليه. فمنهما جَوُّ غِطْرِيف وهو
فيما بين السِّتارَيْن وبين الجماجم( ) (قوله «وبين الجماجم» كذا بالأصل
والتهذيب، والذي في التكملة: وبين الشواجن)، ومنها جوُّ الخُزامَى، ومنها
جَوُّ الأَحْساء، ومنها جَوُّ اليَمامة؛ وقال طَرَفة:
خَلا لَكِ الجَوُّ فَبِيضِي واصْفِري
قال أَبو عبيد: الجَوُّ في بيت طَرَفة هذا هو ما اتَّسع من الأَوْدية.
والجَوُّ: اسم بلد، وهو اليَمامة يَمامةُ زَرْقاءَ. ويقال: جَوٌّ
مُكْلِئٌ أَي كثير الكلإ، وهذا جَوٌّ مُمْرِعٌ. قال الأَزهري: دخلت مع أَعرابي
دَحْلاً بالخَلْصاءِ، فلما انتهينا إِلى الماء قال: هذا جَوٌّ من الماء لا
يُوقف على أَقصاه. الليث: الجِوَاءُ موضع، قال: والفُرْجَةُ التي بين
مَحِلَّة القوم وسط البيوت تسمى جِوَاءً. يقال: نزلنا في جِواءِ بني فلان؛
وقول أَبي ذؤيب:
ثم انْتَهَى بَصَرِي عَنْهُم، وقَدْ بَلَغُوا
بَطْنَ المَخِيمِ، فقالُوا الجَوَّ أَو راحُوا
قال ابن سيده: المَخِيمُ والجَوُّ موضعان، فإِذا كان ذلك فقد وضَعَ
الخاصَّ موضع العام كقولنا ذَهَبْتُ الشامَ؛ قال ابن دريد: كان ذلك اسماً لها
في الجاهلية؛ وقال الأَعشى:
فاسْتَنْزلوا أَهْلَ جَوٍّ من مَنازِلِهِم،
وهَدّمُوا شاخِصَ البُنْيانِ فَاتَّضَعا
وجَوُّ البيت: داخِلُه، شاميّة. والجُوَّة، بالضم: الرُّقْعَة في
السِّقاء، وقد جَوَّاهُ وجَوَّيْته تَجْوِيَة إِذا رَقَعْته. والجَوْجاةُ:
الصوتُ بالإِبِل، أَصلُها جَوْجَوَةٌ؛ قال الشاعر:
جاوَى بها فَهاجَها جَوْجاتُه
ابن الأَعرابي: الجَوُّ الآخِرةُ.
خدم: الخَدَم: الخُدَّمُ. والخادِمُ: واحدُ الخَدَمِ، غلاماً كان أَو
جارية؛ قال الشاعر يمدح قوماً:
مُخَدَّمون ثِقالٌ في مَجالسهم،
وفي الرِّجال، إِذا رافقتَهم، خَدَمُ
وتَخَدَّمْتُ خادِماً أَي اتخذت. ولا بد لمن لم يكن له خادمٌ أَن
يَخْتَدِم أَي يَخْدُم نفسه. وفي حديث فاطمة وعليّ، عليهما السلام: اسأَلي
أَباكِ خادِماً تَقِيكِ حَرَّ ما أَنتِ فيه؛ الخادِمُ: واحد الخَدَم، ويقع
على الذكر والأُنثى لإِجرائه مُجرى الأَسماء غير المأْخوذة من الأَفعال
كحائض وعاتِق. وفي حديث عبد الرحمن: أَنه طلق امرأَته فَمَتَّعها بخادم
سَوداء أَي جارية. وهذه خادِمُنا، بغير هاء، لوجوبه، وهذه خادِمتُنا
غداً.ابن سيده: خَدَمَه يَخْدُمه ويَخدِمه؛ الكسر عن اللحياني، خَدْمةً، عنه،
وخِدْمة، مَهَنَهُ، وقيل: الفتح المصدر، والكسر الاسم، والذكر خادم،
والجمع خُدَّام. والخَدَمُ: اسم للجمع كالعَزَبِ والرَّوَح، والأُنثى خادِم
وخادِمة، عَرَبيَّتان فصيحتان، وخدَم نفسهَ يَخْدُمُها ويَخْدِمُها كذلك.
وحكى اللحياني: لا بدَّ لمن لم يكن له خادم أَن يَختَدِم أَي يخدُم
نَفْسَه. واستخدَمَه فأَخدَمَه: استوهَبَه خادِماً فَوَهَبَه له. ويقال:
اخْتَدَمْتُ فلاناً واسْتَخْدَمْتُه أَي سأَلتُهُ أَن يَخْدُمني. وقومٌ
مُخَدَّمُون أَي مَخْدُومُون، يراد به كثرةُ الخَدَم والخَشَم. وأَخدمتُ
فلاناً: أَعطيتُه خادماً يَخدُمُه، يقع الخادِمُ
على الأَمة والعبد. ورجل مَخْدُوم: له تابعة من الجنّ.
والخَدَمة: السير الغليظ المحكمُ مثل الحَلْقة، يُشدّ في رُسْغ البعير
ثم يُشَدّ إِليها سَرائحُ نَعْلِها؛ وأَنشد ابن بري للأَعشى:
وطايَفْن مَشْياً في السَّرِيح المُخَدِّم
والجمع خَدَمٌ، وفي التهذيب: خِدامٌ، وقد خَدَّم البعير. والخَدَمةُ:
الخَلْخالُ. هو من ذلك لأَنه ربما كان من سيور يُرَكَّبُ فيها الذهب
والفضة، والجمع خِدامٌ، وقد تُسمِّى الساقُ خَدَمَةً حملاً على الخَلْخال
لكونها موضعه، والجمع خَدَمٌ وخِدامٌ؛ قال:
كيف نَوْمِي على الفراشِ، ولمَّا
تَشْمَلِ الشأْمَ غارةٌ شَعْواءُ
تُذْهِلُ الشيخَ عن بَنيهِ، وتُبْدي
عن خِدامِ العَقِيلَةُ العَذْراءُ
أَراد وتُبْدِي عن خِدامٍ العقيلة، وخِدام ههنا في نية عن خِدامها؛
وعدَّى تُبْدِي بعَنْ لأَن فيه معنى تكشف كقوله:
تَصُدُّ وتُبْدِي عن أَسيلٍ وتَتَّقِي
أَي تكشف عن أَسيلٍ أَو تُسْفِرُ
عن أَسيلٍ. والمُخَدَّمُ: موضع الخَدَمَة من البعير والمرأَة؛ قال طفيل:
وفي الظَّاعِنينَ القَلْبُ قد ذَهَبَتْ به
أَسيلَةُ مَجْرى الدَّمْعِ، رَيَّا المُخَدَّمِ
والمُخَدَّمُ
من البعير: ما فوق الكعب. غيره: والمُخَدَّم والمُخَدَّمة موضع الخِدام
من الساق. وفي الحديث: لا يحول بيننا وبين خَدَمِ نِسائكم شيءٌ، جمع
خَدَمَةٍ، يعني الخلخال، ويجمع على خِدامٍ أَيضاً؛ ومنه الحديث: كُنَّ
يُدْلِجْنَ بالقِرَبِ على ظهورهن ويَسْقِينَ أَصحابه بادَيةً
خِدامُهُنَّ.وفي حديث سلمان: أَنه كان على حِمار وعليه سَراويلُ وخَدَمَتاه
تَذَبْذَبانِ؛ أَراد بخَدَمَتَيْه ساقَيْه لأَنهما موضع الخَدَمتين و هما
الخَلْخالانِ، وقيل: أَراد بهما مَخْرَجَ الرجلين من السراويل. أَبو عمرو:
الخِدام القيود. ويقال للقيد: مِرْمَلٌ ومِحْبَسٌ. ابن سيده: والمُخَدَّم
رِباطُ السَّراويل عند أَسفل رجل السَّراويل. أَبو زيد: إِذا ابْيَضَّت
أَوْظِفَةُ النعجة فهي حَجْلاءُ وخَدْماءُ، والخَدْماءُ
مثل الحَجْلاء: الشاة البيضاء الأَوْظِفَةِ أَو الوَظيفِ الواحد،
وسائرها أَسود، وقيل: هي التي في ساقها عند موضع الرُّسْغِ بياض كالخَدَمةِ في
سواد أَو سواد في بياض، وكذلك الوُعُولُ مشبّه بالخَدَم من الخلاخيل،
والاسم الخُدْمةُ، بضم الخاء، ويسمون موضع الخَلْخال مُخَدَّماً؛ وقول
الأَعشى:
ولو أَنَّ عِزَّ الناسِ في رأْس صَخْرَةٍ
مُلَمْلَمَةٍ، تُعْيِي الأَرَحَّ المُخَدَّما
لأَعطاك ربُّ الناسِ مِفْتاحَ بابِها،
ولو لم يكن بابٌ لأَعطاكَ سُلَّمَا
يريد وَعْلاً ابْيَضَّتْ أَوْظِفَتُهُ. وفرس مُخَدَّمٌ وأَخْدَمُ:
تحجيلُه مستدير فوق أَشاعره، وقيل: فرس مُخدَّمٌ جاوز البياضُ أَرساغه أَو
بعضها، وقيل: التَّخْديمُ أَن يَقْصُرَ بياض التحجيل عن الوَظيف فيستدير
بأَرساغ رجلي الفرس دون يديه فوق الأَشاعر، فإِن كان بِرجْلٍ واحدة فهو
أَرْجَلُ، وقد تسمى حَلْقَةُ القوم خَدَمَةً. وفي حديث خالد بن الوليد إِلى
مَرازِبةِ فارس: الحمد لله الذي فَضَّ خَدَمَتَكُمْ؛ قال: فَضَّ الله
خَدَمَتهم أَي فرق جماعتهم؛ الخَدَمة،بالتحريك: سير غليظ مضفور مثل الحَلْقة
يشد في رُسْغِ البعير، ثم يشد إِليها سَرائِحُ نعله، فإِذا انْفَضَّتِ
الخَدَمَة انْحَلَّت السَّرائِحُ وسقطت النعل، فضرب ذلك مَثَلاً لذهاب ما
كانوا عليه وتفَرُّقِهِ، وشَبَّه اجتماع أَمر العَجَمِ واتساقه بالحلقة
المستديرة، فلهذا قال: فَضَّ خَدَمَتكُم أَي فرقها بعد اجتماعها. وقال
أَبو عبيد: هذا مَثَلٌ، وأَصل الخَدَمَةِ الحلقةُ المستديرة المُحْكَمَةُ،
ومنه قيل للخلاخيل خِدامٌ؛ وأَنشد:
كانَ مِنَّا المُطارِدون على الأُخْـ
ـرى، إِذا أَبْدَتِ العَذَارَى الخِدامَا
قال: فَشَبَّهَ خالد اجتماع أَمرهم كان واستيثاقهم بذلك، ولهذا قال:
فَضَّ الله خَدَمَتَكُمْ أَي فرقها بعد اجتماعها.
وابن خِدامٍ: شاعر قديم، ويقال: ابن خِذامٍ، بالذال المعجمة.
نسف: نسَفَت الريحُ الشيء تَنْسِفه نَسْفاً وانتَسَفَته: سلبَتْه،
وأَنْسَفتِ الريحُ إنسافاً وأَسافَت الترابَ والحصى. والنَّسْف: نَقْر الطائر
بمِنْقاره، وقد انتسَف الطائر الشيء عن وجه الأَرض بمِخْلَبه ونسفه.
والنُّسَّافُ والنَّسَّاف؛ الأَول عن سيبويه والأَخير عن كراع: طائر له
مِنْقار كبير.
ونسَفَ البعيرُ الكلأ يَنْسِفه، بالكسر، إذا اقتلعه بأَصله. وانتسَفْتُ
الشيء: اقْتَلَعْته؛ قال أَبو النجم:
وانتسَفَ الجالِبَ من أَنْدابه
إغباطُنا المَيْسَ على أَصْلابه
والنَّسْف: انتِسافُ الريحِ الشيءَ كأَنَها تَسْلُبه. ونَسَفَتِ
الراعيةُ الكلأَ تَنسِفه نسْفاً: أَخذته بأَفواهها وأَحْناكها. وبعير نَسُوف:
يأَكل بمُقدَّم فيه. الجوهري: بعير نَسُوف يَقْتَلِع الكلأ من أَصله
بمقدَّم فيه، وناقة نَسوف كذلك، وهي المَناسِيف كأَنها جمع مِنْساف وهي من باب
مَلامِحَ ومَذاكير. وفرس نَسُوف: يستَغْرِق الحِزام لإجْفار جنبيه. وفرس
نسُوف السُّنْبُكِ إذا أَدناه من الأَرض في عَدْوِه. ويقال للفرس: إنه
لنَسُوف السنبك من الأَرض، وذلك إذا أَدنى طرَف الحافر من الأَرض في عدْوه،
وكذلك إذا أَدنى الفرسُ مِرْفقيه من الحزام، وذلك إنما يكون لتقارب
مِرفقيه، وهو محمود؛ قال الجعدي:
في مِرْفَقَيْه تَقارُبٌ، وله
بِرْكةُ زَوْرٍ كجَبْأَةِ الخَزَم
قال ابن بري: الجَبْأَةُ خشَبةُ الحَذّاء، شبَّه بها صدر فرسه في
استِدارتها. وقيل: النَّسُوف من الخيل الواسع الخطو. ونسَفه بسُنبكه أَو ظِلْفه
يَنْسِفُه وأَنسَفه: نحّاه؛ وأَنشد ثعلب:
قِياماً عَجِلْنَ عليه النَّبا
تَ، يَنْسِفْنَه بالظُّلوفِ انْتِسافا
عجلن عليه: على هذا الموضع؛ ينْسِفْنه: يَنْسِفْن هذا النبات، يقْلَعْنه
بأَرجلهن قبل أَن يبلُغ. والنَّسْفُ: القَلْع. ونسَف نَسْفاً: خَطا.
وناقة نَسُوف: تنْسف التراب في عدْوها. وانتسَف البِناءَ: استأْصله. أَبو
زيد: نسَفْت البناء نسْفاً إذا قلَعْته، والذي يُنْسَف به البناء يسمى
مِنْسَفة، والمِنْسفة آلة يقلع بها البناء. ونسَف البعيرُ الكلأَ نَسْفاً إذا
اقتلعه بمقدَّم فيه. ونسَف البعير برجله إذا ضرب رجله بمقدَّم . . . . .
(* كذا بياض بالأصل.) وكذلك الإنسان. ويقال: بيننا عَقَبة نَسُوف وعقَبة
ناشطة أَي طويلة شاقة. اللحياني: انْتُسِفَ لونُه وانتُشِفَ لونه
والتُمع لونه بمعنى واحد؛ قال بشر بن أَبي خازم يصف فرساً في حُضْرها:
نَسُوفٌ للحِزام بمِرْفَقَيْها،
يَسُدُّ خَواءَ طُبْيَيْها الغُبارُ
يقول: إذا استَفْرغَت جَرْياً نسَفَت حِزامها بمِرْفَقَيْ يديها، وإذا
ملأَت فُروجها عدْواً سد الغُبار ما بين طُبْيَيْها، وهو خَواؤه. ونسَف
البعيرَ حِمْلُه نسْفاً إذا مرَط حِملُه الوبر عن صفحتي جنبيه. ونسَف
الشيء، وهو نَسِيف: غَرْبله. والنُّسافة: ما سقط من الشيء يَنْسِفه، وخص
اللحياني به نُسافة السَّويق. والنسْف: تَنْقِية الجيّد من الرَّديء، ويقال
لمُنْخُل مُطوَّل المِنْسف. ونسَف الطعام يَنْسِفه نَسْفاً إذا نفَضه.
ويقال: اعْزِل النُّسافة وكلْ من الخالص. ونَسْفُ الطعامِ: نَفْضُه.
والمِنْسف: هَنٌ طويل أَعلاه مرتفع وهو مُتَصَوِّب الصدر يكون عند القاشر، ومنه
يقال: أَتانا فلانٌ كأَنّ لحيته مِنْسف؛ قال الجوهري: حكاها أَبو نصر أحمد
بن حاتم. والمِنْسفة: الغِرْبال. وكلام نَسِيف: خفيّ، هُذلية؛ قال أَبو
ذؤيب:
فأَلْغَى القومَ قد شَرِبُوا فضَمُّوا،
أَمامَ القوم، مَنْطِقُهم نَسِيفُ
قال الأَصمعي: أَي ينتسِفُون الكلام انتِسافاً لا يُتِمُّونه من
الفَرَق، يَهْمِسون به رويداً من الفرق فهو خفي لئلا يُنْذَر بهم ولأَنهم في
أَرض عدوّ، وقوله فضمّوا أَي اجتمعوا وضمّوا إليهم دوابهم ورحالهم.ويقال:
هما يَتناسَفان. قال ابن بري في قوله فضَمّوا أَي كفُّوا عن الكلام، وقيل:
اجتمعوا أَمام قوم آخرين. وانتَسَفوا الكلام بينهم: أَخْفَوه وقلَّلُوه.
ومِنْسفُ الحِمار: فَمُه. نسَف الأَتان بفِيه ينْسِفُها نَسْفاً
ومَنْسَفاً ومَنْسِفاً: عضَّها فترك فيها أَثراً؛ الأَخيرة كمَرْجِع من قوله
تعالى: إلى اللّه مَرْجِعكم. وترك فيها نَسِيفاً أَي أَثراً من عَضِّه، أَو
انْحِصاصَ وبَرٍ؛ قال المُمَزَّق:
وقد تَخِذَتْ رِجْلي، لَدي جَنْبِ غَرْزِها،
نَسِيفاً كأُفْحوصِ القَطاةِ المُطَرِّق
والنسيفُ: أَثر كَدْم الحِمار وأَثر رَكْض الرِّجل بجنبي البعير إذا
انحصّ عنه الوبر. ويقال للحمار: به نَسيفٌ، وذلك إذا أَخذ الفحل منه لحماً
أَو شعراً فبقي أَثره. ويقال: اتخذ فلان في جنب ناقته نَسيفاً إذا انجرد
وبَر مَرْكَضَيْه برجليه، وأَنشد بيت الممزَّق أَيضاً. ويقال لفم الحمار:
مِنْسَف، وقيل: مَنْسِف. ونسَف الحِملُ ظهرَ البعير نَسْفاً وانتسفه:
حَصَّ ما عليه من الوبر. وما في ظهره مَنْسَف: كقولك ما في ظهره
مَضْرَب.والنَّسْفة: حِجارة يُنْسَف بها الوَسَخ؛ قال ابن سيده: حكاها صاحب
العين، قال: والمعروف بالشين. التهذيب: وضرب من الطير يُشبه الخُطَّاف
يَنْتَسِف ويسمى النُّسَّاف، وبالسين.
النِّسْفة: من حجارة الحَرَّة، تكون نَخِرة ذات نَخاريب يُنسف بها
الوسَخُ عن الأَقدام في الحمّامات. وانْتُسِفَ لونُه: انْتُقِع، وسيذكر في
الشين.
ونسَفَ البعيرُ برجله نَسْفاً: ضرب بها قُدُماً. ونسَف الإناءُ
يَنْسِفُ: فاض. والنسْفُ الطعْن مثل النزْع. ونسَفٌ: كُورة.
ابن الأَعرابي: يقال للرجل إنه لكثير النَّسيف، وهو السِّرارُ. يقال:
أَطال نَسيفه أَي سِراره، واللّه أَعلم.
رضض: الرَّضُّ: الدَّقُّ الجَرِيشُ. وفي الحديث حديث الجاريةِ المقتولة
على أَوْضاحٍ: أَنَّ يَهُودِيّاً رَضَّ رأْس جاريةٍ بين حَجَرَيْنِ؛ هو
من الدَّقِّ الجَرِيشِ.
رَضَّ الشيءَ يَرُضُّه رَضّاً، فهو مَرْضُوضٌ ورَضِيضٌ ورَضْرَضَه: لم
يُنْعِمْ دَقَّه، وقيل: رَضَّه رَضّاً كسَره، ورُضاضُه كُسارُه. وارتَضَّ
الشيءُ: تكسر. الليث: الرّضُّ دقُّك الشيءَ، ورُضاضُه قِطَعه.
والرَّضْراضةُ: حِجارة تَرَضْرَضُ على وجه الأَرض أَي تتحرّك ولا
تَلْبَثُ، قال أَبو منصور: وقيل أَي تتكسّر، وقال غيره: الرَّضْراضُ ما دَقَّ
من الحَصى؛ قال الراجز:
يَتْرُكْنَ صَوَّانَ الحَصَى رَضْراضا
وفي الحديث في صِفةِ الكَوْثرِ: طِينُه المِسْكُ ورَضْراضُه التُّومُ؛
الرَّضْراضُ: الحَصَى الصِّغارُ، والتُّوم: الدُّرُّ؛ ومنه قولهم: نَهر
ذُو سِهْلةٍ وذو رَضْراضٍ، فالسِّهْلةُ رمل القَناة الذي يجري عليه الماء،
والرضراض أَيضاً الأَرض المرضوضة بالحجارة؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
يَلُتُّ الحَصَى لَتّاً بِسُمْرٍ، كأَنَّها
حِجارةُ رَضْراضٍ بِغَيْلٍ مُطَحْلِب
ورُضاضُ الشيء: فُتاتُه. وكلُّ شيءٍ كسَّرته، فقد رَضْرَضْتَه.
والمِرَضَّةُ: التي يُرَضُّ بها.
والرَّضُّ: التمر الذي يُدَقُّ فينقّى عَجَمُه ويُلْقَى في المَخْضِ أَي
في اللّبن. والرَّضُّ: التمرُ والزُّبْدُ يخلطان؛ قال:
جاريةٌ شَبَّتْ شَباباً غَضّا،
تَشْرَبُ مَحْضاً، وتَغَذَّى رَضّا
(* قوله «تشرب محضاً وتغذى رضا» في الصحاح: تصبح محضاً وتعشى رضا.)
ما بَيْنَ ورْكَيْها ذِراعاً عَرْضا،
لا تُحْسِنُ التَّقْبِيلَ إِلا عَضّا
وأَرَضَّ التعَبُ العرَقَ: أَساله.
ابن السكيت: المُرِضّةُ تمر ينقع في اللبن فتُصبح الجارية فتشربه وهو
الكُدَيْراءُ. والمُرِضّةُ: الأُكْلةُ أَو الشُّرْبةُ التي تُرِضُّ العرق
أَي تسيله إِذا أَكلتها أَو شربتها. ويقال للراعية إِذا رَضَّتِ العُشْب
أَكلاً وهرْساً: رَضارِضُ؛ وأَنشد:
يَسْبُتُ راعِيها، وهي رَضارِضُ،
سَبْتَ الوَقِيذِ، والوَرِيدُ نابِضُ
والمُرِضّة: اللبن: الحليب الذي يحلب على الحامض، وقيل: هو اللبن قبل
أَن يُدْرِكَ؛ قال ابن أَحمر يَذُمّ رجلاً ويَصِفُه بالبخل، وقال ابن بري:
هو يخاطب امرأَته:
ولا تَصِلي بــمَطْروقٍ، إِذا ما
سَرَى في القَوْمِ، أَصبحَ مُسْتَكِينا
يَلُومُ ولا يُلامُ ولا يُبالي،
أَغَثّاً كان لَحْمُكِ أَو سَمِينا؟
إِذا شَرِبَ المُرِضّةَ قال: أَوْكي
على ما في سِقائِك، قد رَوِينا
قال: كذا أَنشده أَبو عليّ لابن أحمر رَوِينا على أَنه من القصيدة
النونية له؛ وفي شعر عمرو بن هميل اللحياني قد رَوِيتُ في قصيدة أَولها:
أَلا مَنْ مُبْلِغُ الكَعْبيِّ عَنِّي
رَسُولاً، أَصلُها عِنْدِي ثَبِيتُ
والمِرَضَّةُ كالمُرِضّةِ، والرَّضْرَضةُ كالرَّضِّ. والمُرِضّةُ، بضم
الميم: الرَّثِيئةُ الخاثِرةُ وهي لبن حليب يُصَبُّ عليه لبن حامض ثم يترك
ساعة فيخرج ماء أَصفر رقيق فيصب منه ويشرب الخاثر. وقد أَرَضَّت
الرَّثِيئةُ تُرِضُّ إِرْضاضاً أَي خَثُرَتْ. أَبو عبيد: إِذا صُبّ لبن حليب على
لبن حَقِين فهو المُرِضّةُ والمُرْتَثِئةُ. قال ابن السكيت: سأَلت بعض
بني عامر عن المُرِضّةِ فقال: هو اللبن الحامض الشديد الحُموضة إِذا شربه
الرجل أَصبح قد تكسّر، وأَنشد بيت ابن أَحمر. الأَصمعي: أَرَضَّ الرجلُ
إِرْضاضاً إِذا شرب المُرِضّةَ فثقل عنها؛ وأَنشد:
ثم اسْتَحَثُّوا مُبْطِئاً أَرَضّا
أَبو عبيدة: المُرِضّةُ من الخيل الشديدة العَدْوِ. ابن السكيت:
الإِرْضاضُ شدّة العَدْو. وأَرَضَّ في الأَرض أَي ذَهَب.
والرَّضراضُ: الحصَى الذي يجري عليه الماءُ، وقيل: هو الحصى الذي لا
يثبت على الأَرض وقد يُعَمّ به. والرَّضْراضُ: الصَّفا؛ عن كراع. ورجل
رَضْراضٌ: كثير اللحم، والأُنثى رَضْراضةٌ؛ قال رؤبة:
أَزْمان ذَاتُ الكَفَلِ الرَّضْراضِ
رَقْراقةٌ في بُدْنِها الفَضْفاضِ
وفي الحديث: أَن رجلاً قال له مررت بجُبُوبِ بَدْر فإِذا برجل أَبيض
رَضْراضٍ وإِذا رجل أَسودُ بيده مِرْزَبةٌ يضربه، فقال: ذاك أَبو جهل؛
الرّضْراضُ: الكثير اللحم. وبعير رَضْراضٌ: كثير اللحم؛ وقول الجعدي:
فَعَرَفْنا هِزّةً تأْخُذُه،
فَقَرَنّاه بِرَضْراضِ رِفَلْ
أَراد فقرناه وأَوثقناه ببعير ضخم، وإِبل رَضارِضَ: راتعة كأَنها تَرُضّ
العُشب. وأَرَضَّ الرجلُ أَي ثقل وأَبطأَ؛ قال العجاج:
فَجمَّعوا منهم قَضِيضاً قَضّا،
ثم اسْتَحَثُّوا مُبْطِئاً أَرَضّا
وفي الحديث: لَصُبَّ عليكم العذابُ صَبّاً ثم لَرُضّ رَضّاً؛ قال ابن
الأَثير: هكذا جاء في رواية، والصحيح بالصاد المهملة، وقد تقدم ذكره.
قدس: التَّقْدِيسُ: تنزيه اللَّه عز وجل. وفي التهذيب: القُدْسُ تنزيه
اللَّه تعالى، وهو المتَقَدَّس القُدُّوس المُقَدَّس. ويقال: القُدُّوس
فَعُّول من القُدْس، وهو الطهارة، وكان سيبويه يقول: سَبُّوح وقَدُّوس،
بفتح أََوائلهما؛ قال اللحياني: المجتمع عليه في شُبُّوح وقُدُّوس الضم،
قال: وإِن فتحته جاز، قال: ولا أَدري كيف ذلك؛ قال ثعلب: كل اسم على
فَعُّول، فهو مفتوح الأَول مثل سَفُّود وكَلُّوب وسَمُّور وتَنُّور إِلا
السُّبُّوح والقُدُّوس، فإِن الضم فيهما الأَكثر، وقد يفتحان، وكذلك الذُّرُّوح،
بالضم، وقد يفتح. قال الأَزهري: لم يجئ في صفات اللَّه تعالى غير
القُدُّوس، وهو الطاهر المُنَزَّه عن العُيوب والنَّقائص، وفُعُّول بالضم من
أَبنية المبالغة، وقد تفتح القاف وليس بالكثير.
وفي حديث بلال بن الحرث: أَنه أَقْطَعَه حَيث يَصْلُح للزرع من قُدْس
ولم يُعْطِه حَقَّ مُسْلِمٍ؛ هو، بضم القاف وسكون الدال، جبل معروف، وقيل:
هو الموضع المرتفع الذي يصلح للزِّراعة. وفي كتاب الأَمكنة أَنه قَرِيس؛
قيل: قَريس وقَرْس جَبَلان قُرْب المدينة والمشهورُ المَرْوِيّ في الحديث
الأَوّل، وأَما قَدَس، بفتح القاف والدال، فموضع بالشام من فتوح
شُرَحْبيل بن حَسَنة. والقُدُس والقُدْس، بضم الدال وسكونها، اسم ومصدر، ومنه
قيل للجنَّة: حَضِيرة القُدْس.
والتَقْدِيس: التَّطْهِير والتَّبْريك. وتَقَدَّس أَي تطهَّر. وفي
التنزيل: ونحن نُسَبِّحُ بحمدك ونُقَدِّس لك؛ الزجاج: معنى نُقدس لك أَي
نُطهِّر أَنفسنا لك، وكذلك نفعل بمن أَطاعك نُقَدِّسه أَي نطهِّره. ومن هذا
قيل للسَّطْل القَدَس لأَنه يُتَقدَّس منه أَي يُتَطَّهر. والقَدَس،
بالتحريك: السَّطْل بلغة أَهل الحجاز لأَنه يتطهر فيه. قال: ومن هذا بيت
المَقْدِس أَي البيت المُطَّهَّر أَي المكان الذي يُتطهَّر به من الذنوب. ابن
الكلبي: القُدُّوس الطاهر، وقوله تعالى: الملك القُدُّوس الطَّاهِر في صفة
اللَّه عز وجل، وقيل قَدُّوس، بفتح القاف، قال: وجاءَ في التفسير أَنه
المبارك. والقُدُّوس: هو اللَّه عز وجل. والقُدْسُ: البركة. والأَرض
المُقَدَّسة: الشام، منه، وبيت المَقْدِس من ذلك أَيضاً، فإِمّا أَن يكون على
حذف الزائد، وإِمّا أَن يكون اسماً ليس على الفِعْل كما ذهب إِليه سيبويه
في المَنْكِب، وهو يُخفَّف ويُثقَّل، والنسبة إِليه مَقْدِسِيّ مثال
مَجْلِسِيّ ومُقَدَّسِيٌّ؛ قال امرؤ القيس:
فأَدْرَكْنَه يأْخُذْنَ بالسَّاق والنَّسا،
كما شَبْرَقَ الوِلْدانُ ثَوْبَ المُقَدِّسِي
والهاء في أَدْرَكْنَه ضميرُ الثَّور الوَحْشِيّ، والنون في أَدركنه
ضمير الكلاب، أَي أَدركتِ الكلاب الثورَ فأَخذن بساقه ونَساه وشَبْرَقَتْ
جلده كما شَبْرَقَ وِلْدان النَّصارى ثوبَ الرَّاهب المُقَدِّسِي، وهو الذي
جاء من بيت المَقْدِس فقطَّعوا ثيابه تبرُّكاً بها؛ والشَّبْرَقة:
تقطيعُ الثوب وغيره، وقيل: يعني بهذا البيت يهوديّاً.
ويقال للراهب مُقَدَّسٌ، وأَراد في هذا البيت بالمُقَدَّسِي الرَّاهِبَ،
وصبيانُ النصارى يتبرَّكون به وبِمَسْحِ مِسْحِه الذي هو لابِسُه، وأَخذ
خُيُوطِه منه حتى يَتَمَزَّقَ عنه ثوبه. والمُقَدِّس: الحَبْر ُ؛ وحكى
ابن الأَعرابي: لا قَدَّسه اللَّه أَي لا بارك عليه. قال: والمُقَدَّس
المُبارَك. والأَرض المُقَدَّسة: المطهَّرة. وقال الفرَّاء: الأَرض
المقدَّسة الطاهرة، وهي دِمَشْق وفِلَسْطين وبعض الأُرْدُنْ. ويقال: أَرض مقدَّسة
أَي مباركة، وهو قول قتادة، وإِليه ذهب ابن الأَعرابي؛ وقول العجاج:
قد عَلِمَ القُدُّوس، مَوْلى القُدْسِ،
أَنَّ أَبا العَبَّاس أَوْلى نَفْسِ
بِمَعْدن المُلْك القَديم الكِرْسِ
أَراد أَنه أَحقُّ نفسٍ بالخِلافة.
ورُوحُ القُدُس: جبريل، عليه السلام. وفي الحديث: إِن رُوحَ القُدُس
نَفَث في رُوعِي، يعني جبريل، عليه السلام، لأَنه خُلِق من طهارة. وقال
اللَّه عز وجل في صفة عيسى، على نبينا وعليه الصلاة والسلام: وأَيَّدْناه
بِرُوحِ القُدُسِ؛ هو جبريل معناه رُوحُ الطهارة أَي خُلِق من طهارة؛ وقول
الشاعر:
لا نَومَ حتى تَهْبِطِي أَرضَ العُدُسْ،
وتَشْرَبي من خير ماءٍ بِقُدُسْ
أَراد الأَرض المقدَّسة. وفي الحديث: لا قُدِّستْ أُمَّة لا يُؤْخَذ
لضَعِيفها من قَوِيِّها أَي لا طُهِّرت. والقادِسُ والقَدَّاس: حصاة توضع في
الماء قَدْراً لِرِيِّ الإِبل، وهي نحو المُقْلَة للإِنسان، وقيل: هي
حَصاة يُقْسَمُ بها الماء في المفاوز اسم كالحَبَّان. غيره: القُدَاس الحجر
الذي يُنْصَبُ على مَصَبِّ الماء في الحَوْض وغيره. والقَدَّاس: الحجر
يُنْصَب في وسَط الحوض إِذا غَمَره الماء رَوِيَتِ الإِبل؛ وأَنشد أَبو
عمرو:
لا رِيَّ حتى يَتَوارى قَدَّاسُ،
ذاك الحُجَيْرُ بالإِزاء الخنَّاسْ
وقال:
نَئِفَتْ به، ولقَدْ أَرى قَدّاسَه
ما إِنْ يُوارى ثم جاء الهَيْثَمُ
نَئِفَ إِذا ارْتَوى. والقُداس، بالضم: شيء يعمل كالجُمان من فِضَّة؛
قال يصف الدُّمُوع:
تَجَدَّرَ دمعُ العَيْنِ منها، فَخِلْتُه
كَنَظْمِ قُداسٍ، سِلْكُه. مُتَقَطِّعُ
شبَّه تَحَدُّرَ دمعه بنظم القُداس إِذا انقطع سِلْكُه. والقَديسُ:
الدُّرُّ؛ يمانية.
والقادِس: السفينة، وقيل: السفينة العظيمة، وقيل: هو صِنْف من المراكب
معروف، وقيل: لَوْحٌ من أَلواحها؛ قال الهذلي:
وتَهْفُو بِهادٍ لَها مَيْلَعٍ،
كما أَقْحَم القادِسَ الأَرْدَمونا
وفي المحكم:
كما حَرَّك القادِسَ الأَرْدَمُونا
يعني المَلاَّحين. وتَهْفُو: تَمِيل يعني الناقةَ. والمَيْلَعُ: الذي
يتحرك هكذا وهكذا. والأَرْدَمُ: المَلاَّح الحاذِق. والقَوادِس: السُّفُن
الكِبار.
والقادس: البيتُ الحرام. وقادِسُ: بلدة بخُراسان، أَعجمي. والقادِسيَّة:
من بلاد العرب؛ قيل إِنما سميت بذلك لأَنها نزل بها قوم من أَهل قادس من
أَهل خُراسان، ويقال: إِن القادسيَّة دَعا لها إِبراهيم، على نبينا
وعليه الصلاة والسلام، بالقُدْسِ وأَن تكون مَحَلَّة الحاجِّ، وقيل:
القادسيَّة قرية بين الكوفة وعُذَيب. وقُدْس، بالتسكين: جبل، وقيل: جبل عظيم في
نَجْدٍ؛ قال أَبو ذؤيب:
فإَنك حقًّا أَيَّ نَظْرة عاشِقٍ
نَظَرْتَ، وقُدْسٌ دونها وَوَقيرُ
وقُدْسُ أَوارَة: جَبَلٌ أَيضا. غيره: قُدْس وآرةُ جبَلان في بلاد
مُزَيْنة معروفان بِحِذاء سُقْيا مزينة.
ملل: المَلَلُ: المَلالُ وهو أَن تَمَلَّ شيئاً وتُعْرِض عنه؛ قال
الشاعر:
وأُقْسِمُ ما بي من جَفاءٍ ولا ملَل
ورجل مَلَّةٌ إِذا كان يَمَلُّ إِخوانَه سريعاً. مَلِلْت الشيء مَلَّة
ومَلَلاً ومَلالاً ومَلالة: بَرِمْت به، واسْتَمْلَلْته: كمَلِلْتُه؛ قال
ابن هَرْمة:
قِفا فَهَرِيقا الدمْع بالمَنْزِل الدَّرْسِ،
ولا تَسْتَمِلاَّ أَن يطول به عَنْسِي
وهذا كما قالوا خَلَت الدارُ واستخْلت وعَلا قِرْنَه واسْتَعْلاه؛ وقال
الشاعر:
لا يَسْتَمِلُّ ولا يَكْرى مُجالِسُها،
ولا يَمَلُّ من النَّجْوَى مُناجِيها
وأَمَلَّني وأَمَلَّ عَليَّ: أَبرَمَني. يقال: أَدَلَّ فأَمَلَّ.
وقالوا: لا أَمْلاهُ أَي لا أَمَلُّه، وهذا على تحويل التضعيف والذي فعلوه في
هذا ونحوِه من قولهم لا
(* هكذا بياض في الأصل) . . . لا أَفعل؛
وإِنشادهم:من مآشِرٍ حِداءِ
(* قوله «من مآشر حداء» قبله كما في مادة حدد:
يا لك من تمر ومن شيشاء
ينشب في المسعل واللهاء
أنشب من مآشر حداء).
لم يكن واجباً فيجب هذا، وإِنما غُيِّر استحساناً فساغ ذلك فيه.
الجوهري: مَلِلْت الشيء، بالكسر، ومَلِلْت منه أَيضاً إِذا سَئِمْته، ورجل مَلٌّ
ومَلول ومَلولة ومالولةٌ ومَلاَّلة وذو مَلَّة؛ قال:
إِنك والله لَذُو مَلَّة،
يَطرِفُك الأَدْنى عن الأَبْعَدِ
قال ابن بري: الشعر لعمر بن أَبي ربيعة وصواب إِنشاده: عن الأَقدَم؛
وبعده:
قلت لها: بل أَنتِ مُعْتَلَّة
في الوَصل، يا هندُ، لِكَي تَصْرِمي
وفي الحديث: اكْلَفوا من العمل ما تُطِيقون فإِن الله لا يَمَلُّ حتى
تَمَلُّوا؛ معناه إِن الله لا يَمَلُّ أَبداً، مَلِلْتم أَو لم تَمَلُّوا،
فجرى مجرى قولهم: حتى يَشِيبَ الغراب ويبيضَّ القارُ، وقيل: معناه إِن
الله لا يَطَّرِحُكم حتى تتركوا العمل وتزهدوا في الرغبة إِليه فسمى
الفعلين مَلَلاً وكلاهما ليس بِمَلَل كعادة العرب في وضع الفعل موضع الفعل إِذا
وافق معناه نحو قولهم:
ثم أَضْحَوْا لَعِبَ الدهرُ بهم،
وكذاك الدهرُ يُودِي بالرجال
فجعل إِهلاكه إِياهم لَعِباً، وقيل: معناه إِن الله لا يقطع عنكم فَضْله
حتى تَمَلُّوا سؤاله فسمَّى فِعل الله مَلَلاً على طريق الازْدِواج في
الكلام كقوله تعالى: وجزاءُ سيئة سيئةٌ مثلها، وقوله: فمَنِ اعْتَدى عليكم
فاعْتَدوا عليه؛ وهذا باب واسع في العربية كثير في القرآن. وفي حديث
الاستسقاء: فأَلَّف اللّه السَّحاب ومَلَّتْنا؛ قال ابن الأَثير: كذا جاء في
رواية لمسلم، قيل: هي من المَلَلِ أَي كثر مطرُها حتى مَلِلناها، وقيل:
هي مَلَتْنا، بالتخفيف، من الامْتِلاء فخفف الهمزة، ومعناه أَوسَعَتْنا
سَقْياً وريًّا. وفي حديث المُغيرة: مَلِيلة الإِرْغاء أَي مَمْلولة
الصوت، فَعِيلة بمعنى مفعولة، يَصِفها بكثرة الكلام ورَفْعِ الصوت حتى تُمِلَّ
السامعين، والأُنثى مَلول ومَلولة، فملول على القياس ومَلولة على الفعل.
والمَلَّة: الرَّماد الحارُّ والجمْر. ويقال: أَكلنا خُبزَ مَلَّة، ولا
يقال أَكلنا مَلَّة. ومَلَّ الشيءَ في الجمْر يَمُلُّه مَلاًّ، فهو
مَمْلول ومَلِيل: أَدخله
(* قوله «ادخله» يعني فيه فلفظ فيه إما ساقط من قلم
الناسخ او اقتصاراً من المؤلف) . يقال: مَلَلْت الخُبرةَ في المَلَّة
مَلاًّ وأَمْلَلْتها إِذا عمِلتها في المَلَّة، فهي مَمْلولة، وكذلك كل
مَشْوِيّ في المَلَّة من قَريس وغيره. ويقال: هذا خُبز مَلَّةٍ، ولا يقال
للخبز مَلَّة، إِنما المَلة الرَّماد الحارّ والخبز يسمى المَلِيل
والمَمْلول، وكذلك اللحمُ؛ وأَنشد أَبو عبيد:
ترى التَّيْمِيَّ يَزْحَفُ كالقَرَنْبى
إِلى تَيْمِيَّةٍ، كعَصا المَلِيل
وفي الحديث: قال أَبو هريرة لما افتتَحْنا خَيبرَ إِذا أُناس من يَهُود
مجتمعون على خُبزة يَمُلُّونها أَي يجعلونها في المَلَّة. وفي حديث كعب:
أَنه مرَّ به رِجْل من جَراد فأَخذ جَرادَتين فمَلَّهما أَي شَواهما
بالمَلَّة؛ وفي قصيد كعب بن زهير:
كأَنَّ ضاحِيَهُ بالنار مَمْلولُ
أَي كأَنَّ ما ظهر منه للشمس مَشْويّ بالمَلَّة من شدّة حرّه. ويقال:
أَطعَمَنا خبز مَلَّةٍ وأَطعمَنا خبزة مَلِيلاً، ولا يقال أَطعَمنا مَلَّة؛
قال الشاعر:
لا أَشْتُم الضَّيْفَ إِلاّ أَنْ أَقولَ له:
أَباتَكَ الله في أَبيات عَمَّارِ
أَباتَك الله في أَبيات مُعْتَنِزٍ
عن المَكارِم، لا عَفٍّ ولا قارِي
صَلْدِ النَّدى، زاهِدٍ في كل مَكْرُمة،
كأَنَّما ضَيْفُهُ في مَلَّة النارِ
وقال أَبو عبيد: المَلَّة الحُفْرة نفسها. وفي الحديث: قال له رجل إِنَّ
لي قَراباتٍ أَصِلُهم ويَقْطَعُونَني وأُعْطِيهم ويَكْفُرونني فقال له:
إِنما تُسِفُّهم المَلَّ؛ المَلُّ والمَلَّة: الرّماد الحارّ الذي
يُحْمى ليُدْفَن فيه الخبز ليَنْضَج، أَراد إِنما تجعل المَلَّة لهم سَفُوفاً
يَسْتَفُّونه، يعني أَن عَطاءَك إِياهم حرام عليهم ونارٌ في بطونهم.
ويقال: به مَلِيلة ومُلالٌ، وذلك حَرارة يجدها، وأَصله من المَلَّة، ومنه
قيل: فلان يتململ على فِراشه ويتَمَلَّلُ إِذا لم يستقرّ من الوجع كأَنه على
مَلَّة.
ويقال: رجل مَلِيل للذي أَحرقته الشمس؛ وقول المرار:
على صَرْماءَ فيها أَصْرَماها،
وخِرِّيتُ الفَلاة بِها مَلِيلُ
قوله: وخِرِّيتُ الفَلاةِ بها مَلِيلُ أَي أَضْحَت الشمس فلَفَحَتْه
فكأَنه مَمْلول في المَلَّة.
الجوهري: والمَلِيلة حَرارة يجدها الرجل وهي حُمَّى في العظم. وفي
المثَل: ذهبت البَلِيلة بالمَلِيلة. والبَلِيلة: الصِّحَّة من أَبَلَّ من
مَرَضه أَي صح. وفي الحديث: لا تَزال المَلِيلةُ والصُّداعُ بالعبد؛
المَلِيلة: حرارة الحُمَّى وتوهُّجُها، وقيل: هي الحُمَّى التي تكون في العظام.
والمَلِيلُ: المِحْضَأْ.
ومَلَّ القَوْسَ والسهمَ والرمح في النار: عالجها به
(* قوله «عالجها
به» هكذا في الأصل، ولعله عالجها بها) عن أَبي حنيفة: والمَلِيلةُ
والمُلالُ: الحرُّ الكامِن. ورجل مَمْلول ومَلِيل: به مَلِيلة. والمَلَّةُ
والمُلالُ: عَرَق الحُمَّى، وقال اللحياني: مُلِلْتُ مَلاًّ والاسم المَلِيلةُ
كَحُمِمْت حُمَّى والاسم الحُمَّى. والمُلال: وجع الظَّهْر؛ أَنشد ثعلب:
دَاوِ بها ظَهْرَك من مُلالِه،
من خُزُرات فيه وانْخِزالِه،
كما يُداوى العَرُّ من إِكالِه
والمُلال: التقلُّب من المرض أَو الغم؛ قال:
وهَمّ تأْخُذُ النُّجَواءُ منه،
يُعَدُّ بِصالِبٍ أَو بالمُلالِ
والفعل من ذلك مَلَّ. وتَمَلَّل الرجلُ وتَمَلْمَلَ: تَقلَّب، أَصله
تَمَلَّل فَفُكَّ بالتضعيف. ومَلَّلْته أَنا: قلَّبته. وتَمَلَّل اللحمُ على
النار: اضطرب. شَمِر: إِذا نَبا بالرجل مَضْجَعُه من غَمٍّ أَو وَصَب
قيل: قد تَمَلْمَلَ، وهو تقلُّبه على فِراشه، قال: وتَمَلْمُله وهو جالس
أَن يَتوكأَ مرة على هذا الشِّق، ومرة على ذاك، ومرة يَجْثُو على ركبتيه.
وأَتاه خَبَر فَمَلْمَله، والحِرْباءُ تَتَمَلْمَل من الحرِّ: تصعَد رأْس
الشجرة مرة وتَبْطُن فيها مرة وتظهر فيها أُخرى.
أَبو زيد: أَمَلَّ فلان على فلان إِذا شقَّ عليه وأَكثر في الطلَب.
يقال: أَمْلَلْت عليَّ؛ قال ابن مقبل:
أَلا يا دِيارَ الحَيِّ بالسَّبُعانِ،
أَمَلَّ عليها بالبِلى المَلَوانِ
وقال شمر في قوله أَمَلَّ عليها بالبِلى: أَلقى عليها، وقال غيره:
أَلَحَّ عليه حتى أَثَّر فيها. وبعير مُمَلٌّ: أَكثر رُكوبه حتى أَدْبَر
ظَهره؛ قال العجاج فأَظهر التضعيف لحاجته إِليه يصِف ناقة.
حَرْف كقَوْسِ الشَّوْحَطِ المُعَطَّلِ،
لا تَحْفِل السَّوْطَ ولا قولي حَلِ
تشكُو الوَجى من أَظْلَلٍ وأَظلَلِ،
من طُولِ إِمْلالٍ وظَهْرٍ مُمْلَلِ
أَراد تشكُو الناقة وجَى أَظَلَّيْها، وهما باطِنا مَنْسِمَيها، وتشكو
ظهرَها الذي أَمَلَّه الركوب أَي أَدْبَرَه وجَزَّ وبَره وهَزَله. وطريق
مَلِيل ومُمَلٌّ: قد سلك فيه حتى صار مُعْلَماً؛ وقال أَبو دُواد:
رَفَعْناها ذَمِيلاً في
مُمَلٍّ مُعْمَلٍ لَحْبِ
وطريق مُمَلّ أَي لَحْب مسلوك. وأَمَلَّ الشيءَ: قاله فكُتِب. وأَمْلاه:
كأَمَلَّه، على تحويل التضعيف. وفي التنزيل: فليُمْلِلْ وَلِيُّه
بالعدْل؛ وهذا من أَمَلَّ، وفي التنزيل أَيضاً: فهي تُمْلى عليه بُكْرةً
وأَصِيلاً؛ وهذا من أَمْلى. وحكى أَبو زيد: أَنا أُمْلِلُ عليه الكتاب، بإِظهار
التضعيف. وقال الفراء: أَمْلَلْت لغة أَهل الحجاز وبني أَسد، وأَمْلَيْت
لغة بني تميم وقيس. يقال: أَمَلَّ عليه شيئاً يكتبه وأَمْلى عليه، ونزل
القرآن العزيز باللغتين مَعاً. ويقال: أَمللت عليه الكتاب وأَمليته. وفي
حديث زيد: أَنه أَمَلَّ عليه لا يَستوي القاعدون من المؤمنين. يقال:
أَمْلَلْت الكتاب وأَمليته إِذا أَلقيته على الكاتب ليكتبه.
ومَلَّ الثوبَ مَلاًّ: درَزَه؛ عن كراع. التهذيب: مل ثوبَه يَمُلُّه
إِذا خاطه الخياطة الأُولى قبل الكَفِّ؛ يقال منه: مَلَلت الثوبَ
بالفتح.والمِلَّة: الشريعة والدين. وفي الحديث: لا يَتوارثُ أَهلُ مِلَّتين؛
المِلَّة: الدين كملَّةِ الإِسلام والنَّصرانية واليهودية، وقيل: هي مُعْظم
الدين، وجملة ما يجيء به الرسل. وتملَّل وامتلَّ: دخل في المِلَّة. وفي
التنزيل العزيز: حتى تَتَّبِع مِلَّتهم؛ قال أَبو إِسحق: المِلة في اللغة
سُنَّتُهم وطريقهم ومن هذا أُخذ المَلَّة أَي الموضع الذي يختبزُ فيه
لأَنه يؤثَّر في مكانها كما يؤثَّر في الطريق، قال: وكلام العرب إِذا اتفَق
لفظُه فأَكثره مُشتق بعضُه من بعض. قال أَبو منصور: ومما يؤيد قولَه
قولُهم مُمَلٌّ أَي مسلوك معلوم؛ وقال الليث في قول الراجز:
كأَنه في ملَّة مَمْلول
قال: المملول من المِلَّة، أَراد كأَنه مثال مُمَثَّل مما يعبد في مِلَل
المشركين. أَبو الهيثم: المِلَّة الدية، والمِلَل الديات؛ وأَنشد:
غَنائم الفِتْيان في يوم الوَهَل،
ومن عَطايا الرؤساء في المِلَل
(* قوله «غنائم الفتيان إلخ» في هامش النهاية ما نصه: قال وأنشدني أبو
المكارم:
غنائم الفتيان أيام الوهل * ومن عطايا الرؤساء والملل
يريد إبلاً بعضها غنيمة وبعضها صلة وبعضها من ديات).
وفي حديث عمر، رضي الله عنه، أَنه قال: ليس على عَرَبيٍّ مِلْك ولَسْنا
بنازِعِين من يدِ رجل شيئاً أَسلَم عليه، ولكِنَّا نُقَوِّمُهم
(* قوله
«ولكنا نقوّمهم إلخ» هكذا في الأصل، وعبارة النهاية: ولكنا نقوّمهم الملة
على آبائهم خمساً من الابل: الملة الدية وجمعها ملل؛ قال الازهري الى آخر
ما هنا وقال الصاغاني بعد ان ذكر الحديث كما في النهاية: قال الازهري
أراد إنما نقومهم كما نقوّم الى آخر ما هنا وضبط لفظ ونذر الجراح بهذا
الضبط ففي عبارة الأصل سقط ظاهر) كما نُقَوِّم أَرشَ الدِّيات ونَذَرُ
الجِراحَ، وجعل لكلِّ رأْسٍ منهم خمساً من الإِبل يَضْمَنُها عَشائِرُهم أَو
يضمنونها للذين مَلَكوهم. قال ابن الأَثير: قال الأَزهري كان أَهل الجاهلية
يَطَؤون الإِماءَ ويَلِدْن لهم فكانوا يُنْسَبُون إِلى آبائهم وهم
عَرَب، فرأَى عمر، رضي الله عنه، أَن يردّهم على آبائهم فَيَعْتِقون ويأْخُذ
من آبائهم لِمَواليهم عن كلِّ وَلَدٍ خمساً من الإِبل، وقيل: أَراد مَن
سُبِيَ من العرب في الجاهليَّة وأَدركه الإِسلام وهو عبد مَن سَباه أَن
يردّه حرّاً إِلى نسبه، ويكون عليه قيمته لِمَن سَباه خمساً من الإِبل. وفي
حديث عثمان: أَنَّ أَمَةً أَتت طَيِّئاً فأَخبرتهم أَنها حُرَّة فتزوّجت
فولَدت فجعل في وَلَدِها المِلَّة أَي يَفْتَكُّهم أَبوهم من مَوالي
أُمِّهم، وكان عثمان يعطي مكانَ كلَّ رأْسٍ رأْسَيْن، وغيرُه يعطي مكان كل
رأْس رأْساً، وآخرون يُعْطُون قيمته بالغةً ما بلغت. ابن الأَعرابي: مَلَّ
يَمِلُّ، بالكسر كسرِ الميم، إِذا أَخذ المِلَّة؛ وأَنشد:
جاءت به مُرَمَّداً ما مُلاَّ،
ما فِيَّ آلُ خَمَّ حين أَلَّى
(* قوله «وأنشد جاءت به إلخ» هكذا في الأصل).
قوله: ما مُلاَّ ما جُحِد، وقوله: ما فيَّ آل، ما صلة، والآلُ: شخصه،
وخَمَّ: تغيرت ريحُه، وقوله: أَلَّى أَي أَبْطأَ، ومُلَّ أَي أُنضِج. وقال
الأَصمعي: مَرَّ فلان يَمْتَلّ امْتِلالاً إِذا مَرَّ مَرًّا سريعاً.
المحكم: مَلَّ يَمُلُّ مَلاًّ وامْتَلَّ وتَمَلَّل أَسرع. وقال مصعب:
امْتَلَّ واسْتَلَّ وانْمَلَّ وانسَلَّ بمعنى واحد. وحمار مُلامِلٌ: سريع، وهي
المَلْمَلة. ويقال: ناقة مَلْمَلى على فَعْلَلى إِذا كانت سريعة؛
وأَنشد:يا ناقَتا ما لَكِ تَدْأَلِينا،
أَلم تكوني مَلْمَلى دَفونا؟
(* قوله «دفونا» هكذا في الأصل؛ وفي التكملة: ذقونا، بالذال والقاف).
والمُلمُول: المِكْحال. الجوهري: المُلمول الذي يكتحَل به؛ وقال أَبو
حاتم: هو المُلُمول الذي يُكْحَل وتُسْبَرُ به الجراح، ولا يقال المِيل،
إِنما المِيلُ القِطعة من الأَرض. ومُلمول البعير والثعلب: قضيبه، وحكى
سيبويه مالُّ، وجمعه مُلاَّن، ولم يفسِّره.
وفي حديث أَبي عبيد: أَنه حَمَل يوم الجِسْر فضرب مَلْمَلة الفِيل يعني
خُرْطومَه.
ومَلَل: موضع في طريق مكة بين الحرَمين، وقيل: هو موضع في طريق
البادِية. وفي حديث عائشة: أَصبح النبي، صلى الله عليه وسلم، بمَلَل ثم راحَ
وتعشَّى بسَرفٍ؛ مَلَلٌ، بوزن جَبل: موضع بين مكة والمدينة على سبعة عشر
ميلاً بالمدينة
(* قوله «سبعة عشر ميلاً بالمدينة» الذي في ياقوت: ثمانية
وعشرين ميلاً من المدينة) ومُلال: موضع؛ قال الشاعر:
رَمى قلبَه البَرْقُ المُلالِيُّ رَمْيةً،
بذكرِ الحِمَى وَهْناً، فباتَ يَهِيمُ
رصف: الرَّصْفُ: ضَمُّ الشيء بعضِه إلى بعض ونَظْمُه، رَصَفَه يَرْصُفُه
رَصْفاً فارْتَصَفَ وتَرَصَّفَ وتَراصَفَ. قال الليث: يقال للقائم إذا
صَفَّ قدميه رَصَفَ قَدَمَيْهِ، وذلك إذا ضَمَّ إحداهما إلى الأُخرى.
وتَراصَفَ القومُ في الصفّ أَي قام بعضُهم إلى لِزْقِ بعض. ورَصَفَ ما بين
رِجْليه: قَرَّبَهما. ورُصِفَتْ أَسْنانُه
(* قوله «ورصفت أسنانه إلى قوله
تصافت» كذا بالأصل مضبوطاً.) رَصْفاً ورَصِفَتْ رَصَفاً، فهي رصِفَةٌ
ومُرْتَصِفةٌ: تَصافَّتْ في نبْتَتِها وانْتَظَمَتْ واستوت. وفي حديث معاذ،
رضي اللّه عنه، في عذاب القبر: ضَرَبه بمِرْصافةٍ وسَط رأْسه أَي
مِطْرَقَةٍ لأَنها يُرْصَفُ بها المضروب أَي يُضَمُّ. ورَصَفَ الحجرَ يَرْصفُهُ
رَصْفاً: بناه فوَصَل بعضَه ببعض. والرَّصَفُ: الحِجارة المُتراصِفةُ،
واحدتها رَصَفةٌ، بالتحريك. والرَّصَفُ: حجارةٌ مَرْصُوفٌ بعضُها إلى بعضٍ؛
وأَنشد للعجاج:
فَشَنَّ في الإبْريقِ منها نُزَفا،
منْ رَصَفٍ نازَعَ سَيْلاً رَصَفا،
حتى تَناهى في صَهاريجِ الصَّفا
قال الباهلي: أَراد أَنه صَبَّ في إبْريقِ الخمر من ماءِ رَصَفٍ نازَعَ
سَيْلاً كان في رصَفٍ فصار منه في هذا، فكأَنَّه نازعه إياه. قال
الجوهري: يقول مُزِجَ هذا الشرابُ من ماء رصَفٍ نازَعَ رصَفاً آخَرَ لأَنه
أَصْفى له وأَرَقُّ، فَحذَف الماء، وهو يُريدُه، فجَعل مَسِيلَه من رَصَفٍ إلى
رصف مُنازَعةً منه إياه.
ابن الأعرابي: أَرْصَفَ الرجلُ إذا مَزَجَ شرابَه بماء الرَّصَفِ، وهو
الذي ينحدر من الجبال على الصخر فيَصْفُو، وأَنشد بيت العجاج. وفي حديث
المغيرة: لحَديثٌ من عاقِلٍ أَحَبُّ إليَّ من الشُّهْدِ بماء رَصَفةٍ؛
الرَّصَفةُ، بالتحريك: واحدة الرَّصَفِ، وهي الحجارة التي يُرْصَفُ بعضها إلى
بعض في مَسِيل فيجتمع فيها ماء المطر؛ وفي حديث ابن الضَّبْعاء
(* قوله
«الضبعاء» كذا في الأصل بضاد معجمة ثم عين مهملة، والذي في النهاية:
الصبغاء بمهملة ثم معجمة.):
بين القِرانِ السَّوْءِ والتَّراصُفِ
التَّراصُفُ: تَنْضِيدُ الحجارة وصَفُّ بعضِها إلى بعض، واللّه أَعلم.
والرَّصَفُ: السَّدُّ المبنيّ للماء. والرَّصَفُ: مَجْرى المَصْنعةِ.
التهذيب: الرَّصَفُ صَفاً طويلٌ يتصل بعضه ببعض، واحدته رَصَفةٌ، وقيل:
الرَّصَفُ صفاً طويل كأَنه مَرْصُوفٌ. ابن السكيت: الرَّصْفُ مصدر رَصَفْتُ
السهْم أَرْصُفُه إذا شَدَدْتَ عليه الرِّصافَ، وهي عَقَبةٌ تُشدُّ على
الرُّعْظِ، والرُّعْظُ مَدْخَلُ سِنْخِ النَّصْلِ، يقال: سَهْمٌ مَرْصوفٌ.
وفي الحديث: ثم نَظَرَ في الرِّصافِ فتَمارى أَيرى شيئاً أَم لا، قال
الليث: الرَّصَفَةُ عَقَبةٌ تُلْوى على موضع الفُوقِ؛ قال الأَزهري: هذا
خطأٌ والصواب ما قال ابن السكيت. وفي حديث الخوارج: ينظر في رِصافِه ثم في
قُذَذِه فلا يرى شيئاً؛ والرَّصَفَةُ: واحدة الرِّصافِ وهي العَقَبةُ
التي تُلْوى فوق رُعْظِ السهم إذا انكسر، وجمعه رُصُفٌ؛ وقول المتنَخِّل
الهُذَليِّ:
مَعابِل غير أَرْصافٍ، ولكنْ
كُسِينَ ظُهارَ أَسْوَدَ كالخِياطِ
قال ابن سيده: عندي أَنه جمع رَصَفةً على رَصَفٍ كشجرة وشجر، ثم جمع
رَصفاً على أرْصاف كأَشْجار، وأَراد ظُهارَ رِيشٍ أَسْودَ، وهي الرُّصافةُ،
وجمعها رَصائِفُ ورِصافٌ. وقد رَصَفه رَصْفاً، فهو مَرْصُوفٌ ورَصِيفٌ.
والرَّصَفةُ والرَّصْفةُ جميعاً: عَقَبةٌ تُشَدُّ على عَقَبةٍ ثم تُشَدُّ
على حِمالةِ القَوْسِ، قال: وأَرى أَبا حنيفة قد جعل الرِّصافَ واحداً.
وفي الحديث: أَنه مَضَغَ وتَراً في رمضانَ ورَصَفَ به وتَرَ قَوْسِه أَي
شَدَّه وقَوَّاه. والرَّصْفُ: الشَّدُّ والضمُّ. ورَصَفَ السهمَ: شَدَّه
بالرِّصافِ، وهو عَقَب يُلْوى على مدخل النَّصْلِ فيه؛ والرَّصْف،
بالتسكين: المصدر من ذلك، تقول: رَصَفْت الحجارة في البناء أَرصُفُها رَصْفاً
إذا ضممت بعضها إلى بعض، ورَصَفْت السهمَ رَصْفاً إذا شَدَدْتَ على رُعْظه
عَقَبَةً؛ ومنه قول الراجز:
وأَثْرَبِيٌّ سِنْخُه مَرْصُوفُ
(* قوله «وأثربي» في القاموس: والنسبة، يعني إلى يثرب، يثربي وأثربي
بفتح الراء وكسرها فيهما واقتصر الجوهري على الفتح.)
ويقال: هذا أَمر لا يَرْصُفُ بك أَي لا يَلِيق.
والرَّصَفَتانِ: عَصَبتانِ في رضْفَتَي الرُّكْبتين.
والمَرْصوفةُ من النساء: التي التَزَقَ خِتانُها فلم يُوصَلْ إليها.
والرَّصُوفُ: الصغيرة الفَرْجِ، وقد رَصِفَتْ. ابن الأَعرابي: الرَّشُوفُ من
النساء اليابِسَةُ المكان، والرَّصُوفُ الضَّيّقةُ المكانِ،
والرَّصْفاءُ من النساء الضيِّقةُ الملاقي، وهي الرَّصوفُ. وحكى ابن بري: المِيقابُ
ضِدّ الرَّصوفِ.
والرَّصافةُ بالشي: الرِّفْق به. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: أُتي في
المنام فقيل له تَصَدَّقْ بأَرض كذا، قال: ولم يكن لنا مالٌ أَرْصَفُ بنا
منها أَي أَرْفَقُ بنا وأَوْفَقُ لنا. والرَّصافةُ: الرَّفْقُ في
الأَمور، وفي رواية: ولم يكن لنا عِمادٌ أَرْصَفُ بنا منها، ولم يجئ لها
فِعْلٌ.
وعملٌ رَصِيفٌ وجَوابٌ رَصِيف أَي مُحْكَمٌ رَصينٌ.
والرُّصافَةُ: كل مَنْبِتٍ بالسوادِ وقد غلب على موضع بغداد والشام.
وعينُ الرُّصافةِ: موضع فيه بئر؛ وإيَّاه عنى أُمَيَّةُ بن أَبي عائذٍ
الهذَليُّ:
يَؤُمُّ بها، وانْتَحَتْ لِلرَّجا
ءِ عَيْنَ الرُّصافةِ ذاتَ النِّجالِ
(* قوله «للرجاء» في معجم ياقوت: للنجاء.)
الصحاح: ورُصافةُ موضع. والرِّصافُ: موضع. ورَصَفٌ: ماء؛ قال أَبو خراش:
نُساقِيهمْ على رَصَفٍ وضُرٍّ،
كَدابغةٍ وقد نَغِلَ الأَديمُ
(* قوله «نساقيهم» هو الذي بالأصل هنا، وسبق في مادة ضرر: نسابقهم،
ورصف، محركة وبضمتين: موضع كما في القاموس زاد شارحه وبه ماء يسمى به.)
رضف: الرَّضْفُ: الحجارَةُ التي حَمِيَتْ بالشمس أَو النار، واحدتها
رَضْفةٌ. غيره: الرَّضْفُ الحجارة المُحماةُ يُوغَرُ بها اللَّبَنُ، واحدتها
رَضْفةٌ. وفي المثل: خذ من الرَّضْفةِ ما عليها. ورَضَفه يَرْضِفُه،
بالكسر، أَي كَواه بالرَّضْفةِ. والرَّضِيفُ: اللبن يُغْلى بالرَّضْفةِ. وفي
حديث الهِجْرة: فيَبِيتانِ في رِسْلِها ورَضِيفِها؛ الرَّضِيفُ اللبن
المَرْضُوفُ، وهو الذي طَرِحَ فيه الحجارة المُحْماةُ لِيذْهب وخَمُه. وفي
حديث وابصةَ، رضي اللّه عنه: مثل الذي يأَكُلُ القُسامةَ كمثل جَدْيٍ
بطنُه مملوء رَضْفاً. وفي الحديث: كان في التشهد الأَول كأَنه على
الرَّضْفِ؛ هي الحِجارة المُحْماة على النار. وفي الحديث: أَنه أُتِيَ برجل نُعِتَ
له الكَيُّ فقال: اكْوُوه ثم ارْضِفُوه
(* قوله «ثم ارضفوه» كذا بالأصل،
والذي في النهاية أو ارضفوه.) أَي كَمِّدُوه بالرضْفِ. وحديث أَبي ذر،
رضي اللّه عنه: بَشِّر الكَنَّازين برَضْفٍ يُحْمَى عليه في نار جهنم.
وشَواء مَرْضوفٌ: مَشْوِيٌّ على الرضْفة. وفي الحديث: أَن هنداً بنت
عُتْبَةَ لما أَسْلمت أَرْسَلَتْ إليه بَجَدْيَيْنِ مرضوفين. ولَبَنٌ رَضِيفٌ:
مصْبُوبٌ على الرَّضْفِ. والرضَفة: سِمَةٌ تُكْوَى برضْفةٍ من حجارة حيثما
كانت، وقد رَضَفَه يَرْضِفُه. الليث: الرَّضْفُ حجارة على وجه الأَرض قد
حميت. وشِواء مَرْضُوفٌ: يُشْوَى على تلك الحجارة. والحَمَلُ
المَرْضُوفُ: تُلْقَى تلك الحجارة إذا احمرَّت في جوفِه حتى ينشوي الحمل. قال شمر:
سمعت أَعرابيّاً يصف الرَّضائف وقال: يُعْمَدُ إلى الجَدي فَيُلْبَأُ من
لبن أُمه حتى يمتلئ، ثم يذبح فَيُزَقَّقُ من قِبَلِ قفاه، ثم يُعْمَدُ
إلى حجارة فتحرق بالنار ثم تُوضع في بطنه حتى ينشوي؛ وأَنشد بيت الكميت:
ومَرْضُوفَةٍ لم تُؤْنِ في الطَّبْخِ طاهِياً.
عَجِلْتُ إلى مُحْوَرِّها، حين غَرْغَرا
لم تُؤْن أَي لم تَحْبِسْ ولم تُبْطِئْ. الأَصمعي: الرضْفُ الحجارةُ
المُحْماةُ في النار أَو الشمس، واحدتها رضْفةٌ؛ قال الكميت بن زيد:
أَجِيبُوا رُقَى الآسِي النَِّطاسِيِّ، واحْذَروا
مُطَفّئةَ الرَّضْفِ التي لا شِوَى لها
قال: وهي الحَيّةُ التي تمرُّ على الرضْف فَيُطْفِئُ سمُّها نارَ
الرضْف. وقال أَبو عمرو الرضف حجارة يُوقد عليها حتى إذا صارت لهَباً
أُّلقِيَتْ في القِدْرِ مع اللحم فأَنْضَجَتْه. والمَرْضُوفةُ: القدر أُنْضِجت
بالرضف. وفي حديث حذيفة أَنه ذكر فِتَناً فقال: أَتتكم الدُّهَيْماءُ
تَرْمِي بالنَّشَفِ ثم التي تَلِيها ترمي بالرَّضْف أَي في شدّتها وحَرّها
كأَنها ترمي بالرضف. قال أَبو منصور: رأَيت الأعراب يأْخذون الحجارة فيوقدون
عليها، فإذا حَمِيَت رَضَفُوا بها اللَّبن البارِدَ الحَقِينَ لتَكْسِر
من برده فيشربونه، وربما رضفوا الماء للخيل إذا بَرَد الزمان.
وفي حديث أَبي بكر: فإذا قُرَيْصٌ من مَلَّةٍ فيه أَثَر الرَّضِيفِ؛
يريد قُرْصاً صغيراً قد خُبِزَ بالمَلّة وهي الرّماد الحارُّ. والرَّضِيفُ:
ما يُشْوَى من اللحم على الرَّضْفِ أَي مَرْضُوفٌ، يريد أَثَر ما عَلِقَ
على القُرْص من دَسَم اللحم المرضوف. أَبو عبيدة: جاء فلان بِمُطْفِئَة
الرضف، قال: وأَصلها أَنها داهيةٌ أَنْسَتْنا التي قبلها فأَطفَأَت
حَرّها. قال الليث: مُطْفِئة الرّضْفِ شَحْمَة إذا أَصابت الرَّضْفَ ذابت
فأَخْمَدَته؛ قال أَبو منصور: والقول ما قال أَبو عبيدة.
وفي حديث معاذ في عذاب القبر: ضَرَبَه بِمرْضافةٍ وسَطَ رأْسِه أَي
بآلةٍ من الرَّضفِ، ويروى بالصاد، وقد تقدّم.
والرضْف: جِرْمُ عِظامٍ في الرُّكْبَة كالأَصابع المضمومة قد أَخذ بعضها
بعضاً، والواحدة رَضْفة، ومنهم من يثقل فيقول: رَضَفةٌ. ابن سيده:
والرَّضْفةُ والرَّضَفةُ: عظم مُطْبِقٌ على رأَْس الساق ورأْسِ الفخذ.
والرَّضْفةُ: طَبَقٌ يموجُ على الرُّكبة، وقيل: الرَّضَفَتان من الفرس عظمان
مُسْتديران فيهما عِرَضٌ منقطعان من العظام كأَنهما طَبَقانِ للركبتين،
وقيل: الرضفة الجلدة التي على الركبة. والرضفة: عظم بين الحَوْشَبِ
والوَظِيفِ ومُلْتقى الجُبَّةِ في الرُّسْغِ، وقيل: هي عظمٌ مُنْقَطِعٌ في جوف
الحافر. ورَضْفُ الركبة
(* قوله «ورضف الركبة» كذا بالأصل بدون هاء تأنيث،
وقوله «والرضف ركبتا» كذا فيه أيضاً.) ورُضافُها: التي تزول. وقيل:
الرُّضاف ما كان تحت الدَّاغِصة. وقال النضر في كتاب الخيل: والرضف ركبتا الفرس
فيما بين الكُراع والذِّراع، وهي أَعْظمُ صغار مجتمعة في رأْس أَعلى
الذراع.
ورَضَفْتُ الوِسادَةَ: ثَنَيْتُها، يمانِيةٌ.
سبل: السَّبيلُ: الطريقُ وما وَضَحَ منه، يُذَكَّر ويؤنث. وسَبِيلُ
الله: طريق الهُدى الذي دعا إِليه. وفي التنزيل العزيز: وإِن يَرَوْا سَبيلَ
الرُّشْد لا يَتَّخِذوه سَبيلاً وإِنْ يَرَوْا سَبيل الغَيِّ يتَّخذوه
سَبيلاً، فذُكِّر؛ وفيه: قل هذه سَبيلي أَدْعُو إِلى الله على بصيرةٍ،
فأُنِّث. وقوله تعالى: وعلى الله قَصْدُ السَّبِيل ومنها جائرٌ؛ فسره ثعلب
فقال: على الله أَن يَقْصِدَ السَّبيلَ للمسلمين، ومنها جائر أَي ومن
الطُّرُق جائرٌ على غير السَّبيل، فينبغي أَن يكون السَّبيل هنا اسم الجنس لا
سَبيلاً واحداً بعينه، لأَنه قد قال ومنها جائرٌ أَي ومنها سَبيلٌ جائر.
وفي حديث سَمُرة: فإِذا الأَرضُ عند أَسْبُله أَي طُرُقه، وهو جمع قِلَّة
للسَّبلِ إِذا أُنِّثَتْ، وإِذا ذُكِّرَت فجمعها أَسْبِلة. وقوله عز
وجل: وأَنْفِقُوا في سَبيل الله، أَي في الجهاد؛ وكُلُّ ما أَمَرَ الله به
من الخير فهو من سَبيل الله أَي من الطُّرُق إِلى الله، واستعمل السَّبيل
في الجهاد أَكثر لأَنه السَّبيل الذي يقاتَل فيه على عَقْد الدين، وقوله
في سَبيل الله أُريد به الذي يريد الغَزْو ولا يجد ما يُبَلِّغُه
مَغْزاه، فيُعْطى من سَهْمه، وكُلُّ سَبِيل أُريد به الله عز وجل وهو بِرٌّ فهو
داخل في سَبيل الله، وإِذا حَبَّس الرَّجلُ عُقْدةً له وسَبَّل ثَمَرَها
أَو غَلَّتها فإِنه يُسلَك بما سَبَّل سَبيلُ الخَيْر يُعْطى منه ابن
السَّبيل والفقيرُ والمجاهدُ وغيرهم.
وسَبَّل ضَيْعته: جَعَلها في سَبيل الله. وفي حديث وَقْف عُمَر: احْبِسْ
أَصلها وسَبِّل ثَمَرَتَها أَي اجعلها وقفاً وأَبِحْ ثمرتها لمن
وقَفْتها عليه. وسَبَّلت الشيء إِذا أَبَحْته كأَنك جعلت إِليه طَرِيقاً
مَطْروقــة. قال ابن الأَثير: وقد تكرر في الحديث ذكر سَبيل الله وابن السَّبيل،
والسَّبيل في الأَصل الطريق، والتأْنيث فيها أَغلب. قال: وسبيل الله عامٌّ
يقع على كل عمل خالص سُلك به طريق التقرُّب إِلى الله تعالى بأَداء
الفرائض والنوافل وأَنواع التطوُّعات، وإِذا لا يَتَّخِذوه سَبيلاً وإِنْ
يَرَوْا سَبيل الغَيِّ يتَّخذوه سَبيلاً، فذُكِّر؛ وفيه: قل هذه سَبيلي
أَدْعُو إِلى الله على بصيرةٍ، فأُنِّث. وقوله تعالى: وعلى الله قَصْدُ
السَّبِيل ومنها جائرٌ؛ فسره ثعلب فقال: على الله أَن يَقْصِدَ السَّبيلَ
للمسلمين، ومنها جائر أَي ومن الطُّرُق جائرٌ على غير السَّبيل، فينبغي أَن
يكون السَّبيل هنا اسم الجنس لا سَبيلاً واحداً بعينه، لأَنه قد قال ومنها
جائرٌ أَي ومنها سَبيل جائر. وفي حديث سَمُرة: فإِذا الأَرضُ عند
أَسْبُله أَي طُرُقُه، وهو جمع قِلَّة للسَّبيلِ إِذا أُنِّثَتْ، وإِذا
ذُكِّرَت فجمعها أَسْبِلة. وقوله عز وجل: وأَنْفِقُوا في سَبيل الله، أَي في
الجهاد؛ وكُلُّ ما ايمَرَ الله به من الخير فهو من سَبيل الله أَي من
الطُّرُق إِلى الله، واستعمال السَّبيل في الجهاد أَكثر لأَنه السَّبيل الذي
يقاتَل فيه على عَقْد الدين، وقوله في سَبيل الله أُريد به الذي يريد
الغَزْو ولا يجد ما يُبَلِّغُه مَغْزاه، فيُعْطى من سَهْمه، وكُلُّ سَبيل
أُريد به الله عز وجل وهو بِرٌّ فهو داخل في سَبيل الله، وإِذا حَبَّس
الرَّجلُ عُقْدةً له وسَبَّل ثَمَرَها أَو غَلَّتها فإِنه يُسْلَك بما سَبَّل
سَبيلُ الخَيْر يُعْطى منه ابن السَّبيل والفقيرُ والمجاهدُ وغيرهم.
وسَبَّل ضَيْعته: جَعَلها في سبيل الله. وفي حديث وَقْف عُمَر: احْبِسْ
أَصلها وسَبِّل ثَمَرَتَها أَي اجعلها وقفاً وأَبِحْ ثمرتها لمن وقَفْتها
عليه. وسَبصلت الشيء إِذا أَبَحَتْه كأَنك جعلت إِليه طَريقاً مَطْروقــة.
قال ابن الأَثير: وقد تكرر في الحديث ذكر سَبيل الله وابن السَّبيل،
والسَّبيل في الأَصل الطريق، والتأْنيث فيها أَغلب. قال: وسبيل الله عامٌّ
يقع على كل عمل خالص سُلك به طريق التقرُّب إِلى الله تعالى بأَداء
الفرائض والنوافل وأَنواع التطوُّعات، وإِذا أُطلق فهو في الغالب واقع على
الجهاد حتى صار لكثْرة الاستعمال كأَنه مقصور عليه، وأَما ابن السَّبيل فهو
المسافر الكثير السفر، سُمِّي ابْناً لها لمُلازَمته إِياها. وفي الحديث:
حَريمُ البئر أَربعون ذراعاً من حَوالَيْها لأَعْطان الإِبل والغنم، وابن
السَّبيل أَوْلى شارب منها أَي عابِرُ السَّبيل المجتازُ بالبئر أَو
الماء أَحَقُّ به من المقيم عليه، يُمَكَّن من الوِرْد والشرب ثم يَدَعه
للمقيم عليه. وقوله عز وجل: والغارِمِين وفي سَبيل الله وابن السَّبيل؛ قال
ابن سيده: ابنُ السَّبيل ابنُ الطريق، وتأْويله الذي قُطِع عليه الطريقُ،
والجمع سُبُلٌ. وسَبيلٌ سابلةٌ: مَسْلوكة. والسابِلَة: أَبناء السَّبيل
المختلفون على الطُّرُقات في حوائجهم، والجمع السوابل؛ قال ابن بري: ابن
السبيل الغريب الذي أَتى به الطريقُ؛ قال الراعي:
على أَكْوارِهِنَّ بَنُو سَبِيلٍ،
قَلِيلٌ نَوْمُهُم إِلاّ غِرَارا
وقال آخر:
ومَنْسوب إِلى مَنْ لم يَلِدْه،
كذاك اللهُ نَزَّل في الكتاب
وأَسْبَلَتِ الطريقُ: كَثُرت سابِلَتُها. وابن السَّبِيل: المسافرُ الذي
انْقُطِع به وهو يريد الرجوع إِلى بلده ولا يَجِد ما يَتَبَلَّغ به
فَلَه في الصَّدَقات نصيب. وقال الشافعي: سَهْمُ سَبيل الله في آيةِ الصدقات
يُعْطَى منه من أَراد الغَزْو من أَهل الصدقة، فقيراً كان أَو غنيّاً؛
قال: وابن السَّبيل عندي ابن السَّبيل من أَهل الصدقة الاذي يريد البلد غير
بلده لأَمر يلزمه، قال: ويُعْطَى الغازي الحَمُولة والسِّلاح والنَّفقة
والكِسْوة، ويُعْطَى ابنُ السَّبِيل قدرَ ما يُبَلِّغه البلدَ الذي يريده
في نَفَقته وحَمُولته. وأَسْبَلَ ابزاره. أَرخاه. وامرأَة مُسْبِلٌ:
أَسْبَلَتْ ذيلها. وأَسْبَلَ الفرسُ ذَنِبَه: أَرسله. التهذيب: والفرس
يُسْبِل ذَنَبه والمرأَة تُسْبِل ذيلها. يقال: أَسْبَل فلان ثيابه إِذا طوّلها
وأَرسلها إِلى الأَرض. وفي الحديث: أَن رسول الله، صلى الله عليه وسلم،
قال: ثلاثة لا يُكَلِّمهم اللهُ يوم القيامة ولا يَنْظُر إِليهم ولا
يُزَكِّيهم، قال: قلت ومَنْ هم خابُوا وخَسِرُوا؟ فأَعادها رسول الله، صلى
الله عليه وسلم، ثلاث مرات: المُسْبِلُ والمَنّانُ والمُنَفِّقُ سِلْعته
بالحَلِف الكاذب؛ قال ابن الأَعرابي وغيره: المُسْبِل الذي يُطَوِّل ثوبه
ويُرْسِله إِلى الأَرض إِذا مَشَى وإِنما يفعل ذلك كِبْراً واخْتِيالاً.
وفي حديث المرأَة والمَزَادَتَينِ: سابِلَةٌ رِجْلَيْها بَيْنَ
مَزَادَتَينِ؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاء في رواية، والصواب في اللغة مُسْبِلة أَي
مُدَلِّيَة رجليها، والرواية سادِلَةٌ أَي مُرْسِلة. وفي حديث أَبي
هريرة: من جَرَّ سَبَلَه من الخُيَلاء لم يَنْظُر الله إِليه يوم القيامة؛
السَّبَل، بالتحريك: الثياب المُسْبَلة كالرَّسَل والنَّشَر في المُرْسَلة
والمَنْشورة. وقيل: إِنها أَغلظ ما يكون من الثياب تُتَّخَذ من مُشاقة
الكَتَّان؛ ومنه حديث الحسن: دخلت على الحَجّاج وعليه ثِيابٌ سَبَلةٌ؛
الفراء في قوله تعالى: فَضَلُّوا فلا يستطيعون سَبيلاً؛ قال: لا يستطيعون في
أَمرك حِيلة. وقوله تعالى: لَيْسَ علينا في الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ؛ كان
أَهل الكتاب إِذا بايعهم المسلمون قال بعضهم لبعض: ليس للأُمِّيِّين يعني
العرب حُرْمَة أَهل ديننا وأَموالُهم تَحِلُّ لنا. وقوله تعالي: يا ليتني
اتَّخَذْتُ مع الرسول سَبيلاً؛ أَي سَبَباً ووُصْلة؛ وأَنشد أَبو عبيدة
لجرير:
أَفَبَعْدَ مَقْتَلِكُم خَلِيلَ مُحَمَّدٍ،
تَرْجُو القُيونُ مع الرَّسُول سَبِيلا؟
أَي سَبَباً ووُصْلَةً.
والسَّبَلُ، بالتحريك: المَطَر، وقيل: المَطَرُ المُسْبِلُ. وقد
أَسْبَلَت السماءُ، وأَسْبَلَ دَمْعَه، وأَسْبَلَ المطرُ والدمعُ إِذا هَطَلا،
والاسم السَّبَل، بالتحريك. وفي حديث رُقَيْقَةَ: فَجادَ بالماء جَوْنيٌّ
له سَبَل أَي مطَرٌ جَوْدٌ هاطِلٌ. وقال أَبو زيد: أَسْبَلت السماءُ
إِسْبالاً، والاسم السَّبَلُ، وهو المطر بين السحاب والأَرض حين يَخْرج من
السحاب ولم يَصِلْ إِلى الأَرض. وفي حديث الاستسقاء: اسْقِنا غَيْثاً
سابِلاً أَي هاطِلاً غَزِيراً. وأَسْبَلَت السحابةُ إِذا أَرْخَتْ عثانِينَها
إِلى الأَرض. ابن الأَعرابي: السُّبْلَة المَطْرَة الواسعة، ومثل
السَّبَل العَثانِينُ، واحدها عُثْنُون.
والسَّبُولةُ والسُّبولةُ والسُّنْبُلة: الزَّرْعة المائلة. والسَّبَلُ:
كالسُّنْبُل، وقيل: السَّبَل ما انْبَسَطَ من شَعاع السُّنْبُل، والجمع
سُبُول، وقد سَنْبَلَتْ وأَسْبَلَتْ. الليث: السَّبولة هي سُنْبُلة
الذُّرَة والأَرُزِّ ونحوه إِذا مالت. وقد أَسْبَل الزَّرْعُ إِذا سَنْبَل.
والسَّبَل: أَطراف السُّنْبُل، وقيل السَّبَل السُّنْبُل، وقد سَنْبَل
الزَّرْعُ أَي خرج سُنْبُلة. وفي حديث مسروق: لا تُسْلِمْ في قَراحٍ حتى
يُسْبِل أَي حتى يُسَنْبِل. والسَّبَل: السُّنْبُل، والنون زائدة؛ وقول محمد
بن هلال البكري:
وخَيْلٍ كأَسْراب القَطَا قد وزَعْتُها،
لها سَبَلٌ فيه المَنِيَّةُ تَلْمَعُ
يعني به الرُّمْح. وسَبَلَةُ الرَّجُل: الدائرةُ التي في وسَط الشفة
العُلْيا، وقيل: السَّبَلة ما على الشارب من الشعر، وقيل طَرَفه، وقيل هي
مُجْتَمَع الشاربَين، وقيل هو ما على الذَّقَن إِلى طَرَف اللحية، وقيل هو
مُقَدَّم اللِّحية خاصة، وقيل: هي اللحية كلها بأَسْرها؛ عن ثعلب. وحكى
اللحياني: إِنه لَذُو سَبَلاتٍ، وهو من الواحد الذي فُرِّق فجُعل كل جزء
منه سَبَلة، ثم جُمِع على هذا كما قالوا للبعير ذو عَثَانِين كأَنهم جعلوا
كل جزء منه عُثْنُوناً، والجمع سِبَال. التهذيب: والسَّبَلة ما على
الشَّفَة العُلْيا من الشعر يجمع الشاربَين وما بينهما، والمرأَة إِذا كان
لها هناك شعر قيل امرأَة سَبْلاءُ. الليث: يقال سَبَلٌ سابِلٌ كما يقال
شِعْرٌ شاعِرٌ، اشتقوا له اسماً فاعلاً. وفي الحديث: أَنه كان وافِرَ
السَّبَلة؛ قال أَبو منصور: يعني الشعرات التي تحت اللَّحْي الأَسفل،
والسَّبَلة عند العرب مُقَدَّم اللحية وما أَسْبَل منها على الصدر؛ يقال للرجل
إِذا كان كذلك: رجل أَسْبَلُ ومُسَبَّل إِذا كان طويل اللحية، وقد سُبِّل
تَسْبيلاً كأَنه أُعْطِيَ سَبَلة طويلة. ويقال: جاء فلان وقد نَشَر
سَبَلِته إِذا جاءَ يَتَوَعَّد؛ قال الشَّمَّاخ:
وجاءت سُلَيْمٌ قَضُّها بقَضِيضِها،
تُنَشِّرُ حَوْلي بالبَقِيع سَبالَها
ويقال للأَعداء: هم صُهْبُ السِّبال؛ وقال:
فظِلالُ السيوف شَيَّبْنَ رأْسي،
واعْتِناقي في القوم صُهْبَ السِّبال
وقال أَبو زيد: السَّبَلة ما ظهر من مُقَدَّم اللحية بعد العارضَيْن،
والعُثْنُون ما بَطَن. الجوهري: السَّبَلة الشارب، والجمع السِّبال؛ قال ذو
الرمة:
وتَأْبَى السِّبالُ الصُّهْبُ والآنُفُ الحُمْرُ
وفي حديث ذي الثُّدَيَّة: عليه شُعَيْراتٌ مثل سَبَالة السِّنَّوْر.
وسَبَلَةُ البعير: نَحْرُه. وقيل: السَّبَلة ما سال من وَبَره في مَنْحره.
التهذيب: والسَّبَلة المَنْحَرُ من البعير وهي التَّريبة وفيه ثُغْرة
النَّحْر. يقال: وَجَأَ بشَفْرَته في سَبَلَتها أَي في مَنْحَرها. وإِنَّ
بَعِيرَك لَحَسنُ السَّبَلة؛ يريدون رِقَّة جِلْده. قال الأَزهري: وقد سمعت
أَعرابيّاً يقول لَتَمَ، بالتاء، في سَبَلة بعيره إِذا نَحَرَه فَطَعَن
في نحره كأَنها شَعَراتٌ تكون في المَنْحَر. ورجل سَبَلانيٌّ ومُسْبِلٌ
ومُسْبَلٌ ومُسَبِّلٌ وأَسْبَلُ: طويل السَّبَلة. وعَيْن سَبْلاء: طويلة
الهُدْب.
ورِيحُ السَّبَل: داءٌ يُصِيب في العين. الجوهري: السَّبَل داءٌ في
العين شِبْه غِشاوة كأَنها نَسْج العنكبوت بعروق حُمْر.
ومَلأَ الكأْس إِلى أَسبالِها أَي حروفها كقولك إِلى أَصْبارِها. ومَلأَ
الإِناءَ إِلى سَبَلته أَي إِلى رأْسه. وأَسْبالُ الدَّلْوِ: شِفاهُها؛
قال باعث بن
صُرَيم اليَشْكُري:
إِذ أَرْسَلُوني مائحاً بدِلائِهِمْ،
فَمَلأْتُها عَلَقاً إِلى أَسْبالِها
يقول: بَعَثُوني طالباً لتِراتِهم فأَكْثَرْت من القَتْل، والعَلَقُ
الدَّمُ.
والمُسْبِل: الذَّكَرُ. وخُصْية سَبِلةٌ: طويلة. والمُسْبِل: الخامس من
قِداح المَيْسِر؛ قال اللحياني: هو السادس وهو المُصْفَح أَيضاً، وفيه
ستة فروض، وله غُنْم ستة أَنْصِباء إِن فاز، وعليه غُرْم ستة أَنْصباء إِن
لم يَفُزْ، وجمعه المَسابل.
وبنو سَبَالة
(* قوله «بنو سبالة» ضبط بالفتح في التكملة، عن ابن دريد،
ومثله في القاموس، قال شارحه: وضبطه الحافظ في التبصير بالكسر): قبيلة.
وإِسْبِيلٌ: موضع، قيل هو اسم بلد؛ قال خَلَف الأَحمر:
لا أَرضَ إِلاَّ إِسْبِيل،
وكلُّ أَرْضٍ تَضْلِيل
وقال النمر بن تولب:
بإِسْبِيلَ أَلْقَتْ به أُمُّه
على رأْس ذي حُبُكٍ أَيْهَما
والسُّبَيْلة: موضع؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
قَبَحَ الإِلهُ، ولا أُقَبِّح مُسْلِماً،
أَهْلَ السُّبَيْلة من بَني حِمَّانا
وسَبْلَلٌ: موضع؛ قال صَخْر الغَيِّ:
وما انْ صَوْتُ نائحةٍ بلَيْلٍ
بسَبْلَل لا تَنامُ مع الهُجود
جَعَله اسماً للبُقْعة فَتَرك صَرْفه. ومُسْبِلٌ: من أَسماء ذي الحِجَّة
عاديَّة. وسَبَل: اسم فرس قديمة. الجوهري: سَبَل اسم فرس نجيب في العرب؛
قال الأَصمعي: هي أُمُّ أَعْوَج وكانت لِغَنيٍّ، وأَعْوَجُ لبني آكل
المُرَار، ثم صار لبني هِلال بن عامر؛ وقال:
هو الجَوَادُ ابن الجَوَادِ ابنِ سَبَل
قال ابن بري: الشعر لجَهْم بن شِبْل؛ قال أَبو زياد الكلابي: وهو من بني
كعب بن بكر وكان شاعراً لم يُسْمَع في الجاهلية والإِسلام من بني بكر
أَشعرُ منه؛ قال: وقد أَدركته يُرْعَد رأْسه وهو يقول:
أَنا الجَوَادُ ابنُ الجَوَاد ابنِ سَبَل،
إِن دَيَّمُوا جادَ، وإِنْ جادُوا وَبَل
قال ابن بري: فثبت بهذا أَن سَبَل اسم رجل وليس باسم فرس كما ذكر
الجوهري.
شدد: الشِّدَّةُ: الصَّلابةُ، وهي نَقِيضُ اللِّينِ تكون في الجواهر
والأَعراض، والجمع شِدَدٌ؛ عن سيبويه، قال: جاء على الأَصل لأَنه لم
يُشْبِهِ الفعل، وقد شَدَّه يَشُدُّه ويَشِدُّه شَدّاً فاشْتَدَّ؛ وكلُّ ما
أُحْكِمَ، فقد شُدَّ وشُدِّدَ؛ وشَدَّدَ هو وتشَادّ: وشيء شَدِيدٌ: بَيِّنُ
الشِّدَّةِ. وشيء شَديدٌ: مُشتَدٌّ قَوِيٌّ.
وفي الحديث: لا تَبيعُوا الحَبَّ حتى يَشْتَدَّ؛ أَراد بالحب الطعام
كالحنطة والشعير، واشتدَادُه قُوَّتُه وصلابَتُه. قال ابن سيده: ومن كلام
يعقوب في صفة الماء: وأَما ما كان شديداً سَقْيُهُ غليظاً أَمرُهُ؛ إِنما
يرِيدُ به مُشْتَدّاً سَقْيُه أَي صعباً.
وتقول: شَدَّ اللَّهُ مُلْكَه: وشَدَّدَه: قَوَّاه. والتشديد: خلاف
التخفيف. وقوله تعالى: وشدَدْنا ملكَه أَي قوَّيناه، وكان من تقوية ملكِه
أَنه كان يَحْرسُ محرابه في كل ليلة ثلاثة وثلاثون أَلفاً من الرجال؛ وقيل:
إِن رجلاً اسْتَعْدَى إِليه على رجل، فادّعى عليه أَنه أَخذ منه بقراً
فأَنكر المدّعَى عليه، فسأَل داودُ، عليه السلام، المدّعيَ البينة فلم
يُقِمْها، فرأَى داودُ في منامه أَن الله، عز وجل، يأْمره أَن يقتل المَدّعَى
عليه، فتثبت داود، عليه السلام، وقال: هو المنام، فأَتاه الوحي بعد ذلك
أَن يقتله فأَحضره ثم أَعلمه أَن الله يأْمرُه بقتله، فقال المدّعَى
عليه: إِن الله ما أَخَذَني بهذا الذنب وإِني قتلت أَبا هذا غِيلَة، فقتله
داود، على نبينا وعليه الصلاة والسلام، وذلك مما عظَّمَ الله به هَيْبَتَه
وشدَّدَ ملْكه. وشدَّ على يده: قوَّاه وأَعانه؛ قال:
فإِني، بحَمْدِ اللَّهِ، لا سَمَّ حَيَّةٍ
سَقَتْني، ولا شَدَّتْ على كفِّ ذابح
وشَدَدْتُ الشيءَ أَشُدُّه شَدّاً إِذا أَوثَقْتَه. قال الله تعالى:
فشُدُّوا الوَثاق. وقال تعالى: اشْدُدْ به أَزري. ابن الأَعرابي: يقال
حَلَبْتَ بالساعِدِ الأَشَدِّ أَي استعَنْتَ بمن يقومُ بأَمرك ويُعْنى بحاجتك.
وقال أَبو عبيد: يقال حَلَبْتُها بالساعِدِ الأَشَدِّ أَي حين لم
أَقْدِر على الرِّفْق أَخَذْتُه بالقُوَّةِ والشِّدَّةِ؛ ومثلُه قوله مُجاهرَةً
إِذا لم أَجِدْ مُخْتَلى. ومن أَمثالهم في الرجل يحرز بعض حاجته
ويَعْجِز عن تمامها: بَقِيَ أَشَدُّه. قال أَبو طالب: يقال إِنه كان فيما يحكى
عن البهائم أَن هرّاً كان قد أَفنى الجُرْذان، فاجتمع بقيتها وقلن:
تعالَيْن نحتال بحيلة لهذا الهرّ، فأَجمع رأْيُهن على تعليق جُلْجُل في رقبته،
فإِذا رآهن سمعن صوت الجلجل فهربن منه، فجئن بجلجل وشددنه في خيط ثم قلن:
من يعلقه في عنقه؟ فقال بعضهن: بقي أَشَدُّه؛ وقد قيل في ذلك:
أَلا آمْرُؤٌ يَعْقِدُ خَيْطَ الجُلْجُلِ
ورجل شديدٌ: قويٌّ، والجمع أَشِدّاءُ وشِدادٌ وشُددٌ: عن سيبويه، قال:
جاء على الأَصل لأَنه لم يشبه الفعل. وقد شَدَّ يشِدّ، بالكسر لا غير،
شِدَّةً إِذا كان قويّاً، وشادَّه مُشادَّة وشِداداً: غالبه. وفي الحديث:
مَن يُشادّ هذا الدِّينَ يَغْلِبُه؛ أَراد يَغْلِبُه الدينُ، أَي من
يُقاويه ويعاوِمُه ويُكَلِّف نفسه من العبادة فوق طاقته.
والمُشادَدَة: المُغالَبَة، وهو مثل الحديث الآخر: إِن هذا الدينَ
مَتِينٌ فأَوْغِلْ فيه برفق.
وأَشَدَّ الرجلُ إِذا كانت دوابُّه شِداداً.
والمُشادَّة في الشيء: التَّشَدُّد فيه. ويقال للرجل
(* قوله «ويقال
للرجل» كذا بالأَصل ولعل الأَولى ويقول الرجل) إِذا كُلِّفَ عملاً: ما أَملك
شَدّاً ولا إِرخاءً أَي لا أَقدر على شيء. وشَدَّ عَضُدَه أَي قَوَّاه.
واشْتَدَّ الشيءُ: من الشِّدَّة. أَبو زيد: أَصابَتْني شُدَّى على
فُعْلَى أَي شِدَّة.
وأَشَدَّ الرجل إِذا كانت معه دابة شديدة. وفي الحديث: يَرُدُّ
مُشِدُّهُمْ على مُضْعِفِهِمْ؛ المُشِدُّ: الذي دوابه شَديدة قوية، والمُضْعِفُ:
الذي دوابه ضعيفة. يريد أَن القويّ من الغُزاة يُساهِمُ الضعيف فيما
يَكْسِبه من الغنيمة.
والشَّديدُ من الحروف ثمانية أَحرف وهي: الهمزة والقاف والكاف والجيم
والطاء والدال والتاء والباء، قال ابن جني: ويجمعها في اللفظ قولك:
«أَجَدْتَ طَبَقَكَ، وأَجِدُكَ طَبَقْتَ». والحروف التي بين الشديدة والرخوة
ثمانية وهي: الأَلف والعين والياء واللام والنون والراء والميم والواو
يجمعها في اللفظ قولك: «لم يُرَوِّعْنا» وإِن شئت قلت «لم يَرَ عَوْناً» ومعنى
الشديد أَنه الحرف الذي يمنع الصوت أَن يجْرِيَ فيه، أَلا ترى أَنك لو
قلت الحق والشرط ثم رمت مدّ صوتك في القاف والطاء لكان ممتنعاً؟ ومِسْكٌ
شَديدُ الرائحة: قويها ذَكِيُّها. ورجل شديد العين: لا يغلبه النوم، وقد
يستعار ذلك في الناقة؛ قال الشاعر:
باتَ يقاسى كلَّ نابٍ ضِرِزَّةٍ،
شَديدةِ حَفْنِ العَينِ، ذاتِ ضَرِيرِ
وقوله تعالى: ربنا اطمس على أَموالهم واشدد على قلوبهم؛ أَي اطبع على
قلوبهم.
والشِّدَّة: المَجاعة. والشَّدائِدُ: الهَزاهِزُ. والشِّدَّة: صعوبة
الزمن؛ وقد اشتدَّ عليهم. والشِّدَّة والشَّدِيدَةُ من مكاره الدهر، وجمعها
شَدائد، فإِذا كان جمع شديدة فهو على القياس، وإِذا كان جمع شدّة فهو
نادر. وشِدَّة العيْش: شَظَفُه. ورجل شَدِيد: شحيح. وفي التنزيل العزيز:
وإِنه لحبِّ الخيرِ لشديد؛ قال أَبو إِسحق: إِنه من أَجل حُبِّ المال لبخيل.
والمُتَشَدِّدُ: البخيل كالشديد؛ قال طرفة:
أَرى المَوْتَ يَعْتامُ الكِرامَ، ويَصْطَفي
عَقِيلَةَ مالِ الفاحِشِ المُتَشَدِّدِ
وقول أَبي ذؤَيب:
حَدَرْناهُ بالأَثوابِ في قَعْرِ هُوَّةٍ
شديدٍ، على ما ضُمَّ في اللَّحْدِ، جُولُها
أَراد شَحِيحٍ على ذلك. وشَدَّدَ الضَّرْبَ وكلَّ شيء: بالَغَ فيه.
والشَّدُّ: الحُضْرُ والعَدْوُ، والفعل اشْتَدَّ أَي عدا. قال ابن
رُمَيْضٍ العنبري، ويقال رُمَيْصٍ، بالصاد المهملة:
هذا أَوانُ الشَّدِّ فاشْتَدِّي زِيَمْ.
وزِيَم: اسم فرسه؛ وفي حديث الحجاج:
هذا أَوانُ الحرب فاشْتَدِّي زِيَمْ
هو اسم ناقته أَو فرسه. وفي حديث القيامة: كحُضْرِ الفَرَس ثم كشَدِّ
الرجل الشَّديدِ العَدْوِ؛ ومنه حديث السَّعْي: لا يَقْطَع الوادي إِلاَّ
شَدّاً أَي عَدْواً. وفي حديث أُحد: حتى رأَيت النساء يَشْتَدِدْنَ في
الجبل أَي يَعْدُون؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاءت اللفظة في كتاب الحميدي،
والذي جاء في كتاب البخاري يشْتَدْنَ، بدال واحدة، والذي جاء في غيرهما
يُسْنِدْنَ، بسين مهملة ونون، أَي يُصَعِّدْنَ فيه، فإِن صحت الكلمة على ما
في البخاري، وكثيراً ما يجيءُ أَمثالها في كتب الحديث، وهو قبيح في
العربية لأَن الإِدغام إِنما جاز في الحرف المُضَعَّفِ، لما سكن الأَول وتحرك
الثاني، فأَما مع جماعة النساء فإِن التضعيف يظهر لأَن ما قبل نون النساء
لا يكون إِلا ساكناً فيلتقي ساكنان، فيحرك الأَوّل وينفك الإِدغام فتقول
يشتددن، فيمكن تخريجه على لغة بعض العرب من بكر بن وائل، يقولون رَدْتُ
ورَدْتِ وَرَدْنَ، يريدون رَدَدْتُ ورَدَدْتِ ورَدَدْنَ، قال الخليل:
كأَنهم قدروا الإِدغام قبل دخول التاء والنون، فيكون لفظ الحديث يَشْتَدْنَ.
وشدّ في العَدْوِ شدّاً واشْتَدَّ: أَسْرَعَ وعَدَا. وفي المثل: رُبَّ
شَدٍّ في الكُرْزِ؛ وذلك أَنّ رجلاً خرج يركض فرساً له فرمت بِسَخْلَتِها
فأَلقاها في كُرْزٍ بين يديه، والكرز الجُوالِقُ، فقال له إِنسان: لِمَ
تحمله، ما تصنع به؟ فقال: رُبَّ شَدٍّ في الكُرْزِ؛ يقول: هو سريع الشدِّ
كأُمه؛ يُضْرَبُ للرجل يُحْتَقَرُ عندك وله خَبَرٌ قد علمته أَنت؛ قال
عمرو ذو الكلب:
فَقُمْتُ لا يَشْتَدُّ شَدِّي ذو قَدَم
جاء بالمصدر على غير الفعل ومثله كثير؛ وقول مالك بن خالد الخُناعي:
بأَسَرعِ الشَّدِّ مني، يومَ لا نِيَةٌ،
لَمَّا عَرَفْتُهم، واهْتَزَّتِ اللِّمَمُ
يريد بأَسَرعَ شدّاً مني، فزاد اللام كَزيادتها في بنات الأَوبر، وقد
يجوز أَن يريد بأَسرعَ في الشد فحذف الجار وأَوصَلَ الفِعْلَ. قال سيبويه:
وقالوا شَدَّ ما أَنَّكَ ذاهب، كقولك: حَقّاً أَنك ذاهب، قال: وإِن شئت
جعلت شَدَّ بمنزلة نِعْمَ كما تقول: نِعْمَ العملُ أَنك تقولُ الحَقَّ.
والشِّدَّة: النَّجْدَة وثَباتُ القلب. وكلُّ شَديدٍ شُجاعٌ. والشَّدة،
بالفتح: الحملة الواحدة. والشَّدُّ. الحَمْل. وشَدَّ على القوم في القتال
يَشِدُّ ويَشُدُّ شَدّاً وشُدوداً: حَمَلَ. وفي الحديث: أَلا تَشِدُّ
فَنَشِدَّ معك؟ يقال: شَدَّ في الحرب يَشِد، بالكسر؛ ومنه الحديث: ثم شَدَّ
عليه فكان كأَمْسِ الذاهب أَي حَمَلَ عليه فقتله. وشَدَّ فلان على
العدوِّ شَدَّة واحدة، وشدَّ شَدَّاتٍ كثيرة.
أَبو زيد: خِفْتُ شُدَّى فلانٍ أَي شِدَّته؛ وأَنشد:
فإِني لا أَلِينُ لِقَوْلِ شُدَّى،
ولو كانتْ أَشَدَّ من الحَديدِ
ويقال: أَصابَتْني شُدَّى بعدك أَي الشِّدَّةُ مُدَّةً.
وشَدَّ الذئب على الغنم شَدّاً وشُدُوداً: كذلك. ورُؤِيَ فارس يومَ
الكُلابِ من بني الحرث يَشِدُّ على القوم فيردّهم ويقول: أَنا أَبو شَدّادٍ،
فإِذا كرُّوا عليه رَدَّهم وقال: أَنا أَبو رَدَّاد. وفي حديث قيام شهر
رمضان: أَحْيا الليلَ وشَدَّ المِئْزر؛ وهو كناية عن اجتناب النساء، أَو
عن الجِدِّ والاجتهاد في العمل أَو عنهما معاً.
والأَشُدُّ: مَبْلَغُ الرجل الحُنْكَةَ والمَعْرِفَةَ؛ قال الله عز وجل:
حتى إِذا بلغ أَشُده؛ قال الفراء: الأَشُدُّ واحدها شَدٌّ في القياس،
قال: ولم أَسمع لها بواحد؛ وأَنشد:
قد سادَ، وهْو فَتىً، حتى إِذا بَلَغَتْ
أَشُدُّه، وعَلا في الأَمْرِ واجْتَمَعا
أَبو الهيثم: واحدة الأَنْعُم نعْمَةٌ وواحدة الأَشُدِّ شِدَّة. قال:
والشِّدَّة القُوَّة والجَلادَة. والشَّديدُ: الرجل القَوِيّ، وكأَنّ الهاء
في النعمة والشِّدَّة لم تكن في الحرف إِذ كانت زائدة، وكأَنّ الأَصلَ
نِعْمَ وشَدَّ فجمعا على أَفْعُل كما قالوا: رجُل وأَرجُل، وقَدَح
وأَقْدُح، وضِرْسٌ وأَضْرُس. ابن سيده: وبلغ الرجل أَشُدَّهُ إِذا اكْتَهَل.
وقال الزجاج: هو من نحو سبع عشرة إِلى الأَربعين. وقال مرة: هو ما بين
الثلاثين والأَربعين، وهو يذكر ويؤَنث؛ قال أَبو عبيد: واحدها شَدٌّ في
القياس؛ قال: ولم أَسمع لها بواحدة؛ وقال سيبويه: واحدتها شِدَّة كنِعْمَة
وأَنْعُم؛ ابن جني: جاء على حذف التاء كما كان ذلك في نِعْمَة وأَنْعُم. وقال
ابن جني: قال أَبو عبيد: هو جمع أَشَدّ على حذف الزيادة؛ قال: وقال أَبو
عبيدة: ربما استكرهوا على حذف هذه الزيادة في الواحد؛ وأَنشد بيت عنترة:
عَهْدِي به شَدَّ النَّهارِ، كأَنَّما
خُضِبَ اللَّبانُ ورأْسُه بالعِظْلِمِ
أَي أَشَدَّ النهار، يعني أَعلاه وأَمْتَعَه. قال ابن سيده: وذهب أَبو
عثمان فيما رويناه عن أَحمد بن يحيى عنه أَنه جمع لا واحد له. وقال
السيرافي: القياس شَدٌّ وأَشُدّ كما يقال قَدٌّ وأَقُدٌّ، وقال مرة أُخرى: هو
جمع لا واحد له، وقد يقال بلغ أَشَدَّه، وهي قليلة؛ قال الأَزهري:
الأَشُدُّ في كتاب الله تعالى في ثلاثة معان يقرب اختلافها، فأَما قوله في قصة
يوسف، عليه السلام: ولمَّا بَلَغَ أَشُدَّه؛ فمعناه الإِدْراكُ والبلوغ
وحينئذ راودته امرأَة العزيز عن نفسه؛ وكذلك قوله تعالى: ولا تقْرَبوا مالَ
اليتيم إِلاَّ بالتي هي أَحسن حتى يبلغَ أَشُدَّه؛ قال الزجاج: معناه
احفظوا عليه ماله حتى يبلغَ أَشُدَّه فإِذا بلغ أَشُدَّه فادفعوا إِليه
ماله؛ قال: وبُلُوغُه أَشُدَّه أَن يُؤْنَسَ منه الرُّشْدُ مع أَن يكون
بالغاً؛ قال: وقال بعضهم: حتى يبلغ أَشده؛ حتى يبلغ ثمانيَ عَشْرَة سنة؛ قال
أَبو إِسحق: لست أَعرف ما وجه ذلك لأَنه إِن أَدْرَكَ قبل ثماني عَشْرَة
سنة وقد أُونِسَ منه الرشد فطلَبَ دفْعَ ماله إِليه وجب له ذلك؛ قال
الأَزهري: وهذا صحيح وهو قول الشافعي وقول أَكثر أَهل العلم. وفي الصحاح: حتى
يبلغ أَشدّه أَي قوته، وهو ما بين ثماني عَشْرة إِلى ثلاثين، وهو واحد
جاء على بناء الجمع مِثْلَ آنْكٍ وهو الأُسْرُبُّ، ولا نظير لهما، ويقال:
هو جمع لا واحد له من لفظه، مِثْلُ آسالٍ وأَبابِيلَ وعَبادِيدَ
ومَذاكِيرَ. وكان سيبويه يقول: واحده شِدَّة وهو حسن في المعنى لأَنه يقال بلغ
الغلام شِدَّته، ولكن لا تجمع فِعْلة على أَفْعُل؛ وأَما أَنْعُم فإِنه جمع
نُعْم من قولهم يوم بُؤْس ويومُ نُعْم. وأَما من قال واحده شَدٌّ مثل
كلب وأَكْلُب أَو شِدٌّ مثل ذئب وأَذؤب فإِنما هو قياس، كما يقولون في واحد
الأَبابيلِ إِبَّوْل قياساً على عِجَّولٍ، وليس هو شيئاً سُمِعَ من
العرب. وأَما قوله تعالى في قصة موسى، صلوات الله على نبينا وعليه: ولما بلغ
أَشدّه واستوى؛ فإِنه قرن بلوغ الأَشُدِّ بالاستواءِ، وهو أَن يجتمع
أَمره وقوته ويكتهل ويَنْتَهِيَ شَبابُه. وأَما قول الله تعالى في سورة
الأَحقاف: حتى إِذا بلغ أَشُدَّه وبلغ أَربعين سنة؛ فهو أَقصى نهاية بلوغ
الأَشُدِّ وعند تمامها بُعِثَ محمد، صلى الله عليه وسلم، نبيّاً وقد اجتمعت
حُنْكَتُه وتمامُ عَقْلِه، فَبُلوغُ الأَشُدِّ مَحصورُ الأَول مَحْصُورُ
النِّهايةِ غير مَحْصُورِ ما بين ذلك.
وشَدَّ النهارُ أَي ارتفع. وشَدُّ النهار: ارتفاعُه، وكذلك شَدُّ
الضُّحَى. يقال: جئتك شَدَّ النهارِ وفي شَدِّ النهارِ، وشَدَّ الضُّحَى وفي
شَدِّ الضحى. ويقال: لقِيتُه شَدَّ النهار وهو حين يرتفع، وكذلك امتدَّ.
وأَتانا مَدَّ النهار أَي قبل الزوال حين مَضَى من النهار خَمْسَةٌ. وفي
حديث عِتْبانَ بنِ مالك: فَغَدا عليَّ رسول الله، صلى الله عليه وسلم،
بعْدَما اشْتَدَّ النهارُ أَي علا وارتفعت شمسه؛ ومنه قول كعب:
شَدَّ النهارِ ذراعَيْ عَ ْطَلٍ نَصَفٍ
قامَتْ، فَجاوَبَها نُكْدٌ مَثَاكِيلُ
أَي وقْتَ ارتفاعِه وعُلُوِّه. وشَدَّه أَي أَوثقه، يَشُدُّوه ويَشِدُّه
أَيضاً، وهو من النوادر. قال الفراء: ما كان من المضاعف على فَعَلْتُ
غيرَ واقع، فإِنّ يَفْعِلُ منه مكسور العين، مثل عفَّ يعِفُّ وخَفَّ
يَخِفُّ وما أَشبهه، وما كان واقعاً مثل مَدَدْتُ فإِنَّ يَفْعُل منه مضموم
إِلا ثلاثة أَحرف، شَدَّه يَشُدُّه ويَشِدُّهُ، وعَلَّه يَعُلُّه ويَعِلُّه
من العَلَلِ وهو الشُّرْب الثاني، ونَمَّ الحديثَ يَنُمُّه ويَنِمُّه،
فإِنْ جاء مثل هذا أَيضاً مما لم نسمعه فهو قليل، وأَصله الضم. قال: وقد
جاء حرف واحد بالكسر من غير أَن يَشْركَه الضم، وهو حَبَّهُ يَحِبُّهُ.
وقال غيره: شَدَّ فلان في حُضْرِه. وتَشَدَّدَتِ القَيْنَةُ إِذا جَهَدَتْ
نفسَها عند رفع الصوت بالغناء؛ ومنه قول طرفة:
إِذا نحنُ قُلْنا: أَسْمِعِينا، انْبَرَتْ لنا
على رِسْلِها مَطْرُوقَــةً، لم تَشَدَّدِ
وشَدَّاد: اسم. وبنو شَدَّادٍ وبنو الأَشَدِّ: بطنان.
شغل: الشَّغْل والشَّغَل والشُّغْل والشُّغُل كُلُّه واحد، والجمع
أَشْغَالٌ وشُغُول؛ قال ابن مَيّادة:
وما هَجْرُ لَيْلَى أَن تَكُونَ تَباعَدَتْ
عَلَيْكَ، ولا أَن أَحْصَرَتْكَ شُغُولُ
وقد شَغَلَه يَشْغَلُه شَغْلاً وشُغْلاً؛ الأَخيرة عن سيبويه،
وأَشْغَلَه واشْتَغَلَ به وشُغِل به وأَنا شاغِلٌ له، وقيل: لا يقال أَشْغَلْته
لأَنها لغة رَدِيئة، وقد شُغِلَ فلان، فهو مَشْغُولٌ، وقال ثعلب: شُغِلَ من
الأَفعال التي غُلّبَت فيها صيغةُ ما لم يُسَمَّ فاعلُه، قال:
وتَعَجَّبوا من هذه الصيغة فقالوا ما أَشْغَلَه، قال: وهذا شاذ إِنما يُحْفَظ
حِفْظاً، يعني أَن التعجب موضوع على صيغة فعل الفاعل، قال: ولا يُتَعَجَّبُ
ما لم يُسَمَّ فاعلُه. ويقال شُغِلْتُ عنك بكذا، على ما لم يسمَّ فاعله،
واشْتَغَلْت. ورجل شَغِل: من الشُّغْل ومُشْتَغِلٌ ومُشْتَغَلٌ
ومَشْغُولٌ؛ قال ابن سيده: ورجُل شَغِلٌ؛ عن ابن الأَعرابي، قال: وعندي أَنه على
النَّسَب لأَنه لا فِعْلَ له يجيء عليه فَعِلٌ، وكذلك رَجُل مُشْتَغِلٌ
ومُشْتَغَل؛ الأَخيرة على لفظ المفعول، وهي نادرة؛ حكاها ابن الأَعرابي؛
وأَنشد:
إِنَّ الذي يَأْمُلُ الدُّنْيا لَمُتَّلَهٌ،
وكُلُّ ذي أَمَلٍ عنه سَيَشْتَغِلُ
وشُغْلٌ شاغِلٌ، على المبالغة: مثل لَيْل لائِلٌ؛ قال سيبويه: هو بمنزلة
قولهم هَمٌّ ناصِبٌ وعِيشَةٌ رَاضِيَةٌ. واشْتَغَلَ فلان بأَمره، فهو
مُشْتَغِلٌ. ابن الأَعرابي: الشَّغْلة والعَرَمَةُ والبَيْدَر والكُدْسُ
واحد، وجمع الشَّغْلة شَغْلٌ وهو البَيْدَر، ورى الشَّعْبي في الحديث: أَن
عليّاً، عليه السلام، خَطَبَ الناسَ بعد الحَكَمَيْن على شَغْلةٍ، عَنَى
البَيْدَرَ؛ قال ابن الأَثير: هي بفتح الغين وسكونها.
ورد: وَرْدُ كلّ شجرة: نَوْرُها، وقد غلبت على نوع الحَوْجَم. قال أَبو
حنيفة: الوَرْدُ نَوْرُ كل شجرة وزَهْرُ كل نَبْتَة، واحدته وَرْدة؛ قال:
والورد ببلاد العرب كثير، رِيفِيَّةً وبَرِّيةً وجَبَليّةً.
ووَرَّدَ الشجرُ: نوّر. وَوَرَّدت الشجرة إذا خرج نَوْرُها. الجوهري:
الوَرد، بالفتح، الذي يُشمّ، الواحدة وردة، وبلونه قيل للأَسد وَرْدٌ،
وللفرس ورْد، وهو بين الكُمَيْت والأَشْقَر. ابن سيده: الوَرْد لون أَحمر
يَضْرِبُ الى صُفرة حَسَنة في كل شيء؛ فَرَس وَرْدٌ، والجمع وُرْد ووِرادٌ
والأُنثى ورْدة. وقد وَرُد الفرسُ يَوْرُدُ وُرُودةً أَي صار وَرْداً. وفي
المحكم: وقد وَرُدَ وُرْدةً واوْرادّ؛ قال الأَزهري: ويقال إِيرادَّ
يَوْرادُّ على قياس ادْهامَّ واكْماتَّ، وأَصله إِوْرادَّ صارت الواو ياء
لكسرة ما قبلها. وقال الزجاج في قوله تعالى: فكانت وَرْدةً كالدِّهان؛ أَي
صارت كلون الوَرْد؛ وقيل: فكانت وَرْدة كلونِ فرسٍ وَرْدةٍ؛ والورد يتلون
فيكون في الشتاء خلاف لونه في الصيف، وأَراد أَنها تتلون من الفزع
الأَكبر كما تتلون الدهان المختلفة. واللون وُرْدةٌ، مثل غُبْسة وشُقْرة؛
وقوله:
تَنازَعَها لَوْنانِ: وَرْدٌ وجُؤوةٌ،
تَرَى لأَياءِ الشَّمْسِ فيها تَحَدُّرا
إِنما أَراد وُرْدةً وجُؤوةً أَو وَرْداً وجَأًى. قال ابن سيده: وإِنما
قلنا ذلك لأَن ورداً صفة وجؤوة مصدر، والحكم أَن تقابل الصفة بالصفة
والمصدر بالمصدر.
ووَرَّدَ الثوبَ: جعله وَرْداً. ويقال: وَرَّدَتِ المرأَةُ خدَّها إِذا
عالجته بصبغ القطنة المصبوغة. وعَشِيّةٌ وَرْدةٌ إِذا احمَرَّ أُفُقها
عند غُروب الشمس، وكذلك عند طُلوع الشمس، وذلك علامة الجَدْب. وقميص
مُوَرَّد: صُبِغَ على لون الورد، وهو دون المضَرَّجِ. والوِرْدُ: من أَسماءِ
الحُمَّى، وقيل: هو يَوْمُها. الأَصمعي: الوِرْدُ يوم الحُمَّى إِذا أَخذت
صاحبها لوقت، وقد وَرَدَتْه الحُمَّى، فهو مَوْرُودٌ؛ قال أَعرابي لآخر:
ما أَمارُ إِفْراقِ المَوْرُودِ
(* قوله «إفراق المورود» في الصحاح قال
الأَصمعي: أفرق المريض من مرضه والمحموم من حماه أي أَقبل. وحكى قول
الأعرابي هذا ثم قال: يقول ما علامة برء المحموم؟ فقال العرق.) فقال:
الرُّحضاءُ. وقد وُرِدَ على صيغة ما لم يُسَمّ فاعله. ويقال: أَكْلُ الرُّطَبه
مَوْرِدةٌ أَي مَحَمَّةٌ؛ عن ثعلب.
والوِرْدُ وُوردُ القوم: الماء. والوِرْدُ: الماء الذي يُورَدُ.
والوِرْدُ: الابل الوارِدة؛ قال رؤبة:
لو دَقَّ وِرْدي حَوْضَه لم يَنْدَهِ
وقال الآخر:
يا عَمْرُو عَمْرَ الماء وِرْدٌ يَدْهَمُهْ
وأَنشد قول جرير في الماء:
لا وِرْدَ للقَوْمِ، إِن لم يَعْرِفُوا بَرَدى،
إِذا تكَشَّفَ عن أَعْناقِها السَّدَفُ
بَرَدى: نهر دِمَشْقَ، حرسها الله تعالى. والوِرْدُ: العَطَشُ.
والمَوارِدُ: المَناهِلُ، واحِدُها مَوْرِدٌ. وَوَرَدَ مَوْرِداً أَي
وُرُوداً. والمَوْرِدةُ: الطريق إِلى الماء. والوِرْدُ: وقتُ يومِ الوِرْدِ
بين الظِّمْأَيْنِ، والمَصْدَرُ الوُرُودُ. والوِرْدُ: اسم من وِرْدِ
يومِ الوِرْدِ. وما وَرَدَ من جماعة الطير والإِبل وما كان، فهو وِرْدٌ.
تقول: وَرَدَتِ الإِبل والطير هذا الماءَ وِرْداً، وَوَرَدَتْهُ أَوْراداً؛
وأَنشد:
فأَوْراد القَطا سَهْلَ البِطاحِ
وإِنما سُمِّيَ النصيبُ من قراءَة القرآن وِرْداً من هذا. ابن سيده:
ووَرَدَ الماءَ وغيره وَرْداً ووُرُوداً وَوَرَدَ عليه: أَشرَفَ عليه، دخله
أَو لم يدخله؛ قال زهير:
فَلَمَّا وَرَدْنَ الماءَ زُرْقاً جِمامُه،
وضَعْنَ عِصِيَّ الحاضِرِ المُتَخَيّمِ
معناه لما بلغن الماء أَقَمْنَ عليه. ورجل وارِدٌ من قوم وُرّادٌ،
وورَّادٌ من قومٍ وَرّادين، وكل من أَتى مكاناً منهلاً أَو غيره، فقد وَرَدَه.
وقوله تعالى: وإِنْ منكم إِلاَّ واردُها؛ فسره ثعلب فقال: يردونها مع
الكفار فيدخلها الكفار ولا يَدْخلُها المسلمون؛ والدليل على ذلك قول الله
عز وجل: إِنَّ الذين سَبَقَتْ لهم منا الحُسْنى أُولئك عنها مُبْعَدون؛
وقال الزجاج: هذه آية كثر اختلاف المفسرين فيها، وحكى كثير من الناس أَن
الخلق جميعاً يردون النار فينجو المتقي ويُتْرَك الظالم، وكلهم يدخلها.
والوِرْد: خلاف الصَدَر. وقال بعضهم: قد علمنا الوُرُودَ ولم نعلم
الصُّدور، ودليل مَن قال هذا قوله تعالى: ثم نُنَجِّي الذين اتَّقَوْا ونَذَرُ
الظالمين فيها جُثِيّاً. وقال قوم: الخلق يَرِدُونها فتكون على المؤمن
بَرْداً وسلاماً؛ وقال ابن مسعود والحسن وقتادة: إِنّ وُروُدَها ليس
دُخولها وحجتهم في ذلك قوية جدّاً لأَن العرب تقول ورَدْنا ماء كذا ولم
يَدْخُلوه. قال الله عز وجل: ولمَّا ورَدَ ماءَ مَدْيَنَ. ويقال إِذا بَلَغْتَ
إِلى البلد ولم تَدْخله: قد وَرَدْتَ بلد كذا وكذا. قال أَبو إِسحق:
والحجة قاطعة عندي في هذا ما قال الله تعالى: إِنَّ الذين سبقت لهم منا
الحسنى أُولئك عنها مبعدون لا يَسْمَعون حَسيسَها؛ قال: فهذا، والله أَعلم،
دليل أَن أَهل الحسنى لا يدخلون النار. وفي اللغة: ورد بلد كذا وماء كذا
إِذا أَشرف عليه، دخله أَو لم يدخله، قال: فالوُرودُ، بالإِجماع، ليس
بدخول.الجوهري: ورَدَ فلان وُروُداً حَضَر، وأَورده غيره واسْتَوْرَده أَي
أَحْضَره. ابن سيده: توَرَّدَه واسْتَوْرَدَه كَوَرَّده كما قالوا: علا
قِرْنَه واسْتَعْلاه. ووارَدَه: ورد معَهَ؛ وأَنشد:
ومُتَّ مِنِّي هَلَلاً، إِنَّما
مَوْتُكَ، لو وارَدْتُ، وُرَّادِيَهْ
والوارِدةُ: وُرّادُ الماءِ. والوِرْدُ: الوارِدة. وفي التنزيل العزيز:
ونسوق المجرمين إِلى جهنم وِرْداً؛ وقال الزجاج: أَي مُشاةً عِطاشاً،
والجمع أَوْرادٌ. والوِرْدُ: الوُرّادُ وهم الذين يَرِدُون الماء؛ قال يصف
قليباً:
صَبَّحْنَ مِنْ وَشْحَا قَلِبياً سُكّا،
يَطْمُو إِذا الوِرْدُ عليه الْتَكّا
وكذكل الإِبل:
وصُبِّحَ الماءُ بِوِرْدٍ عَكْنان
والوِرْدُ: النصيبُ من الماء. وأَوْرَدَه الماءَ: جَعَله يَرِدُه.
والموْرِدةُ: مَأْتاهُ الماءِ، وقيل: الجادّةُ؛ قال طرفة:
كأَنَّ عُلوبَ النِّسْعِ، في دَأَياتِها،
مَوارِدُ من خَقاءَ في ظَهْرِ قَرْدَدِ
ويقال: ما لك توَرَّدُني أَي تقدَّم عليّ؛ وقال في قول طرفة:
كَسِيدِ الغَضَا نَبَّهْتَه المُتَوَرِّدِ
هو المتقدِّم على قِرْنِه الذي لا يدفعه شيء. وفي الحديث: اتَّقُوا
البَرازَ في المَوارِدِ أَي المجارِي والطُّرُق إِلى الماء، واحدها مَوْرِدٌ،
وهو مَفْعِلٌ من الوُرُودِ. يقال: ورَدْتُ الماءَ أَرِدُه وُرُوداً إذا
حضرته لتشرب. والوِرد: الماء الذي ترد عليه. وفي حديث أَبي بكر: أَخذ
بلسانه وقال: هذا الذي أَورَدَني المَوارِدَ؛ أَراد الموارد المُهْلِكةَ،
واحدها مَوْرِدة؛ وقول أَبي ذؤيب يصف القبر:
يَقُولونَ لمَّا جُشَّتِ البِئْرُ: أَوْرِدُوا
وليسَ بها أَدْنَى ذِفافٍ لِوارِدِ
استعار الإِيرادٍ لإِتْيان القبر؛ يقول: ليس فيها ماء، وكلُّ ما
أَتَيْتَه فقد وَرَدْتَه؛ وقوله:
كأَنَّه بِذِي القِفافِ سِيدُ،
وبالرِّشاءِ مُسْبِلٌ وَرُودُ
وَرُود هنا يريد أَن يخرج إِذا ضُرِب به. وأَوْرَدَ عليه الخَبر: قصَّه.
والوِرْدُ: القطيعُ من الطَّيْرِ. والوِرْدُ: الجَيْشُ على التشبيه به؛
قال رؤبة:
كم دَقَّ مِن أَعتاقِ وِرْدٍ مكْمَهِ
وقول جرير أَنشده ابن حبيب:
سَأَحْمَدُ يَرْبُوعاً، على أَنَّ وِرْدَها،
إِذا ذِيدَ لم يُحْبَسْ، وإِن ذادَ حُكِّما
قال: الوِرْدُ ههنا الجيش، شبهه بالوِرْدِ من الإِبل بعينها. والوِرْدُ:
الإِبل بعينها.
والوِرْدُ: النصيب من القرآن؛ يقول: قرأْتُ وِرْدِي. وفي الحديث أَن
الحسن وابن سيرين كانا يقرآنِ القرآنَ من أَوَّله إِلى آخره ويَكْرهانِ
الأَورادَ؛ الأَورادُ جمع وِرْدٍ، بالكسر، وهو الجزء، يقال: قرأْت وِرْدِي.
قال أَبو عبيد: تأْويل الأَوراد أَنهم كانوا أَحْدثوا أَنْ جعلوا القرآن
أَجزاء، كل جزء منها فيه سُوَر مختلفة من القرآن على غير التأْليف، جعلوا
السورة الطويلة مع أُخرى دونها في الطول ثم يَزيدُون كذلك، حتى
يُعَدِّلوا بين الأَجزاءِ ويُتِمُّوا الجزء، ولا يكون فيه سُورة منقطعة ولكن تكون
كلها سُوَراً تامة، وكانوا يسمونها الأَوراد. ويقال: لفلان كلَّ ليلةٍ
وِرْد من القرآن يقرؤه أَي مقدارٌ معلوم إِما سُبْعٌ أَو نصف السبع أَو ما
أَشبه ذلك. يقال: قرأَ وِرْده وحِزْبه بمعنى واحد. والوِرْد: الجزء من
الليل يكون على الرجل يصليه.
وأَرْنَبَةٌ واردةٌ إِذا كانت مقبلة على السبَلة. وفلان وارد الأَرنبة
إِذا كان طويل الأَنف. وكل طويل: وارد.
وتَوَرَّدَتِ الخيل البلدة إِذا دخلتها قليلاً قليلاً قطعة قطعة.
وشَعَر وارد: مسترسل طويل؛ قال طرفة:
وعلى المَتْنَيْنِ منها وارِدٌ،
حَسَنُ النَّبْتِ أَثِيثٌ مُسْبَكِرْ
وكذلك الشَّفَةُ واللثةُ. والأَصل في ذلك أَن الأَنف إِذا طال يصل إِلى
الماء إِذا شرب بفيه لطوله، والشعر من المرأَة يَرِدُ كَفَلَها. وشجرة
واردةُ الأَغصان إِذا تدلت أَغصانُها؛ وقال الراعي يصف نخلاً أَو كرماً:
يُلْقَى نَواطِيرُه، في كل مَرْقَبَةٍ،
يَرْمُونَ عن وارِدِ الأَفنانِ مُنْهَصِر
(* قوله «يلقى» في الأساس تلقى).
أَي يرمون الطير عنه. وقوله تعالى: فأَرْسَلوا وارِدَهم أَي سابِقَهم.
وقوله تعالى: ونحن أَقرب إِليه من حبل الوريد؛ قال أَهل اللغة:
الوَرِيدُ عِرْق تحت اللسان، وهو في العَضُد فَلِيقٌ، وفي الذراع الأَكْحَل، وهما
فيما تفرق من ظهر الكَفِّ الأَشاجِعُ، وفي بطن الذراع الرَّواهِشُ؛
ويقال: إِنها أَربعة عروق في الرأْس، فمنها اثنان يَنْحَدِران قُدّامَ
الأُذنين، ومنها الوَرِيدان في العُنق. وقال أَبو الهيثم: الورِيدان تحت
الوَدَجَيْنِ، والوَدَجانِ عِرْقانِ غليظان عن يمين ثُغْرَةِ النَّحْرِ
ويَسارِها. قال: والوَرِيدانِ يَنْبِضان أَبداً منَ الإِنسان. وكل عِرْق
يَنْبِضُ، فهو من الأَوْرِدةِ التي فيها مجرى الحياة. والوَرِيدُ من العُرُوق:
ما جَرَى فيه النَّفَسُ ولم يجرِ فيه الدّمُ، والجَداوِلُ التي فيها
الدِّماءُ كالأَكْحَلِ والصَّافِن، وهي العُروقُ التي تُفْصَدُ. أَبو زيد: في
العُنُق الوَرِيدان وهما عِرْقان بين الأَوداج وبين اللَّبَّتَيْنِ،
وهما من البعير الودجان، وفيه الأَوداج وهي ما أَحاطَ بالحُلْقُوم من
العروق؛ قال الأَزهري: والقول في الوريدين ما قال أَبو الهيثم. غيره:
والوَرِيدانِ عِرْقان في العُنُق، والجمع أَوْرِدَةٌ ووُرودٌ. ويقال للغَضْبَانِ:
قد انتفخ وريده. الجوهري: حَبْل الوَرِيدِ عِرْق تزعم العرب أَنه من
الوَتِين، قال: وهما وريدان مكتنفا صَفْقَي العُنُق مما يَلي مُقَدَّمه
غَلِيظان. وفي حديث المغيرة: مُنْتَفِخة الوَرِيدِ، هو العرقُ الذي في صَفْحة
العُنق يَنْتَفِخُ عند الغضَب، وهما وريدانِ؛ يَصِفُها بسوء الخَلُق
وكثرة الغضب.
والوارِدُ: الطريق؛ قال لبيد:
ثم أَصْدَرْناهُما في وارِدٍ
صادِرٍ وهَمٍ، صُواهُ قد مَثَلْ
يقول: أَصْدَرْنا بَعِيرَيْنا في طريق صادِرٍ، وكذلك المَوْرِدُ؛ قال
جرير:
أَمِيرُ المؤمِنينَ على صِراطٍ،
إِذا اعْوَجَّ المَوارِدُ مُسْتَقِيمُ
وأَلقاهُ في وَرْدةٍ أَي في هَلَكَةٍ كَوَرْطَةٍ، والطاء أَعلى.
والزُّماوَرْدُ: معرَّب والعامة تقول: بَزْماوَرْد.
ووَرْد: بطن من جَعْدَة. ووَرْدَةُ: اسم امرأَة؛ قال طرفة:
ما يَنْظُرون بِحَقِّ وَرْدةَ فِيكُمُ،
صَغُرَ البَنُونَ وَرَهطُ وَرْدَةَ غُيَّبُ
والأَورادُ: موضعٌ عند حُنَيْن؛ قال عباس بن
(* قوله «ابن» كتب بهامش
الأصل كذا يعني بالأصل ويحتمل أن يكون ابن مرداس أو غيره):
رَكَضْنَ الخَيْلَ فيها، بين بُسٍّ
إِلى الأَوْرادِ، تَنْحِطُ بالنِّهابِ
وَوَرْدٌ وَوَرَّادٌ: اسمان وكذلك وَرْدانُ. وبناتُ وَرْدانَ: دَوابُّ
معروفة. وَوَرْدٌ: اسم فَرَس حَمْزة بن عبد المطلب، رضي الله عنه.