(اللصب) الْبَخِيل الْعسر الْأَخْلَاق
(اللصب) الْبَخِيل الْعسر الْأَخْلَاق
ضمن: الضَّمِينُ: الكفيل. ضَمِنَ الشيءَ وبه ضَمْناً وضَمَاناً: كَفَل
به. وضَمَّنَه إياه: كَفَّلَه. ابن الأَعرابي: فلان ضامِنٌ وضَمِينٌ
وسامِنٌ وسَمِين وناضِرٌ ونَضِير وكافل وكَفِيلٌ. يقال: ضَمِنْتُ الشيءَ
أَضْمَنُه ضَماناً، فأَنا ضامِنٌ، وهو مَضْمون. وفي الحديث: من مات في سبيل
الله فهو ضامِنٌ
على الله أَن يدخله الجنة أَي ذو ضمان على الله؛ قال الأَزهري: وهذا
مذهب الخليل وسيبويه لقوله عز وجل: ومن يَخْرُجْ من بيته مُهاجِراً إلى الله
ورسوله ثم يُدْرِكْهُ الموتُ فقد وقَعَ أَجْرُهُ على الله؛ قال: هكذا
خَرَّجَ الهروي والزمخشري من كلام عليّ، والحديث مرفوع في الصِّحاح عن أَبي
هريرة بمعناه، فمن طُرُقه تَضَمَّنَ اللهُ لمن خرج في سبيله لا يخرجه
إلا جهاداً
في سبيلي وإيماناً بي وتصديقاً برسلي فهو عليَّ ضامنٌ أَنْ أُدْخِلَه
الجنةَ أَو أُرْجِعَه إلى مسكنه الذي خرج منه نائلاً ما نالَ من أَجر أَو
غنيمة. وضَمَّنته الشيءَ تَضْمِيناً فتَضَمَّنه عني: مثل غَرَّمْتُه؛
وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
ضَوامِنُ ما جارَ الدليلُ ضُحَى غَدٍ،
من البُعْدِ، ما يَضْمَنَّ فهو أَداءُ.
فسره ثعلب فقال: معناه إن جار الدليل فأَخطأَ الطريقَ ضَمِنَتْ أَن
تَلْحَقَ ذلك في غَدِها وتَبْلُغَه، ثم قال: ما يَضْمَنَّ فهو أَداءِ أَي ما
ضَمِنَّه من ذلك لرَكْبِها وفَيْنَ به وأَدَّيْنَه. وضَمَّنَ الشيءَ
الشيءَ: أَوْدَعه إياه كما تُودِعُ الوعاءَ المتاعَ والميتَ القبرَ، وقد
تضَمَّنه هو؛ قال ابن الرِّقَاعِ يصف ناقة حاملاً:
أَوْكَتْ عليه مَضِيقــاً من عَواهِنِها،
كما تضَمَّنَ كَشْحُ الحُرَّةِ الحَبَلا.
عليه: على الجنين. وكل شيء جعلته في وعاء فقد ضمَّنتَه إياه. الليث: كل
شيءٍ أُحرِزَ فيه شيء فقد ضُمِّنَه؛ وأَنشد:
ليس لمن ضُمِّنَه تَرْبِيتُ
(* قوله «تربيت» أي تربية أي لا يربيه القبر، كما في التهذيب).
ضُمِّنَه: أُودِعَ فيه وأُحرِزَ يعني القبر الذي دُفِنَتْ فيه المَوْؤُودَةُ.
وروي عن عكرمة أَنه قال: لا تَشْتَرِ لبن البقر والغنم مُضَمَّناً لأَن
اللبن يزيد في الضرع وينقص، ولكن اشْترِه كيلاً مُسَمًّى؛ قال شمر: قال أَبو
معاذ يقول لا تشتره وهو في الضرع لأَنه في ضِمْنِه، يقال: شَرَابُك
مُضَمَّنٌ إذا كان في كوز أَو إِناء. والمَضامِينُ: ما في بطون الحوامل من كل
شيء كأَنهن تضَمَّنَّه؛ ومنه الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، نهى
عن بيع المَلاقيح والمَضامين، وقد مضى تفسير المَلاقيح، وأَما
المَضامِين فإِن أَبا عبيد قال: هي ما في أَصلاب الفحول، وهي جمع مَضْمُون؛ وأَنشد
غيره:
إنَّ المضامينَ التي في الصُّلْبِ
ماءُ الفُحولِ في الظُّهورِ الحُدْبِ.
ويقال: ضَمِنَ الشيءَ بمعنى تَضَمَّنَه؛ ومنه قولهم: مَضْمُونُ الكتاب
كذا وكذا، والمَلاقِيحُ: جمع مَلْقُوح، وهو ما في بطن الناقة. قال ابن
الأَثير: وفسرهما مالك في الموطأِ بالعكس؛ حكاه الأَزهري عن مالك عن ابن
شهاب عن ابن المسيب، وحكاه أَيضاً عن ثعلب عن ابن الأَعرابي، قال: إذا كان
في بطن الناقة حمل فهي ضامِنٌ ومِضْمانٌ، وهنَّ ضَوَامِنُ ومَضامِينُ،
والذي في بطنها مَلْقوح ومَلْقُوحة. وناقة ضامِنٌ ومِضْمان: حامل، من ذلك
أَيضاً. ابن الأَعرابي: ما أَغْنى فلانٌ عني ضِمْناً وهو الشِّسْعُ أَي ما
أَغنى شيئاً
ولا قَدْرَ شِسْعٍ. والضَّامِنَةُ من كل بلد: ما تَضَمَّنَ وسَطَه.
والضامِنَةُ: ما تَضَمَّنَتْه القُرَى والأَمْصارُ من النخل، فاعلة بمعنى
مفعولة؛ قال ابن دريد: وفي كتاب النبي، صلى الله عليه وسلم، لأُكَيْدِرِ بن
عبد الملك، وفي التهذيب: لأُكَيْدِر دُومةِ الجَنْدَل، وفي الصحاح: أَنه،
صلى الله عليه وسلم، كتب لحارثة بن قَطَنٍ ومن بدُومَةِ الجَنْدَلِ من
كَلْبٍ: إِن لنا الضَّاحيَةَ من البَعْلِ
(* قوله «إن لنا الضاحية من
البعل» كذا في الصحاح، والذي في التهذيب: من الضحل، وهما روايتان كما في
النهاية. ولو قال كما في النهاية: إن لنا الضاحية من الضحل، ويروي من البعل،
لكان أولى لأجل قوله بعد والبعل الذي إلخ). والبُورَ والمَعامِيَ، ولكم
الضَّامَِنةُ من النخل والمَعِينُ. قال أَبو عبيد: الضَّاحية من الضَّحْل
ما ظَهر وبَرَزَ وكان خارجاً من العِمارة في البَرِّ من النخل، والبَعْلُ
الذي يشرب بعروقه من غير سقْيٍ. والضَّامِنَة من النخل: ما تَضَمَّنَها
أَمْصارُهم وكان داخلاً في العِمَارة وأَطاف به سُورُ المدينة؛ قال أَبو
منصور: سميت ضامنة لأَن أَربابها قد ضَمِنُوا عمارَتَها وحفظها، فهي ذاتُ
ضَمانٍ كما قال الله عز وجل: في عِيشةٍ راضية؛ أَي ذاتِ رِضاً،
والضَّامِنَةُ فاعلة بمعنى مفعولة. وفي الحديث: الإِمام ضامِنٌ والمُؤَذِّنُ
مُؤْتَمَنٌ؛ أَراد بالضَّمَان ههنا الحِفْظَ والرعاية لا ضَمان الغرامة لأَنه
يحفظ على القوم صلاتهم، وقيل: إن صلاة المقتدين به في عهدته وصحتها
مقرونة بصحة صلاته، فهو كالمتكفل لهم صحة صلاتهم. والمُضَمَّنُ من الشعر: ما
ضَمَّنْتَهُ بيتاً، وقيل ما لم تتم معاني قوافيه إلا بالبيت الذي يليه
كقوله:
يا ذا الذي في الحُبِّ يَلْحَى، أَما
واللهِ لو عُلِّقْتَ منه كما
عُلِّقْتُ من حُبِّ رَخِيمٍ، لما
لُمْتَ على الحُبِّ، فَدَعْني وما
قال: وهي أَيضاً مشطورة مُضَمَّنَة أَي أُلْقِيَ من كل بيت نصف وبُنِيَ
على نصف؛ وفي المحكم: المُضَمَّنُ من أَبيات الشعر ما لم يتم معناه إِلا
في البيت الذي بعده، قال: وليس بعيب عند الأَخفش، وأَن لا يكونَ
تَضْمِينٌ أَحْسَنُ؛ قال الأَخفش: ولو كان كل ما يوجد ما هو أَحسن منه قبيحاً كان
قول الشاعر:
سَتُبْدي لك الأَيامُ ما كنت جاهلاً،
ويأْتيك بالأَخْبارِ من لم تُزَوِّدِ
رديئاً إذا وجدت ما هو أَشْعر منه، قال: فليس التضمين بعيب كما أَن هذا
ليس برديء، وقال ابن جني: هذا الذي رآه أَبو الحسن من أَن التضمين ليس
بعيب مذهب تراه العرب وتستجيزه، ولم يَعْدُ فيه مذهبَهم من وجهين: أَحدهما
السماع، والآخر القياس، أَما السماع فلكثرة ما يرد عنهم من التضمين،
وأَما القياس فلأَن العرب قد وضعت الشعر وضعاً دلت به على جواز التضمين
عندهم؛ وذلك ما أَنشده صاحب الكتاب وأَبو زيد وغيرهما من قول الرَّبيعِ بن
ضَبُعٍ الفَزَاري:
أَصْبَحْتُ لا أَحْمِلُ السلاحَ، ولا
أَملك رأْس البعيرِ، إن نَفَرا
والذئبَ أَخْشاه، إن مَرَرْتُ به
وَحْدِي، وأَخْشَى الرياحَ والمَطَرا.
فنَصْبُ العرب الذِّئْبَ هنا، واختيارُ النحويين له من حيث كانت قبله
جملة مركبة من فعل وفاعل، وهي قوله لا أَملك، يدلك على جريه عند العرب
والنحويين جميعاً مجرى قولهم: ضربت زيداً وعمراً لقيته، فكأَنه قال: ولقيت
عمراً لتتجانس الجملتان في التركيب، فلولا أَن البيتين جميعاً عند العرب
يجريان مجرى الجملة الواحدة لما اختارت العرب والنحويون جميعاً نصب الذئب،
ولكن دل على اتصال أَحد البيتين بصاحبه وكونهما معاً كالجملة المعطوف
بعضها على بعض، وحكم المعطوف والمعطوف عليه أَن يجريا مجرى العقدة الواحدة،
هذا وجه القياس في حسن التضمين، إلا أَن بإِزائه شيئاً
آخر يقبح التضمين لأَجله، وهو أَن أَبا الحسن وغيره قد قالوا: إِن كل
بيت من القصيدة شعر قائم بنفسه، فمن هنا قَبُحَ التضمين شيئاً، ومن حيث
ذكرنا من اختيار النصب في بيت الربيع حَسُنَ، وإذا كانت الحال على هذا فكلما
ازدادت حاجة البيت الأَول إلى الثاني واتصل به اتصالاً شديداً كان أَقبح
مما لم يحتج الأَول إلى الثاني هذه الحاجة؛ قال: فمن أَشدَّ التضمين قول
الشاعر روي عن قُطْرُب وغيره:
وليس المالُ، فاعْلَمْهُ، بمالٍ
من الأَقْوامِ إلا للَّذِيِّ
يُرِيدُ به العَلاءَ ويَمْتَهِنْهُ
لأَقْرَبِ أَقْرَبِيه، وللقَصِيِّ.
فضَمَّنَ بالموصول والصلة على شدة اتصال كل واحد منهما بصاحبه؛ وقال
النابغة:
وهم وَرَدُوا الجِفارَ على تميمٍ،
وهم أَصحابُ يومِ عُكاظَ، إنِّي
شَهِدْتُ لهم مَواطِنَ صادِقاتٍ،
أَتَيْتُهُمُ بِوُدِّ الصَّدْرِ مِنِّي
وهذا دو الأَول لأَنه ليس اتصالُ المخبر عنه بخبره في شدة اتصال الموصول
بصلته؛ ومثله قول القُلاخ لسَوَّار بن حَيّان المَنْقَريّ:
ومثل سَوَّارٍ ردَدْناه إلى
إدْرَوْنِه ولُؤْمِ إصِّه على
أَلرَّغْمِ مَوْطوءَ الحِمى مُذَلَّلا
والمُضَمَّنُ من الأَصوات: ما لا يستطاع الوقوف عليه حتى يوصل بآخر. قال
الأَزهري: والمُضَمَّنُ من الأَصوات أَن يقول الإنسان قِفْ فُلَ بإِشمام
اللام إلى الحركة. والضَّمانةُ والضَّمانُ: الزَّمانة والعاهة؛ قال
الشاعر:
بعَيْنَينِ نَجْلاوَينِ لم يَجْرِ فيهما
ضمانٌ، وجِيدٍ حُلِّيَ الشذْرَ شامِس.
والضَّمَنُ والضَّمانُ والضُّمْنة والضَّمانة: الداء في الجسد من بلاء
أَو كِبر؛ رجل ضَمَنٌ، لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث: مريض، وكذلك ضَمِنٌ،
والجمع ضَمِنُون، وضَمِينٌ والجمع ضَمْنى، كُسِّر على فَعْلى وإن كانت إنما
يكسر بها المفعول نحو قَتْلى وأَسْرَى، لكنهم تجوّزوه على لفظ فاعِل أَو
فَعِلٍ على تَصَوُّرِ معنى مفعول؛ قال سيبويه: كُسِّر هذا النحو على
فَعْلى لأَنها من الأَشياء التي أُصيبوا بها وأُدْخلوا فيها وهم لها كارهون.
وقد ضَمِنَ بالكسر، ضَمَناً: كمَرِض وزَمِن، فهو ضَمِنٌ أَي مُبْتَلىً.
والضَّمانة: الزَّمانة. وفي حديث عبد الله بن عمر: من اكْتَتَب ضَمِناً
بعثه الله ضَمِناً يوم القيامة أَي من سأَل أَن يكتب نفسه في جملة
الزَّمْنى، ليُعْذَرَ عن الجهاد ولا زَمانه به، بعثه الله يوم القيامة زَمِناً،
واكتتب: سأَل أَن يكتب في جملة المعذورين، وخرَّجه بعضهم عن عبد الله بن
عمرو بن العاص، وإذا أَخذ الرجلُ من أَمير جُنْدِه خطّاً بزَمانته.
والمُؤَدِّي الخراج يَكْتتَبُ البراءَة به. والضَّمِنُ: الذي به ضَمانة في
جسده من زمانة أَو بلاءٍ أَو كَسْر وغيره، تقول منه: رجل ضَمِنٌ؛ قال
الشاعر:
ما خِلْتُني زِلْتُ بعْدَكمْ ضَمِناً،
أَشكو إليكم حُمُوَّة الأَلَمِ.
والاسم الضَّمَن، بفتح الميم، والضَّمان؛ وقال ابن أَحمر وقد كان سُقِيَ
بطنُه:
إليك، إلهَ الخَلْقِ، أَرْفَعُ رَغْبتي
عِياذاً وخَوْفاً أَن تُطيلَ ضَمانِيا. وكان قد أَصابه بعض ذلك،
فالضَّمان هو الداء نفسه، ومعنى الحديث: أَن يَكْتَتِبَ الرجلُ أَنَّ به زمانة
ليتخلف عن الغزو ولا زمانة به، وإنما يفعل ذلك اعتلالاً، ومعى يَكتتِب
يأْخذ لنفسه خطّاً من أَمير جيشه ليكون عذراً عن واليه. الفراء: ضَمِنَتْ
يدُه ضَمانة بمنزلة الزمانة. ورجل مَضْمون اليد: مثل مَخْبون اليد. وقوم
ضَمْنى أَي زَمْنى. الجوهري: والضُّمْنة، بالضم، من قولك كانت ضُمْنةُ فلان
أَربعة أَشهر أَي مَرَضُه. وفي حديث ابن عُمَير: مَعْبوطةٌ غيرُ ضَمِنةٍ
أَي أَنها ذبحت لغير علة. وفي الحديث: أَنه كان لعامر بن ربيعة ابن
أَصابته رَمْيةٌ يومَ الطائف فضَمِنَ منها أَي زَمِنَ. وفي الحديث: كانوا
يَدْفعون المفاتيح إلى ضَمْناهم ويقولون: إن احتجتم فكُلوا؛ الضَّمْنى:
الزَّمْنى، جمع ضَمِنٍ. والضَّمانةُ: الحُبُّ؛ قال ابن عُلَّبة:
ولكن عَرتْني من هَواكِ ضَمانةٌ،
كما كنتُ أَلقى منكِ إذ أَنا مُطْلقُ.
ورجل ضَمِنٌ: عاشق. وفلان ضَمِنٌ على أَهله وأَصحابه أَي كلٌّ؛ أَبو
زيد: يقال فلان ضَمِنٌ على أَصحابه وكَلٌّ عليهم وهما واحد. وإني لفي غَفَلٍ
عن هذا وغُفُولٍ وغَفْلة بمعنى واحد؛ قال لبيد:
يُعْطي حُقوقاً على الأَحساب ضامِنةً،
حتى يُنَوِّرَ في قُرْيانِه الزَّهَرُ.
كأَنه قال مضمونة؛ ومثله:
أَناشِرَ لا زالَتْ يَمينُك آشِرَه.
يريد مأْشورة أَي مقطوعة. ومثله: أَمْرٌ عارفٌ أَي معروف، والراحلةُ:
بمعنى المَرْحولة، وتطليقة بائنة أَي مُبانة. وفَهِمْت ما تضَمَّنه كتابك
أَي ما اشتمل عليه وكان في ضِمْنه. وأَنفَذْتُه ضِمْن كتابي أَي في
طَيّه.
برز: البَرازُ، بالفتح: المكان الفَضاء من الأَرض البعيدُ الواسعُ.
وإِذا خرج الإِنسان إِلى ذلك الموضع قيل: قد بَرَزَ يَبْرُزُ بُرُوزاً أَي
خرج إِلى البَرازِ. والبَرازُ، بالفتح أَيضاً: الموضع الذي ليس به خَمَر من
شجر ولا غيره. وفي الحديث:كان إِذا أَراد البَراز أَبْعَدَ؛ البراز،
بالفتح: اسم للفضاء الواسع فَكَنَوْا به عن قضاء الغائط كما كَنَوْا عنه
بالخلاء لأَنهم كانوا يَتَبَرَّزُون في الأَمكنة الخالية من الناس. قال
الخطابي: المحدّثون يروونه بالكسر، وهو خطأٌ لأَنه بالكسر مصدر من
المُبارَزَةِ في الحرب. وقال الجوهري بخلافه: وهذا لفظه البِرازُ المُبارَزَةُ في
الحرب، والبِرازُ أَيضاً كناية عن ثُفْلِ الغذاء، وهو الغائط، ثم قال:
والبَرازُ، بالفتح، الفضاء الواسع. وتَبَرَّزَ الرجلُ: خرج إِلى البَراز
للحاجة، وقد تكرر المكسور في الحديث، ومن المَفْتُوحِ حديث عليّ، كرم الله
وجهه: أَن رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، رأَى رجلاً يغتسل بالبَرازِ،
يريد الموضع المنكشف بغير سُتْرَةٍ. والمَبْرَزُ: المُتَوَضَّأُ. وبَرَزَ
إِليه وأَبْرَزَهُ غيره وأَبْرَزَ الكتابَ: أَخرجه، فهو مَبْرُوزٌ.
وأَبْرَزَهُ: نَشَرَه، فهو مُبْرَزٌ، ومَبْرُوزٌ شاذ على غير قياس جاء على حذف
الزائد؛ قال لبيد:
أَوْ مُذْهَبٌ جَدَدٌ على أَلواحِهِ،
أَلنَّاطِقُ المَبْرُوزُ والمَخْتُومُ
قال ابن جني: أَراد المَبْرُوزَ به ثم حذف حرف الجر فارتفع الضمير
واستتر في اسم المفعول به؛ وعليه قول الآخر:
إِلى غيرِ مَوْثُوقٍ من الأَرض يَذْهَبُ
أَراد موثوق به؛ وأَنشد بعضهم المُبْرَزُ على احتمال الخَزْلِ في
متفاعلن؛ قال أَبو حاتم في قول لبيد إِنما هو:
أَلنَّاطقُ المُبْرَزُ والمَخْتُومُ
مزاحف فغيره الرواة فراراً من الزحاف. الصحاح: أَلناطق بقطع الأَلف وإِن
كان وصلاً، قال وذلك جائز في ابتداء الأَنصاف لأَن التقدير الوقف على
النصف من الصدر، قل: وأَنكر أَبو حاتم المبروز قال: ولعله المَزْبُورُ وهو
المكتوب؛ وقال لبيد أَيضاً في كلمة له أُخرى:
كما لاحَ عُنْوانُ مَبْرُوزَةٍ،
يَلُوحُ مع الكَفِّ عُنْوانُها
قال: فهذا يدل على أَنه لغته، قال: والرواة كلهم على هذا، قال: فلا معنى
لإِنكار من أَنكره، وقد أَعطوه كتاباً مَبْرُوزاً، وهو المنشور. قال
الفراء: وإِنما أَجازوا المبروز وهو من أَبرزت لأَن يبرز لفظه واحد من
الفعلين. وكلُّ ما ظهر بعد خفاء، فقد بَرَزَ.
وبَرَّزَ الرجلُ: فاق على أصحابه، وكذلك الفرس إِذا سَبَقَ.
وبارَزَ القِرْنَ مُبارَزَةً وبِرازاً: بَرَزَ إِليه، وهما
يَتَبارَزانِ.وامرأَة بَرْزَةٌ: بارِزَةُ المَحاسِنِ. قال ابن الأَعرابي: قال
الزبيري: البَرْزَة من النساء التي ليست بالمُتَزايِلَةِ التي تُزايِلُك بوجهها
تستره عنك وتَنْكَبُّ إِلى الأَرض، والمُخْرَمِّقَةُ التي لا تتكلم إِن
كُلِّمَتْ، وقيل: امرأَة بَرْزَةٌ مُتَجالَّةٌ تَبْرُزُ للقوم يجلسون
إِليها ويتحدَّثون عنها. وفي حديث أُم مَعْبَدٍ: وكانت امرأَةً بَرْزَةً
تَخْتَبِئُ بِفِناءِ قُبَّتِها؛ أَبو عبيدة: البَرْزَةُ من النساءِ الجليلة
التي تظهر للناس ويجلس إِليها القوم. وامرأَة بَرْزَة: موثوق برأْيها
وعفافها. ويقال: امرأَة بَرْزَة إِذا كانت كَهْلَةً لا تحتجب احتجابَ
الشَّوابِّ، وهي مع ذلك عفيفة عاقلة تجلس للناس وتحدِّثهم، من البُروزِ وهو
الظهور والخروج. ورجلٌ بَرْزٌ: ظاهر الخلقِ عَفِيفٌ؛ قال العجاج:
بَرْزٌ وذو العَفَافَةِ البَرْزِيُّ
وقال غيره: بَرْزٌ أَراد أَنه متكشف الشأْن ظاهر. ورجل بَرْزٌ وامرأَة
بَرْزَةٌ: يوصفان بالجَهارَة والعقل؛ وأَما قول جرير:
خَلِّ الطَّرِيقَ لمن يَبْنِي المَنارَ به،
وابْرُزْ ببَرْزَةَ حيثُ اضْطَرَّكَ القَدَرُ
فهو اسم أُم عمر بن لَجَإٍ التَّيْمِيِّ. ورجل بَرْزٌ وبَرْزِيٌّ:
مَوثوق بفضله ورأْيه، وقد بَرُزَ بَرازَةً. وبَرَّزَ الفرسُ على الخيل:
سَبَقها، وقيل كلُّ سابق مُبَرِّزٌ. وبَرَّزَه فرسُه: نَجَّاه؛ قال
رؤْبة:لو لم يُبَرِّزْهُ جَوادٌ مِرْأَسُ
وإِذا تسابقت الخيل قيل لسابقها: قد بَرَّزَ عليها، وإِذا قيل بَرَزَ،
مخففٌ، فمعناه ظهر بعد الخفاء، وإِنما قيل في التَّغَوُّطِ تَبَرَّزَ فلان
كناية أَي خرج إِلى بَرازٍ من الأَرض للحاجة. والمُبارَزَةُ في الحرب
والبِرازُ من هذا أُخذ، وقد تَبارَزَ القِرْنانِ. وأَبْرَزَ الرجلُ إِذا
عزم على السفر، وبَرَزَ إِذا ظهر بعد خُمول، وبَرَزَ إِذا خرج إِلى
البرازِ، وهو الغائط. وقوله تعالى: وتَرى الأَرضَ بارِزَةً، أَي ظاهرة بلا جبل
ولا تَلٍّ ولا رمل.
وذَهَبٌ إِبْرِيزٌ: خالص؛ عربي؛ قال ابن جني: هو إِفْعِيلٌ من بَرَزَ.
وفي الحديث: ومنه ما يَخْرُجُ كالذهب الإِبْرِيزِ أَي الخالص، وهو
الإِبْرِزِيُّ أَيضاً، والهمزة والياء زائدتان. ابن الأَعرابي: الإِبْريزُ
الحَلْيُ الصافي من الذهب. وقد أَبْرَزَ الرجلُ إِذا اتخذ الإِبْرِيزَ وهو
الإِبْرِزِيُّ؛ قال النابغة:
مُزَيَّنَةٌ بالإِبْرِزِيِّ وجشْوُها
رَضِيعُ النَّدَى، والمُرْشِفاتِ الحَوَاضِنِ
وروى أَبو أُمامة عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: إِنَّ الله
لَيُجَرِّبُ أَحدَكم بالبلاءِ كما يُجَرِّبُ أَحدُكم ذهبَه بالنار، فمنه
ما يخرج كالذهب الإِبْرِيزِ، فذلك الذي نجاه الله من السيِّئات، ومنهم من
يخرج من الذهب دون ذلك وهو الذي يشك بعض الناس، ومنهم من يخرج كالذهب
الأَسود وذلك الذي أُفْتِن؛ قال شمر: الإِبْرِيزُ من الذهب الخالص وهو
الإِبْرِزيُّ والعِقْيانُ والعَسْجَدُ.
النهاية لابن الأَثير: في حديث أَبي هريرة، رضي الله عنه: لا تقوم
الساعة حتى تقاتلوا قوماً يَنْتَعِلُونَ الشَّعَرَ وهم البازَرُ؛ قيل: بازَرُ
ناحية قريبة من كِرْمانَ بها جبال، وفي بعض الروايات هم الأَكراد، فإِن
كان من هذا فكأَنه أَراد أَهل البازر أَو يكون سُمُّوا باسم بلادهم، قال:
هكذا أَخرجه أَبو موسى في حرف الباء والزاي من كتابه وشَرَحَه، قال:
والذي رويناه في كتاب البخاري عن أَبي هريرة، رضي الله عنه: سمعت رسول الله،
صلى الله عليه وسلم، يقول: بين يدي الساعة تُقاتِلُون قوماً نعالهم الشعر
وهو هذا البازر؛ وقال سفيانُ مَرَّةً: هم أَهلُ البارِز، يعني بأَهل
البارز أَهل فارس، هكذا هو بلغتهم وهكذا جاءَ في لفظ الحديث كأَنه أَبدل
السين زاياً، فيكون من باب الباء والراء وهو هذا الباب لا من باب الباء
والزاي؛ قال: وقد اختلف في فتح الراء وكسرها، وكذلك اختلف مع تقديم الزاي،
وقد ذكر أَيضاً في موضعه متقدماً، والله أَعلم.