من (ص ف ر) المفتقر والخالي.
من (ص ف ر) المفتقر والخالي.
صفر: الصُّفْرة من الأَلوان: معروفة تكون في الحيوان والنبات وغير ذلك
ممَّا يقبَلُها، وحكاها ابن الأَعرابي في الماء أَيضاً. والصُّفْرة
أَيضاً: السَّواد، وقد اصْفَرَّ واصفارّ وهو أَصْفَر وصَفَّرَه غيرُه. وقال
الفراء في قوله تعالى: كأَنه جِمَالاتٌ صُفْرٌ، قال: الصُّفر سُود الإِبل لا
يُرَى أَسود من الإِبل إِلا وهو مُشْرَب صُفْرة، ولذلك سمَّت العرب سُود
الإِبل صُفراً، كما سَمَّوا الظِّباءَ أُدْماً لِما يَعْلُوها من الظلمة
في بَياضِها. أَبو عبيد: الأَصفر الأَسود؛ وقال الأَعشى:
تلك خَيْلي منه، وتلك رِكابي،
هُنَّ صُفْرٌ أَولادُها كالزَّبِيب
وفرس أَصْفَر: وهو الذي يسمى بالفارسية زَرْدَهْ. قال الأَصمعي: لا
يسمَّى أَصفر حتى يصفرَّ ذَنَبُه وعُرْفُهُ. ابن سيده: والأَصْفَرُ من الإِبل
الذي تَصْفَرُّ أَرْضُهُ وتَنْفُذُه شَعْرة صَفْراء.
والأَصْفَران: الذهب والزَّعْفَران، وقيل الوَرْسُ والذهب. وأَهْلَكَ
النِّساءَ الأَصْفَران: الذهب والزَّعْفَرا، ويقال: الوَرْس والزعفران.
والصَّفْراء: الذهب لِلَوْنها؛ ومنه قول عليّ بن أَبي طالب، رضي الله عنه:
يا دنيا احْمَرِّي واصْفَرِّي وغُرِّي غيري. وفي حديث آخر عن عليّ، رضي
الله عنه: يا صَفْراءُ اصْفَرِّي ويا بَيْضاء ابْيَضِّي؛ يريد الذهب
والفضة، وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، صالَحَ أَهلَ خَيْبَر على
الصَّفْراء والبَيْضاء والحَلْقَة؛ الصَّفْراء: الذهب، والبيضاء: الفِضة،
والحَلْقة: الدُّرُوع. يقال: ما لفلان صفراء ولا بَيْضاء. والصَّفْراءُ
من المِرَرِ: سمَّيت بذلك للونها. وصَفَّرَ الثوبَ: صَبغَهُ بِصُفْرَة؛
ومنه قول عُتْبة ابن رَبِيعة لأَبي جهل: سيعلم الــمُصَفِّر اسْتَه مَن
المَقْتُولُ غَداً. وفي حديث بَدْر: قال عتبة بن ربيعة لأَبي جهل: يا
مُصَفِّر اسْتِهِ؛ رَماه بالأُبْنَةِ وأَنه يُزَعْفِر اسْتَهُ؛ ويقال: هي كلمة
تقال للمُتَنَعِّمِ المُتْرَفِ الذي لم تُحَنِّكْهُ التَّجارِب والشدائد،
وقيل: أَراد يا مُضَرِّط نفسه من الصَّفِير، وهو الصَّوْتُ بالفم
والشفتين، كأَنه قال: يا ضَرَّاط، نَسَبه إِلى الجُبْن والخَوَر؛ ومنه الحديث:
أَنه سَمِعَ صَفِيرَه. الجوهري: وقولهم في الشتم: فلان مُصَفَّر اسْتِه؛
هو من الصِفير لا من الصُّفرة، أَي ضَرَّاط.
والصَّفْراء: القَوْس. والــمُصَفِّرة: الَّذِين عَلامَتُهم الصُّفْرَة،
كقولك المُحَمَّرة والمُبَيِّضَةُ.
والصُّفْريَّة: تمرة يماميَّة تُجَفَّف بُسْراً وهي صَفْراء، فإِذا
جَفَّت فَفُركَتْ انْفَرَكَتْ، ويُحَلَّى بها السَّوِيق فَتَفوق مَوْقِع
السُّكَّر؛ قال ابن سيده: حكاه أَبو حنيفة، قال: وهكذا قال: تمرة يَمامِيَّة
فأَوقع لفظ الإِفراد على الجنس، وهو يستعمل مثل هذا كثيراً. والصُّفَارَة
من النَّبات: ما ذَوِيَ فتغيَّر إِلى الصُّفْرَة. والصُّفارُ: يَبِيسُ
البُهْمَى؛ قال ابن سيده: أُراه لِصُفْرَته؛ ولذلك قال ذو الرمة:
وحَتَّى اعْتَلى البُهْمَى من الصَّيْفِ نافِضٌ،
كما نَفَضَتْ خَيْلٌ نواصِيَها شُقْرُ
والصَّفَرُ: داءٌ في البطن يصفرُّ منه الوجه. والصَّفَرُ: حَيَّة تلزَق
بالضلوع فَتَعَضُّها، الواحد والجميع في ذلك سواء، وقيل: واحدته صَفَرَة،
وقيل: الصَّفَرُ دابَّة تَعَضُّ الضُّلوع والشَّرَاسِيف؛ قال أَعشى
باهِلة يَرْثِي أَخاه:
لا يَتَأَرَّى لِمَا في القِدْرِ يَرْقُبُهُ،
ولا يَعَضُّ على شُرْسُوفِه الصَّفَرُ
وقيل: الصَّفَر ههنا الجُوع. وفي الحديث: صَفْرَة في سبيل الله خير من
حُمْر النَّعَمِ؛ أَي جَوْعَة. يقال: صَغِر الرَطْب إِذا خلا من اللَّبَن،
وقيل: الصَّفَر حَنَش البَطْن، والصَّفَر فيما تزعم العرب: حيَّة في
البطن تَعَضُّ الإِنسان إِذا جاع، واللَّذْع الذي يجده عند الجوع من عَضِّه.
والصَّفَر والصُّفار: دُودٌ يكون في البطن وشَراسيف الأَضلاع فيصفرُّ
عنه الإِنسان جِدّاً وربَّما قتله. وقولهم: لا يَلْتاطُ هذا بِصَفَري أَي
لا يَلْزَق بي ولا تقبَله نفسي. والصُّفار: الماء الأَصْفَرُ الذي يُصيب
البطن، وهو السَّقْيُ، وقد صُفِرَ، بتخفيف الفاء. الجوهري: والصُّفار،
بالضم، اجتماع الماء الأَصفر في البطن، يُعالَجُ بقطع النَّائط، وهو عِرْق
في الصُّلْب؛ قال العجاج يصِف ثور وحش ضرب الكلب بقرنه فخرج منه دم كدم
المفصود أَو المَصْفُور الذي يخرج من بطنه الماء الأَصفر:
وبَجَّ كلَّ عانِدٍ نَعُورِ،
قَضْبَ الطَّبِيبِ نائطَ المَصْفُورِ
وبَجَّ: شق، أَي شق الثورُ بقرنه كل عِرْق عانِدٍ نَعُور. والعانِد:
الذي لا يَرْقأُ له دمٌ. ونَعُور: يَنْعَرُ بالدم أَي يَفُور؛ ومنه عِرْق
نَعَّار. وفي حديث أَبي وائل: أَن رجلاً أَصابه الصَّفَر فنُعِت له
السُّكَّر؛ قال القتيبي: هو الحَبَنُ، وهو اجتماع الماء في البطن. يقال: صُفِر،
فهو مَصْفُور، وصَفِرَ يَصْفَرُ صَفَراً؛ وروى أَبو العباس أَن ابن
الأَعرابي أَنشده في قوله:
يا رِيحَ بَيْنُونَةَ لا تَذْمِينا،
جِئْتِ بأَلْوان الــمُصَفَّرِــينا
قال قوم: هو مأْخوذ من الماء الأَصفر وصاحبه يَرْشَحُ رَشْحاً
مُنْتِناً، وقال قوم: هو مأْخوذ من الصَّفَر، وهو الجوعُ، الواحدة
صَفْرَة.ورجل مَصْفُور ومُصَفَّر إِذا كان جائعاً، وقيل: هو مأْخوذ من الصَّفَر،
وهي حيَّات البطن.
ويقال: إِنه لفي صُفْرة للذي يعتريه الجنون إِذا كان في أَيام يزول فيها
عقله، لأَنهم كانوا يمسحونه بشيء من الزعفران.
والصُّفْر: النُّحاس الجيد، وقيل: الصُّفْر ضرْب من النُّحاس، وقيل: هو
ما صفر منه، واحدته صُفْرة، والصِّفْر: لغة في الصُّفْر؛ عن أَبي عبيدة
وحده؛ قال ابن سيده: لم يَكُ يُجيزه غيره، والضم أَجود، ونفى بعضهم الكسر.
الجوهري: والصُّفْر، بالضم، الذي تُعمل منه الأَواني. والصَّفَّار: صانع
الصُّفْر؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
لا تُعْجِلاها أَنْ تَجُرَّ جَرّا،
تَحْدُرُ صُفْراً وتُعَلِّي بُرّا
قال ابن سيده: الصُّفْر هنا الذهب، فإِمَّا أَن يكون عنى به الدنانير
لأَنها صُفْر، وإِمَّا أَن يكون سماه بالصُّفْر الذي تُعْمل منه الآنية لما
بينهما من المشابهة حتى سمي اللاَّطُون شَبَهاً.
والصِّفْر والصَّفْر والصُّفْر: الشيء الخالي، وكذلك الجمع والواحد
والمذكر والمؤنث سواء؛ قال حاتم:
تَرَى أَنَّ ما أَنفقتُ لم يَكُ ضَرَّني،
وأَنَّ يَدِي، مِمَّا بخلتُ به، صفْرُ
والجمع من كل ذلك أَصفار؛ قال:
لَيْسَتْ بأَصْفار لِمَنْ
يَعْفُو، ولا رُحٍّ رَحَارحْ
وقالوا: إِناءٌ أَصْفارٌ لا شيء فيه، كما قالوا: بُرْمَة أَعْشار. وآنية
صُفْر: كقولك نسْوَة عَدْل. وقد صَفِرَ الإِناء من الطعام والشراب،
والرَطْب من اللَّبَن بالكسر، يَصْفَرُ صَفَراً وصُفُوراً أَي خلا، فهو
صَفِر. وفي التهذيب: صَفُر يَصْفُر صُفُورة. والعرب تقول: نعوذ بالله من
قَرَعِ الفِناء وصَفَرِ الإِناء؛ يَعْنُون به هَلاك المَواشي؛ ابن السكيت:
صَفِرَ الرجل يَصْفَر صَفِيراً وصَفِر الإِناء. ويقال: بيت صَفِر من المتاع،
ورجل صِفْرُ اليدين. وفي الحديث: إِنَّ أَصْفَرَ البيوت
(* قوله: «ان
أصفر البيوت» كذا بالأَصل، وفي النهاية أصفر البيوت بإسقاط لفظ إِن). من
الخير البَيْتُ الصَّفِرُ من كِتاب الله. وأَصْفَر الرجل، فهو مُصْفِر، أَي
افتقر. والصَّفَر: مصدر قولك صَفِر الشيء، بالكسر، أَي خلا.
والصِّفْر في حِساب الهند: هو الدائرة في البيت يُفْني حِسابه.
وفي الحديث: نهى في الأَضاحي عن المَصْفُورة والــمُصْفَرة؛ قيل:
المَصْفورة المستأْصَلة الأُذُن، سميت بذلك لأَن صِماخيها صَفِرا من الأُذُن أَي
خَلَوَا، وإِن رُوِيَت الــمُصَفَّرة بالتشديد فَللتَّكسِير، وقيل: هي
المهزولة لخلوِّها من السِّمَن؛ وقال القتيبي في المَصْفُورة: هي
المَهْزُولة، وقيل لها مُصَفَّرة لأَنها كأَنها خَلَت من الشحم واللحم، من قولك: هو
صُِفْر من الخير أَي خالٍ. وهو كالحديث الآخر: إِنَّه نَهَى عن العَجْفاء
التي لا تُنْقِي، قال: ورواه شمر بالغين معجمة، وفسره على ما جاء في
الحديث، قال ابن الأَثير: ولا أَعرفه؛ قال الزمخشري: هو من الصِّغار. أَلا
ترى إِلى قولهم للذليل مُجَدَّع ومُصلَّم؟ وفي حديث أُمِّ زَرْعٍ: صِفْرُ
رِدائها ومِلءُ كِسائها وغَيْظُ جارَتِها؛ المعنى أَنها ضامِرَة البطن
فكأَن رِداءها صِفْر أَي خالٍ لشدَّة ضُمور بطنها، والرِّداء ينتهي إِلى
البطن فيقع عليه. وأَصفَرَ البيتَ: أَخلاه. تقول العرب: ما أَصْغَيْت لك
إِناء ولا أَصْفَرْت لك فِناءً، وهذا في المَعْذِرة، يقول: لم آخُذْ
إِبِلَك ومالَك فيبقى إِناؤُك مَكْبوباً لا تجد له لَبَناً تَحْلُبه فيه، ويبقى
فِناؤك خالِياً مَسْلُوباً لا تجد بعيراً يَبْرُك فيه ولا شاة تَرْبِضُ
هناك.
والصَّفارِيت: الفقراء، الواحد صِفْرِيت؛ قال ذو الرمة:
ولا خُورٌ صَفارِيتُ
والياء زائدة؛ قال ابن بري: صواب إِنشاده ولا خُورٍ، والبيت بكماله:
بِفِتْيَةٍ كسُيُوف الهِنْدِ لا وَرَعٍ
من الشَّباب، ولا خُورٍ صَفارِيتِ
والقصيدة كلها مخفوضة وأَولها:
يا دَارَ مَيَّةَ بالخَلْصاء حُيِّيتِ
وصَفِرَت وِطابُه: مات، قال امرؤُ القيس:
وأَفْلَتَهُنَّ عِلْباءٌ جَرِيضاً،
ولو أَدْرَكْنَهُ صَفِرَ الوِطاب
وهو مثَل معناه أَن جسمه خلا من رُوحه أَي لو أَدركته الخيل لقتلته
ففزِعت، وقيل: معناه أَن الخيل لو أَدركته قُتل فصَفِرَت وِطابُه التي كان
يَقْرِي منها وِطابُ لَبَنِه، وهي جسمه من دَمِه إِذا سُفِك. والصَّفْراء:
الجرادة إِذا خَلَت من البَيْضِ؛ قال:
فما صَفْراءُ تُكْنَى أُمَّ عَوْفٍ،
كأَنَّ رُجَيْلَتَيْها مِنْجَلانِ؟
وصَفَر: الشهر الذي بعد المحرَّم، وقال بعضهم: إِنما سمي صَفَراً لأَنهم
كانوا يَمْتارُون الطعام فيه من المواضع؛ وقال بعضهم: سمي بذلك لإِصْفار
مكة من أَهلها إِذا سافروا؛ وروي عن رؤبة أَنه قال: سَمَّوا الشهر
صَفَراً لأَنهم كانوا يَغْزون فيه القَبائل فيتركون من لَقُوا صِفْراً من
المَتاع، وذلك أَن صَفَراً بعد المحرم فقالوا: صَفِر الناس مِنَّا صَفَراً.
قال ثعلب: الناس كلهم يَصرِفون صَفَراً إِلاَّ أَبا عبيدة فإِنه قال لا
ينصرف؛ فقيل له: لِمَ لا تصرفه؟
(* هكذا بياض بالأصل) . . . لأَن النحويين
قد أَجمعوا على صرفه، وقالوا: لا يَمنع الحرف من الصَّرْف إِلاَّ
علَّتان، فأَخبرنا بالعلتين فيه حتى نتبعك، فقال: نعم، العلَّتان المعرفة
والسَّاعةُ، قال أَبو عمر: أَراد أَن الأَزمنة كلها ساعات والساعات مؤنثة؛ وقول
أَبي ذؤيب:
أَقامَتْ به كمُقام الحَنِيـ
ـفِ شَهْرَيْ جُمادى، وشَهْرَيْ صَفَر
أَراد المحرَّم وصفراً، ورواه بعضهم: وشهرَ صفر على احتمال القبض في
الجزء، فإِذا جمعوه مع المحرَّم قالوا: صَفران، والجمع أَصفار؛ قال
النابغة:لَقَدْ نَهَيْتُ بَني ذُبْيانَ عن أُقُرٍ،
وعن تَرَبُّعِهِم في كلِّ أَصْفارِ
وحكى الجوهري عن ابن دريد: الصَّفَرانِ شهران من السنة سمي أَحدُهما في
الإِسلام المحرَّم. وقوله في الحديث: لا عَدْوَى ولا هامَةَ ولا صَفَر؛
قال أَبو عبيد: فسر الذي روى الحديث أَن صفر دَوَابُّ البَطْن. وقال أَبو
عبيد: سمعت يونس سأَل رؤبة عن الصَّفَر، فقال: هي حَيَّة تكون في البطن
تصيب الماشية والناس، قال: وهي أَعدى من الجَرَب عند العرب؛ قال أَبو
عبيد: فأَبطل النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنها تعدي. قال: ويقال إِنها تشتد
على الإِنسان وتؤذيه إِذا جاع. وقال أَبو عبيدة في قوله لا صَفَر: يقال
في الصَّفَر أَيضاً إِنه أَراد به النَّسيءَ الذي كانوا يفعلونه في
الجاهلية، وهو تأْخيرهم المحرَّم إِلى صفر في تحريمه ويجعلون صَفَراً هو الشهر
الحرام فأَبطله؛ قال الأَزهري: والوجه فيه التفسير الأَول، وقيل للحية
التي تَعَضُّ البطن: صَفَر لأَنها تفعل ذلك إِذا جاع الإِنسان.
والصَّفَرِيَّةُ: نبات ينبت في أَوَّل الخريف يخضِّر الأَرض ويورق
الشجر. وقال أَبو حنيفة: سميت صفرية لأَن الماشية تَصْفَرُّ إِذا رعت ما يخضر
من الشجر وترى مَغابِنَها ومَشَافِرَها وأَوْبارَها صُفْراً؛ قال ابن
سيده: ولم أَجد هذا معروفاً.
والصُّفَارُ: صُفْرَة تعلو اللون والبشرة، قال: وصاحبه مَصْفُورٌ؛
وأَنشد:
قَضْبَ الطَّبِيبِ نائطَ المَصْفُورِ
والصُّفْرَةُ: لون الأَصْفَر، وفعله اللازم الاصْفِرَارُ. قال: وأَما
الاصْفِيرارُ فَعَرض يعرض الإِنسان؛ يقال: يصفارُّ مرة ويحمارُّ أُخرى،
قال: ويقال في الأَوَّل اصْفَرَّ يَصْفَرُّ.
والصَّفَريُّ: نَتَاج الغنم مع طلوع سهيل، وهو أَوَّل الشتاء، وقيل:
الصَّفَرِيَّةُ
(* قوله: وقيل الصفرية إلخ» عبارة القاموس وشرحه: والصفرية
نتاج الغنم مع طلوع سهيل، وهو أوّل الشتاء. وقيل الصفرية من لدن طلوع سهيل
إِلى سقوط الذراع حين يشتد البرد، وحينئذ يكون النتاج محموداً كالصفري
محركة فيهما). من لدن طلوع سُهَيْلٍ إِلى سقوط الذراع حين يشتد البرد
وحينئذ يُنْتَجُ الناس، ونِتاجه محمود، وتسمى أَمطار هذا الوقت صَفَرِيَّةً.
وقال أَبو سعيد: الصَّفَرِيَّةُ ما بين تولي القيظ إِلى إِقبال الشتاء،
وقال أَبو زيد: أَول الصفرية طلوع سُهَيْلٍ وآخرها طلوع السِّماك. قال:
وفي أَوَّل الصَّفَرِيَّةِ أَربعون ليلة يختلف حرها وبردها تسمى المعتدلات،
والصَّفَرِيُّ في النّتاج بعد القَيْظِيِّ. وقال أَبو حنيفة:
الصَّفَرِيَّةُ تولِّي الحر وإِقبال البرد. وقال أَبو نصر: الصَّقَعِيُّ أَول
النتاج، وذلك حين تَصْقَعُ الشمسُ فيه رؤوسَ البَهْم صَقْعاً، وبعض العرب يقول
له الشَّمْسِي والقَيْظي ثم الصَّفَري بعد الصَّقَعِي، وذلك عند صرام
النخيل، ثم الشَّتْوِيُّ وذلك في الربيع، ثم الدَّفَئِيُّ وذلك حين تدفأُ
الشمس، ثم الصَّيْفي ثم القَيْظي ثم الخَرْفِيُّ في آخر القيظ.
والصَّفَرِية: نبات يكون في الخريف؛ والصَّفَري: المطر يأْتي في ذلك
الوقت.وتَصَفَّرَ المال: حسنت حاله وذهبت عنه وَغْرَة القيظ.
وقال مرة: الصَّفَرِية أَول الأَزمنة يكون شهراً، وقيل: الصَّفَري أَول
السنة.
والصَّفِير: من الصوت بالدواب إِذا سقيت، صَفَرَ يَصْفِرُ صَفِيراً،
وصَفَرَ بالحمار وصَفَّرَ: دعاه إِلى الماء. والصَّافِرُ: كل ما لا يصيد من
الطير. ابن الأَعرابي: الصَّفارِيَّة الصَّعْوَةُ والصَّافِر الجَبان؛
وصَفَرَ الطائر يَصْفِرُ صَفِيراً أَي مَكَا؛ ومنه قولهم في المثل:
أَجْبَنُ من صَافِرٍ وأَصفَرُ من بُلْبُلٍ، والنَّسْر يَصْفِر. وقولهم: ما في
الدار صافر أَي أَحد يصفر. وفي التهذيب: ما في الدار
(* قوله: وفي التهذيب
ما في الدار إلخ» كذا بالأَصل). أَحد يَصْفِرُ به، قال: هذا مما جاء على
لفظ فاعل ومعناه مفعول به؛ وأَنشد:
خَلَتِ المَنازل ما بِها،
مِمَّن عَهِدْت بِهِنَّ، صَافِر
وما بها صَافِر أَي ما بها أَحد، كما يقال ما بها دَيَّارٌ، وقيل: أَي
ما بها أَحد ذو صَفير. وحكى الفراء عن بعضهم قال: كان في كلامه صُفار،
بالضم، يريد صفيراً. والصَّفَّارَةُ: الاست. والصَّفَّارَةُ: هَنَةٌ جَوْفاء
من نحاس يَصْفِر فيها الغلام للحَمَام، ويَصْفِر فيها بالحمار ليشرب.
والصَّفَرُ: العَقل والعقد. والصَّفَرُ: الرُّوعُ ولُبُّ القَلْبِ،
يقال: ما يلزق ذلك بصَفَري.
والصُّفَار والصِّفَارُ: ما بقي في أَسنان الدابة من التبن والعلف
للدواب كلها. والصُّفَار: القراد، ويقال: دُوَيْبَّةٌ تكون في مآخير الحوافر
والمناسم؛ قال الأَفوه:
ولقد كُنْتُمْ حَدِيثاً زَمَعاً
وذُنَابَى، حَيْثُ يَحْتَلُّ الصُّفَار
ابن السكيت: الشَّحْمُ والصَّفَار، بفتح الصاد، نَبْتَانِ؛ وأَنشد:
إِنَّ العُرَيْمَةَ مانِعٌ أَرْوَاحنا،
ما كانَ مِنْ شَحْم بِهَا وَصَفَار
(* قوله: «أرواحنا» كذا بالأصل وشرح القاموس، والذي في الصحاح وياقوت:
ان العريمة مانع أرماحنا * ما كان من سحم بها وصفار
والسحم، بالتحريك: شجر).
والصَّفَار، بالفتح: يَبِيس
(* قوله «والصفار بالفتح يبيس إلخ» كذا في
الصحاح وضبطه في القاموس كغراب) البُهْمى.
وصُفْرَةُ وصَفَّارٌ: اسمان. وأَبو صُفْرَةَ: كُنْيَة.
والصُّفْرِيَّةُ، بالضم: جنس من الخوارج، وقيل: قوم من الحَرُورِيَّة
سموا صُفْرِيَّةً لأَنهم نسبوا إِلى صُفْرَةِ أَلوانهم، وقيل: إِلى عبدالله
بن صَفَّارٍ؛ فهو على هذا القول الأَخير من النسب النادر، وفي الصحاح:
صِنْفٌ من الخوارج نسبوا إِلى زياد بن الأَصْفَرِ رئيسهم، وزعم قوم أَن
الذي نسبوا إِليه هو عبدالله ابن الصَّفَّار وأَنهم الصِّفْرِيَّة، بكسر
الصاد؛ وقال الأَصمعي: الصواب الصِّفْرِيَّة، بالكسر، قال: وخاصم رجُل منهم
صاحبَه في السجن فقال له: أَنت والله صِفْرٌ من الدِّينِ، فسموا
الصِّفْرِيَّة، فهم المَهَالِبَةُ
(* قوله: «فهم المهالبة إلخ» عبارة القاموس
وشرحه: والصفرية، بالضم أَيضاً، المهالبة المشهورون بالجود والكرم، نسبوا
إِلى أَبي صفرة جدهم). نسبوا إِلى أَبي صُفْرَةَ، وهو أَبو المُهَلَّبِ
وأَبو صُفْرَةَ كُنْيَتُهُ.
والصَّفْراءُ: من نبات السَّهْلِ والرَّمْل، وقد تنبُت بالجَلَد، وقال
أَبو حنيفة: الصَّفْراءُ نبتا من العُشب، وهي تُسَطَّح على الأَرض،
وكأَنَّ ورقَها ورقُ الخَسِّ، وهي تأْكلها الإِبل أَكلا شديداً، وقال أَبو نصر:
هي من الذكور. والصَّفْراءُ: شِعْب بناحية بدر، ويقال لها الأَصَافِرُ.
والصُّفَارِيَّةُ: طائر. والصَّفْراء: فرس الحرث
بن الأَصم، صفة غالبة. وبنو الأَصْفَرِ: الرَّوم، وقيل: ملوك الرّوم؛
قال ابن سيده: ولا أَدري لم سموا بذلك؛ قال عدي ابن زيد:
وِبَنُو الأَصْفَرِ الكِرامُ، مُلُوكُ الـ
ـرومِ، لم يَبْقَ مِنْهُمُ مَذْكُورُ
وفي حديث ابن عباس: اغْزُوا تَغْنَمُوا بَناتِ الأَصْفَرِ؛ قال ابن
الأَثير: يعني الرومَ لأَن أَباهم الأَول كان أَصْفَرَ اللون، وهو رُوم
بن عِيْصُو بن إِسحق
بن إِبراهيم. وفي الحديث ذكر مَرْجِ الصُّفَّرِ، وهو بضم الصاد وتشديد
الفاء، موضع بغُوطَة دمشق وكان به وقعة للمسلمين مع الروم. وفي حديث مسيره
إِلى بدر: ثُمَّ جَزَع الصُّفَيْراءَ؛ هي تصغير الصَّفْرَاء، وهي موضع
مجاور بدر. والأَصَافِرُ: موضع؛ قال كُثَيِّر:
عَفَا رابَغٌ مِنْ أَهْلِهِ فَالظَّوَاهِرُ،
فأَكْنَافُ تْبْنَى قد عَفَتْ فَالأَصافِرُ
(* قوله: «تبنى» في ياقوت: تبنى، بالضم ثم السكون وفتح النون والقصر،
بلدة بحوران من أَعمال دمشق، واستشهد عليه بأَبيات أُخر. وفي باب الهمزة مع
الصاد ذكر الأَصافر وأَنشد هذا البيت وفيه هرشى بدل تبنى، قال هرشى
بالفتح ثم السكون وشين معجمة والقصر ثنية في طريق مكة قريبة من الجحفة اـ هـ.
وهو المناسب).
وفي حديث عائشة: كانت إذا سُئِلَتْ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ من
السِّبَاعِ قَرَأَتْ: قُلْ لا أَجِدُ فيما أُوحِيَ إِليَّ مُحَرَّماً على
طَاعِمٍ يَطْعَمُه (الآية) وتقول: إِن البُرْمَةَ لَيُرَى في مائِهَا
صُفْرَةٌ، تعني أَن الله حرَّم الدَّم في كتابه، وقد تَرَخّص الناس في ماء
اللَّحْم في القدر وهو دم، فكيف يُقْضَى على ما لم يحرمه الله بالتحريم؟ قال:
كأَنها أَرادت أَن لا تجعل لحوم السِّبَاع حراماً كالدم وتكون عندها
مكروهة، فإِنها لا تخلو أَن تكون قد سمعت نهي النبي، صلى الله عليه وسلم،
عنها.
سخد: السُّخْدُ: دم وماء في السَّابِيَاء، وهو السَّلى الذي يكون فيه
الولد. ابن أَحمر: السُّخْدُ الماء الذي يكون على رأْس الولد. ابن سيده:
السُّخْدُ ماء أَصفر ثخين يخرج مع الولد، وقيل: هو ماء يخرج مع المشيمة،
قيل: هو للناس خاصة، وقيل: هو للإِنسان والماشية، ومنه قيل: رجل
مُسَخَّدٌ.ورجل مُسَخِّدٌ: مورَّم مصفر ثقيل من مرض أَو غيره لأَن السُّخْدَ ماء
ثخين يخرج مع الولد. وفي حديث زيد بن ثابت: كان يحيي ليلة سبع عشرة من
رمضان فيصبح وكأَن السُّخْدَ على وجهه؛ هو الماء الغليظ الأَصفر الذي يخرج
مع الولد إِذا نُتخ، شبه ما بوجهه من التَّهَيُّج بالسُّخْدِ في غلظه من
السهر. وأَصبح فلان مُسَخَّداً إِذا أَصبح وهو مصفر مورم.
وقيل: السُّخْدُ هَنَة كالكبد أَو الطحال مجتمعة تكون في السَّلى وربما
لعب بها الصبيان؛ وقيل: هو نفس السَّلى. والسُّخْدُ: بول الفصيل في بطن
أُمه. والسُّخْدُ: الرَّهَلُ والصُّفرة في الوجه، والصاد في كل ذلك لغة
على المضارعة، والله أَعلم.
وجن: الوَجْنَةُ: ما ارتفع من الخَدَّيْنِ للشِّدْق والمَحْجِرِ. ابن
سيده: الوَجْنةُ والوِجْنَةُ والوُجْنةُ والوَجَنةُ والأُجْنة والأَجْنةُ؛
الأَخيرة عن يعقوب حكاه في المبدل: ما انحدر من المَحْجِرِ ونتأَ من
الوجه، وقيل: ما نتأَ من لحم الخدين بين الصُّدْغين وكَنَفَي الأَنف، وقيل:
هو فَرَقُ ما بين الخَدَّيْنِ والمَدْمَعِ من العظم الشاخص في الوجه، إِذا
وَضَعْتَ عليه يَدَك وجدت حَجْمَه. وحكى اللحياني: إِنه لَحَسَن
الوَجَناتِ كأَنه جعل كل جزء منها وَجْنةً، ثم جمع على هذا. ورجل أَوْجَنُ
ومُوَجَّنٌ: عظيم الوَجَنات. والمُوَجَّنُ: الكثير اللحم. ابن الأَعرابي:
إِنما سميت الوَجْنَةُ وَجْنَةً لنُتُوئها وغلظها. وفي حديث الأَحْنَفِ: كان
ناتئَ الوَجْنةِ؛ هي أَعلى الخدّ.
والوَجْنُ والوَجَنُ والوَجين والوَاجِنُ؛ الأَخير كالكاهِل والغارِبِ:
أَرض صُلْبةٌ ذات حجارة، وقيل: هو العارض من الأَرض ينقاد ويرتفع قليلاً،
وهو غليظ، وقيل: الوَجِين الحجارة؛ وفي حديث سَطِيحٍ:
تَرْفَعُني وَجْناً وتَهْوِي بي وَجَنْ
هي الأَرض الغليظة الصُّلْبة، ويروى: وُجْناً، بالضم، جمع وَجِينٍ.
وناقة وَجْناءُ: تامة الخَلْق غليظة لحم الوَجْنةِ صُلْبة شديدة، مشتقة من
الوَجِين الي هي الأَرض الصلبة أَو الحجارة، وقال قوم: هي العظيمة
الوَجْنَتَين. والأَوْجَنُ من الجمال والوَجْناء من النُّوق: ذات الوَجْنةِ
الضخمة، وقلما يقال جَمَلٌ أَوْجَنُ. ويقال: الوَجْناء الضخمة، شبهت بالوَجِين
العارض من الأَرض وهو مَتْنٌ ذو حجارة صغيرة. وقال ابن شميل: الوَجْناءُ
تشبه بالوجين وهي العظيمةُ؛ وفي قصيد كَعْب بن زُهَيْر:
وَجْناء في حُرَّتَيْها للبَصِير بها
وفيها أَيضاً:
غَلْباء وَجْناء عُلكوم مُذَكَّرَة
الوَجْناءُ: الغليظة الصُّلْبة. وفي حديث سَواد بن مُطَرِّف: وَأْدَ
الذِّعْلِب الوَجْناءِ أَي صوت وطئها على الأَرض؛ ابن الأَعرابي:
الأَوْجَنُ الأَفْعَلُ من الوَجِين في قول رؤبة:
أَعْيَسَ نَهَّاضٍَ كحَيْدِ الأَوْجَنِ
(* قوله «أعيس نهاض إلخ» صدره: في خدر مياس الدمى معرجن
والمعرجن: الــمصفر، أي في خدر معرجن أي مصفر بالعهون).
قال: والأَوْجَنُ الجبَلُ الغليظ. ابن شميل: الوَجِينُ قُبُل الجبل
وسَنَده، ولا يكون الوَجينُ إِلا لواد وَطِيءٍ تعارض فيه الوادي الداخل في
الأَرض الذي له أَجْرافٌ كأَنها جُدُرٌ، فتلك الوُجُنُ والأَسْنادُ.
والوَجينُ: شَطُّ الوادي. ووَجَنَ به الأَرضَ: ضربها به. وما أَدري أَي من
وَجَّنَ الجلدَ هو؛ حكاه يعقوب ولم يفسره؛ وقال في التهذيب وغيره: أَي أَيُّ
الناس هو. والوَجْنُ: الدَّقُّ. والمِيجَنةُ: مِدَقَّةُ القَصّارِ،
والجمع مَواجِنُ ومَياجِنُ على المعاقبة؛ قال عامر بن عُقَيْلٍ
السَّعديّ:رِقابٌ كالمَوَاجِن خاظِياتٌ،
وأَسْتاهٌ على الأَكْوار كُومُ
قوله خاظيات، بالظاء، من قولهم خَظاً بَظاً؛ قال ابن بري: اسم هذا
الشاعر في نوادر أَبي زيد عليُّ بن طُفيل السعدي؛ وقبل البيت:
وأَهْلَكَني، لكُمْ في كل يومٍ،
تَعَوُّجُكُمْ عَلَيَّ، وأَسْتَقِيمُ
وفي حديث عليّ، كرم الله وجهه: ما شَبَّهْتُ وَقْعَ السيوف على الهامِ
إِلا بوَقْعِ البَيازِرِ على المَوَاجِنِ؛ جمع مِيجَنةٍ وهي المِدَقَّةُ.
يقال: وَجَنَ القصّارُ الثوب يَجِنُه وَجْناً دَقَّه، والميم زائدة، وهي
مِفْعَلةٌ، بالكسر. وقال أَبو القاسم الزجاجي: جمع مِيجَنةٍ على لفظها
مَياجن وعلى أَصلها مَوَاجن. اللحياني: المِيجَنةُ التي يُوجَّنُ بها
الأَديمُ أَي يُدَقُّ ليلين عند دباغه؛ وقال النابغة الجعدي:
ولم أَرَ فيمَنْ وَجَّنَ الجِلدَ نِسْوةً
أَسَبَّ لأَضْيافٍ، وأَقْبَحَ مَحْجِرا
ابن الأَعرابي: والتَّوَجُّنُ
الذل والخضوع. وامرأَة مَوْجُونةٌ: وهي الخَجِلَةُ من كثرة الذنوب.
نفق: نَفَقَ الفرسُ والدابةُ وسائر البهائم يَنْفُقُ نُفُوقاً: مات؛ قال
ابن بري أَنشد ثعلب:
فما أَشْياءُ نَشْرِيها بمالٍ،
فإن نَفَقَتْ فأَكْسَد ما تكونُ
وفي حديث ابن عباس: والجَزور نافقة أَي ميتة من نَفَقت الدابة إذا ماتت؛
وقال الشاعر:
نَفَقَ البغلُ وأَوْدَى سَرْجه،
في سبيل الله سَرْجي وبَغَلْ
وأورده ابن بري: سرجي والبَغَلْ.
ونَفَقَ البيع نَفَاقاً: راج. ونَفَقت السِّلْعة تَنْفُق نَفاقاً،
بالفتح: غَلَتْ ورغب فيها، وأَنْفَقَها هو ونَفَّقها. وفي الحديث: المُنَفِّق
سلْعته بالحلف الكاذب؛ المُنَفِّقُ، بالتشديد: من النَّفَاق وهو ضد
الكَسَاد؛ ومنه الحديث: اليمين الكاذبة مَنْفَقَة للسِّلْعة مَمْحَقة للبركة
أي هي مَظِنة لنفَاقها وموضع له. وفي الحديث عن ابن عباس: لا يُنَفِّقْ
بعضُكم بعضاً أَي لا يقصد أَن يُنَفِّقَ سِلْعته على جهة النَّجْش، فإنه
بزيادته فيها يرغب السامع فيكون قوله سبباً لابتياعها ومُنفِّقاً لها.
ونعفَقَ الدرهم يَنْفُق نَفَاقاً: كذلك؛ هذه عن اللحياني كأَن الدرهم قَلَّ
فرغب فيه.
وأَنْفَقَ القوم: نَفَقت سوقهم. ونَفَق مالُه ودرهمه وطعامه نَفْقاً
ونَفاقاً، كلاهما: نقص وقلّ، وقيل فني وذهب. وأَنْفَقُوا: نَفَقت أَموالهم.
وأَنفَقَ الرجل إذا افتقر؛ ومنه قوله تعالى: إذاً لأَمسكتم خشية
الإنْفَاقِ؛ أَي خشية الفناء والنَّفَاد. وأَنْفَقَ المال: صرفه. وفي التنزيل:
وإذا قيل لهم أَنْفِقُوا مما رزقكم الله؛ أَي أَنفقوا في سبيل الله
وأَطعموا وتصدقوا. واسْتَنْفَقه: أَذهبه. والنَّفقة: ما أُنِفق، والجمع
نِفاق.حكى اللحياني: نَفِدت نِفاقُ القوم ونفَقَاتهم، بالكسر، إذا نفدت وفنيت.
والنِّفاقُ، بالكسر: جمع النَّفَقة من الدراهم، ونَفِقَ الزاد يَنْفَقُ
نَفَقاً أي نفد، وقد أَنفَقت الدراهم من النَّفقة. ورجل مِنْفاقٌ أي كثير
النَّفَقة. والنَّفَقة: ما أَنفَقْت، واستنفقت على العيال وعلى نفسك.
التهذيب: الليث نَفَقَ السعر
(* قوله «السعر» كذا هو في الأصل ولعله
الشيء). يَنْفُق نُفُوقاً إذا كثر مشتروه، وأَنْفَقَ الرجل إنْفاقاً إذا وجد
نَفاقاً لمتاعه. وفي مثل من أَمثالهم: من باع عِرْضه أَنْفَقَ أَي من شاتم
الناس شُتِمَ، ومعناه أَنه يجد نَفاقاً بعِرْضه ينال منه؛ ومنه قول كعب
بن زهير:
أبِيتُ ولا أَهجُو الصديقَ، ومن يَبِعْ
بعِرْض أَبيه في المَعاشِرِ يُنْفِقِ
أَي يجد نَفاقاً، والباء مقحمة في قوله بعِرض أَبيه. ونَفَقَت الأَيّم
تَنْفُق نَفاقاً إذا كثر خُطّابها. وفي حديث عمر: من حَظّ المَرْء نَفاق
أَيّمه أَي من سعادته أن تخطب نساؤه من بناته وأَخواته ولا يَكْسَدْنَ
كَساد السِّلَع التي لا تَنْفُق. والنَّفِقُ: السريع الانقطاعِ من كل شيء،
يقال: سير نَفِقٌ أي منقطع؛ قال لبيد:
شَدّاً ومَرْفوعاً بقُرْبِ مثله
للوِرْدِ، لا نَفِق ولا مَسْؤُوم
أَي عَدْو غير منقطع. وفرس نَفِقُ الجَرْي إذا كان سريع انقطاع الجري:
قال علقمة بن عبدة يصف ظليماً:
فلا تَزَيُّده في مشيه نَفِقٌ،
ولا الزَّفيف دُوَيْن الشّدِّ مَسْؤُوم
والنَّفَقُ: سَرَبٌ في الأَرض مشتق إلى موضع آخر، وفي التهذيب: له
مَخْلَصٌ إلى مكان اخر. وفي المثل: ضَلَّ دُرَيْصٌ نَفَقه أي جُحْره. وفي
التنزيل: فإن استطعت أَن تبتغي نَفَقاً في الأرض، والجمع أَنْفَاق؛ واستعاره
امرؤ القيس لجِحَرة الفِئَرة فقال يصف فرساً:
خَفَاهُنَّ من أَنْفاقِهِنَّ، كأَنما
خَفاهنَّ ودْقٌ من عَشِيّ مُجَلِّبِ
والنُّفَقةُ والنَّافِقاء: جُحْر الضَّبّ واليَرْبوع، وقيل: النُّفقةُ
والنافِقاء موضع يرققه اليربوع من جُحره، فإذا أُتِيَ من قبل القاصِعاء
ضرب النافِقاء برأْسه فخرج. ونَفِقَ اليربوع ونَفَق وانْتَفَقَ ونَفَّق:
خرج منه. وتَنَفَّقَه الحارِشُ وانْتَفقه: استخرجه من نافِقائه؛ واستعاره
بعضهم للشيطان فقال:
إذا الشيطانُ قَصَّعَ في قَفاها،
تَنَفَّقْناهُ بالحَبْل التُّؤام
أَي استخرجناه استخراج الضَّبّ من نافِقائه. وأَنْفَقَ الضَّبّ واليربوع
إذا لم يَرْفُق به حتى ينْتَفِقَ ويذهب. ابن الأَعرابي: قُصَعَةُ
اليربوع أَن يحفر حفيرة ثم يسد بابها بترابها، ويسمى ذلك التراب الدَّامّاء، ثم
يحفر حفراً آخر يقال له النافِقاء والنُّفَقَة والنَّفَق فلا ينفذها،
ولكنه يحفرها حتى ترقّ، فإذا أُخِذَ عليه بقاصِعائه عدا إلى النافِقاء
فضربها برأْسه ومَرَق منها، وتراب النُّفَقَةِ يقال له الراهِطَاء؛
وأَنشد:وما أُمُّ الرُّدَيْنِ، وإن أَدلَّتْ،
بعالِمةٍ بأَخلاق الكِرام
إذا الشيطانُ قَصَّع في قفاها
تَنَفّقْناه بالحبْل التُّؤام
أَي إذا سكن في قاصعاء قفاها تنفَّقناه أَي استخرجناه كما يُستخرج
اليربوع من نافقائه. قال الأَصمعي في القاصعاء. إنما قيل له ذلك لأَن
اليَرْبوع يخرج تراب الجحر ثم يسدّ به فم الآخر من قولهم قَصَع الكَلْمُ بالدم
إذا امتلأَ به، وقيل له الدامَّاء لأنه يخرج تراب الجحر ويطلي به فم الآخر
من قولك ادْمُمْ قِدْرك أَي اطْلِها بالطِّحال والرَّماد. ويقال: نافَقَ
اليربوعُ إذا دخل في نافِقائه، وقَصَّع إذا خرج من القاصِعاء. وتَنَفَّق:
خرج؛ قال ذو الرمة:
إذا أَرادوا دَسْمَهُ تَنَفَّقا
أَبو عبيد: سمي المنافقُ مُنافقاً للنَّفَق وهو السَّرَب في الأَرض،
وقيل: إنما سمي مُنافقاً لأنه نافَقَ كاليربوع وهو دخوله نافقاءه. يقال: قد
نفق به ونافَقَ، وله جحر آخر يقال له القاصِعاء، فإذا طلِبَ قَصَّع فخرج
من القاصِعاء، فهو يدخل في النافِقاء ويخرج من القاصِعاء، أو يدخل في
القاصِعاء ويخرج من النافِقاء، فيقال هكذا يفعل المُنافق، يدخل في الإسلام
ثم يخرج منه من غير الوجه الذي دخل فيه. الجوهري: والنافِقاء إحدى جِحَرةَ
اليَرْبوع يكتمها ويُظْهر غيرها وهو موضع يرققه، فإذا أُتِيَ من قِبَلِ
القاصِعاء ضرب النافِقاء برأْسه فانْتَفَق أَي خرج، والجمع النَّوَافِقُ.
قال ابن بري: جِحَرة اليربوع سبعة: القاصِعاء والنافِقاء والدامَّاء
والراهِطاءُ والعَانِقاء والحَاثياء واللُّغَزُ، وهي اللُّغَّيْزَى أَيضاً.
قال أَبو زيد: هي النافِقاء والنُّفَقاء والنُّفَقة والرُّهطاء
والرُّهَطة والقُصَعاء والقُصَعة، وما جاء على فاعِلاء أَيضاً حاوياء وسافياءُ
وسابياء والسموأَل ابن عادِياء، والخافِيَاء الجنّ، والكارِـاء
(* قوله
«الكارـاء» هكذا هو في الأصل بدون نقط.) واللأَّوِياء والجاسِياء للصَّلابة
والبَالغاء للأَكارع، وبنُو قَابِعاء للسَّبّ. والنُّفَقة مثال الهُمَزة:
النَّافِقاء، تقول منه: نَفَّق اليَرْبوع تَنْفيقاً ونافَقَ أَي دخل في
نافِقائه، ومنه اشتقاق المُنافق في الدين. والنِّفاق، بالكسر، فعل
المنافِق. والنِّفاقُ: الدخول في الإسلام من وَجْه والخروُج عنه من آخر، مشتقّ
من نَافِقَاء اليربوع إسلامية، وقد نافَقَ مُنافَقَةً ونِفاقاً، وقد تكرر
في الحديث ذكر النِّفاق وما تصرّف منه اسماً وفعلاً، وهو اسم إسلاميّ لم
تعرفه العرب بالمعنى المخصوص به، وهو الذي يَسْترُ كُفْره ويظهر إيمانَه
وإن كان أَصله في اللغة معروفاً. يقال: نافَقَ يُنافِق مُنافقة ونِفاقاً،
وهو مأْخوذ من النافقاء لا من النَّفَق وهو السَّرَب الذي يستتر فيه
لستره كُفْره. وفي حديث حنظلة: نافَقَ حَنْظَلة أَراد أَنه إذا كان عند
النبي، صلى الله عليه وسلم، أخلص وزهد في الدنيا، وإذا خرج عنه ترك ما كان
عليه ورغب فيها، فكأَنه نوع من الظاهر والباطن ما كان يرضى أَن يسامح به
نفسه. وفي الحديث: أَكثر مُنافِقِي هذه الأُمَّة قُرَّاؤها؛ أَراد
بالنِّفاق ههنا الرياء لأَن كليهما إظْهار غير ما في الباطن؛ وقول أبي
وجزة:يَهْدِي قلائِص خُضَّعاً يَكنفْنَهُ،
صُعْرَ الخدُودِ نوَافِقَ الأَوْبَارِ
أَي نُسِلَتْ أَوبارُها من السِّمَن، وفي نوادر الأَعراب: أَنْفَقَت
الإبُل إذا انْتَثَرَتْ أَوبارُها عن سِمَن. قالوا: ونَفَق الجُرْح إذا
تقشَّر، ويقال زيْت انفاق؛ قال الراجز:
إذا سَمِعْنَ صَوْتَ فَحْلٍ شَقْشاق،
قَطَعْنَ مُصْفَرّــاً كزيت الانْفاق
والنَّافِقة: نافِقة المِسْك، دخيل، وهي فأْرة المسك وهي وعاؤه.
ومالك بن المُنْتَفِقِ الضَّبيّ أَحد بني صُبَاح بن طريف قاتل بِسْطَامِ
بن قَيْس.
والنُّفَيْقُ: موضع. ونَيْقَقُ القميص والسراويل: معروف، وهو قارسي
معرب، وهو المُنَفَّقُ، وقيل النَّيْقَقُ دخيل، نَيْفق السراويل. الجوهري:
ونيفق السروايل الموضع المتسع منها، والعامة تقول نِيفَق، بكسر النون،
والمُنْتَفِقُ: اسم رجل.
هيج: هاجَتِ الأَرضُ تَهِيجُ هِياجاً، وهاجَ الشيءُ يَهِيج هَيْجاً
وهِياجاً وهَيَجاناً، واهْتاجَ، وتَهَيَّجَ: ثار لمشقة أَو ضرر. تقول هاج به
الدم وهاجَه غيرُه وهَيَّجَه. يتعدَّى ولا يتعدَّى. وهَيَّجَه وهايَجَه،
بمعنى؛ وقوله:
إِذا تَغَنَّى الحمامُ الوُرْقُ هَيَّجَني،
ولو تَعَزَّيْتُ عنها، أُمَّ عَمَّارِ
اكتفى فيه بالمسبب الذي هو التهييج مِن السبب الذي هو التذكير، لأَنه
لمَّا قال هَيَّجني، دلَّ على ذَكَّرني فنصبها به.
وشيءٌ هَيُوجٌ على التعدِّي، والأُنثى هَيُوجٌ أَيضاً؛ قال الراعي:
قَلَى دِينَه واهْتاجَ للشَّوْقِ، إِنها
على الشَّوْقِ، إِخوانَ العَزاءِ، هَيُوجُ
ومِهْياج كَهَيُوج.
وأَهاجَتِ الريحُ النبتَ: أَيبسته. ويوم الهِياج: يوم القتال. وتَهايَجَ
الفَريقان إِذا تواثبا للقتال. وهاجَ الشَّرُّ بين القوم
(* يريد أَنه
يقال: هاج الشر بين القوم أي ثار.).
والهَيْجُ والهِياجُ والهَيْجا والهَيْجاءُ: الحرب، بالمد والقصر،
لأَنها مَوْطِنُ غَضَبٍ. وفي الحديث: لا يَنْكَلُ في الهَيجاء أَي لا يتأَخر
في الحرب؛ ومنه قصيد كعب:
من نَسْجِ داودَ في الهَيجا سَرابيلُ
وقال لبيد:
وأَرْبَدُ فارِسُ الهَيْجا، إِذا ما
تَقَعَّرَتِ المَشاجِرُ بالفِئامِ
وقال آخر:
إِذا كانتِ الهَيْجاءُ وانْشَقَّتِ العَصا،
فحَسْبُكَ والضَّحَّاكَ سيفٌ مُهَنَّدُ
وتقول: هَيَّجْتُ الشَّرَّ بينهم.
وهاجَ الإِبلَ هَيْجاً: حركها بالليل إِلى المورد والكلإِ. والمِهْياجُ
من الإِبل: التي تَعْطَشُ قبل الإِبل.
وهاجتِ الإِبلُ إِذا عَطِشَتْ. والمِلْواحُ مثل المِهْياج. وهاجَ
هائجُه: اشتد غضبه وثار. وهَدَأَ هائِجُه: سَكَنَتْ فَوْرَتُه. وفي حديث
الاعتِكاف: هاجت السماءُ فَمُطِرْنا أَي تَغَيَّمَتْ وكثرت ريحها. وفي حديث
الملاعنة: رأَى مع امرأَته رجلاً فلم يَهِجْه أَي لم يزعجه ولم يُنَفِّره.
وهَيَّجْتُ الناقة فانبعثت، ويقال: هِجْتُه فهاجَ؛ قال الشاعر:
هِيْهِ، وإِن هِجْناكَ، يا ابنَ الأَطْولِ
وناقة مِهْياجٌ أَي نَزُوعٌ إِلى وَطَنها. والهائجُ: الفَحْلُ الذي
يشتهي الضِّرابَ. وهاجَ الفَحْلُ يَهيجُ هِياجاً وهُيوجاً وهَيَجاناً
واهْتاجَ: هَدَرَ وأَراد الضِّرابَ. وفحْلٌ هِيَّجٌ: هائج، مثَّل به سيبويه
وفسره السيرافي، وفي بعض النسخ هِيَّخٌ، بالخاء المعجمة، ولم يفسره أَحد؛ قال
ابن سيده: وهو خطأٌ، وفي حديث الدِّيات: وإِذا هاجَتِ الإِبلُ رَخُصَتْ
ونَقَصَتْ قيمتها. هاجَ الفحلُ إِذا طلب الضِّرابَ، وذلك مما يُهْزِلُه
فيقل ثمنُه.
والهاجَةُ: النعجة التي لا تشتهي الفحل؛ قال ابن سيده: وهو عندي على
السلب كأَنها سُلِبَتِ الهِياجَ.
والهَيْجُ: الريح الشديدة. والهَيْجُ: الصُّفْرة. والهَيْجُ: الجَفاف.
والهَيْجُ: الحَركة. والهَيْجُ: الفتنة. والهَيْجُ: هَيَجَانُ الدم أَو
الجماع أَو الشَّوْقِ.
وهاجَ البقلُ هِياجاً، فهو هائج
(* قوله «فهو هائج» كذا بالأصل، وهو
مستدرك مع ما قبله.) وهَيْجٌ: يبس واصفرَّ وطال، فهو هائج. وفي التنزيل: ثم
يَهِيجُ فتراه مُصْفَرًّــا؛ وأَرض هائجة: يَبِسَ بَقْلُها أَو اصفرَّ؛ وفي
الحديث: تَصْرَعُها مرةً وتَعْدِلُها أُخرى حتى تَهيجَ أَي تَيْبَسَ
وتَصْفَرَّ؛ ومنه الحديث: كنا مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فأَمر
بغُصْنٍ فقُطِعَ أَو كان مقطوعاً قد هاجَ ورَقهُ؛ وفي حديث علي، رضوان الله
عليه: لا يَهِيجُ على التقوى زَرْعُ قوم؛ أَراد: من عمل لله عملاً لم يفسد
عمله ولم يبطل، كما يهيج الزرع فَيَهْلِكُ. وهاجتِ الأَرضُ هَيْجاً
وهَيَجاناً: يبس بقلها. وأَهْيَجها: وجَدَها هائجة النبات؛ قال رؤبة:
وأَهْيَجَ الخَلْصَاءَ من ذاتِ البُرَقْ
ويقال: يومُنا يومُ هَيْجٍ أَي يوم غَيْمٍ ومطرٍ. ويومُنا يومُ هَيْجٍ
أَيضاً أَي يوم ريح؛ قال الراعي:
ونارِ وَدِيقَةٍ، في يومِ هَيْجٍ
من الشِّعْرَى، نَصَبْتُ له الحَنِينا
ويروى: يوم ريح. الأَصمعي: يقال للسحاب أَوّل ما يَنْشَأُ: هاجَ له
هَيْجٌ حَسَنٌ؛ وأَنشد للراعي:
تُراوِحُها رَواغَةُ كلِّ هَيْجٍ،
وأَرْواحٌ أَطَلْنَ بها الحَنِينا
والهاجَةُ: الضِّفْدَعَة الأُنثى والنعامة، والجمع هاجاتٌ، وتصغيرها
بالواو والياء هُوَيْجَةٌ، ويقال هُيَيْجة، وجمعُ الهاجَةِ هاجاتٌ. وهِيجِ،
كسر بغير تنوين: مِن زجر الناقة خاصة؛ قال:
تَنْجُو إِذا قال حادِيها لها: هِيجِ
شبه: الشِّبْهُ والشَّبَهُ والشَّبِيهُ: المِثْلُ، والجمع أَشْباهٌ.
وأَشْبَه الشيءُ الشيءَ: ماثله. وفي المثل: مَنْ أَشْبَه أَباه فما ظَلَم.
وأَشْبَه الرجلُ أُمَّه: وذلك إذا عجز وضَعُفَ؛ عن ابن الأَعرابي؛
وأَنشد:أَصْبَحَ فيه شَبَهٌ من أُمِّهِ،
من عِظَمِ الرأْسِ ومن خرْطُمِّهِ
أَراد من خُرْطُمِهِ، فشدد للضرورة، وهي لغة في الخُرْطُوم، وبينهما
شَبَه بالتحريك، والجمع مَشَابِهُ على غير قياس، كما قالوا مَحاسِن
ومَذاكير. وأَشْبَهْتُ فلاناً وشابَهْتُه واشْتَبَه عَلَيَّ وتَشابَه الشيئانِ
واشْتَبَها: أَشْبَهَ كلُّ واحدٍ صاحِبَه. وفي التنزيل: مُشْتَبِهاً
وغَيْرَ مُتَشابه. وشَبَّهه إِياه وشَبَّهَه به مثله. والمُشْتَبِهاتُ من
الأُمور: المُشْكِلاتُ. والمُتَشابِهاتُ: المُتَماثِلاتُ. وتَشَبَّهَ فلانٌ
بكذا. والتَّشْبِيهُ: التمثيل. وفي حديث حذيفة: وذَكَر فتنةً فقال
تُشَبَّهُ مُقْبِلَةً وتُبَيِّنُ مُدْبِرَةً؛ قال شمر: معناه أَن الفتنة إذا
أَقبلت شَبَّهَتْ على القوم وأَرَتْهُمْ أَنهم على الحق حتى يدخلوا فيها
ويَرْكَبُوا منها ما لا يحل، فإذا أَدبرت وانقضت بانَ أَمرُها، فعَلِمَ مَنْ
دخل فيهاأَنه كان على الخطأ. والشُّبْهةُ: الالتباسُ. وأُمورٌ
مُشْتَبِهةٌ ومُشَبِّهَةٌ
(* قوله ومشبهة» كذا ضبط في الأصل والمحكم، وقال المجد:
مشبهة كمعظمة): مُشْكِلَة يُشْبِهُ بعضُها بعضاً؛ قال:
واعْلَمْ بأَنَّك في زَما
نِ مُشَبِّهاتٍ هُنَّ هُنَّهْ
وبينهم أَشْباهٌ أَي أَشياءُ يتَشابهون فيها. وشَبَّهَ عليه: خَلَّطَ
عليه الأَمْرَ حتى اشْتَبه بغيره. وفيه مَشابهُ من فلان أَي أَشْباهٌ، ولم
يقولوا في واحدته مَشْبَهةٌ، وقد كان قياسه ذلك، لكنهم اسْتَغْنَوْا
بشَبَهٍ عنه فهو من باب مَلامِح ومَذاكير؛ ومنه قولهم: لم يَسْرِ رجلٌ
قَطُّ ليلةً حتى يُصْبِحَ إلا أَصْبَح وفي وجهه مَشابِهُ من أُمِّه.
وفيه شُبْهَةٌ منه أَي شَبَهٌ. وفي الحديث الدِّياتِ: دِيَةُ
شِبْهِ العَمْدِ أَثْلاثٌ؛ هو أَن ترمي إِنساناً بشيءٍ ليس من عادته أَن
يَقْتُل مِثْلُه، وليس من غَرَضِكَ قتله، فيُصادِفَ قَضاءً وقَدَراً
فيَقَعَ في مَقْتَلٍ فيَقْتُل، فيجب فيه الديةُ دون القصاص. ويقال:
شَبَّهْتُ هذا بهذا، وأَشْبَه فلانٌ فلاناً. وفي التنزيل العزيز: منه
آياتٌمُحْكَماتٌ
هُنَّ أُمُّ الكتاب وأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ؛ قيل: معناه يُشْبِهُ بعضُها
بعضاً. قال أَبو منصور: وقد اختلف المفسرون في تفسير قوله وأُخر متشابهات،
فروي عن ابن عباس أَنه قال: المتشابهات الم الر، وما اشْتَبه على اليهود
من هذه ونحوها. قال أَبو منصور: وهذا لو كان صحيحاً ابن عباس كان
مُسَلَّماً له، ولكن أَهل المعرفة بالأَخبار وَهَّنُوا إسْنادَه، وكان الفراء
يذهب إلى ما روي عن ابن عباس، وروي عن الضحاك أَنه قال: المحكمات ما لم
يُنْسَخْ، والمُتَشابِهات ما قد نسخ. وقال غيره: المُتَشابِهاتُ هي الآياتُ
التي نزلت في ذكر القيامة والبعث ضَرْبَ قَوْلِه: وقال الذين كفروا هل
نَدُلُّكُمْ على رجل يُنَبِّئُكم إذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ ممَزَّقٍ إنَّكم
لفي خَلْقٍ جديد أَفْتَرى على الله كَذِباً أَم به جِنَّةٌ، وضَرْبَ
قولِه: وقالوا أَئِذا مِتْنا وكنا تُراباً وعِظاماً أَئنا لمَبْعُوثون أَو
آباؤُنا الأَوَّلونَ؛ فهذا الذي تشابه عليهم، فأَعْلَمهم الله الوَجْهَ الذي
ينبغي أَن يَسْتَدِلُّوا به على أَن هذا المُتَشابِهَ عليهم كالظاهر لو
تَدَبَّرُوه فقال: وضَرَب لنا مثلاً ونَسِيَ خَلْقَه قال من يُحْيِي
العِظامَ وهي رَمِيمٌ
قل يُحْيِيها الذي أَنْشأَها أَوَّلَ مرَّةٍ وهو بكل خَلْقٍ عليم الذي
جَعَلَ لكم من الشَّجر الأَخضَرِ ناراً فإذا أَنتم منه تُوقِدُون،
أَوَلَيْس الذي خلق السموات والأَرض بقادر على أَن يَخْلُق مثلهم؛ أَي إذا كنتم
أَقررتم بالإِنشاء والابتداء فما تنكرون من البعث والنُّشور، وهذا قول
كثير من أَهل العلم وهو بَيِّنٌ واضح، ومما يدل على هذا القول قوله عز وجل:
فيَتَّبِعُونَ ما تَشابَه منه ابْتِغاء الفِتْنة وابتغاء تَأْويله؛ أَي
أَنهم طلبوا تأويل بعثهم وإِحيائهم فأَعلم الله أَن تأْويل ذلك ووقته لا
يعلمه إلا الله عز وجل، والدليل على ذلك قوله: هل يَنْظُرون إلا تأْويلَه
يومَ يأْتي تأْويلُه؛ يريد قيام الساعة وما وُعِدُوا من البعث والنشور،
والله أَعلم. وأَما قوله: وأُتُوا به مُتَشابهاً، فإن أَهل اللغة قالوا
معنى مُتَشابهاً يُشْبِهُ بعضُه بعضاً في الجَوْدَة والحُسْن، وقال
المفسرون: متشابهاً يشبه بعضه بعضاً في الصورة ويختلف في الطَّعْم، ودليل
المفسرين قوله تعالى: هذا الذي رُزِقْنا من قَبْلُ؛ لأَن صُورتَه الصورةُ
الأُْولى، ولكنَّ اختلافَ الطعم مع اتفاق الصورة أَبلغُ وأَغرب عند الخلق، لو
رأَيت تفاحاً فيه طعم كل الفاكهة لكان نهايةً في العَجَبِ. وفي الحديث
في صفة القرآن: آمنوا بمُتَشابهِه واعْمَلُوا بمُحْكَمِه؛ المُتَشابه: ما
لم يُتَلَقَّ معناه من لفظه، وهو على ضربين: أَحدهما إذا رُدَّ إلى
المُحْكم عُرف معناه، والآخر ما لا سبيل إلى معرفة حقيقته، فالمُتَتَبِّعُ له
مُبْتَغٍ للفتنة لأَنه لا يكاد ينتهي إلى شيء تَسْكُنُ نَفْسُه إليه.
وتقول: في فلان شَبَهٌ من فلان، وهو شِبْهُه وشَبَهُه وشَبِيهُه؛ قال العجاج
يصف الرمل:
وبالفِرِنْدادِ له أُمْطِيُّ،
وشَبَهٌ أَمْيَلُ مَيْلانيُّ
الأُمْطِيُّ: شجر له عِلْكٌ تَمْضَغُه الأَعراب. وقوله: وشَبَهٌ، هو اسم
آخر اسمه شَبَهٌ، أَمْيَلُ: قد مال، مَيْلانيُّ: من المَيل. ويروى:
وسَبَطٌ أَمْيَلُ، وهو شجر معروف أَيضاً.
حَيْثُ انْحَنى ذو اللِّمَّةِ المَحْنِيُّ
حيث انحنى: يعني هذا الشَّبَه. ذو اللِّمَّةِ: حيث نَمَّ العُشْبُ؛
وشَبَّهه بلِمَّةِ الرأْس، وهي الجُمَّة.
في بَيْضِ وَدْعانَ بِساطٌ سِيُّ
بَيْضُ وَدْعانَ: موضعٌ. أَبو العباس عن ابن الأَعرابي: وشَبَّه الشيءُ
إذا أَشْكَلَ، وشَبَّه إذا ساوى بين شيء وشيء، قال: وسأَلته عن قوله
تعالى: وأُتُوا به مُتَشابهاً، فقال: ليس من الاشْتِباهِ المُشْكِل إنما هو
من التشابُه الذي هو بمعنى الاستواء. وقال الليث: المُشْتَبِهاتُ من
الأُمور المُشْكِلاتُ. وتقول: شَبَّهْتَ عليَّ يا فلانُ إذا خَلَّطَ عليك.
واشْتَبَه الأَمْرُ إذا اخْتَلَطَ، واشْتَبه عليَّ الشيءُ.
وتقول: أَشْبَهَ فلانٌ أَباه وأَنت مثله في الشِّبْهِ والشَّبَهِ.
وتقول: إني لفي شُبْهةٍ منه، وحُروفُ الشين يقال لها أَشْباهٌ، وكذلك كل شيء
يكونُ سَواءً فإِنها أَشْباهٌ كقول لبيد في السَّواري وتَشْبيه قوائمِ
الناقة بها:
كعُقْرِ الهاجِريِّ، إذا ابْتَناهُ،
بأَشْباهٍ خُذِينَ على مِثالِ
قال: شَبَّه قوائم ناقته بالأَساطين. قال أَبومنصور: وغيرُه يَجْعَلُ
الأَشباهَ في بيت لبيد الآجُرَّ لأَن لَبِنَها أَشْباهٌ
يُشْبِه بعضُها بعضاً، وإنما شَبَّه ناقته في تمام خَلْقِها وحَصانةِ
جِبِلَّتها بقَصْر مبني بالآجر، وجمعُ الشُّبْهةِ شُبَهٌ، وهو اسم من
الاشْتِباهِ. روي عن عمر، رضي الله عنه، أنه قال: اللَّيَنُ يُشَبَّهُ عليه
(*
قوله «اللين يشبه عليه» ضبط يشبه في الأصل والنهاية بالتثقيل كما ترى،
وضبط في التكملة بالتخفيف مبنياً للمفعول). ومعناه أَن المُرْضِعَة إذا
أَرْضَعَتْ
غلاماً فإِنه يَنْزِعُ إلى أَخلاقِها فيُشْبِهُها، ولذلك يُختار
للرَّضاعِ امرأةٌ
حَسَنَةُ الأَخلاقِ صحيحةُ الجسم عاقلةٌ غيرُ حَمْقاء. وفي الحديث عن
زيادٍ السَّهْمِيّ قال: نهى رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، أَن
تُسْتَرْضَعَ الحمْقاء فإن اللَّبنَ يُشَبَّه. وفي الحديث: فإن اللبن
يَتَشَبَّهُ.والشِّبْهُ والشَّبَهُ: النُّحاس يُصْبَغُ فيَصْفَرُّ. وفي التهذيب:
ضَرْبٌ من النحاس يُلْقى عليه دواءٌ
فيَصْفَرُّ. قال ابن سيده: سمي به لأَنه إذا فُعِلَ ذلك به أَشْبَه
الذهبَ بلونه، والجمع أَشْباهٌ، يقال: كُوزُ
شَبَهٍ وشِبْهٍ بمعنىً؛ قال المَرَّارُ:
تَدينُ لمَزْرُورٍ إلى جَنْب حَلْقَةٍ،
من الشِّبْهِ، سَوَّاها برِفْقٍ طَبِيبُها
أَبو حنيفة: الشَّبَهُ شجرة كثيرة الشَّوْك تُشْبِهُ السَّمُرَةَ وليست
بها. والمُشَبَّهُ: الــمُصْفَرُّ من النَّصِيِّ. والشَّباهُ: حَبٌّ على
لَوْنِ الحُرْفِ يُشْرَبُ للدواء. والشَّبَهانُ: نبت يُشْبِهُ الثُّمام،
ويقال له الشَّهَبانُ. قال ابن سيده: والشَّبَهانُ والشُّبُهانُ ضَرْبٌ
من العِضاه، وقيل: هو الثُّمامُ، يَمانية؛ حكاها ابن دريد؛ قال رجل من
عبد القيس:
بوادٍ يَمانٍ يُنْبِتُ الشَّثَّ صَدْرُهُ،
وأَسْفَلُه بالمَرْخِ والشَّبَهانِ
قال ابن بري: قال أَبو عبيدة البيت للأَحْوَل اليَشْكُري، واسمه يَعْلى،
قال: وتقديره وينبت أَسفلُه المَرْخَ؛ على أَن تكون الباء زائدة، وإِن
شئت قَدَّرْتَه: ويَنْبُتُ أَسفلُه بالمَرْخِ، فتكون الباء للتعدية لما
قَدَّرْتَ الفعل ثلاثيّاً. وفي الصحاح: وقيل الشَّبَهانُ هو الثُّمامُ من
الرياحين. قال ابن بري: والشَّبَهُ كالسَّمُرِ كثير الشَّوْكِ.
طسم: طَسَمَ الشيءُ والطريقُ وطَمَسَ يَطْسِمُ طُسُوماً: دَرَسَ.
وطَسَمَ الطريقُ: مثل طَمَسَ، على القلب؛ وأَنشد ابن بري لعمر بن أَبي
ربيعة:رَثَّ حَبْلُ الوَصْلِ فانْصَرَمَا
من حَبِيبٍ هاجَ لي سَقَما
كِدْتُ أَقْضِي، إذْ رأَيْتُ لَه
مَنْزِلاً بالخَيْفِ قد طَسَمَا
وجاء به العجاج متعدِّياً؛ فقال:
ورَبِّ هذا الأَثَرِ المُقَسَّمِ،
من عَهْدِ إبراهيمَ لَمَّا يُطْسَمِ
يعني بالأَثَر المُقَسَّم مَقامَ إبراهيم، عليه السلام؛ وقوله:
ما أَنا بالغادِي وأَكْبَرُ هَمِّه
جَمامِيسُ أَرْضٍ، فَوْقَهُنَّ طُسُومُ
فسره أَبو حنيفة فقال: الطُّسُومُ هنا الطَّامِسَةُ أَي فَوْقَهُنَّ
أَرضٌ طامِسَةٌ
تُحْوِجُ إلى التَّفْتِيش والتَّوَسُّم. وطَسِمَ الرجلُ: اتَّخَمَ،
قَيْسِيَّةٌ. والطَّسَمُ: الظَّلامُ، والغَسَمُ والطَّسَمُ عند الإمْساء، وفي
السماء غَسَمٌ من سحاب وأَغْسامٌ
وأَطْسامٌ من سَحابٍ. وفي نوادر الأَعراب: رأَيته في طُسَامِ الغبار
وطَسَامِه وطَسَّامه وطَيْسانِه، يريد في كثيره. وأُطْسُمَّةُ الشيء:
مُعْظَمُه ومُجْتَمَعُه؛ حكاه السيرافي ولم يذكر سيبويه إِلا أُسْطُمَّة.
وأُسْطُمَّةُ الحَسَب: وَسَطُه ومُجْتَمَعُه، قال: والأُطْسُمَّةُ مثلُه على
القلب. قال العُمَانِيُّ الرَّاجِزُ، واسمه محمد ابن ذُؤَيْبٍ
الفُقَيْمِيُّ لَقَّبَهُ بالعُمَانيّ دُكَيْنٌ الراجزُ لما نظر إليه مُصْفَرَّ
الوجهِ مَطْحُولاً، فقال: مَن هذا العُمانِيُّ؟ فلزمه ذلك، لأن عُمَانَ
وبِئَةٌ وأَهْلُها صُفْرٌ مَطْحُولُونَ، يُخاطب به العُمانِيُّ
الرَّشيدَ: ما قاسِمٌ دونَ مَدَى ابْنِ أُمِّهِ،
وقْدْ رَضِيناهُ فقُمْ فَسَمِّهِ
يا لَيْتَها قد خَرَجَتْ منْ فُمِّهِ،
حتَّى يَعُودَ المُلْكُ في أُطْسُمِّهِ
أَي في أَهله وحَقِّه، وقال ابن خالويه: الرجز لجرير قاله في سليمان بن
عبد الملك وعبد العزيز، وهو:
إِن الإِمامَ بعدَه ابنُ أُمِّهِ،
ثم ابْنُهُ وَلِيُّ عَهْدِ عَمِّه
قد رَضِيَ الناسُ به فَسَمِّهِ،
يا لَيْتَها قد خَرَجَتْ منْ فُمِّهِ
حتى يَعُودَ المُلْكُ في أُسْطُمِّه،
أَبْرِزْ لنا يَمينَه من كُمِّهِ
والطَّواسيمُ والطَّواسينُ: سُوَرٌ
في القرآنِ جُمِعَتْ على غير قياس؛ وأَنشد أَبو عبيدة:
حَلَفْتُ بالسَّبْعِ اللَّواتَي طُوِّلَتْ،
وبِمِئينٍ بَعَْدَها قَدْ أُمْئيتْ،
وبمَثَانٍ ثُنِّيَتْ وكُرّرَتْ،
وبالطَّواسيم التي قَدْ ثُلِّثَتْ
وبالْحَوامِيمِ التي قَدْ سُبّعَتْ،
وبالمُفَصَّلِ اللَّواتي فُصِّلَتْ
قال: والصواب أَن تُجْمَعَ بذوات وتضافَ إلى واحد فيقال: ذواتُ طسم،
وذواتُ حم.
وطَسْمٌ: حيّ من العرب انْقَرَضُوا. الجوهري: طَسْمٌ
قبيلة من عاد كانوا فانقرضوا، وفي حديث مكة: وسُكَّانها طَسْمٌ
وجَدِيسٌ، وهما قوم من أَهل الزمان الأَوّل، وقىل: طَسْمٌ حَيٌّ
من عادٍ، والله أَعلم.
نقف: الليث: النَّقْف كَسْر الهامة عن الدماغ ونحو ذلك كما يَنْقُف
الظليم الحنْظل عن حبه. والمُناقَفة: المضاربة بالسيوف على الرُّؤوس. ونقَف
رأْسه يَنقُفه نَقْفاً ونقَحه: ضربه على رأْسه حتى يخرج دماغه، وقيل:
نقَفه ضربه أَيسر الضرب، وقيل: هو كسر الرأْس على الدماغ، وقيل: هو ضربك إياه
برُمْح أَو عصا، وقد ناقَفْت الرجل مُناقفة ونِقافاً. يقال: اليوم
قِحافٌ وغداً نِقافٌ أَي اليوم خَمْر وغداً أَمْر، ومن رواه وغداً ثِقاف فقد
صحَّف. وفي حديث عبد اللّه بن عمرو: اعْدُدْ اثني عشر من بني كعب بن لؤيّ
ثم يكون النَّقْفُ والنِّقافُ أَي القتْل والقِتال؛ والنقْفُ: هشْم
الرأْس، وأَي تَهِيجُ الفتن والحروب بعدهم. وفي حديث مسلم بن عُقْبة المُرِّي:
لا يكون إلا الوِقافُ ثم النِّقافُ ثم الانْصراف أَي المُواقَفة في
الحرب ثم المُناجَزةُ بالسيوف ثم الانصراف عنها.
وتَنقَّفْت الحنظل أَي شققته عن الهَبِيد؛ ومنه قول امرئ القيس:
كأَني، غَداة البيْن يوم تحمَّلُوا
لدى سَمُراتِ الحَيِّ، ناقِفُ حَنْظَلِ
ويقال: حنظلٌ نَقِيف أَي مَنْقُوف؛ وفي رجز كعب وابن الأَكوع:
لكنْ غَذاها حَنْظَلٌ نَقِيفُ
أَي مَنْقوف، وهو أَن جاني الحنظل ينقُفُها بظُفُره أَي يضربها، فإن
صوتّت علم أَنها مُدركة فاجتناها. ونقَف الظَّلِيمُ الحنظلَ ينقُفه وانتقفه:
كسره عن هبيده. ونقَف الرُّمانة إذا قشرها ليستخرجَ حَبّها. وانتقَفْت
الشيء: استخرجته. ونقَفَ البيضةَ: نقَبها. ونقَف الفرْخُ البيضةَ: نقَبها
وخرج منها. والنقْف: الفرّخ حين يخرج من البيضة، سمي باسم المصدر. أَبو
عمرو: يقال للرجلين جاءَا في ثِقاف واحد ونِقاف واحد إذا جاءَا في مكان
واحد؛ أَبو سعيد: إذا جاءَا مُتساوِيين لا يتقدَّم أَحدهما الآخر، وأَصله
الفَرْخانِ يخرجان من بيضة واحدة.
وأَنقَف الجرادُ: رمى ببيضه. وقولهم: لا تكونوا كالجراد رَعَى وادياً
وأَنقف وادياً أَي أَكثر بيضه فيه. والنَّقَفة كالنَّجَفة، وهي وُهَيْدة
صغيرة تكون في رأْس الجبل أَو الأَكَمة. وجِذْع نَقِيف ومَنْقُوف: أَكلته
الأَرَضةُ. وأَنقَفْتُك المُخَّ أَي أَعطيتك العظم تستخرج مُخَّه.
والمنقوف: الرجل الخفيفُ الأَخّدَعيْنِ القليلُ اللحم.
ومِنْقافُ الطائر: مِنقارُه في بعض اللغات. والمنْقاف: عظم دُوَيْبَّة
تكون في البحر في وسطه مَشَقٌّ تُصْقل به الصُّحف، وقيل: هو ضَرْب من
الودَع.
ورجل نَقّاف: ذو نَظر في الأَشياء وتدْبير. والنَّقَّاف: السائل، وخص
بعضهم به سائل الإبل والشاء؛ قال:
إذا جاء نَقّافٌ يَعُدُّ عِيالَه
طَويل العصا، نَكَّبْته عن شَياهِها
(* قوله «يعد» في شرح القاموس: يسوق، وقوله: «شياهها» في الشرح المذكور:
عياليا.)
التهذيب: وقال لبيد يصف خمراً:
لَذيذاً ومَنْقُوفاً بصافي مَخِيلةٍ،
من الناصع المَحْمُودِ من خَمْر بابلا
أَراد ممزوجاً بماءٍ صاف من ماءِ سحابة، وقيل: المَنْقُوف المَبْزُول من
الشراب، نقَفْته نَقْفاً أَي بَزَلْته. ويقال: نحت النحّات العُود فترك
فيه مَنْقفاً إذا لم يُنْعِم نَحْته ولم يُسوِّه؛ قال الراجز:
كِلْنا عليهِنَّ بمُدٍّ أَجْوَفا،
لم يَدَعِ النقّافُ فيه مَنْقَفا،
إلا انْتَقى من حَوْفِه ولَجَّفا
يريد أَنه أَنعم نحته. والنقّاف: النحّات للخشب.
نفس: النَّفْس: الرُّوحُ، قال ابن سيده: وبينهما فرق ليس من غرض هذا
الكتاب، قال أَبو إِسحق: النَّفْس في كلام العرب يجري على ضربين: أَحدهما
قولك خَرَجَتْ نَفْس فلان أَي رُوحُه، وفي نفس فلان أَن يفعل كذا وكذا أَي
في رُوعِه، والضَّرْب الآخر مَعْنى النَّفْس فيه مَعْنى جُمْلَةِ الشيء
وحقيقته، تقول: قتَل فلانٌ نَفْسَه وأَهلك نفسه أَي أَوْقَتَ الإِهْلاك
بذاته كلِّها وحقيقتِه، والجمع من كل ذلك أَنْفُس ونُفُوس؛ قال أَبو خراش
في معنى النَّفْس الروح:
نَجَا سالِمٌ والنَّفْس مِنْه بِشِدقِهِ،
ولم يَنْجُ إِلا جَفْنَ سَيفٍ ومِئْزَرَا
قال ابن بري: الشعر لحذيفة بن أَنس الهذلي وليس لأَبي خراش كما زعم
الجوهري، وقوله نَجَا سَالِمٌ ولم يَنْجُ كقولهم أَفْلَتَ فلانٌ ولم يُفْلِتْ
إِذا لم تعدّ سلامتُه سلامةً، والمعنى فيه لم يَنْجُ سالِمٌ إِلا بجفن
سيفِه ومئزرِه وانتصاب الجفن على الاستثناء المنقطع أَي لم ينج سالم إِلا
جَفْنَ سيف، وجفن السيف منقطع منه، والنفس ههنا الروح كما ذكر؛ ومنه
قولهم: فَاظَتْ نَفْسُه؛ وقال الشاعر:
كادَت النَّفْس أَنْ تَفِيظَ عَلَيْهِ،
إِذْ ثَوَى حَشْوَ رَيْطَةٍ وبُرُودِ
قال ابن خالويه: النَّفْس الرُّوحُ، والنَّفْس ما يكون به التمييز،
والنَّفْس الدم، والنَّفْس الأَخ، والنَّفْس بمعنى عِنْد، والنَّفْس قَدْرُ
دَبْغة. قال ابن بري: أَما النَّفْس الرُّوحُ والنَّفْسُ ما يكون به
التمييز فَشاهِدُهُما قوله سبحانه: اللَّه يَتَوفَّى الأَنفُس حين مَوتِها،
فالنَّفْس الأُولى هي التي تزول بزوال الحياة، والنَّفْس الثانية التي تزول
بزوال العقل؛ وأَما النَّفْس الدم فشاهده قول السموأَل:
تَسِيلُ على حَدِّ الظُّبَّاتِ نُفُوسُنَا،
ولَيْسَتْ عَلى غَيْرِ الظُّبَاتِ تَسِيلُ
وإِنما سمي الدم نَفْساً لأَن النَّفْس تخرج بخروجه، وأَما النَّفْس
بمعنى الأَخ فشاهده قوله سبحانه: فإِذا دخلتم بُيُوتاً فسلموا على
أَنْفُسِكم، وأَما التي بمعنى عِنْد فشاهده قوله تعالى حكاية عن عيسى، على نبينا
محمد وعليه الصلاة والسلام: تعلم ما في نفسي ولا أَعلم ما في نفسك؛ أَي
تعلم ما عندي ولا أَعلم ما عندك، والأَجود في ذلك قول ابن الأَنباري: إِن
النَّفْس هنا الغَيْبُ، أَي تعلم غيبي لأَن النَّفْس لما كانت غائبة
أُوقِعَتْ على الغَيْبِ، ويشهد بصحة قوله في آخر الآية قوله: إِنك أَنت
عَلاَّمُ الغُيُوب، كأَنه قال: تعلم غَّيْبي يا عَلاَّم الغُيُوبِ. والعرب قد
تجعل النَّفْس التي يكون بها التمييز نَفْسَيْن، وذلك أَن النَّفْس قد
تأْمره بالشيء وتنهى عنه، وذلك عند الإِقدام على أَمر مكروه، فجعلوا التي
تأْمره نَفْساً وجعلوا التي تنهاه كأَنها نفس أُخرى؛ وعلى ذلك قول
الشاعر:يؤَامِرُ نَفْسَيْهِ، وفي العَيْشِ فُسْحَةٌ،
أَيَسْتَرْجِعُ الذُّؤْبَانَ أَمْ لا يَطُورُها؟
وأَنشد الطوسي:
لمْ تَدْرِ ما لا؛ ولَسْتَ قائِلَها،
عُمْرَك ما عِشْتَ آخِرَ الأَبَدِ
وَلمْ تُؤَامِرْ نَفْسَيْكَ مُمْتَرياً
فِيهَا وفي أُخْتِها، ولم تَكَدِ
وقال آخر:
فَنَفْسَايَ نَفسٌ قالت: ائْتِ ابنَ بَحْدَلٍ،
تَجِدْ فَرَجاً مِنْ كلِّ غُمَّى تَهابُها
ونَفْسٌ تقول: اجْهَدْ نجاءك، لا تَكُنْ
كَخَاضِبَةٍ لم يُغْنِ عَنْها خِضَابُهَا
والنَّفْسُ يعبَّر بها عن الإِنسان جميعه كقولهم: عندي ثلاثة أَنْفُسٍ.
وكقوله تعالى: أَن تقول نَفْسٌ يا حَسْرَتا على ما فَرَّطْتُ في جنب
اللَّه؛ قال ابن سيده: وقوله تعالى: تعلم ما في نفسي ولا أَعلم ما في نفسك؛
أَي تعلم ما أَضْمِرُ ولا أَعلم ما في نفسك أَي لا أَعلم ما حقِيقَتُك ولا
ما عِنْدَكَ عِلمُه، فالتأَويل تعلَمُ ما أَعلَمُ ولا أَعلَمُ ما
تعلَمُ. وقوله تعالى: ويحذِّرُكم اللَّه نَفْسَه؛ أَي يحذركم إِياه، وقوله
تعالى: اللَّه يتوفى الأَنفس حين موتها؛ روي عن ابن عباس أَنه قال: لكل
إسنسان نَفْسان: إِحداهما نفس العَقْل الذي يكون به التمييز، والأُخرى نَفْس
الرُّوح الذي به الحياة. وقال أَبو بكر بن الأَنباري: من اللغويين من
سَوَّى النَّفْس والرُّوح وقال هما شيء واحد إِلا أَن النَّفْس مؤنثة
والرُّوح مذكر، قال: وقال غيره الروح هو الذي به الحياة، والنفس هي التي بها
العقل، فإِذا نام النائم قبض اللَّه نَفْسه ولم يقبض رُوحه، ولا يقبض الروح
إِلا عند الموت، قال: وسميت النَّفْسُ نَفْساً لتولّد النَّفَسِ منها
واتصاله بها، كما سَّموا الرُّوح رُوحاً لأَن الرَّوْحَ موجود به، وقال
الزجاج: لكل إِنسان نَفْسان: إِحداهما نَفْس التمييز وهي التي تفارقه إِذا
نام فلا يعقل بها يتوفاها اللَّه كما قال اللَّه تعالى، والأُخرى نفس
الحياة وإِذا زالت زال معها النَّفَسُ، والنائم يَتَنَفَّسُ، قال: وهذا الفرق
بين تَوَفِّي نَفْس النائم في النوم وتَوفِّي نَفْس الحيّ؛ قال: ونفس
الحياة هي الرُّوح وحركة الإِنسان ونُمُوُّه يكون به، والنَّفْس الدمُ؛ وفي
الحديث: ما لَيْسَ له نَفْس سائلة فإِنه لا يُنَجِّس الماء إِذا مات
فيه، وروي عن النخعي أَنه قال: كلُّ شيء له نَفْس سائلة فمات في الإِناء
فإِنه يُنَجِّسه، أَراد كل شيء له دم سائل، وفي النهاية عنه: كل شيء ليست له
نَفْس سائلة فإِنه لا يُنَجِّس الماء إِذا سقط فيه أَي دم سائل.
والنَّفْس: الجَسَد؛ قال أَوس بن حجر يُحَرِّض عمرو بن هند على بني حنيفة وهم
قتَلَة أَبيه المنذر بن ماء السماء يوم عَيْنِ أَباغٍ ويزعم أَن عَمْرو ابن
شمر
(* قوله «عمرو بن شمر» كذا بالأصل وانظره مع البيت الثاني فإنه يقتضي
العكس.) الحنفي قتله:
نُبِّئْتُ أَن بني سُحَيْمٍ أَدْخَلوا
أَبْياتَهُمْ تامُورَ نَفْس المُنْذِر
فَلَبئسَ ما كَسَبَ ابنُ عَمرو رَهطَهُ
شمرٌ وكان بِمَسْمَعٍ وبِمَنْظَرِ
والتامُورُ: الدم، أَي حملوا دمه إِلى أَبياتهم ويروى بدل رهطه قومه
ونفسه. اللحياني: العرب تقول رأَيت نَفْساً واحدةً فتؤنث وكذلك رأَيت
نَفْسَين فإِذا قالوا رأَيت ثلاثة أَنفُس وأَربعة أَنْفُس ذَكَّرُوا، وكذلك
جميع العدد، قال: وقد يجوز التذكير في الواحد والاثنين والتأْنيث في الجمع،
قال: حكي جميع ذلك عن الكسائي، وقال سيبويه: وقالوا ثلاثة أَنْفُس
يُذكِّرونه لأَن النَّفْس عندهم إنسان فهم يريدون به الإِمنسان، أَلا ترى أَنهم
يقولون نَفْس واحد فلا يدخلون الهاء؟ قال: وزعم يونس عن رؤبة أَنه قال
ثلاث أَنْفُس على تأْنيث النَّفْس كما تقول ثلاث أَعْيُنٍ للعين من الناس،
وكما قالوا ثلاث أَشْخُصٍ في النساء؛ وقال الحطيئة:
ثلاثَةُ أَنْفُسٍ وثلاثُ ذَوْدٍ،
لقد جار الزَّمانُ على عِيالي
وقوله تعالى: الذي خلقكم من نَفْس واحدة؛ يعي آدم، عليه السلام، وزوجَها
يعني حواء. ويقال: ما رأَيت ثمَّ نَفْساً أَي ما رأَيت أَحداً. وقوله في
الحديث: بُعِثْتُ في نَفَس الساعة أَي بُعِثْتُ وقد حان قيامُها وقَرُبَ
إِلا أَن اللَّه أَخرها قليلاً فبعثني في ذلك النَّفَس، وأَطلق النَّفَس
على القرب، وقيل: معناه أَنه جعل للساعة نَفَساً كَنَفَس الإِنسان،
أَراد: إِني بعثت في وقت قريب منها، أَحُس فيه بنَفَسِها كما يَحُس بنَفَس
الإِنسان إِذا قرب منه، يعني بعثت في وقتٍ بانَتْ أَشراطُها فيه وظهرت
علاماتها؛ ويروى: في نَسَمِ الساعة، وسيأْتي ذكره والمُتَنَفِّس: ذو
النَّفَس. ونَفْس الشيء: ذاته؛ ومنه ما حكاه سيبويه من قولهم نزلت بنَفْس الجيل،
ونَفْسُ الجبل مُقابِلي، ونَفْس الشيء عَيْنه يؤكد به. يقال: رأَيت
فلاناً نَفْسه، وجائني بَنَفْسِه، ورجل ذو نَفس أَي خُلُق وجَلَدٍ، وثوب ذو
نَفس أَي أَكْلٍ وقوَّة. والنَّفْس: العَيْن. والنَّافِس: العائن.
والمَنْفوس: المَعْيون. والنَّفُوس: العَيُون الحَسُود المتعين لأَموال الناس
ليُصيبَها، وما أَنْفَسه أَي ما أَشدَّ عينه؛ هذه عن اللحياني.ويقال: أَصابت
فلاناً نَفْس، ونَفَسْتُك بنَفْس إِذا أَصَبْتَه بعين. وفي الحديث: نهى
عن الرُّقْيَة إِلا في النَّمْلة والحُمَة والنَّفْس؛ النَّفْس: العين،
هو حديث مرفوع إِلى النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، عن أَنس. ومنه الحديث:
أَنه مسح بطنَ رافع فأَلقى شحمة خَضْراء فقال: إِنه كان فيها أَنْفُس
سَبْعَة، يريد عيونهم؛ ومنه حديث ابن عباس: الكِلابُ من الجِنِّ فإِن
غَشِيَتْكُم عند طعامكم فأَلقوا لهن فإِن لهن أَنْفُساً أَي أَعْيناً. ويقالُ:
نَفِس عليك فلانٌ يَنْفُسُ نَفَساً ونَفاسَةً أَي حَسَدك. ابن الأَعرابي:
النَّفْس العَظَمَةُ والكِبر والنَّفْس العِزَّة والنَّفْس الهِمَّة
والنَّفْس عين الشيء وكُنْهُه وجَوْهَره، والنَّفْس الأَنَفَة والنَّفْس
العين التي تصيب المَعِين.
والنَّفَس: الفَرَج من الكرب. وفي الحديث: لا تسبُّوا الريح فإِنها من
نَفَس الرحمن، يريد أَنه بها يُفرِّج الكربَ ويُنشِئ السحابَ ويَنشر
الغيث ويُذْهب الجدبَ، وقيل: معناه أَي مما يوسع بها على الناس، وفي الحديث:
أَنه، صلى اللَّه عليه وسلم، قال: أَجد نَفَس ربكم من قِبَلِ اليمن، وفي
رواية: أَجد نَفَس الرحمن؛ يقال إِنه عنى بذلك الأَنصار لأَن اللَّه عز
وجل نَفَّس الكربَ عن المؤمنين بهم، وهم يَمانُونَ لأَنهم من الأَزد،
ونَصَرهم بهم وأَيدهم برجالهم، وهو مستعار من نَفَس الهواء الذي يَرُده
التَّنَفُّس إِلى الجوف فيبرد من حرارته ويُعَدِّلُها، أَو من نَفَس الريح
الذي يَتَنَسَّمُه فيَسْتَرْوِح إِليه، أَو من نفَس الروضة وهو طِيب روائحها
فينفرج به عنه، وقيل: النَّفَس في هذين الحديثين اسم وضع موضع المصدر
الحقيقي من نَفّسَ يُنَفِّسُ تَنْفِيساً ونَفَساً،كما يقال فَرَّجَ
يُفَرِّجُ تَفْريجاً وفَرَجاً، كأَنه قال: اَجد تَنْفِيسَ ربِّكم من قِبَلِ
اليمن، وإِن الريح من تَنْفيس الرحمن بها عن المكروبين، والتَّفْريج مصدر
حقيقي، والفَرَج اسم يوضع موضع المصدر؛ وكذلك قوله: الريح من نَفَس الرحمن
أَي من تنفيس اللَّه بها عن المكروبين وتفريجه عن الملهوفين. قال العتبي:
هجمت على واد خصيب وأَهله مُصْفرَّــة أَلوانهم فسأَلتهم عن ذلك فقال شيخ
منهم: ليس لنا ريح. والنَّفَس: خروج الريح من الأَنف والفم، والجمع
أَنْفاس. وكل تَرَوُّح بين شربتين نَفَس.
والتَنَفُّس: استمداد النَفَس، وقد تَنَفَّس الرجلُ وتَنَفَّس
الصُّعَداء، وكلّ ذي رِئَةٍ مُتَنَفِّسٌ، ودواب الماء لا رِئاتَ لها. والنَّفَس
أَيضاً: الجُرْعَة؛ يقال: أَكْرَع في الإِناء نَفَساً أَو نَفَسَين أَي
جُرْعة أَو جُرْعَتين ولا تزد عليه، والجمع أَنفاس مثل سبب وأَسباب؛ قال
جرجر:
تُعَلِّلُ، وَهْيَ ساغِبَةٌ، بَنِيها
بأَنْفاسٍ من الشَّبِمِ القَراحِ
وفي الحديث: نهى عن التَّنَفُّسِ في الإِناء. وفي حديث آخر: أَنه كان
يَتَنفّسُ في الإِناء ثلاثاً يعني في الشرب؛ قال الأَزهري: قال بعضهم
الحديثان صحيحان. والتَنَفُّس له معنيان: أَحدهما أَن يشرب وهو يَتَنَفَّسُ في
الإِناء من غير أَن يُبِينَه عن فيه وهو مكروه، والنَّفَس الآخر أَن
يشرب الماء وغيره من الإِناء بثلاثة أَنْفاسٍ يُبينُ فاه عن الإِناء في كل
نَفَسٍ. ويقال: شراب غير ذي نَفَسٍ إِذا كان كَرِيه الطعم آجِناً إِذا
ذاقه ذائق لم يَتَنَفَّس فيه، وإِنما هي الشربة الأُولى قدر ما يمسك رَمَقَه
ثم لا يعود له؛ وقال أَبو وجزة السعدي:
وشَرْبَة من شَرابٍ غَيْرِ ذي نََفَسٍ،
في صَرَّةٍ من نُجُوم القَيْظِ وهَّاجِ
ابن الأَعرابي: شراب ذو نَفَسٍ أَي فيه سَعَةٌ وريٌّ؛ قال محمد بن
المكرم: قوله النَّفَس الجُرْعة، وأَكْرَعْ في الإِناء نَفَساً أَو نَفَسين
أَي جُرْعة أَو جُرْعتين ولا تزد عليه، فيه نظر، وذلك أَن النّفَس الواحد
يَجْرع الإِنسانُ فيه عِدَّة جُرَع، يزيد وينقص على مقدار طول نَفَس
الشارب وقصره حتى إِنا نرى الإِنسان يشرب الإِناء الكبير في نَفَس واحد علة
عدة جُرَع. ويقال: فلان شرب الإِناء كله على نَفَس واحد، واللَّه أَعلم.
ويقال: اللهم نَفِّس عني أَي فَرِّج عني ووسِّع عليَّ، ونَفَّسْتُ عنه
تَنْفِيساً أَي رَفَّهْتُ. يقال: نَفَّس اللَّه عنه كُرْبته أَي فرَّجها.
وفي الحديث: من نَفَّسَ عن مؤمن كُرْبة نَفَّسَ اللَّه عنه كرْبة من
كُرَب الآخرة، معناه من فَرَّجَ عن مؤمن كُربة في الدنيا فرج اللَّه عنه
كُرْبة من كُرَب يوم القيامة. ويقال: أَنت في نَفَس من أَمرك أَي سَعَة،
واعمل وأَنت في نَفَس من أَمرك أَي فُسحة وسَعة قبل الهَرَم والأَمراض
والحوادث والآفات. والنَّفَس: مثل النَّسيم، والجمع أَنْفاس.
ودارُك أَنْفَسُ من داري أَي أَوسع. وهذا الثوب أَنْفَسُ من هذا أَي
أَعرض وأَطول وأَمثل. وهذا المكان أَنْفَسُ من هذا أَي أَبعد وأَوسع. وفي
الحديث: ثم يمشي أَنْفَسَ منه أَي أَفسح وأَبعد قليلاً. ويقال: هذا المنزل
أَنْفَس المنزلين أَي أَبعدهما، وهذا الثوب أَنْفَس الثوبين أَي أَطولهما
أَو أَعرضهما أَو أَمثلهما.
ونَفَّس اللَّه عنك أَي فرَّج ووسع. وفي الحديث: من نَفَّس عن غريمه أَي
أَخَّر مطالبته. وفي حديث عمار: لقد أَبْلَغْتَ وأَوجَزْتَ فلو كنت
تَنَفَّسْتَ أَي أَطلتَ؛ وأَصله أَن المتكلم إِذا تَنَفَّسَ استأْنف القول
وسهلت عليه الإِطالة. وتَنَفَّسَتْ دَجْلَةُ إِذا زاد ماؤها. وقال
اللحياني: إِن في الماء نَفَساً لي ولك أَي مُتَّسَعاً وفضلاً، وقال ابن
الأَعرابي: أَي رِيّاً؛ وأَنشد:
وشَربة من شَرابٍ غيرِ ذِي نَفَسٍ،
في كَوْكَبٍ من نجوم القَيْظِ وضَّاحِ
أَي في وقت كوكب. وزدني نَفَساً في أَجلي أَي طولَ الأَجل؛ عن اللحياني.
ويقال: بين الفريقين نَفَس أَي مُتَّسع. ويقال: لك في هذا الأَمر
نُفْسَةٌ أَي مُهْلَةٌ. وتَنَفَّسَ الصبحُ أَي تَبَلَّج وامتدَّ حتى يصير
نهاراً بيّناً. وتَنَفَّس النهار وغيره: امتدَّ وطال. ويقال للنهار إِذا زاد:
تَنَفَّسَ، وكذلك الموج إِذا نَضحَ الماءَ. وقال اللحياني: تَنَفَّس
النهار انتصف، وتنَفَّس الماء. وقال اللحياني: تَنَفَّس النهار انتصف،
وتنَفَّس أَيضاً بَعُدَ، وتنَفَّس العُمْرُ منه إِما تراخى وتباعد وإِما اتسع؛
أَنشد ثعلب:
ومُحْسِبة قد أَخْطأَ الحَقُّ غيرَها،
تَنَفَّسَ عنها جَنْبُها فهي كالشِّوا
وقال الفراء في قوله تعالى: والصبح إِذا تَنَفَّسَ، قال: إِذا ارتفع
النهار حتى يصير نهاراً بيّناً فهو تَنَفُّسُ الصبح. وقال مجاهد: إِذا
تَنَفَّس إِذا طلع، وقال الأَخفش: إِذا أَضاء، وقال غيره: إِذا تنَفَّس إِذا
انْشَقَّ الفجر وانْفَلق حتى يتبين منه. ويقال: كتبت كتاباً نَفَساً أَي
طويلاً؛ وقول الشاعر:
عَيْنَيَّ جُودا عَبْرَةً أَنْفاسا
أَي ساعة بعد ساعة. ونَفَسُ الساعة: آخر الزمان؛ عن كراع.
وشيء نَفِيسٌ أَي يُتَنافَس فيه ويُرْغب. ونَفْسَ الشيء، بالضم،
نَفاسَةً، فهو نَفِيسٌ ونافِسٌ: رَفُعَ وصار مرغوباً فيه، وكذلك رجل نافِسٌ
ونَفِيسٌ، والجمع نِفاسٌ. وأَنْفَسَ الشيءُ: صار نَفيساً. وهذا أَنْفَسُ مالي
أَي أَحَبُّه وأَكرمه عندي. وقال اللحياني: النَّفِيسُ والمُنْفِسُ
المال الذي له قدر وخَطَر، ثم عَمَّ فقال: كل شيء له خَطَرٌ وقدر فهو نَفِيسٌ
ومُنْفِس؛ قال النمر بن تولب:
لا تَجْزَعي إِنْ مُنْفِساً أَهْلَكْتُه،
فإِذا هَلَكْتُ، فعند ذلك فاجْزَعي
وقد أَنْفَسَ المالُ إِنْفاساً ونَفُس نُفُوساً ونَفاسَةً. ويقال: إِن
الذي ذكَرْتَ لمَنْفُوس فيه أَي مرغوب فيه. وأَنْفَسَني فيه ونَفَّسَني:
رغَّبني فيه؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
بأَحْسَنَ منه يومَ أَصْبَحَ غادِياً،
ونفَّسَني فيه الحِمامُ المُعَجَّلُ
أَي رغَّبني فيه. وأَمر مَنْفُوس فيه: مرغوب. ونَفِسْتُ عليه الشيءَ
أَنْفَسُه نَفاسَةً إِذا ضَنِنْتَ به ولم تحب أَن يصل إِليه. ونَفِسَ عليه
بالشيء نَفَساً، بتحريك الفاء، ونَفاسَةً ونَفاسِيَةً، الأَخيرة نادرة:
ضَنَّ. ومال نَفِيس: مَضْمون به. ونَفِسَ عليه بالشيء، بالكسر: ضَنَّ به
ولم يره يَسْتأْهله؛ وكذلك نَفِسَه عليه ونافَسَه فيه؛ وأَما قول
الشاعر:وإِنَّ قُرَيْشاً مُهْلكٌ مَنْ أَطاعَها،
تُنافِسُ دُنْيا قد أَحَمَّ انْصِرامُها
فإِما أَن يكون أَراد تُنافِسُ في دُنْيا، وإِما أَن يريد تُنافِسُ
أَهلَ دُنْيا. ونَفِسْتَ عليَّ بخيرٍ قليل أَي حسدت.
وتَنافَسْنا ذلك الأَمر وتَنافَسْنا فيه: تحاسدنا وتسابقنا. وفي التنزيل
العزيز: وفي ذلك فَلْيَتَنافَس المُتَنافِسون أَي وفي ذلك فَلْيَتَراغَب
المتَراغبون. وفي حديث المغيرة: سَقِيم النِّفاسِ أَي أَسْقَمَتْه
المُنافَسة والمغالبة على الشيء. وفي حديث إِسمعيل، عليه السلام: أَنه
تَعَلَّم العربيةَ وأَنْفَسَهُمْ أَي أَعجبهم وصار عندهم نَفِيساً. ونافَسْتُ في
الشيء مُنافَسَة ونِفاساً إِذا رغبت فيه على وجه المباراة في الكرم.
وتَنافَسُوا فيه أَي رغبوا. وفي الحديث: أَخشى أَن تُبْسط الدنيا عليكم كما
بُسِطَتْ على من كان قبلكم فتَنافَسوها كما تَنافَسُوها؛ هو من
المُنافَسَة الرغبة في الشيء والانفرادية، وهو من الشيء النَّفِيسِ الجيد في
نوعه.ونَفِسْتُ بالشيء، بالكسر، أَي بخلت. وفي حديث علي، كرم اللَّه وجهه:
لقد نِلْتَ صِهْرَ رسول اللَّه، صلى اللَّه عليه وسلم، فما نَفِسْناه عليك.
وحديث السقيفة: لم نَنْفَسْ عليك أَي لم نبخل.
والنِّفاسُ: ولادة المرأَة إِذا وضَعَتْ، فهي نُفَساءٌ. والنَّفْسُ:
الدم. ونُفِسَت المرأَة ونَفِسَتْ، بالكسر، نَفَساً ونَفاسَةً ونِفاساً وهي
نُفَساءُ ونَفْساءُ ونَفَساءُ: ولدت. وقال ثعلب: النُّفَساءُ الوالدة
والحامل والحائض، والجمع من كل ذلك نُفَساوات ونِفاس ونُفاس ونُفَّس؛ عن
اللحياني، ونُفُس ونُفَّاس؛ قال الجوهري: وليس في الكلام فُعَلاءُ يجمع على
فعالٍ غير نُفَسَاء وعُشَراءَ، ويجمع أَيضاً على نُفَساوات وعُشَراوات؛
وامرأَتان نُفساوان، أَبدلوا من همزة التأْنيث واواً. وفي الحديث: أَن
أَسماء بنت عُمَيْسٍ نُفِسَتْ بمحمد بن أَبي بكر أَي وضَعَت؛ ومنه الحديث:
فلما تَعَلَّتْ من نِفاسها أَي خرجت من أَيام ولادتها. وحكى ثعلب:
نُفِسَتْ ولداً على فعل المفعول. وورِثَ فلان هذا المالَ في بطن أُمه قبل أَن
يُنْفَس أَي يولد. الجوهري: وقولهم ورث فلان هذا المال قبل أَن يُنْفَسَ
فلان أَي قبل أَن يولد؛ قال أَوس بن حجر يصف محاربة قومه لبني عامر بن
صعصعة:
وإِنَّا وإِخْواننا عامِراً
على مِثلِ ما بَيْنَنا نَأْتَمِرْ
لَنا صَرْخَةٌ ثم إِسْكاتَةٌ،
كما طَرَّقَتْ بِنِفاسٍ بِكِرْ
أَي بولد. وقوله لنا صرخة أَي اهتياجة يتبعها سكون كما يكون للنُّفَساء
إِذا طَرَّقَتْ بولدها، والتَطْريقُ أَن يعسر خروج الولد فَتَصْرُخ لذلك،
ثم تسكن حركة المولود فتسكن هي أَيضاً، وخص تطريق البِكر لأَن ولادة
البكر أَشد من ولادة الثيب. وقوله على مثل ما بيننا نأْتمر أَي نمتثل ما
تأْمرنا به أَنْفسنا من الإِيقاع بهم والفتك فيهم على ما بيننا وبينهم من
قرابة؛ وقولُ امرئ القيس:
ويَعْدُو على المَرْء ما يَأْتَمِرْ
أَي قد يعدو عليه امتثاله ما أَمرته به نفسه وربما كان داعَية للهلاك.
والمَنْفُوس: المولود. وفي الحديث: ما من نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ إِلا وقد
كُتِبَ مكانها من الجنة والنار، وفي رواية: إِلا :كُتِبَ رزقُها وأَجلها؛
مَنْفُوسَةٍ أَي مولودة. قال: يقال نَفِسَتْ ونُفِسَتْ، فأَما الحيض فلا
يقال فيه إِلا نَفِسَتْ، بالفتح. وفي حديث عمر، رضي اللَّه عنه: أَنه
أَجْبَرَ بني عَمٍّ على مَنْفُوسٍ أَي أَلزمهم إِرضاعَه وتربيتَه. وفي حديث
أَبي هريرة: أَنه صَلَّى على مَنْفُوسٍ أَي طِفْلٍ حين ولد، والمراد أَنه
صلى عليه ولم يَعمل ذنباً. وفي حديث ابن المسيب: لا يرثُ المَنْفُوس حتى
يَسْتَهِلَّ صارخاً أَي حتى يسمَع له صوت.
وقالت أُم سلمة: كنت مع النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، في الفراش
فَحِضْتُ فخَرَجْتُ وشددت عليَّ ثيابي ثم رجعت، فقال: أَنَفِسْتِ؟ أَراد:
أَحضتِ؟ يقال: نَفِسَت المرأَة تَنْفَسُ، بالفتح، إِذا حاضت.
ويقال: لفلان مُنْفِسٌ ونَفِيسٌ أَي مال كثير. يقال: ما سرَّني بهذا
الأَمر مُنْفِسٌ ونَفِيسٌ.
وفي حديث عمر، رضي اللَّه عنه: كنا عنده فَتَنَفَّسَ رجلٌ أَي خرج من
تحته ريح؛ شَبَّهَ خروج الريح من الدبر بخروج النَّفَسِ من الفم.
وتَنَفَّسَت القوس: تصدَّعت، ونَفَّسَها هو: صدَّعها؛ عن كراع، وإِنما يَتَنَفَّس
منها العِيدانُ التي لم تفلق وهو خير القِسِيِّ، وأَما الفِلْقَة فلا
تَنَفَّسُ. ابن شميل: يقال نَفَّسَ فلان قوسه إِذا حَطَّ وترها، وتَنَفَّس
القِدْح والقوس كذلك. قال ابن سيده: وأَرى اللحياني قال: إِن النَّفْس
الشق في القوس والقِدح وما أَشْبهها، قال: ولست منه على ثقة. والنَّفْسُ من
الدباغ: قدرُ دَبْغَةٍ أَو دَبْغتين مما يدبغ به الأَديم من القرظ وغيره.
يقال: هب لي نَفْساً من دباغ؛ قال الشاعر:
أَتَجْعَلُ النَّفْسَ التي تُدِيرُ
في جِلْدِ شاةٍ ثم لا تَسِيرُ؟
قال الأَصمعي: بعثت امرأَة من العرب بُنَيَّةً لها إِلى جارتها فقالت:
تقول لكِ أُمي أَعطيني نَفْساً أَو نَفْسَيْنِ أَمْعَسُ بها مَنِيئَتي
فإِني أَفِدَةٌ أَي مستعجلة لا أَتفرغ لاتخاذ الدباغ من السرعة، أَرادت قدر
دبغة أَو دبغتين من القَرَظ الذي يدبغ به. المَنِيئَةُ: المَدْبَغة وهي
الجلود التي تجعل في الدِّباغ، وقيل: النَّفْس من الدباغ مِلءُ الكفِّ،
والجمع أَنْفُسٌ؛ أَنشد ثعلب:
وذِي أَنْفُسٍ شَتَّى ثَلاثٍ رَمَتْ به،
على الماء، إِحْدَى اليَعْمُلاتِ العَرَامِس
يعني الوَطْبَ من اللبن الذي دُبِغَ بهذا القَدْر من الدّباغ.
والنَّافِسُ: الخامس من قِداح المَيْسِر؛ قال اللحياني: وفيه خمسة فروض
وله غُنْمُ خمسة أَنْصباءَ إِن فاز، وعليه غُرْمُ خمسة أَنْصِباءَ إِن لم
يفز، ويقال هو الرابع.
نمر: النُّمْرَةُ: النُّكْتَةُ من أَيِّ لونٍ كان. والأَنْمَرُ: الذي
فيه نُمْرَةٌ بيضاء وأُخرى سوداء، والأُنثى نَمْراءُ. والنَّمِرُ
والنِّمْرُ: ضربٌ من السباع أَخْبَثُ من الأَسد، سمي بذلك لنُمَرٍ فيه، وذلك أَنه
من أَلوان مختلفة، والأُنثى نَمِرَةٌ والجمع أَنْمُرٌ وأَنْمارٌ ونُمُرٌ
ونُمْرٌ ونُمُورٌ ونِمارٌ، وأَكثر كلام العرب نُمْرٌ. وفي الحديث: نهى عن
ركوب النِّمارِ، وفي رواية: النُّمُورِ أَي جلودِ النُّمورِ، وهي السباع
المعروفة، واحدها نَمِرٌ، وإِنما نهى عن استعمالها لما فيها من الزينة
والخُيَلاء، ولأَنه زِيُّ العجم أَو لأَن شعره لا يقبل الدباغ عند أَحد
الأَئمة إِذا كان غير ذَكِيٍّ، ولعل أَكثر ما كانوا يأْخذون جُلودَ
النُّمور إِذا ماتت لأَن اصطيادها عسير. وفي حديث أَبي أَيوب: أَنه أُتِيَ بدابة
سَرْجُها نُمُورٌ فَنَزَع الصُّفَّةَ، يعني المِيْثَرَةَ، فقيل
الجَدَياتُ نُمُورٌ يعني البِدَادَ، فقال: إِنما ينهى عن الصُّفَّةِ. قال ثعلب:
من قال نُمْرٌ ردَّه إِلى أَنْمَر، ونِمارٌ عنده جمع نِمْرٍ كذئبٍ وذئابٍ،
وكذلك نُمُورٌ عنده جمع نِمْرٍ كَسِتْرٍ وسُتُورٍ، ولم يحك سيبويه
نُمُراً في جمع نَمِرٍ. الجوهري: وقد جاء في الشعر نُمُرٌ وهو شاذ، قال: ولعله
مقصور منه؛ قال:
فيها تَماثِيلُ أُسُودُ ونُمُرْ
قال ابن سيده: فأَما ما أَنشده من قوله:
فيها عَيايِيلُ أُسُودٌ ونُمُرْ
فإِنه أَراد على مذهبه ونُمْرٌ، ثم وقف على قول من يقول البَكُرْ وهو
فَعْلٌ؛ قال ابن بري البيت الذي أَنشده الجوهري:
فيها تَماثِيلُ أُسُودٌ ونُمُرْ
هو لحُكَيْم بن مُعَيَّةَ الرَّبَعِيِّ، وصواب إِنشاده:
(* قوله« وصواب
إنشاده إلخ» نقل شارح القاموس بعد ذلك ما نصه: وقال أبو محمد الاسود صحف
ابن السيرافي والصواب غياييل، بالمعجمة، جمع غيل على غير قياس كما نبه
عليه الصاغاني.)
فيها عَيايِيلُ أُسُودٌ ونُمُرْ
قال: وكذلك أَنشده ابن سيده وغيره. قال ابن بري: وصف قناة تنبت في موضع
محفوف بالجبال والشجر؛ وقبله:
حُفَّتْ بأَطوادِ جبالٍ وسَمُرْ،
في أَشَبِ الغِيطانِ مُلْتَفِّ الحُظُرْ
يقول: حُفَّ موضع هذه القناة الذي تنبت فيه بأَطواد الجبال وبالسَّمُرِ،
وهو جمع سَمُرَةٍ، وهي شجرة عظيمة. والأَشَبُ: المكان المُلْتَفُّ
النَّبْتِ المتداخل. والغِيطانُ: جمع غائط، وهو المنخفض من الأَرض. والحُظُرُ:
جمع حظيرة. والعَيَّالُ: المُتَبَخْتِرُ في مشيه. وعَيايِيلُ: جمعه.
وأُسُودٌ بدل منه، ونُمُر معطوفة عليه.
ويقال للرجل السيء الخُلُقِ: قد نَمِرَ وتَنَمَّرَ. ونَمَّرَ وجهَه أَي
غَيَّره وعَبَّسَه. والنَّمِرُ لونه أَنْمَرُ وفيه نُمْرَةٌ مُحْمَرَّةٌ
أَو نُمْرَةٌ بيضاء وسوداء، ومن لونه اشتق السحابُ النَّمِرُ، والنَّمِرُ
من السحاب: الذي فيه آثار كآثار النَّمِر، وقيل: هي قِطَعٌ صغار متدان
بعضها من بعض، واحدتها نَمِرَةٌ؛ وقول أَبي ذؤيب: أَرِنِيها نَمِرَة
أُرِكْها مَطِرَة، وسحاب أَنْمَرُ وقد نَمِرَ السحابُ، بالكسر، يَنْمَرُ
نَمَراً أَي صار على لون النَّمِر ترى في خَلَلِه نِقاطاً. وقوله: أَرنيها
نَمِرَةً أُرِكْها مَطِرَةً، قال الأَخفش: هذا كقوله تعالى: فأَخرجنا منه
خَضِراً؛ يريد الأَخْضَرَ. والأَنْمَرُ من الخيل: الذي على شِبْهِ
النَّمِر، وهو أَن يكون فيه بُقْعَة بيضاء وبقعة أُخرى على أَيّ لون كان.
والنَّعَمُ النُّمْرُ: التي فيها سواد وبياض، جمع أَنْمَر.
الأَصمعي: تَنَمَّرَ له أَي تَنَكَّر وتَغَيَّرَ وأَوعَدَه لأَن
النَّمِرَ لا تلقاه أَبداً إِلا مُتَنَكِّراً غضْبانَ؛ وقول عمرو بن معد
يكرب:وعلِمْتُ أَنِّي، يومَ ذا
كَ، مُنازِلٌ كَعْباً ونَهْدا
قَوْمٌ، إِذا لبِسُوا لحَدِيـ
ـدِ تَنَمَّرُوا حَلَقاً وقِدَّا
أَي تشبهوا بالنَّمِرِ لاختلاف أَلوان القِدِّ والحديد، قال ابن بري:
أَراد بكعب بني الحرثِ بن كَعْبٍ وهم من مَذْحِج ونَهْدٌ من قُضاعة، وكانت
بينه وبينهم حروب، ومعنى تنمروا تنكروا لعدوّهم، وأَصله من النَّمِر
لأَنه من أَنكر السباع وأَخبثها. يقال: لبس فلان لفلان جلدَ النَّمِرِ إِذا
تنكر له، قال: وكانت ملوك العرب إِذا جلست لقتل إِنسان لبست جلود النمر ثم
أَمرت بقتل من تريد قتله، وأَراد بالحلق الدروع، وبالقدِّ جلداً كان
يلبس في الحرب، وانتصبا على التمييز، ونسب التنكر إِلى الحلق والقدِّ مجازاً
إِذ كان ذلك سَببَ تَنَكُّر لابِسِيهما، فكأَنه قال تَنَكَّر حَلَقُهم
وقِدُّهم، فلما جعل الفعل لهما انتصبا على التمييز، كما تقول: تَنَكَّرَتْ
أَخلاقُ القوم، ثم تقول: تَنَكَّرَ القومُ أَخْلاقاً. وفي حديث
الحُدَيْبِية: قد لبسوا لك جُلودَ النُّمورِ؛ هو كناية عن شدة الحقد والغضب
تشبيهاً بأَخْلاقِ النَّمِر وشَراسَتِه. ونَمِرَ الرجلُ ونَمَّر وتَنَمَّر:
غَضِب، ومنه لَبِسَ له جلدَ النَّمِرِ. وأَسدٌ أَنْمَرُ: فيه غُبْرَةٌ
وسواد. والنَّمِرَةُ: الحِبَرَةُ لاختلاف أَوان خطوطها. والنَّمِرَةُ: شَملة
فيها خطوط بيض وسود. وطيرٌ مُنَمَّرٌ: فيه نُقَط سود، وقد يوصف به
البُرودُ. ابن الأَعرابي: النُّمْرَةُ البَلَقُ، والنَّمِرَةُ العَصْبَةُ،
والنَّمِرَةُ بُرْدَةٌ مُخَطَّطَةٌ، والنَّمِرَةُ الأُنثى من النَّمِر؛
الجوهري: والنَّمِرَةُ بُرْدَةٌ من صوف يلبسها الأَعراب. وفي الحديث: فجاءه
قوم مُجْتابي النِّمار؛ كلُّ شَمْلَةٍ مُخَطَّطَةٍ من مآزِرِ الأَعراب، فهي
نَمِرَةٌ، وجمعها نِمارٌ كأَنها أُخذت من لون النَّمِر لما فيها من
السواد والبياض، وهي من الصفات الغالبة؛ أَراد أَنه جاءه قوم لابسي أُزُرٍ
مخططة من صوف. وفي حديث مُصْعَبِ بن عُمَيْرٍ، رضي الله عنه: أَقبل النبي،
صلى الله عليه وسلم، وعليه نَمِرَةٌ. وفي حديث خَبَّابٍ: لكنَّ حَمْزَةَ
لم يترك له إِلا نَمِرَة مَلْحاء. وفي حديث سعد: نَبَطِيٌّ في حُبْوَتِه،
أَعرابيٌّ في ثَمِرَتِه، أَسَدٌ في تامُورَتِه.
والنَّمِرُ والنَّمِيرُ، كلاهما: الماء الزَّاكي في الماشية، النامي،
عذباً كان أَو غير عذب. قال الأَصمعي: النَّمِير النامي، وقيل: ماء نَمِيرٌ
أَي ناجِعٌ؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
قد جَعَلَتْ، والحمدُ للهِ، تَفرْ
من ماء عِدٍّ في جُلودها نَمِرْ
أَي شَرِبَتْ فَعَطَنَتْ، وقيل: الماء النَّمِير الكثير؛ حكاه ابن
كَيْسانَ في تفسير قول امرئ القيس:
غَذَاها نَمِيرُ الماءِ غير المُحَلَّلِ
وفي حديث أَبي ذر، رضي الله عنه: الحمد لله لذي أَطْعَمَنا الخَمِيرَ
وسقانا النَّمِيرَ؛ الماءُ النَّمِير الناجع في الرِّيِّ. وفي حديث معاوية،
رضي الله عنه: خُبْزٌ خَمِيرٌ وماء نَمِيرٌ. وحَسَبٌ نَمِرٌ ونَمِيرٌ:
زَاكٍ، والجمع أَنْمارٌ. ونَمَرَ في الجبل
(* قوله« ونمر في الجبل إلخ»
بابه نصر كما القاموس.) نَمْراً: صَعَّدَ.
وفي حديث الحج: حتى أَتى نَمِرَة؛ هو الجبل الذي عليه أَنصابُ الحَرَمِ
بعرفات. أَبو تراب: نَمَرَ في الجبل والشجرِ ونَمَلَ إِذا علا فيهما. قال
الفرّاء: إِذا كان الجمع قد سمي به نسبت إِليه فقلت في أَنْمارٍ
أَنْمارِيٌّ، وفي مَعافِرَ مَعافِرِيٌّ، فإِذا كان الجمع غير مسمى به نسبت إِلى
واحده فقلت: نَقِيبيٌّ وعَرِيفِيٌّ ومَنْكِبيٌّ.
والنَّامِرَةُ: مِصْيَدَةٌ تربط فيها شاة للذئب. والنَّامُورُ: الدمُ
كالتَّامورِ. وأَنْمارٌ: حَيٌّ من خُراعة، قال سيبويه: النسب إِليه
أَنْمارِيٌّ لأَنه اسم للواحد. الجوهري: ونُمَيْرٌ أَبو قبيلة من قَيْسٍ، وهو
نُمَيْرُ بن عامر بن صَعْصَعَةَ بن معاوية بن بكر ابن هَوازِن. ونَمِرٌ
ونُمَيْرٌ: قبيلتان، والإِضافة إِلى نُمَيْرٍ نُمَيْرِيٌّ. قال سيبويه:
وقولوا في الجمع النُّمَيْرُونَ، استخفوا بحذف ياء الإِضافة كما قالوا
الأَعْجَمُونَ. ونَمِرٌ: أَبو قبيلة، وهو نَمِرُ بن قاسط ابن هِنْبِ بن أَفْصى
بن دُعْمِيِّ بن جَدِيلَةَ بن أَسَدِ ابن ربيعة، والنسبة إِلى نَمِر بن
قاسط نَمَرِيٌّ، بفتح الميم، استيحاشاً لتوالي الكَسَراتِ لأَن فيه حرفاً
واحداً غير مكسور. ونُمارَةُ: اسم قبيلة. الجوهري: ونِمْرٌ، بكسر النون،
اسم رجل؛ قال:
تَعَبَّدَني نِمْرُ بن سَعْدٍ وقد أُرى،
وَنِمْرُ بنُ سَعْدٍ لي مُطِيعٌ ومُهْطِعُ
قال ابن سيده: ونِمْرانُ ونُمارَةُ اسمان. والنُّمَيْرَةُ: موضع؛ قال
الراعي:
لها بِحَقِيلٍ فالنُّمَيْرَةِ مَنْزِلٌ،
تَرى الوَحْشَ عُواذاتٍ به ومَتالِيا
ونُمارٌ: جبلٌ؛ قال صخر الغَيّ:
سَمِعْتُ، وقد هَبَطْنا من نُمارٍ،
دُعاءَ أَبي المُثَلَّمِ يَسْتَغِيثُ
معز: الماعِزُ: ذو الشَّعَر من الغنم خلاف الضأْن، وهو اسم جنس، وهي
العَنْزُ، والأُنثى ماعِزَةٌ ومِعْزاة، والجمع مَعْزٌ ومَعَزٌ ومَواعِزُ
ومَعِيزٌ، مثل الضَّئِين، ومِعازٌ؛ قال القطامي:
فَصَلَّيْنا بهم وسَعَى سِوانا
إِلى البَقَرِ المُسَيَّبِ والمِعازِ
وكذلك أُمْعُوزٌ ومِعْزَى؛ ومِعْزَى: أَلفه مُلْحِقَةٌ له ببناء
هِجْرَعٍ وكل ذلك اسم للجمع، قال سيبويه: سأَلت يونس عن مِعْزَى فيمن نوَّن، فدل
ذلك على أَن من العرب من لا ينوِّن؛ وقال ابن الأَعرابي: مِعْزَى تصرف
إِذا شبهت بِمِفْعَل وهي فِعْلَى، ولا تصرف إِذا حملت على فِعْلَى وهو
الوجه عنده، قال: وكذلك فِعْلَى لا يصرف؛ قال:
أَغارَ على مِعْزايَ، لم يَدْرِ أَنني
وصَفْراءَ منها عَبْلَةَ الصَّفَواتِ
أَراد لم يدر أَنني مع صفراء، وهذا من باب: كلُّ رجلٍ وضَيْعَتُه، وأَنت
وشَأْنُكَ؛ كما قيل للمحمرة
(* قوله« كما قيل للمحمرة إلخ» كذا بالأصل
ولعل قبل كما سقطاً ) منها عاتكة. قال سيبويه: معزًى منوّن مصروف لأَن
الأَلف للإِلحاق لا للتأْنيث، وهو ملحق بدرهم على فِعْلَلٍ لأَن الأَلف
المُلْحِقَةَ تجري مجرى ما هو من نفس الكلم، يدل على ذلك قولهم مُعَيْزٍ
وأُرَيْطٍ في تصغير مِعْزًى وأَرْطًى في قول من نوَّن فكسر، وأَما بعد ياء
التصغير كما قالوا دُرَيْهِم، ولو كانت للتأْنيث لم يقلبوا الأَلف ياء كما
لم يقلبوها في تصغير حُبْلَى وأُخرى. وقال الفراء: المَعْزَى مؤَنثة
وبعضهم ذكرها. وحكى أَبو عبيد: أَن الذِّفْرى أَكثر العرب لا ينوِّنها وبعضهم
ينون، قال: والمعزى كلهم ينوِّنونها في النكرة. قال الأَزهري: الميم في
مِعْزًى أَصلية، ومن صرف دُنْيَا شبهها بِفُعْلَلٍ، والأَصل أَن لا تصرف،
والعرب تقول: لا آتيك مِعْزَى الفِرْزِ أَي أَبداً؛ موضعُ مِعْزَى
الفِرْزِ نصب على الظرف، وأَقامه مقام الدهر، وهذا منهم اتساع. قال اللحياني:
قال أَبو طيبة إِنما يُذْكَرُ مِعْزَى الفِرْزِ بالفُرْقَةِ، فيقال: لا
يجتمع ذاك حتى تجتمع مِعْزَى الفِرْزِ، وقال: الفِرْزُ رجل كان له بنونَ
يَرْعَوْنَ مِعْزاه فَتَواكَلُوا يوماً أَي أَبَوْا أَن يُسَرِّحوها، قال:
فساقها فأَخرجها ثم قال: هي النُّهَيْبَى والنُّهَيْبَى أَي لا يحل
لأَحد أَن يأْخذ منها أَكثر من واحدة. والماعِزُ: جِلْدُ المَعَزِ؛ قال:
الشماخ:
وبُرْدانِ من خالٍ، وسَبْعُونَ دِرْهَماً
على ذاكَ مَقْرُوظٌ، من القَدِّ، ماعِزُ
قوله على ذاك أَي ذاك. والمَعَّازُ: صاحب مِعْزًى؛ قال أَبو محمد
الفقْعسي يصف إِبلاً بكثرة اللبن ويفصلها على الغنم في شدة الزمان:
يَكِلْنَ كَيْلاً ليس بالمَمْحُوقِ،
إِذْ رَضِيَ المَعَّازُ باللَّعُوقِ
قال الأَصمعي: قلت لأَبي عمرو بن العلاء: مِعْزَى من المَعَزِفقال: نعم،
قلت: وذِفْرَى من الذَّفَرِف فقال: نعم. وأَمْعَزَ القومُ: كثر
مَعَزُهم.والأُمْعُوزُ: جماعة التُّيُوس من الظباء خاصة، وقيل: الأُمْعُوزُ
الثلاثون من الظباء إِلى ما بلغت، وقيل: هو القطيع منها، وقيل: هو ما بين
الثلاثين إِلى الأَربعين، وقيل: هي الجماعة من الأَوعال، وقال الأَزهري:
الأُمْعُوز جماعة الثَّياتِلِ من الأَوْعال، والماعِزُ من الظباء خلاف الضائن
لأَنهما نوعان.
والأَمْعَزُ والمَعْزاءُ: الأَرض الحَزْنَةُ الغليظةُ ذات الحجارة،
والجمع الأَماعِزُ والمُعْزُ، فمن قال أَماعِزُ فلأَنه قد غلب عليه الاسم،
ومن قال مُعْزٌ فعلى توهم الصفة؛ قال طرفة:
جَمادٌ بها البَسْباسُ يُرْهِصُ مُعْزُها
بَناتِ المَخاضِ، والصَّلاقِمَةَ الحُمْرا
والمَعْزاءُ كالأَمْعَزِ، وجمعها مَعْزاواتٌ. وقال أَبو عبيد في المصنف:
الأَمْعَزُ والمَعْزاءُ المكان الكثير الحَصَى الصُّلْبُ، حكى ذلك في
باب الأَرض الغليظة، وقال في باب فَعْلاء: المَعْزاء الحصى الصغار، فعبر عن
الواحد الذي هو المَعْزاء بالحصى الذي هو الجمع؛ وأَرض مَعْزاء
بَيِّنَةُ المَعَزِ. وأَمْعَزَ القومُ: صاروا في الأَمْعَزِ. وقال الأَصمعي:
عِظامُ الرملِ ضَوائنُه ولِطافُه مَواعِزُه. وقال ابن شميل: المَعْزاءُ
الصحراء فيها إِشراف وغلظ، وهو طين وحصى مختلطان، غير أَنها أَرض صلبة غليظة
المَوْطِئِ وإِشرافها قليل لئيم، تقود أَدنى من الدَّعْوَة، وهي مَعِزَةٌ
من النبات.
والمَعَزُ: الصَّلابَةُ من الأَرض. ورجل مَعِزٌ وماعِزٌ ومُسْتَمْعِزٌ:
جادٌّ في أَمره. ورجل ماعِزٌ ومَعِزٌ: معصوب شديد الخَلْقِ. وما
أَمْعَزَه من رجل أَي ما أَشَدَّه وأَصلبه؛ وقال الليث: الرجل الماعِزُ الشديد
عَصْبِ الخَلْقِ. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: تَمَعْزَزُوا واخْشَوْشِنُوا؛
هكذا جاء في رواية، أَي كونوا أَشِدَّاء صُبُراً، من المَعَزِ وهو
الشِّدَّةُ، وإِن جعل من العِزِّ، كانت الميم زائدة مثلها في تَمَدْرَعَ
وتَمَسْكَنَ. قال الأَزهري: رجل ماعِزٌ إِذا كان حازماً مانعاً ما وراءه
شَهْماً، ورجل ضائِنٌ إِذا كان ضعيفاً أَحمق، وقيل ضائن كثير اللحم. ابن
الأَعرابي: المَعْزِيُّ البخيل الذي يجمع ويمنع، وما أَمْعَزَ رأْيه إِذا كان
صُلْبَ الرأْي.
وماعِزٌ: اسم رجل؛ قال:
وَيحَكَ يا عَلْقَمَةُ بنَ ماعِزِ
هل لكَ في اللَّواقِحِ الحَرائِزِ؟
وأَبو ماعِزٍ: كنية رجل. وبنو ماعِزٍ: بطن.
مضر: مَضَرَ اللَّبَنُ يَمْضُرُ مُضُوراً: حَمُضَ وابْيَضَّ، وكذلك
النبيذ إِذا حَمُضَ. ومَضَرَ اللبنُ أَي صار ماضِراً، وهو الذي يَحْذِي
اللسانَ قبل أَن يَرُوبَ.
ولبن مَضِيرٌ: حامِضٌ شديد الحُموضة؛ قال الليث: يقال إِن مُضَر كان
مُولَعاً بشربه فسمي مُضَرَ به؛ قال ابن سيده: مُضَرُ اسم رجل قيل سمي به
لأَنه كان مولعاً بشرب اللبن الماضر، وهو مُضَرُ بن نِزار بن مَعَدِّ بن
عدنان، وقيل: سمي به لبياض لونه من مَضِيرة الطبيخ.
والمَضِيرَة: مُرَيْقَة تطبخ بلبن وأَشياء، وقيل: هي طبيخ يتخذ من اللبن
الماضر. قال أَبو منصور: المضيرة عند العرب أَن تطبخ اللحم باللبن البحث
الصريح الذي قد حذى اللسانَ حتى يَنْضَجَ اللحمُ وتَخْثُرَ المضيرة،
وربما خلطوا الحليب بالحَقِين وهو حينئذ أَطيب ما يكون.
ويقال: فلان يَتَمَضَّرُ أَي يتعَصَّبُ لمضر، ونقل لي مُتَحَدِّث أَن في
الروض الأُنف للسهيلي قال في الحديث: لا تَسُبُّوا مُضَرَ ولا ربيعة
فإِنهما كانا مُؤمِنَيْن. الجوهري: وقيل لمُضَرَ الحَمْراءُ ولربيعَةَ
الفَرَسُ لأَنهما لما اقتسما الميراث أُعْطِيَ مُضَرُ الذهبَ، وهو يؤنث،
وأُعطي ربيعةُ الخيل. ويقال: كان شِعارهم في الحرب العمائم والراياتِ الحُمْر
ولأَهل اليمن الصفر. وقال الجوهري: سمعت بعض أَهل العلم يفسر قول أَبي
تمام يصف الربيع:
مُحْمَرَّة مُصْفَرَّــة فكأَنها
عُصُبٌ، تَيَمَّنُ في الوغى وتَمَضَّرُ
ابن الأَعرابي: لبَن مَضِرٌ، قال ابن سيده: وأُراه على النسب كَمَضِرٍ
وطَعِمٍ لأَن فِعْله إِنما هو مَضَر، بفتح الضاد لا كسرها، قال: وقلما
يجيء اسم الفاعل من هذا على فَعِلٍ.
ومُضارَةُ اللبن: ما سال منه. والماضِرُ: اللبن الذي يَحْذي اللسانَ قبل
أَن يُدْرِك، وقد مَضَرَ يَمْضُر مُضُوراً، وكذلك النبيذ. وفي حديث
حذيفة، وذكر خروج عائشة فقال: يُقاتِلُ معها مُضَرُ، مَضَّرَها الله في النار،
أَي جعلها في النار، فاشتق لذلك لفظاً من اسمها؛ يقال: مَضَّرْنا فلاناً
فَتَمَضَّرَ أَي صيرناه كذلك بأَن نسبناه إِليها؛ وقال الزمخشري:
مَضَّرها جَمَعها كما يقال جَنَّدَ الجُنودَ، وقيل: مَضَّرها أَهلكها، من قولهم:
ذهَب دمُهُ خِضْراً مِضْراً أَي هَدَراً، ومِضْرٌ إِتباع، وحكى الكسائي
بِضْراً، بالباء؛ قال الجوهري: نُرَى أَصلَه من مُضُورِ اللبنِ وهو
قَرْصُه اللسانَ وحَذْيُه له، وإِنما شدد للكثرة والمبالغة.
والتَّمَضُّرُ: التشبه بالمُضَرِيَّةِ. وفي الحديث: سأَله رجلٌ فقال: يا
رسولَ الله، ما لي مِنْ ولَدِي؟ قال: ما قَدَّمْتَ منهم، قال: فَمَنْ
خَلَّفْتُ بَعْدِيف قال: لك منهم ما لِمُضَرَ من ولَدِه أَي أَنّ مُضَر لا
أَجْرَ له فيمن مات من ولده اليَوْمَ وإِنما أَجره فيمن مات من ولده
قبله.وخذ الشيء خِضْراً مِضْراً وخَضِراً مَضِراً أَي غَضًّا طَرِيًّا.
والعرب تقول: مَضَّرَ اللهُ لك الثناء أَي طَيَّبَه. وتُماضِرُ: اسم امرأَة،
مشتق من هذه الأَشياء؛ قال ابن دريد: أَحسبَهُ من اللبن الماضر.
كدر: الكَدَرُ: نقيض الصفاء، وفي الصحاح: خلاف الصَّفْوِ؛ كَدَرَ
وكَدُرَ، بالضم، كَدارَةً وكَدِرَ، بالكسر، كَدَراً وكُدُوراً وكُدْرَةً
وكُدُورَةً وكَدارَةً واكْدَرَّ؛ قال ابن مَطِيرٍ الأَسَدِيُّ:
وكائنْ تَرى من حال دُنْيا تَغَيَّرتْ،
وحالٍ صَفا، بعد اكدِرارٍ، غَديرُها
وهو أَكْدَرُ وكَدِرٌ وكَدِيرٌ؛ يقال: عَيْشٌ أَكْدَرُ كِدرٌ، وماءٌ
أَكدَرُ كَدِرٌ؛ الجوهري: كَدِرَ الماءُ بالكسر، يَكْدَرُ كَدَراً، فهو
كَدِرٌ وكَدْرٌ، مثل فَخِذٍ وفَخْذٍ؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
لو كنتَ ماءً كنتَ غيرَ كَدرِ
وكذلك تَكَدَّر وكَدَّره غيرُه تَكْديراً: جعله كَدِراً، والاسم
الكُدْرة والكُدُورَة. والكُدْرَةُ من الأَلوان: ما نَحا نَحوَ السواد
والغُبْرَةِ، قال بعضهم: الكُدْرة في اللون خاصةً، والكُدُورة في الماء والعيش،
والكَدَرُ في كلٍّ. وكَدِرَ لونُ الرجل، بالكسر؛ عن اللحياني. ويقال:
كَدُرَ عيش فلان وتَكَدَّرَتْ معيشته، ويقال: كَدِرَ الماء وكَدُرَ ولا يقال
كَدَرَ إِلا في الصبِّ. يقال: كَدَرَ الشيءَ يَكْدُرُه كَدْراً إِذا صبه؛
قال العجاج يصف جيشاً:
فإِن أَصابَ كَدَراً مَدَّ الكَدَرْ،
سَنابِكُ الخَيْلِ يُصَدِّعْنَ الأَيَرّ
والكَدَرُ: جمع الكَدَرَة، وهي المَدَرَةُ التي يُثيرها السَّنُّ، وهي
ههنا ثُثيرُ سَنابِكُ الخيل.
ونُطفة كَدْراء: حديثة العهد بالسماء، فإِن أُخِذَ لبن حليب فأُنْقِعَ
فيه تمر بَرْنِيٌّ، فهو كُدَيْراء. وكَدَرَةُ الحوض، بفتح الدال: طينه
وكدَرُه؛ عن ابن الأَعرابي؛ وقال مرة: كَدَرَتُه ما علاه من طُحْلُبٍ
وعَرْمَضٍ ونحوهما؛ وقال أَبو حنيفة: إِذا كان السحاب رقيقاً لا يواري السماء
فهو الكَدَرة، بفتح الدال. ابن الأَعرابي: يقال خُذْ ما صفا ودَعْ ما
كَدَرَ وكدُرَ وكَدِرَ، ثلاث لغات. ابن السكيت: القَطا ضربان: فضرب
جُونِيَّة، وضرب منها الغَطاطُ والكُدْرِيُّ، والجُونيُّ ما كان أَكْدَرَ الظهر
أَسود باطن الجناح مُصْفَرَّ الخلق قصير الرجلين، في ذنبه ريشتان أَطول من
سائر الذنب. ابن سيده: الكُدْرِيُّ والكُدارِيّ؛ الأَخيرة عن ابن
الأَعرابي: ضرب من القَطا قِصارُ الأَذناب فصيحة تُنادي باسمها وهي أَلطف من
الجُونيّ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
تَلْقى به بَيْضَ القَطا الكُدارِي
تَوائماً، كالحَدَقِ الصِّغارِ
واحدته كُدْرِيَّةٌ وكُدارِيَّة، وقيل: إِنما أَراد الكُدْرِيّ فحرّك
وزاد أَلفاً للضرورة، ورواه غيره الكَدَارِيّ، وفسره بأَنه جمع كُدْرِيّة.
قال بعضهم: الكُدْرِيّ منسوبٌ إِلى طير كُدْرٍ، كالدُّبْسِيّ منسوب إِلى
طير دُبْسٍ. الجوهري: القَطا ثلاثة أَضرب: كُدْرِيٌّ وجُونيّ وغَطاطٌ،
فالكُدْرِيّ ما وصفناه وهو أَلطف من الجُونيِّ، كأَنه نسب إِلى معظم القطا
وهي كُدْرٌ، والضربان الآخران مذكوران في موضعيهما.
والكَدَرُ: مصدر الأَكْدَرِ، وهو الذي في لونه كُدْرَة؛ قال رؤبة:
أَكْدَرُ لَفَّافٌ عِنادَ الرُّوع
والكَدَرَةُ: القُلاعَة الضَّخْمَة المُثارة من مَدَر الأَرض.
والكَدَرُ: القَبضات المحصودة المتفرّقة من الزرع ونحوه، واحدته كَدَرَة؛ قال ابن
سيده: حكاه أَبو حنيفة.
وانْكَدَرَ يَعْدُو: أَسرع بعض الإِسراع، وفي الصحاح: أَسرع وانْقَضّ.
وانكَدَر عليهم القومُ إِذا جاؤوا أَرسالاً حتى يَنْصَبُّوا عليهم.
وانْكَدَرَتِ النجومُ: تَناثَرَتْ. وفي التنزيل: وإِذا النجومُ
انْكَدَرَتْ.والكُدَيْراءُ: حليب يُنْقَع فيه تمر بَرْنيٌّ، وقيل: هو لبن يُمْرَسُ
بالتمر ثم تسقاه النساء ليَسْمَنَّ، وقال كراع: هو صنف من الطعام، ولم
يُحَلِّهِ.
وحمار كُدُرٌّ وكُنْدُر وكُنادِرٌ: غليظ؛ وأَنشد:
نَجاءُ كُدُرٍّ من حَمِيرِ أَتِيدَةٍ،
بفائله والصَّفْحَتَيْن نُدُوبُ
ويقال: أَتان كُدُرَّة. ويقال للرجل الشاب الحادر القوي المكتنز:
كُدُرٌّ، بتشديد الراء؛ وأَنشد:
خُوص يَدَعْنَ العَزَبَ الكُدُرَّا،
لا يَبْرَحُ المنزلَ إِلا حُرّا
وروى أَبو تراب عن شُجاع: غلام قُدُرٌ وكُدُرٌ، وهو التام دون المنخزل؛
وأَنشد:
خوص يدعن العزب الكدرا
ورجل كُنْدُر وكُنادِرٌ: قصير غليظ شديد. قال ابن سيده: وذهب سيبويه
إِلى أَن كُنْدُراً رباعي، وسنذكره في الرباعي أَيضاً.
وبناتُ الأَكْدَرِ: حَميرُ وَحْشٍ منسوبة إِلى فحل منها.
وأُكَيْدِرُ: صاحبُ دُومَةِ الجَنْدَلِ. والكَدْراء، ممدود: موضع.
وأَكْدَرُ: اسم. وكَوْدَرُ: ملك من ملوك حِمْيَر؛ عن الأَصمعي؛ قال النابغة
الجعدي:
ويومَ دَعا وِلْدانَكم عِنْدَ كَوْدَرٍ،
فَخَالُوا لدى الدَّاعي ثَرِيداً مُفلْفَلا
وتَكادَرت العين في الشيء إِذا أَدامت النظر إِليه. الجوهري:
والأَكْدَرِيّة مسأَلة في الفرائض، وهي زوج وأُم وجَدّ وأُخت لأَب وأُم.
جون: الجَوْنُ: الأَسْوَدُ اليَحْمُوميُّ، والأُنثى جَوْنة. ابن سيده:
الجَوْنُ الأَسْوَدُ المُشْرَبُ حُمْرَةً، وقيل: هو النباتُ الذي يَضْرِب
إلى السواد من شدّة خُضْرتِه؛ قال جُهَيْناءُ الأَشجعيّ:
فجاءت كأَنَّ القَسْوَرَ الجَوْنَ بَجَّها
عَسالِيجُه، والثامِرُ المُتناوِحُ.
القَسْوَرُ: نبتٌ، وبَجَّها عساليجُه أَي أَنها تكاد تَنْفَتِق من
السِّمَن. والجونُ أَيضاً: الأَحمَرُ الخالصُ. والجَوْنُ: الأَبيض، والجمع من
كل ذلك جُون، بالضم، ونظيرُه ورْدٌ ووُرْدٌ. ويقال: كلُّ بعيرٍ جَوْنٌ
من بعيدٍ، وكلُّ لَوْن سواد مُشْرَبٍ حُمْرةً جَوْنٌ، أَو سوادٍ يُخالِط
حمرة كلون القطا؛ قال الفرزدق:
وجَوْن عليه الجِصُّ فيه مَريضةٌ،
تَطَلَّعُ منها النَّفْسُ والموتُ حاضِرُه.
يعني الأَبيضَ ههنا، يَصِفُ قَصْرَه الأَبيض؛ قال ابن بري: قوله فيه
مريضة يعني امرأَة مُنَعَّمةً قد أَضَرَّ بها النَّعيم وثقَّل جِسْمَها
وكسَّلَها، وقوله: تَطَلَّعُ منها النفس أَي من أَجلِها تخرجُ النفسُ،
والموتُ حاضرُه أَي حاضرُ الجَوْن؛ قال: وأَنشد ابن بري شاهداً على الجَوْن
الأَبيض قولَ لبيد:
جَوْن بِصارةَ أَقْفَرَتْ لِمَزاده،
وخَلا له السُّوبانُ فالبُرْعوم.
قال: الجَوْنُ هنا حمارُ الوَحش، وهو يوصَفُ بالبياض؛ قال: وأَنشد أَبو
علي شاهداً على الجَوْن الأَبيض قول الشاعر:
فبِتْنا نُعِيدُ المَشْرَفِيَّةَ فيهمُ،
ونُبْدِئ حتى أَصبحَ الجَوْنُ أَسْوَدا
قال: وشاهدُ الجَوْنِ الأَسْود قولُ الشاعر:
تقولُ خَليلَتي، لمَّا رأَتني
شَرِيحاً، بين مُبْيَضٍّ، وجَوْنِ.
وقال لبيد:
جَوْن دجُوجِيّ وخَرْق مُعَسِّف
وذهب ابن دريد وحْدَه إلى أَن الجَوْن يكون الأَحْمَرَ أَيضاً، وأَنشد:
في جَوْنةٍ كقَفَدانِ العطَّارْ.
ابن سيده: والجَوْنةُ الشمسُ لاسْوِدادِها إذا غابت، قال: وقد يكون
لبَياضِها وصَفائِها، وهي جَوْنة بيّنة الجُونةِ فيهما. وعُرِضَت على
الحجَّاج دِرْعٌ، وكانت صافيةً، فجعل لا يَرى صَفاءها، فقال له أُنَيْسٌ
الجَرْمِيّ، وكان فَصِيحاً: إن الشمسَ لَجَوْنةٌ، يعني أَنها شديدةُ البريقِ
والصَّفاءِ فقد غلبَ صفاؤُها بياضَ الدِّرع؛ وأَنشد الأَصمعي:
غيَّرَ، يا بِنْتَ الحُلَيْسِ، لَوْني
طُولُ اللَّيالي واخْتِلافُ الجَوْنِ،
وسَفَرٌ كانَ قلِيلَ الأَوْنِ
يريد النهار؛ وقال آخر:
يُبادِرُ الجَوْنَة أَن تَغِيبا.
وهو من الأَضدادِ. والجُونةُ في الخَيْل: مثل الغُبْسة والوُرْدة، وربما
هُمز. والجَوْنةُ: عين الشمس، وإنما سُمّيَت جَوْنةً عند مغيبها لأَنها
تَسْوَدُّ حين تغيب؛ قال الشاعر:
يُبادر الجونة أَن تغيبا.
قال ابن بري: الشعر للخَطيم الضَّبابيّ
(* قوله «للخطيم الضبابي» في
الصاغاني للأجلح بن قاسط الضبابي). وصواب إنشاده بكماله كما قال:
لا تَسْقِه حَزْراً ولا حَليباً،
إن لم تَجِدْه سابحاً يَعْبوبا،
ذا مَيْعةٍ يَلْتَهِمُ الجَبُوبا،
يترك صَوَّان الصُّوَى رَكوبا
(* قوله «الصوى» رواية التكملة: الحصى)
بِزَلِقاتٍ قُعِّبَتْ تَقْعِيبا،
يَتْرك في آثارِهِ لهُوبا
يُبادِرُ الأَثْآرَ أَن تَؤُوبا،
وحاجبَ الجَوْنة أَن يَغِيبا،
كالذِّئْب يَتْلُو طَمَعاً قريبا
(* قوله «كالذئب إلخ» بعده كما في التكملة:
على هراميت ترى العجيبا أن تدعو الشيخ فلا يجيبا.)
يَصِفُ فرساً يقول: لا تَسْقِه شيئاً من اللَّبن إن لم تَجِدْ فيه هذه
الخصالَ، والحَزْرُ: الحازِرُ من اللبن وهو الذي أَخذ شيئاً من الحُموضة،
والسابحُ: الشديدُ العَدْوِ، واليَعْبوبُ: الكثيرُ الجَرْي، والمَيْعةُ:
النَّشاطُ والحدَّة، ويَلْتَهم: يَبْتلع، والجَبوبُ: وجهُ الأَرض، ويقال
ظاهرُ الأَرض، والصَّوَّانُ: الصُّمُّ من الحجارة، الواحدة صَوَّانة،
والصُّوَى: الأََعْلامُ، والرَّكوبُ: المذلَّلُ، وعنى بالزالِقات
حَوافِرَه، واللُّهوبُ: جمعُ لِهْبٍ؛ وقوله:
يبادر الأثْآرَ أن تؤوبا.
الأَوْبُ: الرجوع، يقول: يبادر أَثْآرَ الذين يطلبُهم ليُدْرِكَهم قبل
أَن يرجعوا إلى قومِهم، ويبادر ذلك قبْل مغيب الشمس، وشبَّه الفرسَ في
عَدْوِه بذئبٍ طامِعٍ في شيء يَصِيده عن قُرْبٍ فقد تناهى طمَعُه، ويقال
للشمس جَوْنة بيّنة الجُونةِ. وفي حديث أَنس: جئت إلى النبي، صلى الله عليه
وسلم، وعليه بُردةٌ جوْنِيَّة؛ منسوبة إلى الجَوْن، وهو من الأَلوان،
ويقع على الأَسْود والأَبيض، وقيل: الياء للمبالغة كما يقال في الأحْمر
أَحْمَرِيٌّ، وقيل: هي منسوبة إلى بني الجَوْنِ، قبيلة من الأَزْد. وفي حديث
عمر، رضي الله عنه: لما قَدِم الشأْم أَقْبَل على جَمَلٍ عليه جِلْدُ
كَبْشٍ جُونيٍّ أَي أَسْود؛ قال الخطابي: الكَبْشُ الجُونِيّ هو الأَسود
الذي أُشْرِب حُمْرةً، فإذا نسبوا قالوا جُونِيّ، بالضم، كما قالوا في
الدَّهْري دُهْرِيّ، قال ابن الأَثير: وفي هذا نظر إلا أَن تكون الروايةُ
كذلك. والجُونِيّ: ضربٌ من القَطا، وهي أَضْخَمُها تُعْدَلُ جُونيَّةٌ
بكُدْرِيَّتَيْن، وهنَّ سُودُ البطونِ، سُودُ بُطون الأَجْنِحة والقوادمِ،
قصارُ الأَذناب، وأَرْجُلُها أَطْوَلُ من أَرْجُلِ الكُدْرِيّ، وفي الصحاح:
سُودُ البُطونِ والأَجْنِحة، وهو أَكبرُ من الكُدْرِيّ، ولَبانُ
الجُونِيَّة أَبيضُ، بلَبانِها طَوْقانِ أَصْفَرُ وأَسْودُ، وظهْرُها أَرْقَطُ
أَغْبَرُ، وهو كلَون ظَهْرِ الكُدْرِيَّة، إلا أَنه أَحْسَنُ تَرْقِيشاً
تَعْلوه صُفْرةٌ. والجُونِيَّة: غَتْماء لا تُفْصِح بصَوْتِها إذا صاحت إنما
تُغَرْغِرُ بصوْت في حَلْقِها. قال أَبو حاتم: ووجدت بخط الأَصمعي عن
العرب: قَطاً جُؤنيٌّ، مهموز؛ قال ابن سيده: وهو عندي على توهم حركة الجيم
مُلْقاة على الواو، فكأَن الواوَ متحركةٌ بالضمة، وإذا كانت الواوُ
مضمومة كان لك فيها الهمزُ وتركُه في لغة ليست بتلك الفاشِية، وقد قرأَ أَبو
عمرو: عاداً
لُّولَى، وقرأَ ابن كثير: فاسْتَغْلَظَ فاستوى على سُؤْقِه، وهذا
النَّسَبَ إنما هو إلى الجمع، وهو نادِرٌ، وإذا وصَفوا قالوا قطاةٌ جَوْنةٌ،
وقد مَرَّ تفسير الجُونيِّ من القَطا في ترجمة كدر. والجُونةُ: جُونةُ
العطَّارِ، وربما هُمِزَ، والجمع جُوَنٌ، بفتح الواو؛ وقال ابن بري: الهمز في
جؤْنة وجُؤَنٍ هو الأَصل، والواوُ فيها منقلبةٌ عن الهمزة في لغة من
خفَّفها، قال: والجُوَن أَيضاً جمعُ جُونةٍ للآكام؛ قال القُلاخ:
على مَصاميدٍ كأَمثالِ الجُونَ.
قال: والمصاميدُ مثل المَقاحيد وهي الباقياتُ اللبن. يقال: ناقة
مِصْمادٌ ومِقْحادٌ. والجُونةُ: سُلَيْلَةٌ مُسْتديرةٌ مُغَشَّاة أَدَماً تكون
مع العطَّارين، والجمع جُوَن، وهي مذكورة في الهمزة، وكان الفارسيُّ
يَسْتَحسن تَرْكَ الهمزة؛ وكان يقول في قول الأَعشى يَصِف نساءً تَصَدَّين
للرجال حالِياتٍ:
إذا هُنَّ نازَلْنَ أقْرانَهُنَّ،
وكان المِصاعُ بما في الجُوَنْ.
ما قاله إلاّ بطالع سعد، قال: ولذلك ذكرته هنا. وفي حديثه، صلى الله
عليه وسلم: فوجدتُ لِيَدِه بَرْداً وريحاً كأَنما أَخْرَجَها من جُونة
عطَّارٍ؛ الجُونة، بالضم: التي يُعدُّ فيها الطيبُ ويُحْرز. ابن الأَعرابي:
الجَوْنةُ الفَحْمةُ. غيره: الجَوْنةُ الخابيةُ مطليَّة بالقار: قال
الأَعشى:
فقُمْنا، ولمَّا يَصِحْ دِيكُنا،
إلى جَوْنةٍ عند حَدَّادِها.
ويقال: لا أَفعله حتى تَبْيضَّ جُونةُ القار؛ هذا إذا أَردت سوادَه،
وجَوْنةُ القار إذا أَردت الخابية، ويقال للخابية جَوْنة، وللدَّلْو إذا
اسودَّت جَوْنة، وللعرَق جَوْنٌ؛ وأَنشد ابن الأَعرابي لماتحٍ قال لماتِحٍ
في البئر:
إن كانتِ امّاً امَّصَرت فصُرَّها،
إن امِّصارَ الدَّلْو لا يضُرُّها
أَهْيَ جُوَيْنٌ لاقِها فبِرَّها،
أَنتَ بخَيْرٍ إن وُقِيتَ شرَّها
فأَجابه:
وُدِّي أُوَقَّى خيرَها وشرّها.
قال: معناه على ودّي فأَضمر الصِّفَة وأَعْمَلَها
(* قوله «فأَضمر الصفة
وأعلمها» هكذا في الأصل والتهذيب، ولعل المراد بالصفة حرف الجر إن لم
يكن في العبارة تحريف). وقوله: أَهي جوين، أراد أخي وكان اسمه جُوَيناً،
وكل أَخ يقال له جُوَيْن وجَوْن. سلمة عن الفراء: الجَوْنان طرَفا القَوْس.
والجَوْنُ: اسمُ فرس في شعر لبيد:
تَكاثَرَ قُرْزُلٌ، والجَوْنُ فيها،
وعَجْلى والنَّعامةُ والخَيالُ.
وأَبو الجَوْن: كُنْية النَّمِرِ؛ قال القَتَّال الكلابيّ:
ولي صاحِبٌ في الغار هَدَّكَ صاحِباً،
أَبو الجَوْن، إلا أَنه لا يُعَلَّل.
وابنة الجَوْن: نائحة من كِنْدةَ كانت في الجاهلية؛ قال المُثَقَّب
العَبْدي:
نَوْح ابْنَةِ الجَوْنِ على هالِكٍ،
تَنْدُبُه رافعة المِجْلَدِ.
قال ابن بري: وقد ذكرها المعرّي في قصيدته التي رَثى فيها الشريف الظاهر
المُوسَوِيّ فقال:
من شاعر للبَيْن قال قصيدةً،
يَرْثي الشَّرِيفَ على رَوِيّ القافِ.
جَوْنٌ كبِنْتِ الجَوْن يَصْدَحُ دائباً،
ويَميسُ في بُرْدِ الجُوَيْن الضَّافي
عقرتْ رَكائبك ابنُ دَأْيةَ عادياً،
أَيّ امْرِئٍ نَطِقٍ وأَيّ قَوافِ
بُنِيَت على الإيطاءِ، سالمةً من الـ
إقْواءِ والإكْفاءِ والإصْرافِ.
والجَوْنانِ: مُعاوية وحسَّان بن الجَوْن الكِنْدِيّان؛ وإيَّاهما عنى
جريرٌ بقوله:
أَلم تَشْهَد الجَوْنَين والشِّعْبَ والغَضى،
وشَدَّاتِ قَيْسٍ، يومَ دَيْر الجَماجِم؟
ابن الأَعرابي: التَّجَوُّن تَبْييضُ بابِ العَرُوس. والتَّجوُّنُ:
تَسْويدُ باب الميت. والأَجْؤُن: أَرض معروفة؛ قال رؤبة:
بَيْنَ نَقَى المُلْقَى وَبَيْنَ الأَجْؤُنِ
(* قوله «بين إلخ» صدره كما في التكملة: دار كرقم الكاتب المرقن.
وضبط فيها دار بالرفع وقال فيها فتهمز الواو لأن الضمة عليها تستثقل).
جلس: الجُلُوسُ: القُعود. جَلَسَ يَجْلِسُ جُلوساً، فهو جالس من قوم
جُلُوسٍ وجُلاَّس، وأَجْلَسَه غيره. والجِلْسَةُ: الهيئة التي تَجْلِسُ
عليها، بالكسر، على ما يطرد عليه هذا النحو، وفي الصحاح: الجِلْسَةُ الحال
التي يكون عليها الجالس، وهو حَسَنُ الجِلْسَة. والمَجْلَسُ، بفتح اللام،
المصدر، والمَجلِس: موضع الجُلُوس، وهو من الظروف غير المُتَعَدِّي إِليها
الفعلُ بغير في، قال سيبويه: لا تقول هو مَجْلِسُ زيد. وقوله تعالى: يا
أَيها الذين آمنوا إِذا قيل لكم تَفَسَّحوا في المَجْلِس؛ قيل: يعني به
مَجْلِسَ النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، وقرئَ: في المجالس، وقيل: يعني
بالمجالس مجالس الحرب، كما قال تعالى: مقاعد للقتال. ورجل جُلَسَة مثال
هُمَزَة أَي كثير الجُلوس. وقال اللحياني: هو المَجْلِسُ والمَجْلِسَةُ؛
يقال: ارْزُنْ في مَجْلِسِك ومَجْلِسَتِك. والمَجْلِسُ: جماعة الجُلُوس؛
أَنشد ثعلب:
لهم مَجْلِسٌ صُهْبُ السِّبال أَذلَّةٌ،
سَواسِيَةٌ أَحْرارُها وعَبِيدُها
وفي الحديث: وإِن مَجْلِس بني عوف ينظرون إِليه؛ أَي أَهل المجْلِس على
حذُ المضاف. يقال: داري تنظر إِلى داره إذا كانت تقابلها، وقد جالَسَه
مُجالَسَةً وجِلاساً. وذكر بعض الأَعراب رجلاً فقال: كريمُ النِّحاسِ
طَيِّبُ الجِلاسِ.
والجِلْسُ والجَلِيسُ والجِلِّيسُ: المُجالِسُ، وهم الجُلَساءُ
والجُلاَّسُ، وقيل: الجِلْسُ يقع على الواحد والجمع والمذكر والمؤَنث. ابن سيده:
وحكى اللحياني أََن المَجْلِسَ والجَلْسَ ليشهدون بكذا وكذا، يريد أَهلَ
المَجْلس، قال: وهذا ليس بشيء إِنما على ما حكاه ثعلب من أَن المَجْلِس
الجماعة من الجُلُوس، وهذا أَشبه بالكلام لقوله الجَلْس الذي هو لا محالة
اسم لجمع فاعل في قياس قول سيبويه أَو جمع له في قياس قول الأَخفش.
ويقال: فلان جَلِيسِي وأَنا جَلِيسُه وفلانة جَلِيسَتي، وجالَسْتُه فهو جِلْسي
وجَلِيسي، كما تقول خِدْني وخَديني، وتَجالَسُوا في المَجالِسِ. وجَلَسَ
الشيءُ: أَقام؛ قال أَبو حنيفة: الوَرْسُ يزرع سَنة فَيَجْلِسُ عَشْرَ
سنين أَي يقيم في الأَرض ولا يتعطل، ولم يفسر يتعطل.
والجُلَّسانُ: نِثار الوَردِ في المَجْلِس. والجُلَّسانُ: الورد
الأَبيض. والجُلَّسانُ: ضرب من الرَّيّحان؛ وبه فسر قول الأَعشى:
لها جُلَّسانٌ عندها وبَنَفْسَجٌ،
وسِيْسَنْبَرٌ والمَرْزَجُوشُ مُنَمْنَما
وآسٌ وخِيْرِيٌّ ومَروٌ وسَوْسَنٌ
يُصَبِّحُنا في كلِّ دَجْنٍ تَغَيَّما
وقال الليث: الجُلَّسانُ دَخِيلٌ، وهو بالفارسية كُلَّشان. غيره:
والجُلَّسانُ ورد ينتف ورقه وينثر عليهم. قال: واسم الورد بالفارسية جُلْ، وقول
الجوهري: هو معرب كُلْشان هو نثار الورد. وقال الأَخفش: الجُلَّسانُ قبة
ينثر عليها الورد والريحان. والمَرْزَجُوش: هو المَردَقوش وهو بالفارسية
أُذن الفأْرة، فَمَرْزُ فأْرة وجوش أُذنها، فيصير في اللفظ فأْرة أُذن
بتقديم المضاف إِليه على المضاف، وذلك مطرد في اللغة الفارسية، وكذلك
دُوغْ باجْ للمَضِيرَة، فدوغ لبن حامض وباج لون، أَي لون اللبن، ومثله
سِكْباج، فسك خلّ وباج لون، يريد لون الخل. والمنمنم: الــمصفرّ الورق، والهاس في
عندها يعود على خمر ذكرها قبل البيت؛ وقول الشاعر:
فإِن تَكُ أَشْطانُ النَّوى اخْتَلَفَتْ بنا،
كما اختَلَفَ ابْنا جالِسٍ وسَمِيرِ
قال: ابنا جالس وسمير طريقان يخالف كل واحد منهما صاحبه. وجَلَسَتِ
الرَّخَمَةُ: جَثَمَتْ. والجَلْسُ: الجبل. وجَبَل جَلْسٌ إِذا كان طويلاً؛
قال الهذلي:
أَوْفى يَظَلُّ على أَقْذافِ شاهِقَةٍ،
جَلْسٍ يَزِلُّ بها الخُطَّافُ والحَجَلُ
والجَلْسُ: الغليظ من الأَرض، ومنه جمل جَلْسٌ وناقة جَلْسٌُّ أَي وثيقٌ
جسيم. وشجرة جَلْسٌ وشُهْدٌ أَي غليظ. وفي حديث النساءِ: بِزَوْلَةٍ
وجَلْسِ. ويقال: امرأَة جَلْسٌ للتي تجلس في الفِناء ولا تبرح؛ قالت
الخَنْساء:
أَمّا لَياليَ كنتُ جارِيةً،
فَحُفِفْتُ بالرٍُّقَباء والجَلْسِ
حتى إِذا ما الخِدْرُ أَبْرَزَني،
نُبِذَ الرِّجالُ بِزَوْلَةٍ جَلْسِ
وبِجارَةٍ شَوْهاءَ تَرْقُبُني،
وهَمٍ يَخِرُّ كمَنْبَذِ الحِلْسِ
قال ابن بري: الشعر لحُمَيْدِ بنِ ثَوْرٍ، قال: وليس للخنساء كما ذكر
الجوهري، وكان حُمَيْدٌ خاطب امرأَة فقالت له: ما طَمِعَ أَحدٌ فيّ قط،
وذكرت أَسبابَ اليَأْسِ منها فقالت: أَما حين كنتُ بِكْراً فكنت محفوفة بمن
يَرْقُبُني ويحفظني محبوسةً في منزلي لا أُتْرَكُ أَخْرُجُ منه، وأَما
حين تزوَّجت وبرز وجهي فإِنه نُبِذَ الرجالُ الذين يريدون أَن يروني
بامرأَة زَوْلَةٍ فَطِنَةٍ، تعني نفسها، ثم قالت: ورُمِيَ الرجالُ أَيضاً
بامرأَة شوهاء أَي حديدة البصر ترقبني وتحفظني ولي حَمٌ في البيت لا يبرح
كالحِلْسِ الذي يكون للبعير تحت البرذعة أَي هو ملازم للبيت كما يلزم
الحِلْسُ برذعة البعير، يقال: هو حِلْسُ بيته إِذا كان لا يبرح منه. والجَلْسُ:
الصخرة العظيمة الشديدة. والجَلْسُ: ما ارتفع عن الغَوْرِ، وزاد الأَزهري
فخصص: في بلاد نَجْدٍ. ابن سيده: الجَلْسُ نَجْدٌ سميت بذلك. وجَلَسَ
القومُ يَجْلِسونَ جَلْساً: أَتوا الجَلْسَ، وفي التهذيب: أَتوا نَجْداً؛
قال الشاعر:
شِمالَ مَنْ غارَ بهِ مُفْرِعاً،
وعن يَمينِ الجالِسِ المُنْجدِ
وقال عبد اللَّه بن الزبير:
قُلْ للفَرَزْدَقِ والسَّفاهَةُ كاسْمِها:
إِن كنتَ تارِكَ ما أَمَرْتُكَ فاجْلِسِ
أَي ائْتِ نَجْداً؛ قال ابن بري: البيت لمَرْوان ابن الحَكَمِ وكان
مروان وقت ولايته المدينة دفع إِلى الفرزدق صحيفة يوصلها إِلى بعض عماله
وأَوهمه أَن فيها عطية، وكان فيها مثل ما في صحيفة المتلمس، فلما خرج عن
المدينة كتب إِليه مروان هذا البيت:
ودَعِ المدينةَ إِنَّها مَحْرُوسَةٌ،
واقْصِدْ لأَيْلَةَ أَو لبيتِ المَقْدِسِ
أَلْقِ الصحيفةَ يا فَرَزْدَقُ، إِنها
نَكْراءُ، مِثلُ صَحِيفَةِ المُتَلَمِّسِ
وإِنما فعل ذلك خوفاً من الفرزدق أَن يفتح الصحيفة فيدري ما فيها فيتسلط
عليه بالهجاء. وجَلَسَ السحابُ: أَتى نَجْداً أَيضاً؛ قال ساعِدَةُ بنُ
جُؤَيَّة:
ثم انتهى بَصَري، وأَصْبَحَ جالِساً
منه لنَجْدٍ طائِفٌ مُتَغَرِّبُ
وعداه باللام لأَنه في معنى عامداً له. وناقة جَلْسٌ: شديدة مَشْرِفَة
شبهت بالصخرة، والجمع أَجْلاسٌ؛ قال ابن مقبل:
فأَجْمَعُ أَجْلاساً شِداداً يَسُوقُها
إِليَّ، إِذا راحَ الرِّعاءُ، رِعائِيا
والكثير جِلاسٌ، وجَمَلٌ جَلْسٌ كذلك، والجمع جِلاسٌ. وقال اللحياني: كل
عظيم من الإِبل والرجال جَلْسٌ. وناقة جَلْسٌ وجَمَلٌ جَلْسٌ: وثيق
جسيم، قيل: أَصله جَلْزٌ فقلبت الزاي سيناً كأَنه جُلِزَ جَلْزاً أَي فتل حتى
اكْتَنَزَ واشتد أَسْرُه؛ وقالت طائفة: يُسَمَّى جَلْساً لطوله
وارتفاعه. وفي الحديث: أَنه أَقطع بلال بن الحرث مَعادِنَ الجَبَلِيَّة غَوريَّها
وجَلْسِيَّها؛ الجَلْسُ: كل مرتفع من الأَرض؛ والمشهور في الحديث:
معادِنَ القَبَلِيَّة، بالقاف، وهي ناحية قرب المدينة، وقيل: هي من ناحية
الفُرْعِ. وقِدْحٌ جَلْسٌ: طويلٌ، خلاف نِكْس؛ قال الهذلي:
كَمَتْنِ الذئبِ لا نِكْسٌ قَصِيرٌ
فأُغْرِقَه، ولا جَلْسٌ عَمُوجُ
ويروى غَمُوجٌ، وكل ذلك مذكور في موضعه.
والجِلْسِيُّ: ما حول الحَدَقَة، وقيل: ظاهر العين؛ قال الشماخ.
فأَضْحَتْ على ماءِ العُذَيْبِ، وعَيْنُها
كَوَقْبِ الصَّفا، جِلْسِيُّها قد تَغَوَّرا
ابن الأَعرابي: الجِلْسُ الفَدْمُ، والجَلْسُ البقية من العسل تبقى في
الإِناء. ابن سيده: والجَلْسُ العسل، وقيل: هو الشديد منه؛ قال
الطِّرماح:وما جَلْسُ أَبكارٍ أَطاعَ لسَرْحِها
جَنى ثَمَرٍ، بالوادِيَيْنِ، وَشُوعُ
قال أَبو حنيفة: ويروى وُشُوعُ، وهي الضُّرُوبُ. وقد سمت جُلاساً
وجَلاَّساً؛ قال سيبويه عن الخليل: هو مشتق، واللَّه أَعلم.
جبس: الجِبْسُ: الجَبانُ الفَدْمُ، وقيل: الضعيف اللئيم، وقيل: الثقيل
الذي لا يجيب إِلى خير، والجمع أَجْباسٌ وجُبُوسٌ. والأَجْبَسُ: الجبان
الضعيف كالجِبْسِ؛ قال بشر بن أبي خازم:
على مِثلِها آتي المَهالِكِ واحِداً،
إِذا خامَ عن طُولِ السُّرَى كلُّ أَجْبَسِ
والجِبْسُ: الرَّديءُ الدَّنِيءُ الجَبانُ؛ قال الراجز:
خِمْسٌ إِذا سار به الجِبْسُ بكى
ويقال: هو ولد زِنْيَة. والجِبْسُ: هو الجامد من كل شيء الثقيل الروح
والفاسق. ويقال: إِنه لجِبْسٌ من الرجال إِذا كان عَيِيّاً. والجِبْسُ: من
أَولاد الدِّبَبَة. والجِبسُ: الذي يبنى به؛ عن كراع.
والتَّجَبُّسُ: التبختر؛ قال عمر بن لجَإٍ:
تَمْشِي إِلى رِواءِ عاطِناتها
تَجَبُّسَ العانِسِ في رَيْطاتِها
أَبو عبيد: تَجَبَّسَ في مشيه تَجَبُّساً إِذا تبختر.
والمَجْبُوسُ: الذي يؤتى طائعاً. ابن الأَعرابي: المَجْبُوسُ والجَبِيسُ
نعت الرجل المأْبون.
ربد: الرُّبْدَةُ: الغُبرة؛ وقيل: لون إِلى الغبرة، وقيل: الرُّبْدَةُ
والرُّبْدُ في النعام سواد مختلط، وقيل هو أَن يكون لونها كله سواداً؛ عن
اللحياني، ظليم أَرْبَدُ ونعامة ربداءُ ورَمْداءُ: لونها كلون الرماد
والجمع رُبْدٌ؛ وقال اللحياني: الرَّبداءُ السوداء؛ وقال مرة: هي التي في
سوادها نقط بيض أَو حمر؛ وقد ارْبَدَّ ارْبِداداً.
ورَبَّدَتِ الشاة ورَمَّدَت وذلك إِذا أَضرعت فترى في ضرعها لُمَعَ
سوادٍ وبياض، وترَبَّدَ ضرعها إِذا رأَيت فيه لُمَعاً من سواد ببياض
خفي.والرَّبْداءُ من المعزى: السوادءُ المنقطة بحمرة وهي المنقطة الموسومة
موضعَ النِّطاق منها بحمرة، وهي من شِيَاتِ المعز خاصة، وشاة ربداء: منقطة
بحمرة وبياض أَو سواد.
وارْبَدَّ وجهه وتَرَبَّدَ: احمرَّ حمرة فيها سواد عند الغضب،
والرُّبْدَةُ: غُبرة في الشفة؛ يقال: امرأَة رَبْداءُ ورجل أَرْبَدُ، ويقال
للظليم:الأَرْيَدُ للونه.
والرُّبْدَةُ والرُّمْدَة: شبه الورقة تضرب إِلى السواد، وفي حديث حذيفة
حين ذكر الفتنة: أَيُّ قلب أُشرِبَها صار مُرْبَدّاً، وفي رواية:
مُرْبادّاً، هما من ارْبَدَّ وارْبادَّ وتَرَبَّد؛ ارْبِدادُ القلب من حيث
المعنى لا الصورة، فإِن لون القلب إِلى السواد ما هو، قال أَبو عبيدة:
الرُّبْدَةُ لَون بين السواد والغبرة، ومنه قيل للنعام: رِبْدٌ جمع رَبْداءَ.
وقال أَبو عدنان: المُرَبَّد المُوَلَّع بسواد وبياض، وقال ابن شميل: لما
رآني تَرَبَّد لونه، وتربُّده: تلونه، تراه أَحمر مرة ومرة أَخضر ومرة
أَصفر، ويَترَبَّد لونه من الغضب أَي يتلوّن، والضرع يتربد لونه إِذا صار
فيه لُمَعٌ؛ وأَنشد الليث في تَرَبَّدَ الضرع:
إِذا والد منها تَرَبَّد ضَرعُها،
جعلتُ لها السكينَ إِحدى القلائد
وتَرَبَّد وجهه أَي تغير من الغضب، وقيل: صار كلون الرماد، ويقال
ارْبَدَّ لونه كما يقال احمرَّ واحمارّ، وإِذا غضب الإِنسان تَرَبَّد وجهه
كأَنه يسودّ منه مواضع، وارْبَدَّ وجهه وارْمَدَّ إِذا تغير، وداهية رَبْداءُ
أَي منكرة، وتَرَبَّد الرجل: تَعَبَّس، وفي الحديث: كان إِذا نزل عليه
الوحي ارْبَدَّ وجهه أَي تغير إِلى الغُبرة؛ وقيل: الرُّبْدة لون من
السواد والغبرة، وفي حديث عمرو بن العاص: أَنه قام من عند عمر مُرْبَدَّ الوجه
في كلام أُسمعه، وترَبَّدت السماءُ: تغيمت.
والأَرْبَدُ: ضرب من الحيات خبيث، وقيل: ضرب من الحيات يَعَضُّ الإِبل.
وَرَبدَ الإِبل يَرْبُدُها رَبْداً: حبسها، والمِرْبَدُ: مَحْبِسُها،
وقيل: هي خشبة أَو عصا تعترض صدور الإِبل فتمنعها عن الخروج؛ قال:
عواصِيَ إِلاَّ ما جعلْتُ وراءَها
عَصَا مِرْبَدٍ، تَغْشَى نُحوراً وأَذْرُعا
قيل: يعني بالمريد ههنا عصا جعلها معترضة على الباب تمنع الإِبل من
الخروج، سماها مربداً لهذا؛ قال أَبو منصور: وقد أَنكر غيره ما قال، وقال:
أَراد عصا معترضة على باب المربد فأَضاف العصا المعترضة إِلى المربد ليس
أَن العصا مربد.
وقال غيره: الرَّبْد الحبس، والرابد: الخازن، والرابدة: الخازنة،
والمِربد: الموضع الذي تحبس فيه الإِبل وغيرها.
وفي حديث صالح بن عبد الله بن الزبير: أَنه كان يعمل رَبَداً بمكة.
الربد، بفتح الباء: الطين، والرَّبَّادُ: الطيَّان أَي بناءٌ من طين
كالسِّكْر، قال: ويجوز أَن يكون من الرَّبْد الحبس لأَنه يحبس الماءَ ويروى
بالزاي والنون، وسيأْتي ذكره؛ ومِرْبَد البصرة: مِن ذلك سمي لأَنهم كانوا
يحبسون فيه الإِبل؛ وقول الفرزدق:
عَشِيَّةَ سال المِرْبَدان، كلاهما،
عَجاجَة مَوْتٍ بالسيوفِ الصوارم
فإِنما سماه مجازاً لما يتصل به من مجاوره، ثم إِنه مع ذلك أَكده وإِن
كان مجازاً، وقد يجوز أَن يكون سمي كل واحد من جانبيه مربداً. وقال
الجوهري في بيت الفرزدق: إِنه عنى به سكة المربد بالبصرة، والسكة التي تليها من
ناحية بني تميم جعلهما المربدين، كما يقال الأَحْوصان وهما الأَحْوص
وعوف بن الأَحوص. وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم: أَن مسجده كان
مِرْبَداً ليتيمين في حَجْر معاذ بن عَفْراء، فجعله للمسلمين فبناه رسول الله،
صلى الله عليه وسلم، مسجداً. قال الأَصمعي: المِرْبد كل شيء حبست به
الإِبل والغنم، ولهذا قيل مِرْبد النعم الذي بالمدينة، وبه سمي مِرْبَد
البصرة، إِنما كان موضع سوف الإِبل وكذلك كل ما كان من غير هذه المواضع أَيضاً
إِذا حُبست به الإِبل، وهو بكسر الميم وفتح الباء، من رَبَد بالمكان
إِذا أَقام فيه؛ وفي الحديث: أَنه تَيَمَّمَ بِمِرْبد الغنم. ورَبَدَ
بالمكان يَرْبُدُ ربوداً إِذا أَقام به؛ وقال ابن الأَعرابي: ربده حبسه.
والمِرْبد: فضاء وراء البيوت يرتفق به. والمِرْبد: كالحُجرة في الدار. ومِرْبد
التمر: جَرِينه الذي يوضع فيه بعد الجداد لييبس؛ قال سيببويه: هو اسم
كالمَطْبَخ وإِنما مثله به لأَن الطبخ تيبيس؛ قال أَبو عبيد: والمربد أَيضاً
موضع التمر مثل الجرين، فالمربد بلغة أَهل الحجاز والجرين لهم أَيضاً،
والأَنْدَر لأَهل الشام، والبَيْدَر لأَهل العراق؛ قال الجوهري: وأَهل
المدينة يسمون الموضع الذي يجفف فيه التمر لينشف مربداً، وهو المِسْطَح
والجرين في لغة أَهل نجد، والمربد للتمر كالبيدَر للحنطة؛ وفي الحديث: حتى
يقوم أَبو لبابة يسد ثعلب مِربده بإِزاره؛ يعني موضع تمره.
ورَبد الرجلُ إِذا كنز التمر في الربائد وهو الكراحات
(* قوله «الكراحات
إلخ» كذا بالأصل ولم نجده فيما بأيدينا من كتب اللغة.) وتمر رَبِيد:
نُضِّدَ في الجرار أَو في الحُب ثم نضح بالماء.
والرُّبَد: فِرِنحد السيف. ورُبْد السيف: فرنده، هذلية؛ قال صخر الغي:
وصارِمٍ أُخْلِصَتْ خَشِيبَتُه،
أَبيضَ مَهْوٍ، في مَتْنِهِ رُبَد
وسيف ذو رُبَد، بفتح الباء، إِذا كنت ترى فيه شبه غبار أَو مَدَبّ نمل
يكون في جوهره، وأَنشد بيت صخر الغي الهذلي وقال: الخشيبة الطبيعة
أَخلصتها المداوس والصقل. ومهو: رقيق.
وأَربَدَ الرجل: أَفسد ماله ومتاعه.
وأَرْبَد: اسم رجل. وأَربد بن ربيعة: أَخو لبيد الشاعر. والرُّبيدان:
نبت.
غطط: غَطّه في الماء يَغُطُّه ويَغِطُّه غَطّاً: غَطَّسَه وغَمَسَه
ومَقَلَه وغَوَّصَه فيه. وانْغَطَّ هو في الماء انْغِطاطاً إِذ انْقَمَس فيه،
بالقاف. وتَغاطَّ القومُ يَتَغاطُّونَ أَي يَتَماقَلُون في الماء. وفي
حديث ابتداء الوَحْي: فأَخَذني جِبريلُ فَغَطَّنِي؛ الغَطُّ: العَصْرُ
الشديد والكَبْسُ، ومنه الغَطُّ في الماء الغَوْصُ، قيل: إِنما غَطَّه
لِيَخْتَبِره هل يقول من تلقاء نفسه شيئاً. وفي حديث زيد بن الخطاب وعاصم بن
عمر: أَنهما كانا يَتغاطّانِ في الماء وعمر ينظر أَي يَتَغامَسانِ فيه
يَغُطُّ كلُّ واحد منهما صاحِبَه. وغَطَّ في نومه يَغِطُّ غَطِيطاً: نَخَرَ.
وغطَّ البعيرُ يغِطُّ غَطِيطاً أَي هَدَرَ في الشِّقْشقةِ، وقيل:
هَدَرَ في غير الشقشقة، قال: وإِذا لم يكن في الشقشقة فهو هَدِيرٌ. وفي
الحديث: واللّهِ ما يَغِطُّ لنا بعير؛ غطَّ البعيرُ: هدَر في الشِّقْشقةِ،
والناقةُ تَهْدِرُ ولا تَغِطُّ لأَنه لا شِقْشِقةَ لَها. وغَطِيطُ النائمِ
والمَخْنوقِ: نَخِيرُه. وفي الحديث: أَنه نامَ حتى سُمِعَ غَطِيطُه؛ هو
الصوت الذي يخرج مع نفس النائم، وهو ترديده حيث لا يجد مَساغاً، وغَطَّ
يَغِطُّ غَطّاً وغَطِيطاً، فهو غائطٌ. وفي حديث نزول الوحي: فإِذا هو
مُحْمَرُّ الوجهِ يَغِطُّ. وغطَّ الفَهْد والنِّمرُ والحُبارى: صوَّتَ.
والغَطاط: القَطا، بفتح الغين، وقيل: ضَرْب من القطا، واحدته غَطاطةٌ؛
قال الشاعر:
فأَثارَ فارِطُهُمْ غَطاطاً جُثَّماً،
أَصْواتُها كتَراطُنِ الفُرْسِ
وقيل: القَطا ضرْبانِ: فالقِصارُ الأَرجلِ الصفْرُ الأَعناقِ السودُ
القوادِم الصُّهْبُ الخَوافِي هي الكُدْرِيَّةُ والجُونِيَّةُ، والطِّوالُ
الأَرجلِ البيضُ البطونِ الغُبْرُ الظهورِ الواسعةُ العُيونِ هي الغَطاطُ؛
وقيل: الغطاط ضرب من الطير ليس من القطا هنَّ غُبْر البطونِ والظهورِ
والأَبدان سودُ الأَجنحة، وقيل: سودُ بطونِ الأَجنحةِ طِوالُ الأَرجل
والأَعْناقِ لِطافٌ، وبأَخْدَعَيِ الغَطاطةِ مثلُ الرَّقْمَتَيْنِ خَطَّانِ
أَسود وأَبيض، وهي لطيفة فوق المُكَّاء، وإِنما تُصادُ بالفخّ ليس تكون
أَسْراباً أَكثر ما تكون ثلاثاً أَو اثنتين، ولهن أَصوات وهنَّ غُثْم،
ووصفها الجوهري بهذه الصفة على أَنها ضرب من القطا، وقيل: الغَطاطُ طائر. وفي
التهذيب: القطا ضربانِ: جُونِيٌّ وغَطاطٌ، فالغَطاطُ منها ما كان أَسودَ
باطِن الجناح، مُصْفَرَّــةَ الحُلوق قَصيرَة الأَرجل في ذَنَبِها
(* هكذا
في الأَصل: ذكَّرَ أَوّلاً في قوله: ما كان اسود باطن الجناح ثم أنَّث.)
رِيشتانِ أَطولُ من سائر الذنب.
التهذيب: الغَطاغِطُ إِناثُ السَّخْلِ؛ قال الأَزهري: هذا تصحيف وصوابه
العَطاعِطُ، بالعين المهملة، الواحد عُطْعُطٌ وعُتْعُتٌ، قاله ابن
الأَعرابي وغيره.
والغُطاطُ، بضم الغين: الصبح، وقيل: اخْتِلاطُ ظَلام آخر الليل بِضياء
أَوّل النهار، وقيل: بقية من سواد الليل، وقيل: هو أَول الصبح؛ وأَنشد
أَبو العباس في الغُطاطِ:
قامَ إِلى أَدْماءَ في الغُطاطِ،
يَمْشِي بِمِثْلِ قائمِ الفُسْطاطِ
وقال رؤْبة:
يا أَيُّها الشَّاحِجُ بالغُطاطِ،
إِنّي لوَرّادٌ على الضِّناطِ
والضِّناطُ: الكثرة والزِّحامُ؛ وقول الهذلي:
يَتَعَطَّفون على المُضافِ، ولو رَأَوْا
أُولَى الوَعاوِعِ كالغُطاطِ المُقْبِلِ
روي بالفتح والضم، فمن رَوى بالفتح أَراد أَنَّ عَدِيَّ القومِ
يَهْوَوْنَ إِلى الحَرْب هوِيّ الغَطاطِ يشبههم بالقَطا، ومن رواه بالضم أَراد
أَنهم كَسوادِ السَّدَفِ، ونسب الجوهريّ هذا البيت لابن أَحْمر وخَطَّأَه
ابن بَرّي وقال هو لأَبي كبير الهُذَليّ؛ وأَنشده:
لا يُجْفِلُون عن المُضافِ، إِذا رأَوا
أُولى الوَعاوِعِ كالغُطاط المقبل
فإِما أَن يكون البيت بعينه أَو هو لشاعر آخر. وقال ثعلب: الغُطاط
والغَطاطُ السَّحَرُ.
ابن الأَعرابي: الأَغَطُّ الغَنِيُّ. قال الأَزهري: شكَّ الشيخ في
الأَغَطّ الغني.
والغَطْغَطةُ: حِكاية صوتِ القِدْر في الغلَيَانِ وما أَبهها، وقيل: هو
اشتداد غَلَيانِها، وقد غَطْغَطَت فهي مُغَطْغِطة، والغَطغطة يحكى بها
ضرب من الصوت. والمُغَطْغِطَةُ: القِدْر الشديدةُ الغليان. وفي حديث جابر:
وإِنَّ بُرْمَتَنا لَتَغِطُّ أَي تَغْلِي ويُسمع غَطِيطُها. وغَطْغَطَ
البحرُ: غَلَتْ أَمواجُه. وغَطْغَطَ عليه النومُ: غلَب.
حطم: الحَطْمُ: الكسر في أي وجه كان، وقيل: هو كسر الشيء اليابس خاصَّةً
كالعَظْم ونحوه. حَطَمهُ يَحْطِمُهُ حَطْماً أي كسره، وحَطَّمَهُ
فانْحَطَم وتَحَطَّم. والحطْمَةُ والحُطامُ: ما تَحَطَّمَ من ذلك. الأَزهري:
الحُطامُ ما تَكّسّرَ من اليَبيس، والتَّحْطيمُ التكسير. وصَعْدَةٌ حِطَمٌ
كما قالوا كِسَرٌ كأَنهم جعلوا كل قطعة منها حِطْمةً؛ قال ساعدة بن
جُؤَيَّةَ:
ماذا هُنالِكَ من أسْوانَ مُكْتَئِبٍ،
وساهِفٍ ثَمِلٍ في صَعْدَةٍ حِطَمِ
وحُطامُ البَيْضِ: قِشره؛ قال الطرماح:
كأَنَّ حُطامَ قَيْضِ الصَّيْفِ فيه
فَراشُ صَميمِ أَقْحافِ الشُّؤُونِ
والحَطيمُ: ما بقي من نبات عامِ أَوَّلَ ليُبْسِهِ وتَحَطُّمِهِ؛ عن
اللحياني. الأَزهري عن الأصمعي: إذا تَكَسَّرَ يَبيسُ البَقْل فهو
حُطامٌ.والحَطْمَةُ والحُطْمَةُ والحاطوم: السنة الشديدة لأنها تَحْطِمُ كل
شيء، وقيل: لا تسمى حاطوماً إلا في الجَدْب المتوالي. وأصابتهم حَطْمَةٌ أي
سنة وجَدْبٌ: قال ذو الخِرَقِ الطُّهَوِيّ:
من حَطْمَةٍ أقْبَلَتْ حَتَّتْ لنا وَرَقاً
نُمارِسُ العُودَ، حتى يَنْبُت الوَرَقُ
وفي حديث جعفر: كنا نخرج سنة الحُطْمةِ؛ هي الشديدة الجَدْبِ. الجوهري:
وحَطْمَةُ السيل مثل طَحْمَتِه، وهي دُفعَتُهُ.
والحَطِمُ: المتكسر في نفسه. ويقال للفرس إذا تَهَدَّمَ لطول عمره:
حَطِمٌ. الأَزهري: فرس حَطِمٌ إذا هُزِلَ وأَسَنَّ
(* قوله «وأسن» كذا في
الأصل بالواو وفي التهذيب أو) فضعف.
الجوهري: ويقال حَطِمَتِ الدابةُ، بالكسر ، أي أَسَنَّتْ، وحَطَمَتْهُ
السِّنُّ، بالفتح، حَطْماً.
ويقال: فلان حَطَمَتْهُ السِّنُّ إذا أَسَنَّ وضعف. وفي حديث عائشة، رضي
الله عنها، أنها قالت: بعدما حَطَمْتُموه، تعني النبي، صلى الله عليه
وسلم. يقال: حَطَمَ فلاناً أَهلُه إذا كَبِرَ فيهم كأَنهم بما حَمَّلُوه من
أَثقالهم صَيَّروه شيخاً مَحْطوماً.
وحُطامُ الدنيا: كلُّ ما فيها من مال يَفْنى ولا يبقى.
ويقال للهاضومِ: حاطُومٌ. وحَطْمَةُ الأَسَد في المال: عَبْثُه
وفَرْسُهُ لأنه يَحْطِمُه. وأَسد حَطُومٌ: يَحْطِمُ كلَّ شيء يَدُقُّه، وكذلك ريح
حَطُومٌ. ولا تَحْطِمْ علينا المَرْتَعَ أي لا تَرْعَ عندنا فتفسد علينا
المَرْعى.
ورجل حُطَمَةٌ: كثير الأكل. وإبل حُطَمَةٌ وغنم حُطَمَةٌ: كثيرة
تَحْطِمُ الأرض بخِفافِها وأَظْلافِها وتَحْطِمُ شجرها وبَقْلَها فتأْكله، ويقال
للعَكَرةِ من الإبل حُطَمَةٌ لأَنها تَحْطِمُ كل شيء؛ وقال الأزهري:
لِحَطْمِها الكَلأَ، وكذلك الغنم إذا كثرت. ونار حُطَمَةٌ: شديدة. وفي
التنزيل: كَلاَّ ليُنْبَذَنَّ في الحُطَمَةِ؛ الحُطَمَة: اسم من أَسماء النار،
نعوذ بالله منها، لأنها تَحْطِمُ ما تَلْقى، وقيل: الحُطَمَةُ باب من
أَبواب جهنم، وكلُّ ذلك من الحَطْمِ الذي هو الكسر والدق. وفي الحديث: أن
هَرِمَ بن حَيَّان غضب على رجل فجعل يَتَحَطَّمُ عليه غَيْضاً أي
يَتَلَظَّى ويتوقَّد؛ مأْخوذاً من الحُطَمَة وهي النار التي تَحْطِمُ كل شيء
وتجعله حُطاماً أي مُتَحَطِّماً متكسراً. ورجل حُطَمٌ وحُطُمٌ: لا يشبع لأنه
يَحْطِمُ كل شيء؛ قال:
قد لَفَّها الليلُ بسَوَّاقٍ حُطَمْ
ورجل حُطَمٌ وحُطَمَةٌ إذا كان قليل الرحمة للماشية يَهْشِمُ بعضها
ببعض. وفي المَثَلِ: شَرُّ الرِّعاءِ الحُطَمَةُ
(* قوله «وفي المثل شر
الرعاء الحطمة» كونه مثلاً لا ينافي كونه حديثاً وكم من الاحاديث الصحيحة عدت
في الأمثال النبوية، قاله ابن الطيب محشي القاموس راداً به عليه وأقره
الشارح)؛ ابن الأثير: هو العنيفُ برعاية الإبل في السَّوْق والإيراد
والإصْدارِ، ويُلْقي بعضها على بعض ويَعْسِفُها، ضَرَبَهُ مَثَلاً لِوالي
السُّوءِ، ويقال أَيضاً حُطَمٌ، بلا هاء. ومنه حديث عليّ، رضي الله عنه: كانت
قريش إذا رأَتْهُ في حَرْب قالت: احْذَرُوا الحُطَمَ، احذروا القُطَمَ
ومنه قول الحجاج في خطبته:
قد لَفّها الليلُ بسَوّاق حُطَم
أي عَسُوف عنيفٍ. والحُطَمَةُ: من أَبنية المبالغة وهو الذي يَكْثُرُ
منه الحَطْمُ، ومنه سميت النار الحُطَمَةَ لأنها تَحْطِمُ كل شيء؛ ومنه
الحديث: رأَيت جهنم يَحْطِمُ بعضها بعضاً. الأَزهري: الحُطَمةُ هو الراعي
الذي لا يُمَكِّنُ رَعِيَّتَهُ من المراتع الخَصيبة ويقبضها ولا يَدَعُها
تنتشر في المَرْعى، وحُطَمٌ إذا كان عنيفاً كأنه يَحْطِمُها أي يكسرها إذا
ساقها أو أسامها يَعْنُفُ بها؛ وقال ابن بري في قوله:
قد لَفَّها الليلُ بسَوَّاق حُطَمْ
هو للحُطَمِ القَيْسِيّ، ويروى لأبي زُغْبَة الخَزْرَجيّ يوم أُحُدٍ؛
وفيها:
أنا أَبو زُغُبَةَ أَعْدو بالهَزَمْ،
لن تُمْنَعَ المَخْزاةُ إلاَّ بالأَلَمْ
يَحْمِي الذِّمار خَزْرَجِيٌّ من جُشَمْ،
قد لَفَّها الليلُ بسَوَّاقٍ حُطَمْ
الهَزَمُ: من الاهتزام وهو شدة الصوت، ويجوز أن يريد الهَزِيمة. وقوله
بسواق حطم أي رجل شديد السوق لها يَحْطِمُها لشدة سوقه، وهذا مثل، ولم يرد
إبلاً يسوقها وإنما يريد أنه داهية متصرف؛ قال: ويروى البيت لرُشَيْد بن
رُمَيْضٍ العَنَزِيِّ من أَبيات:
باتوا نِياماً، وابنُ هِنْدٍ لم يَنَمْ
بات يقاسيها غلام كالزَّلَمْ،
خَدَلَّجُ السَّاقَيْنِ خَفَّاقُ القَدَمْ،
ليْسَ بِراعي إبِلٍ ولا غَنَمْ،
ولا بِجَزَّار على ظهر وَضَمْ
ابن سيده: وانْحَطَمَ الناسُ عليه تزاحموا؛ ومنه حديث سَوْدَةَ: إنها
استأْذَنَتْ أن تدفع من مِنىً قبل حَطْمةِ الناس أي قبل أن يزدحموا
ويَحْطِمَ بعضهم بعضاً. وفي حديث توبة كعب بن مالك: إذَنْ يَحْطِمُكم الناسُ أي
يدوسونكم ويزدحمون عليكم، ومنه سمي حَطيمُ مكة، وهو ما بين الركن والباب،
وقيل: هو الحِجْر المُخْرَجُ منها، سمي به لأن البيت رُفِع وترك هو
مَحْطوماً، وقيل: لأن العرب كانت تطرح فيه ما طافت به من الثياب، فبقي حتى
حُطِمَ بطول الزمان، فيكون فَعيلاً بمعنى فاعل. وفي حديث الفتح: قال
للعبَّاس احبس أَبا سُفْيانَ عند حَطْمِ الجَبَل؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاءت
في كتاب أبي موسى، وقال: حَطْمُ الجَبَل الموضع الذي حُطِمَ منه أي ثُلِمَ
فَبقي منقطعاً، قال: ويحتمل أن يريد عند مَضِيقِ الجَبَل حيث يَزْحَمُ
بعضهم بعضاً، قال: ورواه أَبو نصر الحميديّ في كتابه بالخاء المعجمة،
وفسرها في غريبه فقال:
الخَطْمُ والخَطْمَةُ أنف الجبل
(* قوله «والخطمة أنف الجبل» مضبوطة في
نسخة النهاية بالفتح، وفي نسخة الصحاح مضبوطة بالضم) النادر منه، قال:
والذي جاء في كتاب البخاري عند حَطْمِ الخَيْلِ، هكذا مضبوطاً، قال: فإن
صَحَّتِ الرِّوايةُ ولم يكن تحريفاً من الكَتَبَةِ فيكون معناه، والله
أعلم، أنه يحبسه في الموضع المتضايق الذي تَتَحَطَّمُ فيه الخَيْلُ أي يدوس
بعضها بعضاً فَيَزْحَمُ بعضُها بعضاً فيراها جميعها وتكثر في عينه بمرورها
في ذلك الموضع الضيق، وكذلك أَراد بحبسه عند خَطْمِ الجبل، على شرحه
الحميديّ، فإن الأَنف النادر من الجبل يُضَيِّقُ الموضع الذي يخرج منه.
وقال ابن عباس: الحَطِيمُ الجِدار بمعنى جدار الكعبة. ابن سيده:
الحَطِيمُ حِجْرُ مكة مما يلي المِيزاب، سُمِّيَ بذلك لانْحِطام الناس عليه،
وقيل: لأنهم كانوا يحلفون عنده في الجاهلية فيَحْطِمُ الكاذِبَ، وهو ضعيف.
الأزهري: الحَطِيمُ الذي فيه المِرْزابُ، وإنما سُمي حَطيماً لأن البيت
رفع وترك ذلك مَحْطوماً.
وحَطِمَتْ حَطَماً: هَزِلَتْ. وماء حاطُومٌ: مُمْرِئٌ.
والحُطَمِيَّةُ: دروع تنسب إلى رجل كان يعملها، وكان لعليّ، رضي الله
عنه، درع يقال لها الحُطَمِيَّةُ. وفي حديث زواج فاطمة، رضي الله عنها:
أَنه قال لعليّ أَيْنَ دِرْعُكَ الحُطَمِيَّةُ؟ هي التي تَحْطِمُ السيوف أي
تكسرها، وقيل: هي العريضة الثقيلة، وقيل: هي منسوبة إلى بطْنٍ من عبد
القيس يقال لهم حُطَمَةُ بنُ محاربٍ كانوا يعملون الدروع، قال: وهذا أَشبه
الأَقوال.
ابن سيده: وبنو حَطَْمَةَ بطنٌ.