Permalink (الرابط القصير إلى هذا الباب):
http://arabiclexicon.hawramani.com/?p=100736#ff337d
مُسْكِرَة
من (س ك ر) مؤنث مُسْكِر.
من (س ك ر) مؤنث مُسْكِر.
سكر: السَّكْرَانُ: خلاف الصاحي. والسُّكْرُ: نقيض الصَّحْوِ.
والسُّكْرُ ثلاثة: سُكْرُ الشَّبابِ وسُكْرُ المالِ وسُكْرُ السُّلطانِ؛ سَكِرَ
يَسْكَرُ سُكْراً وسُكُراً وسَكْراً وسَكَراً وسَكَرَاناً، فهو سَكِرٌ؛ عن
سيبويه، وسَكْرانُ، والأُنثى سَكِرَةٌ وسَكْرَى وسَكْرَانَةٌ؛ الأَخيرة
عن أَبي علي في التذكرة. قال: ومن قال هذا وجب عليه أَن يصرف سَكْرَانَ في
النكرة. الجوهري: لغةُ بني أَسد سَكْرَانَةٌ، والاسم السُّكْرُ، بالضم،
وأَسْكَرَهُ الشَّرَابُ، والجمع سُكَارَى وسَكَارَى وسَكْرَى، وقوله
تعالى: وترى الناسَ سُكَارَى وما هم بِسُكَارَى؛ وقرئ: سَكْرَى وما هم
بِسَكْرَى؛ التفسير أَنك تراهم سُكَارَى من العذاب والخوف وما هم بِسُكَارَى
من الشراب، يدل عليه قوله تعالى: ولكنَّ عذاب الله شديد، ولم يقرأْ أَحد
من القراء سَكَارَى، بفتح السين، وهي لغة ولا تجوز القراءة بها لأَن
القراءة سنَّة. قال أَبو الهيثم: النعت الذي على فَعْلاَنَ يجمع على فُعَالى
وفَعَالى مثل أَشْرَان وأُشَارى وأَشَارى، وغَيْرَانَ وقوم غُيَارَى
وغَيَارَى، وإِنما قالوا سَكْرَى وفَعْلى أَكثر ما تجيء جمعاً لفَعِيل بمعنى
مفعول مثل قتيل وقَتْلى وجريح وجَرْحَى وصريع وصَرْعَى، لأَنه شبه
بالنَّوْكَى والحَمْقَى والهَلْكَى لزوال عقل السَّكْرَانِ، وأَما النَّشْوَانُ
فلا يقال في جمعه غير النَّشَاوَى، وقال الفرّاء: لو قيل سَكْرَى على أَن
الجمع يقع عليه التأْنيث فيكون كالواحدة كان وجهاً؛ وأَنشد بعضهم:
أَضْحَتْ بنو عامرٍ غَضْبَى أُنُوفُهُمُ،
إِنِّي عَفَوْتُ، فَلا عارٌ ولا باسُ
وقوله تعالى: لا تَقْرَبُوا الصلاة وأَنتم سُكارَى؛ قال ثعلب: إِنما قيل
هذا قبل أَن ينزل تحريم الخمر، وقال غيره: إِنما عنى هنا سُكْرَ
النَّوْمِ، يقول: لا تقربوا الصلاة رَوْبَى. ورَجُلٌ سِكِّيرٌ: دائم السُّكر.
ومِسْكِيرٌ وسَكِرٌ وسَكُورٌ: كثير السُّكْرِ؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي،
وأَنشد لعمرو ابن قميئة:
يا رُبَّ مَنْ أَسْفاهُ أَحلامُه
أَن قِيلَ يوماً: إِنَّ عَمْراً سَكُورْ
وجمع السَّكِر سُكَارَى كجمع سَكرْان لاعتقاب فَعِلٍ وفَعْلان كثيراً
على الكلمة الواحدة. ورجل سِكِّيرٌ: لا يزال سكرانَ، وقد أَسكره الشراب.
وتساكَرَ الرجلُ: أَظهر السُّكْرَ واستعمله؛ قال الفرزدق:
أَسَكْرَان كانَ ابن المَرَاغَةِ إِذا هجا
تَمِيماً، بِجَوْفِ الشَّامِ،أَم مُتَساكِرُ؟
تقديره: أَكان سكران ابن المراغة فحذف الفعل الرافع وفسره بالثاني فقال:
كان ابن المراغة؛ قال سيبويه: فهذا إِنشاد بعضهم وأَكثرهم ينصب السكران
ويرفع الآخر على قطع وابتداء، يريد أَن بعض العرب يجعل اسم كان سكران
ومتساكر وخبرها ابن المراغة؛ وقوله: وأَكثرهم ينصب السكران ويرفع الآخر على
قطع وابتداء يريد أَن سكران خبر كان مضمرة تفسيرها هذه المظهرة، كأَنه
قال: أَكان سكران ابن المراغة، كان سكران ويرفع متساكر على أَنه خبر ابتداء
مضمر، كأَنه قال: أَم هو متساكر.
وقولهم: ذهب بين الصَّحْوَة والسَّكْرَةِ إِنما هو بين أَن يعقل ولا
يعقل.
والمُسَكَّرُ: المخمور؛ قال الفرزدق:
أَبا حاضِرٍ، مَنْ يَزْنِ يُعْرَفْ زِناؤُهُ،
ومَنْ يَشرَبِ الخُرْطُومَ، يُصْبِحْ مُسَكَّرا
وسَكْرَةُ الموت: شِدَّتُهُ. وقوله تعالى: وجاءت سَكْرَةُ الموت بالحق؛
سكرة الميت غَشْيَتُه التي تدل الإِنسان على أَنه ميت. وقوله بالحق أَي
بالموت الحق. قال ابن الأَعرابي: السَّكْرَةُ الغَضْبَةُ.
والسَّكْرَةُ: غلبة اللذة على الشباب.
والسَّكَرُ: الخمر نفسها. والسَّكَرُ: شراب يتخذ من التمر والكَشُوثِ
والآسِ، وهو محرّم كتحريم الخمر. وقال أَبو حنيفة: السَّكَرُ يتخذ من التمر
والكُشُوث يطرحان سافاً سافاً ويصب عليه الماء. قال: وزعم زاعم أَنه
ربما خلط به الآس فزاده شدّة. وقال المفسرون في السَّكَرِ الذي في التنزيل:
إِنه الخَلُّ وهذا شيء لا يعرفه أَهل اللغة. الفراء في قوله: تتخذون منه
سَكَراً ورزقاً حسناً، قال: هو الخمر قبل أَن يحرم والرزق الحسن الزبيب
والتمر وما أَشبهها. وقال أَبو عبيد: السَّكَرُ نقيع التمر الذي لم تمسه
النار، وكان إِبراهيم والشعبي وأَبو رزين يقولون: السَّكَرُ خَمْرٌ. وروي
عن ابن عمر أَنه قال: السَّكَرُ من التمر، وقال أَبو عبيدة وحده:
السَّكَرُ الطعام؛ يقول الشاعر:
جَعَلْتَ أَعْرَاضَ الكِرامِ سَكَرا
أَي جعلتَ ذَمَّهم طُعْماً لك. وقال الزجاج: هذا بالخمر أَشبه منه
بالطعام؛ المعنى: جعلت تتخمر بأَعراض الكرام، وهو أَبين مما يقال للذي
يَبْتَرِكُ في أَعراض الناس. وروى الأَزهري عن ابن عباس في هذه الآية قال:
السَّكَرُ ما حُرِّمَ من ثَمَرَتها، والرزق ما أُحِلَّ من ثمرتها. ابن
الأَعرابي: السَّكَرُ الغَضَبُ؛ والسَّكَرُ الامتلاء، والسَّكَرُ الخمر،
والسَّكَرُ النبيذ؛ وقال جرير:
إِذا رَوِينَ على الخِنْزِيرِ مِن سَكَرٍ
نادَيْنَ: يا أَعْظَمَ القِسِّينَ جُرْدَانَا
وفي الحديث: حرمت الخمرُ بعينها والسَّكَرُ من كل شراب؛ السَّكَر، بفتح
السين والكاف: الخمر المُعْتَصَرُ من العنب؛ قال ابن الأَثير: هكذا رواه
الأَثبات، ومنهم من يرويه بضم السين وسكون الكاف، يريد حالة السَّكْرَانِ
فيجعلون التحريم للسُّكْرِ لا لنفس المُسْكِرِ فيبيحون قليله الذي لا
يسكر، والمشهور الأَول، وقيل: السكر، بالتحريك، الطعام؛ وأَنكر أَهل اللغة
هذا والعرب لا تعرفه. وفي حديث أَبي وائل: أَن رجلاً أَصابه الصَّقَرُ
فَبُعِثَ له السَّكَرُ فقال: إِن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم.
والسَّكَّار: النَّبَّاذُ. وسَكْرَةُ الموت: غَشْيَتُه، وكذلك سَكْرَةُ
الهَمِّ والنوم ونحوهما؛ وقوله:
فجاؤونا بِهِمْ، سُكُرٌ علينا،
فَأَجْلَى اليومُ، والسَّكْرَانُ صاحي
أَراد سُكْرٌ فأَتبع الضم الضم ليسلم الجزء من العصب، ورواه يعقوب
سَكَرٌ. وقال اللحياني: ومن قال سَكَرٌ علينا فمعناه غيظ وغضب. ابن الأَعرابي:
سَكِرَ من الشراب يَسْكَرُ سُكْراً، وسَكِرَ من الغضب يَسْكَرُ سَكَراً
إِذا غضب، وأَنشد البيت. وسُكِّرَ بَصَرُه: غُشِيَ عليه. وفي التنزيل
العزيز: لقالوا إِنما سُكِّرَتْ أَبصارُنا؛ أَي حُبِسَتْ عن النظر
وحُيِّرَتْ. وقال أَبو عمرو بن العلاء: معناها غُطِّيَتْ وغُشِّيَتْ، وقرأَها
الحسن مخففة وفسرها: سُحِرَتْ. التهذيب: قرئ سُكِرت وسُكِّرت، بالتخفيف
والتشديد، ومعناهما أُغشيت وسُدّت بالسِّحْرِ فيتخايل بأَبصارنا غير ما نرى.
وقال مجاهد: سُكِّرَتْ أَبصارنا أَي سُدَّت؛ قال أَبو عبيد: يذهب مجاهد
إِلى أَن الأَبصار غشيها ما منعها من النظر كما يمنع السَّكْرُ الماء من
الجري، فقال أَبو عبيدة: سُكِّرَتْ أَبصار القوم إِذا دِيرَ بِهِم
وغَشِيَهُم كالسَّمادِيرِ فلم يُبْصِرُوا؛ وقال أَبو عمرو بن العلاء: سُكِّرَتْ
أَبصارُنا مأْخوذ من سُكْرِ الشراب كأَن العين لحقها ما يلحق شارب
المُسكِرِ إِذا سكِرَ؛ وقال الفراء: معناه حبست ومنعت من النظر. الزجاج: يقال
سَكَرَتْ عَيْنُه تَسْكُرُ إِذا تحيرت وسَكنت عن النظر، وسكَرَ الحَرُّ
يَسْكُرُ؛ وأَنشد:
جاء الشِّتاءُ واجْثَأَلَّ القُبَّرُ،
وجَعَلَتْ عينُ الحَرُورِ تَسْكُرُ
قال أَبو بكر: اجْثَأَلَّ معناه اجتمع وتقبَّض. والتَّسْكِيرُ للحاجة:
اختلاط الرأْي فيها قبل أَن يعزم عليها فإِذا عزم عليها ذهب اسم التكسير،
وقد سُكِرَ.
وسَكِرَ النَّهْرَ يَسْكُرُه سَكْراً: سَدَّفاه. وكُلُّ شَقٍّ سُدَّ،
فقد سُكِرَ، والسِّكْرُ ما سُدَّ بِهِ. والسَّكْرُ: سَدُّ الشق ومُنْفَجِرِ
الماء، والسِّكْرُ: اسم ذلك السِّدادِ الذي يجعل سَدّاً للشق ونحوه. وفي
الحديث أَنه قال للمستحاضة لما شكت إليه كثرة الدم: اسْكُرِيه، أَي
سُدِّيه بخرقة وشُدِّيه بعضابة، تشبيهاً بِسَكْر الماء، والسَّكْرُ المصدر.
ابن الأَعرابي: سَمَرْتُه ملأته. والسِّكْرُ، بالكسر: العَرِمُ.
والسِّكْرُ أَيضاً: المُسَنَّاةُ، والجمع سُكُورٌ. وسَكَرَتِ الريحُ تَسْكُرُ
سُكُوراً وسَكَراناً: سكنت بعد الهُبوب. وليلةٌ ساكِرَةٌ: ساكنة لا ريح فيها؛
قال أَوْسُ بن حَجَرٍ:
تُزَادْ لَياليَّ في طُولِها،
فَلَيْسَتُ بِطَلْقٍ ولا ساكِرَهْ
وفي التهذيب قال أَوس:
جَذَلْتُ على ليلة ساهِرَهْ،
فَلَيْسَتْ بِطَلْقٍ ولا ساكرهْ
أَبو زيد: الماء السَّاكِرُ السَّاكِنُ الذي لا يجري؛ وقد سَكَر
سُكُوراً. وسُكِرَ البَحْرُ: رَكَدَ؛ أَنشد ابن الأَعرابي في صفة بحر:
يَقِيءُ زَعْبَ الحَرِّ حِينَ يُسْكَرُ
كذا أَنشده يسكر على صيغة فعل المفعول، وفسره بيركد على صيغة فعل
الفاعل.والسُّكَّرُ من الحَلْوَاءِ: فارسي معرَّب؛ قال:
يكونُ بَعْدَ الحَسْوِ والتَّمَزُّرِ
في فَمِهِ، مِثْلَ عصير السُّكَّرِ
والسُّكَّرَةُ: الواحدة من السُّكَّرِ. وقول أَبي زياد الكلابي في صفة
العُشَرِ: وهو مُرُّ لا يأْكله شيء ومَغافِيرهِ سُكَّرٌ؛ إِنما أَراد مثل
السُّكَّرِ في الحلاوةِ. وقال أَبو حنيفة: والسُّكَّرُ عِنَبٌ يصيبه
المَرَقُ فينتثر فلا يبقى في العُنْقُودِ إِلاَّ أَقله، وعناقِيدُه أَوْساطٌ،
هو أَبيض رَطْبٌ صادق الحلاوة عَذْبٌ من طرائف العنب، ويُزَبَّبُ
أَيضاً. والسَّكْرُ: بَقْلَةٌ من الأَحرار؛ عن أَبي حنيفة. قال: ولم
يَبْلُغْنِي لها حِلْيَةٌ.
والسَّكَرَةُ: المُرَيْرَاءُ التي تكون في الحنطة.
والسَّكْرَانُ: موضع؛ قال كُثيِّر يصف سحاباً:
وعَرَّسَ بالسَّكْرَانِ يَوْمَيْنِ، وارْتَكَى
يجرُّ كما جَرَّ المَكِيثَ المُسافِرُ
والسَّيْكَرَانُ: نَبْتٌ؛ قال:
وشَفْشَفَ حَرُّ الشَّمْسِ كُلَّ بَقِيَّةٍ
من النَّبْتِ، إِلاَّ سَيْكَراناً وحُلَّبَا
قال أَبو حنيفة: السَّيْكَرانُ مما تدوم خُضْرَتُه القَيْظَ كُلَّهُ
قال: وسأَلت شيخاً من الأَعراب عن السَّيْكَرانِ فقال: هو السُّخَّرُ ونحن
نأْكله رَطْباً أَيَّ أَكْلٍ، قال: وله حَبٌّ أَخْضَرُ كحب الرازيانج.
ويقال للشيء الحارّ إِذا خَبَا حَرُّه وسَكَنَ فَوْرُه: قد سَكَرَ يَسْكُرُ.
وسَكَّرَهُ تَسْكِيراً: خَنَقَه؛ والبعيرُ يُسَكِّرُ آخر بذراعه حتى
يكاد يقتله. التهذيب: روي عن أَبي موسى الأَشعري أَنه قال: السُّكُرْكَةُ
خمر الحبشة؛ قال أَبو عبيد: وهي من الذرة؛ قال الأَزهري: وليست بعربية،
وقيده شمر بخطه: السُّكْرُكَةُ، الجزم على الكاف والراء مضمومة. وفي الحديث:
أَنه سئل عن الغُبَيْراء فقال: لا خير فيها، ونهى عنها؛ قال مالك:
فسأَلت زيد بن أَسلم: ما الغبيراء؟ فقال: هي السكركة، بضم السين والكاف وسكون
الراء، نوع من الخمور تتخذ من الذرة، وهي لفظة حبشية قد عرّبت، وقيل:
السُّقُرْقَع. وفي الحديث: لا آكل في سُكُرُّجَة؛ هي، بضم السين والكاف
والراء والتشديد، إِناء صغير يؤكل فيه الشيء القليل من الأُدْمِ، وهي فارسية،
وأَكثر ما يوضع فيها الكوامخ ونحوها.
خمر: خامَرَ الشيءَ: قاربه وخالطه؛ قال ذو الرمة:
هامَ الفُؤادُ بِذِكْراها وخامَرَهُ
منها، على عُدَواءٍ الدَّارِ. تَسْتقِيمُ
ورجل خَمِرٌ: خالطه داء؛ قال ابن سيده: وأُراه على النسب؛ قال امرؤ
القيس:
أَحارِ بْنَ عَمْرٍو كأَنِّي خَمِرْ،
ويَعْدُو على المَرْءِ ما يأْتَمِرْ
ويقال: هو الذي خامره الداء. ابن الأَعرابي: رجل خَمِرٌ أَي مُخامَرٌ؛
وأَنشد أَيضاً:
أَحار بن عمرو كأَني خمر
أَي مُخامَرٌ؛ قال: هكذا قيده شمر بخطه، قال:
وأَما المُخامِرُ فهو المُخالِطُ، مِن خامَرَهُ الداءُ إِذا خالطه؛
وأَنشد:
وإِذا تُباشِرْكَ الهُمُو
مُ، فإِنها داءٌ مُخامِرْ
قال: ونحو ذلك قال الليث في خامَرَهُ الداءُ إِذا خالط جوفه.
والخَمْرُ: ما أَسْكَرَ من عصير العنب لأَنها خامرت العقل.
والتَّخْمِيرُ: التغطية، يقال: خَمَّرَ وجْهَهُ وخَمِّرْ إِناءك. والمُخامَرَةُ:
المخالطة؛ وقال أَبو حنيفة: قد تكون الخَمْرُ من الحبوب فجعل الخمر من
الحبوب؛ قال ابن سيده: وأَظنه تَسَمُّحاً منه لأَن حقيقة الخمر إِنما هي العنب
دون سائر الأَشياء، والأَعْرَفُ في الخَمْرِ التأْنيث؛ يقال: خَمْرَةٌ
صِرْفٌ، وقد يذكَّر، والعرب تسمي العنب خمراً؛ قال: وأَظن ذلك لكونها منه؛
حكاها أَبو حنيفة قال: وهي لغة يمانية. وقال في قوله تعالى: إِني أَراني
أَعْصِرُ خَمْراً؛ إِن الخمر هنا العنب؛ قال: وأُراه سماها باسم ما في
الإِمكان أَن تؤول إِليه، فكأَنه قال: إِني أَعصر عنباً؛ قال الراعي:
يُنازِعُنِي بها نُدْمانُ صِدْقٍ
شِواءَ الطَّيرِ، والعِنَبَ الحَقِينا
يريد الخمر. وقال ابن عرفة: أَعصر خمراً أَي أَستخرج الخمر، وإِذا عصر
العنب فإِنما يستخرج به الخمر، فلذلك قال: أَعصر خمراً. قال أَبو حنيفة:
وزعم بعض الرواة أَنه رأَى يمانيّاً قد حمل عنباً فقال له: ما تحمل؟ فقال:
خمراً، فسمى العنب خمراً، والجمع خُمور، وهي الخَمْرَةُ. قال ابن
الأَعرابي: وسميت الخمر خمراً لأَنها تُرِكَتْ فاخْتَمَرَتْ، واخُتِمارُها
تَغَيُّرُ ريحها؛ ويقال: سميت بذلك لمخامرتها العقل. وروى الأَصمعي عن معمر
بن سليمان قال: لقيت أَعرابياً فقلت: ما معك؟ قال: خمر. والخَمْرُ: ما
خَمَر العَقْلَ، وهو المسكر من الشراب، وهي خَمْرَةٌ وخَمْرٌ وخُمُورٌ مثل
تمرة وتمر وتمور. وفي حديث سَمُرَةَ: أَنه باع خمراً فقال عمر: قاتَلَ
اللهُ سَمُرَةَ قال الخطابي: إِنما باع عصيراً ممن يتخذه خمراً فسماه باسم
ما يؤول إِليه مجازاً، كما قال عز وجل: إِني أَراني أَعصر خمراً، فلهذا
نَقَمَ عمر، رضي الله عنه، عليه لأَنه مكروه؛ وأَما أَن يكون سمرة باع
خمراً فلا لأَنه لا يجهل تحريمه مع اشتهاره. وخَمَر الرجلَ والدابةَ
يَخْمُره خَمْراً: سقاه الخمر، والمُخَمِّرُ: متخذ الخمر، والخَمَّارُ: بائعها.
وعنبٌ خَمْرِيٌّ: يصلح للخمر. ولَوْنٌ خَمْرِيٌّ: يشبه لون الخَمر.
واخْتِمارُ الخَمْرِ: إِدْراكُها وغليانها. وخُمْرَتُها وخُمارُها: ما خالط من
سكرها، وقيل: خْمْرَتُها وخُمارُها ما أَصابك من أَلمها وصداعها
وأَذاها؛ قال الشاعر:
لَذٌّ أَصابَتْ حُمَيَّاها مَقاتِلَهُ،
فلم تَكَدْ تَنْجَلِي عن قلبِهِ الخُمَرُ
وقيل: الخُمارُ بقية السُّكْرِ، تقول منه: رجل خَمِرٌ أَي في عَقِبِ
خُمارٍ؛ وينشد قول امرئ القيس:
أَحار بن عمرو فؤادي خمر
ورجل مَخْمُورٌ: به خُمارٌ، وقد خُمِرَ خَمْراً وخَمِرَ. ورجل
مُخَمَّرٌ: كمَخْمُور. وتَخَمَّرَ بالخَمْرِ: تَسَكَّرَ به، ومُسْتَخْمِرٌ
وخِميِّرٌ: شِرِّيبٌ للخمر دائماً. وما فلانٌ بِخَلٍّ ولا خَمْرٍ أَي لا خير فيه
ولا شر عنده. ويقال أَيضاً: ما عند فلان خل ولا خمر أَي لا خير ولا شر.
والخُمْرَةُ والخَمَرَةُ: ما خامَرَك من الريح، وقد خَمَرَتْهُ؛ وقيل:
الخُمْرَةُ والخَمَرَةُ الرائحة الطيبة؛ يقال: وجدت خَمَرَة الطيب أَي
ريحه، وامرأَة طيبة الخِمْرَةِ بالطِّيبِ؛ عن كراع.
والخَمِيرُ والخَمِيرَةُ: التي تجعل في الطين. وخَمَرَ العجينَ
والطِّيبَ ونحوهما يَخْمُره ويَخْمِرُه خَمْراً، فهو خَمِيرٌ، وخَمَّرَه: ترك
استعماله حتى يَجُودَ، وقيل: جعل فيه الخمير. وخُمْرَةُ العجين: ما يجعل فيه
من الخميرة. الكسائي: يقال خَمَرْتُ العجين ونَظَرْتُه، وهي الخُمْرَةُ
التي تجعل في العجين تسميها الناس الخَمِيرَ، وكذلك خُمْرَةُ النبيذ
والطيب. وخُبْزٌ خَمِيرٌ وخبزة خمير؛ عن اللحياني، كلاهما بغير هاء، وقد
اخْتَمَر الطيبُ والعجين. واسم ما خُمِرَ به: الخُمْرَةُ، يقال: عندي خُبْزٌ
خَمِير وحَبسٌ فَطِير أَي خبز بائت. وخُمْرةُ اللَّبَنِ: رَوْبَتُه التي
تُصَبُّ عليه لِيَرُوبَ سريعاً؛ وقال شمر: الخَمِيرُ الخُبْزُ في قوله:
ولا حِنْطَة الشَّامِ الهَرِيت خَمِيرُها
أَي خبزها الذي خُمِّرَ عجينُه فذهبت فُطُورَتُه؛ وطعام خَمِيرٌ
ومَخْمورٌ في أَطعمة خَمْرَى. والخَمُيرُ والخَمِيرَةُ: الخُمْرَةُ. وخُمْرَةُ
النبيذ والطيب: ما يجعل فيه من الخَمْرِ والدُّرْدِيِّ. وخُمْرَةُ النبيذ:
عَكَرُه، ووجدتُ منه خُمْرَةً طيبة
(* قوله: «خمرة طيبة» خاؤها مثلثة
كالخمرة محركة كما في القاموس). إِذا اخْتَمَرَ الطيِّبُ أَي وجدتُ ريحه.
ووصف أَبو ثَرْوَانَ مأْدُبَةً وبَخُورَ مِجْمَرها قال: فَتَخَمَّرَتْ
أَطْنابُنا أَي طابت روائح أَبداننا بالبَخُور. أَبو زيد: وجدت منه خَمَرَةَ
الطِّيبِ، بفتح الميم، يعني ريحه.
وخامَرَ الرجلُ بيتَه وخَمَّرَهُ: لزمه فلم يَبْرَحْهُ، وكذلك خامَرَ
المكانَ؛ أَنشد ثعلب:
وشاعِرٍ يُقالُ خَمِّرْ في دَعَهْ
ويقال للضَّبُعِ: خامِرِي أُمَّ عامِرٍ أَي اسْتَتِري. أَبو عمرو:
خَمَرْتُ الرجلَ أَخْمُرُه إِذا استحيت منه. ابن الأَعرابي: الخِمْرَةُ
الاستخفاء
(* قوله: «الخمرة الاستخفاء» ومثلها الخمر محركاً خمر خمراً كفرح
توارى واستخفى كما في القاموس). قال ابن أَحمر:
مِنْ طارِقٍ أَتى على خِمْرَةِ،
أَو حِسْبَةٍ تَنْفَعُ مَنْ يَعْتَبِرْ
قال ابن الأَعرابي: على غفلة منك. وخَمَرَ الشيءَ يَخْمُرُه خَمْراً
وأَخْمَرَهُ: سَتَرَهُ. وفي الحديث: لا تَجِدُ المؤمنَ إِلاَّ في إِحدى
ثلاثٍ: في مسجد يَعْمُرُه، أَو بيت يَخْمُرُه، أَو معيشة يُدَبِّرُها؛
يَخْمُره أَي يستره ويصلح من شأْنه. وخَمَرَ فلانٌ شهادته وأَخْمَرَها: كتمها.
وأَخْرَجَ من سِرِّ خَمِيرِهِ سِرّاً أَي باح به. واجْعَلْهُ في سرِّ
خَمِيرِك أَي اكتمه. وأَخْمَرْتُ الشيء: أَضمرته؛ قال لبيد:
أَلِفْتُكِ حتى أَخْمَرَ القومُ ظِنَّةً
عَليَّ، بَنُو أُمِّ البَنِينَ الأَكابِرُ
الأَزهري: وأَخْمَرَ فلانٌ عَليَّ ظِنَّةً أَي أَضمرها، وأَنشد بيت
لبيد.والخَمَرُ، بالتحريك: ما واراك من الشجر والجبال ونحوها. يقال: توارى
الصيدُ عني في خَمَرِ الوادي، وخَمَرُه: ما واراه من جُرُفٍ أَو حَبْلٍ من
حبال الرمل أَو غيره؛ ومنه قولهم: دخل فلان في خُمارِ الناسِ أَي فيما
يواريه ويستره منهم. وفي حديث سهل بن حُنَيْفٍ: انطلقت أَنا وفلان نلتمس
الخَمَر، هو بالتحريك: كل ما سترك من شجر أَو بناءِ أَو غيره؛ ومنه حديث
أَبي قتادة: فابْغِنَا مَكاناً خَمَراً أَي ساتراً بتكاثف شجره؛ ومنه حديث
الدجال: حتى تَنْتَهُوا إِلى جبل الخَمَرِ؛ قال ابن الأَثير: هكذا يروى
بالفتح، يعني الشجر الملتف، وفسر في الحديث أَنه جبل بيت المقدس لكثرة
شجرة؛ ومنه حديث سلمان: أَنه كتب إِلى أَبي الدرداء: يا أَخي، إِن بَعُدَتِ
الدار من الدار فإِن الرُّوح من الرُّوح قَريبٌ، وطَيْرُ السماءٍ على
أَرْفَهِ خَمَرِ الأَرض يقع الأَرْفَهُ الأَخصبُ؛ يريد أَن وطنه أَرفق به
وأَرفه له فلا يفارقه، وكان أَبو الدرداء كتب إِليه يدعوه إِلى الأَرض
المقدسة. زوفي حديث أَبي إِدريس الخَوْلانِيِّ قال: دخلت المسجد والناس
أَخْمَرُ ما كانوا أَي أَوْفَرُ. ويقال: دخل في خَمَار الناس
(* قوله: «في
خمار الناس» بضم الخاء وفتحها كما في القاموس). أَي في دهمائهم؛ قال ابن
الأَثير: ويروى بالجيم، ومنه حديث أُوَيْسٍ القَرَنِيِّ: أَكون في خَمَارِ
الناس أَي في زحمتهم حيث أَخْفَى ولا أُعْرَفُ. وقد خَمِرَ عني يَخْمَرُ
خَمَراً أَي خفي وتوارى، فهو خَمِرٌ. وأَخْمَرَتْه الأَرضُ عني مني
وعَلَيَّ: وارته. وأَخْمَرَ القومُ: تَوارَوْا بالخَمَرِ. ويقال للرجل إِذا
خَتَلَ صاحبه: هو يَدِبُّ
(* قوله: «يدب إلخ» ذكره الميداني في مجمع
الأَمثال وفسر الضراء بالشجر الملتف وبما انخفض من الأَرض، عن ابن الأَعرابي؛
والخمر بما واراك من جرف أو حبل رمل؛ ثم قال: يضرب للرجل يختل صاحبه. وذكر
هذا المثل أَيضاً اللسان والصحاح وغيرهما في ض ر ي وضبطوه بوزن سماء). له
الضَّراءَ ويَمْشِي له الخَمَرَ. ومكان خَمِرٌ: كثير الخَمَرِ، على
النسب؛ حكاه ابن الأَعرابي، وأَنشد لضباب بن واقد الطُّهَوِيِّ:
وجَرَّ المَخاضُ عَثَانِينَها
إِذا بَرَكَتْ بالمكانِ الخَمِرْ
وأَخْمَرَتِ الأَرضُ: كثر خَمَرُها. ومكان خَمِرٌ إِذا كان كثير
الخَمَرِ. والخَمَرُ: وَهْدَةٌ يختفي فيها الذئب؛ وأَنشد:
فقد جاوَزْتُما خَمَرَ الطَّرِيقِ
وقول طرفة:
سَأَحْلُبُ عَنْساً صَحْنَ سَمٍّ فَأَبْتَغِي
به جِيرَتي، إِن لم يُجَلُّوا لِيَ الخَمَرْ
قال ابن سيده: معناه إِن لم يُبَيِّنُوا لِيَ الخبرَ، ويروى يُخَلُّوا،
فإِذا كان كذلك كان الخَمَرُ ههنا الشجر بعينه. يقول: إِن لم يخلوا لي
الشجر أَرعاها بإِبلي هجوتهم فكان هجائي لم سمّاً، ويروى: سأَحلب عَيْساً،
وهو ماء الفحل، ويزعمون أَنه سم؛ ومنه الحديث: مَلِّكْهُ على عُرْبِهِمْ
وخُمُورِهِمْ؛ قال ابن الأَثير: أَي أَهل القرى لأَنهم مغلوبون مغمورون
بما عليهم من الخراج والكُلَفِ والأَثقال، وقال: كذا شرحه أَبو موسى.
وخَمَرُ الناس وخَمَرَتُهُمْ وخَمَارُهم وخُمَارُهم: جماعتهم وكثرتهم، لغةٌ
في غَمار الناس وغُمارهم أَي في زَحْمتهم؛ يقال: دخلت في خَمْرتهم
وغَمْرتهم أَي في جماعتهم وكثرتهم.
والخِمَارُ للمرأَة، وهو النَّصِيفُ، وقيل: الخمار ما تغطي به المرأَة
رأَْسها، وجمعه أَخْمِرَةٌ وخُمْرٌ وخُمُرٌ. والخِمِرُّ، بكسر الخاء
والميم وتشديد الراء: لغة في الخمار؛ عن ثعلب، وأَنشد:
ثم أَمالَتْ جانِبَ الخِمِرِّ
والخِمْرَةُ: من الخِمار كاللِّحْفَةِ من اللِّحَافِ. يقال: إِنها لحسنة
الخِمْرَةِ. وفي المثل: إِنَّ الْعَوَانَ لا تُعَلَّمُ الخِمْرَةَ أَي
إِن المرأَة المجرّبة لا تُعَلَّمُ كيف تفعل. وتَخَمَّرَتْ بالخِمار
واخْتَمَرَتْ: لَبِسَتْه، وخَمَّرَتْ به رأْسَها: غَطَّتْه. وفي حديث أُم
سلمة: أَنه كان يمسح على الخُفِّ والخِمار؛ أَرادت بالخمار العمامة لأَن
الرجل يغطي بها رأْسه كما أَن المرأَة تغطيه بخمارها، وذلك إِذا كان قد
اعْتَمَّ عِمَّةَ العرب فأَرادها تحت الحنك فلا يستطيع نزعها في كل وقت فتصير
كالخفين،، غير أَنه يحتاج إِلى مسح القليل من الرأْس ثم يمسح على العمامة
بدل الاستيعاب؛ ومنه قول عمر، رضي الله عنه، لمعاوية: ما أَشبه عَيْنَك
بِخِمْرَةِ هِنْدٍ؛ الخمرةُ: هيئة الاختمار؛ وكل مغطًّى: مُخَمَّرٌ. وروي
عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: خَمِّرُوا آنِيَتَكُمْ؛ قال
أَبو عمرو: التخمير التغطية، وفي رواية: خَمِّرُوا الإِناء وأَوْكُوا
السِّقَاءَ؛ ومنه الحديث: أَنه أُتِيَ بإِناءِ من لَبَنِ فقال: هلاَّ
خَمَّرْتَه ولو بعود تَعْرِضُه عليه.
والمُخَمَّرَةُ من الشياه: البيضاءُ الرأْسِ، وقيل: هي النعجة السوداء
ورأْسها أَبيض مثل الرَّخْماءِ، مشتق من خِمار المرأَة؛ قال أَبو زيد:
إِذا ابيض رأْس النعجة من بين جسدها، فهيمُخَمَّرة ورَخْماءُ؛ وقال الليث:
هي المختمرة من الضأْن والمِعْزَى. وفرس مُخَمَّرٌ: أَبيضٌ الرأْس وسائر
لونه ما كان. ويقال: ما شَمَّ خِمارَكَ أَي ما أَصابَكَ، يقال ذلك للرجل
إِذا تغير عما كان عليه.
وخَمِرَ عليه خَمَراً وأَخْمَرَ: حَقَدَ. وخَمَرَ الرجلَ يَخْمِرُهُ:
استحيا منه. والخَمَرُ: أَن تُخْرَزَ ناحيتا أَديم المَزَادَة ثم تُعَلَّى
بِخَرْزٍ آخَر. والخُمْرَةُ: حصيرة أَو سَجَّادَةٌ صغيرة تنسج من سَعَفِ
النخل وتُرَمَّلُ بالخيوط، وقيل: حصيرة أَصغر من المُصَلَّى، وقيل:
الخُمْرَة الحصير الصغير الذي يسجد عليه. وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله
عليه وسلم، كان يسجد على الخُمْرَةِ؛ وهو حصير صغير قدر ما يسجد عليه ينسج
من السَّعَفِ؛ قال الزجاج: سميت خُمْرة لأَنها تستر الوجه من الأَرض. وفي
حديث أُم سلمة قال لها وهي حائض: ناوليني الخُمْرَةَ؛ وهي مقدار ما يضع
الرجل عليه وجهه في سجوده من حصير أَو نسيجة خوص ونحوه من النبات؛ قال:
ولا تكون خمرة إِلاَّ في هذا المقدار، وسميت خمرة لأَن خيوطها مستورة
بسعفها؛ قال ابن الأَثير: وقد تكررت في الحديث وهكذا فسرت. وقد جاء في سنن
أَبي داود عن ابن عباس قال: جاءت فأْرة فأَخذت تَجُرُّ الفَتِيلَة فجاءتْ
بها فأَلقتها بين يدي رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، على الخُمْرَةِ التي
كان قاعداً عليها فأَحرقت منها مثل موضع درهم، قال: وهذا صريح في إِطلاق
الخُمْرَةِ على الكبير من نوعها.
قال: وقيل العجين اختمر لأَن فطورته قد غطاها الخَمَرُ، وهو الاختمار.
ويقال: قد خَمَرْتُ العجين وأَخْمَرْته وفَطَرْتُه وأَفْطَرْتُه، قال:
وسمي الخَمْرُ خَمْراً لأَنه يغطي العقل، ويقال لكل ما يستر من شجر أَو
غيره: خَمَرٌ، وما ستره من شجر خاصة، فهو الضَّرَاءُ.
والخُمْرَةُ: الوَرْسُ وأَشياء من الطيب تَطْلي به المرأَة وجهها ليحسن
لونها، وقد تَخَمَّرَتْ، وهي لغة في الغُمْرَةِ. والخُمْرَةُ: بِزْزُ
العَكَابِرِ
(* قوله: «العكابر» كذا بالأَصل ولعله الكعابر). التي تكون في
عيدان الشجر.
واسْتَخْمَر الرجلَ: استعبده؛ ومنه حديث معاذ: من اسْتَخْمَرَ قوماً
أَوَّلُهُمْ أَحْرارٌ وجِيرانٌ مستضعفون فله ما قَصَرَ في بيته. قال أَبو
عبيد: كان ابن المبارك يقول في قوله من استخمر قوماً أَي استعبدهم، بلغة
أَهل اليمن، يقول: أَخذهم قهراً وتملك عليهم، يقول: فما وَهَبَ المَلِكُ من
هؤلاء لرجل فَقَصَرَهُ الرجل في بيته أَي احتبسه واختاره واستجراه في
خدمته حتى جاء الإِسلام وهو عنده عبد فهو له. ابن الأَعرابي: المُخامَرَةُ
أَن يبيع الرجل غلاماً حُرّاً على أَنه عبده؛ قال أَبو منصور: وقول معاذ
من هذا أُخذ، أَراد من استعبد قوماً في الجاهلية ثم جاء الإِسلام، فله ما
حازه في بيته لا يخرج من يده، وقوله: وجيران مستضعفون أَراد ربما استجار
به قوم أَو جاوروه فاستضعفهم واستعبدهم، فلذلك لا يخرجون من يده، وهذا
مبني على إِقرار الناس على ما في أَيديهم.
وأَخْمَرَهُ الشيءَ: أَعطاه إِياه أَو مَلَّكَهُ؛ قال محمد بن كثير: هذا
كلام عندنا معروف باليمن لا يكاد يُتكلم بغيره؛ يقول الرجل: أَخْمِرني
كذا وكذا أَي أَعطنيه هبة لي، ملكني إِياه، ونحو هذا.
وأَخْمَر الشيءَ: أَغفله؛ عن ابن الأَعرابي.
واليَخْمُورُ: الأَجْوَفُ المضطرب من كل شيء.
واليَخْمُورُ أَيضاً: الودع، واحدته يَخْمُورَةٌ.
ومِخْمَرٌ وخُمَيْرٌ: اسمان. وذو الخِمَار: اسم فرس الزبير بن العوّام
شهد عليه يوم الجمل.
وباخَمْرَى: موضع بالبادية، وبها قبر إِبراهيم
(* قوله: «وبها قبر
إِبراهيم إلخ» عبارة القاموس وشرحه: بها قبر إِبراهيم بن عبدالله المحض بن
الحسن المثني بن الحسن السبط الشهيد ابن علي إلخ. ثم قال: خرج أي بالبصرة
سنة ؟؟ وبايعه وجوه الناس، وتلقب بأمير المؤمنين فقلق لذلك أَبو جعفر
المنصور فأرسل إليه عيسى بن موسى لقتاله فاستشهد السيد إبراهيم وحمل رأسه إلى
مصر اهـ. باختصار). بن عبدالله بن الحسن بن علي بن أَبي طالب، عليهم
السلام.
روح: الرِّيحُ: نَسِيم الهواء، وكذلك نَسيم كل شيء، وهي مؤنثة؛ وفي
التنزيل: كَمَثَلِ رِيحٍ فيها صِرٌّ أَصابت حَرْثَ قوم؛ هو عند سيبويه
فَعْلٌ، وهو عند أَبي الحسن فِعْلٌ وفُعْلٌ.
والرِّيحةُ: طائفة من الرِّيح؛ عن سيبويه، قال: وقد يجوز أَن يدل الواحد
على ما يدل عليه الجمع، وحكى بعضهم: رِيحٌ ورِيحَة مع كوكب وكَوكَبَةٍ
وأَشعَر أَنهما لغتان، وجمع الرِّيح أَرواح، وأَراوِيحُ جمع الجمع، وقد
حكيت أَرْياحٌ وأَرايِح، وكلاهما شاذ، وأَنكر أَبو حاتم على عُمارة بن عقيل
جمعَه الرِّيحَ على أَرْياح، قال فقلت له فيه: إِنما هو أَرْواح، فقال:
قد قال الله تبارك وتعالى: وأَرسلنا الرِّياحَ؛ وإِنما الأَرْواحُ جمعُ
رُوح، قال: فعلمت بذلك أَنه ليس ممن يؤْخذ عنه. التهذيب: الرِّيح ياؤُها
واو صُيِّرت ياء لانكسار ما قبلها، وتصغيرها رُوَيْحة، وجمعها رِياحٌ
وأَرْواحٌ. قال الجوهري: الرِّيحُ واحدة الرِّياح، وقد تجمع على أَرْواح لأَن
أَصلها الواو وإِنما جاءَت بالياء لانكسار ما قبلها، وإِذا رجعوا إِلى
الفتح عادت إِلى الواو كقولك: أَرْوَحَ الماءُ وتَرَوَّحْتُ بالمِرْوَحة؛
ويقال: رِيحٌ ورِيحَة كما قالوا: دارٌ ودارَةٌ. وفي الحديث: هَبَّتْ
أَرواحُ النَّصْر؛ الأَرْواحُ جمع رِيح. ويقال: الرِّيحُ لآِل فلان أَي
النَّصْر والدَّوْلة؛ وكان لفلان رِيحٌ. وفي الحديث: كان يقول إِذا هاجت
الرِّيح: اللهم اجعلها رِياحاً ولا تجعلها ريحاً؛ العرب تقول: لا تَلْقَحُ
السحابُ إِلاَّ من رياح مختلفة؛ يريج: اجْعَلْها لَقاحاً للسحاب ولا تجعلها
عذاباً، ويحقق ذلك مجيءُ الجمع في آيات الرَّحمة، والواحد في قِصَصِ
العذاب: كالرِّيح العَقِيم؛ ورِيحاً صَرْصَراً. وفي الحديث: الرِّيحُ من
رَوْحِ الله أَي من رحمته بعباده.
ويومٌ راحٌ: شديد الرِّيح؛ يجوز أَن يكون فاعلاً ذهبت عينه، وأَن يكون
فَعْلاً؛ وليلة راحةٌ. وقد راحَ يَراحُ رَيْحاً إِذا اشتدّت رِيحُه. وفي
الحديث: أَن رجلاً حضره الموت، فقال لأَِولاده: أَحْرِقوني ثم انظروا
يوماً راحاً فأَذْرُوني فيه؛ يومٌ راحٌ أَي ذو رِيح كقولهم: رجلٌ مالٌ.
ورِيحَ الغَدِيرُ وغيرُه، على ما لم يُسَمَّ فاعله: أَصابته الرِّيحُ،
فهو مَرُوحٌ؛ قال مَنْظُور بنُ مَرْثَدٍ الأَسَدِيُّ يصف رَماداً:
هل تَعْرِفُ الدارَ بأَعْلى ذي القُورْ؟
قد دَرَسَتْ غيرَ رَمادٍ مَكْفُورْ
مُكْتَئِبِ اللَّوْنِ مَرُوحٍ مَمْطُورْ
القُور: جُبَيْلات صغار، واحدها قارَة. والمكفور: الذي سَفَتْ عليه
الريحُ الترابَ، ومَرِيح أَيضاً؛ وقال يصف الدمع:
كأَنه غُصْنٌ مَرِيح مَمْطُورْ
مثل مَشُوب ومَشِيب بُنِيَ على شِيبَ.
وغُصْنٌ مَرِيحٌ ومَرُوحٌ: أَصابته الريح؛ وكذلك مكان مَريح ومَرُوحٌ،
وشجرة مَرُوحة ومَريحة: صَفَقَتْها الريحُ فأَلقت ورقها.
وراحَتِ الريحُ الشيءَ: أَصابته؛ قال أَبو ذؤيب يصف ثوراً:
ويَعُوذ بالأَرْطَى، إِذا ما شَفَّهُ
قَطْرٌ، وراحَتْهُ بَلِيلٌ زَعْزَعُ
وراحَ الشجرُ: وجَدَ الريحَ وأَحَسَّها؛ حكاه أَبو حنيفة؛ وأَنشد:
تَعُوجُ، إِذا ما أَقْبَلَتْ نَحْوَ مَلْعَبٍ،
كما انْعاجَ غُصْنُ البانِ راحَ الجَنائبا
ويقال: رِيحَتِ الشجرةُ، فهي مَرُوحة. وشجرة مَرُوحة إِذا هبَّت بها
الريح؛ مَرُوحة كانت في الأَصل مَرْيوحة. ورِيحَ القومُ وأَراحُوا: دخلوا في
الريح، وقيل: أَراحُوا دخلوا في الريح، ورِيحُوا: أَصابتهم الريحُ
فجاحَتْهم.
والمَرْوَحة، بالفتح: المَفازة، وهي الموضع الذي تَخْترقُه الريح؛ قال:
كأَنَّ راكبها غُصْنٌ بمَرْوَحةٍ،
إِذا تَدَلَّتْ به، أَو شارِبٌ ثَمِلْ
والجمع المَراوِيح؛ قال ابن بري: البيت لعمر بن الخطاب، رضي الله عنه،
وقيل: إِنه تمثل به، وهو لغيره قاله وقد ركب راحلته في بعض المفاوز
فأَسرعت؛ يقول: كأَنَّ راكب هذه الناقة لسرعتها غصن بموضع تَخْتَرِقُ فيه
الريح، كالغصن لا يزال يتمايل يميناً وشمالاً، فشبّه راكبها بغصن هذه حاله أَو
شارِبٍ ثَمِلٍ يتمايلُ من شدّة سكره، وقوله إِذا تدلت به أَي إِذا هبطت
به من نَشْزٍ إِلى مطمئن، ويقال إِن هذا البيت قديم.
وراحَ رِيحَ الروضة يَراحُها، وأَراح يُريحُ إِذا وجد ريحها؛ وقال
الهُذَليُّ:
وماءٍ ورَدْتُ على زَوْرَةٍ،
كمَشْيِ السَّبَنْتَى يَراحُ الشَّفِيفا
الجوهري: راحَ الشيءَ يَراحُه ويَرِيحُه إِذا وجَدَ رِيحَه، وأَنشد
البيت «وماءٍ ورَدتُ» قال ابن بري: هو لصَخرْ الغَيّ، والزَّوْرةُ ههنا:
البعد؛ وقيل: انحراف عن الطريق. والشفيف: لذع البرد. والسَّبَنْتَى:
النَّمِرُ.
والمِرْوَحَةُ، بكسر الميم: التي يُتَرَوَّحُ بها، كسرة لأَنها آلة؛
وقال اللحياني: هي المِرْوَحُ، والجمع المَرَاوِحُ؛ وفي الحديث: فقد رأَيتهم
يَتَرَوَّحُون في الضُّحَى أَي احتاجوا إِلى التَّرْويحِ من الحَرِّ
بالمِرْوَحة، أَو يكون من الرواح: العَودِ إِلى بيوتهم، أَو من طَلَب
الراحة.والمِرْوَحُ والمِرْواحُ: الذي يُذَرَّى به الطعامُ في الريح.
ويقال: فلان بِمَرْوَحةٍ أَي بمَمَرِّ الريحِ.
وقالوا: فلان يَميلُ مع كل ريح، على المثل؛ وفي حديث عليّ: ورَعاعُ
الهَمَج يَميلون على كلِّ ريح. واسْتَرْوح الغصنُ: اهتزَّ بالريح.
ويومٌ رَيِّحٌ ورَوْحٌ ورَيُوحُ: طَيِّبُ الريح؛ ومكانٌ رَيِّحٌ أَيضاً،
وعَشَيَّةٌ رَيِّحةٌ ورَوْحَةٌ، كذلك. الليث: يوم رَيِّحٌ ويوم راحٌ: ذو
ريح شديدة، قال: وهو كقولك كَبْشٌ صافٍ، والأَصل يوم رائح وكبش صائف،
فقلبوا، وكما خففوا الحائِجةَ، فقالوا حاجة؛ ويقال: قالوا صافٌ وراحٌ على
صَوِفٍ ورَوِحٍ، فلما خففوا استنامت الفتحة قبلها فصارت أَلفاً. ويومٌ
رَيِّحٌ: طَيِّبٌ، وليلة رَيِّحة. ويوم راحٌ إِذا اشتدَّت ريحه. وقد راحَ،
وهو يرُوحُ رُؤُوحاً وبعضهم يَراحُ، فإِذا كان اليوم رَيِّحاً طَيِّباً،
قيل: يومٌ رَيِّحٌ وليلة رَيِّحة، وقد راحَ، وهو يَرُوحُ رَوْحاً.
والرَّوْحُ: بَرْدُ نَسِيم الريح؛ وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: كان
الناسُ يسكنون العالية فيحضُرون الجمعةَ وبهم وَسَخٌ، فإِذا أَصابهم
الرَّوْحُ سطعت أَرواحهم فيتأَذى به الناسُ، فأُمروا بالغسل؛ الرَّوْح،
بالفتح: نسيم الريح، كانوا إِذا مَرَّ عليهم النسيمُ تَكَيَّفَ بأَرْواحِهم،
وحَمَلها إِلى الناس. وقد يكون الريح بمعنى الغَلَبة والقوة؛ قال تَأَبَط
شرًّا، وقيل سُلَيْكُ بنُ سُلَكَةَ:
أَتَنْظُرانِ قليلاً رَيْثَ غَفْلَتِهمْ،
أَو تَعْدُوانِ، فإِنَّ الرِّيحَ للعادِي
ومنه قوله تعالى: وتَذْهَبَ رِيحُكُم؛ قال ابن بري: وقيل الشعر لأَعْشى
فَهْمٍ، من قصيدة أَولها:
يا دارُ بينَ غُباراتٍ وأَكْبادِ،
أَقْوَتْ ومَرَّ عليها عهدُ آبادِ
جَرَّتْ عليها رياحُ الصيفِ أَذْيُلَها،
وصَوَّبَ المُزْنُ فيها بعدَ إِصعادِ
وأَرَاحَ الشيءَ إِذا وجَد رِيحَه. والرائحةُ: النسيم طيِّباً كان أَو
نَتْناً. والرائحة: ريحٌ طيبة تجدها في النسيم؛ تقول لهذه البقلة رائحة
طيبة. ووَجَدْتُ رِيحَ الشيء ورائحته، بمعنًى.
ورِحْتُ رائحة طيبة أَو خبيثة أَراحُها وأَرِيحُها وأَرَحْتُها
وأَرْوَحْتُها: وجدتها. وفي الحديث: من أَعانَ على مؤمن أَو قتل مؤمناً لم يُرِحْ
رائحةَ الجنة، من أَرَحْتُ، ولم يَرَحْ رائحة الجنة من رِحْتُ أَراحُ؛
ولم يَرِحْ تجعله من راحَ الشيءَ يَرِيحُه. وفي حديث النبي، صلى الله عليه
وسلم: من قتل نفساً مُعاهدةً لم يَرِحْ رائحةَ الجنة أَي لم يَشُمَّ
ريحها؛ قال أَبو عمرو: هو من رِحْتُ الشيءَ أَرِيحه إِذا وجَدْتَ ريحه؛ وقال
الكسائي: إِنما هو لم يُرِحْ رائحة الجنة، مِن أَرَحْتُ الشيء فأَنا
أُرِيحَه إِذا وجدت ريحه، والمعنى واحد؛ وقال الأَصمعي: لا أَدري هو مِن
رِحْتُ أَو من أَرَحْتُ؛ وقال اللحياني: أَرْوَحَ السبُعُ الريحَ وأَراحها
واسْتَرْوَحَها واستراحها: وَجَدَها؛ قال: وبعضهم يقول راحَها بغير أَلف،
وهي قليلة. واسْتَرْوَحَ الفحلُ واستراح: وجد ريح الأُنثى. وراحَ الفرسُ
يَراحُ راحةً إِذا تَحَصَّنَ أَي صار فحلاً؛ أَبو زيد: راحت الإِبلُ
تَراحُ رائحةً؛ وأَرَحْتُها أَنا. قال الأَزهري: قوله تَرَاحُ رائحةً مصدر
على فاعلة؛ قال: وكذلك سمعته من العرب، ويقولون: سمعتُ راغِيةَ الإِبل
وثاغِيةَ الشاء أَي رُغاءَها وثُغاءَها. والدُّهْنُ المُرَوَّحُ:
المُطَيَّبُ؛ ودُهْن مُطَيَّب مُرَوَّحُ الرائحةِ، ورَوِّحْ دُهْنَكَ بشيء تجعل فيه
طيباً؛ وذَرِيرَةٌ مُرَوَّحة: مُطَيَّبة، كذلك؛ وفي الحديث: أَنه أَمرَ
بالإِثْمِد المُرَوَّحِ عند النوم؛ وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه
وسلم، نَهَى أَن يَكْتَحِلَ المُحْرِمُ بالإِثْمِدِ المُرَوَّح؛ قال أَبو
عبيد: المُرَوَّحُ المُطَيَّبُ بالمسك كأَنه جُعل له رائحةٌ تَفُوحُ بعد
أَن لم تكن له رائحة، وقال: مُرَوَّحٌ، بالواو، لأَن الياءَ في الريح
واو، ومنه قيل: تَرَوَّحْتُ بالمِرْوَحة.
وأَرْوَحَ اللحمُ: تغيرت رائحته، وكذلك الماءُ؛ وقال اللحياني وغيره:
أَخذتْ فيه الريح وتَغَيَّر. وفي حديث قَتَادةَ: سُئِل عن الماء الذي قد
أَروَحَ، أَيُتَوَضَّأُ منه؟ فقال: لا بأْس. يقال: أَرْوَحَ الماءُ وأَراحَ
إِذا تغيرت ريحه؛ وأَراح اللحمُ أَي أَنْتَنَ. وأَرْوَحَنِي الضَّبُّ:
وجد ريحي؛ وكذلك أَرْوَحَني الرجلُ. ويقال: أَراحَني الصيدُ إِذا وجَدَ
رِيحَ الإِنْسِيِّ. وفي التهذيب: أَرْوَحَنِي الصيدُ إِذا وجد ريحَك؛ وفيه:
وأَرْوَحَ الصيدُ واسْتَرْوَحَ واستراح إِذا وجد ريح الإِنسان؛ قال أَبو
زيد: أَرْوَحَنِي الصيجُ والضبُّ إِرْواحاً، وأَنْشاني إِنشاءً إِذا وجد
ريحَك ونَشْوَتَك، وكذلك أَرْوَحْتُ من فلان طِيباً، وأَنْشَيْتُ منه
نَشْوَةً.
والاسْتِرْواحُ: التَّشَمُّمُ.
الأَزهري: قال أَبو زيد سمعت رجلاً من قَيْس وآخر من تميم يقولان:
قَعَدْنا في الظل نلتمس الراحةَ؛ والرَّوِيحةُ والراحة بمعنى واحد. وراحَ
يَرَاحُ رَوْحاً: بَرَدَ وطابَ؛ وقيل: يومٌ رائحٌ وليلة رائحةٌ طيبةُ الريح؛
يقال: رَاحَ يومُنا يَرَاحُ رَوْحاً إِذا طابَت رِيحهُ؛ ويوم رَيِّحٌ؛
قال جرير:
محا طَلَلاً، بين المُنِيفَةِ والنِّقا،
صَباً راحةٌ، أَو ذو حَبِيَّيْنِ رائحُ
وقال الفراء: مكانٌ راحٌ ويومٌ راحٌ؛ يقال: افتح البابَ حتى يَراحَ
البيتُ أَي حتى يدخله الريح؛ وقال:
كأَنَّ عَيْنِي، والفِراقُ مَحْذورْ،
غُصْنٌ من الطَّرْفاءِ، راحٌ مَمْطُورْ
والرَّيْحانُ: كلُّ بَقْل طَيِّب الريح، واحدته رَيْحانة؛ وقال:
بِرَيْحانةٍ من بَطْنِ حَلْيَةَ نَوَّرَتْ،
لها أَرَجٌ، ما حَوْلها، غيرُ مُسْنِتِ
والجمع رَياحين. وقيل: الرَّيْحانُ أَطراف كل بقلة طيبة الريح إِذا خرج
عليها أَوائلُ النَّوْر؛ وفي الحديث: إِذا أُعْطِيَ أَحدُكم الرَّيْحانَ
فلا يَرُدَّه؛ هو كل نبت طيب الريح من أَنواع المَشْمُوم. والرَّيْحانة:
الطَّاقةُ من الرَّيحان؛ الأَزهري: الريحان اسم جامع للرياحين الطيبة
الريح، والطاقةُ الواحدةُ: رَيْحانةٌ. أَبو عبيد: إِذا طال النبتُ قيل: قد
تَرَوَّحتِ البُقُول، فهي مُتَرَوِّحةٌ. والريحانة: اسم للحَنْوَة
كالعَلَمِ. والرَّيْحانُ: الرِّزْقُ، على التشبيه بما تقدم.
وقوله تعالى: فَرَوْحٌ ورَيْحان أَي رحمة ورزق؛ وقال الزجاج: معناه
فاستراحة وبَرْدٌ، هذا تفسير الرَّوْح دون الريحان؛ وقال الأَزهري في موضع
آخر: قوله فروح وريحان، معناه فاستراحة وبرد وريحان ورزق؛ قال: وجائز أَن
يكون رَيحانٌ هنا تحيَّة لأَهل الجنة، قال: وأَجمع النحويون أَن رَيْحاناً
في اللغة من ذوات الواو، والأَصل رَيْوَحانٌ
(* قوله «والأصل ريوحان» في
المصباح، أصله ريوحان، بياء ساكنة ثم واو مفتوحة، ثم قال وقال جماعة: هو
من بنات الياء وهو وزان شيطان، وليس تغيير بدليل جمعه على رياحين مثل
شيطان وشياطين.) فقلبت الواو ياء وأُدغمت فيها الياء الأُولى فصارت
الرَّيَّحان، ثم خفف كما قالوا: مَيِّتٌ ومَيْتٌ، ولا يجوز في الرَّيحان التشديد
إِلاَّ على بُعْدٍ لأَنه قد زيد فيه أَلف ونون فخُفِّف بحذف الياء وأُلزم
التخفيف؛ وقال ابن سيده: أَصل ذلك رَيْوَحان، قلبت الواو ياء لمجاورتها
الياء، ثم أُدغمت ثم خففت على حدّ مَيْتٍ، ولم يستعمل مشدَّداً لمكان
الزيادة كأَنَّ الزيادة عوض من التشديد فَعْلاناً على المعاقبة
(* قوله
«فعلاناً على المعاقبة إلخ» كذا بالأصل وفيه سقط ولعل التقدير وكون أصله
روحاناً لا يصح لان فعلاناً إلخ أَو نحو ذلك.) لا يجيء إِلا بعد استعمال
الأَصل ولم يسمع رَوْحان. التهذيب: وقوله تعالى: فروح وريحان؛ على قراءة من
ضم الراء، تفسيره: فحياة دائمة لا موت معها، ومن قال فَرَوْحٌ فمعناه:
فاستراحة، وأَما قوله: وأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ منه؛ فمعناه برحمة منه، قال:
كذلك قال المفسرون؛ قال: وقد يكون الرَّوْح بمعنى الرحمة؛ قال الله تعالى:
لا تَيْأَسُوا من رَوْح الله أَي من رحمة الله؛ سماها رَوْحاً لأَن
الرَّوْحَ والراحةَ بها؛ قال الأَزهري: وكذلك قوله في عيسى: ورُوحٌ منه أَي
رحمة منه، تعالى ذكره.
والعرب تقول: سبحان الله ورَيْحانَه؛ قال أَهل اللغة: معناه واسترزاقَه،
وهو عند سيبويه من الأَسماء الموضوعة موضع المصادر، تقول: خرجت أَبتغي
رَيْحانَ الله؛ قال النَّمِرُ بنُ تَوْلَب:
سلامُ الإِله ورَيْحانُه،
ورَحْمَتُه وسَماءٌ دِرَرْ
غَمَامٌ يُنَزِّلُ رِزْقَ العبادِ،
فأَحْيا البلادَ، وطابَ الشَّجَرْ
قال: ومعنى قوله وريحانه: ورزقه؛ قال الأَزهري: قاله أَبو عبيدة وغيره؛
قال: وقيل الرَّيْحان ههنا هو الرَّيْحانُ الذي يُشَمّ. قال الجوهري:
سبحان الله ورَيْحانَه نصبوهما على المصدر؛ يريدون تنزيهاً له واسترزاقاً.
وفي الحديث: الولد من رَيْحانِ الله. وفي الحديث: إِنكم لتُبَخِّلُون
(*
قوله «انكم لتبخلون إلخ» معناه أن الولد يوقع أباه في الجبن خوفاً من أن
يقتل، فيضيع ولده بعده، وفي البخل ابقاء على ماله، وفي الجهل شغلاً به عن
طلب العلم. والواو في وانكم للحال، كأنه قال: مع انكم من ريحان الله أي
من رزق الله تعالى. كذا بهامش النهاية.) وتُجَهِّلُون وتُجَبِّنُونَ
وإِنكم لمن رَيْحانِ الله؛ يعني الأَولادَ. والريحان يطلق على الرحمة والرزق
والراحة؛ وبالرزق سمي الولد رَيْحاناً.
وفي الحديث: قال لعليّ، رضي الله عنه: أُوصيك بِرَيْحانَتَيَّ خيراً قبل
أَن يَنهَدَّ رُكناك؛ فلما مات رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: هذا
أَحدُ الركنين، فلما ماتت فاطمة قال: هذا الركن الآخر؛ وأَراد بريحانتيه
الحسن والحسين، رضي الله تعالى عنهما. وقوله تعالى: والحَبُّ ذو
العَصْفِ والرَّيحانُ؛ قيل: هو الوَرَقُ؛ وقال الفراء: ذو الوَرَق والرِّزقُ،
وقال الفرّاء: العَصْفُ ساقُ الزرعِ والرَّيْحانُ ورَقهُ.
وراحَ منك معروفاً وأَرْوَحَ، قال: والرَّواحُ والراحةُ والمُرايَحةُ
والرَّوِيحَةُ والرَّواحة: وِجْدَانُك الفَرْجَة بعد الكُرْبَة.
والرَّوْحُ أَيضاً: السرور والفَرَحُ، واستعاره عليّ، رضي الله عنه،
لليقين فقال: فباشِرُوا رَوْحَ اليقين؛ قال ابن سيده: وعندي أَنه أَراد
الفَرْحة والسرور اللذين يَحْدُثان من اليقين. التهذيب عن الأَصمعي:
الرَّوْحُ الاستراحة من غم القلب؛ وقال أَبو عمرو: الرَّوْحُ الفَرَحُ،
والرَّوْحُ؛ بَرْدُ نسيم الريح. الأَصمعي: يقال فلان يَراحُ للمعروف إِذا أَخذته
أَرْيَحِيَّة وخِفَّة.
والرُّوحُ، بالضم، في كلام العرب: النَّفْخُ، سمي رُوحاً لأَنه رِيحٌ
يخرج من الرُّوحِ؛ ومنه قول ذي الرمة في نار اقْتَدَحَها وأَمر صاحبه
بالنفخ فيها، فقال:
فقلتُ له: ارْفَعْها إِليك، وأَحْيِها
برُوحكَ، واجْعَله لها قِيتَةً قَدْرا
أَي أَحيها بنفخك واجعله لها؛ الهاء للرُّوحِ، لأَنه مذكر في قوله:
واجعله، والهاء التي في لها للنار، لأَنها مؤنثة. الأَزهري عن ابن الأَعرابي
قال: يقال خرج رُوحُه، والرُّوحُ مذكر.
والأَرْيَحِيُّ: الرجل الواسع الخُلُق النشيط إِلى المعروف يَرْتاح لما
طلبت ويَراحُ قَلْبُه سروراً. والأَرْيَحِيُّ: الذي يَرْتاح للنَّدى.
وقال الليث: يقال لكل شيء واسع أَرْيَحُ؛ وأَنشد:
ومَحْمِل أَرْيَح جَحاحِي
قال: وبعضهم يقول ومحمل أَرْوَح، ولو كان كذلك لكان قد ذمَّه لأَن
الرَّوَحَ الانبطاح، وهو عيب في المَحْمِلِ. قال: والأَرْيَحِيُّ مأْخوذ من
راحَ يَرَاحُ، كما يقال للصَّلْتِ المُنْصَلِتِ: أَصْلَتِيٌّ،
وللمُجْتَنِبِ: أَجْنَبِيٌّ، والعرب تحمل كثيراً من النعت على أَفْعَلِيّ فيصر كأَنه
نسبة. قال الأَزهري: وكلام العرب تقول رجل أَجْنَبُ وجانِبٌ وجُنُبٌ، ولا
تكاد تقول أَجْنَبِيٌّ. ورجل أَرْيَحِيٌّ: مُهْتَزٌّ للنَّدى والمعروف
والعطية واسِعُ الخُلُق، والاسم الأَرْيَحِيَّة والتَّرَيُّح؛ عن
اللحياني؛ قال ابن سيده: وعندي أَن التَّرَيُّح مصدر تَريَّحَ، وسنذكره؛ وفي شعر
النابغة الجعدي يمدح ابن الزبير:
حَكَيْتَ لنا الصِّدِّيقَ لمّا وَلِيتَنا،
وعُثمانَ والفارُوقَ، فارْتاحَ مُعْدِمُ
أَي سَمَحَت نفسُ المُعْدِم وسَهُلَ عليه البَذل.
يقال: رِحْتُ المعروف أَراحُ رَيْحاً وارْتَحْتُ أَرْتاحُ ارْتِياحاً
إِذا مِلْتَ إِليه وأَحببته؛ ومنه قولهم: أَرْيَحِيٌّ إِذا كان سخيّاً
يَرْتاحُ للنَّدَى. وراحَ لذلك الأَمر يَراحُ رَواحاً ورُؤُوحاً، وراحاً
وراحةً وأَرْيَحِيَّةً ورِياحةً: أَشْرَق له وفَرِحَ به وأَخَذَتْه له
خِفَّةٌ وأَرْيَحِيَّةٌ؛ قال الشاعر:
إِنَّ البخيلَ إِذا سأَلْتَ بَهَرْتَه،
وتَرَى الكريمَ يَراحُ كالمُخْتالِ
وقد يُستعارُ للكلاب وغيرها؛ أَنشد اللحياني:
خُوصٌ تَراحُ إِلى الصِّياحِ إِذا غَدَتْ
فِعْلَ الضِّراءِ، تَراحُ للكَلاَّبِ
ويقال: أَخذته الأَرْيَحِيَّة إِذا ارتاح للنَّدَى. وراحتْ يَدُه بكذا
أَي خَفَّتْ له. وراحت يده بالسيف أَي خفت إِلى الضرب به؛ قال أُمَيَّةُ
بنُ أَبي عائذ الهذلي يصف صائداً:
تَراحُ يَداه بِمَحْشُورة،
خَواظِي القِداحِ، عِجافِ النِّصال
أَراد بالمحشورة نَبْلاَ، للُطْفِ قَدِّها لأَنه أَسرع لها في الرمي عن
القوس. والخواظي: الغلاظ القصار. وأَراد بقوله عجاف النصال: أَنها
أُرِقَّتْ. الليث: راحَ الإِنسانُ إِلى الشيء يَراحُ إِذا نَشِطَ وسُرَّ به،
وكذلك ارتاحَ؛ وأَنشد:
وزعمتَ أَنَّك لا تَراحُ إِلى النِّسا،
وسَمِعْتَ قِيلَ الكاشِحَ المُتَرَدِّدِ
والرِّياحَة: أَن يَراحَ الإِنسانُ إِلى الشيء فيَسْتَرْوِحَ ويَنْشَطَ
إِليه.والارتياح: النشاط. وارْتاحَ للأَمر: كراحَ؛ ونزلت به بَلِيَّةٌ
فارْتاحَ اللهُ له برَحْمَة فأَنقذه منها؛ قال رؤبة:
فارْتاحَ رَبي، وأَرادَ رَحْمَتي،
ونِعْمَةً أَتَمَّها فتَمَّتِ
أَراد: فارتاح نظر إِليَّ ورحمني. قال الأَزهري: قول رؤبة في فعل الخالق
قاله بأَعرابيته، قال: ونحن نَسْتَوْحِشُ من مثل هذا اللفظ لأَن الله
تعالى إِنما يوصف بما وصف به نفسه، ولولا أَن الله، تعالى ذكره، هدانا
بفضله لتمجيده وحمده بصفاته التي أَنزلها في كتابه، ما كنا لنهتدي لها أَو
نجترئ عليها؛ قال ابن سيده: فأَما الفارسي فجعل هذا البيت من جفاء
الأَعراب، كما قال:
لا هُمَّ إِن كنتَ الذي كعَهْدِي،
ولم تُغَيِّرْكَ السِّنُونَ بَعْدِي
وكما قال سالمُ بنُ دارَةَ:
يا فَقْعَسِيُّ، لِمْ أَكَلْتَه لِمَهْ؟
لو خافَكَ اللهُ عليه حَرَّمَهْ،
فما أَكلتَ لَحْمَه ولا دَمَهْ
والرَّاحُ: الخمرُ، اسم لها. والراحُ: جمع راحة، وهي الكَفُّ. والراح:
الارْتِياحُ؛ قال الجُمَيحُ ابنُ الطَّمَّاح الأَسَدِيُّ:
ولَقِيتُ ما لَقِيَتْ مَعَدٌّ كلُّها،
وفَقَدْتُ راحِي في الشَّبابِ وخالي
والخالُ: الاختيال والخُيَلاءُ، فقوله: وخالي أَي واختيالي.
والراحةُ: ضِدُّ التعب. واسْتراحَ الرجلُ، من الراحة. والرَّواحُ
والراحة مِن الاستراحة. وأَراحَ الرجل والبعير وغيرهما، وقد أَراحَني، ورَوَّح
عني فاسترحت؛ ويقال: ما لفلان في هذا الأَمر من رَواح أَي من راحة؛ وجدت
لذلك الأَمر راحةً أَي خِفَّةً؛ وأَصبح بعيرك مُرِيحاً أَي مُفِيقاً؛
وأَنشد ابن السكيت:
أَراحَ بعد النَّفَسِ المَحْفُوزِ،
إِراحةَ الجِدَايةِ النَّفُوزِ
الليث: الراحة وِجْدانُك رَوْحاً بعد مشقة، تقول: أَرِحْنُ إِراحةً
فأَسْتَريحَ؛ وقال غيره: أَراحهُ إِراحةً وراحةً، فالإِراحةُ المصدرُ،
والراحةُ الاسم، كقولك أَطعته إِطاعة وأَعَرْتُه إِعَارَةً وعارَةً. وفي
الحديث: قال النبي، صلى الله عليه وسلم، لمؤذنه بلال: أَرِحْنا بها أَي أَذّن
للصلاة فتَسْتَريحَ بأَدائها من اشتغال قلوبنا بها؛ قال ابن الأَثير: وقيل
كان اشتغاله بالصلاة راحة له، فإِنه كان يَعُدُّ غيرها من الأَعمال
الدنيوية تعباً، فكان يستريح بالصلاة لما فيها من مناجاة الله تعالى، ولذا
قال: وقُرَّة عيني في الصلاة، قال: وما أَقرب الراحة من قُرَّة العين.
يقال: أَراحَ الرجلُ واسْتراحَ إِذا رجعت إِليه نفسه بعد الإِعياء؛ قال: ومنه
حديث أُمِّ أَيْمَنَ أَنها عَطِشَتْ مُهاجِرَةً في يوم شديد الحرّ
فَدُلِّيَ إِليها دَلْوٌ من السماء فشربت حتى أَراحتْ. وقال اللحياني: أَراحَ
الرجلُ اسْتراحَ ورجعت إِليه نفسه بعد الإِعياء، وكذلك الدابة؛ وأَنشد:
تُرِيحُ بعد النَّفَسِ المَحْفُوزِ
أَي تَسترِيحُ. وأَراحَ: دخل في الرِّيح. وأَراحَ إِذا وجد نسيم الريح.
وأَراحَ إِذا دخل في الرَّواحِ. وأَراحَ إِذا نزل عن بعيره لِيُرِيحه
ويخفف عنه. وأَراحه الله فاستَراحَ، وأَراحَ تنفس؛ وقال امرؤ القيس يصف
فرساً بسَعَةِ المَنْخَرَيْنِ:
لها مَنْخَرٌ كوِجارِ السِّباع،
فمنه تُريحُ إِذا تَنْبَهِرْ
وأَراحَ الرجلُ: ماتَ، كأَنه استراحَ؛ قال العجاج:
أَراحَ بعد الغَمِّ والتَّغَمْغُمِ
(* قوله «والتغمغم» في الصحاح ومثله بهامش الأصل والتغمم.)
وفي حديث الأَسود بن يزيد: إِن الجمل الأَحمر لَيُرِيحُ فيه من الحرّ؛
الإِراحةُ ههنا: الموتُ والهلاك، ويروى بالنون، وقد تقدم.
والتَّرْوِيحةُ في شهر رمضان: سمِّيت بذلك لاستراحة القوم بعد كل أَربع
ركعات؛ وفي الحديث: صلاة التراويح؛ لأَنهم كانوا يستريحون بين كل
تسليمتين. والتراويح: جمع تَرْوِيحة، وهي المرة الواحدة من الراحة، تَفْعِيلة
منها، مثل تسليمة من السَّلام. والراحةُ: العِرْس لأَنها يُسْتراح إِليها.
وراحةُ البيت: ساحتُه.وراحةُ الثوب: طَيُّه. ابن شميل: الراحة من الأَرض:
المستويةُ، فيها ظَهورٌ واسْتواء تنبت كثيراً، جَلَدٌ من الأَرض، وفي
أَماكن منها سُهُولٌ وجَراثيم، وليست من السَّيْل في شيء ولا الوادي،
وجمعها الرَّاحُ، كثيرة النبت.
أَبو عبيد: يقال أَتانا فلان وما في وجهه رائحةُ دَمٍ من الفَرَقِ، وما
في وجهه رائحةُ دَمٍ أَي شيء. والمطر يَسْتَرْوِحُ الشجرَ أَي يُحْييه؛
قال:
يَسْتَرْوِحُ العِلمُ مَنْ أَمْسَى له بَصَرٌ
وكان حَيّاً كما يَسْتَرْوِحُ المَطَرُ
والرَّوْحُ: الرحمة؛ وفي الحديث عن أَبي هريرة قال: سمعت رسول الله، صلى
الله عليه وسلم، يقول: الريحُ من رَوْحِ الله تأْتي بالرحمة وتأْتي
بالعذاب، فإِذا رأَيتموها فلا تَسُبُّوها واسأَلوا من خيرها، واستعذوا بالله
من شرِّها؛ وقوله: من روح الله أَي من رحمة الله، وهي رحمة لقوم وإِن كان
فيها عذاب لآخرين. وفي التنزيل: ولا تَيْأَسُوا من رَوْحِ الله؛ أَي من
رحمة الله، والجمع أَرواحٌ.
والرُّوحُ: النَّفْسُ، يذكر ويؤنث، والجمع الأَرواح. التهذيب: قال أَبو
بكر بنُ الأَنْباريِّ: الرُّوحُ والنَّفْسُ واحد، غير أَن الروح مذكر
والنفس مؤنثة عند العرب. وفي التنزيل: ويسأَلونك عن الرُّوح قل الروح من
أَمر ربي؛ وتأْويلُ الروح أَنه ما به حياةُ النفْس. وروى الأَزهري بسنده عن
ابن عباس في قوله: ويسأَلونك عن الروح؛ قال: إِن الرُّوح قد نزل في
القرآن بمنازل، ولكن قولوا كما قال الله، عز وجل: قل الروح من أَمر ربي وما
أُوتيتم من العلم إِلا قليلاً. وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَن
اليهود سأَلوه عن الروح فأَنزل الله تعالى هذه الآية. وروي عن الفراء أَنه
قال في قوله: قل الروح من أَمر ربي؛ قال: من عِلم ربي أَي أَنكم لا
تعلمونه؛ قال الفراء: والرُّوح هو الذي يعيش به الإِنسان، لم يخبر الله تعالى
به أَحداً من خلقه ولم يُعْطِ عِلْمَه العباد. قال: وقوله عز وجل:
ونَفَخْتُ فيه من رُوحي؛ فهذا الذي نَفَخَه في آدم وفينا لم يُعْطِ علمه أَحداً
من عباده؛ قال: وسمعت أَبا الهيثم يقول: الرُّوحُ إِنما هو النَّفَسُ
الذي يتنفسه الإِنسان، وهو جارٍ في جميع الجسد، فإِذا خرج لم يتنفس بعد
خروجه، فإِذا تَتامَّ خروجُه بقي بصره شاخصاً نحوه، حتى يُغَمَّضَ، وهو
بالفارسية «جان» قال: وقول الله عز وجل في قصة مريم، عليها السلام: فأَرسلنا
إِليها روحَنا فتمثل لها بَشَراً سَوِيّاً؛ قال: أَضافِ الروحَ المُرْسَلَ
إِلى مريم إِلى نَفْسه كما تقول: أَرضُ الله وسماؤه، قال: وهكذا قوله
تعالى للملائكة: فإِذا سوَّيته ونَفَخْتُ فيه من روحي؛ ومثله: وكَلِمَتُه
أَلقاها إِلى مريم ورُوحٌ منه؛ والرُّوحُ في هذا كله خَلْق من خَلْق الله
لم يعط علمه أَحداً؛ وقوله تعالى: يُلْقِي الرُّوحَ من أَمره على من يشاء
من عباده؛ قال الزجاج: جاء في التفسير أَن الرُّوح الوَحْيُ أَو أَمْرُ
النبوّة؛ ويُسَمَّى القرآنُ روحاً. ابن الأَعرابي: الرُّوحُ الفَرَحُ.
والرُّوحُ: القرآن. والرُّوح: الأَمرُ. والرُّوح: النَّفْسُ. قال أَبو
العباس
(* قوله «قال أبو العباس» هكذا في الأصل.): وقوله عز وجل: يُلْقي
الرُّوحَ من أَمره على من يشاء من عباده ويُنَزِّلُ الملائكةَ بالرُّوحِ من
أَمره؛ قال أَبو العباس: هذا كله معناه الوَحْيُ، سمِّي رُوحاً لأَنه حياة
من موت الكفر، فصار بحياته للناس كالرُّوح الذي يحيا به جسدُ الإِنسان؛
قال ابن الأَثير: وقد تكرر ذكر الرُّوح في الحديث كما تكرَّر في القرآن
ووردت فيه على معان، والغالب منها أَن المراد بالرُّوح الذي يقوم به
الجسدُ وتكون به الحياة، وقد أُطلق على القرآن والوحي والرحمة، وعلى جبريل في
قوله: الرُّوحُ الأَمين؛ قال: ورُوحُ القُدُس يذكَّر ويؤنث. وفي الحديث:
تَحابُّوا بذكر الله ورُوحِه؛ أَراد ما يحيا به الخلق ويهتدون فيكون حياة
لكم، وقيل: أَراد أَمر النبوَّة، وقيل: هو القرآن. وقوله تعالى: يوم
يَقُومُ الرُّوحُ والملائكةُ صَفّاً؛ قال الزجاج: الرُّوحُ خَلْقٌ كالإِنْسِ
وليس هو بالإِنس، وقال ابن عباس: هو ملَك في السماء السابعة، وجهه على
صورة الإنسان وجسده على صورة الملائكة؛ وجاء في التفسير: أَن الرُّوحَ
ههنا جبريل؛ ورُوحُ الله: حكمُه وأَمره. والرُّوحُ: جبريل عليه السلام. وروى
الأَزهري عن أَبي العباس أَحمد بن يحيى أَنه قال في قول الله تعالى:
وكذلك أَوحينا إِليك رُوحاً من أَمرنا؛ قال: هو ما نزل به جبريل من الدِّين
فصار تحيا به الناس أَي يعيش به الناس؛ قال: وكلُّ ما كان في القرآن
فَعَلْنا، فهو أَمره بأَعوانه، أَمر جبريل وميكائيل وملائكته، وما كان
فَعَلْتُ، فهو ما تَفَرَّد به؛ وأَما قوله: وأَيَّدْناه برُوح القُدُس، فهو
جبريل، عليه السلام. والرُّوحُ: عيسى، عليه السلام. والرُّوحُ: حَفَظَةٌ على
الملائكة الحفظةِ على بني آدم، ويروى أَن وجوههم مثل وجوه الإِنس.
وقوله: تَنَزَّلُ الملائكةُ والرُّوحُ؛ يعني أُولئك.
والرُّوحانيُّ من الخَلْقِ: نحوُ الملائكة ممن خَلَقَ اللهُ رُوحاً بغير
جسد، وهو من نادر معدول النسب. قال سيبويه: حكى أَبو عبيدة أَن العرب
تقوله لكل شيء كان فيه رُوحٌ من الناس والدواب والجن؛ وزعم أَبو الخطاب
أَنه سمع من العرب من يقول في النسبة إِلى الملائكة والجن رُوحانيٌّ، بضم
الراء، والجمع روحانِيُّون. التهذيب: وأَما الرُّوحاني من الخلق فإِنَّ
أَبا داود المَصاحِفِيَّ روى عن النَّضْر في كتاب الحروف المُفَسَّرةِ من
غريب الحديث أَنه قال: حدثنا عَوْفٌ الأَعرابي عن وَرْدانَ بن خالد قال:
بلغني أَن الملائكة منهم رُوحانِيُّون، ومنه مَن خُلِقَ من النور، قال: ومن
الرُّوحانيين جبريل وميكائيل وإِسرافيل، عليهم السلام؛ قال ابن شميل:
والرُّوحانيون أَرواح ليست لها أَجسام، هكذا يقال؛ قال: ولا يقال لشيء من
الخلق رُوحانيٌّ إِلا للأَرواح التي لا أَجساد لها مثل الملائكة والجن وما
أَشبههما، وأَما ذوات الأَجسام فلا يقال لهم رُوحانيون؛ قال الأَزهري:
وهذا القول في الرُّوحانيين هو الصحيح المعتمد لا ما قاله ابن المُظَفَّر
ان الرُّوحانيّ الذي نفخ فيه الرُّوح. وفي الحديث: الملائكة
الرُّوحانِيُّونَ، يروى بضم الراء وفتحها، كَأَنه نسب إِلى الرُّوح أَو الرَّوْح، وهو
نسيم الريح، والَلف والنون من زيادات النسب، ويريد به أَنهم أَجسام
لطيفة لا يدركها البصر.
وفي حديث ضِمامٍ: إِني أُعالج من هذه الأَرواح؛ الأَرواح ههنا: كناية عن
الجن سمُّوا أَرواحاً لكونهم لا يُرَوْنَ، فهم بمنزلة الأَرواح. ومكان
رَوْحانيٌّ، بالفتح، أَي طَيِّب. التهذيب: قال شَمرٌ: والرِّيحُ عندهم
قريبة من الرُّوح كما قالوا: تِيهٌ وتُوهٌ؛ قال أَبو الدُّقَيْش: عَمَدَ
مِنَّا رجل إِلى قِرْبَةٍ فملأَها من رُوحِه أَي من رِيحِه ونَفَسِه.
والرَّواحُ: نقيضُ الصَّباح، وهو اسم للوقت، وقيل: الرَّواحُ العَشِيُّ،
وقيل: الرَّواحُ من لَدُن زوال الشمس إِلى الليل. يقال: راحوا يفعلون
كذا وكذا ورُحْنا رَواحاً؛ يعني السَّيْرَ بالعَشِيِّ؛ وسار القوم رَواحاً
وراحَ القومُ، كذلك. وتَرَوَّحْنا: سِرْنا في ذلك الوقت أَو عَمِلْنا؛
وأَنشد ثعلب:
وأَنتَ الذي خَبَّرْتَ أَنك راحلٌ،
غَداةً غَدٍ، أَو رائحُ بهَجِيرِ
والرواح: قد يكون مصدر قولك راحَ يَرُوحُ رَواحاً، وهو نقيض قولك غدا
يَغْدُو غُدُوًّا. وتقول: خرجوا بِرَواحٍ من العَشِيِّ ورِياحٍ، بمعنًى.
ورجل رائحٌ من قوم رَوَحٍ اسم للجمع، ورَؤُوحٌ مِن قوم رُوحٍ، وكذلك
الطير.وطير رَوَحٌ: متفرقة؛ قال الأَعشى:
ماتَعِيفُ اليومَ في الطيرِ الرَّوَحْ،
من غُرابِ البَيْنِ، أَو تَيْسٍ سَنَحْ
ويروى: الرُّوُحُ؛ وقيل: الرَّوَحُ في هذا البيت: المتفرّقة، وليس بقوي،
إِنما هي الرائحة إِلى مواضعها، فجمع الرائح على رَوَحٍ مثل خادم
وخَدَمٍ؛ التهذيب: في هذا البيت قيل: أَراد الرَّوَحةَ مثل الكَفَرَة
والفَجَرة، فطرح الهاء. قال: والرَّوَحُ في هذا البيت المتفرّقة.
ورجل رَوَّاحٌ بالعشي، عن اللحياني: كَرَؤُوح، والجمع رَوَّاحُون، ولا
يُكَسَّر.
وخرجوا بِرِياحٍ من العشيّ، بكسر الراءِ، ورَواحٍ وأَرْواح أَي بأَول.
وعَشِيَّةٌ: راحةٌ؛ وقوله:
ولقد رأَيتك بالقَوادِمِ نَظْرَةً،
وعليَّ، من سَدَفِ العَشِيِّ، رِياحُ
بكسر الراء، فسره ثعلب فقال: معناه وقت.
وقالوا: قومُك رائحٌ؛ عن اللحياني حكاه عن الكسائي قال: ولا يكون ذلك
إِلاَّ في المعرفة؛ يعني أَنه لا يقال قوم رائحٌ.
وراحَ فلانٌ يَرُوحُ رَواحاً: من ذهابه أَو سيره بالعشيّ. قال الأَزهري:
وسمعت العرب تستعمل الرَّواحَ في السير كلَّ وقت، تقول: راحَ القومُ
إِذا ساروا وغَدَوْا، ويقول أَحدهم لصاحبه: تَرَوَّحْ، ويخاطب أَصحابه
فيقول: تَرَوَّحُوا أَي سيروا، ويقول: أَلا تُرَوِّحُونَ؟ ونحو ذلك ما جاء في
الأَخبار الصحيحة الثابتة، وهو بمعنى المُضِيِّ إِلى الجمعة والخِفَّةِ
إِليها، لا بمعنى الرَّواح بالعشي. في الحديث: مَنْ راحَ إِلى الجمعة في
الساعة الأُولى أَي من مشى إِليها وذهب إِلى الصلاة ولم يُرِدْ رَواحَ آخر
النهار. ويقال: راحَ القومُ وتَرَوَّحُوا إِذا ساروا أَيَّ وقت كان.
وقيل: أَصل الرَّواح أَن يكون بعد الزوال، فلا تكون الساعات التي عدَّدها في
الحديث إِلاَّ في ساعة واحدة من يوم الجمعة، وهي بعد الزوال كقولك: قعدت
عندك ساعة إِنما تريد جزءاً من الزمن، وإِن لم يكن ساعة حقيقة التي هي
جزء من أَربعة وعشرين جزءاً مجموع الليل والنهار،وإِذا قالت العرب: راحت
الإِبل تَرُوحُ وتَراحُ رائحةً، فَرواحُها ههنا أَن تأْوِيَ بعد غروب
الشمس إِلى مُراحِها الذي تبيت فيه. ابن سيده: والإِراحةُ رَدُّ الإِبل
والغنم من العَشِيِّ إِلى مُرَاحها حيث تأْوي إِليه ليلاً، وقد أَراحها راعيها
يُرِيحُها. وفي لغة: هَراحَها يُهْرِيحُها. وفي حديث عثمان، رضي الله
عنه: رَوَّحْتُها بالعشيّ أَي رَدَدْتُها إِلى المُراحِ. وسَرَحَتِ الماشية
بالغداة وراحتْ بالعَشِيِّ أَي رجعت. وتقول: افعل ذلك في سَراحٍ ورَواحٍ
أَي في يُسرٍ بسهولة؛ والمُراحُ: مأْواها ذلك الأَوانَ، وقد غلب على
موضع الإِبل.
والمُراحُ، بالضم: حيث تأْوي إِليه الإِبل والغنم بالليل.
وقولهم: ماله سارِحةٌ ولا رائحةٌ أَي شيء؛ راحتِ الإِبلُ وأَرَحْتُها
أَنا إِذا رددتُها إِلى المُراحِ؛ وقي حديث سَرِقَة الغنم: ليس فيه قَطْعٌ
حتى يُؤْوِيَهُ المُراح؛ المُراحُ، بالضم: الموضع الذي تَرُوحُ إِليه
الماشية أَي تأْوي إِليه ليلاً، وأَما بالفتح، فهو الموضع الذي يروح إِليه
القوم أَو يَروحُونَ منه، كالمَغْدَى الموضع الذي يُغْدَى منه.
وفي حديث أُمِّ زَرْعٍ: وأَراحَ عَلَيَّ نَعَماً ثَرِيّاً أَي أَعطاني،
لأَنها كانت هي مُراحاً لِنَعَمِه، وفي حديثها أَيضاً: وأَعطاني من كل
رائحة زَوْجاً أَي مما يَرُوحُ عليه من أَصناف المال أَعطاني نصيباً
وصِنْفاً، ويروى: ذابِحةٍ، بالذال المعجمة والباء، وقد تقدم. وفي حديث أَبي
طلحة: ذاك مالٌ رائحٌ أَي يَرُوحُ عليك نَفْعُه وثوابُه يعني قُرْبَ وُصوله
إِليه، ويروى بالباء وقد تقدم.
والمَراحُ، بالفتح: الموضع الذي يَرُوحُ منه القوم أَو يَرُوحُون إِليه
كالمَغْدَى من الغَداةِ؛ تقول: ما ترك فلانٌ من أَبيه مَغدًى ولا مَراحاً
إِذا أَشبهه في أَحوالِه كلها.
والتَّرْوِيحُ: كالإِراحةِ؛ وقال اللحياني: أَراحَ الرجل إِراحةً
وإِراحاً إِذا راحت عليه إِبلُه وغنمه وماله ولا يكون ذلك إِلاّ بعد الزوال؛
وقول أَبي ذؤيب:
كأَنَّ مَصاعِيبَ، زُبَّ الرُّؤُو
سِ، في دارِ صِرْمٍ، تُلاقس مُرِيحا
يمكن أَن يكون أَراحتْ لغة في راحت، ويكون فاعلاً في معنى مفعول، ويروى:
تُلاقي مُرِيحاً أَي الرجلَ الذي يُرِيحُها. وأَرَحْتُ على الرجل حَقَّه
إِذا رددته عليه؛ وقال الشاعر:
أَلا تُرِيحي علينا الحقَّ طائعةً،
دونَ القُضاةِ، فقاضِينا إِلى حَكَمِ
وأَرِحْ عليه حَقَّه أَي رُدَّه. وفي حديث الزبير: لولا حُدُودٌ
فُرِضَتْ وفرائضُ حُدَّتْ تُراحُ على أَهلها أَي تُرَدُّ إِليهم وأَهلُها هم
الأَئمة، ويجوز بالعكس وهو أَن الأَئمة يردُّونها إِلى أَهلها من الرعية؛
ومنه حديث عائشة: حتى أَراحَ الحقَّ على أَهله.
ورُحْتُ القومَ رَوْحاً ورَواحاً ورُحْتُ إِليهم: ذهبت إِليهم رَواحاً
أَو رُحْتُ عندهم. وراحَ أَهلَه ورَوَّحَهم وتَرَوَّحَهم: جاءهم
رَواحاً.وفي الحديث: على رَوْحةٍ من المدينة أَي مقدار رَوْحةٍ، وهي المرَّة من
الرَّواح.
والرَّوائح: أَمطار العَشِيّ، واحدتُها رائحة، هذه عن اللحياني. وقال
مرة: أَصابتنا رائحةٌ أَي سَماء.
ويقال: هما يَتَراوحان عَمَلاً أَي يتعاقبانه، ويَرْتَوِحان مثلُه؛
ويقال: هذا الأَمر بيننا رَوَحٌ ورَِوِحٌ وعِوَرٌ إِذا تَراوَحُوه
وتَعاوَرُوه. والمُراوَحَةُ: عَمَلانِ في عَمَل، يعمل ذا مرة وذا مرة؛ قال
لبيد:ووَلَّى عامِداً لَطَياتِ فَلْجٍ،
يُراوِحُ بينَ صَوْنٍ وابْتِذالِ
يعني يَبْتَذِل عَدْوَه مرة ويصون أُخرى أَي يكُفُّ بعد اجتهاد.
والرَّوَّاحةُ: القطيعُ
(* قوله «والرواحة القطيع إلخ» كذا بالأصل بهذا
الضبط.) من الغنم.
ورَواحَ الرجلُ بين جنبيه إِذا تقلب من جَنْب إِلى جَنْب؛ أَنشد يعقوب:
إِذا اجْلَخَدَّ لم يَكَدْ يُراوِحُ،
هِلْباجةٌ حَفَيْسَأٌ دُحادِحُ
وراوَحَ بين رجليه إِذا قام على إِحداهما مرَّة وعلى الأَخرى مرة. وفي
الحديث: أَنه كان يُراوِحُ بين قدميه من طول القيام أَي يعتمد على
إِحداهما مرة وعلى الأُخرى مرة ليُوصِلَ الراحةَ إِلى كلٍّ منهما؛ ومنه حديث ابن
مسعود: أَنه أَبْصَرَ رجلاً صافًّا قدميه، فقال: لو راوَحَ كان أَفضلَ؛
ومنه حديث بكر بن عبد الله: كان ثابتٌ يُراوِحُ بين جَبْهَتِه وقَدَمَيه
أَي قائماً وساجداً، يعني في الصلاة؛ ويقال: إِن يديه لتَتراوَحانِ
بالمعروف؛ وفي التهذيب: لتَتَراحانِ بالمعروف.
وناقة مُراوِحٌ: تَبْرُكُ من وراء الإِبل؛ الأَزهري: ويقال للناقة التي
تبركُ وراءَ الإِبلِ: مُراوِحٌ ومُكانِفٌ، قال: كذلك فسره ابن الأَعرابي
في النوادر.
والرَّيِّحةُ من العضاه والنَّصِيِّ والعِمْقَى والعَلْقى والخِلْبِ
والرُّخامَى: أَن يَظْهَر النبتُ في أُصوله التي بقيت من عامِ أَوَّلَ؛
وقيل: هو ما نبت إِذا مسَّه البَرْدُ من غير مطر، وحكى كراع فيه الرِّيحة على
مثال فِعْلَة، ولم يَلْحك مَنْ سِواه إِلاَّ رَيِّحة على مِثال فَيِّحة.
التهذيب: الرَّيِّحة نبات يَخْضَرُّ بعدما يَبِسَ ورَقُه وأَعالي
أَغصانه.
وتَرَوَّحَ الشجرُ وراحَ يَراحُ: تَفَطَّرَ بالوَرَقِ قبل الشتاء من غير
مطر، وقال الأَصمعي: وذلك حين يَبْرُدُ الليل فيتفطر بالورق من غير مطر؛
وقيل: تَرَوَّحَ الشجر إِذا تَفَطَّرَ بوَرَقٍ بعد إِدبار الصيف؛ قال
الراعي:
وخالَفَ المجدَ أَقوامٌ، لهم وَرَقٌ
راحَ العِضاهُ به، والعِرْقُ مَدْخولُ
وروى الأَصمعي:
وخادَعَ المجدُ أَقواماً لهم وَرِقٌ
أَي مال. وخادَعَ: تَرَكَ، قال: ورواه أَبو عمرو: وخادَعَ الحمدَ أَقوام
أَي تركوا الحمد أَي ليسوا من أَهله، قال: وهذه هي الرواية الصحيحة. قال
الأَزهري: والرَّيِّحة التي ذكرها الليث هي هذه الشجرة التي تَتَرَوَّحُ
وتَراحُ إِذا بَرَدَ عليها الليلُ فتتفطرُ بالورق من غير مطر، قال: سمعت
العرب تسمِّيها الرَّيِّحة. وتَرَوُّحُ الشجر: تَفَطُّره وخُروجُ ورقه
إِذا أَوْرَق النبتُ في استقبال الشتاء، قال: وراحَ الشجر يَراحُ إِذا
تفطر بالنبات. وتَرَوَّحَ النبتُ والشجر: طال. وتَرَوَّحَ الماءُ إِذا أَخذ
رِيحَ غيره لقربه منه.وتَرَوَّحَ بالمِرْوَحةِ وتَرَوَّحَ أَي راحَ من
الرَّواحِ. والرَّوَحُ، بالتحريك: السَّعَةُ؛ قال المتنخل الهُذَليّ:
لكنْ كبيرُ بنُ هِنْدٍ، يومَ ذَلِكُمُ،
فُتْحُ الشَّمائل، في أَيْمانِهِم رَوَحْ
وكبير بن هند: حيٌّ من هذيل. والفتخ: جمع أَفْتَخَ، وهو اللَّيِّنُ
مَفْصِلِ اليدِ؛ يريد أَن شمائلهم تَنْفَتِخُ لشدَّة النَّزْعِ، وكذلك قوله:
في أَيمانهم رَوَح؛ وهو السَّعَة لشدَّة ضربها بالسيف، وبعده:
تَعْلُو السُّيوفُ بأَيْدِيهِم جَماجِمَهُم،
كما يُفَلَّقُ مَرْوُ الأَمْعَز الصَّرَحُ
والرَّوَحُ: اتساعُ ما بين الفخذين أَو سَعَةٌ في الرجلين، وهو دون
الفَحَج، إِلاَّ أَن الأَرْوح تتباعَدُ صدورُ قدميه وتَتَدانى عَقِباه.
وكل نعامة رَوْحاء؛ قال أَبو ذؤيب:
وزَفَّتِ الشَّوْلُ من بَرْدِ العَشِيِّ، كما
زَفَّ النَّعامُ إِلى حَفَّانِه الرُّوحِ
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَنه كان أَرْوَحَ كأَنه راكبٌ والناس
يمشونَ؛ الأَروَحُ: الذي تتدانى عَقِباه ويتباعد صدرا قدميه؛ ومنه الحديث:
لكأَنِّي أَنْظُرُ إِلى كِنانةَ بن عبدِ يالِيلَ قد أَقبلَ يضرِبُ دِرْعُه
رَوْحَتَيْ رجليه.
والرَّوَحُ: انقلابُ القَدَمِ على وَحْشِيِّها؛ وقيل: هو انبساط في صدر
القدم.
ورجل أَرْوَحٌ، وقد رَوِحَتْ قَدَمُه رَوَحاً، وهي رَوْحاءُ. ابن
الأَعرابي: في رجله رَوَحٌ ثم فَدَحٌ ثم عَقَلٌ، وهو أَشدّها؛ قال الليث:
الأَرْوَحُ الذي في صدر قدميه انبساط، يقولون: رَوِحَ الرجلُ يَرْوَحُ
رَوَحاً. وقصعة رَوْحاءُ: قريبة القَعْر، وإِناءٌ أَرْوَحُ. وفي الحديث: أَنه
أُتيَ بقدحٍ أَرْوَحَ أَي مُتَّسع مبطوح.
واسْتراحَ إِليه أَي اسْتَنامَ، وفي الصحاح: واسْتَرْوَحَ إِليه أَي
استنام. والمُسْتَراحُ: المَخْرَجُ. والرَّيْحانُ: نبت معروف؛ وقول
العجاج:عالَيْتُ أَنْساعِي وجَلْبَ الكُورِ،
على سَراةِ رائحٍ مَمْطُورِ
يريد بالرائِح: الثورَ الوحشي، وهو إِذا مُطِرَ اشتدَّ عَدْوُه.
وذو الراحة: سيف كان للمختار بن أَبي عُبَيْد. وقال ابن الأَعرابي قي
قوله دَلَكَتْ بِراحِ، قال: معناه استُريح منها؛ وقال في قوله:
مُعاوِيَ، من ذا تَجْعَلُونَ مَكانَنا،
إِذا دَلَكَتْ شمسُ النهارِ بِراحِ
يقول: إِذا أَظلم النهار واسْتُريحَ من حرّها، يعني الشمس، لما غشيها من
غَبَرة الحرب فكأَنها غاربة؛ كقوله:
تَبْدُو كَواكِبُه، والشمسُ طالعةٌ،
لا النُّورُ نُورٌ، ولا الإِظْلامُ إِظْلامُ
وقيل: دَلَكَتْ براح أَي غَرَبَتْ، والناظرُ إِليها قد تَوَقَّى
شُعاعَها براحته.
وبنو رَواحةَ: بطنٌ.
ورِياحٌ: حَيٌّ من يَرْبُوعٍ. ورَوْحانُ: موضع. وقد سَمَّتْ رَوْحاً
ورَواحاً. والرَّوْحاءُ: موضع، والنسب إِليه رَوْحانيٌّ، على غير قياس:
الجوهري: ورَوْحاء، ممدود، بلد.
شرب: الشَّرْبُ: مصدر شَرِبْتُ أَشْرَبُ شَرْباً وشُرْباً. ابن سيده: شَرِبَ الماءَ وغيره شَرْباً وشُرْباً وشِرْباً؛ ومنه قوله تعالى: فشارِبون عليه من الـحَميمِ فشارِبون شُرْبَ الـهِـيمِ؛ بالوجوه الثلاثة. قال سعيد بن يحيـى الأُموي: سمعت أَبا جريج يقرأُ: فشارِبون شَرْبَ الـهِـيمِ؛ فذكرت ذلك لجعفر بن محمد، فقال: وليست كذلك، إِنما هي: شُرْب الـهِـيمِ؛ قال الفراء: وسائر القراء يرفعون الشين. وفي حديث أَيـّامِ التَّشْريق: إِنها أَيامُ أَكل وشُربٍ؛ يُروى بالضم والفتح، وهما بمعنى؛ والفتح أَقل اللغتين، وبها قرأَ أَبو عمرو: شَرْب الـهِـيمِ؛ يريد أَنها أَيام لا يجوز صَومُها، وقال أَبو عبيدة: الشَّرْبُ، بالفتح، مصدر، وبالخفض والرفع، اسمان من شَرِبْتُ. والتَّشْرابُ: الشُّرْبُ؛ فأَما قول أَبي ذؤيب:
شَرِبنَ بماءِ البحرِ، ثم تَرَفَّعَتْ، * مَتى حَبَشِـيَّاتٍ، لَـهُنَّ نئِـيجُ(1)
(1 قوله «متى حبشيات» هو كذلك في غير نسخة من المحكم.)
فإِنه وصفَ سَحاباً شَرِبنَ ماء البحر، ثم تَصَعَّدْنَ، فأَمْطَرْن
ورَوَّيْنَ؛ والباء في قوله بماء البحر زائدة، إِنما هو شَرِبنَ ماء البحر؛ قال ابن جني: هذا هو الظاهر من الحالِ، والعُدُولُ عنه تَعَسُّفٌ؛ قال: وقال بعضهم شَرِبنَ مِن ماء البحر، فأَوْقَع الباء مَوْقِـعَ من؛ قال: وعندي أَنه لما كان شَرِبنَ في معنى رَوِينَ، وكان رَوِينَ مما يتعدَّى بالباءِ، عَدَّى شَرِبنَ بالباءِ، ومثله كثير؛ منه ما مَضَى، ومنه ما
سيأْتي، فلا تَسْتَوْحِش منه.
والاسم: الشِّرْبةُ، عن اللحياني؛ وقيل: الشَّرْبُ المصدر، والشِّرْبُ
الاسم. والشِّرْبُ: الماء، والجمع أَشرابٌ.
والشَّرْبةُ من الماءِ: ما يُشْرَبُ مَرَّةً. والشَّرْبةُ أَيضاً: المرةُ الواحدة من الشُّرْبِ.
والشِّرْبُ: الـحَظُّ من الماءِ، بالكسر. وفي المثل: آخِرُها أَقَلُّها
شِرْباً؛ وأَصلُهُ في سَقْيِ الإِبل، لأَنَّ آخِرَها يرد، وقد نُزِفَ
الحوْضُ؛ وقيل: الشِّرْبُ هو وقتُ الشُّرْبِ. قال أَبو زيد: الشِّرْبُ
الـمَوْرِد، وجمعه أَشْرابٌ. قال: والـمَشْرَبُ الماء نَفسُه.
والشَّرابُ: ما شُرِب من أَيِّ نوْعٍ كان، وعلى أَيّ حال كان. وقال أَبو حنيفة: الشَّرابُ، والشَّرُوبُ، والشَّرِيبُ واحد، يَرْفَع ذلك إِلى أَبي زيد.
ورَجلٌ شارِبٌ، وشَرُوبٌ وشَرّابٌ وشِرِّيبٌ: مُولَع بالشَّرابِ،
كخِمِّيرٍ. التهذيب: الشَّرِيبُ الـمُولَع بالشَّراب؛ والشَّرَّابُ: الكثيرُ
الشُّرْبِ؛ ورجل شَروبٌ: شديدُ الشُّرْب. وفي الحديث: مَن شَرِبَ الخَمْرَ في الدنيا، لم يَشْرَبها في الآخرة؛ قال ابن الأَثير: هذا من باب التَّعْلِـيقِ في البيان؛ أَراد: أَنه لم يَدْخُلِ الجنَّةَ، لأَنَّ الجنةَ شرابُ أَهلِها الخمْرُ، فإِذا لم يَشْرَبْها في الآخرة، لم يَكن قد دَخَلَ
الجنةَ.والشَّرْبُ والشُّرُوبُ: القَوم يَشْرَبُون، ويجْتَمعون على الشَّراب؛ قال ابن سيده: فأَما الشَّرْبُ، فاسم لجمع شارِب، كرَكْبٍ ورَجْلٍ؛ وقيل: هو جمع. وأَما الشُّروب، عندي، فجمع شاربٍ، كشاهدٍ وشُهودٍ، وجعله ابن الأَعرابي جمع شَرْبٍ؛ قال: وهو خطأٌ؛ قال: وهذا مـمَّا يَضِـيقُ عنه عِلْمُه لجهله بالنحو؛ قال الأَعشى:
هو الواهِبُ الـمُسْمِعاتِ الشُّرُو * بَ، بَين الـحَريرِ وبَينَ الكَتَنْ
وقوله أَنشده ثعلب:
يَحْسَبُ أَطْمَاري عَليَّ جُلُبا، * مِثلَ الـمَنادِيلِ، تُعاطَى الأَشرُبا(1)
(1 قوله «جلبا» كذا ضبط بضمتين في نسخة من المحكم.)
يكون جمع شَرْبٍ، كقول الأَعشى:
لها أَرَجٌ، في البَيْتِ، عالٍ، كأَنما * أَلمَّ بهِ، مِن تَجْرِ دارِينَ، أَرْكُبُ
فأَرْكُبٌ: جمع رَكْبٍ، ويكون جمع شَارِبٍ وراكِبٍ، وكلاهما نادر، لأَنَّ سيبويه لم يذكر أَن فاعلاً قد يُكَسَّر على أَفْعُلٍ.
وفي حديث علي وحمزة، رضي اللّه عنهما: وهو في هذا البيت في شَرْبٍ من الأَنصار؛ الشَّرْبُ، بفتح الشين وسكون الراء: الجماعة يَشْرَبُونَ الخمْر.التهذيب، ابن السكيت: الشِّرْبُ: الماءُ بعَينهِ يُشْرَبُ. والشِّرْبُ: النَّصِـيبُ من الماء.
والشَّرِيبةُ من الغنم: التي تُصْدِرُها إِذا رَوِيَتْ، فتَتْبَعُها الغَنمُ، هذه في الصحاح؛ وفي بعض النسخ حاشيةٌ: الصواب السَّريبةُ، بالسين المهملة. وشارَبَ الرَّجُلَ مُشارَبَةً وشِراباً. شَرِبَ معه، وهو شَرِيبـي؛ قال:
رُبَّ شَرِيبٍ لكَ ذِي حُساسِ، * شِرابُه كالـحَزِّ بالـمَواسي
والشَّرِيبُ: صاحِـبُكَ الذي يُشارِبُكَ، ويُورِدُ إِبلَه معَكَ، وهو
شَرِيبُك؛ قال الراجز:
إِذا الشَّرِيبُ أَخَذَتْه أَكَّهْ، فخلِّه، حتى يَبُكَّ بَكَّهْ
وبه فسر ابن الأَعرابي قوله:
رُبَّ شَرِيب لك ذي حُساس
قال: الشَّرِيبُ هنا الذي يُسْقَى مَعَك. والـحُساسُ: الشُّؤْم والقَتْلُ؛ يقول: انتِظارُك إِيَّاه على الحوضِ، قَتْلٌ لك ولإِبلِك. قال: وأَما
نحن ففَسَّرْنا الـحُساسَ هنا، بأَنه الأَذَى والسَّوْرةُ في الشَّراب،
وهو شَرِيبٌ، فَعِـيلٌ بمعنى مُفاعِل، مثل نَديم وأَكِـيل.
وأَشْرَبَ الإِبِلَ فَشرِبَتْ، وأَشْرَبَ الإِبل حتى شَرِبَتْ، وأَشْرَبْنَا نحن: رَوِيَتْ إِبلُنا، وأَشْرَبْنا: عَطِشْنا، أَو عَطِشَت إِبلُنا؛ وقوله:
اسْقِنِـي، فإِنَّـنِـي مُشْرِب
رواه ابن الأَعرابي، وفسره بأَنَّ معناه عطشان، يعني نفسه، أَو إِبله.
قال ويروى: فإِنَّكَ مُشْرِب أَي قد وجَدْتَ مَن يَشْرَبُ. التهذيب:
الـمُشْرِبُ العَطْشان. يقال: اسْقِنِي، فإِنِّي مُشْرِب. والـمُشْرِبُ:
الرجُل الذي قد عَطِشَت إِبلُه أَيضاً. قال: وهذا قول ابن الأَعرابي.
قال وقال غيره: رَجل مُشْرِبٌ قد شَرِبَت إِبله. ورجل مُشرِبٌ: حانَ لإِبلِه أَن تَشْرَبَ. قال: وهذا عنده من الأَضداد.
والـمَشْرَبُ: الماء الذي يُشْرَبُ.
والـمَشْرَبةُ: كالـمَشْرَعةِ؛ وفي الحديث: مَلْعُونٌ ملعونٌ مَن أَحاطَ
على مَشْرَبةٍ؛ الـمَشْرَبة، بفتح الراءِ من غير ضم: الموضع الذي يُشْرَبُ منه كالـمَشْرَعةِ؛ ويريد بالإِحاطة تَملُّكَه، ومنعَ غيره منه.
والـمَشْرَبُ: الوجهُ الذي يُشْرَبُ منه، ويكون موضعاً، ويكون مصدراً؛ وأَنشد:
ويُدْعَى ابنُ مَنْجُوفٍ أَمامي، كأَنه * خَصِـيٌّ، أَتَى للماءِ مِنْ غَيْرِ مَشْرَبِ
أَي من غير وجه الشُّرْب؛ والـمَشْرَبُ: شَرِيعةُ النَّهر؛
والـمَشْرَبُ: الـمَشْروبُ نفسُه.
والشَّرابُ: اسم لما يُشْرَبُ. وكلُّ شيء لا يُمْضَغُ، فإِنه يقال فيه:
يُشْرَبُ.
والشَّرُوبُ: ما شُرِبَ. والماء الشَّرُوب والشَّريبُ: الذي بَيْنَ
العَذْبِ والـمِلْح؛ وقيل: الشَّروب الذي فيه شيء من عُذوبةٍ، وقد يَشْرَبُه الناس، على ما فيه. والشَّرِيبُ: دونه في العُذوبةِ، وليس يَشْرَبُه الناس إِلاّ عند ضرورة، وقد تَشْرَبُه البهائم؛ وقيل: الشَّرِيبُ العَذْبُ؛ وقيل: الماء الشَّرُوب الذي يُشْرَبُ. والمأْجُ: الـمِلْحُ؛ قال ابن هرمة:
فإِنَّكَ، بالقَرِيحةِ، عامَ تُمْهى، * شَروبُ الماء، ثم تَعُودُ مَـأْجا
قال: هكذا أَنشده أَبو عبيد بالقَرِيحة، والصواب كالقَرِيحةِ. التهذيب أَبو زيد: الماء الشَّريبُ الذي ليس فيه عُذوبةٌ، وقد يَشْرَبُه الناسُ على ما فيه. والشَّرُوبُ: دُونهُ في العُذوبةِ، وليس يَشْرَبُه الناس إِلاّ عند الضَّرُورة. وقال الليث: ماء شَرِيبٌ وشَرُوب فيه مَرارةٌ ومُلُوحة، ولم يمتنع من الشُّرْب؛ وماء شَرُوبٌ وماء طَعِـيمٌ بمعنى واحد. وفي حديث الشورى: جُرْعةٌ شَرُوبٌ أَنْفَع من عَذْبٍ مُوبٍ؛ الشَّرُوبُ من الماءِ: الذي لا يُشْرَب إِلاّ عند الضرورة، يستوي فيه المذكر والمؤَنث، ولهذا وصف به الجُرْعةَ؛ ضرب الحديث
مثلاً لرجلين: أَحدهما أَدْوَنُ وأَنفعُ، والآخر أَرفعُ وأَضرُّ. وماءٌ مُشْرِبٌ: كَشَروبٍ.
ويقال في صِفَةِ بَعِيرٍ: نِعْمَ مُعَلَّقُ الشَّرْبةِ هذا؛ يقول: يكتفي إِلى منزله الذي يريدُ بشَرْبةٍ واحدة، لا يَحْتاجُ إِلى أُخرى.
وتقول: شَرَّبَ مالي وأَكَّـلَه أَي أَطْعَمه الناسَ وسَقاهُم به؛ وظَلَّ مالي يُؤَكَّل ويُشَرَّب أَي يَرْعَى كيف شاءَ.
ورجل أُكَلةٌ وشُرَبةٌ، مثال هُمَزةٍ: كثير الأَكل والشُّرب، عن ابن
السكيت.
ورجلٌ شَرُوبٌ: شديدُ الشُّرْبِ، وقومٌ شُرُبٌ وشُرَّبٌ.
ويومٌ ذو شَرَبةٍ: شديدُ الـحَرِّ، يُشْرَبُ فيه الماءُ أَكثر مما يُشْرَب على هذا الآخر. وقال اللحياني: لم تَزَلْ به شَرَبَةٌ هذا اليومَ أَي
عَطَشٌ. التهذيب: جاءَت الإِبل وبها شَرَبةٌ أَي عطَش، وقد اشْتَدَّتْ شَرَبَتُها؛ وقال أَبو حنيفة: قال أَبو عمرو إِنه لذو شَرَبةٍ إِذا كان كثير الشُّرب.
وطَعامٌ مَشْرَبةٌ: يُشْرَبُ عليه الماء كثيراً، كما قالوا: شَرابٌ مَسْفَهةٌ.
وطَعامٌ ذو شَرَبة إِذا كان لا يُرْوَى فيه من الماءِ. والـمِشْرَبةُ،
بالكسر: إِناءٌ يُشْرَبُ فيه.
والشَّارِبةُ: القوم الذين مسكنهم على ضَفَّة النهر، وهم الذين لهم ماء ذلك النهر.
والشَّرَبةُ: عَطَشُ المالِ بعدَ الـجَزءِ، لأَنَّ ذلك يَدْعُوها إِلى
الشُّرْب. والشَّرَبةُ، بالتحريك: كالـحُوَيْضِ يُحْفَرُ حولَ النخلةِ
والشجرة، ويُمْلأُ ماء، فيكون رَيَّها، فَتَتَرَوَّى منه، والجمع شَرَبٌ
وشَرَباتٌ؛ قال زهير:
يَخْرُجْنَ مِن شَرَباتٍ، ماؤها طَحِلٌ، * على الجُذوعِ، يَخَفْنَ الغَمَّ والغَرَقا
وأَنشد ابن الأَعرابي:
مِثْلُ النَّخِـيلِ يُرَوِّي، فَرْعَها، الشَّرَبُ
وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: اذْهَبْ إِلى شَرَبةٍ من الشَّرَباتِ، فادْلُكْ رأْسَك حتى تُنَقِّيَه.
الشَّرَبة، بفتح الراءِ: حَوْضٌ يكون في أَصل النخلة وحَوْلَها، يُمْلأُ
ماء لِتَشْرَبه؛ ومنه حديث جابر، رضي اللّه عنه: أَتانا رسولُ اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، فَعَدَلَ إِلى الرَّبِـيع، فتَطَهَّرَ وأَقْبَلَ
إِلى الشَّرَبةِ؛ الرَّبِـيعُ: النهرُ. وفي حديث لَقِـيطٍ: ثم أَشْرَفْتُ عليها، وهي شَرْبةٌ واحدة؛ قال القتيبـي: إِن كان بالسكون، فإِنه أَرادأَن الماء قد كثر، فمن حيث أَردت أَن تشرب شربت، ويروى بالياءِ تحتها نقطتان، وهو مذكور في موضعه.
والشَّرَبةُ: كُرْدُ الدَّبْرَةِ، وهي الـمِسْقاةُ، والجمع من كل ذلك
شَرَباتٌ وشَرَبٌ.
وشَرَّبَ الأَرضَ والنَّخلَ: جَعَلَ لها شَرَباتٍ؛ وأَنشد أَبو حنيفة في
صفة نخل:
مِنَ الغُلْبِ، مِن عِضْدانِ هامةَ شُرِّبَتْ * لِسَقْيٍ، وجُمَّتْ لِلنَّواضِحِ بِئْرُها
وكلُّ ذلك من الشُّرْب.
والشَّوارِبُ مَجاري الماءِ في الـحَلْقِ؛ وقيل: الشَّوارِبُ عُروقٌ في
الـحَلْقِ تَشْرَبُ الماء؛ وقيل: هي عُرُوقٌ لاصِقةٌ بالـحُلْقوم،
وأَسْفَلُها بالرِّئةِ؛ ويقال: بَل مُؤَخَّرُها إِلى الوَتِـين، ولها قَصَبٌ
منه يَخْرُج الصَّوْت؛ وقيل: الشَّوارِبُ مَجاري الماء في العُنُقِ؛ وقيل: شَوارِبُ الفَرَسِ
ناحِـيةُ أَوْداجِه، حيث يُوَدِّجُ البَيْطارُ، واحِدُها، في التقدير، شارِبٌ؛ وحِمارٌ صَخِبُ الشَّوارِبِ، مِن هذا، أَي شَديدُ النَّهِـيقِ. الأَصمعي، في قول أَبي ذؤَيب:
صَخِبُ الشَّوارِب، لا يَزالُ كأَنـَّه * عَبْدٌ، لآلِ أَبي رَبِـيعةَ، مُسْبَعُ
قال: الشَّوارِبُ مَجاري الماءِ في الـحَلْقِ، وإِنما يريد كَثرةَ
نُهاقِه؛ وقال ابن دريد: هي عُرُوقُ باطِن الـحَلْقِ. والشَّوارِبُ: عُرُوقٌ مُحْدِقَةٌ بالـحُلْقُومِ؛ يقال: فيها يَقَعُ الشَّرَقُ؛ ويقال: بل هي
عُرُوق تأْخذ الماء، ومنها يَخْرُج الرِّيقُ. ابن الأَعرابي: الشَّوارِبُ
مَجاري الماءِ في العين؛ قال أَبو منصور: أَحْسَبُه أَرادَ مَجارِيَ الماءِ في العين التي تَفُور في الأَرض، لا مَجارِيَ ماءِ عين الرأْس.
والـمَشْرَبةُ: أَرضٌ لَـيِّـنةٌ لا يَزالُ فيها نَبْتٌ أَخْضَرُ رَيّانُ. والـمَشْرَبةُ والـمَشْرُبَةُ، بالفتح والضم: الغُرْفةُ؛ سيبويه: وهي الـمَشْرَبةُ، جعلوه اسماً كالغُرْفةِ؛ وقيل: هي كالصُّفَّة بين يَدَي الغُرْفةِ.
والـمَشارِبُ: العَلاليُّ، وهو في شعر الأَعشى. وفي الحديث: أَن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، كان في مَشْرَبةٍ له أَي كان في غُرْفةٍ؛ قال: وجمعها مَشْرَباتٌ ومَشارِبُ.
والشارِبانِ: ما سالَ على الفَم من الشَّعر؛ وقيل: إِنما هو الشَّارِبُ، والتثنية خطأٌ. والشَّارِبان: ما طالَ مِن ناحِـيةِ السَّبَلةِ، وبعضهم يُسمِّي السَّبَلةَ كلَّها شارِباً واحداً، وليس بصواب، والجمع شَوارِبُ.
قال اللحياني: وقالوا إِنه لَعَظِـيمُ الشَّواربِ. قال: وهو من الواحد
الذي فُرِّقَ، فَجُعِلَ كلُّ جزءٍ منه شارِباً، ثم جُمِع على هذا. وقد
طَرَّ شارِبُ الغُلامِ، وهما شارِبانِ. التهذيب: الشارِبانِ ما طالَ من ناحِـيةِ السَّبَلةِ، وبذلك سُمِّي شارِبا السيفِ؛ وشارِبا السيفِ: ما
اكْـتَنَفَ الشَّفْرةَ، وهو من ذلك. ابن شميل: الشارِبانِ في السيفِ، أَسْفَلَ القائِم، أَنْفانِ طَويلانِ: أَحدُهما من هذا الجانب، والآخَرُ من هذا الجانِب. والغاشِـيةُ: ما تحتَ الشَّارِبَين؛ والشارِبُ والغاشِيةُ: يكونان من حديدٍ وفِضَّةٍ وأَدَمٍ.
وأَشْرَبَ اللَّونَ: أَشْبَعَه؛ وكلُّ لَوْنٍ خالَطَ لَوْناً آخَر، فقد أُشْرِبَه.
وقد اشْرابَّ: على مِثالِ اشْهابَّ.
والصِّبْغُ يَتَشَرَّبُ في الثوبِ، والثوبُ يَتَشَـرَّبُه أَي يَتَنَشَّفُه.
والإِشْرابُ: لَوْنٌ قد أُشْرِبَ من لَونٍ؛ يقال: أُشْرِبَ الأَبيضُ حُمْرةً أَي عَلاه ذلك؛ وفيه شُرْبةٌ من حُمْرَةٍ أَي إِشْرابٌ.
ورجُل مُشْرَبٌ حُمْرةً، وإِنه لَـمَسْقِـيُّ الدَّم مثله، وفيه شُرْبةٌ من الـحُمْرةِ إِذا كان مُشْرَباً حُمْرَةً وفي صفته، صلى اللّه عليه
وسلم: أَبيضُ مُشْرَبٌ حُمرةً.
(يتبع...)
(تابع... 1): شرب: الشَّرْبُ: مصدر شَرِبْتُ أَشْرَبُ شَرْباً وشُرْباً. ابن سيده:... ...
الإِشْرابُ: خَلْطُ لَوْنٍ بلَوْنٍ. كأَنَّ أَحد اللَّوْنَينِ سُقِـيَ اللونَ الآخَرَ؛ يقال: بياضٌ مُشْرَبٌ حُمْرةً مخففاً، وإِذا شُدّد كان للتكثير والمبالغة.
ويقال أَيضاً: عنده شُرْبةٌ من ماءٍ أَي مِقدارُ الرِّيِّ؛ ومثله
الـحُسْوةُ، والغُرْفةُ، واللُّقْمةُ.
وأُشْرِبَ فلان حُبَّ فلانةَ أَي خالَطَ قَلْبَه. وأُشْرِبَ قلبُه مَحَبَّـةَ هذا أَي حَلَّ مَحَلَّ الشَّرابِ. وفي التنزيل العزيز: وأُشْرِبُوا في قُلوبِهِم العِجْلَ؛ أَي حُبَّ العِجْلِ، فحذَف المضافَ، وأَقامَ المضافَ
إِليه مُقامَه؛ ولا يجوز أَن يكون العِجْلُ هو الـمُشْرَبَ، لأَنَّ
العِجْل لا يَشْرَبُه القَلْبُ؛ وقد أُشْرِبَ في قَلْبِه حُبّه أَي خالَطَه. وقال الزجاج: وأُشْرِبُوا في قُلوبِهم العِجْلَ بكُفْرِهم؛ قال:
معناه سُقُو حُبَّ العِجْلِ، فحذف حُبَّ، وأُقِـيمَ العِجْلُ مُقامَه؛ كما
قال الشاعر:
وكَيْفَ تُواصِلُ مَنْ أَصْبَحَتْ * خَلالَـتُه، كأَبي مَرْحَبِ؟
أَي كَخلالةِ أَبي مَرْحَبٍ.
والثَّوْب يَتَشرَّبُ الصِّبْغَ: يَتَنَشَّفُه. وتَشَرَّبَ الصِّبْغُ فيه: سَرَى.
واسْتَشْرَبَتِ القَوْسُ حُمْرةً: اشْتَدَّت حُمْرَتُها؛ وذلك إِذا كانت
من الشِّرْبانِ؛ حكاه أَبو حنيفة.
قال بعض النحويين: من الـمُشْرَبةِ حُروف يخرج معها عند الوُقوفِ عليها نحو النفخ، إِلاَّ أَنها لم تُضْغَطْ ضَغْطَ الـمَحْقُورَةِ، وهي الزاي والظاءُ والذال والضاد. قال سيبويه: وبعضُ العرب أَشَدُّ تصويباً من بعض.وأُشْرِبَ الزَّرْعُ: جَرى فيه الدَّقيقُ؛ وكذلك أُشْرِبَ الزَّرْعُ الدَّقيقَ، عَدَّاه أَبو حنيفة سماعاً من العرب أَو الرُّواة.
ويقال للزرع إِذا خرج قَصَبُه: قد شَرِبَ الزرعُ في القَصَبِ، وشَرَّبَ قَصَبُ الزرعِ إِذا صارَ الماءُ فيه. ابن الأَعرابي: الشُّرْبُبُ الغَمْلى من النبات.
وفي حديث أُحد: انَّ المشركين نزلوا على زَرْعِ أَهلِ المدينةِ،
وخَلَّوا فيه ظَهْرهم، وقد شُرِّبَ الزرعُ الدَّقيقَ؛ وفي رواية: شَرِبَ الزرعُ الدقيقَ، وهو كناية عن اشْتِدادِ حَبِّ الزَّرْع، وقُرْبِ إِدْراكِه.
يقال: شَرَّبَ قَصَبُ الزرع إِذا صارَ الماءُ فيه؛ وشُرِّبَ السُّنْبُلُ
الدَّقيقَ إِذا صارَ فيه طُعْمٌ؛ والشُّرْبُ فيه مستعارٌ، كأَنَّ الدَّقِـيقَ كان ماءً، فَشَرِبَه.
وفي خديث الإِفك: لقد سَمِعْتُموه وأُشْرِبَتْه قُلوبُكم، أَي سُقِـيَتْهُ كما يُسْقَى العَطْشانُ الماء؛ يقال: شَرِبْتُ الماءَ وأُشْرِبْتُه إِذا سُقِـيتَه. وأُشْرِبَ قَلْبُه كذا، أَي حَلَّ مَحَلَّ الشَّراب، أَو اخْتَلَطَ به، كَما يَخْتَلِطُ الصِّبغُ بالثوب. وفي حديث أَبي بكر، رضي الله عنه: وأُشْرِبَ قَلْبُه الإِشْفاقَ.
أَبو عبيد: وشَرَّبَ القِرْبةَ، بالشين المعجمة، إِذا كانت جديدة، فجعل فيها طيباً وماء، لِـيَطِـيبَ طَعْمُها؛ قال القطامي يصف الإِبل بكثرة أَلبانها:
ذَوارِفُ عَيْنَيْها، منَ الـحَفْلِ، بالضُّحَى، * سُجُومٌ، كتَنْضاحِ الشِّنانِ الـمُشَرَّب
هذا قول أَبي عبيد وتفسيره، وقوله: كتَنْضاحِ الشِّنانِ الـمُشَرَّبِ؛
إِنما هو بالسين المهملة؛ قال: ورواية أَبي عبيد خطأ.
وتَشَرَّبَ الثوبُ العَرَقَ: نَشِفَه.
وضَبَّةٌ شَرُوبٌ: تَشْتَهِـي الفحل، قال: وأُراه ضائنةٌ شَرُوبٌ.
وشَرِبَ بالرجل، وأَشْرَبَ به: كَذَبَ عليه؛ وتقول: أَشْرَبْتَني ما لم
أَشْرَبْ أَي ادَّعَيْتَ عليَّ ما لم أَفْعَلْ.
والشَّرْبةُ: النَّخْلة التي تَنبُتُ من النَّوى، والجمع الشَّرَبَّاتُ،
والشَّرائِبُ، والشَّرابِـيبُ(1)
(1 قوله «والجمع الشربَّات والشرائب والشرابيب» هذه الجموع الثلاثة إِنما هي لشربة كجربة أَي بالفتح وشدّ الباء كما في التهذيب ومع ذلك فالسابق واللاحق لابن سيده وهذه العبارة متوسطة أوهمت أنها جمع للشربة النخلة فلا يلتفت إلى من قلد اللسان.).
وأَشْرَبَ البعيرَ والدَّابَّةَ الـحَبْلَ: وَضَعَه في عُنُقها؛ قال:
يا آلَ وَزْرٍ أَشْرِبُوها الأَقْرانْ
وأَشْرَبْتُ الخَيْلَ أَي جعلت الـحِـبالَ في أَعْناقِها؛ وأَنشد ثعلب:
وأَشْرَبْتُها الأَقْرانَ، حتى أَنَخْتُها * بِقُرْح، وقد أَلقَيْنَ كُلَّ جَنِـينِ
وأَشْرَبْتُ إِبلَكَ أَي جَعَلْتُ لكل جَمَلٍ قَريناً؛ ويقول أَحدهم لناقته: لأُشْرِبَنَّكِ الـحِـبالَ والنُّسُوع أَي لأَقْرُنَنَّكِ بها.
والشَّارِبُ: الضَّعْفُ، في جميع الحيوان؛ يقال: في بعيرِك شارِبُ
خَوَرٍ أَي ضَعْفٌ؛ ونِعْم البعيرُ هذا لولا أَن فيه شارِبَ خَوَرٍ أَي عِرقَ خَوَرٍ.
قال: وشَرِبَ إِذا رَوِيَ، وشَرِبَ إِذا عَطِشَ، وشَرِبَ إِذا ضَعُفَ
بَعيرُه.
ويقال: ما زالَ فلان على شَرَبَّةٍ واحدةٍ أَي على أَمرٍ واحد.
أَبو عمرو: الشَّرْبُ الفهم. وقد شَرَبَ يَشْرُبُ شَرْباً إِذا فَهِمَ؛
ويقال للبليد: احْلُبْ ثم اشْرُبْ أَي ابْرُك ثم افْهَمْ.
وحَلَبَ إِذا بَرَكَ.
وشَرِيبٌ، وشُرَيْبٌ، والشُّرَّيْبُ، بالضم، والشُّرْبُوبُ، والشُّرْبُبُ: كلها مواضع. والشُّرْبُبُ في شعر لبيد، بالهاءِ؛ قال:
هل تَعْرِفُ الدَّار بسَفْحِ الشُّرْبُبَه؟
والشُّرْبُبُ: اسم وادٍ بعَيْنِه.
والشَّرَبَّةُ: أَرض لَـيِّـنَة تُنْبِتُ العُشْبَ، وليس بها شجر؛ قال
زهير:
وإِلاَّ فإِنَّا بالشَّرَبَّةِ، فاللِّوَى، * نُعَقِّر أُمّاتِ الرِّباع، ونَيْسِرُ
وشَرَبَّةُ، بتشديد الباءِ بغير تعريف: موضع؛ قال ساعدة بن جؤَية:
بِشَرَبَّةٍ دَمِث الكَثِـيبِ، بدُورِه * أَرْطًى، يَعُوذُ به، إِذا ما يُرْطَبُ
يُرْطَبُ: يُبَلُّ؛ وقال دَمِث الكَثِـيب، لأَنَّ الشُّرَبَّةَ موضع أَو مكان؛ ليس في الكلام فَعَلَّةٌ إِلاَّ هذا، عن كراع، وقد جاءَ له ثان، وهو قولهم: جَرَبَّةٌ، وهو مذكور في موضعه.
واشْرَأَبَّ الرجل للشيءِ وإِلى الشيءِ اشْرِئْباباً: مَدَّ عُنُقَه إِليه، وقيل: هو إِذا ارْتَفَعَ وعَلا؛ والاسم: الشُّرَأْبِـيبةُ، بضم الشين، من اشْرَأَبَّ. وقالت عائشة، رضي اللّه عنها: اشْرَأَبَّ النِّفاقُ،
وارْتَدَّت العربُ؛ قال أَبو عبيد: اشْرَأَبَّ ارتفعَ وعلا؛ وكلُّ رافِعٍ
رأْسَه: مُشْرَئِبٌّ. وفي حديث: يُنادِي منادٍ يومَ القيامةِ: يا أَهلَ
الجنةِ، ويا أَهلَ النار، فيَشْرَئِبُّون لصوته؛ أَي يَرْفَعُون رؤُوسهم
ليَنْظُروا إِليه؛ وكلُّ رافع رأْسه مشرئبٌّ؛ وأَنشد لذي الرمة يصف الظَّبْيةَ، ورَفْعَها رأْسَها:
ذَكَرْتُكِ، إِذْ مَرَّتْ بِنا أُمُّ شادِنٍ، * أَمامَ الـمَطايا، تَشْرَئِبُّ وتَسْنَحُ
قال: اشْرأَبَّ مأْخوذ من الـمَشْرَبة، وهي الغُرْفةُ.
زغد: زَغَد سِقاءَه يَزْغَدُه زَغْداً إِذا عصره حتى تخرُجَ الزُّبْدَةُ
من فمه وقد تضايق بها، وكذلك العُكَّة، والزُّبْدُ زَغِيد. وزَغَدَه أَي
عصر حلقه. ويقال للزُّبْدَة: الزَّغيدة والنَّهيدة.
ويقال: زَغَدَ الزُّبْدَ إِذا علا فَمَ السّقاءِ فعصره حتى يخرج،
والزَّغْدُ: الهديرُ وهو الزُّغادِبُ والزَّغْدَب؛ وأَنشد الليث:
بِرَجْسِ بَغْباغِ الهدير الزَّغْدِ
وزغَدَ البعيرُ يَزْغَدُ زَغْداً: هَدَر هَديراً كأَنه يَعْصِرُهُ أَو
يَقْلَعهُ، مشتق من ذلك؛ قال:
يَزْغَدْنَ بَخْباخَ الهَدِير زَغْدا
وقيل: الزَّغْدُ من الهدير الذي لا يكاد ينقطع، وقيل: هو الشديد، وقيل:
ما رُدِّد في الغَلصمة؛ قال ابن سيده وقوله:
بَخٍ وبَخْباخ الهَدير الزَّغْد
يتوجه على هذا كله؛ قال أَبو نخيلة:
قَلْخاً ويَخْباخ الهَديرِ الزَّغْدِ
قال ابن بري: كذا أَورده الجوهري، والذي في شعره:
جاؤُوا بِوِرْدٍ فَوْق كلِّ وِرْد،
بعَدَدٍ عاتٍ على المُعْتَدِّ،
بَخٍ وبَخْباخِ الهَديرِ الزَّغْدِ
أَي جاؤُوا بإِبل واردة فوق كل وِرْد. والعاتي: الذي يعتو على من يعدّه
لكثرته. وبخ: كلمة تقال عند المدح للشيء وتكرر للمبالغة فيه، وأَصلها
التخفيف، وقد تشدد، كما قال الشاعر:
رَوافِدُهُ أَكرَمُ الرافدات؛
بَخٍ لك بَجٍّ لِبَحْرٍ خِضَمْ
وبخ في البيت في صفة العدد أَي جاؤُوا بعدد ذي بخ أَي يقول فيه العادّ
إِذا عَدّه: بخ بخ. الأَزهري: الزَّغْدُ تَعْصير الفحْل هدِيرَه، وهَديرٌ
زغَّاد؛ قال رؤُبة:
داري وقَبْقاب الهَدير الزَّغَّاذ
وقال أَيضاً:
وزَبَداً من هَدْرِه زُغادِبا،
يُحْسَبُ في أَرآدِه غَنادِبا
والغُنْدُبَة: لحمة صُلْبة حول الحلقوم. الأَصمعي: إِذا أَفصح الفحل
بالهدير قيل هَدِر يَهْدِرُ هَدْراً، قال: فإِذا جعل يهدر هديراً كأَنه
يَعصِرُه قيل: زَغَد يَزْغَد زَغْداً؛ وقول العجاج:
يَمُدُّ زأْراً وهَدِيراً زَغْدَبا
قال ابن سيده: ذهب أَحمد بن يحيى إِلى أَن الباءَ فيه زائدة، وذلك أَنه
لما رآهم يقولون هدير زَغْد وزَغْدَب اعتقد زيادة الباء في زغدب؛ قال ابن
جني: وهذا تعجرف منه وسوء اعتقاد ويلزم من هذا أَن تكون الراء في
سِبَطْدٍ ودِمَثْر زائدة لقولهم سَبِط ودَمِث، قال: وسبيل من كانت هذه حاله أَن
لا يُحْفل به.
وتَزَغَّدَتِ الشِّقْشِقة في الفم: ملأَته، وقيل: ذهبت وجاءَت، والاسم
الزَّغد. التهذيب: والزَّغد تَزَغُّد الشقشسقة وهو الزَّغْدَب ورجل
زَغْدٌ: فَدْم عَيِيّ. ونهر زَغَّاد: كثير الماءِ، وقد زَغَدَ وزَخَر وزغر
بمعنى واحد؛ قال أَبو الصخر:
كأَنّ من حَلَّ في أَعْياصِ دَوْحَتِه،
إِذا توالَجَ في أَعْياص آسادِ
إِن خاف ثَمْ رَواياهُ على فَلَج،
من فضْلِه، صَخِبِ الآذيِّ زَغَّادِ
حرمل: الحَرْمَل حَبٌّ كالسِّمْسم، واحدته حَرْمَلة. وقال أَبو حنيفة:
الحَرْمَل نوعان: نوع ورقه كورق الخِلاف ونَوْره كنَوْر الياسمين يُطَيَّب
به السمسم وحَبُّه في سِنَفة كسِنَفة العِشْرِق، ونوع سِنَفته طِوال
مُدَوَّرة؛ قال: والحَرْمَل لا يأْكله شيء إِلا المِعْزى، قال: وقد تطبخ
عروقه فيُسْقاها المحموم إِذا ماطلته الحُمَّى؛ وفي امتناع الحَرْمَل عن
الأَكَلة قال طَرَفة وذَمَّ قوماً:
هُمُ حَرْمَلٌ أَعْيا على كلِّ آكل
مَبِيتاً، ولو أَمْسَى سَوامهُم دَثْرا
وحَرمَلة: اسم رجل، من ذلك؛ قال:
أَحْيا أَباه هاشمُ بن حَرْمَله
والحُرَيْمِلة: شجرة مثل الرُّمَّانة الصغيرة ورقها أَدق من ورق الرمان
خضراء تحمل جِراء دون جِراء العُشَر، فإِذا جَفَّت انْشَقَّت عن أَلين
قطن، فتُحْشَى به المَخادُّ فتكون ناعمة جدّاً خفيفة، وتُهْدَى إِلى
الأَشراف.
وحَرْمَلاء: موضع. الجوهري: الحَرْمَل هذا الحبُّ الذي يُدَخَّن به،
كحل: الكُحْل: ما يكتحل به. قال ابن سيده: الكُحْل ما وُضِع في العين
يُشتَفى به، كَحَلَها يَكْحَلها ويَكْحُلها كَحْلاً، فهي مَكْحولة وكَحِيل،
من أَعين كُحْلاء وكَحائل؛ عن اللحياني؛ وكَحَّلَها، أَنشد ثعلب:
فمَا لك بالسُّلْطان أَن تَحْمِل القَذَى
جُفُونُ عُيون، بالقَذَى لم تُكَحَّل
وقد اكْتَحَل وتَكَحَّل.
والمِكْحال: المِيلُ تكحل به العين من المُكْحُلة؛ قال ابن سيده:
المِكْحَل والمِكْحَال الآلة التي يُكْتَحَل بها؛ وقال الجوهري: المِكْحَل
والمِكْحال المُلْمُول الذي يُكْتَحَل به؛ قال الشاعر:
إِذا الفَتَى لم يَرْكَب الأَهْوالا،
وخالَفَ الأَعْمام والأَخْوالا
فأَعْطِهِ المرآة والمِكْحَالا،
واسْعَ له وعُدَّه عِيَالا
وتَمَكْحَل الرجل إِذا أَخذ مُكْحُلة. والمُكْحُلة: الوِعاء، أَحد ما
شذَّ مما يرتَِفق به فجاء على مُفْعُل وبابه مِفْعَل، ونظيره المُدْهُن
والمُسْعُط؛ قال سيبويه: وليس على المكان إِذ لو كان عليه لفتح لأَنه من
يَفْعُ، قال ابن السكيت: ما كان على مِفْعَل ومِفْعَلة مما يعمل به فهو
مكسور الميم مثل مِخْرَز ومِبْضَع ومِسَلَّة ومِزْرَعة ومِخْلاة، إِلا
أَحرفاً جاءت نوادر بضم الميم والعين وهي: مُسْعُط ومُنْخُل ومُدْهُن ومُكْحُلة
ومُنْصُل؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي قال وهو للبيد فيما زعموا:
كَمِيش الإِزار يَكْحُل العين إِثْمداً،
ويغدو علينا مُسْفِراً غيرَ واجِم
فسره فقال: معنى يكْحُل العين إِثْمداً أَنه يركب فحمة الليل وسواده.
الأَزهري: الكَحَل مصدر الأَكْحَل والكَحْلاء من الرجال والنساء؛ قال
ابن سيده: والكحَل في العين أَن يَعْلُو مَنابت الأَسْفار سواد مثل الكُحْل
من غير كَحْل، رجل أَكْحَل بيِّن الكَحَل وكَحِيل وقد كَحِل، وقيل:
الكَحَل في العين أَن تسودّ مواضع الكُحْل، وقيل: الكَحْلاء الشديدة السواد،
وقيل: هي التي تراها كأَنها مَكْحولة وإِن لم تُكْحَل؛ وأَنشد:
كأَنَّ بها كُحْلاً وإِن لم تُكَحَّل
الفراء: يقال عين كَحيلٌ، بغير هاء، أَي مَكْحولة. وفي صفته، صلى الله
عليه وسلم، في عينه كَحَل؛ الكَحَل، بفتحتين: سواد في أَجفان العين
(*
قوله «في اجفان العين» صوابه في اشفار العين كما في هامش الأصل) خلقة . وفي
حديث أَهل الجنة: جُرْد مُرْد كَحْلى؛ كَحْلى: جمع كَحيل مثل قتيل وقتلى.
وفي حديث المُلاعَنة: إِن جاءت به أَدْعَج أَكْحَل العينين. والكَحْلاء
من النعاج: البيضاء السوداء العينين. وجاء من المال بكُحْل عَيْنيْن أَي
بقدر ما يملؤهما أَو يغَشِّي سوادهما.
أَبو عبيد: ويقال لفلان كُحْل ولفلان سَواد أَي مال كثير. قال: وكان
الأَصمعس يتأَول في سَواد العراق أَنه سمي به للكثرة؛ قال الأَزهري: وأَما
أَنا فأَحسبه للخُضْرة. ويقال: مضى لفلان كُحْل أَي مال كثير.
والكَحْلة: خرزة سواد تجعل على الصبيان. وهي خرزة العين والنفس تجعل من
الجن والإِنس، فيها لونان بياض وسواد كالرُّبِّ والسَّمْن إِذا اختلطا،
وقيل: هي خرزة تُستعطَف بها الرجال؛ وقال اللحياني: هي خرزة تُؤخِّذ بها
النساءُ الرجال.
وكُحْل العُشْبِ: أَن يُرَى النبت في الأُصول الكبار وفي الحشيش
مخضَرّاً إِذا كان قد أُكل، ولا يقال ذلك في العِضاه. واكْتَحَلَت الأَرض
بالخُضْرة وكَحَّلَت وتَكَحَّلَت وأَكْحَلَت واكْحالَّت: وذلك حين تُرِي
أَوَّلَ خضرةِ النبات.
والكَحْلاء: عُشْبة رَوْضِيَّة سوداء اللَّوْن ذات ورَق وقُضُب، ولها
بُطون حمر وعِرْق أَحمر ينبت بنَجْد في أَحْويَةِ الرَّمْل. وقال أَبو
حنيفة: الكَحْلاء عُشْبة سُهْلية تنبُت على ساقٍ، ولها أَفْنان قليلة ليِّنة
وورَق كورَق الرَّيْحان اللِّطاف خضرٌ ووَرْدة ناضرة، لا يرعاها شيء
ولكنها حسنة المَنْظَر؛ قال ابن بري: الكَحْلاء نبت ترعاه النحل؛ قال الجعدي
في صفة النحل:
قُرْع الرُّؤوس لصَوْتها جَرْسٌ،
في النَّبْع والكحْلاء والسِّدْر
والإِكْحال والكَحْل: شدَّة المَحْل. يقال: أَصابهم كَحْل ومَحْل.
وكَحْلُ: السنة الشديدة، تصرف ولا تصرف على ما يجب في هذا الضرْب من المؤنث
العلم؛ قال سلامة بن جندل:
قومٌ، إِذا صَرَّحت كَحْلٌ، بُيوتُهُمُ
مأْوَى الضَّرِيكِ، ومأْوَى كلِّ قُرْضُوب
فأَجراه الشاعرُ لحاجته إِلى إِجْرائه؛ القُرْضوب ههنا: الفقير. ويقال:
صٍرَّحت كَحْلُ إِذا لم يكن في السماء غَيْم. وحكى أَبو عبيد وأَبو حنيفة
فيها الكَحْل، وبالأَلف واللام، وكرهه بعضهم. الجوهري: يقال للسنة
المجدبة كَحْل، وهي معرفة لا تدخلها الأَلف واللام. وكَحَلَتْهم السِّنون:
أَصابتهم؛ قال:
لَسْنا كأَقْوامٍ إِذا كَحَلَتْ
إِحدى السِّنين، فَجارُهم تَمْرُ
يقول: يأْكلون جارَهم كما يؤكل التمر. وقال أَبو حنيفة: كَحَلَت السنةُ
تَكْحَل كَحْلاً إِذا اشتدَّت. الفراء: اكْتَحَل الرجل إِذا وقع بشدَّة
بعد رخاء. ومن أَمثالهم: باءت عَرَارِ بِكَحْلٍ؛ إِذا قُتِل القاتل
بمقتولة. يقال: كانتا بَقَرَتين في بني إِسرائيل قُتلت إِحداهما بالأُخرى؛ قال
الأَزهري: من أَمثال العرب القديمة قولهم في التساوي: باءتْ عَرارِ
بكَحْلٍ؛ قال ابن بري: كَحْل اسم بقرة بمنزلة دَعْد، يصرف ولا يصرف، فشاهد
الصرف قول ابن عنقاء الفزاري:
باءتْ عَرارٌ بكَحْلٍ والرِّفاق معاً،
فلا تَمَنَّوْا أَمانيَّ الأَباطِيل
وشاهد ترك الصرف قول عبد الله بن الحجاج الثعلبي من بني ثعلبة بن ذبيان:
باءتْ عَرارِ بكَحْل فيما بيننا،
والحقُّ يعرِفه ذَوُو الأَلباب
وكَحْلَةُ: من أَسماء السماء. قال الفارسي: وتأَلَّهَ قيس بن نُشْبة في
الجاهلية وكان مُنَجِّماً متفلسِفاً يخبر بمبعث النبي، صلى الله عليه
وسلم، فلما بعث أَتاه قيس فقال له: يا محمد ما كَحْلة؟ فقال: السماء، فقال:
ما مَحْلة؟ فقال: الأَرض، فقال: أَشهد أَنك الرسول الله فإِنَّا قد وجدنا
في بعض الكتب أَنه لا يعرف هذا إِلاَّ نبيّ؛ وقد يقال لها الكَحْل، قال
الأُموي: كَحْلٌ السماء؛ وأَنشد للكميت:
إِذا ما المراضِيعُ الخِماصُ تأَوَّهَتْ،
ولم تَنْدَ من أَنْواءِ كَحْلٍ جَنُوبها
والأَكْحَل: عِرْق في اليد يُفْصَد، قال: ولا يقال عرق الأَكْحَل. قال
ابن سيده: يقال له النَّسا في الفخِذ، وفي الظهر الأَبْهَرَ، وقيل:
الأَكْحَل عِرْق الحياة يُدْعى نَهْرَ البدَن، وفي كل عضو منه شعبة لها اسم على
حِدَة، فإِذا قطع في اليد لم يَرْقإِ الدمُ. وفي الحديث: أَن سعداً رمي
في أَكْحَله؛ الأَكْحَل: عرق في وسط الذراع يكثر فصده.
والمِكْحالان: عظمان شاخِصان مما يلي باطنَ الذراعين من مركبهما، وقيل:
هما في أَسفل باطن الذراع، وقيل: هما عَظْما الوَرِكين من الفرس.
والكُحَيْل، مبني على التصغير: الذي تطلى به الإِبل للجرَب، لا يستعمل
إِلاَّ مصغَّراً؛ قال الشاعر:
مثل الكُحَيْل أَو عَقِيد الرُّبِّ
قيل: هو النِّفْط والقَطِران، إِنما يطلى به لِلدَّبَر والقِرْدان
وأَشباه ذلك؛ قال علي بن حمزة: هذا من مشهور غلط الأَصمعي لأَن النِّفْط لا
يطلى به للجرَب وإِنما يطلى بالقَطِران، وليس القَطِران مخصوصاً بالدَّبَر
والقِرْدان كما ذكر؛ ويفسد ذلك قول القَطِران الشاعر:
أَنا القَطِران والشُّعَراءُ جَرْبى،
وفي القَطِران للجَرْبى شِفاءُ
وكذلك قول القُلاَّخ المِنْقَري:
إِني أَنا القَطِرانُ أَشْفي ذا الجَرَبْ
وكُحَيْلَةُ وكُحْل: موضعان.