من جبال الحمى، قال الأصمعي:
هضب مداخل هضب سفوح وهو منطّق بأرض بيضاء
وهو مشرف على الريّان من شرقيه ومداخل ثماد.
دخل: الدُّخُول: نقيض الخروج، دَخَل يَدْخُل دُخُولاً وتَدَخَّل ودَخَل
به؛ وقوله:
تَرَى مَرَادَ نِسْعه المُدْخَلِّ،
بين رَحَى الحَيْزُوم والمَرْحَلِّ،
مثل الزَّحاليف بنَعْفِ التَّلِّ
إِنما أَراد المُدْخَلَ والمَرْحَل فشدَّد للوقف، ثم احتاج فأَجرى الوصل
مُجْرَى الوقف. وادَّخَل، على افْتَعَل: مثل دَخَل؛ وقد جاء في الشعر
انْدَخَل وليس بالفصيح؛ قال الكميت:
لا خَطْوتي تَتَعاطى غَيْرَ موضعها،
ولا يَدي في حَمِيت السَّكْن تَنْدَخِل
وتَدَخَّل الشيءُ أَي دَخَل قليلاً قليلاً، وقد تَدَاخَلَني منه شيء.
ويقال: دَخَلْتُ البيت، والصحيح فيه أَن تريد دَخَلْت إِلى البيت وحذفت حرف
الجر فانتصب انتصاب المفعول به، لأَن الأَمكنة على ضربين: مبهم ومحدود،
فالمبهم نحو جهات الجسم السِّتِّ خَلف وقُدَّام ويَمِين وشِمال وفوق
وتحت، وما جرى مجرى ذلك من أَسماء الجهات نحو أَمام ووراء وأَعلى وأَسفل وعند
ولَدُنْ ووَسَط بمعنى بين وقُبَالة، فهذا وما أَشبهه من الأَمكنة يكون
ظرفاً لأَنه غير محدود، أَلا ترى أَن خَلْفك قد يكون قُدَّاماً لغيرك؟
فأَما المحدود الذي له خِلْقة وشخص وأَقطار تَحُوزه نحو الجَبَل والوادي
والسوق والمسجد والدار فلا يكون ظرفاً لأَنك لا تقول قعدت الدار، ولا صليت
المسجد، ولا نِمْت الجبل، ولا قمت الوادي، وما جاء من ذلك فإِنما هو بحذف
حرف الجر نحو دخلت البيت وصَعَّدت الجَبَل ونزلت الوادي.
والمَدْخَل، بالفتح: الدُّخول وموضع الدُّخول أَيضاً، تقول دَخَلْتُ
مَدْخَلاً حسناً ودَخَلْتُ مَدْخَلَ صِدْقٍ. والمُدْخَل، بضم الميم:
الإِدْخال والمفعول من أَدْخَله، تقول أَدْخَلْته مُدْخَلَ صِدْقٍ. والمُدَّخَل:
شبه الغار يُدْخَل فيه، وهو مُفْتَعَل من الدُّخول. قال شمر: ويقال
فلانَ حسَن المَدْخَل والمَخْرَج أَي حَسَن الطريقة محمودُها، وكذلك هو حَسَن
المَذْهَب. وفي حديث الحسن قال: كان يقال إِن من النفاق اختلافَ
المَدْخَل والمَخْرَج واختلافَ السِّرِّ والعلانية؛ قال: أَراد باختلاف
المَدْخَل والمَخْرَج سُوءَ الطريقة وسُوءَ السِّيرة.
ودَاخِلَةُ الإِزار: طَرَفُه الداخل الذي يلي جسده ويلي الجانب الأَيمن
من الرَّجُل إِذا ائتزر، لأَن المُؤْتَزِر إِنما يبدأُ بجانبه الأَيمن
فذلك الطَّرَف يباشر جسده وهو الذي يُغْسَل. وفي حديث الزهري في العائن:
ويغسل دَاخِلَة إِزاره؛ قال ابن الأَثير: أَراد يغسل الإِزار، وقيل: أَراد
يَغْسِل العائنُ موضعَ داخِلة إِزاره من جَسَده لا إِزارَه، وقيل:
داخِلَةُ الإِزار الوَرِك، وقيل: أَراد به مذاكيره فكَنَى بالداخلة عنها كما
كُنِي عن الفَرْج بالسراويل. وفي الحديث: إِذا أَراد أَحدكم أَن يضطجع على
فراشه فليَنْزِع داخلة إِزاره وليَنْفُض بها فراشه فإِنه لا يدري ما
خَلَفه عليه؛ أَراد بها طَرَف إِزاره الذي يلي جَسدَه؛ قال ابن الأَثير:
داخِلَةُ الإِزار طَرَفُه وحاشيته من داخل، وإِنما أَمره بداخِلَتِه دون
خارِجَتِه، لأَن المُؤْتَزِر يأْخذ إِزارَه بيمينه وشِماله فيُلْزِق ما
بشِماله على جَسَده وهي داخِلة إِزاره، ثم يضع ما بيمينه فوق داخِلته، فمتى
عاجَلَه أَمرٌ وخَشِي سقوط إِزاره أَمسكه بشماله ودَفَع عن نفسه بيمينه،
فإِذا صار إِلى فراشه فحَلَّ إِزاره فإِنما يَحُلُّ بيمينه خارجة الإِزار،
وتبقى الداخلة مُعَلَّقة، وبها يقع النَّقْض لأَنها غير مشغولة باليد.
وداخِلُ كلِّ شيء: باطنُه الداخل؛ قال سيبويه: وهو من الظروف التي لا
تُسْتَعْمَل إِلاّ بالحرف يعني أَنه لا يكون إِلاّ اسماً لأَنه مختص كاليد
والرجل. وأَما دَاخِلة الأَرض فخَمَرُها وغامِضُها. يقال: ما في أَرضهم
داخلةٌ من خَمَرٍ، وجمعها الدَّواخِل؛ وقال ابن الرِّقَاع:
فرَمَى به أَدبارَهُنَّ غلامُنا،
لما اسْتَتَبَّ بها ولم يَتَدَخَّل
يقول: لم يَدْخُل الخَمَرَ فيَخْتِلَ الصيد ولكنه جاهرها كما قال:
مَتَى نَرَهُ فإِنَّنا لا نُخاتِلُه
وداخِلَةُ الرجلِ: باطِنُ أَمره، وكذلك الدُّخْلة، بالضم. ويقال: هو
عالم بدُخْلَته. ابن سيده: ودَخْلة الرجل ودِخْلته ودَخِيلته ودَخِيله
ودُخْلُله ودُخْلَلُه ودُخَيْلاؤه نيَّتُه ومَذْهَبُه وخَلَدُه وبِطانَتُه،
لأَن ذلك كلَّه يداخِله. وقال اللحياني: عرفت داخِلته ودَخْلته ودِخْلته
ودُخْلته ودَخيله ودَخِيلته أَي باطنته الدَّاخِلة، وقد يضاف كل ذلك إِلى
الأَمر كقولك دُخْلة أَمره ودِخْلة أَمره، ومعنى كل ذلك عَرَفْت جميع
أَمره. التهذيب: والدُّخْلة بطانة الأَمر، تقول: إِنه لعَفِيف الدُّخْلة
وإِنه لخَبيث الدُّخْلة أَي باطن أَمره.
ودَخيلُ الرجل: الذي يداخله في أُموره كلها، فهو له دَخِيل ودُخْلُل.
ابن السكيت: فلان دُخْلُل فلان ودُخْلَلُه إِذا كان بِطانتَه وصاحبَ
سِرِّه، وفي الصحاح: دَخِيلُ الرّجُل ودُخْلُلُه الذي يُدَاخِله في أُموره
ويختص به. والدوخلة: البطنة. والدخِيل والدُّخْلُل والدُّخْلَل، كله:
الــمُداخِل المباطن. وقال اللحياني: بينهما دُخْلُلٌ ودِخْلَلٌ أَي خاص
يُدَاخِلُهم؛ قال ابن سيده: ولا أَعرف هذا. وداخِلُ الحُبِّ ودُخْلَلُه، بفتح
اللام: صفاء داخله. ودُخْلَة أَمره ودَخِيلته وداخِلَته: بِطانتُه الداخلة.
ويقال: إِنه عالم بدُخْلة أَمره وبدَخِيل أَمرهم. وقال أَبو عبيدة: بينهم
دُخْلُل ودُخْلَل أَي دَخَلٌ، وهو من الأَضداد؛ وقال امرؤ القيس:
ضَيَّعَه الدُّخْلُلون إِذ غَدَروا
قال: والدُّخْلُلون الخاصَّة ههنا. وإِذا ائْتُكِلَ الطعام سُمِّي
مدخولاً ومسروفاً.
والدَّخَل: ما داخَل الإِنسانَ من فساد في عقل أَو جسم، وقد دَخِلَ
دَخَلاً ودُخِلَ دَخْلاً، فهو مَدْخول أَي في عقله دَخَلٌ. وفي حديث قتادة بن
النعمان: وكنت أَرى إِسْلامه مَدْخولاً؛ الدَّخَل، بالتحريك: العيب
والغِشُّ والفَساد، يعني أَن إِيمانه كان فيه نِفَاق. وفي حديث أَبي هريرة:
إِذا بَلَغ بنو العاص ثلاثين كان دِينُ الله دَخَلاً؛ قال ابن الأَثير:
وحقيقته أَن يُدْخِلوا في دين الله أُموراً لم تَجْرِ بها السُّنَّة.
وداءٌ دَخِيل: داخل، وكذلك حُبٌّ دَخِيل؛ أَنشد ثعلب:
فتُشْفَى حزازاتٌ وتَقْنَع أَنْفُسٌ،
ويُشْفَى هَوًى، بين الضلوعِ، دَخِيلُ
ودَخِلَ أَمرُه دَخَلاً: فسَدَ داخلُه؛ وقوله:
غَيْبِي له وشهادتي أَبداً
كالشمس، لا دَخِنٌ ولا دَخْل
يجوز أَن يريد ولا دَخِل أَي ولا فاسد فخفف لأَن الضرب من هذه القصيدة
فَعْلن بسكون العين، ويجوز أَن يريد ولا ذُو دَخْل، فأَقام المضاف إِليه
مُقام المضاف. ونَخْلة مَدْخُولة أَي عَفِنة الجَوْف. والدَّخْل: العيب
والرِّيبة؛ ومن كلامهم:
تَرَى الفِتْيانَ كالنَّخْل،
وما يُدْريك بالدَّخْل
وكذلك الدَّخَل، بالتحريك؛ قال ابن بري: أَي ترى أَجساماً تامة حَسَنة
ولا تدري ما باطنُهم. ويقال: هذا الأَمر فيه دَخَل ودَغَلٌ بمعنًى. وقوله
تعالى: ولا تتخذوا أَيمانكم دَخَلاً بينكم أَن تكون أُمَّة هي أَرْبَى من
أُمَّة؛ قال الفراء: يعني دَغَلاً وخَدِيعةً ومَكْراً، قال: ومعناه لا
تَغْدِروا بقوم لقِلَّتهم وكثرتكم أَو كثرتهم وقِلَّتِكم وقد غَرَرْتُموهم
بالأَيْمان فسَكَنوا إِليها؛ وقال الزجاج: تَتَّخِذون أَيمانكم دَخَلاً
بينكم أَي غِشّاً بينكم وغِلاًّ، قال: ودَخَلاً منصوب لأَنه مفعول له؛
وكل ما دَخَله عيب، فهو مدخول وفيه دَخَلٌ؛ وقال القتيبي: أَن تكون أُمَّة
هي أَرْبى من أُمَّة أَي لأَن تكون أُمَّة هي أَغْنى من قوم وأَشرف من
قوم تَقْتَطعون بأَيمانكم حقوقاً لهؤلاء فتجعلونها لهؤلاء. والدَّخَل
والدَّخْل: العيب الداخل في الحَسَب. والمَدْخول: المهزول والداخل في جوفه
الهُزال، بعير مدخول وفيه دَخَلٌ بَيِّن من الهُزال، ورجل مدخول إِذا كان في
عقله دَخَلٌ أَو في حَسَبه، ورجل مدخول الحَسَب، وفلان دَخِيل في بني
فلان إِذا كان من غيرهم فتَدخَّل فيهم، والأُنثى دَخِيل. وكلمة دَخِيل:
أُدْخِلت في كلام العرب وليست منه، استعملها ابن دريد كثيراً في الجمهرة؛
والدَّخِيل: الحرف الذي بين حرف الرَّوِيّ وأَلف التأْسيس كالصاد من
قوله:كِلِيني لِهَمٍّ، يا أُمَيْمة، ناصب
سُمِّي بذلك لأَنه كأَنه دَخِيل في القافية، أَلا تراه يجيء مختلفاً بعد
الحرف الذي لا يجوز اختلافه أَعني أَلف التأْسيس؟
والمُدْخَل: الدَّعِيُّ لأَنه أُدْخِل في القوم؛ قال:
فلئِن كَفرْتَ بلاءهم وجَحَدْتَهم،
وجَهِلْتَ منهم نِعْمةً لم تُجْهَل
لَكذاك يَلْقى مَنْ تكَثَّر، ظالماً،
بالمُدْخَلين من اللئيم المُدْخَل
والدَّخْل: خلاف الخَرْج. وهم في بني فلان دَخَلٌ إِذا انتسبوا معهم في
نسبهم وليس أَصله منهم؛ قال ابن سيده: وأُرى الدَّخَل ههنا اسماً للجمع
كالرَّوَح والخَوَل. والدَّخِيل: الضيف لدخوله على المَضيف. وفي حديث معاذ
وذكرِ الحُور العِين: لا تُؤذِيه فإِنما هو دَخِيلٌ عندكِ؛ الدَّخِيل:
الضيف والنَّزيل؛ ومنه حديث عديٍّ: وكان لنا جاراً أَو دَخِيلاً.
والدَّخْل: ما دَخَل على الإِنسان من ضَيْعته خلاف الخَرْج. ورجل مُتَداخل
ودُخَّل، كلاهما: غليظ، دَخَل بعضُه في بعض. وناقة متداخلة الخلق إِذا تَلاحكت
واكْتَنَزَت واشتدَّ أَسْرُها.
ودُخَّلُ اللحم: ما عاذ بالعظم وهو أَطيب اللحم. والدُّخَّل من اللحم:
ما دَخَل العَصَب من الخصائل. والدُّخَّل: ما دخل من الكَلإِ في أُصول
أَغصان الشجر ومَنَعه التفافُه عن أَن يُرْعى وهو العُوَّذ؛ قال الشاعر:
تَباشير أَحوى دُخَّل وجَمِيم
والدُّخَّل من الريش. ما دخل بين الظُّهْران والبُطْنان؛ حكاه أَبو
حنيفة قال: وهو أَجوده لأَنه لا تصيبه الشمس ولا الأَرض؛ قال الشاعر:
رُكِّب حَوْلَ فُوقِه المُؤَلَّل
جوانحٌ سُوِّين غير مُيَّل،
من مستطيلات الجناح الدُّخَّل
والدُّخَّل: طائر صغير أَغبر يسقط على رؤوس الشجر والنخل فيدخل بينها،
واحدتها دُخَّلة، والجمع الدَّخاخِيل، ثبتت فيه الياء على غير القياس.
والدُّخَّل والدُّخلُل والدُّخلَل: طائر مُتدخِّل أَصغر من العصفور يكون
بالحجاز؛ الأَخيرة عن كراع. وفي التهذيب: الدُّخَّل صغار الطير أَمثال
العصافير يأْوِي الغِيرانَ والشجَر الملتفَّ، وقيل للعصفور الصغير دُخَّل
لأَنه يعوذ بكل ثَقْب ضَيِّق من الجوارح، والجمع الدَّخاخيل.
وقوله في الحديث: دَخَلَت العُمْرةُ في الحج؛ قال ابن الأَثير: معناه
سقط فرضها بوجوب الحج ودخلت فيه، قال: هذا تأْويل من لم يرها واجبة، فأَما
من أَوجبها فقال: إِن معناه أَن عمل العمرة قد دَخَل في عمل الحج، فلا
يرى على القارن أَكثر من إِحرام واحد وطواف وسعي، وقيل: معناه أَنها
دَخَلَت في وقت الحج وشهوره لأَنهم كانوا لا يعتمرون في أَشهر الحج فأَبطل
الإِسلام ذلك وأَجازه.
وقول عمر في حديثه: من دُخْلة الرَّحِم؛ يريد الخاصة والقرابة، وتضم
الدال وتكسر.
ابن الأَعرابي: الداخل والدَّخَّال والدُّخْلُل كله دَخَّال الأُذن، وهو
الهِرْنِصان.
والدِّخال في الوِرْد: أَن يشرب البعير ثم يردّ من العطن إِلى الحوض
ويُدْخَل بين بعيرين عطشانين ليشرب منه ما عساه لم يكن شرب؛ ومنه قول أُمية
بن أَبي عائذ:
وتلقى البَلاعِيم في برده،
وتوفي الدفوف بشرب دِخال
قال الأَصمعي. إِذا ورَدَت الإِبل أَرسالاً فشرب منها رَسَل ثم ورَدَ
رَسَل آخرُ الحوضَ فأُدْخِل بعيرٌ قد شرب بين بعيرين لم يشربا فذلك
الدِّخال، وإِنما يُفْعَل ذلك في قلة الماء؛ وأَنشد غيره بيت لبيد:
فأَوردها العِراك ولم يَذُدْها،
ولم يُشْفِق على نَغَص الدِّخال
وقال الليث: الدِّخال في وِرْد الإِبل إِذا سُقِيت قَطِيعاً قَطِيعاً
حتى إِذا ما شربت جميعاً حُمِلت على الحوض ثانية لتستوفي شربها، فذلك
الدِّخال. قال أَبو منصور: والدِّخال ما وصفه الأَصمعي لا ما قاله الليث. ابن
سيده: الدِّخال أَن تدخل بعيراً قد شرب بين بعيرين لم يشربا؛ قال كعب بن
زهير:
ويَشْرَبْن من بارد قد عَلِمْن
بأَن لا دِخال، وأَن لا عُطُونا
وقيل: هو أَن تحملها على الحوض بمَرَّة عِراكاً. وتَداخُلُ المفاصل
ودِخالُها: دخولُ بعضها في بعض. الليث: الدِّخال مُداخَلــة المَفاصل بعضها في
بعض؛ وأَنشد:
وطِرْفة شُدَّت دِخالاً مُدْمَجا
وتَداخُلُ الأُمور: تَشابُهها والتباسُها ودخولُ بعضها في بعض.
والدِّخْلة في اللون: تخليط أَلوان في لون؛ وقول الراعي:
كأَنَّ مَناط العِقْد، حيث عَقَدْنه،
لَبانُ دَخِيلِيٍّ أَسِيل المُقَلَّد
قال: الدَّخِيليُّ الظبْي الرَّبيب يُعَلَّق في عنقه الوَدَع فشَبَّه
الوَدَع في الرَّحْل بالودع في عُنُق الظَّبْي، يقول: جعلن الوَدَع في مقدم
الرحل، قال: والظبي الدَّخِيليُّ والأَهِيليُّ والرَّبيب واحد؛ ذكر ذلك
كله عن ابن الأَعرابي. وقال أَبو نصر: الدَّخِيلِيُّ في بيت الراعي
الفَرَسُ يُخَصُّ بالعَلَف؛ قال: وأَما قوله:
هَمَّانِ باتا جَنْبَةً ودَخِيلا
فإِن ابن الأَعرابي قال: أَراد هَمّاً داخل القلب وآخر قريباً من ذلك
كالضيف إِذا حَلَّ بالقوم فأَدخلوه فهو دَخِيل، وإِن حَلَّ بِفِنائهم فهو
جَنْبة؛ وأَنشد:
وَلَّوْا ظُهورهم الأَسِنَّة، بعدما
كان الزبير مُجاوِراً ودَخِيلا
والدِّخال والدُّخال: ذوائب الفرس لتداخلها.
والدَّوْخَلَّة، مشدّدة اللام: سَفِيفة من خوص يوضع فيها التمر
والرُّطَب وهي الدَّوْخَلَة، بالتخفيف؛ عن كراع. وفي حديث صِلَة بن أَشْيَم:
فإِذا سِبٌّ فيه دَوْخَلَّة رُطَب فأَكلت منها؛ هي سَفِيفة من خُوص
كالزِّنْبِيل والقَوْصَرَّة يترك فيها الرُّطَب، والواو زائدة. والدَّخُول:
موضع.
سدر: السِّدْرُ: شجر النبق، واحدتها سِدْرَة وجمعها سِدْراتٌ وسِدِراتٌ
وسِدَرٌ وسُدورٌ
(* قوله: «سدور» كذا بالأَصل بواو بعد الدال، وفي
القاموس سقوطها، وقال شارحه ناقلاً عن المحكم هو بالضم)؛ الأَخيرة نادرة. قال
أَبو حنيفة: قال ابن زياد: السِّدْرُ من العِضاهِ، وهو لَوْنانِ: فمنه
عُبْرِيٌّ، ومنه ضالٌ؛ فأَما العُبْرِيُّ فما لا شوك فيه إِلا ما لا
يَضِيرُ، وأَما الضالُ فهو ذو شوك، وللسدر ورقة عريضة مُدَوَّرة، وربما كانت
السدرة محْلالاً؛ قال ذو الرمة:
قَطَعْتُ، إِذا تَجَوَّفَتِ العَواطي،
ضُرُوبَ السِّدْرِ عُبْرِيّاً وضالا
قال: ونبق الضَّالِ صِغارٌ. قال: وأَجْوَدُ نبقٍ يُعْلَمُ بأَرضِ
العرَبِ نَبِقُ هَجَرَ في بقعة واحدة يُسْمَى للسلطانِ، هو أَشد نبق يعلم حلاوة
وأَطْيَبُه رائحةً، يفوحُ فَمْ آكلِهِ وثيابُ مُلابِسِه كما يفوحُ
العِطْر. التهذيب: السدر اسم للجنس، والواحدة سدرة. والسدر من الشجر سِدْرانِ:
أَحدهما بَرِّيّ لا ينتفع بثمره ولا يصلح ورقه للغَسُولِ وربما خَبَط
ورَقَها الراعيةُ، وثمره عَفِصٌ لا يسوغ في الحلق، والعرب تسميه الضالَ،
والسدر الثاني ينبت على الماء وثمره النبق وورقه غسول يشبه شجر العُنَّاب
له سُلاَّءٌ كَسُلاَّئه وورقه كورقه غير أَن ثمر العناب أَحمر حلو وثمر
السدر أَصفر مُزٌّ يُتَفَكَّه به. وفي الحديث: من قطَع سِدْرَةً صَوَّبَ
اللهُ رأْسَه في النار؛ قال ابن الأَثير: قيل أَراد به سدرَ مكة لأَنها
حَرَم، وقيل سدرَ المدينة، نهى عن قطعه ليكون أُنْساً وظلاًّ لمنْ يُهاجِرُ
إِليها، وقيل: أَراد السدر الذي يكون في الفلاة يستظل به أَبناء السبيل
والحيوان أَو في ملك إِنسان فيتحامل عليه ظالم فيقطعه بغير حق، ومع هذا
فالحديث مضطرب الرواية فإِن أَكثر ما يروى عن عروة بن الزبير، وكان هو يقطع
السدر ويتخذ منه أَبواباً. قال هشام: وهذه أَبواب من سِدْرٍ قَطَعَه أَي
وأَهل العلم مجمعون على إِباحة قطعه.
وسَدِرَ بَصَرُه سَدَراً فهو سَدِرٌ: لم يكد يبصر. ويقال: سَدِرَ
البعيرُ، بالكسر، يَسْدَرُ سَدَراً تَحيَّرَ من شدة الحرّ، فهو سَدِرٌ. ورجل
سادر: غير متشتت
(* قوله: «غير متشتت» كذا بالأَصل بشين معجمة بين تاءين،
والذي في شرح القاموس نقلاً عن الأَساس: وتكلم سادراً غير متثبت، بمثلثة
بين تاء فوقية وموحدة). والسادِرُ: المتحير. وفي الحديث: الذي يَسْدَرُ في
البحر كالمتشحط في دمه؛ السَّدَرُ، بالتحريك: كالدُّوارِ، وهو كثيراً ما
يَعْرِض لراكب البحر. وفي حديث عليّ: نَفَرَ مُسْتَكْبِراً وخَبَطَ
سادِراً أَي لاهياً. والسادِرُ: الذي لا يَهْتَمُّ لشيء ولا يُبالي ما صَنَع؛
قال:
سادِراً أَحْسَبُ غَيِّي رَشَدَاً،
فَتَنَاهَيْتُ وقد صابَتْ بِقُرْ
(* وقوله: «صابت بقر» في الصحاح وقولهم للشدة إِذا نزلت صابت بقر أَي
صارت الشدة في قرارها).
والسَّدَرُ: اسْمِدْرَارُ البَصَرِ. ابن الأَعرابي: سَدِرَ قَمِرَ،
وسَدِرَ من شدّة الحرّ. والسَّدَرُ: تحيُّر البصر. وقوله تعالى: عند سِدْرَةِ
المُنْتَهى؛ قال الليث: زعم إِنها سدرة في السماء السابعة لا يجاوزها
مَلَك ولا نبي وقد أَظلت الماءَ والجنةَ، قال: ويجمع على ما تقدم. وفي حديث
الإِسْراءِ: ثم رُفِعْتُ إِلى سِدرَةِ المُنْتَهَى؛ قال ابن الأَثير:
سدرةُ المنتهى في أَقصى الجنة إِليها يَنْتَهِي عِلْمُ الأَوّلين والآخرين
ولا يتعدّاها. وسَدَرَ ثَوْبَه يَسْدِرُه سَدْراً وسُدُوراً: شَقَّه؛ عن
يعقوب. والسَّدْرُ والسَّدْلُ: إِرسال الشعر. يقال: شَعَرٌ مَسدولٌ
ومسدورٌ وشَعَرٌ مُنسَدِرٌ ومُنْسَدِلٌ إِذا كان مُسْتَرْسِلاٍ. وسَدَرَتِ
المرأَةُ شَعرَها فانسَدَر: لغة في سَدَلَتْه فانسدل. ابن سيده: سدَرَ
الشعرَ والسِّتْرَ يَسْدُرُه سَدْراً أَرسله، وانسَدَرَ هو. وانسَدَرَ أَيضاً:
أَسرع بعض الإِسراع. أَبو عبيد: يقال انسَدَرَ فلان يَعْدُو وانْصَلَتَ
يعدو إِذا أَسرع في عَدْوِه. اللحياني: سدَر ثوبَه سَدْراً إِذا أَرسله
طولاً. وقال أَبو عمرو: تَسَدَّرَ بثوبه إِذا تجلَّل به. والسِّدارُ:
شِبْهُ الكِلَّةِ تُعَرَّضُ في الخباء.
والسَّيدارَةُ: القَلَنْسُوَةُ بِلا أَصْداغٍ؛ عن الهَجَرِيّ.
والسَّديرُ: بِناءٌ، وهو بالفارسية سِهْدِلَّى أَي ثلاث شهب أَو ثلاث
مداخلــات. وقال الأَصمعي: السدير فارسية كأَنَّ أَصله سادِلٌ أَي قُبة في
ثلاث قِباب متداخلة، وهي التي تسميها الناس اليوم سِدِلَّى، فأَعربته العرب
فقالوا سَدِيرٌ والسَّدِيرُ: النَّهر، وقد غلب على بعض الأَنهار؛ قال:
أَلابْنِ أُمِّكَ ما بَدَا،
ولَكَ الخَوَرْنَقُ والسَّدِير؟
التهذيب: السدِيرُ نَهَر بالحِيرة؛ قال عدي:
سَرَّه حالُه وكَثَرَةُ ما يَمْـ
ـلِكُ، والبحرُ مُعْرِضاً، والسَّدِيرُ
والسدِيرُ: نهر، ويقال: قصر، وهو مُعَرَّبٌ وأَصله بالفارسية سِهْ
دِلَّه أَي فيه قِبابٌ مُداخَلَــةٌ. ابن سيده: والسدِيرُ مَنْبَعُ الماءِ.
وسدِيرُ النخل: سوادُه ومُجْتَمَعُه. وفي نوادر الأَصمعي التي رواها عنه أَبو
يعلى قال: قال أَبو عمرو بن العلاء السَّدِيرُ العُشْبُ.
والأَسْدَرانِ: المنكِبان، وقيل: عِرقان في العين أَو تحت الصدغين. وجاء
يَضْرِبُ أَسْدَرَيْه؛ يُضْرَبُ مثلاً للفارغ الذي لا شغل له، وفي حديث
الحسن: يضرب أَسدريه أَي عِطْفيه ومنكبيه يضرب بيديه عليهما، وهو بمعنى
الفارغ. قال أَبو زيد: يقال للرجل إِذا جاء فارغاً: جاء يَنفُضُ
أَسْدَرَيْه، وقال بعضهم: جاء ينفض أَصْدَرَيْه أَي عطفيه. قال: وأَسدراه
مَنْكِباه. وقال ابن السكيت: جاء ينفض أَزْدَرَيْه، بالزاي وذلك إِذا جاء فارغاً
ليس بيده شيء ولم يَقْضِ طَلِبَتَه.
أَبو عمرو: سمعت بعض قيس يقول سَدَلَ الرجُل في البلاد وسدَر إِذا ذهب
فيها فلم يَثْنِه شيء. ولُعْبَة للعرب يقال لها: السُّدَّرُ والطُّبَن.
ابن سيده: والسُّدَّرُ اللعبةُ التي تسمى الطُّبَنَ، وهو خطٌّ مستدير تلعب
بها الصبيان؛ وفي حديث بعضهم: رأَيت أَبا هريرة: يلعب السُّدَّر؛ قال ابن
الأَثير: هو لعبة يُلْعَبُ بها يُقامَرُ بها، وتكسر سينها وتضم، وهي
فارسية معربة عن ثلاثة أَبواب؛ ومنه حديث يحيى بن أَبي كثير: السُّدّر هي
الشيطانة الصغرى يعني أَنها من أَمر الشيطان؛ وقول أُمية بن أَبي الصلت:
وكأَنَّ بِرْقِعَ، والملائكَ حَوْلَها،
سَدِرٌ، تَواكَلَه القوائِمُ، أَجْرَدُ
(* قوله: «برقع» هو كزبرح وقنفذ السماء السابعة اهـ قاموس).
سَدِرٌ؛ للبحر، لم يُسْمع به إِلاَّ في شعره. قال أَبو علي: وقال أَجرد
لأَنه قد لا يكون كذلك إِذا تَموَّجَ. الجوهري: سَدِرٌ اسم من أَسماء
البحر، وأَنشد بيت أُمية إِلاَّ أَنه قال عِوَضَ حولها حَوْلَه، وقال عوض
أَجرد أَجْرَبُ، بالباء، قال ابن بري: صوابه أَجرد، بالدال، كما أَوردناه،
والقصيدة كلها دالية؛ وقبله:
فأَتَمَّ سِتّاً فاسْتَوَتْ أَطباقُها،
وأَتى بِسابِعَةٍ فَأَنَّى تُورَدُ
قال: وصواب قوله حوله أَن يقول حولها لأَن بِرْقِعَ اسم من أَسماء
السماء مؤنثة لا تنصرف للتأْنيث والتعريف، وأَراد بالقوائم ههنا الرياح،
وتواكلته: تركته. يقال: تواكله القوم إِذا تركوه؛ شبه السماء بالبحر عند سكونه
وعدم تموجه؛ قال ابن سيده وأَنشد ثعلب:
وكأَنَّ بِرقع، والملائك تحتها،
سدر، تواكله قوائم أَربع
قال: سدر يَدُورُ. وقوائم أَربع: قال هم الملائكة لا يدرى كيف خلقهم.
قال: شبه الملائكة في خوفها من الله تعالى بهذا الرجل السَّدِرِ.
وبنو سادِرَة: حَيٌّ من العرب. وسِدْرَةُ: قبيلة؛ قال:
قَدْ لَقِيَتْ سِدْرَةُ جَمْعاً ذا لُها،
وعَدَداً فَخْماً وعِزّاً بَزَرَى
فأَما قوله:
عَزَّ عَلى لَيْلى بِذِي سُدَيْرِ
سُوءُ مَبِيتي بَلَدَ الغُمَيْرِ
فقد يجوز أَن يريد بذي سِدْرٍ فصغر، وقيل: ذو سُدَيْرٍ موضع بعينه.
ورجل سَنْدَرَى: شديد، مقلوب عن سَرَنْدَى.
وضن: وَضَنَ الشيءَ وَضْناً، فهو مَوْضُونٌ ووضِينٌ: ثنى بعضه على بعض
وضاعَفَهُ. ويقال: وَضَنَ فلانٌ الحَجر والآجُرَّ بعضه على بعض إِذا
أَشْرَجَه، فهو مَوْضونٌ. والوَضْنُ: نسْجُ السريرِ وأَشباهه بالجوهر والثياب،
وهو مَوْضونٌ. شمر: المَوْضُونةُ الدِّرْع المنسوجة. وقال بعضهم: دِرْعٌ
مَوْضونةٌ مُقارَبَةٌ في النسج، مثل مَرْضُونةِ، مُداخَلَــةُ الحِلَقِ
بعضها في بعض. وقال رجل من العرب لامرأَته: ضِنِيه يعني متاعَ البيت أَي
قاربي بعضه من بعض، وقيل الوَضْنُ النَّضْدُ. وسرير مَوْضونٌ: مضاعَفُ
النسج. وفي التنزيل العزيز: على سُرُرٍ مَوْضونةٍ؛ المَوْضونةُ: المنسوجة
أَي منسوجة بالدُّرِّ والجوهر، بعضها مُداخَلٌ في بعض. ودرع مَوْضونةٌ:
مضاعفة النسج؛ قال الأَعشى:
ومن نَسْجِ داودَ مَوْضونَة،
يُساقُ بها الحَيُّ عِيراً فَعِيرا
والمَوْضونَةُ: الدِّرْعُ المنسوجة، ويقال: المنسوجة بالجواهر، تُوضَنُ
حِلَقُ
الدِّرْعِ بعضها في بعض مُضاعَفةً. والوَضْنَةُ: الكُرْسي المنسوج.
والوَضِينُ: بِطَانٌ عريض منسوج من سيور أَو شعر. التهذيب: إِنما سمت العرب
وَضِينَ الناقةِ وَضِيناً لأَنه منسوج؛ قال حُمَيد:
على مُصْلَخِمٍّ، ما يكاد جَسِيمُهُ
يَمُدُّ بِعِطْفَيْهِ الوَضِينَ المُسَمَّما
والمُسَمَّمُ: المزين بالسُّموم، وهي خَرَز. الجوهري: الوَضِينُ
للهَوْدج بمنزلة البِطانِ للقَتَب، والتَّصْدِير للرَّحْل، والحِزام للسَّرْج،
وهما كالنَّسْع إِلاَّ أَنهما من السيور إِذا نُسج نِساجةَ بعضها على بعض،
والجمع وُضُنٌ؛ وقال المُثَقِّب العَبديُّ:
تَقولُ إِذا دَرَأْتُ لها وَضِيني:
أَهذا دَأْبُهُ أَبداً ودِينِي؟
قال أَبو عبيدة: وَضِينٌ في موضع مَوْضونٍ مثل قَتِيلٍ في موضع
مَقْتولٍ، تقول منه: وَضَنْتُ النِّسْعَ أَضِنُهُ وَضْناً إِذا نسجته. وفي حديث
علي، عليه السلام: إِنَّكَ لَقَلِقُ الوَضِينِ؛ الوَضِين: بِطانٌ منسوج
بعضه على بعض يُشَدُّ به الرَّحْلُ على البعير، أَراد أَنه سريع الحركة،
يصفه بالخفة وقلة الثبات كالحزام إِذا كان رِخْواً. وقال ابن جَبَلَةَ: لا
يكون الوَضينُ إِلا من جِلْدٍ، وإِن لم يكن من جلد فهو غُرْضَةٌ، وقيل:
الوَضِينُ يصلح للرَّحْل والهَوْدَجِ، والبِطانُ للقَتَبِ خاصَّةَ. ابن
الأَعرابي: التَّوَضُّن التَّحَبُّبُ، والتَّوَضُّنُ التذلل؛ ابن بري:
أَنشد أَبو عبيدة شاهداً على أَن الوَضِينَ بمعنى المَوْضونِ قوله:
إِليك تَعْدُو قَلِقاً وَضِينُها،
مُعْتَرِضاً في بطنها جَنِينُها،
مخالفاً دينَ النَّصارى دِينُها
أَراد دينه لأَن الناقة لا دين لها، قال: وهذه الأَبيات يروى أَن ابن
عمر أَنشدها لما انْدَفَع من جَمْعٍ، ووردت في حديثه، أَراد أَنها قد هزلت
ودَقَّتْ للسير عليها؛ قال ابن الأَثير: أَخرجه الهروي والزمخشري عن ابن
عمر، وأَخرجه الطبراني في المعجم عن سالم عن أَبيه أَن رسول الله، صلى
الله عليه وسلم، أَفاض من عَرَفاتٍ وهو يقول:
إليك تعدو قَلِقاً وَضِينُها
والمِيضَنَةُ: كالجُوَالِق تتخذ من خُوصٍ، والجمع مَوَاضين.
كتل: الليث: الكُتْلة أَعظم من الخُبْزة وهي قطعة من كنِيز التمر.
المحكم: الكُتْلة من الطين والتمر وغيرهما ما جُمِع؛ قال:
وبالغَداةِ كُتَلَ البَرْنِجِّ
أَراد البَرْنيَّ. الصحاح: الكُتْلة القطعة المجتمعة من الصَّمْغ.
والمُكَتَّل: الشديد القصير. ورأْس مُكَتَّل: مجمَّع مدوَّر. والكُتْلة:
الفِدْرة من اللحم. وكَتَّله: سمَّنه؛ عن كراع. ورجل مُكَتَّل وذو كَتَلٍ وذو
كَتالٍ: غليظُ الجسم. والكَتَال: القوَّة. والكَتَال: اللحم. ورجل
مُكَتَّل الخلْق إِذا كان مُداخَل البدن إِلى القِصَر ما هو. وأَلقى عليه
كَتَالَه أَي ثقله؛ قال الشاعر:
ولَسْت بِراحِلٍ أَبداً إِليهم،
ولو عالَجْت من وَتِدٍ كَتالا
أَي مؤونةً وثِقْلاً. والكَتالُ: النفس. والكَتال: الحاجة تقضيها.
والكَتالُ: كلُّ ما أُصْلِح من طعام أَو كُسْوة. وزوّجها على أَن يقيم لها
كَتالَها أَي ما يُصْلحها من عيشها. والكَتال: سوء العيش. والأَكتل: الشديدة
من شدائد الدهر، واشتقاقه من الكَتَال، وهو سوء العيش وضيقه؛ وأَنشد
الليث:
إِنّ بها أَكتَلَ، أَو رِزاما،
خُوَيْرِبان يَنْقُفانِ الْهاما
قال: ورِزام اسمُ الشديدة؛ قال أَبو منصور: غلط الليث في تفسير أَكْتل
ورِزام، قال: وليسا من أَسماء الشدائد إِنما هما اسما لِصَّين من لُصوص
البادية، أَلا تراه قال خُوَيرِبان؟ يقال لِصّ خارِب، ويصغَّر فيقال
خُوَيرِب. وروى سلمة عن الفراء أَنه أَنشده ذلك، قال الفراء: أَو ههنا بمعنى
واو العطف، أَراد أَن بها أَكتَلَ ورِزاماً، وهما خارِبان، وبذلك فسر ابن
سيده أَكْتَل ورِزاماً، وسيأْتي. وفي حديث ابن الصَّبْغاء: وارْمِ على
أَقفائهم بمِكْتَل؛ المِكْتَل ههنا من الأَكْتَل وهي شديدة من شدائد الدهر.
والكَتالُ: سوء العيش وضيق المؤونة والثِّقْل، ويروى: بمِنْكَل، من
النَّكال العقوبة. وفي نوادر الأَعراب: مرّ فلان يتَكَرَّى ويتَكَتَّل
ويَتَقَلَّى إِذا مَرَّ مَرًّا سريعاً. وفلان يَتَكَتَّل في مشيه إِذا قارب في
خطوه كأَنه يتدحرج. ويقال للحمار إِذا تمرَّغ فلزِق به التراب: قد كَتِل
جلدُه؛ قال الراجز:
يشرَبُ منها نَهَلاتٌ وثعلْ،
وفي مراغٍ جلدُها منه كَتلْ
ومن العرب من يقول: كاتَله الله، بمعنى قاتله الله.
والتَّكَتُّل: ضرْب من المشي. ابن سيده: تكتَّل الرجل في مشيته وهي من
مشي القصار الغلاط. وما كتَلك عنَّا أَي ما حبسك.
والكَتِيلة: النخلة التي فاتت اليَدَ، طائية، والجمع الكَتائل؛ قال:
قد أَبصَرَتْ سُعْدَى بها كَتائلي،
طَويلةَ الأَقْناءِ والعَثاكِلِ،
مثل العَذارى الخُرَّدِ العَطابِلِ
ابن الأَعرابي: الكَتِيلة النخلة الطويلة، وهي العُلْبة والعَوانة
والقِرْواح.
النضر: كُتول الأَرض فَنادِيرُها، وهي ما أَشرف منها؛ وأَنشد:
وتَيْماء تمشِي الريحُ فيها رَدِيَّة،
مَريضة لَوْنِ الأَرْض طُلْساً كُتولها
والمِكْتَل والمِكْتلة: الزَّبيل الذي يحمَل فيه التمر أَو العنب إِلى
الجَرين، وقيل: المِكْتَل شبه الزَّبيل يسع خمسة عشر صاعاً. وفي حديث
الظِّهار: أَنه أُتِيَ بمِكْتَل من تمر؛ هو بكسر الميم: الزَّبيل الكبير كأَن
فيه كُتَلاً من التمر أَي قِطعاً مجتمعة. وفي حديث خيبر: فخرجوا
بمَساحِيهم ومَكاتِلِهم. وفي حديث سعد:
(* قوله «وفي حديث سعد الى قوله بر» هكذا
في الأصل) مِكْتَل غيره مِكْتَل برّ.
ويقال: كَتِنَتْ جَحافِل الخيل من العُشب وكَتِلَت، بالنون واللام، إِذا
لزِجَتْ. وكَتِل الشيء، فهو كَتِل: تلزَّق وتلزَّج؛ قال:
وفي مراغٍ جلدُها منه كَتِلْ
قال: وقد تكون لام كَتِل بدلاً من نون كَتِنَ، وهما بمعنى واحد.
والكُنْتَأْلُ، بالضم: القصير، والنون زائدة.
قال ابن بري: الكِتال المِراس. يقال: أَيَّ شيء كاتَلْتَ من فلان أَي
مارَسْت؛ قال ابن الطَّثَريَّة:
أَقول، وقد أَيقَنْت أَنِّي مُواجه،
من الصَّرْم، باباتٍ شديداً كِتالُها
وهو مصدر كاتَلْت. والكِتالُ أَيضاً: المؤونة؛
(* قوله «والكتال أَيضاً المؤونة» كذا بضبط الأصل بوزن كتاب كالذي قبله،
وفي القاموس: الكتال كسحاب المؤونة) ؛ قال الشاعر:
قَدَ آوصَيت أَمسِ المُخْلَفين وَصِيَّة،
قليلاً على المُسْتَخْلَفِين كِتالُها
والكَواتِل: اسم موضع؛ قال النابغة:
خلالَ المَطايا يَتَّصِلنَ، وقد أَتت
قِنانُ أُبَيْرٍ دونها والكَواتِل
وكُتْلة: موضع بشِقّ عبد الله بن
كلاب، وقال ابن جَبَلة: هي رملة دون اليمامة؛ قال الراعي:
فكُتْلَةٌ فُرؤَامٌ من مَساكِنها،
فمنتَهى السَّيْل من بَنْبان فالحُمَل
وكُتَيْل وأَكْتَل: اسمان؛ قال:
إِنَّ بها أَكْتَلَ، أَو رِزاما،
خُوَيْرِبَينِ يَنْقُفان الهاما
(في مادة «كتل» الخُوَيربان بدل الخُوَيربَين، ولكلَيهما وجه من
الأَعراب).
وشج: وَشَجَتِ العُروقُ والأَغصان: اشْتَبَكَتْ، وكلُّ شيء يشتبك.
وَشَجَ يَشِجُ وَشْجاً ووَشِيجاً، فهو واشِجٌ: تداخل وتَشابك والْتَفَّ؛ قال
امرؤ القيس:
إِلى عِرْقِ الثَّرَى وَشَجَتْ عُرُوقي،
وهذا الموتُ يَسْلُبُني شَبابي
والوَشِيجُ: شجر الرّماح، وقيل: هو ما نبت من القَنا والقَصَب معترضاً؛
وفي المحكم: مُلْتَفّاً دخل بعضُه بعضاً، وقيل: سمِّيت بذلك لأَنه تنبت
عروقُها تحت الأَرض، وقيل: هي عامَّة الرِّماح واحدتها وَشِيجَةٌ، وقيل:
هو من القَنا أَصْلَبُه؛ قال الشاعر:
والقَراباتُ بيننا واشِجاتٌ،
مُحْكَماتُ القُوَى بعَقْدٍ شَدِيدِ
وفي حديث خُزَيْمَة: وأَفْنَتْ أُصُولَ الوَشِيج؛ قيل: هو ما التف من
الشجر؛ أَراد أَن السنة أَفنت أُصولها إِذ لم يَبْقَ في الأَرض ثَرًى.
والوَشِيجَة: عِرْق الشجر؛ قال عبيد بن الأَبرص:
ولقد جَرَى لهُمُ، فلم يَتَعَيَّفُوا،
تَيْسٌ قَعِيدٌ كالوَشِيجَةِ أَعْضَبُ
شبه التيس من ضُمْرِه بها. والقَعِيدُ: ما مرَّ من الوحش من ورائك، فإِن
جاء من قُدَّامك، فهو النَّطِيح والجَابِهُ، وإِن جاء من على يمينك، فهو
السَّانِحُ، وإِن جاء من على يسارك، فهو البارِحُ؛ وقبله وهو أَوّل
القصيدة:
نُبِّئْتُ أَن بَنِي جَدِيلَةَ أَوْعَبُوا
نُفَرَاءَ من سَلْمَى لنا، وتَكَتَّبُوا
وصف قوماً خرجوا من عُقْرِ دارهم لحرب بني أَسد فاستقبلهم هذا التيس
الأَعْضَبُ، وهو المكسور أَحد قرنيه، فلم يَتَعَيَّفُوا أَي لم يَزْجُروا
فيعلموا أَن الدائرة عليهم، لأَن التيس الأَعضب أَتاهم من خلفهم يسوقهم
ويطردهم، وشبه هذا التيس أَعني تيس الظباء بعرق شجرة لضُمْره. وأَوعَبوا:
جمعوا. والنُّفَراء: جمع نَفِير. والوَشائِجُ: عروق الأُذنين، واحدتها
وَشِيجَةٌ.
والوَشِيجَةُ: لِيفٌ يُفْتَلُ ثم يُشْبَكُ بين خشبتين ينقل بهما البُرُّ
المَحْصود، وكذلك ما أَشبهها من شبكة بين خشبتين، فهي وشيجة، مثل
الكَسِيح ونحوه.
النضر: وَشَجَ مَحْمِلَه إِذا شَبكه بِقِدٍّ أَو شَريط لئلا يسقط منه
شيء. وفي حديث عليّ: وتمكنتْ من سُوَيْداءِ قُلُوبهم وَشِيجَةٌ خَيْفيَّة؛
الوشيجة: عرق الشجرة، وليف يفتل ثم يشدّ به ما يُحْمَلُ. ووَشِجَتِ
العُرُوق والأَغصان: اشتبكت؛ ومنه حديث عليّ: ووَشَّجَ بينها وبين أَزواجها
أَي خَلَطَ وأَلَّفَ، يقال وَشَّجَ الله بينهم تَوْشِيجاً.
ورَحِمٌ واشِجةٌ ووَشِيجَةٌ: مشتبكة متصلة، الأَخيرة عن يعقوب؛ وأَنشد:
تَمُتُّ بأَرْحامٍ، إِليكَ، وَشِيجَةٍ،
ولا قُرْبَ بالأَرْحامِ، ما لم تُقَرَّب
وقد وَشَجَتْ بك قرابةُ فلان، والاسم الوَشِيجُ، وقد وَشَّجَها الله
تَوْشِيجاً. والواشِجة: الرَّحِمُ المشتبكة المتصلة. وقال الكسائي: لهم
وَشِيجةٌ في قومهم ووَلِيجَة أَي حَشْوٌ.
وأَمر مُوَشَّجٌ: مُداخَلٌ بعضُه في بعض مشتبِكٌ؛ قال الشاعر:
حالاً بحالٍ يَصْرِفُ المُوَشَّجا
ولقد وَشَجَتْ في قلبه أُمورٌ وهُمُومٌ، وعليه أَوشاجُ غُزُولٍ أَي
أَلوان داخلة بعضها في بعض، يعني البرود فيها أَلوان الغُزُول.
والوَشيجُ: ضَرْبٌ من النبات، وهو من الجَنْبَةِ؛ قال رؤبة:
وملَّ مَرْعاها الوَشِيجَ البَرْوَقا
نفس: النَّفْس: الرُّوحُ، قال ابن سيده: وبينهما فرق ليس من غرض هذا
الكتاب، قال أَبو إِسحق: النَّفْس في كلام العرب يجري على ضربين: أَحدهما
قولك خَرَجَتْ نَفْس فلان أَي رُوحُه، وفي نفس فلان أَن يفعل كذا وكذا أَي
في رُوعِه، والضَّرْب الآخر مَعْنى النَّفْس فيه مَعْنى جُمْلَةِ الشيء
وحقيقته، تقول: قتَل فلانٌ نَفْسَه وأَهلك نفسه أَي أَوْقَتَ الإِهْلاك
بذاته كلِّها وحقيقتِه، والجمع من كل ذلك أَنْفُس ونُفُوس؛ قال أَبو خراش
في معنى النَّفْس الروح:
نَجَا سالِمٌ والنَّفْس مِنْه بِشِدقِهِ،
ولم يَنْجُ إِلا جَفْنَ سَيفٍ ومِئْزَرَا
قال ابن بري: الشعر لحذيفة بن أَنس الهذلي وليس لأَبي خراش كما زعم
الجوهري، وقوله نَجَا سَالِمٌ ولم يَنْجُ كقولهم أَفْلَتَ فلانٌ ولم يُفْلِتْ
إِذا لم تعدّ سلامتُه سلامةً، والمعنى فيه لم يَنْجُ سالِمٌ إِلا بجفن
سيفِه ومئزرِه وانتصاب الجفن على الاستثناء المنقطع أَي لم ينج سالم إِلا
جَفْنَ سيف، وجفن السيف منقطع منه، والنفس ههنا الروح كما ذكر؛ ومنه
قولهم: فَاظَتْ نَفْسُه؛ وقال الشاعر:
كادَت النَّفْس أَنْ تَفِيظَ عَلَيْهِ،
إِذْ ثَوَى حَشْوَ رَيْطَةٍ وبُرُودِ
قال ابن خالويه: النَّفْس الرُّوحُ، والنَّفْس ما يكون به التمييز،
والنَّفْس الدم، والنَّفْس الأَخ، والنَّفْس بمعنى عِنْد، والنَّفْس قَدْرُ
دَبْغة. قال ابن بري: أَما النَّفْس الرُّوحُ والنَّفْسُ ما يكون به
التمييز فَشاهِدُهُما قوله سبحانه: اللَّه يَتَوفَّى الأَنفُس حين مَوتِها،
فالنَّفْس الأُولى هي التي تزول بزوال الحياة، والنَّفْس الثانية التي تزول
بزوال العقل؛ وأَما النَّفْس الدم فشاهده قول السموأَل:
تَسِيلُ على حَدِّ الظُّبَّاتِ نُفُوسُنَا،
ولَيْسَتْ عَلى غَيْرِ الظُّبَاتِ تَسِيلُ
وإِنما سمي الدم نَفْساً لأَن النَّفْس تخرج بخروجه، وأَما النَّفْس
بمعنى الأَخ فشاهده قوله سبحانه: فإِذا دخلتم بُيُوتاً فسلموا على
أَنْفُسِكم، وأَما التي بمعنى عِنْد فشاهده قوله تعالى حكاية عن عيسى، على نبينا
محمد وعليه الصلاة والسلام: تعلم ما في نفسي ولا أَعلم ما في نفسك؛ أَي
تعلم ما عندي ولا أَعلم ما عندك، والأَجود في ذلك قول ابن الأَنباري: إِن
النَّفْس هنا الغَيْبُ، أَي تعلم غيبي لأَن النَّفْس لما كانت غائبة
أُوقِعَتْ على الغَيْبِ، ويشهد بصحة قوله في آخر الآية قوله: إِنك أَنت
عَلاَّمُ الغُيُوب، كأَنه قال: تعلم غَّيْبي يا عَلاَّم الغُيُوبِ. والعرب قد
تجعل النَّفْس التي يكون بها التمييز نَفْسَيْن، وذلك أَن النَّفْس قد
تأْمره بالشيء وتنهى عنه، وذلك عند الإِقدام على أَمر مكروه، فجعلوا التي
تأْمره نَفْساً وجعلوا التي تنهاه كأَنها نفس أُخرى؛ وعلى ذلك قول
الشاعر:يؤَامِرُ نَفْسَيْهِ، وفي العَيْشِ فُسْحَةٌ،
أَيَسْتَرْجِعُ الذُّؤْبَانَ أَمْ لا يَطُورُها؟
وأَنشد الطوسي:
لمْ تَدْرِ ما لا؛ ولَسْتَ قائِلَها،
عُمْرَك ما عِشْتَ آخِرَ الأَبَدِ
وَلمْ تُؤَامِرْ نَفْسَيْكَ مُمْتَرياً
فِيهَا وفي أُخْتِها، ولم تَكَدِ
وقال آخر:
فَنَفْسَايَ نَفسٌ قالت: ائْتِ ابنَ بَحْدَلٍ،
تَجِدْ فَرَجاً مِنْ كلِّ غُمَّى تَهابُها
ونَفْسٌ تقول: اجْهَدْ نجاءك، لا تَكُنْ
كَخَاضِبَةٍ لم يُغْنِ عَنْها خِضَابُهَا
والنَّفْسُ يعبَّر بها عن الإِنسان جميعه كقولهم: عندي ثلاثة أَنْفُسٍ.
وكقوله تعالى: أَن تقول نَفْسٌ يا حَسْرَتا على ما فَرَّطْتُ في جنب
اللَّه؛ قال ابن سيده: وقوله تعالى: تعلم ما في نفسي ولا أَعلم ما في نفسك؛
أَي تعلم ما أَضْمِرُ ولا أَعلم ما في نفسك أَي لا أَعلم ما حقِيقَتُك ولا
ما عِنْدَكَ عِلمُه، فالتأَويل تعلَمُ ما أَعلَمُ ولا أَعلَمُ ما
تعلَمُ. وقوله تعالى: ويحذِّرُكم اللَّه نَفْسَه؛ أَي يحذركم إِياه، وقوله
تعالى: اللَّه يتوفى الأَنفس حين موتها؛ روي عن ابن عباس أَنه قال: لكل
إسنسان نَفْسان: إِحداهما نفس العَقْل الذي يكون به التمييز، والأُخرى نَفْس
الرُّوح الذي به الحياة. وقال أَبو بكر بن الأَنباري: من اللغويين من
سَوَّى النَّفْس والرُّوح وقال هما شيء واحد إِلا أَن النَّفْس مؤنثة
والرُّوح مذكر، قال: وقال غيره الروح هو الذي به الحياة، والنفس هي التي بها
العقل، فإِذا نام النائم قبض اللَّه نَفْسه ولم يقبض رُوحه، ولا يقبض الروح
إِلا عند الموت، قال: وسميت النَّفْسُ نَفْساً لتولّد النَّفَسِ منها
واتصاله بها، كما سَّموا الرُّوح رُوحاً لأَن الرَّوْحَ موجود به، وقال
الزجاج: لكل إِنسان نَفْسان: إِحداهما نَفْس التمييز وهي التي تفارقه إِذا
نام فلا يعقل بها يتوفاها اللَّه كما قال اللَّه تعالى، والأُخرى نفس
الحياة وإِذا زالت زال معها النَّفَسُ، والنائم يَتَنَفَّسُ، قال: وهذا الفرق
بين تَوَفِّي نَفْس النائم في النوم وتَوفِّي نَفْس الحيّ؛ قال: ونفس
الحياة هي الرُّوح وحركة الإِنسان ونُمُوُّه يكون به، والنَّفْس الدمُ؛ وفي
الحديث: ما لَيْسَ له نَفْس سائلة فإِنه لا يُنَجِّس الماء إِذا مات
فيه، وروي عن النخعي أَنه قال: كلُّ شيء له نَفْس سائلة فمات في الإِناء
فإِنه يُنَجِّسه، أَراد كل شيء له دم سائل، وفي النهاية عنه: كل شيء ليست له
نَفْس سائلة فإِنه لا يُنَجِّس الماء إِذا سقط فيه أَي دم سائل.
والنَّفْس: الجَسَد؛ قال أَوس بن حجر يُحَرِّض عمرو بن هند على بني حنيفة وهم
قتَلَة أَبيه المنذر بن ماء السماء يوم عَيْنِ أَباغٍ ويزعم أَن عَمْرو ابن
شمر
(* قوله «عمرو بن شمر» كذا بالأصل وانظره مع البيت الثاني فإنه يقتضي
العكس.) الحنفي قتله:
نُبِّئْتُ أَن بني سُحَيْمٍ أَدْخَلوا
أَبْياتَهُمْ تامُورَ نَفْس المُنْذِر
فَلَبئسَ ما كَسَبَ ابنُ عَمرو رَهطَهُ
شمرٌ وكان بِمَسْمَعٍ وبِمَنْظَرِ
والتامُورُ: الدم، أَي حملوا دمه إِلى أَبياتهم ويروى بدل رهطه قومه
ونفسه. اللحياني: العرب تقول رأَيت نَفْساً واحدةً فتؤنث وكذلك رأَيت
نَفْسَين فإِذا قالوا رأَيت ثلاثة أَنفُس وأَربعة أَنْفُس ذَكَّرُوا، وكذلك
جميع العدد، قال: وقد يجوز التذكير في الواحد والاثنين والتأْنيث في الجمع،
قال: حكي جميع ذلك عن الكسائي، وقال سيبويه: وقالوا ثلاثة أَنْفُس
يُذكِّرونه لأَن النَّفْس عندهم إنسان فهم يريدون به الإِمنسان، أَلا ترى أَنهم
يقولون نَفْس واحد فلا يدخلون الهاء؟ قال: وزعم يونس عن رؤبة أَنه قال
ثلاث أَنْفُس على تأْنيث النَّفْس كما تقول ثلاث أَعْيُنٍ للعين من الناس،
وكما قالوا ثلاث أَشْخُصٍ في النساء؛ وقال الحطيئة:
ثلاثَةُ أَنْفُسٍ وثلاثُ ذَوْدٍ،
لقد جار الزَّمانُ على عِيالي
وقوله تعالى: الذي خلقكم من نَفْس واحدة؛ يعي آدم، عليه السلام، وزوجَها
يعني حواء. ويقال: ما رأَيت ثمَّ نَفْساً أَي ما رأَيت أَحداً. وقوله في
الحديث: بُعِثْتُ في نَفَس الساعة أَي بُعِثْتُ وقد حان قيامُها وقَرُبَ
إِلا أَن اللَّه أَخرها قليلاً فبعثني في ذلك النَّفَس، وأَطلق النَّفَس
على القرب، وقيل: معناه أَنه جعل للساعة نَفَساً كَنَفَس الإِنسان،
أَراد: إِني بعثت في وقت قريب منها، أَحُس فيه بنَفَسِها كما يَحُس بنَفَس
الإِنسان إِذا قرب منه، يعني بعثت في وقتٍ بانَتْ أَشراطُها فيه وظهرت
علاماتها؛ ويروى: في نَسَمِ الساعة، وسيأْتي ذكره والمُتَنَفِّس: ذو
النَّفَس. ونَفْس الشيء: ذاته؛ ومنه ما حكاه سيبويه من قولهم نزلت بنَفْس الجيل،
ونَفْسُ الجبل مُقابِلي، ونَفْس الشيء عَيْنه يؤكد به. يقال: رأَيت
فلاناً نَفْسه، وجائني بَنَفْسِه، ورجل ذو نَفس أَي خُلُق وجَلَدٍ، وثوب ذو
نَفس أَي أَكْلٍ وقوَّة. والنَّفْس: العَيْن. والنَّافِس: العائن.
والمَنْفوس: المَعْيون. والنَّفُوس: العَيُون الحَسُود المتعين لأَموال الناس
ليُصيبَها، وما أَنْفَسه أَي ما أَشدَّ عينه؛ هذه عن اللحياني.ويقال: أَصابت
فلاناً نَفْس، ونَفَسْتُك بنَفْس إِذا أَصَبْتَه بعين. وفي الحديث: نهى
عن الرُّقْيَة إِلا في النَّمْلة والحُمَة والنَّفْس؛ النَّفْس: العين،
هو حديث مرفوع إِلى النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، عن أَنس. ومنه الحديث:
أَنه مسح بطنَ رافع فأَلقى شحمة خَضْراء فقال: إِنه كان فيها أَنْفُس
سَبْعَة، يريد عيونهم؛ ومنه حديث ابن عباس: الكِلابُ من الجِنِّ فإِن
غَشِيَتْكُم عند طعامكم فأَلقوا لهن فإِن لهن أَنْفُساً أَي أَعْيناً. ويقالُ:
نَفِس عليك فلانٌ يَنْفُسُ نَفَساً ونَفاسَةً أَي حَسَدك. ابن الأَعرابي:
النَّفْس العَظَمَةُ والكِبر والنَّفْس العِزَّة والنَّفْس الهِمَّة
والنَّفْس عين الشيء وكُنْهُه وجَوْهَره، والنَّفْس الأَنَفَة والنَّفْس
العين التي تصيب المَعِين.
والنَّفَس: الفَرَج من الكرب. وفي الحديث: لا تسبُّوا الريح فإِنها من
نَفَس الرحمن، يريد أَنه بها يُفرِّج الكربَ ويُنشِئ السحابَ ويَنشر
الغيث ويُذْهب الجدبَ، وقيل: معناه أَي مما يوسع بها على الناس، وفي الحديث:
أَنه، صلى اللَّه عليه وسلم، قال: أَجد نَفَس ربكم من قِبَلِ اليمن، وفي
رواية: أَجد نَفَس الرحمن؛ يقال إِنه عنى بذلك الأَنصار لأَن اللَّه عز
وجل نَفَّس الكربَ عن المؤمنين بهم، وهم يَمانُونَ لأَنهم من الأَزد،
ونَصَرهم بهم وأَيدهم برجالهم، وهو مستعار من نَفَس الهواء الذي يَرُده
التَّنَفُّس إِلى الجوف فيبرد من حرارته ويُعَدِّلُها، أَو من نَفَس الريح
الذي يَتَنَسَّمُه فيَسْتَرْوِح إِليه، أَو من نفَس الروضة وهو طِيب روائحها
فينفرج به عنه، وقيل: النَّفَس في هذين الحديثين اسم وضع موضع المصدر
الحقيقي من نَفّسَ يُنَفِّسُ تَنْفِيساً ونَفَساً،كما يقال فَرَّجَ
يُفَرِّجُ تَفْريجاً وفَرَجاً، كأَنه قال: اَجد تَنْفِيسَ ربِّكم من قِبَلِ
اليمن، وإِن الريح من تَنْفيس الرحمن بها عن المكروبين، والتَّفْريج مصدر
حقيقي، والفَرَج اسم يوضع موضع المصدر؛ وكذلك قوله: الريح من نَفَس الرحمن
أَي من تنفيس اللَّه بها عن المكروبين وتفريجه عن الملهوفين. قال العتبي:
هجمت على واد خصيب وأَهله مُصْفرَّة أَلوانهم فسأَلتهم عن ذلك فقال شيخ
منهم: ليس لنا ريح. والنَّفَس: خروج الريح من الأَنف والفم، والجمع
أَنْفاس. وكل تَرَوُّح بين شربتين نَفَس.
والتَنَفُّس: استمداد النَفَس، وقد تَنَفَّس الرجلُ وتَنَفَّس
الصُّعَداء، وكلّ ذي رِئَةٍ مُتَنَفِّسٌ، ودواب الماء لا رِئاتَ لها. والنَّفَس
أَيضاً: الجُرْعَة؛ يقال: أَكْرَع في الإِناء نَفَساً أَو نَفَسَين أَي
جُرْعة أَو جُرْعَتين ولا تزد عليه، والجمع أَنفاس مثل سبب وأَسباب؛ قال
جرجر:
تُعَلِّلُ، وَهْيَ ساغِبَةٌ، بَنِيها
بأَنْفاسٍ من الشَّبِمِ القَراحِ
وفي الحديث: نهى عن التَّنَفُّسِ في الإِناء. وفي حديث آخر: أَنه كان
يَتَنفّسُ في الإِناء ثلاثاً يعني في الشرب؛ قال الأَزهري: قال بعضهم
الحديثان صحيحان. والتَنَفُّس له معنيان: أَحدهما أَن يشرب وهو يَتَنَفَّسُ في
الإِناء من غير أَن يُبِينَه عن فيه وهو مكروه، والنَّفَس الآخر أَن
يشرب الماء وغيره من الإِناء بثلاثة أَنْفاسٍ يُبينُ فاه عن الإِناء في كل
نَفَسٍ. ويقال: شراب غير ذي نَفَسٍ إِذا كان كَرِيه الطعم آجِناً إِذا
ذاقه ذائق لم يَتَنَفَّس فيه، وإِنما هي الشربة الأُولى قدر ما يمسك رَمَقَه
ثم لا يعود له؛ وقال أَبو وجزة السعدي:
وشَرْبَة من شَرابٍ غَيْرِ ذي نََفَسٍ،
في صَرَّةٍ من نُجُوم القَيْظِ وهَّاجِ
ابن الأَعرابي: شراب ذو نَفَسٍ أَي فيه سَعَةٌ وريٌّ؛ قال محمد بن
المكرم: قوله النَّفَس الجُرْعة، وأَكْرَعْ في الإِناء نَفَساً أَو نَفَسين
أَي جُرْعة أَو جُرْعتين ولا تزد عليه، فيه نظر، وذلك أَن النّفَس الواحد
يَجْرع الإِنسانُ فيه عِدَّة جُرَع، يزيد وينقص على مقدار طول نَفَس
الشارب وقصره حتى إِنا نرى الإِنسان يشرب الإِناء الكبير في نَفَس واحد علة
عدة جُرَع. ويقال: فلان شرب الإِناء كله على نَفَس واحد، واللَّه أَعلم.
ويقال: اللهم نَفِّس عني أَي فَرِّج عني ووسِّع عليَّ، ونَفَّسْتُ عنه
تَنْفِيساً أَي رَفَّهْتُ. يقال: نَفَّس اللَّه عنه كُرْبته أَي فرَّجها.
وفي الحديث: من نَفَّسَ عن مؤمن كُرْبة نَفَّسَ اللَّه عنه كرْبة من
كُرَب الآخرة، معناه من فَرَّجَ عن مؤمن كُربة في الدنيا فرج اللَّه عنه
كُرْبة من كُرَب يوم القيامة. ويقال: أَنت في نَفَس من أَمرك أَي سَعَة،
واعمل وأَنت في نَفَس من أَمرك أَي فُسحة وسَعة قبل الهَرَم والأَمراض
والحوادث والآفات. والنَّفَس: مثل النَّسيم، والجمع أَنْفاس.
ودارُك أَنْفَسُ من داري أَي أَوسع. وهذا الثوب أَنْفَسُ من هذا أَي
أَعرض وأَطول وأَمثل. وهذا المكان أَنْفَسُ من هذا أَي أَبعد وأَوسع. وفي
الحديث: ثم يمشي أَنْفَسَ منه أَي أَفسح وأَبعد قليلاً. ويقال: هذا المنزل
أَنْفَس المنزلين أَي أَبعدهما، وهذا الثوب أَنْفَس الثوبين أَي أَطولهما
أَو أَعرضهما أَو أَمثلهما.
ونَفَّس اللَّه عنك أَي فرَّج ووسع. وفي الحديث: من نَفَّس عن غريمه أَي
أَخَّر مطالبته. وفي حديث عمار: لقد أَبْلَغْتَ وأَوجَزْتَ فلو كنت
تَنَفَّسْتَ أَي أَطلتَ؛ وأَصله أَن المتكلم إِذا تَنَفَّسَ استأْنف القول
وسهلت عليه الإِطالة. وتَنَفَّسَتْ دَجْلَةُ إِذا زاد ماؤها. وقال
اللحياني: إِن في الماء نَفَساً لي ولك أَي مُتَّسَعاً وفضلاً، وقال ابن
الأَعرابي: أَي رِيّاً؛ وأَنشد:
وشَربة من شَرابٍ غيرِ ذِي نَفَسٍ،
في كَوْكَبٍ من نجوم القَيْظِ وضَّاحِ
أَي في وقت كوكب. وزدني نَفَساً في أَجلي أَي طولَ الأَجل؛ عن اللحياني.
ويقال: بين الفريقين نَفَس أَي مُتَّسع. ويقال: لك في هذا الأَمر
نُفْسَةٌ أَي مُهْلَةٌ. وتَنَفَّسَ الصبحُ أَي تَبَلَّج وامتدَّ حتى يصير
نهاراً بيّناً. وتَنَفَّس النهار وغيره: امتدَّ وطال. ويقال للنهار إِذا زاد:
تَنَفَّسَ، وكذلك الموج إِذا نَضحَ الماءَ. وقال اللحياني: تَنَفَّس
النهار انتصف، وتنَفَّس الماء. وقال اللحياني: تَنَفَّس النهار انتصف،
وتنَفَّس أَيضاً بَعُدَ، وتنَفَّس العُمْرُ منه إِما تراخى وتباعد وإِما اتسع؛
أَنشد ثعلب:
ومُحْسِبة قد أَخْطأَ الحَقُّ غيرَها،
تَنَفَّسَ عنها جَنْبُها فهي كالشِّوا
وقال الفراء في قوله تعالى: والصبح إِذا تَنَفَّسَ، قال: إِذا ارتفع
النهار حتى يصير نهاراً بيّناً فهو تَنَفُّسُ الصبح. وقال مجاهد: إِذا
تَنَفَّس إِذا طلع، وقال الأَخفش: إِذا أَضاء، وقال غيره: إِذا تنَفَّس إِذا
انْشَقَّ الفجر وانْفَلق حتى يتبين منه. ويقال: كتبت كتاباً نَفَساً أَي
طويلاً؛ وقول الشاعر:
عَيْنَيَّ جُودا عَبْرَةً أَنْفاسا
أَي ساعة بعد ساعة. ونَفَسُ الساعة: آخر الزمان؛ عن كراع.
وشيء نَفِيسٌ أَي يُتَنافَس فيه ويُرْغب. ونَفْسَ الشيء، بالضم،
نَفاسَةً، فهو نَفِيسٌ ونافِسٌ: رَفُعَ وصار مرغوباً فيه، وكذلك رجل نافِسٌ
ونَفِيسٌ، والجمع نِفاسٌ. وأَنْفَسَ الشيءُ: صار نَفيساً. وهذا أَنْفَسُ مالي
أَي أَحَبُّه وأَكرمه عندي. وقال اللحياني: النَّفِيسُ والمُنْفِسُ
المال الذي له قدر وخَطَر، ثم عَمَّ فقال: كل شيء له خَطَرٌ وقدر فهو نَفِيسٌ
ومُنْفِس؛ قال النمر بن تولب:
لا تَجْزَعي إِنْ مُنْفِساً أَهْلَكْتُه،
فإِذا هَلَكْتُ، فعند ذلك فاجْزَعي
وقد أَنْفَسَ المالُ إِنْفاساً ونَفُس نُفُوساً ونَفاسَةً. ويقال: إِن
الذي ذكَرْتَ لمَنْفُوس فيه أَي مرغوب فيه. وأَنْفَسَني فيه ونَفَّسَني:
رغَّبني فيه؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
بأَحْسَنَ منه يومَ أَصْبَحَ غادِياً،
ونفَّسَني فيه الحِمامُ المُعَجَّلُ
أَي رغَّبني فيه. وأَمر مَنْفُوس فيه: مرغوب. ونَفِسْتُ عليه الشيءَ
أَنْفَسُه نَفاسَةً إِذا ضَنِنْتَ به ولم تحب أَن يصل إِليه. ونَفِسَ عليه
بالشيء نَفَساً، بتحريك الفاء، ونَفاسَةً ونَفاسِيَةً، الأَخيرة نادرة:
ضَنَّ. ومال نَفِيس: مَضْمون به. ونَفِسَ عليه بالشيء، بالكسر: ضَنَّ به
ولم يره يَسْتأْهله؛ وكذلك نَفِسَه عليه ونافَسَه فيه؛ وأَما قول
الشاعر:وإِنَّ قُرَيْشاً مُهْلكٌ مَنْ أَطاعَها،
تُنافِسُ دُنْيا قد أَحَمَّ انْصِرامُها
فإِما أَن يكون أَراد تُنافِسُ في دُنْيا، وإِما أَن يريد تُنافِسُ
أَهلَ دُنْيا. ونَفِسْتَ عليَّ بخيرٍ قليل أَي حسدت.
وتَنافَسْنا ذلك الأَمر وتَنافَسْنا فيه: تحاسدنا وتسابقنا. وفي التنزيل
العزيز: وفي ذلك فَلْيَتَنافَس المُتَنافِسون أَي وفي ذلك فَلْيَتَراغَب
المتَراغبون. وفي حديث المغيرة: سَقِيم النِّفاسِ أَي أَسْقَمَتْه
المُنافَسة والمغالبة على الشيء. وفي حديث إِسمعيل، عليه السلام: أَنه
تَعَلَّم العربيةَ وأَنْفَسَهُمْ أَي أَعجبهم وصار عندهم نَفِيساً. ونافَسْتُ في
الشيء مُنافَسَة ونِفاساً إِذا رغبت فيه على وجه المباراة في الكرم.
وتَنافَسُوا فيه أَي رغبوا. وفي الحديث: أَخشى أَن تُبْسط الدنيا عليكم كما
بُسِطَتْ على من كان قبلكم فتَنافَسوها كما تَنافَسُوها؛ هو من
المُنافَسَة الرغبة في الشيء والانفرادية، وهو من الشيء النَّفِيسِ الجيد في
نوعه.ونَفِسْتُ بالشيء، بالكسر، أَي بخلت. وفي حديث علي، كرم اللَّه وجهه:
لقد نِلْتَ صِهْرَ رسول اللَّه، صلى اللَّه عليه وسلم، فما نَفِسْناه عليك.
وحديث السقيفة: لم نَنْفَسْ عليك أَي لم نبخل.
والنِّفاسُ: ولادة المرأَة إِذا وضَعَتْ، فهي نُفَساءٌ. والنَّفْسُ:
الدم. ونُفِسَت المرأَة ونَفِسَتْ، بالكسر، نَفَساً ونَفاسَةً ونِفاساً وهي
نُفَساءُ ونَفْساءُ ونَفَساءُ: ولدت. وقال ثعلب: النُّفَساءُ الوالدة
والحامل والحائض، والجمع من كل ذلك نُفَساوات ونِفاس ونُفاس ونُفَّس؛ عن
اللحياني، ونُفُس ونُفَّاس؛ قال الجوهري: وليس في الكلام فُعَلاءُ يجمع على
فعالٍ غير نُفَسَاء وعُشَراءَ، ويجمع أَيضاً على نُفَساوات وعُشَراوات؛
وامرأَتان نُفساوان، أَبدلوا من همزة التأْنيث واواً. وفي الحديث: أَن
أَسماء بنت عُمَيْسٍ نُفِسَتْ بمحمد بن أَبي بكر أَي وضَعَت؛ ومنه الحديث:
فلما تَعَلَّتْ من نِفاسها أَي خرجت من أَيام ولادتها. وحكى ثعلب:
نُفِسَتْ ولداً على فعل المفعول. وورِثَ فلان هذا المالَ في بطن أُمه قبل أَن
يُنْفَس أَي يولد. الجوهري: وقولهم ورث فلان هذا المال قبل أَن يُنْفَسَ
فلان أَي قبل أَن يولد؛ قال أَوس بن حجر يصف محاربة قومه لبني عامر بن
صعصعة:
وإِنَّا وإِخْواننا عامِراً
على مِثلِ ما بَيْنَنا نَأْتَمِرْ
لَنا صَرْخَةٌ ثم إِسْكاتَةٌ،
كما طَرَّقَتْ بِنِفاسٍ بِكِرْ
أَي بولد. وقوله لنا صرخة أَي اهتياجة يتبعها سكون كما يكون للنُّفَساء
إِذا طَرَّقَتْ بولدها، والتَطْريقُ أَن يعسر خروج الولد فَتَصْرُخ لذلك،
ثم تسكن حركة المولود فتسكن هي أَيضاً، وخص تطريق البِكر لأَن ولادة
البكر أَشد من ولادة الثيب. وقوله على مثل ما بيننا نأْتمر أَي نمتثل ما
تأْمرنا به أَنْفسنا من الإِيقاع بهم والفتك فيهم على ما بيننا وبينهم من
قرابة؛ وقولُ امرئ القيس:
ويَعْدُو على المَرْء ما يَأْتَمِرْ
أَي قد يعدو عليه امتثاله ما أَمرته به نفسه وربما كان داعَية للهلاك.
والمَنْفُوس: المولود. وفي الحديث: ما من نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ إِلا وقد
كُتِبَ مكانها من الجنة والنار، وفي رواية: إِلا :كُتِبَ رزقُها وأَجلها؛
مَنْفُوسَةٍ أَي مولودة. قال: يقال نَفِسَتْ ونُفِسَتْ، فأَما الحيض فلا
يقال فيه إِلا نَفِسَتْ، بالفتح. وفي حديث عمر، رضي اللَّه عنه: أَنه
أَجْبَرَ بني عَمٍّ على مَنْفُوسٍ أَي أَلزمهم إِرضاعَه وتربيتَه. وفي حديث
أَبي هريرة: أَنه صَلَّى على مَنْفُوسٍ أَي طِفْلٍ حين ولد، والمراد أَنه
صلى عليه ولم يَعمل ذنباً. وفي حديث ابن المسيب: لا يرثُ المَنْفُوس حتى
يَسْتَهِلَّ صارخاً أَي حتى يسمَع له صوت.
وقالت أُم سلمة: كنت مع النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، في الفراش
فَحِضْتُ فخَرَجْتُ وشددت عليَّ ثيابي ثم رجعت، فقال: أَنَفِسْتِ؟ أَراد:
أَحضتِ؟ يقال: نَفِسَت المرأَة تَنْفَسُ، بالفتح، إِذا حاضت.
ويقال: لفلان مُنْفِسٌ ونَفِيسٌ أَي مال كثير. يقال: ما سرَّني بهذا
الأَمر مُنْفِسٌ ونَفِيسٌ.
وفي حديث عمر، رضي اللَّه عنه: كنا عنده فَتَنَفَّسَ رجلٌ أَي خرج من
تحته ريح؛ شَبَّهَ خروج الريح من الدبر بخروج النَّفَسِ من الفم.
وتَنَفَّسَت القوس: تصدَّعت، ونَفَّسَها هو: صدَّعها؛ عن كراع، وإِنما يَتَنَفَّس
منها العِيدانُ التي لم تفلق وهو خير القِسِيِّ، وأَما الفِلْقَة فلا
تَنَفَّسُ. ابن شميل: يقال نَفَّسَ فلان قوسه إِذا حَطَّ وترها، وتَنَفَّس
القِدْح والقوس كذلك. قال ابن سيده: وأَرى اللحياني قال: إِن النَّفْس
الشق في القوس والقِدح وما أَشْبهها، قال: ولست منه على ثقة. والنَّفْسُ من
الدباغ: قدرُ دَبْغَةٍ أَو دَبْغتين مما يدبغ به الأَديم من القرظ وغيره.
يقال: هب لي نَفْساً من دباغ؛ قال الشاعر:
أَتَجْعَلُ النَّفْسَ التي تُدِيرُ
في جِلْدِ شاةٍ ثم لا تَسِيرُ؟
قال الأَصمعي: بعثت امرأَة من العرب بُنَيَّةً لها إِلى جارتها فقالت:
تقول لكِ أُمي أَعطيني نَفْساً أَو نَفْسَيْنِ أَمْعَسُ بها مَنِيئَتي
فإِني أَفِدَةٌ أَي مستعجلة لا أَتفرغ لاتخاذ الدباغ من السرعة، أَرادت قدر
دبغة أَو دبغتين من القَرَظ الذي يدبغ به. المَنِيئَةُ: المَدْبَغة وهي
الجلود التي تجعل في الدِّباغ، وقيل: النَّفْس من الدباغ مِلءُ الكفِّ،
والجمع أَنْفُسٌ؛ أَنشد ثعلب:
وذِي أَنْفُسٍ شَتَّى ثَلاثٍ رَمَتْ به،
على الماء، إِحْدَى اليَعْمُلاتِ العَرَامِس
يعني الوَطْبَ من اللبن الذي دُبِغَ بهذا القَدْر من الدّباغ.
والنَّافِسُ: الخامس من قِداح المَيْسِر؛ قال اللحياني: وفيه خمسة فروض
وله غُنْمُ خمسة أَنْصباءَ إِن فاز، وعليه غُرْمُ خمسة أَنْصِباءَ إِن لم
يفز، ويقال هو الرابع.
رعظ: رُعْظُ السهْم: مَدْخَلُ سِنْخِ النَّصْلِ وفَوْقه لَفائفُ
العَقَب، والجمع أَرْعاظٌ؛ وأَنشد:
يَرْمِي إِذا ما شَدَّدَ الأَرْعاظا،
على قِسِيٍّ حُرْبِظَت حِرْباظا
وفي الحديث: أَهْدَى له يَكْسُوم سِلاحاً فيه سَهم قد رُكِّب مِعْبَلُه
في رُعْظِه؛ الرُّعْظُ: مَدْخَلُ النَّصْلِ في السهم. والمِعْبَلُ
والمِعْبلة: النَّصْل. وفي المثل: إِنه ليَكْسِرُ عليك أَرْعاظ النبْل غضَباً؛
يُضْرب للرجل الذي يشتدّ غضَبُه، وقد فُسِّر على وجهين: أَحدهما أَنه
أَخذ سهماً وهو غَضْبانُ شديد الغضب فكان ينْكُت بنصله الأَرض وهو واجِمٌ
نكْتاً شديداً حتى انكسر رُعْظُ السهم، والثاني أَنه مثل قولهم إِنه
ليَحْرِقُ عليكَ الأُرَّم أَي الأَسنان، أَرادوا أَنه كان يُصَرِّف بأَنيابِه
من شدَّة غضَبه حتى عَنِتَت أَسناخُها من شدة الصريف، فشبَّه مَداخِل
الأَنياب ومَنابِتها بــمَداخِل النِّصال من النِّبال.
ورَعَظَه بالعَقَب رَعْظاً، فهو مَرْعُوظ ورَعِيظ: لفَّه عليه وشدَّه
به. وفوق الرُّعْظ الرِّصافُ: وهي لَفائفُ العقَب. وقد رَعِظ السهمُ،
بالكسر، يَرْعَظُ رَعَظاً: انكسر رُعْظُه، فهو سهم رَعِظٌ. وسهم مَرْعُوظ:
وصفَه بالضعْف، وقيل: انكسر رُعظه فشُدَّ بالعقَب فَوْقَه، وذلك العقَبُ
يسمَّى الرِّصاف، وهو عيب؛ وأَنشد ابن بري للراجز:
ناضَلَني وسهْمُه مَرْعُوظ
قتر: القَتْرُ والتَّقْتِيرُ: الرُّمْقةُ من العيش.
قَتَرَ يَقْتِرُ ويَقْتُر قَتْراً وقُتوراً، فهو قاتِرٌ وقَتُور
وأَقْتَرُ، وأَقْتَرَ الرجل: افتقر؛ قال:
لكم مَسْجِدا اللهِ: المَزورانِ، والحَصى
لكم قِبْصُهُ من بين أَثْرَى وأَقْتَرَا
يريد من بين مَنْ أَثْرَى وأَقْتَر؛ وقال آخر:
ولم أُقْتِرْ لَدُنْ أَني غلامُ
وقَتَّر وأَقْتَرَ، كلاهما: كَقَتَر. وفي التنزيل العزيز: والذين إِذا
أَنفقوا لم يُسْرِفوا ولم يُقْتِرُوا، ولم يَقتُروا؛ قال الفراء: لم
يُقَتِّروا عما يجب عليهم من النفقة. يقال: قَتَرَ وأَقْتَر وقَتَّر بمعنى
واحد. وقَتَرَ على عياله يَقْتُرُ ويَقْتِرُ قَتْراً وقُتُوراً أَي ضيق
عليهم في النفقة. وكذلك التَّقْتيرُ والإِقْتارُ ثلاث لغات. الليث: القَتْرُ
الرُّمْقةُ في النفقة. يقال: فلان لا ينفق على عياله إِلا رُمْقةً أَي ما
يمسك إِلا الرَّمَقَ. ويقال: إِنه لَقَتُور مُقَتِّرٌ. وأَقْتر الرجلُ
إِذا أَقَلَّ، فهو مُقتِرٌ، وقُتِرَ فهو مَقْتُور عليه. والمُقْترُ: عقيب
المُكْثرِ. وفي الحديث: بسُقْمٍ في بدنه وإِقْتارٍ في رزقه؛ والإِقْتارُ:
التضييق على الإِنسان في الرزق. ويقال: أَقْتَر الله رزقه أَي ضَيَّقه
وقلله. وفي الحديث: مُوسَّع عليه في الدنيا ومَقْتُور عليه في الآخرة. وفي
الحديث: فأَقْتَر أَبواه حتى جَلسَا مع الأَوْفاضِ أَي افتقرا حتى جلسا
مع الفقراء. والقَتْر: ضِيقُ العيش، وكذلك الإِقْتار. وأَقْتَر: قلَّ
مائه وله بقية مع ذلك. والقَتَرُ: جمع القَتَرةِ، وهي الغَبَرة؛ ومنه قوله
تعالى: وجوه يومئذ عليها غَبَرَةٌ تَرْهَقُها قَتَرَةٌ؛ عن أَبي عبيدة،
وأَنشد للفرزدق:
مُتَوَّج برِداء المُلْكِ يَتْبَعُه
مَوْجٌ، تَرى فوقَه الرَّاياتِ والقَتَرا
التهذيب: القَتَرةُ غَبَرة يعلوها سواد كالدخان، والقُتارُ ريح القِدْر،
وقد يكون من الشِّواءِ والعظم المُحْرَقِ وريح اللحم المشويّ. ولمٌ
قاترٌ إِذا كان له قُتار لدَسَمه، وربما جعلت العرب الشحم والدسم قُتاراً؛
ومنه قول الفرزدق:
إِليكَ تَعَرَّفْنَا الذُّرَى بِرحالِنا،
وكلِّ قُتارٍ في سُلامَى وفي صُلْبِ
وفي حديث جابر، رضي الله عنه: لا تُؤْذِ جارَك بقُتار قِدْرك؛ هو ريح
القِدْر والشِّواءِ ونحوهما. وقَتِرَ اللحمُ
(* قوله« وقتر اللحم إلخ» بابه
فرح وضرب ونصر كما في القاموس) . وقَتَرَ يَقْتِرُ، بالكسر، ويَقْتُر
وقَتَّرَ: سطعت ريح قُتارِهِ. وقَتَّرَ للأَسد: وضع له لحماً في الزُّبْيةِ
يجد قُتارَهُ. والقُتارُ: ريح العُودِ الذي يُحْرق فَيُدَخَّنُ به؛ قال
الأَزهري: هذا وجه صحيح وقد قاله غيره، وقال الفراء: هو آخر رائحة العُود
إِذا بُخِّرَ به؛ قاله في كتاب المصادر، قال: والقُتارُ عند العرب ريح
الشِّواءِ إِذا ضُهّبَ على الجَمْر، وأَما رائحة العُود إِذا أُلقي على
النار فإِنه لا يقال له القُتارُ، ولكن العرب وصفت استطابة المُجْدِبين
رائحةَ الشِّواءِ أَنه عندهم لشدّة قَرَمِهم إِلى أَكله كرائحة العُود
لِطيبِهِ في أُنوفهم. والتَّقْتيرُ: تهييج القُتارِ، والقُتارُ: ريح البَخُور؛
قال طرفة:
حِينَ قال القومُ في مَجْلِسِهمْ:
أَقُتَارٌ ذاك أَم رِيحُ قُطُرْ؟
والقُطْرُ: العُود الذي يُتَبَخَّر به؛ ومنه قول الأَعشى:
وإِذا ما الدُّخان شُبِّهَ بالآ
نُفِ يوماً بشَتْوَةٍ أَهْضامَا
والأَهْضام: العود الذي يوقد ليُسْتَجْمَر به؛ قال لبيد في مثله:
ولا أَضِنُّ بمَغْبوطِ السَّنَامِ، إِذا
كان القُتَارُ كما يُسْتَرْوحُ القُطُرُ
أَخْبَرَ أَنه يَجُود بإِطعام اللحم في المَحْل إِذا كان ريح قُتارِ
اللحم عند القَرِمينَ كرائحة العود يُبَخَّر به. وكِباءٌ مُقَتَّر، وقَتَرت
النارُ: دَخَّنَت، وأَقْتَرْتُها أَنا؛ قال الشاعر:
تَراها، الدَّهْرَ، مُقْتِرةً كِباءً،
ومِقْدَحَ صَفْحةٍ، فيها نَقِيعُ
(* قوله« ومقدح صفحة» كذا بالأصل بتقديم الفاء على الحاء ولعله محرف عن
صفحة الاناء المعروف.)
وأَقْتَرَت المرأَةُ، فهي مُقْترةٌ إِذا تبخرت بالعود. وفي الحديث: وقد
خَلَفَتْهم قَتَرةُ رسولِ الله، صلى الله عليه وسلم؛ القَتَرةُ: غَبَرةُ
الجيش، وخَلَفَتْهم أَي جاءت بعدهم.
وقَتَّر الصائدُ للوحش إِذا دَخَّن بأَوبار الإِبل لئلا يجد الصيدُ
ريحَه فَيهْرُبَ منه.
والقُتْر والقُتُر: الناحية والجانب، لغة في القُطْر، وهي الأَقْتار
والأَقْطار، وجمع القُتْر والقُتُر أَقْتار. وقَتَّرهُ: صرعه على قُتْرة.
وتَقَتَّر فلانٌ أَي تهيأَ للقتال مثل تَقَطَّرَ. وتَقَتَّر للأَمر: تهيأَ
له وغضب، وتَقَتَّرهُ واسْتَقْتَرهُ: حاولَ خَتْلَه والاسْتِمكانَ به؛
الأَخيرة عن الفارسي، والتَّقَاتُر: التَّخاتل؛ عنه أَبضاً، وقد تَقَتَّر
فلان عنا وتَقَطَّر إِذا تَنَحَّى؛ قال الفرزدق:
وكُنَّا بهِ مُسْتَأْنِسين، كأَنّهُ
أَخٌ أَو خَلِيطٌ عن خَليطٍ تَقَتَّرَا
والقَتِرُ: المتكبر؛ عن ثعلب، وأَنشد:
نحن أَجَزْنا كلَّ ذَيَّالٍ قَتِرْ
في الحَجِّ، من قَبْلِ دَآدِي المُؤْتَمِرْ
وقَتَرَ ما بين الأَمرين وقَتَّره: قَدَّره. الليث: التَّقتيرُ أَن تدني
متاعك بعضه من بعض أَو بعضَ رِكابك إِلى بعض، تقول: قَتَّر بينها أَي
قارب.
والقُتْرةُ: صُنْبور القناة، وقيل هو الخَرْق الذي يدخل منه الماء
الحائط. والقُتْرةُ: ناموس الصائد، وقد اقتتر فيها. أَبو عبيدة: القُتْرةُ
البئر يحتفرها الصائد يَكْمُن فيها، وجمعها قُتَر. والقُتْرةُ: كُثْبَةٌ من
بعر أَو حصًى تكون قُتَراً قُتَراً. قال الأَزهري: أَخاف أَن يكون
تصحيفاً وصوابه القُمْزة، والجمع القُمَزُ، والكُثْبة من الحصى وغيره.
وقَتَرَ الشيءَ: ضمَّ بعضَه إِلى بعض. والقاترُ من الرحال والسروج:
الجَيِّدُ الوقوعِ على ظهر البعير، وقيل: اللطيف منها، وقيل: هو الذي لا
يَسْتَقْدمُ ولا يَسْتَأْخِرُ، وقال أَبو زيد: هو أَصغر السروج. ورحْل قاتِرٌ
أَي قَلِقٌ لا يَعْقِرُ ظهرَ البعير.
والقَتِيرُ: الشَّيْبُ، وقي: هو أَوّل ما يظهر منه. وفي الحديث: أَن
رجلاً سأَله عن امرأَة أَراد نكاحها قال: وبِقَدْرِ أَيّ النساء هِي؟ قال:
قد رَأَتِ القَتِيرَ، قال: دَعْها؛ القَتيرُ: المَشيب، وأَصلُ القَتِير
رؤوسُ مسامير حَلَق الدروع تلوح فيها، شُبّه بها الشيب إِذا نَقَبَ في سواد
الشعر. الجوهر: والقَتِيرُ رؤوس المسامير في الدرع؛ قال الزَّفَيانُ:
جَوارناً تَرَى لها قَتِيرَا
وقول ساعدة بن جؤية:
ضَبْرٌ لباسُهُمُ القَتِيرُ مُؤَلَّب
القَتِيرُ: مسامير الدرع، وأَراد به ههنا الدرع نفسها. وفي حديث أَبي
أمامة، رضي الله تعالى عنه: من اطَّلَعَ من قُتْرةٍ فَفُقِئَتْ عينه فهي
هَدَرٌ؛ القترة، بالضم: الكُوَّة النافذة وعين التَّنُّور وحلقة الدرع وبيت
الصائد، والمراد الأَول.
وجَوْبٌ قاتِرٌ أَي تُرْس حسن التقدير؛ ومنه قول أَبي دَهْبَلٍ
الجُمَحي:دِرْعِي دِلاصٌ شَكُّها شَكٌّ عَجَبْ،
وجَوْبُها القاتِرُ من سَيْرِ اليَلَبْ
والقِتْرُ والقِتْرةُ: نِصال الأَهْداف، وقيل: هو نَصْل كالزُّجّ حديدُ
الطرف قصير نحو من قدر الأُصبع، وهو أَيضاً القصب الذي ترمى به الأَهداف،
وقيل: القِتْرةُ واحد والقِتْرُ جمع، فهو على هذا من باب سِدْرة
وسِدْرٍ؛ قال أَبو ذؤيب يصف النخل:
إِذا نَهَضَتْ فيه تَصَعَّدَ نَفْرُها،
كقِتْرِ الغِلاءِ مُسْتَدِرٌّ صِيَابُها
الجوهري: والقِتْرُ، بالكسر، ضرب من النِّصال نحو من المَرْماة وهي سهم
الهَدَف، وقال الليث: هي الأَقْتار وهي سِهام صغار؛ يقال: أُغاليك إِلى
عشر أَو أَقلّ وذلك القِتْرُ بلغة هُذَيْل. يقال: كم فعلتم قِتْرَكُمْ،
وأَنشد بيت أَبي ذؤيب. ابن الكلبي: أَهْدى يَكْسُومُ ابن أَخي الأَشْرَم
للنبي ، صلى الله عليه وسلم، سلاحاً فيه سَهْمُ لَعِبٍ قد رُكِّبَتْ
مِعْبَلَةٌ في رُعْظِهِ فَقَوَّم فُوقَهُ وقال: هو مستحكم الرِّصافِ، وسماه
قِتْرَ الغِلاء. وروى حماد بن سلمة عن ثابت عن أَنس: أَن أَبا طلحة كان
يَرْمي والنبي، صلى الله عليه وسلم، يُقَتِّر بيت يديه وكان رامياً، فكان
أَبو طلحة، رضي الله تعالى عنه، يَشُور نَفْسَه ويقول له إِذا رَفَع شَخْصه:
نَحْري دون نَحْرِك يا رسول الله؛ يقتر بين يديه، قال ابن الأَثير: يُقَتِّر
بين يديه أَي يُسَوّي له النصالَ ويَجْمع له السهامَ، من التَّقْتِير،
وهو المقاربة بين الشيئين وإِدناء أَحدهما من الآخر، قال: ويجوز أَن يكون
من القِتْر، وهو نَصْل الأَهداف، وقيل: القِتْرُ سهم صغير، والغِلاءُ
مصدر غَالَى بالسهم إِذا رماه غَلْوةً؛ وقال أَبو حنيفة: القِتْر من السهام
مثل القُطْب، واحدته قِتْرةٌ؛ والقِتْرَة والسِّرْوَةُ واحد.
وابن قِتْرَةَ: ضرب من الحيات خبيث إِلى الصغر ما هو لا يسلم من لدغها،
مشتق من ذلك، وقيل: هو بِكْر الأَفْعى، وهو نحو من الشِّبْرِ يَنْزو ثم
يقع؛ شمر: ابن قِتْرَةَ حية صغيرة تنطوي ثم تَنْزو في الرأْس، والجمع بنات
قِتْرةَ؛ وقال ابن شميل: هو أُغَيْبِرُ اللون صغير أَرْقَطُ ينطوي ثم
يَنْقُز ذراعاً أَو نحوها، وهو لا يُجْرَى؛ يقال: هذا ابنُ قِتْرَة؛
وأَنشد:
له منزلٌ أَنْفُ ابنِ قِتْرَةَ يَقْتَري
به السَّمَّ، لم يَطْعَمْ نُقاخاً ولا بَرْدَا
وقِتْرَةُ معرفة لا ينصرف. وأَبو قِتْرة: كنية إِبليس. وفي الحديث:
تعوّذوا بالله من قِتْرةَ وما وَلَد؛ هو بكسر القاف وسكون التاء، اسم إِبليس.
وسط: وسَطُ الشيء: ما بين طرَفَيْه؛ قال:
إِذا رَحَلْتُ فاجْعلُوني وَسَطا،
إِنِّي كَبِير، لا أُطِيق العُنّدا
أَي اجعلوني وسطاً لكم تَرفُقُون بي وتحفظونني، فإِني أَخاف إِذا كنت
وحدي مُتقدِّماً لكم أَو متأَخّراً عنكم أَن تَفْرُط دابتي أَو ناقتي
فتصْرَعَني، فإِذا سكَّنت السين من وسْط صار ظرفاً؛ وقول الفرزدق:
أَتَتْه بِمَجْلُومٍ كأَنَّ جَبِينَه
صَلاءةُ وَرْسٍ، وَسْطُها قد تَفَلَّقا
فإِنه احتاج إِليه فجعله اسماً؛ وقول الهذلي:
ضَرُوب لهاماتِ الرِّجال بسَيْفِه،
إِذا عَجَمَتْ، وسْطَ الشُّؤُونِ، شِفارُها
يكون على هذا أَيضاً، وقد يجوز أَن يكون أَراد أِذا عجمَتْ وسْطَ
الشُّؤونِ شفارُها الشؤُونَ أَو مُجْتَمَعَ الشؤُونِ، فاستعمله ظرفاً على وجهه
وحذف المفعول لأَن حذف المفعول كثير؛ قال الفارسي: ويُقوّي ذلك قول
المَرّار الأَسدي:
فلا يَسْتَحْمدُون الناسَ أَمْراً،
ولكِنْ ضَرْبَ مُجْتَمَعِ الشُّؤُونِ
وحكي عن ثعلب: وَسَط الشيء، بالفتح، إِذا كان مُصْمَتاً، فإِذا كان
أَجزاء مُخَلْخَلة فهو وسْط، بالإِسكان، لا غير. وأَوْسَطُه: كوَسَطِه، وهو
اسم كأَفْكَلٍ وأَزْمَلٍ؛ قال ابن سيده وقوله:
شَهْم إِذا اجتمع الكُماةُ، وأُلْهِمَتْ
أَفْواهُها بأَواسِطِ الأَوْتار
فقد يكون جَمْعَ أَوْسَطٍ، وقد يجوز أَن يكون جَمَعَ واسِطاً على
وواسِطَ، فاجتمعت واوان فهمَز الأُولى. الجوهري: ويقال جلست وسْط القوم،
بالتسكين، لأَنه ظرف، وجلست وسَط الدار، بالتحريك، لأَنه اسم؛ وأَنشد ابن بري
للراجز:
الحمد للّه العَشِيَّ والسفَرْ،
ووَسَطَ الليلِ وساعاتٍ أُخَرْ
قال: وكلُّ موضع صلَح فيه بَيْن فهو وسْط، وإِن لم يصلح فيه بين فهو
وسَط، بالتحريك، وقال: وربما سكن وليس بالوجه كقول أَعْصُرِ بن سَعْدِ بن
قَيْسِ عَيْلانَ:
وقالوا يالَ أَشْجَعَ يَوْمَ هَيْجٍ،
ووَسْطَ الدّارِ ضَرْباً واحْتِمايا
قال الشيخ أَبو محمد بن بري، رحمه اللّه، هنا شرح مفيد قال: اعلم أَنّ
الوسَط، بالتحريك، اسم لما بين طرفي الشيء وهو منه كقولك قَبَضْت وسَط
الحبْل وكسرت وسَط الرمح وجلست وسَط الدار، ومنه المثل: يَرْتَعِي وسَطاً
ويَرْبِضُ حَجْرةً أَي يرْتَعِي أَوْسَطَ المَرْعَى وخِيارَه ما دام القومُ
في خير، فإِذا أَصابهم شَرٌّ اعتَزلهم ورَبَضَ حَجرة أَي ناحية منعزلاً
عنهم، وجاء الوسط محرّكاً أَوسَطُه على وزان يقْتَضِيه في المعنى وهو
الطرَفُ لأَنَّ نَقِيض الشيء يتنزّل مَنْزِلة نظِيرة في كثير من الأَوزان
نحو جَوْعانَ وشَبْعان وطويل وقصير، قال: ومما جاء على وزان نظيره قولهم
الحَرْدُ لأَنه على وزان القَصْد، والحَرَدُ لأَنه على وزان نظيره وهو
الغضَب. يقال: حَرَد يَحْرِد حَرْداً كما يقال قصَد يقْصِد قصداً، ويقال:
حَرِدَ يَحْرَدُ حرَداً كما قالوا غَضِبَ يَغْضَبُ غضَباً؛ وقالوا: العَجْم
لأَنه على وزان العَضّ، وقالوا: العَجَم لحبّ الزبيب وغيره لأَنه وزان
النَّوَى، وقالوا: الخِصْب والجَدْب لأَن وزانهما العِلْم والجَهل لأَن
العلم يُحيي الناس كما يُحييهم الخِصْب والجَهل يُهلكهم كما يهلكهم الجَدب،
وقالوا: المَنْسِر لأَنه على وزان المَنْكِب، وقالوا: المِنْسَر لأَنه
على وزان المِخْلَب، وقالوا: أَدْلَيْت الدَّلْو إِذا أَرسلتها في البئر،
وَدَلَوْتُها إِذا جَذَبْتها، فجاء أَدْلى على مثال أَرسل ودَلا على مثال
جَذَب، قال: فبهذا تعلم صحة قول من فرق بين الضَّرّ والضُّر ولم يجعلهما
بمعنى فقال: الضَّر بإِزاء النفع الذي هو نقيضه، والضُّر بإِزاء السُّقْم
الذي هو نظيره في المعنى، وقالوا: فاد يَفِيد جاء على وزان ماسَ يَمِيس
إِذا تبختر، وقالوا: فادَ يَفُود على وزان نظيره وهو مات يموت،
والنِّفاقُ في السُّوق جاء على وزان الكَساد، والنِّفاق في الرجل جاء على وزان
الخِداع، قال: وهذا النحوُ في كلامهم كثير جدّاً؛ قال: واعلم أَنّ الوسَط قد
يأْتي صفة، وإِن أَصله أَن يكون اسماً من جهة أَن أَوسط الشيء أَفضله
وخياره كوسَط المرعى خيرٌ من طرفيه، وكوسَط الدابة للركوب خير من طرفيها
لتمكن الراكب؛ ولهذا قال الراجز:
إِذا ركِبْتُ فاجْعلاني وسَطا
ومنه الحديث: خِيارُ الأُمور أَوْساطُها؛ ومنه قوله تعالى: ومن الناسِ
مَن يَعبد اللّهَ على حرْف؛ أَي على شَكّ فهو على طرَف من دِينه غيرُ
مُتوسّط فيه ولا مُتمكِّن، فلما كان وسَطُ الشيء أَفضلَه وأَعْدَلَه جاز أَن
يقع صفة، وذلك في مثل قوله تعالى وتقدّس: وكذلك جعلْناكم أُمّة وسَطاً؛
أَي عَدْلاً، فهذا تفسير الوسَط وحقيقة معناه وأَنه اسم لما بينَ طَرَفَي
الشيء وهو منه، قال: وأَما الوسْط، بسكون السين، فهو ظَرْف لا اسم جاء
على وزان نظيره في المعنى وهو بَيْن، تقول: جلست وسْطَ القوم أَي بيْنَهم؛
ومنه قول أَبي الأَخْزَر الحِمَّانيّ:
سَلُّومَ لوْ أَصْبَحْتِ وَسْط الأَعْجَمِ
أَي بيم الأَعْجم؛ وقال آخر:
أَكْذَبُ مِن فاخِتةٍ
تقولُ وسْطَ الكَرَبِ،
والطَّلْعُ لم يَبْدُ لها:
هذا أَوانُ الرُّطَبِ
وقال سَوَّارُ بن المُضَرَّب:
إِنِّي كأَنِّي أَرَى مَنْ لا حَياء له
ولا أَمانةَ، وسْطَ الناسِ، عُرْيانا
وفي الحديث: أَتَى رسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، وسْط القوم أَي
بينهم، ولما كانت بين ظرفاً كانت وسْط ظرفاً، ولهذا جاءت ساكنة الأَوسط
لتكون على وزانها، ولما كانت بين لا تكون بعضاً لما يضاف إِليها بخلاف
الوسَط الذي هو بعض ما يضاف إِليه كذلك وسْط لا تكون بعضَ ما تضاف إِليه،
أَلا ترى أَن وسط الدار منها ووسْط القوم غيرهم؟ ومن ذلك قولهم: وسَطُ
رأْسِه صُلْبٌ لأَن وسَطَ الرأْس بعضها، وتقول: وسْطَ رأْسِه دُهن فتنصب وسْطَ
على الظرف وليس هو بعض الرأْس، فقد حصل لك الفَرْق بينهما من جهة المعنى
ومن جهة اللفظ؛ أَما من جهة المعنى فإِنها تلزم الظرفية وليست باسم
متمكن يصح رفعه ونصبه على أَن يكون فاعلاً ومفعولاً وغير ذلك بخلاف الوَسَطِ،
وأَما من جهة اللفظ فإِنه لا يكون من الشيء الذي يضاف إِليه بخلاف
الوَسَط أَيضاً؛ فإِن قلت: قد ينتصب الوَسَطُ على الظرف كما ينتصب الوَسْطُ
كقولهم: جَلَسْتُ وسَطَ الدار، وهو يَرْتَعِي وسَطاً، ومنه ما جاء في
الحديث: أَنه كان يقف في صلاة الجَنازة على المرأَة وَسَطَها، فالجواب: أَن
نَصْب الوَسَطِ على الظرف إِنما جاء على جهة الاتساع والخروج عن الأَصل على
حدّ ما جاء الطريق ونحوه، وذلك في مثل قوله:
كما عَسَلَ الطَّرِيقَ الثَّعْلَبُ
وليس نصبه على الظرف على معنى بَيْن كما كان ذلك في وسْط، أَلا ترى أَن
وسْطاً لازم للظرفية وليس كذلك وسَط؟ بل اللازم له الاسمية في الأَكثر
والأَعم، وليس انتصابه على الظرف، وإِن كان قليلاً في الكلام، على حدِّ
انتصاب الوسْط في كونه بمعنى بين، فافهم ذلك. قال: واعلم أَنه متى دخل على
وسْط حرفُ الوِعاء خرج عن الظرفية ورجعوا فيه إِلى وسَط ويكون بمعنى وسْط
كقولك: جلسْتُ في وسَط القوم وفي وسَطِ رأْسِه دُهن، والمعنى فيه مع
تحرُّكه كمعناه مع سكونه إِذا قلت: جلسْتُ وسْطَ القوم، ووسْطَ رأْسِه دُهن،
أَلا ترى أَن وسَط القوم بمعنى وسْط القوم؟ إِلاَّ أَن وَسْطاً يلزم
الظرفية ولا يكون إِلاَّ اسماً، فاستعير له إِذا خرج عن الظرفية الوسَطُ على
جهة النيابة عنه، وهو في غير هذا مخالف لمعناه، وقد يُستعمل الوسْطُ الذي
هو ظرف اسماً ويُبَقَّى على سكونه كما استعملوا بين اسماً على حكمها
ظرفاً في نحو قوله تعالى: لقد تَقَطَّعَ بَيْنُكُم؛ قال القَتَّالُ
الكلابي:مِن وَسْطِ جَمْعِ بَني قُرَيْظٍ، بعدما
هَتَفَتْ رَبِيعَةُ: يا بَني خَوّارِ
وقال عَدِيُّ بن زيد:
وَسْطُه كاليَراعِ أَو سُرُجِ المَجْـ
ـدلِ، حِيناً يَخْبُو، وحِيناً يُنِيرُ
وفي الحديث: الجالِسُ وسْطَ الحَلْقةِ مَلْعُون، قال: الوسْط، بالتسكين،
يقال فيما كان مُتَفَرِّقَ الأَجزاء غيرَ مُتصل كالناس والدوابّ وغير
ذلك، فإِذا كان مُتصلَ الأَجزاء كالدَّار والرأْس فهو بالفتح. وكل ما
يَصْلُح فيه بين، فهو بالسكون، وما لا يصلح فيه بين، فهو بالفتح؛ وقيل: كل
منهما يَقَع مَوْقِعَ الآخر، قال: وكأَنه الأَشبه، قال: وإِنما لُعِنَ
الجالِسُ وسْط الحلقة لأَنه لا بدَّ وأَن يَسْتَدبِر بعضَ المُحيطين به
فيُؤْذِيَهم فيلعنونه ويذُمونه.
ووسَطَ الشيءَ: صار بأَوْسَطِه؛ قال غَيْلان بن حُرَيْثٍ:
وقد وَسَطْتُ مالِكاً وحَنْظَلا
صُيَّابَها، والعَدَدَ المُجَلْجِلا
قال الجوهري: أَراد وحنظلة، فلما وقف جعل الهاء أَلِفاً لأَنه ليس
بينهما إِلا الهَهَّةُ وقد ذهبت عند الوقف فأَشبهت الأَلف كما قال امرؤُ
القيس:وعَمْرُو بنُ دَرْماء الهُمامُ إِذا غَدا
بِذي شُطَبٍ عَضْبٍ، كمِشْيَةِ قَسْوَرا
أَراد قَسْوَرَة. قال: ولو جعله اسماً محذوفاً منه الهاء لأَجراه، قال
ابن بري: إِنما أَراد حريثُ بن غَيلان
(* قوله «حريث بن غيلان» كذا بالأصل
هنا وتقدم قريباً غيلان ابن حريث.) وحنظل لأَنه رَخَّمه في غير النداء
ثم أَطلق القافية، قال: وقول الجوهري جعل الهاء أَلِفاً وهمٌ منه.
ويقال: وسَطْتُ القومَ أَسِطُهم وَسْطاً وسِطةً أَي تَوَسَّطْتُهم.
ووَسَطَ الشيءَ وتَوَسَّطَه: صار في وسَطِه.
ووُسُوطُ الشمس: توَسُّطُها السماء.
وواسِطُ الرَّحْل وواسِطَتُه؛ الأَخيرة عن اللحياني: ما بين القادِمةِ
والآخِرة. وواسِطُ الكُورِ: مُقَدَّمُه؛ قال طرفة:
وإِنْ شِئت سامى واسِطَ الكُورِ رأْسُها،
وعامَتْ بِضَبْعَيْها نَجاء الخَفَيْدَدِ
وواسِطةُ القِلادة: الدُّرَّة التي وسَطها وهي أَنْفَس خرزها؛ وفي
الصحاح: واسِطةُ القلادة الجَوْهَرُ الذي هو في وَسطِها وهو أَجودها، فأَما
قول الأَعرابي للحسن: عَلَّمني دِيناً وَسُوطاً لا ذاهِباً فُرُوطاً ولا
ساقِطاً سُقُوطاً، فإِن الوَسُوط ههنا المُتَوَسِّطُ بين الغالي والتَّالي،
أَلا تراه قال لا ذاهباً فُرُوطاً؟ أَي ليس يُنال وهو أَحسن الأَديان؛
أَلا ترى إِلى قول عليّ، رضوان اللّه عليه: خير الناس هذا النمَطُ
الأَوْسَط يَلْحق بهم التَّالي ويرجع إِليهم الغالي؟ قال الحسن للأَعرابي: خيرُ
الأُمور أَوْساطُها؛ قال ابن الأَثير في هذا الحديث: كلُّ خَصْلة محمودة
فلها طَرَفانِ مَذْمُومان، فإِن السَّخاء وسَطٌ بين البُخل والتبذير،
والشجاعةَ وسَط بين الجُبن والتهوُّر، والإِنسانُ مأْمور أَن يتجنب كل وصْف
مَذْمُوم، وتجنُّبُه بالتعَرِّي منه والبُعد منه، فكلَّما ازداد منه
بُعْداً ازداد منه تقرُّباً، وأَبعدُ الجهات والمقادير والمعاني من كل طرفين
وسَطُهما، وهو غاية البعد منهما، فإِذا كان في الوسَط فقد بَعُد عن
الأَطراف المذمومة بقدر الإِمكان. وفي الحديث: الوالِد أَوْسَطُ أَبواب الجنة
أَي خيرُها. يقال: هو من أَوسَطِ قومِه أَي خيارِهم. وفي الحديث: أَنه
كان من أَوْسَطِ قومه أَي من أَشْرَفِهم وأَحْسَبِهم. وفي حديث رُقَيْقةَ:
انظُروا رجلاً وسِيطاً أَي حَسِيباً في قومه، ومنه سميت الصلاة الوُسْطَى
لأَنها أَفضلُ الصلوات وأَعظمها أَجْراً، ولذلك خُصت بالمُحافَظةِ
عليها، وقيل: لأَنها وسَط بين صلاتَيِ الليل وصلاتَيِ النهار، ولذلك وقع
الخلاف فيها فقيل العصر، وقيل الصبح، وقيل بخلاف ذلك، وقال أَبو الحسن:
والصلاة الوسطى يعني صلاة الجمعة لأَنها أَفضلُ الصلواتِ، قال: ومن قال خلافَ
هذا فقد أَخْطأَ إِلا أَن يقوله برواية مُسنَدة إِلى النبي، صلّى اللّه
عليه وسلّم.
ووَسَطَ في حَسَبِه وَساطة وسِطةً ووَسُطَ ووسَّط؛ ووَسَطَه: حَلَّ
وَسَطَه أَي أَكْرَمَه؛ قال:
يَسِطُ البُيوتَ لِكي تكون رَدِيّةً،
من حيثُ تُوضَعُ جَفْنةُ المُسْتَرْفِدِ
ووَسَطَ قومَه في الحسَبِ يَسِطُهم سِطةً حسنَة. الليث: فلان وَسِيطُ
الدارِ والحسَبِ في قومه، وقد وسُطَ وَساطةً وسِطةً ووَسَّطَ توْسِيطاً؛
وأَنشد:
وسَّطْت من حَنْظَلةَ الأُصْطُمّا
وفلان وسِيطٌ في قومه إِذا كان أَوسطَهم نسَباً وأَرْفعَهم مَجْداً؛ قال
العَرْجِيُّ:
كأَنِّي لم أَكُنْ فيهم وسِيطاً،
ولم تَكُ نِسْبَتي في آلِ عَمْرِ
والتوْسِيطُ: أَن تجعل الشيء في الوَسَط. وقرأَ بعضهم: فوَسَّطْنَ به
جمعاً؛ قال ابن بري: هذه القراءة تُنسب إِلى عليّ، كرّم اللّه وجهه، وإِلى
ابن أَبي ليلى وإِبراهيم بن أَبي عَبْلَةَ. والتوْسِيطُ: قَطْعُ الشيء
نصفين. والتَّوَسُّطُ من الناس: من الوَساطةِ، ومَرْعىً وسَطٌ أَي خِيار؛
قال:
إِنَّ لها فَوارِساً وفَرَطا،
ونَفْرَةَ الحَيِّ ومَرْعىً وَسَطا
ووَسَطُ الشيءِ وأَوْسَطُه: أَعْدَلُه، ورجل وَسَطٌ ووَسِيطٌ: حسَنٌ من
ذلك. وصار الماءُ وَسِيطةً إِذا غلَب الطينُ على الماء؛ حكاه اللحياني عن
أَبي طَيْبة. ويقال أَيضاً: شيءٌ وَسَطٌ أَي بين الجَيِّدِ والرَّدِيء.
وفي التنزيل العزيز: وكذلك جَعَلْناكم أُمّة وسَطاً؛ قال الزجاج: فيه
قولان: قال بعضهم وسَطاً عَدْلاً، وقال بعضهم خِياراً، واللفظان مختلفان
والمعنى واحد لأَن العَدْل خَيْر والخير عَدْلٌ، وقيل في صفة النبي، صلّى
اللّه عليه وسلّم: إِنه كان من أَوْسَطِ قومِه أَي خِيارِهم، تَصِف
الفاضِلَ النسَب بأَنه من أَوْسَطِ قومه، وهذا يَعرِف حقيقَته أَهلُ اللغة لأَن
العرب تستعمل التمثيل كثيراً، فَتُمَثِّل القَبِيلةَ بالوادي والقاعِ وما
أَشبهه، فخيرُ الوادي وسَطُه، فيقال: هذا من وَسَط قومِه ومن وَسَطِ
الوادي وسَرَرِ الوادي وسَرارَته وسِرِّه، ومعناه كله من خَيْر مكان فيه،
وكذلك النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، من خير مكان في نسَب العرب، وكذلك
جُعِلتْ أُمّته أُمة وسَطاً أَي خِياراً.
وقال أَحمد بن يحيى: الفرق بين الوسْط والوَسَط أَنه ما كانَ يَبِينُ
جُزْء من جُزْء فهو وسْط مثل الحَلْقة من الناس والسُّبْحةِ والعِقْد، قال:
وما كان مُصْمَتاً لا يَبِينُ جزء من جزء فهو وسَط مثل وسَطِ الدارِ
والراحة والبُقْعة؛ وقال الليث: الوسْط مخففة يكون موضعاً للشيء كقولك زيد
وسْطَ الدارِ، وإِذا نصبت السين صار اسماً لما بين طَرَفَيْ كل شيء؛ وقال
محمد ابن يزيد: تقول وَسْطَ رأْسِك دُهْنٌ يا فَتى لأَنك أَخبرت أَنه
استقرّ في ذلك الموضع فأَسكنت السين ونصبت لأَنه ظرف، وتقول وسَطُ رأْسِك
صُلْب لأَنه اسم غير ظرف، وتقول ضربْت وسَطَه لأَنه المفعول به بعينه،
وتقول حَفَرْتُ وسَطَ الدارِ بئراً إِذا جعلت الوَسَط كله بِئراً، كقولك
حَرَثْت وسَطَ الدار؛ وكل ما كان معه حرف خفض فقد خرج من معنى الظرف وصار
اسماً كقولك سِرْت من وَسَطِ الدار لأَنَّ الضمير لِمنْ، وتقول قمت في وسَط
الدار كما تقول في حاجة زيد فتحرك السين من وسَط لأَنه ههنا ليس بظرف.
الفراء: أَوْسَطْت القومَ ووَسَطْتُهم وتوَسَّطْتُهم بمعنى واحد إِذا
دخلت وسْطَهم. قال اللّه عزّ وجلّ: فوَسَطْنَ به جَمْعاً. وقال الليث: يقال
وَسَطَ فلانٌ جماعةً من الناس وهو يَسِطُهم إِذا صار وَسْطَهم؛ قال:
وإِنما سمي واسِطُ الرحْل واسِطاً لأَنه وسَطٌ بين القادِمة والآخرةِ، وكذلك
واسِطةُ القِلادةِ، وهي الجَوْهرة التي تكون في وسَطِ الكِرْسِ
المَنْظُوم. قال أَبو منصور في تفسير واسِطِ الرَّحْل ولم يَتَثَبَّتْه: وإِنما
يعرف هذا من شاهَدَ العَربَ ومارَسَ شَدَّ الرِّحال على الإِبل، فأَما من
يفسِّر كلام العرب على قِياساتِ الأَوْهام فإِنَّ خَطأَه يكثر، وللرحْلِ
شَرْخانِ وهما طَرَفاه مثل قرَبُوسَيِ السَّرْج، فالطرَفُ الذي يلي ذنب
البعير آخِرةُ الرحل ومُؤْخِرَتُه، والطرف الذي يلي رأْس البعير واسِطُ
الرحل، بلا هاء، ولم يسمَّ واسطاً لأَنه وَسَطٌ بين الآخرة والقادِمة كما
قال الليث: ولا قادمة للرحل بَتَّةً إِنما القادمةُ الواحدةُ من قَوادِم
الرِّيش، ولضَرْع الناقة قادِمان وآخِران، بغير هاء، وكلام العرب يُدَوَّن
في الصحف من حيث يصح، إِمّا أَن يُؤْخَذَ عن إِمام ثِقَة عَرَفَ كلام
العرب وشاهَدَهم، أَو يقبل من مؤدّ ثقة يروي عن الثقات المقبولين، فأَما
عباراتُ مَن لا معرفة له ولا أَمانة فإِنه يُفسد الكلام ويُزيله عن صِيغته؛
قال: وقرأْت في كتاب ابن شميل في باب الرحال قال: وفي الرحل واسِطُه
وآخِرَتُه ومَوْرِكُه، فواسطه مُقَدَّمه الطويل الذي يلي صدر الراكب، وأَما
آخِرته فمُؤخرَته وهي خشبته الطويلة العريضة التي تحاذي رأْس الراكب،
قال: والآخرةُ والواسط الشرْخان. ويقال: ركب بين شَرْخَيْ رحله، وهذا الذي
وصفه النضْر كله صحيح لا شك فيه. قال أَبو منصور: وأَما واسِطةُ القِلادة
فهي الجوهرة الفاخرة التي تجعل وسْطها. والإِصْبع الوُسطى.
وواسِطُ: موضع بين الجَزيرة ونَجْد، يصرف ولا يصرف. وواسِط: موضع بين
البصرة والكوفة وُصف به لتوسُّطِه ما بينهما وغلبت الصفة وصار اسماً كما
قال:
ونابِغةُ الجَعْدِيُّ بالرَّمْلِ بَيْتُه،
عليه تُرابٌ من صَفِيحٍ مُوَضَّع
قال سيبويه: سموه واسطاً لأَنه مكان وسَطٌ بين البصرة والكوفة: فلو
أَرادوا التأْنيث قالوا واسطة، ومعنى الصفة فيه وإِن لم يكن في لفظه لام. قال
الجوهري: وواسِط بلد سمي بالقصر الذي بناه الحجاج بين الكوفة والبصرة،
وهو مذكر مصروف لأَن أَسماء البُلدان الغالب عليه التأْنيث وتركُ الصرف،
إِلاَّ مِنىً والشام والعراق وواسطاً ودابِقاً وفَلْجاً وهَجَراً فإِنها
تذكر وتصرف؛ قال: ويجوز أَن تريد بها البقعة أَو البلْدة فلا تصرفه كما
قال الفرزدق يرثي به عمرو بن عبيد اللّه بن مَعْمر:
أَمّا قُرَيْشٌ، أَبا حَفْصٍ، فقد رُزِئتْ
بالشامِ، إِذ فارَقَتْك، السمْعَ والبَصَرا
كم من جَبانٍ إِلى الهَيْجا دَلَفْتَ به،
يومَ اللِّقاء، ولولا أَنتَ ما صَبرا
مِنهنَّ أَيامُ صِدْقٍ، قد عُرِفْتَ بها،
أَيامُ واسِطَ والأَيامُ مِن هَجَرا
وقولهم في المثل: تَغافَلْ كأَنَّك واسِطِيٌّ؛ قال المبرد: أَصله أَن
الحجاج كان يتسخَّرُهم في البِناء فيَهْرُبون ويَنامون وسْط الغُرباء في
المسجد، فيجيء الشُّرَطِيُّ فيقول: يا واسِطيّ، فمن رفع رأْسه أَخذه وحمله
فلذلك كانوا يتَغافلون.
والوَسُوط من بيوت الشعَر: أَصغرها. والوَسُوط من الإِبل: التي تَجُرُّ
أَربعين يوماً بعد السنة؛ هذه عن ابن الأَعرابي، قال: فأَما الجَرُور فهي
التي تجرّ بعد السنة ثلاثة أَشهر، وقد ذكر ذلك في بابه. والواسطُ:
الباب، هُذَليّة.