من (خ ر م) الشيء المثقوب والمطقوع والمشقوق.
من (خ ر م) الشيء المثقوب والمطقوع والمشقوق.
خرم: الخَرْمُ: مصدر قولك خَرَمَ الخَرَزَةَ يَخْرِمُها، بالكسر،
خَرْماً وخَرَّمَها فَتَخرَّمَتْ: فَصَمَها وما خَرَمْتُ منه شيئاً أَي ما نقصت
وما قطعت. والتَّخَرُّمُ والانْخِرامُ: التشقق. وانْخَرَمَ ثَقْبُه أَي
انشق، فإِذا لم ينشق فهو أَخْزَمُ، والأُنثى خَزْماءُ، وذلك الموضع منه
الخَرَمَةُ: الليث: خَرِمَ أَنفُه يَخْرَمُ خَرَماً، وهو قطع في
الوَتَرَةِ وفي الناشِرتَيْنِ أَو في طرف الأَرْنَبة لا يبلغ الجَدْعَ، والنعت
أَخْرَمُ وخَرْماءُ، وإِن أَصاب نحو ذلك في الشفة أَو في أَعلى قُوف الأُذن
فهو خَرْمٌ. وفي حديث زيد بن ثابت: في الخَرَماتِ الثلاثِ من الأَنف
الدِّيَة في كل واحدة منها ثلثها؛ قال ابن الأَثير:الخَرَماتُ جمع خَرَمَةٍ،
وهي بمنزلة الاسم من نعت الأَخْرَمِ، فكأَنه أَراد بالخَرَمات
الــمَخْرُومــات، وهي الحُجُبُ الثلاثة: في الأَنف اثنان خارجان عن اليمين واليسار،
والثالث الوَتَرَةُ، يعني أَن الدِّيَة تتعلق بهذه الحجب الثلاثة.
وخَرِمَ الرجل خَرَماً فهو مَخْروم وهو أَخْرَمُ: تَخَرَّمَتْ وَتَرَةُ
أَنفه وقطعت وهي مابين مَنْخِرَيْه، وقد خَرَمه يَخْرِمه خَرْماً.
والخَرَمةُ: موضع الخَرْمِ من الأَنف، وقيل: الذي قطع طرف أَنفه لا يبلغ
الجَدْعَ. والخَوْرَمةُ: أَرنبة الإنسان.
ورجل أَخْرَمُ الأُذن كأَخربها: مثقوبها. والخَرماءُ من الآذان:
المُتَخَرِّمةُ. وعنز خَرْماءُ: شُقَّت أُذنها عرضاً. والأَخْرَمُ: المثقوب
الأُذن، والذي قُطِعَتْ وتَرَةُ أَنفه أَو طرفه شيئاً لا يبلغ الجَدْعَ، وقد
انْخَرَمَ ثَقْبُه. وفي الحديث: رأَيت رسول الله، صلى الله عليه وسلم،
يخطب الناس على ناقة خَرْماء؛ أَصل الخَرْمِ الثقب والشق. وفي الحديث: أَن
النبي، صلى الله عليه وسلم، نهى أَن يُضَحَّى بالمُخَرَّمةِ الأُذنِ،
يعني المقطوعة الأُذن، قال ابن الأَثير: أَراد المقطوعة الأُذن تسمية للشيء
بأَصله، أَو لأَن المُخَرَّمةَ من أَبنية المبالغة كأَن فيها خُرُوماً
وشُقوقاً كثيرة. قال شمر: والخَرْمُ يكون في الأُذن والأنف جميعاً، وهو في
الأَنف أَن يُقْطَع مُقَدَّمُ مَنْخِرِ
الرجل وأَرْنَبَتِه بعد أَن يُقْطَعَ أَعلاها حتى ينفذ إِلى جوف الأَنف.
يقال رجل أَخْرَمُ بيِّن الخَرَمِ. والأَخْرَمُ: الغدير، وجمعه خُرْمٌ
لأَن بعضها يَنْخَرِمُ إِلى بعض؛ قال الشاعر:
يُرَجِّعُ بين خُرْمٍ مُفْرَطات،
صَوافٍ لم تُكَدِّرْها الدِّلاءُ
والأَخْرَمُ من الشِّعْرِ: ما كان في صدره وَتِدٌ مجموعُ الحركتينِ
فَخُرِمَ أَحدهما وطُرِحَ كقوله:
إِنَّ امْرأً قد عاش عِشرِينَ حِجَّةً،
إِلى مِثلها يَرْجو الخُلودَ، لجاهِلُ
(* قوله «عشرين حجة» كذا بالأصل، والذي في التهذيب والتكملة: تسعين؛
وقوله إلى مثلها، الذي في التكملة: إلى مائة، وقد صحح عليه).
كان تمامه: وإِنَّ امرأً؛ قال الزجاج: من عِلَلِ الطَّويل الخَرْمُ وهو
حذف فاء فَعُولُنْ وهو يسمى الثَّلْمَ، قال: وخَرْمُ فَعولُنْ بيته
أَثْلَمُ، وخَرْمُ مَفاعِيلن بيته أَعْضَبُ، ويسمى مُتَخَرِّماً ليُفْصَلَ بين
اسم مُنْخَرم مَفاعِيلن وبين مُنْخَرِمِ أَخْرَم؛ قال ابن سيده:
الخَرْمُ في العَروض ذهاب الفاء من فَعولن فيبقى عولُنْ، فينقل في التقطيع إِلى
فَعْلُنْ، قال: ولا يكون الخَرْمُ إِلا في أَول الجزء في البيت، وجمعه
أَبو إِسحق على خُرُوم، قال: فلا أَدري أَجَعَله اسماً ثم جمعه على ذلك أَم
هو تسمُّح منه. وإِذا أَصاب الرامي بسهمه القِرْطاسَ ولم يَثْقُبْه فقد
خَرَمَهُ. ويقال: أَصاب خَوْرَمَته أَي أَنفه. والخَرْمُ: أَنف الجبل.
والأَخْرمانِ: عظمانِ مُنْخَرِمانِ في طرف الحَنَك الأَعلى. وأَخْرَما
الكتفين: رؤوسهما من قِبَلِ العضدين مما يلي الوابِلة، وقيل: هما طرفا أَسفل
الكتفين اللذان اكتنفا كُعْبُرة الكتف، فالكُعْبُرَةُ بين الأَخْرَمَين،
وقيل: الأَخْرَمُ مُنْقَطَعُ العَيْرِ حيث يَنْجَدِعُ وهو طرفه؛ قال
أَوس بن حَجَرٍ يذكر فرساً يُدْعى قُرْزُلاً:
تالله لولا قُرْزُلٌ، إِذْ نَجا،
لكان مَثْوَى خَدِّكَ الأَخْرَما
أَي لقُتِلْتَ فسقط رأْسُكَ عن أَخْرَمِ كتفك. وأَخْرَمُ الكتف: طرف
عَيْره. التهذيب: أَخْرَمُ الكتف مَحَزٌّ في طرف عَيْرِها مما يلي
الصَّدَفة، والجمع الأَخارِمُ. وخُرْمُ الأَكَمَةِ ومَخْرِمُها:
مُنْقَطَعُها.ومَخْرِمُ الجبل والسَّيْل: أَنفه. والخَرْمُ: ما خَرَمَ سَيْلٌ أَو
طريقٌ في قُفّ أَو رأْس جبل، واسم ذلك الموضع إِذا اتسع مَخْرِمٌ كمَخْرِم
العَقَبةِ ومَخْرِم المَسِيلِ. والمَخْرِمُ، بكسر الراء: مُنْقَطَعُ أَنف
الجبل، والجمع المَخارِمُ، وهي أَفواه الفِجاجِ. والمَخارِمُ: الطُّرُق
في الغلظ؛ عن السُّكَّريّ، وقيل: الطُّرُقُ في الجبالِ وأَفواه الفِجاجِ؛
قال أَبو ذؤيب:
به رُجُماتٌ بَيْنَهُنَّ مَخارِمٌ
نُهُوجٌ، كَلَبَّات الهَجائِنِ، فِيحُ
وفي حديث الهجرة: مَرَّا بأَوْسٍ الأَسْلَمِيِّ فحملهما على جَمَلٍ وبعث
معهما دَليلاً وقال: اسْلُكْ بهما حيثُ تَعْلَمُ من مَخارِمِ الطُّرُق،
وهو جمع مَخْرِم، بكسر الراء، وهو الطريق في الجبل أَو الرمل، وقيل: هو
مُنْقَطَعُ أَنف الجبل؛ وقول أَبي كبير:
وإِذا رَمَيْتَ به الفِجاجَ رأَيْتَهُ
يَهْوِي مَخارِمَها هُوِيَّ الأَجْدَلِ
أَراد في مَخارِمِها فهو على هذا ظَرْفٌ كقولهم ذهبتُ الشأْمَ وعَسَلَ
الطريقَ الثَّعْلَبُ، وقيل: يَهْوِي هنا في معنى يَقْطَعُ، فإِذا كان هذا
فَمَخارِمَها مفعول صحيح. وما خَرَمَ الدليلُ عن الطَّريقِ أَي ما عدل.
ومَخارِمُ الليل: أَوائلُه؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
مَخارِمُ الليل لَهُنَّ بَهْرَجُ،
حِين ينامُ الوَرَعُ المُزَلَّجُ
قال: ويروى مَحارِمُ الليل أَي ما يَحْرُمُ سُلوكه على الجَبانِ
الهِدانِ، وهو مذكور في موضعه. ويَمِينٌ ذات مَخارِمَ أَي ذاتُ مَخارِجَ. ويقال:
لا خَيرَ في يَمِينٍ لا مَخارِمَ لها أَي لا مَخارِجَ، مأْخوذ من
المَخْرِمِ وهو الثَّنِيَّةُ بين الجبلين. وقال أَبو زيد: هذه يَمينٌ قد
طَلَعَتْ في المَخارِمِ، وهي اليمين التي تَجْعَلُ لصاحبها مَخْرَجاً.
والخَوْرَمةُ: أَرْنَبةُ الإِنسانِ. ابن سيده: الخَوْرَمَةُ مُقَدَّمُ
الأَنف، وقيل: هي ما بين المَنْخِرَيْنِ. والخَوْرَمُ: صُخور لها خُرُوقٌ،
واحدتها خَوْرَمَةٌ. والخَوْرَمُ: صخرة فيها خُروق. والخَرْمُ: أَنف
الجبل، وجمعه خُرُومٌ، ومنه اشتقاق المَخْرِم. وضَرْعٌ فيه تَخريمٌ
وتَشْريمٌ إِذا وقع فيه حُزُوزٌ.
واخْتُرِمَ فلانٌ عَنَّا: مات وذهب. واخْتَرَمَتْهُ المَنِيَّةُ من بين
أَصحابه: أَخَذَتْهُ من بينهم. واخْتَرَمَهُم الدهرُ وتَخَرَّمَهُم أَي
اقتطعهم واستأْصلهم. ويقال: خَرَمَتْهُ الخَوارِمُ إِذا مات، كما يقال
شَعَبَتْهُ شَعُوبٌ. وفي الحديث: يريد أَن يَنْخَرِمَ ذلك القَرْنُ؛
القَرْنُ: أَهلُ كلِّ زمانٍ، وانْخِرامُهُ: ذهابُهُ وانقضاؤه. وفي حديث ابن
الحنفية: كِدْتُ أَن أَكون السوادَ المُخْتَرَمَ، من اخْتَرَمَهُم الدهرُ
وتَخَرَّمهم استأْصلهم.
والخَرْماءُ: رابِيةٌ تَنْهَبِطُ في وَهْدَةٍ، وهو الأَخرمُ أَيضاً.
وأَكَمَةٌ خَرْماءُ: لها جانب لا يمكن منه الصُّعودُ.
وريح خارِمٌ: باردة؛ كذا حكاه أَبو عبيد بالراء، ورواه كراع خازِمٌ،
بالزاي، قال: كأَنها تَخْزِِمُ الأَطْراف أَي تنظمها، وسيأْتي ذكره.
والخُرَّمُ: نباتُ الشَّجرِ؛ عن كراع. وعيش خُرَّمٌ: ناعِمٌ، وقيل: هو
فارسي معرب؛ قال أَبو نُخَيْلة في صفة الإِبل:
قاظَتْ من الخُرْمِ بقَيْظٍ خُرَّمِ
أَراد بقَيْظٍ ناعم كثير الخَيْرِ؛ ومنه يقال: كان عَيْشُنا بها
خُرَّماً؛ قاله ابن الأَعرابي. والخُرْمُ وكاظِمَة
(* قوله «والخرم وكاظمة إلخ»
كذا بالأصل ومثله في التكملة، والذي في ياقوت: والخرم في كاظمة إلخ):
جُبَيْلاتٌ وأُنوفُ جبالٍ؛ وأَما قول جرير:
إِنَّ الكَنِيسة كانَ هَدْمُ بنائها
نَصْراً، وكان هَزيمةً للأَخْرَمِ
فإِنَّ الأَخْرَمَ اسمُ مَلك من مُلوك الرُّوم. والخَريمُ: الماجِنُ.
والخارِمُ: التارِكُ. والخارِمُ: المُفْسِدُ. والخارِمُ: الرِّيحُ
الباردةُ.
وفي حديث سَعْدٍ: لما شكاه أَهل الكوفة إِلى عُمَرَ في صلاته قال ما
خَرَمتُ من صلاة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، شيئاً أَي ما تركْتُ؛ ومنه
الحديث: لم أَخْرِمْ منه حَرْفاً أَي لم أَدَعْ.
والخُرّامُ: الأَحداث المُتَخَرِّمونَ في المعاصي.
وجاء يَتَخَرَّمُ زَنْدُه أَي يَرْكبُنا بالظلم والحُمْق؛ عن ابن
الأَعرابي، قال: وقال ابن قنان لرجل وهو يَتَوَعَّدُهُ: والله لئن انْتَحَيْتُ
عليك فإِني أَراك يَتَخَرَّمُ زَنْدُك، وذلك أَن الزَّنْدَ إِذا
تَخَرَّمَ لم يُورِ القادِحُ به ناراً، وإِنما أَراد أَنه لا خَيْرَ فيه كما أَنه
لا خير في الزَّنْدِ المُتَخَرِّم. وتَخَرَّمَ زَنْدُ فلان أَي سكن
غضبُه. وتَخَرَّمَ أَي دانَ بدينِ الخُرَّمِيَّة، وهم أَصحاب التَّناسُخِ
والإِباحةِ.
أَبو خيرة: الخَرْوَمانةُ بقلةٌ خبيثةُ الرِّيحِ تنبُتُ في العَطَنِ
(*
قوله «تنبت في العطن» هكذا في الأصل ويؤيده ما في مادة ش ق ذ من الأصل
والمحكم من التعبير بالإعطان وصوبه شارح القاموس وخطأ ما فيه وهو تنبت في
القطن ولكن الذي في التهذيب والتكملة هنا مثل ما في القاموس)، وأَنشد:
إِلى بيت شِقْذانٍ، كأَنَّ سِبالَهُ
ولِحْيَتَهُ في خَرْوَمانٍ منوِّرِ
وفي الحديث ذِكْرُ خُرَيْمٍ، هو مصغر ثَنِيَّةٌ بين المدينة
والرَّوْحاء، كان عليها طريق رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مُنْصَرَفَهُ من
بَدْرٍ.ومَخْرَمَةُ، بالفتح، ومُخَرَّمٌ وخُرَيْمٌ: أَسماء. وخُرْمانُ وأُم
خُرْمانَ
(* قوله «وأم خرمان» بضم فسكون كما في ياقوت والتكملة): موضعان.
والخَرْماءُ: عَيْنٌ بالصَّفْراء كانت لِحَكيم بن نَضْلَةَ الغِفارِيِّ ثم
اشْتُرِيَتْ من وَلَدِهِ. والخَرْماءُ: فَرَسٌ لِبَني أَبي رَبيعةَ.
والخُرَّمانُ: نبْتٌ.
والخُرْمانُ، بالضم: الكذِبْ؛ يقال: جاء فلان بالخُرْمانِ أَي بالكذب.
ابن السكيت: يقال ما نَبَسْتُ فيه بخَرْماءَ، يعني به الكذب.
خرب: الخَرابُ: ضِدُّ العُمْرانِ، والجمع أَخْرِبةٌ. خَرِبَ، بالكسر، خَرَباً، فهو خَرِبٌ وأَخْرَبه وخَرَّبَه.
والخَرِبةُ: موضع الخَرابِ، والجمع خَرِباتٌ. وخَرِبٌ: كَكَلِم، جمع
كَلِمة. قال سيبويه: ولا تُكَسَّرُ فَعِلةٌ، لقِلَّتها في كلامهم. ودارٌ
خَرِبةٌ، وأَخْرَبَها صاحبُها، وقد خَرَّبَه الـمُخَرِّبُ تَخْرِيباً؛ وفي
الدعاءِ: اللهم مُخَرِّبَ الدنيا ومُعَمِّر الآخرةِ أَي خَلَقْتَها للخَرابِ.
وفي الحديث: مِنَ اقْتِرابِ الساعةِ إِخْرابُ العامِرِ وعِمارةُ الخَراب؛ الإِخْرابُ: أَن يُتْرَكَ الـمَوْضِعُ خَرِباً.
والتَّخْريبُ: الهَدْمُ، والمرادُ به ما يُخَرِّبُه الـمُلُوكُ مِن العُمْرانِ، وتَعْمُرُه مِن الخَرابِ شَهْوةً لا إِصلاحاً، ويَدْخُل فيه ما يَعْمَلُه الـمُتْرَفُون مِن تَخْريبِ الـمَساكِنِ العامِرةِ لغير ضرورةٍ وإِنْشاءِ عِمارَتِها.
وفي حديث بناء مسجِدِ المدينةِ: كان فيه نَخْلٌ وقُبُورُ المشركين
وخِرَبٌ، فأَمَرَ بالخِرَبِ فسُوِّيَتْ. قال ابن الأَثير: الخِرَبُ يجوز أَن يكون، بكسر الخاءِ وفتح الراءِ، جمع خَرِبةٍ، كَنَقِمةٍ ونِقَمٍ؛ ويجوز أَن يكون جمع خِرْبةٍ، بكسر الخاءِ وسكون الراءِ، على التخفيف، كنِعْمةٍ ونِعَمٍ؛ ويجوز أَن يكون الخَرِبَ، بفتح الخاءِ وكسر الراءِ، كَنبِقةٍ ونَبِقٍ وكَلِمةٍ وكَلِمٍ. قال: وقد روي بالحاءِ المهملة، والثاء المثلثة، يريد به الموضع الـمَحْرُوثَ للزِّراعةِ.
وخَرَّبُوا بيوتَهم: شُدِّدَ للمبالغة أَو لِفُشُوِّ الفِعْلِ، وفي التنزيل: يُخرِّبُونَ بيوتَهم؛ مَن قرأَها بالتشديد معناه يُهَدِّمُونَها، ومن قرأَ يُخْرِبُون، فمعناه يَخْرُجُونَ منها ويَتْرُكُونها. والقراءة بالتخفيف أَكثر، وقرأَ أَبو عمرو وحده يُخَرِّبون، بتشديد الراءِ، وقرأَ
سائرُ القُرَّاءِ يُخْرِبون، مخففاً؛ وأَخْرَبَ يُخْرِبُ، مثله.
وكلُّ ثَقْبٍ مُستدِير: خُرْبةٌ مثل ثَقْبِ الأُذن، وجمعها خُرَبٌ؛
وقيل: هو الثَّقْبُ مُسْتديراً كان أَو غير ذلك. وفي الحديث: أَنه سأَله رجل عن إِتْيان النِّساءِ في أَدْبارِهِنَّ، فقال: في أَيِّ الخُرْبَتَيْنِ، أَو في أَيِّ الخُرْزَتَيْنِ، أَو في أَيِّ الخُصْفَتَيْنِ، يعني في أَيِّ الثُّقْبَتَيْنِ؛ والثلاثةُ بمعنىً واحد، وكلها قد رويت.
والـمَخْرُوبُ: الـمَشْقوقُ، ومنه قيل: رَجُل أَخْرَبُ، للمشْقُوقِ
الأُذُنِ، وكذلك إِذا كان مَثْقُوبَها، فإِذا انْخَرَم بعد الثَّقْبِ، فهو
أَخْرَمُ. وفي حديث عليّ، رضي اللّه عنه: كأَني بحَبَشِيٍّ مُخَرَّبٍ على هذه الكعبة، يعني مَثْقُوبَ الأُذُنِ. يقال: مُخَرَّبٌ ومُخَرَّمٌ. وفي حديث المغيرة، رضي اللّه عنه: كأَنه أَمةٌ مُخَرَّبةٌ أَي مَثْقوبةُ الأُذُنِ؛ وتلك الثُّقْبَةُ هي الخُرْبةُ.
وخُرْبَةُ السِّنْدِيِّ: ثَقْبُ شَحْمةِ أُذنِه إِذا كان ثَقباً غير مَخْرُوم، فإِن كان مَخْرومــاً، قيل: خَربَةُ السِّنْدِيِّ؛ أَنشد ثعلب قول ذي الرمة:
كأَنه حَبَشِيٌّ يَبْتَغِي أَثَراً، * أَوْ مِنْ مَعاشِرَ، في آذانِها، الخُرَبُ
ثم فسَّره فقال: يَصِف نَعاماً شَبَّهَه برجل حَبَشيٍّ لسَوادِه؛ وقوله
يَبْتَغِي أَثَراً لأَنه مُدَلَّى الرأْسِ، وفي آذانِها الخُرَبُ يعني السِّنْدَ. وقيل: الخُرْبةُ سَعةُ خَرْقِ الأُذن.
وأَخْرَبُ الأُذُنِ:كخُرْبَتِها، اسم كأَفْكَل، وأَمةٌ خَرْباءُ وعَبْدٌ أَخْرَبُ.
وخُرْبَةُ الإِبْرةِ وخُرَّابَتُها: خُرْتُها.
والخَرَبُ: مصدر الأَخْرَبِ، وهو الذي فيه شَقٌّ أَو ثَقْبٌ مُسْتَديرٌ.
وخَرَبَ الشيءَ يَخْرُبُه خَرْباً: ثَقَبَه أَو شَقَّه. والخُرْبةُ: عُرْوةُ الـمَزادةِ، وقيل: أُذُنها، والجمع خُرَبٌ وخُرُوبٌ، هذه عن أبي
زيد، نادرة، وهي الأَخْرابُ والخُرَّابةُ كالخُرْبةِ.
وفي حديث ابن عمر في الذي يُقَلِّدُ بَدَنَتَه فيَضِنُّ بالنَّعْلِ قال:
يُقلِّدها خُرابةً. قال أَبو عبيد: والذي نَعْرِفُ في الكلام أَنها
الخُرْبةُ، وهي عُرْوةُ الـمَزادةِ، سُميت خُرْبةً لاسْتِدارتها.
قال أَبو عبيدة: لِكلِّ مَزادةٍ خُرْبَتانِ وكُلْيَتان، ويقال خُرْبانِ،
ويُخْرَزُ الخُرْبانِ إِلى الكُلْيَتَيْنِ؛ ويروى قوله في الحديث:
يُقَلِّدُها خُرابةً، بتخفيف الراءِ وتشديدها. قال أَبو عبيد: المعروف في كلام العرب. أَن عُرْوَة الـمَزادةِ خُرْبةٌ، سُميت بذلك لاسْتِدارتِها، وكلُّ ثَقْبٍ مُسْتَديرٍ خُرْبةٌ. وفي حديث عبداللّه: ولا سَتَرْتَ الخَرَبةَ يعني العَوْرةَ.
والخَرْباءُ من الـمَعَزِ: التي خُرِبَتْ أُذُنها، وليس لخُرْبَتِها طُولٌ ولا عَرْضٌ. وأُذن خَرْباءُ: مَشْقُوقةُ الشَّحْمةِ. وعَبْدٌ أَخْرَبُ:
مَشْقُوقُ الأُذنِ. والخَرْبُ في الهَزَجِ: أَن يدخل الجُزءَ الخَرْمُ
والكَفُّ مَعاً فيصير مَفاعِيلُنْ إِلى فاعِيلُ، فيُنْقَل في التقطيع إِلى
مَفعولُ، وبيتُه:
لو كانَ أَبُو بِشْرٍ
أَمِيراً، ما رَضِيناهُ
فقوله: لو كان، مفعولُ. قال أَبو إِسحق: سُمي أَخْرَبَ، لذهاب أَوَّله وآخِره، فكأَنَّ الخَرابَ لَحِقَه لذلك.
والخُرْبَتانِ: مَغْرِزُ رأْسِ الفَخِذِ. الجوهري: الخُرْبُ ثَقْبُ رأْسِ الوَرِكِ، والخُرْبةُ مثله. وكذلك الخُرابةُ، وقد يشدَّد.
وخُرْبُ الوَرِكِ وخَرَبُه: ثَقْبُه، والجمع أَخْرابٌ؛ وكذلك خُرْبَتُه
وخُرابَتُه، وخُرَّابَتُه وخَرَّابَتُه.
والأَخْرابُ: أَطْرافُ أَعْيار الكَتِفَيْنِ السُّفَلُ.
والخُرْبةُ: وِعاءٌ يَجْعَلُ فيه الراعي زاده، والحاء فيه لغة.
والخُرْبةُ والخَرْبةُ والخُرْبُ والخَرَبُ: الفسادُ في الدِّين، وهو من ذلك. وفي الحديث: الحَرَمُ لا يُعِيذُ عاصِياً، ولا فارّاً بِخَرَبةٍ. قال ابن الأَثير: الخَرَبةُ أَصلُها العيبُ، والمراد بها ههنا الذي يَفِرُّ بشيءٍ يريد أَن يَنْفَرِدَ به ويَغْلِبَ عليه مـما لا تُجِيزُه الشَّريعةُ.
والخارِبُ: سارِقُ الإِبِلِ خاصَّةً، ثم نُقِل إِلى غيرها اتِّساعاً.
قال: وقد جاءَ في سِياقِ الحديثِ في كتاب البخاري: أَنَّ الخَرَبةَ
الجِنايةُ والبَلِيَّةُ. قال وقال الترمذي: وقد روي بِخِزْيةٍ. قال: فيجوز أَن يكون بكسر الخاء، وهو الشيء الذي يُسْتَحْيا منه. أَو من الهَوانِ والفضيحةِ؛ قال: ويجوز أَن يكون بالفتح، وهو الفَعْلةُ الواحدة منهما؛ ويقال: ما فيه خَرَبةٌ أَي عَيْبٌ.
ويقال: الخارِبُ من شدائدِ الدهر. والخارِبُ: اللِّصُّ، ولم يُخَصَّصْ به سارِقُ الإِبِلِ ولا غيرِها؛
وقال الشاعر فيمن خَصَّصَ:
إِنَّ بها أَكْتَلَ أَوْ رِزامَا، * خُوَيْرِبَيْنِ يَنْقُفانِ الْهاما
الأَكْتَلُ والكَتالُ: هما شِدّةُ العيش. والرِّزامُ: الهُزال. قال أَبو
منصور: أَكْتَلُ ورِزامٌ، بكسر الراءِ: رجُلانِ خارِبانِ أَي لِصَّانِ.
وقوله خُوَيْرِبانِ أَي هما خارِبانِ، وصغَّرهما وهما أَكْتَلُ ورِزامٌ،
ونَصَب خُوَيْرِبَيْنِ على الذَّمِّ، والجمع خُرَّابٌ.
وقد خَرَبَ يَخْرُبُ خِرابةً؛ الجوهري: خَرَبَ فلانٌ بإِبل فلان،
يَخْرُبُ خِرابةً: مثل كَتَبَ يَكْتُبُ كِتابةً؛ وقال اللحياني: خَرَبَ فلان بإِبل فلان يَخْرُب بها خَرْباً وخُرُوباً وخِرابةً وخَرابةً أَي سَرَقَها.
قال: هكذا حكاه مُتَعدِّياً بالباءِ. وقال مرة: خَرَبَ فلان أَي صارَ
لِصّاً؛ وأَنشد:
أَخْشَى عَلَيْها طَيِّئاً وأَسَدا،
وخارِبَيْنِ خَرَبَا فمَعَدَا،
لا يَحْسِبانِ اللّهَ إِلاَّ رَقَدا
والخَرَّابُ: كالخارِب.
والخُرابةُ: حَبْلٌ من لِيفٍ أَو نحوه.
وخَلِيَّةٌ مُخْرِبةٌ: فارِغةٌ لم يُعَسَّلْ فيها.
والنَّخاريبُ: خُرُوقٌ كبيُوتِ الزَّنابِيرِ، واحدتها نخرُوبٌ.
والنَّخاريبُ: الثُّقَب الـمُهَيَّأَةُ من الشَّمَع، وهي التي تَمُجُّ النَّحْلُ
العَسَلَ فيها.
ونَخْرَبَ القادِحُ الشجرةَ: ثَقَبَها؛ وقد قيل: إِنّ هذا كُلّه رباعيّ،
وسنذكره.
والخُرْبُ، بالضم: مُنْقَطَعُ الجُمْهُورِ من الرَّمْل. وقيل: مُنْقَطَعُ الجُمْهُورِ الـمُشْرِفِ منَ الرَّمل، يُنْبِتُ الغَضى.
والخَرِبُ: حدّ من الجبل خارجٌ. والخَرِبُ: اللَّجَفُ من الأَرضِ؛
وبالوجهين فسر قول الراعي:
فما نَهِلَتْ، حتى أَجاءَتْ جِمامَه * إِلى خَرِبٍ، لاقَى الخَسِيفةَ خارِقُهْ
وما خَرَّبَ عليه خَرْبةً أَي كلمة قَبِيحةً. يقال: ما رأَينا من فلان
خَرْبةً وخَرْباءَ مُنْذُ جاوَرَنا أَي فساداً في دِينه أَو شَيْناً.
والخَرَبُ من الفَرَس: الشعرُ الـمُخْتَلِفُ وسَطَ مِرْفَقِه. أَبو عبيدة: من دَوائِر الفرَسِ دائرةُ الخَرَبِ، وهي الدائرةُ التي تكون عند
الصَّقْرَيْنِ، ودائرتَا الصَّقْرَيْنِ هما اللَّتانِ عند الحَجَبَتَيْنِ
والقُصْرَيَيْنِ. الأَصمعي: الخَرَبُ الشَّعَرُ الـمُقْشَعِرُّ في الخاصرةِ؛
وأَنشد:
طويلُ الحِداءِ، سَلِيمُ الشَّظَى، * كَريمُ المِراحِ، صَلِيبُ الخَرَبْ
والحِدَأَةُ: سالِفةُ الفَرَسِ، وهو ما تقَدَّمَ من عُنْقِه. والخَرَبُ:
ذكَر الحُبارَى، وقيل هو الحُبارَى كُلُّها، والجمع خِرابٌ وأَخْرابٌ
وخِرْبانٌ ، عن سيبويه.
ومُخَرَّبةُ: حيٌّ(1)
(1 قوله «ومخرّبة حيّ» كذا ضبط في نسخة من المحكم.)
من بني تميم، أَو قبيلة. ومَخْرَبةُ: اسم.
والخُرَيبةُ: موضع، النَّسبُ إِليه خُرَيْبِيٌّ، على غير قياس، وذلك أَنّ ما كان على فُعَيْلةَ، فالنَّسبُ إِليه بطَرْحِ الياءِ، إِلا ما شذَّ كهذا
ونحوه. وقيل:
خُرَيْبةُ موضع بالبصرة، يسمى بُصَيْرةَ الصُّغْرى.
والخُرْنُوبُ والخَرُّوب، بالتشديد: نبت معروف، واحدته خُرْنُوبةٌ وخَرْنُوبةٌ، ولا تقل: الخَرْنوب، بالفتح(1)
(1 قوله «ولا تقل الخرنوب بالفتح» هذا عبارة الجوهري، وأمـَّا قوله واحدته خرنوبة وخرنوبة فهي عبارة المحكم وتبعه
مجدالدين.) . قال: وأُراهُمْ أَبدَلوا النون من إِحدى الراءَين كراهية التضعيف، كقولهم إِنْجانة في إِجانَّة؛ قال أَبو حنيفة: هما ضربان: أَحدهما اليَنْبُوتةُ، وهي هذا الشَّوكُ الذي يُسْتَوْقَدُ به، يَرْتَفعُ الذِّراعُ ذُو أَفْنانٍ وحَمْلٍ أَحَمُّ خَفيفٌ، كأَنه نُفّاخٌ، وهو بَشِعٌ لا يُؤْكل إِلا في الجَهْد، وفيه حَبٌّ صُلْبٌ زَلاَّلٌ؛ والآخر الذي يقال له الخَرُّوبُ الشامي، وهو حُلْوٌ يؤْكل، وله حَبٌّ كَحَبِّ اليَنْبُوتِ، إِلاَّ أَنه أَكْبَرُ، وثَمَرُه طِوالٌ كالقِثّاءِ الصِّغارِ، إِلاّ أَنه عَريضٌ، ويُتَّخَذُ منه سَويقٌ ورُبٌّ. التهذيب: والخَرُّوبة شجرة اليَنْبُوتِ، وقيل: الينبوتُ الخَشْخاشُ. قال: وبلغنا في حديث سُلَيْمان، على نَبِيِّنا وعليه الصلاةُ والسلامُ، أَنه كانَ ينْبُتُ في مُصَلاّه كلَّ يَوْمٍ شَجَرةٌ، فيَسْأَلُها: ما أَنـْتِ؟ فَتقُولُ: أَنا شَجرةُ كذا، أَنْبُتُ في أَرضِ كذا، أَنا دَواءٌ مِنْ داءِ كَذا، فيَأْمُرُ بها فَتُقْطَعُ، ثم
تُصَرُّ، ويُكْتَبُ على الصُّرّةِ اسْمُها ودَواؤُها، حتى إِذا كان في آخِر ذلك نَبَتَتِ اليَنْبُوتةُ، فقال لها: ما أَنتِ؟ فقالت: أَنا الخَرُّوبةُ
وسَكَتَتْ؛ فقال سُلَيْمانُ، عليه السلام: الآن أَعْلَمُ أَنَّ اللّه قد
أَذِنَ في خَرابِ هذا الـمَسْجدِ، وذَهابِ هذا الـمُلْكِ، فلم يَلْبَثْ
أَن ماتَ.
وفي الحديث ذكر الخُرَيْبة، هي بضم الخاءِ، مصغَّرة: مَحِلَّةٌ مِنْ
مَحالِّ البَصْرة، يُنْسَبُ إِليها خَلْقٌ كثير.
وخَرُّوبٌ وأَخْرُبٌ: مَوْضِعان؛ قال الجُمَيْحُ:
ما لأُمَيْمةَ أَمـْسَتْ لا تُكَلِّمُنا، * مَجْنُونةٌ، أَمْ أَحَسَّتْ أَهْلَ خَرُّوبِ؟(2)
(2 قوله «قال الجميح ما لأميمة إلخ» هذا نص المحكم والذي في التكملة قال الجميح الأسدي واسمه منقذ: «أمست أمامة صمتا ما تكلمنا» مجنونة وفيها ضبط مجنونة... بالرفع والنصب.)
مَرَّتْ بِراكِبِ مَلْهُوزٍ، فقالَ لها: * ضُرِّي الجُمَيْحَ، ومَسِّيهِ بتَعْذيبِ
يقول: طَمَحَ بَصَرُها عني، فكأَنها تَنْظُر إِلى راكِبٍ قد أَقبلَ من
أَهْلِ خَرُّوبٍ.
سيل: سالَ الماءُ والشيءُ سَيْلاً وسَيَلاناً: جَرَى، وأَسالَه غيرُه
وسَيَّله هو. وقوله عز وجل: وأَسَلْنا له عَيْن القِطْر؛ قال الزجاج:
القِطْرُ النُّحاس وهو الصُّفْر، ذُكِر أَن الصُّفْر كان لا يذوب فذاب مُذْ
ذلك فأَساله الله لسُليْمان. وماءٌ سَيْلٌ: سائلٌ، وضَعوا المصدر موضع
الصفة. قال ثعلب: ومن كلام بعض الرُّوَّاد: وجَدْتُ بَقْلاً وبُقَيْلاً وماءً
غَلَلاً سَيْلاً؛ قوله بَقْلاً وبُقَيْلاً أَي منه ما أَدْرَك فكَبُر
وطال، ومنه ما لم يُدْرِك فهو صغير. والسَّيْل: الماءُ الكثير السائل، اسم
لا مصدر، وجمعه سُيولٌ. والسَّيْل: معروف، والجمع السُّيول. ومَسِيلُ
الماء، وجمعه
(* قوله «ومسيل الماء وجمعه» كذا في الأصل، وعبارة الجوهري:
ومسيل الماء موضع سيله والجمع إلخ) أَمْسِلةٌ: وهي مياه الأَمطار إِذا
سالت؛ قال الأَزهري: الأَكثر في كلام العرب في جمع مَسِيل الماء مَسايِلُ،
غير مهموز، ومَن جمعه أَمْسِلةً ومُسُلاً ومُسْلاناً فهو على تَوَهُّم أَن
الميم في مَسِيل أَصلية وأَنه على وزن فَعِيل، ولم يُرَدْ به مَفْعِل كما
جمعوا مَكاناً أَمْكِنةً، ولها نظائر. والمَسِيل: مَفْعِلٌ من سالَ
يَسِيلُ مَسِيلاً ومَسالاً وسَيْلاً وسَيَلاناً، ويكون المَسِيل أَيضاً
المكان الذي يَسيل فيه ماءُ السَّيْل، والجمع مَسايِل، ويجمع أَيضاً على
مُسْلٍ وأَمْسِلة ومُسْلان، على غير قياس، لأَن مَسِيلاً هو مَفْعِل ومَفْعِلٌ
لا يجمع على ذلك، ولكنهم شَبَّهوه بفَعِيل كما قالوا رَغيفٌ وأَرْغُف
وأَرْغِفة ورُغْفان؛ ويقال للمَسيل أَيضاً مَسَل، بالتحريك، والعرب تقول:
سالَ بهم السَّيْل وجاشَ بنا البحر أَي وقَعوا في أَمر شديد ووقعنا نحن في
أَشدَّ منه، لأَن الذي يَجِيش به البحر أَسْوَأُ حالاً ممن يَسِيل به
السَّيْل؛ وقول الأَعشى:
فَلَيْتَكَ حالَ البَحْرُ دونَكَ كُلُّه،
وكُنْتَ لَقًى تَجْري عليك السَّوائِلُ
والسَّائلة من الغُرَر: المعتدلةُ في قَصَبة الأَنف، وقيل: هي التي سالت
على الأَرْنَبة حتي رَثَمَتْها، وقيل: السائلة الغُرَّة التي عَرُضَت في
الجَبْهة وقصَبة الأَنف. وقد سالَتِ الغُرَّةُ أَي استطالت وعَرُضَت،
فإِن دَقَّت فهي الشِّمْراخ. وتَسايَلَت الكَتائبُ إِذا سالت من كل وجه.
وفي صفته، صلى الله عليه وسلم: سائل الأَطراف أَي ممتدّها، ورواه بعضهم
بالنون كجِبرِيل وجِبْرِين، وهو بمعناه.
ومُسالا الرَّجُلِ: جانبا لحيته، الواحد مُسالٌ؛ وقال:
فَلَوْ كان في الحَيِّ النَّجِيِّ سَوادُه،
لما مَسَحَتْ تِلْك المُسالاتِ عامِرُ
ومُسالاهُ أَيضاً: عِطْفاه؛ قال أَبو حَيَّة:
فما قامَ إِلاَّ بَيْنَ أَيْدٍ تُقِيمُه،
كما عَطَفَتْ رِيحُ الصَّبا خُوطَ ساسَمِ
إِذا ما نَعَشْناه على الرَّحْل يَنْثَني،
مُسالَيْه عنه من وَراءٍ ومُقْدَم
إِنما نَصَبه على الظَّرف. وأَسالَ غِرارَ النَّصْل: أَطاله وأَتَمَّهُ؛
قال المتنَخِّل الهذلي وذكر قوساً:
قَرَنْت بها مَعابِلَ مُرْهَفات،
مُسالاتِ الأَغِرَّةِ كالقِراط
والسِّيلانُ، بالكسر: سِنْخُ قائمة السيف والسِّكِّين ونحوهما. وفي
الصحاح: ما يُدْخَل من السيف والسكين في النِّصاب؛ قال أَبو عبيد: سمعته ولم
أَسمعه من عالِمٍ؛ قال ابن بري: قال الجَوالِيقي أَنشد أَبو عروة
للزِّبرِقان بن بدر:
ولَنْ أُصالِحَكُمْ ما دام لي فَرَسٌ،
واشتَدَّ قَبْضاً على السِّيلانِ إِبْهامي
والسَّيَالُ: شجرٌ سَبْط الأَغصان عليه شوك أَبيض أُصوله أَمثال ثَنايا
العَذارى؛ قال الأَعشى:
باكَرَتْها الأَعْراب في سِنَةِ النَّوْ
مِ فتَجْري خِلالَ شَوْكِ السَّيَال
يصف الخَمْر. ابن سيده: والسَّيَال، بالفتح: شجر له شوك أَبيض وهو من
العِضاه؛ قال أَبو حنيفة: قال أَبو زياد السَّيَال ما طال من السَّمُر؛
وقال أَبو عمرو: السَّيَال هو الشُّبُه، قال: وقال بعض الرواة السَّيَال
شَوْك أَبيض طويل إِذا نُزِع خرج منه مثل اللبن؛ قال ذو الرُّمة يصف
الأَجمال:
ما هِجْنَ إِذ بَكَّرْنَ بالأَجمال،
مثل صَوَادِي النَّخْل والسَّيَال
واحدته سَيَالَةٌ. والسَّيالةُ: موضع.
عضب: العَضْبُ: القطع. عَضَبَه يَعْضِـبُه عَضْباً. قَطَعه. وتدعو العربُ على الرجل فتقول: ما له عَضَبَه اللّهُ؟ يَدْعونَ عليه بقَطْعِ يده ورجله. والعَضْبُ: السيفُ القاطع. وسَيْفٌ عَضْبٌ: قاطع؛ وُصِف بالمصدر.
ولسانٌ عَضْبٌ: ذَلِـيقٌ، مَثَلٌ بذلك.
وعَضَبَه بلسانه: تَناوَلَه وشَتمه. ورجل عَضَّابٌ: شَتَّام. وعَضُبَ
لسانُه، بالضم، عُضُوبة: صار عَضْباً أَي حَديداً في الكلام. ويُقال: إِنه لَـمَعْضُوب اللسانِ إِذا كان مَقْطُوعاً، عَيِـيِّاً، فَدْماً.
وفي مَثَل: إِنَّ الحاجةَ ليَعْضِـبُها طَلَبُها قَبْلَ وقْتِها؛ يقول: يَقْطَعُها ويُفْسدها. ويقال: إِنك لتَعْضِـبُني عن حاجتي أَي تَقْطَعُني عنها.
والعَضَبُ في الرُّمْحِ: الكسرُ. ويُقال: عَضَبْتُه بالرُّمْحِ أَيضاً:
وهو أَن تَشْغَلَه عنه. وقال غيره: عَضَبَ عليه أَي رجع عليه؛ وفلان يُعاضِبُ فلاناً أَي يُرادُّه؛ وناقة عَضْباءُ: مَشْقُوقة الأُذُن، وكذلك الشاة؛ وجَملٌ أَعْضَبُ: كذلك.
والعَضْباءُ من آذانِ الخَيْل: التي يُجاوز القَطْعُ رُبْعَها. وشاة
عَضْباءُ: مكسورة القَرْن، والذَّكر أَعْضَبُ. وفي الصحاح: العَضْباءُ الشاةُ المكسورةُ القَرْنِ الداخلِ، وهو الـمُشاشُ؛ ويقال: هي التي انكسر أَحدُ قَرْنيها، وقد عَضِـبَتْ، بالكسر، عَضَباً وأَعْضَبَها هو. وعَضَبَ القَرْنَ فانْعَضَبَ: قَطَعه فانْقَطَعَ؛ وقيل: العَضَبُ يكون في أَحد القَرْنَينِ. وكَبْشٌ أَعْضَبُ: بَيِّنُ العَضَبِ؛ قال الأَخطل:
إِنَّ السُّيُوفَ، غُدُوَّها ورَوَاحَها، * تَرَكَتْ هَوَازنَ مثلَ قَرْنِ الأَعْضَبِ
ويُقال: عَضِبَ قَرْنُه عَضَباً. وفي الحديث عن النبـي، صلّى اللّه عليه وسلم: أَنه نَهَى أَن يُضَحَّى بالأَعْضَبِ القَرْنِ والأُذُنِ. قال أَبو عبيد: الأَعْضَبُ المكسورُ القَرْنِ الداخلِ؛ قال: وقد يكون العَضَبُ في الأُذن أَيضاً، فأَما المعروف، ففي القَرْن، وهو فيه أَكثر.
والأَعْضَبُ من الرجال: الذي ليس له أَخٌ، ولا أَحَدٌ؛ وقيل: الأَعْضَبُ الذي مات أَخوه؛ وقيل: الأَعْضَبُ من الرجال: الذي لا ناصِرَ له.
والـمَعضوبُ: الضعِـيفُ؛ تقول منه: عَضَبَه؛ وقال الشافعي في المناسك: وإِذا كان الرجل مَعْضُوباً، لا يَسْتَمْسِكُ على الراحلة، فَحَجَّ عنه رجلٌ في تلك الحالة، فإِنه يُجْزِئه. قال الأَزهري: والـمَعْضُوب في كلام العرب: الـمَخْبُولُ الزَّمِنُ الذي لا حَرَاكَ به؛ يقال: عَضَبَتْهُ الزَّمانةُ تَعْضِـبُه عَضْباً إِذا أَقْعَدَتْه عن الـحَرَكة
وأَزمَنَتْه.وقال أَبو الهيثم: العَضَبُ الشَّللُ والعَرَجُ والخَبَلُ. ويقال: لا يَعْضِبُكَ اللّهُ، ولا يَعْضِبُ اللّهُ فلاناً أَي لا يَخْبِلُه اللّه.
والعَضْبُ: أَن يكون البيتُ، من الوافر، أَخْرَمَ. والأَعْضَب: الجُزءُ الذي لَـحِقَه العَضَبُ، فينقل مفاعلتن إِلى مفتعلن؛ ومنه قولُ الـحُطَيْئَة:
إِن نَزَلَ الشتاءُ بدار قَومٍ، * تَجَنَّبَ جارَ بَيْتِهِمُ الشتاءُ
والعَضْباءُ: اسم ناقة النبي، صلى اللّه عليه وسلم، اسم، لها، عَلَمٌ، وليس من العَضَب الذي هو الشَّقُّ في الأُذُن. إِنما هو اسم لها سميت به، وقال الجوهري: هو لقبها؛ قال ابن الأَثير: لم تكن مَشْقُوقَة الأُذُن، قال: وقال بعضهم إِنها كانت مشقوقةَ الأُذُن، والأَولُ أَكثر؛ وقال الزمخشري: هو منقول من قولهم: ناقة عَضْباءُ، وهي القصيرةُ اليَد.
ابن الأَعرابي: يقال للغلام الحادِّ الرأْس الخَفيفِ
الجسم عَضْبٌ ونَدْبٌ وشَطْبٌ وشَهْبٌ وعَصْبٌ وعَكْبٌ وسَكْبٌ.
الأَصمعي: يقال لولد البقرة إِذا طَلَعَ قَرنُه، وذلك بعدما يأْتي عليه
حَولٌ: عَضْبٌ، وذلك قَبْلَ إِجْذاعِه؛ وقال الطائفيُّ: إِذا قُبِضَ على
قَرنه، فهو عَضْبٌ، والأُنثى عَضْبةٌ، ثم جَذَعٌ، ثم ثَنيٌّ، ثم رَباعٌ،
ثم سَدَسٌ، ثم التَّمَمُ والتَّمَمَةُ، فإِذا اسْتَجْمَعَتْ أَسنانُه فهو عَمَمٌ.
سوق: السَّوق: معروف. ساقَ الإبلَ وغيرَها يَسُوقها سَوْقاً وسِياقاً،
وهو سائقٌ وسَوَّاق، شدِّد للمبالغة؛ قال الخطم القيسي، ويقال لأبي زغْبة
الخارجي:
قد لَفَّها الليلُ بِسَوَّاقٍ حُطَمْ
وقوله تعالى: وجاءت كلُّ نَفْسٍ معها سائقٌ وشَهِيد؛ قيل في التفسير:
سائقٌ يَسُوقها إلى محشرها، وشَهِيد يشهد عليها بعملها، وقيل: الشهيد هو
عملها نفسه، وأَساقَها واسْتاقَها فانْساقت؛ وأَنشد ثعلب:
لولا قُرَيْشٌ هَلَكَتْ مَعَدُّ،
واسْتاقَ مالَ الأَضْعَفِ الأَشَدُّ
وسَوَّقَها: كساقَها؛ قال امرؤ القيس:
لنا غَنَمٌ نُسَوِّقُها غِزارٌ،
كأنَّ قُرونَ جِلَّتِها العِصِيُّ
وفي الحديث: لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قَحْطان يَسُوق الناس
بعَصاه؛ هو كناية عن استقامةِ الناس وانقيادِهم إليه واتِّفاقِهم عليه، ولم
يُرِدْ نفس العصا وإنما ضربها مثلاً لاستيلائه عليهم وطاعتهم له، إلاّ أن
في ذكرها دلالةً على عَسْفِه بهم وخشونتِه عليهم. وفي الحديث: وسَوَّاق
يَسُوق بهن أي حادٍ يَحْدُو الإبلَ فهو يسُوقهن بحُدائِه، وسَوَّاق الإبل
يَقْدُمُها؛ ومنه: رُوَيْدَك سَوْقَك بالقَوارير.
وقد انْساقَت وتَساوَقَت الإبلُ تَساوُقاً إذا تتابعت، وكذلك تقاوَدَت
فهي مُتَقاوِدة ومُتَساوِقة. وفي حديث أُم معبد: فجاء زوجها يَسُوق
أعْنُزاً ما تَساوَقُ أي ما تتابَعُ. والمُساوَقة: المُتابعة كأنّ بعضَها يسوق
بعضاً، والأصل في تَساوَقُ تتَساوَق كأَنَّها لضعفِها وفَرْطِ هُزالِها
تتَخاذَلُ ويتخلَّفُ بعضها عن بعض. وساقَ إليها الصَّداق والمَهرَ سِياقاً
وأَساقَه، وإن كان دراهمَ أَو دنانير، لأن أَصل الصَّداق عند العرب
الإبلُ، وهي التي تُساق، فاستعمل ذلك في الدرهم والدينار وغيرهما. وساقَ
فلانٌ من امرأته أي أعطاها مهرها. والسِّياق: المهر. وفي الحديث: أنه رأى
بعبد الرحمن وَضَراً مِنْ صُفْرة فقال: مَهْيَمْ، قال: تزوَّجْتُ امرأة من
الأَنصار، فقال: ما سُقْتَ إليها؟ أَي ما أَمْهَرْتَها، قيل للمهر سَوْق
لأن العرب كانوا إذا تزوجوا ساقوا الإبل والغنم مهراً لأَنها كانت الغالبَ
على أموالهم، وضع السَّوق موضع المهر وإن لم يكن إبلاً وغنماً؛ وقوله في
رواية: ما سُقْتُ منها، بمعنى البدل كقوله تعالى: ولو نشاء لَجَعَلْنا
منكم ملائكة في الأرض يََخْلفقون؛ أي بدلكم. وأَساقه إبلاً: أَعطاه إياها
يسُوقها. والسَّيِّقةُ: ما اختَلَس من الشيء فساقَه؛ ومنه قولهم: إنما
ابنُ آدم سَيِّقةٌ يسُوقُه الله حيث شاء وقيل: السَّيِّقةُ التي تُساقُ
سوْقاً؛ قال:
وهل أنا إلا مثْل سَيِّقةِ العِدا،
إن اسْتَقْدَمَتْ نَجْرٌ، وإن جبّأتْ عَقْرُ؟
ويقال لما سِيقَ من النهب فطُرِدَ سَيِّقة، وأَنشد البيت أيضاً:
وهل أنا إلا مثل سيِّقة العدا
الأَزهري: السِّيَّقة ما اسْتاقه العدوُّ من الدواب مثل الوَسِيقة.
الأَصمعي: السَّيقُ من السحاب ما طردته الريح، كان فيه ماء أَو لم يكن، وفي
الصحاح: الذي تَسوقه الريح وليس فيه ماء.
وساقةُ الجيشُ: مؤخَّرُه. وفي صفة مشيه، عليه السلام: كان يَسُوق
أَصحابَه أَي يُقَدِّمُهم ويمشي خلفم تواضُعاً ولا يَدع أحداً يمشي خلفه. وفي
الحديث في صفة الأَولياء: إن كانت الساقةُ كان فيها وإن كان في الجيش
(*
قوله «في الجيش» الذي في النهاية: في الحرس، وفي ثابتة في الروايتين). كان
فيه الساقةُ؛ جمع سائق وهم الذين يَسُوقون جيش الغُزاة ويكونون مِنْ
ورائه يحفظونه؛ ومنه ساقةُ الحاجّ.
والسَّيِّقة: الناقة التي يُسْتَتَرُ بها عن الصيد ثم يُرْمَى؛ عن ثعلب.
والمِسْوَق: بَعِير تستتر به من الصيد لتَخْتِلَه. والأساقةُ: سيرُ
الرِّكابِ للسروج.
وساقَ بنفسه سياقاً: نَزَع بها عند الموت. تقول: رأيت فلاناً يَسُوق
سُوُقاً أي يَنْزِع نَزْعاً عند الموت، يعني الموت؛ الكسائي: تقول هو يَسُوق
نفْسَه ويَفِيظ نفسَه وقد فاظت نفسُه وأَفاظَه الله نفسَه. ويقال: فلان
في السِّياق أي في النَّزْع. ابن شميل: رأيت فلاناً بالسَّوْق أي بالموت
يُساق سوقاً، وإنه نَفْسه لتُساق. والسِّياق: نزع الروح. وفي الحديث: دخل
سعيد على عثمان وهو في السَّوْق أي النزع كأَنّ روحه تُساق لتخرج من
بدَنه، ويقال له السِّياق أيضاً، وأَصله سِواق، فقلبت الواو ياء لكسرة
السين، وهما مصدران من ساقَ يَسُوق. وفي الحديث: حَضَرْنا عمرو بن العاصِ وهو
في سِياق الموت.
والسُّوق: موضع البياعات. ابن سيده: السُّوق التي يُتعامل فيها، تذكر
وتؤنث؛ قال الشاعر في التذكير:
أَلم يَعِظِ الفِتْيانَ ما صارَ لِمَّتي
بِسُوقٍ كثيرٍ ريحُه وأَعاصِرُهْ
عَلَوْني بِمَعْصوبٍ، كأَن سَحِيفَه
سَحيفُ قُطامِيٍّ حَماماً يُطايِرُهْ
المَعْصوب: السوط، وسَحِيفُه صوته؛ وأَنشد أَبو زيد:
إنِّي إذالم يُنْدِ حَلْقاً رِيقُه،
ورَكَدَ السَّبُّ فقامت سُوقُه،
طَبٌّ بِإهْداء الخنا لبِيقُه
والجمع أسواق. وفي التنزيل: إلا إِنَّهم ليأكلون الطعام ويَمْشُون في
الأَسْواق؛ والسُّوقة لغة فيه. وتَسَوَّق القومُ إذا باعوا واشتَروا. وفي
حديث الجُمعة: إذا جاءت سُوَيْقة أي تجارة، وهي تصغير السُّوق، سميت بها
لأن التجارة تجلب إليها وتُساق المَبيعات نحوَها. وسُوقُ القتالِ والحربِ
وسوقَتُه: حَوْمتُه، وقد قيل: إن ذلك مِنْ سَوْقِ الناس إليها.
الليث: الساقُ لكل شجرة ودابة وطائر وإنسان. والساقُ: ساقُ القدم.
والساقُ من الإنسان: ما بين الركبة والقدم، ومن الخيل والبغال والحمير والإبل:
ما فوق الوَظِيف، ومن البقر والغنم والظباء: ما فوق الكُراع؛ قال:
فَعَيْناكِ عَيْناها، وجِيدُك جِيدُها،
ولكنّ عَظْمَ السَّاقِ منكِ رَقيقُ
وامرأة سوْقاء: تارّةُ الساقين ذات شعر. والأَسْوَق: الطويل عَظْمِ
الساقِ، والمصدر السَّوَق؛ وأَنشد:
قُبُّ من التَّعْداءِ حُقْبٌ في السَّوَقْ
الجوهري: امرأة سَوْقاء حسنَة الساقِ. والأَسْوَقُ: الطويل الساقين؛
وقوله:
للْفَتى عَقْلٌ يَعِيشُ به،
حيث تَهْدِي ساقَه قَدَمُهْ
فسره ابن الأَعرابي فقال: معناه إن اهتدَى لرُشْدٍ عُلِمَ أنه عاقل، وإن
اهتدى لغير رشدٍ علم أَنه على غير رُشْد. والساقُ مؤنث؛ قال الله تعالى:
والتفَّت الساقُ بالساق؛ وقال كعب بن جُعَيْل:
فإذا قامَتْ إلى جاراتِها،
لاحَت الساقُ بُخَلْخالٍ زَجِلْ
وفي حديث القيامة: يَكْشِفُ عن ساقِه؛ الساقُ في اللغة الأمر الشديد،
وكَشْفُه مَثَلٌ في شدة الأمر كما يقال للشحيح يدُه مغلولة ولا يدَ ثَمَّ
ولا غُلَّ، وإنما هو مَثَلٌ في شدّة البخل، وكذلك هذا. لا ساقَ هناك ولا
كَشْف؛ وأَصله أَن الإنسان إذا وقع في أمر شديد يقال: شمَّر ساعِدَه وكشفَ
عن ساقِه للإهتمام بذلك الأمر العظيم. ابن سيده في قوله تعالى: يوم
يُكشَف عن ساقٍ، إنما يريد به شدة الأمر كقولهم: قامت الحربُ على ساق، ولسنا
ندفع مع ذلك أَنَ الساق إذا أُريدت بها الشدة فإنما هي مشبَّهة بالساق هي
التي تعلو القدم، وأَنه إنما قيل ذلك لأن الساقَ هذه الحاملة للجُمْلة
والمُنْهِضَةُ لها فذُكِرت هنا لذلك تشبيهاً وتشنيعاً؛ وعلى هذا بيت
الحماسة لجدّ طرفة:
كَشَفَتْ لهم عن ساقِها،
وبدا من الشرَّ الصُّراحْ
وقد يكون يُكْشَفُ عن ساقٍ لأن الناس يَكِشفون عن ساقِهم ويُشَمِّرون
للهرب عند شدَّة الأَمر؛ ويقال للأَمر الشديد ساقٌ لأن الإنسان إذا
دَهَمَتْه شِدّة شَمّر لها عن ساقَيْه، ثم قيل للأَمر الشديد ساقٌ؛ ومنه قول
دريد:
كَمِيش الإزار خارِجِ نصْفُ ساقِه
أَراد أَنه مشمر جادٌّ، ولم ييرد خروج الساق بعينها؛ ومنه قولهم:
ساوَقَه أي فاخَرة أَيُّهم أَشدّ. وقال ابن مسعود: يَكْشِفُ الرحمنُ جلّ ثناؤه
عن ساقِه فَيَخِرّ المؤمنون سُجَّداً، وتكون ظهورُ المنافقين طَبَقاً
طبقاً كان فيها السَّفافيد. وأَما قوله تعالى: فَطِفقَ مَسْحاً بالسُّوق
والأَعْناق، فالسُّوق جمع ساقٍ مثل دارٍ ودُورٍ؛ الجوهري: الجمع سُوق، مثل
أَسَدٍ وأُسْد، وسِيقانٌ وأَسْوقٌ؛ وأَنشد ابن بري لسلامة بن جندل:
كأنّ مُناخاً، من قُنونٍ ومَنْزلاً،
بحيث الْتَقَيْنا من أَكُفٍّ وأَسْوُقِ
وقال الشماخ:
أَبَعْدَ قَتِيلٍ بالمدينة أَظْلَمَتْ
له الأَرضُ، تَهْتَزُّ العِضاهُ بأَسْوُقِ؟
فأَقْسَمْتُ لا أَنْساك ما لاحَ كَوكَبٌ،
وما اهتزَّ أَغصانُ العِضاهِ بأَسْوُقِ
وفي الحديث: لا يسْتَخرجُ كنْزَ الكعبة إلا ذو السُّوَيْقَتَيْنِ؛ هما
تصغير الساق وهي مؤنثة فذلك ظهرت التاء في تصغيرها، وإنما صَغَّر الساقين
لأن الغالب على سُوق الحبشة الدقَّة والحُموشة. وفي حديث الزِّبْرِقان:
الأَسْوَقُ الأَعْنَقُ؛ هو الطويل الساق والعُنُقِ. وساقُ الشجرةِ:
جِذْعُها، وقيل ما بين أَصلها إلى مُشَعّب أَفنانها، وجمع ذلك كله أَسْوُقٌ
وأَسْؤُقٌ وسُوُوق وسؤوق وسُوْق وسُوُق؛ الأَخيرة نادرة، توهموا ضمة السين
على الواو وقد غلب ذلك على لغة أبي حيَّة النميري؛ وهَمَزَها جرير في
قوله:أَحَبُّ المُؤقدانِ إليك مُؤسي
وروي أَحَبُّ المؤقدين وعليه وجّه أَبو علي قراءةَ من قرأَ: عاداً
الأؤْلى. وفي حديث معاوية: قال رجل خاصمت إليه ابنَ أخي فجعلت أَحُجُّه، فقال:
أَنتَ كما قال:
إني أُتيحُ له حِرْباء تَنْضُبَةٍ،
لا يُرْسِلُ الساقَ إلا مُمْسِكاً ساقا
(* قوله «إِني أُتيح له إلخ» هو هكذا بهذا الضبط في نسخة صحيحة من
النهاية).
أَراد بالساق ههنا الغصن من أَغصان الشجرة؛ المعنى لا تَنْقضِي له حُجّة
إلا تَعَلَّق بأُخرى، تشبيهاً بالحِرْباء وانتقاله من غُصنٍ إلى غصن
يدور مع الشمس.
وسَوَّقَ النَّبتُ: صار له ساقٌ؛ قال ذو الرمة:
لها قَصَبٌ فَعْمٌ خِدالٌ، كأنه
مُسَوِّقُ بَرْدِيٍّ على حائرٍغَمْرِ
وساقَه: أَصابَ ساقَه. وسُقْتُه: أصبت ساقَه. والسَّوَقُ: حُسْن الساقِ
وغلظها، وسَوِق سَوَقاً وهو أَسْوَقُ؛ وقول العجاج:
بِمُخْدِرٍ من المَخادِير ذَكَرْ،
يَهْتَذُّ رَدْمِيَّ الحديدِ المُسْتَمرْ،
هذَّك سَوَّاقَ الحَصادِ المُخْتَضَرْ
الحَصاد: بقلة يقال لها الحَصادة. والسَّوَّاقُ: الطويل الساق، وقيل: هو
ما سَوَّقَ وصارعلى ساقٍ من النبت؛ والمُخْدِرُ: القاطع خِدْرَه،
وخَضَرَه: قَطَعه؛ قال ذلك كله أَبو زيد، سيف مُخْدِر. ابن السكيت: يقال ولدت
فلانةُ ثلاثةَ بنين على ساقٍ واحدة أي بعضهم على إثر بعض ليس بينهم جارية؛
ووُلِدَ لفلان ثلاثةُ أولاد ساقاً على ساقٍ أي واحد في إثر واحد،
وولَدَتْ ثلاثةً على ساقٍ واحدة أي بعضُهم في إثر بعض ليست بينهم جارية، وبنى
القوم بيوتَهم على ساقٍ واحدة، وقام فلانٌ على ساقٍ إذا عُنِيَ بالأَمر
وتحزَّم به، وقامت الحربُ على ساقٍ، وهو على المَثَل. وقام القوم على ساقٍ:
يراد بذلك الكد والمشقة. وليس هناك ساقٌ، كما قالوا: جاؤوا على بَكْرة
أَبيهم إذا جاؤوا عن آخرِهم، وكما قالوا: شرٌّ لا يُنادى وَليدُه. وأَوهت
بساق أي كِدْت أَفعل؛ قال قرط يصف الذئب:
ولكِنّي رَمَيْتُك منْ بعيد،
فلم أَفْعَلْ، وقد أَوْهَتْ بِساقِ
وقيل: معناه هنا قربت العدّة. والساق: النَّنْفسُ؛ ومنه قول عليّ، رضوان
الله عليه، في حرب الشُّراة: لا بُدَّ لي من قتالهم ولو تَلِفَت ساقي؛
التفسير لأَبي عمر الزاهد عن أَبي العباس حكاه الهروي. والساقُ: الحمام
الذكر؛ وقال الكميت:
تغْريد ساقٍ على ساقٍ يُجاوِبُها،
من الهَواتف، ذاتُ الطَّوْقِ والعُطُل
عنى بالأَول الوَرَشان وبالثاني ساقَ الشجرة، وساقُ حُرٍّ: الذكر من
القَمارِيّ، سمي بصوته؛ قال حميد بن ثور:
وما هاجَ هذا الشَّوْقَ إلا حمامةٌ
دَعَتْ ساقَ حُرٍّ تَرْحةً وتَرنُّما
ويقال له أيضاً السَّاق؛ قال الشماخ:
كادت تُساقِطُني والرَّحْلَ، إذ نَطَقَتْ
حمامةٌ، فَدَعَتْ ساقاً على ساقِ
وقال شمر: قال بعضهم الساقُ الحمام وحُرٌّ فَرْخُها. ويقال: ساقُ حُرٍّ
صوت القُمْريّ.
قال أَبو منصور: السُّوقة بمنزلة الرعية التي تَسُوسُها الملوك، سُمُّوا
سُوقة لأن الملوك يسوقونهم فينساقون لهم، يقال للواحد سُوقة وللجماعة
سُوقة. الجوهري: والسُّوقة خلاف المَلِك، قال نهشل بن حَرِّيٍّ:
ولَمْ تَرَعَيْني سُوقةً مِثْلَ مالِكٍ،
ولا مَلِكاً تَجْبي إليه مَرازِبُهْ
يستوي فيه الواحد والجمع والمؤنث والمذكر؛ قالت بنت النعمان بن المنذر:
فَبينا نَسُوس الناسَ والأمْرُ أَمْرُنا،
إذا نحنُ فيهم سُوقةٌ نَتَنَصَّفُ
أَي نخْدُم الناس، قال: وربما جمع على سُوَق. وفي حديث المرأة
الجَوْنيَّة التي أَراد النبي، صلى الله عليه وسلم، أَن يدخل بها: فقال لها هَبي
لي نَفْسَك، فقالت: هل تَهَبُ المَلِكةُ نَفْسَها للسُّوقة؟ السُّوقةُ من
الناس: الرعية ومَنْ دون الملِك، وكثير من الناس يظنون أَن السُّوقة أَهل
الأَسْواق. والسُّوقة من الناس: من لم يكن ذا سُلْطان، الذكر والأُنثى
في ذلك سواء، والجمع السُّوَق، وقيل أَوساطهم؛ قال زهير:
يَطْلُب شَأو امْرأَين قَدَّما حَسَناً،
نالا المُلوكَ وبَذَّا هذه السُّوَقا
والسَّوِيق: معروف، والصاد فيه لغة لمكان المضارعة، والجمع أَسْوِقة.
غيره: السَّوِيق ما يُتَّخذ من الحنطة والشعير. ويقال: السَّويقُ المُقْل
الحَتِيّ، والسَّوِيق السّبِق الفَتِيّ، والسَّوِيق الخمر، وسَوِيقُ
الكَرْم الخمر؛ وأَنشد سيبويه لزياد الأَعْجَم:
تُكَلِّفُني سَوِيقَ الكَرْم جَرْمٌ،
وما جَرْمٌ، وما ذاكَ السَّويقُ؟
وما عرفت سَوِيق الكَرْمِ جَرْمٌ،
ولا أَغْلَتْ به، مُذْ قام، سُوقُ
فلما نُزِّلَ التحريمُ فيها،
إذا الجَرْميّ منها لا يُفِيقُ
وقال أَبو حنيفة: السُّوقةُ من الطُّرْثوث ما تحت النُّكَعة وهو كأَيْرِ
الحمار، وليس فيه شيء أَطيب من سُوقتِه ولا أَحلى، وربما طال وربما قصر.
وسُوقةُ أَهوى وسُوقة حائل: موضعان؛ أَنشد ثعلب:
تَهانَفْتَ واسْتَبْكاكَ رَسْمُ المَنازِلِ،
بسُوقةِ أَهْوى أَو بِسُوقةِ حائِلِ
وسُوَيْقة: موضع؛ قال:
هِيْهاتَ مَنْزِلُنا بنَعْفِ سُوَيْقةٍ،
كانت مُباركةً من الأَيّام
وساقان: اسم موضع. والسُّوَق: أَرض معروفة؛ قال رؤبة:
تَرْمِي ذِراعَيْه بجَثْجاثِ السُّوَقْ
وسُوقة: اسم رجل.
نصف: النِّصْفُ: أَحد شقَّي الشيء. ابن سيده: النِّصْفُ والنُّصف،
بالضم، والنَّصِيفُ والنَّصْفُ؛ الأَخيرة عن ابن جني: أَحد جزأَي الكمال،
وقرأَ زيد بن ثابت: فلها النُّصْف. وفي الحديث: الصبر نِصْف الإيمان؛ قال ابن
الأَثير: أَراد بالصبر الوَرَع لأَن العبادة قِسمان: نُسُك وورَعٌ،
فالنُّسُك ما أَمَرَتْ به الشريعة، والورَعُ ما نَهَت عنه، وإنما يُنْتَهى
عنه بالصبر فكان الصبرُ نِصفَ الإيمانِ، والجمع أَنْصاف. ونصَفَ الشيءَ
يَنْصُفُه نَصْفاً وانتَصَفه وتَنَصَّفَه ونَصَّفه: أَخذ نِصْفَه.
والمُنَصَّفُ من الشراب: الذي يُطبَخ حتى يذهب نِصْفُه. ونصَفَ القَدَحَ يَنْصفُه
نَصْفاً: شرب نِصْفَه. ونصفَ الشيءُ الشيءَ ينصُفُه: بلغ نِصْفَه. ونصَف
النهارُ يَنْصُف وينصِف وانْتَصَف وأَنْصَف: بلغ نِصْفه، وقيل: كلُّ ما
بَلغ نِصْفه في ذاته فقد أَنصَف؛ وكلُّ ما بلغ نصفه في غيره فقد نصَف؛
وقال المسيب بن علس يصف غائصاً في البحر على دُرَّة:
نَصَفَ النهارُ، الماءُ غامِرُه،
ورَفِيقُه بالغَيْبِ لا يدري
أَراد انتصَف النهارُ والماءُ غامره فانتَصَفَ النهارُ ولم يخرج من
الماء، فحذف واو الحال، ونصَفْت الشيء إذا بلغت نِصْفه؛ تقول: نَصَفْت القرآن
أَي بلغت النصف؛ ونصَفَ عُمُرَه ونصَف الشيبُ رأْسَه. ويقال: قد نصَف
الإزارُ ساقَه يَنْصُفها إذا بلغ نِصفها؛ وأَنشد لأَبي جُنْدَب الهذلي:
وكنتُ، إذا جارِي دَعا لِمَضُوفةٍ،
أُشَمِّر حتى يَنْصُف الساقَ مِئْزَرِي
وقال ابنُ مَيَّادةَ يمدح رجلاً:
ترَى سَيْفَه لا يَنْصُفُ السَّاقَ نَعْلُه،
أَجَلْ لا، وإن كانت طِوالاً مَحامِلُهْ
اليزيديّ: ونصف الماءُ البئر والحُبَّ والكُوزَ وهو يَنصُفه نَصفاً
ونُصوفاً، وقد أَنصَف الماءُ الحبّ إنْصافاً؛ وكذلك الكوز إذا بلغ نصفه، فإن
كنت أَنت فعَلْت به قلت: أَنصَفْتُ الماءَ الحُبَّ والكوز إنصافاً،
وتقول: أَنصَف الشيبُ رأْسه ونصَّف تَنْصيفاً، وإذا بلغت نصْف السّنّ قلت: قد
أَنصَفْته ونصَّفْته إنصافاً وتنصيفاً وأَنصفْته من نفسي.
وإناء نَصْفان، بالفتح: بلغ الكيلُ أَو الماء نِصْفَه، وجُمْجُمةٌ
نَصْفَى، ولا يقال ذلك في غير النِّصْف من الأَجزاء أَْعني أنه، لا يقال
ثَلْثان ولا رَبْعان ولا غير ذلك من الصفات التي تقتضي هه الأجزاء، وهذا مرويّ
عن ابن الأَعرابي. ونصَّف البُسْرُ: رطَّب نصفُه؛ هذه عن أَبي حنيفة.
ومَنْصَفُ القَوْسِ والوتَر: موضع النِّصف منهما. ومَنْصَف الشيء:
وسَطُه. والمَنْصَف من الطريق ومن النهار ومن كل شيء: وسطه. والمَنْصَف: نصف
الطريق. وفي الحديث: حتى إذا كان بالمَنصف أَي الموضع الوسَط بين
الموضعين. ومُنْتَصفُ الليل والنهار: وسَطُه. وانتصف النهارُ ونصَفَ، فهو
يَنْصُف. ويقال: أَنصَف النهار أَيضاً أَي انتصف، وكذلك نصَّف؛ قال
الفرزدق:وإنْ نَبَّهَتْهُنَّ الولائدُ بعدما
تصعَّد يومُ الصَّيْف، أَو كاد يَنْصُف
وقال العجاج:
حتى إذا الليلُ التَّمامُ نصَّفا
وكل شيء بلَغ نصف غيره فقد نصَفَه؛ وكل شيء بلغ نِصْف نفْسِه فقد
أَنصَف. ابن السكيت: نصَف النهارُ إذا انتصف؛ وأَنصفَ النهارُ إذا
انتصف.ونصَّفْت الشيء؛ إذا أَخذت نِصفه. وتَنْصِيفُ الشيء: جعله نِصْفَين.
وناصَفْته المال: قاسَمْته على النصف. والنَّصَفُ: الكَهْل كأَنه بلغ نِصف
عُمُره. وقوم أَنصاف ونَصَفُون، والأُنثى نصَف ونَصَفة كذلك أَيضاً:
كأَنَّ نِصفَ عمرها ذهب؛ وقد بيَّن ذلك الشاعر في قوله:
لا تَنْكِحَنَّ عَجُوزاً أَو مُطلَّقةً،
ولا يَسُوقَنَّها في حَبْلِك القَدَرُ
وإن أَتَوْكَ فقالوا: إنها نَصَفٌ،
فإنَّ أَطْيَبَ نِصْفَيْها الذي غَبَرا
(* في هذا البيت إقواء.)
أَنشده ابن الأَعرابي. ابن شميل: إن فلانة لعلى نَصَفِها أَي نِصْف
شبابها؛ وأَنشد:
إنَّ غُلاماً، غَرَّه جَرْشَبِيَّةٌ
على نَفْسِها من نفْسِه، لَضَعِيف
الجَرْشَبِيّة: العجوز الكبيرة الهَرِمة، وقيل: النَّصَف، بالتحريك،
المرأَة بين الحَدَثة والمُسِنّة، وتصغيرها نُصَيْف بلا هاء لأَنها صفة؛ وفي
قصيدة كعب:
شَدَّ النهارِ ذِراعَيْ عَيْطَلٍ نَصَفٍ
النصف، بالتحريك: التي بين الشابَّة والكهْلة، وقيل: النصَف من النساء
التي قد بلغت خمساً وأَربعين ونحوها، وقيل: التي قد بلغت خمسين، والقياس
الأَول لأَنه يجرّه اشتقاق وهذا لا اشتقاق له، والجمع أَنصاف ونُصُفٌ
ونُصْفٌ؛ الأَخيرة عن سيبويه، وقد يكون النصَف للجمع كالواحد، وقد نَصَّف.
والنَّصِيف: مِكيال. وقد نصَفَهم: أخذ منهم النِّصف يَنْصُفهم نَصْفاً كما
يقال عشَرَهم يَعْشُرُهم عَشْراً. وفي حديث النبي، صلى اللّه عليه وسلم:
لاتسُبُّوا أَصحابي فإن أَحدكم لو أَنفق ما في الأَرض جميعاً ما أَدرك
مُدَّ أَحدِهم ولا نَصِيفَه؛ قال أَبو عبيد: العرب تسمي النِّصف النصيف كما
يقولون في العُشر العَشِير وفي الثُّمن الثَّمِين؛ وأَنشد لسلَمة بن
الأَكوع:
لم يَغْذُها مُدٌّ ولا نَصِيفُ،
ولاتُمَيْراتٌ ولا تعْجِيفُ
لكنْ غذاها اللَّبَن الخَريفُ:
أَلمَحْضُ والقارِصُ والصَّريفُ
والنصِيف: الخِمار، وقد نَصَّفَتِ المرأَةُ رأْسها بالخمار. وانتَصَفَت
الجارية وتَنَصَّفت أَي اختمرت، ونصَّفْتها أَنا تَنْصيفاً؛ ومنه الحديث
في صفة الحور العين: ولَنَصِيفُ إحداهن على رأْسها خير من الدنيا وما
فيها؛ هو الخِمار، وقيل المِعْجَر؛ ومنه قول النابغة يصف امرأَة:
سقَطَ النَّصِيف، ولم تُرِد إسقاطَه،
فَتناوَلَتْه واتَّقَتْنا باليَدِ
قال أَبو سعيد: النصِيف ثوب تتجلَّل به المرأَة فوق ثيابها كلها، سمي
نصيفاً لأَنه نصَفٌ بين الناس وبينها فحَجز أَبصارهم عنها، قال: والدليل
على صحة ما قاله قول النابغة: سقط النصيف، لأَن النصيف إذا جعل خِماراً
فسقط فليس لستْرِها وجهَها مع كشفِها شعَرها معنًى، وقيل: نَصِيف المرأَة
مِعْجَرُها.
والنَّصَفُ والنَّصَفةُ والإنْصاف: إعطاء الحق، وقد انتصف منه، وأَنصف
الرجلُ صاحبه إنْصافاً، وقد أَعطاه النَّصفَةَ. ابن الأَعرابي: أَنصف إذا
أَخذ الحق وأَعطى الحق. والنصَفة: اسم الإنصاف، وتفسيره أَن تعطيه من
نفسك النصَف أَي تُعْطيه من الحق كالذي تستحق لنفسك. ويقال: انتصفت من فلان
أَخذْت حقي كَمَلاً حتى صرت أَنا وهو على النَّصَف سَواءً. وتَنَصَّفْت
السلطان أَي سأَلته أَن يُنْصِفَني. والنِّصْفُ: الإنْصافُ؛ قال
الفرزدق:ولكنَّ نِصْفاً، لو سَبَبْتُ وسَبَّني
بنُو عبد شَمسٍ من مَنافٍ وهاشِمِ
وأَنصَف الرجلُ أَي عدل. ويقال: أَنْصفَه من نفْسه وانْتصفْت أَنا منه
وتَناصَفوا أَي أَنصف بعضُهم بعضاً من نفسه؛ وفي حديث عمر مع زِنْباع بن
رَوْح:
مَتَى أَلْقَ زِنْباعَ بن رَوْحٍ ببلدةٍ،
لي النِّصْفُ منها، يَقْرَع السِّنَّ من نَدَمْ
النصف، بالكسر: الانتصاف، وقد أَنصَفه من خصمه يُنْصِفُه إنْصافاً
ونَصَفه ينْصِفه ويَنْصُفه نَصْفاً ونِصافة ونَصافاً ونِصافاً وأَنصَفَه
وتَنَصَّفَه كلُّه: خدَمه. الجوهري: تنصَّف أَي خَدم؛ قالت الحُرَقة بنت
النعمان بن المنذر:
فبَيْنا نَسُوسُ الناسَ، والأَمْرُ أَمْرُنا،
إذا نحنُ فيهم سُوقةٌ نَتَنَصَّفُ
فأُفٍّ لدُنيا لا يدُوم نَعيمُها؛
تقَلَّبُ تاراتٍ بِنا وتَصَرَّفُ
ويقال: تنصَّفْته بمعنى خدَمْته وعبَدْته؛ وأَنشد ابن بري:
فإنَّ الإلَه تَنَصَّفْته،
بأَنْ لاأَعُقَّ وأَن لا أَحُوبا
قال: وعليه بيت الحُرَقة بنت النعمان بن المنذر:
إذا نحن فيهم سوقة نتنصف
ونصف القومَ أَيضاً: خدمهم؛ قال لبيد:
لها غَلَلٌ من زازِقيٍّ وكُرْسُفٍ
بأَيْمانِ عُجْمٍ يَنْصُفون المَقاوِلا
قوله لها أَي لظُروف الخمر. والناصِفُ والمِنْصَف، بكسر الميم: الخادم.
ويقال للخادم: مِنْصَف ومَنْصَفٌ. والنَّصِيفُ: الخادم. وفي حديث ابن
عباس، رضي اللّه عنهما: أَنه ذكر داود، عليه السلام، فقال: دخل المِحراب
وأَقعد مِنْصفاً على الباب، يعني خادماً، والجمع مَناصِف؛ قال ابن الأَثير:
المنصف، بكسر الميم، الخادم، وقد تفتح الميم. وفي حديث ابن سَلام، رضي
اللّه عنه: فجاءني مِنصف فرَفع ثيابي من خَلْفي. ويقال: نصَفْت الرجل فأَنا
أَنْصُفُه وأَنْصِفُه نِصافة ونَصافة أَي خدمته. والنَّصَفةُ:
الخُدَّام، واحدهم ناصِفٌ، وفي الصحاح: والنصَف الخدَّام. وتنصَّفه: طلَب
مَعْرُوفه؛ قال:
فإن الإله تَنَصَّفْتُه،
بأَنْ لا أَخُونَ وأَنْ لا أُخانا
وقيل: تَنَصَّفْته أَطعْته وانْقَدْت له؛ وقول ابن هَرْمَةَ:
مَنْ ذا رسولٌ ناصِحٌ فَمُبَلِّغٌ
عنَّي عُلَيَّةَ غَيرَ قِيلِ الكاذِبِ
أَني غَرِضْتُ إلى تَناصُف وجْهِها،
غَرَضَ المُحِبِّ إلى الحبيبِ الغائِبِ
أَي اشْتَقْت، وقيل: معناه خِدْمة وجهها بالنظر إليه، وقيل: إلى محاسنه
التي تقَسَّمت الحسن فتَناصَفَتْه أَي أَنصفَ بعضُها بعضاً فاستوت فيه؛
وقال ابن الأَعرابي: تناصُف وجهِها محاسنها أَنها كلّها حَسَنة يُنْصِفُ
بعضها بعضاً، يريد أَن أَعضاءها متساوية في الجمال والحسن فكأَنَّ بعضها
أَنصف بعضاً فتناصف؛ وقال الجوهري: يعني استواء المحاسن كأَنَّ بعض أَعضاء
الوجه أَنصف بعضاً في أَخذ القِسْط من الجمال؛ ورجل متناصف: مُتساوي
المحاسن، وأَنصف إذا خدم سيده. وأَنصف إذا سار بنصف النهار.
والمَناصِف: أَودية صغار، والنواصِف: صخور في مَناصِف أَسناد الوادي
ونحو ذلك من المَسايِل؛ وفي حديث ابن الصَّبْغاء:
بين القِرانِ السَّوْء والنَّواصِف
جمع ناصفة وهي الصخرة. قال ابن الأَثير: ويروى التَّراصُف. والنواصِفُ:
مجاري الماء في الوادي، واحدتها ناصفة: وأَنشد:
خَلايا سَفِينٍ بالنَّواصِف من دَدِ
والناصفة من الأَرض: رَحَبة بها شجر لا تكون ناصفة إلا ولها شجر.
والناصفة: الأَرض التي تُنبت الثُّمام وغيره. وقال أَبو حنيفة: الناصفة موضع
مِنبات يتَّسع من الوادي؛ قال الأَعشى:
كخَذُولٍ تَرْعى النَّواصِفَ من تَثْـ
ـلِيثَ قَفْراً، خَلا لها الأَسْلاقُ
والناصفة: مجرى الماء، والجمع النواصف، وقيل: النواصف أَماكن بين
الغِلَظ واللَّين؛ وأَنشد قول طرفة:
كأَنَّ حُدُوجَ المالِكِيّةِ، غُدْوةً،
خَلايا سَفِينٍ بالنَّواصِفِ من دَدِ
وقيل: النواصِف رِحاب من الأَرض. وناصفةُ: موضع؛ قال:
بناصِفةِ الجَوَّيْن أَو بمُحَجِّر
خشب: الخَشَبَةُ: ما غَلُظَ مِن العِيدانِ، والجمع خَشَبٌ، مثل شجرةٍ وشَجَر، وخُشُبٌ وخُشْبٌ خُشْبانٌ. وفي حديث سَلْمانَ: كان لا يَكادُ يُفْقَهُ كلامُه مِن شِدَّةِ عُجْمَتِه، وكان يسمي الخَشَبَ الخُشْبانَ. قال ابن الأَثير: وقد أُنْكِرَ هذا الحديثُ، لأَنَّ سَلْمانَ كان يُضارِعُ كلامُه كلامَ الفُصَحاءِ، وإِنما الخُشْبانُ جمع خَشَبٍ، كحَمَلٍ وحُمْلانٍ؛ قال:
كأَنـَّهم، بجَنُوبِ القاعِ، خُشْبانُ
قال: ولا مَزيد على ما تَتَساعدُ في ثُبوتِه الرِّوايةُ والقياسُ.
وبَيْتٌ مُخَشَّبٌ: ذو خَشَب.
والخَشَّابةُ: باعَتُها.
وقوله عز وجل، في صفة المنافقين: كأَنهم خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ؛ وقُرئَ
خُشْبٌ، بإِسكان الشين، مثل بَدَنةٍ وبُدْنٍ. ومن قال خُشُبٌ، فهو بمنزلة ثَمَرَةٍ وثُمُرٍ؛ أَراد، واللّه أَعلم: أَنَّ المنافقين في تَرْكِ
التَّفَهُّمِ والاسْتِبْصارِ، وَوَعْي ما يَسْمَعُونَ من الوَحْيِ، بمنزلة
الخُشُبِ. وفي الحديث في ذِكر المنافقين: خُشُبٌ بالليل، صُخُبٌ بالنهار؛ أَراد: أَنهم يَنامُونَ الليلَ، كأَنهم خُشُبٌ مُطَرَّحةٌ، لا يُصَلُّون فيه؛ وتُضم الشين وتسكن تخفيفاً.
والعربُ تقول للقَتِيلِ: كأَنه خَشَبةٌ وكأَنه جِذْعٌ.
وتخَشَّبَتِ الإِبلُ: أَكلت الخَشَبَ؛ قال الراجز ووصف إِبلاً:
حَرَّقَها، مِن النَّجِيلِ، أَشْهَبُهْ، أَفْنانُه، وجَعَلَتْ تَخَشَّبُهْ
ويقال: الإِبلُ تَتَخَشَّبُ عِيدانَ الشجرِ إِذا تَناوَلَتْ أَغصانَه.
وفي حديث ابن عمر، رضي اللّه عنهما: كان يُصَلي خَلْفَ الخَشَبِيَّةِ؛ قال ابن الأَثير: هم أَصْحابُ الـمُخْتارِ بن أَبي عُبَيدة؛ ويقال لضَرْبٍ من الشِّيعةِ: الخَشَبِيَّةُ؛ قيل: لأَنهم حَفِظُوا خَشَبةَ زَيْدِ بن عليّ، رضي اللّه عنه، حينَ صُلِبَ، والوجه الأَوّل، لأَنّ صَلْبَ زَيْدٍ كان بعد ابنِ عُمَر بكثير.
والخَشِيبةُ: الطَّبِيعةُ.
وخَشَبَ السيفَ يَخْشِبُه خَشْباً فهو مَخْشُوبٌ وخَشِيبٌ: طَبَعَه،
وقيل : صَقَلَه.
والخَشِيبُ من السيوفِ: الصَّقِيلُ؛ وقيل: هو الخَشِنُ الذي قد بُرِدَ
ولم يُصْقَلْ، ولا أُحْكِمَ عَمَلُه، ضدٌّ؛ وقيل: هو الحديثُ الصَّنْعة؛
وقيل: هو الذي بُدِئَ طَبْعُه. قال الأَصمعي: سيف خَشِيبٌ، وهو عند الناس الصَّقِيلُ، وإِنما أَصلُه بُرِدَ قبل أَن يُلَيَّنَ؛ وقول صخر الغي:
ومُرْهَفٌ، أُخْلِصَتْ خَشِيبَتُه، * أَبْيَضُ مَهْوٌ، في مَتْنِهِ، رُبَدُ
أَي طَبِيعَتُه. والـمَهْوُ: الرّقِيقُ الشَّفْرَتَينِ. قال ابن جني:
فهو عندي مقلوب من مَوْهٍ، لأَنه من الماءِ الذي لامُهُ هاء، بدليل قولهم في جمعه: أَمْواهٌ. والمعنى فيه: أَنه أُرِقَّ، حتى صارَ كالماءِ في رِقَّتهِ. قال: وكان أَبو علي الفارسي يرى أَن أَمْهاه، من قول امرئِ القَيس:
راشَه مِنْ رِيشِ ناهِضةٍ، * ثُمَّ أَمْهاهُ على حَجَرِهْ
قال: أَصله أَمـْوَهَهُ، ثم قدَّم اللام وأَخَّر العين أَي أَرَقَّه كَرِقَّةِ الماءِ. قال، ومنه: مَوَّهَ فلان عَليَّ الحَدِيثَ أَي حَسَّنَه، حتى كأَنـَّه جعل عليه طَلاوةً وماءً. والرُّبَدُ: شِبْهُ مَدَبِّ النمل، والغُبارِ.
وقيل: الخَشْبُ الذي في السَّيف أَن يَضَعَ عليه سِناناً عَريضاً
أَمْلَسَ، فيَدْلُكَه به، فإِن كان فيه شُقُوقٌ، أَو شَعَثٌ، أَو حَدَبٌ ذَهَبَ
به وامْلَسَّ.
قال الأَحمر: قال لي أَعْرابي: قلت لصَيْقَلٍ: هل
فَرَغْتَ مِنْ سَيْفِي؟ قال: نعم، إِلاَّ أَني لم أَخْشِبْه.
والخشابةُ: مِطْرَقٌ دَقِيقٌ إِذا صَقَلَ الصَّيْقَلُ السَّيْفَ وفَرَغَ منه، أَجراها عليه، فلا يُغَبِّره الجَفْن؛ هذه عن الهجري.
والخَشْبُ: الشَّحْذُ. وسيفٌ خَشِيبٌ مَخْشُوبٌ أَي شَحِيذٌ. واخْتَشَبَ
السيفَ: اتَّخَذَه خَشْباً؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
ولا فَتْكَ إِلاّ سَعْيُ عَمْرٍو ورَهْطِه، * بما اخْتَشَبُوا، مِن مِعْضَدٍ ودَدانِ
ويقال: سَيْفٌ مَشْقُوقُ الخَشِيبةِ؛ يقول: عُرِّضَ حين طُبِعَ؛ قال ابن
مِرْداسٍ:
جَمَعْتُ إِلَيْهِ نَثْرَتي، ونجِيبَتي، * ورُمْحِي، ومَشْقُوقَ الخَشِيبةِ، صارِما
والخَشْبةُ: البَرْدةُ الأُولى، قَبْلَ الصِّقال؛ وأَنشد:
وفُترةٍ مِنْ أَثْلِ ما تَخَشَّبا
أَي مـما أَخَذه خَشْباً لا يَتَنَوَّقُ فيه، يأْخُذُه مِن ههُنا وههُنا.وقال أَبو حنيفة: خَشَبَ القَوْسَ يَخْشِبُها خَشْباً: عَمِلَها عَمَلَها الأَوّلَ، وهي خَشِيبٌ مِنْ قِسِيٍّ خُشُبٍ وخَشائِبَ.
وقِدْحٌ مَخْشُوبٌ وخَشِيبٌ: مَنْحُوتٌ؛ قال أَوْسٌ في صفة خيل:
فَخَلْخَلَها طَوْرَين، ثم أَفاضَها * كما أُرْسِلَتْ مَخْشُوبةٌ لم تُقَدَّمِ(1)
(1 قوله «فخلخلها» كذا في بعض النسخ بخاءين معجمتين وفي شرح القاموس بمهملتين وبمراجعة المحكم يظهر لك الصواب والنسخة التي عندنا منه مخرومــة.)ويُروى: تُقَوَّمِ أَي تُعَلَّمِ.
والخَشِيبُ: السَّهْمُ حين يُبْرَى البَرْيَ الأَوَّل.
وخَشَبْتُ النَّبْلَ خَشْباً إِذا بَرَيْتَها البَرْيَ الأَوّل ولم تَفْرُغْ منها. ويقول الرجل للنَّبَّالِ: أَفَرَغْتَ مِن سَهْمِي؟ فيقول: قد خَشَبْتُه أَي قد بَرَيْتُه البَرْيَ الأَوَّل، ولم أُسَوِّه، فإِذا فَرَغَ قال: قد خَلَقْتُه أَي لَيَّنْتُه من الصَّفاة الخَلْقاءِ، وهي الـمَلْساءُ. وخَشَبَ الشِّعْر يَخْشِبُه خَشْباً أَي يُمِرُّه كما يَجِيئُه، ولم يَتَأَنَّقْ فيه، ولا تَعَمَّلَ له؛ وهو يَخْشِبُ الكلام والعَمَلَ إِذا لم يُحْكِمْه ولم يُجَوِّدْه.
والخَشِيبُ: الرَّدِيءُ والـمُنْتَقَى. والخَشِيبُ: اليابِسُ، عن كراع.
قال ابن سيده: وأُراه قال الخشِيبَ والخَشِيبيَّ.
وجَبْهَةٌ خَشْباءُ: كَرِيهةٌ يابِسةٌ. والجَبْهةُ الخَشْباءُ: الكَرِيهةُ، وهي الخَشِبةُ أَيضاً، ورجل أَخْشَبُ الجَبْهةِ؛ وأَنشد:
إِمَّا ترَيْني كالوَبِيلِ الأَعْصَلِ، * أَخْشَبَ مَهْزُولاً، وإِنْ لم أُهْزَلِ
وأَكمَةٌ خَشْباءُ وأَرْضٌ خَشْباءُ، وهي التي كأَنَّ حِجارَتها
مَنْثُورةٌ مُتَدانِيةٌ؛ قال رؤْبة:
بكُلِّ خَشْباءَ وكُلِّ سَفْحِ
وقولُ أَبي النَّجْمِ:
إِذا عَلَوْنَ الأَخْشَبَ الـمَنْطُوحا
يريد: كأَنه نُطِحَ. والخَشِيبُ: الغَلِيظُ الخَشِنُ مَنْ كلّ شيءٍ.
والخَشيبُ من الرِّجال: الطَّوِيلُ الجافي، العارِي العِظام، مع شِدّة
وصَلابة وغِلَظٍ؛
وكذلك هو من الجِمالِ.
وقد اخْشَوْشَبَ أَي صارَ خَشِباً، وهو الخَشِنُ.
ورَجل خَشِيبٌ: عارِي العَظْمِ، بادِي العَصَبِ. والخَشِيبُ منَ الإِبل: الجافي، السَّمْجُ، الـمُتَجافي، الشاسِئُ الخَلْقِ؛ وجمَلٌ خَشِيبٌ أَي غَلِيظٌ. وفي حديث وَفْدِ مَذْحِجَ على حَراجِيجَ: كأَنها أَخاشِبُ، جمع الأَخْشَبِ؛ والحَراجيجُ: جمع حُرْجُوجٍ، وهي الناقةُ الطويلةُ، وقيل: الضَّامِرةُ؛ وقيل: الحادَّةُ القَلْبِ. وظَلِيمٌ خَشِيبٌ أَي خَشِنٌ.
وكلُّ شيءٍ غَلِيظٍ خَشِنٍ، فهو أَخْشَبُ وخَشِبٌ.
وتخَشَّبَتِ الإِبلُ إِذا أَكلت اليَبِيسَ من الـمَرْعَى. وعَيْشٌ خَشِبٌ:
غير مُتَأَنَّقٍ فيه، وهو من ذلك.
واخْشَوْشَبَ في عَيْشِه: شَظِفَ. وقالوا: تمَعْدَدُوا، واخْشَوْشِبُوا
أَي اصْبِرُوا على جَهْدِ العَيْشِ؛ وقيل تَكَلَّفُوا ذلك، ليكون
أَجْلَدَ لكم. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: اخْشَوْشِبُوا، وتَمعْدَدُوا. قال: هو الغِلَظُ، وابْتِذالُ النَّفْسِ في العَمَل، والاحْتِفاءُ في الـمَشْيِ، ليَغْلُظ الجَسَدُ؛ ويُروى: واخْشَوْشِنُوا، من العِيشةِ الخَشْناءِ.
ويقال: اخْشَوْشَب الرَّجُل إِذا صارَ صُلْباً، خَشِناً في دِينهِ ومَلْبَسِه ومَطْعَمِه، وجَمِيعِ أَحْوالِه. ويُروى بالجيم والخاءِ المعجمة،
والنون؛ يقول: عِيشُوا عَيْشَ مَعَدٍّ، يعني عَيْشَ العَرَبِ الأَوَّل، ولا
تُعَوِّدُوا أَنـْفُسَكم التَّرَفُّه، أَو عِيشةَ العَجَمِ، فإِنَّ ذلك يَقْعُدُ بكم عن المغازي.
وجَبَلٌ أَخْشَبُ: خَشِنٌ عظيم؛ قال الشاعر يصف البعير، ويُشَبِّهه فوقَ النُّوق بالجَبَل:
تَحْسَبُ فَوْقَ الشَّوْلِ، مِنه، أَخْشَبا
والأَخْشَبُ مِن الجِبال: الخَشِنُ الغَلِيظُ؛ ويقال: هو الذي لا يُرْتَقَى فيه. والأَخْشَبُ من القُفِّ: ما غَلُظَ، وخَشُنَ، وتحَجَّر؛ والجمع
أَخاشِبُ لأَنه غَلَبَ عليه الأَسْماءُ؛ وقد قيل في مؤَنَّثه: الخَشْباءُ؛ قال كثير عزة:
يَنُوءُ فَيَعْدُو، مِنْ قَريبٍ، إِذا عَدا * ويَكْمُنُ، في خَشْباءَ، وَعْثٍ مَقِيلُها
فإِما أَن يكون اسماً، كالصَّلْفاءِ، وإِما أَن يكون صفة، على ما يطرد في باب أَفعل، والأَوّل أَجود، لقولهم في جمعه: الأَخاشِبُ. وقيل الخَشْباءُ، في قول كثير، الغَيْضةُ، والأَوّلُ أَعْرَفُ.
والخُشْبانُ: الجِبالُ الخُشْنُ، التي ليست بِضِخامٍ، ولا صِغارٍ. ابن
الأَنباري: وقَعْنا في خَشْباءَ شَدِيدةٍ، وهي أَرضٌ فيها حِجارةٌ وحَصى وطين. ويقال: وقَعْنا في غضْراءَ، وهي الطِّين الخالِصُ الذي يقال له الحُرُّ، لخُلُوصِه مِن الرَّمْلِ وغيره. والحَصْباءُ: الحَصى الذي يُحْصَبُ به.
والأَخْشَبانِ: جَبَلا مَكَّةَ. وفي الحديث في ذِكْر مَكَّةَ: لا تَزُولُ مَكَّةُ، حتى يَزُولَ أَخْشَباها. أَخْشَبا مَكَّةَ: جَبَلاها. وفي الحديث: أَن جِبْرِيلَ، عليه السلام، قال: يا محمدُ إِنْ شِئْتَ جَمَعْتُ عَليهم الأَخْشَبَينِ، فقال: دَعْني أُنْذِرْ قَوْمي؛ صلى اللّه عليه وسلم،
وجَزاه خَيراً عن رِفْقِه بأُمَّتِه، ونُصْحِه لهم، وإِشْفاقِه عليهم.
غيره: الأَخْشَبانِ: الجَبَلانِ الـمُطِيفانِ بمكَّةَ، وهما: أَبو قُبَيْس
والأَحْمرُ، وهو جبَل مُشْرِفٌ وَجْهُه على قُعَيْقِعانَ.
والأَخْشَبُ: كلُّ جَبَلٍ خَشِنٍ غَلِيظٍ.
والأَخاشِبُ: جِبالُ الصَّمَّان. وأَخاشِبُ الصَّمَّانِ: جِبال اجْتَمَعْنَ بالصَّمَّانِ، في مَحِلّة بني تَمِيم، ليس قُرْبَها أَكَمةٌ، ولا جَبَلٌ؛ وصُلْبُ الصَّمَّانِ: مكانٌ خَشِبٌ أَخْشَبُ غَلِيظٌ؛ وكلُّ خَشِنٍ أَخْشَبُ وخَشِبٌ.
والخَشْبُ: الخَلْطُ والانْتِقاءُ، وهو ضِدٌّ. خَشَبَه يَخْشِبُه خَشْباً، فهو خَشِيبٌ ومَخْشُوبٌ. أَبو عبيد: الـمَخْشُوب: الـمَخْلوط في نَسَبِه؛ قال الأَعشى يصف فرساً:
قافِلٍ جُرْشُعٍ، تراه كَيَبْس الرَّ * بْل، لا مُقْرِفٍ، ولا مَخْشُوبِ
قال ابن بري: أَورد الجوهري عجز هذا البيت، لا مقرفٌ ولا مَخْشُوبُ، قال: وصوابه لا مُقْرِفٍ ولا مَخْشُوبِ بالخفض، وبعده:
تِلْكَ خَيْلي منه، وتِلكَ رِكابي، * هُنَّ صُفْرٌ أَولادُها، كالزَّبيبِ
قال ابن خالويه: الـمَخْشُوب الذي لم يُرَضْ، ولم يُحَسَّنْ تَعْلِيمه،
مُشَبَّهٌ بالجَفْنةِ الـمَخْشُوبة، وهي التي لم تُحْكَمْ صَنْعَتُها.
قال: ولم يَصِفِ الفَرَسَ أَحَدٌ بالـمَخْشُوبِ، إِلاَّ الأَعْشَى. ومعنى
قافِل: ضامِرٌ. وجُرْشُعٌ: مُنْتَفِخُ الجَنْبَينِ. والرَّبْلُ: ما تَرَبَّلَ من النَّباتِ في القَيظ، وخرج من تحت اليَبيسِ مِنه نباتٌ أَخضَر.
والـمُقْرِفُ: الذي دانَى الهُجْنةَ مِنْ قِبَلِ أَبيهِ.
وخَشَبْتُ الشيءَ بالشيءِ: خَلَطْتُه به.
وطعامٌ مَخْشُوبٌ إِذا كان حَبّاً، فهو مُفَلَّقٌ قَفارٌ، وإِن كان لحماً
فَنيءٌ لم يَنْضَجْ. ورجل قَشِبٌ خَشِبٌ: لا خَيرَ عنده، وخَشِبٌ إِتْباعٌ
له. الليث: الخَشَبِيَّةُ: قومٌ مِنَ الجَهْمِيَّةِ(1)
(1 قوله «الجهمية» ضبط في التكملة، بفتح فسكون، وهو قياس النسب إِلى جهم بفتح فسكون أيضاً، ومعلوم أن ضبط التكملة لا يعدل به ضبط سواها.) يَقُولون: إِنَّ اللّه لا يتَكَلَّم، ويقُولون: القرآنُ مَخْلُوقٌ.
والخِشابُ: بُطُونٌ مِن تَمِيمٍ؛ قال جرير:
أَثَعْلَبَةَ الفوارِسِ أَم رِياحاً، * عَدَلْتَ بهم طُهَيَّةَ والخِشابا؟
ويُروى: أَو رَباحاً.
وبنو رِزامِ بن مالكِ بن حَنْظَلَة يقال لهم: الخِشابُ. واستشهد الجوهري ببيت جرير هذا على بني رِزامٍ.
وخُشْبانُ : اسم. وخُشْبانُ: لَقَبٌ.
وذُو خَشَبٍ: موضِع ؛ قال الطِّرِمَّاحُ:
أَو كالفَتى حاتِمٍ، إِذْ قالَ: ما ملَكَتْ * كَفَّايَ للنَّاسِ نُهْبَى، يومَ ذي خَشَبِ
وفي الحديث ذكر خُشُبٍ، بضمتين، وهو وادٍ على مَسِيرةِ لَيْلة من الـمَدينةِ، له ذِكرٌ كَثيرٌ في الحديث والمغازي، ويقال له: ذُو خُشُبٍ.
جهر: الجَهْرَةُ: ما ظَهَرَ. ورآه جَهْرَةً: لم يكن بينهما سِترٌ؛
ورأَيته جَهْرَةً وكلمتُه جَهْرَةً. وفي التنزيل العزيز: أَرِنا الله
جَهْرَةً؛ أَي غيرَ مُسْتَتِر عَنَّا بشيء. وقوله عز وجل: حتى نَرى اللهَ
جَهْرَةً؛ قال ابن عرفة: أَي غير محتَجب عنا، وقيل: أَي عياناً يكشف ما بيننا
وبينه. يقال: جَهَرْتُ الشيء إِذا كشفته. وجَهَرْتُه واجْتَهَرْته أَي
رأَيته بلا حجاب بيني وبينه. وقوله تعالى: بَغْتَةً أَو جَهْرَةً؛ هو أَن
يأْتيهم وهم يَرَوْنَهُ. والجَهْرُ: العلانية. وفي حديث عمر: أَنه كان
مِجْهَراً أَي صاحبَ جَهْرٍ ورَفْع لصوته.
يقال: جَهَرَ بالقول إِذ رفع به صوته، فهو جَهِيرٌ، وأَجْهَرَ، فهو
مُجْهِرٌ إِذا عرف بشدّة الصوت وجَهَرَ الشيءُ: عَلَنَ وبَدا؛ وجَهَرَ بكلامه
ودعائه وصوته وصلاته وقراءته يَجْهَرُ جَهْراً وجِهاراً، وأَجْهَرَ
بقراءته لغة. وأَجْهَرَ وجَهْوَرَ: أَعلن به وأَظهره، ويُعَدَّيانِ بغير حرف،
فيقال: جَهَرَ الكلامَ وأَجْهَرَهُ أَعلنه. وقال بعضهم: جَهَرَ أَعْلى
الصوْتَ. وأَجْهَرَ: أَعْلَنَ. وكلُّ إِعْلانٍ: جَهْرٌ. وجَهَرتُ بالقول
أَجْهَرُ به إِذا أَعْلَنْتَهُ. ورجلٌ جَهيرُ الصوتِ أَي عالي الصوت،
وكذلك رجل جَهْوَرِيُّ الصوت رفيعُه. والجَهْوَرِيُّ: هو الصوت العالي. وفرسٌ
جَهْوَرٌ: وهو الذي بأَجَشِّ الصوتِ ولا أَغَنَّ. وإِجْهارُ الكلام:
إِعْلانُه. وفي الحديث: فإِذا امرأَةٌ جَهِيرَةٌ؛ أَي عالية الصوت، ويجوز
أَن يكون من حُسْنِ المَنْظَرِ. وفي حديث العباس: أَنه نادى بصوتٍ له
جَهْوَرِيٍّ أَي شديدٍ عالٍ، والواو زائدة، وهو منسوب إِلى جَهْوَرَ بصوته.
وصوتٌ جَهِيرٌ وكلامٌ جَهِيرٌ، كلاهما: عالِنٌ عال؛ قال:
ويَقْصُر دونَه الصوتُ الجَهِيرُ
وقد جَهُر الرجل، بالضم، جَهَارَةً وكذلك المُجْهَرُ والجَهْورِيُّ.
والحروفُ المَجْهُورَةُ: ضد المهموسة: وهي تسعة عشر حرفاً؛ قال سيبويه:
معنى الجَهْرِ في الحروف أَنها حروف أُشْبِعَ الاعتمادُ في موضعها حتى
منع النَّفَس أَن يجري معه حتى ينقضي الاعتماد ويجري الصوت، غير أَن الميم
والنون من جملة المجهورة وقد يعتمد لها في الفم والخياشيم فيصير فيها غنة
فهذه صفة المجهورة ويجمعها قولك: «ظِلُّ قَوٍّ رَبَض إِذْ غَزَا جُنْدٌ
مُطيع». وقال أَبو حنيفة: قد بالغوا في تَجْهِير صوت القَوْس؛ قال ابن
سيده: فلا أَدري أَسمعه من العرب أَو رواه عن شيوخه أَم هو إِدْلال منه
وتَزَيُّدٌ، فإِنه ذو زوائد في كثير من كلامه.
وجَاهَرَهُمْ بالأَمر مُجاهَرَةً وجِهاراً: عالَنَهُمْ. ويقال: جاهَرَني
فلانٌ جِهاراً أَي علانية. وفي الحديث: كلُّ أُمّتي مُعافىً إِلاَّ
المُجاهِرينَ؛ قال: هم الذين جاهروا بمعاصيهم وأَظهروها وكشفوا ما ستر الله
عليهم منها فيتحدثون به. يقال: جَهَرَ وأَجْهَرَ وجاهَرَ؛ ومنه الحديث:
وإِن من الإِجهار كذا وكذا، وفي رواية: من الجِهار؛ وهما بمعنى المجاهرة؛
ومنه الحديث: لا غِيبَةَ لفاسِقٍ ولا مُجاهِرٍ.
ولقيه نَهاراً جِهاراً، بكسر الجيم وفتحها وأَبى ابن الأَعرابي فتحها.
واجْتَهَرَ القوم فلاناً: نظروا إِليه جِهاراً.
وجَهَرَ الجَيشَ والقومَ يَجْهَرُهُمْ جَهْراً واجتهرهم: كثروا في عينه؛
قال يصف عسكراً:
كأَنَّما زُهاؤُهُ لِمَنْ جَهَرْ
لَيْلٌ، ورِزُّ وَغْرِه إِذا وَغَرْ
وكذلك الرجل تراه عظيماً في عينك. وما في الحيّ أَحد تَجْهَرُه عيني أَي
تأْخذه عيني. وفي حديث عمر، رضي
الله عنه: إِذا رأَيناكم جَهَرْناكم أَي أَعجبنا أَجسامكم. والجُهْرُ:
حُسْنُ المَنْظَرِ. ووجهٌ جَهيرٌ: ظاهرُ الوَضاءة. وفي حديث علي، عليه
السلام: أََنه وصف النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: لم يكن قصيراً ولا
طويلاً وهو إِلى الطول أَقربُ، مَنْ رآه جَهَرَهُ؛ معنى جهره أَي عظم في
عينه. الجوهري: جَهَرْتُ الرجلَ واجْتَهَرْتُه إِذا رأَيته عظيم المَرْآة.
وما أَحْسَنَ جُهْرَ فلان، بالضم، أَي ما يُجْتَهَرُ من هيئته وحسن
مَنْظَره. ويقال: كيف جَهْراؤكُمْ أَي جماعتكم؛ وقول الراجز:
لا تَجْهَرِيني نَظَراً وَرُدِّي،
فقد أَرُدُّ حِينَ لا مَرَدِّ
وقد أَرُدُّ، والجِيادُ تُرْدِي،
نِعْمَ المِجَشُّ ساعةَ التَّنَدِّي
يقول: إِن استعظمتِ منظري فإِني مع ما ترين من منظري شجاع أَردّ الفرسان
الذين لا يردهم إِلاَّ مثلي. ورجل جَهِيرٌ: بَيِّنُ الجُهُورةِ
والجَهَارَة ذو مَنْظر. ابن الأَعرابي: رجل حَسَنُ الجَهارَةِ والجُهْر إِذا كان
ذا منظر؛ قال أَبو النجم:
وأَرَى البياضَ على النِّساءِ جَهارَةً،
والْعِتْقُ أَعْرِفُه على الأَدْماءِ
والأُنثى جَهِيرَةٌ والاسم من كل ذلك الجُهْرُ؛ قال القَطامِي:
شَنِئْتُك إِذْ أَبْصَرْتُ جُهْرَكَ سَيّئاً،
وما غَيَّبَ الأَقْوامُ تابِعَةُ الجُهْر
قال: ما بمعنى الذي: يقول: ما غاب عنك من خُبْرِ الرجل فإِنه تابع
لمنظره، وأََنت تابعة في البيت للمبالغة. وجَهَرتُ الرجل إِذا رأَيت هيئته
وحسن منظره. وجُهْرُ الرجل: هيئته وحسن منظره. وجَهَرَني الشيء
واجْتَهَرَني: راعني جماله. وقال اللحياني: كنتُ إِذا رأَيتُ فلاناً جَهَرْتُه
واجْتَهَرْتُه أَي راعك.
ابن الأَعرابي: أَجْهَرَ الرجلُ جاء ببنين ذوي جَهارَةٍ وهم الحَسَنُو
القُدُود الحَسَنُو المَنْظَرَ. وأَجْهَرَ: جاء بابن أَحْوَلَ. أَبو عمرو:
الأَجْهَرُ الحسنُ المَنظَرِ الحَسنُ الجسمِ التامُّهُ. والأَجْهَرُ:
الأَحولُ المليح الحَوَلَةِ. والأَجْهَرُ: الذي لا يبصر بالنهار، وضده
الأَعشى. وجَهْراءُ القوم: جماعتهم. وقيل لأَعرابي: أَبَنُو جَعْفَرٍ أَشرفُ
أَم بنو أَبي بكر بن كلاب؟ فقال: أَما خَواصَّ رجال فبنو أَبي بكر، وأَما
جَهْرَاءِ الحيِّ فبنو جعفر؛ نصب خواص على حذف الوسيط أَي في خواص رجال
وكذلك جَهْراء، وقيل: نصبهما على التفسير. وجَهَرْتُ فلاناً بما ليس
عنده: وهو أَن يختلف ما ظننت به من الخُلُقِ أَو المال أَو في
مَنْظَرِه.والجَهْراء: الرابية السَّهْلَةُ العريضة. وقال أَبو حنيفة: الجَهْراء
الرابية المِحْلالُ ليست بشديدة الإِشراف وليست برملة ولا قُفٍّ.
والجَهْراء: ما استوى من ظهر الأَرض ليس بها شجر ولا آكام ولا رمال إِنما هي
فضاء، وكذلك العَراءُ. يقال: وَطِئْنا أَعْرِيةً وجَهْراواتٍ؛ قال: وهذا من
كلام ابن شميل.
وفلان جَهِير للمعروفِ أَي خليقٌ له. وهمُ جُهرَاءُ للمعروف أَي
خُلَقَاءُ له، وقيل ذلك لأَن من اجْتَهَره طَمِعَ في معروفه؛ قال
الأَخطل:جُهَراءُ للمعروف حينَ تَراهُمُ،
خُلَقاءُ غَيْرُ تَنابِلٍ أَشْرارِ
وأَمر مُجْهَر أَي واضح بَيِّنٌ. وقد أَجْهَرته أَنا إِجْهاراً أَي
شهَّرْته، فهو مَجْهور به مَشْهور. والمَجْهُورة من الآبار: المعمورة،
عَذْبَةً كانت أَو مِلحة. وجَهَر البئرَ يَجْهَرُها جهراً واجْتَهَرَها: نزحها؛
وأَنشد:
إِذا ورَدْنا آجِناً جَهَرْناهْ،
أَو خالياً من أَهْلِهِ عَمَرْناهْ
أَي من كثرتنا نَزَفْنا البئَار وعَمَرْنا الخرابَ. وحَفَر البئرَ حتى
جَهَر أَي بَلَغ الماءَ، وقيل: جَهَرها أَخرج ما فيها من الحَمْأَةِ
والماء. الجوهري: جَهَرْتُ البئر واجْتَهَرْتُها أَي نَقَّيْتُها وأَخرجتُ ما
فيها من الحمأَة، قال الأَخفش: تقول العرب جَهَرْتُ الرَّكِيَّةَ إِذا
كان ماؤُها قد غُطِّيَ بالطِّين فَنُقِّي ذلك حتى يظهر الماء ويصفو. وفي
حديث عائشة، وَوَصَفَتْ أَباها، رضي الله عنهما، فقالت: اجْتَهَرَ دَفْنَ
الرَّواء؛ الاجْتِهارُ: الاستخراج، تريد أَنه كَسَحَها. يقال: جَهَرْتُ
البئرَ واجْتَهَرْتها إِذا كَسَحْتها إِذا كانت مُنْدَفِنَةً؛ يقال: ركيةٌ
دَفينٌ ورَكايا دُفُنٌ، والرَّواءُ: الماءُ الكثير، وهذا مثل ضربته
عائشة، رضي الله عنها، لإِحكامه الأَمر بعد انتشاره، شبهته برجل أَتى على آبار
مندفنة وقد اندفن ماؤُها، فنزحها وكسحها وأَخرج ما فيها من الدفن حتى
نبع الماء. وفي حديث خيبر: وَجَدَ الناسُ بها بَصَلاً وثُوماً فَجَهَرُوه؛
أَي استخرجوه وأَكلوه. وجَهَرْتُ البئر إِذا كانت مندفنة فأَخرجت ما
فيها. والمَجْهُورُ: الماء الذي كان سُدْماً فاستسقى منه حتى طاب؛ قال أَوسُ
بنُ حَجَرٍ:
قد حَلأَتْ ناقَتِي بَرْدٌ وصِيحَ بها
عن ماءِ بَصْوَةَ يوماً، وهْوَ مَجْهُورُ
وحَفَرُوا بئراً فَأَجْهَرُوا: لم يصيبوا خيراً.
والعينُ الجَهْراءُ: كالجاحظَة؛ رجل أَجْهَرُ وامرأَة جَهْراءُ.
والأَجْهَرُ من الرجال: الذي لا يبصر في الشمس، جَهِرَ جَهَراً، وجَهَرَتْهُ
الشمسُ: أَسْدَرَتْ بَصَرَهُ. وكبشٌ أَجْهَرُ ونَعْجَةٌ جَهْراءُ: وهي التي
لا تبصر في الشمس؛ قال أَبو العيال الهذليُّ يصف مَنيحَةً منحه إِياها
بَدْرُ بنُ عَمَّارٍ الهُذَليُّ:
جَهْراءُ لا تأْلو إِذا هي أَظْهَرَتْ
بَصَراً، ولا مِنْ عَيْلَةٍ تُغْنيني
ها نص ابن سيده وأَورده الأَزهري عن الأَصمعي وما عزاه لأَحد وقال: قال
يصف فرساً يعني الجَهْراءَ؛ وقال أَبو منصور: أُرى هذا البيت لبعض
الهُذَلِيين يصف نعجة؛ قال ابن سيده: وعمَّ به بعضهم. وقال اللحياني: كُلُّ
ضعيف البصر في الشمس أَجْهَرُ؛ وقيل: الأَجهر بالنهار والأَعشى بالليل.
والجُهْرَةُ: الحَوَلَةُ، والأَجْهَرُ: الأَحْوَلُ. رجلٌ أَجْهَرُ وامرأَة
جَهْراءُ، والاسم الجُهْرَةُ؛ أَنشد ثعلب للطرماح:
على جُهْرَةٍ في العينِ وهو خَدوجُ
والمُتَجاهر: الذي يريك أَنه أَجْهَرُ؛ وأَنشد ثعلب:
كالنَّاظِر المُْتَجاهر
وفرس أَجْهَرُ: غَشَّتْ غُرَّتُه وَجْهَه. والجَهْوَرُ: الجَريءُ
المُقْدِمُ الماضي.
وجَهَرْنا الأَرض إِذا سلكناها من غير معرفة. وجَهَرْنا بني فلان أَي
صَبَّحْناهُم على غِرَّةٍ. وحكي الفرّاء: جَهَرْتُ السِّقَاءَ إِذا
مَخَضْته.
ولَبَنٌ جَهِيرٌ: لم يُمْذَقْ بماء. والجَهِيرُ: اللبن الذي أُخرج
زُبْدُه، والثَّمِيرُ: الذي لم يخرج زبده، وهو التَّثْمِير.
ورجل مِجْهَرٌ، بكسر الميم، إِذا كان من عادته أَن يَجْهَر بكلامه.
والمُجاهَرَةُ بالعداوة: المُبادَأَةَ بها.
ابن الأَعرابي: الجَهْرُ قِطْعَةٌ من الدهرِ، والجَهْرُ السَّنَةُ
التامَّةُ؛ قال: وحاكم أَعرابي رجلاً إِلى القاضي فقال: بِعْتُ منه غُنْجُداً
مُذْ جَهْرٍ فغاب عني؛ قال ابن الأَعرابي: مُذْ قِطْعَةٍ من الدهر.
والجَوْهَرُ: معروف، الواحدةُ جَوْهَرَةٌ.
والجَوْهَرُ: كل حجر يستخرج منه شيء ينتفع به.
وجَوْهَرُ كُلِّ شيء: ما خُلِقَتْ عليه جِبِلَّتُه؛ قال ابن سيده: وله
تحديد لا يليق بهذا الكتاب، وقيل: الجوهر فارسي معرّب.
وقد سمَّت أَجْهَرَ وجَهِيراً وجَهْرانَ وجَوْهَراً.
غور: غَوْرُ كلِّ شيء: قَعْرُه. يقال: فلان بعيد الغَوْر. وفي الحديث:
أَنه سَمِع ناساً يذكرون القَدَرَ فقال: إنكم قد أُخذتم في شِعْبَين
بَعيدَي الغَوْرِ؛ غَوْرُ كل شيء: عُمْقه وبُعْده، أَي يَبْعُد أَن تدركوا
حقيقةَ علمه كالماء الغائرِ الذي لا يُقْدَر عليه؛ ومنه حديث الدعاء: ومن
أَبْعَدُ غَوْراً في الباطل مني. وغَوْرُ تهامةَ: ما بين ذات عرْق والبحرِ
وهو الغَوْرُ، وقيل: الغَوْرُ تهامةُ وما يلي اليمنَ. قال الأَصمعي: ما
بين ذات عرق إلى البحر غَوْرٌ وتهامة. وقال الباهلي: كل ما انحدر مسيله،
فهو غَوْرٌ.
وغارَ القومُ غَوْراً وغُؤُوراً وأَغارُوا وغَوَّرُوا وتَغَوَّرُوا:
أَتَوا الغَوْرَ؛ قال جرير:
يا أُمَّ حزْرة ، ما رأَينا مِثْلَكم
في المُنْجدِينَ ، ولا بِغَوْرِ الغائِرِ
وقال الأَعشى:
نَبيّ يَرَى ما لا تَرَون، وذِكْرُه
أَغارَ ، لَعَمْري ، في البلاد وأَنْجدا
وقيل: غارُوا وأَغاروا أَخذوا نَحْوَ الغَوْر. وقال الفراء: أَغارَ لغة
بمعنى غارَ، واحتج ببيت الأَعشى. قال محمد بن المكرم: وقد روي بيتَ
الأَعشى مخروم النصف:
غارَ ، لَعَمْرِي ، في البلاد وأَنْجَدا
وقال الجوهري: غارَ يَغُورُ غَوْراً أَي أَتى الغَور، فهو غائِرٌ. قال:
ولا يقال أَغارَ؛ وقد اختلف في معنى قوله:
أَغار، لعمرِي ، في البلاد وأَنجدا
فقال الأَصمعي: أَغارَ بمعنى أَسرع وأَنجد أَي ارتفع ولم يرد أَتى
الغَوْرَ ولا نَجْداً؛ قال: وليس عنده في إتيان الغَوْر إلا غارَ؛ وزعم الفراء
أَنها لغة واحتج بهذا البيت، قال: وناسٌ يقولون أَغارَ وأَنجد، فإِذا
أَفْرَدُوا قالوا: غارَ، كما قالوا: هَنَأَني الطعامُ ومَرَأَني، فإِذا
أَفردوا قالوا: أَمْرَأَنِي. ابن الأَعرابي: تقول ما أَدري أَغارَ فلانٌ أَم
مار؛ أَغارَ: أَتَى الغَوْرَ، ومارَ: أَتَى نجداً. وفي الحديث: أَنه
أَقطع بلالَ ابنَ الحرث مَعادِنَ القَبَلِيَّة جَلْسِيَّها وغَوْرِيَّها؛
قال ابن الأَثير: الغَورُ ما انخفض من الأَرض، والجَلْسُ ما ارتفع منها.
يقال: غارَ إذا أَتى الغَوْرَ، وأَغارَ أَيضاً، وهي لغة قليلة؛ وقال جميل:
وأَنتَ امرؤٌ من أَهل نَجْدٍ، وأَهْلُنا
تِهامٌ، وما النَّجْدِيّ والمُتَغَوّرُ؟
والتَّغْوِيرُ: إتيان الغَوْر. يقال: غَوَّرْنا وغُرْنا بمعنى.
الأَصمعي: غارَ الرجلُ يَغُورُ إذا سارَ في بلاد الغَورِ؛ هكذا قال الكسائي؛
وأَنشد بيت جرير أَيضاً:
في المنْجِدينَ ولا بِغَوْر الغائر
وغارَ في الشيء غَوْراً وغُؤوراً وغِياراً، عن سيبويه: دخل. ويقال: إنك
غُرْتَ في غير مَغارٍ؛ معناه طَلَبْتَ في غير مطْلَبٍ. ورجل بعيد
الغَوْرِ أَي قَعِيرُ الرأْي جيّدُه. وأَغارَ عَيْنَه وغارَت عينُه تَغُورُ
غَوْراً وغُؤوراً وغَوَّرَتْ: دخلت في الرأْس، وغَارت تَغارُ لغة فيه؛ وقال
الأَحمر:
وسائلة بظَهْر الغَيْبِ عنّي:
أَغارَت عينُه أَم لم تَغارا؟
ويروى:
ورُبَّتَ سائلٍ عنِّي خَفِيٍّ:
أَغارت عينهُ أَمْ لم تَغارا؟
وغار الماءُ غَوْراً وغُؤوراً وغَوَّرَ: ذهب في الأَرض وسَفَلَ فيها.
وقال اللحياني: غارَ الماءُ وغَوَّرَ ذهب في العيون. وماءٌ غَوْرٌ: غائر،
وصف بالمصدر. وفي التنزيل العزيز: قل أَرأَيتم إِنْ أَصبَحَ ماؤُكم
غَوْراً؛ سمي بالمصدر، كا يقال: ماءٌ سَكْبٌ وأُذُنٌ حَشْرٌ ودرهم ضَرْبٌ أَي
ضُرب ضرباً. وغارَت الشمسُ تَغُور غِياراً وغُؤوراً وغَوَّرت: غربت،
وكذلك القمر والنجوم؛ قال أَبو ذؤيب:
هل الدَّهْرُ إلا لَيْلةٌ ونَهارُها،
وإلا طلُوع الشمس ثم غِيارُها؟
والغارُ: مَغارةٌ في الجبل كالسَّرْب، وقيل: الغارُ كالكَهْف في الجبل،
والجمع الغِيرانُ؛ وقال اللحياني: هو شِبْهُ البيت فيه، وقال ثعلب: هو
المنخفض في الجبل. وكل مطمئن من الأَرض:غارٌ؛ قال:
تؤمُّ سِناناً، وكم دُونه
من الأَرض مُحْدَوْدِباً غارُها
والغَوْرُ: المطمئن من الأَرض. والغارُ: الجُحْرُ الذي يأْوي إليه
الوحشيّ، والجمع من كل ذلك، القليل: أَغوارٌ؛ عن ابن جني، والكثيرُ: غِيرانٌُ.
والغَوْرُ: كالغار في الجبل. والمَغارُ والمَغارةُ: كالغارِ؛ وفي
التنزيل العزيز: لويَجِدون مَلْجأً أَو مَغارات مُدَّخَلاً؛ وربما سَمَّوْا
مكانِسَ الظباء مَغاراً؛ قال بشر:
كأَنَّ ظِباءَ أَسْنُمةٍ عليها
كَوانِس ، قالصاً عنها المَغارُ
وتصغير الغارِ غُوَيْرٌ. وغارَ في الأَرض يَغُورُ غَوْراً وغُؤوراً:
دخل. والغارُ: ما خلف الفَراشة من أَعلى الفم، وقيل: هو الأُخدود الذي بين
اللَّحْيين، وقيل: هو داخل الفم، وقيل: غارُ الفم نِطْعا في الحنكين. ابن
سيده: الغارانِ العَظْمان اللذان فيهما العينان، والغارانِ فمُ الإِنسان
وفرجُه، وقيل: هما البطن والفرج؛ ومنه قيل: المرء يسعى لِغارَيْه؛ وقال:
أَلم تر أَنَّ الدهْرَ يومٌ وليلة،
وأَنَّ الفتَى يَسْعَىْ لِغارَيْهِ دائبا؟
والغارُ: الجماعة من الناس. ابن سيده: الغارُ الجمع الكثير من الناس،
وقيل: الجيش الكثير؛ يقال: الْتَقَى الغاران أَي الجيشان؛ ومنه قول
الأَحْنَفِ في انصراف الزبير عن وقعة الجمل: وما أَصْنَعُ به إن كان جَمَعَ بين
غارَيْنِ من الناس ثم تركهم وذهب؟ والغارُ: وَرَقُ الكَرْمِ؛ وبه فسر
بعضهم قول الأَخطل:
آلَتْ إلى النِّصف مِنْ كَلفاءَ أَترَعَها
عِلْجٌ، ولَثَّمها بالجَفْنِ والغارِ
والغارُ: ضَرْبٌ من الشجر، وقيل: شجر عظام له ورق طوال أَطول من ورق
الخِلاف وحَمْلٌ أَصغر من البندق، أَسود يقشر له لب يقع في الدواء، ورقُه
طيب الريح يقع في العِطر، يقال لثمره الدهمشت، واحدته غارةٌ، ومنه دُهْنُ
الغارِ؛ قال عدي بن زيد:
رُبَّ نارٍ بِتُّ أَرْمُقُها،
تَقْضَمُ الهِنْدِيَّ والغارا
الليث: الغارُ نبات طيب الريح على الوُقود، ومنه السُّوس. والغار:
الغبار؛ عن كراع.
وأَغارَ الرجلُ: عَجِلَ في الشيء وغيّره. وأَغار في الأَرض: ذهب، والاسم
الغارة. وعَدَا الرجلُ غارةَ الثعلب أَي عَدْوِه فهو مصدر كالصَّماء، من
قولهم اشْتَملَ الصَّماءَ؛ قال بشر بن أَبي خازم:
فَعَدِّ طِلابَها، وتَعَدَّ عنها
بِحَرْفٍ، قد تُغِيرُ إذا تَبُوعُ
والاسم الغَويِرُ ؛ قال ساعدة يبن جؤية:
بَساقٍ إذا أُولى العَديِّ تَبَدَّدُوا،
يُخَفِّضُ رَيْعانَ السُّعاةِ غَوِيرُها
والغارُ: الخَيْل المُغِيرة؛ قال الكميت بن معروف:
ونحنُ صَبَحْنا آلَ نَجْرانَ غارةً:
تَمِيمَ بنَ مُرٍّ والرِّماحَ النَّوادِسا
يقول: سقيناهم خَيْلاً مُغِيرة، ونصب تميم بن مر على أَنه بدل من غارة؛
قال ابن بري: ولا يصح أَن يكون بدلاً من آل نجران لفساد المعنى، إِذ
المعنى أَنهم صَبَحُوا أَهلَ نجران بتميم بن مُرٍّ وبرماح أَصحابه، فأَهل
نجران هم المطعونون بالرماح، والطاعن لهم تميم وأًصحابه، فلو جعلته بدلاً من
آل نَجْران لا نقلب المعنى فثبت أَنها بدل من غارة. وأَغار على القوم
إِغارَةً وغارَةً: دفع عليهم الخيل، وقيل: الإِغاة المصدر والغارة الاسم من
الإِغارة على العدوّ؛ قال ابن سيده: وهو الصحيح. وتغاوَرَ القوم: أَغار
بعضهم على بعض. وغاوَرَهم مُغاورة، وأَغار على العدوّ يُغير إِغارة
ومُغاراً.
وفي الحديث: مَنْ دخل إلى طعامٍ لم يُدْعَ إِليه دَخل سارقاً وخرج
مُغيراً؛ المُغير اسم فاعل من أَغار يُغير إِذا نَهَب، شبَّه دُخوله عليهم
بدُخول السارق وخروجَه بمَن أَغارَ على قوم ونَهَبَهُم.وفي حديث قيس بن
عاصم: كنت أُغاوِرُهم في الجاهلية أَي أُغِير عليهم ويُغِيرُون عليّ،
والمُغاورَة مُفاعلة؛ وفي قول عمرو بن مرة:
وبيض تَلالا في أَكُفِّ المَغاوِرِ
المَغاوِرُ، بفتح الميم: جمعُ مُغاوِر بالضم، أَو جمع مِغْوار بحذف
الأَلف أَو حذْفِ الياء من المَغاوِير. والمِغْوارُ: المبالِغُ في الغارة.
وفي حديث سهل، رضي الله عنه: بَعثَنا رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، في
غَزارةٍ فلما بَلَغْنا المُغارَ اسْتَحْثَثْتُ فرَسِي، قال ابن الأَثير:
المُغارُ، بالضم، موضع الغارةِ كالمُقامِ موضع الإِقامة، وهي الإِغارةُ نفسها
أَيضاً. وفي حديث عليّ: قال يومَ الجمل: مل ظَنُّكَ بامرئٍ جمعَ بين
هذين الغارَيْنِ؟ أَي الجَيّشين؛ قال ابن الأَثير: هكذا أَخرجه أَبو موسى في
الغين والواو؛ وذكره الهروي في الغين والياء، وذكر حديث الأَحْنَف
وقولهفي الزبير، رضي الله عنه، قال: والجوهري ذكره في الواو، قال: والواوُ
والياءُ متقاربان في الانقلاب؛ ومنه حديث فِتْنة الأَزْدِ: ليَجْمعا بين هذين
الغارَيْن. والغَارَةُ: الجماعة من الخيل إِذا أَغارَتْ. ورجلِ مغْوار
بيّن الغِوار: مقاتل كثير الغاراتِ على أَعدائِه، ومٌغاورٌ كذلك؛ وقومٌ
مَغاوِيرُ وخيل مغيرةٌ. وفرسٌ مِغْوارٌ: سريع؛ وقال اللحياني: فرسٌ
مِعْوارٌ شديد العَدْوِ؛ قال طفيل:
عَناجِيج من آل الوَجِيه، ولاحِقٍ،
مَغاويرُ فيها للأَريب مُعَقَّبُ
الليث: فرس مُغارٌ شديد المفاصل. قال الأَزهري: معناه شدَّة الأَسْر
كأَنه فَتِل فَتْلاً. الجوهري: أَغارَ أَي شدَّ العَدْوَ وأَسرع. وأَغارَ
الفرسُ إِغارةً وغارةً: اشْتدّ عَدْوُه وأَسرع في الغارةِ وغيرها،
والمُغِيرة والمِغىرة: الخيل التي تُغِير. وقالوا في حديث الحج: أَشْرِقْ ثَبِير
كَيْما نُغِير أَي نَنْفِر ونُسْرِع للنحر وندفع للحجارة؛ وقال يعقوب:
الإِغارةُ هنا الدفع أَي ندفع للنفر، وقيل: أَرادَ نُغِير على لُحوم
الأَضاحي، من الإِغارة: النهبِ، وقيل: نَدْخل في الغَوْرِ، وهو المنخفض من
الأَرض على لغة من قال أَغارَ إِذا أَتى الغَوْرَ؛ ومنه قولهم: أَغارَ
إِغارَة الثعلبِ إِذا أَسْرع ودفع في عَدْوِه. ويقال للخيل المُغِيرة: غارةٌ.
وكانت العرب تقول للخيل إذا شُنَّت على حيٍّ نازلين: فِيحِي فَياحِ أَي
اتَّسِعي وتفرّقي أَيتُها الخيل بالحيّ، ثم قيل للنهب غارة، وأَصلها
الخيل المُغيرة؛ وقال امرؤ القيس:
وغارةُ سِرْحانٍ وتقرِيبُ تَتْفُل
والسِّرحان: الذئب، وغارتهُ: شدَّةُ عَدْوِه. وفي التنزيل العزيز:
فالمُغيرات صُبْحاً. وغارَني الرجلُ يَغيرُني ويَغُورُني إذا أَعطاه الدّية؛
رواه ابن السكيت في باب الواو والياء. وأَغارَ فلانٌ بني فلان: جاءهم
لينصروه، وقد تُعَدَّى وقد تُعَدَّى بإلى. وغارَهُ بخير يَغُورُه ويَغِيرُه
أَي نفعه. ويقال: اللهم غُِرْنا منك بغيث وبخير أَي أَغِثّنا به. وغارَهم
الله بخير يَغُورُهم ويَغِيرُهم: أَصابهم بِخصْب ومطر وسقاهم. وغارَهم
يَغُورُهم غَوْراً ويَغِيرُهم: مارَهُم.
واسْتَغْوَرَ اللهَ: سأَله الغِيرةَ؛ أَنشد ثعلب:
فلا تَعْجلا، واسْتَغْوِرا اللهَ، إِنّه
إذا الله سَنَّى عقْد شيء تَيَسَّرا
ثم فسّره فقال: اسْتَغْوِرا من الميرَةِ؛ قال ابن سيده: وعندي أَن
معناه اسأَلوه الخِصْبَ إِذ هو مَيْرُ الله خَلْقه هذه يائية واوية. وغار
النهار أَي اشتدّ حرّه.
والتَّغْوِير: القَيْلولة. يقال: غوِّروا أَي انزلوا للقائلة. والغائرة:
نصف النهار. والغائرة: القائلة. وغَوَّر القوم تَغْويراً: دخلوا في
القائلة. وقالوا: وغَوَّروا نزلوا في القائلة؛ قال امرؤ القيس يصف الكلاب
والثور:
وغَوَّرْنَ في ظِلِّ الغضا، وتَرَكْنَه
كقَرْم الهِجان القادِرِ المُتَشَمِّس
وغَوَّروا: ساروا في القائلة. والتغوير: نوم ذلك الوقت. ويقال: غَوِّروا
بنا فقد أَرْمَضْتُمونا أَي انزلوا وقت الهاجرة حتى تَبْرُد ثم
تَرَوّحوا. وقال ابن شميل: التغوير أَن يسير الراكب إلى الزّوال ثم ينزل. ابن
الأَعرابي: المُغَوِّر النازل نصف النهار هُنَيْهة ثم يرحل. ابن بزرج:
غَوَّر النهار إذا زالت الشمس. وفي حديث السائب: لما ورد على عمر، رضي الله
عنه، بِفَتْحِ نَهاوَنْدَ قال: وَيْحَك ما وراءك؟ فوالله ما بِتُّ هذه الليلة
إلا تَغْوِيراً؛ يريد النومة القليلة التي تكون عند القائلة. يقال:
غَوَّر القوم إذا قالوا، ومن رواه تَغْرِيراً جعله من الغِرار، وهو النوم
القليل. ومنه حديث الإفْك: فأَتينا الجيش مُغَوِّرِين؛ قال ابن الأَثير:
هكذا جاء في روايةٍ، أَي وقد نزلوا للقائلة. وقال الليث: التَّغْوِير يكون
نُزولاً للقائلة ويكون سيراً في ذلك الوقت؛ والحجةُ للنزول قولُ الراعي:
ونحْن إلى دُفُوفِ مُغَوِّراتٍ،
يَقِسْنَ على الحَصى نُطَفاً لقينا
وقال ذو الرمة في التَّغْوير فجعله سيراً:
بَرَاهُنَّ تَغْوِيري، إذا الآلُ أَرْفَلَتْ
به الشمسُ أَزْرَ الحَزْوَراتِ العَوانِكِ
ورواه أَبو عمرو: أَرْقَلَت، ومعناه حركت. وأَرفلَت: بلغت به الشمس
أَوساط الحَزْوَراتِ؛ وقول ذي الرمة:
نزلنا وقد غَارَ النهارُ ، وأَوْقَدَتْ،
علينا حصى المَعزاءِ، شمسٌ تَنالُها
أَي من قربها كأَنك تنالها. ابن الأَعرابي: الغَوْرَة هي الشمس. وقالت
امرأَة من العرب لبنت لها: هي تشفيني من الصَّوْرَة، وتسترني من الغَوْرة؛
والصَّوْرة: الحكة. الليث: يقال غارَتِ الشمس غِياراً؛وأَنشد: فلمَّا
أَجَنَّ الشَّمْسَ عنيّ غيارُها والإِغارَة: شدة الفَتْل. وحبل مُغارٌ:
محكم الفَتْل، وشديد الغَارَةِ أَي شديد الفتل. وأَغَرْتُ الحبلَ أَي
فتلته، فهو مُغارٌ؛ أَشد غارَتَه والإِغارَةُ مصدر حقيقي، والغَارَة اسم يقوم
المصدر؛ ومثله أَغَرْتُ الشيء إِغارَةً وغارَة وأَطعت الله إِطاعةً
وطاعةً. وفرس مُغارٌ: شديد المفاصل. واسْتَغار فيه الشَّحْم: استطار وسمن.
واسْتغارت الجَرْحَةُ والقَرْحَةُ: تورَّمت؛ وأَنشد للراعي:
رَعَتْهُ أَشهراً وحَلا عليها،
فطارَ النِّيُّ فيها واسْتَغارا ويروى: فسار النِّيُّ فيها أَي ارتفع،
واستغار أَي هبط؛ وهذا كما يقال:
تَصَوَّبَ الحسنُ عليها وارْتَقَى
قال الأَزهري: معنى اسْتَغار في بيت الراعي هذا أَي اشتد وصَلُب، يعني
شحم الناقة ولحمها إذا اكْتَنَز، كما يَسْتَغير الحبلُ إذا أُغِيرَ أَي
شدَّ فتله. وقال بعضهم: اسْتَغارُ شحم البعير إِذا دخل جوفه ،قال: والقول
الأَول. الجوهري: اسْتغار أي سمن ودخل فيه الشحمُ.
ومُغِيرة: اسم. وقول بعضهم: مِغِيرَةُ، فليس اتباعُه لأَجل حرف الحلق
كشِعِيرٍ وبِعِيرٍ؛ إِنما هو من باب مِنْتِن، ومن قولهم: أَنا أُخْؤُوك
وابنؤُوك والقُرُفُصاء والسُّلُطان وهو مُنْحُدُر من الجبل.
والمغيرية: صنف من السبائية نسبوا إلى مغيرة بن سعيد مولى بجيلة.
والغار: لغة في الغَيْرَة؛ وقال أَبو ذؤيب يشّبه غَلَيان القدور بصخب
الضرائر:لَهُنّ نَشِيجٌ بالنَّشِيل كأَنها
ضَرائر حِرْميٍّ، تَفَاحشَ غارُها
قوله لهن، هو ضمير قُدورٍ قد تقدم ذكرها. ونَشِيجٌ غَلَيانٌ أَي تَنْشِج
باللحم. وحِرْميّ: يعني من أَهل الحَرَم؛ شبّه غليان القُدُور وارتفاعَ
صوتها باصْطِخاب الضرائر، وإنما نسبهنّ إلى الحَرم لأَن أَهل الحَرم أَول
من اتخذ الضرائر. وأَغار فلانٌ أَهلَه أَي تزوّج عليها؛ حكاه أَبو عبيد
عن الأصمعي. ويقال: فلان شديد الغَارِ على أَهله، من الغَيْرَة. ويقال:
أَغار الحبْلَ إغارة وغارَة إذا شدَّ فَتْله. والغارُ موضع بالشام،
والغَوْرة والغوَيْر: ماء لكلب في ناحية السَّماوَة مَعْروف. وقال ثعلب: أُتِيَ
عمر بمَنْبُوذٍ؛ فقال:
عَسَى الغُوَيْر أَبْؤُسَا
أَي عسى الريبة من قَبَلِكَ، قال: وهذا لا يوافق مذهب سيبويه. قال
الأَزهري: وذلك أَن عمر اتَّهَمَه أَن يكون صاحب المَنْبوذ حتى أَثْنَى على
الرجُل عَرِيفُهُ خيراً، فقال عمر حينئذٍ: هو حُرٌّ وَوَلاؤه لك. وقال
أَبو عبيد: كأَنه أَراد عسى الغُوَيْر أَن يُحْدِث أَبؤُساً ؤأَن يأْتي
بأَبؤُس؛ قال الكميت:
قالوا: أَساءَ بَنُو كُرْزٍ، فقلتُ لهم:
عسى الغُوَيْرُ بِإِبْآسٍ وإِغْوارِ
وقيل: إِن الغُوَير تصغير غارٍ. وفي المثل: عسى الغُوَيْر أَبؤُسا؛ قال
الأَصمعي: وأَصله أَنه كان غارٌ فيه ناس فانهارَ أَو أَتاهم فيه عدوّ
فقتلوهم فيه، فصار مثلاً لكل شيءٍ يُخاف أَن يأْتي منه شرّ ثم صغَّر الغارُ
فقيل غُوَير؛ قال أَبو عبيد: وأَخبرني الكلبي بغير هذا، زعم أَن
الغُوَيْر ماء لكلب معروف بناحية السَّماوَة، وهذا المثل إِنما تكلَّمت به
الزِّباء لما وجَّهَت قَصِيراً اللَّخْمِيَّ بالعِير إلى العِراق ليَحْمل لها
من بَزِّه، وكان قَصِير يطلُبها بثأْر جذِيمَة الأَبْرَش فحمَّل الأَجْمال
صناديقَ فيها الرجالُ والسلاح، ثم عدَل عن الجادَّة المأْلوفة وتَنَكَّب
بالأَجْمال الطَّريقَ المَنْهَج، وأَخذ على الغُوَيْر فأَحسَّت الشرَّ
وقالت: عسى الغُوَيْر أَبؤُسا، جمع بأُس، أَي عَساه أَن يأْتي بالبأْس
والشرِّ، ومعنى عسى ههنا مذكور في موضعه. وقال ابن الأَثير في المَنْبُوذ
الذي قال له عمر: عَسَى الغُوَيْر أَبؤُسا، قال: هذا مثَل قديم يقال عند
التُّهَمة، والغُوَيْر تصغير غار، ومعنى المثَل: ربما جاء الشرّ من مَعْدن
الخير، وأَراد عمر بالمثَل لعلَّك زَنَيت بأُمِّه وادّعيته لَقِيطاً،
فشهد له جماعة بالسَّتْر فتركه. وفي حديث يحيى بن زكريا، عليهما السلام:
فَسَاحَ ولَزِم أَطراف الأَرض وغِيرانَ الشِّعاب؛ الغِيران جمع غارٍ وهو
الكَهْف، وانقلبت الواو ياء لكسرة الغين. وأَما ما ورد في حديث عمر، رضي الله
عنه: أَههنا غُرْت، فمعناه إِلى هذا ذهبت، واللَّه أَعلم.
درن: الدَّرَنُ: الوسَخ، وقيل: تَلَطُّخُ الوسخ. وفي المثل: ما كان إلا
كَدَرنٍ بكَفِّي، يعني دَرَناً كان بإحدى يديه فمسحها بالأُخرى، يضرب ذلك
للشيء العَجِل. وقد دَرِنَ الثوبُ، بالكسر، دَرَناً فهو دَرِن
وأَدْرَنُ؛ قال رؤبة:
إن امْرُؤٌ دَغْمَرَ لَوْنَ الأَدْرَنِ،
سَلمت عِرْضاً ثَوبُه لم يَدْكَنِ
(* قوله «ثوبه لم يدكن» كذا في الأصل
هنا وفي مادة دكن، وتقدم في مادة دغمر: لونه لم يدكن). وأَدْرَنَه
صاحبُه. وفي حديث الصلوات الخمس: تُذْهِبُ الخَطايا كما يُذهب الماءُ الدَّرَنَ
أَي الوسخَ. وفي حديث الزكاة: ولم يُعطِ الهَرِمة ولا الدَّرِنة أَي
الجرباء، وأَصله من الوسخ. وجل مِدْرانٌ: كثير الدَّرَن؛ عن ابن الأَعرابي؛
وأَنشد:
مَدارِينُ إن جاعُوا، وأَذْعَرُ مَن مَشى،
إذا الرَّوْضةُ الخضْراءُ ذَبّ غَدِيرُها.
ذَبَّ: جَفّ في آخر الجَزْءِ، والأُنثى مِدْرانٌ، بغير هاء؛ قال
الفرزدق:
تَرَكُوا لتَغْلِبَ، إذ رَأَوْا أَرماحَهُمْ،
بِأَرابَ كُلَّ لئيمة مِدْرانِ.
والدَّرينُ والدُّرانة: يَبيسُ الحشِيش وكلّ حُطام من حَمْض أَو شجر أَو
أَحرار البقول وذكورها إذا قَدُمَ، فهو دَرِين؛ قال أَوس بن مَغْراءِ
السَّعدي:
ولم يَجِدِ السَّوامُ لَدَى المَراعِي
مَساماً يُرْتَجَى، إلا الدَّرِينا.
وقال ثعلب: الدَّرِين النبت الذي أَتى عليه سنة ثم جفّ، واليَبيسُ
الحوليّ هو الدَرِِين. ويقال: ما في الأَرض من اليبيس إلا الدُّرانة. الجوهري:
الدَّرين حُطام المَرْعى إذا قَدُم، وهو ما بَلِيَ من الحشيش، وقلَّما
تنتفع به الإبلُ؛ وقال عمرو بن كلثوم:
ونحن الحابِسُون بذِي أُراطَى،
تسَفُّ الجِلَّةُ الخُورُ الدَّرِينا.
وأَدْرَنَت الإِبلُ: رعت الدَّرِين، وذلك في الجدب. وحطب مُدْرِنٌ:
يابس. وفي حديث جرير: وإذا سقط كان دَرِيناً؛ الدَّرِينُ حُطام المرعى إذا
تناثر وسقط على الأَرض. ويقال للأَرض المجدبة: أُمُّ دَرِين؛ قال الشاعر:
تعالَيْ نُسَمِّطُ حُبَّ دَعْدٍ ونَغْتدي
سَواءَيْن، والمَرْعى بأُمّ دَرِينِ.
يقول: تعالَيْ نلزمَ حُبِّنا، وإن ضاق العيش. وإِدْرَوْن الدابة:
آريُّه. ورجع الفرس إلى إدْرَوْنة أَي آريّه. والإدْرَوْنُ: المَعْلَف.
والإدْرَوْن: الأَصل؛ قال القُلاخ:
ومثل عَتَّابٍ رددناه إلى
إدْرَوْنه ولُؤم أَصَّه على
أَلرّغْمَ مَوْطوءَ الحصى مُذَلَّلا
(* قوله «موطوء الحصى» الذي في
التهذيب: موطوء الحمى. وقد قطع همزة الرغم مراعاة للوزن). قال أَبو منصور:
ومن جعل الهمز في إِدرون فاء المثال فهي رباعية مثل فِرْعون وبِرْذون، وخص
بعضهم بالإدْرَوْن الخبيث من الأُصول، فذهب أَن اشتقاقه من الدَّرَن؛ قال
ابن سيده: وليس بشيء، وقيل: الإدْرَوْن الدَّرَن، قال: وليس هذا
معروفاً. ورجَع إلى إِدْرَوْنه أَي وطَنه؛ قال ابن جني: ملحق بِجِرْدَحْل إلى
إِدْرَوْنه أَي وطَنه؛ قال ابن جني: ملحق بِجِرْدَحْل وحِنْزَقْر، وذلك أَن
الواو التي فيها ليست مدّاً لأَنَّ ما قبلها مفتوح، فشابهت الأُصول بذلك
فأُلحقت بها. ابن الأَعرابي: فلان إدْرَوْن شَرّ وطِمِرُّ شر إذا كان
نهاية في الشر. والدَّرَان: الثعلب. وأَهل الكوفة يُسمون الأَحمق
دُرَيْنَة. ودُرَّانة: من أَسماء النساء، وهو فُعْلانة. قال الأَزهري: النون في
الدُّرّانة إن كانت أَصلية فهي فُعْلالة من الدَّرَن، وإن كانت غير أَصلية
فهي فُعْلانة من الدُّرّ أَو الدَّرّ، كما قالوا قُرّان من القرى ومن
القَرين. ودَرْنا ودُرْنا، بالفتح والضم: موضع زعموا أَنه بناحية اليمامة؛
قال الأَعشى:
حَلَّ أَهلي ما بَيْن دُرْنا فبادُو
لي، وحَلَّتْ عُلْوِيّةً بالسِّخالِ.
وقال أَيضاً:
فقلْتُ للشَّرْب في دُرْنا، وقد ثَمِلُوا:
شِيمُوا، وكيفَ يَشِيمُ الشارِبُ الثَّمِلُ؟
وروي دَرْنا، بالفتح، والرجل دُرْنِيّ والمرأَة دُرْنيَّة؛ وقال:
وإن طَحَنَتْ دُرْنِيّةٌ لِعيالِها،
تَطَبْطَب ثَدْياها فطارَ طَحِينُها.
ودارِينُ: موضع أَيضاً، قال النابغة الجعدي:
أُلْقِيَ فيه فِلْجانِ من مِسْك دا
رِينَ، وفِلْجٌ من فُلْفُلٍ ضَرِمِ.
الجوهري: ودارِينُ اسمُ فُرْضة بالبحرَيْن ينسب إليها المِسك، يقال:
مسكُ دارينَ؛ قال الشاعر:
مَسائحُ فَوْدَيْ رأْسِه مُسْبِغِلّةٌ،
جَرى مِسْكُ دارِينَ الأَحَمُّ خِلالَها.
والنِّسْبةُ إليها دارِيٌّ؛ قال الفرزدق:
كأَنَّ تَرِيكةً من ماءِ مُزْنٍ،
ودارِيَّ الذَّكيِّ من المُدامِ
وقال كُثَيِّر:
أُفِيدَ عليها المِسْكُ، حتى كأَنَّها
لَطِيمةُ دارِيٍّ تَفَتَّق فارُها
(* قوله «أفيد» كذا بالأصل مضبوطاً، وأنشده شارح القاموس: فيد، وهو
الموافق لما قالوا في مادة فيد، وإن كان عليه مخرومــاً).