صورة كتابية صوتية من محنش معجل غيره عن الأمر.
صورة كتابية صوتية من محنش معجل غيره عن الأمر.
حنا: حَنَا الشيءَ حَنْواً وحَنْياً وحَنَّاهُ: عَطَفه؛ قال يزيد بن
الأَعْوَرِ الشَّنّي:
يَدُقُّ حِنْوَ القَتَب المُحَنَّا،
إذا عَلا صَوَّانَهُ أَرَنَّا
والانْحِناءُ: الفعل اللازم، وكذلك التَّحَنِّي. وانْحَنى الشيءُ:
انعطف. وانْحَنى العُودُ وتَحَنَّى: انعطف.
وفي الحديث: لم يَحْنِ أَحدٌ منا ظَهْرَه أَي لم يَثْنه للركوع. يقال:
حَنَى يَحْني ويَحْنُو. وفي حديث معاوية: وإذا ركع أَحدُكم فلْيَفْرُشْ
ذراعيه على فخذيه ولْيَحْنا
(* قوله «وليحنا» هي في الأصل ونسخ النهاية
المعتمدة مرسومة بالألف)؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاء في الحديث، فإن كانت
بالحاء فهو من حنا ظهره إذا عطفه، وإن كانت بالجيم فهو من جنأَ على الشيء
أَكَبَّ عليه، وهما متقاربان، قال: والذي قرأْناه في كتاب مسلم بالجيم وفي
كتاب الحميدي بالحاء. وفي حديث أَبي هريرة: إِياك والحَنْوَةَ،
والإِقْعاء؛ يعني في الصلاة، وهو أَن يُطَأْطِئَ رأْسه ويُقَوِّسَ ظَهْره من
حَنَيْتُ الشيءَ إِذا عطفته، وحديثه الآخر: فهل يَنْتَظِرُ أَهْلُ بَضاضَة
الشَّبابِ إِلا حَوانِيَ الهَرَمِ؟ هي جمع حانِيَة وهي التي تَحْني ظَهْرَ
الشيخ وتَكُبُّه. وفي حديث رَجْمِ اليهودي: فرأَيتُه يُحْنِي عليها
يقيها الحجارة؛ قال الخطابي: الذي جاء في السنن يُجْني، بالجيم، والمحفوظ
إِنما هو بالحاء أَي يُكِبُّ عليها. يقال: حنا يَحْنو حُنُوّاً؛ ومنه
الحديث: قال لنسائه لا يُحْني عليكن بَعْدي إِلا الصابرون أَي لا يَعْطِفُ
ويُشْفِقُ؛ حَنا عليه يَحْنو وأَحْنى يُحْنِي.
والحَنِيَّةُ: القوس، والجمع حَنِيٌّ وحَنايا، وقد حَنَوْتُها أَحنوها
حَنْواً. وفي حديث عمر: لو صَلَّيْتُم حتى تكونوا كالحَنايا؛ هي جمع
حَنِيَّةٍ أَو حَنِيٍّ، وهما القوس، فَعِيل بمعنى مفعول، لأَنها مَحْنِيَّــة
أَي معطوفة؛ ومنه حديث عائشة: فحَنَت لها قَوْسَها أَي وتَّرَتْ لأَنها
إِذا وتَّرَتْها عَطَفَتها، ويجوز أَن تكون حَنَّتْ مشدَّدة، يريد صَوَّتَت.
وحَنَت المرأَة على ولدها تَحْنُو حُنُوّاً وأَحْنَت؛ الأَخيرة عن
الهروي: عَطَفَت عليهم بعد زوجها فلم تتزوج بعد أَبيهم، فهي حانِيَةٌ؛
واستعمله قَيْس بن ذَريحٍ في الإِبل فقال:
فأُقْسِمُ، ما عُمْشُ العيونِ شَوارِفٌ
رَوائِمُ بَوٍّ حانياتٌ على سَقْبِ
والأُمُّ البَرَّة حانِيَة، وقد حَنَت على ولدها تَحْنُو. أَبو زيد:
يقال للمرأَة التي تقيم على ولدها ولا تَتَزَوَّج قد حنت عليهم تَحْنُو، فهي
حانِيَة، وإِذا تزوجت بعده فليست بحانية؛ وقال:
تُساقُ وأَطفالُ المُصِيف، كأَنَّها
حَوانٍ على أَطلائهنَّ مَطافِلُ
أَي كأَنَّها إِبل عَطَفت على ولدها. وتَحَنَّنتُ عليه أَي رَقَقْت له
ورَحِمْته. وتحَنَّيْت أَي عطفت. وفي الحديث: خيرُ نِساءٍ ركِبْنَ الإِبلَ
صالحُ نِساء قرَيشٍ أَحْناهُ على ولدٍ في صِغَرهِ وأَرْعاه على زوج في
ذاتِ يَدِه. وروى أَبو هريرة أَنَّ النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: خيرُ
نساءٍ ركِبْنَ الإِبلَ خِيارُ نساءِ قريشٍ أَحناه على ولدٍ في صِغَره
وأَرعاه على زوج في ذاتِ يَدِه؛ قوله: أَحناهُ أَي أَعْطَفه، وقوله: أَرعاهُ
على زوج إِذا كان لها مال واسَتْ زوْجَها؛ قال ابن الأَثير: وإِنما
وحَّد الضمير ذهاباً إِلى المعنى، تقديره أَحْنى من وُجِدَ أَو خُلِقَ أَو
مَن هُناك؛ ومنه: أَحسنُ الناس خُلُقاً وأَحسنُه وجْهاً يريد أَحسنُهم، وهو
كثير من أَفصح الكلام. وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال:
أَنا وسَفْعاءُ الخَدَّيْنِِ الحانِيةُ على وَلدِها يومَ القيامة
كَهاتَيْن، وأَشاء بالوُسْطى والمُسَبِّحة، أَي التي تقيم على ولدها لا تتزوّج
شفقة وعطفاً. الليث: إِذا أَمْكَنَت الشاةُ الكَبْشَ يقال حَنَتْ فهي
حانِيَة، وذلك من شدّة صِرافِها. الأَصمعي: إِذا أَرادت الشاةُ الفحل فهي حانٍ،
بغير هاء، وقد حَنَت تَحْنُو. ابن الأَعرابي: أَحْنى على قَرابته وحَنا
وحَنىً ورَئِمَ. ابن سيده: وحَنَت الشاةُ حُنُوّاً، وهي حانٍ، أَرادت
الفَحل واشتهته وأَمكنته، وبها حِناء، وكذلك البقرة الوحشية لأَنها عند
العرب نعجة، وقيل: الحاني التي اشْتَدَّ عليها الاسْتِحْرامُ. والحانِية
والحَنْواءُ من الغنم: التي تَلْوي عُنُقَها لغير علة، وكذلك هي من الإِبل،
وقد يكون ذلك عن علة؛ أَنشد اللحياني عن الكسائي:
يا خالِ، هَلاَّ قُلْتَ إِذْ أَعْطَيْتَني:
هِيَّاكَ هِيَّاكَ وحَنْواءَ العُنُقْ
ابن سيده: وحَنا يدَ الرجلِ حَنْواً لَواها، وقال في ذوات الياء: حَنى
يَدَه حِنايَةً لواها. وحَنى العُودَ والظَّهْرَ: عَطَفَهُما. وحَنى عليه:
عَطَف. وحَنى العُودَ: قَشَره، قال: والأَعْرفُ في كلّ ذلك الواو، ولذلك
جعلنا تَقَصِّيَ تصارِيفه في حَدِّ الواو؛ وقوله:
بَرَكَ الزمان عليهمُ بِجِرانِه،
وأَلحَّ منكِ بحيثُ تُحْنى الإِصْبَع
يعني أَنه أَخذ الخيار المعدودين؛ حكاه ابن الأَعرابي؛ قال: ومثله قول
الأَسدي:
فإِنْ عُدَّ مَجْدٌ أَو قَدِيمٌ لِمَعْشَرٍ،
فَقَوْمِي بِهِمْ تُثْنى هُناكَ الأَصابِعُ
وقال ثعلب: معنى قوله حيث تُحْنى الإِصبع أَن تقول فلان صديقي وفلان
صديقي فتَعُدَّ بأَصابعك، وقال: فلان ممن لا تُحْنى عليه الأَصابع أَي لا
يُعَدُّ في الإِخوان.
وحَِنْوُ كلِّ شيءٍ: اعْوِجاجُه. والحِنْوُ: كلّ شيءٍ فيه اعوجاج أَو
شبْهُ الاعوجاج، كعَظْم الحِجاج واللَّحْي والضِّلَع والقُفِّ والحِقْفِ
ومُنْعَرَجِ الوادي، والجمع أَحْناءٌ وحُنِيٌّ وحِنِيٌّ. وحِنْوُ الرحْلِ
والقَتَبِ والسَّرْج: كلُّ عُود مُعْوَجٍّ من عِيدانِه، ومنه حِنْوُ
الجبل. الأَزهري: والحِنْوُ والحِجاج العَظْم الذي تحت الحاجب من الإِنسان؛
وأَنشد لجرير:
وخُورُ مُجاشعٍ تَرَكُوا لَقِيطاً،
وقالوا: حِنْوَ عَيْنِكَ والغُرابا
قيل لبَني مُجاشع خُورٌ بقول عمرو بن أُمَيَّة:
يا قَصَباً هَبَّت له الدَّبورُ،
فهْو إِذا حُرِّكَ جُوفٌ خُورُ
يريد: قالوا احذَرْ حِنْوَ عَيْنِكَ لا يَنْقُرُه الغُراب، وهذا تهكم.
وحِنْوُ العَيْن: طَرفها. الأَزهري: حِنْوُ العَيْنِ حِجاجُها لا
طَرَفُها، سُمِّي حِنْواً لانحنائه؛ وقول هِمْيان بن قُحافة:
وانْعاجَت الأَحْناءُ حتى احلَنْقَفَتْ
إِنما أَراد العظام التي هي منه كالأَحْناء.
والحِنْوانِ: الخَشَبتان المَعْطوفتان اللتان عليهما الشَّبكة يُنْقَلُ
عليهما البُرُّ إِلى الكُدْسِ.
وأَحْناءُ الأُمور: أَطرافها ونواحيها. وحِنْوُ العين: طَرَفها؛ قال
الكميت:
والُوا الأُمُورَ وأَحْناءَها،
فلمْ يُبْهِلُوها ولمْ يُهْمِلُوا
أَي ساسُوها ولم يُضَيِّعُوها. وأَحْناءُ الأُمورِ: ما تَشابَه منها؛
قال:
أَزَيْدُ أَخا وَرْقاءَ، إِنْ كنتَ ثائراً،
فقدْ عَرَضَتْ أَحْناءُ حَقٍّ فخاصِمِ
وأَحْناءُ الأُمور: مُتَشابِهاتُها؛ وقال النابغة:
يُقَسِّمُ أَحْناءَ الأُمورِ فهارِبٌ،
وشاصٍ عن الحَرْبِ العَوانِ، ودائِنُ
والــمَحْنِيَــة من الوادي؛ مُنْعَرَجُه حيث يَنْعطِف، وهي المَحْنُوَة
والمَحناةُ؛ قال:
سَقَى كلَّ مَحْناةٍ مِنَ الغَرْبِ والمَلا،
وجِيدَ بهِ منها المِرَبُّ المُحَلَّلُ
وهو من ذلك. والــمَحْنِيَــة: مُنْحَنى الوادي حيث يَنْعرج منخفضاً عن
السَّنَدِ. وتحَنَّى الحِنْوُ: اعْوَجَّ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
في إِثْرِ حَيٍّ كان مُسْتَباؤُهُ،
حيثُ تَحَنَّى الحِنْوُ أَو مَيْثاؤُهُ
ومَحْنِيــة الرمل: ما انْحَنى عليه الحِقْف. قال ابن سيده: قال سيبويه
الــمَحْنِيــة ما انْحَنى من الأَرض، رَمْلاً كان أَو غيره، ياؤُه منقلبة عن
واو لأَنها من حَنَوْت، وهذا يدل على أَنه لم يَعرف حَنَيْت، وقد حكاها
أَبو عبيد وغيره. والــمَحْنِيــة: العُلْبة تُتَّخذُ من جلود الإِبل، يُجعَل
الرمل في بعض جلدها، ثم يُعَلَّق حتى ييبس فيبقى كالقصعة، وهي أَرفق
للراعي من غيره.
والحَوَاني: أَطْوَل الأَضلاع كلِّهن، في كل جانب من الإِنسان ضِلَعان
من الحَوَاني، فهنَّ أَربعُ أَضلُع من الجَوانِحِ يَلِينَ الواهِنَتَينِ
بَعدَهما. وقال في رجل في ظهره انحناء: إِنَّ فيه لَحِنايَةً يَهُودِيَّة،
وفيه حِنايةٌ يهودية أَي انحِناءٌ. وناقة حَنْواءُ: حدْباءُ.
والحانِيَةُ: الحانوت، والجمع حَوَانٍ. قال ابن سيده: وقد جعل اللحياني حَوانيَ
جمعَ حانوتٍ، والنسب إِلى الحانِيَة حانِيٌّ؛ قال علقمة:
كأْسٌ عَزِيزٌ من الأَعْنابِ عَتَّقَها،
لِبَعْضِ أَرْبابِها، حانِيَّةٌ حُومُ
قال: ولم يعرف سيبويه حانِيَة لأَنه قد قال كأَنه أَضاف إِلى مثل ناحية،
فلو كانت الحانِيَةُ عنده معروفة لما احتاج إِلى أَن يقول كأَنه أَضاف
إِلى ناحية، قال: ومن قال في النسب إِلى يَثْرِبَ يَثْرَبيّ وإِلى
تَغْلِبَ تَغْلَبِيٌّ قال في الإِضافة إِلى حانِيَة حانَوِيّ؛ وأَنشد:
فكيفَ لنا بالشُّرْبِ، إِنْ لم تكنْ لنا
دَوانِقُ عند الحانَوِيِّ، ولا نَقْدُ؟
ابن سيده: الحانُوتُ فاعُول من حَنَوْت، تشبيهاً بالحَنِيَّة من البناء،
تاؤُه بدل من واو؛ حكاه الفارسي في البصريات له قال: ويحتمل أَن يكون
فَعَلُوتاً منه. ويقال: الحانوتُ والحانِيَة والحاناةُ كالناصية والناصاة.
الأَزهري: التاء في الحانوت زائدة، يقال حانَةٌ وحانوت وصاحبها حانِيٌّ.
وفي حديث عمر: أَنه أَحرق بيتَ رُوَيْشِدٍ الثَّقَفِيِّ وكان حانوتاً
تُعاقَرُ فيه الخَمر وتُباعُ. وكانت العرب تسمي بيوت الخمَّارين الحوانيت،
وأَهل العراق يسمونها المَواخِيرَ، واحدها حانوتٌ وماخُورٌ، والحانة
أَيضاً مثله، وقيل: إِنهما من أَصل واحد وإِن اختلف بناؤُهما، والحانوت يذكر
ويؤنث. والحانيّ: صاحب الحانوت. والحانِيَّة: الخمَّارون، نسبوا إِلى
الحانِية، وعلى ذلك قال: حانِيَّة حُوم؛ فأَما قول الآخر:
دَنانيرُ عند الحانَوِيِّ ولا نَقْدُ
فهو نسب إِلى الحاناةِ.
والحَنْوة، بالفتح: نبات سُهْليٌّ طيب الريح، وقال النَّمِرُ ابن
تَوْلَبٍ يصف روضة:
وكأَنَّ أَنْماطَ المدائنِ حَوْلَها
مِن نَوْرِ حَنْوَتها، ومِن جَرْجارِها
وأَنشد ابن بري:
كأَنَّ ريحَ خُزاماها وحَنْوَتِها،
بالليل، رِيحُ يَلَنْجُوجٍ وأَهْضامِ
وقيل: هي عُشبة وضِيئة ذات نَوْر أَحمر، ولها قُضُب وورق طيبة الريح
إِلى القِصَر والجُعُودة ما هي، وقيل: هي آذَرْيُونُ البَرِّ، وقال أَبو
حنيفة: الحَنْوة الرَّيْحانة، قال: وقال أَبو زياد من العُشب الحَنْوة، وهي
قليلة شديدة الخضرة طيبة الريح وزهرتها صفراء وليست بضخمة؛ قال جميل:
بها قُضُبُ الرَّيْحانِ تَنْدَى وحَنْوةٌ،
ومن كلّ أَفْواهِ البُقُولِ بها بَقْلُ
وحَنْوة: فرس عامر بن الطفيل. والحِنْوُ: موضع؛ قال الأَعشى:
نحنُ الفَوارِسُ يومَ الحِنْوِ ضاحِيةً
جَنْبَيْ فُطَيْمةَ، لا مِيلٌ ولا عُزْلُ
وقال جرير:
حَيِّ الهِدَمْلةَ مِن ذاتِ المَواعِيسِ،
فالحِنْوُ أَصبَحَ قَفْراً غيرَ مأْنوسِ
والحَنِيَّانِ: واديانِ معروفان؛ قال الفرزدق:
أَقَمْنا ورَبَّبْنا الدِّيارَ، ولا أَرى
كمَرْبَعِنا، بَينَ الحَنِيَّينِ، مَرْبَعا
وحِنْوُ قُراقِرٍ: موضع. قال الجوهري: الحِنْوُ موضع. والحِنْو: واحد
الأَحناءِ، وهي الجَوانِب مثل الأَعْناء. وقولهم: ازْجُرْ أَحْناءَ طَيرِكَ
أَي نواحِيَه يميناً وشمالاً وأَماماً وخَلْفاً، ويُراد بالطَّير
الخِفَّة والطَّيْش؛ قال لبيد:
فَقُلْتُ: ازْدَجِرْ أَحْناءَ طَيْرِك، واعْلَمَنْ
بأَنَّكَ، إِن قَدَّمْتَ رِجْلَكَ، عاثِرُ
والحِنَّاءُ: مذكور في الهمزة.
وحَنَيْت ظَهْري وحَنَيْت العُود: عطفته، وحَنَوْتُ لغة؛ وأَنشد
الكسائي:يَدُقُّ حِنْوَ القَتَبِ الــمَحْنِيَّــا
دَقَّ الوَلِيدِ جَوْزَه الهِنْدِيَّا
فجمع بين اللغتين، يقول: يدقه برأْسه من النعاس. ورجل أَحْنى الظهر
والمرأَة حَنْياءُ وحَنْواء أَي في ظهرها احْدِيداب. وفلان أَحْنَى الناس
ضُلوعاً عليك أَي أَشْفَقُهم عليك. وحَنَوْت عليه أَي عطفت عليه. وتَحَنَّى
عليه أَي تعَطَّف مثل تَحَنَّن؛ قال الشاعر:
تَحَنَّى عليكَ النفْسُ مِنْ لاعِج الهَوى،
فكيف تَحَنِّيها وأَنْتَ تُهِينُها؟
والمَحاني: معاطِف الأَوْدِية، الواحدة مَحْنِيــة، بالتخفيف؛ قال امرؤ
القيس:
بــمَحْنِيَــة قَدْ آزَرَ الضَّالُ نَبْتَها،
مَضَمِّ جُيوشٍ غانِمِين وخُيَّبِِ
وفي الحديث: كانوا مَعَه فأَشْرَفوا على حَرَّةِ واقِمٍ فإِذا قبُورٌ
بــمَحْنِيَــة أَي بحيث يَنْعَطِف الوادي، وهو مُنْحَناه أَيضاً، ومَحاني
الوادي: مَعاطِفه؛ ومنه قول كعب بن زهير:
شُجَّتْ بِذِي شَبَمٍ من مَاءٍ مَحْنِيَــةٍ،
صافٍ بأَبْطَح أَضْحى، وهو مَشْمُول
خَصَّ ماءَ الــمَحْنيــة لأَنه يكون أَصفى وأَبرد. وفي الحديث: أَن
العَدُوَّ يوم حُنَيْنٍ كَمَنُوا في أَحْناء الوادي؛ هي جمع حِنْوٍ وهو
مُنْعَطَفُه مثل مَحانيه؛ ومنه حديث عليّ، رضي الله عنه: مُلائِمةٌ لأَحْنائها
أَي مَعاطِفِها.
صنع: صَنَعَه يَصْنَعُه صُهْعاً، فهو مَصْنوعٌ وصُنْعٌ: عَمِلَه. وقوله
تعالى: صُنْعَ اللهِ الذي أَتْقَنَ كُلَّ شيء؛ قال أَبو إِسحق: القراءة
بالنصب ويجوز الرفع، فمن نصب فعلى المصدر لأَن قوله تعالى: وترى الجِبالَ
تَحْسَبُها جامِدةً وهي تَمُرُّ مَرَّ السّحابِ، دليل على الصَّنْعةِ كأَنه
قال صَنَعَ اللهُ ذلك صُنْعاً، ومن قرأَ صُنْعُ الله فعلى معنى ذلك صُنْعُ
الله.
واصْطَنَعَه: اتَّخَذه. وقوله تعالى: واصْطَنَعْتُك لنفسي، تأْويله
اخترتك لإِقامة حُجَّتي وجعلتك بيني وبين خَلْقِي حتى صِرْتَ في الخطاب عني
والتبليغ بالمنزلة التي أَكون أَنا بها لو خاطبتهم واحتججت عليهم؛ وقال
الأَزهري: أَي ربيتك لخاصة أَمري الذي أَردته في فرعون وجنوده. وفي حديث آدم:
قال لموسى، عليهما السلام: أَنت كليم الله الذي اصْطَنَعَك لنفسه؛ قال ابن
الأَثير: هذا تمثيل لما أَعطاه الله من منزلة التقْرِيبِ والتكريمِ.
والاصطِناع: افتِعالٌ من الصنِيعة وهي العَطِيّةُ والكرامة والإِحسان. وفي
الحديث: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: لا تُوقِدُوا بليل ناراً، ثم قال:
أَوْقِدوا واصْطَنِعُوا فإِنه لن يُدرِك قوم بعدكم مُدَّكم ولا صاعَكُم؛
قوله اصطَنِعوا أَي اتَّخِذوا صَنِيعاً يعني طَعاماً تُنْفِقُونه في سبيل
الله. ويقال: اططَنَعَ فلان خاتماً إِذا سأَل رجلاً أَن يَصْنَع له خاتماً.
وروى ابن عمر أَن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، اصطَنَعَ خاتماً من ذهب
كان يجعل فَصَّه في باطن كَفِّه إِذا لبسه فصنَعَ الناسُ ثم إِنه رَمى به،
أَي أَمَر أَن يُصْنَعَ له كما تقول اكتَتَبَ أَي أَمَر أَن يُكْتَبَ له،
والطاءُ بدل من تاء الافتعال لأَجل الصاد.
واسْتَصْنَعَ الشيءَ: دَعا إِلى صُنْعِه؛ وقول أَبي ذؤَيب:
إِذا ذَكَرَت قَتْلى بَكَوساءَ أَشْعَلَتْ،
كَواهِيةِ الأَخْرات رَثّ صُنُوعُها
قال بان سيده: صُنوعُها جمع لا أَعرف له واحداً. والصَّناعةُ: حِرْفةُ
الصانِع، وعَمَلُه الصَّنْعةُ. والصِّناعةُ: ما تَسْتَصْنِعُ من أَمْرٍ؛
ورجلٌ صَنَعُ اليدِ وصَنَاعُ اليدِ من قوم صَنَعَى الأَيْدِي وصُنُعٍ
وصُنْع، وأَما سيبويه فقال: لا يُكَسَّر صَنَعٌ، اسْتَغْنَوا عنه بالواو
والنون. ورجل صَنِيعُ اليدين وصِنْعُ اليدين، بكسر الصاد، أَي صانِعٌ حاذِقٌ،
وكذلك رجل صَنَعُ اليدين، بالتحريك؛ قال أَبو ذؤيب:
وعليهِما مَسْرُودتانِ قَضاهُما
داودُ، أَو صَنَعُ السَّوابِغِ تُبَّعُ
هذه رواية الأَصمعي ويروى: صَنَعَ السَّوابِغَ؛ وصِنْعُ اليدِ من قوم
صِنْعِي الأَيْدِي وأَصْناعِ الأَيْدِي، وحكى سيبويه الصِّنْعَ مُفْرداً.
وامرأَة صَناعُ اليدِ أَي حاذِقةٌ ماهِرة بعمل اليدين، وتُفْرَدُ في
المرأَة من نسوة صُنُعِ الأَيدي، وفي الصحاح: وامرأَة صَناعُ اليدين ولا يفرد
صَناعُ اليد في المذكر؛ قال ابن بري: والذي اختاره ثعلب رجل صَنَعُ اليد
وامرأَة صَناعُ اليد، فَيَجْعَلُ صَناعاً للمرأَة بمنزلة كَعابٍ ورَداحٍ
وحَصانٍ؛ وقال ابن شهاب الهذلي:
صَناعٌ بِإِشْفاها، حَصانٌ بِفَرْجِها،
جوادٌ بقُوتِ البَطْنِ، والعِرْقُ زاخِرُ
وجَمْعُ صَنَع عند سيبويه صَنَعُون لا غير، وكذلك صِنْعٌ؛ يقال: رجال
صِنْعُو اليد، وجمعُ صَناعٍ صُنُعٌ، وقال ابن درستويه: صَنَعٌ مصدرٌ وُصِفَ
به مثل دَنَفٍ وقَمَنٍ، والأَصل فيه عنده الكسر صَنِعٌ ليكون بمنزلة
دَنِفٍ وقَمِنٍ، وحكي أَنَّ فِعله صَنِع يَصْنَعُ صَنَعاً مثل بَطِرَ
بَطَراً، وحكى غيره أَنه يقال رجل صَنِيعٌ وامرأَة صنِيعةٌ بمعنى صَناع؛ وأَنشد
لحميد بن ثور:
أَطافَتْ به النِّسْوانُ بَيْنَ صَنِيعةٍ،
وبَيْنَ التي جاءتْ لِكَيْما تَعَلَّما
وهذا يدل أَنَّ اسم الفاعل من صَنَعَ يَصْنَعُ صَنِيعٌ لا صَنِعٌ لأَنه
لم يُسْمَعْ صَنِعٌ؛ هذا جميعُه كلا ابن بري. وفي المثل: لا تَعْدَمُ
صَناعٌ ثَلَّةً؛ الثَّلَّةُ: الصوف والشعر والوَبَر. وورد في الحديث: الأَمةُ
غيرُ الصَّناعِ. قال ابن جني: قولهم رجل صَنَع اليدِ وامرأَة صَناعُ
اليدِ دليل على مشابهة حرف المدّ قبل الطرَف لتاء التأْنيث، فأَغنت الأَلفُ
قبل الطرَف مَغْنَى التاء التي كانت تجب في صنَعة لو جاء على حكم نظيره نحو
حسَن وحسَنة؛ قال ابن السكيت: امرأَة صَناعٌ إِذا كانت رقِيقةَ اليدين
تُسَوِّي الأَشافي وتَخْرِزُ الدِّلاء وتَفْرِيها. وامرأَة صَناعٌ: حاذقةٌ
بالعمل: ورجل صَنَعٌ إِذا أُفْرِدَتْ فهي مفتوحة محركة، ورجل صِنْعُ
اليدِ وصِنْعُ اليدين، مكسور الصاد إِذا أُضيفت؛ قال الشاعر:
صِنْعُ اليَدَيْنِ بحيثُ يُكْوَى الأَصْيَدُ
وقال آخر:
أَنْبَلُ عَدْوانَ كلِّها صَنَعا
وفي حديث عمر: حين جُرِحَ قال لابن عباس انظر مَن قَتَلَني، فقال: غلامُ
المُغِيرةِ بنِ شُعْبةَ، قال: الصَّنَعُ؟ قال: نعم. يقال: رجل صَنَعٌ
وامرأَة صَناع إِذا كان لهما صَنْعة يَعْمَلانِها بأَيديهما ويَكْسِبانِ
بها. ويقال: امرأَتانِ صَناعانِ في التثنية؛ قال رؤبة:
إِمّا تَرَيْ دَهْرِي حَناني حَفْضا،
أَطْرَ الصَّناعَيْنِ العَرِيشَ القَعْضا
ونسوة صُنُعٌ مثل قَذالٍ وقُذُلٍ. قال الإِيادي: وسمعت شمراً يقول رجل
صَنْعٌ وقَومٌ صَنْعُونَ، بسكون النون. ورجل صَنَعُ اللسانِ ولِسانٌ
صَنَعٌ، يقال ذلك للشاعر ولكل بيِّن
(* قوله« بين» في القاموس وشرحه: يقال ذلك
للشاعر الفصيح ولكل بليغ بين) وهو على المثل؛ قال حسان بن ثابت:
أَهدَى لَهُم مِدَحي قَلْبٌ يُؤازِرُه،
فيما أَراد، لِسانٌ حائِكٌ صَنَعُ
وقال الراجز في صفة المرأَة:
وهْيَ صناعٌ باللِّسان واليَدِ
وأَصنَعَ الرجلُ إِذا أَعانَ أَخْرَقَ.
والمَصْنَعةُ: الدَّعْوةُ يَتَّخِذُها الرجلُ ويَدْعُو إِخوانه إِليها؛
قال الراعي:
ومَصْنَعة هُنَيْدَ أَعَنْت فيها
قال الأَصمعي: يعني مَدْعاةً. وصَنْعةُ الفرَسِ: حُسْنُ القِيامِ عليه.
وصَنَعَ الفَرَسَ يَصْنَعُه صَنْعاً وصَنْعةً، وهو فرس صنِيعٌ: قام عليه.
وفرس صنِيعٌ للأُنثى، بغير هاء، وأرى اللحياني خص به الأُنثى من الخيل؛
وقال عدي بن زيد:
فَنَقَلْنا صَنْعَه حتى شَتا،
ناعِمَ البالِ لَجُوجاً في السَّنَنْ
وقوله تعالى: ولِتُصْنَعَ على عَيْني؛ قيل: معناه لِتُغَذَّى، قال
الأَزهري: معناه لتُرَبَّى بِمَرْأَى مِنّي. يقال: صَنَعَ فلان جاريته إِذا
رَبّاها، وصَنَع فرسه إِذا قام بِعَلَفِه وتَسْمِينه، وقال الليث: صَنع
فرسه، بالتخفيف، وصَنَّعَ جاريته، بالتشديد، لأَن تصنيع الجارية لا يكون
إِلا بأَشياء كثيرة وعلاج؛ قال الأَزهري: وغير الليث يُجِيز صنع جاريته
بالخفيف؛ ومنه قوله: ولتصنع على عيني.
وتَصَنَّعَتِ المرأَة إِذا صَنَعَتْ نَفْسها.
وقومٌ صَناعيةٌ أَي يَصْنَعُون المال ويُسَمِّنونه؛ قال عامر بن الطفيل:
سُودٌ صَناعِيةٌ إِذا ما أَوْرَدُوا،
صَدَرَتْ عَتُومُهُمُ، ولَمَّا تُحْلَب
الأَزهري: صَناعِيةٌ يصنعون المال ويُسَمِّنُون فُصْلانهم ولا يَسْقُون
أَلبان إِبلهم الأَضياف، وقد ذكرت الأَبيات كلها في ترجمة صلمع.
وفرَسٌ مُصانِعٌ: وهو الذي لا يُعْطِيك جميع ما عنده من السير له صَوْنٌ
يَصُونه فهو يُصانِعُكَ ببَذْله سَيْرَه.
والصنِيعُ: الثَّوْبُ الجَيِّدُ النقي؛ وقول نافع بن لقيط الفقعسي
أَنشده ابن الأَعرابي:
مُرُطٌ القِذاذِ، فَلَيْسَ فيه مَصْنَعٌ،
لا الرِّيشُ يَنفَعُه، ولا التَّعْقِيبُ
فسّره فقال: مَصْنَعٌ أَي ما فيه مُسْتَمْلَحٌ. والتَّصَنُّعُ: تكَلُّفُ
الصَّلاحِ وليس به. والتَّصَنُّعُ: تَكَلُّفُ حُسْنِ السَّمْتِ
وإِظْهارُه والتَّزَيُّنُ به والباطنُ مدخولٌ. والصِّنْعُ: الحَوْضُ، وقيل:
شِبْهُ الصِّهْرِيجِ يُتَّخَذُ للماء، وقيل: خشبة يُحْبَسُ بها الماء
وتُمْسِكُه حيناً، والجمع من كل ذلك أَصناعٌ. والصَّنَّاعةُ: كالصِّنْع التي هي
الخشبَة. والمَصْنَعةُ والمَصْنُعةُ: كالصِّنْعِ الذي هو الحَوْض أَو شبه
الصِّهْرِيجِ يُجْمَعُ فيه ماءُ المطر. والمَصانِعُ أَيضاً: ما يَصْنَعُه
الناسُ من الآبار والأَبْنِيةِ وغيرها؛ قال لبيد:
بَلِينا وما تَبْلى النُّجومُ الطَّوالِعُ،
وتَبْقى الدِّيارُ بَعْدَنا والمَصانِعُ
قال الأَزهري: ويقال للقُصور أَيضاً مَصانعُ؛ وأَما قول الشاعر أَنشده
ابن الأَعرابي:
لا أُحِبُّ المُثَدَّناتِ اللَّواتِي،
في المَصانِيعِ، لا يَنِينَ اطِّلاعا
فقد يجوز أَن يُعْنى بها جميع مَصْنعةٍ، وزاد الياء للضرورة كما قال:
نَفْيَ الدّراهِيمِ تَنْقادُ الصَّيارِيفِ
وقد يجوز أَن يكون جمع مَصْنُوعٍ ومَصْنوعةٍ كَمَشْؤومٍ ومَشائِيم
ومَكْسُور ومكاسِير. وفي التنزيل: وتَتَّخِذون مصانِعَ لعلكم تَخْلُدُون؛
المَصانِعُ في قول بعض المفسرين: الأَبنية، وقيل: هي أَحباسٌ تتخذ للماء،
واحدها مَصْنَعةٌ ومَصْنَعٌ، وقيل: هي ما أُخذ للماء. قال الأَزهري: سمعت
العرب تسمي أَحباسَ الماءِ الأَصْناعَ والصُّنوعَ، واحدها صِنْعٌ؛ وروى أَبو
عبيد عن أَبي عمرو قال: الحِبْسُ مثل المَصْنَعةِ، والزَّلَفُ
المَصانِعُ، قال الأَصمعي: وهي مَساكاتٌ لماءِ السماء يَحْتَفِرُها الناسُ
فيَمْلَؤُها ماءُ السماء يشربونها.وقال الأَصمعي: العرب تُسَمِّي القُرى
مَصانِعَ، واحدتها مَصْنَعة؛ قال ابن مقبل:
أَصْواتُ نِسوانِ أَنْباطٍ بِمَصْنَعةٍ،
بجَّدْنَ لِلنَّوْحِ واجْتَبْنَ التَّبابِينا
والمَصْنعةُ والمَصانِعُ: الحُصون؛ قال ابن بري: شاهده قول البعيث:
بَنى زِيادٌ لذِكر الله مَصْنَعةً،
مِنَ الحجارةِ، لم تُرْفَعْ مِنَ الطِّينِ
وفي الحديث: مَنْ بَلَغَ الصِّنْعَ بِسَهْمٍ؛ الصِّنْعُ، بالكسر:
المَوْضِعُ يُتَّخَذُ للماء، وجمعه أَصْناعٌ، وقيل: أَراد بالصِّنْع ههنا
الحِصْنَ. والمَصانِعُ: مواضِعُ تُعْزَلُ للنحل مُنْتَبِذةً عن البيوت، واحدتها
مَصْنَعةٌ؛ حكاه أَبو حنيفة. والصُّنْعُ: الرِّزْق. والصُّنْعُ، بالضم:
مصدر قولك صَنَعَ إِليه معروفاً، تقول: صَنَعَ إِليه عُرْفاً صُنْعاً
واصْطَنَعه، كلاهما: قَدَّمه، وصَنَع به صَنِيعاً قَبيحاً أَي فَعَلَ.
والصَّنِيعةُ: ما اصْطُنِعَ من خير. والصَّنِيعةُ: ما أَعْطَيْتَه
وأَسْدَيْتَه من معروف أَو يد إِلى إِنسان تَصْطَنِعُه بها، وجمعها
الصَّنائِعُ؛ قال الشاعر:
إِنَّ الصَّنِيعةَ لا تَكونُ صَنِيعةً،
حتى يُصابَ بِها طَرِيقُ المَصْنَعِ
واصْطَنَعْتُ عند فلان صَنِيعةً، وفلان صَنيعةُ فلان وصَنِيعُ فلات إِذا
اصْطَنَعَه وأَدَّبَه وخَرَّجَه ورَبَّاه. وصانَعَه: داراه ولَيَّنَه
وداهَنَه. وفي حديث جابر: كالبَعِيرِ المَخْشُوشِ الذي يُصانِعُ قائدَهُ أَي
يداريه. والمُصانَعةُ: أَن تَصْنَعَ له شيئاً ليَصْنَعَ لك شيئاً آخر،
وهي مُفاعَلةٌ من الصُّنْعِ. وصانِعَ الوالي: رَشاه. والمُصانَعةُ:
الرَّشْوةُ. وفي لمثل: من صانَعَ بالمال لم يَحْتَشِمْ مِنْ طَلَب الحاجةِ.
وصانَعَه عن الشيء: خادَعه عنه. ويقال: صانَعْتُ فلاناً أَي رافَقْتُه.
والصِّنْعُ: السُّودُ
(* قوله« والصنع السود» كذا بالأصل، وعبارة القاموس مع
شرحه: والصنع، بالكسر، السفود، هكذا في سائر النسخ ومثله في العباب
والتكملة، ووقع في اللسان: والصنع السود، ثم قال: فليتأمل في العبارتين؛) قال
المرّارُ يصف الإِبل:
وجاءَتْ، ورُكْبانُها كالشُّرُوب،
وسائِقُها مِثْلُ صِنْعِ الشِّواء
يعني سُودَ الأَلوان، وقيل: الصِّنْعُ الشِّواءُ نَفْسُه؛ عن ابن
الأَعرابي. وكلُّ ما صُنِعَ فيه، فهو صِنْعٌ مثل السفرة أَو غيرها. وسيف
صَنِيعٌ: مُجَرَّبٌ مَجْلُوٌّ؛ قال عبد الرحمن بن الحكم بن أَبي العاصي يمدح
معاوية:
أَتَتْكَ العِيسُ تَنْفَحُ في بُراها،
تَكَشَّفُ عن مَناكِبها القُطُوعُ
بِأَبْيَضَ مِنْ أُميّة مَضْرَحِيٍّ،
كأَنَّ جَبِينَه سَيْفٌ صَنِيعُ
وسهم صَنِيعٌ كذلك، والجمع صُنُعٌ؛ قال صخر الغيّ:
وارْمُوهُمُ بالصُّنُعِ المَحْشُورَهْ
وصَنْعاءُ، ممدودة: ببلدة، وقيل: هي قَصَبةُ اليمن؛ فأَما قوله:
لا بُدَّ مِنْ صَنْعا وإِنْ طالَ السَّفَرْ
فإِنما قَصَرَ للضرورة، والإِضافة إِليه صَنْعائي، على غير قياس، كما
قالوا في النسبة إِلى حَرّانَ حَرْنانيٌّ، وإِلى مانا وعانا مَنَّانِيّ
وعَنَّانِيٌّ، والنون فيه بدل من الهمزة في صَنْعاء؛ حكاه سيبويه، قال ابن جني:
ومن حُذَّاقِ أَصحابنا من يذهب إِلى أَنَّ النون في صنعانيّ إِنما هي بدَل
من الواو التي تبدل من همزة التأْنيث في النسب، وأَن الأَصل صَنْعاوِيّ
وأَن النون هناك بدل من هذه الواو كما أَبدلت الواو من النون في قولك: من
وَّافِدِ، وإن وَّقَفْتَ وقفتُ، ونحو ذلك، قال: وكيف تصرّفتِ الحالُ فالنون
بدل من بدل من الهمزة، قال: وإِنما ذهب من ذهب إِلى هذا لأَنه لم ير
النون أُبْدِلَتْ من الهمزة في غير هذا، قال: وكان يحتج في قولهم إِن نون
فَعْلانَ بدل من همزة فَعْلاء فيقول: ليس غرضهم هنا البدل الذي هو نحو قولهم في
ذِئْبٍ ذيب، وفي جُؤْنةٍ، وإِنما يريدون أَن النون تُعاقِبُ في هذا الموضع
الهمزة كما تعاقب امُ المعرفة التنوينَ أَي لا تجتمع معه، فلما لم
تجامعه قيل إِنها بدل منه، وكذلك النون والهمزة. والأَصْناعُ: موضع؛ قال عمرو
بن قَمِيئَة:
وضَعَتْ لَدَى الأَصْناعِ ضاحِيةً،
فَهْيَ السّيوبُ وحُطَّتِ العِجَلُ
وقولهم: ما صَنَعْتَ وأَباك؟ تقديره مَعَ أَبيك لأَن مع والواو جميعاً
لما كانا للاشتراك والمصاحبة أُقيم أَحدهما مُقامَ الآخَر، وإِنما نصب
لقبح العطف على المضمر المرفوع من غير توكيد، فإِن وكدته رفعت وقلت: ما صنعت
أَنت وأَبوك؟ واما الذي في حديث سعد: لو أَنّ لأَحدكم وادِيَ مالٍ مرّ
على سبعة أَسهم صُنُعٍ لَكَلَّفَتْه نفْسُه أَن ينزل فيأْخذها؛ قال ابن
الأَثير: كذا قال صُنُع، قاله الحربي، وأَظنه صِيغةً أَي مستوية من عمل رجل
واحد. وفي الحديث: إِذا لم تَسْتَحْيِ فاصْنَعْ ما شئتَ؛ قال جرير: معناه
أَن يريد الرجل أَن يَعْمَلَ الخيرَ فَيَدَعَه حَياء من الناس كأَنه يخاف
مذهب الرياء، يقول فلا يَمْنَعَنك الحَياءُ من المُضِيّ لما أَردت؛ قال
أَبو عبيد: والذي ذهب إِليه جرير معنى صحيح في مذهبه ولكن الحديث لا تدل
سِياقتُه ولا لفظه على هذا التفسير، قال: ووجهه عندي أَنه أَراد بقوله
إِذا لم تَسْتَحْي فاصنع ما شئت إِنما هو من لم يَسْتَحِ صَنَعَ ما شاء على
جهة الذمّ لترك الحياء، ولم يرد بقوله فاصنع ما شئت أَن يأْمرع بذلك
أَمراً، ولكنه أَمرٌ معناه الخبر كقوله، صلى الله عليه وسلم: من كذب عليّ
مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَه من النار، والذي يراد من الحديث
أَنه حَثَّ على الحياء، وأَمرَ به وعابَ تَرْكَه؛ وقيل: هو على الوعيد
والتهديد اصنع ما شئت فإِن الله مجازيك، وكقوله تعالى: اعملوا ما شئتم، وذكر ذلك
كله مستوفى في موضعه؛ وأَنشد:
إِذا لَمْ تَخْشَ عاقِبةَ اللّيالي،
ولمْ تَسْتَحْي، فاصْنَعْ ما تشاءُ
وهو كقوله تعالى: فمن شاء فَلْيُؤْمِنْ ومن شاء فَلْيَكْفُرْ. وقال ابن
الأَثير في ترجمة ضيع: وفي الحديث تُعِينُ ضائِعاً أَي ذا ضياعٍ من قَفْر
أَو عِيالٍ أَو حال قَصَّر عن القيام بها، قال: ورواه بعضهم بالصاد
المهملة والنون، وقيل: إِنه هو الصواب، وقيل: هو في حديث بالمهملة وفي آخر
بالمعجمة، قال: وكلاهما صواب في المعنى.
لدم: اللَّدْمُ: ضرْبُ المرأَةِ صَدْرَها. لَدَمَت المرأَة وجهَها:
ضربته. ولَدَمَتْ خُبْزَ المَلَّة إِذا ضربته. وفي حديث الزبير يوم أُحُد:
فخرجْتُ أَسْعَى إِليها، يعني أُمَّه، فأَدْرَكْتُها قبل أَنْ تَنْتَهيَ
إِلى القَتْلى فلَدَمَتْ في صَدْري وكانت امرأَة جَلْدةً، أَي ضربَتْ
ودفعت. ابن سيده: لَدَمَت المرأَةُ صدْرَها تَلْدِمُه لَدْماً ضربته،
والْتَدَمَتْ هي. واللَّدْمُ: ضرْبُ خُبْزِ الملّة إِذا أَخرجته منها وضَرْبُ
غيرهِ أَيضاً. واللَّدْمُ: صوتُ الشيء يَقعُ في الأَرض من الحَجر ونحوه وليس
بالشديد؛ قال ابن مقبل:
وللفُؤادِ وَجِيبٌ تَحْتَ أَبْهَرِه،
لَدْمَ الغُلامِ وراءَ الغَيْبِ بالحَجَرِ
وقيل: اللَّدْمُ اللَّطْم والضربُ بشيء ثقيل يُسْمَعُ وَقْعُه.
والتَدَمَ النساءُ إِذا ضربْنَ وُجوهَهنّ في المآتم. واللَّدْمُ: الضرْبُ،
والتِدامُ النساء من هذا، واللَّدْمُ واللّطْمُ واحدٌ. والالْتِدامُ:
الاضْطراب. والْتِدامُ النساء: ضَرْبهُنّ صُدورَهنّ ووجوهَهن في النِّياحة. ورجل
مِلْدَمٌ: أَحمقُ ضخم ثقيل كثير اللحم. وفَدْمٌ لَدْمٌ: إِتباع. ويقال:
فلان فَدْمٌ ثَدْمٌ لَدْمٌ بمعنى واحد. وروي عن عليّ، عليه السلام، أَن
الحسن قال له في مَخْرجِه إِلى العراق: إِنه غير صواب، فقال: والله لا أَكون
مثلَ الضَّبُع تسمع اللَّدْمَ فتخرُجُ فتُصاد، وذلك أَن الصَّيّاد يجيء
إِلى جحرها فيضرب بحجَر أَو بيدِه، فتخرج وتَحْسبه شيئاً تَصِيده
لتأْخذَه فيأْخذها، وهي من أَحمق الدَّوابّ؛ أَراد أَني لا أُخْدَع كما تُخْدعُ
الضبع باللَّدْم، ويُسمَّى الضرْبُ لَدْماً. ولَدَمْتُ أَلْدِمُ لَدْماً،
فأَنا لادِمٌ، وقوم لَدَمٌ مثل خادِمٍ وخَدَمٍ.
وأُمُّ مِلْدَم: الحُمَّى، الليث: أُمّ مِلدَم كنية الحُمَّى، والعرب
تقول: قالت الحمى أَنا أُمُّ مِلْدَم آكُل اللحم وأَمَصُّ الدمَ، قال:
ويقال لها أُمّ الهِبْرِزِيّ. وأَلْدَمَت عليه الحُمّى أَي دامَتْ. وفي
الحديث: جاءت أُمُّ مِلْدَمٍ تستأْذن؛ هي الحُمَّى، والميم الأُولى مكسورة
زائدة، وبعضهم يقولها بالذال المعجمة.
واللَّدِيمُ: الثوب الخلَق. وثوب لَدِيم ومُلَدَّم: خَلَقٌ. ولَدَمَه:
رَقَعَه. الأَصمعي: المُلَدَّم والمُرَدَّمُ من الثياب المُرقَّعُ، وهو
اللَّديم. ولَدَمْت الثوب لدْماً ولَدَّمتُه تَلْديماً أَي رَقَّعْتُه، فهو
مُلَدَّم ولَدِيمٌ أَي مُرَقَّع مُصْلَح. واللِّدامُ: مثل الرِّقاع
يُلْدَمُ به الخفّ وغيره. وتَلَدَّم الثوبُ أَي أَخْلَق واسْتَرْقَع.
وتَلَدَّم الرجلُ ثوبَه أَي رَقعَه، يتعدَّى ولا يتعدى، مثل تَرَدَّم.
واللَّدَمُ، بالتحريك: الحُرَمُ في القَرابات. ويقال: إِنما سميت
الحُرْمَةُ اللَّدَمَ لأَنها تَلْدِم القَرابةَ أَي تُصْلِح وتَصِل؛ تقول
العرب: اللَّدَمُ اللَّدَمُ إِذا أَرادت توكيد المُحالفة أَي حُرْمَتُنا
حُرْمَتُكم وبيتنا بيتُكم لا فرق بيننا. وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم:
أَن الأَنصار لما أَرادوا أَن يُبايعوه في بَيْعَةِ العَقَبة بمكة قال
أَبو الهيثم بن التَّيِّهان: يا رسول الله، إن بينَنا وبينَ القَوم
حِبالاً ونحنُ قاطِعوها، فنخشى إنِ اللهُ أَعَزَّك وأَظْهَرَكَ أَن ترجع إِلى
قومك، فتبسَّم النبي، صلى الله عليه وسلم، وقال: بل الدَّمُ الدَّمُ
والهَدَمُ الهَدَمُ أُحارِبُ مَنْ حارَبْتُم وأُسالمُ مَنْ سالَمْتُم ورواه
بعضهم: بل اللَّدَمُ اللَّدَمُ والهَدَمُ الهَدَمُ، قال: فمن رواه بل
الدَّم الدّم والهَدَم الهَدَم فإِن ابن الأَعرابي قال: العرب تقول: دَمِي
دَمُك وهَدَمِي هَدَمُك في النُّصْرة أَي إِن ظُلِمْتَ فقد ظُلِمْتُ؛ قال:
وأَنشد العقيليّ:
دَماً طَيِّباً يا حَبَّذا أَنتَ من دَمِ
قال أَبو منصور: وقال الفراء العرب تدخل الأَلف واللام اللتين للتعريف
على الاسم فتقومان مقام الإضافة كقول الله عز وجل: فأَمَّا مَنْ طَغَى
وآثر الحياةَ الدنيا فإِنَّ الجَحيم هي المأْوى؛ أَي الجحيم مأْواه، وكذلك
قوله: وأَمَّا مَن خاف مَقامَ رَبِّه ونهَى النفس عن الهوى فإِن الجنة هي
المأْوى؛ المعنى فإِن الجنة مأْواه؛ وقال الزجاج؛ معناه فإِن الجنة هي
المأْوى له، قال: وكذلك هذا في كل اسم، يدلان على مثل هذا الإِضمار فعلى
قول الفراء قوله الدَّمُ الدَّمُ أَي دمكم دمي وهَدَمكم هَدَمي؛ وقال ابن
الأَثير في رواية: الدَّمُ الدَّمُ، قال: هو أَن يهدر دَم القتيل، المعنى
إِن طلِب دمُكم فقد طُلب دمي، فدمي ودمُكم شيء واحد، وأَما من رواه بل
اللَّدَم اللَّدَم والهَدَم الهَدَم فإِن ابن الأَعرابي أَيضاً قال:
اللَّدَم الحُرَم جمع لادِمٍ والهدَم القَبر، فالمعنى حُرَمكم حُرَمي وأُقْبَرُ
حيث تُقْبَرون؛ وهذا كقوله: المَحْيا مَحْياكم والمَمات مماتُكم لا
أُفارقكم. وذكر القتيبي أَن أَبا عبيدة قال في معنى هذا الكلام: حُرْمَتي مع
حُرْمَتِكم وبَيْتي مع بيتكم؛ وأَنشد:
ثم الْحَقي بهَدَمِي ولَدَمِي
أَي بأَصْلي وموضعي. واللَّدَمُ: الحُرَمُ جمع لادِم، سُمِّي نساءُ
الرجل وحُرَمُه لَدَماً لأَنهن يَلْتَدِمْنَ عليه إِذا مات. وفي حديث عائشة:
قُبِض رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهو في حَجْري ثم وضَعْت رأْسَه
على وِسادَةٍ وقُمْتُ أَلْتَدِمُ مع النِّساء وأَضْرِب وَجْهي.
والمِلْدَمُ والمِلْدامُ: حَجَرٌ يُرْضَخُ به النوى، وهو المِرْضاخُ
أَيضاً. قال ابن بري عند قول الجوهري سُمِّيَت الحُرْمة اللَّدَمَ قال:
صوابه أَن يقول سميت الحُرَمُ اللَّدَم لأن اللَّدَم جمعُ لادِمٍ. ولَدْمانُ:
ماء معروف. ومُلادِمٌ: اسم؛ وفي ترجمة دعع في التهذيب قال: قرأْت بخط
شمر للطِّرمَّاح:
لم تُعالِجْ دَمْحَقاً بائتاً
شُجَّ بالطَّخْفِ لِلَدْمِ الدَّعاعْ
قال: اللَّدْمُ اللَّعْقُ.
ولج: ابن سيده: الوُلُوجُ الدخولُ. وَلَجَ البيتَ وُلُوجاً ولِجَةً،
فأَما سيبويه فذهب إِلى إِسقاط الوسط، وأَما محمد بن يزيد فذهب إِلى أَنه
متعد بغير وسط؛ وقد أَولَجَه.
والمَوْلَجُ: المَدْخَلُ.
والوِلاجُ: الباب. والوِلاجُ: الغامض من الأَرض والوادي، والجمع وُلُجٌ
ووُلُوجٌ، الأَخيرة نادرة لأَن فِعالاً لا يُكسَّر على فُعول، وهي
الوَلَجَةُ، والجمع وَلَجٌ. ابن الأَعرابي: وِلاجُ الوادي
(* قوله «ولاج الوادي
إلخ» بكسر الواو، وقوله واحدتها ولجة، أي بالتحريك، وقوله والجمع ولج أي
جمع ولاج، بالكسر: ولج بضمتين، هكذا يفهم من شرح القاموس ومن سياق عبارة
المؤلف المارة قريباً.) معاطفه، واحدتها وَلَجَةٌ، والجمع الوُلُجُ؛
وأَنشد لِطُرَيْحٍ يمدح الوليد بن عبد الملك:
أَنتَ ابنُ مُسْلَنْطِحِ البِطاحِ، ولم
تَعْطِفْ عليك الحُنِيُّ والوُلُجُ
لو قلتَ للسَّيْلِ: دَعْ طَريقَكَ، والـ
ـمَوْجُ عليه كالهَضْبِ يَعْتَلِجُ،
لارْتَدَّ أَوْ ساخَ، أَو لكانَ له
في سائرِ الأَرضِ، عنكَ، مُنْعَرَجُ
وقال: الحُنِيُّ والوُلُجُ الأَزِقَّةُ. والوُلُجُ: النَّواحي.
والوُلُجُ: مَغارِفُ العسلِ. والوَلَجَةُ، بالتحريك: موضع أَو كَهْف يستتر فيه
المارَّةُ من مطر أَو غيره، والجمع وَلَجٌ وَأَولاجٌ.
وفي حديث ابن مسعود: إِياكم والمُناخَ على ظهر الطريق فإِنه منزل
الوالِجَةِ، يعني السباع والحيات، سمِّيت والِجَةً لاستتارها بالنهار في
الأَوْلاجِ، وهو ما وَلَجْتَ فيه من شِعْب أَو كهف وغيرهما.
والوَلَجُ والوَلَجَةُ: شيء يكون بين يَدَيْ فِناء القوم، فإِما أَن
يكون من باب حِقٍّ وحِقَّةٍ أَو من باب تَمْر وتَمْرَةٍ.
ووِلاجَا الخَلِيَّة: طَبَقاها من أَعلاها إِلى أَسفلها، وقيل: هو
بابها، وكله من الدخول.
ورجل خَرّاجٌ وَلاّجٌ، وخَرُوجٌ وَلُوجٌ؛ قال:
قد كنتُ خَرَّاجاً وَلُوجاً صَيْرَفاً،
لم تَلْتَحِصْني حَيْصَ بَيْصَ لَحَاصِ
ورجل خُرَجَةٌ وُلَجَةٌ، مثل هُمَزَة، أَي كثير الدخول والخروج.
ووَلِيجةُ الرجل: بِطانَتُه وخاصته ودِخْلَتُه؛ وفي التنزيل: ولم يتخذوا
من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وَلِيجَة؛ قال أَبو عبيدة:
الوَلِيجَة البِطانَةُ، وهي مأْخوذة من وَلَجَ يَلِجُ وُلُوجاً وَلِجَةً إِذا دخل
أَي ولم يتخذوا بينهم وبين الكافرين دَخِيلَةَ مَوَدّةٍ؛ وقال أَيضاً:
ولِيجةً. كلُّ شيء أَولَجْته فيه وليس منه، فهو وَلِيجَة؛ والرجل يكون في
القوم وليس منهم، فهو وَلِيجَة فيهم، يقول: ولا يتخذوا أَولياء ليسوا من
المؤمنين دون الله ورسوله؛ ومنه قوله:
فإِن القَوافي يَتَّلِجْنَ مَوالِجاً،
تَضايَقُ عنها أَنْ تَوَلَّجَها الإِبَرْ
وقال الفرّاء: الوَليجَة البطانة من المشركين، قال سيبويه: إِنما جاء
مصدره وُلُوجاً، وهو من مصادر غير المتعدي، على معنى وَلَجْتُ فيه،
وأَولَجَه: أَدخله. وفي حديث عليّ: أَقَرَّ بالبَيْعَةِ وادَّعى الوَلِيجةَ؛
وَلِيجة الرجلِ: بِطانَتُه ودُخلاؤه وخاصته.
واتَّلَجَ مَوالِجَ، على افْتَعَل، أَي دخل مَداخل. وفي حديث ابن عمر:
أَن أَنساً كان يَتَوَلَّجُ على النساء وهنَّ مُكَشَّفاتُ الرؤوس أَي يدخل
عليهن، وهو صغير، ولا يحتجبن منه. التهذيب: وفي نوادرهم: وَلَّجَ مالَه
تَوْلِيجاً إِذا جعله في حياته لبعض وَلَده، فتسامعَ الناسُ بذلك
فانْقَدَعُوا عن سؤاله.
والوالِجةُ: وجع يأْخذ الإِنسان.
وقوله تعالى: يُولِجُ الليلَ في النهار ويولج النهار في الليل: أَي يزيد
من هذا في ذلك ومن ذلك في هذا. وفي حديث أُمِّ زَرْع: لا يُولِجُ
الكَفَّ ليَعْلَمَ البَثِّ أَي لا يدخل يده في ثوبها ليعلم منها ما يسوءُه إِذا
اطلع عليه، تصفه بالكرم وحسن الصحبة، وقيل: إِنها تذمه بأَنه لا يتفقد
أَحوال البيت وأَهله. والوُلوجُ: الدخول. وفي الحديث: عُرِضَ عليَّ كلُّ
شيء تُولَجُونَه، بفتح اللام، أَي تُدْخَلُونه وتصيرون إِليه من جنة أَو
نار.
والتَّوْلَجُ: كناس الظبي أَو الوحش الذي يلج فيه، التاء فيه مبدلة من
الواو، والدَّولَجُ لغة فيه، داله عند سيبويه بدل من تاء، فهو على هذا بدل
من بدل، وعَدَّه كُراعٌ فَوْعَلاً؛ قال ابن سيده: وليس بشيء؛ وأَنشد
يعقوب:
وبادَرَ العُفْر تَؤُمُّ الدَّولَجَا
الجوهري: قال سيبويه التاء مبدلة من الواو، وهو فَوْعَل لأَنك لا تجد في
الكلام تَفْعَلٌ اسماً، وفَوعَل كثير؛ وقال يصف ثوراً تَكَنَّسَ في
عِضاه، وهو لجرير يهجو البَعِيثَ:
قد غَبَرَتْ أُمُّ البَعِيث حَجِجَا،
على السَّوايا ما تَحُفُّ الهَوْدَجا،
فوَلَدتْ أَعْثَى ضَرُوطاً عُنْبُجا،
كأَنه ذِيخٌ إِذا ما مَعَجا،
مُتَّخِذاً في ضَعَواتٍ تَوْلَجا
غَبَرَت: بقيت. والسَّوايا: جمع سَوِيَّة، وهو كساء يجعل على ظهر
البعير، وهو من مراكب الإِماء. وقوله: ما تحف الهودَجا أَي ما توطئه من جوانبه
وتَفْرُشُ عليه تجلس عليه. والذِّيخُ: ذَكَر الضِّباع. والأَعْثى: الكثير
الشعر. والعُنْبُجُ: الثقيل الوَخِمُ. ومَعَجَ: نفش شعره. والضَّعَواتُ:
جمع ضَعَةٍ لنبتٍ معروف.
وقد اتَّلَجَ الظبي في كناسه وأَتْلَجَه فيه الحَرُّ أَي أَوْلَجه.
وشَرٌّ تالِجٌ والِجٌ؛ الليث: جاء في بعض الرُّقَى: أَعوذ بالله من شرِّ
كلِّ تالِجٍ ومالِجٍ
غلصم: الغَلْصَمَةُ: رأْس الحُلْقوم بشواربه وحَرْقدته، وهو الموضع
الناتئ في الحَلْق، والجمع الغَلاصِمُ، وقيل: الغَلْصَمةُ اللَّحم الذي بين
الرأْس والعُنُق، وقيل: مُتَّصَلُ الحلقوم بالحلق إذا ازْدَرَدَ الآكلُ
لُقْمَته فَزَلَّتْ عن الحلقوم، وقيل: هي العُجرةُ التي على مُلْتَقَى
اللَّهاةِ والمَرِيءِ. وغَلْصَمَه أي قَطَع غَلْصَمَتَه. ويقال: غَلْصَمْتُ
فلاناً إذا أخذت بحَلْقِه؛ قال العجاج:
فالأُسْدُ مِنْ مُغَلْصَمٍ وخُرْسِ
واستعار أبو نُخَيْلة الغَلاصِمَ للنَّخْل فقال، أَنشده أَبو حنيفة:
صَفَا بُسْرُها، واخْضَرَّتِ العُشْبُ بَعْدَما
عَلاها اغْبِرارٌ لانْضِمامِ الغَلاصِمِ
أدامَ لهَا العَصْرَيْنِ رِيّاً، ولم يَكُنْ
كَمَنْ ضَنَّ عَن عُمْرانِها بالدَّراهِمِ
والغَلْصَمَةُ: الجماعةُ، وهم أَيضاً السادةُ؛ قال:
وهِنْدٌ غادةٌ غَيْدا
ءُفي؟؟ غَلْصَمةٍ غُلْبِ
يجوز أن يعني به الجماعة وأن يعني به السادة؛ وقول الفرزدق:
فما أنتَ من قَيْسٍ فَتَنْبَح دُونَها،
ولا من تَمِيمٍ في اللَّها والغلاصِم
عَنَى أَعاليَهم وجِلَّتَهم. ابن السكيت: إنه لفي غَلْصَمَةٍ من قومه أي
في شَرَفٍ وعَدَدٍ؛ قال أَبو النجم:
أَبي لُجَيْمٌ، واسْمُهُ ملءُ الفَمِ،
في غَلْصَمِ الهامِ وهامِ الغَلْصَمِ
وقال الأَصمعي: أراد أَنه في مُعْظَم قومه وشرَفِهم، والغَلْصَمةُ:
أَصلُ اللسان، أخبر أَنه في قَومٍ عِظام الهامِ، وهذا مما يوصف به الرجلُ
الشديدُ الشريفُ؛ وذكر المُنذري أَن أَبا الهيثم أَنشده للأغلب:
كانَتْ تَمِيمُ مَعْشَراً ذَوِي كَرَم،
غَلْصَمةً مِنَ الغَلاصِمِ العُظَم
قال: غَلْصَمَةً جماعة لأن الغَلْصمة مجتمعة بما حولها؛ وقال
غَداةَ عَهِدْتُهُنَّ مُغَلْصَماتٍ،
لَهُنَّ بِكُلِّ مَحْنِيَــة نَحِيمُ
مُغَلْصَماتٍ: مشدودات الأعناق.
شبه: الشِّبْهُ والشَّبَهُ والشَّبِيهُ: المِثْلُ، والجمع أَشْباهٌ.
وأَشْبَه الشيءُ الشيءَ: ماثله. وفي المثل: مَنْ أَشْبَه أَباه فما ظَلَم.
وأَشْبَه الرجلُ أُمَّه: وذلك إذا عجز وضَعُفَ؛ عن ابن الأَعرابي؛
وأَنشد:أَصْبَحَ فيه شَبَهٌ من أُمِّهِ،
من عِظَمِ الرأْسِ ومن خرْطُمِّهِ
أَراد من خُرْطُمِهِ، فشدد للضرورة، وهي لغة في الخُرْطُوم، وبينهما
شَبَه بالتحريك، والجمع مَشَابِهُ على غير قياس، كما قالوا مَحاسِن
ومَذاكير. وأَشْبَهْتُ فلاناً وشابَهْتُه واشْتَبَه عَلَيَّ وتَشابَه الشيئانِ
واشْتَبَها: أَشْبَهَ كلُّ واحدٍ صاحِبَه. وفي التنزيل: مُشْتَبِهاً
وغَيْرَ مُتَشابه. وشَبَّهه إِياه وشَبَّهَه به مثله. والمُشْتَبِهاتُ من
الأُمور: المُشْكِلاتُ. والمُتَشابِهاتُ: المُتَماثِلاتُ. وتَشَبَّهَ فلانٌ
بكذا. والتَّشْبِيهُ: التمثيل. وفي حديث حذيفة: وذَكَر فتنةً فقال
تُشَبَّهُ مُقْبِلَةً وتُبَيِّنُ مُدْبِرَةً؛ قال شمر: معناه أَن الفتنة إذا
أَقبلت شَبَّهَتْ على القوم وأَرَتْهُمْ أَنهم على الحق حتى يدخلوا فيها
ويَرْكَبُوا منها ما لا يحل، فإذا أَدبرت وانقضت بانَ أَمرُها، فعَلِمَ مَنْ
دخل فيهاأَنه كان على الخطأ. والشُّبْهةُ: الالتباسُ. وأُمورٌ
مُشْتَبِهةٌ ومُشَبِّهَةٌ
(* قوله ومشبهة» كذا ضبط في الأصل والمحكم، وقال المجد:
مشبهة كمعظمة): مُشْكِلَة يُشْبِهُ بعضُها بعضاً؛ قال:
واعْلَمْ بأَنَّك في زَما
نِ مُشَبِّهاتٍ هُنَّ هُنَّهْ
وبينهم أَشْباهٌ أَي أَشياءُ يتَشابهون فيها. وشَبَّهَ عليه: خَلَّطَ
عليه الأَمْرَ حتى اشْتَبه بغيره. وفيه مَشابهُ من فلان أَي أَشْباهٌ، ولم
يقولوا في واحدته مَشْبَهةٌ، وقد كان قياسه ذلك، لكنهم اسْتَغْنَوْا
بشَبَهٍ عنه فهو من باب مَلامِح ومَذاكير؛ ومنه قولهم: لم يَسْرِ رجلٌ
قَطُّ ليلةً حتى يُصْبِحَ إلا أَصْبَح وفي وجهه مَشابِهُ من أُمِّه.
وفيه شُبْهَةٌ منه أَي شَبَهٌ. وفي الحديث الدِّياتِ: دِيَةُ
شِبْهِ العَمْدِ أَثْلاثٌ؛ هو أَن ترمي إِنساناً بشيءٍ ليس من عادته أَن
يَقْتُل مِثْلُه، وليس من غَرَضِكَ قتله، فيُصادِفَ قَضاءً وقَدَراً
فيَقَعَ في مَقْتَلٍ فيَقْتُل، فيجب فيه الديةُ دون القصاص. ويقال:
شَبَّهْتُ هذا بهذا، وأَشْبَه فلانٌ فلاناً. وفي التنزيل العزيز: منه
آياتٌمُحْكَماتٌ
هُنَّ أُمُّ الكتاب وأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ؛ قيل: معناه يُشْبِهُ بعضُها
بعضاً. قال أَبو منصور: وقد اختلف المفسرون في تفسير قوله وأُخر متشابهات،
فروي عن ابن عباس أَنه قال: المتشابهات الم الر، وما اشْتَبه على اليهود
من هذه ونحوها. قال أَبو منصور: وهذا لو كان صحيحاً ابن عباس كان
مُسَلَّماً له، ولكن أَهل المعرفة بالأَخبار وَهَّنُوا إسْنادَه، وكان الفراء
يذهب إلى ما روي عن ابن عباس، وروي عن الضحاك أَنه قال: المحكمات ما لم
يُنْسَخْ، والمُتَشابِهات ما قد نسخ. وقال غيره: المُتَشابِهاتُ هي الآياتُ
التي نزلت في ذكر القيامة والبعث ضَرْبَ قَوْلِه: وقال الذين كفروا هل
نَدُلُّكُمْ على رجل يُنَبِّئُكم إذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ ممَزَّقٍ إنَّكم
لفي خَلْقٍ جديد أَفْتَرى على الله كَذِباً أَم به جِنَّةٌ، وضَرْبَ
قولِه: وقالوا أَئِذا مِتْنا وكنا تُراباً وعِظاماً أَئنا لمَبْعُوثون أَو
آباؤُنا الأَوَّلونَ؛ فهذا الذي تشابه عليهم، فأَعْلَمهم الله الوَجْهَ الذي
ينبغي أَن يَسْتَدِلُّوا به على أَن هذا المُتَشابِهَ عليهم كالظاهر لو
تَدَبَّرُوه فقال: وضَرَب لنا مثلاً ونَسِيَ خَلْقَه قال من يُحْيِي
العِظامَ وهي رَمِيمٌ
قل يُحْيِيها الذي أَنْشأَها أَوَّلَ مرَّةٍ وهو بكل خَلْقٍ عليم الذي
جَعَلَ لكم من الشَّجر الأَخضَرِ ناراً فإذا أَنتم منه تُوقِدُون،
أَوَلَيْس الذي خلق السموات والأَرض بقادر على أَن يَخْلُق مثلهم؛ أَي إذا كنتم
أَقررتم بالإِنشاء والابتداء فما تنكرون من البعث والنُّشور، وهذا قول
كثير من أَهل العلم وهو بَيِّنٌ واضح، ومما يدل على هذا القول قوله عز وجل:
فيَتَّبِعُونَ ما تَشابَه منه ابْتِغاء الفِتْنة وابتغاء تَأْويله؛ أَي
أَنهم طلبوا تأويل بعثهم وإِحيائهم فأَعلم الله أَن تأْويل ذلك ووقته لا
يعلمه إلا الله عز وجل، والدليل على ذلك قوله: هل يَنْظُرون إلا تأْويلَه
يومَ يأْتي تأْويلُه؛ يريد قيام الساعة وما وُعِدُوا من البعث والنشور،
والله أَعلم. وأَما قوله: وأُتُوا به مُتَشابهاً، فإن أَهل اللغة قالوا
معنى مُتَشابهاً يُشْبِهُ بعضُه بعضاً في الجَوْدَة والحُسْن، وقال
المفسرون: متشابهاً يشبه بعضه بعضاً في الصورة ويختلف في الطَّعْم، ودليل
المفسرين قوله تعالى: هذا الذي رُزِقْنا من قَبْلُ؛ لأَن صُورتَه الصورةُ
الأُْولى، ولكنَّ اختلافَ الطعم مع اتفاق الصورة أَبلغُ وأَغرب عند الخلق، لو
رأَيت تفاحاً فيه طعم كل الفاكهة لكان نهايةً في العَجَبِ. وفي الحديث
في صفة القرآن: آمنوا بمُتَشابهِه واعْمَلُوا بمُحْكَمِه؛ المُتَشابه: ما
لم يُتَلَقَّ معناه من لفظه، وهو على ضربين: أَحدهما إذا رُدَّ إلى
المُحْكم عُرف معناه، والآخر ما لا سبيل إلى معرفة حقيقته، فالمُتَتَبِّعُ له
مُبْتَغٍ للفتنة لأَنه لا يكاد ينتهي إلى شيء تَسْكُنُ نَفْسُه إليه.
وتقول: في فلان شَبَهٌ من فلان، وهو شِبْهُه وشَبَهُه وشَبِيهُه؛ قال العجاج
يصف الرمل:
وبالفِرِنْدادِ له أُمْطِيُّ،
وشَبَهٌ أَمْيَلُ مَيْلانيُّ
الأُمْطِيُّ: شجر له عِلْكٌ تَمْضَغُه الأَعراب. وقوله: وشَبَهٌ، هو اسم
آخر اسمه شَبَهٌ، أَمْيَلُ: قد مال، مَيْلانيُّ: من المَيل. ويروى:
وسَبَطٌ أَمْيَلُ، وهو شجر معروف أَيضاً.
حَيْثُ انْحَنى ذو اللِّمَّةِ الــمَحْنِيُّ
حيث انحنى: يعني هذا الشَّبَه. ذو اللِّمَّةِ: حيث نَمَّ العُشْبُ؛
وشَبَّهه بلِمَّةِ الرأْس، وهي الجُمَّة.
في بَيْضِ وَدْعانَ بِساطٌ سِيُّ
بَيْضُ وَدْعانَ: موضعٌ. أَبو العباس عن ابن الأَعرابي: وشَبَّه الشيءُ
إذا أَشْكَلَ، وشَبَّه إذا ساوى بين شيء وشيء، قال: وسأَلته عن قوله
تعالى: وأُتُوا به مُتَشابهاً، فقال: ليس من الاشْتِباهِ المُشْكِل إنما هو
من التشابُه الذي هو بمعنى الاستواء. وقال الليث: المُشْتَبِهاتُ من
الأُمور المُشْكِلاتُ. وتقول: شَبَّهْتَ عليَّ يا فلانُ إذا خَلَّطَ عليك.
واشْتَبَه الأَمْرُ إذا اخْتَلَطَ، واشْتَبه عليَّ الشيءُ.
وتقول: أَشْبَهَ فلانٌ أَباه وأَنت مثله في الشِّبْهِ والشَّبَهِ.
وتقول: إني لفي شُبْهةٍ منه، وحُروفُ الشين يقال لها أَشْباهٌ، وكذلك كل شيء
يكونُ سَواءً فإِنها أَشْباهٌ كقول لبيد في السَّواري وتَشْبيه قوائمِ
الناقة بها:
كعُقْرِ الهاجِريِّ، إذا ابْتَناهُ،
بأَشْباهٍ خُذِينَ على مِثالِ
قال: شَبَّه قوائم ناقته بالأَساطين. قال أَبومنصور: وغيرُه يَجْعَلُ
الأَشباهَ في بيت لبيد الآجُرَّ لأَن لَبِنَها أَشْباهٌ
يُشْبِه بعضُها بعضاً، وإنما شَبَّه ناقته في تمام خَلْقِها وحَصانةِ
جِبِلَّتها بقَصْر مبني بالآجر، وجمعُ الشُّبْهةِ شُبَهٌ، وهو اسم من
الاشْتِباهِ. روي عن عمر، رضي الله عنه، أنه قال: اللَّيَنُ يُشَبَّهُ عليه
(*
قوله «اللين يشبه عليه» ضبط يشبه في الأصل والنهاية بالتثقيل كما ترى،
وضبط في التكملة بالتخفيف مبنياً للمفعول). ومعناه أَن المُرْضِعَة إذا
أَرْضَعَتْ
غلاماً فإِنه يَنْزِعُ إلى أَخلاقِها فيُشْبِهُها، ولذلك يُختار
للرَّضاعِ امرأةٌ
حَسَنَةُ الأَخلاقِ صحيحةُ الجسم عاقلةٌ غيرُ حَمْقاء. وفي الحديث عن
زيادٍ السَّهْمِيّ قال: نهى رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، أَن
تُسْتَرْضَعَ الحمْقاء فإن اللَّبنَ يُشَبَّه. وفي الحديث: فإن اللبن
يَتَشَبَّهُ.والشِّبْهُ والشَّبَهُ: النُّحاس يُصْبَغُ فيَصْفَرُّ. وفي التهذيب:
ضَرْبٌ من النحاس يُلْقى عليه دواءٌ
فيَصْفَرُّ. قال ابن سيده: سمي به لأَنه إذا فُعِلَ ذلك به أَشْبَه
الذهبَ بلونه، والجمع أَشْباهٌ، يقال: كُوزُ
شَبَهٍ وشِبْهٍ بمعنىً؛ قال المَرَّارُ:
تَدينُ لمَزْرُورٍ إلى جَنْب حَلْقَةٍ،
من الشِّبْهِ، سَوَّاها برِفْقٍ طَبِيبُها
أَبو حنيفة: الشَّبَهُ شجرة كثيرة الشَّوْك تُشْبِهُ السَّمُرَةَ وليست
بها. والمُشَبَّهُ: المُصْفَرُّ من النَّصِيِّ. والشَّباهُ: حَبٌّ على
لَوْنِ الحُرْفِ يُشْرَبُ للدواء. والشَّبَهانُ: نبت يُشْبِهُ الثُّمام،
ويقال له الشَّهَبانُ. قال ابن سيده: والشَّبَهانُ والشُّبُهانُ ضَرْبٌ
من العِضاه، وقيل: هو الثُّمامُ، يَمانية؛ حكاها ابن دريد؛ قال رجل من
عبد القيس:
بوادٍ يَمانٍ يُنْبِتُ الشَّثَّ صَدْرُهُ،
وأَسْفَلُه بالمَرْخِ والشَّبَهانِ
قال ابن بري: قال أَبو عبيدة البيت للأَحْوَل اليَشْكُري، واسمه يَعْلى،
قال: وتقديره وينبت أَسفلُه المَرْخَ؛ على أَن تكون الباء زائدة، وإِن
شئت قَدَّرْتَه: ويَنْبُتُ أَسفلُه بالمَرْخِ، فتكون الباء للتعدية لما
قَدَّرْتَ الفعل ثلاثيّاً. وفي الصحاح: وقيل الشَّبَهانُ هو الثُّمامُ من
الرياحين. قال ابن بري: والشَّبَهُ كالسَّمُرِ كثير الشَّوْكِ.
شبم: الشَّبَمُ، بالتحريك: البَرْدُ. ابن سيده: الشَّبَمُ بَرْدُ الماء.
يقال: ماءٌ شَبِمٌ ومطر شَبِمٌ وغَداةٌ ذاتُ شَبَمٍ، وقد شَبِمَ الماءُ
بالكسر، فهو شَبِمٌ. وماء شَبِمٌ: بارد. وفي حديث جرير: خيرُ الماء
الشَّبِمُ أَي البارد، ويروى بالسين والنون، وقد تقدم. وفي زواج فاطمة، عليها
السلام: دخل عليها النبي، صلى الله عليه وسلم، في غَداةٍ شَبِمَةٍ؛ وفي
قصيد كعب بن زهير:
شُجَّتْ بذي شَبمٍ من ماءِ مَحْنِيــةٍ
صافٍ بأَبْطَحَ، أَضحى وهو مَشْمُول
يروى بكسر الباء وفتحها على الاسم والمصدر؛ وقوله
وقد شَبَّهُوا العِيرَ أَفْراسَنا،
فقد وَجَدُوا مَيْرهم ذا شَبَمْ
يقول: لما رأَوا خيلنا مقبلة ظنوها عيراً تحمل إِليهم مَيْراً، فقد
وجدوا ذلك المَيْر بادراً لأَنه كان سَمّاً وسلاحاً، والسَّمُّ والسلاح
باردان؛ وقيل: الشَّبَمُ هنا
(* قوله «وقيل الشبم هنا» أي في البيت، ولعله روي
ذا شبم بكسر الباء أيضاً
لأنه الذي بمعنى الموت كما في التكملة). الموت لأن الحي إِذا مات بَرَد،
والعرب تسمي السَّمَّ شَبِماً والموتَ شَبِماً
لبرده، وقيل لابْنةِ الخُسِّ: ما أَطَيبُ الأَشياء؟ قالت: لحمُ جَزُورٍ
سَنِمة، في غَداةٍ شَبِمَةٍ، بشِفارٍ خَذِمَةٍ، في قُدورٍ هَزِمَة؛
أَرادت في غداة باردة، والشِّفارُ الخَذِمَةُ: القاطعة، والقُدُور الهَزِمَةُ:
السريعة الغَلَيان. أَبو عمرو: الشَّبِمُ الذي يَجِدُ البَرْدَ مع
الجُوع؛ وأَنشد لحُمَيْدِ بن ثور:
بعَيْنَيْ قُطامِيٍّ نَما فوق مَرْقَبٍ،
غَذا شَبِماً يَنْقَضُّ بين الهَجارِسِ
وبقرة شَبِمَةٌ: سَمِينة؛ عن ثعلب، والمعروف سَنِمةٌ.
والشِّبامُ: عُود يُعَرَّضُ في شِدْقَي السَّخْلة يُوثَقُ به من قِبَلِ
قَفاه لئلا يَرْضَعَ فهو مَشْبُومٌ، وقد شَبَمَها وشَبَّمَها؛ وقال
عَدِيٌّ:
ليس للمَرْءِ عُصْرَةٌ من وِقاع الـ
ـدَّهْرِ تُغْني عنه شِبامَ عَناقِ
وأَسَدٌ مُشَبَّمٌ: مَشْدُود الفم. وفي المثل: تَفْرَقُ من صوت الغُرابِ
وتَفْتَرِسُ الأَسَدَ المُشَبَّم؛ قال: وأَصلُ هذا المثل أَن امرأَة
افْتَرَسَتْ أَسداً مُشَبَّماً وسمعت صوتَ غُرابٍ ففَرِقتْ، فَضُرِبَ ذلك
مثلاً لكل من يَفْزَعُ من الشيء اليسير وهو جَريءٌ على الجَسِيم.
ابن الأَعرابي: يقال لرأْس البُرْقُع الصَّوْقَعَةُ، ولكفِّ عَين
البُرْقُعِ ا لضِّرْسُ، ولخيطه الشِّبامانِ؛ ابن سيده: والشِّبامانِ خَيْطانِ
في البُرْقُع تَشُدُّه المرأَة بهما في قَفاها. والشَّبامُ، بفتح الشين:
نباتٌ يُشَبُّ به لْونُ الحِنَّاءِ؛ عن أَبي حنيفة؛ وأَنشد:
على حين أَن شابَتْ، ورَقَّ لرأْسِها
شَبامٌ وحِنَّاءٌ معاً وصَبِيبُ
وشَبامٌ: حَيٌّ من اليمن
(* قوله «وشبام حي من اليمن» ضبط في الأصل
كنسخة من التهذيب بفتح الشين، وقوله «وشبام حي من همدان» ضبط في الأصل
والمحكم بفتح الشين، وقوله «وفي الصحاح الشبام إلخ» ضبط في الأصل كالصحاح بكسر
الشين والذي في القاموس كالتكملة بكسر الشين في الجميع، وأنشد في التكملة
للحرث بن حلزة:
فما ينجيكم منا شبام * ولا قطن ولا أهل الحجون
وقال: شبام وقطن جبلان. وقال ابن حبيب: شبام جبل همدان باليمن، وقال أبو
عبيدة: شبام في قول امرئ القيس:
أنف كلون دم الغزال معتق * من خمر عانة أو كروم شبام
موضع بالشأم، وعانة قرية على الفرات فوق هيت). وشبامٌ: حَيٌّ من
هَمْدان. وفي الصحاح: الشِّبامُ حيّ من العرب. وشِبامٌ: اسم جَبَلٍ.
شجج: الشَّجَّة: واحِدَةُ شِجاجِ الرَّاْس، وهي عشر: الحارِصَةُ وهي
التي تَقْشِرُ الجلد ولا تُدْمِيه، والدَّامِيَة وهي التي تُدْمِيهِ،
والباضِعَةُ وهي التي تشق اللحم شقّاً كبيراً، والسِّمْحاقُ وهي التي يبقى
بينها وبين العظم جلدة رقيقة، فهذه خمس شِجاجٍ
(* قوله «فهذه خمس شجاج»
المذكور أربع فقط فلعله سقط من قلم الناسخ الخامسة وهي الدامعة بالعين
المهملة، من دمعت الشجة: جرى دمها فهي دامعة كما في المصباح.) ليس فيها قصاص ولا
أَرش مقدَّر وتجب فيها حكومة؛ والمُوضِحَةُ وهي التي تبلغ إِلى العظم
وفيها خمس من الإِبل، ثم الهاشمة وهي التي تَهْشِمُ العظم أَي تكسره، وفيها
عشر من الإِبل، والمُنَقِّلةُ وهي التي ينقل منها العظم من موضِع إِلى
موضع، وفيها خمس عشرة من الإِبل، ثم المَأْمُومَةُ ويقال: الآمَّةُ وهي
التي لا يبقى بينها وبين الدماغ إِلا جلدة رقيقة، وفيها ثلث الدية،
والدَّامِغَةُ وهي التي تبلغ الدماغ، وفيها أَيضاً ثلث الدية؛ والشَّجَّةُ:
الجُرْحُ يكون في الوجه والرأْس فلا يكون في غيرهما من الجسم، وجمعها شِجاجٌ.
وشَجَّهُ يَشُجُّه ويَشِجُّه شَجّاً، فهو مَشْجُوجٌ وشَجِيجٌ من قوم
شَجَّى، الجمع عن أَبي زيد.
والشَّجِيجُ والمُشَجَّجُ: الوَتِدُ لِشَعَثِهِ، صِفةٌ غالبة؛ قال:
ومُشَجَّجٍ، أَمَّا سَواءُ قَذالِهِ
فَبَدا، وغَيَّبَ سارَهُ المَعْزاءُ
ووتِدٌ مَشْجُوجٌ وشَجِيجٌ ومُشَجَّجٌ: شُدِّدَ لكثرة ذلك فيه. وشَجَّهُ
قِصاصَ شَعَره، وعلى قِصاصِ شعره.
والشَّجَجُ: أَثر الشَّجَّةِ في الجَبِين، والنعت أَشَجُّ؛ ورجل أَشَجُّ
بَيِّنُ الشَّجَج إِذا كان في جبينه أَثر الشَّجَّةِ.
وكان بينهم شِجاجٌ أَي شَجَّ بعضُهم بعضاً. الليث: الشَّجُّ كسر الرأْس؛
أَبو الهيثم: الشَّجُّ أَن يعلو رأْسَ الشيءِ بالضرب كما يَشُجُّ رأْسَ
الرجل، ولا يكون الشَّجُّ إِلا في الرأْس. وفي حديث أُمِّ زَرْعٍ:
شَجَّكِ أَو فَلَّكِ؛ الشَّجُّ في الرأْس خاصة في الأَصل، وهو أَن تضربه بشيءٍ
فتجرحه فيه وتشقه، ثم استعمل في غيره من الأَعضاء. وفي الحديث في ذكر
الشِّجاجِ جمع شَجَّةٍ، وهي المرّة من الشَّجِّ، والخمر تُشَجُّ بالماءِ؛
وقال زهير يصف عَيْراً وأُتُنَه:
يَشُجُّ بها الأَماعِزَ، وهي تَهْوي
هُوِيَّ الدَّلْوِ، أَسْلَمها الرِّشاءُ
أَي يعلو بالأُتن الأَماعِزَ. والوَتَدِ يسمى شَجِيجاً. وشَجَّ الخمر
بالماءِ ويَشِجُّها شَجّاً: مزجها. وفي حديث جابر: أَرْدَفَني رسولُ الله،
صلى الله عليه وسلم، فالتقمتُ خاتم النبوّة فكان يَشُجُّ عليَّ مِسْكاً،
أَيْ أَشمُّ منه مسكاً، وهو من شَجَّ الشرابَ إِذا مزجه بالماءِ، كأَنه
كان يخلطُ النسِيم الواصِلَ إِلى مَشَمِّه بريح المسك؛ ومنه قول كعب:
شُجَّتْ بِذِي شَبَمٍ من ماءٍ مَحنِيَــةٍ
أَي مزجت وخلطت. وشَجَّ المفازة يَشُجُّها شَجّاً: قطعها. وشَجَّ الأَرض
براحلته شَجّاً: سار بها سيراً شديداً. وشَجَّتِ السفينةُ البحرَ: خرقته
وشقته، وكذلك السابحُ. وسابحٌ شَجَّاجٌ: شديدُ الشَّجِّ؛ قال:
في بَطْنِ حُوتٍ بِهِ في البحرِ شَجَّاجِ
وشَجَجْتُ المفازةَ: قطعتها؛ قال الشاعر:
تَشُجُّ بيَ العَوْجاءُ كلَّ تَنُوفةٍ،
كأَنَّ لها بَوّاً، بِنِهْيٍ، تُغاوِلُهْ
وفي حديث جابر: فأَشْرَعَ ناقَتَه فشرِبت فَشَجَّتْ، قال: هكذا رواه
الحُمَيدي في كتابه، وقال: معناه قطَعَت الشُّرب، من شَجَجْت المَفازة إِذا
قطعتَها بالسَّيْر، قال: والذي رواه الخطابي في غَريبه، وغيره:
فََشَجَتْ، على أَن الفاءَ أَصلية والجيم مخفَّفة، ومعناه: تفاجَّت أَي فرَّقت ما
بين فَخِذَيْها لِتَبول. ومن أَمثالهم: فلان يَشُجُّ بِيَدٍ ويَأْسُو
بأُخرى إِذا أَفسد مرَّة وأَصلح مرة.
والشَّجَجُ والشَّجاج: الهواءُ؛ وقيل: الشَّجَجُ نَجْم.
قرع: القَرَعُ: قَرَعُ الرأْس وهو أَن يَصْلَعَ فلا يبقى على رأْسه شعر،
وقيل: هو ذَهابُ الشعر من داءٍ؛ قَرِعَ قَرَعاً وهو أَقْرَعُ وامرأَة
قَرْعاءُ. والقَرَعةُ: موضع القَرَعِ من الرأْسِ، والقوم قُرْعٌ وقُرْعانٌ.
وقَرِعَتِ النَّعامةُ قَرَعاً: سقَط ريشُ رأْسها من الكِبَرِ، والصِّفةُ
كالصِّفةِ؛ والحَيّةُ الأَقرع إِنما يَتَمَعَّطُ شعر رأْسه، زعموا لجمعه
السمّ فيه. يقال: شُجاعٌ أَقْرَعُ. وفي الحديث: يَجِيءُ كَنْزُ أَحدِكم
يومَ القيامةِ شُجاعاً أَقْرَعَ له زَبِيبَتانِ؛ الأَقْرَعُ: الذي لا شعر
له على رأْسه، يريد حية قد تمعَّط جلد رأْسه لكثرة سمه وطُولِ عُمُره،
وقيل: سمي أَقرع لأَنه يَقْرِي السم ويجمعه في رأْسه حتى تتمعط منه فَرْوةُ
رأْسه؛ قال ذو الرمة يصف حية:
قَرَى السَّمَّ، حتى انْمازَ فَرْوةُ رأْسِه
عن العَظْمِ، صِلٌّ فاتِكُ اللَّسْعِ مارِدُهْ
والتَّقْرِيعُ: قَصُّ الشعَر؛ عن كراع. والقَرَعُ: بَثْرٌ أَبيض يخرج
بالفُصْلانِ وحَشْوِ الإِبل يُسْقِطُ وَبَرها، وفي التهذيب: يخرج في أَعْناق
الفُصْلان وقوائمها. وفي المثلِ: أَحَرُّ من القَرَعِ. وقد قَرِع
الفَصِيلُ، فهو قَرِعٌ، والجمع قَرْعى. وفي المثل: اسْتَنَّتِ الفِصالُ حتى
القَرْعَى أَي سَمِنَتْ؛ يضرب مثلاً لمن تعدّى طَوْرَه وادّعى ما ليس له.
ودواءُ القَرَع المِلْح وجُبابُ أَلبانِ الإِبل، فإِذا لم يجدوا مِلْحاً
نَتَفُوا أَوباره ونَضَحُوا جلده بالماء ثم جرّوه على السَّبَخةِ. وتَقَرَّعَ
جلده: تَقَوَّبَ عن القَرَعِ. وقُرِّعَ الفَصِيلُ تقريعاً: فُعِلَ به ما
يُفْعَلُ به إِذا لم يوجد الملح؛ قال أَوس بن حجر يذكر الخيل:
لَدَى كلِّ أُخْدُودٍ يُغادِرْنَ دارِعاً،
يُجَرُّ كما جُرَّ الفَصِيلُ المُقَرَّعُ
وهذا على السلب لأَنه يُنْزَعُ قَرَعُه بذلك كما يقال: قَذَّيْتُ العينَ
نزعت قذاها، وقَرَّدْت البعير. ومنه المثل: هو أَحرّ من القَرَع، وربما
قالوا: هو أَحرّ من القرْع، بالتسكين، يعنون به قَرْعَ المِيسَمِ وهو
المِكْواةُ؛ قال الشاعر:
كأَنَّ على كَبِدِي قَرْعةً،
حِذاراً مِنَ البَيْنِ، ما تَبْرُدُ
والعامة تقوله كذلك بتسكين الراء، تريد به القَرْعَ الذي يؤكل، وإِنما
هو بتحريكها. والفَصِيلُ قَرِيعٌ والجمع قَرْعى، مثل مَرِيضٍ ومَرْضَى.
والقَرَعُ: الجَرَبُ؛ عن ابن الأَعرابي، أَراه يعني جرب الإِبل. وقَرَّعَتِ
الحَلُوبةُ رأْسَ فَصِيلها إِذا كانت كثيرة اللبن، فإِذا رَضِعَ الفصيلُ
خِلْفاً قَطَرَ اللبَنُ من الخِلفِ الآخرِ على رأْسه فَقَرَعَ رأْسَه؛
قال لبيد:
لها حَجَلٌ قد قَرَّعَتْ مِنْ رُؤُوسِه،
لها فَوْقَه مِمَّا تَحَلَّبَ واشِلُ
سَمَّى الإِفالَ حَجلاً تشبيهاً بها لصغرها؛ وقال الجعدي:
لها حَجَلٌ قُرْعُ الرُؤُوسِ تَحَلَّبَتْ
على هامِها، بالصَّيْفِ، حتى تَمَوَّرا
وقَرِعَتْ كُرُوشُ الإِبل إِذا انْجَرَدَتْ في الحرّ حتى لا تَسْقِ
(*
قوله «لا تسق» كذا بالأصل على هذه الصورة ولعله لا تستبقي الماء أو ما في
معناه.) الماءَ فيكثر عَرَقُها وتَضْعُفَ بذلك. والقَرَعُ: قَرَعُ
الكَرِش، وهو أَن يذهب زئبره ويَرِِقَّ من شدَّة الحر. واسْتَقْرَعَ الكَرِش
إِذا استَوْكَعَ. والأَكْراشُ يقال لها القُرْعُ إِذا ذهب خَمَلُها. وفي
الحديث: أَنه لما أَتى على محسِّرٍ قَرَعَ راحلته أَي ضرَبها بِسوْطِه.
وقَرَعَ الشيءَ يَقْرَعُهُ قَرْعاً: ضربه. الأَصمعي: يقال العَصا قُرِعَتْ
لِذِي الحِلْمِ أَي إِذا نُبِّه انْتَبَه؛ ومعنى قول الحرث بن وعْلةَ
الذُّهْليّ:
وزَعَمْتُمُ أَنْ لاحُلُومَ لنا،
إِنَّ العَصا قُرِعَتْ لِذِي الحِلْمِ
قال ثعلب: المعنى أَنكم زعمتم أَنَّا قد أَخطأْنا فقد أَخطأَ العلماءُ
قبلنا، وقيل: معنى ذلك أَي أَنَّ الحليم إِذا نبه انتبه، وأَصله أَنَّ
حَكَماً من حُكَّام العرب عاش حتى أُهْتِرَ فقال لابنته: إِذا أَنكَرْتِ من
فَهْمِي شيئاً عند الحُكْمِ فاقْرَعِي لي المِجَنَّ بالعصا لأَرتدع، وهذا
الحكم هو عَمْرو بن حُمَمةَ الدَّوْسِيّ قضَى بين العرب ثلثمائة سنة،
فلما كَبِرَ أَلزموه السابع من ولده يقرع العصا إِذا غَلِطَ في حكومته؛ قال
المتلمس:
لِذِي الحِلْمِ قَبْلَ اليَوْمِ ما تُقْرَعُ العَصا،
وما عُلِّمَ الإِنسانُ إِلاَّ ليَعْلَما
ابن الأَعرابي: وقول الشاعر:
قَرَعْت ظَنابِيبَ الهَوَى، يومَ عاقِلٍ،
ويومَ اللِّوَى حتى قَشَرْت الهَوَى قَشْرا
أَي أَذَلَلْته كما تقرَع ظُنْبُوبَ بعيرك لِيَتَنَوَّخَ لك فتركبه. وفي
حديث عمار قال: قال عمر بن أَسَدِ بن عبد العُزَّى حين قيل له محمد يخطب
خديجة قال: نِعْمَ البُضْعُ
(* قوله« البضع» هو الكفء كما في النهاية
وبهامشها هو عقد النكاح على تقدير مضاف أي صاحب البضع.) لا يُقْرَعُ أَنفه؛
وفي حديث آخر: قال ورقة بن نوفل: هو الفحل لا يُقْرَعُ أَنفه أَي أَنه كفءٌ
كريم لا يُرَدُّ، وقد ذكر في ترجمة قدع أَيضاً، وقوله لا يقرع أَنفه كان
الرجل يأْتي بناقة كريمة إِلى رجل له فحل يسأَله أَن يُطْرِقَها فحلَه،
فإِن أَخرج إِليه فحلاً ليس بكريم قَرَعَ أَنفه وقال لا أُريده.
والمُقْرَعُ: الفحْلُ يُعْقَلُ فلا يُتْرَكُ أَن يضرب الإِبل رغبة عنه، وقَرَعْتُ
البابَ أَقْرَعُه قَرْعاً. وقَرَعَ الدابَّةَ وأَقرَع الدابة بلجامها
يَقْرَعُ: كفَّها به وكبَحَها؛ قال سُحَيْمُ بن وَثِيلٍ الرِّياحِي:
إِذا البَغْلُ لم يُقْرَعْ له بلِجامِه،
عَدا طَوْرَه في كلِّ ما يَتَعَوَّدُ
وقال رؤْبة:
أَقْرَعَه عَنِّي لِجامٌ يُلْجِمُه
وقَرَعْت رأْسه بالعَصا قَرْعاً مثل فَرَعْتُ، وقَرَعَ فلان سنَّه
نَدَماً؛ وأَنشد أَبو نصر:
ولو أَني أَطَعْتُكَ في أُمُورٍ،
قَرَعْتُ نَدامةً مِنْ ذاكَ سِنِّي
وأَنشد بعضهم لعمر بن الخطاب، رضي الله عنه:
مَتَى أَلْقَ زِنْباعَ بنَ رَوْحٍ ببَلْدةٍ
ليَ النِّصْفُ منها، يَقْرَعِ السِّنَّ مِنْ نَدَمْ
وكان زِنْباعُ بن رَوْحٍ في الجاهلية ينزل مَشارفَ الشام، وكان يَعْشُرُ
من مَرَّ به، فخرج عمر في تجارة إِلى الشام ومعه ذَهَبةٌ جعلها في دَبِيلٍ
وأَلقَمَها شارِفاً له، فنظر إِليها زِنْباعٌ تَذْرِفُ عيناها فقال: إِن
لها لَشَأْناً، فنحرها ووجَد الذهبَةَ فَعَشَرَها، فحينئذ قال عمر، رضي
الله عنه، هذا البيت. وقَرَعَ الشاربُ بالإِناء جبهتَه إِذا اشتفَّ ما فيه
يعني أَنه شرب جميع ما فيه؛ وأَنشد:
كأَنَّ الشُّهْبَ في الآذانِ منها،
إِذا قَرَعُوا بِحافَتِها الجَبِينا
وفي حديث عمر: أَنه أَخذ قَدَحَ سويق فشربه حتى قَرَعَ القَدَحُ جبينَه
أَي ضرَبه، يعني شرب جميع ما فيه؛ وقال ابن مقبل يصف الخمر:
تَمَزَّزْتُها صِرفاً، وقارَعْتُ دَنَّها
بعُودِ أَراكٍ هَدَّه فَتَرَنَّما
قارَعْتُ دَنَّها أي نزَفْتُ ما فيه حتى قَرِعَ، فإِذا ضُرِبَ الدَّنُ
بعد فَراغِه بعود تَرَنَّمَ.
والمِقْرعةُ: خشبة تُضْرَبُ بها البغالُ والحمير، وقيل: كلُّ ما قُرِعَ
به فهو مِقْرعةٌ. الأَزهريُّ: المِقْرعةُ: التي تضرب بها الدابة،
والمِقْراعُ كالفأْس يكسر بها الحجارة؛ قال يصف ذئباً:
يَسْتَمْخِرُ الرِّيحَ إِذالم يَسْمَعِ،
بِمِثْلِ مِقْراعِ الصَّفا المُوَقَّعِ
(* قوله« يستمخر إلخ» أنشده في مادة مخر: لم أسمع بدل لم يسمع .)
والقِراعُ والمُقارَعةُ: المُضاربةُ بالسيوف، وقيل: مضاربة القوم في
الحرب، وقد تَقارعُوا. وقَرِيعُك: الذي يُقارِعُك. وفي حديث عبد الملك وذكر
سيف الزبير:
بِهِنَّ فُلُولٌ من قِراعِ الكَتائِبِ
أَي قتال الجيوش ومحاربتها.
والإِقْراعُ: صَكُّ الحَمِيرِ بعضُها بعضاً بحَوافِرِها؛ قال رؤبة:
حَرًّا منَ الخَرْدلِ مَكْرُوهِ النَّشَقْ،
أَو مُقْرَعِ مِن رَكْضِها دامِي الزَّنَقْ
والمِقْراعُ: الساقُورُ. والأَقارِعُ: الشِّدادُ؛ عن أَبي نصر.
والقارِعةُ من شدائدِ الدهْرِ وهي الداهِيةُ؛ قال رؤبة:
وخافَ صَدْعَ القارعاتِ الكُدَّهِ
قال يعقوب: القارِعةُ هنا كل هَنةٍ شديدةِ القَرْعِ، وهي القيامة
أَيضاً؛ قال الفراء: وفي التنزيل: وما أَدراك ما القارعةُ؛ وقوله:
ولا رَمَيْتُ على خَصْمٍ بقارِعةٍ،
إِلاَّ مُنِيتُ بِخَصْمٍ فُرَّ لي جَذَعا
يعني حُجّة، وكله من القَرْع الذي هو الضرْبُ. وقوله تعالى: ولا يزال
كفروا تصيبهم بما صنعوا قارِعةٌ؛ قيل في التفسير: سَرِيّةٌ من سَرايا رسول
الله، صلى الله عليه وسلم، ومعنى القارعة في اللغة النازلةُ الشديدة تنزل
عليهم بأَمر عظيم، ولذلك قيل ليوم القيامة القارعة. ويقال: قَرَعَتْهم
قَوارعُ الدهْرِ أَي أَصابتهم، ونعوذ بالله من قَوارِعِ فلان ولواذِعِه
وقَوارِصِ لسانه. وفي حديث أَبي أُمامة: من لم يَغْز أَو يُجَهِّزْ غازِياً
أَصابه الله بقارعةٍ أَي بداهيةٍ تُهْلِكُه. يقال: قَرَعَه أَمرٌ إِذا
أَتاه فَجْأَةً، وجمعها قَوارِعُ. الأَصمعي: يقال أَصابته قارعة يعني أَمراً
عظيماً يَقْرَعُه. ويقال: أَنزل الله به قَرْعاءَ وقارعةً ومُقْرِعةً،
وأَنزل الله به بَيْضاء ومُبَيِّضةً؛ هي المصيبة التي لا تدَعُ مالاً ولا
غيره. وفي الحديث: أُقسم لَتَقْرَعَنّ بها أَبا هريرة أَي لَتَفْجَأنَّه
بذكرها كالصّكّ له والضربْ.
وقَرِعَ ماءُ البئرِ: نَفِدَ فَقَرَعَ قَعْرَها الدَّلْوُ. وبئر
قَرُوعٌ: قليلة الماء يَقْرَعُ قَعْرَها الدَّلْوُ لفَناءِ مائِها. والقَرُوعُ
من الرَّكايا: التي تحفر في الجبل من أَعلاها إِلى أَسفلها. وأَقْرَعَ
الغائصُ والمائِحُ إِذا انتهى إِلى الأَرض.
والقَرَّاعُ: طائر له مِنْقارٌ غليظ أَعْقَفُ يأْتي العُود اليابس فلا
يزال يَقْرَعُه حتى يدخل فيه، والجمع قَرّاعاتٌ، ولم يكسّر. والقَرّاعُ:
الصُّلْبُ الشديد. وتُرْسٌ أَقْرَعُ وقَرّاعٌ: صُلْبٌ شديد؛ قال الفارسي:
سمي به لصبره على القَرْعِ؛ قال أَبو قَيْسِ بن الأَسْلتِ:
صَدْقٍ حُسامٍ وادِقٍ حَدُّه،
ومُجْناءٍ أَسْمَرَ قَرَّاعِ
وقال الآخر:
فلما فَنى ما في الكَنائِنِ ضارَبُوا
إِلى القُرعِ من جِلْدِ الهِجانِ المُجَوَّبِ
أَي ضربوا بأَيديهم إِلى التِّرَسةِ لَمّا فَنِيَتْ سِهامُهم، وفَنى
بمعنى فَنِيَ في لغات طيِّءٍ. والقَرّاعُ: التُّرْسُ. والقَرَّاعانِ: السيفُ
والحَجَفةُ؛ هذه من أَمالي ابن بري. والقَرّاعُ من كل شيء: الصُّلْبُ
الأَسفلِ الضَّيِّقُ الفم. واسْتَقْرَعَ حافِرُ الدابّة إِذا اشتد.
والقِراعُ: الضِّرابُ. وقَرَعَ الفحلُ الناقةَ والثورُ يَقْرَعُها
قَرْعاً وقِراعاً: ضربها. وناقة قَرِيعةٌ: يُكْثر الفحلُ ضِرابها ويُبْطِئ
لَقاحُها. ويقال: إِنَّ ناقتك لقَرِيعةٌ أَي مُؤَخَّرةُ الضَّبَعةِ.
واسْتَقْرَعَت الناقةُ: اشتهت الضِّرابَ. الأَصمعي: إِذا أَسْرَعَتِ الناقةُ
اللَّقَحَ فهي مِقْراعٌ؛ وأَنشد:
تَرى كلَّ مِقْراعٍ سَرِيعٍ لَقاحُها،
تُسِرُّ لَقاحَ الفحْلِ ساعةَ تُقْرَعُ
وفي حديث هشام يصف ناقة: إِنها لَمِقْراعٌ؛ هي التي تَلْقَحُ في أَوَّل
قَرْعةٍ يَقْرَعُها الفحلُ. وفي حديث علقمة: أَنه كان يُقَرِّعُ غَنَمه
ويَحْلُِبُ ويَعْلِفُ أَي يُنْزِي الفُحولَ عليها؛ هكذا ذكره الزمخشري
والهروي، وقال أَبو موسى: هو بالفاء، وقال: هو من هفوات الهروي. واسْتَقْرَعَتِ
البقرُ: أَرادت الفحل. الأُمَوِيُّ: يقال للضأْن اسْتَوْبَلَتْ،
وللمِعْزى اسْتَدَرَّتْ، وللبقرة استقرعت، وللكلبة اسْتَحْرَمَتْ. وقَرَعَ
التيْسُ العَنْزَ إِذا قَفَطها. وقرَّعَ القومَ: أَقْلَقَهم؛ قال أَوس بن حجر
أَنشده الفراء:
يُقَرِّعُ للرّجالِ، إِذا أَتَوْه،
وللنِّسْوانِ، إِنْ جِئْنَ، السَّلامُ
أَراد يُقَرِّعُ الرجالَ فزادَ اللام كقوله تعالى: قل عسَى أَن يكون
رَدِفَ لكم؛ وقد يجوزأَن يريد بيُقَرِّع يَتَقَرَّعُ. والتقْرِيعُ:
التأْنِيبُ والتعْنِيف. وقيل: هو الإِيجاعُ باللَّوْمِ. وقَرَّعْتُ الرجلَ إِذا
وَبَّخْتَه وعَذلْتَه، ومرجعه إِلى ما أَنشده الفراء لأَوس بن حجر. ويقال:
قَرَّعَني فلان بلَوْمِه فما ارْتَقَعْتُ به أَي لم أَكْتَرِثْ به. وبات
بَتَقَرَّعُ ويُقَرِّعُ: يَتَقَلَّبُ، وبِتُّ أَتَقَرَّعُ.
والقُرْعةُ: السُّهْمةُ. والمُقارَعةُ: المُساهَمةُ. وقد اقْتَرَعَ
القومُ وتقارَعوا وقارَع بينهم، وأَقْرَعَ أَعْلى، وأَقْرَعْتُ بين الشركاء في
شيء يقتسمونه. ويقال: كانت له القُرْعةُ إِذا قرَع أَصحابه. وقارَعه
فقرَعَه يَقْرَعُه أَي أَصابته القُرْعةُ دونه. وروي عن النبي، صلى الله
عليه وسلم: أَنه رُفِعَ إِليه أَنَّ رجلاً أَعتق ستة مَمالِيكَ له عند مَوته
لا مال له غيرُهم، فأَقْرَعَ بينهم وأَعْتَق اثنين وأَرَقَّ أَربعة؛
وقول خِداشِ بن زُهَيْر أَنشده ابن الأَعرابي:
إِذا اصْطادُوا بُغاثاً شَيَّطُوه،
فكانَ وفاءَ شاتِهِم القُرُوعُ
فسره فقال: القُرُوعُ المُقارعَةُ، وإِنما وصف لُؤْمَهم، يقول: إِنما
يتَقارَعُون على البغاثِ لا على الجُزُرِ كقوله:
فما يَذْبَحُونَ الشاةَ إِلاّ بمَيْسِرٍ،
طويلاً تَناجِيها صِغاراً قُدُورُها
قال ابن سيده: ولا أَدري ما هذا الذي قاله ابن الأَعرابي في هذا البيت،
وكذلك لا أَعرف كيف يكون القُرُوعُ المُقارَعةَ إِلا أَن يكون على حذف
الزائد، قال: ويروى شاتِهم القَرُوعِ، وفسره فقال: معناه كان البُغاثُ وفاءً
من شاتهم التي يتَقارَعون عليها لأَنه لا قدرة لهم أَن يتقارعوا على
جُزُرٍ، فيكون أَيضاً كقوله:
فما يذبحون الشاة إِلا بميسر
قال: والذي عندي أَن هذا أَصح لقوَّة المعنى بذلك، قال: وأَيضاً فإِنه
يسلم بذلك من الإِقْواءِ لأَن القافية مجرورة؛ وقبل هذا البيت:
لَعَمْرُ أَبيك، لَلْخَيْلُ المُوَطّى
أُمامَ القَوْمِ للرَّخَمِ الوُقوعِ،
أَحَقُّ بكم، وأَجْدَرُ أَن تَصِيدُوا
مِنَ الفُرْسانِ تَرْفُلُ في الدُّروعِ
ابن الأَعرابي: القَرَعُ والسَّبَقُ والخَطَرُ الذي يُسْبَقُ عليه.
والاقْتِراعُ: الاختيارُ. يقال: اقتُرِعَ فلان أَي اخْتِيرَ.
والقَرِيعُ: الخيارُ؛ عن كراع. واقتَرَعَ الشيءَ: اختارَه. وأَقْرَعوه خِيارَ
مالهِم ونَهْبِهم: أَعْطَوه إِياه، وذكر في الصحاح: أَقْرَعَه أَعْطاه خيرَ
مالِه. والقَريعةُ والقُرْعةُ: خيارُ المالِ. وقَرِيعةُ الإِبل: كريمتها.
وقُرْعةُ كل شيء: خياره. أَبو عمرو: يقال قَرَعْناكَ واقْتَرَعْناكَ
وقْرَحْناكَ واقْتَرَحْناكَ ومَخَرْناكَ وامْتَخَرْناك وانتَضَلْناك أَي
اخترناك. وفي الحديث: أَنه ركب حِمارَ سعدِ ابن عُبادةَ وكان قَطوفاً فردّه وهو
هِمْلاجٌ قَرِيعٌ ما يُسايَرُ أَي فارِهٌ مختارٌ؛ قال ابن الأَثير: قال
الزمخشري ولو روي فريغٌ، بالفاء الموحدة والغين المعجمة، لكان مُطابقاً
لفراغٍ، وهو الواسع المشي، قال: ولا آمَنُ أَن يكون تصحيفاً. والقَرِيعُ:
الفحل، سمي بذلك لأَنه مُقْتَرَعٌ من الإِبل أَي مختارٌ. قال الأَزهري:
والقريع الفحل الذي تَصَوَّى للضِّراب. والقَرِيعُ من لإِبل: الذي يأْخذ
بِذِراعِ الناقة فيُنيخُها، وقيل: سمي قَريعاً لأَنه يَقْرَعُ الناقة؛ قال
الفرزدق:
وجاءَ قَرِيعُ الشوْلِ قَبْلَ إِفالِها
يَزِفُّ، وجاءتْ خَلْفَه، وهْي زُفَّفُ
وقال ذو الرمة:
وقد لاحَ للسّارِي سُهَيْلٌ، كأَنّه
قَرِيعُ هِجانٍ عارَضَ الشوْلَ جافِرُ
ويروى:
وقد عارَضَ الشِّعْرَى سُهَيْلٌ
وجمعه أَقْرِعة. والمَقْروعُ: كالقَريع الذي هو المختار للفِحْلةِ؛
أَنشد يعقوب:
ولَمَّا يَزَلْ يَسْتَسْمِعُ العامَ حوْلَه
نَدى صَوْتِ مَقْروعٍ عن العَدْوِ عازِبِ
قال ابن سيده: إِلاَّ أَني لا أَعرف للمقروع فِعْلاً ثانياً بغير زيادة،
أَعني لا أَعرف قَرَعَه إِذا اختارَه.
والقِراعُ: أَن يأُخُذَ الرجلُ الناقةَ الصعْبة فيُرَيِّضَها للفحل
فيَبْسُرها. ويقال: قَرَّعْ لجملك
(* قوله« فيريضها» هو في الأصل بياء تحتية
بعد الراء وفي القاموس بموحدة. وقوله «قرع لجملك» قال شارح القاموس: نقله
الصاغاني هكذا.)
والمَقْروعُ السيِّدُ. والقَريعُ: السيدُ. يقال: فلان قريعُ دَهْرِه
وفلان قريعُ الكَتِيبةِ وقِرِّيعُها أَي رئيسها. وفي حديث مسروق: إِنكَ
قَرِيعُ القُرّاء أَي رئيسهم. والقريعُ: المختارُ. والقريع: المَغْلوب.
والقَريعُ: الغالب. واسْتَقْرَعَه جملاً وأَقْرعَه إِياه أَي أَعطاه إِياه
ليضرب أَيْنُقَه. وقولهم أَلْفٌ أَقْرَعُ أَي تامّ. يقال: سُقْتُ إِليك
أَلفاً أَقرَعَ من الخيل وغيرها أَي تامّاً، وهو نعت لكل أَلفٍ، كما أَنَّ
هُنَيْدة اسم لكل مائة؛ قال الشاعر:
قَتَلْنا، لَوَ نَّ القَتْل يشْفي صُدورَنا،
بِتَدْمُرَ، أَلْفاً مِنْ قُضاعةَ أَقْرَعا
وقال الشاعر:
ولو طَلَبُوني بالعَقوقِ، أَتيتُهم
بأَلفٍ، أُؤَدِّيه إِلى القَوْمِ، أَقْرَعا
وقِدْحٌ أَقْرَعُ: وهو الذي حُكَّ بالحصى حتى بدت سَفاسِقُه أَي
طرائِقُه. وعُود أَقْرَعُ إِذا قُرِعَ من لِحائِه. وقَرِعَ قَرَعاً، فهو قَرِعٌ:
ارتدع عن الشيء. والقَرَعُ: مصدر قولك قَرِعَ الرجلُ، فهو قَرِعٌ إِذا
كان يقبل المَشورةَ ويَرْتَدِعُ إِذا رُدِعَ. وفلان لا يُقْرَعَ إِقْراعاً
إِذا كان لا يقْبَل المَشْوَرةَ والنصيحة. وفلان لا يَقْرَعُ أَي لا
يرتدع، فإِن كان يرتدع قيل رجل قَرِعٌ. ويقال: أَقْرَعْتُه أَي كففته؛ قال
رؤبة:
دَعْني، فقد يُقْرَعُ للأَضَزِّ
صَكِّي حِجاجَيْ رأْسِه، وبَهْزي
أَبو سعيد: فلان مُقْرِعٌ ومُقْرِنٌ له أَي مُطيقٌ، وأَنشد بيت رؤبة
هذا، وقد يكون الإِقْراعُ كفّاً ويكون إِطاقة. ابن الأَعرابي: أَقْرَعْتُه
وأَقْرَعتُ له وأَقدَعْتُه وقدَعْتُه وأَوزَعْتُه ووزَعْتُه وزُعْتُه إِذا
كففتَه. وأَقرَعَ الرجلُ على صاحبه وانقَرَعَ إِذا كَفَّ. قال الفارسي:
قَرَعَ الشيءَ قَرْعاً سَكَّنَه، وقَرَعَه صرَفه. وقَوارِعُ القرآنِ منه:
الآياتُ التي يقرؤُها إِذا فَزِعَ من الجن والإِنس فَيَأْمن، مثل آية
الكرسي وآيات آخر سورة البقرة وياسينَ لأَنها تصرف الفَزعَ عمن قرأَها
كأَنها تَقْرَعُ الشيطانَ. وأَقرَع الفَرسَ: كبَحَه. وأَقرَعَ إِلى الحق
إِقراعاً: رجع إِليه وذَلّ. يقال: أَقرَعَ لي فلان؛ وأَنشد لرؤبة:
دَعْني، فقد يُقْرَعُ للأَضَزِّ
صَكِّي حِجاجَيْ رأْسِه، وبَهْزي
أَي يُصْرَفُ صَكِّي إِليه ويُراضُ له ويَذِلُّ. وقرَعَه بالحق:
اسْتَبْدَلَه
(* هكذا في الأصل، وربما هي محرفة عن استقبله. وفي اساس البلاغة:
رماه.) وقَرِعَ المكانُ: خَلا ولم يكن له غاشيةٌ يَغْشَوْنَه. وقَرِعَ
مَأْوى المال ومُراحُه من المال قَرَعاً، فهو قَرِعٌ: هلكَت ماشيته فخلا؛ قال
ابن أُذينة:
إِذا آداكَ مالُك فامْتَهِنْه
لِجادِيهِ، وإِنْ قَرِعَ المُراحُ
ويروى: صَفِرَ المُراحُ. آداكَ: أَعانك؛ وقال الهذلي:
وخَوَّالٍ لِمَوْلاهُ إِذا ما
أَتاهُ عائِلاً، قَرِعَ المُراحُ
ابن السكيت: قَرَّعَ الرجلُ مكانَ يدِه من المائدةِ تَقْريعاً إِذا ترَك
مكانَ يده من المائدة فارغاً. ومن كلامهم: نعوذ بالله من قَرَعِ
الفِناءِ وصَفَرِ الإِناء أَي خُلُوِّ الديار من سُكانها والآنيةِ من
مُسْتَوْدعاتها. وقال ثعلب: نعوذ بالله من قَرْعِ الفِناء، بالتسكين، على غير قياس.
وفي الحديث عن عمر، رضي الله عنه: قَرِعَ حَجُّكم أَي خلت أَيام الحج. وفي
الحديث: قَرِعَ أَهلُ المسجد حين أُصِيبَ أَصحاب النَّهر
(* قوله
«النهر» كذا بالأصل وبالنهاية أيضاً، وبهامش الأصل: صوابه النهروان.) أَي قَلّ
أَهلُه كما يَقْرَعُ الرأْسُ إِذا قل شعره، تشبيهاً بالقَرعةِ، أَو هو من
قولهم قَرِعَ المُراحُ إِذا لم تكن فيه إِبل.
والقُرْعةُ: سِمةٌ على أَيْبَس الساقِ، وهي وَكزةٌ بطرَف المِيسَمِ،
وربما قُرِعَ منه قَرْعةً أَو قرْعَتين، وبعير مَقْروعٌ وإِبل مُقَرَّعةٌ؛
وقيل: القُرْعةُ سِمةٌ خَفِيَّةٌ على وسط أَنف البعير والشاة.
وقارِعةُ الدارِ: ساحَتُها. وقارِعةُ الطريقِ: أَعلاه. وفي الحديث: نَهى
عن الصلاةِ على قارعةِ الطريق؛ هي وسطه، وقيل أَعلاه، والمراد به ههنا
نفس الطريق ووجهه. وفي الحديث: لا تُحْدِثُوا في القَرَعِ فإِنه مُصَلَّى
الخافِينَ؛ القَرَعُ، بالتحريك: هو أَن يكون في الأَرض ذات الكَلإِ مواضع لا
نباتَ فيها كالقَرَعِ في الرأْس، والخافُون: الجنُّ. وقَرْعاءُ الدار:
ساحَتُها.
وأَرض قَرِعةٌ: لا تُنْبِتُ شيئاً. وأَصبحت الرِّياضُ قُرْعاً: قد
جَرَّدَتْها المَواشِي فلم تترك فيها شيئاً من الكلإِ. وفي حديث علي: أَن
أَعرابيّاً سأَل النبي، صلى الله عليه وسلم، عن الصُّلَيْعاءِ والقُرَيْعاءِ؛
القُرَيْعاءُ: أَرض لعنها الله إِذا أَنْبَتَتْ أو زُرِعَ فيها نَبَتَ في
حافَتَيْها ولم ينبت في متنها شيء. ومكان أَقْرَعُ: شديد صُلْبٌ، وجمعه
الأَقارِعُ؛ قال ذو الرمة:
كَسا الأُكْمَ بُهْمَى غَضّةً حَبَشِيّةً
قواماً، ونقعان الظُّهُورِ الأَقارِعِ
وقول الراعي:
رَعَيْنَ الحَمْضَ حَمْضَ خُناصِراتٍ،
بما في القُرْعِ من سَبَلِ الغَوادِي
قيل: أَراد بالقُرْعِ غُدْراناً في صلابة من الأَرض. والقَرِيعةُ:
عَمُودُ البيتِ الذي يُعْمَدُ بالزِّرِّ؛ والزِّرُّ أَسْفَلَ الرُّمّانة وقد
قَرَعَه به. وقَرِيعةُ البيتِ: خيْرُ موضع فيه، إِن كان في حَرٍّ فخِيارُ
ظِلِّه، وإِن كان في قُرٍّ فخِيارُ كِنِّه، وقيل: قَرِيعَتُه سَقْفُه؛ ومنه
قولهم: ما دخلت لفلان قَرِيعةَ بيت قَطّ أَي سَقْفَ بيت.
وأَقْرَعَ في سِقائه: جَمَع؛ عن ابن الأَعرابي. والمِقْرَعُ: السِّقاءُ
يُخْبَأُ فيه السمْن. والقُرْعةُ: الجِرابُ الواسع يلقى فيه الطعام. وقال
أَبو عمرو: القُرْعةُ الجِراب الصغير، وجمعها قُرَعٌ. والمِقْرَعُ:
وِعاءٌ يُجْبَى فيه التمرُ أَي يُجْمَعُ. وتميم تقول: خُفّانِ مُقَرَعانِ أَي
مُثْقَلانِ. وأَقْرَعتُ نَعْلي وخُفِّي إِذا جعلت عليهما رُقْعةً
كَثِيفةً.
والقَرّاعةُ: القَدّاحةُ التي يُقْتَدَحُ بها النارُ.
والقَرْعُ: حمْل اليَقْطِين، الواحدة قَرْعةٌ. وكان النبي، صلى الله
عليه وسلم، يحبّ القَرْعَ، وأَكثر ما تسميه العرب الدُّبَّاء وقلّ من
يسْتعمل القَرْعَ. قال المَعَرِّيُّ: القرع الذي يؤكل فيه لغتان: الإِسكان
والتحريك، والأَصل التحريك؛ وأَنشد:
بِئْسَ إِدامُ العَزَبِ المُعْتَلِّ،
ثَرِيدةٌ بقَرَعٍ وخَلِّ
وقال أَبو حنيفة: هو القَرَعُ، واحدته قَرَعَةٌ، فحرك ثانيها ولم يذكر
أَبو حنيفة الإِسكان؛ كذا قال ابن بري.
والمَقْرَعةُ: مَنْنِتُه كالمَبْطَخَةِ والمَقْثَأَةِ. يقال: أَرض
مَقْرَعة. والقَرْعُ: حَمْلُ القِثّاء من المَرْعَى.
ويقال: جاء فلان بالسَّوْءةِ القَرْعاءِ والسوءةِ الصَّلْعاءِ أَي
المتكشفة.
ويقال: أَقرَعَ المسافر إِذا دَنا من منزله، وأَقْرَع دارَه آجُرًّا
إِذا فرشها بالآجرّ، وأَقرَعَ الشرُّ إِذا دامَ. ابن الأَعرابي: قَرِعَ فلان
في مِقْرَعِه، وقَلَدَ في مِقْلَدِه، وكَرَص في مِكْرَصِه، وصرَب في
مِصْرَبِه، كله: السِّقاءُ والزِّقُّ. ابن الأَعرابي: قَرِعَ الرجلُ إِذا قُمِرَ
في النِّضالِ، وقَرِعَ إِذا افتقر، وقَرِعَ إِذا اتَّعَظَ.
والقَرْعاء، بالمدّ: موضع. قال الأَزهري: والقرعاء مَنْهَلٌ من مَناهِلِ
طريق مكة بين القادسية والعَقَبةِ والعُذَيْب. والأَقْرعانِ: الأَقرع بن
حابس، وأَخوه مَرْثَدٌ؛ قال الفرزدق:
فإِنَّكَ واجِدٌ دُوني صَعُوداً،
جَراثِيمَ الأُقارِعِ والحُتاتِ
الحُتاتُ: هو بشر بن عامر بن علقمة، والأَقارِعةُ والأَقارِعُ: آلُهُما
على نحو المَهالِبةِ والمَهالِبِ؛ والأَقْرَعُ: هو الأَشيم بن معاذ بن
سِنان، سمي بذلك لبيت قاله يهجو معاوية بن قشير:
مُعاوِيَ مَنْ يَرْقِيكُمُ إِنْ أَصابَكُمْ
شَبا حَيّةٍ، مِمّا عَدا القَفْرَ، أَقْرَع؟
ومقْروعٌ: لقب عبد شمس بن سعد بن زيد مَناةَ بن تميم، وفيه يقول مازِنُ
بن مالك بن عمرو بن تميم في هَيْجُمانةَ بنت العَنْبر بن عمرو بن تميم:
حَنَّتْ ولاتَ هَنَّتْ وأَنَّى لَكِ مَقْرُوعٌ. ومُقارِعٌ وقُرَيْعٌ:
اسمان. وبنو قُرَيْع: بطن من العرب. الجوهري: قُريع أَبو بطن من تميم رهط بني
أَنف الناقة، وهو قُرَيْعُ بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم،
وهو أَبو الأَضبط.
نفس: النَّفْس: الرُّوحُ، قال ابن سيده: وبينهما فرق ليس من غرض هذا
الكتاب، قال أَبو إِسحق: النَّفْس في كلام العرب يجري على ضربين: أَحدهما
قولك خَرَجَتْ نَفْس فلان أَي رُوحُه، وفي نفس فلان أَن يفعل كذا وكذا أَي
في رُوعِه، والضَّرْب الآخر مَعْنى النَّفْس فيه مَعْنى جُمْلَةِ الشيء
وحقيقته، تقول: قتَل فلانٌ نَفْسَه وأَهلك نفسه أَي أَوْقَتَ الإِهْلاك
بذاته كلِّها وحقيقتِه، والجمع من كل ذلك أَنْفُس ونُفُوس؛ قال أَبو خراش
في معنى النَّفْس الروح:
نَجَا سالِمٌ والنَّفْس مِنْه بِشِدقِهِ،
ولم يَنْجُ إِلا جَفْنَ سَيفٍ ومِئْزَرَا
قال ابن بري: الشعر لحذيفة بن أَنس الهذلي وليس لأَبي خراش كما زعم
الجوهري، وقوله نَجَا سَالِمٌ ولم يَنْجُ كقولهم أَفْلَتَ فلانٌ ولم يُفْلِتْ
إِذا لم تعدّ سلامتُه سلامةً، والمعنى فيه لم يَنْجُ سالِمٌ إِلا بجفن
سيفِه ومئزرِه وانتصاب الجفن على الاستثناء المنقطع أَي لم ينج سالم إِلا
جَفْنَ سيف، وجفن السيف منقطع منه، والنفس ههنا الروح كما ذكر؛ ومنه
قولهم: فَاظَتْ نَفْسُه؛ وقال الشاعر:
كادَت النَّفْس أَنْ تَفِيظَ عَلَيْهِ،
إِذْ ثَوَى حَشْوَ رَيْطَةٍ وبُرُودِ
قال ابن خالويه: النَّفْس الرُّوحُ، والنَّفْس ما يكون به التمييز،
والنَّفْس الدم، والنَّفْس الأَخ، والنَّفْس بمعنى عِنْد، والنَّفْس قَدْرُ
دَبْغة. قال ابن بري: أَما النَّفْس الرُّوحُ والنَّفْسُ ما يكون به
التمييز فَشاهِدُهُما قوله سبحانه: اللَّه يَتَوفَّى الأَنفُس حين مَوتِها،
فالنَّفْس الأُولى هي التي تزول بزوال الحياة، والنَّفْس الثانية التي تزول
بزوال العقل؛ وأَما النَّفْس الدم فشاهده قول السموأَل:
تَسِيلُ على حَدِّ الظُّبَّاتِ نُفُوسُنَا،
ولَيْسَتْ عَلى غَيْرِ الظُّبَاتِ تَسِيلُ
وإِنما سمي الدم نَفْساً لأَن النَّفْس تخرج بخروجه، وأَما النَّفْس
بمعنى الأَخ فشاهده قوله سبحانه: فإِذا دخلتم بُيُوتاً فسلموا على
أَنْفُسِكم، وأَما التي بمعنى عِنْد فشاهده قوله تعالى حكاية عن عيسى، على نبينا
محمد وعليه الصلاة والسلام: تعلم ما في نفسي ولا أَعلم ما في نفسك؛ أَي
تعلم ما عندي ولا أَعلم ما عندك، والأَجود في ذلك قول ابن الأَنباري: إِن
النَّفْس هنا الغَيْبُ، أَي تعلم غيبي لأَن النَّفْس لما كانت غائبة
أُوقِعَتْ على الغَيْبِ، ويشهد بصحة قوله في آخر الآية قوله: إِنك أَنت
عَلاَّمُ الغُيُوب، كأَنه قال: تعلم غَّيْبي يا عَلاَّم الغُيُوبِ. والعرب قد
تجعل النَّفْس التي يكون بها التمييز نَفْسَيْن، وذلك أَن النَّفْس قد
تأْمره بالشيء وتنهى عنه، وذلك عند الإِقدام على أَمر مكروه، فجعلوا التي
تأْمره نَفْساً وجعلوا التي تنهاه كأَنها نفس أُخرى؛ وعلى ذلك قول
الشاعر:يؤَامِرُ نَفْسَيْهِ، وفي العَيْشِ فُسْحَةٌ،
أَيَسْتَرْجِعُ الذُّؤْبَانَ أَمْ لا يَطُورُها؟
وأَنشد الطوسي:
لمْ تَدْرِ ما لا؛ ولَسْتَ قائِلَها،
عُمْرَك ما عِشْتَ آخِرَ الأَبَدِ
وَلمْ تُؤَامِرْ نَفْسَيْكَ مُمْتَرياً
فِيهَا وفي أُخْتِها، ولم تَكَدِ
وقال آخر:
فَنَفْسَايَ نَفسٌ قالت: ائْتِ ابنَ بَحْدَلٍ،
تَجِدْ فَرَجاً مِنْ كلِّ غُمَّى تَهابُها
ونَفْسٌ تقول: اجْهَدْ نجاءك، لا تَكُنْ
كَخَاضِبَةٍ لم يُغْنِ عَنْها خِضَابُهَا
والنَّفْسُ يعبَّر بها عن الإِنسان جميعه كقولهم: عندي ثلاثة أَنْفُسٍ.
وكقوله تعالى: أَن تقول نَفْسٌ يا حَسْرَتا على ما فَرَّطْتُ في جنب
اللَّه؛ قال ابن سيده: وقوله تعالى: تعلم ما في نفسي ولا أَعلم ما في نفسك؛
أَي تعلم ما أَضْمِرُ ولا أَعلم ما في نفسك أَي لا أَعلم ما حقِيقَتُك ولا
ما عِنْدَكَ عِلمُه، فالتأَويل تعلَمُ ما أَعلَمُ ولا أَعلَمُ ما
تعلَمُ. وقوله تعالى: ويحذِّرُكم اللَّه نَفْسَه؛ أَي يحذركم إِياه، وقوله
تعالى: اللَّه يتوفى الأَنفس حين موتها؛ روي عن ابن عباس أَنه قال: لكل
إسنسان نَفْسان: إِحداهما نفس العَقْل الذي يكون به التمييز، والأُخرى نَفْس
الرُّوح الذي به الحياة. وقال أَبو بكر بن الأَنباري: من اللغويين من
سَوَّى النَّفْس والرُّوح وقال هما شيء واحد إِلا أَن النَّفْس مؤنثة
والرُّوح مذكر، قال: وقال غيره الروح هو الذي به الحياة، والنفس هي التي بها
العقل، فإِذا نام النائم قبض اللَّه نَفْسه ولم يقبض رُوحه، ولا يقبض الروح
إِلا عند الموت، قال: وسميت النَّفْسُ نَفْساً لتولّد النَّفَسِ منها
واتصاله بها، كما سَّموا الرُّوح رُوحاً لأَن الرَّوْحَ موجود به، وقال
الزجاج: لكل إِنسان نَفْسان: إِحداهما نَفْس التمييز وهي التي تفارقه إِذا
نام فلا يعقل بها يتوفاها اللَّه كما قال اللَّه تعالى، والأُخرى نفس
الحياة وإِذا زالت زال معها النَّفَسُ، والنائم يَتَنَفَّسُ، قال: وهذا الفرق
بين تَوَفِّي نَفْس النائم في النوم وتَوفِّي نَفْس الحيّ؛ قال: ونفس
الحياة هي الرُّوح وحركة الإِنسان ونُمُوُّه يكون به، والنَّفْس الدمُ؛ وفي
الحديث: ما لَيْسَ له نَفْس سائلة فإِنه لا يُنَجِّس الماء إِذا مات
فيه، وروي عن النخعي أَنه قال: كلُّ شيء له نَفْس سائلة فمات في الإِناء
فإِنه يُنَجِّسه، أَراد كل شيء له دم سائل، وفي النهاية عنه: كل شيء ليست له
نَفْس سائلة فإِنه لا يُنَجِّس الماء إِذا سقط فيه أَي دم سائل.
والنَّفْس: الجَسَد؛ قال أَوس بن حجر يُحَرِّض عمرو بن هند على بني حنيفة وهم
قتَلَة أَبيه المنذر بن ماء السماء يوم عَيْنِ أَباغٍ ويزعم أَن عَمْرو ابن
شمر
(* قوله «عمرو بن شمر» كذا بالأصل وانظره مع البيت الثاني فإنه يقتضي
العكس.) الحنفي قتله:
نُبِّئْتُ أَن بني سُحَيْمٍ أَدْخَلوا
أَبْياتَهُمْ تامُورَ نَفْس المُنْذِر
فَلَبئسَ ما كَسَبَ ابنُ عَمرو رَهطَهُ
شمرٌ وكان بِمَسْمَعٍ وبِمَنْظَرِ
والتامُورُ: الدم، أَي حملوا دمه إِلى أَبياتهم ويروى بدل رهطه قومه
ونفسه. اللحياني: العرب تقول رأَيت نَفْساً واحدةً فتؤنث وكذلك رأَيت
نَفْسَين فإِذا قالوا رأَيت ثلاثة أَنفُس وأَربعة أَنْفُس ذَكَّرُوا، وكذلك
جميع العدد، قال: وقد يجوز التذكير في الواحد والاثنين والتأْنيث في الجمع،
قال: حكي جميع ذلك عن الكسائي، وقال سيبويه: وقالوا ثلاثة أَنْفُس
يُذكِّرونه لأَن النَّفْس عندهم إنسان فهم يريدون به الإِمنسان، أَلا ترى أَنهم
يقولون نَفْس واحد فلا يدخلون الهاء؟ قال: وزعم يونس عن رؤبة أَنه قال
ثلاث أَنْفُس على تأْنيث النَّفْس كما تقول ثلاث أَعْيُنٍ للعين من الناس،
وكما قالوا ثلاث أَشْخُصٍ في النساء؛ وقال الحطيئة:
ثلاثَةُ أَنْفُسٍ وثلاثُ ذَوْدٍ،
لقد جار الزَّمانُ على عِيالي
وقوله تعالى: الذي خلقكم من نَفْس واحدة؛ يعي آدم، عليه السلام، وزوجَها
يعني حواء. ويقال: ما رأَيت ثمَّ نَفْساً أَي ما رأَيت أَحداً. وقوله في
الحديث: بُعِثْتُ في نَفَس الساعة أَي بُعِثْتُ وقد حان قيامُها وقَرُبَ
إِلا أَن اللَّه أَخرها قليلاً فبعثني في ذلك النَّفَس، وأَطلق النَّفَس
على القرب، وقيل: معناه أَنه جعل للساعة نَفَساً كَنَفَس الإِنسان،
أَراد: إِني بعثت في وقت قريب منها، أَحُس فيه بنَفَسِها كما يَحُس بنَفَس
الإِنسان إِذا قرب منه، يعني بعثت في وقتٍ بانَتْ أَشراطُها فيه وظهرت
علاماتها؛ ويروى: في نَسَمِ الساعة، وسيأْتي ذكره والمُتَنَفِّس: ذو
النَّفَس. ونَفْس الشيء: ذاته؛ ومنه ما حكاه سيبويه من قولهم نزلت بنَفْس الجيل،
ونَفْسُ الجبل مُقابِلي، ونَفْس الشيء عَيْنه يؤكد به. يقال: رأَيت
فلاناً نَفْسه، وجائني بَنَفْسِه، ورجل ذو نَفس أَي خُلُق وجَلَدٍ، وثوب ذو
نَفس أَي أَكْلٍ وقوَّة. والنَّفْس: العَيْن. والنَّافِس: العائن.
والمَنْفوس: المَعْيون. والنَّفُوس: العَيُون الحَسُود المتعين لأَموال الناس
ليُصيبَها، وما أَنْفَسه أَي ما أَشدَّ عينه؛ هذه عن اللحياني.ويقال: أَصابت
فلاناً نَفْس، ونَفَسْتُك بنَفْس إِذا أَصَبْتَه بعين. وفي الحديث: نهى
عن الرُّقْيَة إِلا في النَّمْلة والحُمَة والنَّفْس؛ النَّفْس: العين،
هو حديث مرفوع إِلى النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، عن أَنس. ومنه الحديث:
أَنه مسح بطنَ رافع فأَلقى شحمة خَضْراء فقال: إِنه كان فيها أَنْفُس
سَبْعَة، يريد عيونهم؛ ومنه حديث ابن عباس: الكِلابُ من الجِنِّ فإِن
غَشِيَتْكُم عند طعامكم فأَلقوا لهن فإِن لهن أَنْفُساً أَي أَعْيناً. ويقالُ:
نَفِس عليك فلانٌ يَنْفُسُ نَفَساً ونَفاسَةً أَي حَسَدك. ابن الأَعرابي:
النَّفْس العَظَمَةُ والكِبر والنَّفْس العِزَّة والنَّفْس الهِمَّة
والنَّفْس عين الشيء وكُنْهُه وجَوْهَره، والنَّفْس الأَنَفَة والنَّفْس
العين التي تصيب المَعِين.
والنَّفَس: الفَرَج من الكرب. وفي الحديث: لا تسبُّوا الريح فإِنها من
نَفَس الرحمن، يريد أَنه بها يُفرِّج الكربَ ويُنشِئ السحابَ ويَنشر
الغيث ويُذْهب الجدبَ، وقيل: معناه أَي مما يوسع بها على الناس، وفي الحديث:
أَنه، صلى اللَّه عليه وسلم، قال: أَجد نَفَس ربكم من قِبَلِ اليمن، وفي
رواية: أَجد نَفَس الرحمن؛ يقال إِنه عنى بذلك الأَنصار لأَن اللَّه عز
وجل نَفَّس الكربَ عن المؤمنين بهم، وهم يَمانُونَ لأَنهم من الأَزد،
ونَصَرهم بهم وأَيدهم برجالهم، وهو مستعار من نَفَس الهواء الذي يَرُده
التَّنَفُّس إِلى الجوف فيبرد من حرارته ويُعَدِّلُها، أَو من نَفَس الريح
الذي يَتَنَسَّمُه فيَسْتَرْوِح إِليه، أَو من نفَس الروضة وهو طِيب روائحها
فينفرج به عنه، وقيل: النَّفَس في هذين الحديثين اسم وضع موضع المصدر
الحقيقي من نَفّسَ يُنَفِّسُ تَنْفِيساً ونَفَساً،كما يقال فَرَّجَ
يُفَرِّجُ تَفْريجاً وفَرَجاً، كأَنه قال: اَجد تَنْفِيسَ ربِّكم من قِبَلِ
اليمن، وإِن الريح من تَنْفيس الرحمن بها عن المكروبين، والتَّفْريج مصدر
حقيقي، والفَرَج اسم يوضع موضع المصدر؛ وكذلك قوله: الريح من نَفَس الرحمن
أَي من تنفيس اللَّه بها عن المكروبين وتفريجه عن الملهوفين. قال العتبي:
هجمت على واد خصيب وأَهله مُصْفرَّة أَلوانهم فسأَلتهم عن ذلك فقال شيخ
منهم: ليس لنا ريح. والنَّفَس: خروج الريح من الأَنف والفم، والجمع
أَنْفاس. وكل تَرَوُّح بين شربتين نَفَس.
والتَنَفُّس: استمداد النَفَس، وقد تَنَفَّس الرجلُ وتَنَفَّس
الصُّعَداء، وكلّ ذي رِئَةٍ مُتَنَفِّسٌ، ودواب الماء لا رِئاتَ لها. والنَّفَس
أَيضاً: الجُرْعَة؛ يقال: أَكْرَع في الإِناء نَفَساً أَو نَفَسَين أَي
جُرْعة أَو جُرْعَتين ولا تزد عليه، والجمع أَنفاس مثل سبب وأَسباب؛ قال
جرجر:
تُعَلِّلُ، وَهْيَ ساغِبَةٌ، بَنِيها
بأَنْفاسٍ من الشَّبِمِ القَراحِ
وفي الحديث: نهى عن التَّنَفُّسِ في الإِناء. وفي حديث آخر: أَنه كان
يَتَنفّسُ في الإِناء ثلاثاً يعني في الشرب؛ قال الأَزهري: قال بعضهم
الحديثان صحيحان. والتَنَفُّس له معنيان: أَحدهما أَن يشرب وهو يَتَنَفَّسُ في
الإِناء من غير أَن يُبِينَه عن فيه وهو مكروه، والنَّفَس الآخر أَن
يشرب الماء وغيره من الإِناء بثلاثة أَنْفاسٍ يُبينُ فاه عن الإِناء في كل
نَفَسٍ. ويقال: شراب غير ذي نَفَسٍ إِذا كان كَرِيه الطعم آجِناً إِذا
ذاقه ذائق لم يَتَنَفَّس فيه، وإِنما هي الشربة الأُولى قدر ما يمسك رَمَقَه
ثم لا يعود له؛ وقال أَبو وجزة السعدي:
وشَرْبَة من شَرابٍ غَيْرِ ذي نََفَسٍ،
في صَرَّةٍ من نُجُوم القَيْظِ وهَّاجِ
ابن الأَعرابي: شراب ذو نَفَسٍ أَي فيه سَعَةٌ وريٌّ؛ قال محمد بن
المكرم: قوله النَّفَس الجُرْعة، وأَكْرَعْ في الإِناء نَفَساً أَو نَفَسين
أَي جُرْعة أَو جُرْعتين ولا تزد عليه، فيه نظر، وذلك أَن النّفَس الواحد
يَجْرع الإِنسانُ فيه عِدَّة جُرَع، يزيد وينقص على مقدار طول نَفَس
الشارب وقصره حتى إِنا نرى الإِنسان يشرب الإِناء الكبير في نَفَس واحد علة
عدة جُرَع. ويقال: فلان شرب الإِناء كله على نَفَس واحد، واللَّه أَعلم.
ويقال: اللهم نَفِّس عني أَي فَرِّج عني ووسِّع عليَّ، ونَفَّسْتُ عنه
تَنْفِيساً أَي رَفَّهْتُ. يقال: نَفَّس اللَّه عنه كُرْبته أَي فرَّجها.
وفي الحديث: من نَفَّسَ عن مؤمن كُرْبة نَفَّسَ اللَّه عنه كرْبة من
كُرَب الآخرة، معناه من فَرَّجَ عن مؤمن كُربة في الدنيا فرج اللَّه عنه
كُرْبة من كُرَب يوم القيامة. ويقال: أَنت في نَفَس من أَمرك أَي سَعَة،
واعمل وأَنت في نَفَس من أَمرك أَي فُسحة وسَعة قبل الهَرَم والأَمراض
والحوادث والآفات. والنَّفَس: مثل النَّسيم، والجمع أَنْفاس.
ودارُك أَنْفَسُ من داري أَي أَوسع. وهذا الثوب أَنْفَسُ من هذا أَي
أَعرض وأَطول وأَمثل. وهذا المكان أَنْفَسُ من هذا أَي أَبعد وأَوسع. وفي
الحديث: ثم يمشي أَنْفَسَ منه أَي أَفسح وأَبعد قليلاً. ويقال: هذا المنزل
أَنْفَس المنزلين أَي أَبعدهما، وهذا الثوب أَنْفَس الثوبين أَي أَطولهما
أَو أَعرضهما أَو أَمثلهما.
ونَفَّس اللَّه عنك أَي فرَّج ووسع. وفي الحديث: من نَفَّس عن غريمه أَي
أَخَّر مطالبته. وفي حديث عمار: لقد أَبْلَغْتَ وأَوجَزْتَ فلو كنت
تَنَفَّسْتَ أَي أَطلتَ؛ وأَصله أَن المتكلم إِذا تَنَفَّسَ استأْنف القول
وسهلت عليه الإِطالة. وتَنَفَّسَتْ دَجْلَةُ إِذا زاد ماؤها. وقال
اللحياني: إِن في الماء نَفَساً لي ولك أَي مُتَّسَعاً وفضلاً، وقال ابن
الأَعرابي: أَي رِيّاً؛ وأَنشد:
وشَربة من شَرابٍ غيرِ ذِي نَفَسٍ،
في كَوْكَبٍ من نجوم القَيْظِ وضَّاحِ
أَي في وقت كوكب. وزدني نَفَساً في أَجلي أَي طولَ الأَجل؛ عن اللحياني.
ويقال: بين الفريقين نَفَس أَي مُتَّسع. ويقال: لك في هذا الأَمر
نُفْسَةٌ أَي مُهْلَةٌ. وتَنَفَّسَ الصبحُ أَي تَبَلَّج وامتدَّ حتى يصير
نهاراً بيّناً. وتَنَفَّس النهار وغيره: امتدَّ وطال. ويقال للنهار إِذا زاد:
تَنَفَّسَ، وكذلك الموج إِذا نَضحَ الماءَ. وقال اللحياني: تَنَفَّس
النهار انتصف، وتنَفَّس الماء. وقال اللحياني: تَنَفَّس النهار انتصف،
وتنَفَّس أَيضاً بَعُدَ، وتنَفَّس العُمْرُ منه إِما تراخى وتباعد وإِما اتسع؛
أَنشد ثعلب:
ومُحْسِبة قد أَخْطأَ الحَقُّ غيرَها،
تَنَفَّسَ عنها جَنْبُها فهي كالشِّوا
وقال الفراء في قوله تعالى: والصبح إِذا تَنَفَّسَ، قال: إِذا ارتفع
النهار حتى يصير نهاراً بيّناً فهو تَنَفُّسُ الصبح. وقال مجاهد: إِذا
تَنَفَّس إِذا طلع، وقال الأَخفش: إِذا أَضاء، وقال غيره: إِذا تنَفَّس إِذا
انْشَقَّ الفجر وانْفَلق حتى يتبين منه. ويقال: كتبت كتاباً نَفَساً أَي
طويلاً؛ وقول الشاعر:
عَيْنَيَّ جُودا عَبْرَةً أَنْفاسا
أَي ساعة بعد ساعة. ونَفَسُ الساعة: آخر الزمان؛ عن كراع.
وشيء نَفِيسٌ أَي يُتَنافَس فيه ويُرْغب. ونَفْسَ الشيء، بالضم،
نَفاسَةً، فهو نَفِيسٌ ونافِسٌ: رَفُعَ وصار مرغوباً فيه، وكذلك رجل نافِسٌ
ونَفِيسٌ، والجمع نِفاسٌ. وأَنْفَسَ الشيءُ: صار نَفيساً. وهذا أَنْفَسُ مالي
أَي أَحَبُّه وأَكرمه عندي. وقال اللحياني: النَّفِيسُ والمُنْفِسُ
المال الذي له قدر وخَطَر، ثم عَمَّ فقال: كل شيء له خَطَرٌ وقدر فهو نَفِيسٌ
ومُنْفِس؛ قال النمر بن تولب:
لا تَجْزَعي إِنْ مُنْفِساً أَهْلَكْتُه،
فإِذا هَلَكْتُ، فعند ذلك فاجْزَعي
وقد أَنْفَسَ المالُ إِنْفاساً ونَفُس نُفُوساً ونَفاسَةً. ويقال: إِن
الذي ذكَرْتَ لمَنْفُوس فيه أَي مرغوب فيه. وأَنْفَسَني فيه ونَفَّسَني:
رغَّبني فيه؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
بأَحْسَنَ منه يومَ أَصْبَحَ غادِياً،
ونفَّسَني فيه الحِمامُ المُعَجَّلُ
أَي رغَّبني فيه. وأَمر مَنْفُوس فيه: مرغوب. ونَفِسْتُ عليه الشيءَ
أَنْفَسُه نَفاسَةً إِذا ضَنِنْتَ به ولم تحب أَن يصل إِليه. ونَفِسَ عليه
بالشيء نَفَساً، بتحريك الفاء، ونَفاسَةً ونَفاسِيَةً، الأَخيرة نادرة:
ضَنَّ. ومال نَفِيس: مَضْمون به. ونَفِسَ عليه بالشيء، بالكسر: ضَنَّ به
ولم يره يَسْتأْهله؛ وكذلك نَفِسَه عليه ونافَسَه فيه؛ وأَما قول
الشاعر:وإِنَّ قُرَيْشاً مُهْلكٌ مَنْ أَطاعَها،
تُنافِسُ دُنْيا قد أَحَمَّ انْصِرامُها
فإِما أَن يكون أَراد تُنافِسُ في دُنْيا، وإِما أَن يريد تُنافِسُ
أَهلَ دُنْيا. ونَفِسْتَ عليَّ بخيرٍ قليل أَي حسدت.
وتَنافَسْنا ذلك الأَمر وتَنافَسْنا فيه: تحاسدنا وتسابقنا. وفي التنزيل
العزيز: وفي ذلك فَلْيَتَنافَس المُتَنافِسون أَي وفي ذلك فَلْيَتَراغَب
المتَراغبون. وفي حديث المغيرة: سَقِيم النِّفاسِ أَي أَسْقَمَتْه
المُنافَسة والمغالبة على الشيء. وفي حديث إِسمعيل، عليه السلام: أَنه
تَعَلَّم العربيةَ وأَنْفَسَهُمْ أَي أَعجبهم وصار عندهم نَفِيساً. ونافَسْتُ في
الشيء مُنافَسَة ونِفاساً إِذا رغبت فيه على وجه المباراة في الكرم.
وتَنافَسُوا فيه أَي رغبوا. وفي الحديث: أَخشى أَن تُبْسط الدنيا عليكم كما
بُسِطَتْ على من كان قبلكم فتَنافَسوها كما تَنافَسُوها؛ هو من
المُنافَسَة الرغبة في الشيء والانفرادية، وهو من الشيء النَّفِيسِ الجيد في
نوعه.ونَفِسْتُ بالشيء، بالكسر، أَي بخلت. وفي حديث علي، كرم اللَّه وجهه:
لقد نِلْتَ صِهْرَ رسول اللَّه، صلى اللَّه عليه وسلم، فما نَفِسْناه عليك.
وحديث السقيفة: لم نَنْفَسْ عليك أَي لم نبخل.
والنِّفاسُ: ولادة المرأَة إِذا وضَعَتْ، فهي نُفَساءٌ. والنَّفْسُ:
الدم. ونُفِسَت المرأَة ونَفِسَتْ، بالكسر، نَفَساً ونَفاسَةً ونِفاساً وهي
نُفَساءُ ونَفْساءُ ونَفَساءُ: ولدت. وقال ثعلب: النُّفَساءُ الوالدة
والحامل والحائض، والجمع من كل ذلك نُفَساوات ونِفاس ونُفاس ونُفَّس؛ عن
اللحياني، ونُفُس ونُفَّاس؛ قال الجوهري: وليس في الكلام فُعَلاءُ يجمع على
فعالٍ غير نُفَسَاء وعُشَراءَ، ويجمع أَيضاً على نُفَساوات وعُشَراوات؛
وامرأَتان نُفساوان، أَبدلوا من همزة التأْنيث واواً. وفي الحديث: أَن
أَسماء بنت عُمَيْسٍ نُفِسَتْ بمحمد بن أَبي بكر أَي وضَعَت؛ ومنه الحديث:
فلما تَعَلَّتْ من نِفاسها أَي خرجت من أَيام ولادتها. وحكى ثعلب:
نُفِسَتْ ولداً على فعل المفعول. وورِثَ فلان هذا المالَ في بطن أُمه قبل أَن
يُنْفَس أَي يولد. الجوهري: وقولهم ورث فلان هذا المال قبل أَن يُنْفَسَ
فلان أَي قبل أَن يولد؛ قال أَوس بن حجر يصف محاربة قومه لبني عامر بن
صعصعة:
وإِنَّا وإِخْواننا عامِراً
على مِثلِ ما بَيْنَنا نَأْتَمِرْ
لَنا صَرْخَةٌ ثم إِسْكاتَةٌ،
كما طَرَّقَتْ بِنِفاسٍ بِكِرْ
أَي بولد. وقوله لنا صرخة أَي اهتياجة يتبعها سكون كما يكون للنُّفَساء
إِذا طَرَّقَتْ بولدها، والتَطْريقُ أَن يعسر خروج الولد فَتَصْرُخ لذلك،
ثم تسكن حركة المولود فتسكن هي أَيضاً، وخص تطريق البِكر لأَن ولادة
البكر أَشد من ولادة الثيب. وقوله على مثل ما بيننا نأْتمر أَي نمتثل ما
تأْمرنا به أَنْفسنا من الإِيقاع بهم والفتك فيهم على ما بيننا وبينهم من
قرابة؛ وقولُ امرئ القيس:
ويَعْدُو على المَرْء ما يَأْتَمِرْ
أَي قد يعدو عليه امتثاله ما أَمرته به نفسه وربما كان داعَية للهلاك.
والمَنْفُوس: المولود. وفي الحديث: ما من نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ إِلا وقد
كُتِبَ مكانها من الجنة والنار، وفي رواية: إِلا :كُتِبَ رزقُها وأَجلها؛
مَنْفُوسَةٍ أَي مولودة. قال: يقال نَفِسَتْ ونُفِسَتْ، فأَما الحيض فلا
يقال فيه إِلا نَفِسَتْ، بالفتح. وفي حديث عمر، رضي اللَّه عنه: أَنه
أَجْبَرَ بني عَمٍّ على مَنْفُوسٍ أَي أَلزمهم إِرضاعَه وتربيتَه. وفي حديث
أَبي هريرة: أَنه صَلَّى على مَنْفُوسٍ أَي طِفْلٍ حين ولد، والمراد أَنه
صلى عليه ولم يَعمل ذنباً. وفي حديث ابن المسيب: لا يرثُ المَنْفُوس حتى
يَسْتَهِلَّ صارخاً أَي حتى يسمَع له صوت.
وقالت أُم سلمة: كنت مع النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، في الفراش
فَحِضْتُ فخَرَجْتُ وشددت عليَّ ثيابي ثم رجعت، فقال: أَنَفِسْتِ؟ أَراد:
أَحضتِ؟ يقال: نَفِسَت المرأَة تَنْفَسُ، بالفتح، إِذا حاضت.
ويقال: لفلان مُنْفِسٌ ونَفِيسٌ أَي مال كثير. يقال: ما سرَّني بهذا
الأَمر مُنْفِسٌ ونَفِيسٌ.
وفي حديث عمر، رضي اللَّه عنه: كنا عنده فَتَنَفَّسَ رجلٌ أَي خرج من
تحته ريح؛ شَبَّهَ خروج الريح من الدبر بخروج النَّفَسِ من الفم.
وتَنَفَّسَت القوس: تصدَّعت، ونَفَّسَها هو: صدَّعها؛ عن كراع، وإِنما يَتَنَفَّس
منها العِيدانُ التي لم تفلق وهو خير القِسِيِّ، وأَما الفِلْقَة فلا
تَنَفَّسُ. ابن شميل: يقال نَفَّسَ فلان قوسه إِذا حَطَّ وترها، وتَنَفَّس
القِدْح والقوس كذلك. قال ابن سيده: وأَرى اللحياني قال: إِن النَّفْس
الشق في القوس والقِدح وما أَشْبهها، قال: ولست منه على ثقة. والنَّفْسُ من
الدباغ: قدرُ دَبْغَةٍ أَو دَبْغتين مما يدبغ به الأَديم من القرظ وغيره.
يقال: هب لي نَفْساً من دباغ؛ قال الشاعر:
أَتَجْعَلُ النَّفْسَ التي تُدِيرُ
في جِلْدِ شاةٍ ثم لا تَسِيرُ؟
قال الأَصمعي: بعثت امرأَة من العرب بُنَيَّةً لها إِلى جارتها فقالت:
تقول لكِ أُمي أَعطيني نَفْساً أَو نَفْسَيْنِ أَمْعَسُ بها مَنِيئَتي
فإِني أَفِدَةٌ أَي مستعجلة لا أَتفرغ لاتخاذ الدباغ من السرعة، أَرادت قدر
دبغة أَو دبغتين من القَرَظ الذي يدبغ به. المَنِيئَةُ: المَدْبَغة وهي
الجلود التي تجعل في الدِّباغ، وقيل: النَّفْس من الدباغ مِلءُ الكفِّ،
والجمع أَنْفُسٌ؛ أَنشد ثعلب:
وذِي أَنْفُسٍ شَتَّى ثَلاثٍ رَمَتْ به،
على الماء، إِحْدَى اليَعْمُلاتِ العَرَامِس
يعني الوَطْبَ من اللبن الذي دُبِغَ بهذا القَدْر من الدّباغ.
والنَّافِسُ: الخامس من قِداح المَيْسِر؛ قال اللحياني: وفيه خمسة فروض
وله غُنْمُ خمسة أَنْصباءَ إِن فاز، وعليه غُرْمُ خمسة أَنْصِباءَ إِن لم
يفز، ويقال هو الرابع.
ميح: ماحَ في مِشْيته يَمِيحُ مَيْحاً ومَيْحُوحة: تَبَخْتر، وهو ضرب
حسن من المشي في رَهْوَجة حَسَنةٍ، وهو مشي كمشي البَطَّة؛ وامرأَة
مَيَّاحة؛ قال:
مَيَّاحة تَمِيحُ مَشْياً رَهْوَجا
والمَيْحُ: مشي البطة، قال:
صادَتْكَ بالأُنْسِ وبالتَّمَيُّحِ
التهذيب: البطة مَشْيُها المَيْحُ؛ قال رؤبة:
من كلِّ مَيَّاحٍ تَراه هَيْكَلا،
أَرْجَلَ خِنْذِيذٍ وعينٍ أَرْجَلا
وتَمايَح السكرانُ والغصنُ: تمايل. وماحَتِ الريحُ الشجرةَ: أَمالتها؛
قال المَرَّارُ الأَسَدِيُّ:
كما ماحَتْ مُزَعْزِعَةٌ بغِيلٍ،
يَكادُ ببعضِه بعضٌ يَمِيلُ
وتَمَيَّح الغصنُ: تَمَيَّلَ يميناً وشمالاً. والمَيْحُ: أَن يدخل البئر
فيملأً الدلو، وذلك إِذا قل ماؤها؛ ورجل مائحٌ من قوم ماحة، الأَزهري عن
الليث: المَيْحُ في الاستقاء أَن ينزل الرجلُ إِلى قرار البئر إِذا قل
ماؤها، فيملأَ الدلو بيده يَميحُ فيها بيده ويَميحُ أَصحابه، والجمع ماحة؛
وفي حديث جابر: أَنهم وردوا بئراً ذَمَّةً أَي قليلاً ماؤها، قال:
فنزلنا فيها ستةً ماحةً؛ وأَنشد أَبو عبيدة:
يا أَيُّها المائحُ دَلوِي دُونَكا،
إِني رأَيتُ الناسَ يَحْمَدُونَكا
والعرب تقول: هو أَبْصَرُ من المائح باسْتِ الماتح؛ تعني أَن الماتح فوق
المائح فالمائح يرى الماتح ويرى استه، وقد ماحَ أَصحابَه يَمِيحُهم؛
وقول صَخْر الغَيّ:
كأَنَّ بَوانِيَه، بالمَلاَ،
سَفائنُ أَعْجَمَ مايَحْنَ رِيفا
قال السكري: مايَحْنَ امْتَحْنَ أَي حَمَلْنَ من الرِّيفِ، هذا تفسيره.
وماحَه مَيْحاً: أَعطاه. والمَيْحُ يجري مَجْرَى المنفعة. وكلُّ من
أَعْطى معروفاً، فقد ماحَ. ومِحْتُ الرجلَ: أَعطيته، واسْتَمَحْتُه: سأَلته
العطاء. ومِحْتُه عند السلطان: شَفَعْتُ له. واسْتَمَحْتُه: سأَلته أَن
يشفع لي عنده. والامْتِياحُ: مثل المَيْحِ. والسائل: مُمْتاحٌ ومُسْتَمِيح،
والمسؤول: مُسْتَماحٌ.
ويقال: امْتاحَ فلانٌ فلاناً إِذا أَتاه يطلب فضله، فهو مُمْتاحٌ؛ وفي
حديث عائشة تصف أَباها، رضي الله عنهما، فقالت: وامْتاحَ من المَهْواة أَي
استقى؛ هو افْتَعَلَ من المَيْح العطاء. وامْتاحت الشمسُ ذِفْرَى البعير
إِذا اسْتَدَرَّتْ عَرَقَه؛ وقال ابن فَسْوة يذكر ناقته ومُعَذِّرَها:
إِذا امْتاحَ حَرُّ الشمسِ ذِفْراه، أَسْهَلَتْ
بأَصْفَرَ منها قاطِراً كلَّ مَقْطَرِ
الهاء في ذفراه للمُعَذِّرِ؛ وقول العُجَيْرِ السَّلوليّ:
ولي مائحٌ، لم يُورَدِ الماءُ قَبْلَه،
يُعَلِّي، وأَشْطانُ الدِّلاءِ كثيرُ
إِنما عنى بالمائح لسانه لأَنه يَميحُ من قلبه، وعنى بالماء الكلام،
وأَشطان الدلاء أَي أَسبابُ الكلام كثير لديه غير متعذر عليه، وإِنما يصف
خصوماً خاصمهم فغلبهم أَو قاومهم. والمَيْحُ: المنفعة، وهو من ذلك. ابن
الأَعرابي: ماحَ إِذا استاك، وماحَ إِذا تبختر، وماحَ إِذا أَفضل؛ وماحَ فاه
بالسواك يَميحُ مَيْحاً: شاصه وسَوَّكه؛ قال:
يَمِيحُ بعُودِ الضَّرْوِ إِغْرِيضَ ثَغْبِه،
جَلا ظَلْمَه من دونِ أَن يَتَهَمَّما
وقيل: هو استخراج الريق بالمسواك؛ وقول الراعي يصف امرأَة:
وعَذْب الكَرَى يَشْفِي الصَدَى بعد هَجْعةٍ،
له، من عُرُوقِ المُسْتَظَلَّةِ، مائحُ
يعني بالمائح السواك لأَنه يَمِيح الريقَ، كما يَمِيحُ الذي ينزل في
القَلِيبِ فيَغْرِفُ الماء في الدلو، وعنى بالمظلة الأَراكة.
ومَيَّاحٌ: اسم. ومَيَّاحٌ: اسم فرس عُقْبَة بن سالم.
سمح: السَّماحُ والسَّماحةُ: الجُودُ.
سَمُحَ سَماحَةً
(* قوله «سمح سماحة» نقل شارح القاموس عن شيخه ما نصه:
المعروف في هذا الفعل أنه كمنع، وعليه اقتصر ابن القطاع وابن القوطية
وجماعة. وسمح ككرم معناه: صار من أهل السماحة، كما في الصحاح وغيره، فاقتصار
المجد على الضم قصور، وقد ذكرهما معاً الجوهري والفيومي وابن الأثير
وأرباب الأفعال وأئمة الصرف وغيرهم.) وسُمُوحة وسَماحاً: جاد؛ ورجلٌ سَمْحٌ
وامرأشة سَمْحة من رجال ونساء سِماح وسُمَحاء فيهما، حكى الأَخيرة
الفارسي عن أَحمد بن يحيى. ورجل سَمِيحٌ ومِسْمَح ومِسْماحٌ: سَمْح؛ ورجال
مَسامِيحُ ونساء مَسامِيحُ؛ قال جرير:
غَلَبَ المَسامِيحَ الوَلِيدُ سَماحةً،
وكَفى قُريشَ المُعضِلاتِ، وَسادَها
وقال آخر:
في فِتْيَةٍ بُسُطِ الأَكُفِّ مَسامِحٍ،
عندَ الفِضالِ نَدِيمُهم لم يَدْثُرِ
وفي الحديث: يقول الله عز وجل: أَسْمِحُوا لعبدي كإِسماحه إِلى عبادي؛
الإِسماح: لغة في السَّماحِ؛يقال: سَمَحَ وأَسْمَحَ إِذا جاد وأَعطى عن
كَرَمٍ وسَخاءٍ؛ وقيل: إِنما يقال في السَّخاء سَمَح، وأَما أَسْمَح فإِنما
يقال في المتابعة والانقياد؛ ويقال: أَسْمَحَتْ نَفْسُه إِذا انقادت،
والصحيح الأَول؛ وسَمَح لي فلان أَي أَعطاني؛ وسَمَح لي بذلك يَسْمَحُ
سَماحة. وأَسْمَح وسامَحَ: وافَقَني على المطلوب؛ أَنشد ثعلب:
لو كنتَ تُعْطِي حين تُسْأَلُ، سامَحَتْ
لك النَّفسُ، واحْلَولاكَ كلُّ خَليلِ
والمُسامَحة: المُساهَلة. وتَسامحوا: تَساهَلوا.
وفي الحديث المشهور: السَّماحُ رَباحٌ أَي المُساهلة في الأَشياء
تُرْبِحُ صاحبَها.
وسَمَحَ وتَسَمَّحَ: فَعَلَ شيئاً فَسَهَّل فيه؛ أَنشد ثعلب:
ولكنْ إِذا ما جَلَّ خَطْبٌ فسامَحَتْ
به النفسُ يوماً، كان للكُرْه أَذْهَبا
ابن الأَعرابي: سَمَح له بحاجته وأَسْمَح أَي سَهَّل له. وفي الحديث:
أَن ابن عباس سئل عن رجل شرب لبناً مَحْضاً أَيَتَوَضَّأُ؟ قال: اسْمَحْ
يُسْمَحْ لك؛ قال شمر: قال الأَصمعي معناه سَهِّلْ يُسَهَّلْ لك وعليك؛
وأَنشد:
فلما تنازعْنا الحديثَ وأَسْمَحتْ
قال: أَسْمَحتْ أَسهلت وانقادت؛ أَبو عبيدة: اسْمَحْ يُسْمَحْ لك
بالقَطْع والوصل جميعاً. وفي حديث عطاء: اسْمَحْ يُسْمَحْ بك.
وقولهم: الحَنِيفِيَّة السَّمْحة؛ ليس فيها ضيق ولا شدة. وما كان
سَمْحاً، ولقد سَمُحَ، بالضم، سَماحة وجاد بما لديه. وأَسْمَحَتِ الدابة بعد
استصعاب: لانت وانقادت.
ويقال: سَمَّحَ اللبعير بعد صُعوبته إِذا ذلَّ، وأَسْمَحتْ قَرُونَتُه
لذلك الأَمر إِذا أَطاعت وانقادت.
ويقال: أَسْمَحَتْ قَرِينتُه إِذا ذلَّ واستقام، وسَمَحَتِ الناقة إِذا
انقادت فأَسرعت، وأَسْمَحَتْ قَرُونَتُه وسامحت كذلك أَي ذلت نفسه
وتابعت. ويقال: فلانٌ سَمِيحٌ لَمِيحٌ وسَمْحٌ لَمْحٌ.
والمُسامحة: المُساهَلة في الطِّعان والضِّراب والعَدْو؛ قال:
وسامَحْتُ طَعْناً بالوَشِيجِ المُقَوَّم
وتقول العرب: عليك بالحق فإِن فيه لَمَسْمَحاً أَي مُتَّسَعاً،. كما
قالوا: إِن فيه لَمَندُوحةً؛ وقال ابن مُقْبل:
وإِن لأَسْتَحْيِي، وفي الحَقِّ مَسْمَحٌ،
إِذا جاءَ باغِي العُرْفِ، أَن أَتَعَذَّرا
قال ابن الفرج حكايةً عن بعض الأَعراب قال: السِّباحُ والسِّماحُ بيوت
من أَدَمٍ؛ وأَنشد:
إِذا كان المَسارِحُ كالسِّماحِ
وعُودٌ سَمْح بَيِّنُ السَّماحةِ والسُّموحةِ: لا عُقْدَة فيه. ويقال:
ساجةٌ سَمْحة إِذا كان غِلَظُها مُسْتَويَ النَّبْتَةِ وطرفاها لا يفوتان
وَسَطَه، ولا جميعَ ما بين طرفيه من نِبْتته، وإِن اختلف طرفاه وتقاربا،
فهو سَمْحٌ أَيضاً؛ قال الشافعي
(* قوله «وقال الشافعي إلخ» لعله قال أبو
حنيفة، كذا بهامش الأصل.): وكلُّ ما استوت نِبتته حتى يكون ما بين طرفيه
منه ليس بأَدَقَّ من طرفيه أَو أَحدهما؛ فهو من السَّمْح.
وتَسْمِيح الرُّمْحِ: تَثْقِيفُه. وقوس سَمْحَةٌ: ضِدُّ كَزَّةٍ؛ قال
صخر الغَيّ:
وسَمْحة من قِسِيِّ زارَةَ حَمْـ
ـراءَ هَتُوفٍ، عِدادُها غَرِدُ
ورُمْحٌ مُسَمَّح: ثُقِّفَ حتى لانَ. والتَّسْميح: السُّرعة؛ قال:
سَمَّحَ واجْتابَ بلاداً قِيَّا
وقيل: التَّسْمِيحُ السير السهل. وقيل: سَمَّحَ هَرَب.