Academy of the Arabic Language in Cairo, al-Muʿjam al-Wasīṭ (1998) المعجم الوسيط لمجموعة من المؤلفين
Permalink (الرابط القصير إلى هذا الباب):
http://arabiclexicon.hawramani.com/?p=66977#d14ade
(الــمحطة) المحط (ج) محاط ومحطات
حطط: الحَطُّ: الوَضْعُ، حطَّه يَحُطُّه حَطّاً فانْحَطَّ. والحَطُّ:
وضْع الأَحْمالِ عن الدَّوابِّ، تقول: حَطَطْتُ عنها. وفي حديث عمر: إِذا
حَطَطْتُمُ الرِّحالَ فشُدُّوا السُّروجَ أَي إِذا قضيتم الحَجَّ
وحَطَطْتُم رِحالَكم عن الإِبل، وهي الأَكْوارُ والمَتاع، فشُدُّوا السُّروج على
الخيل للغَزْو. وحَطّ الحِمْلَ عن البعير يحُطُّه حَطّاً: أَنزله. وكلُّ
ما أَنزله عن ظهر، فقد حطه. الجوهريّ: حطّ الرحلَ والسرْجَ والقوْسَ
وحَطَّ أَي نزَل. والمَحَطُّ: المَنْزِلُ. والمِحَطُّ: من الأَدواتِ، وقال في
مكان آخَر: من أَدوات النَّطَّاعِينَ الذين يُجَلِّدون الدَّفاتر حديدة
معطوفة الطرَف، وأَدِيم مَحْطُوطٌ؛ وأَنشد:
تُبِينُ وتُبْدي عن عُروقٍ، كأَنَّها
أَعِنّةُ خَرَّازٍ تُحَطُّ وتُبْشَرُ
وحطَّ اللّهُ عنه وِزْرَه، في الدعاء: وضَعَه، مَثَلٌ بذلك، أَي خفَّفَ
اللّه عن ظَهْرِكَ ما أَثْقَلَه من الوِزْر. يقال: حطّ اللّه عنك وزرك
ولا أَنْقَضَ ظهرَك. واستحَطَّه وِزْرَه: سأَله أَن يَحُطَّه عنه، والاسم
الحِطَّةُ. وحكي أَنَّ بني إِسرائيل إِنما قيل لهم: وقولوا حِطَّة،
ليَسْتَحِطُّوا بذلك أَوْزارَهم فتُحَطَّ عنهم. وسأَله الحِطِّيطى أَي
الحِطَّة. قال أَبو إِسحق في قوله تعالى: وقولوا حِطَّة، قال: معناه قولوا
مسأَلتُنا حِطَّة أَي حطُّ ذنوبنا عنا، وكذلك القراءة، وارتفعت على معنى
مَسْأَلتُنا حِطَّة أَو أَمْرُنا حِطَّةٌ، قال: ولو قرئت حِطَّةً كان وجهاً في
العربية كأَنه قيل لهم: قولوا احْطُطْ عنّا ذنوبَنا حِطّةً، فحرَّفوا هذا
القول وقالوا لفظة غير هذه اللفظة التي أُمِروا بها، وجملة ما قالوا
أَنه أَمر عظيم سماهم اللّه به فاسقِينَ، وقال الفراء في قوله تعالى: وقولوا
حطة، يقال، واللّه أَعلم: قولوا ما أُمرتم به حطةٌ أَي هي حطة،
فخالَفُوا إِلى كلام بالنَّبَطِيَّةِ، فذلك قوله تعالى: فبدّل الذين ظلموا قولاً
غير الذي قيل لهم. وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى:
وادْخُلُوا الباب سُجَّداً، قال: رُكَّعاً، وقولوا حطةٌ مغفرة، قالوا: حِنْطةٌ
ودخلوا على أَسْتاهِهم، فذلك قوله تعالى: فبدَّل الذين ظلموا قولاً غير
الذي قيل لهم؛ وقال الليث: بلغنا أَن بني إِسرائيل حين قيل لهم قولوا
حِطَّةٌ إِنما قيل لهم كي يسْتَحِطُّوا بها أَوزارهم فتُحَطّ عنهم. وقال ابن
الأَعرابي: قيل لهم قولوا حطة فقالوا حنطة شمقايا أَي حنطة جيدة، قال:
وقوله عزّ وجلّ حطة أَي كلمة تَحُطُّ عنكم خطاياكم وهي: لا إِله إلا اللّه.
ويقال: هي كلمة أُمر بها بنو إِسرائيل لو قالوها لحُطَّت أَوزارهم.
وحَطَّه أَي حَدَرَه. وفي الحديث: من ابتلاه اللّه ببَلاء في جَسَده فهو له
حِطَّةٌ أَي تُحَطُّ عنه خطاياه وذنوبُه، وهي فِعْلةٌ من حَطَّ الشيءَ
يَحُطُّه إِذا أَنزله وأَلقاه. وفي الحديث: إِن الصلاة تسمى في التوراة
حَطُوطاً. وحَطّ السِّعْرُ يَحُطُّ حَطّاً وحُطوطاً: رَخُصَ، وكذلك انْحَطَّ
حُطوطاً وكسر وانكسر، يريد فَتَر. وقال الأَزهري في هذا المكان: ويقال
سِعْر مَقْطُوط وقد قَطّ السِّعْرُ وقُطّ السِّعْرُ وقَطّ اللّهُ السِّعْر،
ولم يزد ههنا على هذا اللفظ.
والحَطاطةُ والحُطائطُ والحَطِيطُ: الصغير وهو من هذا لأَن الصغير
مَحْطُوط؛ أَنشد قطرب:
إِنّ حِرِي حُطائطٌ بُطائط،
كأَثَر الظَّبْيِ بجَنْبِ الغائط
بُطائطٌ إِتباع؛ وقال مليح:
بكلِّ حَطِيطِ الكَعْبِ، دُرْمٌ حُجولُه،
تَرَى الحَجْلَ منه غامِضاً غيرَ مُقْلَقِ
وقيل: هو القصير. أَبو عمرو: الحُطائطُ الصغير من الناس وغيرهم؛ وأَنشد:
والشَّيْخُ مِثْل النَّسْر والحُطائطِ،
والنِّسْوةِ الأَرامِل المَثالِطِ
قال الأَزهري: وتقول صِبْيان الأَعراب في أَحاجِيهم: ما حُطائطٌ بُطائط
تَمِيسُ تحت الحائط؟ يعنون الذّرةَ.
والحَطاطُ: شِدّةُ العَدْوِ. والكَعْبُ الحَطِيطُ: الأَدْرَمُ.
والحِطَّانُ: التَّيْسُ.
وحطّانُ: من أَسماء العرب. والحُطائطة: بَثْرةٌ صغيرة حمراء.
وجارية مَحْطُوطةُ المَتْنَيْن: ممدودَتُهما، وقال الأَزهري: ممدودة
حسنَة مستوية؛ قال النابغة:
مَحْطُوطةُ المَتْنَيْنِ غيرُ مُفاضةٍ
وأَنشد الجوهري للقطامي:
بيْضاء مَحْطوطةُ المَتْنَيْنِ بَهُكَنةٌ،
رَيَا الرّوادِفِ، لم تُمْغِلْ بأَوْلادِ
وأَلْيةٌ مَحْطوطةٌ: لا مَأْكَمةَ لها. والحَطُوطُ: الأَكَمةُ
الصَّعْبةُ الانْحِدار. وقال ابن دريد: الحطوط الأَكَمةُ الصعبة، فلم يذكر
ارتفاعاً ولا انحداراً. والحَطُّ: الحَدْرُ من عُلْو، حطَّه يَحُطُّه حَطّاً
فانْحَطَّ؛ وأَنشد:
كَجُلْمُودِ صَخْرٍ حَطَّه السَّيْلُ مِنْ عَلِ
قال الأَزهري: والفِعْل اللاّزم الانحطاط. ويقال للهَبُوط: حَطُوطٌ.
والمُنْحَطُّ من المَناكِب: المُسْتَفِلُ الذي ليس بمُرْتَفِعٍ ولا
مُسْتَقِلٍّ وهو أَحسنها.
والحَطاطةُ: بَثْرة تخرج بالوجه صغيرة تُقَيِّحُ ولا تُقَرِّحُ، والجمع
حَطاطٌ؛ قال المتنخل الهذلي:
ووجْهٍ قد رأَيْت، أُمَيْمَ، صافٍ،
أَسِيلٍ غيرِ جَهْمٍ ذي حَطاطِ
وقد حَطَّ وجهُه وأَحَطَّ، وربما قيل ذلك لمن سَمِنَ وجهُه وتَهَيَّجَ.
والحَطاطةُ: الجاريةُ الصغيرة، تشبَّه بذلك. وقال الأَصمعي: الحَطاطُ
البَثْر، الواحدة حَطاطةٌ؛ وأَنشد الأَصمعي لزياد الطَّمّاحِيِّ:
قامَ إِلى عَذْراء في الغُطاطِ،
يَمْشِي بمثل قائم الفُسْطاطِ،
بمُكْفَهِرِّ اللونِ ذي حَطاطِ
قال ابن بري: الذي رواه أَبو عمرو بمُكْرَهِفِّ الحُوقِ أَي بمُشْرفه؛
وبعده:
هامَتُه مِثْلُ الفَنِيقِ السّاطِي،
نِيطَ بحَقْوَيْ شَبِقٍ شِرْواطِ
فَبَكَّها مُوَثَّقُ النِّياطِ،
ذُو قوّةٍ، ليس بذي وباطِ
فداكَها دَوْكاً على الصِّراطِ،
ليس كَدَوْكِ بَعْلِها الوَطْواطِ
وقام عنها، وهو ذُو نَشاطِ،
ولُيّنَتْ من شِدّةِ الخِلاطِ
قد أَسْبَطَتْ وأَيّما إِسْباطِ
وقال الراجز:
ثم طَعَنْت في الجَمِيش الأَصْفَرِ
بذي حَطاطٍ، مِثْلِ أَيْرِ الأَقْمَرِ
والواحدة حَطاطةٌ، قال: وربما كانت في الوجه؛ ومنه قول المتنخل الهذلي:
ووجْهٍ قد جَلَوْت، أُمَيْمَ، صافٍ،
كَقَرْنِ الشمسِ ليس بذي حَطاطِ
وقال أَبو زيد: الأَجرب العين الذي تَبْثُر عينُه ويلزمها الحَطاطُ، وهو
الظَّبْظابُ والحُدْحُدُ. قال ابن سيده: والحَطاط، بالفتح، مثل البَثْر
في باطن الحُوق، وقيل: حَطاطُ الكَمَرة حُروفُها.
وحَطّ البعيرُ حِطاطاً وانْحَطَّ: اعتمد في الزِّمامِ على أَحد شِقّيْه؛
قال ابن مقبل:
برَأْسٍ إِذا اشتدَّتْ شَكِيمةُ وجْهِه،
أَسَرَّ حِطاطاً، ثم لانَ فبَغّلا
وقال الشماخ:
وإِن ضُرِبَتْ على العِلاَّت، حَطّتْ
إِليكَ حِطاطَ هادِيةٍ شَنُونِ
العِلاَّتُ: الأَعْداء، والهادِيةُ: الأَتانُ الوَحْشِيّةُ المتقدمة في
سيرها، والشَّنُونُ: التي بين السمينةِ والمَهْزُولة. ونَجِيبةٌ
مُنْحَطّةٌ في سيرها وحَطُوطٌ. الأَصمعي: الحَطُّ الاعتماد على السير، والحَطُوطُ
النَّجِيبةُ السريعة، وناقة حَطُوطٌ، وقد حَطَّتْ في سيرها؛ قال
النابغة:فما وخَدَتْ بمِثْلِكَ ذاتُ غَرْبٍ،
حَطُوطٌ في الزِّمامِ، ولا لَجُونُ
ويروى: في الزِّماعِ، وقال الأَعشى:
فلا لَعَمْرُ الذي حَطَّتْ مَناسِمُها
تَخْدِي، وسِيقَ إِليها الباقِرُ العَتِلُ
(* هكذا ورد هذا البيت في رواية أَبي عبيدة، وهو في قصيدة الأَعشى
مَرويّ على هذه الصورة:
إني لَعمر الذي خطت مناسمُها * له، وسِيقَ إِليهِ الباقِرُ
الغُيُلُ )
حَطَّتْ في سيْرِها وانْحَطَّتْ أَي اعْتمدتْ، يقال ذلك للنَّجِيبةِ
السَّريعةِ. وقال أَبو عمرو: انْحَطَّتِ الناقةُ في سيرها أَي أَسرَعتْ.
وتقول: اسْتَحَطَّني فلان من الثمن شيئاً، والحَطِيطةُ كذا وكذا من الثمن.
والحَطاطُ: زُبْدُ اللَّبَن. وحُطَّ البعيرُ وحُطّ عنه إِذا طَنِيَ
فالتَزَقَتْ رئتُه بجَنْبِه فخطَّ الرَّحْلَ عن جَنْبِه بساعِدِه دَلْكاً
حِيالَ الطَّنَى حتى يَنْفَصِلَ عن الجَنْبِ، وقال اللحياني: حُطَّ البعيرُ
الطَّنِيُّ وهو الذي لَزِقَتْ رئته بجنبه، وذلك أَن يُضْجَعَ على جنبه ثم
يؤخذ وَتِد فيُمَرَّ على أَضْلاعِه إِمْراراً لا يُحْرِقُ. الأَزهري: أَبو
عمرو حَطَّ وحَثَّ بمعنى واحد. وفي الحديث: جلس رسولُ اللّه، صلّى اللّه
عليه وسلّم، إِلى غُصْن شجرة يابسةٍ فقال بيده فحَطَّ ورَقها؛ معناه
فحَتَّ ورَقها أَي نَثَره. والحَطِيطةُ: ما يُحَطُّ من جملة حَطائطَ. يقال:
حَطَّ عنه حَطِيطةً وافية. والحُطُطُ: الأَبدان النّاعمة. والحُطُطُ
أَيضاً: مَراتِبُ السِّفَلِ، واحِدَتُها حِطَّةٌ، والحِطَّةُ: نُقْصانُ
المَرْتَبة.
وحَطّ الجِلدَ بالمِحَطِّ يَحُطُّه حَطّاً: سَطَرَه وصقَله ونقَشَه.
والمِحَطُّ والــمِحَطَّةُ: حديدة أَو خشبة يُصْقَلُ بها الجلد حتى يَلِينَ
ويَبْرُقَ. والمِحَطُّ، بالكسر: الذي يُوشَمُ به، ويقال: هو الحديدة التي
تكون مع الخَرّازِين يَنْقُشون بها الأَدِيمَ؛ قال النَّمر بن تَوْلب:
كأَنَّ مِحَطّاً في يَدَيْ حارِثِيّةٍ
صَناعٍ، عَلَتْ مِني به الجِلْدَ مِن عَل
وأَما الذي في حديث سُبَيْعةَ الأَسلمية: فحَطَّت إِلى الشاب أَي مالَتْ
إِليه ونزلت بقلبها نحوه.
والحُطاطُ: الرائحة الخَبيثةُ، وحَطْحَطَ في مشيه وعمله: أَسرع.
ويَحْطُوط: وادٍ مَعْروف. وعِمْرانُ بن حِطّانَ، بكسر الحاء، وهو
فِعْلانُ. وحُطائِطُ بن يَعْفُرَ أَخو الأَسْودِ بن يعفُرَ.
سوف: سوف: كلمة معناها التنفيس والتأْخير؛ قال سيبويه: سوف كلمة تنفيس
فيما لم يكن بعد، أَلا ترى أَنك تقول سَوَّفْتُه إذا قلت له مرة بعد
مَرَّة سَوْفَ أَفْعل؟ ولا يُفْصل بينها وبين أَفعل لأَنها بمنزلة السين في
سيَفْعَل. ابن سيده: وأَما قوله تعالى ولسوف يُعْطيك ربُّك فترضى، اللام
داخلة فيه على الفعل لا على الحرف، وقال ابن جني: هو حرف واشتقُّوا منه
فِعْلاً فقالوا سَوَّفْتُ الرجل تسويفاً، قال: وهذا كما ترى مأْخوذ من
الحرف؛ أَنشد سيبويه لابن مقبل:
لو ساوَفَتْنا بِسَوْف من تَجَنُّبِها
سَوْفَ العَيُوفِ لراحَ الرَّكْبُ قد قَنِعُوا
انتصب سوف العَيُوفِ على المصدر المحذوف الزيادة.
وقد قالوا: سو يكون، فحذفوا اللام، وسا يكون، فحذفوا اللام وأَبدلوا
العين طَلَبَ الخِفَّةِ، وسَفْ يكون، فحذفوا العين كما حذفوا اللام.
التهذيب: والسَّوْفُ الصبر. وإنه لَمُسَوِّفٌ أَي صَبُور؛ وأَنشد
المفضل:هذا، ورُبَّ مُسَوِّفينَ صَبَحْتُهُمْ
من خَمْرِ بابِلَ لَذَّة للشارِبِ
أَبو زيد: سَوَّفْت الرجل أَمْري تَسْويفاً أَي ملَّكته، وكذلك
سَوَّمْته. والتَّسْويف: التأْخير من قولك سوف أَفعل. وفي الحديث: أَن النبي، صلى
اللّه عليه وسلم، لعن المُّسَوِّفَة من النساء وهي التي لا تُجِيبُ
زوجَها إذا دعاها إلى فراشه وتُدافِعُه فيما يريد منها وتقول سوف أَفْعَلُ.
وقولهم: فلان يَقْتاتُ السَّوْفَ أَي يَعِيشُ بالأَماني. والتَسْوِيفُ:
المَطْلُ. وحكى أَبو زيد: سَوَّفْت الرجلَ أَمري إذا ملَّكته أَمرَك
وحَكَّمته فيه يَصْنَعُ ما يشاء.
وسافَ الشيءَ يَسُوفُه ويَسافُه سَوْفاً وساوَفَه واسْتافه، كلُّه:
شَمَّه؛ قال الشماخ:
إذا ما اسْتافَهُنَّ ضَرَبْنَ منه
مكانَ الرُّمْحِ من أَنْفِ القَدُوعِ
والاسْتِيافُ: الاشْتِمامُ. ابن الأعرابي: سافَ يَسُوفُ سَوْفاً إذا
شمَّ؛ وأَنشد:
قالت وقد سافَ مِجَذَّ المِرْوَدِ
قال: المِرْوَدُ المِيلُ، ومِجَذُّه طرَفُه، ومعناه أَن الحسناء إذا
كَحَلت عينيها مَسَحَتْ طَرَفَ الميل بشفتيها ليزداد حُمَّةً أَي
سواداً.والمسافة: بُعْدُ المَفازةِ والطريق، وأَصله من الشَّمِّ، وهو أَن
الدليل كان إذا ضَلَّ في فلاة أَخذ التراب فشمه فعلم أَنه على هِدْية؛ قال
رؤبة:
إذا الدليلُ اسْتافَ أَخْلاقَ الطُّرُقْ
ثم كثر استعمالهم لهذه الكلمة حتى سموا البعد مسافةً، وقيل: سمي مسافة
لأَن الدليل يستدل على الطريق في الفلاة البعيدة الطرفين بِسَوْفِه
تُرابَها ليعلم أَعَلى قَصْدٍ هو أَم على جَوْرٍ؛ وقال امرؤ القيس:
على لاحِبٍ لا يُهْتَدى بِمَنارِه،
إذا سافَهُ العَوْدُ الدِّيافيُّ جَرْجَرا
وقوله لا يُهْتَدى بِمَناره يقول: ليس به مَنار فَيُهْتَدى به، وإذا
سافَ الجملُ تُرْبَتَه جَرْجَر جَزَعاً من بُعْده وقلة مائه.
والسَّوْفَةُ والسَّائفةُ: أَرض بين الرَّمل والجَلَد. قال أَبو زياد:
السائفةُ: جانِبٌ من الرمل أَلينُ ما يكون منه، والجمع سَوائفُ؛ قال ذو
الرمة:
وتَبْسِم عن أَلْمَى اللِّثاتِ، كأَنه
ذَرا أُقْحُوانٍ من أَقاحي السَّوائفِ
وقال جابر بن جبلة: السائفة الحبل من الرمل. غيره: السائفة الرملة
الرقيقة؛ قال ذو الرمة يصف فِراخَ النعامة:
كأَنَّ أَعْناقَها كُرَّاثُ سائفةٍ،
طارَتْ لفائِفُه، أَو هَيْشَرٌ سُلُبُ
الهَيْشَرَةُ: شجرة لها ساقٌ وفي رأْسها كُعْبُرة شَهْباء، والسُّلُبُ:
الذي لا وَرَقَ عليه، والسائفة: الشَّطُّ من السَّنام؛ قال ابن سيده: هو
من الواو لكون الأَلف عيناً.
والسَّوافُ والسُّوافُ: الموتُ في الناسِ والمال، سافَ سَوْفاً وأَسافَه
اللّه، وأَسافَ الرجلُ: وقَع في ماله السَّوافُ أَي الموت؛ قال طُفَيْل:
فأَبَّلَ واسْتَرْخى به الخَطْبُ بعدما
أَسافَ. ولولا سَعْيُنا لم يُؤَبَّلِ
ابن السكيت: أَسافَ الرجلُ فهو مُسِيف إذا هلَك مالُه. وقد سافَ المال
نَفْسُه يَسُوفُ إذا هلَك. ويقال: رماه اللّه بالسَّواف، كذا رواه بفتح
السين. قال ابن السكيت: سمعت هِشاماً المَكْفُوفَ يقول لأَبي عمرو: إنَّ
الأَصمعي يقول السُّواف، بالضم، ويقول: الأدْواء كلها جاءت بالضم نحو
النُّحازِ والدُّكاعِ والزُّكامِ والقُلابِ والخُمالِ. وقال أَبو عمرو: لا، هو
السَّوافُ، بالفتح، وكذلك قال عُمارة بن عَقِيل بن بلال بن جرير؛ قال
ابن بري: لم يروه بالفتح غير أَبي عمرو وليس بشيء. وسافَ يَسُوفُ أَي هلَك
ماله. يقال: أَسافَ حتى ما يَتَشَكى السُّوافَ إذا تعوَّد الحوادثَ، نعوذ
باللّه من ذلك؛ ومنه قولُ حميد بن ثور:
فيا لَهما من مُرسَلَيْنِ لِحاجَةٍ
أَسافا من المالِ التِّلادِ وأَعْدَما
وأَنشد ابن بري للمَرَّارِ شاهداً على السُّوافِ مَرَضِ المالِ:
دَعا بالسُّوافِ له ظالماً،
فذا العَرْشِ خَيْرَهما أَن يسوفا
أَي احفظ خَيْرهما من أَن يسوف أَي يَهْلِك؛ وأَنشد ابن بري لأَبي
الأَسود العِجْلي:
لَجَذْتَهُمُ، حتى إذا سافَ مالُهُمْ،
أَتَيْتَهُمُ في قابِلٍ تَتَجَدَّفُ
والتَّجَدُّفُ: الافتِقارُ. وفي حديث الدُّؤلي: وقف عليه أَعرابي فقال:
أَكلَني الفَقْرُ ورَدَّني الدهرُ ضعيفاً مُسِيفاً؛ هو الذي ذهب مالُه من
السُّوافِ وهو داء يأْخذ الإبل فَيُهْلِكُها. قال ابن الأَثير: وقد تفتح
سينه خارجاً عن قِياس نَظائِره، وقيل: هو بالفتح الفَناءُ. أَبو حنيفة:
السُّوافُ مَرَضُ المالِ، وفي المحكم: مرض الإبل، قال: والسَّوافُ، بفتح
السين، الفَناء. وأَسافَ الخارِزُ يُسِيفُ إسافةً أَي أَثْأَى
فانْخَرَمَتِ الخُرْزَتانِ. وأَسافَ الخَرَزَ: خَرمَه؛ قال الراعي:
مَزَائِدُ خَرْقاء اليَدَيْنِ مُسِيفَةٍ،
أَخَبَّ بِهِنَّ المُخْلِفانِ وأَحْفَدا
قال ابن سيده: كذا وجدناه بخط عليّ بن حمزة مزائد، مهموز. وإنها
لَمُساوِفةُ السَّيْر أَي مُطِيقَتُه.
والسافُ في البناء: كلُّ صَفٍّ من اللَّبِن؛ يقال: سافٌ من البناء
وسافانِ وثلاثة آسُف وهي السفوف. وقال الليث: السافُ ما بين سافات البناء،
أَلفه واو في الأَصل، وقال غيره: كل سَطْر من اللَّبِن والطين في الجدارِ
سافٌ ومِدْماكٌ. الجوهري: السافُ كلُّ عَرَقٍ من الحائط. والسافُ: طائر
يَصِيدُ؛ قال ابن سيده: قَضينا على مجهول هذا الباب بالواو لكونها
عيناً.والأَسْوافُ: موضع بالمدينة بعينه. وفي الحديث: اصْطَدْتُ نُهَساً
بالأَسْوافِ. ابن الأَثير: هو اسم لحَرَمِ المدينة الذي حَرَّمه سيدنا رسول
اللّه، صلى اللّه عليه وسلم. والنُّهَسُ: طائر يشبه الصُّرَدَ، مذكور في
موضعه.
نظر: النَّظَر: حِسُّ العين، نَظَره يَنْظُره نَظَراً ومَنْظَراً
ومَنْظَرة ونَظَر إِليه. والمَنْظَر: مصدر نَظَر. الليث: العرب تقول نَظَرَ
يَنْظُر نَظَراً، قال: ويجوز تخفيف المصدر تحمله على لفظ العامة من المصادر،
وتقول نَظَرت إِلى كذا وكذا مِنْ نَظَر العين ونَظَر القلب، ويقول
القائل للمؤمَّل يرجوه: إِنما نَنْظُر إِلى الله ثم إِليك أَي إِنما
أَتَوَقَّع فضل الله ثم فَضْلك. الجوهري: النَّظَر تأَمُّل الشيء بالعين، وكذلك
النَّظَرانُ، بالتحريك، وقد نَظَرت إِلى الشيء. وفي حديث عِمران بن حُصَين
قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: النَّظَر إِلى وجه عليّ عِبادة؛
قال ابن الأَثير: قيل معناه أَن عليًّا، كرم الله وجهه، كان إِذا بَرَزَ
قال الناس: لا إِله إِلا الله ما أَشرفَ هذا الفتى لا إِله إِلا الله
ما أَعلمَ هذا الفتى لا إِله إِلا الله ما أَكرم هذا الفتى أَي ما
أَتْقَى، لا إِله إِلا الله ما أَشْجَع هذا الفتى فكانت رؤيته، عليه السلام،
تحملُهم على كلمة التوحيد.
والنَّظَّارة: القوم ينظُرون إِلى الشيء. وقوله عز وجل: وأَغرقنا آل
فرعون وأَنتم تَنظُرون. قال أَبو إِسحق: قيل معناه وأَنتم تَرَوْنَهم
يغرَقون؛ قال: ويجوز أَن يكون معناه وأَنتم مُشاهدون تعلمون ذلك وإِن شَغَلهم
عن أَن يَروهم في ذلك الوقت شاغل. تقول العرب: دُور آل فلان تنظُر إِلى
دُور آل فلان أَي هي بإِزائها ومقابِلَةٌ لها. وتَنَظَّر: كنَظَر. والعرب
تقول: داري تنظُر إِلى دار فلان، ودُورُنا تُناظِرُ أَي تُقابِل، وقيل:
إِذا كانت مُحاذِيَةً. ويقال: حَيٌّ حِلالٌ ونَظَرٌ أَي متجاورون ينظر
بعضهم بعضاً.
التهذيب: وناظِرُ العَيْنِ النُّقْطَةُ السوداء الصافية التي في وسط
سواد العين وبها يرى النَّاظِرُ ما يَرَى، وقيل: الناظر في العين كالمرآة
إِذا استقبلتها أَبصرت فيها شخصك. والنَّاظِرُ في المُقْلَةِ: السوادُ
الأَصغر الذي فيه إِنْسانُ العَيْنِ، ويقال: العَيْنُ النَّاظِرَةُ. ابن
سيده: والنَّاظِرُ النقطة السوداء في العين، وقيل: هي البصر نفسه، وقيل: هي
عِرْقٌ في الأَنف وفيه ماء البصر. والناظران: عرقان على حرفي الأَنف
يسيلان من المُوقَين، وقيل: هما عرقان في العين يسقيان الأَنف، وقيل: الناظران
عرقان في مجرى الدمع على الأَنف من جانبيه. ابن السكيت: الناظران عرقان
مكتنفا الأَنف؛ وأَنشد لجرير:
وأَشْفِي من تَخَلُّجِ كُلِّ جِنٍّ،
وأَكْوِي النَّاظِرَيْنِ من الخُنَانِ
والخنان: داء يأْخذ الناس والإِبل، وقيل: إِنه كالزكام؛ قال الآخر:
ولقد قَطَعْتُ نَواظِراً أَوجَمْتُها،
ممن تَعَرَّضَ لي من الشُّعَراءِ
قال أَبو زيد: هما عرقان في مَجْرَى الدمع على الأَنف من جانبيه؛ وقال
عتيبة بن مرداس ويعرف بابن فَسْوة:
قَلِيلَة لَحْمِ النَّاظِرَيْنِ، يَزِينُها
شَبَابٌ ومخفوضٌ من العَيْشِ بارِدُ
تَناهَى إِلى لَهْوِ الحَدِيثِ كأَنها
أَخُو سَقْطَة، قد أَسْلَمَتْهُ العَوائِدُ
وصف محبوبته بأَسالة الخدّ وقلة لحمه، وهو المستحب. والعيش البارد: هو
الهَنِيُّ الرَّغَدُ. والعرب تكني بالبَرْدِ عن النعيم وبالحَرِّ عن
البُؤسِ، وعلى هذا سُمِّيَ النَّوْمُ بَرْداً لأَنه راحة وتَنَعُّمٌ. قال الله
تعالى: لا يذوقون فيها بَرْداً ولا شَراباً؛ قيل: نوماً؛ وقوله: تناهى
أَي تنتهي في مشيها إِلى جاراتها لِتَلْهُوَ مَعَهُنَّ، وشبهها في
انتهارها عند المشي بعليل ساقط لا يطيق النهوض قد أَسلمته العوائد لشدّة
ضعفه.وتَناظَرَتِ النخلتان: نَظَرَتِ الأُنثى منهما إِلى الفُحَّالِ فلم
ينفعهما تلقيح حتى تُلْقَحَ منه؛ قال ابن سيده: حكى ذلك أَبو حنيفة.
والتَّنْظارُ: النَّظَرُ؛ قال الحطيئة:
فما لَكَ غَيْرُ تَنْظارٍ إِليها،
كما نَظَرَ اليَتِيمُ إِلى الوَصِيِّ
والنَّظَرُ: الانتظار. ويقال: نَظَرْتُ فلاناً وانْتَظَرْتُه بمعنى
واحد، فإِذا قلت انْتَظَرْتُ فلم يُجاوِزْك فعلك فمعناه وقفت وتمهلت. ومنه
قوله تعالى: انْظُرُونا نَقْتَبِسْ من نُوركم، قرئ: انْظُرُونا
وأَنْظِرُونا بقطع الأَلف، فمن قرأَ انْظُرُونا، بضم الأَلف، فمعناه انْتَظِرُونا،
ومن قرأَ أَنْظِرُونا فمعناه أَخِّرُونا؛ وقال الزجاج: قيل معنى
أَنْظِرُونا انْتَظِرُونا أَيضاً؛ ومنه قول عمرو بن كلثوم:
أَبا هِنْدٍ فلا تَعْجَلْ علينا،
وأَنْظِرْنا نُخَبِّرْكَ اليَقِينا
وقال الفرّاء: تقول العرب أَنْظِرْني أَي انْتَظِرْني قليلاً، ويقول
المتكلم لمن يُعْجِلُه: أَنْظِرْني أَبْتَلِع رِيقِي أَي أَمْهِلْنِي. وقوله
تعالى: وُجُوهٌ يومئذ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ؛ الأُولى بالضاد
والأُخرى بالظاءِ؛ قال أَبو إِسحق: يقول نَضِرَت بِنَعِيم الجنة
والنَّظَرِ إِلى ربها. وقال الله تعالى: تَعْرِفُ في وُجُوههم نَضْرَةَ النَّعِيم؛
قال أبو منصور: ومن قال إِن معنى قوله إِلى ربها ناظرة يعني منتظرة فقد
أَخطأَ، لأَن العرب لا تقول نَظَرْتُ إِلى الشيء بمعنى انتظرته، إِنما
تقول نَظَرْتُ فلاناً أَي انتظرته؛ ومنه قول الحطيئة:
نَظَرْتُكُمُ أَبْناءَ صَادِرَةٍ
لِلْوِرْدِ، طَالَ بها حَوْزِي وتَنْساسِي
وإِذا قلت نَظَرْتُ إِليه لم يكن إِلا بالعين، وإِذا قلت نظرت في الأَمر
احتمل أَن يكون تَفَكُّراً فيه وتدبراً بالقلب.
وفرس نَظَّارٌ إِذا كان شَهْماً طامِحَ الطَّرْفِ حدِيدَ القلبِ؛ قال
الراجز أَبو نُخَيْلَةَ:
يَتْبَعْنَ نَظَّارِيَّةً لم تُهْجَمِ
نَظَّارِيَّةٌ: ناقة نجيبة من نِتاجِ النَّظَّارِ، وهو فحل من فحول
العرب؛ قال جرير:
والأَرْحَبِيّ وجَدّها النَّظَّار
لم تُهْجَم: لم تُحْلَبْ.
والمُناظَرَةُ: أَن تُناظِرَ أَخاك في أَمر إِذا نَظَرْتُما فيه معاً
كيف تأْتيانه.
والمَنْظَرُ والمَنْظَرَةُ: ما نظرت إِليه فأَعجبك أَو ساءك، وفي
التهذيب: المَنْظَرَةُ مَنْظَرُ الرجل إِذا نظرت إِليه فأَعجبك، وامرأَة
حَسَنَةُ المَنْظَرِ والمَنْظَرة أَيضاً. ويقال: إِنه لذو مَنْظَرَةٍ بلا
مَخْبَرَةٍ. والمَنْظَرُ: الشيء الذي يعجب الناظر إِذا نظر إِليه ويَسُرُّه.
ويقال: مَنْظَرُه خير من مَخْبَرِه. ورجل مَنْظَرِيٌّ ومَنْظَرانيٌّ،
الأَخيرة على غير قياس: حَسَنُ المَنْظَرِ؛ ورجل مَنْظَرانيٌّ مَخْبَرانيّ.
ويقال: إِن فلاناً لفي مَنْظَرٍ ومُستَمَعٍ، وفي رِيٍّ ومَشْبَع، أَي
فيما أَحَبَّ النَّظَرَ إِليه والاستماع. ويقال: لقد كنت عن هذا المَقامِ
بِمَنْظَرٍ أَي بمَعْزَل فيما أَحْبَبْتَ؛ وقال أَبو زيد يخاطب غلاماً قد
أَبَقَ فَقُتِلَ:
قد كنتَ في مَنْظَرٍ ومُسْتَمَعٍ،
عن نَصْرِ بَهْرَاءَ ، غَيرَ ذي فَرَسِ
وإِنه لسديدُ النَّاظِرِ أَي بَرِيءٌ من التهمة ينظر بمِلءِ عينيه.
وبنو نَظَرَى ونَظَّرَى: أَهلُ النَّظَرِ إِلى النساء والتَّغَزُّل بهن؛
ومنه قول الأَعرابية لبعلها: مُرَّ بي على بَني نَظَرَى، ولا تَمُرَّ بي
على بنات نَقَرَى، أَي مُرَّ بي على الرجال الذين ينظرون إِليّ فأُعجبهم
وأَرُوقُهم ولا يَعِيبُونَني من ورائي، ولا تَمُرَّ بي على النساء
اللائي ينظرنني فيَعِبْنَني حسداً ويُنَقِّرْنَ عن عيوب من مَرَّ بهن.
وامرأَة سُمْعُنَةٌ نُظْرُنَةٌ وسِمْعَنَةٌ نِظْرَنة، كلاهما بالتخفيف؛
حكاهما يعقوب وحده: وهي التي إِذا تَسَمَّعَتْ أَو تَنَظَّرَتْ فلم تَرَ
شيئاً فَظَنَّتْ. والنَّظَرُ: الفكر في الشيء تُقَدِّره وتقيسه منك.
والنَّظْرَةُ: اللَّمْحَة بالعَجَلَة؛ ومنه الحديث: أَن النبي، صلى الله
عليه وسلم، قال لعلي: لا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ، فإِن لك
الأُولى وليست لك الآخرةُ. والنَّظْرَةُ: الهيئةُ. وقال بعض الحكماء: من لم
يَعْمَلْ نَظَرُه لم يَعْمَلْ لسانُه؛ ومعناه أَن النَّظْرَةَ إِذا خرجت
بإِبكار القلب عَمِلَتْ في القلب، وإِذا خرجت بإِنكار العين دون القلب لم
تعمل، ومعناه أَن من لم يَرْتَدِعْ بالنظر إِليه من ذنب أَذنبه لم يرتدع
بالقول. الجوهري وغيره: ونَظَرَ الدَّهْرُ إِلى بني فلان فأَهلكهم؛ قال
ابن سيده: هو على المَثَلِ، قال: ولستُ منه على ثِقَةٍ.
والمَنْظَرَةُ: موضع الرَّبِيئَةِ. غيره: والمَنظَرَةُ موضع في رأْس جبل
فيه رقيب ينظر العدوَّ يَحْرُسُه. الجوهري: والمَنظَرَةُ المَرْقَبَةُ.
ورجلٌ نَظُورٌ ونَظُورَةٌ وناظُورَةٌ ونَظِيرَةٌ: سَيِّدٌ يُنْظَر
إِليه، الواحد والجمع والمذكر والمؤنث في ذلك سواء. الفراء: يقال فلان
نَظُورةُ قومه ونَظِيرَةُ قومهِ، وهو الذي يَنْظُرُ إِليه قومه فيمتثلون ما
امتثله، وكذلك هو طَرِيقَتُهم بهذا المعنى. ويقال: هو نَظِيرَةُ القوم
وسَيِّقَتُهم أَي طَلِيعَتُهم. والنَّظُورُ: الذي لا يُغٌفِلُ النَّظَرَ إِلى
ما أَهمه.
والمَناظِر: أَشرافُ الأَرضِ لأَنه يُنْظَرُ منها. وتَناظَرَتِ
الدَّارانِ: تقابلتا. ونَظَرَ إِليك الجبلُ: قابلك. وإِذا أَخذت في طريق كذا
فَنَظَر إِليك الجبلُ فَخُذْ عن يمينه أَو يساره. وقوله تعالى: وتَراهُمْ
يَنْظُرونَ إِليك وهم لا يبصرون؛ ذهب أَبو عبيد إِلى أَنه أَراد الأَصنام
أَي تقابلك، وليس هنالك نَظَرٌ لكن لما كان النَّظَرُ لا يكون إِلا
بمقابلةٍ حَسُنَ وقال: وتراهم، وإِن كانت لا تعقل لأَنهم يضعونها موضع من
يعقل.والنَّاظِرُ: الحافظ. وناظُورُ الزرع والنخل وغيرهما: حَافِظُه؛ والطاء
نَبَطِيَّة.
وقالوا: انْظُرْني اي اصْغ إِليَّ؛ ومنه قوله عز وجل: وقولوا انْظُرْنا
واسمعوا. والنَّظْرَةُ: الرحمةُ. وقوله تعالى: ولا يَنْظُر إِليهم يوم
القيامة؛ أَي لا يَرْحَمُهُمْ. وفي الحديث: إِن الله لا يَنْظُر إِلى
صُوَرِكم وأَموالكم ولكن إِلى قلوبكم وأَعمالكم؛ قال ابن الأَثير: معنى النظر
ههنا الإِحسان والرحمة والعَطْفُ لأَن النظر في الشاهد دليل المحبة، وترك
النظر دليل البغض والكراهة، ومَيْلُ الناسِ إِلى الصور المعجبة والأَموال
الفائقة، والله سبحانه يتقدس عن شبه المخلوقين، فجعل نَظَرَهُ إِلى ما هو
للسَّرِّ واللُّبِّ، وهو القلب والعمل؛ والنظر يقع على الأَجسام والمعاني،
فما كان بالأَبصار فهو للأَجسام، وما كان بالبصائر كان للمعاني. وفي
الحديث: مَنِ ابتاعَ مِصَرَّاةً فهو بخير النَّظَرَيْنِ أَي خير الأَمرين
له: إِما إِمساك المبيع أَو ردُّه، أَيُّهما كان خيراً له واختاره فَعَلَه؛
وكذلك حديث القصاص: من قُتل له قتيل فهو بخير النَّظَرَيْنِ؛ يعني
القصاص والدية؛ أَيُّهُما اختار كان له؛ وكل هذه معانٍ لا صُوَرٌ. ونَظَرَ
الرجلَ ينظره وانْتَظَرَه وتَنَظَّرَه: تَأَنى عليه؛ قال عُرْوَةُ بن
الوَرْدِ:
إِذا بَعُدُوا لا يأْمَنُونَ اقْتِرابَهُ،
تَشَوُّفَ أَهلِ الغائبِ المُنتَنَظَّرِ
وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
ولا أَجْعَلُ المعروفَ حلَّ أَلِيَّةٍ،
ولا عِدَةً في النَّاظِرِ المُتَغَيِّبِ
فسره فقال: الناظر هنا على النَّسَبِ أَو على وضع فاعل موضع مفعول؛ هذا
معنى قوله، ومَثَّلَه بِسِّرٍ كاتم أَي مكتوم. قال ابن سيده: وهكذا وجدته
بخط الحَامِضِ
(* قوله« الحامض» هو لقب ابي موسى سليمان بن محمد بن أحمد
النحوي أخذ عن ثعلب، صحبه اربعين سنة وألف في اللغة غريب الحديث وخلق
الانسان والوحوش والنبات، روى عنه أبو عمر الزاهد وأبو جعفر الاصبهاني. مات
سنة ؟؟) ، بفتح الياء، كأَنه لما جعل فاعلاً في معنى مفعول استجاز
أَيضاً أَن يجعل مُتَفَعَّلاً في موضع مُتَفَعِّلٍ والصحيح المتَغَيِّب،
بالكسر. والتَّنَظُّرُ: تَوَقَّع الشيء. ابن سيده: والتَّنَظُّرُ تَوَقُّعُ
ما تَنْتَظِرُهُ. والنَّظِرَةُ، بكسر الظاء: التأْخير في الأَمر. وفي
التنزيل العزيز: فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ، وقرأَ بعضهم: فناظِرَةٌ، كقوله
عز وجل: ليس لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ؛ أَي تكذيبٌ. ويقال: بِعْتُ فلاناً
فأَنْظَرْتُه أَي أَمهلتُه، والاسم منه النَّظِرَةُ. وقال الليث: يقال
اشتريته منه بِنَظِرَةٍ وإِنْظارٍ. وقوله تعالى: فَنَظِرَة إِلى مَيْسَرَةٍ؛
أَي إِنظارٌ. وفي الحديث: كنتُ أُبايِعُ الناس فكنتُ أُنْظِر المُعْسِرَ؛
الإِنظار: التأْخير والإِمهال. يقال: أَنْظَرْتُه أُنْظِره. ونَظَرَ
الشيءَ: باعه بِنَظِرَة. وأَنْظَرَ الرجلَ: باع منه الشيء بِنَظِرَةٍ.
واسْتَنْظَره: طلب منه النَّظرَةَ واسْتَمْهَلَه. ويقول أَحد الرجلين لصاحبه:
بيْعٌ، فيقول: نِظْرٌ أَي أَنْظِرْني حتى أَشْتَرِيَ منك. وتَنَظَّرْه
أَي انْتَظِرْهُ في مُهْلَةٍ.
وفي حديث أَنس: نَظَرْنا النبيَّ، صلى الله عليه وسلم، ذاتَ ليلة حتى
كان شَطْرُ الليلِ. يقال: نَظَرتُهُ وانْتَظَرْتُه إِذا ارْتَقَبْتَ
حضورَه. ويقال: نَظَارِ مثل قَطامِ كقولك: انْتَظِرْ، اسم وضع موضع الأَمر.
وأَنْظَرَه: أَخَّرَهُ. وفي التنزيل العزيز: قال أَنْظِرْني إِلى يوم
يُبْعَثُونَ.
والتَّناظُرُ: التَّراوُضُ في الأَمر. ونَظِيرُك: الذي يُراوِضُك
وتُناظِرُهُ، وناظَرَه من المُناظَرَة. والنَّظِيرُ: المِثْلُ، وقيل: المثل في
كل شيء. وفلان نَظِيرُك أَي مِثْلُك لأَنه إِذا نَظَر إِليهما النَّاظِرُ
رآهما سواءً. الجوهري: ونَظِيرُ الشيء مِثْلُه. وحكى أَبو عبيدة:
النِّظْر والنَّظِير بمعنًى مثل النِّدِّ والنَّدِيدِ؛ وأَنشد لعبد يَغُوثَ بن
وَقَّاصٍ الحارِثيِّ:
أَلا هل أَتى نِظْرِيُ مُلَيْكَةَ أَنَّني
أَنا الليثُ، مَعْدِيّاً عليه وعادِيا؟
(* روي هذا البيت في قصيدة عبد يغوث على الصورة التالية:
وقد عَلِمت عِرسِي مُلَيكةُ أنني * أنا الليثُ، مَعدُوّاً عليّ
وعَاديا)
وقد كنتُ نَجَّارَ الجَزُورِ ومُعْمِلَ الْـ
ـسَطِيِّ، وأَمْضِي حيثُ لا حَيَّ ماضِيَا
ويروى: عِرْسِي مُلَيْكَةَ بدل نِظْرِي مليكة. قال الفرّاء: يقال
نَظِيرَةُ قومه ونَظُورَةُ قومه للذي يُنْظَر إِليه منهم، ويجمعان على
نَظَائِرَ، وجَمْعُ النَّظِير نُظَرَاءُ، والأُنثى نَظِيرَةٌ، والجمع النَّظائر
في الكلام والأَشياء كلها. وفي حديث ابن مسعود: لقد عرفتُ النَّظائِرَ
التي كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يَقُومُ بها عشرين سُورَةً من
المُفَصَّل، يعني سُوَرَ المفصل، سميت نظائر لاشتباه بعضها ببعض في الطُّول.
وقول عَديّ: لم تُخطِئْ نِظارتي أَي لم تُخْطِئْ فِراسَتي. والنَّظائِرُ:
جمع نَظِيرة، وهي المِثْلُ والشِّبْهُ في الأَشكال، الأَخلاق والأَفعال
والأَقوال. ويقال: لا تُناظِرْ بكتاب الله ولا بكلام رسول الله، وفي رواية:
ولا بِسُنَّةِ رسول الله؛ قال أَبو عبيد: أَراد لا تجعل شيئاً نظيراً لكتاب
ا ولا لكلام رسول الله فتدعهما وتأْخذ به؛ يقول: لا تتبع قول قائل من كان
وتدعهما له. قال أَبو عبيد: ويجوز أَيضاً في وجه آخر أَن يجعلهما مثلاً
للشيء يعرض مثل قول إِبراهيم النخعي: كانوا يكرهون أَن يذكروا الآية عند
الشيء يَعْرِضُ من أَمر الدنيا، كقول القائل للرجل إِذا جاء في الوقت الذي
يُرِيدُ صاحبُه: جئت على قَدَرٍ يا موسى، هذا وما أَشبهه من الكلام،
قال: والأَوّل أَشبه. ويقال: ناظَرْت فلاناً أَي صِرْتُ نظيراً له في
المخاطبة. وناظَرْتُ فلاناً بفلان أَي جعلته نَظِيراً له. ويقال للسلطان إِذا
بعث أَميناً يَسْتبرئ أَمْرَ جماعةِ قريةٍ: بَعث ناظِراً.
وقال الأَصمعي: عَدَدْتُ إِبِلَ فلان نَظائِرَ أَي مَثْنَى مثنى،
وعددتها جَمَاراً إِذا عددتها وأَنت تنظر إِلى جماعتها.
والنَّظْرَةُ: سُوءُ الهيئة. ورجل فيه نَظْرَةٌ أَي شُحُوبٌ؛ وأَنشد
شمر:وفي الهامِ منها نَظْرَةٌ وشُنُوعُ
قال أَبو عمرو: النَّظْرَةُ الشُّنْعَةُ والقُبْحُ. ويقال: إِن في هذه
الجارية لَنَظْرَةً إِذا كانت قبيحة. ابن الأَعرابي: يقال فيه نَظْرَةٌ
ورَدَّةٌ أَي يَرْتَدُّ النظر عنه من قُبْحِهِ. وفيه نَظْرَةٌ أَي قبح؛
وأَنشد الرِّياشِيُّ:
لقد رَابَني أَن ابْنَ جَعْدَةَ بادِنٌ،
وفي جِسْمِ لَيْلى نَظْرَةٌ وشُحُوبُ
وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، رأَى جارية فقال: إِن بها
نَظْرَةً فاسْتَرْقُوا لها؛ وقيل: معناه إِن بها إِصابة عين من نَظَرِ
الجِنِّ إِليها، وكذلك بها سَفْعَةٌ؛ ومنه قوله تعالى: غيرَ ناظِرِينَ
إِناهُ؛ قال أَهل اللغة: معناه غير منتظرين بلوغه وإِدراكه. وفي الحديث: أَن
عبد الله أَبا النبي، صلى الله عليه وسلم، مرّ بامرأَة تَنْظُرُ وتَعْتافُ،
فرأَتْ في وجهه نُوراً فدعته إِلى أَن يَسْتَبْضِعَ منها وتُعْطِيَهُ
مائةً من الإِبل فأَبى، قوله: تَنْظُرُ أَي تَتَكَهَّنُ، وهو نَظَرُ
تَعَلُّمٍ وفِراسةٍ، وهذه المرأَة هي كاظمةُ بنتُ مُرٍّ، وكانت مُتَهَوِّدَةً قد
قرأَت الكتب، وقيل: هي أُختُ ورَقَةَ بن نَوْفَلٍ. والنَّظْرَةُ: عين
الجن. والنَّظْرَةُ: الغَشْيَةُ أَو الطائف من لجن، وقد نُظِرَ. ورجل فيه
نَظْرَةٌ أَي عيبٌ.
والمنظورُ: الذي أَصابته نَظْرَةٌ. وصبي مَنْظُورٌ: أَصابته العين.
والمنظورُ: الذي يُرْجَى خَيْرُه. ويقال: ما كان نَظِيراً لهذا ولقد
أَنْظَرْتُه، وما كان خَطِيراً ولقد أَخْطَرْتُه. ومَنْظُورُ بن سَيَّارٍ: رجلٌ.
ومَنْظُورٌ: اسمُ جِنِّيٍّ؛ قال:
ولو أَنَّ مَنْظُوراً وحَبَّةَ أَسْلما
لِنَزْعِ القَذَى، لم يُبْرِئا لي قَذَاكُما
وحَبَّةُ: اسم امرأَة عَلِقَها هذا الجني فكانت تَطَبَّبُ بما
يُعَلِّمُها. وناظِرَةُ: جبل معروف أَو موضع. ونَواظِرُ: اسم موضع؛ قال ابن
أَحمر:وصَدَّتْ عن نَواظِرَ واسْتَعَنَّتْ
قَتَاماً، هاجَ عَيْفِيًّا وآلا
(* قوله « عيفياً» كذا بالأصل.)
وبنو النَّظَّارِ: قوم من عُكْلٍ، وإِبل نَظَّاريَّة: منسوبة إِليهم؛
قال الراجز:
يَتْبَعْنَ نَظَّارِيَّة سَعُومَا
السَّعْمُ: ضَرْبٌ من سير الإِبل.
رصد: الراصِدُ بالشيء: الراقب له. رَصَدَه بالخير وغيره يَرْصُدُه
رَصْداً ورَصَداً: يرقبه، ورصَدَه بالمكافأَة كذلك. والتَّرَصُّدُ: الترقب.
قال الليث: يقال أَنا لك مُرْصِدٌ بإِحسانك حتى أُكافئك به؛ قال:
والإِرصاد في المكافأَة بالخير، وقد جعله بعضهم في الشر أَيضاً؛ وأَنشد:
لاهُمَّ، رَبَّ الراكب المسافر،
احْفَظْه لي من أَعيُنِ السواحر،
وحَيَّةٍ تُرْصِدُ بالهواجر
فالحية لا تُرْصِدُ إِلا بالشر. ويقال للحية التي تَرْصُد المارة على
الطريق لتلسع: رصيد. والرَّصِيدُ: السبع الذي يَرْصُد لِيَثِب. والرَّصُود
من الإِبل: التي تَرْصُد شرب الإِبل ثم تشرب هي. والرَّصَدُ: القوم
يَرْصُدون كالحَرَس، يستوي فيه الواحد والجمع والمؤنث، وربما قالوا أَرصاد.
والرُّصْدَة، بالضم: الزُّبْية. وقال بعضهم: أَرصَدَ له بالخير والشر، لا
يقال إِلا بالأَلف، وقيل: تَرَصَّدَه ترقبه. وأَرصَدَ له الأَمر: أَعدّه.
والارتصاد: الرَّصْد. والرَّصَد: المرتَصِدُون، وهو اسم للجمع. وقال الله
عز وجل: والذين اتخذوا مسجداً ضراراً وكفراً وتفريقاً بين المؤمنين
وإِرصاداً لمن حارب الله ورسوله؛ قال الزجاج: كان رجل يقال له أَبو عامر
الراهب حارَب النبيَّ، صلى الله عليه وسلم، ومضى إِلى هِرَقْلَ وكان أَحد
المنافقين، فقال المنافقون الذين بنوا مسجد الضرار: نبني هذا المسجد وننتظر
أَبا عامر حتى يجيء ويصلي فيه. والإِرصاد: الانتظار. وقال غيره: الإِرصاد
الإِعداد، وكانوا قد قالوا نَقْضي فيه حاجتنا ولا يعاب علينا إِذا
خلونا، ونَرْصُده لأَبي عامر حتى مجيئه من الشام أَي نعدّه؛ قال الأَزهري:
وهذا صحيح من جهة اللغة. روى أَبو عبيد عن الأَصمعي والكسائي: رصَدْت فلاناً
أَرصُدُه إِذا ترقبته. وأَرْصَدْت له شيئاً أُرْصِدُه: أَعددت له. وفي
حديث أَبي ذر: قال له النبي، صلى الله عليه وسلم: ما أُحِبُّ عِندي
(*
قوله «ما أحب عندي» كذا بالأصل ولعله ما أحب ان عندي والحديث جاء بروايات
كثيرة) . مِثلَ أُحُدٍ ذهباً فَأُنفِقَه في سبيل الله، وتمُسي ثالثةٌ وعندي
منه دينارٌ إِلاَّ دينار أُرْصِدُه أَي أُعِدُّه لدين؛ يقال: أَرصدته
إِذا قعدت له على طريقه ترقبه. وأَرْصَدْتُ له العقوبة إِذا أَعددتها له،
وحقيقتُه جعلتها له على طريقه كالمترقبة له؛ ومنه الحديث: فأَرْصَدَ الله
على مَدْرجته ملَكاً أَي وكله بحفظ المدرجة، وهي الطريق. وجعله رَصَداً
أَي حافظاً مُعَدّاً. وفي حديث الحسن بن علي وذكر أَباه فقال: ما خَلَّف
من دنياكم إِلا ثلثمائة درهم كان أَرصَدَها لشراء خادم. وروي عن ابن سيرين
أَنه قال: كانوا لا يَرْصُدون الثمار في الدَّيْن وينبغي أَن يُرْصَد
العينُ في الدَّيْن؛ قال: وفسره ابن المبارك فقال إِذا كان على الرجل دين
وعنده من العين مثله لم تجب الزكاة عليه، وإِن كان عليه دين وأَخرجت أَرضه
ثمرة يجب فيها العشر لم يسقط العشر عنه من أَجل ما عليه من الدين،
لاختلاف حكمهما وفيه خلاف. قال أَبو بكر: قولهم فلان يَرْصُد فلاناً معناه
يقعد له على طريقه.
قال: والمَرْصَدُ والمِرْصادُ عند العرب الطريق؛ قال الله عز وجل:
واقعدوا لهم كل مَرصد؛ قال الفراء: معناه واقعدوا لهم على طريقهم إِلى البيت
الحرام، وقيل: معناه أَي كونوا لهم رَصَداً لتأْخذوهم في أَيّ وجه توجهوا؛
قال أَبو منصور: على كل طريق؛ وقال عز وجل: إِنَّ ربك لبالمرصاد؛ معناه
لبالطريق أَي بالطريق الذي ممرّك عليه؛ وقال عديّ:
وإِنَّ المنايا للرجالِ بِمَرْصَد
وقال الزجاج: أَي يرصد من كفر به وصدّ عنه بالعذاب؛ وقال ابن عرفة: أَي
يَرْصُد كل إِنسان حتى يجازِيَه بفعله. ابن الأَنباري: المِرصاد الموضع
الذي ترصد الناس فيه كالمضمار الموضع الذي تُضَمَّر فيه الخيل من ميدان
السباق ونحوه، والمَرْصَدُ: مثل المِرصاد، وجمعه المراصد، وقيل: المرصاد
المكان الذي يُرْصَدُ فيه العدوّ. وقال الأَعمش في قوله: إِنَّ ربك
لبالمرصاد؛ قال: المرصاد ثلاثة جسور خلف الصراط: جسر عليه الأَمانة، وجسر عليه
الرحم، وجسر عليه الربّ؛ وقال تعالى: إِن جهنم كانت مرصاداً، أَي تَرْصُد
الكفار. وفي التنزيل العزيز: فإِنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصداً أَي
إِذا نزل الملَك بالوحي أَرسل الله معه رصداً يحفظون الملك من أَن يأْتي
أَحد من الجنّ، فيستمع الوحي فيخبر به الكهنة ويخبروا به الناس، فيساووا
الأَنبياء. والمَرْصَد: كالرصَد. والمرصاد والمَرْصَد: موضع الرصد.
ومراصد الحيات: مكامنها؛ قال الهذلي:
أَبا مَعْقَلٍ لا يُوطِئَنْكَ بغاضَتي
رُؤوسَ الأَفاعي في مَراصِدِها العُرْم
وليث رصيد: يَرْصُدُ ليثب؛ قال:
أَسليم لم تعد،
أَم رصِيدٌ أَكلَكْ؟
والرَّصْد والرَّصَد: المطر يأْتي بعد المطر، وقيل: هو المطر يقع
أَوّلاً لما يأْتي بعده، وقيل: هو أَوّل المطر. الأَصمعي: من أَسماء المطر
الرصْد. ابن الأَعرابي: الرصَد العهاد تَرْصُد مطراً بعدها، قال: فإِن
أَصابها مطر فهو العشب، واحدتها عِهْدَة، أَراد: نَبَت العُشْب أَو كان العشب.
قال: وينبت البقل حينئذ مقترحاً صُلْباً، واحدته رَصَدَة ورَصْدة؛
الأَخيرة عن ثعلب؛ قال أَبو عبيد: يقال قد كان قبل هذا المطر له رَصْدَة؛
والرَّصْدة، بالفتح: الدُّفعة من المطر، والجمع رصاد، وتقول منه: رُصِدَت
الأَرض، فهي مرصودة.
وقال أَبو حنيفة: أَرض مُرصِدة مطرت وهي ترجى لأَن تنبت، والرصد حينئذ:
الرجاء لأَنها ترجى كما ترجى الحائل
(* قوله «ترجى الحائل» مرة قالها
بالهمز ومرة بالميم، وكلاهما صحيح.) وجمع الرصد أَرصاد. وأَرض مرصودة
ومُرْصَدة: أَصابتها الرَّصْدة. وقال بعض أَهل اللغة: لا يقال مرصودة ولا
مُرْصَدَة، إِنما يقال أَصابها رَصْد ورَصَد. وأَرض مُرصِدة إِذا كان بها شيء
من رصَد. ابن شميل: إِذا مُطرت الأَرض في أَوّل الشتاء فلا يقال لها
مَرْت لأَنّ بها حينئذ رصداً، والرصد حينئذ الرجاء لها كما ترجى الحامل. ابن
الأَعرابي: الرَّصْدة ترصد وَلْياً من المطر. الجوهري: الرصَد، بالتحريك،
القليل من الكلإِ والمطر. ابن سيده: الرصد القليل من الكلإِ في أَرض
يرجى لها حَيَا الربيع. وأَرض مُرْصِدة: فيها رَصَدٌ من الكلإِ. ويقال: بها
رصد من حيا.
وقال عرّام: الرصائد والوصائد مصايدُ تُعدّ للسباع.
نهل: النَّهْل: أَوَّل الشُّرْب؛ تقول: أَنهَلْتُ الإِبلَ وهو أَول
سقيها، ونَهِلَتْ هي إِذا شربت في أَوَّل الوِرْد، نَهِلَتِ الإبلُ نَهَلاً
وإِبل نواهِل ونِهال ونَهَلٌ ونُهُول ونَهِلة ونَهْلى. يقال: إِبِل نَهْلى
وعَلَّى لِلتي تشرَب النَّهَل والعَلَل؛ قال عاهانُ بن كعب:
تَبُكُّ الحَوْضَ عَلاَّها ونَهْلى،
ودون ذِيادِها عَطَنٌ مُنِيمُ
أَي ينام صاحبها إِذا حصلت إِبله في مكان أَمين، واراد ونَهْلاها
فاجتزأَ من ذلك بإِضافة عَلاَّها، وأَراد ودون موضع ذِيادها فحذف المضاف. قال
ابن سيده: وإِنما قلنا هذا لأَن الذِّياد الذي هو العَرَض لا يمنع منه
العطَن، إِذ العطَن جوهر، والجواهر لا تحول دون الأَعراض، فتفَّهمه، وكذلك
غيرها من الماشية والناس. والنَّهَل: الرِّيُّ والعَطَش، ضِدُّ، والفعل
كالفعل. والمَنْهَل: المشرَب ثم كثر ذلك حتى سميت مَنازل السُّفَّار على
المِياه مَناهِل. وفي حديث الدجال أَنه يَرِد كلَّ مَنْهَل. وقال ثعلب:
المَنْهَل الموضع الذي فيه المشرَب.
والمَنْهَل: الشُّرْب، قال: وهذا الأَخير يتجه أَن يكون مصدر نَهِل وقد
كان ينبغي أَن لا يذكره لأَنه مُطَّرد. والناهِلة: المختلِفة إِلى
المَنْهَل، وكذلك النازِلة؛ وأَنشد:
ولم تُراقِب هناك ناهِلَةَ الـ
واشِينَ، لَمَّا اجْرَهَدَّ ناهِلُها
قال أَبو مالك: المَنازِل والمَناهِل واحد، وهي المَنازِل على الماء.
وأَنْهَل القومُ: نَهِلَت إِبِلُهم. ورجل مِنْهال: كثير الإِنْهال. قال
خالد بن جنبة الغنوي وغيره: المَنْهَل كل ما يَطَؤه الطريقُ مثل الرُّحَيل
والحفِير، قال: وما بين المَناهِل مَراحِل، والمَنْهَل من المياه: كلُّ ما
يَطَؤه الطريق، وما كان على غير الطريق لا يُدْعَى مَنْهَلاً، ولكن يضاف
إِلى موضعه أَو إِلى من هو مختصٌّ به فيقال: مَنْهَل بني فلان أَي
مَشْرَبهم وموضع نَهَلهم؛ وفي قصيد كعب بن زهير:
كأَنه مُنْهَلٌ بالرَّاحِ مَعْلول
أَي مَسْقِيٌّ بالراحِ. يقال: أَنْهَلْته فهو مُنْهَل، بضم الميم.
وفي حديث معاوية: النُّهُل الشُّروع؛ هو جمع ناهِل وشارع أَي الإِبل
العِطاش الشارِعة في الماء. ويقال: من أَين نَهِلْت اليوم؟ فتقول: بماء بني
فلان وبمَنْهَل بني فلان؛ وقوله أَين نَهِلت أَي شَرِبت فَرَوِيت؛
وأَنشد:ما زال منها ناهِلٌ ونائِب
قال: الناهِلُ الذي روي فاعتزَل، والنائبُ الذي يَنُوب عَوداً بعد
شُرْبها لأَنها لم تُنْضَح رِيّاً. الجوهري: المَنْهَل المَوْرِد وهو عين ماءٍ
تَرِدُه الإِبِل في المَراعي، وتسمّى المَنازل التي في المَفاوِز على
طريق السُّفَّار مَناهِل لأَن فيها ماءً. الجوهري وغيره: الناهِل في كلام
العرب العَطْشان، والناهِل الذي قد شرِب حتى روِي، والأُنثى ناهِلة،
والناهِل العَطْشان، والناهِل الرَّيَّان، وهو من الأَضداد؛ وقال
النابغة:الطاعِن الطَّعْنة، يوم الوَغَى،
يَنْهَل منها الأَسَلُ الناهِلُ
جعل الرِّماح كأَنها تعطَش إِلى الدَّمِ فإِذا شرعت فيه رَوِيتْ؛ وقال
أَبو عبيد: هو ههنا الشارِب وإِن شئت العَطْشان أَي يروى منه العطشان.
وقال أَبو الوليد: يَنْهَل يشرب منه الأَسَلُ الشارِب؛ قال الأَزهري
(* قوله
«قال الأزهري إلخ» نسب المؤلف الشطر الأخير في مادة جبى إلى الأخطل) :
وقول جرير يدل على أَن العِطاش تسمَّى نِهالاً؛ وهو قوله:
وأَخُوهُما السَّفَّاحُ ظَمَّأَ خَيْلَه،
حتى وَرَدْنَ جِبَا الكُلابِ نِهالا
قال: وقال عمرة
(* قوله «وقال عمرة» عبارة التهذيب: عميرة) بن طارق في
مثله:
فما ذُقْت طَعْم النَّوْم، حتى رأَيتُني
أُعارِضُهم وِرْدَ الخماسِ النَّواهِل
قال أَبو الهيثم: ناهِل ونَهَل مثل خادِم وخَدَم وغائب وغَيَب وحارِس
وحَرَس وقاعِد وقَعَد. وفي حديث لقيط: الا فيطَّلِعون عن حَوْض الرسول لا
يَظْمأ والله ناهِلُه؛ يقول: من رَوِي منه لم يعطَش بعد ذلك أَبداً، وجمع
الناهِل نَهَل مثل طالِب وطَلَب، وجمع النَّهَل نِهال مثل جَبَل وجِبال؛
قال الراجز:
إِنَّك لن تُثَأْثِئَ النِّهالا،
بمِثْل أَنْ تُدارِك السِّجالا
قال ابن بري: وشاهد النِّهال بمعنى العِطاش قول ابن مقبل:
يذُودُ الأَوابِدَ فيها السَّمُوم،
ذِيادَ المُحِرِّ المَخاضَ النِّهالا
وقال آخر:
منه تُرَوِّي الأَسَل النَّواهِلا
والنَّهَل: الشُّرْب الأَوّل. وقد نَهِل، بالكسر، وأَنْهَلتْه أَنا
لأَنَّ الإِبل تسقى في أَوّل الوِرْد فتردُّ إِلى العَطَن، ثم تسقى الثانية
وهي العَلَل فتردّ إِلى المرعَى؛ وأَنشد ابن بري شاهداً على نَهِل قول
الشاعر:
وقد نَهِلَتْ مِنَّا الرِّماحُ وعَلَّتِ
وقال آخر في أَنْهَلَتْ:
أَعَلَلاً ونحن مُنْهِلونَهْ
قال الأَصمعي: إِذا أَوْرد إِبله الماء فالسقيةُ الأُولى النَّهَل،
والثانية العَلَل؛ واستعمل بعض الأَغْفال النَّهَل في الدعاء فقال:
ثم انْثَنى من بعدِ ذا، فصَلَّى
على النبيِّ نَهَلاً وعَلاَّ
والنَّهَلُ: ما أُكِل من الطَّعامِ. وأَنْهَل الرجلَ: أَغضبه.
والمِنْهال: أَرض. والمِنْهال: اسم رجل. ومِنْهال: اسم رجل
(* قوله
«ومنهال اسم رجل» هذه عبارة المحكم، وقد اقتصر على ما قبل هذا وذكر البيت
بعده، فلعلها زيادة من الناسخ) قال:
لقد كَفَّنَ المِنْهالُ، تحتَ رِدائِه،
فَتىً غيرَ مِبْطانِ العَشِيَّة أَرْوَعا
ونُهَيْل: اسم. والمِنْهال: القَبْر. والمِنْهال: الغاية في السخاء.
والمِنْهال: الكَثِيب العالي الذي لا يَتماسَك انْهِياراً.
طرح: ابن سيده: طَرَحَ بالشيء وطَرَحَه يَطْرَحُه طَرْحاً واطَّرَحَه
وطَرَّحه: رمى به؛ أَنشد ثعلب:
تَنَحَّ يا عَسِيفُ عن مَقامِها،
وطَرِّح الدَّلْوَ إِلى غُلامِها
الأَزهري: والطِّرْحُ الشيء المطروحُ لا حاجة لأَحد فيه. الجوهري:
وطَرَّحَه تَطْريحاً إِذا أَكثر من طَرْحه. ويقال: اطَّرَحَه أَي أَبعده، وهو
افْتَعله؛ وشيء طَريح وطُرَّحٌ: مطروح.
وطَرَحَ عليه مسأَلةً: أَلقاها، وهو مثل ما تقدّم؛ قال ابن سيده: وأُراه
مولَّداً.
والأُطْرُوحةُ: المسأَلة تَطْرَحُها.
والطَّرَحُ، بالتحريك: البُعْدُ والمكانُ البعيد؛ قال الأَعشى:
تَبْتَنِي الحمدَ وتَسْمُو للعُلى،
وتُرَى نارُكَ من ناءٍ طَرَحْ
والطَّرُوحُ من البلاد: البعيدُ. وبلد طَرُوحٌ: بعيد. وطَرَحَتِ
النَّوَى بفلان كلَّ مَطْرَح إِذا نأَتْ به. وطَرَحَ به الدهرُ كلَّ مَطْرَح
إِذا نأَى عن أَهله وعشيرته. ونِيَّةٌ طَرُوحٌ: بعيدة وفي التهذيب: نِيَّة
طَرَحٌ أَي بعيدة. وقوس طَرُوحٌ مثل ضَرُوحٍ: شديدة الحَفْزِ للسهم؛ وقيل:
قوس طَرُوحٌ بعيدةُ مَوْقِع السهم يَبْعُد ذهابُ سهمها؛ قال أَبو حنيفة:
هي أَبعد القِياسِ مَوْقِعَ سَهْمٍ؛ قال: تقول طَروحٌ مَرُوح، تُعَجِّلُ
الظَّبْيَ أَن يَرُوح؛ وأَنشد:
وسِتِّينَ سهماً صِيغةً يَثْرَبِيَّةً،
وقَوْساً طَروحَ النَّبْلِ غيرَ لَباثِ
وسيأْتي ذكر المَرُوح. ونخلة طَرُوحٌ: بعيدة الأَعلى من الأَسفل، وقيل:
طويلى العَراجين، والجمع طُرُحٌ. وطَرْفٌ مِطْرَح: بعيد النظر. وفحل
مِطْرَحٌ: بعيد موقع الماء في الرَّحِم.
الأَزهري عن اللحياني قال: قالت امرأَة من العرب: إِن زوجي لَطَرُوح؛
أَرادت أَنه إِذا جامع أَحبل. ورُمْح مِطْرَحٌ: بعيد طويل.
وسَنامٌ إِطْرِيح: طال ثم مال في أَحد شقيه؛ ومنه قول تلك الأَعرابية:
شجرة أَبي الإِسْلِيح رَغْوةٌ وصَريح وسَنامٌ إِطْريح؛ حكاه أَبو حنيفة،
وهو الذي ذهب طَرْحاً، بسكون الراء، ولم يفسره، وأَظنه طَرَحاً أَي
بُعْداً لأَنه إِذا طال تباعد أَعلاه من مركزه.
ابن الأَعرابي: طَرِحَ الرجلُ إِذا ساء خُلُقُه وطَرِحَ إِذا تَنَعَّمَ
تَنَعُّماً واسعاً.
وطَرَّحَ الشيءَ: طَوّله، وقيل: رَفَعه وأَعلاه، وخص بعضهم به البناء
فقال: طَرَّح بناءه تَطْريحاً طوَّله جِدًّا؛ قال الجوهري: وكذلك طَرْمَح،
والميم زائدة.
والتَّطْريح: بُعْدُ قَدْرِ الفرس في الأَرض إِذا عدا. ومَشَى
مُتَطَرِّحاً أَي متساقطاً؛ وقد سَمَّت مُطَرَّحاً وطَرَّاحاً
وطُرَيحاً.وسَيْرٌ طُراحِيٌّ، بالضم، أَي بعيد، وقيل: شديد؛ وأَنشد الأَزهري
لمُزاحِم العُقَيْليِّ:
بسَيْرٍ طُراحِيٍّ تَرَى، من نَجائه،
جُلُودَ المَهارَى، بالنَّدَى الجَوْنِ، تَنْبَعُ
ومُطارَحة الكلام معروف.
حشط: الأَزهري خاصة عن ابن الأَعرابي: الحَشْطُ الكَشْطُ.
مطر: المَطَرُ: الماء المنكسب من السَّحابِ. والمَطرُ: ماءُ السحابِ،
والجمع أَمْطارٌ. وَمَطَرٌ: اسم رجل، سمي به من حيث سمي غَيْثاً؛ قال:
لامَتْكَ بِنْتُ مطَرٍ،
ما أَنت وابْنَةَ مَطرْ
والمَطَرُ: فِعْل المَطَرِ، وأَكثر ما يجيء في الشعر وهو فيه أَحسن،
والمَطْرَةُ: الواحِدَة.
ومَطَرَتْهُم السماء تَمْطُرُهُمْ مَطْراً وأَمْطَرَتْهم: أَصابَتْهُم
بالمطَرِ، وهو أَقبحهما؛ ومطَرتِ السماءُ وأَمْطَرها اللهُ وقد مُطِرْنا.
وناس يقولون: مَطَرتِ السماء وأَمْطرتْ بمعنى. وأَمْطرهم اللهُ مَطَراً أَو
عذاباً. ابن سيده: أَمطَرهم الله في العذاب خاصَّة كقوله تعالى: وأَمْطَرْنا
عليهم مطَراً فساء مطَرُ المُنْذَرِين، وقوله عز وجل: وأَمْطَرْنا عليهم
حِجارَة من سِجِّيل؛ جعل الحجارة كالمَطر لنزولها من السماء. ويَوْمٌ
مُمْطِرٌ وماطِرٌ ومطِرٌ: ذُو مطَر؛ الأَخيرة على النسب. ويوم مَطِيرٌ:
ماطِر. ومكان مَمْطُورٌ ومطِير: أَصابه مطَر. ووادٍ مَطِير: مَمْطورٌ. ووادٍ
مطِرٌ، بغير ياءٍ، إِذا كان مَمْطُوراً؛ ومنه قوله:
فَوادٍ خَطاءٌ ووادٍ مطِرْ
وأَرض مَطِير ومطِيرَة كذلك؛ وقوله:
يُصَعِّد في الأَحْناءِ ذُو عَجْرَفيَّةٍ،
أَحَمُّ حَبَرْكَى مُزْحِفٌ مُتماطِرُ
قال أَبو حنيفة: المتماطر الذي يَمْطُر ساعةً ويَكُفُّ أُخْرى. ابن
شميل: من دعاء صبيان العرب إِذا رأَوا حالاً للمطَر: مُطَّيْرَى.
والمِمْطَرُ والمِمْطَرَةُ: ثوب من صوف يلبس في المطر يُتَوَقَّى به من
المطر؛ عن اللحياني. واسْتَمْطَرَ الرجلُ ثَوبَهُ: لبِسَه في المَطَر.
واسْتَمْطَرَ الرجلُ أَي استكَنّ من المطَر. قالوا: وإِنما سمي المِمْطَر
لأَنه يَسْتَظِلُّ به الرجل؛ وأَنشد:
أَكُلَّ يومٍ خَلَقِي كالمِمْطَر،
اليَوْمَ أَضْحَى وغَداً أظَلَّل
(* في قوله: كالممطرِ، وقوفٌ على حرف غير ساكن، وهذا من عيوب الشعر.)
واسْتَمْطَر للسياطِ: صبَرَ عليها. والاسْتِمطار: الاسْتِسْقاءُ؛ ومنه
قول الفرزدق:
اسْتَمْطِرُوا مِنْ قُرَيْشٍ كُلَّ مُنْخَدِعِ
أَي سلوه أَن يعطي كالمطر مثلاً. ومكانٌ مُسْتَمْطِرٌ: محتاج إِلى المطر
وإِن لم يُمْطَر؛ قال خفاف بن ندبة:
لم يَكْسُ مِنْ ورَقٍ مُسْتَمْطِرٌ عُودَا
ويقال: نزل فلان بالمسْتَمْطَر أَي في برازٍ من الأَرض مُنْكَشف؛ قال
الشاعر:
ويَحِلُّ أَحْياءٌ وراءَ بُيوتِنا،
حذَر الصَّباح، ونَحْنُ بالمُسْتَمْطَرِ
ويقال: أَراد بالمُسْتَمْطَرِ مَهْوى العادات ومُخْترَقَها. ويقال: لا
تَسْتَمْطِر الخيل أَي لا تَعْرِضْ لها. الفراء: إِنّ تلك الفعلة من فلان
مَطِرة أَي عادة، بكسر الطاء. وقال ابن الأَعرابي: ما زال على مَطْرَةٍ
واحدةٍ ومطِرَةٍ واحدة ومطَرٍ واحد إِذا كان على رأْيٍ واحد لا يفارقه.
وتلك منه مُطْرَة أَي عادة ورجل مُسْتَمْطِرٌ: طالب للخير، وقال الليث:
طالب خير من إِنسان. ومطَرَني بخير: أَصابني. وما أَنا من حاجتي عندك
بِمُسْتَمْطِرٍ أَي لا أَطمَع منك فيها؛ عن ابن الأَعرابي. ورجل مُسْتَمْطَرٌ
إِذا كان مُخَيِّلاً للخير؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
وصاحبٍ، قُلْتُ له، صالحٍ:
إِنكَ لِلخَير لَمُسْتَمْطَرُ
فسره فقال: معناه إِنك صالٍ
(* قوله: صالٍ، هكذا في الأصل، وربما كانت
من صلي بالأمر إذا قاسى شدته به.) قال أَبو الحسن: وتلخيص ذلك إِنك للخير
مستمطَر أَي مَطْمَعٌ. ومَزَرَ قِرْبَتَه ومَطَرَها إِذا مَلأَها. وحكي
عن مبتكر الكلابي: كلمت فلاناً فأَمْطَرَ واسْتَمْطَر إِذا أَطرق. وقال
غيره: أَمْطَر الرجلُ عَرِقَ جَبِينُه، واسْتَمْطَرَ سكت. يقال: ما لك
مُسْتَمْطِراً أَي ساكتاً. ابن الأَعرابي: المَطَرَةُ القِرْبة، مسموع من
العرب.
ومَطَرَتِ الطيرُ وتَمَطَّرَتْ: أَسْرَعَتْ في هُوِيِّها. وتَمَطَّرَتِ
الخيلُ: ذهبت مسرعة. وجاءت مُتَمَطِّرة أَي جاءت مسرعة يسبق بعضها بعضاً؛
قال:
من المُتَمَطِّرَاتِ بِجانِبَيْها،
إِذا ما بَلَّ مَحْزِمَها الحَمِبمُ
قال ثعلب: أَراد أَنها
(*كذا بياض بالأصل)... من نشاطها إِذا عَرِقَتِ
الخيل؛ وقال رؤبة:
والطَّيْرُ تَهْوِي في السماءِ مُطَّرا
وفي شعر حسان:
تَظَلُّ جِيادُنا مُتَمَطِّراتٍ،
يُلَطِّمُهُنَّ بالخُمُرِ النساءُ
يقال: تَمَطَّرَ به فَرَسُه إِذا جرى وأَسرعَ. والمُتَمَطِّرُ: فرس لبني
سَدُوسٍ، صفة غالبة. ومَطَرَ في الأَرض مُطُوراً: ذهب، وتَمَطَّرَ بهذا
المعنى؛ قال الشاعر:
كأَنَّهُنّ، وقد صدَرْنَ مِنْ عَرَقٍ،
سِيدٌ تَمَطَّرَ جُنْحَ الليلِ مَبْلُولُ
تَمَطَّرَ: أَسرع في عَدْوه، وقيل: تَمَطَّرَ بَرَزَ للمطر وبَردِه.
ومَرّ الفرسُ يَمْطُرُ مَطْراً ومُطوراً أَي أَسرع، والتَّمَطُّر مثله؛ قال
لبيد يرثي قيسَ بن جَزْءٍ في قتلى هَوازِنَ:
أَتَتْه المَنايا فَوْقَ جَرْداءَ شِطْبَةٍ،
تَدُفُّ دَفِيفَ الطائِرِ المُتَمَطِّر
وراكبه مُتَمَطِّر أَيضاً. وذهب ثوبي وبعيري فلا أَدري من مَطَر بهما
أَي أَخذهما. ومَطَرَةُ الحَوضِ: وسَطُه. والمُطْرُ: سُنْبُولُ الذُّرَةِ.
ورجل مَمْطورٌ إِذا كان كثيرَ السواكِ طَيّب النكْهة. وامرأَة مَطِرة:
كثيرةُ السواك عَطِرة طيبة الجِرْم، وإِن لم تُطَيَّب. والعرب تقول: خير
النساء الخَفِرَةُ العَطِرَةُ المَطِرة، وشرهن المَذِرَةُ الوَذِرَةُ
القَذِرةُ؛ تعني بالوذِرة الغليظة الشفتين أَو التي ريحها ريح الوَذَرِ وهو
اللحم؛ قال ابن الأَثير: والعَطِرة المَطِرة هي التي تنظف بالماء، أُخِذَ
من لفظ المطر كأَنها مُطِرت فهي مَطِرة أَي صارت مَمْطورة مغسوله.
ومُطارٌ ومَطارٌ، بضم الميم وفتحها: موضع؛ قال:
حَتى إِذا كان على مُطارِ،
يُسْراه واليُمْنى على الثَّرْثارِ،
قالت له رِيحُ الصَّبا: قَرْقارِ
قال عليّ بن حمزة: الرواية مُطار، بضم الميم، قال: وقد يجوز أَن يكون
مُطار مُفْعلاً ومَطار مَفْعلاً، وهو أَسبق. التهذيب: ومَطارِ موضعٌ بين
الدهناء والصَّمانِ. والماطِرُون: موضع آخر؛ ومنه قوله:
ولهَا بالماطِرُونَ، إِذا
أَكَلَ النملُ الذي جَمَعا
وأَبو مطَر: من كُناهم؛ قال:
إِذا الرِّكابُ عَرَفَتْ أَبا مَطَرْ،
مَشَتْ رُوَيْداً وأَسَفَّتْ في الشجرْ
يقول: إِن هذا حادٍ ضعِيفُ السَّوْقِ للإِبل، فإِذا أَحَسَّت به
تَرَفَّقَتْ في المشي وأَخَذَتْ في الرعي، وعدّى أَسَفَّت بفي لأَنه في معنى
دخلت؛ وقال:
أَتَطْلُبُ مَنْ أُسُودُ بِئْشَةَ دُونَه،
أَبو مَطَرٍ وعامِرٌ وأَبو سَعْدِ؟
مندل: قال المبرد: المَنْدَل العود الرَّطْب، وهو المَنْدَلِيُّ؛ قال
الأَزهري: هو عندي رباعي لأَن الميم أَصلية، قال: لا أَدري أَعربي هو أَو
معرب.
نزل: النُّزُول: الحلول، وقد نَزَلَهم ونَزَل عليهم ونَزَل بهم يَنْزل
نُزُولاً ومَنْزَلاً ومَنْزِلاً، بالكسر شاذ؛ أَنشد ثعلب:
أَإِنْ ذَكَّرَتْك الدارَ مَنْزِلُها جُمْلُ
أَراد: أَإِن ذكَّرتكُ نُزولُ جُمْلٍ إِياها، الرفع في قوله منزلُها
صحيح، وأَنَّث النزولَ حين أَضافه إِلى مؤنَّث؛ قال ابن بري: تقديره أَإِن
ذكَّرتك الدار نُزولَها جُمْلُ، فَجُمْلُ فاعل بالنُّزول، والنُّزولُ
مفعول ثانٍ بذكَّرتك.
وتَنَزَّله وأَنْزَله ونَزَّله بمعنىً؛ قال سيبويه: وكان أَبو عمرو
يفرُق بين نَزَّلْت وأَنْزَلْت ولم يذكر وجهَ الفَرْق؛ قال أَبو الحسن: لا
فرق عندي بين نَزَّلْت وأَنزلت إِلا صيغة التكثير في نزَّلت في قراءة ابن
مسعود: وأَنزَل الملائكة تَنْزِيلاً؛ أَنزل: كنَزَّل؛ وقول ابن جني:
المضاف والمضاف إِليه عندهم وفي كثير من تَنْزِيلاتِهم كالاسم الواحد، إِنما
جمع تَنْزِيلاً هنا لأَنه أَراد للمضاف والمضاف إِليه تَنْزيلات في وجُوه
كثيرة منزلةَ الاسم الواحد، فكنى بالتَّنْزيلات عن الوجوه المختلفة، أَلا
ترى أَن المصدر لا وجه له إِلاَّ تشعُّب الأَنواع وكثرتُها؟ مع أَن ابن
جني تسمَّح بهذا تسمُّح تحضُّرٍ وتحذُّق، فأَما على مذهب العرب فلا وجه
له إِلاَّ ما قلنا.
والنُّزُل: المَنْزِل؛ عن الزجاج، وبذلك فسر قوله تعالى: وجعلنا جهنم
للكافرين نُزُلاً؛ وقال في قوله عز وجل: جناتٌ تجري من تحتها الأَنهارُ
خالدين فيها نُزُلاً من عِند الله؛ قال: نُزُلاًمصدر مؤكد لقوله خالدين فيها
لأَن خُلودهم فيها إِنْزالُهم فيها. وقال الجوهري: جناتُ الفِرْدَوْسِ
نُزُلاً؛ قال الأَخفش: هو من نُزول الناس بعضهم على بعض. يقال: ما وجدْنا
عندكم نُزُلاً.
والمَنْزَل، بفتح الميم والزاي: النُّزول وهو الحلول، تقول: نزلْت
نُزولاً ومَنْزَلاً؛ وأَنشد أَيضاً:
أَإِن ذَكَّرَتك الدارُ مَنْزَلَها جُمْلُ
بَكيْتَ، فدَمْعُ العَيْنِ مُنْحَدِر سَجْلُ؟
نصب المَنْزَل لأَنه مصدر.
وأَنزَله غيرُه واستنزله بمعنى، ونزَّله تنزيلاً، والتنزيل أَيضاً:
الترتيبُ. والتنزُّل: النُّزول في مُهْلة. وفي الحديث: إِن الله تعالى وتقدّس
يَنزِل كل ليلة إِلى سماء الدنيا؛ النُّزول والصُّعود والحركة والسكونُ
من صفات الأَجسام، والله عز وجل يتعالى عن ذلك ويتقدّس، والمراد به نُزول
الرحمة والأَلطافِ الإِلهية وقُرْبها من العباد، وتخصيصُها بالليل
وبالثُلث الأَخيرِ منه لأَنه وقتُ التهجُّد وغفلةِ الناس عمَّن يتعرَّض لنفحات
رحمة الله، وعند ذلك تكون النيةُ خالصة والرغبةُ إِلى الله عز وجل
وافِرة، وذلك مَظِنَّة القبول والإِجابة. وفي حديث الجهاد: لا تُنْزِلْهم على
حُكْم الله ولكن أَنزِلْهم على حُكْمِك أَي إذا طَلب العدوُّ منك الأَمان
والذِّمامَ على حكم اللّه فلا تُعْطيهم، وأَعطِهم على حكمك، فإِنك
ربَّما تخطئ في حكم الله تعالى أَو لا تفي به فتأْثَم. يقال: نزلْت عن الأَمر
إِذا تركتَه كأَنك كنت مستعلياً عليه مستولياً.
ومكان نَزِل: يُنزَل فيه كثيراً؛ عن اللحياني.
ونَزَل من عُلْوٍ إِلى سُفْل: انحدر. والنِّزالُ في الحربْ: أَن
يتَنازَل الفريقان، وفي المحكم: أَن يَنْزل الفَرِيقان عن إِبِلهما إِلى
خَيْلهما فيَتضاربوا، وقد تنازلوا.
ونَزالِ نَزالِ أَي انزِلْ، وكذا الاثنان والجمعُ والمؤنثُ بلفظ واحد؛
واحتاج الشماخ إِليه فثقَّله فقال:
لقد عَلِمَتْ خيلٌ بمُوقانَ أَنَّني
أَنا الفارِسُ الحامي، إِذا قيل: نَزَّال
(* قوله «لقد علمت خيل إلخ» هكذا في الأصل بضمير التكلم، وأَنشده ياقوت
عند التكلم على موقان للشماخ ضمن ابيات يمدح بها غيره بلفظ:
وقد علمت خيل بموقان أنه * هو الفارس الحامي إذا قيل
تنزال).الجوهري: ونَزَالِ مثل قَطامِ بمعنى انْزِل، وهو معدول عن المُنازَلة،
ولهذا أَنثه الشاعر بقوله:
ولَنِعْم حَشْوُ الدِّرْعِ أَنتَ، إِذا
دُعِيَتْ نَزالِ، ولُجَّ في الذُّعْرِ
قال ابن بري: ومثله لزيد الخيل:
وقد علمتْ سَلامةُ أَن سَيْفي
كَرِيهٌ، كلما دُعِيَتْ نزالِ
وقال جُرَيبة الفقعسي:
عَرَضْنا نَزالِ، فلم يَنْزِلوا،
وكانت نَزالِ عليهم أَطَمْ
قال: وقول الجوهري نَزالِ معدول من المُنازلة، يدل على أَن نَزالِ بمعنى
المُنازلة لا بمعنى النُّزول إِلى الأَرض؛ قال: ويقوِّي ذلك قول الشاعر
أَيضاً:
ولقد شهدتُ الخيلَ، يومَ طِرادِها،
بسَلِيم أَوْظِفةِ القَوائم هَيْكل
فَدَعَوْا: نَزالِ فكنتُ أَولَ نازِلٍ،
وعَلامَ أَركبُه إِذا لم أَنْزِل؟
وصف فرسه بحسن الطراد فقال: وعلامَ أَركبُه إِذا لم أُنازِل الأَبطال
عليه؟ وكذلك قول الآخر:
فلِمْ أَذْخَر الدَّهْماءَ عند الإِغارَةِ،
إِذا أَنا لم أَنزِلْ إِذا الخيل جالَتِ؟
فهذا بمعنى المُنازلة في الحرب والطِّراد لا غير؛ قال: ويدلُّك على أَن
نَزالِ في قوله: فَدعَوْا نَزالِ بمعنى المُنازلة دون النُّزول إِلى
الأَرض قوله:
وعَلامَ أَركبه إِذا لم أَنزل؟
أَي ولِمَ أَركبُه إِذا لم أُقاتل عليه أَي في حين عدم قتالي عليه،
وإِذا جعلت نَزالِ بمعنى النزول إِلى الأَرض صار المعنى: وعَلام أَركبه حين
لم أَنزل إِلى الأَرض، قال: ومعلوم أَنه حين لم ينزل هو راكب فكأَنه قال:
وعلام أَركبه في حين أَنا راكب؛ قال ومما يقوي ذلك قول زهير:
ولَنِعْم حَشْوُ الدِّرْعِ أَنت، إِذا
دُعِيَتْ نَزال، ولُجَّ في الدُّعْرِ
أَلا تَرى أَنه لم يمدحه بنزوله إِلى الأَرض خاصة بل في كل حال؟ ولا
تمدَح الملوك بمثل هذا، ومع هذا فإِنه في صفة الفرس من الصفات الجليلة وليس
نزوله إِلى الأَرض مما تمدَح به الفرس، وأَيضاً فليس النزول إِلى الأَرض
هو العلَّة في الركوب. وفي الحديث: نازَلْت رَبِّي في كذا أَي راجعته
وسأَلته مرَّة بعد مرَّة، وهو مُفاعَلة من النّزول عن الأَمر، أَو من
النِّزال في الحرب.
والنَّزِيلُ: الضيف؛ وقال:
نَزِيلُ القومِ أَعظمُهم حُقوقاً،
وحَقُّ اللهِ في حَقِّ النَّزِيلِ
سيبويه: ورجل نَزيل نازِل. وأَنْزالُ القومِ: أَرزاقهم.
والنُّزُل وتلنُّزْل: ما هُيِّئَ للضيف إِذا نزل عليه. ويقال: إِن
فلاناً لحسن النُّزْل والنُّزُل أَي الضيافة؛ وقال ابن السكيت في قوله:
فجاءت بِيَتْنٍ للنِّزَالة أَرْشَما
قال: أَراد لِضِيافة الناس؛ يقول: هو يَخِفُّ لذلك، وقال الزجاج في
قوله: أَذَلكَ خيرٌ نُزُلاً أَم شجرة الزَّقُّوم؛ يقول: أَذلك خير في باب
الأَنْزال التي يُتَقَوَّت بها وتمكِن معها الإِقامة أَم نُزُل أَهلِ النار؟
قال: ومعنى أَقمت لهم نُزُلهم أَي أَقمت لهم غِذاءَهم وما يصلُح معه أَن
ينزلوا عليه. الجوهري: والنُّزْل ما يهيَّأُ للنَّزِيل، والجمع
الأَنْزال. وفي الحديث: اللهم إِني أَسأَلك نُزْلَ الشهداء؛ النُّزْل في الأَصل:
قِرَى الضيف وتُضَمّ زايُه، يريد ما للشهداء عند الله من الأَجر والثواب؛
ومنه حديث الدعاء للميت: وأَكرم نُزُله.
والمُنْزَلُ: الإِنْزال، تقول: أَنْزِلْني مُنْزَلاً مُباركاً.
ونَزَّل القومَ: أَنْزَلهم المَنازل. وتَزَّل فلان عِيرَه: قَدَّر لها
المَنازل. وقوم نُزُل: نازِلون.
والمَنْزِل والمَنْزِلة: موضع النُّزول. قال ابن سيده: وحكى اللحياني
مَنْزِلُنا بموضع كذا، قال: أُراه يعني موضع نُزولنا؛ قال: ولست منه على
ثقة؛ وقوله:
دَرَسَ المَنَا بِمُتالِعٍ فأَبَانِ
إِنما أَراد المَنازل فحذف؛ وكذلك قول الأَخطل:
أَمستْ مَناها بأَرض ما يبلِّغُها،
بصاحب الهمِّ، إِلا الجَسْرةُ الأُجُدُ
أَراد: أَمستْ مَنازلها فحذف، قال: ويجوز أَن يكون أَراد بمناها قصدَها،
فإِذا كان كذلك فلا حذف. الجوهري: والمَنْزِل المَنْهَل، والدارُ
والمنزِلة مثله؛ قال ذو الرمة:
أَمَنْزِلَتَيْ مَيٍّ، سلامٌ عليكما
هلِ الأَزْمُنُ اللاَّئي مَضَيْنَ رَواجِعُ؟
والمنزِلة: الرُّتبة، لا تجمَع. واستُنْزِل فلان أَي حُطَّ عن مرتبته.
والمَنْزِل: الدرجة. قال سيبويه: وقالوا هو مني منزِلة الشَّغَاف أَي هو
بتلك المنزِلة، وكلنه حذف كما قالوا دخلت البيت وذهبت الشامَ لأَنه بمنزلة
المكان وإِن لم يكن مكاناً، يعني بمنزلة الشَّغَاف، وهذا من الظروف
المختصة التي أُجريت مُجرى غير المختصَّة. وفي حديث ميراث الجدِّ: أَن أَبا
بكر أَنزله أَباً أَي جعل الجدَّ في منزلة الأَب وأَعطاه نصيبَه من
الميراث.
والنُّزَالة: ما يُنْزِل الفحلُ من الماء، وخص الجوهري فقال: النُّزالة،
بالضم، ماءُ الرجل. وقد أَنزل الرجلُ ماءه إِذا جامع، والمرأَة تستنزِل
ذلك. والنَّزْلة: المرة الواحدة من النُّزول.
والنازِلة: الشديدة تنزِل بالقوم، وجمعها النَّوازِل. المحكم: والنازِلة
الشدَّة من شدائد الدهر تنزل بالناس، نسأَل الله العافية. التهذيب: يقال
تنزَّلَت الرحمة. المحكم: نزَلَتْ عليهم الرحمة ونزَل عليهم العذاب
كِلاهما على المثل. ونزَل به الأَمر: حلَّ؛ وقوله أَنشده ثعلب:
أَعْزْرْ عليَّ بأَن تكون عَلِيلا
أَو أَن يكون بك السَّقام نَزيلا
جعله كالنَّزِيل من الناس أَي وأَن يكون بك السَّقام نازِلاً. ونزَل
القومُ: أَتَوْا مِنَى؛ قال ابن أَحمر:
وافَيْتُ لمَّا أَتاني أَنَّها نزلتْ،
إِنّ المَنازلَ مما تجمَع العَجَبَا
أَي أَتت مِنَى؛ وقال عامر بن الطفيل:
أَنازِلةٌ أَسماءُ أَم غيرُ نازِلَه؟
أَبيني لنا، يا أَسْمَ، ما أَنْت فاعِلَه
والنُّزْل: الرَّيْعُ والفَضْلُ، وكذلك النَّزَل. المحكم: النُّزْل
والنَّزَل، بالتحريك، رَيْعُ ما يُزرع أَي زَكاؤه وبركتُه، والجمع أَنْزال،
وقد نَزِل نَزَلاً. وطعامٌ نَزِل: ذو نَزَل، ونَزِيلٌ: مبارك؛ الأَخيرة عن
ابن الأَعرابي. وطعام قليل النُّزْل والنَّزَل، بالتحريك، أَي قليل
الرَّيْع، وكثير النُّزْل والنَّزَل، بالتحريك. وأَرض نَزْلة: زاكية الزَّرْع
والكَلإِ. وثوب نِزِيل: كامِلٌ. ورجل ذو نَزَلٍ: كثير الفَضْل والعطاءِ
والبركة؛ قال لبيد:
ولَنْ تَعْدَمُوا في الحرْب لَيْثاً مُجَرَّباً
وَذا نَزَلٍ، عندَ الرَّزِيَّةِ، باذِلا
والنَّزْلةُ: كالزُّكام؛ يقال: به نَزْلة، وقد نُزِلَ
(* قوله «وقد نزل»
هكذا ضبط بالقلم في الأصل والصحاح، وفي القاموس: وقد نزل كعلم) وقوله
عز وجل: ولقد رآه نَزْلةً أُخرى؛ قالوا: مرَّة أُخرى.
والنَّزِلُ: المكان الصُّلب السريعُ السَّيْل. وأَرض نَزِلة: تَسيلُ من
أَدنى مطر. ومكان نَزِل: سريعُ السيل. أَبو حنيفة: وادٍ نَزِلٌ يُسِيله
القليل الهيِّن من الماء. والنَّزَل: المطرُ. ومكان نَزل: صُلب شديدٌ.
وقال أَبو عمرو: مكان نَزْل واسعٌ بعيدٌ؛ وأَنشد:
وإِنْ هَدَى منها انتِقالُ النَّقْلِ،
في مَتْنِ ضَحَّاكِ الثَّنايا نَزْلِ
وقال ابن الأَعرابي: مكان نَزِل إِذا كان مَجالاً مَرْتاً، وقيل:
النَّزِل من الأَودية الضيِّق منها. الجوهري: أَرض نَزِلة ومكان نَزِلٌ بيِّن
النَّزالة إِذا كانت تَسِيل من أَدنى مطر لصَلابتها، وقد نَزِل، بالكسر.
وحَظٌّ نَزِل أَي مجتَمِع.
ووجدت القوم على نَزِلاتهم أَي مَنازلهم. وتركت القوم على نَزَلاتهم
ونَزِلاتهم أَي على استقامة أَحوالهم مثل سَكِناتهم؛ زاد ابن سيده: لا يكون
إِلا في حسن الحال.
ومُنازِلُ بن فُرْعان
(* قوله «ومنازل بن فرعان» ضبط في الأصل بضم
الميم، وفي القاموس بفتحها، وعبارة شرحه: هو بفتح الميم كما يقتضيه اطلاقه
ومنهم من ضبطه بضمها اهـ. وفي الصاغاني: وسموا منازل ومنازلاً بفتح الميم
وضمها): من شعرائهم؛ وكان مُنازِل عقَّ أَباه فقال فيه:
جَزَتْ رَحِمٌ، بيني وبين مُنازِلٍ،
جَزاءً كما يَسْتَخْبِرُ الكَلْبَ طالِبُهْ
فعَقَّ مُنازلاً ابنُه خَلِيج فقال فيه:
تَظَلَّمَني مالي خَلِيجٌ، وعقَّني
على حين كانت كالحِنِيِّ عِظامي
ذيع: الذَّيْعُ: أَن يَشِيع الأَمرُ. يقال أَذَعْناه فذاع وأَذَعْت
الأَمر وأَذَعْتُ به وأَذَعْتُ السِّرَّ إِذاعة إِذا أَفْشيْته وأَظهرته.
وذاعَ الشيءُ والخبر يَذِيع ذَيْعاً وذيَعاناً وذُيوعاً وذَيْعوعةً: فَشا
وانتشَر. وأَذاعه وأَذاع به أَي أَفشاه. وأَذاعَ بالشيء: ذهَب به؛ ومنه بيت
الكتاب
(* قوله: بيت الكتاب؛ هكذا في الأصل، ولعله أراد كتاب سيبويه.):
رَبْع قِواء أَذاعَ المُعْصِراتُ به
أَي أَذْهَبته وطَمَسَتْ مَعالِمَه؛ ومنه قول الآخر:
نَوازِل أَعْوامٍ أَذاعَتْ بخَمْسةٍ،
وتَجْعَلُني، إِن لم يَقِ اللهُ، سادِيا
وفي التنزيل: وإِذا جاءهم أَمْر من الأَمْن أَو الخَوْف أَذاعوا به، قال
أَبو إِسحق: يعني بهذا جماعة من المنافقين وضَعَفةً من المسلمين، قال:
ومعنى أَذاعُوا به أَي أَظهروه ونادَوْا به في الناس؛ وأَنشد:
أَذاعَ به في الناسِ حتى كأَنه،
بعَلْياء، نارٌ أُوقِدتْ بثَقُوبِ
وكان النبي، صلى الله عليه وسلم، إِذا أُعلم أَنه ظاهرٌ على قوم أَمِنَ
منهم، أَو أُعلم بتَجَمُّع قوم يُخافُ من جَمْع مِثلهم، أَذاعَ المنافقون
ذلك ليَحْذَر من يبتغي أَن يَحْذر من الكفار وليَقْوى قلبُ من يبتغي أَن
يقْوى قلبُه على ما أَذاع، وكان ضَعَفةُ المسلمين يشِيعون ذلك معهم من
غير علم بالضرر في ذلك فقال الله عز وجل: ولو رَدُّوا ذلك إِلى أَن
يأْخذوه من قِبَلِ الرسول ومن قِبَلِ أُولي الأَمر منهم لعلم الذين أَذاعوا به
من المسلمين ما ينبغي أَن يُذاعَ أَو لا يذاع. ورجل مِذياعٌ: لا يستطيع
كَتْمَ خبَر. وأَذاع الناسُ والإِبلُ ما وبما في الحَوْضِ إِذاعةً إِذا
شربوا ما فيه. وأَذاعَتْ به الإِبل إِذاعة إِذا شربت. وتركْتُ مَتاعي في
مكان كذا وكذا فأَذاع الناسُ به إِذا ذهبوا به. وكلُّ ما ذُهب به، فقد
أُذِيعَ به. والمِذْياع: الذي لا يكتمُ السرّ، وقوم مَذايِيعُ. وفي حديث
عليّ، كرَّم الله وجهه، ووصْف الأَولياء: ليسوا بالمَذايِيع البُذُر، هو جمع
مِذْياع من أَذاعَ الشيءَ إِذا أَفْشاه، وقيل: أَراد الذين يُشِيعون
الفواحِش وهو بِناءُ مبالغة.
رتب: رَتَبَ الشيءُ يَرْتُبُ رتُوباً، وتَرَتَّبَ: ثبت فلم يتحرّك.
يقال: رَتَبَ رُتُوبَ الكَعْبِ أَي انْتَصَبَ انْتِصابَه؛ ورَتَّبَه تَرتِـيباً: أَثْبَتَه. وفي حديث لقمان بن عاد: رَتَبَ رُتُوبَ الكَعْبِ أَيْ انْتَصَب كما يَنْتَصِبُ الكَعْبُ إِذا رَمَيْتَه، وصفه بالشَّهامةِ وحِدَّةِ النَّفْس؛ ومنه حديث ابن الزبير، رضي اللّه عنهما: كان يُصَلّي في
المسجدِ
الحرام، وأَحجارُ الـمَنْجَنِـيقِ تَمُرُّ على أُذُنِه، وما يَلْتَفِتُ، كأَنه كَعْبٌ راتِبٌ.
وعَيْشٌ راتِبٌ: ثابِتٌ دائمٌ. وأَمْرٌ راتِبٌ أَي دارٌّ ثابِت. قال ابن
جني: يقال ما زِلْتُ على هذا راتِـباً وراتِـماً أَي مُقيماً؛ قال:
فالظاهر من أَمر هذه الميم، أَن تكون بدلاً من الباءِ، لأَنه لم يُسمع في هذا الموضع رَتَمَ، مثل رَتَب؛ قال: وتحتمل الميم عندي في هذا أَن تكون أَصلاً، غير بدل من الرَّتِـيمَة، وسيأْتي ذكرها.
والتُّرْتُبُ والتُّرْتَبُ كلُّه: الشيءُ الـمُقِـيم الثابِتُ.
والتُّرْتُبُ: الأَمْرُ الثابِتُ. وأَمْرٌ تُرْتَبٌ، على تُفْعَلٍ، بضم التاءِ
وفتح العين، أَي ثابت. قال زيادة ابن زيد العُذْرِيّ، وهو ابن أُخْت هُدْبةَ:
مَلَكْنا ولَمْ نُمْلَكْ، وقُدْنا ولَمْ نُقَدْ، * وكان لنَا حَقّاً، على الناسِ، تُرْتَبا
وفي كان ضمير، أَي وكان ذلك فينا حَقّاً راتِـباً؛ وهذا البيت مذكور في أَكثر الكتب:
وكان لنا فَضْلٌ(1) على الناسِ تُرْتَبا
(1 قوله «وكان لنا فضل» هو هكذا في الصحاح وقال الصاغاني والصواب في الاعراب فضلاً.)
أَي جميعاً، وتاءُ تُرْتَبٍ الأُولى زائدة، لأَنه ليس في الأُصول مثل جُعْفَرٍ، والاشتقاقُ يَشهد به لأَنه من الشيءِ الرَّاتِب.
والتُّرْتَبُ: العَبْدُ يَتوارَثُه ثلاثةٌ، لثَباتِه في الرِّقِّ، وإِقامَتِه فيه. والتُّرْتَبُ: التُّرابُ(2)
(2 قوله «والترتب التراب» في التكملة هو بضم التاءَين كالعبد السوء ثم قال فيها والترتب الأبد والترتب بمعنى الجميع بفتح التاء الثانية فيهما.) لثَباتِه، وطُولِ بَقائه؛ هاتانِ الأَخيرتان عن ثعلب.
والتُّرْتُبُ، بضم التاءَين: العبد السوء.
ورَتَبَ الرجلُ يَرْتُبُ رَتْباً: انْتَصَبَ. ورَتَبَ الكَعْبُ رُتُوباً: انْتَصَبَ وثَبَتَ.
وأَرْتَبَ الغُلامُ الكَعْبَ إِرتاباً: أَثْبَتَه. التهذيب، عن ابن الأَعرابي: أَرْتَبَ الرجلُ إِذا سأَل بعدَ غِنًى، وأَرْتَبَ الرجلُ إِذا انْتَصَبَ قائماً، فهو راتِبٌ؛ وأَنشد:
وإِذا يَهُبُّ من الـمَنامِ، رأَيتَه * كرُتُوبِ كَعْبِ الساقِ، ليسَ بزُمَّلِ
وصَفَه بالشَّهامةِ وحِدَّةِ النفسِ؛ يقول: هو أَبداً مُسْتَيْقِظٌ مُنْتَصِبٌ.
والرَّتَبَةُ: الواحدة من رَتَباتِ الدَّرَجِ.
والرُّتْبةُ والـمَرْتَبةُ: الـمَنْزِلةُ عند الـمُلوكِ ونحوها. وفي الحديث: مَن ماتَ على مَرْتَبةٍ من هذه الـمَراتِبِ، بُعِثَ عليها؛ الـمَرْتَبةُ: الـمَنْزِلةُ الرَّفِـيعةُ؛ أَراد بها الغَزْوَ والحجَّ، ونحوهما من العبادات الشاقة، وهي مَفْعلة مِن رتَبَ إِذا انْتَصَبَ قائماً، والـمَراتِبُ جَمْعُها. قال الأَصمعي: والـمَرْتبةُ الـمَرْقَبةُ وهي أَعْلَى الجَبَل. وقال الخليل: الـمَراتِبُ في الجَبل والصَّحارِي: هي الأَعْلامُ
التي تُرَتَّبُ فيها العُيُونُ والرُّقَباءُ.
والرَّتَبُ: الصُّخُورُ الـمُتقارِبةُ، وبعضُها أَرفعُ من بعض، واحدتها
رَتَبةٌ، وحكيت عن يعقوب، بضم الراءِ وفتح التاءِ.
وفي حديث حذيفة، قال يومَ الدَّارِ: أَما انه سيكُونُ لها وقَفَاتٌ
ومَراتِبُ، فمن ماتَ في وقَفاتِها خيرٌ مـمَّن ماتَ في مَراتِـبها؛
الـمَراتِبُ: مَضايِقُ الأَوْدية في حُزُونةٍ.
والرَّتَبُ: ما أَشرفَ من الأَرضِ، كالبَرْزَخِ؛
يقال: رَتَبةٌ ورَتَبٌ، كقولك دَرَجةٌ ودَرَجٌ. والرَّتَبُ: عَتَبُ الدَّرَجِ. والرَّتَب: الشدّةُ. قال ذو الرمة، يصف الثور الوحشي:
تَقَيَّظَ الرَّمْلَ، حتى هَزَّ خِلْفَتَه * ترَوُّحُ البَرْدِ، ما في عَيْشِه رَتَبُ
أَي تَقَيَّظ هذا الثورُ الرَّمْل، حتى هَزَّ خِلْفَتَه، وهو النباتُ الذي يكون في أَدبارِ القَيْظِ؛ وقوله ما في عَيْشِه رَتَب أَي هو في
لِـينٍ من العيشِ.
والرَّتْباءُ: الناقةُ الـمُنْتَصِبةُ في سَيْرِها. والرَّتَبُ: غِلَظُ العَيْشِ وشِدَّتُه؛ وما في عَيْشِه رَتَبٌ ولا عَتَبٌ أَي ليس فيه غِلَظٌ ولا شِدّةٌ أَي هو أَمْلَسُ. وما في هذا الأَمر رَتَبٌ ولا عَتَبٌ أَي عَناءٌ وشِدّةٌ، وفي التهذيب: أَي هو سَهْلٌ مُستقِـيمٌ. قال أَبو منصور:
هو بمعنى النَّصَب والتَّعَب؛ وكذلك الـمَرْتبةُ، وكلُّ مَقامٍ شديدٍ
مَرْتَبةٌ؛ قال الشماخ:
ومَرْتبة لا يُسْتَقالُ بها الرَّدَى، * تلاقى بها حِلْمِـي، عن الجَهْلِ، حاجز
والرَّتَبُ: الفَوْتُ بين الخِنْصِرِ والبِنْصِر، وكذلك بين البِنْصِر
والوُسْطَى؛ وقيل: ما بين السَّبَّابة والوُسْطَى، وقد تسكن.
عيش: العَيْشُ: الحياةُ، عاشَ يَعِيش عَيْشاً وعِيشَةً ومَعِيشاً
ومَعاشاً وعَيْشُوشةً. قال الجوهري: كلُّ واحد من قوله مَعاشاً ومَعِيشاً
يصْلُح أَن يكون مصدراً وأَن يكون اسماً مثل مَعابٍ ومَعِيبٍ ومَمالٍ
ومَمِيلٍ، وأَعاشَه اللَّه عِيشةً راضيةً. قال أَبو دواد: وسأَله أَبوه ما الذي
أَعاشَك بَعْدِي؟ فأَجابه:
أَعاشَني بَعْدَك وادٍ مُبْقِلُ،
آكُلُ من حَوْذانِه وأَنْسِلُ
وعايَشَه: عاشَ مَعه كقوله عاشَره؛ قال قَعْنب بن أُمّ صاحب:
وقد عَلِمْتُ على أَنِّي أُعايِشُهُمْ،
لا نَبْرَحُ الدهرَ إِلا بَيْنَنا إِحَنُ
والعِيشةُ: ضربٌ من العَيْش. يقال: عاشَ عِيشةَ صِدْق وعِيشةَ سَوءِ.
والمَعاشُ والمَعِيشُ والمَعِيشةُ: ما يُعاشُ به، وجمع المَعِيشة
مَعايِشُ على القياس، ومَعائِشُ على غير قياس، وقد قُرِئَ بهما قوله تعالى:
وجَعَلْنا لكم فيها مَعايِشَ؛ وأَكثر القراء على ترك الهمز في معايش إِلا
ما روي عن نافع فإِنه همَزها، وجميع النحويين البصريين يزْعُمون أَن
همزَها خطأٌ، وذكروا أَن الهمزة إِنما تكون في هذه الياء إِذا كانت زائدة مثل
صَحِيفة وصحائف، فأَما مَعايشُ فمن العَيْش الياءُ أَصْليّةُ. قال
الجوهري: جمعُ المَعِيشة مَعايشُ بلا همز إِذا جمعتها على الأَصل، وأَصلها
مَعْيِشةٌ، وتقديرها مُفْعِلة، والياءُ أَصلها متحركة فلا تنقلب في الجمع
همزةً، وكذلك مَكايِلُ ومَبايِعُ ونحوُها، وإِن جمعتها على الفَرْع همزتَ
وشبّهتَ مَفْعِلة بفَعِيلة كما همزت المَصائب لأَن الياء ساكنة؛ قال
الأَزهري في تفسير هذه الآية: ويحتمل أَن يكون مَعايش ما يَعِيشون به، ويحتمل
أَن يكون الوُصْلةَ إِلى ما يَعِيشون به، وأُسنِد هذا القول إِلى أَبي
إِسحق، وقال المؤرّج: هي المَعِيشة. قال: والمَعُوشةُ لغة الأَزد؛ وأَنشد
لحاجر بن الجَعْد
(* قوله «لحاجر بن الجعد» كذا بالأصل، وفي شرح القاموس:
لحاجز ابن الجعيد.):
من الخِفِرات لا يُتْمٌ غَذاها،
ولا كَدُّ المَعُوشةِ والعِلاج
قال أَكثر المفسرين في قوله تعالى: فإِنَّ له مَعِيشةً ضَنْكاً، إِن
المَعِيشةَ الضَّنْكَ عذابُ القبر، وقيل: إِن هذه المعيشةَ الضنْك في نار
جهنم، والضَّنْكُ في اللغة الضِّيقُ والشدّة. والأَرض مَعاشُ الخلق،
والمَعاشُ مَظِنَّةُ المعيشة. وفي التنزيل: وجعَلْنا النهار مَعاشاً؛ أَي
مُلْتَمَساً للعَيْشِ. والتعَيُّشُ: تكلُّف أَسباب المَعِيشة. والمُتَعَيِّشُ:
ذو البُلْغة من العَيْشِ. يقال: إِنهم ليَتَعَيّشُون إِذا كانت لهم
بُلْغةٌ من العَيْش. ويقال: عَيْش بني فلان اللبَنُ إِذا كانوا يَعِيشون به،
وعيش آل فلان الخُبز والحَبّ، وعَيْشُهم التمْرُ، وربما سمَّوا الخبز
عَيْشاً. والعائشُ: ذو الحالة الحسَنة. والعَيْش: الطعام؛ يمانية. والعَيْش:
المَطْعم والمَشْرب وما تكون به الحياة. وفي مثل: أَنْتَ مرَّةً عَيْشٌ
ومرَّةً جَيْشٌ أَي تَنْفع مرّةً وتضُرّ أُخْرى، وقال أَبو عبيد: معناه
أَنت مرةً في عَيْشٍ رَخِيٍّ ومرّةً في جَيشٍ غَزِيٍّ. وقال ابن الأَعرابي
لرجل: كيف فلان؟ قال: عَيْشٌ وجَيْشٌ أَي مرة معي ومرّة عليَّ.
وعائشةُ: اسمُ امرأَة. وبَنُو عائشةً: قبيلة من تيم اللات، وعائشة
مهموزة ولا تقل عَيْشة. قال ابن السكيت: تقول هي عائشة ولا تقل العَيْشة،
وتقول هي رَيْطة ولا تقل رائطة، وتقول هو من بني عيِّذ اللَّه ولا تقل عائذ
اللَّه. وقال الليث: فلان العائَشِيّ ولا تقل العَيْشي منسوب إِلى بني
عائشة؛ وأَنشد:
عَبْدَ بني عائشةَ الهُلابِعَا
وعَيَّاشٌ ومُعَيَّشٌ: اسمان.
روح: الرِّيحُ: نَسِيم الهواء، وكذلك نَسيم كل شيء، وهي مؤنثة؛ وفي
التنزيل: كَمَثَلِ رِيحٍ فيها صِرٌّ أَصابت حَرْثَ قوم؛ هو عند سيبويه
فَعْلٌ، وهو عند أَبي الحسن فِعْلٌ وفُعْلٌ.
والرِّيحةُ: طائفة من الرِّيح؛ عن سيبويه، قال: وقد يجوز أَن يدل الواحد
على ما يدل عليه الجمع، وحكى بعضهم: رِيحٌ ورِيحَة مع كوكب وكَوكَبَةٍ
وأَشعَر أَنهما لغتان، وجمع الرِّيح أَرواح، وأَراوِيحُ جمع الجمع، وقد
حكيت أَرْياحٌ وأَرايِح، وكلاهما شاذ، وأَنكر أَبو حاتم على عُمارة بن عقيل
جمعَه الرِّيحَ على أَرْياح، قال فقلت له فيه: إِنما هو أَرْواح، فقال:
قد قال الله تبارك وتعالى: وأَرسلنا الرِّياحَ؛ وإِنما الأَرْواحُ جمعُ
رُوح، قال: فعلمت بذلك أَنه ليس ممن يؤْخذ عنه. التهذيب: الرِّيح ياؤُها
واو صُيِّرت ياء لانكسار ما قبلها، وتصغيرها رُوَيْحة، وجمعها رِياحٌ
وأَرْواحٌ. قال الجوهري: الرِّيحُ واحدة الرِّياح، وقد تجمع على أَرْواح لأَن
أَصلها الواو وإِنما جاءَت بالياء لانكسار ما قبلها، وإِذا رجعوا إِلى
الفتح عادت إِلى الواو كقولك: أَرْوَحَ الماءُ وتَرَوَّحْتُ بالمِرْوَحة؛
ويقال: رِيحٌ ورِيحَة كما قالوا: دارٌ ودارَةٌ. وفي الحديث: هَبَّتْ
أَرواحُ النَّصْر؛ الأَرْواحُ جمع رِيح. ويقال: الرِّيحُ لآِل فلان أَي
النَّصْر والدَّوْلة؛ وكان لفلان رِيحٌ. وفي الحديث: كان يقول إِذا هاجت
الرِّيح: اللهم اجعلها رِياحاً ولا تجعلها ريحاً؛ العرب تقول: لا تَلْقَحُ
السحابُ إِلاَّ من رياح مختلفة؛ يريج: اجْعَلْها لَقاحاً للسحاب ولا تجعلها
عذاباً، ويحقق ذلك مجيءُ الجمع في آيات الرَّحمة، والواحد في قِصَصِ
العذاب: كالرِّيح العَقِيم؛ ورِيحاً صَرْصَراً. وفي الحديث: الرِّيحُ من
رَوْحِ الله أَي من رحمته بعباده.
ويومٌ راحٌ: شديد الرِّيح؛ يجوز أَن يكون فاعلاً ذهبت عينه، وأَن يكون
فَعْلاً؛ وليلة راحةٌ. وقد راحَ يَراحُ رَيْحاً إِذا اشتدّت رِيحُه. وفي
الحديث: أَن رجلاً حضره الموت، فقال لأَِولاده: أَحْرِقوني ثم انظروا
يوماً راحاً فأَذْرُوني فيه؛ يومٌ راحٌ أَي ذو رِيح كقولهم: رجلٌ مالٌ.
ورِيحَ الغَدِيرُ وغيرُه، على ما لم يُسَمَّ فاعله: أَصابته الرِّيحُ،
فهو مَرُوحٌ؛ قال مَنْظُور بنُ مَرْثَدٍ الأَسَدِيُّ يصف رَماداً:
هل تَعْرِفُ الدارَ بأَعْلى ذي القُورْ؟
قد دَرَسَتْ غيرَ رَمادٍ مَكْفُورْ
مُكْتَئِبِ اللَّوْنِ مَرُوحٍ مَمْطُورْ
القُور: جُبَيْلات صغار، واحدها قارَة. والمكفور: الذي سَفَتْ عليه
الريحُ الترابَ، ومَرِيح أَيضاً؛ وقال يصف الدمع:
كأَنه غُصْنٌ مَرِيح مَمْطُورْ
مثل مَشُوب ومَشِيب بُنِيَ على شِيبَ.
وغُصْنٌ مَرِيحٌ ومَرُوحٌ: أَصابته الريح؛ وكذلك مكان مَريح ومَرُوحٌ،
وشجرة مَرُوحة ومَريحة: صَفَقَتْها الريحُ فأَلقت ورقها.
وراحَتِ الريحُ الشيءَ: أَصابته؛ قال أَبو ذؤيب يصف ثوراً:
ويَعُوذ بالأَرْطَى، إِذا ما شَفَّهُ
قَطْرٌ، وراحَتْهُ بَلِيلٌ زَعْزَعُ
وراحَ الشجرُ: وجَدَ الريحَ وأَحَسَّها؛ حكاه أَبو حنيفة؛ وأَنشد:
تَعُوجُ، إِذا ما أَقْبَلَتْ نَحْوَ مَلْعَبٍ،
كما انْعاجَ غُصْنُ البانِ راحَ الجَنائبا
ويقال: رِيحَتِ الشجرةُ، فهي مَرُوحة. وشجرة مَرُوحة إِذا هبَّت بها
الريح؛ مَرُوحة كانت في الأَصل مَرْيوحة. ورِيحَ القومُ وأَراحُوا: دخلوا في
الريح، وقيل: أَراحُوا دخلوا في الريح، ورِيحُوا: أَصابتهم الريحُ
فجاحَتْهم.
والمَرْوَحة، بالفتح: المَفازة، وهي الموضع الذي تَخْترقُه الريح؛ قال:
كأَنَّ راكبها غُصْنٌ بمَرْوَحةٍ،
إِذا تَدَلَّتْ به، أَو شارِبٌ ثَمِلْ
والجمع المَراوِيح؛ قال ابن بري: البيت لعمر بن الخطاب، رضي الله عنه،
وقيل: إِنه تمثل به، وهو لغيره قاله وقد ركب راحلته في بعض المفاوز
فأَسرعت؛ يقول: كأَنَّ راكب هذه الناقة لسرعتها غصن بموضع تَخْتَرِقُ فيه
الريح، كالغصن لا يزال يتمايل يميناً وشمالاً، فشبّه راكبها بغصن هذه حاله أَو
شارِبٍ ثَمِلٍ يتمايلُ من شدّة سكره، وقوله إِذا تدلت به أَي إِذا هبطت
به من نَشْزٍ إِلى مطمئن، ويقال إِن هذا البيت قديم.
وراحَ رِيحَ الروضة يَراحُها، وأَراح يُريحُ إِذا وجد ريحها؛ وقال
الهُذَليُّ:
وماءٍ ورَدْتُ على زَوْرَةٍ،
كمَشْيِ السَّبَنْتَى يَراحُ الشَّفِيفا
الجوهري: راحَ الشيءَ يَراحُه ويَرِيحُه إِذا وجَدَ رِيحَه، وأَنشد
البيت «وماءٍ ورَدتُ» قال ابن بري: هو لصَخرْ الغَيّ، والزَّوْرةُ ههنا:
البعد؛ وقيل: انحراف عن الطريق. والشفيف: لذع البرد. والسَّبَنْتَى:
النَّمِرُ.
والمِرْوَحَةُ، بكسر الميم: التي يُتَرَوَّحُ بها، كسرة لأَنها آلة؛
وقال اللحياني: هي المِرْوَحُ، والجمع المَرَاوِحُ؛ وفي الحديث: فقد رأَيتهم
يَتَرَوَّحُون في الضُّحَى أَي احتاجوا إِلى التَّرْويحِ من الحَرِّ
بالمِرْوَحة، أَو يكون من الرواح: العَودِ إِلى بيوتهم، أَو من طَلَب
الراحة.والمِرْوَحُ والمِرْواحُ: الذي يُذَرَّى به الطعامُ في الريح.
ويقال: فلان بِمَرْوَحةٍ أَي بمَمَرِّ الريحِ.
وقالوا: فلان يَميلُ مع كل ريح، على المثل؛ وفي حديث عليّ: ورَعاعُ
الهَمَج يَميلون على كلِّ ريح. واسْتَرْوح الغصنُ: اهتزَّ بالريح.
ويومٌ رَيِّحٌ ورَوْحٌ ورَيُوحُ: طَيِّبُ الريح؛ ومكانٌ رَيِّحٌ أَيضاً،
وعَشَيَّةٌ رَيِّحةٌ ورَوْحَةٌ، كذلك. الليث: يوم رَيِّحٌ ويوم راحٌ: ذو
ريح شديدة، قال: وهو كقولك كَبْشٌ صافٍ، والأَصل يوم رائح وكبش صائف،
فقلبوا، وكما خففوا الحائِجةَ، فقالوا حاجة؛ ويقال: قالوا صافٌ وراحٌ على
صَوِفٍ ورَوِحٍ، فلما خففوا استنامت الفتحة قبلها فصارت أَلفاً. ويومٌ
رَيِّحٌ: طَيِّبٌ، وليلة رَيِّحة. ويوم راحٌ إِذا اشتدَّت ريحه. وقد راحَ،
وهو يرُوحُ رُؤُوحاً وبعضهم يَراحُ، فإِذا كان اليوم رَيِّحاً طَيِّباً،
قيل: يومٌ رَيِّحٌ وليلة رَيِّحة، وقد راحَ، وهو يَرُوحُ رَوْحاً.
والرَّوْحُ: بَرْدُ نَسِيم الريح؛ وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: كان
الناسُ يسكنون العالية فيحضُرون الجمعةَ وبهم وَسَخٌ، فإِذا أَصابهم
الرَّوْحُ سطعت أَرواحهم فيتأَذى به الناسُ، فأُمروا بالغسل؛ الرَّوْح،
بالفتح: نسيم الريح، كانوا إِذا مَرَّ عليهم النسيمُ تَكَيَّفَ بأَرْواحِهم،
وحَمَلها إِلى الناس. وقد يكون الريح بمعنى الغَلَبة والقوة؛ قال تَأَبَط
شرًّا، وقيل سُلَيْكُ بنُ سُلَكَةَ:
أَتَنْظُرانِ قليلاً رَيْثَ غَفْلَتِهمْ،
أَو تَعْدُوانِ، فإِنَّ الرِّيحَ للعادِي
ومنه قوله تعالى: وتَذْهَبَ رِيحُكُم؛ قال ابن بري: وقيل الشعر لأَعْشى
فَهْمٍ، من قصيدة أَولها:
يا دارُ بينَ غُباراتٍ وأَكْبادِ،
أَقْوَتْ ومَرَّ عليها عهدُ آبادِ
جَرَّتْ عليها رياحُ الصيفِ أَذْيُلَها،
وصَوَّبَ المُزْنُ فيها بعدَ إِصعادِ
وأَرَاحَ الشيءَ إِذا وجَد رِيحَه. والرائحةُ: النسيم طيِّباً كان أَو
نَتْناً. والرائحة: ريحٌ طيبة تجدها في النسيم؛ تقول لهذه البقلة رائحة
طيبة. ووَجَدْتُ رِيحَ الشيء ورائحته، بمعنًى.
ورِحْتُ رائحة طيبة أَو خبيثة أَراحُها وأَرِيحُها وأَرَحْتُها
وأَرْوَحْتُها: وجدتها. وفي الحديث: من أَعانَ على مؤمن أَو قتل مؤمناً لم يُرِحْ
رائحةَ الجنة، من أَرَحْتُ، ولم يَرَحْ رائحة الجنة من رِحْتُ أَراحُ؛
ولم يَرِحْ تجعله من راحَ الشيءَ يَرِيحُه. وفي حديث النبي، صلى الله عليه
وسلم: من قتل نفساً مُعاهدةً لم يَرِحْ رائحةَ الجنة أَي لم يَشُمَّ
ريحها؛ قال أَبو عمرو: هو من رِحْتُ الشيءَ أَرِيحه إِذا وجَدْتَ ريحه؛ وقال
الكسائي: إِنما هو لم يُرِحْ رائحة الجنة، مِن أَرَحْتُ الشيء فأَنا
أُرِيحَه إِذا وجدت ريحه، والمعنى واحد؛ وقال الأَصمعي: لا أَدري هو مِن
رِحْتُ أَو من أَرَحْتُ؛ وقال اللحياني: أَرْوَحَ السبُعُ الريحَ وأَراحها
واسْتَرْوَحَها واستراحها: وَجَدَها؛ قال: وبعضهم يقول راحَها بغير أَلف،
وهي قليلة. واسْتَرْوَحَ الفحلُ واستراح: وجد ريح الأُنثى. وراحَ الفرسُ
يَراحُ راحةً إِذا تَحَصَّنَ أَي صار فحلاً؛ أَبو زيد: راحت الإِبلُ
تَراحُ رائحةً؛ وأَرَحْتُها أَنا. قال الأَزهري: قوله تَرَاحُ رائحةً مصدر
على فاعلة؛ قال: وكذلك سمعته من العرب، ويقولون: سمعتُ راغِيةَ الإِبل
وثاغِيةَ الشاء أَي رُغاءَها وثُغاءَها. والدُّهْنُ المُرَوَّحُ:
المُطَيَّبُ؛ ودُهْن مُطَيَّب مُرَوَّحُ الرائحةِ، ورَوِّحْ دُهْنَكَ بشيء تجعل فيه
طيباً؛ وذَرِيرَةٌ مُرَوَّحة: مُطَيَّبة، كذلك؛ وفي الحديث: أَنه أَمرَ
بالإِثْمِد المُرَوَّحِ عند النوم؛ وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه
وسلم، نَهَى أَن يَكْتَحِلَ المُحْرِمُ بالإِثْمِدِ المُرَوَّح؛ قال أَبو
عبيد: المُرَوَّحُ المُطَيَّبُ بالمسك كأَنه جُعل له رائحةٌ تَفُوحُ بعد
أَن لم تكن له رائحة، وقال: مُرَوَّحٌ، بالواو، لأَن الياءَ في الريح
واو، ومنه قيل: تَرَوَّحْتُ بالمِرْوَحة.
وأَرْوَحَ اللحمُ: تغيرت رائحته، وكذلك الماءُ؛ وقال اللحياني وغيره:
أَخذتْ فيه الريح وتَغَيَّر. وفي حديث قَتَادةَ: سُئِل عن الماء الذي قد
أَروَحَ، أَيُتَوَضَّأُ منه؟ فقال: لا بأْس. يقال: أَرْوَحَ الماءُ وأَراحَ
إِذا تغيرت ريحه؛ وأَراح اللحمُ أَي أَنْتَنَ. وأَرْوَحَنِي الضَّبُّ:
وجد ريحي؛ وكذلك أَرْوَحَني الرجلُ. ويقال: أَراحَني الصيدُ إِذا وجَدَ
رِيحَ الإِنْسِيِّ. وفي التهذيب: أَرْوَحَنِي الصيدُ إِذا وجد ريحَك؛ وفيه:
وأَرْوَحَ الصيدُ واسْتَرْوَحَ واستراح إِذا وجد ريح الإِنسان؛ قال أَبو
زيد: أَرْوَحَنِي الصيجُ والضبُّ إِرْواحاً، وأَنْشاني إِنشاءً إِذا وجد
ريحَك ونَشْوَتَك، وكذلك أَرْوَحْتُ من فلان طِيباً، وأَنْشَيْتُ منه
نَشْوَةً.
والاسْتِرْواحُ: التَّشَمُّمُ.
الأَزهري: قال أَبو زيد سمعت رجلاً من قَيْس وآخر من تميم يقولان:
قَعَدْنا في الظل نلتمس الراحةَ؛ والرَّوِيحةُ والراحة بمعنى واحد. وراحَ
يَرَاحُ رَوْحاً: بَرَدَ وطابَ؛ وقيل: يومٌ رائحٌ وليلة رائحةٌ طيبةُ الريح؛
يقال: رَاحَ يومُنا يَرَاحُ رَوْحاً إِذا طابَت رِيحهُ؛ ويوم رَيِّحٌ؛
قال جرير:
محا طَلَلاً، بين المُنِيفَةِ والنِّقا،
صَباً راحةٌ، أَو ذو حَبِيَّيْنِ رائحُ
وقال الفراء: مكانٌ راحٌ ويومٌ راحٌ؛ يقال: افتح البابَ حتى يَراحَ
البيتُ أَي حتى يدخله الريح؛ وقال:
كأَنَّ عَيْنِي، والفِراقُ مَحْذورْ،
غُصْنٌ من الطَّرْفاءِ، راحٌ مَمْطُورْ
والرَّيْحانُ: كلُّ بَقْل طَيِّب الريح، واحدته رَيْحانة؛ وقال:
بِرَيْحانةٍ من بَطْنِ حَلْيَةَ نَوَّرَتْ،
لها أَرَجٌ، ما حَوْلها، غيرُ مُسْنِتِ
والجمع رَياحين. وقيل: الرَّيْحانُ أَطراف كل بقلة طيبة الريح إِذا خرج
عليها أَوائلُ النَّوْر؛ وفي الحديث: إِذا أُعْطِيَ أَحدُكم الرَّيْحانَ
فلا يَرُدَّه؛ هو كل نبت طيب الريح من أَنواع المَشْمُوم. والرَّيْحانة:
الطَّاقةُ من الرَّيحان؛ الأَزهري: الريحان اسم جامع للرياحين الطيبة
الريح، والطاقةُ الواحدةُ: رَيْحانةٌ. أَبو عبيد: إِذا طال النبتُ قيل: قد
تَرَوَّحتِ البُقُول، فهي مُتَرَوِّحةٌ. والريحانة: اسم للحَنْوَة
كالعَلَمِ. والرَّيْحانُ: الرِّزْقُ، على التشبيه بما تقدم.
وقوله تعالى: فَرَوْحٌ ورَيْحان أَي رحمة ورزق؛ وقال الزجاج: معناه
فاستراحة وبَرْدٌ، هذا تفسير الرَّوْح دون الريحان؛ وقال الأَزهري في موضع
آخر: قوله فروح وريحان، معناه فاستراحة وبرد وريحان ورزق؛ قال: وجائز أَن
يكون رَيحانٌ هنا تحيَّة لأَهل الجنة، قال: وأَجمع النحويون أَن رَيْحاناً
في اللغة من ذوات الواو، والأَصل رَيْوَحانٌ
(* قوله «والأصل ريوحان» في
المصباح، أصله ريوحان، بياء ساكنة ثم واو مفتوحة، ثم قال وقال جماعة: هو
من بنات الياء وهو وزان شيطان، وليس تغيير بدليل جمعه على رياحين مثل
شيطان وشياطين.) فقلبت الواو ياء وأُدغمت فيها الياء الأُولى فصارت
الرَّيَّحان، ثم خفف كما قالوا: مَيِّتٌ ومَيْتٌ، ولا يجوز في الرَّيحان التشديد
إِلاَّ على بُعْدٍ لأَنه قد زيد فيه أَلف ونون فخُفِّف بحذف الياء وأُلزم
التخفيف؛ وقال ابن سيده: أَصل ذلك رَيْوَحان، قلبت الواو ياء لمجاورتها
الياء، ثم أُدغمت ثم خففت على حدّ مَيْتٍ، ولم يستعمل مشدَّداً لمكان
الزيادة كأَنَّ الزيادة عوض من التشديد فَعْلاناً على المعاقبة
(* قوله
«فعلاناً على المعاقبة إلخ» كذا بالأصل وفيه سقط ولعل التقدير وكون أصله
روحاناً لا يصح لان فعلاناً إلخ أَو نحو ذلك.) لا يجيء إِلا بعد استعمال
الأَصل ولم يسمع رَوْحان. التهذيب: وقوله تعالى: فروح وريحان؛ على قراءة من
ضم الراء، تفسيره: فحياة دائمة لا موت معها، ومن قال فَرَوْحٌ فمعناه:
فاستراحة، وأَما قوله: وأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ منه؛ فمعناه برحمة منه، قال:
كذلك قال المفسرون؛ قال: وقد يكون الرَّوْح بمعنى الرحمة؛ قال الله تعالى:
لا تَيْأَسُوا من رَوْح الله أَي من رحمة الله؛ سماها رَوْحاً لأَن
الرَّوْحَ والراحةَ بها؛ قال الأَزهري: وكذلك قوله في عيسى: ورُوحٌ منه أَي
رحمة منه، تعالى ذكره.
والعرب تقول: سبحان الله ورَيْحانَه؛ قال أَهل اللغة: معناه واسترزاقَه،
وهو عند سيبويه من الأَسماء الموضوعة موضع المصادر، تقول: خرجت أَبتغي
رَيْحانَ الله؛ قال النَّمِرُ بنُ تَوْلَب:
سلامُ الإِله ورَيْحانُه،
ورَحْمَتُه وسَماءٌ دِرَرْ
غَمَامٌ يُنَزِّلُ رِزْقَ العبادِ،
فأَحْيا البلادَ، وطابَ الشَّجَرْ
قال: ومعنى قوله وريحانه: ورزقه؛ قال الأَزهري: قاله أَبو عبيدة وغيره؛
قال: وقيل الرَّيْحان ههنا هو الرَّيْحانُ الذي يُشَمّ. قال الجوهري:
سبحان الله ورَيْحانَه نصبوهما على المصدر؛ يريدون تنزيهاً له واسترزاقاً.
وفي الحديث: الولد من رَيْحانِ الله. وفي الحديث: إِنكم لتُبَخِّلُون
(*
قوله «انكم لتبخلون إلخ» معناه أن الولد يوقع أباه في الجبن خوفاً من أن
يقتل، فيضيع ولده بعده، وفي البخل ابقاء على ماله، وفي الجهل شغلاً به عن
طلب العلم. والواو في وانكم للحال، كأنه قال: مع انكم من ريحان الله أي
من رزق الله تعالى. كذا بهامش النهاية.) وتُجَهِّلُون وتُجَبِّنُونَ
وإِنكم لمن رَيْحانِ الله؛ يعني الأَولادَ. والريحان يطلق على الرحمة والرزق
والراحة؛ وبالرزق سمي الولد رَيْحاناً.
وفي الحديث: قال لعليّ، رضي الله عنه: أُوصيك بِرَيْحانَتَيَّ خيراً قبل
أَن يَنهَدَّ رُكناك؛ فلما مات رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: هذا
أَحدُ الركنين، فلما ماتت فاطمة قال: هذا الركن الآخر؛ وأَراد بريحانتيه
الحسن والحسين، رضي الله تعالى عنهما. وقوله تعالى: والحَبُّ ذو
العَصْفِ والرَّيحانُ؛ قيل: هو الوَرَقُ؛ وقال الفراء: ذو الوَرَق والرِّزقُ،
وقال الفرّاء: العَصْفُ ساقُ الزرعِ والرَّيْحانُ ورَقهُ.
وراحَ منك معروفاً وأَرْوَحَ، قال: والرَّواحُ والراحةُ والمُرايَحةُ
والرَّوِيحَةُ والرَّواحة: وِجْدَانُك الفَرْجَة بعد الكُرْبَة.
والرَّوْحُ أَيضاً: السرور والفَرَحُ، واستعاره عليّ، رضي الله عنه،
لليقين فقال: فباشِرُوا رَوْحَ اليقين؛ قال ابن سيده: وعندي أَنه أَراد
الفَرْحة والسرور اللذين يَحْدُثان من اليقين. التهذيب عن الأَصمعي:
الرَّوْحُ الاستراحة من غم القلب؛ وقال أَبو عمرو: الرَّوْحُ الفَرَحُ،
والرَّوْحُ؛ بَرْدُ نسيم الريح. الأَصمعي: يقال فلان يَراحُ للمعروف إِذا أَخذته
أَرْيَحِيَّة وخِفَّة.
والرُّوحُ، بالضم، في كلام العرب: النَّفْخُ، سمي رُوحاً لأَنه رِيحٌ
يخرج من الرُّوحِ؛ ومنه قول ذي الرمة في نار اقْتَدَحَها وأَمر صاحبه
بالنفخ فيها، فقال:
فقلتُ له: ارْفَعْها إِليك، وأَحْيِها
برُوحكَ، واجْعَله لها قِيتَةً قَدْرا
أَي أَحيها بنفخك واجعله لها؛ الهاء للرُّوحِ، لأَنه مذكر في قوله:
واجعله، والهاء التي في لها للنار، لأَنها مؤنثة. الأَزهري عن ابن الأَعرابي
قال: يقال خرج رُوحُه، والرُّوحُ مذكر.
والأَرْيَحِيُّ: الرجل الواسع الخُلُق النشيط إِلى المعروف يَرْتاح لما
طلبت ويَراحُ قَلْبُه سروراً. والأَرْيَحِيُّ: الذي يَرْتاح للنَّدى.
وقال الليث: يقال لكل شيء واسع أَرْيَحُ؛ وأَنشد:
ومَحْمِل أَرْيَح جَحاحِي
قال: وبعضهم يقول ومحمل أَرْوَح، ولو كان كذلك لكان قد ذمَّه لأَن
الرَّوَحَ الانبطاح، وهو عيب في المَحْمِلِ. قال: والأَرْيَحِيُّ مأْخوذ من
راحَ يَرَاحُ، كما يقال للصَّلْتِ المُنْصَلِتِ: أَصْلَتِيٌّ،
وللمُجْتَنِبِ: أَجْنَبِيٌّ، والعرب تحمل كثيراً من النعت على أَفْعَلِيّ فيصر كأَنه
نسبة. قال الأَزهري: وكلام العرب تقول رجل أَجْنَبُ وجانِبٌ وجُنُبٌ، ولا
تكاد تقول أَجْنَبِيٌّ. ورجل أَرْيَحِيٌّ: مُهْتَزٌّ للنَّدى والمعروف
والعطية واسِعُ الخُلُق، والاسم الأَرْيَحِيَّة والتَّرَيُّح؛ عن
اللحياني؛ قال ابن سيده: وعندي أَن التَّرَيُّح مصدر تَريَّحَ، وسنذكره؛ وفي شعر
النابغة الجعدي يمدح ابن الزبير:
حَكَيْتَ لنا الصِّدِّيقَ لمّا وَلِيتَنا،
وعُثمانَ والفارُوقَ، فارْتاحَ مُعْدِمُ
أَي سَمَحَت نفسُ المُعْدِم وسَهُلَ عليه البَذل.
يقال: رِحْتُ المعروف أَراحُ رَيْحاً وارْتَحْتُ أَرْتاحُ ارْتِياحاً
إِذا مِلْتَ إِليه وأَحببته؛ ومنه قولهم: أَرْيَحِيٌّ إِذا كان سخيّاً
يَرْتاحُ للنَّدَى. وراحَ لذلك الأَمر يَراحُ رَواحاً ورُؤُوحاً، وراحاً
وراحةً وأَرْيَحِيَّةً ورِياحةً: أَشْرَق له وفَرِحَ به وأَخَذَتْه له
خِفَّةٌ وأَرْيَحِيَّةٌ؛ قال الشاعر:
إِنَّ البخيلَ إِذا سأَلْتَ بَهَرْتَه،
وتَرَى الكريمَ يَراحُ كالمُخْتالِ
وقد يُستعارُ للكلاب وغيرها؛ أَنشد اللحياني:
خُوصٌ تَراحُ إِلى الصِّياحِ إِذا غَدَتْ
فِعْلَ الضِّراءِ، تَراحُ للكَلاَّبِ
ويقال: أَخذته الأَرْيَحِيَّة إِذا ارتاح للنَّدَى. وراحتْ يَدُه بكذا
أَي خَفَّتْ له. وراحت يده بالسيف أَي خفت إِلى الضرب به؛ قال أُمَيَّةُ
بنُ أَبي عائذ الهذلي يصف صائداً:
تَراحُ يَداه بِمَحْشُورة،
خَواظِي القِداحِ، عِجافِ النِّصال
أَراد بالمحشورة نَبْلاَ، للُطْفِ قَدِّها لأَنه أَسرع لها في الرمي عن
القوس. والخواظي: الغلاظ القصار. وأَراد بقوله عجاف النصال: أَنها
أُرِقَّتْ. الليث: راحَ الإِنسانُ إِلى الشيء يَراحُ إِذا نَشِطَ وسُرَّ به،
وكذلك ارتاحَ؛ وأَنشد:
وزعمتَ أَنَّك لا تَراحُ إِلى النِّسا،
وسَمِعْتَ قِيلَ الكاشِحَ المُتَرَدِّدِ
والرِّياحَة: أَن يَراحَ الإِنسانُ إِلى الشيء فيَسْتَرْوِحَ ويَنْشَطَ
إِليه.والارتياح: النشاط. وارْتاحَ للأَمر: كراحَ؛ ونزلت به بَلِيَّةٌ
فارْتاحَ اللهُ له برَحْمَة فأَنقذه منها؛ قال رؤبة:
فارْتاحَ رَبي، وأَرادَ رَحْمَتي،
ونِعْمَةً أَتَمَّها فتَمَّتِ
أَراد: فارتاح نظر إِليَّ ورحمني. قال الأَزهري: قول رؤبة في فعل الخالق
قاله بأَعرابيته، قال: ونحن نَسْتَوْحِشُ من مثل هذا اللفظ لأَن الله
تعالى إِنما يوصف بما وصف به نفسه، ولولا أَن الله، تعالى ذكره، هدانا
بفضله لتمجيده وحمده بصفاته التي أَنزلها في كتابه، ما كنا لنهتدي لها أَو
نجترئ عليها؛ قال ابن سيده: فأَما الفارسي فجعل هذا البيت من جفاء
الأَعراب، كما قال:
لا هُمَّ إِن كنتَ الذي كعَهْدِي،
ولم تُغَيِّرْكَ السِّنُونَ بَعْدِي
وكما قال سالمُ بنُ دارَةَ:
يا فَقْعَسِيُّ، لِمْ أَكَلْتَه لِمَهْ؟
لو خافَكَ اللهُ عليه حَرَّمَهْ،
فما أَكلتَ لَحْمَه ولا دَمَهْ
والرَّاحُ: الخمرُ، اسم لها. والراحُ: جمع راحة، وهي الكَفُّ. والراح:
الارْتِياحُ؛ قال الجُمَيحُ ابنُ الطَّمَّاح الأَسَدِيُّ:
ولَقِيتُ ما لَقِيَتْ مَعَدٌّ كلُّها،
وفَقَدْتُ راحِي في الشَّبابِ وخالي
والخالُ: الاختيال والخُيَلاءُ، فقوله: وخالي أَي واختيالي.
والراحةُ: ضِدُّ التعب. واسْتراحَ الرجلُ، من الراحة. والرَّواحُ
والراحة مِن الاستراحة. وأَراحَ الرجل والبعير وغيرهما، وقد أَراحَني، ورَوَّح
عني فاسترحت؛ ويقال: ما لفلان في هذا الأَمر من رَواح أَي من راحة؛ وجدت
لذلك الأَمر راحةً أَي خِفَّةً؛ وأَصبح بعيرك مُرِيحاً أَي مُفِيقاً؛
وأَنشد ابن السكيت:
أَراحَ بعد النَّفَسِ المَحْفُوزِ،
إِراحةَ الجِدَايةِ النَّفُوزِ
الليث: الراحة وِجْدانُك رَوْحاً بعد مشقة، تقول: أَرِحْنُ إِراحةً
فأَسْتَريحَ؛ وقال غيره: أَراحهُ إِراحةً وراحةً، فالإِراحةُ المصدرُ،
والراحةُ الاسم، كقولك أَطعته إِطاعة وأَعَرْتُه إِعَارَةً وعارَةً. وفي
الحديث: قال النبي، صلى الله عليه وسلم، لمؤذنه بلال: أَرِحْنا بها أَي أَذّن
للصلاة فتَسْتَريحَ بأَدائها من اشتغال قلوبنا بها؛ قال ابن الأَثير: وقيل
كان اشتغاله بالصلاة راحة له، فإِنه كان يَعُدُّ غيرها من الأَعمال
الدنيوية تعباً، فكان يستريح بالصلاة لما فيها من مناجاة الله تعالى، ولذا
قال: وقُرَّة عيني في الصلاة، قال: وما أَقرب الراحة من قُرَّة العين.
يقال: أَراحَ الرجلُ واسْتراحَ إِذا رجعت إِليه نفسه بعد الإِعياء؛ قال: ومنه
حديث أُمِّ أَيْمَنَ أَنها عَطِشَتْ مُهاجِرَةً في يوم شديد الحرّ
فَدُلِّيَ إِليها دَلْوٌ من السماء فشربت حتى أَراحتْ. وقال اللحياني: أَراحَ
الرجلُ اسْتراحَ ورجعت إِليه نفسه بعد الإِعياء، وكذلك الدابة؛ وأَنشد:
تُرِيحُ بعد النَّفَسِ المَحْفُوزِ
أَي تَسترِيحُ. وأَراحَ: دخل في الرِّيح. وأَراحَ إِذا وجد نسيم الريح.
وأَراحَ إِذا دخل في الرَّواحِ. وأَراحَ إِذا نزل عن بعيره لِيُرِيحه
ويخفف عنه. وأَراحه الله فاستَراحَ، وأَراحَ تنفس؛ وقال امرؤ القيس يصف
فرساً بسَعَةِ المَنْخَرَيْنِ:
لها مَنْخَرٌ كوِجارِ السِّباع،
فمنه تُريحُ إِذا تَنْبَهِرْ
وأَراحَ الرجلُ: ماتَ، كأَنه استراحَ؛ قال العجاج:
أَراحَ بعد الغَمِّ والتَّغَمْغُمِ
(* قوله «والتغمغم» في الصحاح ومثله بهامش الأصل والتغمم.)
وفي حديث الأَسود بن يزيد: إِن الجمل الأَحمر لَيُرِيحُ فيه من الحرّ؛
الإِراحةُ ههنا: الموتُ والهلاك، ويروى بالنون، وقد تقدم.
والتَّرْوِيحةُ في شهر رمضان: سمِّيت بذلك لاستراحة القوم بعد كل أَربع
ركعات؛ وفي الحديث: صلاة التراويح؛ لأَنهم كانوا يستريحون بين كل
تسليمتين. والتراويح: جمع تَرْوِيحة، وهي المرة الواحدة من الراحة، تَفْعِيلة
منها، مثل تسليمة من السَّلام. والراحةُ: العِرْس لأَنها يُسْتراح إِليها.
وراحةُ البيت: ساحتُه.وراحةُ الثوب: طَيُّه. ابن شميل: الراحة من الأَرض:
المستويةُ، فيها ظَهورٌ واسْتواء تنبت كثيراً، جَلَدٌ من الأَرض، وفي
أَماكن منها سُهُولٌ وجَراثيم، وليست من السَّيْل في شيء ولا الوادي،
وجمعها الرَّاحُ، كثيرة النبت.
أَبو عبيد: يقال أَتانا فلان وما في وجهه رائحةُ دَمٍ من الفَرَقِ، وما
في وجهه رائحةُ دَمٍ أَي شيء. والمطر يَسْتَرْوِحُ الشجرَ أَي يُحْييه؛
قال:
يَسْتَرْوِحُ العِلمُ مَنْ أَمْسَى له بَصَرٌ
وكان حَيّاً كما يَسْتَرْوِحُ المَطَرُ
والرَّوْحُ: الرحمة؛ وفي الحديث عن أَبي هريرة قال: سمعت رسول الله، صلى
الله عليه وسلم، يقول: الريحُ من رَوْحِ الله تأْتي بالرحمة وتأْتي
بالعذاب، فإِذا رأَيتموها فلا تَسُبُّوها واسأَلوا من خيرها، واستعذوا بالله
من شرِّها؛ وقوله: من روح الله أَي من رحمة الله، وهي رحمة لقوم وإِن كان
فيها عذاب لآخرين. وفي التنزيل: ولا تَيْأَسُوا من رَوْحِ الله؛ أَي من
رحمة الله، والجمع أَرواحٌ.
والرُّوحُ: النَّفْسُ، يذكر ويؤنث، والجمع الأَرواح. التهذيب: قال أَبو
بكر بنُ الأَنْباريِّ: الرُّوحُ والنَّفْسُ واحد، غير أَن الروح مذكر
والنفس مؤنثة عند العرب. وفي التنزيل: ويسأَلونك عن الرُّوح قل الروح من
أَمر ربي؛ وتأْويلُ الروح أَنه ما به حياةُ النفْس. وروى الأَزهري بسنده عن
ابن عباس في قوله: ويسأَلونك عن الروح؛ قال: إِن الرُّوح قد نزل في
القرآن بمنازل، ولكن قولوا كما قال الله، عز وجل: قل الروح من أَمر ربي وما
أُوتيتم من العلم إِلا قليلاً. وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَن
اليهود سأَلوه عن الروح فأَنزل الله تعالى هذه الآية. وروي عن الفراء أَنه
قال في قوله: قل الروح من أَمر ربي؛ قال: من عِلم ربي أَي أَنكم لا
تعلمونه؛ قال الفراء: والرُّوح هو الذي يعيش به الإِنسان، لم يخبر الله تعالى
به أَحداً من خلقه ولم يُعْطِ عِلْمَه العباد. قال: وقوله عز وجل:
ونَفَخْتُ فيه من رُوحي؛ فهذا الذي نَفَخَه في آدم وفينا لم يُعْطِ علمه أَحداً
من عباده؛ قال: وسمعت أَبا الهيثم يقول: الرُّوحُ إِنما هو النَّفَسُ
الذي يتنفسه الإِنسان، وهو جارٍ في جميع الجسد، فإِذا خرج لم يتنفس بعد
خروجه، فإِذا تَتامَّ خروجُه بقي بصره شاخصاً نحوه، حتى يُغَمَّضَ، وهو
بالفارسية «جان» قال: وقول الله عز وجل في قصة مريم، عليها السلام: فأَرسلنا
إِليها روحَنا فتمثل لها بَشَراً سَوِيّاً؛ قال: أَضافِ الروحَ المُرْسَلَ
إِلى مريم إِلى نَفْسه كما تقول: أَرضُ الله وسماؤه، قال: وهكذا قوله
تعالى للملائكة: فإِذا سوَّيته ونَفَخْتُ فيه من روحي؛ ومثله: وكَلِمَتُه
أَلقاها إِلى مريم ورُوحٌ منه؛ والرُّوحُ في هذا كله خَلْق من خَلْق الله
لم يعط علمه أَحداً؛ وقوله تعالى: يُلْقِي الرُّوحَ من أَمره على من يشاء
من عباده؛ قال الزجاج: جاء في التفسير أَن الرُّوح الوَحْيُ أَو أَمْرُ
النبوّة؛ ويُسَمَّى القرآنُ روحاً. ابن الأَعرابي: الرُّوحُ الفَرَحُ.
والرُّوحُ: القرآن. والرُّوح: الأَمرُ. والرُّوح: النَّفْسُ. قال أَبو
العباس
(* قوله «قال أبو العباس» هكذا في الأصل.): وقوله عز وجل: يُلْقي
الرُّوحَ من أَمره على من يشاء من عباده ويُنَزِّلُ الملائكةَ بالرُّوحِ من
أَمره؛ قال أَبو العباس: هذا كله معناه الوَحْيُ، سمِّي رُوحاً لأَنه حياة
من موت الكفر، فصار بحياته للناس كالرُّوح الذي يحيا به جسدُ الإِنسان؛
قال ابن الأَثير: وقد تكرر ذكر الرُّوح في الحديث كما تكرَّر في القرآن
ووردت فيه على معان، والغالب منها أَن المراد بالرُّوح الذي يقوم به
الجسدُ وتكون به الحياة، وقد أُطلق على القرآن والوحي والرحمة، وعلى جبريل في
قوله: الرُّوحُ الأَمين؛ قال: ورُوحُ القُدُس يذكَّر ويؤنث. وفي الحديث:
تَحابُّوا بذكر الله ورُوحِه؛ أَراد ما يحيا به الخلق ويهتدون فيكون حياة
لكم، وقيل: أَراد أَمر النبوَّة، وقيل: هو القرآن. وقوله تعالى: يوم
يَقُومُ الرُّوحُ والملائكةُ صَفّاً؛ قال الزجاج: الرُّوحُ خَلْقٌ كالإِنْسِ
وليس هو بالإِنس، وقال ابن عباس: هو ملَك في السماء السابعة، وجهه على
صورة الإنسان وجسده على صورة الملائكة؛ وجاء في التفسير: أَن الرُّوحَ
ههنا جبريل؛ ورُوحُ الله: حكمُه وأَمره. والرُّوحُ: جبريل عليه السلام. وروى
الأَزهري عن أَبي العباس أَحمد بن يحيى أَنه قال في قول الله تعالى:
وكذلك أَوحينا إِليك رُوحاً من أَمرنا؛ قال: هو ما نزل به جبريل من الدِّين
فصار تحيا به الناس أَي يعيش به الناس؛ قال: وكلُّ ما كان في القرآن
فَعَلْنا، فهو أَمره بأَعوانه، أَمر جبريل وميكائيل وملائكته، وما كان
فَعَلْتُ، فهو ما تَفَرَّد به؛ وأَما قوله: وأَيَّدْناه برُوح القُدُس، فهو
جبريل، عليه السلام. والرُّوحُ: عيسى، عليه السلام. والرُّوحُ: حَفَظَةٌ على
الملائكة الحفظةِ على بني آدم، ويروى أَن وجوههم مثل وجوه الإِنس.
وقوله: تَنَزَّلُ الملائكةُ والرُّوحُ؛ يعني أُولئك.
والرُّوحانيُّ من الخَلْقِ: نحوُ الملائكة ممن خَلَقَ اللهُ رُوحاً بغير
جسد، وهو من نادر معدول النسب. قال سيبويه: حكى أَبو عبيدة أَن العرب
تقوله لكل شيء كان فيه رُوحٌ من الناس والدواب والجن؛ وزعم أَبو الخطاب
أَنه سمع من العرب من يقول في النسبة إِلى الملائكة والجن رُوحانيٌّ، بضم
الراء، والجمع روحانِيُّون. التهذيب: وأَما الرُّوحاني من الخلق فإِنَّ
أَبا داود المَصاحِفِيَّ روى عن النَّضْر في كتاب الحروف المُفَسَّرةِ من
غريب الحديث أَنه قال: حدثنا عَوْفٌ الأَعرابي عن وَرْدانَ بن خالد قال:
بلغني أَن الملائكة منهم رُوحانِيُّون، ومنه مَن خُلِقَ من النور، قال: ومن
الرُّوحانيين جبريل وميكائيل وإِسرافيل، عليهم السلام؛ قال ابن شميل:
والرُّوحانيون أَرواح ليست لها أَجسام، هكذا يقال؛ قال: ولا يقال لشيء من
الخلق رُوحانيٌّ إِلا للأَرواح التي لا أَجساد لها مثل الملائكة والجن وما
أَشبههما، وأَما ذوات الأَجسام فلا يقال لهم رُوحانيون؛ قال الأَزهري:
وهذا القول في الرُّوحانيين هو الصحيح المعتمد لا ما قاله ابن المُظَفَّر
ان الرُّوحانيّ الذي نفخ فيه الرُّوح. وفي الحديث: الملائكة
الرُّوحانِيُّونَ، يروى بضم الراء وفتحها، كَأَنه نسب إِلى الرُّوح أَو الرَّوْح، وهو
نسيم الريح، والَلف والنون من زيادات النسب، ويريد به أَنهم أَجسام
لطيفة لا يدركها البصر.
وفي حديث ضِمامٍ: إِني أُعالج من هذه الأَرواح؛ الأَرواح ههنا: كناية عن
الجن سمُّوا أَرواحاً لكونهم لا يُرَوْنَ، فهم بمنزلة الأَرواح. ومكان
رَوْحانيٌّ، بالفتح، أَي طَيِّب. التهذيب: قال شَمرٌ: والرِّيحُ عندهم
قريبة من الرُّوح كما قالوا: تِيهٌ وتُوهٌ؛ قال أَبو الدُّقَيْش: عَمَدَ
مِنَّا رجل إِلى قِرْبَةٍ فملأَها من رُوحِه أَي من رِيحِه ونَفَسِه.
والرَّواحُ: نقيضُ الصَّباح، وهو اسم للوقت، وقيل: الرَّواحُ العَشِيُّ،
وقيل: الرَّواحُ من لَدُن زوال الشمس إِلى الليل. يقال: راحوا يفعلون
كذا وكذا ورُحْنا رَواحاً؛ يعني السَّيْرَ بالعَشِيِّ؛ وسار القوم رَواحاً
وراحَ القومُ، كذلك. وتَرَوَّحْنا: سِرْنا في ذلك الوقت أَو عَمِلْنا؛
وأَنشد ثعلب:
وأَنتَ الذي خَبَّرْتَ أَنك راحلٌ،
غَداةً غَدٍ، أَو رائحُ بهَجِيرِ
والرواح: قد يكون مصدر قولك راحَ يَرُوحُ رَواحاً، وهو نقيض قولك غدا
يَغْدُو غُدُوًّا. وتقول: خرجوا بِرَواحٍ من العَشِيِّ ورِياحٍ، بمعنًى.
ورجل رائحٌ من قوم رَوَحٍ اسم للجمع، ورَؤُوحٌ مِن قوم رُوحٍ، وكذلك
الطير.وطير رَوَحٌ: متفرقة؛ قال الأَعشى:
ماتَعِيفُ اليومَ في الطيرِ الرَّوَحْ،
من غُرابِ البَيْنِ، أَو تَيْسٍ سَنَحْ
ويروى: الرُّوُحُ؛ وقيل: الرَّوَحُ في هذا البيت: المتفرّقة، وليس بقوي،
إِنما هي الرائحة إِلى مواضعها، فجمع الرائح على رَوَحٍ مثل خادم
وخَدَمٍ؛ التهذيب: في هذا البيت قيل: أَراد الرَّوَحةَ مثل الكَفَرَة
والفَجَرة، فطرح الهاء. قال: والرَّوَحُ في هذا البيت المتفرّقة.
ورجل رَوَّاحٌ بالعشي، عن اللحياني: كَرَؤُوح، والجمع رَوَّاحُون، ولا
يُكَسَّر.
وخرجوا بِرِياحٍ من العشيّ، بكسر الراءِ، ورَواحٍ وأَرْواح أَي بأَول.
وعَشِيَّةٌ: راحةٌ؛ وقوله:
ولقد رأَيتك بالقَوادِمِ نَظْرَةً،
وعليَّ، من سَدَفِ العَشِيِّ، رِياحُ
بكسر الراء، فسره ثعلب فقال: معناه وقت.
وقالوا: قومُك رائحٌ؛ عن اللحياني حكاه عن الكسائي قال: ولا يكون ذلك
إِلاَّ في المعرفة؛ يعني أَنه لا يقال قوم رائحٌ.
وراحَ فلانٌ يَرُوحُ رَواحاً: من ذهابه أَو سيره بالعشيّ. قال الأَزهري:
وسمعت العرب تستعمل الرَّواحَ في السير كلَّ وقت، تقول: راحَ القومُ
إِذا ساروا وغَدَوْا، ويقول أَحدهم لصاحبه: تَرَوَّحْ، ويخاطب أَصحابه
فيقول: تَرَوَّحُوا أَي سيروا، ويقول: أَلا تُرَوِّحُونَ؟ ونحو ذلك ما جاء في
الأَخبار الصحيحة الثابتة، وهو بمعنى المُضِيِّ إِلى الجمعة والخِفَّةِ
إِليها، لا بمعنى الرَّواح بالعشي. في الحديث: مَنْ راحَ إِلى الجمعة في
الساعة الأُولى أَي من مشى إِليها وذهب إِلى الصلاة ولم يُرِدْ رَواحَ آخر
النهار. ويقال: راحَ القومُ وتَرَوَّحُوا إِذا ساروا أَيَّ وقت كان.
وقيل: أَصل الرَّواح أَن يكون بعد الزوال، فلا تكون الساعات التي عدَّدها في
الحديث إِلاَّ في ساعة واحدة من يوم الجمعة، وهي بعد الزوال كقولك: قعدت
عندك ساعة إِنما تريد جزءاً من الزمن، وإِن لم يكن ساعة حقيقة التي هي
جزء من أَربعة وعشرين جزءاً مجموع الليل والنهار،وإِذا قالت العرب: راحت
الإِبل تَرُوحُ وتَراحُ رائحةً، فَرواحُها ههنا أَن تأْوِيَ بعد غروب
الشمس إِلى مُراحِها الذي تبيت فيه. ابن سيده: والإِراحةُ رَدُّ الإِبل
والغنم من العَشِيِّ إِلى مُرَاحها حيث تأْوي إِليه ليلاً، وقد أَراحها راعيها
يُرِيحُها. وفي لغة: هَراحَها يُهْرِيحُها. وفي حديث عثمان، رضي الله
عنه: رَوَّحْتُها بالعشيّ أَي رَدَدْتُها إِلى المُراحِ. وسَرَحَتِ الماشية
بالغداة وراحتْ بالعَشِيِّ أَي رجعت. وتقول: افعل ذلك في سَراحٍ ورَواحٍ
أَي في يُسرٍ بسهولة؛ والمُراحُ: مأْواها ذلك الأَوانَ، وقد غلب على
موضع الإِبل.
والمُراحُ، بالضم: حيث تأْوي إِليه الإِبل والغنم بالليل.
وقولهم: ماله سارِحةٌ ولا رائحةٌ أَي شيء؛ راحتِ الإِبلُ وأَرَحْتُها
أَنا إِذا رددتُها إِلى المُراحِ؛ وقي حديث سَرِقَة الغنم: ليس فيه قَطْعٌ
حتى يُؤْوِيَهُ المُراح؛ المُراحُ، بالضم: الموضع الذي تَرُوحُ إِليه
الماشية أَي تأْوي إِليه ليلاً، وأَما بالفتح، فهو الموضع الذي يروح إِليه
القوم أَو يَروحُونَ منه، كالمَغْدَى الموضع الذي يُغْدَى منه.
وفي حديث أُمِّ زَرْعٍ: وأَراحَ عَلَيَّ نَعَماً ثَرِيّاً أَي أَعطاني،
لأَنها كانت هي مُراحاً لِنَعَمِه، وفي حديثها أَيضاً: وأَعطاني من كل
رائحة زَوْجاً أَي مما يَرُوحُ عليه من أَصناف المال أَعطاني نصيباً
وصِنْفاً، ويروى: ذابِحةٍ، بالذال المعجمة والباء، وقد تقدم. وفي حديث أَبي
طلحة: ذاك مالٌ رائحٌ أَي يَرُوحُ عليك نَفْعُه وثوابُه يعني قُرْبَ وُصوله
إِليه، ويروى بالباء وقد تقدم.
والمَراحُ، بالفتح: الموضع الذي يَرُوحُ منه القوم أَو يَرُوحُون إِليه
كالمَغْدَى من الغَداةِ؛ تقول: ما ترك فلانٌ من أَبيه مَغدًى ولا مَراحاً
إِذا أَشبهه في أَحوالِه كلها.
والتَّرْوِيحُ: كالإِراحةِ؛ وقال اللحياني: أَراحَ الرجل إِراحةً
وإِراحاً إِذا راحت عليه إِبلُه وغنمه وماله ولا يكون ذلك إِلاّ بعد الزوال؛
وقول أَبي ذؤيب:
كأَنَّ مَصاعِيبَ، زُبَّ الرُّؤُو
سِ، في دارِ صِرْمٍ، تُلاقس مُرِيحا
يمكن أَن يكون أَراحتْ لغة في راحت، ويكون فاعلاً في معنى مفعول، ويروى:
تُلاقي مُرِيحاً أَي الرجلَ الذي يُرِيحُها. وأَرَحْتُ على الرجل حَقَّه
إِذا رددته عليه؛ وقال الشاعر:
أَلا تُرِيحي علينا الحقَّ طائعةً،
دونَ القُضاةِ، فقاضِينا إِلى حَكَمِ
وأَرِحْ عليه حَقَّه أَي رُدَّه. وفي حديث الزبير: لولا حُدُودٌ
فُرِضَتْ وفرائضُ حُدَّتْ تُراحُ على أَهلها أَي تُرَدُّ إِليهم وأَهلُها هم
الأَئمة، ويجوز بالعكس وهو أَن الأَئمة يردُّونها إِلى أَهلها من الرعية؛
ومنه حديث عائشة: حتى أَراحَ الحقَّ على أَهله.
ورُحْتُ القومَ رَوْحاً ورَواحاً ورُحْتُ إِليهم: ذهبت إِليهم رَواحاً
أَو رُحْتُ عندهم. وراحَ أَهلَه ورَوَّحَهم وتَرَوَّحَهم: جاءهم
رَواحاً.وفي الحديث: على رَوْحةٍ من المدينة أَي مقدار رَوْحةٍ، وهي المرَّة من
الرَّواح.
والرَّوائح: أَمطار العَشِيّ، واحدتُها رائحة، هذه عن اللحياني. وقال
مرة: أَصابتنا رائحةٌ أَي سَماء.
ويقال: هما يَتَراوحان عَمَلاً أَي يتعاقبانه، ويَرْتَوِحان مثلُه؛
ويقال: هذا الأَمر بيننا رَوَحٌ ورَِوِحٌ وعِوَرٌ إِذا تَراوَحُوه
وتَعاوَرُوه. والمُراوَحَةُ: عَمَلانِ في عَمَل، يعمل ذا مرة وذا مرة؛ قال
لبيد:ووَلَّى عامِداً لَطَياتِ فَلْجٍ،
يُراوِحُ بينَ صَوْنٍ وابْتِذالِ
يعني يَبْتَذِل عَدْوَه مرة ويصون أُخرى أَي يكُفُّ بعد اجتهاد.
والرَّوَّاحةُ: القطيعُ
(* قوله «والرواحة القطيع إلخ» كذا بالأصل بهذا
الضبط.) من الغنم.
ورَواحَ الرجلُ بين جنبيه إِذا تقلب من جَنْب إِلى جَنْب؛ أَنشد يعقوب:
إِذا اجْلَخَدَّ لم يَكَدْ يُراوِحُ،
هِلْباجةٌ حَفَيْسَأٌ دُحادِحُ
وراوَحَ بين رجليه إِذا قام على إِحداهما مرَّة وعلى الأَخرى مرة. وفي
الحديث: أَنه كان يُراوِحُ بين قدميه من طول القيام أَي يعتمد على
إِحداهما مرة وعلى الأُخرى مرة ليُوصِلَ الراحةَ إِلى كلٍّ منهما؛ ومنه حديث ابن
مسعود: أَنه أَبْصَرَ رجلاً صافًّا قدميه، فقال: لو راوَحَ كان أَفضلَ؛
ومنه حديث بكر بن عبد الله: كان ثابتٌ يُراوِحُ بين جَبْهَتِه وقَدَمَيه
أَي قائماً وساجداً، يعني في الصلاة؛ ويقال: إِن يديه لتَتراوَحانِ
بالمعروف؛ وفي التهذيب: لتَتَراحانِ بالمعروف.
وناقة مُراوِحٌ: تَبْرُكُ من وراء الإِبل؛ الأَزهري: ويقال للناقة التي
تبركُ وراءَ الإِبلِ: مُراوِحٌ ومُكانِفٌ، قال: كذلك فسره ابن الأَعرابي
في النوادر.
والرَّيِّحةُ من العضاه والنَّصِيِّ والعِمْقَى والعَلْقى والخِلْبِ
والرُّخامَى: أَن يَظْهَر النبتُ في أُصوله التي بقيت من عامِ أَوَّلَ؛
وقيل: هو ما نبت إِذا مسَّه البَرْدُ من غير مطر، وحكى كراع فيه الرِّيحة على
مثال فِعْلَة، ولم يَلْحك مَنْ سِواه إِلاَّ رَيِّحة على مِثال فَيِّحة.
التهذيب: الرَّيِّحة نبات يَخْضَرُّ بعدما يَبِسَ ورَقُه وأَعالي
أَغصانه.
وتَرَوَّحَ الشجرُ وراحَ يَراحُ: تَفَطَّرَ بالوَرَقِ قبل الشتاء من غير
مطر، وقال الأَصمعي: وذلك حين يَبْرُدُ الليل فيتفطر بالورق من غير مطر؛
وقيل: تَرَوَّحَ الشجر إِذا تَفَطَّرَ بوَرَقٍ بعد إِدبار الصيف؛ قال
الراعي:
وخالَفَ المجدَ أَقوامٌ، لهم وَرَقٌ
راحَ العِضاهُ به، والعِرْقُ مَدْخولُ
وروى الأَصمعي:
وخادَعَ المجدُ أَقواماً لهم وَرِقٌ
أَي مال. وخادَعَ: تَرَكَ، قال: ورواه أَبو عمرو: وخادَعَ الحمدَ أَقوام
أَي تركوا الحمد أَي ليسوا من أَهله، قال: وهذه هي الرواية الصحيحة. قال
الأَزهري: والرَّيِّحة التي ذكرها الليث هي هذه الشجرة التي تَتَرَوَّحُ
وتَراحُ إِذا بَرَدَ عليها الليلُ فتتفطرُ بالورق من غير مطر، قال: سمعت
العرب تسمِّيها الرَّيِّحة. وتَرَوُّحُ الشجر: تَفَطُّره وخُروجُ ورقه
إِذا أَوْرَق النبتُ في استقبال الشتاء، قال: وراحَ الشجر يَراحُ إِذا
تفطر بالنبات. وتَرَوَّحَ النبتُ والشجر: طال. وتَرَوَّحَ الماءُ إِذا أَخذ
رِيحَ غيره لقربه منه.وتَرَوَّحَ بالمِرْوَحةِ وتَرَوَّحَ أَي راحَ من
الرَّواحِ. والرَّوَحُ، بالتحريك: السَّعَةُ؛ قال المتنخل الهُذَليّ:
لكنْ كبيرُ بنُ هِنْدٍ، يومَ ذَلِكُمُ،
فُتْحُ الشَّمائل، في أَيْمانِهِم رَوَحْ
وكبير بن هند: حيٌّ من هذيل. والفتخ: جمع أَفْتَخَ، وهو اللَّيِّنُ
مَفْصِلِ اليدِ؛ يريد أَن شمائلهم تَنْفَتِخُ لشدَّة النَّزْعِ، وكذلك قوله:
في أَيمانهم رَوَح؛ وهو السَّعَة لشدَّة ضربها بالسيف، وبعده:
تَعْلُو السُّيوفُ بأَيْدِيهِم جَماجِمَهُم،
كما يُفَلَّقُ مَرْوُ الأَمْعَز الصَّرَحُ
والرَّوَحُ: اتساعُ ما بين الفخذين أَو سَعَةٌ في الرجلين، وهو دون
الفَحَج، إِلاَّ أَن الأَرْوح تتباعَدُ صدورُ قدميه وتَتَدانى عَقِباه.
وكل نعامة رَوْحاء؛ قال أَبو ذؤيب:
وزَفَّتِ الشَّوْلُ من بَرْدِ العَشِيِّ، كما
زَفَّ النَّعامُ إِلى حَفَّانِه الرُّوحِ
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَنه كان أَرْوَحَ كأَنه راكبٌ والناس
يمشونَ؛ الأَروَحُ: الذي تتدانى عَقِباه ويتباعد صدرا قدميه؛ ومنه الحديث:
لكأَنِّي أَنْظُرُ إِلى كِنانةَ بن عبدِ يالِيلَ قد أَقبلَ يضرِبُ دِرْعُه
رَوْحَتَيْ رجليه.
والرَّوَحُ: انقلابُ القَدَمِ على وَحْشِيِّها؛ وقيل: هو انبساط في صدر
القدم.
ورجل أَرْوَحٌ، وقد رَوِحَتْ قَدَمُه رَوَحاً، وهي رَوْحاءُ. ابن
الأَعرابي: في رجله رَوَحٌ ثم فَدَحٌ ثم عَقَلٌ، وهو أَشدّها؛ قال الليث:
الأَرْوَحُ الذي في صدر قدميه انبساط، يقولون: رَوِحَ الرجلُ يَرْوَحُ
رَوَحاً. وقصعة رَوْحاءُ: قريبة القَعْر، وإِناءٌ أَرْوَحُ. وفي الحديث: أَنه
أُتيَ بقدحٍ أَرْوَحَ أَي مُتَّسع مبطوح.
واسْتراحَ إِليه أَي اسْتَنامَ، وفي الصحاح: واسْتَرْوَحَ إِليه أَي
استنام. والمُسْتَراحُ: المَخْرَجُ. والرَّيْحانُ: نبت معروف؛ وقول
العجاج:عالَيْتُ أَنْساعِي وجَلْبَ الكُورِ،
على سَراةِ رائحٍ مَمْطُورِ
يريد بالرائِح: الثورَ الوحشي، وهو إِذا مُطِرَ اشتدَّ عَدْوُه.
وذو الراحة: سيف كان للمختار بن أَبي عُبَيْد. وقال ابن الأَعرابي قي
قوله دَلَكَتْ بِراحِ، قال: معناه استُريح منها؛ وقال في قوله:
مُعاوِيَ، من ذا تَجْعَلُونَ مَكانَنا،
إِذا دَلَكَتْ شمسُ النهارِ بِراحِ
يقول: إِذا أَظلم النهار واسْتُريحَ من حرّها، يعني الشمس، لما غشيها من
غَبَرة الحرب فكأَنها غاربة؛ كقوله:
تَبْدُو كَواكِبُه، والشمسُ طالعةٌ،
لا النُّورُ نُورٌ، ولا الإِظْلامُ إِظْلامُ
وقيل: دَلَكَتْ براح أَي غَرَبَتْ، والناظرُ إِليها قد تَوَقَّى
شُعاعَها براحته.
وبنو رَواحةَ: بطنٌ.
ورِياحٌ: حَيٌّ من يَرْبُوعٍ. ورَوْحانُ: موضع. وقد سَمَّتْ رَوْحاً
ورَواحاً. والرَّوْحاءُ: موضع، والنسب إِليه رَوْحانيٌّ، على غير قياس:
الجوهري: ورَوْحاء، ممدود، بلد.
ركز: الرَّكْزُ: غَرْزُكَ شيئاً منتصباً كالرمح ونحوه تَرْكُزُه رَكْزاً
في مَرْكَزِه، وقد رَكَزَه يَرْكُزُه ويَرْكِزُه رَكْزاً ورَكَّزَه:
غَرَزَه في الأَرض؛ أَنشد ثعلب:
وأَشْطانُ الرِّماحِ مُرَكَّزاتٌ،
وحَوْمُ النَّعْمِ والحَلَقُ الحُلُولُ
والمَراكِزُ: منابت الأَسنان. ومَرْكَزُ الجُنْدِ: الموضع الذي أُمروا
أَن يلزموه وأُمروا أَن لا يَبرَحُوه. ومَرْكَزُ الرجل: موضعُه. يقال:
أَخَلَّ فلانٌ بِمَرْكَزِه.
وارْتَكَزْتُ على القوس إِذا وضعت سِيَتَها بالأَرض ثم اعتمدت عليها.
ومَرْكَزُ الدائرة: وَسَطُها.
والمُرْتَكِزُ الساقِ من يلبس النبات: الذي طار عنه الورق.
والمُرْتَكِزُ من يابس الحشيش: أَن ترى ساقاً وقد تطاير عنها ورقها
وأَغصانها.ورَكَزَ الحَرُّ السَّفا يَرْكُزه رَكْزاً: أَثبته في الأَرض؛ قال
الأَخطل:
فلما تَلَوَّى في جَحافِلِه السَّفا،
وأَوْجَعَه مَرْكُوزُه وذَوابِلُهْ
وما رأَيت له رِكْزَةَ عَقْلٍ أي ثَباتَ عقل. قال الفراء: سمعت بعض بني
أَسد يقول: كلمت فلاناً فما رأَيت له رِكْزَةً؛ يريد ليس بثابت العقل.
والرِّكْزُ: الصوتُ الخفيُّ، وقيل: هو الصوت ليس بالشديد. قال وفي التنزيل
العزيز: أَو تَسْمَعُ لهم رِكْزاً؛ قال الفراء: الرِّكْزُ الصوت،
والرِّكْز: صوت الإِنسان تسمعه من بعيد نحو ركز الصائد إِذا ناجَى كلابَهُ؛
وأَنشد:
وقد تَوَجَّسَ رِكْزاً مُقْفِرٌ نَدُسٌ،
بنَبْأَةِ الصَّوْتِ، ما في سَمْعِه كَذِب
وفي حديث ابن عباس في قوله تعالى: فَرَّتْ من قَسْوَرَةٍ، قال: هو رِكْز
الناس، قال: الرِّكْزُ الحِسُّ والصوت الخفي فجعل القَسْوَرَةَ نفسها
رِكْزاً لأَن القسورة جماعة الرجال، وقيل: هو جماعة الرُّماة فسماهم باسم
صوتهم، وأصلها من القَسْرِ، وهو القَهْرُ والغلبة، ومنه قيل للأَسد
قَسْوَرَةٌ.
والرِّكازُ: قِطَعُ ذهب وفضة تخرج من الأَرض أَو المعدن. وفي الحديث:
وفي الرِّكازِ الخُمْسُ. وأَرْكَزَ المَعْدِنُ: وُجِدَ فيه الرِّكاز؛ عن
ابن الأَعرابي. وأَرْكَزَ الرجلُ إِذا وَجد رِكازاً. قال أَبو عبيد: اختلف
أَهل الحجاز والعراق، فقال أَهل العراق: في الرِّكاز المعادنُ كلُّها فما
استخرج منها من شيء فلمستخرجه أَربعة أَخماسه ولبيت المال الخمس، قالوا:
وكذلك المالُ العادِيُّ يوجد مدفوناً هو مثل المعدن سواء، قالوا: وإِنما
أَصل الركاز المعدنُ والمالُ العادِيُّ الذي قد ملكه الناس مُشَبَّه
بالمعدن، وقال أَهل الحجاز: إِنما الركاز كنوز الجاهلية، وقيل: هو المال
المدفون خاصة مما كنزه بنو آدم قبل الإِسلام، فأَما المعادن فليست بركاز
وإِنما فيها مثل ما في أَموال المسلمين من الركاز، إِذا بلغ ما أَصاب مائتي
درهم كان فيها خمسة دراهم وما زاد فبحساب ذلك، وكذلك الذهب إِذا بلغ
عشرين مثقالاً كان فيه نصف مثقال، وهذان القولان تحتملهما اللغة لأَن كلاًّ
منهما مركوز في الأَرض أَي ثابت. يقال: رَكَزَهُ يَرْكُزُهُ رَكْزاً إِذا
دفنه، والحديث إِنما جاءَ على رأْي أَهل الحجاز، وهو الكنز الجاهلي،
وإِنما كان فيه الخمس لكثرة نفعه وسهولة أَخذه. وروى الأَزهري عن الشافعي
أَنه قال: الذي لا أَشك فيه أَن الرِّكاز دَفِينُ الجاهلية، والذي أَنا
واقف فيه الركاز في المعدن والتِّبْر المخلوق في الأَرض. وروي عن عمرو بن
شعيب أَن عبداً وجد رِكْزَةً على عهد عمر، رضي الله عنه، فأَخذها منه عمر؛
قال ابن الأَعرابي: الرِّكازُ ما أخرج المعدنُ وقد أَرْكَزَ المعدنُ
وأَنالَ،وقال غيره: أَرْكَزَصاحِبُ المعدن إِذا كثر ما يخرج منه له من فضة
وغيرها. والرِّكازُ: الاسم، وهي القِطَع العِظام مثل الجلاميد من الذهب
والفضة تخرج من المعادن، وهذا يُعَضِّدُ تفسير أَهل العراق. قال: وقال
الشافعي يقال للرجل إِذا أَصاب في المعدن البَدْرَةَ المجتمعة: قد أَرْكَزَ.
وقال أَحمد بن خالد: الرِّكازُ جمع، والواحدة رِكْزَةٌ، كأَنه رُكِزَ في
الأَرض رَكْزاً، وقد جاءَ في مسند أَحمد بن حنبل في بعض طرق هذا الحديث:
وفي الرَّكائزِ الخُمْسُ، كأَنها جمع رَكِيزَة أَو رِكازَةٍ.
والرَّكِيزة والرِّكْزَةُ: القطعةُ من جواهر الأَرض المركوزةُ فيها.
والرِّكْزُ: الجل العاقل الحليم السخي. والرِّكْزَة: النخلة التي تُقْتلَعُ
عن الجِذْعِ؛ عن أَبي حنيفة. قال شمر: والنخلة التي تنبت في جذع النخلة
ثم تحوَّل إِلى مكان آخر هي الرِّكْزَة. وقال بعضهم: هذا رِكْزٌ حَسَنٌ
وهذا وَدِيٌّ حَسَنٌ وهذا قَلْعٌ حسن. ويقال: رِكْزُ الوَدِيِّ والقَلْعِ.
ومَرْكُوزٌ: اسم موضع؛ قال الراعي:
بأَعْلامِ مَرْكُوزٍ فَعَنْزٍ فَغُرَّبٍ،
مَغانِيُّ أُمّ الوَرْدِ، إِذْ هي ما هيا
رمع: التَّرَمُّع: التحرُّك. رَمَعَ الرجلُ يَرْمَعُ رَمْعاً ورَمَعاناً
وتَرَمَّع: تحرّك، وقيل: رَمَع بِرأْسِه إِذا سُئل فقال: لا؛ حكي ذلك عن
أَبي الجراح. ويقال: هو يَرْمَع بيديه أَي يقول: لا تجئ، ويُومئ بيديه
أَي يقول تعالى. ورَمَعَ لشيءُ رَمَعاناً: اضْطَرَبَ.
والرَّمَّاعةُ، بالتشديد: ما تحرّك من رأْس الصبيّ الرضيع من يافُوخه من
رِقَّته، سميت بذلك لاضْطِرابها، فإِذا اشتدت وسكِن اضْطِرابُها فهي
اليافُوخُ. والرَّمَّاعة: الاسْتُ لأَنها تَرَمَّع أَي تَحَرّكُ فتجِيء
وتذهَب مثل الرّمَّاعة من يافوخ الصبي. ويقال: كَذَبتْ رَمّاعَتُه إِذا
حَبَقَ، وتَرَفَّع في طُمَّته تَسَكَّع في ضَلالته يَجيء ويذهب.
يقال: دَعْهُ يَتَرَمَّع في طُمَّته، قيل: هو يَتَسَكَّعُ في ضلالته،
وقيل: معناه دَعه يَتَلَطَّخ بخُرْئه.
ابن الأَعرابي: الرَّمِعُ الذي يتحرك طرَفُ أَنفه من الغضَب. ورَمَع
أَنفُ الرجل والبعير يرْمَعُ رَمَعاناً وتَرَمَّعَ، كلاهما: تحرَّك من غَضب،
وقيل: هو أَن تراه كأَنه يتحرك من الغضب. ويقال: جاءنا فلان رامِعاً
قِبِرَّاه؛ القِبِرَّى: رأْس الأَنف، ولأَنفِه رَمَعان أَي تحرُّكٌ. وفي
الحديث: أَنه اسْتَبَّ عنده رجلانِ فَغَضِب أَحدهما حتى خُيِّلَ إِلى من رآه
أَن أَنفه يَتَرَمَّع؛ قال أَبو عبيد: هذا هو الصواب، والرواية
يَتَمزَّعُ وليس يَتَمزَّع بشيء، قال الأَزهري: إِن صَحَّ يتمزع فإِن معناه
يتشقَّق. يقال: مزَّعْت الشيءَ إِذا قسَّمْته، قال: وأَنا أَحسَبه يَتَرمَّع
وهو أَن تراه كأَنه يَرْعُد من شدة الغضب. وقَبَّحَ الله أُمّاً رَمَعَتْ
به رَمْعاً أَي ولدته.
والرُّماعُ: داء في البطن يصفرّ منه الوجه. ورُمِع ورُمِّعَ ورَمِع
رَمَعاً وأَرْمَعَ: أَصابه ذلك، والأَوّلُ أَعلى؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
بِئْسَ غِذاء العَزَب المَرْمُوع
حَوْأَبةٌ تُنْقِضُ بالضُّلُوع
(* قوله «غذاء العزب» كذا بالأصل، والذي في شرح القاموس: مقام الغرب.)
والرَّمَّاعُ: الذي يشتكي صُلْبَه من الرُّماع. وهو وجع يَعْرِض في ظهر
الساقي حتى يمنعه من السَّقْي. واليَرْمَعُ: الحَصى البيض تَلأْلأُ في
الشمس؛ وقال رؤبة يذكر السراب:
ورَقْرَقَ الأَبْصارَ حتى أَفْدَعا
بالبيدِ، إِيقادَ النهار اليَرْمَعا
قال اللحياني: هي حجارة لينة رقاق بيض تَلْمَع، وقيل: هي حجارة رخْوة،
والواحدة من كل ذلك يَرْمَعة. ويقال للمَغْموم: تركته يَفُتُّ اليَرْمَع؛
وفي مَثَل:
كَفّا مُطَلَّقةٍ تَفُتُّ اليَرْمَعا
يضرب مثلاً للنادم على الشيء. ويقال: اليَرْمَعُ الخَرّارةُ التي تلعب
بها الصبيان إِذا أُدِيرت سمعت لها صوتاً، وهي الخُذرُوف.
ورِمَعٌ: منزل بعينه للأَشعريين. ورِمَعٌ ورُماعٌ: موضعان. وفي الحديث
ذكر رِمَع، قال ابن الأَثير: هي بكسر الراء وفتح الميم، موضع من بلاد
عَكٍّ باليمن. قال ابن بري: ورِمَعٌ جبل باليمن؛ قال أَبو دَهْبَل:
ماذا رُزِئنا غداةَ الخَلِّ منْ رِمَعٍ،
عند التفرُّقِ، مِن خَيْرٍ ومن كَرَمِ