من (م ح ل) وصف بمعنى الخصم المجادل والمتغير البدن والمكان الــمجدب.
من (م ح ل) وصف بمعنى الخصم المجادل والمتغير البدن والمكان الــمجدب.
حنن: الحَنّانُ: من أَسماء الله عز وجل. قال ابن الأَعرابي: الحَنّانُ،
بتشديد النون، بمعنى الرحيم، قال ابن الأَثير: الحَنَّانُ الرحيم
بعبادِه، فعّالٌ من الرحمة للمبالغة؛ الأَزهري: هو بتشديد النون صحيح، قال: وكان
بعضُ مشايِخنا أَنكر التشديد فيه لأَنه ذهَب به إلى الحَنين، فاسْتَوحش
أَن يكون الحَنين من صفات الله تعالى، وإنما معنى الحَنّان الرحيم من
الحَنان، وهو الرحمة؛ومنه قوله تعالى: وحنَاناً مِنْ لَدُنَّا؛ أَي رَحْمة
منْ لَدُنّا؛ قال أَبو إسحق: الحَنَّانُ في صفة الله، هو بالتشديد، ذو
الرَّحمة والتعطُّفِ. وفي حديث بلال: أَنه مَرَّ عليه ورقةُ ابن نوْفَل وهو
يُعَذَّب فقال: والله لئن قَتَلْتُموه لأَتَّخِذَنَّه حَناناً؛ الحَنانُ:
الرحمةُ والعطفُ، والحَنَانُ: الرِّزْقُ والبركةُ، أَراد لأَجْعَلَنَّ
قَبْرَه موضعَ حَنانٍ أَي مَظِنَّةً منْ رحمة الله تعالى فأَتَمَسَّحُ به
متبرّكاً، كما يُتمسَّح بقبور الصالحين الذين قُتلوا في سبيل الله من
الأُمَمِ الماضية، فيرجع ذلك عاراً عليكم وسُبَّةً عند الناس، وكان ورقةُ
على دين عيسى، عليه السلام، وهلك قُبَيْل مَبْعَثِ النبي، صلى الله عليه
وسلم، لأَنه قال للنبي، صلى الله عليه وسلم، إِن يُدْرِكْنِي يَوْمُك
لأَنْصُرَنَّكَ نَصْراً مُؤَزَّراً؛ قال ابن الأَثير. وفي هذا نظرٌ فإن بلالاً
ما عُذِّب إلا بعد أَن أَسْلَمَ. وفي الحديث: أَنه دخل على أُمِّ سَلَمة
وعندها غلامٌ يُسَمَّى الوليدَ، فقال: اتَّخَذْتُمْ الوليدَ حَناناً
غَيِّرُوا اسمَه أَي تَتَعَطَّفُون على هذا الاسم فَتُحِبُّونه، وفي رواية:
أَنه من أَسماء الفَراعِنة، فكَرِه أَن يُسَمَّى به. والحَنانُ،
بالتخفيف: الرحمة. تقول: حَنَّ عليه يَحِنُّ حَناناً؛ قال أَبو إسحق في قوله
تعالى: وآتَيْناه الحُكْمَ صَبِيّاً وحَناناً مِنْ لدُنَّا؛ أَي وآتَيْناه
حَناناً؛ قال: الحَنانُ العَطْفُ والرحمة؛ وأَنشد سيبويه:
فقالت: حَنانٌ ما أَتى بك هَهُنا؟
أَذُو نَسَبٍ أَمْ أَنْتَ بالحَيِّ عارِفُ؟
أَي أَمْرِي حَنانٌ أَو ما يُصيبُنا حَنانٌ أَي عَطْفٌ ورحمة، والذي
يُرْفَع عليه غير مستعمَل إظهارُه. وقال الفَراء في قوله سبحانه: وحَناناً
مِنْ لَدُنَّا الرحمةُ؛ أَي وفعلنا ذلك رَحْمةً
لأَبَوَيْك. وذكر عكرمة عن ابن عباس في هذه الآية أَنه قال: ما أَدْري
ما الحَنانُ. والحَنينُ: الشديدُ من البُكاءِ والطَّرَبِ، وقيل: هو صوتُ
الطَّرَبِ كان ذلك عن حُزْنٍ أَو فَرَحٍ. والحَنِينُ: الشَّوْقُ وتَوَقانُ
النَّفس، والمَعْنَيان متقاربان، حَنَّ إليه يَحِنُّ حَنِيناً فهو
حانٌّ. والاسْتِحْنانُ: الاسْتِطْرابُ. واسْتَحَنَّ: اسْتَطْرَبَ: وحَنَّت
الإِبلُ: نَزَعَتْ إلى أَوْطانِها أَو أَوْلادِها، والناقةُ تَحِنُّ في
إِثْرِ ولَدِها حَنِيناً تَطْرَبَ مع صَوْت، وقيل: حَنِينُها نِزَاعُها بصوتٍ
وبغير يصوتٍ والأَكثر أَن الحَنين بالصَّوْتِ. وتَحَنَّنَت النَّاقةُ
على ولدِها: تَعَطَّفَت، وكذلك الشاة؛ عن اللحياني. الأَزهري عن الليث:
حنينُ الناقة على معنيين: حَنِينُها صوْتُها إذا اشتاقت إلى وَلَدِها،
وحَنينُها نِزَاعُها إلى ولدها من غير صوت؛ قال رؤبة:
حَنَّت قَلُوصِي أَمْسِ بالأُرْدُنِّ،
حِنِّي فما ظُلِّمْتِ أَن تَحِنِّي.
يقال: حَنَّ قَلْبي إليه فهذا نِزاعٌ واشْتِياق من غير صوت، وحَنَّت
النّاقةُ إلى أُلاَّفِها فهذا صوتٌ مع نِزاعٍ، وكذلك حَنَّتْ إلى ولدها؛ قال
الشاعر:
يُعارِضْنَ مِلْواحاً كأَنَّ حَنِينَها،
قُبَيْلَ انْفِتاقِ الصُّبْحِ، تَرْجِيعُ زامِرِ.
ويقال: حَنَّ عليه أَي عَطَف. وحَنَّ إليه أَي نزَعَ إليه. وفي الحديث:
أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان يصلي في أَصل أُسْطُوانةِ جِذْعٍ في
مسجده، ثم تحوَّلَ إلى أَصلِ أُخرى، فحنَّتْ إليه الأُولى ومالت نحوَه
حتى رجَع إليها فاحْتَضَنها فسكنت. وفي حديث آخر: أَنه كان يصلِّي إلى
جذْعٍ في مسجده، فلما عُمِلَ له المِنْبَرُ صَعِدَ عليه فحَنَّ الجِذْعُ إليه
أَي نَزَع واشتاق، قال: وأَصلُ الحَنِينِ ترجيعُ الناقة صوْتَها إثْرَ
ولدها. وتحانَّت: كحنَّتْ؛ قال ابن سيده: حكاه يعقوبُ في بعض شروحه، وكذلك
الحَمامَةُ والرجلُ؛ وسمع النبي، صلى الله عليه وسلم، بِلالاً يُنشِد:
أَلا لَيْتَ شِعْري هل أَبِيتَنَّ لَيْلَةً
بوادٍ وحَوْلي إِذْخِرٌ وجَليلُ؟
فقال له: حَنَنْتْ يا ابنَ السَّوْداء. والحَنَّانُ: الذي يَحِنُّ إلى
الشيء. والحِنَّةُ، بالكسر: رقَّةُ القلبِ؛ عن كراع. وفي حديث زيد بن
عَمْرو بن نُفَيل: حَنانَيْكَ يَا رَبِّ أَي ارْحَمْني رحمة بعد رحمة، وهو من
المصادر المُثنَّاة التي لا يَظْهر فعْلُها كلَبَّيْكَ وسَعْدَيْكَ،
وقالوا: حَنانَك وحَنانَيْك أَي تَحَنُّناً عليَّ بعد تَحَنُّن، فمعنى
حَنانَيْك تَحَنَّنْ عليَّ مرَّة بعد أُخرى وحَنانٍ بعد حَناناٍ؛ قال ابن
سيده: يقول كلَّما كنْتُ في رحمةٍ منك وخيرٍ فلا يَنْقَطِعنَّ، ولْيَكُنْ
موصولاً بآخرَ من رحمتِك، هذا معنى التثنية عند سيبويه في هذا الضرب؛ قال
طرفة:
أَبا مُنْذِرٍ، أَفْنَيْتَ فاسْتَبْقِ بَعْضَنا،
حَنانَيْكَ، بعضُ الشَّرِّ أَهْوَنُ مِنْ بعضِ.
قال سيبويه: ولا يُسْتَعْمل مُثَنّىً إلا في حَدِّ الإضافة. وحكى
الأَزهري عن الليث: حَنانَيْكَ يا فلان افْعَلْ كذا ولا تفعل كذا، يذكِّرُه
الرَّحمةَ والبِرَّ، وأَنشد بيت طرفة؛ قال ابن سيده: وقد قالوا حَناناً
فصَلُوه من الإضافة في حَدِّ الإِفْراد، وكلُّ ذلك بدلٌ من اللفظ بالفعل،
والذي ينتصب عليه غيرُ مستعمَلٍ إظهارُه، كما أَنَّ الذي يرتفع عليه كذلك،
والعرب تقول: حَنانَك يا رَبِّ وحَنانَيْك بمعنى واحد أَي رحمتَك، وقالوا:
سبحانَ الله وَحَنانَيْه أَي واسْتِرْحامَه، كما قالوا: سبحانَ الله
ورَيْحانَه أَي اسْتِرْزاقَه؛ وقول امرئ القيس:
ويَمْنَعُها بَنُو شَمَجَى بنِ جَرْم
مَعِيزَهُمُ، حَنانَك ذا الحَنانِ.
فسره ابن الأَعرابي فقال: معناه رَحمتَك يا رحمنُ فأَغْنِني عنهم، ورواه
الأَصمعي: ويَمْنَحُها أَي يُعْطِيها، وفسَّر حَنانَك برحمتك أَيضاً أَي
أَنْزِلْ عليهم رحمتَك ورزقك، فروايةُ ابن الأَعرابي تَسَخُّطٌ وذمٌّ،
وكذلك تفسيره، وروايةُ الأَصمعي تَشكُّرٌ وحمدٌ ودعاءٌ لهم، وكذلك تفسيره،
والفعل من كل ذلك تَحَنَّنَ عليه، وهو التحنُّنُ. وتَحَنَّنْ عليه:
ترحَّمْ؛ وأَنشد ابن بري للحُطَيْئة:
تَحَنَّنْ عليَّ، هَداك المَلِيك،
فإِن لكلِّ مقامٍ مقالا.
والحَنانُ: الرحمةُ، والحَنانُ: الرِّزق. والحَنانُ: البركة. والحَنانُ:
الهَيْبَةُ. والحَنانُ: الوَقار. الأُمَوِيُّ: ما نرى له حَناناً أَي
هيبةً. والتَّحنُّنُ: كالحَنانِ. وفي حديث عمر، رضي الله عنه، لما قال
الوليد بن عُقْبةَ بنِ أَبي مُعَيْطٍ: أُقْتَلُ من بَيْنِ قُرَيش، فقال عمر:
حَنَّ قِدْحٌ ليس منها؛ هو مَثَلٌ يضرب للرجل يَنْتَمي إلى نسبٍ ليس منه
أَو يَدَّعي ما ليس منه في شيء، والقِدْحُ، بالكسر: أَحدُ سِهام
المَيْسِر، فإِذا كان من غير جوهر أَخَواتِه ثم حرَّكها المُفيض بها خرج له صوتٌ
يخالِف أَصواتَها فعُرِفَ به؛ ومنه كتاب عليٍّ، رضوان الله عليه، إلى
معاوية: وأَما قولك كَيْتَ وكَيْتَ فقد حَنَّ قِدْحٌ ليس منها. والحَنُونُ
من الرياح: التي لها حَنِينٌ كحَنِين الإِبِل أَي صَوْتٌ يُشْبِه صَوْتَها
عند الحَنِين؛ قال النابغة:
غَشِيتُ لها مَنازِلَ مُقْفِراتٍ،
تُذَعْذِعُها مُذَعْذعَةٌ حَنُونٌ
وقد حَنَّتْ واسْتَحَنَّتْ؛ أَنشد سيبويه لأَبي زُبَيد:
مُسْتَحِنٌّ بها الرِّياحُ، فمَا يَجْــ
ـتابُها في الظَّلامِ كلُّ هَجُودِ.
وسحابٌ حَنَّانٌ كذلك؛ وقوله: فاسْتَقْبَلَتْ لَيْلَةَ خِمْسٍ حَنَّانْ.
جعل الحَنَّان للخِمْس، وإنما هو في الحقيقة للناقة، لكن لما بَعُد عليه
أَمدُ الوِرْد فحنَّت نسَب ذلك إلى الخِمْسِ حيث كان من أَجْلِه.
وخِمْسٌ حَنَّانٌ أَي بائصٌ؛ الأَصمعي: أَي له حَنِينٌ مِن سُرْعَتِه.
وامْرأَةٌ حَنَّانةٌ: تَحِنُّ إلى زوجها الأَول وتعطِفُ عليه، وقيل: هي التي
تَحِنُّ على ولدها الذي من زوجها المُفارِقِها. والحَنونُ من النساء: التي
تَتَزوَّج رِقَّةً على وَلَدِها إذا كانوا صغاراً ليقومَ الزوجُ بأَمرهم،
وفي بعض الأَخْبار: أَنَّ رَجُلاً أَوْصى ابنه فقال: لا تَتَزَوَّجَنَّ
حَنَّانةً ولا مَنَّانة. وقال رجل لابنه: يا بُنيَّ إِيَّاكَ والرَّقُوبَ
الغَضُوبَ الأَنَّانةَ الحَنَّانَةَ المنَّانةَ؛ الحَنَّانةُ التي كان لها
زوجٌ قبله فهي تَذْكُره بالتَّحَزُّنِ والأَنينِ والحَنينِ إليه.
الحرَّاني عن ابن السكيت قال: الحَنونُ من النساءِ التي تَتَزَوَّج رِقَّةً على
ولدها إذا كانوا صغاراً ليقومَ الزوجُ بأَمْرِهم. وحَنَّةُ الرَّجل:
امرأَتُه؛ قال أَبو محمد الفَقْعَسِيّ:
ولَيْلة ذات دُجىً سَرَيْتُ،
ولم يَلِتْنِي عَنْ سُراها لَيْتُ،
ولم تَضِرْني حَنَّةٌ وبَيْتُ.
وهي طَلَّتُه وكَنِينتُه ونَهضَتُه وحاصِنته وحاضِنتُه. وما لَهُ
حانَّةٌ ولا آنَّةٌ أَي ناقة ولا شاةٌ؛ والحَانَّةُ: الناقةُ، والآنَّةُ:
الشاةُ، وقيل: هي الأَمَةُ لأَنها تَئِنُّ من التَّعَب. الأَزهري: الحَنِينُ
للناقة والأَنينُ للشاةِ. يقال: ما له حانَّةٌ ولا آنَّةٌ
أَي ما لَه شاةٌ ولا بَعِيرٌ. أَبو زيد: يقال ما له حانَّة ولا جارَّة،
فالحانَّةُ: الإِبلُ التي تَحِنُّ، والجارَّةُ: الحَمُولةُ تَحْمِلُ
المتاعَ والطعامَ. وحَنَّةُ البعيرِ: رُغاؤُه. قال الجوهري: وما له حانَّةٌ
ولا آنَّةٌ أَي ناقةٌ ولا شاةٌ، قال: والمُسْتَحِنُّ مِثْله؛ قال الأَعشى:
تَرَى الشَّيخَ منها يُحِبُّ الإِيا
بَ، يَرْجُفُ كالشارِفَ المُستَحِنّ.
قال ابن بري: الضميرُ في منها يعود على غزوة في بيت متقدم؛ وهو:
وفي كلِّ عامٍ له غزْوةٌ تَحُتُّ الدَّوابِرَ حَتَّ السَّفَنْ.
قال: والمُسْتَحِنُّ الذي اسْتَحَنَّه الشوقُ إلى وَطَنِه؛ قال: ومثلُه
ليزيدَ بنِ النُّعمانِ الأَشعري:
لقد تَرَكَتْ فُؤَادَك، مُسْتَحِناً،
مُطَوَّقَةٌ على غُصْنٍ تَغَنَّى.
وقالوا: لا أَفْعلُ ذلك حتى يَحِنَّ الضبُّ في إثْرِ الإِبلِ الصَّادرة،
وليس للضبِّ حَنِينٌ إنما هُوَ مَثَلٌ، وذلك لأَنَّ الضبَّ لا يَرِدُ
أَبداً. والطَّسْتُ تَحِنُّ إذا نُقِرَت، على التشبيه. وحَنَّت القوسُ
حَنيناً: صَوَّتَت، وأَحَنَّها صاحِبُها. وقوسٌ حَنَّانة: تَحِنُّ عند
الإِنْباضِ؛ وقال:
وفي مَنْكِبَيْ حَنَّانةٍ عُودُ نَبْعَةٍ،
تَخَيَّرَها لِي، سُوقَ مَكَّةَ، بائعُ.
أَي في سوق مكة؛ وأَنشد أَبو حنيفة:
حَنَّانةٌ من نَشَمٍ أَو تأْلَبِ.
قال أَبو حنيفة: ولذلك سميت القوس حَنَّانةً اسم لها علم؛ قال: هذا قول
أَبي حنيفة وَحْدَه، ونحن لا نعلم أَنَّ القوس تُسَمَّى حَنَّانةً، إنما
هو صفة تَغْلِب عليها غَلَبة الاسم، فإِن كان أَبو حنيفة أَراد هذا،
وإلاَّ فقد أَساءَ التعبيرَ. وعُودٌ حَنَّانٌ: مُطَرِّب. والحَنَّانُ من
السهام: الذي إذا أُديرَ بالأَناملِ على الأَباهِيم حَنّ لِعِتْقِ عُودِه
والْتئامِهِ. قال أَبو الهيثم: يقال للسهم الذي يُصَوِّت إذا نَفَّزْته بين
إصْبعيك حَنَّان؛ وأَنشد قول الكميت يَصِف السَّهم:
فاسْتَلَّ أَهْزَعَ حَنَّاناً يُعَلِّله،
عند الإدامةِ حتى يَرْنُوَ الطَّرِبُ.
إدامتُه: تَْنفِيزُه، يُعَلِّلُه: يُغَنِّيه بصوته حتى يَرْنُوَ له
الطَّرِب يستمع إليه وينظر متعجِّباً من حُسْنِه. وطريقٌ حَنَّانٌ: بَيِّنٌ
واضح مُنْبَسِط. وطريق يَحِنُّ فيه العَوْدُ: يَنْبَسِط. الأَزهري: الليث
الحَنَّةُ خِرْقَةٌ تلبسها المرأَةَ فَتُغَطِّي رأْسها؛ قال الأَزهري:
هذا حاقُّ التصحيف، والذي أَراد الخْبَّة، بالخاء والباء، وقد ذكرناه في
موضعه، وأَما الحَنَّةُ، بالحاء والنون، فلا أَصل له في باب الثِّياب.
والحَنِينُ والحَنَّةُ: الشَّبَهُ. وفي المثل: لا تَعْدَمُ ناقةٌ من أُمِّها
حَنِيناً وحَنَّةً أَي شَبَهاً. وفي التهذيب: لا تَعْدَمُ أَدْماءُ من
أُمِّها حنَّةً؛ يضرب مثلاً للرجُل يُشْبِهُ الرجل، ويقال ذلك لكل مَنْ
أَشْبَه أَباه وأُمَّه؛ قال الأَزهري: والحَنَّةُ في هذا المَثَلِ
العَطْفَةُ والشَّفَقةُ والحِيطةُ. وحَنَّ عليه يَحُنُّ، بالضم، أَي صَدَّ. وما
تَحُنُّني شيئاً من شَرِّكَ أَي ما تَرُدُّه وما تَصْرِفه عني. وما حَنَّنَ
عني أَي ما انثنى ولا قَصَّرَ؛ حكاه ابن الأَعرابي، قال شمر: ولم أَسمع
تَحنُنُّي بهذا المعنى لغير الأَصمعي. ويقال: حُنَّ عَنَّا شَرَّكَ أَي
اصْرِفْه. ويقال: حَمَلَ فَحَنَّنَ كقولك حَمَلَ فَهَلَّلَ إذا جَبُنَ.
وأَثَرٌ لا يُحِنُّ عن الجِلْدِ أَي لا يزول؛ وأَنشد:
وإِنَّ لها قَتْلَى فَعَلَّكَ مِنْهُمُ،
وإِلاَّ فجُرْحٌ لا يُحِنُّ عن العَظْمِ
وقال ثعلب: إنما هو يَحِنُّ، وهكذا أَنشد البيت ولم يفسره. والمَحْنُون
من الحقِّ: المنقوصُ. يقال: ما حَنَنْتُك شيئاً من حقِّك أَي ما
نَقَصْتُكَ. والحَنُّونُ: نَوْرُ كلِّ شجرة ونَبْتٍ، واحدتُه حَنُّونةٌ. وحَنَّنَ
الشجرُ والعُشْبُ: أَخرج ذلك. والحِنَّانُ: لغة في الحِنَّآء؛ عن ثعلب.
وزيت حَنِينٌ: متغير الريح، وجَوْزٌ حَنِينٌ كذلك؛ قال عَبِيدُ بن
الأَبرَصِ:
كأَنَّها لِقْوَةٌ طَلُوبُ،
تَحِنُّ في وَكْرِهَا القُلُوبُ.
وبنو حُنٍّ: حيٌّ؛ قال ابن دُرَيْد: هم بطنٌ من بني عُذْرَةَ؛ وقال
النابغة:
تَجَنَّبْ بني حُنٍّ، فإِن لقاءَهُمْ
كَرِيهٌ، وإن لم تَلْقَ إلاَّ بِصابِرِ.
والحِنُّ، بالكسر: حيٌّ من الجن، يقال: منهم الكلابُ السود البُهْمُ،
يقال: كلب حِنِّيٌّ، وقيل: الحِنُّ ضرب من الجن؛ وأَنشد:
يَلْعَبْنَ أَحْواليَ مِنْ حِنٍّ وجِنٌّ.
والحِنُّ: سَفِلَةُ الجِنِّ أَيضاً وضُعَفاؤُهم؛ عن ابن الأَعرابي؛
وأَنشد لمُهاصِرِ بنِ المُحِلِّ:
أَبيتُ أَهْوِي في شيَاطين تُرِنّ،
مُخْتلفٍ نَجْواهُمُ جِنٍّ وحِنّ.
قال ابن سيده: وليس في هذا ما يدل على أَن الحِنَّ سَفِلَةُ الجِنِّ،
ولا على أَنهم حَيٌّ من الجن، إنما يدل على أَن الحِنَّ نوعٌ آخر غير
الجنّ. ويقال: الحِنُّ خَلْقٌ بَيْنَ الجن والإنس. الفراء: الحِنُّ كِلابُ
الجِنِّ. وفي حديث عليّ: إنَّ هذه الكلاب التي لها أَربعُ أَعْيُنٍ من
الحِنِّ؛ فُسِّرَ هذا الحديث الحِنُّ حيٌّ من الجِنِّ. ويقال: مَجْنونٌ
مَحْنونٌ، ورجلٌ مَحْنونٌ
أَي مجنون، وبه حِنَّةٌ أَي جِنَّةٌ. أَبو عمرو: المَحْنون الذي يُصْرعُ
ثم يُفيق زماناً. وقال ابن السكيت الحِنُّ الكلابُ السُّود المُعَيَّنة.
وفي حديث ابن عباس: الكِلابُ من الحِنِّ، وهي ضَعَفَةُ الجِنِّ، فإذا
غَشِيَتْكُم عند طَعامِكم فأَلْقُوا لَهُنَّ، فإِنَّ لَهُنَّ أَنْفُساً؛
جمعُ نَفْسٍ أَي أَنها تُصِيبُ بأَعْيُنِها. وحَنَّةُ وحَنُّونةُ: اسمُ
امرأَة، قال الليث: بلغنا أَن أُمَّ مريم كانت تسمى حَنَّةَ. وحُنَيْنٌ:
اسمُ وادٍ بين مكة والطائف. قال الأَزهري: حُنَيْنٌ اسمُ وادٍ به كانت
وَقْعَةُ أَوْطاسٍ، ذكره الله تعالى في كتابه فقال: ويومَ حُنَيْنٍ إذْ
أَعْجَبَتْكُم كَثْرَتُكُم؛ قال الجوهري: حُنَيْنٌ موضع يذكر ويؤنث، فإذا
قَصَدْتَ به الموضع والبلَد ذكَّرْتَه وصَرفْتَه كقوله تعالى: ويومَ حُنَيْنٍ،
وإن قصدْتَ به البلدةَ والبُقْعةَ أَنَّثْته ولم تصرفه كما قال حَسَّان
بن ثابت:
نَصَرُوا نَبِيَّهُم وشَدُّوا أَزْرَه
بِحُنَيْنَ، يومَ تَواكُلِ الأَبْطال.
وحُنَيْنٌ: اسمُ رجل. وقولُهم للرجل إذا رُدَّ عن حاجتِه ورجَعَ
بالخَيْبةِ: رجع بخُفَّيْ حُنَيْنٍ؛ أَصله أَن حُنَيْناً كان رجلاً شريفاً
ادَّعَى إلى أَسدِ بنِ هاشمِ ابن عبدِ منافٍ، فأَتى إلى عبدِ المُطَّلب وعليه
خُفَّانِ أَحْمرانِ فقال: يا عَمِّ أَنا ابنُ أَسدِ بن هاشمٍ، فقال له
عبدُ المطلب: لا وثيابِ هاشمٍ ما أَعْرِفُ شمائلَ هاشم فيك فارْجِعْ
راشداً، فانْصَرَف خائباً فقالوا: رجعَ حُنَيْنٌ بِخُفَّية، فصار مثلاً؛ وقال
الجوهري: هو اسم إِسْكافٍ من أَهل الحيرةِ، ساوَمه أَعْرابيٌّ بخُفَّيْن
فلم يَشتَرِهما، فغاظَه ذلك وعلَّقَ أَحَدَ الخُفَّيْنِ في طريقه،
وتقدَّم وطرَحَ الآخَرَ وكَمَن له، وجاءَ الأَعرابيُّ فرأَى أَحَدَ الخُفَّيْن
فقال: ما أَشْبَه هذا بِخُفِّ حُنَيْنٍ لو كان معه آخرُ اشْتَرَيْتُه
فتقدَّم ورأَى الخُفَّ الآخرَ مطروحاً في الطريق، فنزلَ وعَقَلَ بعيرَه
ورجع إلى الأوّل، فذهب الإسكافُ براحِلتِه، وجاءَ إلى الحَيِّ بِخُفَّيْ
حُنَيْنٍ. والحَنَّانُ: موضعٌ ينسب إليه أَبْرَقُ الحَنَّانِ. الجوهري:
وأَبْرَقُ الحَنَّانِ موضعٌ. قال ابن الأَثير: الحَنَّانُ رمْلٌ بين مكة
والمدينة له ذِكْرٌ في مَسِير النبي، صلى الله عليه وسلم، إلى بَدْرٍ؛
وحَنَانةُ: اسمُ راعٍ في قول طرفة:
نَعاني حَنَانةُ طُوبالةً،
تسفُّ يَبِيساً من العِشرِقِ.
قال ابن بري: رواه ابن القطاع بَغاني حَنَانةُ، بالباء والغين المعجمة،
والصحيح بالنون والعين غير معجمة كما وقع في الأُصول، بدليل قوله بعد هذا
البيت:
فنَفْسَك فانْعَ ولا تَنْعَني،
وداوِ الكُلُومَ ولا تَبْرَقِ.
والحَنَّانُ: اسمُ فحْلٍ من خُيولِ العرب معروف. وحُنٌّ، بالضم: اسم
رجل. وحَنِينٌ والحَنِينُ
(* قوله «وحنين والحنين إلخ» بوزن أمير وسكيت
فيهما كما في القاموس). جميعاً: جُمادَى الأُولى اسمٌ له كالعَلَم؛ وقال:
وذو النَّحْبِ نُؤْمِنْه فيَقْضي نُذورَه،
لَدَى البِيضِ من نِصْفِ الحَنِين المُقَدَّرِ
وجمعُه أَحِنَّةٌ وحُنُونٌ وحَنَائِنُ. وفي التهذيب عن الفراء والمفضل
أَنهما قالا: كانت العرب تقول لِجُمادَى الآخِرة حَنِينٌ، وصُرِفَ لأَنه
عُني به الشهر.
جأر: جَأَرَ يَجْأَرُ جَأَْراً وجُؤَاراً: رفع صوته مع تضرع واستغاثة.
وفي التنزيل: إِذا هُمْ يَجْأَرُون؛ وقال ثعلب: هو رفع الصوت إِليه
بالدعاء. وجَأَر الرجلُ إِلى الله عز وجل إِذا تضرّع بالدعاءِ. وفي الحديث:
كأَني أَنظر إِلى موسى له جُؤَارُ إِلى ربه بالتلبية؛ ومنه الحديث الآخر:
لخرجتم إِلى الصُّعدَاتِ تَجْأَرُون إِلى الله. وقال قتادة في قوله: إِذا
هُمْ يَجأَرُون؛ قال: إِذا هم يَجْزعُون، وقال السُّدِّيُّ: يصيحون، وقال
مجاهد: يضرعون دعاء، وجأَرَ القومُ جُؤَاراً: وهو أَن يرفعوا أَصواتهم
بالدعاء متضرِّعين. قال: وجأَرَ بالدعاء متضرِّعين. قال: وجأَرَ بالدعاء
إِذا رفع صوته. الجوهري: الجُؤَارُ مثل الخُوَار، جأَر الثور والبقرة
يَجْأَرُ جُؤَاراً: صاحا، وخَارَ يَخور بمعنى واحد: رفعا صوتهما؛ وقرأَ بعضهم:
عجلاً جسداً له جُؤَارٌ، حكاه الأَخفش؛ وغيث جُؤَرٌ مثل نُفَرٍ أَي
مُصَوّتٌ، من ذلك، وفي الصحاح: أَي غزير كثير المطر؛ وأَنشد لجندل بن
المُثَنَّى:
يا رَبَّ رَبَّ المسلمين بالسُّوَرْ،
لا تَسقِهِ صَيَّبَ عَزَّافٍ جُؤَرْ
دعا عليه أَن لا تمطر أَرضه حتى تكون مُجْدِبــةً لا نبت بها، والصَّيّبُ:
المطر الشديد، والعزَّافُ: الذي فيه رعد. والعَزْفُ: الصَّوْتُ، وقيل:
غيث جُؤَرٌ طال نبته وارتفع. وجَأَرَ النبتُ: طال وارتفع، وجَأَرَت الأَرض
بالنبات كذلك؛ وقال الشاعر:
أَبْشرْ فَهذي خُوصَةٌ وجَدْرُ
وعُشْبٌ، إِذا أَكَلْتَ، جَوأَرُ
(* قوله «جوأر» كذا بالأصل، والصواب: جَأرُ).
وعُشْبٌ جَأْرٌ وغَمْرٌ أَي كثير. وذكر الجوهري: غَيْثٌ جِوَرُّ في
جَوَرَ، وسيأْتي ذكره. والجأْرُ من النبت: الفَضُّ الرَّيَّانُ؛ قال جندل:
وكُلِّلَتْ بأُقْحوانٍ جأْرِ
وهذا البيت في التهذيب معرّف:
وكللت بالأُقحوان الجأْر
قال: وهو الذي طال واكتهل. ورجل جَأْرٌ: ضخم، والأُنثى جَأْرةٌ.
والجائر: جَيَشانُ النَّفْس، وقد جُئِرَ. والجائرُ أَيضاً: الغَصَصُ، والجائرُ:
حَرٌّ في الحَلْقِ.
جلح: الجَلَحُ: ذهابُ الشعر من مُقَدَّم الرأْس، وقيل: هو إِذا زاد
قليلاً على النَّزَعَة. جَلِحَ، بالكسر، جَلَحاً، والنعتُ أَجْلَحُ وجَلْحاء،
واسم ذلك الموضع الجَلَحَة.
والجَلَحُ: فوق النَّزَعِ، وهو انْحِسار الشعر عن جانبي الرأْس، وأَوّله
النَّزَعُ ثم الجَلَحُ ثم الصَّلَعُ. أَبو عبيد: إِذا انحَسَر الشعر عن
جانبي الجبهة، فهو أَنْزَعُ، فإِذا زاد قليلاً، فهو أَجْلَح، فإِذا بلغ
النصفَ ونحوه، فهو أَجْلى، ثم هو أَجْلَه، وجمعُ الأَجْلَح جُلْح
وجُلْحانٌ.
والجَلَحةُ: انْحِسارُ الشعر، ومُنْحَسِرُه عن جانبي الوجه. وفي الحديث:
إِن الله ليؤدي الحقوق إِلى أَهلها حتى يَقْتَصَّ للشاة الجَلْحاءِ من
الشاة القَرْناءِ نَطَحَتْها. قال الأَزهري: وهذا يبين أَن الجَلْحاء من
الشاء والبقر بمنزلة الجَمَّاء التي لا قرن لها؛ وفي حديث الصدقة: ليس
فيها عَقْصاء ولا جَلْحاء؛ وهي التي لا قرن لها. قال ابن سيده: وعَنْز
جَلْحاء جَمَّاء على التشبيه بجَلَحِ الشعر؛ وعمَّ بعضهم به نوعي الغنم، فقال:
شاة جَلْحاءٌ كجَمَّاء، وكذلك هي مِن البقر، وقيل: هي من البقر التي ذهب
قرناها آخراً، وهو من ذلك لأَنه كانحسار مُقَدَّم الشعر. وبقر جُلْح: لا
قرون لها؛ قال قَيْسُ بن عَيزارة
(* قوله «قال قيس بن عيزارة» قال شارح
القاموس: تتبعت شعر قيس هذا فلم أجده في ديوانه اهـ.) الهذلي:
فَسَكَّنْتَهم بالمالِ، حتى كأَنهم
بَواقِرُ جُلْحٌ سَكَّنَتْها المَراتِعُ
وقال الجوهري عن هذا البيت: قال الكسائي أَنشدني ابن أَبي طَرْفة،
وأَورد البيت.
وقَرْيَةٌ جَلْحاء: لا حِصْنَ لها، وقُرًى جُلْحٌ. وفي حديث كعب: قال
الله لرُومِيَّةَ: لأَدَعَنَّكِ جَلْحاء أَي لا حِصْنَ عليك. والحُصُون
تشبه القرون، فإِذا ذهبت الحصون جَلِحَتِ القُرَى فصارت بمنزلة البقرة التي
لا قرن لها. وفي حديث أَبي أَيوب: من بات على سَطْحٍ أَجْلح فلا ذمة له؛
هو السطح الذي لا قرن له؛ قال ابن الأَثير: يريد الذي ليس عليه جدار ولا
شيء يمنع من السقوط. وأَرضٌ جَلْحاء: لا شجر فيها. جَلِحَتْ جَلَحاً
وجُلِحَتْ، كلاهما: أُكِلَ كَلَؤُها. وقال أَبو حنيفة: جُلِحَتِ الشجرة:
أُكِلَتْ فروعها فَرُدَّت إِلى الأَصل وخص مرة به الجَنْبةَ.
ونباتٌ مَجْلوحٌ: أُكل ثم نبت. والثُّمامُ المَجْلوحُ والضَّعَةُ
المَجْلوحَة: التي أُكلت ثم نبتت، وكذلك غيرها من الشجر؛ قال يخاطب
ناقته:أَلا ازْحَمِيهِ زَحْمةً فَرُوحِي،
وجاوِزي ذال السَّحَمِ المَجْلوحِ،
وكَثْرَةَ الأَصْواتِ والنُّبُوحِ
والمَجْلوح: المأْكولُ رأْسه. وجَلَح المالُ الشجرَ يَجْلَحُه جَلْحاً،
بالفتح، وجَلَّحَه: أَكله، قيل: أَكل أَعلاه، وقيل: رَعَى أَعاليه
وقَشَرَه.
ونبت إِجْلِيحٌ: جُلِحَتْ أَعاليه وأُكِلَ. والمُجَلَّح: المأْكولُ الذي
ذهب فلم يَبْقَ منه شيء؛ قال ابن مُقْبل يصف القَحْط:
أَلم تَعْلَمِي أَنْ لا يَذُمُّ فُجاءَتي
دَخِيلي، إِذا اغْبَرَّ العضاهُ المُجَلَّحُ
أَي الذي أُكل حتى لم يُترك منه شيء، وكذلك كَلأٌ مُجَلَّح. قال ابن بري
في شرح هذا البيت: دَخِيلُه دُخْلُلُه وخاصته، وقوله: فُجاءتي، يريد
وقت فجاءتي. واغبرار العضاه: إِنما يكون من الجدب، وأَراد بقوله أَن لا
يذم: أَنه لا يذم، فحذف الضمير على حدّ قوله عز وجل: أَفلا يرون أَن لا
يرجعُ إِليهم قولاً، تقديره أَنه لا يرجع.
والمُجَلِّحُ: الكثير الأَكل؛ وفي الصحاح: الرجل الكثير الأَكل.
وناقة مُجالِحة: تأْكل السَّمُرَ والعُرْفُط، كان فيه ورق أَو لم يكن.
والمَجاليح من النحل والإِبل: اللواتي لا يبالين قُحوطَ المطر؛ قال أَبو
حنيفة: أَنشد أَبو عمرو:
غُلْبٌ مَجالِيحُ عند المَحْلِ كُفْأَتُها،
أَشْطانُها في عِذابِ البحرِ تَسْتَبِقُ
الواحدة مِجْلاح ومُجالِحٌ.
والمُجالِحُ أَيضاً من النُّوق: التي تَدِر في الشتاء، والجمع
مَجالِيحُ؛ وضَرْع مُجالِحٌ، منه، وُصِفَ بصفة الجملة، وقد يستعمل في
الشاء.والمِجْلاحُ والمُجَلِّحَةُ: الباقية اللبن على الشتاء، قلَّ ذلك منها
أَو كثر، وقيل: المُجالِحُ التي تَقْضِمُ عيدان الشجر اليابس في الشتاء
إِذا أَقْحَطت السنَةُ وتَسْمَنُ عليها فيبقى لبنها؛ عن ابن الأَعرابي.
وسنَة مُجَلِّحة: مُجْدِبــة. والمَجالِيح: السِّنُونَ التي تَذْهَبُ
بالمال.
وناقة مِجْلاحٌ: جَلْدَةٌ على السنة الشديدة في بقاء لبنها؛ وقال أَبو
ذؤيب:
المانِحُ الأُدْمَ والخُورَ الهِلابَ، إِذا
ما حارَدَ الخُورُ، واجْتَثَّ المَجالِيحُ
قال: المجاليح التي لا تبالي القحوط.
والجالِحةُ والجَوالِحُ: ما تطاير من رؤُوس النبات في الريح شِبْه
القطن؛ وكذلك ما أَشبهه من نسج العنكبوت وقِطَعِ الثلج إِذا تهافت.
والأَجْلَح: الهَوْدَجُ إِذا لم يكن مُشْرِفَ الأَعْلى؛ حكاه ابن جني عن
خالد بن كلثوم، قال: وقال الأَصمعي هو الهودج المربع؛ وأَنشد لأَبي
ذؤيب:إِلاّ تكنْ ظُعْناً تُبْنى هَوادِجُها،
فإِنهن حِسانُ الزِّيِّ أَجْلاحُ
قال ابن جني: أَجْلاحٌ جمع أَجْلَح، ومثله أَعْزَلُ وأَعْزال، وأَفْعَلُ
وأَفعالٌ قليل جدّاً؛ وقال الأَزهري: هَوْدَجٌ أَجْلَح لا رأْس له،
وقيل: ليس له رأْس مرتفع. وأَكَمَةٌ جَلْحاء إِذا لم تكن مُحَدَّدة
الرأْس.والتَّجْلِيحُ: السيرُ الشديد. ابن شميل: جَلَّحَ علينا أَي أَتى علينا.
أَبو زيد: جَلَّحَ على القوم تجليحاً إِذا حمل عليهم. وجَلَّحَ في
الأَمر: ركب رأْسه. والتَّجْلِيحُ: الإِقدام الشديد والتصميم في الأَمر
والمُضِيُّ؛ قال بِشْرُ بن أَبي خازم:
ومِلْنا بالجِفارِ إِلى تَميمٍ،
على شُعُثٍ مُجَلًّحَةٍ عِتاقِ
والجُلاحُ، بالضم مخففاً: السيلُ الجُرافُ. وذئب مُجَلِّحٌ: جَريءٌ،
والأِّنثى بالهاء؛ قال امرؤ القيس:
عَصافيرٌ وذِبَّانٌ ودُودٌ،
وأَجْرٍ من مُجَلِّحَةِ الذِّئابِ
وقيل: كلُّ ماردٍ مُقْدِم على شيءٍ مُجَلِّح. والتَّجْليحُ: المكاشَفةُ
في الكلام، وهو من ذلك؛ وأَما قول لبيد:
فكنَّ سَفِينها، وضَرَبْنَ جَأْشاً،
لِخَمْسٍ في مُجَلِّحَةٍ أَرُومِ
فإِنه يصف مفازة متكشفة بالسير.
وجالَحْتُ الرجلَ بالأَمر إِذا جاهرته به.
والمُجالَحَة: المُكاشَفة بالعداوة. والمُجالِحُ: المُكابِرُ.
والمُجالَحة: المُشارَّة مثل المُكالحةِ. وجَلاَّحٌ والجُلاحُ وجُلَيْحة: أَسماء؛
قال الليث: وجُلاحٌ اسم أَبي أُحَيْحة بن الجُلاح الخزرجي. وجَلِيحٌ:
اسم.وفي حديث عُمَرَ والكاهن: يا جَلِيحُ أَمرٌ نجِيحٌ؛ قال ابن الأَثير:
جَلِيح اسم رجل قد ناداه.
وبنو جُلَيْحة: بطن من العرب.
والجَلْحاءُ: بلد معروف، وقيل هو موضع على فرسخين من البصرة.
وجَلْمَح رأْسَه أَي حَلَقَه، والميم زائدة.
همد: الهَمْدَةُ: السَّكْتةُ. هَمَدَتْ أَصواتُهم أَي سكَنَتْ. ابن
سيده: هَمَدَ يَهْمُدُ هُمُوداً، فهو هامِدٌ وهَمِدٌ وعَمِيدٌ: مات.
وأَهْمَدَ: سَكَتَ على ما يَكْرَه؛ قال الراعي:
وإِني لأَحْمي الأَنْفَ مِن دونِ ذِمَّتي،
إِذا الدَّنِسُ الواهِي الأَمانةِ أَهْمَدا
الليث: الهُمُودُ الموتُ، كما هَمَدَتْ ثمودُ. وفي حديث مصعب بن عمير:
حتى كاد يَهْمُدُ من الجوعِ أَي يَهْلِكُ. وهَمَدَتِ النارُ تَهْمُدُ
هُمُوداً: طُفِئَتْ طُفُوءاً وذهبت البتة فلم يَبِنْ لها أَثَر، وقيل:
هُمُودُها ذَهابُ حرارتِها. ورَمادٌ هامِدٌ: قد تغيَّر وتَلَبَّدَ. والرّماد
الهامِدُ: البالي المُتَلَبِّدُ بعضه على بعض. الأَصمعي: خَمَدَتِ النارُ
إِذا سكَن لَهَبُها، وهَمَدَتْ هُمُوداً إِذا طُفِئَت البتة. فإِذا صارت
رَماداً قيل: هَبا يَهْبُو، وهو هابٍ. ونباتٌ هامِدٌ: يابس. وهَمَدَ شجرُ
الأَرض أَي بَلِيَ وذهَب. وشجرة هامدةٌ: قد اسودّت وبَلِيَتْ. وثَمَرَةٌ
هامدةٌ إِذا اسودّت وعَفِنَتْ. وترى الأَرض هامدةً أَي جافَّة ذات تُراب.
وأَرضٌ هامدة: مُقْشَعِرّة لا نبات فيها إِلا اليابس المُتَحَطِّم، وقد
أَهْمَدَها القَحْطُ. وفي حديث عليّ: أَخرَجَ من
(* قوله «أخرج من» كذا
بالأصل، والذي في النهاية أخرج به من ولعل المعنى أخرج به أي بالماء.)
هَوامِدِ الأَرض النباتَ؛ الهامِدةُ: الأَرضُ المُسْتَنّة، وهُمُودُها: أَن
لا يكون فيها حياةٌ ولا نَبْت ولا عُود ولم يصبها مطر. والهامد من الشجر:
اليابس. وهَمَدَ الثوبُ يَهْمُدُ هُمُوداً: تَقَطَّع وبليَ، وهو من طول
الطسّ تنظر إِليه فتحسَبه صحيحاً فإِذا مَسِسْتَه تَناثَر من البِلى،
وقيل: الهامِدُ البالي من كل شيء. ورُطبةٌ هامِدةٌ إِذا صارت قَشِرةً
وصَقِرةً. وأَهْمَدَ في المكان: أَقام. والإِهمادُ: الإِقامةُ؛ قال رؤبةُ بن
العجاج:
لَمَّا رَأَتْني راضِياً بالإِهمادْ،
كالكُرَّزِ المَرْبوطِ بعيْنَ الأَوْتادْ.
يقول: لما رأَتني راضياً بالجلوس لا أَخرج ولا أَطلب كالبازي الذي
كُرِّزَ أُسْقِطَ ريشُه، وأَهْمَدَ في السير أَسرع؛ قال: وهذا الحرف من
الأَضْدادِ. ابن سيده: والإِهمادُ السُّرْعةُ. وقال غيره: السرعة في السير؛
قال: فهو من الأَضداد، قال رؤَبة بن العجاج:
ما كانَ إِلاَّ طَلَقُ الإِهْماد،
وكَرُّنا بالأَغْرُبِ الجِياد
حتى تَحاجَزْنَ عنِ الرُّوّاد،
تَحاجُزَ الرِّيِّ ولم تَكاد
والطَّلَق: الشَّوْطُ؛ يقال: عَدا الفرس طَلَقاً أَو طلَقين، كما تقول:
شَوْطاً أَو شَوْطين. والأَغْرُبُ: جمع غَرْب، وهي الدول الكبيرة، أَي
تابَعُوا الاستقاءَ بالدِّلاءِ حتى رَوِيَتْ. وأَهْمَدَ الكلبُ أَي
أَحضَرَ. ويقال للهامد: هَمِيدٌ. يقال: أَخذَنا المُصَدِّقُ بالهَمِيدِ أَي بما
مات من الغنم. ابن شميل: الهَمِيدُ المال المكتوب على الرجل في الدِّيوان
فيقال: هاتوا صدَقَتَه وقد ذهب المالُ. يقال: أَخَذَنا الساعِي
بالهَمِيد.
ابن بُزُرج: أَهْمَدوا في الطّعامِ أَي اندفعوا فيه. وهَمْدانُ:
قَبِيلةٌ من اليمن.
غبر: غَبَرَ الشيءُ يَغْبُر غُبوراً: مكث وذهب. وغَبَرَ الشيءُ يَغْبُر
أَي بقي.والغابِرُ: الباقي. والغابِرُ: الماضي، وهو من الأَضداد؛ قال
الليث: وقد يَجِيء الغابِرُ في النعت كالماضي. ورجل غابِرٌ وقوم غُبَّرٌ:
غابِرون. والغابِرُ من الليل: ما بقي منه. وغُبْرُ كل شيء: بقيَّته، والجمع
أَغبارٌ، وهو الغُبَّرُ أَيضاً، وقد غلب ذلك على بقيّة اللبن في الضرع
وعلى بقيَّة دَمِ الحيض؛ قال ابن حِلِّزة:
لا تَكْسَعِ الشَّوْلَ بأَغْبارِها،
إِنَّك لا تَدْرِي مَنِ الناتِجُ
ويقال: بها غُبَّرٌ من لَبَنٍ أَي بالناقة. وغُبَّرُ الحَيْض: بقاياه؛
قال أَبو كبير الهذلي واسمه عامر ابن الحُلَيس:
ومُبَرَّإِ من كل غُبَّرِ حَيْضةٍ،
وفَسادِ مُرْضِعَة، وداءٍ مُغْيِلِ
قوله: ومُبَرَّإِ معطوف على قوله:
ولقد سَرَيْتُ على الظلامِ بمِغْشَم
وغُبَّرُ المرَض: بقاياه، وكذلك غُبْرُ الليل. وغُبْرُ الليل: آخره.
وغُبْرُ الليل: بقاياه، واحدها غُبْرٌ
(* قوله« وغبر الليل بقاياه واحدها
غبر» كذا بضبط الأصل) . وفي حديث معاوية: بِفِنائه أَعْنُزٌ دَرُّهُنَّ
غُبْرٌ أَي قليل. وغُبْرُ اللبَن: بقيَّته وما غَبَرَ منه. وقوله في الحديث:
إِنه كان يَحْدُر فيما غَبَرَ من السُّورة؛ أَي يُسرِع في قِراءتها؛ قال
الأَزهري: يحتمل الغابِرُ هنا الوجهين يعني الماضي والباقي، فإِنه من
الأَضداد، قال: والمعروف الكثير أَن الغابِرَ الباقي. قال: وقال غير واحد
من الأَئمة إِنه يكون بمعنى الماضي؛ ومنه الحديث: أَنه اعتكَفَ العَشْر
الغوابِرَ من شهر رمضان، أَي البواقى، جمعُ غابِرٍ. وفي حديث ابن عمر:
سُئِل عن جُنُب اغترف بكُوز من حُبّ فأَصابت يدُه الماء، فقال: غابرُه نَجِسٌ
أَي باقيهِ. وفي الحديث: فلم يَبْقَ إِلا غُبَّرات من أَهل الكتاب، وفي
رواية: غُبَّرُ أَهل الكتاب؛ الغُبَّر جمع غابِر، والغُبَّرات جمع
غُبَّرٍ. وفي حديث عَمرو بن العاص: ما تأَبَّطَتْني الإِماءُ ولا حَمَلَتْني
البغايا في غُبَّرات المآلي؛ أَراد أَنه لم تتولَّ الإِماء تربيتَه،
والمآلي: خِرَقُ الحيض، أَي في بَقاياها؛ وتَغَبَّرْتُ من المرأَة ولداً.
وتَزَوَّج رجل من العرب امرأَة قد أَسنَّت فقيل له في ذلك فقال: لعلِّي
أَتَغبَّر منها ولداً، فولدتْ له غُبَرَ. مِثالُ عُمَر، وعو غُبَرُ بنَ غَنْم
بن يَشْكُر ابن بَكْر بن وائل.
وناقة مِغْبار: تَغْزُرُ بعدما تَغْزُرُ اللَّواتِي يُنْتَجْن معها.
ونَعت أَعرابي ناقةً فقال: إِنَّها مِعْشارٌ مِشْكار مِغْبارٌ، فالمِغْبار
ما ذكرناه آنفاً، والمِشْكار الغَزيرة على قِلَّة الحَظِّ من المَرْعى،
والمِعشَار تقدم ذكره.
ابن الأَنباري: الغابِرُ الباقي في الأَشْهَر عندهم، قال: وقد يقال
للماضي غابِرٌ؛ قال الأَعشى في الغابِرِ بمعنى الماضي:
عَضَّ بِما أَبْقى المَواسي له،
من أُمِّه، في الزَّمَن الغابِرِ
أَراد الماضي. قال الأَزهري: والعروف في كلام العرب أَن الغابِرَ
الباقي. قال أَبو عبيد: الغُبَّرات البَقايا، واحدها غابِرٌ، ثم يجمع غُبَّراً،
ثم غُبَّرات جمع الجمع. وقال غير واحد من أَئمة اللغة: إِن الغابرَ يكون
بمعنى الماضي.
وداهية الغَبَرِ، بالتحريك: داهية عظيمة لا يُهتدى لِمِثْلها؛ قال
الحرْمازي يمدح المنذِرَ بنَ الجارُودِ:
أَنت لها مُنْذِرُ، من بين البَشَرْ،
داهِيَةُ الدَّهْرِ وصَمَّاء الغَبَرْ
يريد يا منذر. وقيل: داهية الغَبَرِ الذي يعانِدُك ثم يرجع إِلى قولك.
وحكى أَبو زيد: ما غَبَّرْت إِلا لِطَلَب المِراء. قال أَبو عبيد: من
أَمثالهم في الدَّهاءِ والإِرْب: إِنه لداهية الغَبَر؛ ومعنى شعر المنذر
يقول: إِن ذُكِرتْ يقولون لا تسمعوها فإِنها عظيمة؛ وأَنشد:
قد أَزِمَتْ إِن لم تُغَبَّرْ بِغَبَرْ
قال: هو من قولهم جُرْح غَبِرٌ. وداهية الغَبَر: بليّة لا تكاد تذهب؛
وقول الشاعر:
وعاصِماً سلّمه من الغدَرْ
من بعد إِرْهان بصَمَّاء الغَبَرْ
قال أَبو الهيثم: يقول أَنجاه من الهلاك بعد إِشراف عليه. وإِرْهانُ
الشيء: إِثباتُه وإِدامتُه.
والغَبَرُ: البقاء والغَبَرُ، بغير هاء: التُّراب؛ عن كراع. والغَبَرةُ
والغُبار: الرَّهَجُ، وقيل: الغَبَرةُ تردُّد الرَّهَجِ فإِذا نار سُمّي
غُباراً. والغُبْرة: الغُبار أَيضاً؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
بِعَيْنَيَّ لم تَسْتأْنسا يومَ غُبْرَةٍ،
ولم تَرِدا أَرضَ العِراق فَتَرْمَدَا
وقوله أَنشده ثعلب:
فَرَّجْت هاتيك الغُبَرْ
عنا، وقد صابت بقُرْ
قال ابن سيده: لم يفسره، قال: وعندي أَنه عَنَى غُبَر الجَدْب لأَن
الأَرض تَغْبَرُّ إِذا أَجْدَبَتْ؛ قال: وعندي أَن غُبَر ههنا موضع. وفي
الحديث: لو تعلمون ما يكون في هذه الأُمَّة من الجوع الأَغْبَرِ والمَوْت
الأَحْمر؛ قال ابن الأَثير: هذا من أَحسن الاستِعارات لأَن الجوع أَبداً
يكون في السنين الــمُجدبــة، وسِنُو الجَدْب تُسمَّى غُبْراً لاغْبرار آفاقها
من قلَّة الأَمطار وأَرَضِيها من عَدَم النبات والاخْضِرار، والموتُ
الأَحمرُ الشديد كأَنه موتٌ بالقَتْل وإِراقة الدماء؛ ومنه حديث عبدِ الله بن
الصامت: يُخَرّب البَصْرةَ الجُوعُ الأَغْبَر والموت الأَحْمَرُ؛ هو من
ذلك. واغْبَرَّ اليوم: اشتدَّ غُباره؛ عن أَبي عليّ. وأَغْبَرْتُ: أَثَرْت
الغُبار، وكذلك غَبَّرْت تَغْبِيراً. وطَلَب فلاناً فما شَقَّ غُبَارَه
أَي لم يُدْرِكه. وغَبَّرَ الشيءَ: لَطَّخَه بالغُبارِ. وتَغَبَّر: تلطَّخ
به. واغبَرَّ الشيءُ: عَلاه الغُبار. والغَبْرةُ: لطخُ الغُبار.
والغُبْرَة: لَوْنُ الغُبار؛ وقد غَبِرَ واغْبَرَّ اغْبِرَاراً، وهو أَغْبَرُ.
والغُبْرة: اغْبِرار اللوْن يَغْبَرُّ للهمِّ ونحوه. وقوله عز وجل: ووجوهٌ
يومئذ عليها غَبَرة تَرْهَقُها قَتَرة؛ قال: وقول العامة غُبْرة خطأ،
والغُبْرة لون الأَغْبر، وهو شبيه بالغُبار. والأَغْبر: الذئب للونه؛
التهذيب: والمُغَبِّرة قوم يُغَبِّرون بذكر الله تعالى بدعاء وتضرّع، كما
قال:عبادك المُغَبِّره،
رُشَّ علينا المَغفِرَه
قال الأَزهري: وقد سَمَّوْا يُطَرِّبون فيه من الشِّعْر في ذكر الله
تَغْبيراً كأَنهم تنَاشَدُوهُ بالأَلحان طَرَّبوا فَرَقَّصوا وأَرْهَجوا
فسُمّوا مُغَبِّرة لهذا المعنى. قال الأَزهري: وروينا عن الشافعي، رضي الله عنه،
أَنه قال: أَرى الزَّنادِقة وَضَعوا هذا التَّغْبِير ليَصُدّوا عن ذكر
الله وقراءة القرآن. وقال الزجاج: سُمّوا مُغَبِّرين لتزهيدهم الناس في
الفانية، وهي الدنيا، وترغيبهم في الآخرة الباقية، والمِغْبار من النخل: التي
يعلوها الغُبار؛ عن أَبي حنيفة.
والغَبْراء: الأَرض لغُبْرة لونها أَو لما فيها من الغُبار.
وفي حديث أَبي هريرة: بَيْنا رجُل في مفازة غَبْراء؛ هي التي لا يهتدى
للخروج منها. وجاء على غَبْراء الظهر وغُبَيراء الظهر، يعني الأَرض. وتركه
على غُبَيراء الظهر أَي ليس له شيء. التهذيب: يقال جاء فلان على
غُبَيراء الظهر، ورجع عَوْده على بَدْئه، ورجع على أَدْراجه ورَجَع دَرَجَه
الأَوَّل، ونكَص على عَقِبَيْه، كل ذلك إِذا رجع ولم يصِب شيئاً. وقال ابن
أَحمر: إِذا رجع ولم يقدر على حاجته قيل: جاء على غُبَيراء الظهر كأَنه رجع
وعلى ظهره غُبار الأَرض. وقال زيد بن كُثْوة: يقال تركته على غُبَيراء
الظهر إِذا خاصَمْت رجلاً فَخَصَمته في كل شيء وغلبته على ما في يديه.
والوَطْأَة الغَبْراء: الجديدة، وقيل: الدارسة وهو مثل الوَطأَة السَّوداء.
والغَبراء: الأَرض في قوله، صلى الله عليه وسلم: ما أَظلَّت الخَضراء ولا
أَقلَّت الغَبْراء ذا لَهْجة أَصْدَقَ من أَبي ذرّ؛ قال ابن الأَثير:
الخَضراء السماء، والغَبْراء الأَرض؛ أَراد أَنه مُتَناهٍ في الصِّدق إِلى
الغاية فجاء به على اتِّساع الكلام والمجاز. وعِزٌّ أَغْبر: ذاهبٌ دارِس؛
قال المخبَّل السعدي:
فأَنْزَلَهم دارَ الضَّياع، فأَصْبَحوا
على مَقْعَدٍ من مَوْطِن العِزِّ أَغْبَرا
وسَنة غبراء: جَدْبة، وبَنُو غَبْراء: الفقراء، وقيل: الغُرَباء، وقيل:
الصَّعالِيك، وقيل: هم القوم يجتمعون للشراب من غير تعارُف؛ قال طرفَة:
رأَيتُ بني غَبْراء لا ينكرونني،
ولا أَهلُ هَذاك الطِّراف المُمَدَّد
وقيل: هم الذين يَتناهَدون في الأَسفار. الجوهري: وبَنُو غَبْراء الذين
في شِعْر طرفة المَحَاويج، ولم يذكر الجوهري البيت، وذكره ابن بري وغيره
وهو: رأَيت بني غَبْراء لا ينكرونني
قال ابن بري: وإِنما سمى الفقراء بني غَبْراء للُصوقهم بالتُّراب، كما
قيل لهم المُدْقِعُون للصوقهم بالدَّقْعاء، وهي الأَرض كأَنهم لا حائل
بينهم وبينها. وقوله: ولا أَهلُ مرفوع بالعطف على الفاعل المضمَر في
يُنكرونني، ولم يحتج إِلى تأْكيد لطول الكلام بلا النافية؛ ومثله قوله سبحانَه
وتعالى: ما أَشْرَكنا ولا آباؤُنا. والطراف: خِباءٌ من أَدَم تتخذه
الأَغنياء؛ يقول: إِن الفقراء يعرفونني بإِعطائي وبِرّي والأَغنياء يعرفونني
بفَضْلي وجَلالة قَدْرِي. وفي حديث أُوَيْس: أَكون في غُبَّر الناس أَحبُّ
إِليَّ، وفي رواية: في غَبْراء الناس، بالمدّ، فالأَوّل في غُبَّر الناس
أَي أَكون مع المتأَخرين لا المتقدِّمين المشهورين، وهو من الغابِرِ
الباقي، والثاني في غَبْراء الناس بالمدّ أَي في فقرائهم؛ ومنه قيل
للمَحاويج بَنُو غَبْراء كأَنهم نُسبوا إِلى الأَرض والتراب؛ وقال
الشاعر:وبَنُو غَبْراء فيها
يَتعاطَون الصِّحافا
يعني الشُّرْب. والغَبْراء: اسم فرس قيس بن زهير العَبسي. والغَبْراء:
أُنثى الحَجَل.
والغَبْراء والغُبَيْراء: نَباتٌ سُهْلِيٌّ، وقيل: الغَبْراء شجرته
والغُبَيْراء ثمرته، وهي فاكهة، وقيل: الغُبَيْراء شجرته والغَبْراء ثمرته
بقلب ذلك، الواحد والجمع فيه سواء، وأَما هذا الثمر الذي يقال له
الغُبَيْراء فدخيل في كلام العرب؛ قال أَبو حنيفة: الغُبَيْراء شجرة معروفة، سميت
غُبَيْراء للون وَرَقِها وثمرتها إِذا بدت ثم تحمر حُمْرة شديدة، قال:
وليس هذا الاشتقاق بمعروف، قال: ويقال لثمرتها الغُبَيراء، قال: ولا تذكر
إِلا مصغّرة. والغُبَيراء: السُّكُرْكَةُ، وهو شراب يعمل من الذرة يتخذه
الحَبَشُ وهو يُسْكِر. وفي الحديث: إِياكم والغُبَيراءَ فإِنها خمر
العالم. وقال ثعلب: هي خمر تُعْمَل من الغُبَيراء، هذا الثمر المعروف، أَي هي
مثل الخمر التي يتعارفها جميع الناس لا فضل بينهما في التحريم.
والغَبْراء من الأَرض: الخَمِرُ. والغَبْراء والغَبَرة: أَرض كثيرة
الشجر. والغِبْرُ: الحِقْد كالغِمْر. وغَبِرَ العِرْق غَبَراً، فهو غَبِرٌ:
انتقض. ويقال: أَصابه غَبَرٌ في عِرْقِه أَي لا يكاد يبرأُ؛ قال الشاعر:
فهو لا يَبْرأُ ما في صَدْرِه،
مثل ما لا يَبْرأُ العِرْقُ الغَبِرْ
بكسر الباء. وغَبِرَ الجُرْح، بالكسر، يَغْبَر غَبَراً إِذا انْدَمَل
على فساد ثم انتقض بعد البُرْء؛ ومنه سمي العرْق الغَبِر لأَنه لا يزال
ينتقض، والناسور بالعربية هو العِرْق الغَبِر. قال: والغَبَرُ أَن يَبْرأَ
ظاهرُ الجرح وباطنه دَوٍ؛ وقال الأَصمعي في قوله:
وقَلِّبي مَنْسِمَك المُغْبَرَّا
قال: الغَبَرُ داء في باطن خف البعير. وقال المفضل: هو من الغُبْرة،
وقيل: الغَبَرُ فساد الجرح أَنَّى كان؛ أَنشد ثعلب:
أَعْيَا على الآسِي بَعِيداً غَبَرُهْ
قال: معناه بعيداً فسادُه يعني أَن فساده إِنما هو في قعره وما غَمَضَ
من جوانبه فهو لذلك بعيد لا قريب. وأَغْبَر في طلب الشيء: انكمش وجَدّ في
طلبه. وأَغْبَرَ الرجل في طلب الحاجة إِذا جدّ في طلبها؛ عن ابن السكيت.
وفي حديث مجاشع: فخرجوا مُغْبِرين هم ودَوابُّهم؛ المُغْبِرُ: الطالب
للشيء المنكمش فيه كأَنه لحرصه وسرعته يُثِير الغُبار؛ ومنه حديث الحرث بن
أَبي مصعب: قدم رجل من أَهل المدينة فرأَيته مُغْبِراً في جَِهازه.
وأَغْبَرت علينا السماءُ: جَدَّ وَقْعُ مطرها واشتد.
والغُبْرانُ: بُسْرتان أَو ثلاث في قِمْع واحد، ولا جمع للغُبْران من
لفظه. أَبو عبيد: الغُبْرانُ رُطَبتان في قمْع واحد مثل الصِّنْوانِ نخلتان
في أَصل واحد، قال: والجمع غَبارِين. وقال أَبو حنيفة: الغُبْرانة،
بالهاء، بَلَحات يخرجن في قمع واحد. ويقال: لَهِّجوا ضَيْفَكم وغَبِّروه
بمعنى واحد. والغَبِير: ضرب من التمر.
والغُبْرورُ: عُصَيْفِير أَغْبَر. والمُغْبور، بضم الميم؛ عن كراع: لغة
في المُغْثور، والثاء أَعلى.