من (م ض ر) البيضاء والغضة الطرية.
من (م ض ر) البيضاء والغضة الطرية.
مضر: مَضَرَ اللَّبَنُ يَمْضُرُ مُضُوراً: حَمُضَ وابْيَضَّ، وكذلك
النبيذ إِذا حَمُضَ. ومَضَرَ اللبنُ أَي صار ماضِراً، وهو الذي يَحْذِي
اللسانَ قبل أَن يَرُوبَ.
ولبن مَضِيرٌ: حامِضٌ شديد الحُموضة؛ قال الليث: يقال إِن مُضَر كان
مُولَعاً بشربه فسمي مُضَرَ به؛ قال ابن سيده: مُضَرُ اسم رجل قيل سمي به
لأَنه كان مولعاً بشرب اللبن الــماضر، وهو مُضَرُ بن نِزار بن مَعَدِّ بن
عدنان، وقيل: سمي به لبياض لونه من مَضِيرة الطبيخ.
والمَضِيرَة: مُرَيْقَة تطبخ بلبن وأَشياء، وقيل: هي طبيخ يتخذ من اللبن
الــماضر. قال أَبو منصور: المضيرة عند العرب أَن تطبخ اللحم باللبن البحث
الصريح الذي قد حذى اللسانَ حتى يَنْضَجَ اللحمُ وتَخْثُرَ المضيرة،
وربما خلطوا الحليب بالحَقِين وهو حينئذ أَطيب ما يكون.
ويقال: فلان يَتَمَضَّرُ أَي يتعَصَّبُ لمضر، ونقل لي مُتَحَدِّث أَن في
الروض الأُنف للسهيلي قال في الحديث: لا تَسُبُّوا مُضَرَ ولا ربيعة
فإِنهما كانا مُؤمِنَيْن. الجوهري: وقيل لمُضَرَ الحَمْراءُ ولربيعَةَ
الفَرَسُ لأَنهما لما اقتسما الميراث أُعْطِيَ مُضَرُ الذهبَ، وهو يؤنث،
وأُعطي ربيعةُ الخيل. ويقال: كان شِعارهم في الحرب العمائم والراياتِ الحُمْر
ولأَهل اليمن الصفر. وقال الجوهري: سمعت بعض أَهل العلم يفسر قول أَبي
تمام يصف الربيع:
مُحْمَرَّة مُصْفَرَّة فكأَنها
عُصُبٌ، تَيَمَّنُ في الوغى وتَمَضَّرُ
ابن الأَعرابي: لبَن مَضِرٌ، قال ابن سيده: وأُراه على النسب كَمَضِرٍ
وطَعِمٍ لأَن فِعْله إِنما هو مَضَر، بفتح الضاد لا كسرها، قال: وقلما
يجيء اسم الفاعل من هذا على فَعِلٍ.
ومُضارَةُ اللبن: ما سال منه. والــماضِرُ: اللبن الذي يَحْذي اللسانَ قبل
أَن يُدْرِك، وقد مَضَرَ يَمْضُر مُضُوراً، وكذلك النبيذ. وفي حديث
حذيفة، وذكر خروج عائشة فقال: يُقاتِلُ معها مُضَرُ، مَضَّرَها الله في النار،
أَي جعلها في النار، فاشتق لذلك لفظاً من اسمها؛ يقال: مَضَّرْنا فلاناً
فَتَمَضَّرَ أَي صيرناه كذلك بأَن نسبناه إِليها؛ وقال الزمخشري:
مَضَّرها جَمَعها كما يقال جَنَّدَ الجُنودَ، وقيل: مَضَّرها أَهلكها، من قولهم:
ذهَب دمُهُ خِضْراً مِضْراً أَي هَدَراً، ومِضْرٌ إِتباع، وحكى الكسائي
بِضْراً، بالباء؛ قال الجوهري: نُرَى أَصلَه من مُضُورِ اللبنِ وهو
قَرْصُه اللسانَ وحَذْيُه له، وإِنما شدد للكثرة والمبالغة.
والتَّمَضُّرُ: التشبه بالمُضَرِيَّةِ. وفي الحديث: سأَله رجلٌ فقال: يا
رسولَ الله، ما لي مِنْ ولَدِي؟ قال: ما قَدَّمْتَ منهم، قال: فَمَنْ
خَلَّفْتُ بَعْدِيف قال: لك منهم ما لِمُضَرَ من ولَدِه أَي أَنّ مُضَر لا
أَجْرَ له فيمن مات من ولده اليَوْمَ وإِنما أَجره فيمن مات من ولده
قبله.وخذ الشيء خِضْراً مِضْراً وخَضِراً مَضِراً أَي غَضًّا طَرِيًّا.
والعرب تقول: مَضَّرَ اللهُ لك الثناء أَي طَيَّبَه. وتُــماضِرُ: اسم امرأَة،
مشتق من هذه الأَشياء؛ قال ابن دريد: أَحسبَهُ من اللبن الــماضر.
هتر: الهَتْرُ: مَزْقُ العِرْضِ؛ هَتَرَه يَهْتِرُه هَتْراً وهَتَّرَه.
ورجل مُسْتَهْتَرٌ: لا يبالي ما قيل فيه ولا ما قيل له ولا ما شُتِمَ به.
قال الأَزهري: قول الليث الهَتْرُ مَزْقُ العرض غير محفوظ، والمعروف
بهذا المعنى الهَرْت إِلا أَن يكون مقلوباً كما قالوا جَبَذَ وجَذَبَ، وأَما
الاسْتِهْتارُ فهو الوُلوعُ بالشيء والإِفراط فيه حتى كأَنه أُهْتِرَ
أَي خَرِفَ. وفي الحديث: سبق المُفْرِدُونَ؛ قالوا: وما المُفْرِدُونَ؟
قال: الذين أُهْتِرُوا في ذكر الله يَضَعُ الذِّكْرُ عنهم أَثْقالَهُمْ
فيأْتون يوم القيامة خِفافاً؛ قال: والمُفْرِدُونَ الشيوخُ الهَرْمى، معناه
أَنهم كَبِرُوا في طاعة الله وماتت لذاتهم وذهب القَرْنُ الذين كانوا فيهم،
قال: ومعنى أُهْتِرُوا في ذكر الله أَي خَرِفُوا وهم يذكرون الله. يقال:
خرف في طاعة الله أَي خَرِفَ وهو يطيع الله؛ قال: والمُفْرِدُونَ يجوز
أَن يكون عني بهم المُتَفَرِّدُونَ المُتَخَلُّونَ لذكر الله،
والمُسْتَهْتَرُونَ المُولَعُونَ بالذكر والتسبيح. وجاء في حديث آخر: هم الذين
اسْتُهْتِرُوا بذكر الله أَي أُولِعُوا به. يقال: اسْتُهْتِرَ بأَمر كذا وكذا
أَي أُولِعَ به لا يتحدّثُ بغيره ولا يفعلُ غيرَه.
وقولٌ هِتْرٌ: كَذِبٌ. والهِتْرُ، بالكسر: السَّقَطُ من الكلام والخطأُ
فيه. الجوهري: يقال هِتْرٌ هاتِرٌ، وهو توكيد له؛ قال أَوسُ بنُ حَجَرٍ:
أَلمَّ خَيالٌ مَوْهِناً من تُــماضِرٍ
هُدُوّاً، ولم يَطْرُقْ من الليل باكرا
وكان، إِذا ما الْتَمَّ منها بِحاجَةٍ،
يُراجِعُ هِتْراً من تُــماضِرَ هاتِرَا
قوله هُدُوّاً أَي بعد هَدْءٍ من الليل. ولم يطرق من الليل باكراً أَي
لم يطرق من أَوله. والْتَمَّ: افْتَعَلَ من الإِلمام، يريد أَنه إِذا
أَلمَّ خَيالُها عاوَدَه خَبالُه فَقْدَ كلامِهِ. وقوله يُراجِعُ هِتْراً أَي
يعود إِلى أَن يَهْذِيَ بذكرها. ورجلٌ مُهْتَرٌ: مُخْطِئٌ في كلامه.
والهُتْرُ، بضم الهاء: ذهاب العقل من كبر أَو مرض أَو حزن. والمُهْتَرُ:
الذي فَقَدَ عقلَه من أَحد هذه الأَشياء، وقد أَهْتَرَ، نادرٌ. وقد
قالوا: أَهْتَرَ وأُهْتِرَ الرجلُ، فهو مُهْتَرٌ إِذا فقد عقله من الكِبَرِ
وصار خَرِفاً. وروى أَبو عبيد عن أَبي زيد أَنه قال: إِذا لم يَعْقِلْ من
الكِبَرِ قيل أُهْتِرَ، فهو مُهْتَرٌ، والاستهتارُ مثله. قال يعقوب: قيل
لامرأَة من العرب قد أُهْتِرَتْ: إِن فلاناً قد أَرسل يَخْطُبُكِ، فقالت:
هل يُعْجِلُني أَن أَحِلَّ؛ ما لَه؟ أُلَّ وغُلَّ معنى قولها: أَن
أَحلَّ أَن أَنزل، وذلك لأَنها كانت على ظهر طريق راكبة بعيراً لها وابنها
يقودها. ورواه أَبو عبيد: تُلَّ وغُلَّ أَي صُرِعَ، من قوله تعالى:
وتَلَّهُ للجبين. وفلان مُسْتَهْتَرٌ بالشراب أَي مُولَعٌ به لا يبالي ما قيل
فيه. وهَتَره الكِبَرُ، والتَّهْتارُ تَفْعال من ذلك، وهذا البناء يجاء به
لتكثير المصدر. والتَّهَتُّرُ: كالتَّهْتارِ. وقال ابن الأَنباري في
قوله: فلان يُهاتِرُ فلاناً معناه يُسابُّه بالباطل من القول، قال: هذا قول
أَبي زيد، وقال غيره: المُهاتَرَةُ القول الذي يَنْقُضُ بعضُه بعضاً.
وأُهْتِرَ الرجلُ فهو مُهْتَرٌ إِذا أُولِعَ بالقول في الشيء. واسْتُهْتِرَ
فهو مُسْتَهْتَرٌ إِذا ذهب عقله فيه وانصرفت هِمَمُه إِليه حتى أَكثر
القول فيه بالباطل. وقال النبي، صلي الله عليه وسلم: المُسْتَبَّانِ شيطانان
يَتَهاتَرانِ ويَتَكاذَبانِ ويَتقاوَلانِ ويَتَقابَحانِ في القول، من
الهِتْرِ، بالكسر، وهو الباطل والسَّقَطُ من الكلام. وفي حديث ابن عمر، رضي
الله عنهما: اللهم إِني أَعوذ بك أَن أَكون من المُسْتَهْتَرين. يقال:
اسْتُهْتِر فلان، فهو مُسْتَهْتَر إِذا كان كثير الأَباطيل، والهِتْرُ:
الباطلُ. قال ابن الأَثير: أَي المُبْطِلينَ في القول والمُسْقِطِينَ في
الكلام، وقيل: الذين لا يبالون ما قيل لهم وما شتموا به، وقيل: أَراد
المُسْتَهْتَرِينَ بالدنيا. ابن الأَعرابي: الهُتَيْرَةُ تصغير الهِتْرَةِ، وهي
الحَمْقَةُ المُحْكَمَةُ. الأَزهري: التَّهْتارُ من الحُمْقِ والجهل؛
وأَنشد:
إِن الفَزارِيَّ لا يَنْفَكُّ مُغْتَلِماً،
من النَّواكَةِ، تَهْتاراً بِتَهْتارِ
قال: يريد التَّهَتُّرَ بالتَّهَتُّرِ، قال: ولغة العرب في هذه الكلمة
خاصة دَهْداراً بِدَهْدارِ، وذلك أَن منهم من يجعل بعض التاءات في الصدور
دالاً، نحو الدُّرْياقِ والدِّخْرِيص لغة في التِّخْرِيص، وهما معرّبان.
والهِتْرُ: العَجَبُ والداهية. وهِتْرٌ هاتِرٌ: على المبالغة؛ وأَنشد بيت
أَوس بن حَجَرٍ:
يراجع هتراً من تــماضر هاترا
وإِنه لهِتْرُ أَهْتارٍ أَي داهية دَواهٍ. الأزهري: ومن أَمثالهم في
الداهي المُنْكَرِ: إِنه لهِتْرُ أَهْتارٍ وإِنه لَصِلُّ أَصْلالٍ.
وتَهاتَرَ القومُ: ادّعى كل واحد منهم على صاحبه باطلاً. ومضى هِتْرٌ من الليل
إِذا مضى أَقَلُّ من نصفه؛ عن ابن الأَعرابي.
برك: البَرَكة: النَّماء والزيادة. والتَّبْريك: الدعاء للإنسان أو غيره
بالبركة. يقال: بَرَّكْتُ عليه تَبْريكاً أي قلت له بارك الله عليك.
وبارك الله الشيءَ وبارك فيه وعليه: وضع فيه البَرَكَة. وطعام بَرِيك: كأنه
مُبارك. وقال الفراء في قوله رحمة الله وبركاته عليكم، قال: البركات
السعادة؛ قال أبو منصور: وكذلك قوله في التشهد: السلام عليك أيها النبي ورحمة
الله وبركاته، لأن من أسعده الله بما أسعد به النبي، صلى الله عليه
وسلم، فقد نال السعادة المباركة الدائمة. وفي حديث الصلاة على النبي، صلى
الله عليه وسلم: وبارِكْ على محمد وعلى آل محمد أي أَثْبِتْ له وأدم ما
أعطيته من التشريف والكرامة، وهو من بَرَكَ البعير إذا أناخ في موضع فلزمه؛
وتطلق البَرَكَةُ أيضاً على الزيادة، والأَصلُ الأَولُ. وفي حديث أم سليم:
فحنَّكه وبَرَّك عليه أي دعا له بالبركة. ويقال: باركَ الله لك وفيك
وعليك وتَبَارك الله أي بارك الله مثل قاتَلَ وتَقاتَلَ، إلا أن فاعلَ يتعدى
وتفاعلَ لا يتعدى. وتَبَرّكْتُ به أي تَيَمَّنْتُ به. وقوله تعالى: أن
بُورِكَ مَنْ في النار ومَنْ حولَها؛ التهذيب: النار نور الرحمن، والنور
هو الله تبارك وتعالى، ومَنْ حولها موسى والملائكة. وروي عن ابن عباس: أن
برك من في النار، قال الله تعالى: ومَنْ حولها الملائكة، الفراء: إنه في
حرف أُبَيٍّ أن بُورِكَت النارُ ومنْ حولها، قال: والعرب تقول باركَكَ
الله وبارَكَ فيك، قال الأَزهري: معنى بَرَكة الله عُلُوُّه على كل شيء؛
وقال أبو طالب بن عبد المطلب:
بُورِكَ المَيِّتُ الغريبُ، كما بُو
رك نَضْحُ الرُّمَّان والزيتون
وقال:
بارَك فيك اللهُ من ذي ألِّ
وفي التنزيل العزيز: وبارَكْنا عليه. وقوله: بارَكَ الله لنا في الموت؛
معناه بارك الله لنا فيما يؤدينا إليه الموت؛ وقول أبي فرعون:
رُبَّ عجوزٍ عِرْمس زَبُون،
سَرِيعة الرَّدِّ على المسكين
تحسب أنَّ بُورِكاً يكفيني،
إذا غَدَوتُ باسِطاً يَميني
جعل بُورِك اسماً وأعربه، ونحوٌ منه قولهم: من شُبٍّ إلى دُبٍّ؛ جعله
اسماً كدُرٍّ وبُرٍّ وأعربه. وقوله تعالى يعني القرآن: إنا أنزلناه في ليلة
مُباركةٍ، يعني ليلة القدر نزل فيها جُملةً إلى السماء الدنيا ثم نزل
على سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، شيئاً بعد شيء. وطعام بَرِيكٌ:
مبارك فيه. وما أبْرَكَهُ: جاء فعلُ التعجب على نية المفعول. وتباركَ
الله: تقدَّس وتنزه وتعالى وتعاظم، لا تكون هذه الصفة لغيره، أي تطَهَّرَ.
والقُدْس: الطهر. وسئل أبو العباس عن تفسير تبارَكَ اللهُ فقال: ارتفع.
والمُتبارِكُ: المرتفع. وقال الزجاج: تبارَكَ تفاعَلَ من البَرَكة، كذلك
يقول أهل اللغة. وروى ابن عباس: ومعنى البَرَكة الكثرة في كل خير، وقال في
موضع آخر: تَبارَكَ تعالى وتعاظم، وقال ابن الأَنباري: تبارَكَ الله أي
يُتَبَرَّكُ باسمه في كل أمر. وقال الليث في تفسير تبارَكَ الله: تمجيد
وتعظيم. وتبارَكَ بالشيء: تَفاءَل به. الزجاج في قوله تعالى: وهذا كتاب
أنزلناهُ مبارك، قال: المبارك ما يأتي من قِبَله الخير الكثير وهو من نعت
كتاب، ومن قال أنزلناه مباركاً جاز في غير القراءة. اللحياني: بارَكْتُ على
التجارة وغيرها أي واظبت عليها، وحكى بعضهم تباركتُ بالثعلب الذي تباركتَ
به.
وبَرَكَ البعير يَبْرُكُ بُروكاً أي استناخ، وأبرَكته أنا فبَرَكَ، وهو
قليل، والأكثر أنَخْتُه فاستناخ. وبَرَكَ: ألقى بَرْكَهُ بالأرض وهو
صدره، وبَرَكَتِ الإبل تَبْرُكُ بُروكاً وبَرَّكْتُ: قال الراعي:
وإن بَرَكَتُ منها عجاساءُ جلَّةٌ،
بمَحِّْنيَةٍ، أجلَى العِفاسَ وبَرْوَعا
وأبرَكَها هو، وكذلك النعامة إذا جَثَمَتْ على صدرها. والبَرْكُ: الإبل
الكثيرة؛ ومه قول متمم بن نُوَيْرَةَ:
إذا شارفٌ منهنَّ قامَتْ ورجعَّتْ
حَنِيناً، فأبكى شَجْوُها البَرْكَ أجمعا
والجمع البُرُوك، والبَرْكُ جمع باركٍ مثل تَجْرٍ وتاجر، والبَرْكُ:
جماعة الإبل الباركة، وقيل: هي إبل الجِواءِ كلُّها التي تروح عليها، بالغاً
ما بلغَتْ وإن كانت ألوفاً؛ قال أبو ذؤيب:
كأن ثِقالَ المُزنِ بين تُضارِعٍ
وشابَةَ بَرْكٌ، من جُذامَ، لَبِيجُ
لَبيجٌ: ضارب بنفسه؛ وقيل: البَرْك يقع على جميع ما برك من جميع الجِمال
والنُّوقِ على الماء أو الفَلاة من حر الشمس أو الشبع، الواحد بارِكٌ
والأُنثى باركة. التهذيب: الليث البَرْكُ الإبل البُرُوك اسم لجماعتها؛ قال
طرفة:
وبَرْكٍ هُجُودٍ قد أثارَتْ مَخافَتِي
بَوَاديَها، أمشي بعَضْبٍ مُجَرَّد
ويقال: فلان ليس له مَبْرَكُ جَمَلٍ. وكل شيء ثبت وأقام، فقد بَرَكَ.
وفي حديث علقمة: لا تَقْرَبْهم فإن على أبوابهم فِتَناً كَمبارِك الإبل؛ هو
الموضع الذي تبرك فيه، أراد أنها تُعْدِي كما أن الإبل الصحاح إذا أنيخت
في مَبارك الجَرْبَى جَرِبَتْ.
والبِرْكة: أن يَدِرّ لبَنُ الناقة وهي باركة فيقيمَها فيحلبها؛ قال
الكميت:
وحَلَبْتُ بِرْكتها اللَّبُو
ن، لَبون جُودِكَ غير ماضِرْ
ورجل مُبْتَرِكٌ: معتمِد على الشيء مُلِجٌّ؛ قال:
وعامُنا أعْجَبَنا مُقَدَّمُهُ،
يُدْعَى أبا السَّمْح وقِرْضابٌ سِمُهْ،
مُبْتَرِكٌ لكل عَظْمٍ يَلْحُمُهْ
ورجل بُرَكٌ: بارِكٌ على الشيء؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأنشد:
بُرَكٌ على جَنْبِ الإناء مُعَوَّدٌ
أكل البِدَانِ، فلَقْمُه مُتدارِكُ
الليث: البِرْكةُ ما وَلِيَ الأَرض من جلد بطن البعير وما يليه من
الصدر، واشتقاقه من مَبْرَك البعير، والبَرْكُ كَلْكل البعير وصدره الذي
يعدُوك. به الشيء تحته؛ يقال: حَكَّه ودكَّه وداكه بِبَرْكه؛ وأنشد في صفه
الحرب وشدتها:
فأقْعَصَتُهمْ وحَكَّتْ بَرْكَها بِهِمُ،
وأعْطَتِ النّهْبَ هَيَّانَ بن بَيَّانِ
والبَرْك والبِرْكةُ: الصدر، وقيل: هو ما ولي الأرض من جلد صدر البعير
إذا بَرَك، وقيل: البَرْك للإنسان والبِرْكة لِما سوى ذلك، وقيل: البَرْك
الواحد، والبِركة الجمع، ونظيره حَلْي وحِلْية، وقيل: البَرْكُ باطن
الصدر والبِركة ظاهره؛ والبِرْكة من الفرس الصدر؛ قال الأَعشى:
مُسْتَقْدِم البِرْكَة عَبْل الشَّوَى،
كَفْتٌ إذا عَضَّ بفَأسِ اللِّجام
الجوهري: البَرْكُ الصدر، فإذا أدخلت عليه الهاء كسرت وقلت بِرْكة؛ قال
الجعدي:
في مِرْفَقَيْهِ تَقاربٌ، ولَهُ
بِرْكَةُ زَوْرٍ كَجبأة الخَزَمِ
وقال يعقوب: البَرْكُ وسط الصدر؛ قال ابن الزِّبَعْرى:
حين حَكَّتْ بقُباءٍ بَرْكَها،
واسْتَحَرَّ القتل في عَبْدِ الأَشَلّ
وشاهد البِرْكة قول أبي دواد:
جُرْشُعاً أعْظَمُه جَفْرَتُه،
ناتِئُ البِرْكةِ في غير بَدَدْ
وقولهم: ما أحسن بِرْكَة هذه الناقة وهو اسم للبُروك، مثل الرِّكبة
والجِلْسة.
وابْتَرك الرجل أي ألقى بِرْكه. وفي حديث علي بن الحسين: ابْتَرَكَ
الناسُ في عثمان أي شتموه وتنقَّصوه. وفي حديث علي: ألقت السحابُ بَرْكَ
بَوانِيها؛ البَرْكُ الصدر، والبَوانِي أركان البِنْية. وابْتَرَكْتُه إذا
صرَعته وجعلته تحت بَرْكك. وابْتَرَك القوم في القتال: جَثَوْا على
الرُّكَب واقتتلوا ابتِراكاً، وهي البَرُوكاءُ والبُرَاكاءُ.
والبَراكاءُ: الثَّبات في الحرب والجِدّ، وأصله من البُروك؛ قال بشر بن
أبي خازم:
ولا يُنْجي من الغَمَراتِ إلاَّ
بَرَاكاءُ القتال، أو الفِرار
والبَراكاءُ: ساحة القتال. ويقال في الحرب: بَراكِ براكِ أي ابْرُكوا.
والبُرَاكِيَّة: ضرب من السفن.
والبُرَكُ والبارُوك: الكابُوس وهو النِّيدِلانُ، وقال الفرّاء:
بَرَّكانِيٌّ، ولا يقال بَرْنَكانيّ.
وبَرْك الشتاء: صدره؛ قال الكميت:
واحْتَلَّ برْكُ الشتاء مَنْزِلَه،
وبات شيخ العِيالِ يَصْطَلِبُ
قال: أراد وقت طلوع العقرب وهو اسم لعدَّة نجوم: منها الزُّبانَى
والإكْلِيلُ والقَلْبُ والشَّوْلة، وهو يطلع في شدة البرد، ويقال لها البُرُوك
والجُثُوم، يعني العقرب، واستعار البَرْكَ للشتاء أي حل صَدر الشتاء
ومعظمه في منزله، يصف شدة الزمان وجَدّبه لأن غالب الجدب إنما يكون في
الشتاء. وبارَكَ على الشيء: واظب. وأبْرَكَ في عَدْوه: أسرع مجتهداً، والاسم
البُروك؛ قال:
وهنَّ يَعْدُون بنا بُروكا
أي نجتهد في عدوها. ويقال: ابْتَرَكَ الرجل في عرض أخيه يُقَصِّبُه إذا
اجتهد في ذمه، وكذلك الابتِراك في العدو والاجتهاد فيه، ابْتَرَكَ أي
أسرع في العَدْو وجدَّ؛ قال زهير:
مَرّاً كِفاتاً، إذا ما الماءُ أسْهَعلَها،
حتى إذا ضُربت بالسوط تَبْتَرِكُ
وابْتِراكُ الفرس: أن يَنْتَحِي على أحد شقيه في عَدْوه. وابْتَرَكَ
الصَّيقَلُ: مال على المِدْوَسِ في أحد شقيه. وابتركت السحابة: اشتدّ
انهلالها. وابْتَرَكت السماء وأبركت: دام مطرها. وابْتَركَ السحابُ إذا ألَحّ
بالمطر. وابْتَرَكَ في عَرْض الحَبل: تَنَقّصه. ابن الأَعرابي: الخَبِيصُ
يقال له البُرُوك ليس الرُّبُوك. وقال رجل من الأَعراب لامرأته: هل لكِ
في البُرُوك؟ فأجابته: إن البُرُوك عمل الملوك؛ والاسم منه البَرِيكة،
وعمله البُرُوك، وأول من عمل الخَبِيص عثمان بن عفان، رضي الله عنه، وأهداها
إلى أزواج النبي، صلى الله عليه وسلم، وأما الرَّبِيكة فالحَيْس؛ وروى
إبراهيم عن ابن الأَعرابي أنه أنشد لمالك بن الريب:
إنا وجدنا طَرَدَ الهَوَامِلِ،
والمشيَ في البِرْكةِ والمَراجِلِ
قال: البِرْكةُ جنس من برود اليمن، وكذلك المَرَاجل. والبُرْكة:
الحَمَالة ورجالها الذين يسعون فيها؛ قال:
لقد كان في لَيْلى عطاء لبُرْكةٍ،
أناخَتْ بكم تَرْجو الرغائب والرِّفْدا
ليلى هنا ثلثمائة من الإبل كما سموا المائة هِنْداً، ويقال للجماعة
يتحملون حَمالةً بُرْكَةٌ وجُمَّة؛ ويقال: أبرَكْتُ الناقة فَبَركَتْ
بُرُوكاً. والتَّبْراك: البُروك؛ قال جرير:
لقد قَرِحَتْ نَغَانِغُ ركبتيها
من التَّبْراك، ليس من الصَّلاةِ
وتِبْراك، بكسر التاء: موضع بحذاء تِعْشار؛ قال مرار بن مُنْقِذ:
أعَرَفْت الدَّارَ أم أنْكَرْتها،
بين تِبْراكٍ فشَسَّيْ عَبَقُرْ؟
والبِرْكةُ: كالحوض، والجمع البِرَكُ؛ يقال: سميت بذلك لإقامة الماء
فيها. ابن سيده: والبِرْكَةُ مستنقع الماء. والبِرْكةُ: شبه حوض يحفر في
الأَرض لا يجعل له أعضاد فوق صعيد الأرض، وهو البِرْكُ أيضاً؛ وأنشد:
وأنْتِ التي كَلَّفْتِني البِرْكَ شاتياً
وأوْردتِنيه، فانْظُرِي، أي مَوْرِدِ
ابن الأعرابي البِرْكةُ تَطْفَحُ مثل الزَّلَف، والزَّلَفُ وجه المرآة.
قال أبو منصور: ورأيت العرب يسمون الصَّهاريج التي سُوِّيت بالآخر
وضُرِّجَتْ بالنُّورة في طريق مكة ومناهلها بِرَكاً، واحدتها بِرْكةٌ، قال:
وربَّ بِرْكةٍ تكون ألف ذراع وأقل وأكثر، وأما الحِياض التي تسوّى لماء
السماء ولا تُطْوَى بالآجر فهي الأَصْناع، واحدها صِنْع، والبِرْكةُ:
الحَلْبة من حَلَب الغداة؛ قال ابن سيده: وهي البَركَةُ، ولا أحقها، ويسمون
الشاة الحَلُوبة: بِرْكةً.
والبَروك من النساء: التي تتزوج ولها ولد كبير بالغ.
والبِراكُ: ضرب من السمك بحري سود المناقير.
والبُركة، بالضم: طائر من طير الماء أبيض، والجمع بُرَك وأبْراك
وبُرْكان، قال: وعندي أن أبْرَاكاً وبُرْكاناً جمع الجمع. والبُرَكُ أيضاً:
الضفادع؛ وقد فسر به بعضهم قول زهير يصف قطاة فَرَّتْ من صَقْر إلى ماء ظاهر
على وجه الأَرض:
حتى استغاثَتْ بماء لا رشاءَ لَهُ
من الأَباطِح، في حافاته البُرَكُ
والبِرْكانُ: ضرب من دِقِّ الشجر، واحدته بِرْكانة؛ قال الراعي:
حتى غدا حَرِضاً طَلَّى فَرائصُه،
يَرعى شقائقَ من عَلْقَى وبِرْكانِ
وقيل: هو ما كان من الحَمْض وسائر الشجر لا يطول ساقه. والبِرْكانُ: من
دِقّ النبت وهو الحمض؛ قال الأَخطل وأنشد بيت الراعي وذكر أن صدره:
حتى غدا حَرِضاً هَطْلى فرائصُه
والهطلى: واحده هِطْل، وهو الذي يمشي رُوَيداً. وواحد البِركان
بِرْكانَة، وقيل: البِرْكانُ نيت ينبت قليلاً بنجد في الرمل ظاهراً على الأَرض،
له عروق دِقاقٌ حسن النبات وهو من خير الحمض؛ قال:
بحيث الْتَقَى البِرْكانُ والحَاذُ والغَضَا
بِبِئْشَة، وارْفَضَّتْ تِلاعاً صدورُها
وفي رواية: وارْفَضَّتْ هَراعاً، وقيل: البِرْكانُ ضرب من شجر الرمل؛
وأنشد بيت الراعي:
حتى غدا حَرِضاً هَطْلى فَرائصُه
أبو زيد: البُورَقُ والبُورَكُ الذي يجعل في الطحين.
والبُرَيْكانِ: أخَوان من العرب، قال أبو عبيدة: أحدهما بارِكٌ والآخر
بُرَيْك، فغلب بُرَيْك إما للفظه، وإما لِسنّه، وإما لخفة اللفظ. وذو
بُرْكان: موضع؛ قال بشر بن أبي خازم:
تَرَاها إذا ما الآلُ خَبَّ كأنها
فَرِيد، بذي بُرْكان، طاوٍ مُلَمَّعُ
وبُرَك: من أسماء ذي الحجة؛ قال:
أعُلُّ على الهِنْديّ مَهْلاً وكَرَّةً،
لَدَى بُرَكٍ، حتى تَدُورَ الدوائرُ
وبِرْكٌ، مثال قِرْدٍ: اسم موضع بناحية اليمن؛ قال ابن بري: وبِرْكُ
الغُماد موضع باليمن. ويقال: الغِماد والغُماد، بالكسر والضم، وقيل: إن
الغِمادَ بَرَهُوت الذي جاء في الحديث أن أرواح الكافرين فيه، وحكى ابن
خالويه عن ابن دريد أن بِركَ الغِماد بقعة في جهنم، ويروى أن الأَنصار، رضي
الله عنهم، قالوا للنبي، صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، إنا ما نقول لك
مثل ما قال قوم موسى لموسى، اذهَبْ أنت وربك فقاتِلا، بل بآبائنا
نَفْدِيكَ وأمّهاتِنا يارسول الله ولو دعوتنا إلى بَرْكِ الغِماد؛ وأنشد ابن
دريد لنفسه:
وإذا تَنَكَّرَتِ البِلا
ذُ، فأوْلِها كَنَفَ البعاد
واجعَلْ مُقامَك، أو مَقَرْ
رَكَ جانِبَيْ بَرْكِ الغِماد
كلِّ الذَّخائِرِ، غَيْرَ تَقْـ
ـوى ذي الجَلال، إلى نَفاد
وفي حديث الهجرة: لو أمرتها أن تبلغ بها بَرْك الغُماد، بفتح الباء
وكسرها، وتضم الغين وتكسر، وهو اسم موضع باليمن، وقيل: هو موضع وراء مكة بخمس
ليال.
خلل: الخَلُّ: معروف؛ قال ابن سيده: الخَلُّ ما حَمُض من عَصير العنب
وغيره؛ قال ابن دريد: هو عربي صحيح. وفي الحديث: نِعْمَ الإِدامُ الخَلُّ،
واحدته خَلَّة، يُذهب بذلك إِلى الطائفة منه؛ قال اللحياني: قال أَبو
زياد جاؤوا بِخَلَّة لهم، قال: فلا أَدري أَعَنَى الطائفة من الخَلِّ أَم هي
لغة فيه كخَمْر وخَمْرة، ويقال للخَمْر أُمُّ الخَلّ؛ قال:
رَمَيْت بأُمِّ الخَلِّ حَبَّةَ قلبه،
فلم يَنْتَعِشْ منها ثَلاثَ ليال
والخَلَّة: الخَمْرُ عامَّةً، وقيل: الخَلُّ الخمرة الحامضة، وهو
القياس؛ قال أَبو ذؤيب:
عُقارٌ كماء النِّيءِ ليست بِخَمْطَة،
ولا خَلَّة يَكوي الشَّرُوبَ شِهابُها
ويروى: فجاء بها صفراء ليست؛ يقول: هي في لون ماء اللحم النِّيءِ، وليست
كالخَمْطَة التي لم تُدْرِك بعد، ولا كالخَلَّة التي جاوَزَت القَدْر
حتى كادت تصير خَلاًّ. اللحياني: يقال إِن الخَمْر ليست بخَمْطَة ولا
خَلَّة أَي ليست بحامضة، والخَمْطَة: التي قد أَخَذَت شيئاً من ريح كريح
النَّبِقِ والتُّفَّاح، وجاءنا بلبن خامطٍ منه، وقيل: الخَلَّة الخَمْرة
القَارِصة، وقيل: الخَلَّة الخَمْرة المتغيرة الطعم من غير حموضة، وجمعها
خَلٌّ؛ قال المتنخل الهذلي:
مُشَعْشَعة كعَيْنِ الدِّيك ليست،
إِذا دِيفَتْ، من الخَلِّ الخِماط
وخَلَّلَتِ الخَمْرُ وغيرُها من الأَشربة: فَسَدت وحَمُضَت. وخَلَّلَ
الخمرَ: جعلها خَلاًّ. وخَلَّل البُسْرَ: جعله في الشمس ثم نَضَحه بالخَلِّ
ثم جعله في جَرَّة. والخَلُّ: الذي يؤتدم به؛ سمي خَلاًّ لأَنه اخْتَلَّ
منه طَعْمُ الحَلاوة. والتَّخْليل: اتخاذ الخَلِّ. أَبو عبيد: والخَلُّ
والخَمْر الخير والشر. وفي المثل: ما فلان بخَلٍّ ولا خَمْرٍ أَي لا خير
فيه ولا شر عنده؛ قال النمر بن تولب يخاطب زوجته:
هلاَّ سأَلتِ بعادِياء وبيْتِه،
والخَلِّ والخمرِ الذي لم يُمْنَع
ويروى: التي لم تُمْنَع أَي التي قد أُحِلَّت؛ وبعد هذا البيت بأَبيات:
لا تَجْزَعي إِن مُنْفِساً أَهلكتُه،
وإِذا هَلَكْتُ، فعندَ ذلك فاجزَعي
وسئل الأَصمعي عن الخَلِّ والخَمْر في هذا الشعر فقال: الخَمْرُ الخير
والخَلُّ الشر. وقال أَبو عبيدة وغيره: الخَلُّ الخير والخمر الشر. وحكى
ثعلب: ما له خَلٌّ ولا خمر أَي ما له خير ولا شر.
والاختلال: اتخاذ الخَلِّ. الليث: الاخْتِلال من الخَلِّ من عصير العنب
والتمر؛ قال أَبو منصور: لم أَسمع لغيره أَنه يقال اخْتَلَّ العصيرُ إِذا
صار خَلاًّ، وكلامهم الجيِّد: خَلَّلَ شرابُ فلان إِذا فَسَد وصار
خَلاًّ. اللحياني: يقال شَرابُ فلان قد خَلَّل يُخَلِّل تَخْليلاً، قال: وكذلك
كل ما حَمُض من الأَشربة يقال له قد خَلَّل. والخَلاَّل: بائع الخَلِّ
وصانِعُه. وحكى ابن الأَعرابي: الخَلَّة الخُمْرة الحامضة، يعني بالخُمْرة
الخمير، فرُدَّ ذلك عليه، وقيل: إِنما هي الخَمْرة، بفتح الخاء، يعني
بذلك الخَمْر بعينها. والخَلُّ أَيضاً: الحَمْض؛ عن كراع؛ وأَنشد:
ليست من الخَلِّ ولا الخِمَاط
والخُلَّة: كل نَبْت حُلْو؛ قال ابن سيده: الخُلَّة من النبات ما كانت
فيه حلاوة من المَرْعى، وقيل: المرعى كله حَمْض وخُلَّة، فالحَمْض ما كانت
فيه ملوحة، والخُلَّة ما سوى ذلك؛ قال أَبو عبيد: ليس شيء من الشجر
العظام بحَمْض ولا خُلَّة، وقال اللحياني: الخُلَّة تكون من الشجر وغيره،
وقال ابن الأَعرابي: هو من الشجر خاصة؛ قال أَبو حنيفة: والعرب تسمي الأَرض
إِذا لم يكن بها حَمْض خُلَّةً وإِن لم يكن بها من النبات شيء يقولون:
عَلَوْنا أَرضاً خُلَّة وأَرضين خُلَلاً؛ وقال ابن شميل: الخُلَّة إِنما هي
الأَرض. يقال: أَرْضٌ خُلَّة. وخُلَلُ الأَرضِ: التي لا حَمْض بها، قال:
ولا يقال للشجر خُلَّة ولا يذكر؛ وهي الأَرض التي لا حَمْضَ بها، وربما
كان بها عِضاهٌ، وربما لم يكن، ولو أَتيت أَرضاً ليس بها شيء من الشجر
وهي جُرُز من الأَرض قلت: إِنها لَخُلَّة؛ وقال أَبو عمرو: الخُلَّة ما لم
يكن فيه مِلْح ولا حُموضة، والحَمْض ما كان فيه حَمَضٌ ومُلوحة؛ وقال
الكميت:
صادَفْنَ وَادِيَهُ المغبوطَ نازلُه،
لا مَرْتَعاً بَعُدَتْ، من حَمْضه، الخُلَل
والعرب تقول: الخُلَّة خُبْز الإِبل والحَمْض لحمها أَو فاكهتها أَو
خَبِيصها، وإنما تُحَوَّل إِلى الحَمْض إِذا مَلَّتِ الخُلَّة. وقوم
مُخِلُّون: إِذا كانوا يَرْعَوْن الخُلَّة.
وبَعيرٌ خُلِّيٌّ، وإِبِل خُلِّيَّة ومُخِلَّة ومُخْتَلَّة: تَرْعى
الخُلَّة. وفي المثل: إِنك مُخْتَلٌّ فتَحَمَّضْ أَي انْتَقِل من حال إِلى
حال. قال ابن دريد: هو مَثَل يقال للمُتَوَعِّد المتهدِّد؛ وقال أَبو عمرو
في قول الطرماح:
لا يَني يُحْمِضُ العَدُوَّ، وذو الخُلْـ
ـلَة يُشْفى صَداه بالإِحْماضِ
يقول: إِن لم يَرْضَوا بالخُلَّة أَطْعَموهم الحَمْض، ويقول: من جاء
مشتهياً قتالَنا شَفَيْنا شهوته بإِيقاعنا به كما تُشْفى الإِبل
المُخْتَلَّة بالحَمْض، والعرب تضرب الخُلَّة مثلاً للدَّعة والسَّعة، وتضرب
الحَمْضَ مثلاً للشَّر والحَرْب. وقال اللحياني: جاءت الإِبل مُخْتَلَّة أَي
أَكلت الخُلَّة واشتهت الحَمْضَ. وأَرض مُخِلَّة: كثيرة الخُلَّة ليس بها
حَمْض. وأَخَلَّ القومُ: رعت إِبلُهم الخُلَّة. وقالت بعض نساء الأَعراب
وهي تتمنى بَعْلاً: إِن ضَمَّ قَضْقَض، وإِن دَسَر أَغْمَض، وإِن أَخَلَّ
أَحْمَض؛ قالت لها أُمها: لقد فَرَرْتِ لي شِرَّة الشَّباب جَذَعة؛ تقول:
إِن أَخذ من قُبُل أَتبَع ذلك بأَن يأْخذ من دُبُر؛ وقول العجاج:
جاؤوا مُخِلِّين فلاقَوْا حَمْضا،
ورَهِبوا النَّقْض فلاقَوْا نَقْضا
أَي كان في قلوبهم حُبُّ القتال والشر فَلَقُوا مَنْ شَفاهم؛ وقال ابن
سيده: معناه أَنهم لاقَوْا أَشدَّ مما كانوا فيه؛ يُضْرب ذلك للرجل
يَتَوَعَّد ويَتَهَدَّد فيلقى من هو أَشد منه. ويقال: إبل حامضة وقد حَمَضَتْ
هي وأَحْمَضتها أَنا، ولا يقال إِبل خالَّة. وخَلَّ الإِبلَ يخُلُّها
خَلاًّ وأَخَلَّها: حَوَّلها إِلى الخُلَّة، وأَخْلَلتها أَي رَعَيْتها في
الخُلَّة. واخْتَلَّت الإِبلُ: احْتَبَسَتْ في الخُلَّة؛ قال أَبو منصور:
من أَطيب الخُلَّة عند العرب الحَلِيُّ والصِّلِّيان، ولا تكون الحُلَّة
إِلا من العُرْوة، وهو كل نَبْت له أَصل في الأَرض يبقى عِصْمةً للنَّعْم
إِذا أَجْدَبْت السنةُ وهي العُلْقة عند العرب. والعَرْفَج والحِلَّة: من
الخُلَّة أَيضاً. ابن سيده: الخُلَّة شجرة شاكة، وهي الخُلة التي ذكرتها
إِحدى المتخاصمتين إِلى ابنة الخُسِّ حين قالت: مَرْعى إِبل أَبي
الخُلَّة، فقالت لها ابنة الخُسِّ: سريعة الدِّرَّة والجِرَّة. وخُلَّة
العَرْفَج: مَنْبِتُه ومُجْتَمَعُه.
والخَلَل: مُنْفَرَج ما بين كل شيئين. وخَلَّل بينهما: فَرَّج، والجمع
الخِلال مثل جَبَل وجبال، وقرئ بهما قوله عز وجل: فترى الوَدْق يخرج من
خِلاله، وخَلَله. وخَلَلُ السحاب وخِلالُه: مخارج الماء منه، وفي التهذيب:
ثُقَبه وهي مخارج مَصَبّ القَطْر. قال ابن سيده في قوله: فترى الودق
يخرج من خِلاله، قال: قال اللحياني هذا هو المُجْتَمع عليه، قال: وقد روي عن
الضحاك أَنه قرأَ: فترى الوَدْق يخرج من خَلَلِه، وهي فُرَجٌ في السحاب
يخرج منها. التهذيب: الخَلَّة الخَصَاصةُ في الوَشِيع، وهي الفُرْجة في
الخُصِّ. وفي رأْي فلان خَلَل أَي فُرْجة. والخَلَل: الفُرْجة بين
الشيئين. والخَلَّة: الثُّقْبة الصغيرة، وقيل: هي الثُّقْبة ما كانت؛ وقوله يصف
فرساً:
أَحال عليه بالقَناةِ غُلامُنا،
فأَذْرِعْ به لِخَلَّة الشاة راقِعا
معناه أَن الفرس يعدو وبينه وبين الشاة خَلَّة فيُدْركها فكأَنه رَقَع
تلك الخَلَّة بشخصه، وقيل: يعدو وبين الشاتين خَلَّة فَيرْقَع ما بينهما
بنفسه.
وهو خَلَلَهم وخِلالَهم أَي بينهم. وخِلالُ الدار: ما حوالَيْ جُدُرها
وما بين بيوتها. وتَخَلَّلْتُ ديارهم: مَشَيت خِلالها. وتُخَلَّلتُ الرملَ
أَي مَضَيت فيه. وفي التنزيل العزيز: فجاسُوا خِلالَ الدِّيار. وقال
اللحياني: جَلَسْنا خِلالَ الحيِّ وخِلال دُور القوم أَي جلسنا بين البيوت
ووسط الدور، قال: وكذلك يقال سِرْنا خِلَلَ العدُوّ وخِلالهم أَي بينهم.
وفي التنزيل العزيز: ولأَوْضَعوا خِلالَكم يَبْغونكم الفتنةَ؛ قال الزجاج:
أَوْضَعْت في السير إِذا أَسرعت فيه؛ المعنى: ولأَسرعوا فيما يُخِلُّ
بكم، وقال أَبو الهيثم: أَراد ولأَوْضَعوا مَراكِبهم خِلالَكم يَبْغونكم
الفتنة، وجعل خِلالكم بمعنى وَسَطَكم. وقال ابن الأَعرابي: ولأَوْضَعوا
خِلالكم أَي لأَسرعوا في الهَرب خلالكم أَي ما تَفرق من الجماعات لِطَلب
الخَلَوة والفِرار. وتَخَلَّل القومَ: دخل بين خَلَلهم وخِلالهم؛ ومنه
تَخَلُّل الأَسنان. وتَخَلَّلَ الرُّطَبَ: طلبه خِلال السَّعَف بعد انقضاء
الصِّرام، واسم ذلك الرُّطَب الخُلالة؛ وقال أَبو حنيفة: هي ما يبقى في
أُصول السَّعَف من التمر الذي ينتثر، وتخليل اللحية والأَصابع في الوضوء،
فإِذا فعل ذلك قال: تَخَلَّلت. وخَلَّل فلان أَصابعَه بالماء: أَسال الماء
بينها في الوضوء، وكذلك خَلَّل لحيته إِذا توضأَ فأَدخل الماء بين شعرها
وأَوصل الماء إِلى بشرته بأَصابعه. وفي الحديث: خَلِّلُوا أَصابعَكم لا
تُخَلِّلها نار قليل بُقْياها، وفي رواية: خَلِّلوا بين الأَصابع لا
يُخَلِّل اللهُ بينها بالنار. وفي الحديث: رَحِم الله المتخلِّلين من أُمتي في
الوضوء والطعام؛ التخليل: تفريق شعر اللحية وأَصابع اليدين والرجلين في
الوضوء، وأَصله من إِدخال الشيء في خِلال الشيء، وهو وسَطُه.
وخَلَّ الشيءَ يَخُلُّه خَلاًّ، فهو مَخْلول وخَلِيل، وتَخَلَّله:
ثَقَبه ونَفَذَه، والخِلال: ما خَلَّه به، والجمع أَخِلَّة. والخِلال: العود
الذي يُتَخَلَّل به، وما خُلَّ به الثوب أَيضاً، والجمع الأَخِلَّة. وفي
الحديث: إِذا الخِلال نُبَايِع. والأَخِلَّة أَيضاً: الخَشَبات الصغار
اللواتي يُخَلُّ بها ما بين شِقَاق البيت. والخِلال: عود يجعل في لسان
الفَصِيل لئلا يَرْضَع ولا يقدر على المَصِّ؛ قال امرؤ القيس:
فَكَرَّ إِليه بمِبْراتِه،
كما خَلَّ ظَهْرَ اللسان المُجِرّ
وقد خَلَّه يَخُلُّه خَلاًّ، وقيل: خَلَّه شقَّ لسانه ثم جَعل فيه ذلك
العود. وفَصيل مخلول إِذا غُرز خِلال على أَنفه لئلا يَرْضَع أُمه، وذلك
أَنها تزجيه إِذا أَوجع ضَرْعَها الخِلال، وخَلَلْت لسانَه أَخُلُّه.
ويقال: خَلَّ ثوبَه بخِلال يَخُلُّه خلاًّ، فهو مخلول إِذا شَكَّه بالخِلال.
وخَلَّ الكِساءَ وغيرَه يَخُلُّه خَلاًّ: جَمَع أَطرافه بخِلال؛ وقوله
يصف بقراً:
سَمِعْن بموته فَظَهَرْنَ نَوْحاً
قِيَاماً، ما يُخَلُّ لهنَّ عُود
(* قوله «سمعن بموته إلخ» أورده في ترجمة نوح شاهداً على أَن النوح اسم
للنساء يجتمعن للنياحة وأَن الشاعر استعاره للبقر).
إنما أَراد: لا يُخَلُّ لهن ثوب بعود فأَوقع الخَلَّ على العود
اضطراراً؛ وقبل هذا البيت:
أَلا هلك امرؤ قامت عليه،
بجنب عُنَيْزَةَ، البَقَرُ الهُجودُ
قال ابن دريد: ويروى لا يُحَلُّ لهنَّ عود، قال: وهو خلاف المعنى الذي
أَراده الشاعر. وفي حديث أَبي بكر، رضي الله عنه: كان له كساءٌ فَدَكِيٌّ
فإِذا ركب خَلَّه عليه أَي جمع بين طَرَفيه بخِلال من عود أَو حديد،
ومنه: خَلَلْته بالرمح إِذا طعنته به.
والخَلُّ: خَلُّك الكِساء على نفسك بالخِلال؛
وقال:
سأَلتك، إِذ خِبَاؤُك فوق تَلٍّ،
وأَنت تَخُلُّه بالخَلِّ، خَلاًّ
قال ابن بري: قوله بالخَلّ يريد الطريق في الرمل، وخَلاًّ، الأَخير:
الذي يُصْطَبَع به، يريد: سأَلتك خَلاًّ أَصْطَبِغ به وأَنت تُخُلُّ خِباءَك
في هذا الموضع من الرمل. الجوهري: الخَلُّ طريق في الرمل يذكر ويؤنث،
يقال حَيَّةُ خَلٍّ كما يقال أَفْعَى صَرِيمة. ابن سيده: الخَلُّ الطريق
النافذ بين الرمال المتراكمة؛ قال:
أَقْبَلْتُها الخَلَّ من شَوْرانَ مُصْعِدةً،
إِنِّي لأُزْرِي عليها، وهي تَنْطَلِقُ
قال: سمي خَلاًّ لأَنه يَتَخَلَّل أَي يَنْفُذ. وتَخَلَّل الشيءُ أَي
نَفَذ، وقيل: الخَلُّ الطريق بين الرملتين، وقيل: هو طريق في الرمل أَيّاً
كان؛ قال:
من خَلِّ ضَمْرٍ حين هابا ودجا
والجمع أَخُلٌّ وخِلال. والخَلَّة: الرملة اليتيمة المنفردة من الرمل.
وفي الحديث: يخرج الدجال خَلَّة بين الشام والعراق أَي في سبيل وطريق
بينهما، قيل للطريق والسبيل خَلَّة لأَن السبيل خَلَّ ما بين البلدين أَي
أَخَذَ مخيط ما بينهما، خِطْتُ اليوم خَيْطَة أَي سِرْت سَيْرة، ورواه بعضهم
بالحاء المهملة من الحُلول أَي سَمْتَ ذلك وقُبَالَته.
واخْتَلَّه بسهم: انْتَظَمه. واخْتَلَّه بالرمح: نَفَذه، يقال: طَعَنته
فاخْتَلَلْت فؤَداه بالرُّمح أَي انتظمته؛ قال الشاعر:
نَبَذَ الجُؤَارَ وضَلَّ هِدْيَةَ رَوْقِهِ،
لمَّا اخْتَلَلْتُ فُؤَادَه بالمِطْرَدِ
وتَخَلَّله به: طعنه طعنة إِثر أُخرى. وفي حديث بدر: وقتِل أُمَيَّة بن
خَلَف فَتَخَلَّلوه بالسيوف من تحتي أَي قتلوه بها طعناً حيث لم يقدروا
أَن يضربوه بها ضرباً.
وعسكر خالٌّ ومُتَخَلْخِل: غير مُتَضامّ كأَن فيه منافذ. والخَلَل:
الفساد والوَهْن في الأَمر وهو من ذلك كأَنه تُرك منه موضع لم يُبْرَم ولا
أُحْكِم. وفي رأَيه خَلَل أَي انتشار وتَفَرُّق. وفي حديث المقدام: ما هذا
بأَول ما أَخْلَلْتم بي أَي أَوهنتموني ولم تعينوني. والخَلَل في الأَمرِ
والحَرْبِ كالوَهْن والفساد. وأَمر مُخْتَلٌّ: واهن. وأَخَلَّ بالشيء:
أَجْحَف. وأَخَلَّ بالمكان وبمَرْكَزه وغيره: غاب عنه وتركه. وأَخَلَّ
الوالي بالثغور: قَلَّل الجُنْدَ بها. وأَخَلَّ به: لم يَفِ له. والخَلَل:
الرِّقَّة في الناس.
والخَلَّة: الحاجة والفقر، وقال اللحياني: به خَلَّة شديدة أَي خَصَاصة.
وحكي عن العرب: اللهم اسْدُدْ خَلَّتَه. ويقال في الدعاء للميت: اللهم
اسْدُدْ خَلَّته أَي الثُّلْمة التي ترك، وأَصله من التخلل بين الشيئين؛
قال ابن بري: ومنه قول سلمى بنت ربيعة:
زَعَمَتْ تُــماضِرُ أَنني إِمَّا أَمُتْ،
يَسْدُدْ بُنَيُّوها الأَصاغرُ خَلَّتي
الأَصمعي: يقال للرجل إِذا مات له ميت: اللهم اخْلُفْ على أَهله بخير
واسْدُدْ خَلَّته؛ يريد الفُرْجة التي ترك بعده من الخَلَل الذي أَبقاه في
أُموره؛ وقال أَوس:
لِهُلْكِ فَضَالة لا يستوي الـ
فُقُودُ، ولا خَلَّةُ الذاهب
أَراد الثُّلْمة التي ترك، يقول: كان سَيِّداً فلما مات بَقِيَتْ
خَلَّته. وفي حديث عامر بن ربيعة: فوالله ما عدا أَن فَقَدْناها اخْتَلَلْناها
أَي احتجنا إِليها
(* قوله «أَي احتجنا إِليها» أَي فاصل الكلام اختللنا
إِليها فحذف الجار وأوصل الفعل كما في النهاية) وطلبناها. وفي المثل:
الخَلَّة تدعو إِلى السَّلَّة؛ السَّلَّة: السرقة. وخَلَّ الرجلُ: افتقر
وذهب مالُه، وكذلك أُخِلَّ به. وخَلَّ الرجلُ إِذا احتاج. ويقال: اقْسِمْ
هذا المال في الأَخَلِّ أَي في الأَفقر فالأَفقر. ويقال: فلان ذو خَلَّة
أَي محتاج. وفلان ذو خَلَّة أَي مُشْتَهٍ لأَمر من الأُمور؛ قاله ابن
الأَعرابي. وفي الحديث: اللهم سادّ الخَلَّة؛ الخَلَّة، بالفتح: الحاجة
والفقر، أَي جابرها. ورجل مُخَلٌّ ومُخْتَلٌّ وخَلِيل وأَخَلُّ: مُعْدِم فقير
محتاج؛ قال زهير:
وإِن أَتاه خَلِيلٌ يومَ مَسْغَبةٍ،
يقول: لا غائبٌ مالي ولا حَرِمُ
قال: يعني بالخَلِيل المحتاج الفقير المُخْتَلَّ الحال، والحَرِم
الممنوع، ويقال الحَرَام فيكون حَرِم وحِرْم مثل كَبِد وكِبْد؛ ومثله قول
أُمية:ودَفْع الضعيف وأَكل اليتيم،
ونَهْك الحُدود، فكلٌّ حَرِم
قال ابن دريد: وفي بعض صَدَقات السلف الأَخَلُّ الأَقرب أَي الأَحوج.
وحكى اللحياني: ما أَخَلَّك الله إِلى هذا أَي ما أَحوجك إِليه، وقال:
الْزَقْ بالأَخَلِّ فالأَخَلِّ أَي بالأَفقر فالأَفقر. واخْتَلَّ إِلى كذا:
احتاج إِليه. وفي حديث ابن مسعود: تَعَلَّموا العلم فإِن أَحدكم لا يَدْري
متى يُخْتَلُّ إِليه أَي متى يحتاج الناس إِلى ما عنده؛ وقوله أَنشده
ابن الأَعرابي:
وما ضَمَّ زيدٌ، من مُقيم بأَرضه،
أَخَلَّ إِليه من أَبيه، وأَفقرا
أَخَلُّ ههنا أَفْعَل من قولك خَلَّ الرجلُ إِلى كذا احتاج، لا من
أُخِلَّ لأَن التعجب إِنما هو من صيغة الفاعل لا من صيغة المفعول أَي أَشد
خَلَّة إِليه وأَفقر من أَبيه.
والخَلَّة: كالخَصْلة، وقال كراع: الخَلَّة الخصلة تكون في الرجل. وقال
ابن دريد: الخَلَّة الخصلة. يقال: في فلان خَلَّة حسنة، فكأَنه إِنما ذهب
بالخَلَّة إِلى الخصلة الحسنة خاصة، وقد يجوز أَن يكون مَثَّل بالحسنة
لمكان فضلها على السَّمِجة. وفي التهذيب: يقال فيه خَلَّة صالحة وخَلَّة
سيئة، والجمعِ خلال. ويقال: فلان كريم الخِلال ولئيم الخِلال، وهي
الخِصال. وخَلَّ في دعائه وخَلَّل، كلاهما: خَصَّص؛ قال:
قد عَمَّ في دعائه وخَلاًّ،
وخَطَّ كاتِباه واسْتَمَلاًّ
وقال:
كأَنَّك لم تَسمع، ولم تكُ شاهداً،
غداةَ دعا الداعي فعمَّ وخَلَّلا
وقال أُفْنون التَّغْلَبي:
أَبلغْ كِلاباً، وخَلِّلْ في سَراتهم:
أَنَّ الفؤاد انطوى منهم على دَخَن
قال ابن بري: والذي في شعره: أَبلغ حبيباً؛ وقال لَقِيط بن
يَعْمَر الإِيادي:
أَبلغ إِياداً، وخَلِّلْ في سَراتم:
أَني أَرى الرأْيَ، إِن لم أُعْصَ، قد نَصَعا
وقال أَوس:
فقَرَّبتُ حُرْجُوجاً ومَجَّدتُ مَعْشَراً
تَخَيَّرتهم فيما أَطوفُ وأَسأَلُ
بَني مالك أَعْني بسَعد بن مالك،
أَعُمُّ بخير صالحٍ وأُخَلِّل
قال ابن بري: صواب إِنشاده: بني مالك أَعْني فسعدَ ابن مالك، بالفاء
ونصب الدال. وخلَّل، بالتشديد، أَي خَصَّص؛ وأَنشد:
عَهِدْتُ بها الحَيَّ الجميع، فَأَصبحوا
أَتَوْا داعياً لله عَمَّ وخَلَّلا
وتَخَلَّل المطرُ إِذا خَصَّ ولم يكن عامّاً.
والخُلَّة: الصداقة المختصة التي ليس فيها خَلَل تكون في عَفاف الحُبِّ
ودَعارته، وجمعها خِلال، وهي الخَلالة والخِلالة والخُلولة والخُلالة؛
وقال النابغة الجعدي:
أَدُوم على العهد ما دام لي،
إِذا كَذَبَتْ خُلَّة المِخْلَب
وبَعْضُ الأَخِلاَّء، عند البَلا
ءِ والرُّزْء، أَرْوَغُ من ثَعْلَب
وكيف تَواصُلُ من أَصبحت
خِلالته كأَبي مَرْحَب؟
أَراد من أَصبحت خَلالته كخَلالة أَبي مَرْحَب.وأَبو مَرْحَب: كنية
الظِّل، ويقال: هو كنية عُرْقُوب الذي قيل عنه مواعيد عُرْقُوب. والخِلال
والمُخالَّة: المُصادَقة؛ وقد خالَّ الرجلَ والمرأَةَ مُخالَّة وخلالاً؛ قال
امرؤ القيس:
صَرَفْتُ الهَوى عنهنَّ من خَشْيَة الرَّدى،
ولستُ بِمَقْليِّ الخِلال ولا قالي
وقوله عز وجل: لا بيعٌ فيه ولا خُلَّة ولا شفاعة، قال الزجاج: يعني يوم
القيامة. والخُلَّة الصَّداقة، يقال: خالَلْت الرجلَ خِلالاً. وقوله
تعالى: مِن قَبْلِ أَن يأْتي يوم لا بَيْع فيه ولا خِلال؛ قيل: هو مصدر
خالَلْت، وقيل: هو جمع خُلَّة كجُلَّة وجِلال. والخِلُّ: الوُدُّ والصَّدِيق.
وقال اللحياني: إِنه لكريم الخِلِّ والخِلَّة، كلاهما بالكسر، أَي كريم
المُصادَقة والمُوادَّة والإِخاءِ؛ وأَما قول الهذلي:
إنَّ سَلْمى هي المُنى، لو تَراني،
حَبَّذا هي من خُلَّة، لو تُخالي
إِنما أَراد: لو تُخالِل فلم يستقم له ذلك فأَبدل من اللام الثانية ياء.
وفي الحديث: إِني أَبرأُ إِلى كل ذي خُلَّة من خُلَّته؛ الخُلَّة،
بالضم: الصداقة والمحبة التي تخلَّلت القلب فصارت خِلالَه أَي في باطنه.
والخَلِيل: الصَّدِيق، فَعِيل بمعنى مُفَاعِل، وقد يكون بمعنى مفعول،
قال: وإِنما قال ذلك لأَن خُلَّتَه كانت مقصورة على حب الله تعالى، فليس
فيها لغيره مُتَّسَع ولا شَرِكة من مَحابِّ الدنيا والآخرة، وهذه حال شريفة
لا ينالها أَحد بكسب ولا اجتهاد، فإِن الطباع غالبة، وإِنما يخص الله
بها من يشاء من عباده مثل سيد المرسلين، صلوات الله وسلامه عليهم أَجمعين؛
ومن جعل الخَلِيل مشتقّاً من الخَلَّة، وهي الحاجة والفقر، أَراد إِنني
أَبرأُ من الاعتماد والافتقار إِلى أَحد غير الله عز وجل، وفي رواية:
أَبرأُ إِلى كل خلّ من خلَّته، بفتح الخاء
(* قوله «بفتح الخاء إلخ» هكذا في
الأصل والنهاية، وكتب بهامشها على قوله بفتح الخاء: يعني من خلته)
وكسرها، وهما بمعنى الخُلَّة والخَليل؛ ومنه الحديث: لو كنتُ متخذاً خَلِيلاً
لاتَّخَذت أَبا بكر خَلِيلاً، والحديث الآخر: المرء بخَلِيله، أَو قال:
على دين خَليله، فليَنْظُر امرؤٌ مَنْ يُخالِل؛ ومنه قول كعب بن
زهير:
يا وَيْحَها خُلَّة لو أَنها صَدَقَتْ
موعودَها، أَو لو آنَّ النصح مقبول
والخُلَّة: الصديق، الذكر والأُنثى والواحد والجمع في ذلك سواء، لأَنه
في الأَصل مصدر قولك خَليل بَيِّن الخُلَّة والخُلولة؛ وقال أَوْفى بن
مَطَر المازني:
أَلا أَبلغا خُلَّتي جابراً:
بأَنَّ خَلِيلكَ لم يُقْتَل
تَخاطَأَتِ النَّبلُ أَحشاءه،
وأَخَّر يَوْمِي فلم يَعْجَل
قال ومثله:
أَلا أَبلغا خُلَّتي راشداً
وصِنْوِي قديما، إِذا ما تَصِل
وفي حديث حسن العهد: فيُهْديها في خُلَّتها أَي في أَهل ودِّها؛ وفي
الحديث الآخر: فيُفَرِّقها في خلائلها، جمع خَليلة، وقد جمع على خِلال مثل
قُلَّة وقِلال؛ وأَنشد ابن بري لامرئ القيس:
لعَمْرُك ما سَعْدٌ بخُلَّة آثم
أَي ما سَعْد مُخالٌّ رجلاً آثماً؛ قال: ويجوز أَن تكون الخُلَّة
الصَّداقة، ويكون تقديره ما خُلَّة سعد بخُلَّة رجل آثم، وقد ثَنَّى بعضهم
الخُلَّة. والخُلَّة: الزوجة، قال جِران العَوْد:
خُذا حَذَراً يا خُلَّتَيَّ، فإِنني
رأَيت جِران العَوْد قد كاد يَصْلُح
فَثَنَّى وأَوقعه على الزوجتين لأَن التزوج خُلَّة أَيضاً. التهذيب:
فلان خُلَّتي وفلانة خُلَّتي وخِلِّي سواء في المذكر والمؤنث. والخِلُّ:
الودّ والصديق. ابن سيده: الخِلُّ الصَّديق المختص، والجمع أَخلال؛ عن ابن
الأَعرابي؛ وأَنشد:
أُولئك أَخْداني وأَخلالُ شِيمتي،
وأَخْدانُك اللائي تَزَيَّنَّ بالكَتَمْ
ويروى: يُزَيَّنَّ. ويقال: كان لي وِدًّا وخِلاًّ ووُدًّا وخُلاًّ؛ قال
اللحياني: كسر الخاء أَكثر، والأُنثى خِلٌّ أَيضاً؛ وروى بعضهم هذا البيت
هكذا:
تعرَّضَتْ لي بمكان خِلِّي
فخِلِّي هنا مرفوعة الموضع بتعرَّضَتْ، كأَنه قال: تَعَرَّضَتْ لي
خِلِّي بمكان خلْوٍ أَيو غير ذلك؛ ومن رواه بمكان حِلٍّ، فحِلّ ههنا من نعت
المكان كأَنه قال بمكان حلال. والخَلِيل: كالخِلِّ. وقولهم في إِبراهيم،
على نبينا وعليه الصلاة والسلام: خَلِيل الله؛ قال ابن دريد: الذي سمعت فيه
أَن معنى الخَلِيل الذي أَصْفى المودّة وأَصَحَّها، قال: ولا أَزيد فيها
شيئاً لأَنها في القرآن، يعني قوله: واتخذ الله إِبراهيم خَلِيلاً؛
والجمع أَخِلاّء وخُلاّن، والأُنثى خَلِيلة والجمع خَلِيلات. الزجاج:
الخَلِيل المُحِبُّ الذي ليس في محبته خَلَل. وقوله عز وجل: واتخذ الله إِبراهيم
خَلِيلاً؛ أَي أَحبه محبة تامَّة لا خَلَل فيها؛ قال: وجائز أَن يكون
معناه الفقير أَي اتخذه محتاجاً فقيراً إِلى ربه، قال: وقيل للصداقة خُلَّة
لأَن كل واحد منهما يَسُدُّ خَلَل صاحبه في المودّة والحاجة إِليه.
الجوهري: الخَلِيل الصديق، والأُنثى خَلِيلة؛ وقول ساعدة بن جُؤَيَّة:
بأَصدَقَ بأْساً من خَلِيل ثَمِينةٍ،
وأَمْضى إِذا ما أَفْلَط القائمَ اليَدُ
إِنما جعله خَلِيلها لأَنه قُتِل فيها كما قال الآخر:
لما ذَكَرْت أَخا العِمْقى تَأَوَّبَني
هَمِّي، وأَفرد ظهري الأَغلَبُ الشِّيحُ
وخَلِيل الرجل: قلبُه، عن أَبي العَمَيْثَل، وأَنشد:
ولقد رأَى عَمْرو سَوادَ خَلِيله،
من بين قائم سيفه والمِعْصَم
قال الأَزهري في خطبة كتابه: أُثبت لنا عن إِسحق ابن إِبراهيم الحنظلي
الفقيه أَنه قال: كان الليث بن المظفَّر رجلاً صالحاً ومات الخليل ولم
يَفْرُغ من كتابه، فأَحب الليث أَن يُنَفِّق الكتاب كُلَّه باسمه فسَمَّى
لسانه الخليل، قال: فإِذا رأَيت في الكلمات سأَلت الخليل بن أَحمد وأَخبرني
الخليل بن أَحمد، فإِنه يعني الخَلِيلَ نفسَه، وإِذا قال: قال الخليل
فإِنما يَعْني لسانَ نَفْسِه، قال: وإِنما وقع الاضطراب في الكتاب من قِبَل
خَلِيل الليث. ابن الأَعرابي: الخَلِيل الحبيب والخليل الصادق والخَلِيل
الناصح والخَلِيل الرفيق، والخَلِيل الأَنْفُ والخَلِيل السيف والخَلِيل
الرُّمْح والخَلِيل الفقير والخَليل الضعيف الجسم، وهو المخلول والخَلُّ
أَيضاً؛ قال لبيد:
لما رأَى صُبْحٌ سَوادَ خَلِيله،
من بين قائم سيفه والمِحْمَل
صُبْح: كان من ملوك الحبشة، وخَلِيلُه: كَبِدُه، ضُرِب ضَرْبة فرأَى
كَبِدَ نفسه ظَهِر؛ وقول الشاعر أَنشده أَبو العَمَيْثَل لأَعرابي:
إِذا رَيْدةٌ من حَيثُما نَفَحَت له،
أَتاه بِرَيَّاها خَلِيلٌ يُواصِلُه
فسَّره ثعلب فقال: الخَلِيل هنا الأَنف. التهذيب: الخَلُّ الرجل القليل
اللحم، وفي المحكم: الخَلُّ المهزول والسمين ضدّ يكون في الناس والإِبل.
وقال ابن دريد: الخَلُّ الخفيف الجسم؛ وأَنشد هذا البيت المنسوب إِلى
الشَّنْفَرى ابن أُخت تأَبَّطَ شَرًّا:
فاسْقِنيها، يا سَواد بنَ عمرو،
إِنَّ جِسْمِي بعد خالِيَ خَلُّ
الصحاح: بعد خالي لَخَلُّ، والأُنثى خَلَّة. خَلَّ لحمُه يَخِلُّ خَلاًّ
وخُلُولاً واخْتَلَّ أَي قَلَّ ونَحِف، وذلك في الهُزال خاصة. وفلان
مُخْتَلُّ الجسم أَي نحيف الجسم. والخَلُّ: الرجل النحيف المخْتَلُّ الجسم.
واخْتَلَّ جسمُه أَي هُزِل، وأَما ما جاء في الحديث: أَنه، عليه الصلاة
والسلام، أُتِي بفَصِيل مَخْلول أَو مَحْلول، فقيل هو الهزيل الذي قد
خَلَّ جسمُه، ويقال: أَصله أَنهم كانوا يَخُلُّون الفصيلَ لئلا يرتضع
فيُهْزَل لذلك؛ وفي التهذيب: وقيل هو الفَصِيل الذي خُلَّ أَنفُه لئلا يرضع أُمه
فتُهْزَل، قال: وأَما المهزول فلا يقال له مَخْلول لأَن المخلول هو
السمين ضدّ المهزول. والمهزول: هو الخَلُّ والمُخْتَلُّ، والأَصح في الحديث
أَنه المشقوق اللسان لئلا يرضع، ذكره ابن سيده. ويقال لابن المخاض خَلٌّ
لأَنه دقيق الجسم. ابن الأَعرابي: الخَلَّة ابنة مَخاض، وقيل: الخَلَّة
ابن المخاض، الذكر والأُنثى خَلَّة
(قوله «وقيل الخلة ابن المخاض الذكر والانثى خلة» هكذا في النسخ، وفي
القاموس: والخل، ابن المخاض، كالخلة، وهي بهاء أَيضاً). ويقال: أَتى
بقُرْصة كأَنه فِرْسِن خَلَّة، يعني السمينة. وقال ابن الأَعرابي: اللحم
المخلول هو المهزول.
والخَلِيل والمُخْتَل: كالخَلِّ؛ كلاهما عن اللحياني. والخَلُّ: الثوب
البالي إِذا رأَيت فيه طُرُقاً. وثوب خَلٌّ: بالٍ فيه طرائق. ويقال: ثوب
خَلْخال وهَلْهال إِذا كانت فيه رِقَّة. ابن سيده: الخَلُّ ابن المخاض،
والأُنثى خَلَّة. وقال اللحياني: الخَلَّة الأُنثى من الإِبل. والخَلُّ.
عِرْق في العنق متصل بالرأْس؛ أَنشد ابن دريد:
ثمَّ إِلى هادٍ شديد الخَلِّ،
وعُنُق في الجِذْع مُتْمَهِلِّ
والخِلَل: بقية الطعام بين الأَسنان، واحدته خِلَّة، وقيل: خِلَلة؛
الأَخيرة عن كراع، ويقال له أَيضاً الخِلال والخُلالة، وقد تَخَلَّله. ويقال:
فلان يأْكل خُلالته وخِلَله وخِلَلته أَي ما يخرجه من بين أَسنانه إِذا
تَخَلَّل، وهو مثل. ويقال: وجدت في فمي خِلَّة فَتَخَلَّلت. وقال ابن
بزرج: الخِلَل ما دخل بين الأَسنان من الطعام، والخِلال ما أَخرجته به؛
وأَنشد:
شاحِيَ فيه عن لسان كالوَرَل،
على ثَناياه من اللحم خِلَل
والخُلالة، بالضم: ما يقع من التخلل، وتَخَلَّل بالخِلال بعد الأَكل.
وفي الحديث: التَّخَلُّل من السُّنَّة، هو استعمال الخِلال لإِخراج ما بين
الأَسنان من الطعام. والمُخْتَلُّ: الشديد العطش.
والخَلال، بالفتح: البَلَح، واحدته خَلالة، بالفتح؛ قال شمر: وهي بِلُغة
أَهل البصرة. واخْتَلَّت النخلةُ: أَطلعت الخَلال، وأَخَلَّت أَيضاً
أَساءت الحَمْل؛ حكاه أَبو عبيد؛ قال الجوهري: وأَنا أَظنه من الخَلال كما
يقال أَبْلَح النخلُ وأَرْطَب. وفي حديث سنان بن
سلمة: إِنا نلتقط الخَلال، يعني البُسْر أَوَّل إِدراكه.
والخِلَّة: جفن السيف المُغَشَّى بالأَدَم؛ قال ابن دريد: الخِلَّة
بِطانة يُغَشَّى بها جَفْن السيف تنقش بالذهب وغيره، والجمع خِلَل وخِلال؛
قال ذو الرمة:
كأَنها خِلَلٌ مَوْشِيَّة قُشُب
وقال آخر:
لِمَيَّةَ موحِشاً طَلَل،
يلوحُ كأَنه خِلَل
وقال عَبِيد بن الأَبرص الأَزدي:
دار حَيٍّ مَضَى بهم سالفُ الدهـ
ر، فأَضْحَت ديارُهم كالخِلال
التهذيب: والخِلَل جفون السيوف، واحدتها خِلَّة. وقال النضر: الخِلَلُ
من داخل سَيْر الجَفْن تُرى من خارج، واحدتها خِلَّة، وهي نقش وزينة،
والعرب تسمي من يعمل جفون السيوف خَلاَّلاً. وفي كتاب الوزراء لابن قتيبة في
ترجمة أَبي سلمة حفص بن سليمان الخَلاَّل في الاختلاف في نسبه، فروى عن
ابن الأَعرابي أَنه منسوب إِلى خِلَل السيوف من ذلك؛ وأَما قوله:
إِن بَني سَلْمَى شيوخٌ جِلَّة،
بِيضُ الوجوه خُرُق الأَخِلَّه
قال ابن سيده: زعم ابن الأَعرابي أَن الأَخلة جمع خِلَّة أَعني جفن
السيف، قال: ولا أَدري كيف يكون الأَخِلَّة جمع خِلَّة، لأَن فِعْلة لا
تُكَسَّر على أَفْعِلة، هذا خطأٌ، قال: فأَما الذي أُوَجِّه أَنا عليه
الأَخِلَّة فأَن تُكَسَّر خِلَّة على خِلال كطِبَّة وطِباب، وهي الطريقة من
الرمل والسحاب، ثم تُكَسَّر خِلال على أَخِلَّة فيكون حينئذ أَخله جمع جمع؛
قال: وعسى أَن يكون الخِلال لغة في خِلَّة السيف فيكون أَخِلَّة جمعها
المأْلوف وقياسها المعروف، إِلا أَني لا أَعرف الخِلال لغة في الخِلَّة، وكل
جلدة منقوشة خِلَّة؛ ويقال: هي سيور تُلْبَس ظَهْر سِيَتَي القوس. ابن
سيده: الخِلَّة السير الذي يكون في ظهر سِيَة القوس.
وقوله في الحديث: إِن الله يُبْغِض البليغ من الرجال الذي يَتَخَلَّل
الكلام بلسانه كما تَتَخَلَّل الباقرةُ الكلأَ بلسانها؛ قال ابن الأَثير:
هو الذي يتشدَّق في الكلام ويُفَخِّم به لسانه ويَلُفُّه كما تَلُفُّ
البقرة الكلأَ بلسانها لَفًّا.
والخَلْخَل والخُلْخُل من الحُلِيِّ: معروف؛ قال الشاعر:
بَرَّاقة الجِيد صَمُوت الخَلْخَل
وقال:
ملأى البَرِيم متُأَق الخَلْخَلِّ
أَراد متْأَق الخَلْخَل، فشَدَّدَ للضرورة. والخَلْخالُ: كالخَلْخَل.
والخَلْخَل: لغة في الخَلْخال أَو مقصور منه، واحد خَلاخِيل النساء،
والمُخَلْخَل: موضع الخَلْخال من الساق. والخَلْخال: الذي تلبسه المرأَة.
وتَخَلْخَلَت المرأَةُ: لبست الخَلْخال. ورمل خَلْخال: فيه خشونة. والخَلْخال:
الرمْل الجَرِيش؛ قال:
من سالكات دُقَق الخَلْخال
(* قوله «من سالكات إلخ» سبق في ترجمة دقق وسهك:
بساهكات دقق وجلجال)
وخَلْخَل العظمَ: أَخذ ما عليه من اللحم.
وخَلِيلانُ: اسمٌ رواه أَبو الحسن؛ قال أَبو العباس: هو اسم مُغَنٍّ.
لمم: اللَّمُّ: الجمع الكثير الشديد. واللَّمُّ: مصدر لَمَّ الشيء
يَلُمُّه لَمّاً جمعه وأصلحه. ولَمَّ اللهُ شََعَثَه يَلُمُّه لَمّاً: جمعَ ما
تفرّق من أُموره وأَصلحه. وفي الدعاء: لَمَّ اللهُ شعثَك أي جمع اللهُ
لك ما يُذْهب شعثك؛ قال ابن سيده: أي جمعَ مُتَفَرِّقَك وقارَبَ بين
شَتِيت أَمرِك. وفي الحديث: اللهمِّ الْمُمْ شَعَثَنا، وفي حديث آخر: وتَلُمّ
بها شَعَثي؛ هو من اللَّمّ الجمع أَي اجمع ما تَشَتَّتَ من أَمْرِنا.
ورجُل مِلَمٌّ: يَلُمُّ القوم أي يجمعهم. وتقول: هو الذي يَلُمّ أَهل بيته
وعشيرَته ويجمعهم؛ قال رؤبة:
فابْسُط علينا كَنَفَيْ مِلَمّ
أَي مُجَمِّع لِشَمْلِنا أَي يَلُمُّ أَمرَنا. ورجل مِلَمٌّ مِعَمٌّ
إذا كان يُصْلِح أُمور الناس ويَعُمّ الناس بمعروفه. وقولهم: إنّ دارَكُما
لَمُومةٌ
أَي تَلُمُّ الناس وتَرُبُّهم وتَجْمعهم؛ قال فَدَكيّ بن أَعْبد يمدح
علقمة بن سيف:
لأَحَبَّني حُبَّ الصَّبيّ، ولَمَّني
لَمَّ الهِدِيّ إلى الكريمِ الماجِدِ
(* قوله «لأحبني» أَنشده الجوهري: وأحبني).
ابن شميل: لُمّة الرجلِ أَصحابُه إذا أَرادوا سفراً فأَصاب مَن يصحبه
فقد أَصاب لُمّةً، والواحد لُمَّة والجمع لُمَّة. وكلُّ مَن لقِيَ في سفره
ممن يُؤنِسُه أَو يُرْفِدُه لُمَّة. وفي الحديث: لا تسافروا حتى تُصيبوا
لُمَّة
(* قوله «حتى تصيبوا لمة» ضبط لمة في الأحاديث بالتشديد كما هو
مقتضى سياقها في هذه المادة، لكن ابن الأثير ضبطها بالتخفيف وهو مقتضى
قوله: قال الجوهري الهاء عوض إلخ وكذا قوله يقال لك فيه لمة إلخ البيت مخفف
فمحل ذلك كله مادة لأم). أَي رُفْقة. وفي حديث فاطمة، رضوان الله عليها،
أَنها خرجت في لُمَّةٍ من نسائها تَتوطَّأ ذَيْلَها إلى أَبي بكرفعاتبته،
أَي في جماعة من نسائها؛ قال ابن الأَثير: قيل هي ما بين الثلاثة إلى
العشرة، وقيل: اللُّمَّة المِثْلُ في السن والتِّرْبُ؛ قال الجوهري: الهاء
عوض من الهمزة الذاهبة من وسطه، وهو مما أَخذت عينه كَسَهٍ ومَهٍ، وأَصلها
فُعْلة من المُلاءمة وهي المُوافقة. وفي حديث علي، كرم الله وجهه: ألا
وإنّ معاوية قادَ لُمَّة من الغواة أي جماعة. قال: وأما لُمَة الرجل مثله
فهو مخفف. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أن شابة زُوِّجَت شيخاً فقتَلتْه
فقال: أيها الناس لِيتزوَّج كلٌّ منكم لُمَتَه من النساء ولتَنْكح
المرأةُ لُمَتَها من الرجال أي شكله وتِرْبَه وقِرْنَه في السِّن. ويقال: لك
فيه لُمَةٌ أي أُسْوة؛ قال الشاعر:
فإن نَعْبُرْ فنحنُ لنا لُماتٌ،
وإن نَغْبُرْ فنحن على نُدورِ
وقال ابن الأعرابي: لُمات أَي أَشباه وأَمثال، وقوله: فنحن على ندور أي
سنموت لا بدّ من ذلك.
وقوله عز وجل: وتأْكلون التُّرابَ أْكَلاً لَمّاً؛ قال ابن عرفة: أَكلاً
شديداً؛ قال ابن سيده: وهو عندي من هذا الباب، كأنه أَكلٌ يجمع التُّراث
ويستأْصله، والآكلُ يَلُمُّ الثَّريدَ فيجعله لُقَماً؛ قال الله عز وجل:
وتأْكلون التُّراث أَكْلاً لَمّاً؛ قال الفراء: أي شديداً، وقال الزجاج:
أي تأْكلون تُراث اليتامى لَمّاً أي تَلُمُّون بجميعه. وفي الصحاح:
أَكْلاً لَمّاً أي نَصِيبَه ونصيب صاحبه. قال أبو عبيدة: يقال لَمَمْتُه
أَجمعَ حتى أتيت على آخره. وفي حديث المغيرة: تأْكل لَمّاً وتُوسِع ذَمّاً أي
تأْكل كثيراً مجتمعاً. وروى الفراء عن الزهري أنه قرأَ: وإنَّ كُلاً
لَمّاً، مُنَوَّنٌ، ليُوَفِّيَنَّهم؛ قال: يجعل اللَّمَّ شديداً كقوله
تعالى: وتأكلون التُّراثَ أكلاً لَمّاً؛ قال الزجاج: أراد وإن كلاً
ليُوَفِّينهم جَمْعاً لأن معنى اللّمّ الجمع، تقول: لَمَمْت الشيء أَلُمُّه إذا
جمعته. الجوهري: وإنَّ كلاً لماً ليوفينهم، بالتشديد؛ قال الفراء: أصله
لممّا، فلما كثرت فيها المِيماتُ حذفت منها واحد، وقرأَ الزهري: لمّاً،
بالتنوين، أي جميعاً؛ قال الجوهري: ويحتمل أن يكون أن صلة لمن من، فحذفت منها
إحدى الميمات؛ قال ابن بري: صوابه أن يقول ويحتمل أن يكون أصله لَمِن
مَن، قال: وعليه يصح الكلام؛ يريد أن لَمّاً في قراءة الزهري أصلها لَمِنْ
مَن فحذفت الميم، قال: وقولُ من قال لَمّا بمعىن إلاَّ، فليس يعرف في
اللغة.
قال ابن بري: وحكى سيبويه نَشدْتُك الله لَمّا فَعَلْت بمعنى إلاّ فعلت،
وقرئ: إن كُلُّ نَفْس لَمّا عليها حافظٌ؛ أي ما كل نفس إلا عليها حافظ،
وإن كل نفس لعليها
(* قوله «وإن كل نفس لعليها حافظ» هكذا في الأصل وهو
إنما يناسب قراءة لما يالتخفيف). حافظ. وورد في الحديث: أنْشُدك الله
لَمّا فعلت كذا، وتخفف الميم وتكونُ ما زائدة، وقرئ بهما لما عليها
حافظ.والإلْمامُ واللَّمَمُ: مُقاربَةُ الذنب، وقيل: اللّمَم ما دون الكبائر
من الذنوب. وفي التنزيل العزيز: الذينَ يَجْتَنِبون كبائِرَ الإِثْمِ
والفواحِشَ إلا اللَّمَمَ. وألَمَّ الرجلُ: من اللَّمَمِ وهو صغار الذنوب؛
وقال أميّة:
إنْ تَغْفِر، اللَّهمَّ، تَغْفِرْ جَمّا
وأَيُّ عَبْدٍ لك لا أَلَمّا؟
ويقال: هو مقارَبة المعصية من غير مواقعة. وقال الأَخفش: اللَّمَمُ
المُقارَبُ من الذنوب؛ قال ابن بري: الشعر لأُميَّة بن أَبي الصّلْت؛ قال:
وذكر عبد الرحمن عن عمه عن يعقوب عن مسلم بن أَبي طرفة الهذليّ قال: مر
أَبو خِراش يسعى بين الصفا والمروة وهو يقول:
لاهُمَّ هذا خامِسٌ إن تَمّا،
أَتَمَّه اللهُ، وقد أَتَمَّا
إن تغفر، اللهم، تغفر جمّاً
وأيُّ عبدٍ لك لا أَلَمَّا؟
قال أبو إسحق: قيل اللّمَمُ نحو القُبْلة والنظْرة وما أَشبهها؛ وذكر
الجوهري في فصل نول: إن اللّمَم التقبيلُ في قول وَضّاح اليَمَن:
فما نَوّلَتْ حتى تَضَرَّعْتُ عندَها،
وأنْبأتُها ما رُخّصَ اللهُ في اللّمَمْ
وقيل: إلاّ اللَّمَمَ: إلاّ أن يكونَ العبدُ ألَمَّ بفاحِشةٍ ثم تاب،
قال: ويدلّ عليه قوله تعالى: إنّ ربَّك واسِعُ المغفرة؛ غير أن اللَّمَم أن
يكونَ الإنسان قد أَلَمَّ بالمعصية ولم يُصِرَّ عليها، وإنما الإلْمامُ
في اللغة يوجب أنك تأْتي في الوقت ولا تُقيم على الشيء، فهذا معنى
اللّمَم؛ قال أبو منصور: ويدل على صاحب قوله قولُ العرب: أَلْمَمْتُ بفلانٍ
إلْماماً وما تَزورُنا إلاَّ لِمَاماً؛ قال أبو عبيد: معناه الأَحيانَ على
غير مُواظبة، وقال الفراء في قوله إلاّ اللّمَم: يقول إلاّ المُتقاربَ من
الذنوب الصغيرة، قال: وسمعت بعض العرب يقول: ضربته ما لَمَم القتلِ؛
يريدون ضرباً مُتقارِباً للقتل، قال: وسمعت آخر يقول: ألَمَّ يفعل كذا في
معنى كاد يفعل، قال: وذكر الكلبي أنها النَّظْرةُ من غير تعمُّد، فهي لَمَمٌ
وهي مغفورة، فإن أَعادَ النظرَ فليس بلَمَمٍ، وهو ذنب. وقال ابن
الأعرابي: اللّمَم من الذنوب ما دُون الفاحشة. وقال أبو زيد: كان ذلك منذ شهرين
أو لَمَمِها، ومُذ شهر ولَمَمِه أو قِرابِ شهر. وفي حديث النبي، صلى الله
عليه وسلم: وإن مما يُنْبِتُ الربيعُ ما يَقُتُلُ حَبَطاً أو يُلِمُّ؛
قال أبو عبيد: معناه أو يقرب من القتل؛ ومنه الحديث الآخر في صفة الجنة:
فلولا أنه شيء قضاه اللهُ لأَلَمَّ أن يذهب بصرُه، يعني لِما يرى فيها، أي
لَقَرُب أن يذهب بصره. وقال أبو زيد: في أرض فلان من الشجر المُلِمّ كذا
وكذا، وهو الذي قارَب أن يَحمِل. وفي حديث الإفْكِ: وإن كنتِ ألْمَمْتِ
بذَنْبٍ فاستغْفرِي الله، أي قارَبْتِ، وقيل: الَّمَمُ مُقارَبةُ المعصية
من غير إِيقاعِ فِعْلٍ، وقيل: هو من اللّمَم صغار الذنوب. وفي حديث أبي
العالية: إن اللَّمَم ما بين الحَدَّين حدُّ الدنيا وحدِّ الآخرة أي
صغارُ الذنوب التي ليس عليها حَدٌّ في الدنيا ولا في الآخرة، والإلْمامُ:
النزولُ. وقد أَلَمَّ أَي نزل به. ابن سيده: لَمَّ به وأَلَمَّ والتَمَّ
نزل. وألَمَّ به: زارَه غِبّاً. الليث: الإلْمامُ الزيارةُ غِبّا، والفعل
أَلْمَمْتُ به وأَلْمَمْتُ عليه. ويقال: فلانٌ يزورنا لِماماً أي في
الأَحايِين. قال ابن بري: اللِّمامُ اللِّقاءُ اليسيرُ، واحدتها لَمّة؛ عن أبي
عمرو. وفي حديث جميلة: أنها كانت تحت أَوس بن الصامت وكان رجلاً به
لَمَمٌ، فإذا اشْتَدَّ لَمَمُه ظاهر من امرأَته فأَنزل الله كفّارة الظهار؛
قال ابن الأثير: اللَّمَمُ ههنا الإلْمامُ بالنساء وشدة الحرص عليهن، وليس
من الجنون، فإنه لو ظاهر في تلك الحال لم يلزمه شيء. وغلام مُلِمٌّ:
قارَب البلوغَ والاحتلامَ. ونَخْلةٌ مُلِمٌّ ومُلِمّة: قارَبتِ الإرْطابَ.
وقال أَبو حنيفة: هي التي قاربت أن تُثْمِرَ.
والمُلِمّة: النازلة الشديدة من شدائد الدهر ونوازِل الدنيا؛ وأما قول
عقيل بن أبي طالب:
أَعِيذُه من حادِثات اللَّمَّهْ
فيقال: هو الدهر. ويقال: الشدة، ووافَق الرجَزَ من غير قصد؛ وبعده:
ومن مُريدٍ هَمَّه وغَمَّهْ
وأنشد الفراء:
علَّ صُروفِ الدَّهْرِ أَو دُولاتِها
تُدِيلُنا اللَّمَّةَ من لَمّاتِها،
فتَسْتَرِيحَ النَّفْسُ من زَفْراتِها
قال ابن بري وحكي أن قوماً من العرب يخفضون بلعل، وأنشد:
لعلَّ أَبي المِغْوارِ منكَ قريبُ
وجَمَلٌ مَلْمومٌ ومُلَمْلم: مجتمع، وكذلك الرجل، ورجل مُلَمْلم: وهو
المجموع بعضه إلى بعض. وحجَر مُلَمْلَم: مُدَمْلَك صُلْب مستدير، وقد
لَمْلَمه إذا أَدارَه. وحكي عن أعرابي: جعلنا نُلَمْلِمُ مِثْلَ القطا
الكُدْرِيّ من الثريد، وكذلك الطين، وهي اللَّمْلَمة. ابن شميل: ناقة
مُلَمْلَمة، وهي المُدارة الغليظة الكثيرة اللحم المعتدلة الخلق. وكَتيبة مَلْمومة
ومُلَمْلَمة: مجتمعة، وحجر مَلْموم وطين مَلْموم؛ قال أبو النجم يصف هامة
جمل:
مَلْخمومة لَمًّا كظهر الجُنْبُل
ومُلَمْلَمة الفيلِ: خُرْطومُه. وفي حديث سويد ابن غَفلة: أتانا
مُصدِّقُ رسولِ الله، صلى الله عليه وسلم، فأَتاه رجل بناقة مُلَمْلَمة فأَبى
أَن يأْخذَها؛ قال: هي المُسْتديِرة سِمَناً، من اللَّمّ الضمّ والجمع؛ قال
ابن الأثير: وإنما ردّها لأنه نُهِي أن يؤخذ في الزكاة خيارُ المال.
وقَدح مَلْموم: مستدير؛ عن أبي حنيفة. وجَيْش لَمْلَمٌ: كثير مجتمع، وحَيٌّ
لَمْلَمٌ كذلك، قال ابن أَحمر:
منْ دُونِهم، إن جِئْتَهم سَمَراً،
حَيٌّ حلالٌ لَمْلَمٌ عَسكَر
وكتيبة مُلَمْلَمة ومَلْمومة أيضاً أي مجتمعة مضموم بعضها إلى بعض.
وصخرة مَلمومة ومُلَمْلمة أي مستديرة صلبة.
واللِّمّة: شعر الرأْس، بالكسر، إذا كان فوق الوَفْرة، وفي الصحاح؛
يُجاوِز شحمة الأُذن، فإذا بلغت المنكبين فهي جُمّة. واللِّمّة: الوَفْرة،
وقيل: فوقَها، وقيل: إذا أَلَمّ الشعرُ بالمنكب فهو لِمّة، وقيل: إذا جاوزَ
شحمة الأُذن، وقيل: هو دون الجُمّة، وقيل: أَكثرُ منها، والجمع لِمَمٌ
ولِمامٌ؛ قال ابن مُفَرِّغ:
شَدَخَتْ غُرّة السَّوابِق منهم
في وُجوهٍ مع اللِّمامِ الجِعاد
وفي الحديث: ما رأَيتُ ذا لِمّةٍ أَحسَن من رسول الله، صلى الله عليه
وسلم؛ اللِّمّةُ من شعر الرأْس: دون الجُمّة، سمِّيت بذلك لأنها أَلمَّت
بالمنكبين، فإذا زادت فهي الجُمّة. وفي حديث رِمْثة: فإذا رجل له لِمّةٌ؛
يعني النبي، صلى الله عليه وسلم.
وذو اللِّمّة: فرس سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم. وذو اللِّمّة
أيضاً: فرس عُكاشة بن مِحْصَن. ولِمّةُ الوتِدِ: ما تشَعَّثَ منه؛ وفي
التهذيب: ما تشَعّث من رأْس المَوتود بالفِهْر؛ قال:
وأشْعَثَ في الدارِ ذي لِمّةٍ
يُطيلُ الحُفوفَ، ولا يَقْمَلُ
وشعر مُلَمَّم ومُلَمْلَمٌ: مَدهون؛ قال:
وما التَّصابي للعُيونِ الحُلَّمِ
بعدَ ابْيِضاض الشعَرِ المُلَمْلَمِ
العُيون هنا سادةُ القوم، ولذلك قال الحُلَّم ولم يقل الحالِمة.
واللَّمّةُ: الشيء المجتمع. واللّمّة واللَّمَم، كلاهما: الطائف من
الجن. ورجل مَلمُوم: به لَمَم، وملموس وممسُوس أي به لَمَم ومَسٌّ، وهو من
الجنون. واللّمَمُ: الجنون، وقيل طرَفٌ من لجنون يُلِمُّ بالإنسان، وهكذا
كلُّ ما ألمَّ بالإنسان طَرَف منه؛ وقال عُجَير السلوليّ:
وخالَطَ مِثْل اللحم واحتَلَّ قَيْدَه،
بحيث تَلاقَى عامِر وسَلولُ
وإذا قيل: بفلان لَمّةٌ، فمعناه أن الجن تَلُمّ الأَحْيان
(* قوله: تلم
الاحيان؛ هكذا في الأصل، ولعله أراد تلمّ به بعض الأحيان). وفي حديث
بُرَيدة: أن امرأة أَتت النبي، صلى الله عليه وسلم، فشكت إليه لَمَماً
بابنتِها؛ قال شمر: هو طرَف من الجنون يُلِمُّ بالإنسان أي يقرب منه ويعتريه،
فوصف لها الشُّونِيزَ وقال: سيَنْفَع من كل شيء إلاَّ السامَ وهو الموت.
ويقال: أَصابتْ فلاناً من الجن لَمّةٌ، وهو المسُّ والشيءُ القليل؛ قال
ابن مقبل:
فإذا وذلك، يا كُبَيْشةُ، لم يكن
إلاّ كَلِمَّة حالِمٍ بَخيالٍ
قال ابن بري: قوله فإذا وذلك مبتدأ، والواو زائدة؛ قال: كذا ذكره الأخفش
ولم يكن خبرُه: وأنشد ابن بري لحباب بن عمّار السُّحَيمي:
بَنو حَنيفة حَيٌّ حين تُبْغِضُهم،
كأنَّهم جِنَّةٌ أو مَسَّهم لَمَمُ
واللاَّمَّةُ: ما تَخافه من مَسٍّ أو فزَع. واللامَّة: العين المُصيبة
وليس لها فعل، هو من باب دارِعٍ. وقال ثعلب: اللامّة ما أَلمَّ بك ونظَر
إليك؛ قال ابن سيده: وهذا ليس بشيء. والعَين اللامّة: التي تُصيب بسوء.
يقال: أُعِيذُه من كلِّ هامّةٍ ولامّة. وفي حديث ابن عباس قال: كان رسول
الله، صلى الله عليه وسلم، يُعَوِّذ الحسن والحسين، وفي رواية: أنه عَوَّذ
ابنيه، قال: وكان أبوكم إبراهيمُ يُعَوِّذ إسحق ويعقوب بهؤلاء الكلمات:
أُعِيذُكُما بكلمة الله التامّة من كل شيطان وهامّة، وفي رواية: من شرِّ
كل سامّة، ومن كل عين لامّة؛ قال أبو عبيد: قال لامّة ولم يقل مُلِمّة،
وأصلها من أَلْمَمْت بالشيء تأْتيه وتُلِمّ به ليُزاوِج قوله من شرِّ كل
سامّة، وقيل: لأنه لم يخرَد طريقُ الفعل، ولكن يُراد أنها ذاتُ لَمَمٍ فقيل
على هذا لامَّة كما قال النابغة:
كِلِيني لِهَمٍّ، يا أُمَيْمة، ناصِب
ولو أراد الفعل لقال مُنْصِب. وقال الليث: العينُ اللامّة هي العين التي
تُصيب الإنسان، ولا يقولون لَمَّتْه العينُ ولكن حمل على النسب بذي
وذات.
وفي حديث ابن مسعود قال: لابن آدم لَمَّتان: لَمّة من المَلَك، ولَمّة
من الشيطان، فأما لمَّة الملك فاتِّعاذٌ بالخير وتَصْديق بالحق وتطييب
بالنفس، وأما لَمّةُ الشيطان فاتِّعادٌ بالشرّ وتكذيب بالحق وتخبيث بالنفس.
وفي الحديث: فأما لَمَّة الملَك فيَحْمَد اللهَ عليها ويتعوَّذ من لمّة
الشيطان؛ قال شمر: اللِّمّة الهَمّة والخَطرة تقع في القلب؛ قال ابن
الأثير: أراد إلمامَ المَلَك أو الشيطان به والقربَ منه، فما كان من خَطَرات
الخير فهو من المَلك، وما كان من خطرات الشرّ فهو من الشيطان. واللّمّة:
كالخطرة والزَّوْرة والأَتْية؛ قال أَوس بن حجر:
وكان، إذا ما الْتَمَّ منها بحاجةٍ،
يراجعُ هِتْراً من تُــماضِرَ هاتِرا
يعني داهيةً، جعل تُــماضِر، اسم امرأة، داهية. قال: والْتَمَّ من
اللَّمّة أي زار، وقيل في قوله للشيطان لَمّةٌ أي دُنُوٌّ، وكذلك للمَلك لمَّة
أي دُنوّ.
ويَلَمْلَم وألَمْلَم على البدل: جبل، وقيل: موضع، وقال ابن جني: هو
مِيقاتٌ، وفي الصحاح: ميْقاتُ أهل اليمن. قال ابن سيده؛ ولا أدري ما عَنى
بهذا اللهم إلاّ أن يكون الميقات هنا مَعْلَماً من مَعالِم الحج، التهذيب:
هو ميقات أهل اليمن للإحرام بالحج موضع بعينه.
التهذيب: وأما لَمّا، مُرْسَلة الأَلِف مشدَّدة الميم غير منوّنة، فلها
معانٍ في كلام العرب: أحدها أنها تكون بمعنى الحين إذا ابتدئ بها، أو
كانت معطوفة بواو أو فاءٍ وأُجِيبت بفعل يكون جوابها كقولك: لمّا جاء القوم
قاتَلْناهم أي حينَ جاؤُوا كقول الله عز وجل: ولَمّا وَرَد ماءَ
مَدْيَن، وقال: فلمّا بَلَغ معه السَّعْيَ قال يا بُنيَّ؛ معناه كله حين؛ وقد
يقدّم الجوابُ عليها فيقال: اسْتَعَدَّ القومُ لقتال العَدُوِّ لمّا
أََحَسُّوا بهم أي حين أَحَسُّوا بهم، وتكون لمّا بمعنى لم الجازمة؛ قال الله
عز وجل: بل لمّا يَذُوقوا عذاب؛ أي لم يذوقوه، وتكون بمعنى إلاَّ في قولك:
سأَلتكَ لمَّا فعلت، بمعنى إلا فعلت، وهي لغة هذيل بمعنى إلا إذا أُجيب
بها إن التي هي جَحْد كقوله عزَّ وجل: إنْ كلُّ نَفْسٍ لمَّا عليها
حافظٌ، فيمن قرأَ به، معناه ما كل نفس إلا عليها حافظ؛ ومثله قوله تعالى: وإن
كلٌّ لمَّا جَميعٌ لَدَيْنا مُحْضَرون؛ شدّدها عاصم، والمعنى ما كلٌّ إلا
جميع لدينا. وقال الفراء: لما إذا وُضِعت في معنى إلا فكأَنها لمْ
ضُمَّت إليها ما، فصارا جميعاً بمعنى إن التي تكون جَحداً، فضموا إليها لا
فصارا جميعاً حرفاً واحداً وخرجا من حدّ الجحد، وكذلك لمّا؛ قال: ومثل ذلك
قولهم: لولا، إنما هي لَوْ ولا جُمِعتا، فخرجت لَوْ مِنْ حدِّها ولا من
الجحد إذ جُمِعتا فصُيِّرتا حرفاً؛ قال: وكان الكسائي يقول لا أَعرفَ
وَجْهَ لمَّا بالتشديد؛ قال أبو منصور: ومما يعدُلُّك على أن لمّا تكون بمعنى
إلا مع إن التي تكون جحداً قولُ الله عز وجل: إن كلٌّ إلا كذَّب
الرُّسُلَ؛ وهي قراءة قُرّاء الأَمْصار؛ وقال الفراء: وهي في قراءة عبد الله: إن
كلُّهم لمّا كذَّب الرسلَ، قال: والمعنى واحد. وقال الخليل: لمَّا تكون
انتِظاراً لشيء متوقَّع، وقد تكون انقطاعةً لشيء قد مضى؛ قال أَبو منصور:
وهذا كقولك: لمَّا غابَ قُمْتُ. قال الكسائي: لمّا تكون جحداً في مكان،
وتكون وقتاً في مكان، وتكون انتظاراً لشيء متوقَّع في مكان، وتكون بمعنى
إلا في مكان، تقول: بالله لمّا قمتَ عنا، بمعنى إلا قمتَ عنا؛ وأما قوله
عز وجل: وإنَّ كُلاً لما ليُوَفِّيَنَّهم، فإنها قرئت مخففة ومشددة، فمن
خفّفها جعل ما صلةً، المعنى وإن كلاً ليوفينهم ربُّك أَعمالَهم، واللام في
لمّا لام إنّ، وما زائدة مؤكدة لم تُغيِّر المعنى ولا العملَ؛ وقال
الفراء في لما ههنا، بالتخفيف، قولاً آخر جعل ما اسْماً للناس، كما جاز في
قوله تعالى: فانْكِحوا ما طابَ لكمْ منَ النساء؛ أن تكون بمعنى مَن طابَ
لكم؛ المعنى وإن كلاً لمَا ليوفِّينَهم، وأما الللام التي في قوله
ليوفِّينَّهم فإنها لامٌ دخلت على نية يمينٍ فيما بين ما وبين صلتها، كما تقول
هذا مَنْ لَيذْهبَنّ، وعندي مَنْ لَغيرُه خيْرٌ منه؛ ومثله قوله عز وجل:
وإنّ منكم لَمَنْ لَيُبَطِّئنَّ؛ وأما مَن شدَّد لمّا من قوله لمّا
ليوفينهم فإن الزجاج جعلها بمعنى إلا، وأما الفراء فإنه زعم أن معناه لَمَنْ ما،
ثم قلبت النون ميماً فاجتمعت ثلاث ميمات، فحذفت إحداهنّ وهي الوسطى
فبقيت لمَّا؛ قال الزجاج: وهذا القول ليس بشيء أيضاً لأن مَنْ ...( ) (هكذا
بياض بالأصل). لا يجوز حذفها لأنها اسم على حرفين، قال: وزعم المازني أنّ
لمّا اصلها لمَا، خفيفة، ثم شدِّدت الميم؛ قال الزجاج: وهذا القول ليس
بشء أَيضاً لأن الحروف نحو رُبَّ وما أَشبهها يخفف، ولا يثَقَّّل ما كان
خفيفاً فهذا منتقض، قال: وهذا جميع ما قالوه في لمَّا مشدّدة، وما ولَما
مخففتان مذكورتان في موضعهما.
ابن سيده: ومِن خَفيفِه لَمْ وهو حرف جازم يُنْفَى به ما قد مضى، وإن لم
يقع بَعْدَه إلا بلفظ الآتي. التهذيب: وأما لَمْ فإنه لا يليها إلا
الفعل الغابِرُ وهي تَجْزِمُه كقولك: لم يفعلْ ولم يسمعْ؛ قال الله تعالى: لم
يَلِدْ ولم يُولَدْ؛ قال الليث: لم عزيمةُ فِعْلٍ قد مضى، فلمّا جُعِلَ
الفعل معها على جهة الفعل الغابر جُزِمَ، وذلك قولك: لم يخرُجْ زيدٌ إنما
معناه لا خرَجَ زيد، فاستقبحوا هذا اللفظ في الكلام فحمَلوا الفعل على
بناء الغابر، فإذا أُعِيدَت لا ولا مرّتين أو أَكثرَ حَسُنَ حينئذ، لقول
الله عز وجل: فلا صَدَّقَ ولا صَلّى؛ أي لم يُصَدِّق ولم يُصَلِّ، قال:
وإذا لم يُعد لا فهو ف المنطق قبيح، وقد جاء؛ قال أمية:
وأيُّ عَبدٍ لك لا أَلَمَّا؟
أي لم يُلِمَّ. الجوهري: لمْ حرفُ نفي لِما مضى، تقول: لم يفعلْ ذاك،
تريد أنه لم يكن ذلك الفعل منه فيما مضى من الزمان، وهي جازمة، وحروف
الجزم: لمْ ولَمّا وأَلَمْ وأَلَمّا؛ قال سيبويه: لم نفيٌ لقولك هو يفعل إذا
كان في حال الفعل، ولمّا نفْيٌ لقولك قد فعل، يقول الرجلُ: قد ماتَ فلانٌ،
فتقول: لمّا ولمْ يَمُتْ، ولمّا أَصله لم أُدخل عليه ما، وهو يقع موقع
لم، تقول: أَتيتُك ولمّا أَصِلْ إليك أي ولم أَصِلْ إليك، قال: وقد يتغير
معناه عن معنى لم فتكون جواباً وسبباً لِما وقَع ولِما لم يَقع، تقول:
ضربته لَمّا ذهبَ ولمّا لم يذهبْ، وقد يُخْتَزَلُ الفعل بعده تقول: قارْبتُ
المكانَ ولمَّا، تريد ولمَّا أَدخُلْه؛ وأنشد ابن بري:
فجئتُ قُبورَهم بَدْأً ولَمّا،
فنادَيْتُ القُبورَ فلم تُجِبْنَه
البَدْءُ: السيِّدُ أي سُدْتُ بعد موتهم، وقوله: ولمّا أي ولمّا أَكن
سيِّداً، قال: ولا يجوز أن يُخْتَزَلَ الفعلُ بعد لمْ. وقال الزجاج: لمّا
جوابٌ لقول القائل قد فعلَ فلانٌ، فجوابه: لمّا يفعلْ، وإذا قال فَعل
فجوابه: لم يَفعلْ، وإذا قال لقد فعل فجوابه: ما فعل، كأَنه قال: والله لقد
فعل فقال المجيب والله ما فعل، وإذا قال: هو يفعل، يريد ما يُسْتَقْبَل،
فجوابه: لَن يفعلَ ولا يفعلُ، قال: وهذا مذهب النحويين. قال: ولِمَ،
بالكسر، حرف يستفهم به، تقول: لِمَ ذهبتَ؟ ولك أن تدخل عليه ما ثم تحذف منه
الألف، قال الله تعالى: عَفَا اللهُ عنك لِمَ أَذِنْتَ لهم؟ ولك أن تدخل
عليها الهاء في الوقف فتقول لِمَهْ؛ وقول زياد الأَعْجم؛
يا عَجَبا والدَّهرُ جَمٌّ عَجَبُهْ،
مِنْ عَنَزِيٍّ سبَّني لم أَضْرِبُهْ
فإنه لما وقف على الهاء نقل حركتها إلى ما قبلها، والمشهور في البيت
الأول:
عَجِبْتُ والدهرُ كثيرٌ عَجَبُهْ
قال ابن بري: قولُ الجوهري لِمَ حرفٌ يستفهم به، تقول لِمَ ذهبتَ؟ ولك
أن تدخل عليه ما، قال: وهذا كلام فاسد لأن ما هي موجودة في لِمَ، واللام
هي الداخلة عليها، وحذفت أَلفها فرقاً بين الاستفهاميّة والخبرية، وأما
أَلَمْ فالأصل فيها لَمْ، أُدْخِل عليها أَلفُ الاستفهام، قال: وأما لِمَ
فإنها ما التي تكون استفهاماً وُصِلَت بلام، وسنذكرها مع معاني اللامات
ووجوهها، إن شاء الله تعالى.
قرت: قَرَتَ الدَّمُ يَقْرِتُ ويَقْرُتُ قَرْتاً وقُرُوتاً، وقَرِتَ:
يَبِسَ بعضُه على بعض، أَو ماتَ في الجُرْحِ؛ وأَنشد الأَصمعي للنمر بن
تَوْلَب:
يُشَنُّ عليها الزَّعْفرانُ، كأَنه
دَمٌ قارِتٌ، تُعْلى به ثم تُغْسَلُ
ودم قارِتٌ: قد يَبسَ بين الجِلدِ واللحم. وقَرِتَ الظُّفْرُ: ماتَ فيه
الدَّمُ. وقَرِتَ جِلدُه: اخْضَرَّ عن الضَّرْبِ. ومِسْك قارِتٌ
وقَرَّاتٌ: وهو أَجَفُّ المِسْك وأَجْوَدُه؛ قال:
يُعَلُّ بقَرَّاتٍ، من المِسْكِ، فاتِقِ
أَي مَفْتوقٍ، أَو ذي فَتْقٍ. وقَرِتَ وجهُه. تغير. وقَرَتَ قُرُوتاً:
سَكَتَ؛ ومنه قول تُــمَاضِرَ امرأَةِ زُهَيْر بن جَذيمَة لأَخيها الحرث:
إِنه لَيَريبُني اكتِباناتُكَ
(* هكذا في الأَصل ولعلها: إِكبانك من أَكبن
لسانه عنه: كفه.) وقُرُوتُكَ.
نوف: نافَ الشيءُ نوْفاً: ارتفع وأَشْرف. وفي حديث عائشة تصف أَباها،
رضي اللّه عنهما: ذاك طَوْد مُنيفٌ أَي عالٍ مُشْرِف. يقال: نافَ الشيءُ
ينُوف إذا طال وارتفع. وأَناف الشيءُ على غيره: ارتفع وأَشرف. ويقال لكل
مُشرف عل غيره: إنه لمُنيف، وقد أَنافَ إناقة، قال طرفة:
وأَنافَتْ بهَوادٍ تُلُعٍ،
كجُذُوعٍ شُذِّبَتْ عنها القُشُرْ
ومنه يقال: عشرون ونيّف لأَنه زائد على العقد. الأزهري: ومِن ناف يقال
هذه مائة ونَيّف، بتشديد الياء، أَي زيادة، وهي كلام العرب، وعوامُّ الناس
يخففون فيقولون: ونيْف، وهو لحن عند الفصحاء. قال أَبو العباس: الذي
حصّلناه من أَقاويل حُذَّاق البصريين والكوفيين أَنّ النيّف من واحدة إلى
ثلاث، والبِضْع من أَربع إلى تسع. ويقال: نَيّف فلان على الستين ونحوها إذا
زاد عليها؛ وكلُّ ما زاد على العَقْد، فهو نيّف، بالتشديد، وقد يخفف حتى
يبلغ العَقْد الثاني. ابن سيده: النيف الفضل؛ عن اللحياني. وحكى
الأَصمعي: ضع النيف في موضعه أَي الفضْل؛ وقد نيّف العددُ على ما تقول. قال:
والنَّيْفُ والنَّيِّفُ، كميْت وميِّت، الزيادة. والنِّيف والنِّيفة: ما بين
العَقْدين لأَنها زيادة، يقال: له عشرة ونَيّف، وكذلك سائر العقود. قال
اللحياني: يقال عشرون ونيف ومائة ونيف وأَلف ونيف، ولا يقال نيف إلا بعد
عَقْد، قال: وإنما قيل نيف لأَنه زائد على العدد الذي حواه ذلك العَقْد.
وأَنافت الدراهم على كذا: زادت. وأَنافَ الجبل وأَناف البِناء، فهو جبل
مُنِيف وبناء مُنيف أَي طويل؛ وقال ابن جني في كتابه الموسوم بالمعرب:
وأَنت تراهم قد استحدثوا في حَبْله من قوله:
لما رأَيت الدَّهْر جَهْماً حَبْلُهو
حرف مدّ أَنافوه على وزن البيت، فعدّى أَنافوه وليس هذا بمعروف، وإنما
عدّاه لأَنه في معنى زاد. ونيّف العَدَد على ما تقول: زاد، وأَورد الجوهري
النيف الزيادة، والنِّياف في ترجمة نيف، قال: وأَصله الواو؛ قال ابن
بري: شاهده قول ابن الرِّقاع:
ولدت ترابيه رأْسُها،
على كلِّ رابيةٍ، نَيِّف
(* قوله «ولدت ترابيه» كذا بالأصل، ولعله ولدت برابية، واحدة الروابي.)
وامرأَة مُنِيفة ونياف: تامّة الطول والحُسن. وجمل نِياف وناقة نِياف:
طويلا السّنام؛ قال ابن بري: شاهده قول زياد المِلْقَطِيّ:
والرَّحْل فوق ذاتِ نَوْفٍ خامس
(* قوله «خامس» كذا في الأصل بالخاء، ولعله بالجيم.)
قال ابن جني: ياء كل ذلك منقلبة عن واو لأَنه من النوف الذي هو
العُلُوُّ والارْتفاع، قلبت فيه الواو تخفيفاً لا وجوباً، أَلا ترى إلى صحة صِوان
وخِوان وصِوار؟ على أَنه قد حكي صِيان وصِيار، وذلك عن تخفيف لا عن
صَنْعة ووجوب، وقد يجوز أَن يكون نِياف مصدراً جارياً على فعل معتلّ مقدّر،
فيُجْرى حينئذ مُجرى قِيام وصِيام، ووصف به كما يوصف بالمصادر، وقصْر
نِيافٌ. قال الجوهري: وناقة نِياف وجمل نِياف أَي طويل في ارتفاع؛ قال
الراجز: أُفْرُغْ لأَمْثالِ مِعًى أُلاَّفِ،
يَتْبَعْنَ وَخْيَ عَيْهَلٍ نِيافِ
والوَخْيُ: حُسْن صوت مشيها. قال ابن بري: وحق النِّياف أَن يذكر في فصل
نوف. يقال: ناف ينوف أَي طال، وإنما قلبت الواو ياء على جهة التخفيف،
ومنه قولهم: صوان وصيان وطِوال وطِيال؛ قال أَبو ذؤيب الهذلي:
رآها الفُؤاد، فاسْتُضِلَّ ضَلالُه،
نِيافاً من البِيض الحِسان العَطابِل
وقال جرير:
والخيلُ تَنْحِطُ بالكُماة، وقد رأَى
لَمْعَ الربِيثةِ بالنِّياف العيْطَلِ
أَراد بالجبل العالي الطويل؛ وقال آخر:
كلّ كِنازٍ لَحْمُه نِيافِ،
كالعَلَم المُوفي على الأَعْرافِ
وقال آخر:
يأْوي إلى طائِقه الشِّنْعافِ،
بين حَوامي رَتَبٍ نِيافِ
الطائقُ: الأَنْفُ يَنْدُرُ من الجبل. والرتَبُ: العتَبُ؛ وأَنشد أَبو
عمرو لأَبي الربيع:
والرحْلُ فوقَ جَسْرةٍ نِيافِ
كَبْداء جَسْر، غير ما ازْدِهافِ
وقال امرؤ القيس:
نِيافاً تَزِلُّ الطيرُ عن قُذُفاتِه،
يَظَلُّ الضَّبابُ فوقَه قد تَعَصَّرا
وبعضهم يقول: جمل نَيَّافٌ، على فَيْعال، إذا ارتفع في سيره؛ وأَنشد:
يَتْبعْنَ نَيّافَ الضُّحى عُزاهِلا
قال أَبو منصور: رواه غيره:
يتبعن زَيّافَ الضحى
قال: وهو الصحيح. وقال أَبو عمرو: العَزاهِلُ التامُّ الخَلْقِ. وفَلاةٌ
نِيافٌ: طويلة عريضة؛ قال:
إذا اعْتَلى عَرْضَ نِيافٍ فِلِّ،
أَذْرى أَساهِيكَ عَتِيقٍ أَلِّ،
بعَطْفِ ضَبْعَيْ مَرِحٍ شِمِلِّ
ويروى: بأَوْب. والنوْفُ: أَسفل الذَّيْل لزيادته وطوله؛ عن كراع.
والنَّوْفُ: السَّنام العالي، والجمع أَنواف، وخص بعضهم به سنام البعير، وبه
سمي نَوْفٌ البِكاليّ. والنوْفُ: البَظْر، وكل ذلك في معنى الزيادة
والارتفاع. ابن بري: النوْف البظْر، وقيل الفَرج؛ قال همام بن قَبِيصةَ الفزاري
حين قتله وازع بن ذُؤَالةَ:
تَعِسْتَ ابنَ ذاتِ النَّوْفِ أَجْهِزْ على امْرِئٍ
يرى المَوْتَ خَيْراً مِن فِرارٍ وأَكْرَما
ولا تَتْرُكَنِّي كالخُشاشةِ، إنَّني
صَبُورٌ، إِذا ما النِّكْسُ مِثْلُك أَحْجَما
وروي عن المؤرّج قال: النوْفُ المَصُّ من الثَّدْي، والنَّوْفُ الصوت.
يقال: نافَت الضَّبُعة تَنُوف نَوْفاً.
ونَوْف: اسم رجل. ويَنُوفُ: عقَبة معروفة، سميت بذلك لارتفاعها؛ وأَنشد
أَحمد بن يحيى:
عُقابُ يَنُوف لا عُقابُ القَواعِلِ
ورواه ابن جني: تَنُوف، قال: وهو تَفْعُل من النْوف، وهو الارتفاع، سميت
بذلك لعلوها؛ الجوهري: وينوف في شعر امرئ القيس هَضْبة في جبل طيِّء،
وبيت امرئ القيس هو قوله:
كأَنّ دِثاراً حَلَّقَت بلَبُونِه
عقاب ينوف، لا عقاب القواعل
قال: والمعروف في شعره تنوف، بالتاء، ويروى تَنُوفِيَ
(*
في الفاء من تنوفي روايتان: الفتح والكسر كما في معجم ياقوت.) أَيضاً.
وعبد مناف: بطن من قريش. الجوهري: عبد مناف أَبو هاشم وعبد شمس، والنسبة
إليه مَنافيّ؛ قال سيبويه: وهو مما وقعت فيه الإضافة إلى الثاني دون
الأَول لأَنه لو أُضيف إلى الأَول لالتبس، قال الجوهري: وكان القياس عَبْدِيٌّ
(* قوله «عبدي» كذا هو في الأصل تبعاً للجوهري.) إلا أَنهم عدلوا عن
القياس لإزالة اللبس.
ما: حَرْفُ نَفي وتكون بمعنى الذي، وتكون بمعنى الشَّرط، وتكون عِب
ارة عن جميع أَنواع النكرة، وتكون موضُوعة موضع مَنْ، وتكون بمعنى
الاسْتِفهام، وتُبْدَل من الأَلف الهاء فيقال مَهْ؛قال الراجز:
قدْ وَرَدَتْ مِنْ أَمْكِنَهْ،
مِنْ هَهُنا ومِنْ هُنَهْ،
إِنْ لم أُرَوِّها فَمَهْ
قال ابن جني: يحتمل مَهْ هنا وجهين أَحدهما أَن تكون فَمَهْ زَجْراً منه
أَي فاكْفُفْ عني ولستَ أَهلاً للعِتاب، أَو فَمَهْ يا إنسانُ يُخاطب
نفسَه ويَزْجُرها، وتكونُ للتعجُّب، وتكون زائدة كافَّةً وغير كافة،
والكافة قولهم إِنما زيدٌ مُنْطَلِقٌ، وغير الكافَّة إِنما زَيْداً مُنطلق،
تريد إن زيداً منطلق. وفي التنزيل العزيز: فِبما نَقْضِهم مِيثاقَهم،
وعَمَّا قليل ليُصْبِحُنَّ نادِمين، ومِمَّا خَطيِئَاتِهم أُغْرِقُوا؛ قال
اللحياني: ما مؤنثة، وإن ذُكِّرَت جاز؛ فأَما قول أَبي النجم:
اللهُ نَجَّاكَ بِكَفَّيْ مَسْلَمَتْ،
مِنْ بَعْدِما وبَعْدِما وبَعْدِمَتْ
صارَتْ نُفُوسُ القَومِ عِنْد الغَلْصَمَتْ،
وكادتِ الحُرَّةُ أَن تُدْعَى أَمَتْ
فإِنه أَراد وبَعْدِما فأَبدلَ الأَلف هاء كما قال الراجز:
مِنْ هَهُنا ومِنْ هُنَهْ
فلما صارت في التقدير وبعدمَهْ أَشبهت الهاء ههنا هاء التأْنيث في نحو
مَسْلمةَ وطَلْحة، وأَصلُ تلك إِنما هو التاء، فشبَّه الهاء في
وبَعْدِمَهْ بهاء التأَنيث فوَقَفَ عليها بالتاء كما يَقِفُ على ما أَصله التاء
بالتاء في مَسْلَمَتْ والغَلْصَمَتْ، فهذا قِياسُه كما قال أَبو
وَجْزَة:العاطِفُونَتَ ، حين ما مِنْ عاطِفٍ،
والمُفْضِلونَ يَداً، وإذا ما أَنْعَمُوا
(*قوله «والمفضلون» في مادة ع ط ف: والمنعمون.)
أَراد: العاطِفُونَهْ، ثم شبَّه هاء الوقف بهاء التأْنيث التي أَصلها
التاء فَوَقَفَ بالتاء كما يَقِفُ على هاء التأْنيث بالتاء. وحكى ثعلب
وغيره: مَوَّيْتُ ماء حَسَنةً، بالمدِّ، لمكان الفتحة مِن ما، وكذلك لا أَي
عَمِلْتها، وزاد الأَلف في ما لأَنه قد جعلها اسماً، والاسم لا يكون على
حرفين وَضْعاً، واختار الأَلف من حروف المدِّ واللِّين لمكان الفتحة، قال:
وإذا نسبت إِلى ما قلت مَوَوِيٌّ. وقصيدة ماويَِّةٌ ومَوَوِيَّةٌ:
قافيتها ما. وحكى الكسائي عن الرُّؤاسي: هذه قصيدة مائِيةٌ وماوِيَّةٌ
ولائِيَّةٌ ولاوِيَّةٌ ويائِيَّةٌ وياوِيَّةٌ، قال: وهذا أَقْيسُ. الجوهري: ما
حرف يَتَصَرَّف على تسعة أَوجه: الاستفهامُ نحو ما عِنْدَك، قال ابن بري:
ما يُسأَلُ بها عَمَّا لا يَعْقِل وعن صفات من يَعْقِل، يقول: ما عَبْدُ
اللهِ؟ فتقول: أَحْمَقُ أَو عاقلٌ، قال الجوهري: والخَبَر نحو رأيت ما
عِنْدَك وهو بمعنى الذي، والجزاء نحو ما يَفْعَلْ أَفْعَلْ، وتكون تعجباً
نحو ما أَحْسَنَ زيداً، وتكون مع الفِعل في تأْويل المَصدر نحو بَلَغَني
ما صَنَعْتَ أَي صَنِيعُك، وتكون نكرة يَلْزَمُها النعتُ نحو مررت بما
مُعْجِبٍ لك أَي بشيءٍ مُعْجِبٍ لك، وتكون زائدةً كافّةً عن العمل نحو إنما
زيد مُنْطَلِقٌ، وغير كافَّة نحو قوله تعالى: فبِما رَحْمَةٍ من اللهِ
لِنْتَ لهم؛ وتكون نفياً نحو ما خرج زيد وما زَيْدٌ خارِجاً، فإن جعلْتَها
حرفَ نفيٍ لم تُعْمِلْها في لغة أَهل نَجدٍ لأَنها دَوَّارةٌ، وهو
القِياس، وأَعْمَلْتَها في لغةِ أَهل الحِجاز تشبيهاً بليس، تقول: ما زيدٌ
خارِجاً وما هذا بَشراً، وتجيء مَحْذُفَةً منها الأَلفُ إِذا ضَمَمتَ إِليها
حرفاً نحو لِمَ وبِمَ وعَمَّ يَتَساءلُون؛ قال ابن بري: صوابه أَن يقول:
وتجيء ما الاستفهاميةُ مَحذُوفةً إِذا ضممت إِليها حرفاً جارًّا.
التهذيب: إِنما قال النحويون أَصلُها ما مَنَعَتْ إِنَّ من العمل، ومعنى إِنَّما
إثباتٌ لما يذكر بعدها ونَفْيٌ لما سِواه كقوله: وإِنَّما يُدافِعُ عن
أَحْسابِهم أَنا أَو مِثْلي؛ المعنى ما يُدافعُ عن أَحسابهم إِلاَّ أَنا
أَو مَنْ هو مِثْلي، والله أَعلم. التهذيب: قال أَهل العربية ما إِذا كانت
اسماً فهي لغير المُمَيِّزِين من الإِنس والجِنِّ، ومَن تكون
للمُمَيِّزِين، ومن العرب من يستعمل ما في موضع مَنْ، مِن ذلك قوله عز وجل: ولا
تَنكِحوا ما نَكَح آباؤكم من النِّساء إِلا ما قد سَلَفَ؛ التقدير لا
تَنْكِحُوا مَنْ نَكَحَ آباؤكم، وكذلك قوله: فانْكِحُوا ما طابَ لكم من
النِّساء؛ معناه مَنْ طابَ لكم. وروى سلمة عن الفراء: قال الكسائي تكون ما اسماً
وتكون جَحْداً وتكون استفهاماً وتكون شرطاً وتكون تَعَجُّباً وتكون
صِلةً وتكون مَصْدَراً. وقال محمد بن يزيد: وقد تأْتي ما تَمْنَع العامِلَ
عَملَه، وهو كقولك: كأَنَّما وَجْهُكَ القمرُ، وإِنما زيدٌ صَدِيقُنا. قال
أَبو منصور: ومنه قوله تعالى: رُبَّما يَوَدُّ الذين كفروا؛ رُبَّ
وُضِعَت للأَسماء فلما أُدْخِل فيها ما جُعلت للفعل؛ وقد تُوصَلُ ما بِرُبَّ
ورُبَّتَ فتكون صِلةً كقوله:
ماوِيَّ، يا رُبَّتَما غارةٍ
شَعْواء كاللَّذْعةِ بالمِيسَمِ
يريد يا رُبَّتَ غارة، وتجيءُ ما صِلَةً يُريد بها التَّوْكِيدَ كقول
الله عز وجل: فبِما نَقْضِهم مِيثاقَهُم؛ المعنى فبِنَقْضِهم مِيثاقَهم،
وتجيء مصدراً كقول الله عز وجل: فاصْدَعْ بما تؤمر؛ أَي فاصْدَعْ بالأَمر،
وكقوله عز وجل: ما أَغْنى عنه مالُه وما كَسَبَ؛ أَي وكَسْبُه، وما
التَّعَجُّبِ كقوله: فما أَصْبَرَهم على النار، والاستفهام بما كقولك: ما
قولُك في كذا؟ والاسْتِفهامُ بما من الله لعباده على وجهين: هل للمؤمنِ
تَقْريرٌ، وللكافر تَقْرِيعٌ وتَوْبيخٌ، فالتقرير كقوله عز وجل لموسى: وما
تِلكَ بيَمِينك يا موسى قال هي عَصايَ، قَرَّره اللهُ أَنها عَصاً كراهةَ
أَن يَخافَها إِذا حوَّلها حَيَّةً، والشَّرْطِ كقوله عز وجل: ما يَفْتَح
الله للناسِ من رَحْمَة فلا مُمْسِكَ لها وما يُمْسِكْ فلا مُرْسِلَ لَه،
والجَحْدُ كقوله: ما فَعَلُوه إِلاَّ قَليلٌ منهم، وتجيء ما بمعنى أَيّ
كقول الله عز وجل: ادْعُ لَنا رَبَّك يُبَيِّن لنا ما لَوْنُها؛ المعنى
يُبَيِّن لنا أَيُّ شيء لَوْنُها، وما في هذا الموضع رَفْعٌ لأَنها ابْتداء
ومُرافِعُها قوله لَوْنُها، وقوله تعالى: أَيّاً ما تَدْعُوا فله
الأَسْماء الحُسْنى؛ وُصِلَ الجَزاءُ بما، فإِذا كان اسْتِفْهاماً لم يُوصَلْ
بما وإِنما يُوصَلُ إِذا كان جزاء؛ وأَنشد ابن الأَعرابي قول حَسَّانَ:
إِنْ يَكُنْ غَثَّ من رَقاشِ حَديثٌ،
فبما يأْكُلُ الحَدِيثُ السِّمِينا
قال: فبما أَي رُبَّما. قال أَبو منصور: وهو مَعْروف في كلامهم قد جاءَ
في شعر الأَعشى وغيره. وقال ابن الأَنباري في قوله عز وجل: عَما قَلِيل
ليُصْبحُنَّ نادِمينَ. قال: يجوز أَن يكون معناه عَنْ قَليل وما
تَوْكِيدٌ، ويجوز أَن يكون المعنى عن شيءٍ قليل وعن وَقْتٍ قليل فيصير ما اسماً
غير تَوكيد، قال: ومثله مما خَطاياهُمْ، يجوز أَن يكون من إِساءَة خَطاياهم
ومن أَعْمال خَطاياهم، فنَحْكُمُ على ما من هذه الجِهة بالخَفْض،
ونَحْمِلُ الخَطايا على إِعرابها، وجَعْلُنا ما مَعْرِفةً لإِتْباعِنا
المَعْرِفةَ إِياها أَوْلى وأَشْبَهُ، وكذلك فبِما نَقْضِهم مِيثاقَهم، معناه
فبِنَقْضِهم مِيثاقَهم وما تَوْكِيدٌ، ويجوز أَن يكون التأْويل
فَبِإِساءَتِهم نَقْضِهم ميثاقَهم.
والماءُ، المِيمُ مُمالةٌ والأَلف مَمْدُودةٌ: حكاية أَصْواتِ الشاءِ؛
قال ذو الرمة:
لا يَنْعَشُ الطَّرْفَ إِلا ما تَخَوَّنَهُ
داعٍ يُناديه، باسْم الماء، مَبْغُومُ
وماءِ: حكايةُ صوتِ الشاةِ مبني على الكسر. وحكى الكسائي: باتَتِ الشاءُ
ليلَتَها ما ما وماهْ وماهْ
(*قوله« ما ما وماه ماه» يعني بالامالة
فيها.) ، وهو حكاية صوتها. وزعم الخليل أَن مَهْما ما ضُمَّت إِليها ما
لَغْواً، وأَبدلوا الأَلف هاء. وقال سيبويه: يجوز أن تكون كإِذْ ضُمَّ إِليها
ما؛ وقول حسان بن ثابت:
إِمَّا تَرَيْ رَأْسي تَغَيَّرَ لَوْنُه
شَمَطاً، فأَصْبَحَ كالنَّغامِ المُخْلِس
(* قوله «المخلس» أي المختلط صفرته بخضرته، يريد اختلاط الشعر الأبيض
بالأسود، وتقدم انشاد بيت حسان في ثغم الممحل بدل المخلس، وفي الصحاح هنا
المحول.)
يعني إِن تَرَيْ رأْسي، ويدخُل بعدها النونُ الخفيفةُ والثقيلةُ كقولك:
إِما تَقُومَنَّ أَقُمْ وتَقُوماً، ولو حذفت ما لم تقل إِلاَّ إِنْ لم
تَقُمْ أَقُمْ ولم تنوّن، وتكون إِمّا في معنى المُجازاة لأَنه إِنْ قد
زِيدَ عليها ما، وكذلك مَهْما فيها معنى الجزاء. قال ابن بري: وهذا مكرر
يعني قوله إِما في معنى المُجازاة ومهما. وقوله في الحديث: أَنْشُدُكَ بالله
لَمَّا فعلت كذا أَي إِلاَّ فَعَلْته، وتخفف الميم وتكون ما زائدة،
وقرئ بهما قوله تعالى: إِنَّ كلُّ نَفْسٍ لَمَّا عليها حافظ؛ أَي ما كلُّ
نَفْسٍ إِلا عليها حافظ وإِنْ كلُّ نَفْسٍ لعَلَيْها حافِظٌ.
ضرم: الضَّرَمُ: مَصْدَرُ ضَرِمَ ضَرَماً. وضَرِمَت النارُ وتَضَرَّمَتْ
واضْطَرَمَت: اشْتَعَلَتْ والْتَهَبَتْ، واضْطَرَمَ مَشِيبهُ كما قالوا
اشْتَعَلَ؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأنشد:
وفي الْفَتى، بَعْدَ المَشِيب المُضْطَرِمْ،
مَنافِعٌ ومَلْبَسٌ لِمَنْ سَلِمْ
وهو على المثل. وأَضْرَمْتُ النارَ فاضْطَرَمَتْ وضَرَّمْتها فضَرِمَتْ
وتَضرَّمَتْ: شُدِّدَ للمبالغة؛ قال زهير:
وتَضْرَ، إذا ضَرَّيْتُموها فَتضْرَم
(* وصدر البيت: متى تبعثوها ذميمةً).
واسْتَضْرَمْتُها: أَوْقَدْتُها؛ وأَنشد ابن دريد:
حِرْمِيَّةٌ لم يَخْتَبِزْ أَهْلُها
فَثّاً، ولم تَسْتَضْرِمِ العَرْفَجا
الليث: والضَّرِيمُ اسمٌ للحَريق؛ وأَنشد:
شَدّاً كما تُشَيِّعُ الضَّرِيما
شَبَّهَ حفيفَ شدِّه بحَفيفِ النارِ إذا شَيَّعْتَها بالحطَبِ أي
أَلْقَيْتَ عليها ما تُذَكِّيها به؛ روي ذلك عن الأَصمعي. وفي حديث الأُخدود:
فأمَرَ بالأَخادِيدِ وأَضْرَمَ فيها النِّيرانَ، وقيل: الضَّريم كُلُّ
شيءٍ أَضْرَمْتَ به النار. التهذيب: الضَّرَمُ من الحطب ما التهبَ سريعاً،
والواحدةُ ضَرَمَةٌ. والضِّرامُ: ما دَقَّ من الحَطَبِ ولم يكن جَزْلاً
تُثْقَبُ به النارُ، الواحد ضَرَمٌ
وضَرَمَةٌ؛ ومنه قول الشاعر ونسبه ابن بري لأبي مريم:
أَرَى خَلَلَ الرَّمادِ وَمِيضَ جَمْرٍ،
أُحاذِرُ أَن يَشِبَّ له ضِرَامُ
الجوهري؛: الضِّرامُ اشتِعالُ النارِ في الحَلْفاءِ ونحْوها.
والضِّرامُ أَيضاً: دُقاق الحَطبِ الذي يُسْرعُ اشْتِعالُ النار فيه؛
وأَنشد ابن بري فيه:
ولكِنْ بِهاتِيكِ البِقاعِ فأَوْقدِي
بجَزْلٍ، إذا أَوْقَدْتِ، لا بِضرامِ
(* قوله«ولكن بهاتيك البقاع» وأنشده في الأَساس: ولكن بهذاك اليفاع،
بمثناة تحتية ففاء).
والضَّرَمةُ: السَّعَفةُ والشِّيحةُ في طَرَفِها نارٌ.
والضِّرامُ والضِّرامةُ: ما اشْتَعَلَ من الحَطَب، وقيل: الضِّرامُ جمعُ
ضِرَامةٍ. والضِّرامُ أَيضاً من الحطب: ما ضَعُفَ ولانَ كالعرْفَج فما
دُونَه، والجَزْل: ما غلُظ واشْتَدّ كالرِّمْثِ فما فَوْقَه، وقيل:
الضِّرامُ من الحطب كلُّ ما لم يكن له جَمْرٌ، والجَزْلُ ما كان له جَمْرٌ.
والضَّرَمةُ: الجَمرةُ، وقيل: هي النارُ نفسُها، وقيل: هي ما دَقَّ من
الحَطَب. وفي حديث علي، رضي الله عنه: والله لَوَدَّ مُعاويةُ أَنه ما بَقِيَ
مِنْ بني هاشمٍ نافِخُ ضَرَمةٍ؛ هي بالتحريك النارُ، وهذا يقال عند
المُبالَغة في الهلاك لأن الكبير والصغير يَنْفُخانِ النار. وأَضْرَمَ النارَ
إذا أَوْقدَها. وما بالدارِ نافخُ ضَرَمةٍ أي ما بها أَحدٌ، والجمعُ
ضَرَمٌ؛ قال طُفَيْل:
كأَنَّ، على أَعْرافِهِ ولجامِهِ،
سَنَا ضَرَمٍ من عَرْفَجٍ مُتَلَهِّب
قال ثعلب: يقول مِنْ خِفَّةِ الجَرْي كأَنَّه يَضْطَرِمُ مِثْلَ النار.
وقال ابن الأَعرابي: هو اشْقَرُ؛ وأَنشد ابن بري للمُتَلَمِّس:
وقَدْ أَلاحَ سُهَيْلٌ، بَعْدَما هَجَعُوا،
كأَنَّه ضَرَمٌ بالكَفِّ مَقْبُوسُ
وفي حديث أَبي بكر، رضي الله عنه: قال قَيْسُ ابنُ أَبي حازم كان يخرج
إلينا وكأَنَّ لِحْيَتهُ ضِرامُ عَرْفَجٍ؛ الضِّرامُ: لَهِبُ النارِ
شُبِّهتْ به لأَنه كان يَخْضِبُها بالحِنَّاء. والضَّرَمُ: شدَّةُ العَدْوِ.
ويقال: فرسٌ ضَرِمٌ شديدُ العَدْوِ؛ ومنه قوله:
ضَرِمِ الرَّقاقِ مُناقِلِ الأَجْرالِ
والضَّرْيَمُ: الحَريقُ نَفْسُه؛ عن أَبي حنيفة. والضَّرَمُ: غضَبُ
الجوع. وضَرِمَ عليه ضَرَماً وتَضَرَّمَ: تَحَرَّقَ. وضَرِمَ الشيءُ، بالكسر:
اشتدّ حرُّه. يقال: ضَرِمَ الرجلُ إذا اشتدّ جوعُه. أَبو زيد: ضَرِمَ
فلانٌ في الطَّعامِ ضَرَماً إذا جَدَّ في أكْله لا يَدْفَع
منه شيئاً. ويقال: ضَرِمَ عليه وتَضَرَّمَ إذا احْتَدَّ غَضَباً.
وتضَرَّمَ عليه: غَضِبَ. ابن شميل: المُضْطَرِمُ المُغْتَلِمُ من الجمال تراه
كأَنه حُسْحِسَ بالنار، وقد أَضْرَمَتْه الغُلْمةُ. وضَرِمَ الفَرسُ في
عَدْوِه ضَرَماً، فهو ضارِمٌ، واضْطَرمَ: وذلك فوق الإلْهابِ. وضَرِمَ
الأَسَدُ إذا اشْتدَّ حَرُّ جوْفِه من الجوع، وكذلك كلُّ شيء اشْتَدَّ جُوعُه
من اللَّواحِم. والضَّرِمُ: الجائعُ.
واسْتَضْرَمَتِ الحَبّةُ: سَمِنَتْ وبَلَغَتْ أن تُشْوى.
والضِّرْمُ والضَّرِمُ: فَرْخُ العُقابِ؛ هاتانِ عن اللحياني. والضَّرْم
والضُّرْمُ: ضَرْبانِ من الشجر. قال أَبو حنيفة: الضُّرْمُ شجرٌ طَيِّبُ
الرِّيح، وكذلك دخانُه طَيِّبٌ. وقال مرّة: الضُّرْمُ شجرٌ أَغبرُ
الوَرَق وَرَقُه شبيهٌ بورَق الشِّيح، وله ثمر أَشْباهُ البَلُّوط، حُمْرٌ إلى
السَّواد، وله وَرْدٌ أَبيض صغيرٌ كثيرُ العسَلِ.
والضِّرامةُ: شجرُ البُطْم. والضِّرْيَمُ: ضَرْبٌ من الصَّمْغ.
والضِّرامُ: ما اتَّسَعَ من الأَرض؛ عن ابن الأَعرابي.
بعا: البعْوُ: العاريَّةُ. واسْتَبْعَى منه الشيء: اسْتَعارَه.
واسْتَبْعَى يَسْتَبْعِي: اسْتعار؛ قال الكُمَيْت:
قد كادَها خالِدٌ مُسْتَبْعياً حُمُراً،
بالوَكْتِ، تَجْرِي إلى الغاياتِ والهَضَبِ
والهَضَب: جَرْيٌ ضعيف. والوَكْتُ: القَرْمَطة في المشي، وَكَتَ يَكِتُ
وَكْتاً. كادَها: أَرادها. قال الأَصمعي: البَعْوُ أَن يَسْتعير الرجلُ
من صاحبه الكلبَ فيَصِيدَ به. ويقال: أَبْعِني فرَسَك أَي أَعِرْنيه.
وأَبْعاه فرَساً: أَخْبَلَه. والمُسْتَبْعِي: الرجلُ يأْتي الرجلَ وعنده فرس
فيقول: أَعطينه حتى أُسابقَ عليه. وبَعاه بَعْواً: أَصاب منه وقَمَرَه،
والمَبْعاةُ مفْعَلَةٌ منه؛ قال:
صَحا القَلْبُ بعد الإلْفِ، وارتَدَّ شأْوُه،
ورَدَّتْ عليه ما بَعَتْه تُــماضِرُ
وقال راشد بن عبد رَبِّه:
سائلْ بَني السيِّدِ، إنْ لاقَيْتَ جَمْعَهُمُ:
ما بالُ سَلْمَى وما مَبْعاةُ مِئْشارِ؟
مِئشار: اسم فرسه. والبَعْوُ: الجِناية والجُرْم. وقد بعا إذا جَنَى.
يقال: بَعا يَبْعُو ويَبْعَى. وبَعَى الذَّنْبَ يَبْعاه ويَبْعُوه بَعْواً:
اجْترَمه واكتسبه؛ قال عوف بن الأحْوَص الجَعْفري:
وإبْسالي بَنِيَّ بغَيْرِ بَعْوٍ
جَرَمْناه، ولا بِدَمٍ مُراقِ
وفي الصحاح: بغير جُرْم بَعَوْناه؛ وقال ابن بري: البيت لعبد الرحمن بن
الأَحْوَصِ. قال ابن الأَعرابي: بَعَوْتُ عليهم شَرّاً سُقْتُه
واجْتَرَمْتُه، قال: ولم أَسمعه في الخير. وقال اللحياني: بَعَوْتُه بعَيْنٍ
أَصَبْتُه. وقال ابن سيده في ترجمة بعي بالياء: بَعَيْت أَبْعِي مثل
اجْتَرَمْتُ وجَنَيْتُ؛ حكاه كراع، قال: والأَعرف الواو.
صبغ: الصَّبْغُ والصِّباغُ: ما يُصْطَبَغُ به من الإِدامِ؛ ومنه قوله
تعالى في الزَّيْتُون: تَنْبَتُ بالدُّهْنِ وصِبْغٍ للآكِلِين، يعني
دُهْنَه؛ وقال الفراء: يقول الآكلونَ يَصْطَبِغُون بالزَّيت فجعل الصِّبْغَ
الزيت نفسَه، وقال الزجاج: أَراد بالصَّبْغ الزيتونَ، قال الأَزهري: وهذا
أَجود القولين لأَنه قد ذكر الدُّهن قبله، قال: وقوله تَنْبُتُ بالدُّهْن
أَي تنبت وفيها دُهْن ومعها دُهْن كقولك جاءني زيد بالسيف أَي جاءني ومعه
السيف. وصَبَغَ اللقمةَ يَصْبُغُها صَبْغاً: دَهَنها وغمَسها، وكلُّ ما
غُمِسَ، فقد صُبِغَ، والجمع صِباغٌ؛ قال الراجز:
تَزَجَّ مِنْ دُنْياكَ باليَلاغِ،
وباكِرِ المِعْدَةَ بالدِّباغِ
بالمِلْحِ ، أَو ما خَفَّ من صِباغِ
ويقال: صَبَغَتِ الناقةُ مَشافِرَها في الماء إذا غَمَسَتْها، وصَبَغَ
يدَه في الماء؛ قال الراجز:
قد صَبَغَتْ مَشافِراً كالأَشْبارْ،
تُرْبِي على ما قُدَّ يَفْرِيهِ الفَارْ،
مَسْكَ شَبُوبَينِ لها بأَصْبارْ
قال الأَزهري: وسمَّتِ النصارى غَمْسَهم أَوْلادَهم في الماء صَبْغاً
لغَمْسِهم إياهم فيه. والصَّبْغُ: الغَمْسُ. وصَبَغَ الثوبَ والشَّيْبَ
ونحوَهما يَصْبَغُه ويَصْبُغُه ويَصْبِغُه ثلاتُ لغاتٍ؛ الكسر عن اللحياني،
صَبْغاً وصِبْغاً وصِبَغةً؛ التثقيل عن أَبي حنيفة. قال أَبو حاتم: سمعت
الأَصمعي وأَبا زيد يقولان صَبَغْتُ الثوبَ أَصْبَغُه وأَصْبُغُه صِبَغاً
حسناً، الصاد مكسورة والباء متحركة، والذي يصبغ به الصِّبْغُ، بسكون
الباء، مثل الشِّبَعِ والشِّبْع؛ وأَنشد:
واصْبَغْ ثِيابي صِبَغاً تَحْقِيقا،
مِن جَيِّدِ العُصْفُرِ لا تَشْرِيقا
قال: والتَّشْرِيقُ الصَّبْغُ الخفيفُ. والصِّبْغُ والصِّباغُ
والصِّبْغةُ: ما يُصْبَغُ به وتُلَوَّنُ به الثياب، والصَّبْغُ المصدر، والجمع
أَصْباغٌ وأَصْبِغةٌ.
واصْطَبَغَ: اتَّخَذَ الصِّبْغَ، والصِّباغُ: مُعالِجُ الصّبْغِ،
وحِرْفته الصِّباغةُ. وثيابٌ مُصَبَّغةٌ إِذا صُبِغَتْ، شُدِّدَ للكثرة. وفي
حديث علي في الحج: فوجَد فاطمة لَبِسَتْ ثياباً صَبِيغاً أَي مَصْبوغة غير
بيض، وهي فَعِيل بمعنى مَفْعول. وفي الحديث: فَيُصْبَغُ في النار صَبْغةً
أَي يُغْمَسُ كما يُغْمَسُ الثوبُ في الصِّبْغ. وفي حديث آخر: اصْبُغُوه
في النار. وفي الحديث: أَكْذَبُ الناسِ الصبّاغُون والصَّوّاغُون؛ هم
صَبّاغو الثياب وصاغةُ الحُلِيِّ لأَنهم يَمْطُلُون بالمَواعِيد، وأَصله
الصَّبْغُ التغيير. وفي حديث أَبي هريرة: رأَى قوماً يَتَعادَوْنَ فقال: ما
لهم؟ فقالوا: خرج الدَّجّالُ، فقال: كَذِبةٌ كَذَبَها الصّباغُون، وروي
الصوَّاغون. وقولهم: قد صَبَغُوني في عَيْنِكَ، يقال: معناه غَيَّروني
عندك وأَخبروا أَني قد تغيرت عما كنت عليه. قال: والصَّبْغُ في كلام العرب
التَّغْيِيرُ، ومنه صُبِغَ الثوبُ إذا غُيِّرَ لَونُه وأُزِيلَ عن حاله
إلى حالِ سَوادٍ أَو حُمْرةٍ أَو صُفْرةٍ، قال: وقيل هو مأْخوذ من قولهم
صَبَغُوني في عينك وصَبغوني عندك أَي أَشارُوا إليك بأَني موضع لما
قَصَدْتَني به، من قوْلِ العرب صَبَغْتُ الرجلَ بعيني ويدي أَي أَشَرْتُ إليه؛
قال الأَزهري: هذا غلط إذا أَرادت بإشارةٍ أَو غيرها قالوا صَبَعْت،
بالعين المهملة؛ قال أَبو زيد.
وصِبْغةُ الله: دِينُه، ويقال أَصلُه. والصِّبغةُ: الشرِيعةُ والخِلقةُ،
وقيل: هي كل ما تُقُرِّبَ به. وفي التنزيل: صِبْغةَ الله ومَنْ
أَحْسَنُ من اللهِ صِبْغةً؛ وهي مشتقٌّ من ذلك، ومنه صَبْغُ النصارى أَولادهم في
ماء لهم؛ قال الفراء: إنما قيل صِبْغةَ لأَن بعض النصارى كانوا إذا
وُلِدَ المولود جعلوه في ماءٍ لهم كالتطهير فيقولون هذا تطهير له كالخِتانة.
قال الله عز وجل: قل صبغة الله، يأْمر بها محمداً، صلى الله عليه وسلم،
وهي الخِتانةُ اخْتَتَنَ إِبراهيم، وهي الصِّبْغَةُ فجرت الصِّبْغة على
الخِتانة لصَبْغهم الغِلْمانَ في الماء، ونصب صبغةَ الله لأَنه رَدَّها
على قوله بل مِلَّةَ إبراهيم أَي بل نَتَّبِع مِلَّة إبراعهيم ونتَّبِع
صبغةَ الله، وقال غير الفراء: أَضمر لها فعلاً اعْرِفُوا صِبْغة الله
وتدبَّرُوا صبغة الله وشبه ذلك. ويقال: صبغةُ الله دِينُ الله وفِطْرته. وحكي
عن أَبي عمرو أَنه قال: كل ما تُقُرِّبَ به إلى الله فهو الصبغة.
وتَصَبَّغَ فلان في الدين تَصَبُّغاً وصِبغةً حَسَنةً؛ عن اللحياني. وصَبَغَ
الذَّمِّيُّ ولدَه في اليهوديّة أَو النصرانية صِبْغةً قبيحة: أَدخلها فيها.
وقال بعضهم: كانت النصارى تَغْمِسُ أَبناءها في ماء يُنَصِّرونهم بذلك،
قال: وهذا ضعيف.
والصَّبَغُ في الفرس: أَن تَبْيَضَّ الثُّنّةُ كلُّها ولا يَتَّصلَ
بياضُها ببَياضِ التَّحْجِِيلِ. والصَّبَغُ أَيضاً: أَن يَبْيَضَّ الذنَبُ
كله والناصيةُ كلها، وهو أَصْبَغُ. والصَّبَغُ أَيضاً: أَخَفُّ من
الشَّعَل، وهو أَن تكون في طرَف ذنَبه شَعرات بِيض، يقال من ذلك فرس أَصْبَغُ.
قال أَبو عبيدة: إذا شابت ناصية الفرس فهو أَسْعَفُ، فإِذا ابيضت كلها فهو
أَصْبَغُ، قال: والشَّعَلُ بَياض في عُرْضِ الذنَب، فإِن ابيض كله أَو
أَطْرافُه فهو أَصْبَغُ، قال: والكَسَعُ أَن تبيضَّ أَطْرافُ الثُّنَنِ،
فإِن ابيضت الثنن كلها في يد أَو رجل ولم تتصل ببياض التحجيل فهو
أَصْبَغُ.والصَّبْغاءُ من الضأْن: البيضاءُ طرَفِ الذنب وسائرُها أَسود، والاسم
الصُّبْغةُ. أَبو زيد: إِذا ابيض طَرَفُ ذنَب النعجةِ فهي صَبْغاء، وقيل:
الأَصبغُ من الخيل الذي ابيضت ناصِيته أَو ابيضت أَطراف ذنبه،
والأَصْبَغُ من الطير ما ابيض أَعلى ذنبه، وقيل ما ابيض ذنَبُه. وفي حديث أَبي
قتادة: قال أَبو بكر كلاَّ لا يُعْطِيهِ أُصَيْبِغَ قُريش، يصفه بالعَجْزِ
والضَّعْفِ والهَوان، فشبه بالأَصبغ وهو نوع من الطيور ضعيف، وقيل شَبَّهه
بالصَّبْغاءِ النَّباتِ، وسيجيء، ويروى بالضاد المعجمة والعين المهملة
تصغير ضَبُع على غير قياس تَحْقيراً له.
وصَبَغَ الثوبُ يَصْبُغُ صُبوغاً: اتَّسَعَ وطالَ لغة في سَبَغَ.
وصَبَّغَتِ الناقةُ: أَلْقَتْ ولدَها لغة في سَبَّغَتْ. الأَصمعي: إذا أَلقت
الناقةُ ولدَها وقد أَشْعَرَ قيل: سَبَّغْتْ، فهي مُسبِّغٌ؛ قال الأَزهري:
ومن العرب من يقول صَبَّغَتْ فهي مُصَبِّغٌ، بالصاد، والسينُ أَكثر.
ويقال: ناقة صابِغٌ إذا امْتَلأَ ضَرْعُها وحَسُنَ لونه، وقد صَبُغَ ضَرعُها
صُبوغاً، وهي أَجْوَدُها مَحْلبة وأَحَبُّها إلى الناسِ. وصَبَغَتْ
عَضَلةُ فلان أَي طالتْ تَصْبُغ، وبالسين أَيضاً. وصَبَغَتِ الإِبلُ في
الرعْي تَصْبُغُ، فهي صابغةٌ؛ وقال جندل يصف إِبلاً:
قَطَعْتُها بِرُجَّعٍ أَبْلاءِ ،
إذا اغْتَمَسْنَ مَلَثَ الظَّلْماءِ
بالقَوْمِ ، لم يَصْبُغْنَ في عَشاءِ
ويروى: لم يَصْبُؤْنَ في عَشاء. يقال: صَبأَ في الطعام إذا وضَعَ فيه
رأْسَه. وقال أَبو زيد: يقال ما تَرَكْتُه بِصِبْغ الثَّمَنِ أَي لم أَتركه
بثَمَنِه الذي هو ثمنه، وما أَخذته بِصِبْغ الثمن أَي لم آخذه بثمنه
الذي هو ثمنه، ولكني أَخذته بِغلاَءٍ.
ويقال: أَصْبَغَتِ النخلةُ فهي مُصْبِغٌ إذا ظَهر في بُسْرِها
النُّضْجُ، والبُسْرةُ التي قد نَضِجَ بعضها هي الصُّبْغةُ، تقول: نَزَعْتُ منها
صُبْغةً أَو صُبْغَتَينِ، والصاد في هذا أَكثر. وصَبَّغَت الرُّطَبةُ: مثل
ذنَّبَتْ. والصَّبْغاءُ: ضَرْبٌ من نبات القُفِّ. وقال أَبو حنيفة:
الصَّبْغاء شجرة شبيهة بالضَّعةِ تأْلَفُها الظِّباء بيضاء الثمرة، قال: وعن
الأَعراب الصَّبْغاءُ مثل الثُّمامِ. قال الأَزهري: الصَّبْغاءُ نبت
معروف. وجاء في الحديث: هل رأَيتم الصَّبْغاء ما يَلي الظلَّ منها أَصفرُ
وأَبيضُ؟ وروي عن عطاء بن يسار عن أَبي سعيد الخُدْري أَن رسول الله، صلى
الله عليه وسلم، قال فَيَنْبُتُونَ كما تَنْبُتُُ الحِبَّةُ في حَمِيل
السيْلِ، أَلم تَرَوْها ما يَلِي الظلَّ منها أُصَيْفِرُ أَو أَبيضُ، وما يلي
الشمسَ منها أُخَيْضِرُ؟ وإذا كانت كذلك فهي صَبْغاءُ؛ وقال: إِنَّ
الطاقَةَ الغَضَّةَ من الصبْغاء حين تَطْلُعُ الشمسُ يكون ما يلي الشمسَ من
أَعالِيها أَبيضَ وما يلي الظلَّ أَخضر كأَنها شبهت بالنعجة الصبغاء؛ قال
ابن قتيبة: شَبَّه نَباتَ لحومهم بعد إحْراقِها بنبات الطاقة من النبت
حين تطلُع، وذلك أَنها حين تطلُع تكون صَبْغاء، فما يلي الشمسَ من
أَعالِيها أَخضرُ، وما يلي الظلَّ أَبيضُ.
وبنو صَبْغاء: قوم. وقال أَبو نصر: الصَّبْغاء شجرة بيضاء الثمرةِ.
وصُبَيْغٌ وأَصْبَغُ وصبِيغٌ: أَسماء. وصِبْغٌ: اسم رجل كان يَتَعَنَّتُ
الناسَ بسُؤالات في مُشْكِل القرآن فأَمر عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، بضربه
ونفاه إلى البَصرة ونَهى عن مُجالَسَتِه.