(الــلقاط) جمع السنبل من الأَرْض
(الــلقاط) مَا يلقط من السنابل
لقط: اللَّقْطُ: أَخْذُ الشيء من الأَرض، لقَطَه يَلْقُطه لَقْطاً
والتقَطَه: أَخذه من الأَرض. يقال: لِكُلِّ ساقِطةٍ لاقِطةٌ أَي لكل ما نَدَر
من الكلام مَن يَسْمَعُها ويُذِيعُها. ولاقِطةُ الحَصى: قانِصةُ الطير
يجتمع فيها الحصى. والعرب تقول: إِنَّ عندك ديكاً يَلْتَقِط الحصى، يقال
ذلك للنّمّام. الليث: إِذا التقَط الكلامَ لنميمةٍ قلت لُقَّيْطَى
خُلَّيْطَى، حكاية لفعله.
قال الليث: واللُّقْطةُ، بتسكين القاف، اسم الشيء الذي تجِدُه مُلْقىً
فتأْخذه، وكذلك المَنبوذ من الصبيان لُقْطةٌ، وأَمّا اللُّقَطةُ، بفتح
القاف، فهو الرجل الــلّقّاطُ يتبع اللُّقْطات يَلْتَقِطُها؛ قال ابن بري:
وهذا هو الصواب لأَنّ الفُعْلة للمفعول كالضُّحْكةِ، والفُعَلةُ للفاعل
كالضُّحَكةِ؛ قال: ويدل على صحة ذلك قول الكميت:
أَلُقْطَةَ هُدهدٍ وجُنُودَ أُنْثَى
مُبَرْشِمةً، أَلَحْمِي تأْكُلُونا؟
لُقْطة: منادى مضاف، وكذلك جنود أُنثى، وجعلهم بذلك النهايةَ في
الدَّناءة لأَنّ الهُدْهد يأْكل العَذِرةَ، وجعلهم يَدِينون لامرأَة.
ومُبَرْشِمة: حال من المنادى. والبَرْشَمةُ: إِدامة النظر، وذلك من شدّة الغيظ،
قال: وكذلك التُّخْمةُ، بالسكون، هو الصحيح، والنُّخَبةُ، بالتحريك، نادر
كما أَن اللُّقَطة، بالتحريك، نادر؛ قال الأَزهري: وكلام العرب الفصحاء غير
ما قال الليث في اللقْطة واللقَطة، وروى أَبو عبيد عن الأَصمعي والأَحمر
قالا: هي اللُّقَطةُ والقُصَعةُ والنُّفَقةُ مثقّلات كلها، قال: وهذا
قول حُذّاق النحويين لم أَسمع لُقْطة لغير الليث، وهكذا رواه المحدّثون عن
أَبي عبيد أَنه قال في حديث النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، إِنه سئل عن
اللقَطة فقال: احْفَظْ عِفاصَها ووِكاءها. وأَما الصبيّ المنبوذ يَجِده
إِنسان فهو اللقِيطُ عند العرب، فعيل بمعنى مفعول، والذي يأْخذ الصبي أَو
الشيء الساقِط يقال له: المُلْتَقِطُ.
وفي الحديث: المرأَةُ تَحُوز ثلاثةَ مَوارِيثَ: عَتِيقَها ولَقِيطَها
وولدَها الذي لاعَنَت عنه؛ اللَّقِيطُ الطِّفل الذي يوجَد مرْميّاً على
الطُّرق لا يُعرف أَبوه ولا أُمّه، وهو في قول عامة الفقهاء حُرّ لا وَلاء
عليه لأَحد ولا يَرِثُه مُلْتَقِطه، وذهب بعض أَهل العلم إِلى العمل بهذا
الحديث على ضَعفه عند أَكثر أَهل النقل.
ويقال للذي يَلْقُط السَّنابِلَ إِذا حُصِدَ الزرعُ ووُخِزَ الرُّطَب من
العِذْق: لاقِطٌ ولَقّاطٌ ولَقَّاطــةٌ. وأَمَّا الــلُّقاطــةُ فهو ما كان
ساقطاً من الشيء التَّافِه الذي لا قيمة له ومَن شاءَ أَخذه.
وفي حديث مكة: ولا تَحِلُّ لُقَطَتُها إِلا لِمُنْشِد، وقد تكرر ذكرها
من الحديث، وهي بضم اللام وفتح القاف، اسم المالِ المَلْقُوط أَي الموجود.
والالتقاطُ: أَن تَعْثُر على الشيء من غير قَصْد وطلَب؛ وقال بعضهم: هي
اسم المُلْتَقِط كالضُّحَكةِ والهُمَزَةِ كما قدّمناه، فأَما المالُ
المَلْقُوط فهو بسكون القاف، قال: والأَول أَكثر وأَصح. ابن الأَثير:
واللقَطة في جميع البلاد لا تحِل إِلا لمن يُعرِّفها سنة ثم يتملَّكها بعد السنة
بشرط الضمان لصاحبها إِذا وجده، فأَمّا مكةُ، صانها اللّه تعالى، ففي
لُقَطتِها خِلاف، فقيل: إِنها كسائر البلاد، وقيل: لا، لهذا الحديث،
والمراد بالإِنشاد الدَّوام عليه، وإِلا فلا فائدة لتخصيصها بالإِنشاد، واختار
أَبو عبيد أَنه ليس يحلُّ للملتقِط الانتفاع بها وليس له إِلا الإِنشاد،
وقال الأَزهري: فَرق بقوله هذا بين لُقَطة الحرم ولقطة سائر البلاد، فإِن
لُقَطة غيرها إِذا عُرِّفت سنة حل الانتفاع بها، وجَعل لُقطةَ الحرم
حراماً على مُلْتَقِطها والانتفاعَ بها وإِن طال تعريفه لها، وحكم أَنها لا
تحلُّ لأَحد إِلا بنيّة تعريفها ما عاش، فأَمَّا أَن يأْخذها وهو ينوي
تعريفها سنة ثم ينتفع بها كلقطة غيرها فلا؛ وشيء لَقِيطٌ ومَلْقُوطٌ.
واللَّقِيطُ: المنبوذ يُلْتَقَطُ لأَنه يُلْقَط، والأُنثى لقيطة؛ قال
العنبري:لوْ كُنْتُ مِن مازِنٍ، لم تَسْتَبِحْ إِبِلي
بَنُو اللَّقِيطةِ من ذُهْلِ بنِ شَيْبانا
والاسم: الــلِّقاطُ. وبنو اللَّقِيطةِ: سُموا بذلك لأَن أُمهم، زعموا،
التَقَطها حُذَيْفةُ بن بدر في جَوارٍ قد أَضَرّتْ بهنّ السنة فضمّها
إِليه، ثم أَعجبته فخطبها إِلى أَبيها فتزوَّجها.
واللُّقْطةُ واللُّقَطةُ والــلُّقاطــةُ: ما التُقِط. واللَّقَطُ،
بالتحريك: ما التُقِط من الشيء. وكل نُثارة من سُنْبل أَو ثمَر لَقَطٌ، والواحدة
لَقَطة. يقال: لقَطْنا اليوم لقَطاً كثيراً، وفي هذا المكان لَقَطٌ من
المرتع أَي شيء منه قليل. والــلُّقاطــةُ: ما التُقِط من كَربِ النخل بعد
الصِّرامِ. ولَقَطُ السُّنْبُل: الذي يَلْتَقِطُه الناس، وكذلك لُقاطُ
السنبل، بالضم. والــلَّقاطُ: السنبل الذي تُخْطِئه المَناجِلُ تلتقطه الناس؛
حكاه أَبو حنيفة، والــلِّقاطُ: اسم لذلك الفعل كالحَصاد والحِصاد. وفي الأَرض
لَقَطٌ للمال أَي مَرْعى ليس بكثير، والجمع أَــلقاط. والأَــلقاطُ:
الفِرْقُ من الناس القَلِيلُ، وقيل: هم الأَوْباشُ. واللَّقَطُ: نبات سُهْلِيّ
يَنْبُتُ في الصيف والقَيظ في ديار عُقَيْل يشبه الخِطْرَ والمَكْرَةَ
إِلا أَن اللقَط تشتدُّ خُضرته وارتفاعه، واحدته لَقَطة. أَبو مالك:
اللقَطةُ واللقَطُ الجمع، وهي بقلة تتبعها الدوابُّ فتأْكلها لطيبها، وربما
انتتفها الرجل فناولها بعيرَه، وهي بُقول كثيرة يجمعها اللَّقَطُ.
واللَّقَطُ: قِطَع الذَّهب المُلْتَقَط يوجد في المعدن. الليث: اللقَطُ قِطَعُ ذهب
أَو فضة أَمثال الشَّذْرِ وأَعظم في المعادن، وهو أَجْوَدُه. ويقال ذهبٌ
لَقَطٌ.
وتَلقَّط فلان التمر أَي التقطه من ههنا وههنا.
واللُّقَّيْطَى: المُلْتقِط للأَخْبار. واللُّقَّيْطى شبه حكاية إِذا
رأَيته كثير الالتِقاطِ لــلُّقاطــاتِ تَعِيبه بذلك. اللحياني: داري بــلِقاطِ
دار فلان وطَوارِه أَي بحِذائها: أَبو عبيد: المُلاقَطةُ في سَير الفرس
أَن يأْخذ التقْرِيبَ بقوائمه جميعاً. الأَصمعي: أَصْبحت مَراعِينا
مِلاقِطَ من الجَدْبِ إِذا كانت يابسة لا كَلأَ فيها؛ وأَنشد:
تَمْشي، وجُلُّ المُرْتَعَى مِلاقِطُ،
والدِّنْدِنُ البالي وحَمْضٌ حانِطُ
واللَّقِيطةُ واللاَّقِطةُ: الرجلُ الساقِطُ الرَّذْل المَهِينُ،
والمرأَة كذلك. تقول: إِنه لَسقِيطٌ لقِيطٌ وإِنه لساقِط لاقِط وإِنه لسَقِيطة
لقِيطة، وإِذا أَفردوا للرجل قالوا: إِنه لسقيط. واللاَّقِطُ الرَّفّاء،
واللاقِطُ العَبد المُعْتَقُ، والماقِط عبد اللاقِطِ، والساقِطُ عبد
الماقِطِ.
الفراء: اللَّقْطُ الرَّفْو المُقارَبُ، يقال: ثوبٌ لقِيطٌ، ويقال:
القُط ثوبَك أَي ارْفَأْه، وكذلك نَمِّل ثَوْبَكَ.
ومن أَمثالهم: أَصِيدَ القُنْفذُ أَم لُقَطةٌ؛ يُضرب
(* قوله «يضرب إلخ»
في مجمع الامثال للميداني: يضرب لمن وجد شيئاً لم يطلبه.) مثلاً للرجل
الفقير يَستغني في ساعة.
قال شمر: سمعت حِمْيرِيّةً تقول لكلمة أَعَدْتُها عليها: قد لقَطْتها
بالمِــلْقاطِ أَي كتبتها بالقلم. ولَقِيتُه التِقاطاً إِذا لقيته من غير أَن
ترجُوَه أَو تَحْتَسِبه؛ قال نِقادة الأَسدي:
ومنهلٍ وردته التِقاطا،
لم أَلْقَ، إِذْ وَرَدْتُه، فُرَّاطا
إِلا الحَمامَ الوُرْقَ والغَطاطا
وقال سيبويه: التِقاطاً أَي فَجأَةً وهو من المصادر التي وقعت أَحوالاً
نحو جاء رَكضاً. ووردت الماء والشيء التِقاطاً إِذا هجمت عليه بغتة ولم
تحتسبه. وحكى ابن الأَعرابي: لقيته لِقاطــاً مُواجَهة. وفي حديث عمر، رضي
اللّه عنه: أَن رجلاً من تميم التقط شَبكة فطلب أَن يجعلها له؛ الشَّبَكةُ
الآبارُ القَريبةُ الماء، والتِقاطها عُثُورُه عليها من غير طلب.
ويقال في النِّداء خاصة: يا مَلْقَطانُ، والأُنثى يا مَلْقطانة، كأَنهم
أَرادوا يا لاقِط. وفي التهذيب: تقول يا ملقطان تعني به الفِسْلَ
الأَحمق.واللاقِطُ: المَولى. ولقط الثوبَ لَقْطاً: رقَعَه.
ولقِيط: اسم رجل. وينو مِلْقَطٍ: حَيّانِ.
قشش: قَشَّ القومُ يَقُشُّون ويَقِشُّون قُشُوشاً، والضم أَعْلى:
أَحْيَوْا بعد هُزال. وأَقَشُّوا إِقْشاشاً وانْقَشُّوا: انطلقوا وجَفَلوا،
فجعلوا الفاء لغةً
(* يريد بقوله: جعلوا الفاء لغة أَي انهم قالوا أَفشوا،
بالفاء، بمعنى أَقشوا، بالقاف.)، فهم مُقِشُّون. قال: ولا يقال ذلك إلا
للجميع فقط. والقَشُّ: ما يُكْنَسُ من المنازل أشو غيرها.
والقَشُّ والتقْشَِيشُ والاقْتِشاشُ والتقَشّشُ: تطَلّبُ الأَكل من هنا
وهنا ولَفُّ ما يُقْدر عليه. والقَشِيشُ والقُشَاشُ: ما اقْتَشَشْته،
ورجل قَشَّان وقَشَّاش وقَشُوش ومِقَشّ. وقَشَّ الشيء يَقُشُّه قَشّاً:
جمعه. وقَشَّ الماءُ قَشِيشاً: صَوَّتَ. وقَشَّشَهم بكلامه: سَبَعَهم
وآذاهم.والقِشَّةُ: دُوَيْبّة شِبْه الخُنْفساء أَو الجُعَل. والقِشَّةُ،
بالكسر: الأُنثى من ولد القُرود، وقيل: هي كل أُنثى منها؛ يمانية، والذكر
رُبّاحٌ. وفي حديث جعفر الصادق، رضي اللَّه عنه: كونوا قِشَشاً؛ هي جمع
قِشَّة وهي القرد، وقيل جِرْوُه، وقيل دُوَيْبّة تُشْبِه الجُعَلَ.
والقِشَّةُ: الصَّبِيّةُ الصغيرةُ الجُثّةِ القصيرةُ الجُبَّةِ التي لا تكاد
تَنْبُت ولا تَنْمي، يقال: إِنما هي قِشَّةٌ.
والقَشُّ: رَدِيءُ التمر نحو الدَّقَل، عُمانِيّة؛ قال:
يا مُقْرِضاً قَشّاً ويُقْضَى بَلْعَقا
والبَلْعَقُ مذكور في موضعه، وجمعه قُشُوشٌ. وقَشَّ الرجل من مَرَضِه
يَقشُّ قُشُوشاً وتقَشْقَشَ: بَرأَ. قال ابن السكيت: يقال للقَرْح
والجُدَرِيّ إِذا يَبِس وتَقَرَّفَ وللجَرَب في الإِبل إِذا قَفَل: قد تَوَسَّفَ
جلدُه وتقَشَّر جلْدُه وتقَشْقَشَ جلدُه. والقَشْقَشَةُ: تَهيُّؤُُ
البُرْء وقد تقَشْقَشَ. وتَقَشْقَشَ الجُرْحُ: تَقَرَّفَ قَرْحُه
للبُرْء.والمُقَشْقِشَتان: قل هو اللَّه أَحد، وقل أَعوذ برب الناس، لأَنهما
كانا يُبْرَأُ بهما من النفاق؛ قال أَبو عبيد: كما يُقَشْقِشُ الهِنَاءُ
الجرَبَ فيُبْرِئُه، وقيل: هما: قل يا أَيها الكافرون، وقل هو اللَّه أَحد؛
وفي الحديث كان يقال لسورتي: قل هو اللَّه أَحد، وقل يا أَيها الكافرون،
المُقَشْقِشَتان، سُمِّيتا مُقَشْقِشَتَين لأَنهما تُبرِئان من الشرك
والنفاق إِبراءَ المريضِ من علَّته. قال أَبو عبيدة: إِذا بَرَأَ الرجل من
عِلّته قيل: قد تَقَشْقَشَ، والعرب تقول للراتع الذي يلقُطُ الشيء الحقيرَ
من الطعام فيأْكله: القَشّاشُ والرمّامُ، وقد قَشَّ يَقُشُّ قَشّاً.
والقَشُّ: أَكْلُ كِسَرِ السؤال. والقَشُّ: أَكلُ ما على المزابِل مما
يُلْقِيه الناسُ. وصُوفةُ الهِناءِ إِذا عَلِقَ بها الهِناءُ ودُلِك بها
البعيرُ وأُلقِيَت، فهي قِشَّةٌ.
والقَشْقَشةُ: حكايةُ الصوت قبل الهَدير في مَخْض الشَقْشِقةِ قبل أَن
يَزْغَدَ البَكْرُ بالهدير. قال الأَزهري: الذي قاله الليث في القَشْقَشةِ
أَنه الصوت قبل الهدير فهو الكشْكَشةُ، بالكاف، وهو الكَشِيشُ، فإِذا
ارتفع قليلاً فهو الكَتِيتُ. والقَشْقَشةُ: نَشِيشُ اللحم في النار.
والقِشْقِشةُ: ثمرةُ أُمّ غَيْلان، والجمع قِشْقِش.
قلط: القَلَطِيُّ: القصير جِدّاً. ابن سيده: القَلَطِيُّ والقُلاطُ
والقِيلِيطُ، وأَرى الأَخيرة سواديّةً، كله: القصير المجتمع من الناس
والسَّنانير والكلاب. والقَيْلِيطُ، وقيل القَيْلَطُ: المُنْتفِخ الخُصْية،
ويقال له ذو القَيْلطِ. والقِيلِطُ: الآدَرُ وهو القَيْلةُ. ابن الأَعرابي:
القَلْطُ الدَّمامةُ. والقلَّوْط، يقال، واللّه أَعلم: إِنه من أَولاد
الجنّ والشياطين. والقِليطُ: العظيم البيضتين.
خشر: الخُشَارُ والخُشَارَةُ: الرديء من كل شيء، وخص اللحياني به رديء
المتاع. وخَشَرَ يَخْشِرُ خَشْراً: نَقَّى الرديء منه. ومَخاشِرُ
المِنْجَلِ: أَسْنانُه؛ أَنشد ثعلب:
تُرَى لها، بعْدَ إِبارَ الآبِرِ،
صُفْرٌ وحُمْرٌ كَبُرُودِ التَّاجِرِ
مآزِرٌ تُطْوَى على مآزِرِ،
وأَثَرُ المِخْلَبِ ذي المَخَاشِرِ
يعني الحَمْلَ. وخَشَرَ خَشْراً: أَبقى على المائدة الخُشَارَةَ.
والخُشَارَةُ: ما يبقى على المائدة مما لا خير فيه. وخَشَرْتُ الشيء أَخْشِرُه
خَشْراً إِذا نَقَّيْتَ منه خُشَارَتَهُ. وفي الحديث: إِذا ذهب الخيار
وبقيت خُشارَةٌ كخُشارَةِ الشعير لا يُبالِي بهم اللهُ بالَةً؛ هي الرديء
من كل شيء. والخُشارَةُ والخُشارُ من الشعير: ما لا لُبَّ له. وخُشارَةُ
الناس: سَفَلَتُهم، وفلان من الخُشارَةِ إِذا كان دوناً؛ قال الحطيئة:
وباعَ بَنِيهِ بعضُهم بِخُشَارَةٍ،
وبِعْتَ لِذُبْيانَ العَلاءَ بمالكا
يقول: اشتريت لقومك الشرف بأَموالك؛ قال ابن بري: صوابه بمالك، بكسر
الكاف، وهو اسم ابن لعيينة بن حصن قتله بنو عامر فعزاهم عيينة فأَدرك بثأْره
وغنم؛ فقال الحطيئة:
فِدًى لابنِ حِصْنٍ ما أُرِيحَ فإِنه
ثِمالُ اليتامَى، عِصْمَةٌ لِلْمَهَالِكِ
وباعَ بَنِيهِ بعضُهم بِخُشارَةٍ،
وبِعْتَ لِذُبْيانَ العَلاءَ بِمالِكِ
وخَشَرْتُ الشيءَ إِذا أَرْذَلْتَهُ، فهو مَخْشُورٌ. أَبو عمرو:
الخاشِرَةُ السَّفَلَةُ من الناس؛ قاله ابن الأَعرابي وزاد فقال: هم الخُشار
والبُشارُ والقُشارُ والسُّقاطُ والبُقاطُ والمُقاطُ. ابن الأَعرابي: خَشِرَ
إِذا شَرِهَ، وخَشِرَ إِذا هرب جُبْناً.
نقش: النَّقْشُ النَّقّاشُ
(* قوله «النقش النقاش» كذا ضبط في الأصل.)،
نَقَشَه يَنْقُشُه نَقْشاً وانْتَقَشَه: نَمْنَمَه، فهو مَنْقُوشٌ،
ونَقَّشَه تَنْقِيشاً، والنَقّاشُ صانِعُه، وحِرْفتُه النِّقَاشةُ، والمِنقاشُ
الآلةُ التي يُنْقَش بها؛ اَنشد ثعلب:
فواجَزَنَا إِنّ الفِراقَ يَرُوعُني
بمثل مَناقِيشِ الحُلِيّ قِصَارِ
قال: يعني الغِرْبان. والنَّقْشُ: النتْفُ بالمِنْقاشِ، وهو كالنَتْشِ
سواء. والمَنْقُوشةُ: الشجّةُ التي تُنْقَشُ منها العظامُ أَي تُستخرج؛
قال أَبو تراب: سمعت الغَنوِيّ يقول: المُنَقِّشةُ المُنَقِّلةُ من
الشِّجَاج التي تَنَقَّل منها العظامُ.
ونَقَشَ الشوكةَ يَنْقُشُها نَقْشاً وانْتَقَشها: أَخرجها من رِجْله.
وفي حديث أَبي هريرة: عَثَرَ فلا انْتَعَش، وشِيكَ فلا انْتَقَش أَي إِذا
دَخَلت فيه شوكةٌ لا أَخْرَجها من موضعها، وبه سمي المِنْقاشُ الذي
يُنْقَشُ به وقالوا: كأَن وجهَه نُقِشَ بقَتادةٍ أَي خُدِشَ بها، وذلك في
الكراهة والعُبُوس والغضَب.
وناقَشَه الحسابَ مُناقشةً ونِقاشاً: استقصاه. وفي الحديث: من نُوقِشَ
الحسابَ عُذّبَ أَي من استُقْصِي في مُحاسبته وحُوقِق؛ ومنه حديث عائشة،
رضي اللَّه عنها: من نُوقِشَ الحسابَ فقد هَلَك. وفي حديث عليّ، عليه
السلام: يَجْمَع اللَّهُ الأَوّلين والآخرين لنِقاشِ الحساب؛ وهو مصدر منه.
وأَصل المُناقَشة من نقَش الشركة إِذا استخرجها من جسمه، وقد نَقَشَها
وانْتَقَشها. أَبو عبيد: المُناقَشةُ الاستقصاء في الحساب حتى لا يُتْرَك
منه شيء. وانْتَقَش منه جميعَ حقِّه وتَنَقَّشه: أَخذه فلم يدَع منه شيئاً؛
قال الحرث بن حِلِّزة اليَشْكُرِيّ:
أَو نَقَشْتم، فالنَقْشُ يَجْشَمُه النا
سُ، وفيه الصِّحاحُ والإِبْراءُ
(* في معلقة الحرث بن حلِّزة: الأسقام بدل الصحاح.)
يقول: لو كان بيننا وبينكم محاسبةٌ عرفتم الصحة والبَراءَة؛ قال: ولا
أَحسَب نَقْش الشوكةِ من الرِّجْل إِلا من هذا، وهو استخراجُها حتى لا
يُترك منها شيء في الجسد؛ وقال الشاعر:
لا تَنْقُشَنّ برِجْل غيرك شَوكةً،
فتَقي بِرجْلِك رِجْلَ من قد شاكَها
والباء أُقيمت مُقام عن؛ يقول: لا تَنْقُشَنّ عن رِجْل غيرك شوكاً
فتجعله في رجلك؛ قال: وإِنما سمِّي المِنْقاشُ مِنْقاشاً لأَنه يُنْقَشُ به
أَي يِسْتخرج به الشوكُ.
والانْتِقاشُ: أَن تَنْتَقِشَ على فَصِّك أَي تسأَل النقّاشَ أَن
يَنْقُش على فَصِّك؛ وأَنشد لرجل نُدِب لعمَلٍ وكان له فرس يقال له
صِدامٌ:وما اتَّخذْتُ صِداماً للمُكوثِ بها،
وما انْتَقَشْتُك إِلا للوَصَرَّاتِ
قال: الوَصَرّةُ القَبالةُ بالدُّرْبةِ. وقوله: ما انْتَقَشْتك أَي ما
اخْتَرْتك.
وانْتَقَشَ الشيءَ: اختاره. ويقال للرجُل إِذا تخيّر لنفسه شيئاً: جادَ
ما انْتَقَشَه لنفسه. ويقال للرجل إِذا اتخذ لنفسه خادماً أَو غيره:
انْتَقَشَ لنفسه.
وفي الحديث: اسْتَوْصُوا بالمِعْزَى خيراً فإِنه مالٌ رَقِيقٌ
وانْقُشُوا له عَطنَهُ؛ ومعنى النَّقْشِ تَنْقِيةُ مَرابِضِها مما يُؤذيها من
حجارة أَو شوك أَو غيره. والنَّقْشُ: الأَثَرُ في الأَرض؛ قال أَبو الهيثم:
كتبت عن أَعرابي يَذْهبُ الرَّمادُ حتى ما نَرَى له نَقْشاً أَي أَثراً في
الأَرض. والمَنْقُوشُ من البُسْرِ: الذي يُطْعَن فيه بالشوك ليَنْضَج
ويُرْطِبَ. أَبو عمرو: إِذا ضُرِب العِذْقُ بشوكة فأَرْطَبَ فذلك
المَنْقُوشُ،. والفِعْل منه النَّقْشُ. ويقال: نُقِشَ العذق، على ما لم يسمّ
فاعلُه، إِذا ظهر منه نُكَتٌ من الإِرْطابِ. وما نَقَشَ منه شيئاً أَي ما
أَصابَ، والمعروف ما نَتَشََ. ابن الأَعرابي: أَنقش إِذا أَدام نَقْشَ
جاريتِه، وأَنْقَشَ إِذا اسْتَقْصى على غَرِيمه. وانْتَقَشَ البعيرُ إِذا ضرَب
بيده الأَرضَ لشيء يَدخل في رجله؛ ومنه قيل: لَطَمَه لَطْمَ المُنْتَقِش؛
وقول الراجز:
نَقْشاً ورَبّ البيت أَيّ نَقْشِ
قال أَبو عمرو: يعني الجِماعَ.
قرح: القَرْحُ والقُرْحُ، لغتان: عَضُّ السلاح ونحوه مما يَجْرَحُ
الجسدَ ومما يخرج بالبدن؛ وقيل: القَرْحُ الآثارُ، والقُرْحُ الأَلَمُ؛ وقال
يعقوب: كأَنَّ القَرْحَ الجِراحاتُ بأَعيانها، وكأَنَّ القُرْحَ أَلَمُها؛
وفي حديث أُحُدٍ: بعدما أَصابهم القَرْحُ؛ هو بالفتح وبالضم: الجُرْحُ؛
وقيل: هو بالضم الاسم، وبالفتح المصدر؛ أَراد ما نالهم من القتل والهزيمة
يومئذ.
وفي حديث جابر: كنا نَخْتَبِطُ بقِسيِّنا ونأْكلُ حتى قَرِحَتْ
أَشداقُنا أَي تَجَرَّحَتْ من أَكل الخَبَطِ. ورجل قَرِحٌ وقَرِيحٌ: ذو قَرْحٍ
وبه قَرْحةٌ دائمة. والقَرِيحُ: الجريح من قوم قَرْحَى وقَراحَى؛ وقد
قَرَحه إِذا جَرَحه يَقْرَحُه قَرْحاً؛ قال المتنخل الهذلي:
لا يُسْلِمُونَ قَرِيحاً حَلَّ وَسْطَهُمُ،
يومَ اللِّقاءِ، ولا يَشْوُونَ من قَرَحُوا
قال ابن بري: معناه لا يُسْلِمُونَ من جُرِحَ منهم لأَعدائهم ولا
يُشْوُونَ من قَرَحُوا أَي لا يُخْطِئُون في رمي أَعدائهم.
وقال الفراء في قوله عز وجل: إِن يَمْسَسْكم قَرْحٌ وقُرْحٌ؛ قال
وأَكثر القراء على فتح القاف، وكأَنَّ القُرْحَ أَلَمُ الجِراحِ، وكأَنَّ
القَرْحَ الجِراحُ بأَعيانها؛ قال: وهو مثلُ الوَجْدِ والوُجْد ولا يجدونَ
إِلاَّ جُهْدَهم وجَهْدَهم.
وقال الزجاج: قَرِحَ الرجلُ
(* قوله «وقال الزجاج قرح الرجل إلخ» بابه
تعب كما في المصباح.) يَقْرَحُ قَرْحاً، وقيل: سمِّيت الجراحات قَرْحاً
بالمصدر، والصحيح أَن القَرْحةَ الجِراحةُ، والجمع قَرْحٌ وقُروح. ورجل
مَقْروح: به قُرُوح. والقَرْحة: واحدة القَرْحِ والقُروح. والقَرْحُ أَيضاً:
البَثْرُ إِذا تَرامَى إِلى فساد؛ الليث: القَرْحُ جَرَبٌ شديد يأْخذ
الفُصْلانَ فلا تكاد تنجو؛ وفَصِيل مَقْرُوح؛ قال أَبو النجم:
يَحْكِي الفَصِيلَ القارِحَ المَقْرُوحا
وأَقْرَحَ القومُ: أَصاب مواشِيَهم أَو إِبلهم القَرْحُ. وقَرِحَ قلبُ
الرجل من الحُزْنِ، وهو مَثَلٌ بما تقدَّم.
قال الأَزهري: الذي قاله الليث من أَن القَرْحَ جَرَبٌ شديد يأْخذ
الفُصْلانَ غلط، إِنما القَرْحة داءٌ يأْخذ البعير فَيَهْدَلُ مِشْفَرُه منه؛
قال البَعِيثُ:
ونحْنُ مَنَعْنا بالكُلابِ نِساءَنا،
بضَرْبٍ كأَفْواهِ المُقَرِّحة الهُدْلِ
ابن السكيت: والمُقَرِّحةُ الإِبل التي بها قُروح في أَفواهها
فَتَهْدَلُ مَشافِرُها؛ قال: وإِنما سَرَقَ البَعِيثُ هذا المعنى من عمرو بن
شاسٍ:وأَسْيافُهُمْ، آثارُهُنَّ كأَنها
مَشافِرُ قَرْحَى، في مَبارِكِها، هُدْلُ
وأَخذه الكُمَيْتُ فقال:
تُشَبِّهُ في الهامِ آثارَها،
مَشافِرَ قَرْحَى، أَكَلْنَ البَرِيرا
الأَزهري: وقَرْحَى جمع قَرِيح، فعيل بمعنى مفعول. قُرِحَ البعيرُ، فهو
مَقْرُوحٌ وقَرِيح، إِذا أَصابته القَرْحة. وقَرَّحَتِ الإِبلُ، فهي
مُقَرِّحة. والقَرْحةُ ليست من الجَرَب في شيء. وقَرِحَ جِلْدُهُ، بالكسر،
يَقْرَحُ قَرَحاً، فهو قَرِحٌ، إِذا خرجت به القُروح؛ وأَقْرَحه اللهُ.
وقيل لامرئ القيس: ذو القُرُوحِ، لأَن ملك الروم بعث إِليه قميصاً مسموماً
فَتَقَرَّحَ منه جسده فمات. وقَرَحه بالحق
(* قوله «وقرحه بالحق إلخ»
بابه منع كما في القاموس.) قَرْحاً: رماه به واستقبله به.
والاقتراحُ: ارتِجالُ الكلام. والاقتراحُ: ابتداعُ الشيء تَبْتَدِعُه
وتَقْتَرِحُه من ذات نَفْسِك من غير أَن تسمعه، وقد اقْتَرَحه فيهما.
واقْتَرَحَ عليه بكذا: تَحَكَّم وسأَل من غير رَوِيَّة. واقْترح البعيرَ: ركبه
من غير أَن يركبه أَحد. واقْتُرِحَ السهمُ وقُرِحَ: بُدِئَ عَمَلُه.
ابن الأَعرابي: يقال اقْتَرَحْتُه واجْتَبَيْتُه وخَوَّصْتُه وخَلَّمْتُه
واخْتَلَمْتُه واسْتَخْلَصْتُه واسْتَمَيْتُه، كلُّه بمعنى اخْتَرْتُه؛
ومنه يقال: اقْتَرَحَ عليه صوتَ كذا وكذا أَي اختاره.
وقَرِيحةُ الإِنسانِ: طَبِيعَتُه التي جُبِلَ عليها، وجمعها قَرائح،
لأَنها أَول خِلْقَتِه. وقَرِيحةُ الشَّبابِ: أَوّلُه، وقيل: قَرِيحة كل شيء
أَوّلُه. أَبو زيد: قُرْحةُ الشِّتاءِ أَوّلُه، وقُرْحةُ الربيع
أَوّلُه، والقَرِيحة والقُرْحُ أَوّل ما يخرج من البئر حين تُحْفَرُ؛ قال ابن
هَرْمَةَ:
فإِنكَ كالقَريحةِ، عامَ تُمْهَى
شَرُوبُ الماءِ، ثم تَعُودُ مَأْجا
المَأْجُ: المِلْحُ؛ ورواه أَبو عبيد بالقَرِيحة، وهو خطأٌ؛ ومنه قولهم
لفلان قَريحة جَيِّدة، يراد استنباط العلم بِجَوْدَةِ الطبع.
وهو في قُرْحِ سِنِّه أَي أَوَّلِها؛ قال ابن الأَعرابي: قلت لأَعرابي:
كم أَتى عليك؟ فقال: أَنا في قُرْحِ الثلاثين. يقال: فلان في قُرْحِ
الأَربعين أَي في أَوّلها. ابن الأَعرابي: الاقتراحُ ابتداء أَوّل الشيء؛ قال
أَوْسٌ:
على حين أَن جدَّ الذَّكاءُ، وأَدْرَكَتْ
قَرِيحةُ حِسْيٍ من شُرَيحٍ مُغَمِّم
يقول: حين جدَّ ذكائي أَي كَبِرْتُ وأَسْنَنْتُ وأَدركَ من ابني قَريحةُ
حِسْيٍ: يعني شعر ابنه شريح ابن أَوس، شبهه بماءٍ لا ينقطع ولا
يَغَضْغَضُ. مُغَمِّم أَي مُغْرِق.
وقَرِيحُ السحاب: ماؤُه حين ينزل؛ قال ابن مُقْبل:
وكأَنما اصْطَبَحَتْ قَرِيحَ سَحابةٍ
وقال الطرماح:
ظَعائنُ شِمْنَ قَرِيحَ الخَرِيف،
من الأَنْجُمِ الفُرْغِ والذابِحَهْ
والقريحُ: السحاب أَوّلَ ما ينشأُ.
وفلان يَشْوِي القَراحَ أَي يُسَخِّنُ الماءَ.
والقُرْحُ: ثلاث ليال من أَوّل الشهر.
والقُرْحانُ، بالضم، من الإِبل: الذي لا يصبْه جَرَبٌ قَطُّ، ومن الناس:
الذي لم يَمَسَّه القَرْحُ، وهو الجُدَرِيّ، وكذلك الاثنان والجمع
والمؤنث؛ إِبل قُرْحانٌ وصَبيٌّ قُرْحانٌ، والاسم القَرْحُ. وفي حديث عمر، رضي
الله عنه: أَن أَصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قَدِمُوا معه
الشام وبها الطاعون، فقيل له: إِن معك من أَصحاب رسول الله، صلى الله عليه
وسلم، قُرْحانٌ فلا تُدْخِلْهُمْ على هذا الطاعون؛ فمعنى قولهم له قُرْحانٌ
أَنه لم يصبهم داء قبل هذا؛ قال شمر: قُرْحانٌ إِن شئت نوّنتَ وإِن شئتَ
لم تُنَوِّنْ، وقد جمعه بعضهم بالواو والنون، وهي لغة متروكة، وأَورده
الجوهري حديثاً عن عمر، رضي الله عنه، حين أَراد أَن يدخل الشام وهي
تَسْتَعِرُ طاعوناً، فقيل له: إِن معك من أَصحاب رسول الله، صلى الله عليه
وسلم، قُرْحانِينَ فلا تَدْخُلْها؛ قال: وهي لغة متروكة. قال ابن الأَثير:
شبهوا السليم من الطاعون والقَرْحِ بالقُرْحان، والمراد أَنهم لم يكن
أَصابهم قبل ذلك داء. الأَزهري: قال بعضهم القُرْحانُ من الأَضداد: رجل
قُرْحانٌ للذي مَسَّهُ القَرْحُ، ورجل قُرْحانٌ لم يَمَسَّه قَرْحٌ ولا
جُدَرِيّ ولا حَصْبة، وكأَنه الخالص من ذلك. والقُراحِيُّ والقُرْحانُ: الذي لم
يَشْهَدِ الحَرْبَ.
وفرس قارِحٌ: أَقامت أَربعين يوماً من حملها وأَكثر حتى شَعَّرَ
ولَدُها. والقارحُ: الناقةُ أَوّلَ ما تَحْمِلُ، والجمع قَوارِحُ وقُرَّحٌ؛ وقد
قَرَحَتْ تَقْرَحُ قُرُوحاً وقِراحاً؛ وقيل: القُرُوح في أَوّلِ ما
تَشُول بذنبها؛ وقيل: إِذا تم حملها، فهي قارِحٌ؛ وقيل: هي التي لا تشعر
بلَقاحِها حتى يستبين حملها، وذلك أَن لا تَشُولَ بذنبها ولا تُبَشِّرَ؛ وقال
ابن الأَعرابي: هي قارحٌ أَيام يَقْرَعُها الفحل، فإِذا استبان حملها
فهي خَلِفة، ثم لا تزال خَلِفة حتى تدخل في حَدِّ التعشير. الليث: ناقة
قارحٌ وقد قَرَحَتْ تَقْرحُ قُرُوحاً إِذا لم يظنوا بها حملاً ولم تُبَشِّرْ
بذنبها حتى يستبين الحمل في بطنها. أَبو عبيد: إِذا تمَّ حملُ الناقة
ولم تُلْقِه فهي حين يستبين الحمل بها قارح؛ وقد قَرَحَتْ قُرُوحاً.
والتقريحُ: أَول نبات العَرْفَج؛ وقال أَبو حنيفة: التقريح أَوّل شيء
يخرج من البقل الذي يَنْبُتُ في الحَبِّ. وتقريحُ البقل: نباتُ أَصله، وهو
ظهور عُوده. قال: وقال رجل لآخر ما مَطَرُ أَرضك؟ فقال: مُرَكِّكةٌ فيها
ضُرُوسٌ، وثَرْدٌ يَذُرُّ بَقْلُه ولا يُقَرِّحُ أَصلُه، ثم قال ابن
الأَعرابي: ويَنْبُتُ البقلُ حينئذ مُقْتَرِحاً صُلْباً، وكان ينبغي أَن يكون
مُقَرِّحاً إِلاَّ أَن يكون اقْتَرَحَ لغة في قَرَّحَ، وقد يجوز أَن
يكون قوله مُقْتَرِحاً أَي مُنْتصباً قائماًعلى أَصله. ابن الأَعرابي: لا
يُقَرِّحُ البقلُ إِلا من قدر الذراع من ماء المطر فما زاد، قال: ويَذُرُّ
البقلُ من مطر ضعيف قَدْرِ وَضَحِ الكَفِّ. والتقريحُ: التشويكُ. ووَشْمٌ
مُقَرَّح: مُغَرَّز بالإِبرة. وتَقْرِيحُ الأَرض: ابتداء نباتها. وطريق
مَقْرُوح: قد أُثِّرَ فيه فصار مَلْحُوباً بَيِّناً موطوءًا.
والقارحُ من ذي الحافر: بمنزلة البازل من الإِبل؛ قال الأَعشى في
الفَرس:والقارح العَدَّا وكل طِمِرَّةٍ،
لا تَسْتَطِيعُ يَدُ الطويلِ قَذالَها
وقال ذو الرمة في الحمار:
إِذا انْشَقَّتِ الظَّلْماءُ، أَضْحَتْ كأَنها
وَأًى مُنْطَوٍ، باقي الثَّمِيلَةِ، قارِحُ
والجمع قَوارِحُ وقُرَّحٌ، والأُنثى قارحٌ وقارحةٌ، وهي بغير هاء أَعلى.
قال الأَزهري: ولا يقال قارحة؛ وأَنشد بيت الأَعشى: والقارح العَدَّا؛
وقول أَبي ذؤيب:
حاوَرْتُه، حين لا يَمْشِي بعَقْوَتِه،
إِلا المَقانِيبُ والقُبُّ المَقارِيحُ
قال ابن جني: هذا من شاذ الجمع، يعني أَن يُكَسَّرَ فاعل على مفاعيل،
وهو في القياس كأَنه جمع مِقْراح كمِذْكار ومَذاكير ومِئْناث ومآنيث؛ قال
ابن بري: ومعنى بيت أَبي ذؤَيب: أَي جاورت هذا المرثِيَّ حين لا يمشي
بساحة هذا الطريق المخوف إِلا المَقانِيبُ من الخيل، وهي القُطُعُ منها،
والقُبُّ: الضُّمْرُ.
وقد قَرَحَ الفرسُ يَقْرَحُ قُرُوحاً، وقَرِحَ قَرَحاً إِذا انتهت
أَسنانه، وإِنما تنتهي في خمس سنين لأَنه في السنة الأُولى حَوْلِيّ، ثم
جَذَعٌ ثم ثَنِيّ ثم رَباعٌ ثم قارح، وقيل: هو في الثانية فِلْوٌ، وفي الثالثة
جَذَع.
يقال: أَجْذَع المُهْرُ وأَثْنَى وأَرْبَعَ وقَرَِحَ، هذه وحدها بغير
أَلف. والفرس قارحٌ، والجمع قُرَّحٌ وقُرحٌ، والإِناثُ قَوارِح، وفي
الأَسْنان بعد الثَّنايا والرَّباعِيات أَربعةٌ قَوارِحُ.
قال الأَزهري: ومن أَسنان الفرس القارحانِ، وهما خَلْفَ رَباعِيَتَيْهِ
العُلْيَيَيْنِ، وقارِحانِ خلف رَباعِيَتَيْه السُّفْلَيَيْن، وكل ذي
حافر يَقْرَحُ. وفي الحديث: وعليهم السالغُ والقارحُ أَي الفرسُ القارح، وكل
ذي خُفٍّ يَبْزُلُ وكل ذي ظِلْف يَصْلَغُ. وحكى اللحياني: أَقْرَحَ،
قال: وهي لغة رَدِيَّة. وقارِحُه: سنُّه التي قد صار بها قارحاً؛ وقيل:
قُرُوحه انتهاء سنه؛ وقيل: إِذا أَلقى الفرسُ أَقصى أَسنانه فقد قَرَحَ،
وقُرُوحُه وقوعُ السِّنّ التي تلي الرَّباعِيَةَ، وليس قُرُوحه بنباتها، وله
أَربع أَسنان يتحَوَّل من بعضها إِلى بعض: يكون جَذَعاً ثم ثَنِيّاً
رَباعِياً ثم قارِحاً؛ وقد قَرَِحَ نابُه. الأَزهري: ابن الأَعرابي: إِذا
سقطت رَباعِيَةُ الفرس ونبتَ مكانَها سِنٌّ، فهو رَباعٌٍ، وذلك إِذا استتم
الرابعة، فإِذا حان قُروحه سقطت السِّن التي تلي رَباعِيَتَه ونَبَت
مكانَها نابُه، وهو قارِحُه، وليس بعد القُرُوح سقوط سِنّ ولا نَباتُ سِنّ.
قال: وإِذا دخل الفرس في السادسة واستتم الخامسة فقد قَرِحَ.
الأَزهري: القُرْحةُ الغُرَّة في وَسَطِ الجَبْهة. والقُرْحةُ في وجه
الفرس: ما دون الغُرَّةِ؛ وقيل: القُرْحةُ كل بياض يكون في وجه الفرس ثم
ينقطع قبل أَن يَبْلُغَ المَرْسِنَ، وتنسب القُرْحة إِلى خِلْقتها في
الاستدارة والتثليث والتربيع والاستطالة والقلة؛ وقيل: إِذا صغُرت الغُرَّة،
فهي قُرْحة؛ وأَنشد الأَزهري:
تُباري قُرْحةً مثلَ الـ
ـوَتِيرةِ، لم تكن مَغْدا
يصف فرساً أُنثى. والوتيرة: الحَلْقَةُ الصغيرة يُتَعَلَّمُ عليها
الطَّعْنُ والرّمي. والمَغْدُ: النَّتْفُ؛ أَخبر أَن قُرْحَتَها جِبِلَّة لم
تَحْدُثْ عن عِلاجِ نَتْفٍ. وفي الحديث: خَيْرُ الخَيْلِ الأَقْرَحُ
المُحَجَّلُ؛ هو ما كان في جبهته قُرحة، بالضم، وهي بياض يسير في وجه الفرس
دون الغرّة. فأَما القارح من الخيل فهو الذي دخل في السنة الخامسة، وقد
قَرِحَ يَقْرَحُ قَرَحاً، وأَقْرَحَ وهو أَقْرَحُ وهي قرْحاءُ؛ وقيل:
الأَقْرَحُ الذي غُرَّته مثل الدرهم أَو أَقل بين عينيه أَو فوقهما من الهامة؛
قال أَبو عبيدة: الغُرَّةُ ما فوق الدرهم والقُرْحة قدر الدرهم فما دونه؛
وقال النضر: القُرْحة بين عيني الفرس مثل الدرهم الصغير، وما كان
أَقْرَحَ، ولقد قَرِحَ يَقْرَحُ قَرَحاً. والأَقْرَحُ: الصبحُ، لأَنه بياض في
سواد؛ قال ذو الرمة:
وسُوح، إِذا الليلُ الخُدارِيُّ شَقَّه
عن الرَّكْبِ، معروفُ السَّمَاوَةِ أَقْرَحُ
يعني الفجر والصبح. وروضة قَرْحاءُ: في وَسَطها نَوْرٌ أَبيضُ؛ قال ذو
الرمة يصف روضة:
حَوَّاءُ قَرْحاءُ أَشْراطِيَّةٌ، وكَفَتْ
فيها الذِّهابُ، وحَفَّتْها البَراعِيمُ
وقيل: القَرْحاءُ التي بدا نَبْتُها. والقُرَيْحاءُ: هَنَةٌ تكون في بطن
الفرس مثل رأْس الرجلِ؛ قال: وهي من البعير لَقَّاطــةُ الحَصى.
والقُرْحانُ: ضَرْبٌ من الكَمْأَةِ بيضٌ صِغارٌ ذواتُ رؤُوس كرؤُوس
الفُطْرِ؛ قال أَبو النجم:
وأَوقَرَ الظَّهْرَ إِليَّ الجاني،
من كَمْأَةٍ حُمْرٍ، ومن قُرْحانِ
واحدته قُرْحانة، وقيل: واحدها أَقْرَحُ.
والقَراحُ: الماءُ الذي لا يُخالِطه ثُفْلٌ من سَويق ولا غيره، وهو
الماءُ الذي يُشْرَبُ إِثْر الطعام؛ قال جرير:
تُعَلِّلُ، وهي ساغِبةٌ، بَنِيها
بأَنْفاسٍ من الشَّبِمِ القَراحِ
وفي الحديث: جِلْفُ الخُبْزِ والماءِ القَراحِ؛ هو، بالفتح، الماءُ الذي
لم يخالطه شيءٌ يُطَيَّب به كالعسل والتمر والزبيب.
وقال أَبو حنيفة: القَريحُ الخالص كالقَراح؛ وأَنشد قول طَرَفَةَ:
من قَرْقَفٍ شِيبَتْ بماءٍ قَرِيح
ويروى قَديح أَي مُغْتَرف، وقد ذُكِرَ. الأَزهري: القَريح الخالصُ؛ قال
أَبو ذؤَيب:
وإِنَّ غُلاماً، نِيلَ في عَهْدِ كاهِلٍ،
لَطِرْفٌ، كنَصْلِ السَّمْهَريِّ، قَريحُ
نيل أَي قتل. في عَهْد كاهِلٍ أَي وله عهد وميثاق. والقَراح من
الأَرضين: كل قطعة على حِيالِها من منابت النخل وغير ذلك، والجمع أَقْرِحة كقَذال
وأَقْذِلة؛ وقال أَبو حنيفة: القَراحُ الأَرض المُخَلَّصةُ لزرع أَو
لغرس؛ وقيل: القَراحُ المَزْرَعة التي ليس عليها بناءٌ ولا فيها شجر.
الأَزهري: القَراحُ من الأَرض البارزُ الظاهر الذي لا شجر فيه؛ وقيل: القَراحُ
من الأَرض التي ليس فيها شجر ولم تختلط بشيء.
وقال ابن الأَعرابي: القِرْواحُ الفَضاءُ من الأَرض التي ليس بها شجرٌ
ولم يختلط بها شيء؛ وأَنشد قول ابن أَحمر:
وعَضَّتْ من الشَّرِّ القَراحِ بمُعْظَمٍ
(* قوله «وعضت من الشر إلخ» صدره كما في الأساس: «نأت عن سبيل الخير إلا
أقله» ثم انه لا شاهد فيه لما قبله، ولعله سقط بعد قوله ولم يختلط بها
شيء: والقراح الخالص من كل شيء.)
والقِرْواحُ والقِرْياحُ والقِرْحِياءُ: كالقَراحِ؛ ابن شميل:
القِرْواحُ جَلَدٌ من الأَرض وقاعٌ لا يَسْتَمْسِكُ فيه الماءُ، وفيه إِشرافٌ
وظهرهُ مُسْتو ولا يستقر فيه ماءٌ إِلا سال عنه يميناً وشمالاً. والقِرْواحُ:
يكون أَرضاً عريضة ولا نبت فيه ولا شجر، طينٌ وسَمالِقُ. والقِرْواحُ
أَيضاً: البارز الذي ليس يستره من السماءِ شيءٌ، وقيل: هو الأَرض البارزة
للشمس؛ قال عَبيد:
فَمَنْ بنَجْوتِه كمن بعَقْوتِه،
والمُسْتَكِنُّ كمن يَمْشِي بقِرْواحِ
وناقة قِرْواحٌ: طويلة القوائم؛ قال الأَصمعي: قلت لأَعرابي: ما الناقة
القِرْواحُ؟ قال: التي كأَنها تمشي على أَرماح. أَبو عمرو: القِرواح من
الإِبل التي تَعاف الشربَ مع الكِبارِ فإِذا جاءَ الدَّهْداه، وهي الصغار،
شربت معهنّ. ونخلة قِرْواحٌ: مَلْساء جَرْداءُ طويلة، والجمع القَراويح؛
قال سُوَيْدُ بنُ الصامت الأَنصاري:
أَدِينُ، وما دَيْني عليكم بمَغْرَمٍ،
ولكن على الشُّمِّ الجِلادِ القَراوح
أَراد القراويح، فاضطرّ فحذف، وهذا يقوله مخاطباً لقومه: إِنما آخُذ
بدَيْنٍ على أَن أُؤَدِّيَه من مالي وما يَرْزُقُ الله من ثمره، ولا أُكلفكم
قضاءَه عني. والشُّمُّ: الطِّوالُ من النخل وغيرها. والجِلادُ: الصوابر
على الحرِّ والعَطَشِ وعلى البرد. والقَراوِحُ: جمع قِرْواح، وهي النخلة
التي انْجَرَدَ كَرَبُها وطالت؛ قال: وكان حقه القراويح، فحذف الياء
ضرورة؛ وبعده:
وليستْ بسَنْهاءٍ، ولا رُجَّبِيَّةٍ،
ولكن عَرايا في السِّنينَ الجَوائِحِ
والسَّنْهاءُ: التي تحمل سنة وتترك أُخرى. والرُّجَّبيَّةُ: التي يُبْنى
تحتها لضعفها؛ وكذلك هَضْبَةٌ قِرْواح، يعني ملساء جرداء طويلة؛ قال
أَبو ذؤَيب:
هذا، ومَرْقَبَةٍ غَيْطاءَ، قُلَّتُها
شَمَّاءُ، ضَحْيانةٌ للشمسِ، قِرْواحُ
أَي هذا قد مضى لسبيله ورُبَّ مَرْقبة.
ولقيه مُقارَحةً أَي كِفاحاً ومواجهة. والقُراحِيّ: الذي يَلْتزم القرية
ولا يخرج إِلى البادية؛ وقال جرير:
يُدافِعُ عنكم كلَّ يومِ عظيمةٍ،
وأَنتَ قُراحيٌّ بسِيفِ الكَواظِمِ
وقيل: قُراحِيّ منسوب إِلى قُراحٍ، وهو اسم موضع؛ قال الأَزهري: هي قرية
على شاطئِ البحر نسبه إِليها الأَزهري. أَنت قُرْحانٌ من هذا الأَمر
وقُراحِيّ أَي خارج، وأَنشد بيت جرير «يدافع عنكم» وفسره، أَي أَنت خِلْوٌ
منه سليم.
وبنو قَريح: حيّ. وقُرْحانُ: اسم كلب. وقُرْحٌ وقِرْحِياء: موضعان؛
أَنشد ثعلب:
وأَشْرَبْتُها الأَقْرانَ، حتى أَنَخْتُها
بقُرْحَ، وقد أَلْقَيْنَ كلَّ جَنِين
هكذا أَنشده غير مصروف ولك أَن تصرفه؛ أَبو عبيدة: القُراحُ سِيفُ
القَطِيفِ؛ وأَنشد للنابغة:
قُراحِيَّةٌ أَلْوَتْ بِلِيفٍ كأَنها
عِفاءُ قَلُوصٍ، طارَ عنها تَواجِرُ
قرية بالبحرين
(* قوله «قرية بالبحرين»: يريد أَن قُراحيةً نسبة إِلى
قراح، وهي قرية بالبحرين.). وتَواجِرُ: تَنْفُقُ في البيع لحسنها؛ وقال
جرير:
ظَعائِنُ لم يَدِنَّ مع النصارى،
ولم يَدْرينَ ما سَمَكُ القُراحِ
وفي الحديث ذِكْرُ قُرْح، بضم القاف وسكون الراء، وقد يجرّك في الشعر:
سُوقُ وادي القُرى صلى به رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وبُنِيَ به
مسجد؛ وأَما قول الشاعر:
حُبِسْنَ في قُرْحٍ وفي دارتِها،
سَبْعَ لَيالٍ، غيرَ مَعْلوفاتِها
فهو اسم وادي القُرى.
سقط: السَّقْطةُ: الوَقْعةُ الشديدةُ. سقَطَ يَسْقُطُ سُقوطاً، فهو
ساقِطٌ وسَقُوطٌ: وقع، وكذلك الأُنثى؛ قال:
من كلِّ بَلْهاء سَقُوطِ البُرْقُعِ
بيْضاءَ، لم تُحْفَظْ ولم تُضَيَّعِ
يعني أَنها لم تُحْفَظْ من الرِّيبةِ ولم يُضَيِّعْها والداها.
والمَسْقَطُ، بالفتح: السُّقوط. وسَقط الشيءُ من يدي سُقوطاً. وفي الحديث: لَلّهُ
عزّ وجلّ أَفْرَحُ بتَوْبةِ عَبْدِه من أَحدكم يَسْقُط على بَعِيره وقد
أَضلَّه؛ معناه يَعثُر على موضعه ويقعُ عليه كما يقعُ الطائرُ على وكره.
وفي حديث الحرث بن حسان: قال له النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، وسأَله عن
شيء فقال: على الخَبِيرِ سقَطْتَ أَي على العارِفِ به وقعت، وهو مثل
سائرٌ للعرب.
ومَسْقِطُ الشيء ومَسْقَطُه: موضع سقُوطه، الأَخيرة نادرة. وقالوا:
البصرة مَسْقَطُ رأْسي ومَسْقِطُه.
وتساقَط على الشيء أَي أَلقى نفسَه عليه، وأَسقَطَه هو. وتساقَط الشيءُ:
تتابع سُقوطه. وساقَطه مُساقَطةً وسِقاطاً: أَسْقَطَه وتابع إِسْقاطَه؛
قال ضابئُ بن الحَرثِ البُرْجُمِيّ يصف ثوراً والكلاب:
يُساقِطُ عنه رَوْقُه ضارِياتِها،
سِقاطَ حَدِيدِ القَينِ أَخْوَلَ أَخْوَلا
قوله: أَخْوَل أَخولا أَي متفرِّقاً يعني شرَرَ النار. والمَسْقِطُ
مِثال المَجْلِس: الموضع؛ يقال: هذا مَسْقِط رأْسي، حيث ولد، وهذا مسقِطُ
السوْطِ، حيث وقع، وأَنا في مَسْقِط النجم، حيث سقط، وأَتانا في مَسْقِط
النجم أَي حين سقَط، وفلان يَحِنُّ إِلى مسقِطه أَي حيث ولد. وكلُّ مَن وقع
في مَهْواة يقال: وقع وسقط، وكذلك إِذا وقع اسمه من الدِّيوان، يقال: وقع
وسقط، ويقال: سقَط الولد من بطن أُمّه، ولا يقال وقع حين تَلِدُه.
وأَسْقَطتِ المرأَةُ ولدها إِسْقاطاً، وهي مُسْقِطٌ: أَلقَتْه لغير تَمام من
السُّقوطِ، وهو السَّقْطُ والسُّقْطُ والسَّقْط، الذكر والأُنثى فيه سواء،
ثلاث لغات. وفي الحديث: لأَنْ أُقَدِّمَ سِقْطاً أَحَبُّ إِليَّ من مائة
مُسْتَلئِمْ؛ السقط، بالفتح والضم والكسرِ، والكسرُ أَكثر: الولد الذي
يسقط من بطن أُمه قبل تَمامِه، والمستلْئِمُ: لابس عُدَّةِ الحرب، يعني
أَن ثواب السِّقْطِ أَكثر من ثوابِ كِبار الأَولاد لأَن فعل الكبير يخصُّه
أَجره وثوابُه وإِن شاركه الأَب في بعضه، وثواب السقط مُوَفَّر على
الأَب. وفي الحديث: يحشر ما بين السَّقْطِ إِلى الشيخ الفاني جُرْداً
مُرْداً.وسَقْطُ الزَّند: ما وقع من النار حين يُقْدَحُ، باللغات الثلاث أَيضاً.
قال ابن سيده: سَقْطُ النار وسِقْطُها وسُقْطُها ما سقَط بين الزنْدين
قبل اسْتحكامِ الوَرْي، وهو مثل بذلك، يذكر ويؤَنث. وأَسقَطَتِ الناقةُ
وغيرها إِذا أَلقت ولدها. وسِقْطُ الرَّمْلِ وسُقْطُه وسَقْطُه ومَسْقِطُه
بمعنى مُنقَطَعِه حيث انقطع مُعْظَمُه ورَقَّ لأَنه كله من السُّقوط،
الأَخيرة إِحدى تلك الشواذ، والفتح فيها على القياس لغة. ومَسْقِطُ الرمل:
حيث ينتهي إِليه طرَفُه. وسِقاطُ النخل: ما سقَط من بُسْرِه. وسَقِيطُ
السَّحابِ: البَرَدُ. والسَّقِيطُ: الثلْجُ. يقال: أَصبَحتِ الأَرض
مُبْيَضَّة من السَّقِيطِ. والسَّقِيطُ: الجَلِيدُ، طائيةٌ، وكلاهما من السُّقوط.
وسَقِيطُ النَّدَى: ما سقَط منه على الأَرض؛ قال الراجز:
وليْلةٍ، يا مَيَّ، ذاتِ طَلِّ،
ذاتِ سَقِيطٍ ونَدىً مُخْضَلِّ،
طَعْمُ السُّرَى فيها كطَعْمِ الخَلِّ
ومثله قول هُدْبة بن خَشْرَمٍ:
وَوادٍ كجَوْفِ العَيْرِ قَفْرٍ قطَعْتُه،
تَرى السَّقْطَ في أَعْلامِه كالكَراسِفِ
والسَّقَطُ من الأَشياء: ما تُسْقِطهُ فلا تَعْتَدُّ به من الجُنْد
والقوم ونحوه. والسُّقاطاتُ من الأَشياء: ما يُتَهاون به من رُذالةِ الطعام
والثياب ونحوها. والسَّقَطُ: رَدِيءُ المَتاعِ. والسَّقَطُ: ما أُسْقِط من
الشيء. ومن أَمْثالِهم: سَقَطَ العَشاء به على سِرْحانٍ، يُضرب مثلاً
للرجل يَبْغي البُغْيةَ فيقَعُ في أَمر يُهْلِكُه. ويقال لخُرْثِيِّ
المَتاعِ: سَقَطٌ. قال ابن سيده: وسقَطُ البيت خُرْثِيُّه لأَنه ساقِطٌ عن رفيع
المتاع، والجمع أَسْقاط. قال الليث: جمع سَقَطِ البيتِ أَسْقاطٌ نحو
الإِبرة والفأْس والقِدْر ونحوها. وأَسْقاطُ الناس: أَوْباشُهم؛ عن
اللحياني، على المثل بذلك. وسَقَطُ الطَّعامِ: ما لا خَيْرَ فيه منه، وقيل: هو ما
يَسْقُط منه. والسَّقَطُ: ما تُنُوول بيعه من تابِلٍ ونحوه لأَن ذلك
ساقِطُ القِيمة، وبائعه سَقَّاط.
والسَّقَّاطُ: الذي يبيع السَّقَطَ من المَتاعِ. وفي حديث ابن عمر، رضي
اللّه عنهما: كان لا يَمُرُّ بسَقَّاطٍ ولا صاحِبِ بِيعةٍ إِلا سَلَّم
عليه؛ هو الذي يَبيعُ سَقَطَ المتاعِ وهو رَدِيئُه وحَقِيره. والبِيعةُ من
البَيْعِ كالرِّكْبةِ والجِلْسَةِ من الرُّكُوبِ والجُلوس، والسَّقَطُ من
البيع نحو السُّكَّر والتَّوابِل ونحوها، وأَنكر بعضهم تسميته
سَقَّاطاً، وقال: لا يقال سَقَّاط، ولكن يقال صاحب سَقَطٍ.
والسُّقاطةُ: ما سَقَط من الشيء. وساقَطه الحديثَ سِقاطاً: سَقَط منك
إِليه ومنه إِليك. وسِقاطُ الحديثِ: أَن يتحدَّثَ الواحدُ ويُنْصِتَ له
الآخَرُ، فإِذا سكت تحدَّثَ الساكِتُ؛ قال الفرزدق:
إِذا هُنَّ ساقَطْنَ الحَديثَ، كأَنَّه
جَنى النَّحْلِ أَو أَبْكارُ كَرْمٍ تُقَطَّف
وسَقَطَ إِليَّ قوم: نزلوا عليَّ. وفي حديث النجاشِيّ وأَبي سَمّالٍ:
فأَما أَبو سَمَّالٍ فسَقَطَ إِلى جيرانٍ له أَي أَتاهم فأَعاذُوه
وسَترُوه. وسَقَطَ الحَرّ يَسْقُطُ سُقُوطاً: يكنى به عن النزول؛ قال النابغة
الجعدي:
إِذا الوَحْشُ ضَمَّ الوَحْش في ظُلُلاتِها
سَواقِطُ من حَرٍّ، وقد كان أَظْهَرا
وسَقَطَ عنك الحَرُّ: أَقْلَعَ؛ عن ابن الأَعرابي، كأَنه ضد.
والسَّقَطُ والسِّقاطُ: الخَطَأُ في القول والحِساب والكِتاب. وأَسْقَطَ
وسَقَطَ في كلامه وبكلامه سُقوطاً: أَخْطأَ. وتكلَّم فما أَسْقَطَ كلمة،
وما أَسْقَط حرفاً وما أَسْقَط في كلمة وما سَقَط بها أَي ما أَخْطأَ
فيها. ابن السكيت: يقال تَكلَّم بكلام فما سَقَطَ بحرف وما أَسْقَطَ
حَرْفاً، قال: وهو كما تقول دَخَلْتُ به وأَدْخَلْتُه وخرَجْتُ به وأَخْرَجْتُه
وعَلوْت به وأَعْلَيْتُه وسُؤتُ به ظَنّاً وأَسأْتُ به الظنَّ، يُثْبتون
الأَلف إِذا جاء بالأَلف واللام. وفي حديث الإفك: فأَسْقَطُوا لها به
يعني الجارِيةَ أَي سَبُّوها وقالوا لها من سَقَط الكلامِ، وهو رديئه، بسبب
حديث الإِفْك. وتَسَقَّطَه واستَسْقَطَه: طلَب سَقَطَه وعالَجه على أَن
يَسْقُطَ فيُخْطِئ أَو يكذب أَو يَبُوحَ بما عنده؛ قال جرير:
ولقد تسَقَّطَني الوُشاةُ فصادَفُوا
حَجِئاً بِسِرِّكِ، يا أُمَيْمَ، ضَنِينا
(* قوله «حجئاً» أَي خليقاً، وفي الأَساس والصحاح وديوان جرير: حصراً،
وهو الكتوم للسر.)
والسَّقْطةُ: العَثْرةُ والزَّلَّةُ، وكذلك السِّقاطُ؛ قال سويد بن أَبي
كاهل:
كيفَ يَرْجُون سِقاطِي، بَعْدَما
جَلَّلَ الرأْسَ مَشِيبٌ وصَلَعْ؟
قال ابن بري: ومثله ليزيد بن الجَهْم الهِلالي:
رجَوْتِ سِقاطِي واعْتِلالي ونَبْوَتي،
وراءَكِ عَنِّي طالِقاً، وارْحَلي غَدا
وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: كُتب إِليه أَبيات في صحيفة منها:
يُعَقِّلُهُنَّ جَعْدةُ من سُلَيْمٍ
مُعِيداً، يَبْتَغي سَقَطَ العَذارى
أَي عثَراتِها وزَلاَّتِها. والعَذارى: جمع عَذْراء. ويقال: فلان قليل
العِثار، ومثله قليل السِّقاطِ، وإِذا لم يَلْحق الإِنسانُ مَلْحَقَ
الكِرام يقال: ساقِطٌ، وأَنشد بيت سويد بن أَبي كاهل. وأَسقط فلان من الحساب
إِذا أَلقى. وقد سقَط من يدي وسُقِطَ في يَدِ الرجل: زَلَّ وأَخْطأَ،
وقيل: نَدِمَ. قال الزجّاجُ: يقال للرجل النادم على ما فعل الحَسِر على ما
فرَطَ منه: قد سُقِط في يده وأُسْقِط. وقال أَبو عمرو: لا يقال أُسقط،
بالأَلف، على ما لم يسمّ فاعله. وفي التنزيل العزيز: ولَمّا سُقِط في
أَيديهم؛ قال الفارسي: ضرَبوا بأَكُفِّهم على أَكفهم من النَّدَم، فإِن صح ذلك
فهو إِذاً من السقوط، وقد قرئ: سقَط في أَيديهم، كأَنه أَضمر الندم أَي
سقَط الندمُ في أَيديهم كما تقول لمن يحصل على شيء وإِن كان مما لا يكون
في اليد: قد حَصل في يده من هذا مكروهٌ، فشبّه ما يحصُل في القلب وفي
النفْس بما يحصل في اليد ويُرى بالعين. الفراء في قوله تعالى ولما سُقط في
أَيْديهم: يقال سُقط في يده وأُسقط من الندامة، وسُقط أَكثر وأَجود.
وخُبِّر فلان خَبراً فسُقط في يده وأُسقط. قال الزجاج: يقال للرجل النادم على
ما فعل الحسِرِ على ما فرَط منه: قد سُقط في يده وأُسقط. قال أَبو منصور:
وإِنما حَسَّنَ قولهم سُقط في يده، بضم السين، غير مسمًّى فاعله الصفةُ
التي هي في يده؛ قال: ومثله قول امرئ القيس:
فدَعْ عنكَ نَهْباً صيحَ في حَجَراتِه،
ولكنْ حَدِيثاً، ما حَدِيثُ الرَّواحِلِ؟
أَي صاح المُنْتَهِبُ في حَجَراتِه، وكذلك المراد سقَط الندمُ في يده؛
أَنشد ابن الأَعرابي:
ويوْمٍ تَساقَطُ لَذَّاتُه،
كنَجْم الثُّرَيّا وأَمْطارِها
أَي تأْتي لذاته شيئاً بهد شيء، أَراد أَنه كثير اللذات:
وخَرْقٍ تحَدَّث غِيطانُه،
حَديثَ العَذارَى بأَسْرارِها
أَرادَ أَن بها أَصوات الجنّ. وأَما قوله تعالى: وهُزِّي إِليكِ بجِذْعِ
النخلةِ يَسّاقَطْ، وقرئ: تَساقَطْ وتَسّاقَطْ، فمن قرأَه بالياء فهو
الجِذْعُ، ومن قرأَه بالتاء فهي النخلةُ، وانتصابُ قوله رُطَباً جَنِيّاً
على التمييز المحوَّل، أَرادَ يَسّاقطْ رُطَبُ الجِذْع، فلما حوّل الفعل
إِلى الجذع خرج الرطبُ مفسِّراً؛ قال الأَزهري: هذا قول الفرّاء، قال:
ولو قرأَ قارئ تُسْقِطْ عليك رُطباً يذهب إِلى النخلة، أَو قرأَ يسقط عليك
يذهب إِلى الجذع، كان صواباً.
والسَّقَطُ: الفَضيحةُ. والساقِطةُ والسَّقِيطُ: الناقِصُ العقلِ؛
الأَخيرة عن الزجاجيّ، والأُنثى سَقِيطةٌ. والسَّاقِطُ والساقِطةُ: اللَّئيمُ
في حسَبِه ونفْسِه، وقوم سَقْطَى وسُقّاطٌ، وفي التهذيب: وجمعه
السَّواقِطُ؛ وأَنشد:
نحنُ الصَّمِيمُ وهُمُ السَّواقِطُ
ويقال للمرأَة الدنيئةِ الحَمْقَى: سَقِيطةٌ، ويقال للرجل الدَّنِيء:
ساقِطٌ ماقِطٌ لاقِطٌ. والسَّقِيطُ: الرجل الأَحمق. وفي حديث أَهل النار:
ما لي لا يَدْخُلُنِي إِلاَّ ضُعفاء الناسِ وسَقَطُهم أَي أَراذِلُهم
وأَدْوانُهُم. والساقِط: المتأَخِّرُ عن الرجال.
وهذا الفعل مَسْقَطةٌ للإِنسان من أَعْيُنِ الناس: وهو أَن يأْتي بما لا
ينبغي.
والسِّقاطُ في الفَرسِ: اسْتِرْخاء العَدْوِ. والسِّقاطُ في الفرس: أَن
لا يَزالَ مَنْكُوباً، وكذلك إِذا جاء مُسْتَرْخِيَ المَشْي والعَدْوِ.
ويقال للفرس: إِنه ليساقِط الشيء
(* قوله «ليساقط الشيء» كذا بالأصل،
والذي في الاساس: وانه لفرس ساقط الشدّ إِذا جاء منه شيء بعد شيء.) أَي يجيء
منه شيء بعد شيء؛ وأَنشد قوله:
بِذي مَيْعة، كأَنَّ أَدْنَى سِقاطِه
وتَقْرِيبِه الأَعْلَى ذَآلِيلُ ثَعْلَبِ
وساقَطَ الفرسُ العَدْوَ سِقاطاً إِذا جاء مسترخياً. ويقال للفرس إِذا
سبق الخيل: قد ساقَطَها؛ ومنه قوله:
ساقَطَها بنَفَسٍ مُرِيحِ،
عَطْفَ المُعَلَّى صُكَّ بالمَنِيحِ،
وهَذَّ تَقْرِيباً مع التَّجْلِيحِ
المَنِيحُ: الذي لا نَصِيبَ له. ويقال: جَلَّحَ إِذا انكشَف له الشأْنُ
وغَلب؛ وقال يصف الثور:
كأَنَّه سِبْطٌ من الأَسْباطِ،
بين حَوامِي هَيْدَبٍ سُقَّاطِ
السِّبْطُ: الفِرْقةُ من الأَسْباط. بين حوامِي هَيْدَبٍ وهَدَبٍ أَيضاً
أَي نَواحِي شجر ملتفّ الهَدَب. وسُقّاطٌ: جمع الساقِط، وهو
المُتَدَلِّي.
والسَّواقِطُ: الذين يَرِدُون اليمَامةَ لامْتِيارِ التمر، والسِّقاطُ:
ما يحملونه من التمر.
وسيف سَقّاطٌ وَراء الضَّريبةِ، وذلك إِذا قَطَعَها ثم وصَل إِلى ما
بعدها؛ قال ابن الأَعرابي: هو الذي يَقُدُّ حتى يَصِل إِلى الأَرض بعد أَن
يقطع؛ قال المتنخل الهذلي:
كلَوْنِ المِلْحِ ضَرْبَتُه هَبِيرٌ،
يُتِرُّ العَظْمَ سَقّاطٌ سُراطِي
وقد تقدَّم في سرط، وصوابهُ يُتِرُّ العظمَ. والسُّراطِيُّ: القاطــعُ.
والسَّقّاطُ: السيفُ يسقُط من وراء الضَّرِيبة يقطعها حتى يجوز إِلى
الأَرض.وسِقْطُ السَّحابِ: حيث يُرى طرَفُه كأَنه ساقِطٌ على الأَرض في ناحية
الأُفُق. وسِقْطا الخِباء: ناحِيَتاه. وسِقْطا الطائرِ وسِقاطاه
ومَسْقَطاه: جَناحاه، وقيل: سِقْطا جَناحَيْه ما يَجُرُّ منهما على الأَرض. يقال:
رَفَع الطائرُ سِقْطَيْه يعني جناحيه. والسِّقْطانِ من الظليم: جَناحاه؛
وأَما قول الرَّاعي:
حتى إِذا ما أَضاء الصُّبْحُ، وانْبَعَثَتْ
عنه نَعامةُ ذي سِقْطَيْن مُعْتَكِر
فإِنه عنى بالنعامة سَواد الليل، وسِقْطاه: أَوّلُه وآخِرُه، وهو على
الاستعارة؛ يقول: إِنَّ الليلَ ذا السِّقْطين مضَى وصدَق الصُّبْح؛ وقال
الأَزهري: أَراد نَعامةَ ليْلٍ ذي سِقطين، وسِقاطا الليل: ناحِيتا ظَلامِه؛
وقال العجاج يصف فرساً:
جافِي الأَيادِيمِ بلا اخْتِلاطِ،
وبالدِّهاسِ رَيَّث السِّقاطِ
قوله: ريّث السقاط أَي بطيء أَي يَعْدو
(* قوله «أي يعدو إلخ» كذا
بالأصل.) في الدِّهاسِ عَدْواً شديداً لا فُتورَ فيه. ويقال: الرجل فيه سِقاطٌ
إِذا فَتَر في أَمره ووَنَى.
قال أَبو تراب: سمعت أَبا المِقْدامِ السُّلَمِيّ يقول: تسَقَّطْتُ
الخَبَر وتَبقَّطْتُه إِذا أَخذته قليلاً قليلاً شيئاً بعد شيء.
وفي حديث أَبي بكر، رضي اللّه عنه: بهذه الأَظْرُبِ السَّواقِطِ أَي
صِغار الجبالِ المُنْخفضةِ اللاَّطئةِ بالأَرض.
وفي حديث سعد، رضي اللّه عنه: كان يُساقِطُ في ذلك عن رسول اللّه، صلّى
اللّه عليه وسلّم، أَي يَرْوِيهِ عنه في خِلالِ كلامِه كأَنه يَمْزُجُ
حَدِيثَه بالحديث عن رسولِ اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، وهو من أَسْقَطَ
الشيءَ إِذا أَلْقاه ورَمَى به.
وفي حديث أَبي هريرة: أَنه شرب من السَّقِيطِ؛ قال ابن الأَثير: هكذا
ذكره بعض المتأَخرين في حرف السين، وفسره بالفَخّارِ، والمشهور فيه لُغةً
وروايةً الشينُ المعجمة، وسيجيء، فأَمّا السَّقِيطُ، بالسين المهملة، فهو
الثَّلْجُ والجَلِيدُ.
قطع: القَطْعُ: إِبانةُ بعض أَجزاء الجِرْمِ من بعضٍ فَضْلاً. قَطَعَه
يَقْطَعُه قَطْعاً وقَطِيعةً وقُطوعاً؛ قال:
فما بَرِحَتْ، حتى اسْتبانَ سقابها
قُطُوعاً لِمَحْبُوكٍ من اللِّيفِ حادِرِ
والقَطْعُ: مصدر قَطَعْتُ الحبْلَ قَطْعاً فانْقَطَع. والمِقْطَعُ،
بالكسر: ما يُقْطَعُ به الشيء. وقطَعه واقتطَعه فانقطَع وتقطَّع، شدد للكثرة.
وتقطَّعوا أَمرهم بينهم زُبُراً أَي تقَسَّمُوه. قال الأَزهري: وأَما
قوله: وتقطَّعوا أَمرهم بينهم زُبراً فإِنه واقع كقولك قَطَّعُوا أَمرهم؛
قال لبيد في الوجه اللازم:
وتَقَطَّعَتْ أَسْبابُها ورِمامُها
أَي انْقَطَعَتْ حِبالُ مَوَدَّتِها، ويجوز أَن يكون معنى قوله:
وتقطَّعوا أَمرهم بينهم؛ أَي تفرقوا في أَمرهم، نصب أَمرهم بنزع في منه؛ قال
الأَزهري: وهذا القول عندي أَصوب. وقوله تعالى: وقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنّ؛ أَي
قَطَعْنَها قَطْعاً بعد قَطْعٍ وخَدَشْنَها خدشاً كثيراً ولذلك شدد،
وقوله تعالى: وقطَّعْناهم في الأَرض أُمَماً؛ أَي فرّقْناهم فِرَقاً، وقال:
وتَقَطَّعَتْ بهم الأَسبابُ؛ أَي انْقَطَعَتْ أَسْبابُهم ووُصَلُهُم؛ قول
أَبي ذؤَيب:
كأَنّ ابْنةَ السَّهْمِيّ دُرَّةُ قامِسٍ
لها، بعدَ تَقْطِيعِ النُّبُوح، وَهِيجُ
أَراد بعد انْقِطاعِ النُّبُوحِ، والنُّبُوحُ: الجماعات، أَراد بعد
الهُدُوِّ والسكون بالليل، قال: وأَحْسَبُ الأَصل فيه القِطْع وهو طائفة من
الليل. وشيءٌ قَطِيعٌ: مقطوعٌ.
والعرب تقول: اتَّقُوا القُطَيْعاءَ أَي اتقوا أَن يَتَقَطَّعَ بعضُكم
من بعض في الحرب.
والقُطْعةُ والقُطاعةُ: ما قُطِعَ من الحُوّارَى من النُّخالةِ.
والقُطاعةُ، بالضم: ما سقَط عن القَطْعِ. وقَطَعَ النخالةَ من
الحُوّارَى: فَصَلَها منه؛ عن اللحياني.
وتَقاطَعَ الشيءُ: بانَ بعضُه من بعض، وأَقْطَعَه إِياه: أَذن له في
قطعه. وقَطَعاتُ الشجرِ: أُبَنُها التي تَخْرُجُ منها إِذا قُطِعَت، الواحدة
قَطَعَةٌ. وأَقْطَعْتُه قُضْباناً من الكَرْمِ أَي أَذِنْتُ له في
قَطْعِها. والقَطِيع: الغُصْنُ تَقْطَعُه من الشجرة، والجمع أَقْطِعةٌ وقُطُعٌ
وقُطُعاتٌ وأَقاطِيعُ كحديثٍ وأَحاديثَ. والقِطْعُ من الشجر: كالقَطِيعِ،
والجمع أَقطاعٌ؛ قال أَبو ذؤَيب:
عَفا غيرُ نُؤْيِ الدارِ ما إِنْ تُبِينُه،
وأَقْطاعُ طُفْيٍ قد عَفَتْ في المَعاقِلِ
والقِطْعُ أَيضاً: السهم يعمل من القَطِيعِ والقِطْعِ اللذين هما
المَقْطُوعُ من الشجر، وقيل: هو السهم العَرِيضُ، وقيل: القِطْعُ نصل قَصِيرٌ
عَرِيضُ السهم، وقيل: القِطْعُ النصل القصير، والجمع أَقْطُعٌ وأَقْطاعٌ
وقُطُوعٌ وقِطاعٌ ومَقاطِيعُ، جاء على غير واحده نادراً كأَنه إِنما جمع
مِقْطاعاً، ولم يسمع، كما قالوا مَلامِحَ ومَشابِهَ ولم يقولوا مَلْمَحَةً
ولا مَشْبَهةً؛ قال بعض الأَغفالِ يصف دِرْعاً:
لها عُكَنٌ تَرُدُّ النَّبْلَ خُنْساً،
وتَهْزَأُ بالمَعابِلِ والقِطاعِ
وقال ساعدة بن جُؤَيَّةَ:
وشَقَّتْ مَقاطِيعُ الرُّماةِ فُؤَادَه،
إِذا يَسْمَعُ الصوتَ المُغَرِّدَ يَصْلِدُ
والمِقْطَعُ والمِقْطاعُ: ما قَطَعْتَه به.
قال الليث: القِطْعُ القضيبُ الذي يُقْطَعُ لبَرْيِ السِّهامِ، وجمعه
قُطْعانٌ وأَقْطُعٌ؛ وأَنشد لأَبي ذؤَيب:
ونَمِيمَةً من قانِصٍ مُتَلَبِّبٍ،
في كَفِّه جَشْءٌ أَجَشُّ وأَقْطُعُ
قال: أَراد السِّهامَ، قال الأَزهري: وهذا غلط، قال الأَصمعي: القِطْعُ
من النِّصالِ القصير العريضُ، وكذلك قال غيره، سواء كان النصل مركباً في
السهم أَو لم يكن مركباً، سُمِّيَ قِطْعاً لأَنه مقطوعٌ من الحديث، وربما
سَمَّوْه مقطوعاً، والمَقاطِيعُ جمعه؛ وسيف قاطِعٌ وقَطَّاعٌ ومِقْطَعٌ.
وحبل أَقْطاعٌ: مقطوعٌ كأَنهم جعلوا كل جزء منه قِطْعاً، وإِن لم يتكلم
به، وكذلك ثوب أَقْطاعٌ وقِطْعٌ؛ عن اللحياني. والمَقْطُوعُ من المديد
والكامل والرَّجَزِ: الذي حذف منه حرفان نحو فاعلاتن ذهب منه تن فصار
محذوفاً فبقي فاعلن ثم ذهب من فاعِلن النون ثم أُسكنت اللام فنقل في التقطيع إِلى
فعْلن، كقوله في المديد:
إِنما الذَّلْفاءُ ياقُوتةٌ،
أُخْرِجَتْ من كِيسِ دِهْقانِ
فقوله قاني فعْلن، وكقوله في الكامل:
وإِذا دَعَوْنَكَ عَمَّهُنَّ، فإِنَّه
نَسَبٌ يَزِيدُكَ عِنْدَهُنَّ خَبالا
فقوله نَخَبالا فعلاتن وهو مقطوع؛ وكقوله في الرجز:
دار لِسَلْمَى، إِذ سُلَيْمَى جارةٌ،
قَفْرٌ تُرى آياتها مِثْلَ الزُّبُرْ
(* قوله« دار لسلمى إلخ» هو موفور لا مقطوع فلا شاهد فيه كما لا يخفى.)
وكقوله في الرجز:
القَلْبُ منها مُسْتَرِيحٌ سالِمٌ،
والقلبُ مِنِّي جاهِدٌ مَجْهُودُ
فقوله مَجْهُود مَفْعُولُنْ.
وتَقْطِيعُ الشعر: وَزْنه بأَجزاء العَرُوضِ وتَجْزئته بالأَفعالِ.
وقاطَعَ الرجُلانِ بسيفيهما إِذا نظرا أَيُّهما أَقْطَعُ؛ وقاطَعَ فلان
فلاناً بسيفيهما كذلك. ورجل لَطّاع قَطّاعٌ: يَقْطَعُ نصف اللُّقْمةِ
ويردّ الثاني، واللَّطّاعُ مذكور في موضعه. وكلامٌ قاطِعٌ على المَثَلِ:
كقولهم نافِذٌ.
والأَقْطَعُ: المقطوعُ اليَدِ، والجمع قُطْعٌ وقُطْعانٌ مثل أَسْوَدَ
وسُودانٍ. ويَدٌ قَطعاءُ: مقطوعةٌ، وقد قَطَعَ وقطِعَ قَطعاً. والقَطَعَةُ
والقُطْعةُ، بالضم، مثل الصَّلَعةِ والصُّلْعةِ: موضع القَطْعِ من اليد،
وقيل: بقيّةُ اليدِ المقطوعةِ، وضربَه بقَطَعَتِه. وفي الحديث: أَنَّ
سارِقاً سَرَقَ فَقُطِعَ فكان يَسْرِقُ بقَطَعَتِه، بفتحتين؛ هي الموضعُ
المقطوعُ من اليد، قال: وقد تضم القاف وتسكن الطاء فيقال: بقُطْعَتِه، قال
الليث: يقولون قُطِعَ الرجلُ ولا يقولون قُطِعَ الأَقْطَعُ لأَنَّ
الأَقْطَعَ لا يكون أَقْطَعَ حتى يَقْطَعَه غيره، ولو لزمه ذلك من قبل نفسه لقيل
قَطِعَ أَو قَطُعَ، وقَطَعَ الله عُمُرَه على المَثَلِ. وفي التنزيل:
فَقُطِعَ دابِرُ القوم الذين ظَلَموا؛ قال ثعلب: معناه استُؤْصِلُوا من
آخرهم.ومَقْطَعُ كل شيءٍ ومُنْقَطَعُه: آخره حيث يَنْقَطِعُ كمَقاطِعِ
الرِّمالِ والأَوْدِيةِ والحَرَّةِ وما أَشبهها. ومَقاطِيعُ الأَوديةِ:
مآخيرُها. ومُنْقَطَعُ كلِّ شيءٍ: حيث يَنْتَهي إِليه طَرَفُه. والمُنْقَطِعُ:
الشيءُ نفسُه. وشرابٌ لذيذُ المَقْطَعِ أَي الآخِر والخاتِمَةِ. وقَطَعَ
الماءَ قَطْعاً: شَقَّه وجازَه. وقطَعَ به النهرَ وأَقْطَعَه إِياه
وأَقطَعَه به: جاوَزَه، وهو من الفصل بين الأَجزاء. وقَطَعْتُ النهر قَطْعاً
وقُطُوعاً: عَبَرْتُ. ومَقاطِعُ الأَنهار: حيث يُعْبَرُ فيه. والمَقْطَعُ:
غايةُ ما قُطِعَ. يقال: مَقْطَعُ الثوبِ ومَقْطَعُ الرمْلِ للذي لا رَمْلَ
وراءه. والمَقْطَعُ: الموضع الذي يُقْطَعُ فيه النهر من المَعابرِ.
ومَقاطِعُ القرآنِ: مواضعُ الوقوفِ، ومَبادِئُه: مواضعُ الابتداءِ. وفي حديث
عمر، رضي الله عنه، حين ذَكَر أَبا بكر، رضي الله عنه: ليس فيكم مَنْ
تَقَطَّعُ عليه
(* قوله« تقطع عليه» كذا بالأصل، والذي في النهاية: دونه)
الأَعْناقُ مثلَ أَبي بكر؛ أَراد أَن السابِقَ منكم الذي لا يَلْحَقُ شَأْوَه
في الفضل أَحدٌ لا يكون مِثْلاً لأَبي بكر لأَنه أَسْبَقُ السابقين؛ وفي
النهاية: أَي ليس فيكم أَحدٌ سابقٌ إِلى الخيراتِ تَقَطَّعُ أَعْناقُ
مُسابقِيه حتى لا يَلْحَقَه أَحدٌ مِثْلَ أَبي بكر، رضي الله عنه. يقال للفرَس
الجَوادِ: تَقَطَّعَت أَعناقُ الخيْلِ عليه فلم تَلْحَقْه؛ وأَنشد ابن
الأَعرابي للبَعِيثِ:
طَمِعْتُ بِلَيْلى أَن تَرِيعَ، وإِنَّما
تُقَطِّعُ أَعناقَ الرِّجالِ المَطامِعُ
وبايَعْتُ لَيْلى في الخَلاءِ، ولم يَكُنْ
شُهُودي على لَيْلى عُدُولٌ مَقانِعُ
ومنه حديث أَبي ذر: فإِذا هي يُقَطَّعُ دونَها السَّرابُ أَي تُسْرِعُ
إِسْراعاً كثيراً تقدمت به وفاتت حتى إن السراب يظهر دونها أَي من ورائها
لبعدها في البر.
ومُقَطَّعاتُ الشيء: طرائقُه التي يتحلَّلُ إِليها ويَتَرَكَّبُ عنها
كَمُقَطَّعاتِ الكلامِ، ومُقَطَّعاتُ الشعْرِ ومَقاطِيعُه: ما تَحَلَّل
إِليه وترَكَّبَ عنه من أَجْزائِه التي يسميها عَرُوضِيُّو العرب الأَسْبابَ
والأَوْتادَ.
والقِطاعُ والقَطاعُ: صِرامُ النخْلِ مِثْلُ الصِّرامِ والصَّرامِ.
وقَطَعَ النخلَ يَقْطَعُه قَطْعاً وقِطاعاً وقَطاعاً؛ عن اللحياني: صرَمه.
قال سيبويه: قَطَعْتُه أَوْصَلْتُ إِليه القَطْعَ واستعملته فيه. وأَقْطَعَ
النخلُ إِقْطاعاً إِذا أَصرَمَ وحانَ قِطاعُه. وأَقْطَعْتُه: أَذِنْتُ
له في قِطاعه.
وانْقَطَعَ الشيءُ: ذهَب وقْتُه؛ ومنه قولهم: انْقَطَعَ البَرْدُ
والحرُّ. وانْقَطَع الكلامُ: وَقَفَ فلم يَمْضِ.
وقَطَعَ لسانه: أَسْكَتَه بإِحسانِه إِليه. وانْقَطَعَ لسانه: ذهبت
سَلاطَتُه. وامرأَة قَطِيعُ الكلامِ إِذا لم تكن سَلِيطةً. وفي الحديث لما
أَنشده العباس ابن مِرْداسٍ أَبياته العينية: اقْطَعُوا عني لِسانه أَي
أَعْطُوه وأَرْضُوه حتى يسكت، فكنى باللسانِ عن الكلامِ. ومنه الحديث: أَتاه
رجل فقال: إِني شاعر، فقال: يا بلال، اقْطَعْ لسانه فأَعطاه أَربعين
درهماً. قال الخطابي: يشبه أَن يكون هذا ممن له حق في بيت المال كابن السبيل
وغيره فتعرّض له بالشعر فأَعطاه لحقه أَو لحاجته لا لشعره.
وأَقْطَعَ الرجلُ إِذا انْقَطَعَت حُجَّتُه وبَكَّتُوه بالحق فلم
يُجِبْ، فهو مُقْطِعٌ. وقَطَعَه قَطْعاً أَيضاً: بَكَّتَه، وهو قَطِيعُ القولِ
وأَقْطَعُه، وقد قَطَعَ وقَطِعَ قَطاعةً. واقْطَعَ الشاعِرُ: انْقَطَعَ
شِعْرُه. وأَقْطََعَت الدجاجةُ مثل أَقَفَّت: انْقَطَعَ بيضُها، قال
الفارسيّ: وهذا كما عادلوا بينهما بأَصْفَى. وقُطِعَ به وانْقُطِعَ وأُقْطِعَ
وأَقْطَعَ: ضَعُفَ عن النكاح. وأُقْطِعَ به إِقْطاعاً، فهو مُقْطَعٌ إِذا
لم يُرِدِ النساءَ ولم يَنْهَض عُجارِمُه. وانْقُطِعَ بالرجل والبعيرِ:
كَلاَّ. وقفطِعَ بفلان، فهو مَقْطُوعٌ به، وانْقُطِعَ به، فهو مُنْقَطَعٌ
به إِذا عجز عن سفره من نَفَقَةٍ ذهبت، أَو قامَت عليه راحِلَتُه، أَو
أَتاه أَمر لا يقدر على أَن يتحرك معه، وقيل: هو إِذا كان مسافراً
فأُبْدِعَ به وعَطِبَت راحلته وذَهَبَ زادُه وماله. وقُطِعَ به إِذا انْقَطَعَ
رَجاؤُهُ. وقُطِعَ به قَطْعاً إِذا قُطِعَ به الطريقُ. وفي الحديث:
فَخَشِينا أَن يُقْتَطَعَ دُونَنا أَي يُؤْخَذَ ويُنْفَرَدَ به. وفي الحديث: ولو
شئنا لاقْتَطَعْناهم. وفي الحديث: كان إِذا أَراد أَن يَقْطَعَ بَعْثاً
أَي يُفْرِدَ قوماً يبعثُهم في الغَزْوِ ويُعَيِّنَهُم من غيرهم. ويقال
للغريب بالبلد: أُقْطِعَ عن أَهله إِقْطاعاً، فهو مُقْطَعٌ عنهم ومُنْقَطِعٌ،
وكذلك الذي يُفْرَضُ لنظرائه ويترك هو. وأَقْطَعْتُ الشيء إِذا
انْقَطَعَ عنك يقال: قد أَقْطَعْتُ الغَيْثَ. وعَوْدٌ مُقْطَعٌ إِذا انْقَطَعَ عن
الضِّراب. والمُقْطَعُ، بفتح الطاءِ: البعير إِذا جَفَرَ عن الصواب؛ قال
النمر بن تَوْلَبٍ يصف امرأَته:
قامَت تَباكَى أَن سَبَأْتُ لِفِتْيةٍ
زِقًّا وخابِيَةً بِعَوْدٍ مُقْطَعِ
وقد أُقْطِعَ إِذا جَفَرَ. وناقةٌ قَطُوعٌ: يَنْقَطِعُ لبنها سريعاً.
والقَطْعُ والقَطِيعةُ: الهِجْرانُ ضِدُّ الوصل، والفعل كالفعل والمصدر
كالمصدر، وهو على المثل. ورجل قَطُوعٌ لإِخْوانه ومِقْطاعٌ: لا يثبت على
مُؤاخاةٍ. وتَقَاطَعَ القومُ: تَصارَمُوا. وتَقَاطَعَتْ أَرْحامُهُمْ:
تَحاصَّتْ. وقَطَعَ رَحِمَه قَطْعاً وقَطِيعةً وقَطَّعَها: عَقَّها ولم
يَصِلْها، والاسم القَطِيعةُ. ورجل قُطَعَةٌ وقُطَعٌ ومِقْطَعٌ وقَطَّاعٌ:
يَقْطَعُ رَحِمَه. وفي الحديث: من زَوَّجَ كَرِيمَةً من فاسِقٍ فقد قَطَعَ
رَحمها، وذلك أَن الفاسِقَ يطلقها ثم لا يبالي أَن يضاجعها. وفي حديث
صِلَةِ الرَّحِمِ: هذا مقام العائذ بك من القَطِيعَةِ؛ القَطِيعَةُ:
الهِجْرانُ والصَّدُّ، وهيَ فَعِيلَةٌ من القَطْعِ، ويريد به ترك البر والإِحسان
إِلى الأَهل والأَقارب، وهي ضِدّ صِلَة الرَّحمِ. وقوله تعالى: أَن تفسدوا
في الأَرض وتُقَطِّعُوا أَرحامَكم؛ أَي تعُودوا إِلى أَمر الجاهلية
فتفسدوا في الأَرض وتَئِدُوا البناتِ، وقيل: تقطعوا أَرحامكم تقتل قريش بني هاشم
وبنو هاشم قريشاً. ورَحِمٌ قَطعاءُ بيني وبينك إِذا لم توصل. ويقال:
مَدّ فلان إِلى فلان بِثَدْيٍ غير أَقْطَعَ ومَتَّ، بالتاء، أَي تَوَسَّلَ
إِليه بقرابة قريبة؛ وقال:
دَعاني فلم أُورَأْ بِه، فأَجَبْتُه،
فَمَدّ بِثَدْيٍ بَيْنَنا غَيْرِ أَقْطَعا
والأُقْطوعةُ: ما تبعثه المرأَة إِلى صاحبتها علامة للمُصارَمةِ
والهِجْرانِ، وفي التهذيب: تبعث به الجارية إِلى صاحبها؛ وأَنشد:
وقالَتْ لِجارِيَتَيْها: اذْهَبا
إِليه بأُقْطُوعةٍ إِذْ هَجَرْ
والقُطْعُ: البُهْرُ لقَطْعِه الأَنفاسَ. ورجل قَطِيعٌ: مَبْهُورٌ
بَيّنُ القَطاعةِ، وكذلك الأُنثى بغير هاء. ورجل قَطِيعُ القيام إِذا وصف
بالضعف أَو السِّمَنِ. وامرأَة قَطُوعٌ وقَطِيعٌ: فاتِرةُ القِيامِ. وقد
قَطُعَتِ المرأَةُ إِذا صارت قَطِيعاً. والقُطْعُ والقُطُعُ في الفرس وغيره:
البُهْرُ وانْقِطاعُ بعض عُرُوقِه. وأَصابه قُطْعٌ أَو بُهْر: وهو النفَس
العالي من السمن وغيره. وفي حديث ابن عمر: أَنه أَصابه قُطْعٌ أَو بهر
فكان يُطْبَخُ له الثُّومُ في الحَسا فيأْكله؛ قال الكسائي: القُطْعُ
الدَّبَرُ
(* قوله «القطع الدبر» كذا بالأصل. وقوله «لأبي جندب» بهامش الأصل بخط
السيد مرتضى صوابه:
وإني إذا ما الصبح آنست ضوءه * يعاودني قطع علي ثقيل
والبيت لأبي خراش الهذلي). وأَنشد أَبو عبيد لأَبي جندب الهذلي:
وإِنِّي إِذا ما آنسٌ . . .* مُقْبَلاً،
(* كذا بياض بالأصل ولعله:
وإني إذا ما آنس شمت مقبلاً،)
يُعاوِدُني قُطْعٌ جَواه طَوِيلُ
يقول: إِذا رأَيت إِنساناً ذكرته. وقال ابن الأَثير: القُطْعُ انْقِطاعُ
النَّفَسِ وضيقُه. والقُطْعُ: البُهْرُ يأْخذ الفرس وغيره. يقال: قُطِعَ
الرجلُ، فهو مقطوعٌ، ويقال للفرس إِذا انْقَطَعَ عِرْقٌ في بطنه أَو
شَحْمٌ: مقطوعٌ، وقد قُطِعَ.
واقْتَطَعْتُ من الشيء قِطْعةً، يقال: اقتَطَعْتُ قَطِيعاً من غنم فلان.
والقِطْعةُ من الشيء: الطائفةُ منه. واقْتَطَعَ طائفة من الشيء: أَخذها.
والقَطِيعةُ: ما اقْتَطَعْتَه منه. وأَقْطَعَني إِياها: أَذِنَ لي في
اقْتِطاعِها. واسْتَقْطَعَه إِياها: سأَلَه أَن يُقْطِعَه إِياها.
وأَقْطَعْتُه قَطِيعةً أَي طائفة من أَرض الخراج. وأَقْطَعَه نهراً: أَباحَه له.
وفي حديث أَبْيَضَ بن حَمّالٍ: أَنه اسْتَقْطَعَه المِلْحَ الذي بِمَأْرِبَ
فأَقْطَعَه إِياه؛ قال ابن الأَثير: سأَله أَن يجعله له إِقطاعاً
يتملَّكُه ويسْتَبِدُّ به وينفرد، والإِقطاعُ يكون تمليكاً وغير تمليك. يقال:
اسْتَقْطَعَ فلان الإِمامَ قَطيعةً فأَقْطَعَه إِيّاها إِذا سأَلَه أَن
يُقْطِعَها له ويبنيها مِلْكاً له فأَعطاه إِياها، والقَطائِعُ إِنما تجوز
في عَفْوِ البلاد التي لا ملك لأَحد عليها ولا عِمارةَ فيها لأَحد
فيُقْطِعُ الإِمامُ المُسْتَقْطِعَ منها قَدْرَ ما يتهيَّأْ له عِمارَتُه
بإِجراء الماء إِليه، أَو باستخراج عين منه، أَو بتحجر عليه للبناء فيه. قال
الشافعي: ومن الإِقْطاعِ إِقْطاعُ إِرْفاقِ لا تمليكٍ، كالمُقاعَدةِ
بالأسواق التي هي طُرُقُ المسلمين، فمن قعد في موضع منها كان له بقدر ما
يَصْلُحُ له ما كان مقيماً فيه، فإِذا فارقه لم يكن له منع غيره منه كأَبنية
العرب وفساطِيطِهمْ، فإِذا انْتَجَعُوا لم يَمْلِكُوا بها حيث نزلوا، ومنها
إِقْطاعُ السكنى. وفي الحديث عن أُمّ العلاءِ الأَنصارية قالت: لما قَدِمَ
النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، المدينةَ أَقْطَع الناسَ الدُّورَ فطار
سَهْمُ عثمانَ ابن مَظْعُونٍ علَيّ؛ ومعناه أَنزلهم في دُورِ الأَنصارِ
يسكنونها معهم ثم يتحوّلون عنها؛ ومنه الحديث: أَنه أَقْطَعَ الزبير نخلاً،
يشبه أَنه إِنما أَعطاه ذلك من الخُمُسِ الذي هو سَهْمُه لأَنَّ النخل
مالٌ ظاهِرُ العين حاضِرُ النفْعِ فلا يجوز إِقْطاعُه، وكان بعضهم يتأَوّل
إِقْطاعَ النبيِّ، صلى الله عليه وسلم، المهاجرين الدُّورَ على معنى
العارِيّةِ، وأَما إِقْطاعُ المَواتِ فهو تمليك. وفي الحديث في اليمين: أَو
يَقْتَطِعَ بها مالَ امرئٍ مُسْلِمٍ أَي يأْخذه لنفسه متملكاً، وهو
يَفْتَعِلُ من القَطْعِ. ورجل مُقْطَعٌ: لا دِيوانَ له. وفي الحديث: كانوا أَهلَ
دِيوانٍ أَو مُقْطَعِينَ، بفتح الطاء، ويروى مُقْتَطِعينَ لأَن الجند لا
يَخْلُونَ من هذين الوجهين.
وقَطَعَ الرجلُ بحبل يَقْطَعُ قَطْعاً: اخْتَنَقَ به. وفي التنزيل:
فَلْيَمْدُدْ بسبب إِلى السماء ثم ليَقْطَعْ فلينظر؛ قالوا: لِيَقْطَعْ أَي
لِيَخْتَنِقْ لأَن المُخْتَنِقَ يَمُدّ السبب إِلى السقف ثم يَقْطَعُ نفسَه
من الأَرض حتى يختنق، قال الأَزهري: وهذا يحتاج إِلى شرح يزيد في إِيضاحه،
والمعنى، والله أَعلم، من كان يظن أَن لن ينصر الله محمداً حتى يظهره على
الدين كله فليمت غيظاً، وهو تفسير قوله فليمدد بسَبَبٍ إِلى السماء،
والسببُ الحبل يشدّه المختنق إِلى سَقْفِ بيته، وسماءُ كل شيء سقفه، ثم ليقطع
أَي ليمد الحبل مشدُوداً في عنقه مدّاً شديداً يُوَتِّرُه حتى ينقطع فيموت
مختنقاً؛ وقال الفراء: أَراد ليجعل في سماء بيته حبلاً ثم ليختنق به، فذلك
قوله ثم ليقطع اختناقاً. وفي قراءة عبد الله: ثم ليقطعه، يعني السبب وهو
الحبل، وقيل: معناه ليمد الحبل المشدود في عنقه حتى ينقطعَ نفَسُه
فيموتَ.وثوبٌ يَقْطَعُكَ ويُقْطِعُكَ ويُقَطِّعُ لك تَقْطِيعاً: يَصْلُح عليك
قميصاً ونحوَه. وقال الأَزهري: إِذا صلح أَن يُقْطَعَ قميصاً، قال
الأَصمعي: لا أَعرف هذا ثوب يَقْطَعُ ولا يُقَطِّعُ ولا يُقَطِّعُني ولا
يَقْطَعُني، هذا كله من كلام المولّدين؛ قال أَبو حاتم: وقد حكاه أَبو عبيدة عن
العرب.
والقُطْعُ: وجَعٌ في البطن ومَغَسٌ. والتقطِيعُ مَغَسٌ يجده الإِنسان في
بطنه وأَمْعائِه. يقال: قُطِّعَ فلان في بطنه تَقْطِيعاً.
والقَطِيعُ: الطائفة من الغنم والنعم ونحوه، والغالب عليه أَنه من عشر
إِلى أَربعين، وقيل: ما بين خمس عشرة إِلى خمس وعشرين، والجمع أَقْطاعٌ
وأَقْطِعةٌ وقُطْعانٌ وقِطاعٌ وأَقاطِيعُ؛قال سيبويه: وهو مما جمع على غير
بناء واحده، ونظيره عندهم حديثٌ وأَحاديثُ. والقِطْعةُ: كالقَطِيع.
والقَطِيعُ: السوط يُقْطَعُ من جلد سير ويعمل منه، وقيل: هو مشتق من القَطِيعِ
الذي هو المَقْطُوعُ من الشجر، وقيل: هو المُنْقَطِعُ الطرَف، وعَمَّ أَبو
عبيد بالقَطِيعِ، وحكى الفارسي: قَطَعْتُه بالقَطِيع أَي ضربته به كما
قالوا سُطْتُه بالسوط؛ قال الأَعشى:
تَرى عَينَها صَغْواءَ في جَنْبِ مُوقِها،
تُراقِبُ كَفِّي والقَطِيعَ المُحَرَّما
قال ابن بري: السوط المُحَرَّمُ الذي لم يُليَّن بَعْد. الليث:
القَطِيعُ السوط المُنْقَطِعُ. قال الأَزهري: سمي السوط قَطِيعاً لأَنهم يأْخذون
القِدّ المُحَرَّمَ فيَقْطَعونه أَربعة سُيُور، ثم يَفْتِلونه ويَلْوُونه
ويتركونه حتى يَيْبَسَ فيقومَ قِياماً كأَنه عَصاً، سمي قَطِيعاً لأَنه
يُقْطَعُ أَربع طاقات ثم يُلْوى.
والقُطَّعُ والقُطَّاعُ: اللُّصوص يَقْطَعون الأَرض. وقُطَّاعُ الطريق:
الذين يُعارِضون أَبناءَ السبيل فيَقْطَعون بهم السبيلَ.
ورجل مُقَطَّعٌ: مُجَرَّبٌ. وإِنه لحسَنُ التقْطِيع أَي القَدِّ. وشيء
حسن التقْطِيعِ إِذا كان حسن القَدِّ. ويقال: فلان قَطِيعُ فلان أَي
شَبيهُه في قَدِّه وخَلْقِه، وجمعه أَقْطِعاءُ.
ومَقْطَعُ الحقِّ: ما يُقْطَعُ به الباطل، وهو أَيضاً موضع التِقاءِ
الحُكْمِ، وقيل: هو حيث يُفْصَلُ بين الخُصومِ بنص الحكم؛ قال زهير:
وإِنَّ الحَقَّ مَقْطَعُه ثَلاثٌ:
يَمِينٌ أَو نِفارٌ أَو جَلاءُ
ويقال: الصوْمُ مَقْطَعةٌ للنكاح.
والقِطْعُ والقِطْعةُ والقَطِيعُ والقِطَعُ والقِطاعُ: طائفة من الليل
تكون من أَوّله إِلى ثلثه، وقيل للفزاريِّ: ما القِطْعُ من الليل؟ فقال:
حُزْمةٌ تَهُورُها أَي قِطْعةٌ تَحْزُرُها ولا تَدْرِي كمْ هِيَ.
والقِطْعُ: ظلمة آخر الليل؛ ومنه قوله تعالى: فأَسْرِ بأَهلك بقِطْعٍ من الليل؛
قال الأَخفش: بسواد من الليل؛ قال الشاعر:
افْتَحي الباب، فانْظُري في النُّجومِ،
كَمْ عَلَيْنا مِنْ قِطْعِ لَيْلٍ بَهِيمِ
وفي التنزيل: قِطَعاً من الليل مظلماً، وقرئ: قِطْعاً، والقِطْعُ: اسم
ما قُطِعَ. يقال: قَطَعْتُ الشيءَ قَطْعاً، واسم ما قُطِعَ فسقط قِطْعٌ.
قال ثعلب: من قرأَ قِطْعاً، جعل المظلم من نعته، ومن قرأَ قِطَعاً جعل
المظلم قِطَعاً من الليل، وهو الذي يقول له البصريون الحال. وفي الحديث:
إِنَّ بين يَدَيِ الساعة فِتَناً كقِطْعِ الليل المُظْلِمِ؛ قِطْعُ الليلِ
طلئفةٌ منه وقِطْعةٌ، وجمع القِطْعةِ قِطَعٌ، أَراد فتنة مظلمة سوْداءَ
تعظيماً لشأْنها.
والمُقَطَّعاتُ من الثيابِ: شِبْه الجِبابِ ونحوها من الخَزِّ وغيره. وفي
التنزيل: قُطِّعَتْ لهم ثيابٌ من نار؛ أَي خِيطَتْ وسُوِّيَتْ وجُعِلَتْ
لبَوساً لهم. وفي حديث ابن عباس في صفة نخل الجنة قال: نخل الجنة سَعَفُها
كِسْوةٌ لأَهل الجنة منها مُقَطَّعاتُهم وحُلَلُهم؛ قال ابن الأَثير: لم
يكن يَصِفُها بالقِصَر لأَنه عيب. وقال ابن الأَعرابي: لا يقال للثياب
القِصار مُقَطَّعاتٌ، قال شمر: ومما يقوِّي قوله حديث ابن عباس في وصف
سَعَفِ الجنة لأَنه لا يصف ثياب أَهل الجنة بالقَصَرِ لأَنه عيب، وقيل:
المقطَّعات لا واحد لها فلا يقال لجملة للجُبّةِ القصيرة مُقَطَّعةٌ، ولا
للقَمِيصِ مُقَطَّعٌ، وإِنما يقال الثياب القصار مُقَطَّعات، وللواحد ثوب. وفي
الحديث: أَن رجلاً أَتى النبي، صلى الله عليه وسلم، وعليه مُقَطَّعاتٌ
له؛ قال ابن الأَثير: أَي ثياب قصار لأَنها قُطِعَتْ عن بلوغ التمام،
وقيل: المُقَطَّع من الثياب كلُّ ما يُفَصَّلُ ويُخاطُ من قميصٍ وجِبابٍ
وسَراوِيلاتٍ وغيرها، وما لا يقطع منها كالأَردية والأُزُر والمَطارِفِ
والرِّياطِ التي لم تقطع، وإِنما يُتَعَطَّفُ بها مرَّة ويُتَلَفَّعُ بها
أُخرى؛ وأَنشد شمر لرؤبة يصف ثوراً وحشيّاً:
كأَنَّ نِصْعاً فَوْقَه مُقَطَّعا،
مُخالِطَ التَّقْلِيصِ، إِذْ تَدَرَّعا
(* وقوله« كأن إلخ» سيأتي في نصع: تخال بدل كأن.)
قال ابن الأَعرابي: يقول كأَنَّ عليه نِصْعاً مُقَلَّصاً عنه، يقول:
تخال أَنه أُلْبِسَ ثوباً أَبيض مقلصاً عنه لم يبلغ كُراعَه لأَنها سُود لست
على لونه؛ وقول الراعي:
فَقُودُوا الجِيادَ المُسْنِفاتِ، وأَحْقِبوا
على الأَرْحَبِيّاتِ الحَديدَ المُقَطَّعا
يعني الدروع. والحديدُ المُقَطَّعُ: هو المتخذ سلاحاً. يقال: قطعنا
الحديد أَي صنعناه دُروعاً وغيره من السِّلاح. وقال أَبو عمرو: مُقَطَّعاتُ
الثياب والشِّعرْ قِصارُها. والمقطَّعات: الثياب القصار، والأَبياتُ
القِصارُ، وكل قصيرٍ مُقَطَّعٌ ومُتَقَطِّعٌ؛ ومنه حديث ابن عباس:وقتُ صلاةِ
الضُّحى إِذا تقَطَّعتِ الظِّلالُ، يعين قَصُرَتْ لأَنها تكون ممتدة في
أَول النهار، فكلما ارتفعت الشمسُ تَقَطَّعَتِ الظِّلالُ وقصرت، وسميت
الأَراجيز مُقَطِّعاتِ لقصرها، ويروى أَن جرير بن الخَطَفى كان بينه وبين رؤبة
اختلاف في شيء فقال: أَما والله لئن سَهِرْتُ له ليلة لأَدَعَنَّه
وقلَّما تغني عنه مقطَّعاته، يعني أَبيات الرجز. ويقال للرجُل القصير: إِنه
لَمُقَطَّعٌ مُجَذَّرٌ.
والمِقْطَعُ: مثالٌ يُقْطَعُ عليه الأَديم والثوب وغيره. والقاطِــعُ:
كالمِقْطَعِ اسم كالكاهل والغارِبِ. وقال أَبو الهيثم: إِنما هو القِطاعُ لا
القاطِــعُ، قال: وهو مثل لِحافٍ ومِلْحَفٍ وقِرامٍ ومِقْرَمٍ وسِرادٍ
ومِسْرَدٍ.
والقِطْعُ: ضرب من الثياب المُوَشَّاةِ، والجمع قُطوعٌ. والمُقَطَّعاتُ:
بُرود عليها وشْيٌ مُقَطَّعٌ. والقِطْعُ: النُّمْرُقةُ أَيضاً.
والقِطْعُ: الطِّنْفِسةُ تكون تحت الرَّحْلِ على كَتِفَيِ البعير، والجمع كالجمع؛
قال الأَعشى:
أَتَتْكَ العِيسُ تَنْفَحُ في بُراها،
تَكَشَّفُ عن مَناكِبها القُطوعُ
قال ابن بري: الشعر لعبد الرحمن بن الحكم بن أَبي العاص يمدح معاوية
ويقال لِزيادٍ الأَعْجَمِ؛ وبعده:
بأَبيَضَ مِنْ أُمَيَّةَ مَضْرَحِيٍّ،
كأَنَّ جَبِينَه سَيْفٌ صَنِيعُ
وفي حديث ابن الزبير والجِنِّيِّ: فجاء وهو على القِطع فنَفَضَه،
وفُسِّرَ القِطْعُ بالطِّنْفِسةِ تحت الرَّحْلِ على كتفي البعير.
وقاطَعَه على كذا وكذا من الأَجْرِ والعَمَلِ ونحوه مُقاطعةً.
قال الليث: ومُقَطَّعةُ الشعَر هناتٌ صِغار مثل شعَرِ الأَرانِبِ؛ قال
الأَزهري: هذا ليس بشيء وأُراه إِنما أَراد ما يقال للأَرْنَبِ السريعة؛
ويقال للأَرنب السريعة: مُقَطِّعةُ الأَسْحارِ ومقطِّعةُ النِّياطِ
ومقطِّعةُ السحورِ كأَنها تَقْطَعُ عِرْقاً في بطن طالبها من شدّةِ العَدْوِ،
أَو رِئاتِ من يَعْدُو على أَثرها ليصيدها، وهذا كقولهم فيها مُحَشِّئةُ
الكِلاب، ومن قال النِّياطُ بُعْدُ المَفازةِ فهي تَقْطَعُه أَيضاً أَي
تُجاوِزُه؛ قال يصف الأَرنب:
كأَنِّي، إِذْ مَنَنْتُ عليكَ خَيْري،
مَنَنْتُ على مُقَطِّعةِ النِّياطِ
وقال الشاعر:
مَرَطى مُقَطِّمةٍ سُحُورَ بُغاتِها
مِنْ سُوسِها التَّوْتِيرُ، مهما تُطْلَبِ
ويقال لها أَيضاً: مُقَطِّعةُ القلوب؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
كأَنِّي، إِذْ مَنَنْتُ عليكَ فَضْلي،
مَنَنْتُ على مُقَطِّعةِ القُلُوبِ
أُرَيْنِبِ خُلّةٍ، باتَتْ تَغَشَّى
أَبارِقَ، كلُّها وَخِمٌ جَدِيب
ويقال: هذا فرس يُقَطِّعُ الجَرْيَ أَي يجري ضُرُوباً من الجَرْيِ
لِمَرحِه ونشاطِه. وقَطَّعَ الجَوادُ الخيلَ تَقْطِيعاً: خَلَّفَها ومضى؛ قال
أَبو الخَشْناءِ، ونسبه الأَزهري إِلى الجعدي:
يُقَطِّعُهُنَّ بِتَقْرِيبه،
ويَأْوي إِلى حُضُرٍ مُلْهِبِ
ويقال: جاءت الخيل مُقْطَوْطِعاتٍ أَي سِراعاً بعضها في إِثر بعض. وفلان
مُنْقَطِعُ القَرِينِ في الكرم والسّخاء إِذا لم يكن له مِثْلٌ، وكذلك
مُنْقَطِعُ العِقالِ في الشرّ والخُبْثِ؛ قال الشماخ:
رأَيْتُ عَرابَةَ الأَوْسِيَّ يَسْمُو
إِلى الخَيْراتِ، مُنْقَطِعَ القَرِينِ
أَبو عبيدة في الشِّياتِ: ومن الغُرَرِ المُتَقَطِّعةُ وهي التي
ارْتَفَعَ بياضُها من المَنْخَرَيْنِ حتى تبلغ الغُرَّةُ عينيه دون جَبْهته. وقال
غيره: المُقَطَّعُ من الحَلْي هو الشيء اليسيرُ منه القليلُ،
والمُقَطَّعُ من الذَّهَبِ اليسِيرِ كالحَلْقةِ والقُرْطِ والشَّنْفِ والشَّذْرةِ
وما أَشبهها؛ ومنه الحديث: أَنه نَهى عن لُبْسِ الذهب إِلا مُقَطَّعاً؛
أَراد الشيء اليسير وكره الكثير الذي هو عادة أَهل السَّرَفِ والخُيَلاء
والكِبْر، واليسيرُ هو ما لا تجب فيه الزكاة؛ قال ابن الأَثير: ويشبه أَن
يكون إِنما كره استعمال الكثير منه لأَن صاحبه ربما بَخِلَ بإِخراج زكاته
فيأْثم بذلك عند منْ أَوْجَب فيه الزكاةَ. وقَطَّعَ عليه العذابَ:
لوَّنَه وجَزَّأَه ولَوَّنَ عليه ضُرُوباً من العذاب. والمُقَطَّعاتُ:
الدِّيارُ. والقَطِيعُ: شبيه بالنظير. وأَرض قَطِيعةٌ: لا يُدْرى أَخُضْرَتُها
أَكثر أَم بياضُها الذي لا نبات به، وقيل: التي بها نِقاطٌ من الكَلإِ.
والقُطْعةُ: قِطْعةٌ من الأَرض إِذا كانت مَفْروزةً، وحكي عن أَعرابي
أَنه قال: ورثت من أَبي قُطْعةً. قال ابن السكيت: ما كان من شيء قُطِعَ من
شيء، فإِن كان المقطوعُ قد يَبْقى منه الشيء ويُقْطَعُ قلت: أَعطِني
قِطْعةً، ومثله الخِرْقةُ، وإِذا أَردت أَن تجمع الشيء بأَسره حتى تسمي به
قلت: أَعْطِني قُطْعةً، وأَما المرة من الفِعْل فبالفتح قَطَعْتُ قَطْعةً،
وقال الفراء: سمعت بعض العرب يقول غَلَبَني فلان على قُطْعةٍ من الأَرض،
يريد أَرضاً مَفْروزةً مثل القِطْعةِ، فإِن أَردت بها قِطْعةً من شيء
قُطِعَ منه قلت قِطْعةٍ. وكل شيء يُقْطَعُ منه، فهو مَقْطَع. والمَقْطَعُ:
موضع القَطْعِ. والمَقْطعُ: مصدر كالقَطْعِ. وقَطَّعْتُ الخمر بالماء إِذا
مَزَجْتَه، وقد تَقَطَّعَ فيه الماءُ؛ وقال ذو الرمة:
يُقَطِّعُ مَوْضُوعَ الحَدِيثِ ابْتِسامُها،
تَقَطُّعَ ماءِ المُزْنِ في نُزَفِ الخَمْر
موضوعُ الحديثِ: مَحْفُوظُه وهو أَن تخْلِطَه بالابْتِسام كما يُخْلَطُ
الماءُ بالخَمْرِ إِذا مُزِجَ. وأَقْقَعَ القومُ
(* قوله« القوم» بهامش
الأصل صوابه: القرم.) إِذا انْقَطَعَتْ مِياهُ السماء فرجَعوا إِلى أَعدادِ
المياهِ؛ قال أَبو وَجْزةَ:
تَزُورُ بيَ القومَ الحَوارِيّ، إِنهم
مَناهلُ أَعدادٌ، إِذا الناسُ أَقْطَعوا
وفي الحديث: كانت يهودُ قوماً لهم ثِمارٌ لا تُصِيبها قُطْعةٌ أَي عَطَشٌ
بانْقِطاعِ الماءِ عنها. ويقال: أَصابت الناسَ قُطْعةٌ أَي ذَهَبَتْ
مِياهُ رَكاياهُم. ويقال للقوم إِذا جَفَّتْ مِياهُهم قُطْعةٌ مُنْكَرةٌ.
وقد قَطَعَ ماءُ قَلِيبِكُم إِذا ذهَب أَو قلّ ماؤه. وقَطَعَ الماءُ
قُطُوعاً وأَقْطَعَ؛ عن ابن الأَعرابي: قلَّ وذهب فانْقَطَعَ، والاسم
القُطْعةُ. يقال: أَصابَ الناسَ قُطْعٌ وقُطْعةٌ إِذا انْقَطَعَ ماءُ بئرهم في
القيظ. وبئر مِقْطاعٌ: يَنْقَطِعُ ماؤها سريعاً. ويقال: قَطَعْتُ الحوْضَ
قَطْعاً إِذا مَلأْتَه إِلى نصْفِه أَو ثُلثه ثم قَطَعْتُ الماء؛ ومنه قول
ابن مقبل يذكر الإِبل:
قَطَعْنا لَهُنَّ الحوْضَ فابْتَلَّ شَطْرُه
بِشِرْبٍ غشاشٍ، وهْوَ ظَمْآنُ سائِرُهْ
أَي باقِيه. وأَقْطَعَت السماء بموضع كذا إِذا انْقَطعَ المطر هناك
وأَقْلَعَتْ. يقال: مَطَرَتِ السماءُ ببلد كذا وأَقْطَعَتْ ببلد كذا.
وقَطَعَتِ الطَّيْرُ قَطاعاً وقِطاعاً وقُطوعاً واقْطوطعَت: انْحَدَرَت من بلاد
البرد إِلى بلاد الحر. والطير تَقْطَعُ قُطُوعاً إِذا جاءت من بلد إِلى بلد
في وقت حر أَو برد،وهي قَواطِعُ. ابن السكيت: كان ذلك عند قَطاعِ الطير
وقَطاعِ الماءِ، وبعضهم يقول قُطُوعِ الطير وقُطوعِ الماء، وقَطاعُ الطير:
أَن يجيء من بلد إِلى بلد، وقَطاعُ الماء: أَن َينْقَطِعَ. أَبو زيد:
قطَعَتِ الغِرْبانُ إِلينا في الشتاء قُطُوعاً ورجعت في الصيف رُجُوعاً،
والطير التي تقيم ببلد شِتاءَها وصَيْفها هي الأَوابدُ، ويقال: جاءَت الطير
مُقْطَوْطِعاتٍ وقَواطِعَ بمعنى واحد. والقُطَيْعاءُ، ممدود مثال
الغُبَيْراءِ: التمر الشِّهْرِيزُ، وقال كراع: هو صِنْفٌ من التمر فلم يُحَلِّه؛
قال:
باتُوا يُعَشُّونَ القُطَيْعاءَ جارَهُمْ،
وعِنْدَهُمُ البَرْنيُّ في جُلَلٍ دُسْمِ
وفي حديث وفد عبد القيس: تَقْذِفُونَ فيه من القُطَيْعاءِ، قال: هو نوع
من التمر، وقيل: هو البُسْرُ قبل أَن يُدْرِكَ. ويقال: لأَقْطَعَنَّ
عُنُقَ دابتي أَي لأَبيعنها؛ وأَنشد لأَعرابي تزوج امرأَة وساق إِليها
مَهْرَها إِبلاً:
أَقُولُ، والعَيْساءُ تَمْشي والفُصُلْ
في جِلّةٍ منها عَرامِيسٌ عُطُلْ:
قَطَّعَتِ الأَحْراجُ أَعناقَ الإِبلْ
ابن الأَعرابي: الأَقْطَعُ الأَصم؛ قال وأَنشدني أَبو المكارم:
إِنَّ الأُحَيْمِرَ، حين أَرْجُو رِفْدَه
عُمُراً، لأَقْطَعُ سَيِّءُ الإِصْرانِ
قال: الإِصْرانُ جمع إِصْرٍ وهو الخِنَّابةُ، وهو شَمُّ الأَنْفِ.
والخِنَّابَتانِ: مَجْرَيا النفَسِ من المَنْخَرَيْنِ. والقُطْعَةُ في طَيِّءٍ
كالعَنْعَنة في تَميمٍ، وهو أَن يقول: يا أَبا الحَكا، يريد يا أَبا
الحَكَمِ، فيَقْطَعُ كلامه. ولبن قاطِعٌ أَي حامِضٌ.
وبنو قُطَيْعةَ: قبيلة حيٌّ من العرب، والنسبة إِليهم قُطَعِيٌّ. وبنو
قُطْعةَ: بطن أَيضاً. قال الأَزهري: في آخر هذه الترجمة: كلّ ما مر في هذا
الباب من هذه الأَلفاظ فالأَصل واحد والمعاني مُتَقارِبةٌ وإِن اختلفت
الأَلفاظ، وكلام العرب يأْخذ بعضه برقاب بعض، وهذا دليل على أَنه أَوسع
الأَلسنة.
قطن: القُطُون: الإِقامة. قَطَنَ بالمكان يَقْطُنُ قُطُوناً: أَقام به
وتَوَطَّنَ، فهو قاطنٌ؛ وقال العجاج:
ورَبِّ هذا البلدِ المُحَرَّمِ
والقَاطِــناتِ البَيْتَ غير الرُّيَّمِ،
قَواطِناً مكةَ من وُرْقِ الحَمِي
والقُطَّانُ: المقيمون. والقَطِينُ: جماعة القُطَّان، اسم للجمع، وكذلك
القَاطِــنَةُ، وقيل: القَطِينُ الساكن في الدار، والجمع قُطُنٌ؛ عن كراع.
والقَطِينُ: المقيمون في الموضع لا يكادون يَبْرَحُونه. والقَطِينُ:
السُّكَّان في الدار، ومُجاوِرُو مكة قُطَّانُها. وفي حديث الإِفاضة: نحن
قَطِينُ الله أَي سُكَّانُ حَرَمه. والقَطِينُ: جمع قاطن كالقُطَّان، وفي
الكلام مضاف محذوف تقديره: نحن قَطين بيت الله وحَرَمِه، قال: وقد يجيء
القَطِينُ بمعنى القاطِــنِ للمبالغة؛ ومنه حديث زيد بن حارثة:
فإِني قَطِينُ البيت عند المَشاعِر
وحَمامُ مكة يقال لها: قَواطِنُ مكة؛ قال رؤبة:
فلا وَرَبِّ القاطِــناتِ القُطَّنِ
والقَطِينُ: كالخَليط لفظ الواحد والجمع فيه سواء. والقَطِينُ: تبَّاع
المَلِك ومَماليكه. والقَطِينُ: أَهل الدار. والقَطِينُ: الخَدَمُ
والأتْباع والحَشَمُ؛ وفي التهذيب: الحَشَمُ الأَحْرَارُ. والقَطِينُ:
المَماليك. والقَطِينُ: الإِماءُ. والقاطِــنُ: المقيم بالمكان. والقَطِين: تُبَّعُ
الرجل ومَماليكه وخَدَمُه، وجمعها القُطَّان. قال ابن دريد: قَطِينُ
الرجل حَشَمُه وخَدَمه، قال: وإِذا قال الشاعر خَفّ القَطِينُ فهم القوم
القَاطِــنُون أَي المقيمون.
وروي عن سلمان أَنه قال: كنت رجلاً من المجوس فاجتهدت حتى كنتُ قَطِنَ
النار الذي يوقدها؛ قال شمر: قَطِنُ النار خازِنُها وخادِمُها ويجوز أَنه
كان مقيماً عليها، رواه بكسر الطاء. وقَطَنَ يَقْطُنُ إِذا خَدَم. قال
ابن الأَثير: أَراد أَنه كان لازماً لها لا يفارقها من قَطَنَ في المكان
إِذا لزمه، قال: ويروى بفتح الطاء، جمع قاطن كخَدَم وخادِمٍ، قال: ويجوز
أَن يكون بمعنى قاطِنٍ كفَرَطٍ وفارطٍ. وقَطَنُ الطائر: زِمِكَّاه وأَصلُ
ذنبه. وفي الحديث أَن آمنة لما حملت بالنبي، صلى الله عليه وسلم، قالت: ما
وَجَدْتُه في القَطَنه والثُّنَّةِ ولكني كنتُ أَجِدُه في كبدي؛
القَطَنُ: أَسفل الظهر، والثُّنَّة: أَسفل البطن. والقَطَن، بالتحريك: ما بين
الوركين إِلى عَجْبِ الذَّنَبِ؛ قال ابن بري: ومنه قوله:
مُعَوَّدٌ ضَرْبَ أَقْطانِ البَهازِير
والقَطَنُ: ما عَرُضَ من الثَّبَجهِ. وقال الليث: القَطَنُ الموضع
العريض بين الثَّبَج والعَجُز، والقَطِينة سَكَنُ الدار. ويقال: جاء القومُ
بِقَطِينهم؛ قال زهير:
رأَيتُ ذَوِي الحاجاتِ، حول بُيوتِهم،
قَطِيناً لهم، حتى إِذا أَنبتَ البَقْلُ
وقال جرير:
هذا ابنُ عَمِّي في دِمَشْقَ خَلِيفَةً،
لو شِئْتُ ساقَكُمُ إِليَّ قَطِينَا
والقَطِنَة والقِطْنَة، مثْلُِ المَعِدَةِ والمِعْدَة: مِثل الرُّمَّانة
تكون على كرش البعير، وهي ذاتُ الأَطبْاق، والعامة تسميها الرُّمَّانة،
وكسر الطاء فيها أَجود. التهذيب: والقَطِنَة هي ذات الأَطبْاق التي تكون
مع الكرش، وهي الفَحِثُ أَيضاً؛ الحَرَّاني عن ابن السكيت: هي القَطِنة
التي تكون مع الكرش، وهي ذات الأَطباق، وهي النَّقِمْة
(* قوله «وهي
النقمة إلخ» هذه العبارة كالتي قبلها نظم عبارة التهذيب بالحرف واتى بهذه
النظائر للقطنة في الوزن فقط لا في المعنى كما هو ظاهر أي أن هذه سمع فيها
أنها بكسر فسكون أو بفتح فكسر). والمَعْدة والكَلِْمة والسَِّفِْلة
والوَسِْمة التي يختضب بها؛ قال أَبو العباس: هي القَِطِْنة وهي الرُّمانة في
جوف البقرة؛ وفي حديث سطيح:
حتى أَتى عارِي الجَآجي والقَطَنْ
وقيل: الصواب قَطِنٌ، بكسر الطاء، جمع قطِنة وهي ما بين الفخذين.
والقَطِنة: اللحمة بين الوركين. والقُطْنُ والقُطُنُ والقُطُنُّ: معروف، واحدته
قُطْنةٌ وقُطُنة وقُطُنَّة، وقد يضعف في الشعر
(* قوله «وقد يضعف في
الشعر قال قارب إلخ» هكذا نظم عبارة التهذيب بحذف الجملة المعترضة بينهما
ونقلها المؤلف من الصحاح ووسطها في كلام التهذيب فصار غير منسجم، ولو قال
والقطن والقطن مثل عسر وعسر والقطن إلخ وقد يضعف في الشعر قال قارب إلخ
لانسجمت العبارة مع الاختصار، وكثيراً ما يقع له ذلك فيظن ان في الكلام
سقطاً وليس كذلك). قال: يقال قُطْنٌ وقُطُنٌ مثل عُسْر وعُسُر؛ قال قارب بن
سالم المُرِّي، ويقال دَهلب بن قُرَيع:
كأَنَّ مَجْرى دَمْعِها المُسْتَنِّ
قُطُنَّةٌ من أَجْوَد القُطْنُنِّ
ورواه بعضهم: من أَجود القُطُنِّ؛ قال: شدِّد للضرورة ولا يجوز مثله في
الكلام. وقال أَبو حنيفة: القُطْنُ يَعْظُم عندهم شجرة حتى يكون مثل شجر
المِشْمِش، ويبقى عشرين سنة، وأَجودُه الحديثُ؛ وقول لبيد:
شاقَتْكَ ظُعْنُ الحيِّ، يوم تحَمَّلوا،
فتَكنَّسوا قُطُناً تَصِرُّ خِيامُها
أَراد به ثياب القُطْن. والمَقْطَنة: التي تزرع فيها الأَقطان. وقد
عَطَّبَ الكرمُ وقَطَّنَ الكرمُ تَقْطيناً: بَدَتْ زَمَعاته. وبزْرُ قَطُونا:
حَبَّة يُسْتَشْقَى بها، والمدُّ فيها أَكثر؛ التهذيب: وحَبَّة يستشفى
بها يسميها أَهل العراق بزْرَ قَطُونا؛ قال الأَزهري: وسأَلت عنها
البَحْرانيين فقالوا: نحن نسميها حَبَّ الذُّرَقة، وهي الأَسْفِيوس، معرب.
وبزْرُ قَطوناء. على وزن جَلولاء وحَرُوراء ودَبوقاء وكَشُوثاء. والقِطانُ:
شِجار الهودج، وجمعه قُطُنٌ؛ وأَنشد بيت لبيد:
فتكنسوا قطناً تصر خيامها
وقَطْني من كذا أَي حسبي؛ وقال بعضهم: إِنما هو قَطِي، ودخلت النون على
حال دخولها في قَدْني، وقد تقدم. ابن السكيت: القَطْنُ في معنى حَسْبُ.
يقال: قَطْني كذا وكذا؛ وأَنشد:
امْتَلأَ الحوضُ وقال: قَطْني،
سعلاًّ رُوَيداً، قد مَلأْتَ بَطْني
قال ابن الأَنباري: من العرب من يقول قَطْنَ عبدَ الله درهمٌ، وقَطْنَ
عبدِ الله درهمٌ، فيزيد نوناً على قَطْ وينصب بها ويخفض ويضيف إِلى نفسه
فيقول قَطْني، قال: ولم يحك ذلك في قد، والقياس فيهما واحد؛ قال: وقولهم
لا تقل إِلا كذا وكذا قَطْ؛ معناه حَسْبُ، فطاؤُها ساكنة لأَنها بمنزلة
بل وهل وأَجَلْ، وكذلك قد يقال قد عبدَ الله درهمٌ، ومعنى قَطْ عبدَ الله
درهمٌ أَي يكفي عبدَ الله درهم.
والقِطْنِيَة، بالكسر؛ حكاه ابن قتيبة بالتخفيف وأَبو حنيفة بالتشديد:
واحدة القَطانيّ، وهي الحبوب التي تُدَّخَرُ
كالحِمَّص والعَدَس والباقِلَّى والتُّرْمُس والدُّخْن والأُرْز
والجُلْبان. التهذيب: القِطْنِيَّة الثياب، والقِطْنيَّة الحبوب التي تخرج من
الأَرض، ويقال لها قُطْنيَّة مثل لُجِّيٍّ ولِجِّيّ، قال: وإِنما سميت
الحبوب قُِطْنيَّة لأَن مخارجها من الأَرض مثل مخارج الثياب القُِطْنيَّة،
ويقال: لأَنها تزرع كلها في الصيف وتُدْرِك في آخر وقت الحر، وقال أَبو
معاذ: القَطانِيُّ الخِلَفُ وخُضَر الصيف. شمر: القُطْنِيَّة ما كان سوى
الحنطة والشعير والزبيب والتمر، وقال غيره: القِطْنِيَّةُ اسم جامع لهذه
الحبوب التي تطبخ؛ قال الأَزهري: هي مثل العَدس والخُلَّر، وهو الماشُ،
والفول والدُّجْر، وهو اللوبياء، والحِمَّص وما شاكلها مما يُقْتات، سماها
الشافعي كلها قُِطْنيَّة فيما روى عنه الربيع، وهو قول مالك بن أَنس. وفي
حديث عمر، رضي الله عنه: أَنه كان يأْخذ من القِطنيَّة العُشْرَ؛ هي
بالكسر والتشديد واحدة القَطاني كالعدس والحمص واللوبياء.
والقَيْطونُ: المُخْدَع، أَعجمي، وقيل: بلغة أَهل مصر وبَرْبَر. قال ابن
بري: القَيْطون بيت في بيت؛ قال عبد الرحمن بن حسان:
قُبَّة من مَراجِلٍ ضَرَبَتْها،
عند بَرْدِ الشتاءِ، في قَيْطونِ
وقَطَنٌ: اسم رجل. وقَطَنُ بن نَهْشَل: معروف. وقَطَنٌ: جبل بنجد في
بلاد بني أَسد، وفي الصحاح: جبل لبني أَسد. وقُطَانُ: جبل
(* قوله «وقطان
جبل إلخ» كذا بالأصل والمحكم مضبوطاً، والذي في ياقوت: قطان ككتاب جبل) ؛
قال النابغة:
غَيرَ أَن الحُدوجَ يرْفَعْنَ غِزْلا
نَ قُطانٍ على ظُهورِ الجِمالِ
واليَقْطِين: كل شجر لا يقوم على ساق نحو الدُّبَّاء والقَرْع والبطيخ
والحنظل. ويَقْطِينُ: اسم رجل منه. واليَقْطِينة: القَرْعة الرَّطبة.
التهذيب: اليَقطين شجر القرْع. قال الله عز وجل: وأَنبَتْنا عليه شجرةً من
يَقْطِين؛ قال الفراء: قيل عند ابن عباس هو ورق القرْع، فقال: وما جعَلَ
القَرْعَ من بين الشجر يَقْطِيناً، كل ورقة اتسعتْ وسترتْ فهي يَقْطينٌ.
قال الفراء: وقال مجاهد كل شيء ذهب بَسْطاً في الأَرض يَقْطينٌ، ونحو ذلك
قال الكلبي، قال: ومنه القَرْع والبطيخ والقِثَّاء والشِّرْيان، وقال سعيد
بن جبير: كل شيء ينبت ثم يموت من عامه فهو يَقْطِينٌ.
وقُطْنةُ: لقب رجل، وهو ثابتُ قُطْنةَ العَتَكيّ، والأَسماء المعارف
تضاف إِلى أَلقابها، وتكون الأَلقاب معارف وتتعرَّف بها الأَسماء كما قيل
قيس قُفَّةَ وزيد بَطَّةَ وسَعيد كُرْز؛ قال ابن بري: قال أَبو القاسم
الزجاجي قال ابن دريد سمعت أَبا حاتم يقول أُصِيبتْ عَينُ ثابتِ قُطْنةَ
بخُراسان فكان يحشوها قُطْناً، فسمي ثابتَ قُطْنة؛ وفيه يقول حاجب
الفيل:لا يَعْرفُ الناسُ منه غيرَ قُطْنَتِه،
وما سواها من الإِنسان مَجْهولُ
حطم: الحَطْمُ: الكسر في أي وجه كان، وقيل: هو كسر الشيء اليابس خاصَّةً
كالعَظْم ونحوه. حَطَمهُ يَحْطِمُهُ حَطْماً أي كسره، وحَطَّمَهُ
فانْحَطَم وتَحَطَّم. والحطْمَةُ والحُطامُ: ما تَحَطَّمَ من ذلك. الأَزهري:
الحُطامُ ما تَكّسّرَ من اليَبيس، والتَّحْطيمُ التكسير. وصَعْدَةٌ حِطَمٌ
كما قالوا كِسَرٌ كأَنهم جعلوا كل قطعة منها حِطْمةً؛ قال ساعدة بن
جُؤَيَّةَ:
ماذا هُنالِكَ من أسْوانَ مُكْتَئِبٍ،
وساهِفٍ ثَمِلٍ في صَعْدَةٍ حِطَمِ
وحُطامُ البَيْضِ: قِشره؛ قال الطرماح:
كأَنَّ حُطامَ قَيْضِ الصَّيْفِ فيه
فَراشُ صَميمِ أَقْحافِ الشُّؤُونِ
والحَطيمُ: ما بقي من نبات عامِ أَوَّلَ ليُبْسِهِ وتَحَطُّمِهِ؛ عن
اللحياني. الأَزهري عن الأصمعي: إذا تَكَسَّرَ يَبيسُ البَقْل فهو
حُطامٌ.والحَطْمَةُ والحُطْمَةُ والحاطوم: السنة الشديدة لأنها تَحْطِمُ كل
شيء، وقيل: لا تسمى حاطوماً إلا في الجَدْب المتوالي. وأصابتهم حَطْمَةٌ أي
سنة وجَدْبٌ: قال ذو الخِرَقِ الطُّهَوِيّ:
من حَطْمَةٍ أقْبَلَتْ حَتَّتْ لنا وَرَقاً
نُمارِسُ العُودَ، حتى يَنْبُت الوَرَقُ
وفي حديث جعفر: كنا نخرج سنة الحُطْمةِ؛ هي الشديدة الجَدْبِ. الجوهري:
وحَطْمَةُ السيل مثل طَحْمَتِه، وهي دُفعَتُهُ.
والحَطِمُ: المتكسر في نفسه. ويقال للفرس إذا تَهَدَّمَ لطول عمره:
حَطِمٌ. الأَزهري: فرس حَطِمٌ إذا هُزِلَ وأَسَنَّ
(* قوله «وأسن» كذا في
الأصل بالواو وفي التهذيب أو) فضعف.
الجوهري: ويقال حَطِمَتِ الدابةُ، بالكسر ، أي أَسَنَّتْ، وحَطَمَتْهُ
السِّنُّ، بالفتح، حَطْماً.
ويقال: فلان حَطَمَتْهُ السِّنُّ إذا أَسَنَّ وضعف. وفي حديث عائشة، رضي
الله عنها، أنها قالت: بعدما حَطَمْتُموه، تعني النبي، صلى الله عليه
وسلم. يقال: حَطَمَ فلاناً أَهلُه إذا كَبِرَ فيهم كأَنهم بما حَمَّلُوه من
أَثقالهم صَيَّروه شيخاً مَحْطوماً.
وحُطامُ الدنيا: كلُّ ما فيها من مال يَفْنى ولا يبقى.
ويقال للهاضومِ: حاطُومٌ. وحَطْمَةُ الأَسَد في المال: عَبْثُه
وفَرْسُهُ لأنه يَحْطِمُه. وأَسد حَطُومٌ: يَحْطِمُ كلَّ شيء يَدُقُّه، وكذلك ريح
حَطُومٌ. ولا تَحْطِمْ علينا المَرْتَعَ أي لا تَرْعَ عندنا فتفسد علينا
المَرْعى.
ورجل حُطَمَةٌ: كثير الأكل. وإبل حُطَمَةٌ وغنم حُطَمَةٌ: كثيرة
تَحْطِمُ الأرض بخِفافِها وأَظْلافِها وتَحْطِمُ شجرها وبَقْلَها فتأْكله، ويقال
للعَكَرةِ من الإبل حُطَمَةٌ لأَنها تَحْطِمُ كل شيء؛ وقال الأزهري:
لِحَطْمِها الكَلأَ، وكذلك الغنم إذا كثرت. ونار حُطَمَةٌ: شديدة. وفي
التنزيل: كَلاَّ ليُنْبَذَنَّ في الحُطَمَةِ؛ الحُطَمَة: اسم من أَسماء النار،
نعوذ بالله منها، لأنها تَحْطِمُ ما تَلْقى، وقيل: الحُطَمَةُ باب من
أَبواب جهنم، وكلُّ ذلك من الحَطْمِ الذي هو الكسر والدق. وفي الحديث: أن
هَرِمَ بن حَيَّان غضب على رجل فجعل يَتَحَطَّمُ عليه غَيْضاً أي
يَتَلَظَّى ويتوقَّد؛ مأْخوذاً من الحُطَمَة وهي النار التي تَحْطِمُ كل شيء
وتجعله حُطاماً أي مُتَحَطِّماً متكسراً. ورجل حُطَمٌ وحُطُمٌ: لا يشبع لأنه
يَحْطِمُ كل شيء؛ قال:
قد لَفَّها الليلُ بسَوَّاقٍ حُطَمْ
ورجل حُطَمٌ وحُطَمَةٌ إذا كان قليل الرحمة للماشية يَهْشِمُ بعضها
ببعض. وفي المَثَلِ: شَرُّ الرِّعاءِ الحُطَمَةُ
(* قوله «وفي المثل شر
الرعاء الحطمة» كونه مثلاً لا ينافي كونه حديثاً وكم من الاحاديث الصحيحة عدت
في الأمثال النبوية، قاله ابن الطيب محشي القاموس راداً به عليه وأقره
الشارح)؛ ابن الأثير: هو العنيفُ برعاية الإبل في السَّوْق والإيراد
والإصْدارِ، ويُلْقي بعضها على بعض ويَعْسِفُها، ضَرَبَهُ مَثَلاً لِوالي
السُّوءِ، ويقال أَيضاً حُطَمٌ، بلا هاء. ومنه حديث عليّ، رضي الله عنه: كانت
قريش إذا رأَتْهُ في حَرْب قالت: احْذَرُوا الحُطَمَ، احذروا القُطَمَ
ومنه قول الحجاج في خطبته:
قد لَفّها الليلُ بسَوّاق حُطَم
أي عَسُوف عنيفٍ. والحُطَمَةُ: من أَبنية المبالغة وهو الذي يَكْثُرُ
منه الحَطْمُ، ومنه سميت النار الحُطَمَةَ لأنها تَحْطِمُ كل شيء؛ ومنه
الحديث: رأَيت جهنم يَحْطِمُ بعضها بعضاً. الأَزهري: الحُطَمةُ هو الراعي
الذي لا يُمَكِّنُ رَعِيَّتَهُ من المراتع الخَصيبة ويقبضها ولا يَدَعُها
تنتشر في المَرْعى، وحُطَمٌ إذا كان عنيفاً كأنه يَحْطِمُها أي يكسرها إذا
ساقها أو أسامها يَعْنُفُ بها؛ وقال ابن بري في قوله:
قد لَفَّها الليلُ بسَوَّاق حُطَمْ
هو للحُطَمِ القَيْسِيّ، ويروى لأبي زُغْبَة الخَزْرَجيّ يوم أُحُدٍ؛
وفيها:
أنا أَبو زُغُبَةَ أَعْدو بالهَزَمْ،
لن تُمْنَعَ المَخْزاةُ إلاَّ بالأَلَمْ
يَحْمِي الذِّمار خَزْرَجِيٌّ من جُشَمْ،
قد لَفَّها الليلُ بسَوَّاقٍ حُطَمْ
الهَزَمُ: من الاهتزام وهو شدة الصوت، ويجوز أن يريد الهَزِيمة. وقوله
بسواق حطم أي رجل شديد السوق لها يَحْطِمُها لشدة سوقه، وهذا مثل، ولم يرد
إبلاً يسوقها وإنما يريد أنه داهية متصرف؛ قال: ويروى البيت لرُشَيْد بن
رُمَيْضٍ العَنَزِيِّ من أَبيات:
باتوا نِياماً، وابنُ هِنْدٍ لم يَنَمْ
بات يقاسيها غلام كالزَّلَمْ،
خَدَلَّجُ السَّاقَيْنِ خَفَّاقُ القَدَمْ،
ليْسَ بِراعي إبِلٍ ولا غَنَمْ،
ولا بِجَزَّار على ظهر وَضَمْ
ابن سيده: وانْحَطَمَ الناسُ عليه تزاحموا؛ ومنه حديث سَوْدَةَ: إنها
استأْذَنَتْ أن تدفع من مِنىً قبل حَطْمةِ الناس أي قبل أن يزدحموا
ويَحْطِمَ بعضهم بعضاً. وفي حديث توبة كعب بن مالك: إذَنْ يَحْطِمُكم الناسُ أي
يدوسونكم ويزدحمون عليكم، ومنه سمي حَطيمُ مكة، وهو ما بين الركن والباب،
وقيل: هو الحِجْر المُخْرَجُ منها، سمي به لأن البيت رُفِع وترك هو
مَحْطوماً، وقيل: لأن العرب كانت تطرح فيه ما طافت به من الثياب، فبقي حتى
حُطِمَ بطول الزمان، فيكون فَعيلاً بمعنى فاعل. وفي حديث الفتح: قال
للعبَّاس احبس أَبا سُفْيانَ عند حَطْمِ الجَبَل؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاءت
في كتاب أبي موسى، وقال: حَطْمُ الجَبَل الموضع الذي حُطِمَ منه أي ثُلِمَ
فَبقي منقطعاً، قال: ويحتمل أن يريد عند مَضِيقِ الجَبَل حيث يَزْحَمُ
بعضهم بعضاً، قال: ورواه أَبو نصر الحميديّ في كتابه بالخاء المعجمة،
وفسرها في غريبه فقال:
الخَطْمُ والخَطْمَةُ أنف الجبل
(* قوله «والخطمة أنف الجبل» مضبوطة في
نسخة النهاية بالفتح، وفي نسخة الصحاح مضبوطة بالضم) النادر منه، قال:
والذي جاء في كتاب البخاري عند حَطْمِ الخَيْلِ، هكذا مضبوطاً، قال: فإن
صَحَّتِ الرِّوايةُ ولم يكن تحريفاً من الكَتَبَةِ فيكون معناه، والله
أعلم، أنه يحبسه في الموضع المتضايق الذي تَتَحَطَّمُ فيه الخَيْلُ أي يدوس
بعضها بعضاً فَيَزْحَمُ بعضُها بعضاً فيراها جميعها وتكثر في عينه بمرورها
في ذلك الموضع الضيق، وكذلك أَراد بحبسه عند خَطْمِ الجبل، على شرحه
الحميديّ، فإن الأَنف النادر من الجبل يُضَيِّقُ الموضع الذي يخرج منه.
وقال ابن عباس: الحَطِيمُ الجِدار بمعنى جدار الكعبة. ابن سيده:
الحَطِيمُ حِجْرُ مكة مما يلي المِيزاب، سُمِّيَ بذلك لانْحِطام الناس عليه،
وقيل: لأنهم كانوا يحلفون عنده في الجاهلية فيَحْطِمُ الكاذِبَ، وهو ضعيف.
الأزهري: الحَطِيمُ الذي فيه المِرْزابُ، وإنما سُمي حَطيماً لأن البيت
رفع وترك ذلك مَحْطوماً.
وحَطِمَتْ حَطَماً: هَزِلَتْ. وماء حاطُومٌ: مُمْرِئٌ.
والحُطَمِيَّةُ: دروع تنسب إلى رجل كان يعملها، وكان لعليّ، رضي الله
عنه، درع يقال لها الحُطَمِيَّةُ. وفي حديث زواج فاطمة، رضي الله عنها:
أَنه قال لعليّ أَيْنَ دِرْعُكَ الحُطَمِيَّةُ؟ هي التي تَحْطِمُ السيوف أي
تكسرها، وقيل: هي العريضة الثقيلة، وقيل: هي منسوبة إلى بطْنٍ من عبد
القيس يقال لهم حُطَمَةُ بنُ محاربٍ كانوا يعملون الدروع، قال: وهذا أَشبه
الأَقوال.
ابن سيده: وبنو حَطَْمَةَ بطنٌ.
عشن: عَشَنَ واعْتَشَنَ: قال برأْيه، وفي التهذيب: أَعْشَنَ واعْتَشَنَ؛
عن الفراء. وقال ابن الأَعرابي: العاشِنُ المُخمِّنُ، والعُشانة
الكَرَبَةُ، عُمانية، وحكاها كراع بالغين معجمة، ونسبها إلى اليمن. والعُشانةُ:
ما يبقى في أُصول السعف من التمر. وتعَشَّنَ النخلةَ: أَخذَ عُشانتَها.
يقال: تعَشَّنْتُ النخلة واعْتَشَنْتُها إذا تتبَّعْتَ كُرابتَها فأَخذته.
والعُشانة: الــلُّقاطــة من التمر. قال أَبو زيد: يقال لما بقي في
الكِباسَة من الرُّطَبِ إذا لُقِطت النخلة العُشانُ والعُشانةُ، والغُشانُ
والبُذَارُ مثله، والعُشانة: أَصلُ السَّعَفة، وبها كُنِّيَ أَبو
عُشانة.
دجل: الدُّجَيْل والدُّجالة؛ القَطِران. والدَّجْل: شدّة طَلْي الجَرْب
بالقَطِران. ودَجَل البعيرَ: طَلاه به، وقيل: عَمَّ جسمَه بالهِناء،
وإِذا هُنِئَ جسد البعير أَجمع فذلك التَّدجيل، فإِذا جعلته في المشاعر فذلك
الدَّسُّ. والبعير المُدَجَّل: المَهْنوءُ بالقَطِران؛ وأَنشد، ابن بري
لذي الرمة:
وشَوهاء تَعْدو بي إِلى صارخ الوغى،
بمُسْتَلْئمٍ مثل البعير المُدَجَّل
قال: والدَّجْلة التي يُعَسِّل
(* قوله «والدجلة التي يعسل إلخ» ذكرها صاحب القاموس في ترجمة دخل
بالخاء المعجمة).
فيها النَّحْل الوحشي. ودَجَل الشيءَ غَطَّاه.
ودِجْلة: اسم نهر، من ذلك لأَنها غَطَّت الأَرض بمائها حين فاضت، وحكى
اللحياني في دِجْلة دَجْلة، بالفتح؛ غيره: دِجْلة اسمٌ معرفة لنهر العراق،
وفي الصحاح: دِجْلة نهر بغداد، قال ثعلب: تقول عبرت دِجْلة، بغير أَلف
ولام. ودُجَيل: نهر صغير متشعب من دِجْلة.
ودَجَل الرجلُ وسَرَج، وهو دَجَّال: كَذَب، وهو من ذلك لأَن الكذب
تغطية، وبينهم دَوْجَلة وهَوْجَلة ودَوْجَرة وسَرْوَجة: وهو كلام يُتَناقل
وناس مختلفون. والدَّاجِل: المُمَوِّه الكَذَّاب، وبه سمي الدَّجَّال.
والدَّجَّال: هو المسيح الكذاب، وإِنما دَجْلُه سِحْره وكَذِبُه. ابن سيده:
المسيح الدَّجَّال رجل من يَهُود يخرج في آخر هذه الأُمة، سمي بذلك لأَنه
يَدْجُل الحَقَّ بالباطل، وقيل: بل لأَنه يُغَطِّي الأَرض بكثرة جموعه،
وقيل: لأَنه يُغَطِّي على الناس بكفره، وقيل: لأَنه يدَّعي الربوبية، سمي
بذلك لكذبه، وكل هذه المعاني متقارِب؛ قال ابن خالويه: ليس أَحد فَسَّر
الدَّجَّال أَحسن من تفسير أَبي عمرو قال: الدَّجَّال المُمَوِّه، يقال:
دَجَلْت السيفَ مَوَّهته وطَلَيته بماء الذهب، قال: وليس أَحد جَمَعه إِلا
مالك بن أَنَس في قوله هؤلاء الدَّجاجِلة؛ ورأَيت هنا حاشية قال: صوابه
أَن يقول لم يجمعه على دجاجلة إِلا مالك بن أَنس، إِذ قد جمعه النبي، صلى
الله عليه وسلم، في حديثه الصحيح فقال: يكون في آخر الزمان دَجَّالون أَي
كَذَّابون مُمَوَّهون، وقال: إن بين يَدَي الساعة دَجَّالين كَذَّابين
فاحذروهم. وقد تكرر ذكر الدجال في الحديث، وهو الذي يظهر في آخر الزمان
يََدَّعي الإِلهيَّة؛ وفَعَّال من أَبنية المبالغة أَي يكثر منه الكذب
والتلبيس. الأَزهري: كل كَذَّاب فهو دَجَّال، وجمعه دَجَّالون، وقيل: سُمِّي
بذلك لأَنه يستر الحق بكذبه. والدَّجَّال والدَّجَّالة: الرُّفقة
العظيمة. ورُفْقة دَجَّالة: عظيمة تُغَطِّي الأَرض بكثرة أَهلها، وقيل: هي
الرُّفْقة تحمل المتاع للتجارة؛ وأَنشد:
دَجَّالة من أَعظم الرِّفاق
وكُلُّ شيء مَوَّهْته بماءٍ ذهبٍ وغيره فقد دَجَّلته. والدَّجَّال:
الذهب، وقيل: ماء الذهب؛ حكاه كراع وأَنشد:
ووَقْع صفائح مَخْشوبةٍ
عليها يد الدهر دَجَّالها
وهو اسم كالقَذَّاف والجَبَّان؛ وقال النابغة الجعدي:
ثم نَزَلْنا وكَسَّرْنا الرِّماحَ، وجَرْ
رَدْنا صَفِيحاً كَسَتْه الرُّومُ دَجَّالا
ودَجَّل الشيءَ بالذَّهَب. التهذيب: يقال لماء الذهب دَجَّال وبه شُبِّه
الدَّجَّال لأَنه يُظْهِر خلاف ما يُضْمِر؛ قال أَبو العباس: سمي
الدَّجَّال دَجَّالاً لضربه في الأَرض وقطعه أَكثر نواحيها، ويقال: قد دَجَل
الرجلُ إِذا فعل ذلك. قال: وقال مرة أُخرى سُمِّي دَجَّالاً لتمويهه على
الناس وتلبيسه وتزيينه الباطل، يقال: قد دَجَل إِذا مَوَّه ولَبَّس، وفي
الحديث: أَن أَبا بكر، رضي الله عنه، خَطَب فاطمةَ، رضي الله عنها، إِلى
سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال: إِني وَعَدْتُها لِعَلِيٍّ
ولستُ بدَجَّال، أَي بخَدَّاع، ولا مُلَبِّس عليك أَمرَك. وأَصل الدَّجْلِ:
الخَلْطُ؛ يقال: دَجَل إِذا لَبَّس ومَوَّه. ودَجَل الرجلُ المرأَةَ
ودَجاها إِذا جامعها، وهو الدَّجْلُ والدَّجْوُ، والله أَعلم.