Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: لزم

كلف

(ك ل ف) : (كَلِفَ) وَجْهُهُ كَلَفًا عَلَتْهُ حُمْرَةٌ كَدِرَةٌ وَهُوَ أَكْلَفُ (وَمِنْهُ) كَلِفَ بِالْمَرْأَةِ كَلَفًا اشْتَدَّ حُبُّهُ لَهَا وَأَصْلُهُ لُزُومُ الْكَلَفِ الْوَجْهَ وَهُوَ كَلِفٌ بِهَا (وَمِنْهُ) حَدِيثُ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَلِفٌ بِأَقَارِبِهِ.
(كلف) - في حديث عُمَر- رضي الله عنه -: "عُثمانُ كَلِفٌ بأَقارِبه".
: أي شديدُ الحُبِّ لهم.
والكَلَفُ: الإيلاعُ بالشىءِ مع شُغْلِ قَلْبِ ومَشَقّةٍ؛ مِن كَلِف بمعنى: تَكلّف ضُمّنَ معنى أولعَ. ويُعدَّىَ بالباء؛ ومنه الكَلَف في الوَجْه لِلزُومه، وتَعذُّر ذهابِه.
- ومنه حديثُ أُمِّ دعْدٍ: "إنّي امْرَأَةٌ كَلِفَةٌ فما يَنفَعُنِى " 
كلف
كَلِفَ وَجْهُه كَلَفاً، وبَعِيرٌ أكْلَفُ، وبه كُلْفَةٌ: أي سَوَادٌ خَفِيٌ في خَدَّيْه.
والكُلْفَةُ في ألْوَانِ الإبل: أنْ يكونَ الجَمَلُ شَدِيدَ الحُمْرَةِ يُخالِطُ حُمْرَتَه سَوَادٌ وليس بخالص، والأُنثى كَلْفَاءُ.
والكَلَفُ: الإِيْلاَعُ بالشَّيْءِ، كَلِفَ بهذا الأمْرِ فهو كَلِفٌ مُكَلَّفٌ.
والكُلْفَةُ: ما يُتَكلَفُ من أمْرٍ في نائبَةٍ أو حَقّ، والجميع الكُلَفُ.
والمُكَلّفُ: الوَقّاعُ فيما لا يَعْنِيه.
وكَلِفْتُ لفُلانٍ كَلُوْفاً: أي أمْراً شاقّاً.
وذُوْ كُلاَفٍ: مَوْضعٌ، ويُقال: وادٍ.
ك ل ف

بوجهه كلفٌ، وقد كلف وجهه. وبعير أكلف: بين الكلفة وهي حمرة يخالطها سواد. وكلف الأمر وكلف به إذا تكلّفه. وكلف بالمرأة كلفاً شديداً. وليس عليه كلفة في هذا أي مشقّة، وهو يحتمل الكلف، وتقول: من لم يصبر على الكلف، لم يصل إلى الزلف. وكلّفه الأمر فتكلفه، وهو في تكاليف. قال زهير:

سئمت تكاليف الحياة ومن يعش ... ثمانين حولاً لا أبا لك يسأم وهو متكلّف: وقّاع فيما لا يعنيه عرّيض للفضول.
ك ل ف: (الْكَلَفُ) شَيْءٌ يَعْلُو الْوَجْهَ كَالسِّمْسِمِ. وَ (الْكَلَفُ) أَيْضًا لَوْنٌ بَيْنَ السَّوَادِ وَالْحُمْرَةِ وَهِيَ حُمْرَةٌ كَدِرَةٌ تَعْلُو الْوَجْهَ، وَالِاسْمُ (الْكُلْفَةُ) وَالرَّجُلُ (أَكْلَفُ) . وَ (كَلِفَ) بِكَذَا أَيْ أُولِعَ بِهِ وَبَابُهُ طَرِبَ. وَ (كَلَّفَهُ تَكْلِيفًا) أَمَرَهُ بِمَا يَشُقُّ عَلَيْهِ. وَ (تَكَلَّفَ) الشَّيْءَ تَجَشَّمَهُ. وَ (الْكُلْفَةُ) مَا يَتَكَلَّفَهُ الْإِنْسَانُ مِنْ نَائِبَةٍ أَوْ حَقٍّ. وَ (الْمُتَكَلِّفُ) الْعِرِّيضُ لِمَا لَا يَعْنِيهِ. 
[كلف] الكلف: شئ يعلو الوجه كالسمسم. والكَلَفُ: لونٌ بين السواد والحُمرة، وهي حُمرةٌ كدرةٌ تعلو الوجه. والاسمُ الكُلْفَةُ، والرجلُ أكْلَفُ. ويقال: كُمَيْتٌ أكْلَفُ، للذي كَلِفَتْ حمرته فلم تصف ويرى في أطراف شعره سوادٌ إلى الاحتراق ما هو. وقال الأصمعيّ: إذا كان البعير شديد الحُمرة يخلط حمرته سوادٌ ليس بخالص فتلك الكلفة، والبعير أكلف والنقة كلفاء. ويقال كَلِفْتُ بهذا الأمر، أي أولعت به. وكلفه تكليفا، أي أمره بما يشقُّ عليه. وتَكَلَّفْتُ الشئ: تجشمته. والكلفة: ما تتكلفه من نائبةٍ أو حقّ. والمُتَكَلِّفُ: العِرِّيضُ لما لا يعنيه. ويقال: حملت الشئ تكلفة، إذا لم تطقه إلا تكلفا، وهو تفعلة.
ك ل ف : كَلِفْتُ بِهِ كَلَفًا فَأَنَا كَلِفٌ مِنْ بَابِ تَعِبَ أَحْبَبْتُهُ وَأُولِعْتُ بِهِ وَالِاسْمُ الْكَلَافَةُ بِالْفَتْحِ وَكَلِفَ الْوَجْهُ كَلَفًا أَيْضًا تَغَيَّرَتْ بَشَرَتُهُ بِلَوْنٍ عَلَاهُ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ وَيُقَالُ لِلْبَهَقِ كَلَفٌ وَخَدٌّ أَكْلَفُ أَيْ أَسْفَعُ وَالْكُلْفَةُ مَا تُكَلَّفُهُ عَلَى مَشَقَّةٍ وَالْجَمْعُ كُلَفٌ مِثْلُ غُرْفَةٍ وَغُرَفٍ وَالتَّكَالِيفُ الْمَشَاقُّ أَيْضًا الْوَاحِدَةُ تَكْلِفَةٌ وَكَلِفْتُ الْأَمْرَ مِنْ بَابِ تَعِبَ حَمَلْتُهُ عَلَى مَشَقَّةٍ
وَيَتَعَدَّى إلَى مَفْعُولٍ ثَانٍ بِالتَّضْعِيفِ فَيُقَالُ كَلَّفْتُهُ الْأَمْرَ فَتَكَلَّفَهُ مِثْلُ حَمَّلْتُهُ فَتَحَمَّلَهُ وَزْنًا وَمَعْنًى عَلَى مَشَقَّةٍ أَيْضًا. 

كلف


كَلِفَ(n. ac. كَلَف)
a. [Bi], Took pains, trouble about.
b. [Bi], Fell, was in love with.
c. Was tawny (face).

كَلَّفَa. Imposed upon (task).
b. [ coll. ], Cost.
أَكْلَفَ
a. [acc. & Bi], Induced to take trouble about, to take interest
in, inspired with enthusiasm for.
تَكَلَّفَa. Undertook a difficult task; took trouble.
b. Pretended, feigned.

كَلْفa. Reddish-brown.

كُلْفَةa. see 1b. (pl.
كَلَف), Pain, trouble, care.
c. [ coll. ]
see 4 (c)
كَلَفa. see 1b. Freckles (face).
c. (pl.
أَكْلَاْف) [ coll. ], Cost, expense.

أَكْلَفُ
(pl.
كُلْف)
a. Brown; tawny.

كَلُوْفa. Task, hard work.

كَلْفَآءُ
a. [art.], Wine.
N. Ac.
كَلَّفَa. Task, labour.
b. (pl.
تَكَاْلِيْف) [ coll. ], Ceremony; studied
politeness.
N. Ag.
تَكَلَّفَa. Meddlesome person, busy-body.

إِكْلَأَفَّ [إِكْلَاْفَّ]
a. Became of a ruddy hue (wine).

تَكْلِفَة (pl.
تَكَاْلِيْف)
a. ;
see N. Ac.
II (a)
بِلَا تَكْلِيْف
a. [ coll. ], Unceremoniously.

كَلِّفْ خَاطِرَك
a. Please to, oblige by.
[كلف] نه: فيه: "اكلفوا" من العمل ما تطيقون، من كلفت بالأمر- إذا أولعت به وأحببته. ومنه ح: أراك "كلفت" بعلم القرآن، وكلفته- إذا تحملته، وكلفه الشيء- إذا أمره بما يشق عليه، وتكلفت الشيء: تجشمته على مشقة وعلى خلاف عادتك، والمتكلف: المتعرض لما لا يعنيه. ومنه ح: أنا وأمتي براء من "التكلف". وح عمر: نهينا عن "التكلف"، أراد كثرة السؤال والبحث عن أشياء غامضة لا يجب البحث عنها والأخذ بظاهر الشريعة وقبول ما أتت به. ك: أي في المعاشرة مع الناس وفي الأطعمة واللباس وغيره. نه: وح عمر في عثمان: "كلف" بأقاربه، أي شديد الحب لهم، والكلف: الولوع بالشيء مع شغل قلب ومشقة. ط: و"لا يكلفه" ما يغلبه، أي لا يطيق الدوام لا ما يطيق يومًا أو يومين أو ثلاثة ونحوها ثم يعجز عنه، وجملة ذلك ما لا يضر بدنه الضرر البين، قوله: وللمملوك طعامه وكسوته، الضمير فيهما للمملوك أو المالك أي من جنس طعام مماليك البلد والإدام والكسوة، أو من جنس طعام المالك لقوله: فليطعمه مما يأكل، وأوله محيي السنة بأنه خطاب للعرب الذين لباس عامتهم وأطعمتهم متقاربة، قيل: الأمر بإطعامهم من جنس نفقة السيد ولباسه أو دونه حتى لو قتر السيد على نفسه تقتيرًا عن أمثاله زهدًا أو شحًا لا يحل التقتير على المملوك، وإخوانكم- خبر محذوف ومر في طعم. ط: وح: "اكلفوا" من الأعمال ما تطيقون، بفتح لام أي تكلفوا، فإن قلت: تطيقونه- إشارة إلى بذل المجهود وهو خلاف المقصود، قلت: أراد ما تطيقونه دائمًا. صحاح: "الكلف" شيء يعلو الوجه كالسمسم، والكلف لون بين سواد وحمرة وكدرة تعلو الوجه. ومنه: كنا نطلي وجوهنا بالورس من "الكلف".
الْكَاف وَاللَّام وَالْفَاء

كَلِف وَجهه كَلَفا، وَهُوَ أكلف: تغيرَّ.

والكَلَف والكُلفَة: حمرَة كدِرة. وَقيل: لون بَين السوَاد والحمرة. وَقيل: هُوَ سَواد يكون فِي الْوَجْه. وَقد كِلف.

وبعير أكلف، وناقة كَلْفاء، وثور أكلف، وخد أكلف: أسفع. والكَلفاء: الْخمر الَّتِي تشتدُّ حمرتها حَتَّى تضرب إِلَى السوَاد.

وكَلِف بالشَّيْء كَلَفا، وكُلْفة، فَهُوَ كَلِفٌ، ومُكَلَّف: لهِج بِهِ.

والمُكلَّف، والمتكلِّف: الوقَّاع فِيمَا لَا يعنيه.

وكَلِف الامر، وتكلَّفه: تجشَّمه على مشقَّة وعُسرةٍ، قَالَ أَبُو كَبِير:

أزهيرَ هَل عَن شَيْبة من مَصْرِف ... أم لَا خُلُود لباذل متكلِّف

وَهِي الكُلَف والتكاليف، واحدتها: تكلفة، وَقَوله:

وهنّ يَطْوين على التَّكالِف ... بالسَّوْم أَحْيَانًا وبالتقاذُف

يجوز أَن يكون من الْجمع الَّذِي لَا وَاحِد لَهُ، وَيجوز أَن يكون جمع: تكلِفة. وَرَوَاهُ ابْن جني:

وهنّ يطوين على التَّكالُف

جَاءَ بِهِ فِي السناد، لِأَن قبل هَذَا:

إِذا احتسى يومَ هجير هائف ... غُرُورَ عِيدِيَّاتها الحوانِفِ

وَلم أر أحدا رَوَاهُ: " على التَّكالُف " بِضَم اللَّام إِلَّا ابْن جنيّ.

والكُلاَفيّ: ضرب من الْعِنَب، قَالَ أَبُو حنيفَة: هُوَ ضرب من الْعِنَب أَبيض فِيهِ خضرَة، وَإِذا زُبِّب جَاءَ زبيبُه أكلفَ، وَلذَلِك سمي الكُلاَفيّ.

وَقيل: هُوَ مَنْسُوب إِلَى كُلاَف: بلد من شِقّ الْيمن، مَعْرُوف.

وَذُو كُلاَف، وكُلْفَى: موضعان.

كلف: الكلَف: شيء يعلو الوجه كالسِّمسم. كَلِفَ وجهُه يَكْلَفُ كلَفاً،

وهو أَكلف: تغيَّر. والكلَف والكُلْفَةُ: حُمْرة كَدرة تعلو الوجه، وقيل:

لون بين السواد والحمرة، وقيل: هو سواد يكون في الوجه، وقد كَلِفَ.

وبعير أَكلَف وناقة كلْفاء وبه كُلْفة، كلُّ هذا في الوجه خاصة، وهو لون يعلو

الجلد فيغير بشرته. وثور أَكلف وخدّ أَكلَفُ: أَسفَع؛ قال العجاج يصف

الثور:

عن حَرْفِ خَيْشومٍ وخَدٍّ أَكْلَفا

ويقال للبَهَق الكَلَف. والبعير الأَكلف: يكون في خديه سواد خَفيّ.

الأَصمعي: إذا كان البعير شديد الحمرة يخلِط حُمرته سواد ليس بخالص فتلك

الكلفة. ويقال: كُمَيْت أَكلف للذي كلِفَت حُمرته فلم تَصْفُ ويرى في أَطراف

شعره سواد إلى الاحتراق ما هو. والكَلْفاء: الخمر التي تشتد حُمرتها حتى

تضرب إلى السواد. شمر وغيره: من أَسماء الخمر الكَلْفاء والعَذْراء.

وكَلِف بالشيء كلَفاً وكُلْفة، فهو كلِفٌ ومُكلَّف: لهِج به. أَبو زيد:

كَلِفْت منك أَمْراً كلَفاً. وكلِفَ بها أَشْد الكَلَفِ أَي أَحَبَّها.

ورجل مِكْلاف: مُحِبّ للنساء.

والمُكلَّف والمُتكلِّف: الوقّاعُ فيما لا يَعْنيه. والمُتكلِّف:

العِرِّيض لما لا يعنيه. الليث: يقال كلِفْت هذا الأَمْر وتكلَّفْتُه.

والكُلْفةُ: ما تكلَّفْت من أَمر في نائبة أَو حق. ويقال: كلِفْتُ بهذا الأَمر

أَي أُولِعْتُ به. وفي الحديث: اكلَفُوا من العمل ما تُطيقون، هو من

كَلِفْت بالأَمر إذا أُولِعْت به وأَحْبَبْته. وفي الحديث: عثمان كَلِفٌ

بأَقاربه أَي شديدُ الحبّ لهم. والكلَف: الوُلوع بالشيء مع شغل قلب ومَشقة.

وكلَّفه تكليفاً أَي أَمره بما يشق عليه. وتكلَّفت الشيء: تجشَّمْته على

مشقَّة وعلى خلاف عادتك. وفي الحديث أَراك كلِفْت بعلم القرآن، وكلِفْته إذا

تحمَّلته. ويقال: فلان يتكلف لإخوانه الكُلَف والتكاليف. ويقال: حَمَلْت

الشيء تَكْلِفة إذا لم تُطقه إلا تكلُّفاً، وهو تَفْعِلةٌ. وفي الحديث:

أَنا وأُمتي بُراءٌ من التكلُّف. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: نُهِينا

عن التكلُّف؛ أَراد كثرة السؤال والبحثَ عن الأَشياء الغامضة التي لا يجب

البحث عنها والأَخذَ بظاهر الشريعة وقبولَ ما أَتت به. ابن سيده: كَلِفَ

الأَمرَ وكلفَه تجشَّمه

(* قوله «وكلفه تجشمه» كذا بالأصل مخففاً، ولعله

كلف الأمر وتكلفه تجشمه كما يرشد إليه الشاهد بعد.) على مشقَّة وعُسْرة؛

قال أَبو كبير:

أَزُهَيْرُ، هل عن شَيْبةٍ من مَصْرِفِ،

أَم لا خُلودَ لِباذِلٍ مُتَكَلِّفِ؟

وهي الكُلَف والتكالِف، واحدتها تَكلِفة؛ وقوله:

وهُنَّ يَطْوِينَ على التكالِف

بالسَّوْمِ، أَحياناً، وبالتقاذُف

قال ابن سيده: يجوز أَن يكون من الجمع الذي لا واحد له، ويجوز أَن يكون

جمع تَكْلفة؛ ورواه ابن جني:

وهن يطوين على التكالُف

جاء به في السناد لأَن قبل هذا:

إذا احتسى، يومَ هَجِيرٍ هائف،

غُرورَ عِيدِيَّاتِها الخَوانِف

قال ابن سيده: ولم أَرَ أَحداً رواه التكالُف، بضم اللام، إلا ابن جني.

والكُلافيّ: ضرب من العنب أَبيض فيه خُضرة وإذا زُبِّب جاء زبيبه أَكلف

ولذلك سمي الكُلافي، وقيل: هو منسوب إلى كُلاف، بلد في شق اليمن معروف.

وذو كُلافٍ وكُلْفى: موضعان. التهذيب: وذو كُلاف اسم واد في شعر ابن

مقبل.

كلف دعب بِأَيّ لقس قنب [أَبُو عبيد -] : فِي حَدِيث عمر [رَضِي الله عَنهُ -] عِنْد الشورى جين طعن فَدخل عَلَيْهِ ابْن عَبَّاس فَرَآهُ مغتمّا بِمن يسْتَخْلف بعده فَجعل ابْن عَبَّاس يذكر لَهُ أَصْحَابه فَذكر عُثْمَان فَقَالَ: كَلِفٌ بأقاربه قَالَ: فعلي قالك ذَاك رجل فِيهِ دُعابة قَالَ: فطلحة. قَالَ: لَوْلَا بأوٌ فِيهِ قَالَ: فالزبير قَالَ: وععقة لَقِس قَالَ: فعبد الرَّحْمَن بن عَوْف قَالَ: اوْه ذكرتَ رجلا صَالحا وَلكنه ضَعِيف وَهَذَا الْأَمر لَا يصلح [لَهُ -] إِلَّا الليّن من غير ضعف وَالْقَوِي من غير عُنف قَالَ: فسعد قَالَ: ذَاك يكون فِي مِقْنَب من مقانبكم. قَالَ الْكسَائي واليزيدي وَأَبُو عَمْرو وَغير وَاحِد دخل كَلَام بَعضهم فِي بعض: قَوْله: كَلِفٌ بأقاربه يَعْنِي شَدِيد الْحبّ لَهُم. وَقَوله: فِيهِ دُعابة يَعْنِي المزاح. وَقَوله: لَوْلَا بِأَو فِيهِ البأو الْكبر وَالْعَظَمَة قَالَ حَاتِم الطَّائِي:

[الطَّوِيل]

فَمَا زادنا بأوًا على ذِي قَرابة ... غِنانا وَلَا أزرى بأحسابنا الفقرُ ... وَقَوله: وَعْقة لَقِس وَبَعْضهمْ يَقُول: ضَبِسٌ وَمعنى هَذَا كُله الشّراسة وشدّة الخُلق وخبث النَّفس. وَمِمَّا يبين ذَلِك الحَدِيث الْمَرْفُوع: لَا يقولنَّ [أحدكُم -] خبثت نَفسِي وَلَكِن ليقل: لَقِسَتْ نَفسِي فَالْمَعْنى فيهمَا وَاحِد وَلكنه كره قبح اللَّفْظ فِي خبثت. وَقَوله: يكون فِي مِقْنَب من مَقَانبكم فالمقنب جمَاعَة الْخَيل والفرسان يُرِيد أَن سَعْدا صَاحب جيوش ومحاربة وَلَيْسَ بِصَاحِب هَذَا الْأَمر وَجمع المقنب مقانب قَالَ لبيد: [الْكَامِل]

وَإِذا تواكلتِ المقانبُ لم يزل ... بالثغر منّا مَنْسَر معلومُ ... قَالَ أَبُو عَمْرو: المنسر مَا بَين الثَّلَاثِينَ فرسا إِلَى أَرْبَعِينَ وَلم أره وقّت فِي المقنب شَيْئا. وَقَالَ [أَبُو عبيد -] : فِي حَدِيث عمر رَحمَه الله فِي عَام الرَّمَادَة وَكَانَ عَاما أَصَابَت النَّاس فِيهِ السَّنة فَقَالَ عمر: لقد هَمَمْت أَن أجعَل مَعَ كل أهل بَيت من الْمُسلمين مثلهم فَإِن الْإِنْسَان لَا يهْلك على نصف شِبَعِه فَقَالَ لَهُ رجل: لَو فعلت ذَلِك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا كنت فِيهَا ابْن ثأد هَكَذَا يرْوى الحَدِيث. قَالَ الْفراء: إِنَّمَا هُوَ ابْن ثأداء يَعْنِي الْأمة أَي مَا كنت فِيهَا ابْن أمة. وفيهَا لُغَتَانِ: ثأداء ودأثاء مقلوب مثل جذب وجبذ قَالَ الْكُمَيْت:

[الوافر]

وَمَا كُنَّا بني ثأداء لما ... قضينا بالأسنة كل وَتْر ... وَبَعْضهمْ يُفَسر ابْن ثأد يُرِيد الثدي وَلَيْسَ لهَذَا وَجه وَلَا نعرفه فِي إِعْرَاب وَلَا معنى. وَفِي هَذَا الحَدِيث أَن عمر رأى الْمُوَاسَاة وَاجِبَة على النَّاس إِذا كَانَت الضَّرُورَة.

كلف

1 كَلِفَ بِهِ He became attached, addicted, given, or devoted, to it; or he attached, addicted, gave, or devoted, himself to it; (S, Msb, K, TA;) he loved it: (Msb, TA:) [he was fond of it:] he loved him, [or it,] vehemently. (TA.) b2: كَلَفٌ, inf. n. of كَلِفَ: [violent or intense love:] see حُبٌّ; and see a verse cited in the first paragraph of that art. 2 كَلَّفَ نَفْسَهُ شَيْئًا He tasked himself with a thing, as also ↓ تَكَلَّفَ شَيئًا. b2: كَلَّفَهُ أَمْرًا He tasked him to do a thing; imposed upon him the task of doing a thing. b3: So تَكْلِيفٌ The imposition of a task or duty. b4: A task; compulsory work; a duty imposed. b5: كَلَّفَهُ الأَمْرَ He imposed upon him the thing, or affair; syn. حَمَّلَهُ إِيَّاهُ. (Msb.) b6: كَلَّفَ نَفْسَهُ He put himself to trouble or inconvenience; like

↓ تَكَلَّفَ alone. b7: كَلَّفَهُ كَذَا He imposed upon him the task of doing, or procuring, or bringing, such a thing. b8: كَلَّفَهُ أَمْرًا He imposed upon him a thing, or an affair, in spite of difficulty, trouble, or inconvenience: (Msb:) he ordered him to do a thing that was difficult, troublesome, or inconvenient, to him: (S, K:) he made, required, or constrained, him to do a thing; exacted of him the doing a thing; meaning, a thing that was difficult, troublesome, or inconvenient to him: (Kull, 123; and the Lexicons, passim.) See جَتَّمَهُ. b9: تَكْلِيفٌ An imposition; a requisition: con straint, &c.5 تَكَلَّفَ أَمْرًا He [undertook a thing, or an affair, as imposed upon him: or] took, or imposed, upon himself, or undertook, a thing, or an affair, [as a task, or] in spite of difficulty, trouble, or inconvenience; (Msb;) syn. تَجَتَّمَهُ: (S, K:) he constrained, or tasked, or exerted, himself, or took pains, or made an effort, to do a thing; meaning, a thing that was difficult, troublesome, or inconvenient, to him: or he affected, as a self-imposed task, the doing of a thing. (The Lexicons, passim: see تغزّل: and see كَلَّفَهُ أَمْرًا.) b2: تكلّف صِفَةً He affected, or endeavoured to acquire, a quality. So in the explanations of verbs of the measure تَفَعَّلَ; as نَحَلَّمَ. (Sharh El-'Izzee, by Saad-ed-Keen.) b3: Also, He affected, or pretended to have, a quality, not having it. So in the explanations of verbs of the measure تَفَاعَلَ, as تَجَاهَلَ: (idem:) [and sometimes in verbs of the measure تَفَعَّلَ also, as تَكَسَّرَ &c.]. And تَكَلَّفَ alone, He exercised self-constraint, or put himself to trouble or inconvenience. b4: تَكَلَّفَ He affected what was not natural to him. b5: تَكَلَّفَ He used forced efforts to do a thing, and to appear to have a quality. He affected, or endeavoured to do or acquire, &c.; he constrained himself to do, &c.; he applied himself, as to a task, to do a thing.

تكلّف الشَّجَاعَةَ He made himself, or constrained himself to be, courageous; affected, or endeavoured to acquire, or characterize himself by, courage. b6: تكلّف الشَّجَاعَةَ also, He acted, or behaved, with forced courage; endeavoured to be courageous. b7: تكلّف فِى عَرَبِيَّتِهِ He used a forced, or affected, manner in his Arabic speech. b8: تَكَلُّفٌ A straining of a point in lexicology. b9: تَعَقَّلَ signifies He affected or endeavoured to acquire, intelligence; explained by تكلّف العَقْلَ: and تَعَاقَلَ, he pretended to be intelligent, not being really so. (S, art. عقل.) تَكَلُّفٌ in a verb of the measure تَفَعَّلَ is as above explained, signifying a desire for the existence of an attribute in one's self: in a verb of the measure تَفَاعَلَ it is different, and means the pretending to be or to do something which in reality one is not or does not; as in the instance of تَجَاهَلَ, he pretended to be ignorant, not being so in reality. (Sharh El-'Izzee, by Saad-ed-Deen.) تَكَلَّفَ كَذَا He did so purposely. b10: تَكَلَّفَ He tasked himself. b11: تَكَلَّفَ القَىْءَ He vomited intentionally. (TA, art. قىء.) كَلَفٌ [A discolouration of the face, by] a thing that comes upon the face resembling sesame; [by freckles, accord. to present usage:] and a dingy redness that comes upon the face. (S, K.) كُلْفَةٌ A difficulty, or difficult affair, or a duty, or an obligation, that one imposes upon himself; (S, K;) or a thing imposed upon one as difficult, troublesome, or inconvenient. (Msb.) See حَبٌّ. b2: [Constraint,] trouble, pain, or inconvenience. (MA.)
باب الكاف واللام والفاء معهما ك ل ف، ك ف ل، ف ك ل، ف ل ك مستعملات

كلف: كَلِفَ وجهه يكلفُ كلفاً. وبعير أَكلَفُ، وبه كُلفة، كل هذا في الوجه خاصة، وهو لون يعلو الجلد فيغير بشرته. وبعير أَكْلَف: يكون في خديه سواد خفي. والكَلَفُ: الإيلاع بالشيء، كَلِفَ بهذا الأمر، وبهذه الجارية فهو بها كَلِفٌ ومكلف. وكَلِفتُ هذا الأمر وتكلفته. والكُلفةُ: ما تكلفت من أمر في نائبه أو حق، والجميع: الكُلَف. وفلان يتكلَّفُ لاخوانه الكُلَف، والتَّكاليف، قال زهير :

سئمت تَكاليفَ الحياة ومن يعش ... ثمانين حولا لا أبا لك يسأم والمُكَلَّفُ: الوقاع فيما لا يعنيه.

كفل: الكَفلُ: ردف العجز، وإنها لعجزاء الكَفَل، والجميع: أكفالٌ، لا يشتق منه فعل ولا نعت، لا يقال: كَفْلاء، كما يقال: عجزاء. والكِفْلُ: النصيب، والكفل: شيء مستدير يتخذ من خرق أو غير ذلك، يوضع على سنام البعير. تقول: اكتفل الرجل بِكْفلٍ من كذا، أو من ثوبه. والكِفْلُ من الأجر، ومن الإثم: الضعف، قال الله عز وجل: يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ ويَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها ، ولا يقال: هذا كِفْلُ فلان حتى تكون قد هيأت مثله لغيره كالنصيب، فإذا أفردت فلا تقل: كِفْل ولا نصيب. والكِفْلُ: الرجل الذي يكون في مؤخر الحرب، إنما همته التأخر [والفرار] ، وهو بين الكُفُولة. والكفيلُ: الضامن للشيء. كَفَلَ به يكفُلُ به كَفالةً. والكافِلُ: الذي يَكْفُلُ إنساناً يعوله وينفق عليه.

وفي الحديث: الربيب كافلٌ ،

وهو زوج أم اليتيم. وقوله عز اسمه: وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا

، [أي] : هو كَفَل مريم لينفق عليها، حيث ساهموا على نفقتها حين مات أبواها فبقيت بلا كافل. ومن قرأ بالتثقيل فمعناه: كَفَّلها الله زكريا. وكِفلُ الشيطان: مركبه. أخذ من [قولهم] : اكتفل الرجل يكتفل،

وفي الحديث: لا يشربن أحدكم من ثلمة الإناء ولا عروته، فإنها كِفْلُ الشيطان .

والمُكافلة: مواصلة الصيام.

فكل: الأَفْكَلُ: رعدة تعلو الإنسان، ولا فعل له. ويجمع: أفاكل.

فلك: الفَلكُ: دوران السماء. [وهو] اسم للدوران خاصة. والمنجم يقول: الفلك سبعة أطواق دون السماء، ركبت فيها النجوم السبعة، في كل طوق نجم، وبعضها أرفع من بعض تدور فيها بإذن الله. والفُلكُ: السفينة، يذكر ويؤنث [وهي واحدة، وتكون جمعاً] . قال الله عز وجل: جاءَتْها رِيحٌ عاصِفٌ وقال: فَأَنْجَيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ ، أي: الموقر المفروغ من جهازه. والفلك: جماعة السفن، [حتى إذا كنتم في الفُلْك وجرين بهم ] . وفَلَّكَتِ الجارية، أي: تَفَلَّك ثديها [أي: صار كالفَلْكة] فهي مُفَلِّكة، ومُفَلِّك أجود، قال : لم يعد ثديا نحرها أن تَفَلَّكا

وفلّكتُ الجدي، وهو قضيب يدار على لسانه لئلا يرضع. والفَلْكةُ: أكمة من حجر واحد مستديرة كأنها فَلْكَةُ مغزل، والجميع: الفَلك والفَلَكات، وهو على تقدير النبكة في الخلقة، إلا أن النبكة أشد تحديد رأس من الفَلْكة، وربما كانت النبكة من طين وحجارة رخوة.
كلف
الكَلَفُ - بالتحريك - شيء يعلو الوجه كالسمسم.
والكَلَفُ - أيضاً -: لون بن السواد والحمرة؛ وحمرته كَدرة تعلو الوجه والرجل الأكْلَفُ: الذي كَلِفَتْ حُمرته فلم تصف ويرى في أطراف شعره سواد إلى الاحتراق ما هو.
وقال الأصمعي: إذا كان البعير شديد الحُمرة يخلط حُمرته سواد ليس بخالص: فهو الأكلفُ، قال العجّاج يصِف ثورا:
فَباتَ يَنْفي في كِناسٍ أجْوَفا ... عن حَرْفِ خَيْشُوْمٍ وخَدٍّ أكْلَفا
ويوصف به الأسد، قال الأعشى يصف فرساً:
تَعْدُو بأكْلَفَ من أُسُوْدِ الرْ ... رَقَّتَيْنِ حَلِيْفِ زارَهْ
والكَلْفَاءُ: الخمر؛ للونها.
والكُلْفَةُ - بالضم -: لون الأكْلَفِ.
واختلفوا في نسَبِ جِرَان العَوْد واسمه، فقيل: اسمه المستورد، وقيل: عامر بن الحارث بن كُلْفَةَ؛ وقيل: كُلْفَةَ بالفتح.
وكُلْفى - مثال بُشرى -: رملةٌ بجنْب غَيْقةَ مُكلَّفة بالحجارة؛ أي بها كَلَفٌ للون الحجارة؛ وسائرها سهل ليس بذي حجارة. وقال ابن السكِّيت: كُلْفى بين الجار وودّان أسفل من الثنية وفوق الشقراء.
وكُلافٌ: واد من أعمال المدينة - على ساكنيها السلام -، قال لبيد رضي الله عنه:
عِشْتُ دَهْراً ولا يَدْوْمُ على الأيْ ... يَامِ إلاّ يَرَمْوَمٌ وتِعَارُ
وكُلاَفٌ وضَلْفَعٌ وبَضِيْعٌ ... والذي فوقَ خُبَّةٍ تَيْمَارُ
وقال تميم بن أُبَيِّ بن مُقْبِل:
عَفَا من سُلَيْمى ذو كُلاَفٍ فَمَنْكِفُ ... مَبَادي الجَمِيْعِ القَيْظُ والمُتَصَيَّفُ
وقال الدينوري: الكُلاَفيُّ: نوع من أنواع أعناب أرض العرب، وهو عِنب أبيض فيه خُضرة، إذا زُبِّبَ جاء زَبيبُه أدهم أكْلَفَ.
والكَلُوْفُ: الأمر الشاقُّ.
وكالِفُ: قلعة حَصينة على شط جَيحُون، وهم يُميلُون الكاف كإمالةِ كاف كافرٍ.
وكَلِفْتُ بهذا الأمر كَلَفاً: أي أُوْلِعْتُ به. وفي حديث عمر - رضي الله عنه -: كَلِفٌ بأقاربه. وقد كُتب الحديث بتمامه في تركيب ض ب س.
وكَلِفَ: أي جَشِم. ومنه المثل: كَلِفْتُ إليك عرق القِرْبَة، ويروى: جَشِمْتُ. وفي مثلٍ آخر: لا يَكْن حُبُّك كَلَفاً ولا بُغْضُك تلفاً.
وأكْفَلَه غيره.
والتَّكْلِيْفُ: الأمر بما يَشُقُّ على الإنسان، قال الله تعالى:) لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إلاّ وُسْعَها (.
وكلَّفَه: جعله أكْلَفَ.
وتَكَلَّفْتُ الشّيء: تَجَشَّمْتُه.
والمُتَكَلِّفُ: العِرِّيْضُ لما لا يعنيه، قال الله تعالى:) وما أنا من المُتَكَلِّفِيْنَ (، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنا وأتْقياء أمتي بُرآءُ التَّكَلُّفِ.
ويقال: حَملْتُ الشيء تَكْلِفَةً: إذا لم تُطْقْه إلاّ تَكَلُّفاً.
وقول زهير بن أبي سُلمى:
سَئمْتُ تَكالِيْفُ الحَياةِ ومَنْ يَعِشْ ... ثَمانِيْنَ حَولاً لا أبا لكَ يَسْأمِ
يُحتمل أن يكون جمْع تَكْلِفةٍ فزاد الياء لحاجته، وأن يكون جمْعَ التَّكليف.
واكْلاَفَّتِ الخابية - مثال احْمارَّتْ -: أي صارت كَلْفَاءَ.
والتركيب يدل على إيْلاع بالشيء وتعلَّقٍ به.
كلف
الكَلْفُ، بِالْفَتْح: السَّوادُ فِي الصُّفْرَةِ. والكِلْفُ، بالكَسْرِ: الرَّجُلُ العاشِقُ المُتَولِّعُ بالشيءِ مَعَ شُغْلِ قَلْبٍ ومشَقّةِ. والكُلْفُ، بالضّمِّ: جَمْعُ الأَكلَفِ والكَلْفاءِ وسيأْتِي معناهُما. والكَلَفُ مُحَرَّكَةً: شَيْءٌ يَعٍْلو الوَجْهَ كالسِّمْسِم نَقله الجَوْهرِيُّ. وَقد كَلِفَ وجْهُه كَلَفاً: إِذا تَغَيَّرَ، قَالَ: والكَلَفُ: لَوْنٌ بَيْنَ السَّوادِ والحُمْرَةِ، وَهِي: حُمْرَةٌ كَدِرَةٌ تَعْلُو الوَجْهَ والاسْمُ الكُلْفَةُ، بالضَّمِّ. والأَكْلَفُ: الَّذِي كَلِفَتْ حُمْرَتُه فَلم تَصْفُ، من الإِبِلِ وغَيرْهِ وَفِي الصِّحاحِ: الرَّجُلُ أَكْلَفُ، ويُقال، كُمَيْتٌ أَكْلَفُ للْذِي كَلِفَتْ حُمْرَتُه فَلم يَصْفُ، ويُرَى فِي أَطْرافِ شَعَرِه سَوادٌ إِلَى الاحْتِراقِ مَا هُوَ، وقالَ الأَصْمَعِيُّ: إِذا كَانَ البَعِيرُ شَدِيدَ الحَمْرَةِ يَخْلِطُ حُمْرَتَه سَوادٌ لَيْسَ بخالِصٍ، فَذَلِك الكُلْفَةُ، والبَعيرُ أَكْلَفُ والنَّأقَةُ كَلْفاءُ وأَنشدَ الصّاغانِيُّ للعَجّاجِ يصِفُ ثَوْراً: فَباتَ يَنْفِي فِي كِناسٍ أَجْوَفَا عَن حَرْفِ خَيْشُومٍ وخَدٍّ أَكْلَفَا ويُوصَفُ بِهِ الأَسَدُ قَالَ الأَعْشَى يصفُ فَرَساً:
(تغْدُو بَأَكْلَفَ مِنْ أُسُو ... دِ الرَّقْبتَيْنِ حَلِيفِ زَارَهْ)
والكَلْفاءُ: الخَمْرُ لِلَوْنِها، وَهِي الَّتِي تَشْتَدُّ حُمْرَتُها حَتَّى تَضْربَ إِلَى السوادِ، وَقَالَ شَمِرٌ: من أَسْماءِ الخَمْرِ الكَلْفاءُ، والعَذْراءُ. والكُلْفَةُ، بالضَّمِّ: لَوْنُ الأَكْلَفِ مِنّا وَمن الإِبلِ، أَو حُمْرَةٌ كَدِرَةٌ تعلوُ الوَجْهَ، أَو سوادٌ يكونُ فِي الوَجْهِ. والكُلْفَةُ: مَا تَكَلَّفْتَه من نائِبَةٍ أَو حَقٍّ نقلَه الجَوْهَريُّ.
وكُلْفَةُ: جَدُّ قد اخْتَلفوا فِي نسبِ جِرانِ العَوْدِ واسمِه، فقِيلَ: اسمُه المُسْتَوْرِدُ، وَقيل: عامِر بن الحارِثِ بن كُلْفَةَ ويُفْتَحُ. وكُلْفَى كبُشْرَى: رَمْلَةٌ بجَنْبِ غَيْقَةَ بتِهامَةَ أَو بَين الجارِ ووَدانَ أَسفَلَ من الثَّنِيَّةِ وَفَوق الشَّقْراءِ، وَهَذَا قولُ ابنِ السِّكِّيتِ، وَفِي بعضِ النُّسَخِ وَرْدان، وَهُوَ غَلَطٌ مُكَلَّفَةٌ بالحِجارةِ، أَيْ: بهَا كَلَفٌ لِلَوْنِ الحجارَةِ، وسائِرها سَهْلٌ لَا حِجارَةَ فيهِ. والكُلاَفُ كغُرابٍ: وادٍ بالمدينةِ، على ساكِنها أفْضَلُ الصلاةِ والسلامِ، قَالَ لَبِيدٌ رَضِي الله عَنهُ
(عِشْتُ دَهْراً وَلَا يَدُومُ على الأَيّ ... امِ إِلَّا يَرَمْرَمٌ أَو تِعارُ)

(وكُلافٌ وضَلْفَعٌ وبَضِيعٌ ... وَالَّذِي فوقَ خُبَّةٍ تِيمارُ)
وَالَّذِي يَظْهَرُ من سِياقِ المعجَمِ أَنه جَبَلٌ نَجْدِيُّ. وَقَالَ أَبو حنيفةَ: الكُلافِيُّ مَنْسُوباً: نوعٌ من أَنواعِ أَعْنابِ أَرْضِ العَرَبِ، وَهُوَ من أَنواعِ أعْنابِ أَرْضِ العَرَبِ، وَهُوَ: عِنَبٌ أَبْيضُ فِيهِ) خُضْرَةٌ، وزَبِيبُه أَدْهَمُ أَكْلَفُ وَلذَلِك سُمِّيَ الكُلافِيّ، وَقيل: هُوَ مَنْسُوبٌ إِلَى الكُلافِ: بلَدٌ بشِقِّ اليَمَنِ. والكَلُوفُ كصَبُورٍ: الأمْرُ الشاقُّ. وكالِف كصاحِبٍ: قَلْعَةٌ حَصِينَةٌ بشَطِّ جَيْحُونَ وهم يَمِيلُون الكافَ، كإِمالَةِ كافِ كافِرٍ. ويُقال: كَلِفَ بِهِ، كفَرِحَ كَلَفاً وكُلْفَةً، فَهُوَ كَلِفٌ: أَولِعَ بِهِ ولَهِجَ وأَحَبَّ، وَمِنْه الحديثُ: اكْلَفُوا من العمَلِ مَا تُطِيقونَ وَفِي حديثٍ آخرَ: عُثْمانُ كَلِفٌ بأَقارِبِه أَي: شديدُ الحُبِّ لَهُمْ. والكَلَفُ: الوَلُوعُ بالشَّيءِ مَعَ شَغْلِ قَلْبٍ وَمَشَقَّةٍ. وَفِي المَثَل: كَلِفْتُ إِليْكَ عَرَقَ القِرْبَةِ وَفِي مَثلٍ آخرَ: لَا يَكُنْ حُبُّكَ كَلَفاً، وَلَا بُغْضُكَ تَلَفاً. وأَكْلَفَه غَيْرُهُ. والتَّكلِيفُ: الأَمْرُ بِمَا يَشُقُّ علَيْكَ وَقد كَلَّفَه تَكْلِيفاً، قالَ الله تَعَالَى: لَا يُكَلِّفُ الله نَفْساً إِلَّا وُسْعَها. وتَكَلَّفَه تَكَلُّفاً: إِذا تَجَشَّمَهُ نقَلَه الجَوْهرِيُّ، زادَ غيرُه على مَشَقَّةٍ وعَلى خِلافِ عادِةٍ، وَفِي الحَدِيث: أَنَا وأُمَّتِي بُرَآءُ منَ التَّكَلُّفِ وَفِي حَدِيث عُمرَ رَضِي الله عنهُ: نُهِينَا عَن التَّكَلُّفِ أَرادَ كثرَة السُّؤالِ، والبحثَ عَن الأشياءِ الغامِضةِ الَّتِي لَا يَجبُ البَحْثُ عَنْهَا. والمُتَكَلِّفُ: العِرِّيضُ لِما لَا يَعْنِيهِ نَقله الجوهريُّ، وَقَالَ غَيره: هُوَ الوَقّاعُ فِيما لَا يَعْنِيهِ، وَبِه فُسِّرَ قَولُه تَعالى: وَمَا أَنا مِنَ المُتَكَلَّفِينَ. ويُقال: حَمَلْتُه تَكْلِفَةً: إِذا لم تُطِقْهُ إِلَّا تَكَلُّفاً وَهُوَ تَفْعِلَةٌ، كَمَا فِي الصِّحَاح. ويُقال: اكْلافَّتِ الخابِيَةُ اكْلِيفافاً كاحْمارَّت: أَي صارَتْ كَلْفاءَ كَمَا فِي العُبابِ.
وَمِمَّا يُستدركُ عَلَيْهِ: خَدٌّ أَكْلَفُ: أَسْفَعُ. ويُقال للبَهَقِ: الكَلَفُ. والمُكَلَّفُ بالشَّيءِ، كمُعَظَّمٍ: المُتَولِّعُ بِهِ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: كَلِفْتُ مِنْك أَمْراً، كفرِحَ كَلَفاً. ورَجُلٌ مِكْلافٌ: مُحِبٌّ للنِّساءِ. وَهُوَ يَتَكَلَّفُ لإِخْوانِه الكُلَفَ، والتَّكالِيفَ، الأَخيرُ يحتملُ أَنْ يكونَ جَمْعاً لتَكْلِفَةٍ، زِيدَتْ فِيهِ الياءُ لحاجَتِه، وأَنْ يكونَ جَمْعَ التَّكْلِيفِ، قَالَ زُهَيْرُ بنُ أَبي سُلْمَى:
(سَئِمْتُ تَكالِيفَ الحَياةِ ومَنْ يَعِشْ ... ثَمانِينَ حَوْلاً لَا أَبالَكَ يَسْأَم)
وجمْعُ التَّكْلِفَةِ: تكالِفُ، وَمِنْه قولُ الراجِ: وَهُنَّ يَطْوِينَ على التَّكالِفِ وبالسَّوْمِ أَحْياناً وبالتَّقاذُفِ قَالَ ابنُ سِيدَه: ويَجُوزُ أَنْ يكون من الجَمْعِ الَّذِي لَا واحِدَ لَهُ، ورواهُ ابنُ جِنِّي: التَّكالُفِ بِضَم اللَّام، قالَ ابنُ سيدَه: وَلَمْ أَرَ أَحَداً رَواهُ بضمِّ اللامَ غيرَه. وذُو كُلافٍ، كغُرابٍ: اسمُ وادٍ فِي شِعْرِ مُقْبِلٍ:)
(عَفَا مِنْ سُلَيْمَى ذُو كُلافٍ فمَنْكِفُ ... مَبادِي الجَمِيعِ القَيْظُ والمُتَصَيِّفُ)
وكُلاف أَيْضا: بَلَدٌ بشِقِّ اليَمَنِ، قِيلَ: إِلَيْهِ نُسِبَ العِنَبُ الكُلافِيُّ، كَمَا تَقَدَّم.
كلف
كلِفَ1 يَكلَف، كَلَفًا، فهو أكْلَفُ
• كلِف وجهُهُ: أصابه الكَلَفُ، وهو النَّمشُ الذي يعلو الوجهَ "كلِف وجهُ الفتاة لكثرة تعرّضها للشّمس". 

كلِفَ2/ كلِفَ بـ يَكلَف، كَلَفًا، فهو كَلِف، والمفعول مَكْلوف (للمتعدِّي)
• كلِف المريضُ: علت وجهَه حمرة كدرة.
• كلِف الأمرَ/ كلِف بالأمر: أحبَّه وأُولِع به "كلِف ببعض مؤلّفاته- كلف بامرأة- كان الخليفة عبد الرحمن الناصر كَلِفًا بعمارة الأندلس- لا يكن حبُّك كَلَفًا ولا بغضك تلفًا: دعوة إلى التحكُّم في العواطف وعدم الإفراط". 

تكلَّفَ يتكلَّف، تَكلُّفًا، فهو مُتَكلِّف، والمفعول مُتكلَّف
• تكلَّف الأمرَ:
1 - حمَله على نفسه وليس من عادته، تصنّعًا وتظاهُرًا "تكلَّف الكرمَ/ الألمَ- ابتسامة مُتكلَّفة- {وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} ".
2 - تجشَّمه وتحمَّله على مشقَّة "تكلَّف مشقَّة نقل الحمل على ظهره". 

كلَّفَ يكلِّف، تَكْلِيفًا، فهو مُكَلِّف، والمفعول مُكَلَّف
• كلَّفه أمرًا: أوجَبَه أو فرضَه عليه "كلَّف نَفْسَه عناءً ومشقّة- كلَّف خاطرَه- {لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إلاَّ وُسْعَهَا} ".
• كلَّفه الأمرُ الكثيرَ من المال أو الجهدِ: استــلزم منه وتطلّب "كلَّفَتْه المغامرةُ حياتَه- رحلة مُكَلِّفة: باهظة التكاليف- مكلِّف الأيام ضدَّ طباعها ... متطلِّبٌ في الماء جذوة نارِ" ° مهما كلَّفه الأمرُ: بأيّ ثمن.
• كلَّفَه أمرًا/ كلَّفه بالأمر: وكَّلَه إليه وحمّله إيّاه "كلّف محامَيه بالدِّفاع عنه- كلّفه المديرُ بإجراء دراسة للمشروع". 

أكلفُ [مفرد]: ج كُلْف، مؤ كَلْفاء، ج مؤ كلفاوات
 وكُلْف:
1 - صفة مشبَّهة تدلّ على الثبوت من كلِفَ1: مصاب بالكلف، وهو نمشٌ يعلو الوجه.
2 - أسود في صفرة.
3 - مَنْ علت وجهَه حمرة كدِرَة. 

تَكْلِفة [مفرد]: ج تكاليفُ:
1 - (جر) ما يُنفَق على صُنع شيء دُون نظر إلى الرِّبح منه "باع البضاعةَ بسِعر التكلِفَة".
2 - نفقة "صارت تكلفة المعيشة باهظة- لا بُدّ من شرائه مهما كانت التكاليف".
• محاسبة التَّكاليف: (جر) وسيلة لتحديد وتحليل الرِّقابة على عناصر التَّكلفة، ثمّ دراسة هذه العناصر، وترتيبها في قوائم وتقارير وكشوف.
• تكلِفة المعيشة: (قص) قياس نفقات السِّلع والخدمات التي يحتاجها النَّاسُ في المجتمع الذي يعيشون فيه.
• سِعْر التَّكلفة: (قص) ما يُنفق على صنع الشيء أو عمله دون النظر إلى الربح منه. 

تكلُّف [مفرد]:
1 - مصدر تكلَّفَ.
2 - (دب) إكثار من ألوان البديع دون أن يكون لذلك حاجة فنِّيّة. 

تَكْليف [مفرد]: ج تكاليفُ (لغير المصدر):
1 - مصدر كلَّفَ.
2 - انتداب لمُهِمّة في الإدارة وغيرها "تمّ تكليفُهُ بإدارة الجامعة".
3 - رسميّات ومبالغة في قواعد السُّلوك الاجتماعيّ وإفراط في اللِّياقة، وابتعاد عن البساطة "لا تكليف بيننا- بلا تكليف/ برفع التكليف" ° بدون تكليف: بغير إلزام.
4 - (فق) إلزام فعل فيه مشقَّة وكلفة.
5 - (قن) إلزام عمليّ بالقوانين الموضوعة "يقضي القانون بتكليفهم بدفع الضرائب".
• سِنّ التَّكليف: (فق) سنّ البلوغ الموجبة للإيمان والعمل بما أنزل الله.
• أمرُ تكليفٍ: أمر يصدره من يملك التَّكليفَ للإلزام بواجب. 

كَلَف [مفرد]:
1 - مصدر كلِفَ1 وكلِفَ2/ كلِفَ بـ.
2 - حُمْرة كدِرَة.
3 - نمش يعلو الوجهَ كالسِّمسم "أصيب وجهُ الفتاة بالكَلَف".
• كَلَف شمسيّ: (جو) بقع شمسيّة، ظاهرة تحدث على سطح الشمس بسبب المجال المغنطيسيّ للشمس، تصل درجة حرارة هذه البقع الهائلة إلى حوالي 3780 درجة مئويّة وتتسبب في اندلاع ألسنة اللهب التي تعرف باسم النتوءات الشمسية، وزيادة التوهّج واللمعان والحرارة في المنطقة الواقعة فوقها مباشرة مع تزايد الانفجارات المروِّعة على السطح. 

كَلِف [مفرد]: صفة مشبَّهة تدلّ على الثبوت من كلِفَ2/ كلِفَ بـ. 

كُلْفَة [مفرد]: ج كُلُفات وكُلْفات وكُلَف:
1 - عبء المُجاملة "رُفعت الكُلْفة بينهما" ° بدون كُلْفة: ببساطة، وبدون تمسُّك بالرَّسميّات.
2 - مشقَّة "كُلْفَة القيام بعدَّة زيارات".
3 - تكلِفة؛ ما يُنفق من مال أو جُهد لتحصيل شيء "كُلْفة إنتاج- سِعر الكُلْفة- كُلفة الدراسة في هذه الجامعة باهظة".
4 - أنواع من رقيق النسيج تُضاف إلى الثّوب حليةً وزينَةً. 

كلاَّف [مفرد]: مَنْ يقوم بعلْف الماشية وتربيتها. 

مُكلَّف [مفرد]:
1 - اسم مفعول من كلَّفَ.
2 - نائب مُفَوَّض "مكلَّف بشئون السِّفارة".
3 - (فق، قن) مَنْ بلغ سنّ الرُّشد حيث تُهَيِّئُه سِنُّه وحالُه لأن تجرى عليه أحكامُ الشرع والقانون "مُكلَّف شرعًا/ قانونًا". 
كلف: كلف ب: كلفة به أحبّة شديداً وأولع به ولهج (حيان 100): احتجب عنهم أياماً فساءهم ذلك وكلفوا بالنظر إليه وسماع كلامه لما كان يبلغهم عنه وخاطبوه في ذلك فخرج عليهم.
كلّف: عَهِد إلى فلان في شيء ما (الكالا).
كلّف إلى أو ب: أخضع، ألزم، أرغم أضطره إلى، كلّفة ب (بوشر) أجبر، أكرَهَ (هلو وفوك costrenir) ؛ ( المقري 636:2، 21): كلفه أن يعمل (كوسج، كرست 9: 114): النفقة التي كلفوه للجند على البيعة (ألف ليلة رقم 1، 99، 14): يا ليتنا ما كلفناها بذلك.
كلّف: فرض السخرة (هلو، مقدمة ابن خلدون 98:2، 8): تكليف الأعمال (ابن الخطيب 107): لا يــلزمــها وظيف بوجه ولا يكلف منها كلفة على كل حال.
كلّف خاطرك: كلّف خاطرك ناولني الدواية أو القلم.
كلفنا خاطرك أو كلّفت خاطرك: أتعبتك، عفواً لما أحدثته لك من مشقة، شكراً (تقال لمَنْ أجهد نفسه من أجلك) (بوشر).
كلّف: ألزمــه بالمصاريف، كان سبباً في دفعه إلى الإنفاق (بوشر) (ألف ليلة 731:4، 8): وأمر بزينة المدينة ثلثين -ثلاثين- يوماً ولم يكلف أحداً من أهل المدينة شيئاً من ماله بل كامل الكلفة والمصاريف من خزانة الملك.
كلّف: شارك أو أسهمَ في المؤونة، أطعم، غذى (بوشر) (ألف ليلة 475:4): يكلفه من كيسه: وقد ترجمها (لين): أنفق عليه من كيسه الخاص.
كلفه: سفري كلّفني مية غرش (بوشر، همبرت 105).
كلّف: جهّز، أضاف إلى، زيّن، وفّر كل ما يقتضي لتسهيل أو راحة أو تزيين أو حفظ أو صيانة الشيء أو الدفاع عنه (بوشر).
كلّفة للغدا: دعاه إلى الغداء (بوشر).
كلف: أعاق، عرقل، ضايق، حيّر، منع (الكالا estorvar) .
تكلّف أن: تكلف الأمر تجشّمه وتحمّله على مشقة وعسرة (كليلة ودمنة 3: 270) (تكلف في: ساسي كرست 1، 155، 7)، جد، جهد، كدّ.
تكلّف: أرغم نفسه على فعل شيء، بذل جهداً فوق طاقته، قام مرغماً أو قسراً بعملٍ ما، أو مشمئزاً (عبد الواحد 4: 61): تكلفت جوابه غاية التكلف.
تكلف ل: ألزم نفسه، كلف نفسه (البكري 185:14) ما تكلف لها عند إملاكها من الالتزامات التي فرضت من عقد الزواج (دي سلان، بدرون 200، 2). تكلّف: عني واعتنى ب، تعهد (الكالا) (محمد بن الحارث 328) ثم تكلف بعد ذلك تأليف تلك الأقضية وجمع تلك الأحكام.
تكلف: يقول (ابن الخطيب31) في حديثه عن الشاعر وما يجب عليه من إتقان شعره ضعيفاً، تغلب الرداءة فيه الجودة وكان لا يتعنى فيه ولا يتكلفه. إلا أن معنى هذه الكلمة، عادة هو: بذل جهداً كبيراً (عبد الواحد 3: 121؛ 221، 12؛ 227، 12. المقدمة الجزء الثالث 5: 379، 404، 3. حيان بسام 1: 72) سمّى كاتباً: فوقع كلامه جانباً من البلاغة لأنه كان على طريقة المعلمين المكلفين (المتكلفين) فلم يجد في أساليب الكتاب المقطوعين (المطبوعين).
تكلف ل: (انظر معناها في معجم (فوك) في مادة conpellere.
متكلف: محتلّ غصباً (رولاند).
كلّف: ألزم، أرغم (معجم الطرائف) هذا إذا كانت كتابة الكلمة صحيحة وهذا ما أبدى الناشر فيه شكه؛ (انظر الإضافة والتعديل في ص108).
تكلّف: أنفق (فريتاج، بوشر، همبرت 219، معجم جغرافيا): تكلف على سفري مية غرش.
تكلّف عليّ: اقتضاني مبلغاً مقداره كذا: تكلف على سفري مية غرش أي المعنى نفسه للجملة السابقة (بوشر، ألف ليلة 4:226:3): لم يتكلف عليه الشيء: لم يدفع ثمناً له.
يتكلّف: ثمنه مكلف أي باهظ الثمن.
كُلْف: صهب وصُهبة، شُقرة، نمش (بوشر، مهرن 34).
كَلِف: عاشق، محب (الكامل 165، 2) = مشوق، كلف ب 715، 6؛ ورد عند (ساسي كرست 2، 99): فنظر إليها ضاحكاً كلفاً وقد ترجمها الناشر: نظر إليها ضاحكاً ضحكة مغيظة. وأنا أشك في صحة هذه الترجمة.
كَلْفَة كَلفتاة= كَلَّوتة (أنظر الكلمة).
كُلْفة: إجبار، غصب، قهر (الكالا) ( apremiadura) ( هلو) وانظرها عند (فوك) في مادة ( conpellere) .
كلفة: تفريض، توكيل أمر يوجه إلى شخص (الكالا).
كلفة: مشقة، حيرة، عائق، مانع، وعند (هلو): حزن، كرب، مشقة، تعب (عبد الواحد 2: 218. المقري 2، 514، 5:607:4 المقدمة 52:2، 323، 16).
كلفة: عناية (الكالا: cuydade) . كلفة: نفقة، صرف، وقاية، حماية، معاش، قوت، زاد، مؤونة وكل ما يقتضي الإنفاق (بوشر، محيط المحيط، النويري مصر مخطوطة 2 ص100): رسم لجميع مَنْ توجه في خدمته أن تكون كُاَفُهم وما يحتاجون إليه من المآكل والعليق على الأبواب السلطانية (مخطوطة 19ب، 139): كلفه (ألف ليلة رقم 731:4، 9، برسل 356:9): تذكر لي جميع الألوان الفاخرة مَنْ يقدر على كلفتهم أي (مَنْ الذي يقدر على الدفع الثمن؟) أو، وفق طبعة ماكني: مَنْ يقدر على ثمنها.
بغير كلفة لأحد أي مجاناً (معجم الجغرافيا).
كلفة: سُخرة (معجم البيان 1:14، 12. هلو، حيان بسام 1، 8): فشرع في حفير (حفر) الخندق حول قرطبة وألزم أهلها القيام بأمره فاشتدت الكلف عليهم (141:3): أخذ في مداراة الناس وكف عن الكلف وكتب إلى الجماعة كتاباً طويلا أوضح فيه العذر في شأن تلك الكلف (خطيب مادة كلّف).
كلفة: نوع من أنواع الضرائب (وصف مصر 60:12، 62).
كلفة: وجبة طعام يقدمها شيوخ القبائل للكاشف وللمماليك الذين يجوبون المقاطعة (وصف مصر 496:11).
كلفة: أدوات الزينة؛ عدة الخياط من أزرار وخيوط وعرى .. الخ (بوشر).
كلفة: رسميات، مجاملات، مزعجة (بوشر).
كلفة: أجزاء، أقسام، فروع؛ بنود المذكرات (بوشر).
كلاف: بائع السجاد (همبرت 204).
كليف: أنظرها عند (فوك) في مادة amare ( محبّ).
كلاّف: راعٍ (وصف مصر 483:11؛ 68:12) راعي بقر (ميهرن 34).
كوالف: نبات الباذورد spina alba ( ابن البيطار 408:2). (أنظر ذو ثلاث شوكات في الجزء الخامس من هذه الترجمة وانظر شكاعي وشوكة بيضاء في الجزء السادس- المترجم).
أكلف: كستني اللون (بوشر).
تكلف: تصنّع (المقري 503:1، 8؛ ميرسنج 5: 32) هذا إن كان التصنع في الطريقة أو الأسلوب أو النمط أو النهج أما التصنع في اللغة انظر (المقري 714:2، 2): طرح التكليف (المقري 562:1، 3).
من غير تكليف: بدون رسميات (بوشر).
تكليف وجمعها تكاليف: إجبار، إرهاق، إرغام (الكالا).
تكليف: شرط مكلف، تعهد (بوشر).
تكليف: كل ما يقتضي الإنفاق عليه من أجل القيام به (بوشر).
تكليف: من مصطلحات علم اللاهوت حين يتعلق الأمر ببحث سن الرشد، أي السن الذي يصبح فيه الإنسان مسؤولا عن تصرفاته وخاضعاً للأوامر التي يفرضها الإلهي؛ ويسميها (فوك): مكلف وفي حد التكليف adultus ( وباللاتينية iam potest cogere وكان يريد أن يقول cogi.
بلغ حد التكليف: وهي تقابل باللاتينية pubeacere ( فوك).
بلغ حد التكليف: (في ألف ليلة وليلة 897:1، 6): فكيف تخشى من الحرام وارتكاب الآثام وأنت لم تبلغ حد التكليف ولا مؤاخذة في ذنب الصغير ولا تعنيف؛ (لم يحسن رايسك ترجمة هذه الكلمة التي وردت في كتاب أخبار الإسلام لأبي الفداء في الجزء الثانية ص420 السطر السابع وكذلك الكلمة التي وردت في الملاحظة المؤشر عليها بحرف K ص428). وفي مقدمة ابن خلدون (201:1 و16:2: وردت التكاليف الشرعية بخصوص الأوامر التي يفرضها القانون الإلهي وفي المقدمة أيضاً (393:1، 2) وردت التكاليف وحدها (المقدمة 17:3، 6).
تكليف: طرح التكليف (المقري 1، 600، 17): وكان مطرح التكليف بمشي بثوب واحد وعلى رأسه طاقية.
تكليف: رسميات، مجاملات مزعجة، تملق، تقاليد الحفلات، المجاملات بين الأفراد (بوشر).
تكليفي، الفروض التكليفية: الأنظمة القانونية (مقدمة ابن خلدون 16:3، 11)؛ العقل التكليفي: العقل الذي يملي على صاحبه واجباته (المقدمة 202:1، 1).
مكلف وجمعه مَكالِف: المسؤول عن إطعام غيره (رنجرز، 165، 12، 199، 7، 8، 10؛ ولم يفهم الناشر معنى هذه الكلمة التي وردت في ص201).
مكلف (وانظر تكليف): هو ذلك بلغ سن الرشد، أي السن الذي يصبح فيه مسؤولا عن أعماله وخاضعاً للأوامر التي يفرضها القانون الإلهي (زيشر 430:11، 33:20) (هو العاقل البالغ) ابن بطوطة 170:2، المقري 582:1، 5 المقدمة 201:1، 347:7، 5.
مكلَّف: المفرط في التأنق (ألف ليلة، برسل 323:9، 325).
مكلَّف: فخم، باذخ، فاخر (بوشر، ألف ليلة 104:3، 8): التروس المكلفة.
مُكَلَّف: يحتمل أن يكون معناها متكلفاً لو حذفنا منها كلمة نفسه وتطلق على الشخص الذي يقوم بعمل يتجاوز طاقته أو على الفضولي الذي يدس أنفه فيما لا يعنيه (انظر معجم الجغرافيا).
مكلفة: حمّى عنيفه (دومب 88).
متكلّف: أنظر: مُكَلَّف.
متكلف: المفرط في التصنع (فريتاج) (العبدري ص55) بعد أن نسب إلى كلمة مكة بعض الاشتقاقات: وهذا بعيد متكلف لا خفاء بضعفه.
متكلف بالتشريفات: المسؤول عن الرسميات (بوشر).
(كلف)
الْمَاشِيَة كلفا عَلفهَا (محدثة)

(كلف) وَجهه كلفا أَصَابَهُ الكلف فَهُوَ أكلف وَهِي كلفاء (ج) كلف وَالشَّيْء وَبِه أحبه وأولع بِهِ فَهُوَ كلف وَالْأَمر احتمله على مشقة وعسر
كلف
الْكَلَفُ: الإيلاع بالشيء. يقال: كَلِفَ فلان بكذا، وأَكْلَفْتُهُ به: جعلته كَلِفاً، والْكَلَفُ في الوجه سمّي لتصوّر كُلْفَةٍ به، وتَكَلُّفُ الشيءِ: ما يفعله الإنسان بإظهار كَلَفٍ مع مشقّة تناله في تعاطيه، وصارت الْكُلْفَةُ في التّعارف اسما للمشقّة، والتَّكَلُّفُ: اسم لما يفعل بمشقّة، أو تصنّع، أو تشبّع، ولذلك صار التَّكَلُّفُ على ضربين:
محمود: وهو ما يتحرّاه الإنسان ليتوصّل به إلى أن يصير الفعل الذي يتعاطاه سهلا عليه، ويصير كَلِفاً به ومحبّا له، وبهذا النّظر يستعمل التَّكْلِيفُ في تكلّف العبادات.
والثاني: مذموم، وهو ما يتحرّاه الإنسان مراءاة، وإياه عني بقوله تعالى: قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ
[ص/ 86] وقول النبي صلّى الله عليه وسلم: «أنا وأتقياء أمّتي برآء من التّكلّف» . وقوله: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها
[البقرة/ 286] أي: ما يعدّونه مشقّة فهو سعة في المآل. نحو قوله: وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ [الحج/ 78] ، وقوله: فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً الآية [النساء/ 19] .

كذب

[كذب] كَذَبَ كِذْباً وكَذِباً، فهو كاذب وكذّابٌ وكَذوب، وكيذُبانٌ ومَكْذَبان ومكذبانة، وكذبة مثال همزة، وكذبذب مخفف، وقد يشدد. وأنشد أبو زيد: وإذا أتاك بأننى قد بعتها * بوصال غانية فقل كذبذب والكذب جمع كاذب، مثل راكع وركع. قال الشاعر : متى يَقُلْ تنفع الأقوامَ قَوْلَتُهُ * إذا اضمحلَّ حديث الكُذَّبِ الوَلَعَهْ والتكاذب: ضد التصادق. والكُذُبُ: جمع كذوب مثل صبور وصبر. ومنه قرأ بعضهم: (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب) ، فجعله نعتا للالسنة. والاكذوبة: الكذب. وأكذبت الرجلَ: ألفَيْتُه كاذباً: وكذَّبته، إذا قلتَ له كَذَبْتَ. قال الكسائي: أكْذَبْتُهُ، إذا أخْبَرْتَ أنه جاء بالكذب ورواه. وكَذَّبْتُهُ، إذا أخبرتَ أنه كاذب . وقال ثعلب: أكْذَبَهُ وكَذَّبَه بمعنى. وقد يكون أكْذَبَهُ بمعنى بَيَّنَ كَذِبَه، وقد يكون بمعنى حَمَله على الكذب، وبمعنى وجَدَه كاذباً. وقوله تعالى: (وكَذَّبوا بآياتنا كِذَّاباً) ، وهو أحد مصادر المشدد، لان مصدره قد يجئ على تفعيل مثل التكليم، وعلى فعال مثل كذاب، وعلى تفعلة مثل توصية، وعلى مفعل مثل (ومزقناهم كل ممزق) . وقوله تبارك وتعالى: (ليس لِوَقْعَتها كاذِبَةٌ) هو اسمٌ يوضع موضع المصدر، كالعاقبة والعافية والباقية. وقال: (فهل تَرى لهمْ من باقِيَة) ، أي بقاء. وقولهم: إن بنى فلان ليس لجدهم مكذوبة أي كَذِبٌ. وكَذَبَ قد يكون بمعنى وجب. وفى الحديث " ثلاثة أسفار كَذَبْنَ عليكم " قال ابن السكيت: كأن كَذَبَ ههنا إغراءٌ، أي عليكم به. وهى كلمة نادرة جاءت على غير القياس. وجاء عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه: " كذب عليكم الحج " أي وجب. قال الاخفش: فالحج مرفوع بكذب ومعناه نصب، لانه يريد أن يأمر بالحج، كما يقال أمكنك الصَيْدُ، يريد ارْمِهِ. قال الشاعر : كَذَبَ العَتيقُ وماءُ شنٍّ باردٌ * إن كنتِ سائِلتي غَبوقاً فاذْهبي يقول: عليكِ العتيقَ. وتقول: ما كَذَّبَ فلانٌ أن فَعَل كذا، أي ما لبث. وتَكَذَّبَ فلانٌ، إذا تكلَّف الكذب. ويقال حمل فلانٌ فما كَذَّبَ، بالتشديد، أي ما جَبُنَ. وحمل ثم كَذَّبَ، أي لم يَصْدُق الحملة. قال الشاعر : ليثٌ بِعَثَّرَ يصطاد الرجالَ إذا * ما الليثُ كَذَّبَ عن أقرانه صدقا وكذب لبن الناقة، أي ذهب.
كذب الخبر: عدم مطابقته للواقع، وقيل: هو إخبارٌ لا على ما عليه المخبر عنه.

كذب

1 كَذَبَ, aor. ـِ inf. n. كَذِبٌ (a strange form of inf. n.; there being, accord. to Kz., only fourteen instances of it; as لَعِبٌ, and ضَحِكٌ, &c.; though there are many substantives of this measure; MF) and كِذْبٌ (S, K: accord. to Ibn-Es-Seed and others, this latter is formed from the former, by putting the second vowel of the former in the place of the first: MF) and كَذِبَةٌ (L) or كَذْبَةٌ (K) and كِذْبَهٌ (L, K) and كِذَابٌ and كِذَّابٌ (K: but this last, which is also assigned to كَذَبَ in the L, is, accord. to the S, which refers, for proof, to the Kur, ch. lxxviii.

28, one of the inf. ns. of كذّب: and Ks says, that the people of El-Yemen make the inf. n. of فعّل of the measure فِعَّالٌ, while the other Arabs make it تَفْعِيلٌ: TA) and, accord. to some, كُذْبٌ and كَذْبٌ (TA: but the latter of these two, though agreeable with analogy, is unheard: TA): see also كَذِبٌ, below: [He lied; uttered a falsehood; said what was untrue:] he gave an untrue account, or relation, of a thing, whether intentionally or unintentionally. (Msb) الكَذِبُ is of five kinds. b2: First, The relater's changing, or altering, what he hears; and his relating; as from others, what he does not know. This is the kind that renders one criminal, and destroys manly virtue. — Second, The saying what resembles a lie, not meaning anything but the truth. Such is meant in the trad., كَذَبَ إِبْرٰهِيمُ ثَلَاثَ كَذِبَاتٍ

Abraham said three sayings resembling lies; he being veracious in the three. — Third, The saying what is untrue by mistake, or unintentionally; making a mistake; erring. This signification is frequent. — Fourth, The finding one's hopes false, or vain. — Fifth, The act of instigating, or inciting. (IAmb.) [See illustrations of these and other significations below; and see more voce صَدَقَ.] [You say] يَكْذِبُكَ مِنْ أَيْنَ جَاءَ [He will lie to thee even as to the place whence he comes.] (L, art. مح, and in many other places, following the similar phrase لَا يَصْدُقُكَ أَثَرَهُ, or أَثَرُهُ.) Lebeed says, اِكْذِبِ النَّفْسَ إِذَا حَدَّثْتَهَا Lie to the soul (i. e., to thy soul,) when thou talkest to it: i. e., say not to thy soul, Thou wilt not succeed in thine enterprise; for thy doing so will divert thee, or hinder thee, therefrom. A proverb. (Meyd, &c.) b3: كُذِبَ, pass., He was told a lie; a falsehood; or an untruth. (K.) b4: Aboo-Duwád says, كَذَبَ العَيْرُ وَإِنْ كَانَ بَرَحْ The wild ass hath lied, although he hath passed from right to left: [the doing which is esteemed unlucky:] or, [agreeably with explanations of كَذَبَ given below,] hath become languid, and within [the sportsman's] power, or reach, &c.: or keep to the wild ass, and hunt him, &c. A proverb, applied in the case of a thing that is hoped for, though difficult of attainment. (TA.) b5: كَذَبَتْ and ↓ كذّبت (tropical:) She (a camel), being covered by the stallion, raised her tail, and then returned without conceiving. (En-Nadr, K.) b6: كَذَبَ is said of other things than men [and animals]: as of lightning, [meaning (assumed tropical:) It gave a false promise of rain]: of a dream, an opinion, a hope, and a desire, [meaning, in each of these cases, (assumed tropical:) It proved false]. (TA.) b7: So also كَذَبَتِ العَيْنُ (assumed tropical:) The sense [i. e., the sight] of the eye deceived it. (TA.) b8: كَذَبَ الرَّأْىُ [(assumed tropical:) The judgment lied]; i. e., he imagined the thing contrary to its real state. (TA.) [See also صَدَقَ ظَنِّى] b9: كَذَبَتْكَ عَيْنُكَ (tropical:) Thine eye showed thee what had no reality. (TA.) b10: كَذَبَ لَبَنُ النَّاقَةِ, and ↓ كذّب, (the latter mentioned in the S,) (tropical:) The milk of the camel passed away, or failed. (Lh.) b11: كَذَبَ فِى سَيْرِهِ (tropical:) [He (a camel) became slack, or slow, in his pace: see 2]. (TA.) b12: كَذَبَ الحَرُّ (tropical:) The heat abated. (TA.) b13: See also 2. كَذَبَ He found his hopes to be false, or vain. (IAmb.) اُنْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى

أَنْفُسِهِمْ, [Kur vi. 24, lit., See how they lied against themselves,] is said to signify see how their hope hath proved false, or vain. (TA.) b14: ظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا, [Kur xii. 110,] They (the apostles) thought that they had been disappointed of the fulfilment of the promise made to them. So accord. to one reading. Accord. to another reading, the verb is ↓ كُذِّبُوا: [in which case, the meaning of the words appears to be, “ They knew that they had been pronounced liars ” by the people to whom they were sent]. (TA.) There are also two other readings; ↓ كَذَّبُوا and كَذَبُوا: accord. to the former, the verb refers to the people to whom the apostles were sent; and ظنّوا means “ they knew: ” accord. to the latter, the words mean, “ They (the people above mentioned) thought that they (the apostles) had broken their promise. ” (Jel.) b15: مَا كَذَبَ الفُؤَادُ مَا رَأَى [The mind did not belie what he saw.] (Kur liii. 11.) b16: كَذَبَتْهُ نَفْسُهُ [His soul lied to him:] his soul made him to desire things, and to conceive hopes, that could scarcely come to pass. (K.) Hence the soul is called الكَذُوبُ.

You say in the contr. case, صَذَقَتْهُ نفسه, and الكَذُوبُ. (TA.) See كَذُوبٌ, and art. صدق. b17: Hence, كَذَبَ عَلَيْهِ signifies It rendered him active, or brisk; animated him; instigated him; incited him; (K;) as also كَذَبَهُ. (Z.) b18: Hence, كَذَبَ and كَذَبَكَ and كَذَبَ عَلَيْكَ have sometimes the same signification, though not always the same government, as عَلَيْكَ, or اِــلْزَمْ; Keep to; or take to. The noun following is put in the nom. case accord. to the dial. of El-Yemen; and in the acc. accord. to the dial. of Mudar; or, as some say, is correctly put in the nom. only. (TA.) You say, كَذَبَ عَلَيْكَ كَذَا وَكَذَا, meaning Keep to, or take to, such and such things. It is an extr. phrase. (ISk.) You also say, كَذَبْتُ عَلَيْكَ, meaning Keep thou to me: and كذبتُ عَلَيْكُمْ Keep ye to me. IAar. cites the following verse of Khidásh Ibn-Zuheyr, [in which he tauntingly compares a people to ticks]: كَذَبْتُ عَلَيْكُمْ أَوْ عِدُونِى وَعَلِّلُوا بِىَ الأَرْضَ وَالأَقْوَامَ قِرْدَانَ مَوْظَبَا [Keep ye to me: threaten me, and soothe by (the mention of) me the land and the peoples, O ticks of Mowdhab!]: meaning Keep ye to me, and to satirizing me, when ye are on a journey, and traverse the land mentioning me. (TA.) In like manner, يَوْمُ الأَحَدِ والخَمِيسِ كَذَبَاكَ أَوْ يَوْمُ الإِثْنَيْنِ والثَّلَاثَاءِ, in a trad. respecting the proper days for being cupped, signifies Keep thou to Sunday and Thursday, or Monday and Tuesday. (IAth, Z.) The verb is thus used after the manner of a proverb, and is invariable [as to tense], being constantly in the pret. tense, connected [literally or virtually, when explained by عَلَيْكَ followed by the prep. ب, or by إِــلْزَمْ,] only with the person addressed, and in the sense of the imperative. كذباك here [lit.] signifies Let them render thee active, or brisk, and animate thee, instigate thee, or incite thee. (Z.). [A trad. of 'Omar, quoted below, presents another instance to which this signification is said to apply.] b19: Or كَذَبَ denotes instigation, or incitement, of the person addressed, to keep to the thing that is mentioned; as in the saying of the Arabs, كَذَبَ عَلَيْكَ العَسَلُ, meaning Eat thou honey: but the explanation of this is, (The relinquisher of) honey hath erred [to thee; i. e., in his representation of its evil qualites &c.; which is equivalent to saying, Eat, or keep to, honey]: العَسَلُ being put for تَارِكُ العَسَلِ. [See also 1 in art. عسل.] In like manner, the saying of 'Omar, كَذَبَ عَلَيْكُمُ الحَجُّ &c., (see below,) signifies Keep ye to the performance of the pilgrimage, &c.: [or (the relinquisher of) the pilgrimage hath erred to thee in his representation of it: therefore it means as above]. (IAmb.) Accord. to IAmb the noun signifying the object of instigation [which may also be called the cause thereof] cannot be rightly put in the acc. case: if so put, the verb is without an agent. (TA.) [But see what is said on this point in the remarks on the trad. of 'Omar below.] b20: Or the verb in a case of this kind signifies أَمْكَنَ: thus, كَذَبَكَ الحَجُّ signifies The performance of the pilgrimage is possible, or practicable, to thee: therefore [it means] Perform thou the pilgrimage. (ISh.) b21: Or أَمْكَنَ is its original signification; and the meaning intended is Keep to; as in the ex. كَذَبَ العَتِيقُ. (Aal.) b22: 'Antarah, addressing his wife 'Ableh, says; or, accord. to some, the poet is Khuzaz Ibn-Lowdhán; كَذَبَ العَتِيقُ وَمَآءُ شَنٍّ بَارِدٌ

إِنْ كُنْتِ سَائِلَتِى غَبُوقًا فَاذْهَبِى (TA.) i. e., Keep thou to the eating of dates, and to the cool water of an old, worn-out, skin: if thou ask me for an evening's drink of milk, depart: for I have appropriated the milk to my colt, which is profitable to me, and may preserve me and thee: (L:) العتيق is in the nom. case accord. to the dial. of El-Yemen: but in the acc. accord. to that of Mudar. (TA.) b23: Er-Radee [reading العتيقَ] cites this verse as a proof that كَذَبَ, originally a verb, has become a verbal noun, signifying اِــلْزَمْ. (TA.) But he is the only one who asserts it to be a verbal noun. (MF.) b24: Also, Mo'akkir El-Bárikee says, وَذُبْيَانِيَّةٍ أُوْصَتْ بَنِيهَا بِأَنْ كَذَبَ القَرَاطِفُ وَالقُرُوفُ And many a woman of Dhubyán charged her sons by [saying], Keep to the red garments (اكسية), and the bags (or receptacles) of leather tanned with pomegranate-bark. She charged them to take plenty of these two things as spoil from the tribe of Nemir, if they should prevail over them. (Aboo-'Obeyd El-Kásim Ibn-Selám.) b25: كذب is also said to have the same meaning in the words of the trad. كَذَبَ النَّسَّابُونَ [Keep to those skilled in genealogy:] or Regard is to be had to what is said by those skilled in genealogy: another meaning to which is assigned below. (TA.) b26: It sometimes signifies It is incumbent, or obligatory. So in the following: (a trad. of 'Omar: TA:) كَذَبَ عَلَيْكُمُ الحَجُّ كَذَبَ عَلَيْكُمُ العُمْرَةُ كَذَبَ عَلَيْكُمُ الجِهَادُ ثلَاثَةُ

أَسْفَارٍ كَذَبْنَ عَلَيْكُمْ [The performance of the pilgrimage is incumbent on you: the performance of (the rites called) العمرة is incumbent on you: warring (for the sake of religion) is incumbent on you: three expeditions are incumbent on you]: (S, * K:) or كذب, here, is from كَذَبَتْهُ نَفْسُهُ, “ his soul made him to desire things, and to conceive hopes, that could scarcely come to pass; ” and the meaning is let [the expectation of the reward which will follow] the performance of the pilgrimage render thee active, or brisk, and animate thee, instigate thee, or incite thee, to the act: [and so of the rest of the trad.: but here I should observe, that, for لِيَكْذِبَكَ and لِيُنَشِّطَكَ and يَبْعَثَكَ, in the CK, we should read لِيَكْذِبْكَ &c.:] (K:) b27: or, as ISk says, كذب, here, seems to denote instigation, or incitement, meaning عَلَيْكُمْ بِهِ keep ye to it; and is an extr. word with respect to analogy: (S:) b28: accord. to Akh., الحجّ is governed in the nom. case by كذب; but as to the meaning, it is in the acc.; because the meaning is a command to perform the pilgrimage; as when you say, أَمْكَنَكَ الصَّيْدُ [“ the game hath become within thy power, or reach ”], meaning “ shoot it, ” or “ cast at it: ” (S:) he who puts الحجّ in the acc. case, [agreeably with one relation of the trad., TA,] makes عليك [or عليكم] a verbal noun; and in كذب is [implied] the pronoun which refers to الحجّ [and which is the agent of the verb]; (K;) or the agent is implied in كذب, and explained by what follows it; (Sb;) [so that] the meaning is كَذَبَ الحَجُّ عَلَيْكُمُ الحَجَّ: (Z:) or, [as shown above,] كذب is a verbal n., meaning الْزَمْ, and الحجّ is in the acc. case as governed by it: (Er-Radee:) though its being in the acc. case, accord. to some, is altogether unknown: (TA:) b29: [or the meaning is as stated before on the authority of ISh.:] b30: or the trad. means كَذَبَ عَلَيْكَ الحَجُّ إِنْ ذُكِرَ

أَنَّهُ غَيْرُ كَافٍ هَادِمٍ لِمَا قَبْلَهُ مِنَ الذُّنُوبِ [(the relinguisher of) the pilgrimage hath erred to thee if it have been spoken of (by him) as not sufficient, (and as not) abolishing the sins, or offences, (committed) before it: agreeably with the explanation by IAmb, given above]. (K.) b31: كَذَبَ He said what was false unintentionally; committed a mistake, or error. The verb is used in this sense by the people of El-Hijáz, and the rest of the Arabs have followed them in so using it. (Towsheeh.) A2: كَذَبَ is also said to signify He spoke truth; so as to bear two contr. meanings: and thus, كَذَبَ النَّسَّابُونَ may signify Those skilled in genealogy have spoken truth: but another explanation of this saying is given in this art. (MF, &c.) A3: كَذَبَتْ عَفَّاقَتُكَ [and the like] Thou brokest wind. (S in art. عفق.) 2 كذّبه, inf. n. تَكْذِيبٌ, (and كِذَّابٌ, TA, and تَكْذِبَةٌ [like تَجْرِبَةٌ &c.], occurring in the TA, voce لَهَبَةٌ, &c.) He made, or pronounced, him a liar; an utterer of falsehood; or a sayer of what was untrue: (K:) he attributed, or ascribed, to him lying, untruth, mendacity, or the speaking untruth: (Msb:) and (Msb) [accused him of lying:] he gave him the lie; said to him, “ Thou hast lied, ” &c. (S, Msb.) See also 4. b2: كذّب بِالأَمْرِ, inf. n. تَكْذِيبٌ and كِذَّابٌ (K: the latter inf. n. of the dial. of El-Yemen: Ks, Fr) and كِذَابٌ, (TA,) He rejected, disallowed, denied, disacknowledged, disbelieved in, or discredited, the thing; syn. أَنْكَرَهُ; (K;) as also كذّبهُ, and ↓ كَذَبَهُ. (Jel, liii. 11.) Ex. وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا [And they rejected our signs, with rejection: Kur, lxxviii. 28]. (S.) And كَذَّبَ الفُؤَادُ مَا رَأَى, and ↓ كَذَبَ: see art. فأد, and see 1. b3: كذّب عَنْهُ (assumed tropical:) He repelled from him, [or defended him]; syn. رَدَّ عَنْهُ; namely, a man. (K.) [See exs. voce عوّى, in art. عو.]

A2: حَمَلَ فَمَا كَذّب, inf. n. تَكْذِيبٌ, (tropical:) He charged, and was not cowardly, (S, K,) and did not retreat. (TA.) حَمَلَ ثُمَّ كذّب He charge, and then was cowardly, or did not charge with earnestness, or sincerity: (S:) b2: or falsified the opinion formed of him: or made a false charge. (A.) كذّب عَنَ قِرْنِهِ He charged, and then retreated from his adversary. (Sh.) كذّب القِتَالَ He was cowardly in fight. التَّكْذِيبُ in fighting is the contr. of الصِّدْقُ. (TA.) b3: كذّب السَّيْرَ [He slackened his pace, or became slow, after giving promise of being quick;] he did not proceed in his journey with energy. (TA.) b4: مَا كَذَّبَ أَنْ فَعَلَ كَذَا (so in the TA, and in a MS. copy of the K: in the CK, and in two copies of the S, مَا كَذَبَ:) (tropical:) He did not delay to do so: (S, K:) he was not cowardly and weak, and did not delay to do so. (TA.) A3: كذّب عَنْ أَمْرٍ قَدْ أَرَادَهُ (tropical:) He abstained, or desisted, or drew back by reason of fear, from a thing that he had desired to do. (K.) b2: كذّب (and ↓ كَذَبَ, TA,) (assumed tropical:) He (a wild beast) took a run, and then stopped to see what was behind him, (K,) whether he were pursued or not. (TA.) 3 كَاذَبْتُهُ, inf. n. مُكَاذَبَةٌ and كِذَابٌ, I lied, &c., to him, and he to me. (K, * TA.) 4 اكذبهُ He found him a liar; an utterer of falsehood; or a sayer of what was untrue: (S, K:) or he said to him, “ Thou hast lied ”: &c.: (TA:) or this verb bears the former of these two significations, and ↓ كذّبه signifies the latter: (S:) or اكذبه signifies he shewed him that he had told a lie, &c.: (Zj:) or اكذبه signifies he announced that he had told, or related, a lie, &c.: and ↓ كذّبه, he announced his being a liar, &c.: (Ks, S:) or اكذبه and ↓ كذّبه are syn.: but the former sometimes signifies he incited, urged, or induced, him to lie, &c. (a signification assigned to it in the K): and sometimes, he made manifest, or proved, his lying, &c. (a signification also assigned to it in the K): and he found him a liar, &c. (Th, S, * TA.) A2: اكذب, inf. n. إِكْذَابٌ, (tropical:) He, being called to, or shouted to, remained silent, feigning to be asleep. (AA, K.) 5 تكدّب He affected lying: or he lied purposely (تَكَلَّفَ الكَذِبَ). (S, K.) He told a lie; [like كَذَب.] (MA, KL.) [See also an instance in which it is trans., meaning He spoke falsely, voce تزعّم.] b2: تكذّبهُ, (K,) and تكذّب عَلَيْهِ, (TA,) He asserted that he was a liar. (K.) Aboo-Bekr Es-Siddeek says, رَسُولٌ أَتَاهُمْ صَادِقًا فَتَكَذَّبُوا عَلَيْهِ وَقَالُوا لَسْتَ فِينَا بِمَا كِثِ

[An apostle came to them, speaking truth; but they brought a charge of lying against him, or asserted him to be a liar, and said, Thou shalt not stay among us]. (TA.) 6 تكاذبوا They lied, &c., one to another. (S.) See also تَصَادَقَا.

كَذْبٌ and كَذِبٌ and كَذَبٌ and كُذْبٌ i. q. كَدْبٌ &c. (K, art. كدب.) كَذِبٌ and ↓ أُكْذُوبَةٌ [pl. أَكَاذِيبُ] (S, K) and ↓ كُذْبَى and ↓ مَكْذُوبٌ (K: this last a pass. part. n. used in the sense of an inf. n., as is said to be done in only four other instances: MF) and ↓ مَكْذُوبَةٌ (S, K: a fem. pass. part. n. which is less used in this manner than a masc.: TA [or perhaps an inf. n., as its contr. مَصْدُوقَةٌ is said to be:]) and ↓ مَكْذَبَةٌ (K: a meemee inf. n. agreeable with analogy: TA) and ↓ مُكْذُبَةٌ (CK: omitted in a MS. copy, and in the TA) and ↓ كَاذِبَةٌ (S, K) and ↓ كُذْبَانٌ and ↓ كُذَّابٌ (K) and ↓ تَكْذَابٌ (L, art. مسح,) are synonymous: (S, K) [all of these are regarded by some as inf. ns., signifying The act of lying; uttering a falsehood; or saying what is untrue: by others, all but the first seem to be regarded as simple substantives, signifying a lie; a falsehood; an untruth; a fiction; a fable: and the first, being an inf. n., is often used as a subst.] b2: إِنَّ بَنِى

↓ نُمَيْرٍ لَيْسَ لَهُمْ مَكْذُوبَةٌ [Verily no lying, or lie, is attributable to the sons of Numeyr] is related as a phrase of the Arabs. (Fr.) b3: إِنَّ بَنِى فُلَانٍ

↓ لَيْسَ لِحَدِّهِمٌ مَكْذُوبَةٌ; i. e., كَذِبٌ; [Verily no falsity is attributable to the valour of the sons of such a one]. (S.) b4: ↓ لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ [Kur lvi. 2,] signifies There shall be no rejecting its happening [as a falsity]: كاذبة being here an inf. n.: (Fr) or كاذبة is here a subst. put in the place of an inf. n., like عَاقِبَةٌ and عَافِيةٌ and بَاقِيَةٌ. (S.) b5: ↓ لَا مُكْذَبَةَ, and ↓ لا كُذْبَى, and ↓ لا كُذْبَانَ, I do not accuse thee of lying; or make thee a liar: (TA:) [and in like manner] لَا كُذْبَ لَكَ, and لا كُذْبَى لَكَ, signify لا تَكْذِيبَ There is no accusing thee of lying; or making thee a liar. (Lb.) b6: الشِّعْرِ ↓ تَكَاذِيبُ [The lies of poetry]. (TA.) b7: جَاؤُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ, [Kur xii. 18, They brought, upon his shirt, false blood]: كذب here means ↓ مَكْذُوبٍ: (Fr and Abu-l- 'Abbás:) or is for ذِى كَذِبٍ, meaning مَكْذُوبٍ فِيهِ: (Zj:) or the blood is termed كذب because he (Jacob) was told a lie thereby. (Akh.) See another reading in art. كدب.

كُذْبَى: see كَذِبٌ.

كَذْبَانٌ: see كَاذِبٌ.

كُذْبَانٌ: see كَذِبٌ.

الكَذُوبُ and الكَذُوبَةُ (tropical:) Names of the soul. (Az, K.) See 1. b2: صَدَقَتْهُ الكَدُوبُ, [The soul (i. e. his soul) told him truth:] the soul diverted him, or hindered him, or held him back, from an undertaking, causing him to imagine himself unable to prosecute it. (TA.) One says so of a man who threatens another, and then belies himself, and is cowardly and weak. (AA.) Fr cites this hemistich: حَتَّى إِذَا مَا صَدَقَتْهُ كُذُبُهْ Until, when his souls told him the truth, or diverted him, &c.: the poet assigning souls to the person spoken of because of the several opinions of the soul. (TA.) كَذَّابٌ: see كَاذِبٌ.

كُذَّابٌ: see كَذِبٌ.

كَذَّابَةٌ (assumed tropical:) A piece of cloth that is dyed of various colours, or figured, as though it were embroidered, and stuck to the ceiling of a chamber: so called because one would imagine that it [meaning what is figured] is upon the ceiling, whereas it is upon a piece of cloth beneath the ceiling. (A, L.) كَاذِبٌ and ↓ كَذَّابٌ (fem. with ة, TA,) and ↓ كَذُوبٌ and ↓ كُذَبَةٌ (S, K) and ↓ كَذُوبَةٌ and ↓ تِكِذَّابٌ (like تِصِدَّاقٌ, TA) and ↓ كَذْبَانٌ (K) and ↓ كَيْذُبَانٌ (S, K) and ↓ كَيْذَبَانٌ (Az, K) and ↓ مَكْذَبَانٌ and ↓ مَكْذَبَانَةٌ and ↓ كُذُبْذُبٌ and ↓ كُذُّبْذُبٌ (S, K; neither of which last two words has its like in measure, IJ) and ↓ كُذُبْذُبَانٌ (K) epithets, applied to a man, from كَذَبَ “ he lied, &c.: ” (S, K, &c.:) [the first word a simple epithet, signifying Lying, &c.; or a liar: each of the others an intensive epithet, signifying Lying, &c., much; mendacious; or a great, or habitual, liar]. Pl. of the first word [كَاذِبُونَ and] كُذَّبٌ; and of the third, كُذُبٌ: (S:) or, accord. to some, the last is pl. of كَاذِبٌ, contr. to analogy; or pl. of كِذَابٌ, which is an inf. n. used as an intensive epithet. (MF.) b2: See كَذِبٌ b3: نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ, [in the Kur xcvi. 16,] signifies ناصيةٍ كاذبةٍ صَاحِبُهَا [By] a forelock whose owner is a liar. (TA.) b4: Of the same kind is the expression ↓ رُؤْيَا كَذُوبٌ, meaning رؤيا صَاحِبُهَا كَاذِبٌ [A dream whereof the dreamer finds it to be false, or vain; i. e. a false, or vain, dream]. (TA.) [See also a verse cited voce خَيَالٌ.] b5: قَدْ يَصْدُقُ ↓ إِنَّ الكَذُوبَ [Verily the habitual liar in some few instances speaks truth]. A proverb. (TA.) b6: نَاقَةٌ كَاذِبٌ, and ↓ مُكَذِّبٌ, (tropical:) A she-camel that, being covered by the stallion, raises her tail, and then returns without conceiving. (En-Nadr, K.) b7: حَمْلَةٌ كَاذِبَةٌ, and ↓ مَكْذُوبَةٌ [لَهَا? (see مَصْدُوقَةٌ),] (tropical:) A charge that is followed up with cowardice and retreating. (TA.) A2: الكَذَّابَانِ An epithet applied to Museylimeh El-Hanafee and El-Aswad El-'Ansee. (K.) [Each of them is called الكذّاب.]

أَكْذَبُ [More and most, lying, or mendacious]: see an ex. voce سُهَيْلَة.

أُكْذُوبَةٌ: see كَذِبٌ.

تَكْذَابٌ and تَكَاذِيبُ: see كَذِبٌ.

مَكْذَبَةٌ: see كَذِبٌ.

مُكْذُبَةٌ: see كَذِبٌ.

مَكْذُوبٌ: see كَذِبٌ b2: [One to whom a lie, falsehood, or untruth, is told: see كُذِبَ.] Ex.

كُلُّ امْرِئٍ بِطَوَالِ العَيْشِ مَكْذُوبُ Every man, in respect of the length of life, is lied to [by his own soul]. A proverb. (Meyd, &c.) b3: قَوْلٌ مَكْذُوبٌ [originally مَكْذُوبٌ فِيهِ] A false saying, or lie; [lit.] a saying in which a falsehood, or lie, is told. (M, TA, voce مَقْتُوتٌ.) مَكْذُوبَةٌ: see كَذِبٌ.

A2: A weak woman. (IAar, K.) b2: A virtuous woman. (TA.) مَكَاذِبُ [signifying lies, falsehoods, or untruths,] is said to be a word that has no proper sing.: or it is pl. of كَذِبٌ, contr. to analogy: or its sing. is مَكْذَبٌ: like as is said of مَحَاسِنُ and مَذَاكِرُ

&c. (MF.)
(ك ذ ب) : (أَكْذَبَ) نَفْسَهُ بِمَعْنَى كَذَّبَهَا عَنْ اللَّيْثِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ أَقَرَّ بِالْكَذِبِ.
بَاب الْكَذِب

المين والزور والتخرص والإفك وَالْبَاطِل والخطل والعند والتزيد واللغو والانتحال والولع والبهت وفجر ووكع 
(كذب)
كذبا وكذبا وكذابا أخبر عَن الشَّيْء بِخِلَاف مَا هُوَ عَلَيْهِ فِي الْوَاقِع وَعَلِيهِ أخبر عَنهُ بِمَا لم يكن فِيهِ وَأَخْطَأ يُقَال كذب الظَّن والسمع وَالْعين والرأي وَالشَّيْء لم يتَحَقَّق مَا يبْنى عَنهُ وَمَا يُرْجَى مِنْهُ يُقَال كذب الْبَرْق والطمع وَفُلَانًا أخبرهُ بِالْكَذِبِ وَيُقَال كذبه الحَدِيث وَيُقَال كذبت فلَانا نَفسه حدثته بالأماني الْبَعِيدَة وَيُقَال كذب نَفسه وكذبته عينه أرته مَا لَا حَقِيقَة لَهُ فَهُوَ كَاذِب (ج) كذب وَهِي كَاذِبَة (ج) كواذب
كذب: كذب: خدع، أوهم، غشّ. ويقال: كذبة (دي يونج، المقري 299:2، 540) وقد صححها فليشر في (الإضافات وبريشت ص89).
كذب على فلان (بوشر) وفيه خدعه وغشه (بدرون ص296، ألف ليلة 88:1) وربما قيل كذب إلى فلان (بدرون ص296) وقد يتعدى إلى مفعولين فيقال: كذبة الحديثَ (فليشر وبريشت).
كذب عليه: خدعه متعمداً، غرَّ، موَّهَ عليه (بوشر) (طلى عليه).
ففي رياض النفوس (ص57 ق): وقال الله يعلم أني ما قلتُ إلا ما أخبرني به أبو بكر وما كذبتُ عليه.
كَذَّب به: اعتقد أن الأمر ليس حقاً، وأنكره. (معجم الطرائف ص46).
كَذَّب: حارب بفتور وضعف وخَوَر، وبلا قوّة وبأس، ففي ياقوت (188:3): إذا حملنا لم نصبر ونكذب.
كَذَّب (السلاح الناري): لم تنطلق قذيفته. (بوشر).
كذَّب الجمعية: غادر الجمعية بلا استئذان وتركها، ولم يلقها بعد أن وعد بلقائها. (بوشر).
أكْذب فلاناً خدعه بالأكاذيب (ويجزر ص28، ص96 رقم 119).
كَذِب: مُلفَّق، مُختلَق. (بوشر، القرآن الكريم 18:12).
كذْبَة: فرية، كذبة نيسان، وهي أُكذوبة يتعابث بها بعض الناس في أول هذا الشهر من كل سنة (فوك، بوشر).
كُذاب. مرجان كُذَاب: مرجان مزيّف. (بركهارت فوييه ص270).
كَذُوبَة: مختلق. (المعجم اللاتيني- العربي).
كَذُوبَة: كذبة. (بوسييه).
كذّاب: مزيّف، يقال مثلاً: لؤلؤ كذّاب. (بوشر).
كاذب. الكاذب: صنف نبات اسمه العلمي: Origanum dictamnus ( ابن البيطار 518:2).
تكَذُّب: اشتعال الفتيلة دون أن تنطلق القذيفة. (بوشر).
كذب وَقَالَ [أَبُو عبيد -] : فِي حَدِيث عمر كذب عَلَيْكُم الْحَج كذب عَلَيْكُم الْعمرَة كذب عَلَيْكُم الجِهادُ ثَلَاثَة أسفار كذبن عَلَيْكُم. قَالَ الْأَصْمَعِي: معنى كذب عَلَيْكُم معنى الإغراء أَي عَلَيْكُم بِهِ وَكَأن الأَصْل فِي هَذَا أَن يكون نصبا وَلكنه جَاءَ عَنْهُم بِالرَّفْع شاذا على غير قِيَاس قَالَ: وَمِمَّا يُحَقّق ذَلِك أَنه مَرْفُوع قَول الشَّاعِر: [الطَّوِيل]

كذبتُ عَلَيْك لَا تزالُ تقوفني ... كَمَا قافَ آثارَ الوسيقةِ قائفُ

فَقَوله: كذبتُ عَلَيْك إِنَّمَا أغراه بِنَفسِهِ أَي عَلَيْك [بِي -] فَجعل نَفسه فِي مَوضِع رفع أَلا ترَاهُ قد جَاءَ بِالتَّاءِ فَجَعلهَا أُسَمِّهِ وَقَالَ معقر الْبَارِقي: [الوافر] وذُبْيَانِيّةٍ أوصَتْ بَنِيها... بأنْ كَذَبَ القراطِفُ والقُروفُ

القراطِف: القِطف وَاحِدهَا قَرْطف والقروف: الأوعية. قَالَ: فَرفع وَالشعر مَرْفُوع وَمَعْنَاهُ: عَلَيْكُم بالقراطف والقروف. قَالَ أَبُو عبيد: وَمِمَّا يُحَقّق الرّفْع أَيْضا قَول عمر: ثَلَاثَة أسفار كذبن عَلَيْكُم قَالَ: وَلم أسمع فِي هَذَا حرفا مَنْصُوبًا إِلَّا فِي شَيْء كَانَ أَبُو عُبَيْدَة يحكيه عَن أَعْرَابِي نظر إِلَى نَاقَة نِضو لرجل فَقَالَ: كَذَبَ عَلَيْك البزرَ والنَّوى وَلم أسمع [أحدا يَحْكِي -] فِي هَذَا نصبا غير قَول أبي عُبَيْدَة هَذَا. قَالَ ابْن علية: وَالْعرب تَقول للْمَرِيض: كذب عَلَيْك العسلَ كذب عَلَيْك كَذَا وَكَذَا أَي عَلَيْك بِهِ. 95 - / الف
ك ذ ب

هو كذوب وكذّاب وكذبة وكيذبان، وكذب أخاه كذباً وكذّاباً، " وليس لمكذوب رأى ". وكاذبه مكاذبة وكذاباً، " والصدوق لا يكذب ". وتكذّب: تكلّف الكذب، وكذّبه وكذّب به: جعله كاذباً بأن وصفه بالكذب. وهو من تكذيب العرب. وجاء بأكذوبة وأكاذيب. وواعدني فأكذبته: وجدته كاذباً.

ومن المجاز: " حمل فلان ثم كذّب " إذا جبن ونكل ومعناه كذذب الظنّ به أو جعل حملته كاذبة غير صادقة. وكذب لبن الناقة وكذّب: ذهب، وكذبت الناقة وكذّبت، وناقة كاذب ومكذذبٌ: رجعت حائلاً بعد ما ضربت وشالت. وكذب عنا الحر: انكسر. قال البعيث:

إذا كذبت عنّا الظهيرة قرّبت ... لحين رواح القوم خوصٌ عيونها

وجرى الوحشيُّ ثم كذّب أي وقف. وما كذّب أ، فعل كذا: ما أبطأ. وكذب السير إذا لم يجدّ، كما يقال: صدق السير إذا جدّ، وكذب القوم السرى إذا لم يقدروا عليه. قال الأعشى:

إذا كذب الآثمات الهجيرا

وكذبتك عينك: أرتك ما لا حقيقة له. قال الأخطل:

كذبتك عينك أم رأيت بواسط ... غلس الظلام من الرّباب خيالاً

وليس لجدّهم مكذوبة: كذبق. ولبس الكذّابة وهي ثوب منقوش بألوان الصّبغ كأنه موشيٌّ. وكذب نفسه وكذبته نفسه إذا حدّثها أو حدّثته بالأماني البعيدة والأمور التي لا يبلغها وسعه ومقدرته، ومنه قيل للنفس: الكذوب. قال:

فأقبل نحوي على قدرةٍ ... فلما دنا صدقته الكذوب

وقال:

حتى إذا ما صدّقته كذبه

جعل له نفوساً لتفرّق رأيه وانتشاره، ومنه قالوا: كذبك الأمر، وكذب عليك " ثلاثة أسفار كذبن عليكم "، " كذبتك الظهائر ": للمنقرس وقد شرح في كتاب الفائق في الأخبار أمره وأعطيَ حظّه من التحقيق.

كذب


كَذَبَ(n. ac. كَذْبَة
كِذْب
كِذْبَة
كَذِب
كِذَاْب
&
كِذَّاب
a. Lied, told a falsehood; was a liar; erred; deceived
disappointed, proved fallacious; failed.
b. [acc. & Min], Lied to .... about.
c. Lied to, belied.
d. [Fī], Was slow in ( his pace: camel ).
e. Abated; passed away.
f. ['Ala], Lied against.
g. ['Ala], Animated; instigated.
h. ['Ala], Kept to.
i. ['Ala], Was incumbent upon.
j. [pass.], Was accused falsely.
k. [pass.], Was told a lie.
l. Covered (stallion).
m. Spoke the truth.

كَذَّبَa. Pronounced, declared a liar; gave the lie to;
contradicted; belied.
b. [Bi], Disbelieved, discredited, disallowed
disacknowledged, rejected; denied.
c. ['An], Defended.
d. Retreated, ran away.
e. Was cowardly in (fight).
f. ['An], Ran away from; desisted, drew back from.
g. Slackened ( his speed ).
كَاْذَبَa. see I (c)
أَكْذَبَa. see II (a)b. Found, proved a liar.
c. Made, caused to lie.
d. Feigned to be asleep ( when called ).

تَكَذَّبَa. Lied, was addicted to lying.
b. [acc.
or
'Ala], Called, considered a liar.
تَكَاْذَبَa. Lied to each other.

إِسْتَكْذَبَa. see II (a)
كِذْب
a. [ coll. ]
see 5
كُذْبَىa. see 5 (a)
كَذِبa. Lie, falsehood, untruth; falsity.
b. Fiction, fable.
c. Deceit, imposture, fraud.

كُذَبَةa. Mendacious; cheat, impostor, deceiver; liar.

أَكْذَبُa. Falser; falsest. —
مَكْذَبَة
17t
مَكْذُبَة
(pl.
مَكَاْذِبُ)
see 5 (a)
كَاْذِب
(pl.
كَذَبَة
كُذَّب & reg. )
a. Lying, mendacious, untruthful; false, deceitful;
fallacious, deceptive; liar; story-teller.

كَاْذِبَةa. fem. of
كَاْذِبb. see 5 (a)c. Falsity; imposture.

كِذَاْبa. see 5 (a) (b).
كَذُوْب
(pl.
كُذُب)
a. see 21b. [art.], The soul.
كَذُوْبَةa. see 21 & 26
(b).
كَذَّاْبa. see 9t & 21
كَذَّاْبَةa. Figured cloth used for covering ceilings.

كُذَّاْبa. see 5 (a)
كَذْبَاْنُa. see 21
كُذْبَاْنa. see 5 (a)
تَكْذَاْب
(pl.
تَكَاْذِيْب)
a. see 5 (a) (b).
N. P.
كَذڤبَa. see 5 (a)b. Deceived.
c. ['Ala], Accused falsely.
d. False (saying).
مَكْذُوْبَة (pl.
مَكَاْذِيْبُ)
a. see 5 (a)b. Weak (woman).
c. Virtuous (woman).
مُكْذُبَة
a. see 5 (a)
أُكْذُوْبَة (pl.
أَكَاْذِيْبُ)
a. see 5 (a)
كَيْذَُبَان
a. see 21
تِكِذَّاب مَكْذَبَان مَكْذَبَانَة
a. see 21
كُذُبْذُب كُذُبْذَبَان
a. see 21
كَذَّبَ نَفْسَهُ
أَكْذَبَ نَفْسَهُ
a. He belied himself, contradicted himself.

مَا كَذَّبَ أَنْ يَفْعَل
ذٰلِك
a. He did not delay, did not fail to do that.

كَذَج
a. Asylum, refuge.
كذب
الكَذِبُ: مَعْروفٌ، وهو الكِذَابُ. يَكْذِبُكَ كَذِباً: أخْبَرَكَ بالكَذِبِ. ويُكَذبُكَ تَكْذِيباً: لم يُصَدقْ حَدِيْثَكَ. وهو كاذِبٌ وكَذُوْبٌ.
وقُرِىءَ قولُه عزَّ وجل: " فإنَّهم لا يُكَذبُوْنَكَ " ولا يُكْذِبُوٍنَكَ، فَمَنْ ثَقَلَ فَمَعْناه لا يَسْتَطِيْعُونَ أن يَجْعَلُوه كاذِباً. ومَنْ خَفف فمعناه: فإِنَهم لا يقولون كَذَبْتَ، وأكْذَبْتُ الرَّجُلَ: إذا أخْبَرْتَ أنَّه جاءَ بالكَذِب.
وقولُه تعالى: " َلغْواً ولا كِذَاباً " - خَفِيْفَةً -: أي ولا كَذِباً، و " لا كِذّاباً " أرادَ التَّكْذِيْبَ.
والكُذُبْذُبُ والكُذُّبْذُبُ: الكَذِبُ. وهو الكاذِبُ أيضاً، وجَمْعُه كَذَاذِبُ. ورَجُلَ كَيْذَبَانٌ وكَيْذُبَانٌ وأُكَيْذِبانٌ: أي كاذِبٌ. وفيه كَيْذَبَانٌ: أي كَذِبٌ. وبَيْنَهم أُكْذُوْبَةٌ: أي يَتَكاذَبُوْنَ.
وتقول: كَذِبْتَ وفَجِرْتَ - بالكَسْر -.
وفي المَثَل: ليس لِمَكْذُوْبٍ رَأْيٌ.
والعَرَبُ تُسَمّي النَّفْسَ: الكَذُوْبَ، وجَمْعُها كُذُبٌ.
ويُقال: كَذَبَ عليكم الحَجُّ: أي وَجَبَ عليكم، ولا يُصَرَّفُ وُجُوهُ الفِعْل منه.
وأنْشَدُوا:
كَذَبْتُ عليكم أوْعِدُوني وعَلَّلُوابيَ الأرضَ والأقوامَ قِرْدَانَ مَوْظِبا أي عليكم بهجائي فاقْطَعُوا بذِكْرِيَ الأرضَ.
ويقولون: كَذَبَتْكَ الظَّهائرُ: أي عليك بالمَشْي في حَر الظَّهائرِ.
وفي حَديث عمَرَ - رضي الله عنه -: كَذَبَ عليكم الحَجُّ، كَذَبَ عليكم الجِهَادُ، كَذَب عليكم العُمْرَةُ، ثلاثةُ أسْفَارٍ كَذَبْنَ عليكم، ومعناه الإِغراءُ، وحَقُه النَصْبُ.
وحَمَلَ عليه فما كَذَّبَ: أي ما انْثَنى. والتَكْذِيْبُ: الفِرَارُ.
وما كَذَّبَ أنْ يَفْعَلَ ذاكَ: أي ما لَبثَ.
وكَذّبَ الوَحْشِيُّ: إذا جَرى شَوْطاً ثم وَقَفَ ليَنْظُرَ ما وَرَاءه.
ويُقال للناقَةِ التي تُضْرَبُ فَتَشُول ثم تَرْجِع حائلاً بَعْدَ اللّقَاح: كَذَّبَتْ تَكْذِيباً فهي مُكَذِّبٌ، وكَذَبَتْ - مُخفَّفَةً - فهيَ كاذِبٌ.
وكَذَبَ لَبَنُ الناقَةِ كَذِباً: أي ذَهَبَ، وكَذَّبَ تَكْذِيباً.
والإِكْذَابُ: أنْ يُصِيْخَ ويَسْكُتَ ويُرِي أنَه نائمٌ وهو كالإِطْرَاق.
والكَذّابَةُ: ثَوْبٌ يُنقَشُ بألْوانِ الصِّبْغ كأنَّه مُوَشّىً.
ك ذ ب : كَذَبَ يَكْذِبُ كَذِبًا وَيَجُوزُ التَّخْفِيفُ بِكَسْرِ الْكَافِ وَسُكُونِ الذَّالِ فَالْكَذِبُ هُوَ الْإِخْبَارُ عَنْ الشَّيْءِ بِخِلَافِ مَا هُوَ سَوَاءٌ فِيهِ الْعَمْدُ وَالْخَطَأُ وَلَا وَاسِطَةَ بَيْنَ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْإِثْمُ يَتْبَعُ الْعَمْدَ وَأَكْذَبَ نَفْسَهُ وَكَذَّبَهَا بِمَعْنَى اعْتَرَفَ بِأَنَّهُ كَذَبَ فِي قَوْلِهِ السَّابِقِ وَأَكْذَبْتُ زَيْدًا بِالْأَلِفِ وَجَدْتُهُ كَاذِبًا وَكَذَّبْتُهُ تَكْذِيبًا نَسَبْتُهُ إلَى الْكَذِبِ أَوْ قُلْت لَهُ كَذَبْت قَالَ الْكِسَائِيُّ وَتَقُولُ الْعَرَبُ أَكْذَبْتُهُ بِالْأَلِفِ إذَا أَخْبَرْتُ بِأَنَّ الَّذِي حَدَّثَ كَذِبٌ وَرَجُلٌ كَاذِبٌ وَكَذَّابٌ.
وَفِي التَّنْزِيلِ {قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ} [النمل: 27] فِيهِ أَدَبٌ حَسَنٌ لِمَا يَــلْزَمُ الْعُظَمَاءَ مِنْ صِيَانَةِ أَلْفَاظِهِمْ عَنْ مُوَاجَهَةِ أَصْحَابِهِمْ بِمُؤْلِمِ خِطَابِهِمْ عِنْدَ احْتِمَالِ خَطَئِهِمْ وَصَوَابِهِمْ وَمِثْلُهُ قَوْله تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ الْمُنَافِقِينَ {قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} [المنافقون: 1] ثُمَّ قَالَ {وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [المنافقون: 1] أَيْ فِي ضَمِيرِهِمْ الْمُخَالِفِ الظَّاهِرَ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ كَاذِبًا بِالْمَيْلِ لَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَكَانَ أَلْطَفَ مِنْ قَوْلِهِ أَصَدَقْتَ أَمْ كَذَبْتَ وَمِنْ هُنَا يُقَالُ عِنْدَ احْتِمَالِ الْكَذِبِ لَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ
وَنَحْوُهُ فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ تَعَمَّدَ الْكَذِبَ أَوْ غَلِطَ أَوْ لَبَّسَ فَأَخْرَجَ الْبَاطِلَ فِي صُورَةِ الْحَقِّ وَلِهَذَا يَقُولُ الْفُقَهَاءُ لَا نُسَلِّمُ وَلَكِنَّهُمْ يُشِيرُونَ إلَى الْمُطَالَبَةِ بِالدَّلِيلِ تَارَةً وَإِلَى الْخَطَإِ فِي النَّقْلِ تَارَةً وَإِلَى التَّوَقُّفِ تَارَةً فَإِذَا أَغْلَظُوا فِي الرَّدِّ قَالُوا لَيْسَ كَذَلِكَ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ. 
ك ذ ب: (كَذَبَ) يَكْذِبُ بِالْكَسْرِ (كِذْبًا وَكَذِبًا) بِوَزْنِ عِلْمٍ وَكَتِفٍ فَهُوَ (كَاذِبٌ) وَ (كَذَّابٌ) وَ (كَذُوبٌ) وَ (كَيْذُبَانٌ) بِضَمِّ الذَّالِ وَ (مَكْذَبَانٌ) بِفَتْحِ الذَّالِ وَ (مَكْذَبَانَةٌ) بِفَتْحِهَا أَيْضًا وَ (كُذَبَةٌ) كَهُمَزَةٍ وَ (كُذُبْذُبٌ) بِضَمِّ الْكَافِ وَالذَّالَيْنِ مُخَفَّفًا، وَقَدْ تُشَدَّدُ ذَالُهُ الْأُولَى فَيُقَالُ: (كُذُّبْذُبٌ) . وَ (الْكُذَّبُ) جَمْعُ (كَاذِبٍ) كَرَاكِعٍ وَرُكَّعٍ. وَ (التَّكَاذُبُ) ضِدُّ التَّصَادُقِ. وَ (الْكُذُبُ) بِضَمَّتَيْنِ جَمْعُ (كَذُوبٍ) كَصَبُورٍ وَصُبُرٍ. وَقَرَأَ بَعْضُهُمْ: «لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكُذُبُ» جَعَلَهُ نَعْتًا لِلْأَلْسِنَةِ. وَ (الْأُكْذُوبَةُ) الْكَذِبُ. وَ (أَكْذَبَهُ) جَعَلَهُ كَاذِبًا. وَ (كَذَّبَهُ) أَيْ قَالَ لَهُ كَذَبْتَ. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: (أَكْذَبَهُ) أَخْبَرَ أَنَّهُ جَاءَ بِالْكَذِبِ وَرَوَاهُ، وَ (كَذَّبَهُ) أَخْبَرَ أَنَّهُ كَاذِبٌ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: هُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَقَدْ يَكُونُ أَكْذَبَهُ بِمَعْنَى بَيَّنَ كَذِبَهُ. وَقَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى حَمَلَهُ عَلَى الْكَذِبِ. وَبِمَعْنَى وَجَدَهُ كَاذِبًا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {كِذَّابًا} [النبأ: 28] أَحَدُ مَصَادِرِ فَعَّلَ بِالتَّشْدِيدِ، وَيَجِيءُ أَيْضًا عَلَى التَّفْعِيلِ كَالتَّكْلِيمِ وَعَلَى التَّفْعِلَةِ كَالتَّوْصِيَةِ وَعَلَى الْمُفَعَّلِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ} [سبأ: 19] . وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ} [الواقعة: 2] وَهِيَ اسْمٌ وُضِعَ مَوْضِعَ الْمَصْدَرِ كَالْعَاقِبَةِ وَالْعَافِيَةِ وَالْبَاقِيَةِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ} [الحاقة: 8] أَيْ مِنْ بَقَاءٍ. وَ (كَذَبَ) قَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى وَجَبَ. وَفِي الْحَدِيثِ: «ثَلَاثَةُ أَسْفَارٍ كَذَبْنَ عَلَيْكُمْ» وَجَاءَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «كَذَبَ عَلَيْكُمُ الْحَجُّ» أَيْ وَجَبَ. وَتَمَامُ بَيَانِهِ فِي الْأَصْلِ. وَ (تَكَذَّبَ) فُلَانٌ إِذَا تَكَلَّفَ الْكَذِبَ. وَ (كَذَبَ) لَبَنُ النَّاقَةِ أَيْ ذَهَبَ. 
(كذب) - في حديث المَسْعُودِى: "رَأيتُ في بَيْتِ القَاسِم كذَّابَتَين في السَّقْفِ"
الكَذَّابَةُ: ثَوْبٌ يُصَوَّرُ ويُلْزَق بسَقْف البَيْت، سُمِّيَتْ به لأنَّها تُوهِم أنّ تلك الصُّورةَ في السَّقْف، وإنما هي في شيءٍ دونَه.
- في حديث عُبَادةَ - رضي الله عنه -: "كَذبَ أَبُو مُحمَّد"
: أي أَخْطَأ. قال الأخطل:
كَذَبتْكَ عَينُكَ أَم رَأَيتَ بِواسِطٍ
غَلَسَ الظَّلاَم مِن الرَّباب خَيَالَا
- ومنه الحديث الآخر: "صَدَقَ الله وكَذَبَ بَطَنُ أخِيكَ"
والخَطأ يُشبِه الكَذِب في كونه ضِدَّ الصّواب، كما أنَّ الكَذِبَ ضِدُّ الصِّدق، وافْتَرقَا من حَيثُ النِّيَّةِ والقَصْد؛ لأنّ الكاذِبَ يَعلم أَنّ ما يَقولهُ مُحَالٌ باطِلٌ، والمُخطِئُ يقصِدُ الحَقَّ، وَيظُنّ أنّ ما يَقولُه صَوابٌ؛ ولهذا إذَا تبَيَّن له رجَع إليه. وحقِيقَة الكذبِ إنّما يَقع في الإخبار، وهذا الرّجُلُ في هذا ليس بمُخْبرٍ عن غَيره.
وقد نَزَّه الله سبحانه وتعالى أَقدارَ الصَّحابة عن الكَذِب، وشَهِد لهم بالصِّدْقِ والعَدَالَة فقال: {أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} وفي مَوضعٍ آخر: {أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ} رضي الله عنهم.
ولأبي محمد هذا صُحْبَة، واسْمه مسعُود بن زَيدٍ.
وقد يَجرِى الكَذِبُ في كلامهم مَجَرى الخُلْف، قال ذو الرُّمَّةِ:
. . . ما في سَمْعِهِ كذِبُ
- في الحديث: "لا يَصْلُح الكَذِبُ إلَّا في ثلاثٍ"
قيل: أراد به: مَعاريض الكلامِ الذي هو كَذِبٌ من حَيثُ يَظُنُّه السَّامعُ، وصِدْقٌ من حَيْث يَقوله القائلُ، وإلّا فقد قال الله تعالى: {وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} ، {وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} .
ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبعدُ النّاس من خِلاف ما أَمَر الله تعالى به. وقد ورد في بعض طرق الحديث: "لم يُرخَّص فيما يقول الناسُ إنّه كَذِبٌ إلَّا في ثَلاثَةٍ"
: أي ليس قائِلُه بكاذبٍ، لأنّه لم يُرِد به الكَذِبَ، وإن كان ظاهِرُه عند النّاس كَذِباً.
- ورُوى عن عُمرَ - رضي الله عنه -: "إنّ في المَعاريِض ما يُغنِي المسلمُ عن الكَذِبِ".
وعن عِمران بن حُصَين رضي الله عنه أيضًا، ورُوى مَرفوعًا: " أنّه إذَا أرادَ سَفَرًا وَرَّى بِغَيره "
كذب
قد تقدّم القول في الْكذبِ مع الصّدق ، وأنه يقال في المقال والفعال، قال تعالى:
إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ
[النحل/ 105] ، وقوله: وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ
[المنافقون/ 1] وقد تقدّم أنه كذبهم في اعتقادهم لا في مقالهم، ومقالهم كان صدقا، وقوله: لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ
[الواقعة/ 2] فقد نُسِبَ الكَذِبُ إلى نفس الفعل، كقولهم: فعلة صادقة، وفعلة كاذبة، قوله: ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ [العلق/ 16] ، يقال: رجل كَذَّابٌ وكَذُوبٌ وكُذُبْذُبٌ وكَيْذَبَانُ.
كلّ ذلك للمبالغة، ويقال: لا مَكْذُوبَة، أي: لا أكذبك، وكذبتك حديثا، قال تعالى: الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ
[التوبة/ 90] ، ويتعدّى إلى مفعولين نحو: صدق في قوله: لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ [الفتح/ 27] . يقال:
كَذَبَهُ كَذِباً وكِذَّاباً، وأَكْذَبْتُهُ: وجدته كاذبا، وكَذّبْتُه: نسبته إلى الكذب صادقا كان أو كاذبا، وما جاء في القرآن ففي تَكْذِيبِ الصادق نحو:
كَذَّبُوا بِآياتِنا
[آل عمران/ 11] ، رَبِّ انْصُرْنِي بِما كَذَّبُونِ
[المؤمنون/ 26] ، بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ [ق/ 5] ، كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنا [القمر/ 9] ، كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعادٌ بِالْقارِعَةِ [الحاقة/ 4] ، وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ
[الحج/ 42] ، وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ [فاطر/ 25] ، وقال: فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ [الأنعام/ 33] قرئ بالتخفيف والتّشديد»
، ومعناه: لا يجدونك كاذبا ولا يستطيعون أن يثبتوا كذبك، وقوله: حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا
[يوسف/ 110] أي: علموا أنهم تلقوا من جهة الذين أرسلوا إليهم بالكذب، ف «كذّبوا» نحو: فسّقوا وزنّوا وخطّئوا: إذا نسبوا إلى شيء من ذلك، وذلك قوله: فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ
[فاطر/ 4] وقوله: فَكَذَّبُوا رُسُلِي [سبأ/ 45] ، وقوله: إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ [ص/ 14] ، وقرئ: كذبوا بالتّخفيف. من قولهم: كذبتك حديثا.
أي: ظنّ المرسل إليهم أنّ المرسل قد كذبوهم فيما أخبروهم به أنهم إن لم يؤمنوا بهم نزل بهم العذاب، وإنما ظنّوا ذلك من إمهال الله تعالى إيّاهم وإملائه لهم، وقوله: لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا كِذَّاباً
[عمّ/ 35] الْكِذَّابُ:
التّكذيب. والمعنى: لا يُكَذِّبُونَ فَيُكَذِّبُ بعضهم بعضا، ونفي التّكذيب عن الجنة يقتضي نفي الكذب عنها، وقرئ: كذابا من الْمُكَاذَبَةِ.
أي: لا يَتَكَاذَبُونَ تَكَاذُبَ الناس في الدنيا، يقال:
حمل فلان على قرنه فكذب ، كما يقال في ضدّه: صدق. وكَذَبَ لبنُ الناقة: إذا ظنّ أن يدوم مدّة فلم يدم. وقولهم: (كَذَبَ عليك الحجُّ) قيل: معناه وجب فعليك به، وحقيقته أنه في حكم الغائب البطيء وقته، كقولك: قد فات الحجّ فبادر، أي: كاد يفوت. وكَذَبَ عليك العسلَ بالنّصب، أي: عليك بالعسل، وذلك إغراء، وقيل: العسل هاهنا العسلان، وهو ضرب من العدو، والْكَذَّابَةُ: ثَوْبٌ يُنْقَشُ بلونِ صِبْغٍ كأنه موشى، وذلك لأنه يُكَذَّبُ بحاله.
الْكَاف والذال وَالْبَاء

الْكَذِب: نقيض الصدْق.

كذب يكذب كذبا، وكذبا وكذبة، وكذبة، هَاتَانِ عَن اللحياني، وكذابا، وكذابا، انشد اللحياني:

نادت حليمة بالوداع وآذنت ... أهل الصفاء وودعت بِكَذَّابٍ

وَرجل كَاذِب، وَكَذَّاب، وتكذاب، وكذوب، وكذوبة، وكذبة، وكذبان، وكيذبان، ومكذبان ومكذبانة، وكذبذبان، وكذبذب، وكذبذب، قَالَ:

وَإِذا سَمِعت بأنني قد بعتهم ... بوصال غانية فَقل كذبذب

قَالَ ابْن جني: أما " كذبذب " خَفِيف " كذبذب " ثقيل، فهاتانلم يحكهما سِيبَوَيْهٍ، قَالَ: وَنَحْوه مَا رويته عَن بعض اصحابنا من قَول بَعضهم: " ذرحرح " بِفَتْح الراءين.

وَالْأُنْثَى: كَاذِبَة، وكذابة، وكذوب.

وَكذب الرجل: اخبر بِالْكَذِبِ، وَفِي الْمثل: " لَيْسَ لمكذوب رَأْي ".

ورؤيا كذوب: كَذَلِك، أنْشد ثَعْلَب:

فحيت فحياها فَهَب فحلقت ... مَعَ النَّجْم رُؤْيا فِي الْمَنَام كذوب

والاكذوبة: الْكَذِب.

والكاذبة: اسْم للمصدر: كالعاقية، وَفِي التَّنْزِيل: (لَيْسَ لوقعتها كَاذِبَة) .

وَيُقَال: لَا مكذبة، وَلَا كذبى، وَلَا كذبان: أَي لَا اكذبك.

وَكذب الرجل تَكْذِيبًا، وكذابا: جعله كَاذِبًا.

وَكَذَلِكَ: كذب بِالْأَمر تَكْذِيبًا، وكذابا، وَفِي التَّنْزِيل: (وكذبُوا باياتنا) وَفِيه: (لَا يسمعُونَ فِيهَا لَغوا وَلَا كذابا) وَيقْرَأ: (ولَا كذابا) أَي: كذبا. عَن اللحياني، وَقَالَ اللحياني: قَالَ الْكسَائي: أهل الْيمن يجْعَلُونَ مصدر " فعلت ": فعالا، وَغَيرهم من الْعَرَب: تفعيلا.

وتكذبوا عَلَيْهِ: زَعَمُوا انه كَاذِب، قَالَ: قَالَ أَبُو بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ:

رَسُول اتاهم صَادِق فتكذبوا ... عَلَيْهِ وَقَالُوا لست فِينَا بماكث

وأكذبه: ألفاه كَاذِبًا، أَو قَالَ لَهُ كذبت، وَفِي التَّنْزِيل: (فَإِنَّهُم لَا يكذبُونَك) قُرِئت بالتثقيل وَالتَّخْفِيف.

وكاذبة مكاذبة، وكذابا: كَذبته، وَكَذبَنِي.

وَقد يسْتَعْمل الْكَذِب فِي غير الْإِنْسَان، قَالُوا: كذب الْبَرْق والحلم وَالظَّن والرجاء والطمع.

وكذبت الْعين: خانها حسها.

وَكذب الرَّأْي: توهم الْأَمر بِخِلَاف مَا هُوَ بِهِ.

وكذبته نَفسه: منته بِغَيْر الْحق.

والكذوب: النَّفس، لذَلِك قَالَ:

إِنِّي وَإِن منتني الكذوب ... لعالم أَن اجلي قريب

وكذبته عفاقته: وَهِي استه، وَنَحْوه، عَن كثير.

وَكذب عَنهُ: رد.

وَأَرَادَ امراً ثمَّ كذب عَنهُ: أَي احجم.

وَكذب الوحشي، وَكذب: جرى شوطا، ثمَّ وقف لينْظر مَا وَرَاءه.

وَمَا كذب أَن فعل ذَلِك تَكْذِيبًا: أَي مَا كع وَلَا لبث.

وَحمل عَلَيْهِ فَمَا كذب: أَي مَا انثنى وَمَا جبن وَمَا رَجَعَ.

وَحَملَة كَاذِبَة: كَمَا قَالُوا فِي ضدها: صَادِقَة، وَهِي المصدوقة والمكذوبة فِي الحملة.

وَكذب عَلَيْكُم الْحَج وَالْحج، من رفع: جعل " كذب " بِمَعْنى: وَجب، وَمن نصب: فعل الإغراء، وَلَا يصرف مِنْهُ آتٍ وَلَا مصدر وَلَا اسْم فَاعل وَلَا مفعول وَله تَعْلِيل دَقِيق، وَمَعَان غامضة تَجِيء فِي الْأَشْعَار وَقد انعمت شرح ذَلِك فِي الْكتاب الْمُخَصّص. وَكذب لبن النَّاقة: ذهب، هَذِه عَن اللحياني.

والكذابة: ثوب يصْبغ بالوان ينقش كَأَنَّهُ موشى.

والكذاب: اسْم لبَعض رجاز الْعَرَب.

والكذابان: مُسَيْلمَة الْحَنَفِيّ، وَالْأسود الْعَنسِي.
كذب
كذَبَ/ كذَبَ على يَكذِب، كِذْبًا وكَذِبًا وكِذابًا وكِذْبةً وكِذّابًا، فهو كاذب، والمفعول مكذوب (للمتعدِّي)
• كذَب الشَّخصُ:
1 - أخبر عن الشّيء بخلاف ما هو عليه في الواقع، عكسه صدَق "مَن كذَب في حبِّه صدَق في كرهه- لا يكذب المرءُ إلاّ من مهانتِه ... أو عادةِ السوءِ أو من قِلّةِ الأدبِ- {وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ} - {إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} - {وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا} " ° كذَبتِ العينُ: أرت مالا حقيقةَ له وخانها حِسُّها- كذّب البرقُ: خدع وأضلَّ، ولم يتحقّق ما ينبئ عنه وما يُرجَى منه.
2 - أخطأ "كذب الأملُ/ الرأيُ/ الظنُّ/ العينُ- {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} ".
3 - مكَر وكفَر.
• كذَب فلانًا الحديثَ/ كذَب على فلان: أخبره بخلاف الواقع " {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} - {وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللهَ وَرَسُولَهُ} " ° كذَبتَ فلانًا نفسُه: حدّثته بالأماني البعيدة- كذَبتك عينُك: أَرَتْكَ ما لا حقيقةَ له. 

أكذبَ يُكذب، إكذابًا، فهو مُكْذِب، والمفعول مُكْذَب
• أكذَب فلانًا: بيَّن كِذْبه، نسبه إلى الكذب "أكذب نفسَه: اعترف بأنه كذَب في قوله السابق- {فَإِنَّهُمْ لاَ يُكْذِبُونَكَ} [ق] " ° ما أكْذَبه!: ما أكثر كذبه. 

تكاذبَ يتكاذب، تَكاذُبًا، فهو مُتكاذِب
• تكاذب القومُ: كذَب بعضُهم على بعض. 

كاذبَ يكاذب، مُكاذبةً وكِذابًا، فهو مكاذِب، والمفعول مكاذَب
• كاذبَ الرجلُ خَصْمَه: كذّب كُلٌّ منهما الآخرَ ولم يصدِّقه. 

كذَّبَ/ كذَّبَ بـ يكذِّب، تكذيبًا وكِذّابًا، فهو مُكذِّب، والمفعول مُكذَّب (للمتعدِّي)
• كذّب السِّلاحُ: تعطّل، لم تنطلق قذيفتُه.
• كذَّب الشاهِدَ: خطّأه زاعمًا أنّه لم يقل الحقّ، أو نسبه إلى الكذب "كذَّب الخبرَ: زعِم أنّه مخالف للحقيقة- كذَّب نفسَه: اعترف بأنّه كذب في قوله السابق- {إِنْ كُلٌّ إلاَّ كَذَّبَ الرُّسُلَ} " ° تكذيب رسميّ: تصريح يثبت عدم صحَّة خبر أو ينفي حدوثَ أمر.
• كذَّب بالأمرِ: أنكره وجحده " {وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا} ". 

أُكْذوبة [مفرد]: ج أكاذيبُ: خبر كاذب أو مُلفَّق أو مُخْتلَق. 

تكذيب [مفرد]:
1 - مصدر كذَّبَ/ كذَّبَ بـ.
2 - تصريح يُثبت عدمَ صحَّة خبر أو ينفي حدوثَ أمر "نشرت المجلَّة تكذيبًا لما نسبته إلى أحد الأشخاص في عددها السّابق- تكذيب نبأ/ اتّهام". 

كاذِب [مفرد]: ج كاذبون وكَذَبة وكُذَّاب وكُذَّب، مؤ كاذبة، ج مؤ كاذِبات وكَواذِبُ:
1 - اسم فاعل من كذَبَ/ كذَبَ على.
2 - خاطئ وخادع "بلاغ/ أمل/ قمر كاذب- قد يُزهر المجدُ الكاذب لكنه لا يثمر [مثل أجنبيّ]: يماثله في المعنى المثل العربيّ: للباطل جولة ثمّ يضمحلّ" ° الفجر الكاذب: سمِّي بذلك؛ لظهور نوره ثم ذهابه- جنين كاذب: كتلة لحميّة غير طبيعيّة في الرّحم- حمل كاذب: حالة نفسيَّة وجسديّة حيث تظهر أعراض الحمل دون حصوله- يمين كاذبة. 

كِذاب [مفرد]: مصدر كاذبَ وكذَبَ/ كذَبَ على. 

كَذِب [مفرد]:
1 - مصدر كذَبَ/ كذَبَ على.
2 - قول يخالف الحقيقةَ مع العِلم بها "عمود الكذب البهتان- إِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُور [حديث]- {وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ} " ° أجنحة الكذب قصيرة- حبل الكذب قصير: لا يدوم وسرعان ما ينكشف- هذا كَذِب صُراح. 

كِذْب [مفرد]: مصدر كذَبَ/ كذَبَ على ° كِذْب في كِذْب: ليس سوى كذب، خِداع. 

كِذْبة [مفرد]: ج كِذْبات (لغير المصدر):
1 - مصدر كذَبَ/ كذَبَ على.
2 - فِرْية، خبر كاذب ° كِذْبة إبريل: قول غير صادق أو مخالف للواقع يتعابث به الناسُ في أوّل شهر إبريل من كلّ سنة، ويقال لها سمكة إبريل أيضًا. 

كَذّاب [مفرد]:
1 - صيغة مبالغة من كذَبَ/ كذَبَ على: كثير الكذب " {وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ} ".
2 - زائف "جوهر كذَّاب". 

كِذّاب [مفرد]: مصدر كذَبَ/ كذَبَ على وكذَّبَ/ كذَّبَ بـ. 

كَذوب [مفرد]: ج كُذُب: صيغة مبالغة من كذَبَ/ كذَبَ على: كثير الكذب "إن كنْتَ كذوبًا فكن ذكورًا [مثل]: يُضرب لمن يكذب ثمَّ يَنْسَى ما قال فيُحَدِّث بخلاف ما ذكره آنفًا- {إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ كَذُوبٌ كَفُورٌ} [ق] ". 
[كذب] الحجامة على الريق فيها شفاء وبركة فمن احتجم فيوم الأحد ويوم الخميس "كذباك" أو يوم الاثنين والثلاثاء، معنى كذباك: عليك بهما، أي اليومين المذكورين، الزمــخشري: هذه كلمة جرت كالمثل ولذا لم تُصرف ولزمــت كونها فعلًا ماضيًا معلقًا بمخاطب وهي بمعنى الأمر، والمراد بالكذب الترغيب، من قولهم: كذبته نفسه- إذا منته الأماني، وخيلت إليه من الآمال ما لا يكاد يكون، وذلك مما يرغب الرجل في الأمور، ويقولون في عكسه: صدقته نفسه، وخيّلت إليه العجز والنكد، ومن ثم قالوا للنفس: الكذوب، فمعنى كذباك: ليكذباك وينشطاك على الفعل، وقيل: كذب هنا إغراء أي عليك بهذا الأمر، وقيل: بمعنى وجب عليك. ومنه ح عمر: "كذب" عليكم الحج "كذب" عليكم العمرة "كذب" عليكم الجهاد، ثلاثة أسفار "كذبن" عليكم، معناه الإغراء أي عليكم بهذه الأشياء الثلاثة، وكان وجهه النصب على الإغراء ولكنه جاء شاذًا مرفوعًا، وقيل معناه: إن قيل لا حج عليكم، فهو كذب. وقيل معناه الحث، يقول: إن الحج ظن بكم حرصًا عليه ورغبةً فيه، وقيل: معنى كذب عليكم الحج على كلامين: كأنه قال كذب الحج عليك الحج أي ليُرغبك الحج، هو واجب عليك، فأضمر الأول لدلالة الثاني عليه، ومن نصب الحج فقد جعل "سليك" اسم فعل، وفي كذب ضمير الحج، وقال الأخفش: الحج مرفوع بكذب ومعناه نصب لأنه يريد أن يأمره بالحج، كما يقال: أمكنك الصيد، يريد ارمه. ومنه ح عمر لمن شكا إليه النقرس: "كذبتك" الظهائر، أي عليك بالمشي فيها، والظهائر جمع ظهيرة: شدة الحر، وروي: كذب عليك الظواهر، جمع ظاهرة وهي ما خرج من الأرضوغلبوا أنهم قد أخلفوا ما وعدهم الله من النصر وكانوا بشرًا، فأراد بالظن ما يهجس في القلب من شبه الوسواس وحديث النفس، أو أراد بالكذب الغلط فإنهم عند تطاول البلاء توهموا أن ما جاءهم من الوحي كان غلطًا منهم، قوله: "إلا أن نصر الله قريب" جواب من الله فإن ما هو آتٍ قريب، وقيل: هو قول الرسول، وقيل: هو قولهم، أجابوا به أنفسهم، قوله: وأتباعهم، أي المؤمنون، والمظنون تكذيب المؤمنين والمتيقن تكذيب الكفار- الكشاف، قيل: ظن المرسل إليهم أن المرسل قد كذبوا أي أخلفوا بلفظ المجهول، أو أنهم كذبوا من جهة الرسل أي لم يصدقهم رسلهم في أنهم ينصرون.

كذب: الكَذِبُ: نقيضُ الصِّدْقِ؛ كَذَبَ يَكْذِبُ كَذِباً (2)

(2 قوله «كذباً» أي بفتح فكسر، ونظيره اللعب والضحك والحق، وقوله وكذباً، بكسر فسكون، كما هو مضبوط في المحكم والصحاح، وضبط في القاموس بفتح فسكون، وليس بلغة مستقلة بل بنقل حركة العين إلى الفاء تخفيفاً، وقوله: وكذبة وكذبة كفرية وفرحة كما هو بضبط المحكم ونبه عليه الشارح وشيخه.) وكِذْباً وكِذْبةً وكَذِبةً: هاتان عن اللحياني، وكِذاباً وكِذَّاباً؛ وأَنشد اللحياني:

نادَتْ حَليمةُ بالوَداع، وآذَنَتْ * أَهْلَ الصَّفَاءِ، ووَدَّعَتْ بكِذَابِ

ورجل كاذِبٌ، وكَذَّابٌ، وتِكْذابٌ، وكَذُوبٌ، وكَذُوبةٌ، وكُذَبَةٌ مثال هُمَزة، وكَذْبانٌ، وكَيْذَبانٌ، وكَيْذُبانٌ، ومَكْذَبانٌ، ومَكْذَبانة، وكُذُبْذُبانٌ (3)

(3 قوله «وكذبذبان» قال الصاغاني وزنه فعلعلان بالضمات

الثلاث ولم يذكره سيبويه في الأمثلة التي ذكرها. وقوله: واذا سمعت إلخ نسبه الجوهري لأبي زيد وهو لجريبة بن الأشيم كما نقله الصاغاني عن الأزهري، لكنه في التهذيب قد بعتكم وفي الصحاح قد بعتها؛ قال الصاغاني والرواية قد بعته يعني جمله وقبله:

قد طال ايضاعي المخدّم لا أرى * في الناس مثلي في معّد يخطب

حتى تأَوَّبت البيوت عشية * فحططت عنه كوره يتثأب)

، وكُذُبْذُبٌ، وكُذُّبْذُبٌ ؛ قال

جُرَيْبَةُ بنُ الأَشْيَمِ:

فإِذا سَمِعْـتَ بأَنـَّنِـي قد بِعْتُكم * بوِصَالِ غَانيةٍ، فقُلْ كُذُّبْذُبُ

قال ابن جني: أَما كُذُبْذُبٌ خفيف، وكُذُّبْذُبٌ ثَقِـيل، فهاتانِ

بناءَانِ لم يَحْكِهما سيبويه. قال: ونحوُه ما رَوَيْتُه عن بعض أَصحابنا، مِن قول بعضهم ذُرَحْرَحٌ، بفتح الراءَين. والأُنثى: كاذِبةٌ وكَذَّابة وكَذُوبٌ.

والكُذَّب: جمع كاذبٍ، مثل راكِـعٍ ورُكَّعٍ؛ قال أَبو دُواد الرُّؤَاسِي:

مَتَى يَقُلْ تَنْفَعِ الأَقوامَ قَوْلَتُه، * إِذا اضْمَحَلَّ حديثُ الكُذَّبِ الوَلَعَهْ

أَلَيْسَ أَقْرَبَهُم خَيْراً، وأَبعدَهُم * شَرّاً، وأَسْمَحَهُم كَفّاً لمَنْ مُنِعَه

لا يَحْسُدُ الناسَ فَضْلَ اللّه عندهُمُ، * إِذا تَشُوهُ نُفُوسُ الـحُسَّدِ الجَشِعَهْ

الوَلَعَةُ: جمع والِـعٍ، مثل كاتب وكَتَبة. والوالع: الكاذب، والكُذُبُ

جمع كَذُوب، مثل صَبُور وصُبُر، ومِنه قَرَأَ بعضُهم: ولا تقولوا لما تَصِفُ أَلسِنتُكُم الكُذُبُ، فجعله نعتاً للأَلسنة. الفراء: يحكى عن العرب أَن بني نُمير ليس لهم مَكْذُوبةٌ. وكَذَبَ الرجلُ: أَخْبَر بالكَذِبِ.

وفي المثل: ليس لـمَكْذُوبٍ رَأْيٌ. ومِنْ أَمثالهم: الـمَعاذِرُ مَكاذِبُ. ومن أَمثالهم: أَنَّ الكَذُوبَ قد يَصْدُقُ، وهو كقولهم: مع الخَواطِـئِ سَهْمٌ صائِبٌ. اللحياني: رجل تِكِذَّابٌ وتِصِدَّاقٌ أَي يَكْذِبُ ويَصْدُق.

النضر: يقال للناقة التي يَضْرِبُها الفَحْلُ فتَشُولُ، ثم تَرْجِـعُ

حائلاً: مُكَذِّبٌ وكاذِبٌ، وقد كَذَّبَتْ وكَذَبَتْ.

أَبو عمرو: يقال للرجل يُصاحُ به وهو ساكتٌ يُري أَنه نائم: قد أَكْذَب، وهو الإِكْذابُ. وقوله تعالى: حتى إِذا اسْتَيْأَسَ الرُّسلُ وظَنُّوا أَنهم قد كُذِّبُوا؛ قراءة أَهلِ المدينةِ، وهي قِراءة عائشة، رضي اللّه عنها، بالتشديد وضم الكاف. روي عن عائشة، رضي اللّه عنها، أَنها قالت: اسْتَيْأَسَ الرسلُ ممن كَذَّبَهم من قومهم أَن يُصَدِّقُوهم، وظَنَّتِ الرُّسُلُ أَن من قد آمَنَ من قومهم قد كَذَّبُوهم جاءهم نَصْرُ اللّهِ، وكانت تَقْرؤُه بالتشديد، وهي قراءة نافع، وابن كثير، وأَبي عمرو، وابن عامر؛ وقرأَ عاصم وحمزة والكسائي: كُذِبُوا، بالتخفيف. ورُوي عن ابن عباس أَنه قال: كُذِبُوا، بالتخفيف، وضم الكاف. وقال: كانوا بَشَراً، يعني الرسل؛ يَذْهَبُ إِلى أَن الرسل ضَعُفُوا، فَظَنُّوا أَنهم قد أُخْلِفُوا.

قال أَبو منصور: إِن صح هذا عن ابن عباس، فوَجْهُه عندي، واللّه أَعلم، أَن الرسل خَطَر في أَوهامهم ما يَخْطُر في أَوهامِ البشر، مِن غير أَن حَقَّقُوا تلك الخَواطرَ ولا رَكَنُوا إِليها، ولا كان ظَنُّهم ظَنّاً اطْمَـأَنُّوا إِليه، ولكنه كان خاطراً يَغْلِـبُه اليقينُ. وقد روينا عن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، أَنه قال: تَجاوَزَ اللّه عن أُمتي ما حدَّثَتْ به أَنفُسَها. ما لم يَنْطِقْ به لسانٌ أَو تَعْمله يَدٌ، فهذا وجه ما رُوي عن ابن عباس. وقد رُوي عنه أَيضاً: أَنه قرأَ حتى إِذا اسْتَيْأَسَ الرسلُ من قَوْمهم الإِجابةَ، وظَنَّ قَوْمُهُم أَن الرُّسُل قد كذَبهم الوعيدُ. قال أَبو منصور: وهذه الرواية أَسلم، وبالظاهر أَشْبَهُ؛ ومما يُحَقّقها ما رُوي عن سعيد بن جُبَيْر أَنه قال: اسْتيأَسَ الرسلُ من قومهم، وظنَّ قومُهم أَن الرسل

قد كُذِّبُوا، جاءَهم نَصْرُنا؛ وسعيد أَخذ التفسير عن ابن عباس. وقرأَ بعضهم: وظَنُّوا أَنهم قد كَذَبوا أَي ظَنَّ قَوْمُهم أَن الرسلَ قد كَذَبُوهُمْ. قال أَبو منصور: وأَصَحُّ الأَقاويل ما روينا عن عائشة، رضي اللّه عنها، وبقراءَتها قرأَ أَهلُ الحرمين، وأَهلُ البصرة، وأَهلُ الشام. وقوله تعالى: ليس لوَقْعَتِها كاذِبةٌ؛ قال الزجاج: أَي ليس يَرُدُّها شيءٌ، كما تقول حَمْلَةُ فلان لا تَكْذِبُ أَي لا يَرُدُّ حَمْلَتُه شيء. قال: وكاذِبةٌ مصدر، كقولك: عافاه اللّهُ عافِـيةً، وعاقَبَه عاقِـبةً، وكذلك كَذَبَ كاذبةً؛ وهذه أَسماء وضعت مواضع المصادر، كالعاقبة والعافية والباقية. وفي التنزيل العزيز: فهل تَرَى لهم من باقيةٍ؟ أَي بقاءٍ. وقال الفراءُ: ليس لوَقْعَتِها كاذبةٌ أَي ليس لها مَرْدُودٌ ولا رَدٌّ، فالكاذبة، ههنا، مصدر.

يقال: حَمَلَ فما كَذَبَ. وقوله تعالى: ما كَذَبَ الفُؤَادُ ما رَأَى؛

يقول: ما كَذَبَ فؤَادُ محمدٍ ما رَأَى؛ يقول: قد صَدَقَه فُؤَادُه الذي

رأَى. وقرئَ: ما كَذَّبَ الفُؤَادُ ما رَأَى، وهذا كُلُّه قول الفراء. وعن أَبي الهيثم: أَي لم يَكْذِب الفُؤَادُ رُؤْيَتَه، وما رَأَى بمعنى

الرُّؤْية، كقولك: ما أَنْكَرْتُ ما قال زيدٌ أَي قول زيد.

ويقال: كَذَبَني فلانٌ أَي لم يَصْدُقْني فقال لي الكَذِبَ؛ وأَنشد

للأَخطل:

كَذَبَتْكَ عَيْنُك، أَم رأَيتَ بواسطٍ * غَلَسَ الظَّلامِ، مِن الرَّبابِ، خَيَالا؟

معناه: أَوْهَمَتْكَ عَيْنُكَ أَنها رَأَتْ، ولم تَرَ. يقول: ما أَوْهَمه الفؤَادُ أَنه رَأَى، ولم يَرَ، بل صَدَقَه الفُؤَادُ رُؤْيَتَه. وقوله: ناصِـيَةٍ كاذبةٍ أَي صاحِـبُها كاذِبٌ، فأَوْقَعَ الجُزْءَ موقع الجُملة. ورُؤْيَا كَذُوبٌ: كذلك؛ أَنشد ثعلب:

فَحَيَّتْ فَحَيَّاها فَهَبَّ فَحَلَّقَتْ، * معَ النَّجْمِ رُؤْيا، في الـمَنامِ، كَذُوبُ

والأُكْذُوبةُ: الكَذِبُ. والكاذِبةُ: اسم للمصدر، كالعَافية.

ويقال: لا مَكْذَبة، ولا كُذْبى، ولا كُذْبانَ أَي لا أَكْذُبك.

وكَذَّبَ الرجلَ تَكْذيباً وكِذَّاباً: جعله كاذِباً، وقال له: كَذَبْتَ؛ وكذلك كَذَّب بالأَمر تَكْذيباً وكِذَّاباً. وفي التنزيل العزيز: وكَذَّبُوا بآياتنا كِذَّاباً. وفيه: لا يَسْمَعُون فيها لغواً ولا كِذَّاباً أَي كَذِباً، عن اللحياني. قال الفراءُ: خَفَّفَهما عليُّ بن أَبي طالب، عليه السلام، جميعاً، وثَقَّلَهما عاصمٌ وأَهل المدينة، وهي لغة يمانية فصيحة. يقولون: كَذَّبْتُ به كِذَّاباً، وخَرَّقْتُ القميصَ خِرَّاقاً. وكلُّ فَعَّلْتُ فمصدرُه فِعَّالٌ، في لغتهم، مُشدّدةً. قال: وقال لي أَعرابي مَرَّةً على الـمَرْوَة يَسْتَفْتيني: أَلْحَلْقُ أَحَبُّ إِليك أَم القِصَّار؟ وأَنشدني بعضُ بني كُلَيْب:

لقدْ طالَ ما ثَبَّطْتَني عن صَحابتي، * وعن حِوَجٍ، قِضَّاؤُها منْ شِفائيا

وقال الفرَّاءُ: كان الكسائي يخفف لا يسمعون فيها لغواً ولا كِذاباً، لأَنها مُقَيَّدَة بفِعْلٍ يُصَيِّرُها مصدراً، ويُشَدِّدُ: وكَذَّبُوا

بآياتنا كِذَّاباً؛ لأَن كَذَّبُوا يُقَيِّدُ الكِذَّابَ. قال: والذي قال حَسَنٌ، ومعناه: لا يَسْمَعُون فيها لَغْواً أَي باطلاً، ولا كِذَّاباً أَي لا يُكَذِّبُ بَعْضُهم

بَعْضاً (1)

(1 زاد في التكملة: وعن عمر بن عبدالعزيز كذاباً، بضم الكاف وبالتشديد، ويكون صفة على المبالغة كوضاء وحسان، يقال كذب، أي بالتخفيف، كذاباً بالضم مشدداً أي كذباً متناهياً.) ،

غيره.ويقال للكَذِبِ: كِذابٌ؛ ومِنه قوله تعالى: لا يَسْمَعُونَ فيها لَغْواً ولا كِذاباً أَي كَذِباً؛ وأَنشد أَبو العباس قولَ أَبي دُوادٍ:

قُلْتُ لـمَّا نَصَلا منْ قُنَّةٍ: * كَذَبَ العَيْرُ وإِنْ كانَ بَرَحْ

قال معناه: كَذَبَ العَيْرُ أَنْ يَنْجُوَ مني أَيَّ طَريقٍ أَخَذَ، سانِحاً أَو بارِحاً؛ قال: وقال الفراءُ هذا إِغراءٌ أَيضاً. وقال اللحياني، قال الكسائي: أَهلُ اليمن يجعلون مصدرَ فَعَّلْتُ فِعَّالاً، وغيرهم من

العرب تفعيلاً. قال الجوهري: كِذَّاباً أَحد مصادر المشدَّد، لأَن مصدره قد يجيءُ على التَّفْعِـيلِ مثل التَّكْلِـيم، وعلى فِعَّالٍ مثل

كِذَّابٍ، وعلى تَفعِلَة مثل تَوْصِـيَة، وعلى مُفَعَّلٍ مثل: ومَزَّقْناهم كلَّ مُمَزَّقٍ.

والتَّكاذُبُ مثل التَّصادُق. وتَكَذَّبُوا عليه: زَعَمُوا أَنه كاذِبٌ؛ قال أَبو بكر الصدِّيق، رضي اللّه عنه:

رسُولٌ أَتاهم صادِقٌ، فَتَكَذَّبُوا * عليه وقالُوا: لَسْتَ فينا بماكِثِ

وتَكَذَّبَ فلانٌ إِذا تَكَلَّفَ الكَذِبَ.

وأَكْذَبَهُ: أَلْفاه كاذِباً، أَو قال له: كَذَبْتَ. وفي التنزيل العزيز: فإِنهم لا يُكَذِّبُونَكَ؛ قُرِئَتْ بالتخفيف والتثقيل. وقال الفراءُ: وقُرِئَ لا يُكْذِبُونَكَ، قال: ومعنى التخفيف، واللّه أَعلم، لا يجعلونك كذَّاباً، وأَن ما جئتَ به باطلٌ، لأَنهم لم يُجَرِّبُوا عليه كَذِباً فَيُكَذِّبُوه، إِنما أَكْذَبُوه أَي قالوا: إِنَّ ما جئت به كَذِبٌ، لا يَعْرِفونه من النُّبُوَّة. قال: والتَّكْذيبُ أَن يقال: كَذَبْتَ. وقال الزجاج: معنى كَذَّبْتُه، قلتُ له: كَذَبْتَ؛ ومعنى أَكْذَبْتُه، أَرَيْتُه أَن ما أَتى به كَذِبٌ. قال: وتفسير قوله لا يُكَذِّبُونَك، لا يَقْدِرُونَ أَن يقولوا لك فيما أَنْبَأْتَ به مما في كتبهم: كَذَبْتَ. قال: ووَجْهٌ آخر لا يُكَذِّبُونَكَ بقلوبهم، أَي يعلمون أَنك صادق؛ قال: وجائز أَن يكون فإِنهم لا يُكْذِبُونكَ أَي أَنت عندهم صَدُوق، ولكنهم جحدوا بأَلسنتهم، ما تشهد قُلُوبُهم بكذبهم فيه. وقال الفراءُ في قوله تعالى: فما يُكَذِّبُكَ بعدُ بالدِّينِ؛ يقول فما الذي يُكَذِّبُكَ بأَن الناسَ يُدانُونَ بأَعمالهم، كأَنه قال: فمن يقدر على تكذيبنا بالثواب والعقاب، بعدما تبين له خَلْقُنا للإِنسان، على ما وصفنا لك؟ وقيل: قوله تعالى: فما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بالدِّين؛ أَي ما يَجْعَلُكَ مُكَذِّباً، وأَيُّ شيءٍ يَجْعَلُك مُكَذِّباً بالدِّينِ أَي بالقيامة؟ وفي التنزيل العزيز: وجاؤُوا على قميصه بدَمٍ كَذِبٍ. رُوِي في التفسير أَن إِخوةَ يوسف لما طَرَحُوه في الجُبِّ، أَخَذُوا قميصَه، وذَبَحُوا جَدْياً، فلَطَخُوا القَمِـيصَ بدَمِ الجَدْي، فلما رأَى يعقوبُ، عليه السلام، القَميصَ، قال: كَذَبْتُمْ، لو أَكَلَه الذِّئبُ لـمَزَّقَ قميصه. وقال الفراءُ في قوله تعالى: بدَمٍ كَذبٍ؛ معناه مَكْذُوبٍ. قال: والعرب تقول للكَذِبِ: مَكْذُوبٌ، وللضَّعْف مَضْعُوفٌ، وللْجَلَد: مَجْلُود، وليس له مَعْقُودُ رَأْيٍ، يريدون عَقْدَ رَأْيٍ، فيجعلونَ المصادرَ في كثير من الكلام مفعولاً. وحُكي عن أَبي ثَرْوانَ أَنه قال: إِن بني نُمَيْرٍ ليس لـحَدِّهم مَكْذُوبةٌ

أَي كَذِبٌ. وقال الأَخفش: بدَمٍ كَذِبٍ، جَعَلَ الدمَ كَذِباً، لأَنه كُذِبَ فيه، كما قال سبحانه: فما رَبِحَتْ تِجارَتُهم. وقال أَبو العباس: هذا مصدر في معنى مفعول، أَراد بدَمٍ مَكْذُوب. وقال الزجاج: بدَمٍ كذِبٍ أَي ذي كَذِب؛ والمعنى: دَمٍ مَكْذُوبٍ فيه. وقُرِئَ بدَمٍ كَدِبٍ، بالدال المهملة، وقد تقدم في ترجمة كدب. ابن الأَنباري في قوله تعالى: فإِنهم لا يُكَذِّبُونَك، قال: سأَل سائل كيف خَبَّر عنهم أَنهم لا يُكَذِّبُونَ النبي، صلى اللّه عليه وسلم، وقد كانوا يُظْهِرون تَكْذيبه ويُخْفُونه؟ قال: فيه ثلاثة أَقوال: أَحدها فإِنهم لا يُكَذِّبُونَك بقلوبهم، بل يكذبونك بأَلسنتهم؛ والثاني قراءة نافع والكسائي، ورُويَتْ عن عليّ، عليه السلام، فإِنهم لا يُكْذِبُونَك، بضم الياءِ، وتسكين الكاف، على معنى لا يُكَذِّبُونَ الذي جِئْتَ به، إِنما يَجْحدون بآيات اللّه ويَتَعَرَّضُون لعُقوبته. وكان الكسائي يحتج لهذه القراءة، بأَن العرب تقول: كَذَّبْتُ الرجلَ إِذا نسبته إِلى الكَذِبِ؛ وأَكْذَبْتُه إِذا أَخبرت أَن الذي يُحَدِّثُ به كَذِبٌ؛ قال ابن الأَنباري: ويمكن أَن يكون: فإِنهم لا يُكْذِبُونَكَ، بمعنى لا يَجدونَكَ كَذَّاباً، عند البَحْث والتَّدَبُّر والتَّفْتيش. والثالث أَنهم لا يُكَذِّبُونَك فيما يَجِدونه موافقاً في كتابهم، لأَن ذلك من أَعظم الحجج عليهم. الكسائي: أَكْذَبْتُه إِذا أَخْبَرْتَ أَنه جاءَ بالكَذِبِ، ورواه: وكَذَّبْتُه إِذا أَخْبَرْتَ أَنه كاذِبٌ؛ وقال ثعلب: أَكْذَبه وكَذَّبَه، بمعنًى؛ وقد يكون أَكْذَبَه بمعنى بَيَّن كَذِبَه، أَو حَمَلَه على الكَذِب، وبمعنى وجَدَه كاذباً. وكاذَبْتُه مُكاذَبةً وكِذاباً: كَذَّبْتُه وكَذَّبني؛ وقد يُستعمل

الكَذِبُ في غير الإِنسان، قالوا: كَذَبَ البَرْقُ، والـحُلُمُ، والظَّنُّ، والرَّجاءُ، والطَّمَعُ؛ وكَذَبَتِ العَيْنُ: خانها حِسُّها. وكذَبَ

الرأْيُ: تَوهَّمَ الأَمْرَ بخلافِ ما هو به. وكَذَبَتْهُ نَفْسُه: مَنَّتْهُ

بغير الحق. والكَذوبُ: النَّفْسُ، لذلك قال:

إِني، وإِنْ مَنَّتْنيَ الكَذُوبُ، * لَعالِمٌ أَنْ أَجَلي قَريبُ

(يتبع...)

(تابع... 1): كذب: الكَذِبُ: نقيضُ الصِّدْقِ؛ كَذَبَ يَكْذِبُ كَذِباً (2)... ...

أَبو زيد: الكَذُوبُ والكَذُوبةُ: من أَسماءِ النَّفْس. ابن الأَعرابي:

الـمَكْذُوبة من النساءِ الضَّعيفة.

والـمَذْكُوبة: المرأَة الصالحة. ابن الأَعرابي: تقول العرب للكَذَّابِ: فلانٌ لا يُؤَالَفُ خَيْلاه، ولا يُسايَرُ خَيْلاه كَذِباً؛ أَبو الهيثم، انه قال في قول لبيد:

أَكْذِبِ النَّفْسَ إِذَا حَدَّثْتَها

يقول: مَنِّ نَفْسَكَ العَيْشَ الطويلَ، لتَـأْمُلَ الآمالَ البعيدة، فتَجِدَّ في الطَّلَب، لأَنـَّك إِذا صَدَقْتَها، فقلتَ: لعلك تموتينَ اليومَ أَو غداً، قَصُرَ أَمَلُها، وضَعُفَ طَلَبُها؛ ثم قال:

غَيْرَ أَنْ لا تَكْذِبَنْها في التُّقَى

أَي لا تُسَوِّفْ بالتوبة، وتُصِرَّ على الـمَعْصية. وكَذَبَتْهُ عَفَّاقَتُه، وهي اسْتُه ونحوه كثير.

وكَذَّبَ عنه: رَدَّ، وأَراد أَمْراً، ثم كَذَّبَ عنه أَي أَحْجَم.

وكَذَبَ الوَحْشِـيُّ وكَذَّبَ: جَرى شَوْطاً، ثم وَقَفَ لينظر ما

وراءه.وما كَذَّبَ أَنْ فَعَلَ ذلك تَكْذيباً أَي ما كَعَّ ولا لَبِثَ.

وحَمَلَ عليه فما كَذَّبَ، بالتشديد، أَي

ما انْثَنى، وما جَبُنَ، وما رَجَعَ؛ وكذلك حَمَلَ فما هَلَّلَ؛ وحَمَلَ ثم كَذَّبَ أَي لم يَصْدُقِ الـحَمْلَة؛ قال زهير:

لَيْثٌ بِعَثَّرَ يَصْطَادُ الرجالَ، إِذا * ما الليثُ كَذَّبَ عن أَقْرانه صَدَقا

وفي حديث الزبير: أَنه حمَلَ يومَ اليَرْمُوكِ على الرُّوم، وقال

للمسلمين: إِن شَدَدْتُ عليهم فلا تُكَذِّبُوا أَي لا تَجْبُنُوا وتُوَلُّوا.قال شمر: يقال للرجل إِذا حَملَ ثم وَلَّى ولم يَمْضِ: قد كَذَّبَ عن قِرْنه تَكْذيباً، وأَنشد بيت زهير. والتَّكْذِيبُ في القتال: ضِدُّ الصِّدْقِ فيه. يقال: صَدَقَ القِتالَ إِذا بَذَلَ فيه الجِدُّ. وكَذَّبَ إِذا جَبُن؛ وحَمْلةٌ كاذِبةٌ، كما قالوا في ضِدِّها: صادقةٌ، وهي الـمَصْدوقةُ والـمَكْذُوبةُ في الـحَمْلةِ. وفي الحديث: صَدَقَ اللّهُ وكَذَبَ بَطْنُ أَخِـيك؛ اسْتُعْمِلَ الكَذِبُ ههنا مجازاً، حيث هو ضِدُّ الصِّدْقِ،

والكَذِبُ يَخْتَصُّ بالأَقوال، فجعَل بطنَ أَخيه حيث لم يَنْجَعْ فيه

العَسَلُ كَذِباً، لأَنَّ اللّه قال: فيه شفاء للناس. وفي حديث صلاةِ

الوِتْرِ: كَذَبَ أَبو محمد أَي أَخْطأَ؛ سماه كَذِباً، لأَنه يُشْبهه في كونه ضِدَّ الصواب، كما أَن الكَذِبَ ضدُّ الصِّدْقِ، وإِنِ افْتَرَقا من حيث النيةُ والقصدُ، لأَن الكاذبَ يَعْلَمُ أَن ما يقوله كَذِبٌ، والـمُخْطِـئُ لا يعلم، وهذا الرجل ليس بمُخْبِـرٍ، وإِنما قاله باجتهاد أَدَّاه إِلى أَن الوتر واجب، والاجتهاد لا يدخله الكذبُ، وإِنما يدخله الخطَـأُ؛ وأَبو محمد صحابي، واسمه مسعود بن زيد؛ وقد استعملت العربُ الكذِبَ في موضع الخطإِ؛ وأَنشد بيت الأَخطل:

كَذَبَتْكَ عينُكَ أَم رأَيتَ بواسِطٍ

وقال ذو الرمة:

وما في سَمْعِهِ كَذِبُ

وفي حديث عُرْوَةَ، قيل له: إِنَّ ابن عباس يقول إِن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، لَبِثَ بمكة بِضْعَ عَشْرَةَ سنةً، فقال: كَذَبَ، أَي

أَخْطَـأَ. ومنه قول عِمْرانَ لسَمُرَة حين قال: الـمُغْمَى عليه يُصَلِّي مع كل صلاةٍ صلاةً حتى يَقْضِـيَها، فقال: كَذَبْتَ ولكنه يُصَلِّيهن معاً، أَي أَخْطَـأْتَ.

وفي الحديث: لا يَصْلُحُ الكذِبُ إِلا في ثلاث؛ قيل: أَرادَ به

مَعارِيضَ الكلام الذي هو كَذِبٌ من حيث يَظُنُّه السامعُ، وصِدْقٌ من حيثُ يقوله القائلُ، كقوله: إِنَّ في الـمَعاريض لَـمَنْدوحةً عن الكَذِب، وكالحديث الآخر: أَنه كان إِذا أَراد سفراً ورَّى بغيره. وكَذَبَ عليكم الحجُّ، والحجَّ؛ مَنْ رَفَعَ، جَعَلَ كَذَبَ بمعنى وَجَبَ، ومَن نَصَبَ، فعَلى الإِغراءِ، ولا يُصَرَّفُ منه آتٍ، ولا مصدرٌ، ولا اسم فاعل، ولا مفعولٌ، وله تعليلٌ دقيقٌ، ومعانٍ غامِضةٌ تجيءُ في الأَشعار. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: كَذَبَ عليكم الحجُّ، كَذَبَ عليكم العُمْرةُ، كَذَبَ عليكم الجِهادُ، ثلاثةُ أَسفارٍ كَذَبْنَ عليكم؛ قال ابن السكيت: كأَن كَذَبْنَ، ههنا، إِغْراءٌ أَي عليكم بهذه الأَشياءِ الثلاثة.

قال: وكان وجهُه النصبَ على الإِغراءِ، ولكنه جاءَ شاذاً مرفوعاً؛ وقيل معناه: وَجَبَ عليكم الحجُّ؛ وقيل معناه: الـحَثُّ والـحَضُّ. يقول: إِنَّ الحجَّ ظنَّ بكم حِرصاً عليه، ورَغبةً فيه، فكذَبَ ظَنُّه لقلة رغبتكم فيه. وقال الزمــخشري: معنى كَذَبَ عليكم الحجُّ على كلامَين: كأَنه قال كَذَب الحجُّ عليكَ الحجُّ أَي ليُرَغِّبْك الحجُّ، هو واجبٌ عليك؛ فأَضمَر الأَوَّل لدلالة الثاني عليه؛ ومَن نصب الحجَّ،

فقد جَعَلَ عليك اسمَ فِعْلٍ، وفي كذَبَ ضمير الحجِّ، وهي كلمةٌ نادرةٌ، جاءَت على غير القِـياس.

وقيل: كَذَب عليكم الـحَجُّ أَي وَجَبَ عليكم الـحَجُّ. وهو في الأَصل، إِنما هو: إِن قيل لا حَجَّ، فهو كَذِبٌ؛ ابن شميل: كذبَك الحجُّ أَي أَمكَنَك فحُجَّ، وكذَبك الصَّيدُ أَي أَمكنَك فارْمِه؛ قال: ورفْعُ الحجّ بكَذَبَ معناه نَصْبٌ، لأَنه يريد أَن يَـأْمُر بالحج، كما يقال أَمْكَنَك الصَّيدُ، يريدُ ارْمِه؛ قال عنترة يُخاطبُ زوجته:

كَذَبَ العَتيقُ، وماءُ شَنٍّ بارِدٌ، * إِنْ كُنْتِ سائِلَتي غَبُوقاً، فاذهبي!

يقول لها: عليكِ بأَكل العَتيق، وهو التمر اليابس، وشُرْبِ الماءِ

البارد، ولا تتعرَّضي لغَبُوقِ اللَّبن، وهو شُرْبه عَشِـيّاً، لأَنَّ اللبن

خَصَصْتُ به مُهري الذي أَنتفع به، ويُسَلِّمُني وإِياكِ من أَعدائي.

وفي حديث عُمَر: شكا إِليه عمرو بن معد يكرب أَو غيره النِّقْرِسَ، فقال: كذَبَتْكَ الظَّهائِرُ أَي عليك بالمشي فيها؛ والظهائر جمع ظهيرة، وهي شدة الحرّ. وفي رواية: كَذَبَ عليك الظواهرُ، جمع ظاهرة، وهي ما ظهر من الأَرض وارْتَفَع. وفي حديث له آخر: إِن عمرو بن معد يكرب شَكا إِليه الـمَعَص، فقال: كَذَبَ عليك العَسَلُ، يريد العَسَلانَ، وهو مَشْيُ الذِّئب،

أَي عليك بسُرعةِ المشي؛ والـمَعَصُ، بالعين المهملة، التواءٌ في عصَبِ الرِّجل؛ ومنه حديث عليٍّ، عليه السلام: كذَبَتْكَ الحارقَةُ أَي عليك بمثْلِها؛ والحارِقةُ: المرأَة التي تَغْلِـبُها شهوَتُها، وقيل: الضيقة الفَرْج. قال أَبو عبيد: قال الأَصمعي معنى كذَبَ عليكم، مَعنى الإِغراء، أَي عليكم به؛ وكأَن الأَصلَ في هذا أَن يكونَ نَصْباً، ولكنه جاءَ عنهم بالرفع شاذاً، على غير قياس؛ قال: ومما يُحَقِّقُ ذلك أَنه مَرفوعٌ قول الشاعر:

كَذَبْتُ عَلَيكَ لا تزالُ تَقوفُني، * كما قافَ، آثارَ الوَسيقةِ، قائفُ

فقوله: كذَبْتُ عليك، إِنما أَغْراه بنفسه أَي عَليكَ بي، فَجَعَلَ

نَفْسَه في موضع رفع، أَلا تراه قد جاءَ بالتاءِ فَجَعَلها اسْمَه؟ قال

مُعَقِّرُ بن حمار البارقيُّ:

وذُبْيانيَّة أَوصَتْ بَنِـيها * بأَنْ كَذَبَ القَراطِفُ والقُروفُ

قال أَبو عبيد: ولم أَسْمَعْ في هذا حرفاً منصوباً إِلا في شيءٍ كان

أَبو عبيدة يحكيه عن أَعرابيٍّ نَظر إِلى ناقة نِضْوٍ لرجل، فقال: كذَبَ عليكَ البَزْرُ والنَّوَى؛ وقال أَبو سعيد الضَّرِير في قوله:

كذَبْتُ عليك لا تزالُ تقُوفُني

أَي ظَنَنْتُ بك أَنك لا تَنامُ عن وِتْري، فَكَذَبْتُ عليكم؛ فأَذَلَّه بهذا الشعر، وأَخْمَلَ ذِكْرَه؛ وقال في قوله:

بأَن كَذَبَ القَراطِفُ والقُروفُ

قال: القَراطِفُ أَكْسِـيَةٌ حُمْر، وهذه امرأَة كان لها بَنُونَ يركَبُونَ في شارة حَسَنةٍ، وهم فُقَراء لا يَمْلكُون وراءَ ذلك شيئاً، فَساءَ

ذلك أُمَّهُم لأَنْ رأَتْهم فُقراءَ، فقالت: كَذَبَ القَراطِفُ أَي إِنَّ

زِينَتهم هذه كاذبةٌ، ليس وراءَها عندهم شيءٌ.

ابن السكيت: تقول للرجل إِذا أَمَرْتَه بشيءٍ وأَغْرَيْته: كَذَب علَيك

كذا وكذا أَي عليكَ به، وهي كلمة نادرةٌ؛ قال وأَنشدني ابن الأَعرابي

لخِداشِ بن زُهَير:

كَذَبْتُ عليكم، أَوْعِدُوني وعَلِّلُوا * بـيَ الأَرضَ والأَقْوامَ قِرْدانَ مَوْظِبِ

أَي عليكم بي وبهجائي إِذا كنتم في سفر، واقْطَعُوا بِذِكْري الأَرضَ، وأَنْشِدوا القومَ هجائي يا قِرْدانَ مَوْظِبٍ.

وكَذَبَ لَبنُ الناقة أَي ذهَبَ، هذه عن اللحياني. وكَذَبَ البعيرُ في

سَيره إِذا ساءَ سَيرُه؛ قال الأَعشى:

جُمالِـيَّةٌ تَغْتَلي بالرِّداف، * إِذا كَذَبَ الآثِماتُ الـهَجيرا

ابن الأَثير في الحديث: الحجامةُ على الرِّيق فيها شِفاءٌ وبَرَكة، فمن احْتَجَمَ فيومُ الأَحدِ والخميسِ كَذَباك أَو يومُ الاثنين والثلاثاء؛

معنى كَذَباك أَي عليك بهما، يعني اليومين المذكورين. قال الزمــخشري: هذه كلمةٌ جَرَتْ مُجْرى الـمَثَل في كلامهم، فلذلك لم تُصَرَّفْ، ولزِمَــتْ طَريقةً واحدة، في كونها فعلاً ماضياً مُعَلَّقاً بالـمُخاطَب وحْدَه، وهي في معنى الأَمْرِ، كقولهم في الدعاءِ: رَحِمَك اللّه أَي لِـيَرْحَمْكَ اللّهُ. قال: والمراد بالكذب الترغيبُ والبعثُ؛ مِنْ قول العرب: كَذَبَتْه نَفْسُه إِذا مَنَّتْه الأَمانيَّ، وخَيَّلَت إِليه مِنَ الآمال ما لا يكادُ يكون، وذلك مما يُرَغِّبُ الرجلَ في الأُمور، ويَبْعَثُه على التَّعرُّض لها؛ ويقولون في عكسه صَدَقَتْه نَفْسُه، وخَيَّلَتْ إِليه العَجْزَ والنَّكَدَ في الطَّلَب. ومِن ثَمَّ قالوا للنَّفْسِ: الكَذُوبُ. فمعنى قوله كذَباك أَي ليَكْذِباك ولْيُنَشِّطاكَ ويَبْعَثاك على الفعل؛ قال ابن الأَثير: وقد أَطْنَبَ فيه الزمــخشري وأَطالَ، وكان هذا خلاصةَ قوله؛ وقال ابن السكيت: كأَنَّ كَذَبَ، ههنا، إِغراءٌ أَي عليك بهذا الأَمر، وهي كلمة نادرة، جاءَت على غير القياس. يقال: كَذَبَ عليك أَي وَجَبَ عليك.

والكَذَّابةُ: ثوبٌ يُصْبغ بأَلوانٍ يُنْقَشُ كأَنه مَوْشِـيٌّ. وفي حديث الـمَسْعُودِيِّ: رأَيتُ في بيت القاسم كَذَّابَتَين في السَّقْفِ؛ الكَذَّابةُ: ثوبٌ يُصَوَّرُ ويُلْزَقُ بسَقْفِ البيت؛ سُميت به لأَنها تُوهم أَنها في السَّقْف، وإِنما هي في الثَّوْب دُونَه. والكَذَّابُ: اسمٌ لبعض رُجَّازِ العَرب. والكَذَّابانِ: مُسَيْلِمةُ الـحَنَفِـيُّ والأَسوَدُ العَنْسِيُّ.

كذب
: (كَذَبَ، يَكْذِبُ) من بَاب ضَرَبَ (كَذِباً) كَكَتِفٍ، قَالَ شَيخنَا: وَهُوَ غَرِيب فِي المصادر، حَتَّى قَالُوا: إِنّه لم يَأْتِ مصدرٌ على هاذا الوزنِ، إِلاّ أَلفاظاً قَليلَة، حَصَرَها القَزّازُ فِي جامِعه فِي أَحَدَ عَشَرَ حرفا، لَا تَزيدُ عَلَيْهَا، فذَكَرَ: اللَّعِبَ، والضَّحِكَ، والحَبِقَ، والكَذِبَ، وغيرَها. وأَمّا الأَسْماءُ الّتي لَيست بمصادِرَ، فتأْتي على هَذَا الْوَزْن كثيرا. (وكِذْباً) بالكسرِ، هاكذا مضبوطٌ فِي الصَّحاح، قَالَ شيخُنا: وَظَاهر إِطلاقه أَن يكون مَفْتُوحًا، وَلَيْسَ كذالك، وصرَّح ابْنُ السّيد وغيرُه أَنّه لَيْسَ لُغَةً مستقِلّةً، بل هُوَ بنقْلِ حَركةِ الْعين إِلى الفاءِ تَخْفِيفًا، ولاكنّه مسموعٌ فِي كَلَامهم، على أَنَّهم أَجازُوا هاذا التَّخفيفَ فِي مثله لَو لم يُسْمَعْ. (وَكِذْبَةً) بِالْكَسْرِ أَيضاً على مَا هُوَ مضبوطٌ عندَنا، وضبطَه شَيخُنا كَفَرِحةٍ، ومِثْلُهُ فِي لسانِ الْعَرَب، (وَكَذْبَةً) بِفَتْح فَسُكُون، كَذَا ضُبِطَ، وضَبَطَهُ شيخُنا بِالْكَسْرِ، ومِثْلُه فِي لِسَان الْعَرَب، قَالَ: وهاتانِ عَن اللِّحْيَانيّ. قلتُ: وَهُوَ الّذِي زعم أَنّه زَاده ابْنُ عُدَيْس، أَي: بِالْفَتْح، (وكِذَاباً، وكِذَّاباً ككِتَابٍ وجِنَّان) أَنشدَ اللِّحْيَانِيُّ فِي الأَوّل:
نَادَتْ حَلِيمَةُ بالوَداعِ وآذَنَتْ
أَهْلَ الصّفاءِ وودَّعَتْ بِكِذَابِ
قَالَ شيخُنا: وهُما مَصدرانِ، قُرِىء بِهِمَا فِي المُتَواتِر. يُقَال: كاذَبْتُه مُكَاذَبَةً وكِذَاباً، وَمِنْه قراءَةُ عليّ والعُطارديّ والأَعمش والسُّلَميّ والكِسَائيّ وغيرِهم، {وَلاَ كِذباً} (النبأ: 35) . وَقيل: هُوَ مصدرُ: كَذَبَ كِذَاباً، مثلُ: كَتَبَ كِتَاباً.
وقالَ اللِّحْيانيّ، قَالَ الكِسائِيُّ: أَهلُ اليَمنِ: يَجعلُونَ المصدَرَ من فَعَّلَ: فِعَّالاً: وغيرُهُم من الْعَرَب: تَفْعِيلاً. وفِي الصَّحاح: وقولُه تَعالى: {4. 009 وكذبوا بِآيَاتِنَا كذابا} (النبأ: 38) ، وَهُوَ أَحَدُ مصادرِ المُشَدَّدِ، لاِءَنَّ مصدرَهُ قد يجيءُ على تَفعيل، كالتَّكليم، وعَلى فِعّالٍ، مثل كِذَّابٍ، وعَلى تَفْعِلَةٍ، مثل تَوْصِيَةٍ، وعَلى مُفَعَّل، مثل: {وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ} (سبأ: 19) . قلتُ: وَفَاته: كُذَّاباً، كرُمَّانٍ، وَبِه قرأَ عُمَرُ بْنُ عبدِ العزيزِ؛ وَيكون صِفَةً على المُبَالَغَة، كوُضّاءٍ وحُسَّانٍ، يُقَال: كَذَبَ كُذَّاباً، أَي: مُتَنَاهِياً.
(وهُوَ كاذِبٌ، وكَذَّاب) ، ككَتَّانٍ والأُنثى بالهاءِ (و) عَن اللِّحْيَانيّ: رَجُلٌ (تكِذَّابٌ) وتِصِدَّاق، بكسرتَيْنِ وشَدِّ الثّالث، أَي: يَكْذِبُ ويَصْدُقُ. (و) رجلٌ (كَذُوبٌ) ، وَكَذَلِكَ رُؤيا كَذُوبٌ أَي: صاحِبُهَا كاذِبٌ؛ أَنشد ثَعْلَب:
فَحَيَّتْ فَحَيَّاهَا فَهَبَّ فَحَلَّقَت
مَعَ النَّجْم رُؤيا فِي المنامِ كَذُوبُ
وَمن أَمْثَالِهم: (إِنّ الكَذُوبَ قد يَصْدُقُ) . وَهُوَ كَقَوْلِهِم: (مَعَ الخَوَاطِىءِ سهْمٌ صائِبٌ) (وكَذُوبَةٌ) بزِيَادَةِ الهَاءِ، كفَرُوقَة، (وكَذْبانُ) كسَكْرَانَ، (وكَيْذَبانُ) بِزِيَادَة المُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّة وفَتْح الذّالِ، كَذَا هُوَ بخطّ الأَزْهَرِي فِي كتابِه، (وكَيْذُبَانُ) بِضمّ الذّال كَذَا فِي نُسْخَةِ الصّحاح، (وكُذُبْذُبٌ) بالضَّمّ، مُخَفَّفٌ.
قَالَ الشيخُ أَبو حَيّانَ فِي الارتشافِ لم يَجِيءْ فِي كَلَام العَرَب كلمةٌ على فُعُلْعُلٍ، إِلاّ قَوْلُهم: كُذُبْذُبٌ. قَالَ شيخُنا: وَقد صرّح بِهِ ابنُ عُصْفُور، وابْنُ القطّاعِ، وغيرُهما. قلتُ: وَلم يَذْكُرْه سِيبَوَيْه فِيمَا ذَكَرَ من الأَمثلة، كَمَا نَقله الصّاغانيّ. (و) قد يُشَدَّدُ، فيُقَالُ: (كُذُّبْذُبٌ) حَكَاهُ ابْنُ عُدَيْسٍ، وغيرُه، ونَقَلَهُ شُرَّاحُ الفَصِيح. وأَنشد الجَوْهَرِيُّ لأَبِي زَيْدٍ:
وإِذَا أَتَاكَ بأَنَّنِي قد بِعْتُها
بِوِصالِ غانِيَةٍ فُقْلُ كُذِّبْذُبُ
وَفِي نُسْخَةٍ: (قد بِعْتُهُ) ، ويُقَالُ: إِنَّه لجُرَيْبَةَ بْنِ الأَشْيَمِ، جاهليّ، وَفِي الشَّوَاذِّ، عَن أَبي زَيْد:
فإِذا سَمِعْتَ بِأَنَّنِي قَدْ بِعْتُهُ
يَقُول: إِذا سَمِعْتَ بِأَنَّنِي قد بِعْتُ جَمَلِي بوِصالِ امْرَأَة، فقُلْ: كُذُّبْذُبٌ. كَذَا فِي هَامِش نُسْخَة الصَّحاح. وَقَالَ ابْنُ جنِّي: أَمَّا كُذُبْذُبٌ خفيفٌ، وكُذُّبْذُبٌ مُشَدَّدٌ مِنْهُ، فهاتان لم يَحْكِهما سِيْبَوَيْه. (و) رَجلٌ (كُذَبَةٌ) ، مثالُ هُمَزَة، نَقله ابْنُ عُدَيْس وابنُ جِنِّي وغيرُهما، وصرَّح بِهِ شُرَّاحُ الفَصيح والجَوْهَرِيُّ وَهُوَ من أَوْزَانِ المُبَالغة كَمَا لَا يخفَى. قَالَه شيخُنا. (ومَكْذَبَانُ) ، بِفَتْح الأَوّل والثالِث، كَذَا فِي الصَّحاح مضبوطٌ، وضُبِطَ فِي نسختنا بضمّ الثّالث، (ومَكْذَبَانَةٌ) ، بِزِيَادَة الهاءِ. نقلهما ابْنُ جِنِّي فِي شرح ديوَان المتنبّي، وابنُ عُدَيْسٍ، وشُرّاحُ الفصيح، عَن أَبي زيد؛ (وكُذُبْذُبانُ) بالضَّمِّ وَزِيَادَة الأَلِف والنُّون، قَالَ شيخُنَا: وَهُوَ غريبٌ فِي الدَّواوينِ.
وَقد فرَغَ المصنِّفُ من الصِّفات، وانتقل إِلى ذكر مَا يَدُلُّ على الْمصدر من الأَلفاظ، فَقَالَ: (والأُكْذُوبَة والكُذْبَى) ، بضمهما، الأَخير عَن ابْن الأَعْرَابِيّ، (والمَكْذُوبُ) كالمَيْسور من إِطْلَاق الْمَفْعُول الثّلاثيّ على الْمصدر، وَهُوَ قَلِيل، حَصَرُوا أَلفاظَهُ فِي نَحْو أَربعةٍ، ويُستدرَكُ عَلَيْهِم هاذا. قالَهُ شيخُنا. (والمَكْذُوبَة) ، مُؤنَّثَةٌ، وَهُوَ أَقلُّ من المُذَكَّر، (والمَكْذَبَةُ) على مَفْعَلَةٍ، مَصدرٌ مِيميٌّ، مَقِيسٌ فِي الثُّلاثيّ، رَوَاهُ ابْنُ الأَعْرابِيّ، (والكاذِبَةُ، والكُذْبَانُ، والكُذَابُ، بضمِّهما) : كلّ ذالك بِمَعْنى (الكَذِبِ) . قَالَ الفَرّاءُ، يَحْكِي عَن الْعَرَب: إِنّ بَنِي نُمَيْرٍ، لَيْسَ لَهُم مَكذوبةٌ. وَفِي الصَّحاح: وقولُهم: إِنَّ بني فُلانٍ لَيْسَ لِجَدِّهم مَكذوبة، أَي: كَذبٌ. قلتُ: وَحَكَاهُ عَنْهُم أَبو ثَرْوانَ، وقالَ الفَرّاءُ أَيضاً فِي قَوْله تعالَى: {لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ} (الْوَاقِعَة: 2) ، أَي: لَيْسَ لَهَا مَرودةٌ، وَلَا رَدٌّ. فالكاذبة هُنا مصدر. وَقَالَ غيرُهُ: كَذَبَ كاذِبَةً، وعافاهُ اللَّهُ عافِيَةً، وعاقَبَه عاقِبَةً، أَسماءٌ وُضِعتْ مَوَاضعَ المصادرِ، ومثلُهُ فِي الصَّحاح. ويقالُ: لَا مَكْذَبة، وَلَا كُذْبَى، وَلَا كُذْبَانَ، أَي: لَا أَكْذِبُكَ. وَفِي شرح الفصيح، لأَبي جَعْفَرٍ اللَّبْلِيّ: لَا كُذْبَ لَك، وَلَا كُذْبَى، بالضَّمِّ، أَي: لَا تَكْذِيبَ. فزادَ على المُؤلِّف بِناءً وَاحِدًا، وَهُوَ الكُذْبُ، كقُفْلٍ. وَقَوله تَعَالَى: {نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ} (العلق: 16) ، أَي: صاحِبُها كاذبٌ، فأَوْقَع الجُزءَ مَوْقِعَ الجُملةِ.
(وأَكْذَبَه: أَلْفاهُ) أَي: وجَدَه (كاذِباً) ، أَو قَالَ لَهُ: كذَبْتَ. وَفِي الصَّحاح: أَكْذَبْتُ الرَّجُلَ: أَلْفَيتُه كاذِباً. وكَذَّبْتُهُ، إِذا قُلْتَ لَهُ: كَذَبْتَ. وَقَالَ الكِسائيُّ: أَكْذَبْتُه: إِذا أَخبرتَ أَنّه جاءَ بالكَذِبِ ورَوَاهُ، وكَذَّبْتُهُ: إِذا أَخبرتَ أَنَّهُ كاذِبٌ. (و) قَالَ ثَعْلَب: أَكْذَبَه، وكَذَّبَه، بِمَعْنى. وَقد يكونُ أَكْذَبَهُ بمعنَى (حَمَلَهُ على الكَذِبِ، و) قد يكونُ بمعنَى (بَيَّنَ كَذِبَهُ) ، وبمعنَى وَجَدَهُ كَاذِبًا، كَمَا صرّح بِهِ المُؤَلِّفُ.
(و) من المَجَاز، عَن أَبِي زيد: (الكَذُوبُ، والكَذُوبَةُ) : من أَسماءِ (النَّفْسِ) ، وعَلى الأَوَّلِ اقتصرَ جماعةٌ. قَالَ:
إِنِّي وإِنْ مَنَّتْنِيَ الكَذُوبُ
لَعالِمٌ أَنْ أَجَلِي قَرِيبُ (وكُذِبَ الرجُل، بالضمّ وَالتَّخْفِيف: أُخْبِرَ بالكَذِبِ) .
(والكَذّابانِ) : هما (مُسَيْلِمَةُ) ، مُصَغَّراً، ابْن حَبيبٍ (الحَنَفِيُّ) من بني حَنِيفةَ بْنِ الدُّولِ، (والأَسْودُ) بْنُ كَعْبٍ (العَنْسِيّ) ، من بني عَنْسٍ، خَرَجَ باليَمَن.
(و) من المَجَاز، عَن النَّضْر، يُقَال: (النّاقَةُ الَّتي يَضْرِبُها الفَحْل، فتَشُولُ، ثُمَّ تَرْجِعُ حَائِلا: مُكَذِّبٌ، وكاذِبٌ) ، بِلَا هاءٍ. (وَقد كَذَبَتْ) ، بالتّخفيف، (وكَذَّبَتْ) ، بالتَّشديد.
(و) عَن أَبي عَمْرٍ و: (يُقَالُ لِمَنْ يُصاحُ بِهِ، وَهُوَ ساكتٌ يُرَى أَنَّهُ نائمٌ: قد أَكْذَبَ) الرَّجُلُ. (وَهُوَ الإِكْذابُ) بهاذا الْمَعْنى، وَهُوَ مَجاز أَيضاً.
(و) عَن ابنِ الأَعْرَابيّ: (المَكْذُوبةَ: المَرْأَةُ الضَّعِيفَةُ) .
والمذكوبةُ: المَرْأَةُ الصّالحَةُ، وَقد تقدَّم.
(وكَذَّابُ بَنِي كَلْبِ) بْنِ وَبْرَةَ: هُوَ (خَبّابُ) بالمُعْجَمة والمُوَحَّدةِ والتّشديد، وَفِي نسخةٍ: جَنابٌ، بِالْجِيم والنّون والتّخفيف (بْنُ مُنْقِذ) بْنِ مالِكٍ. (وَكَذَّابُ بَنِي طابِخَةَ) ، وَهُوَ من كَلْبٍ أَيضاً.
(و) كذالك (كَذَّابُ بَنِي الحِرْمازِ) واسْمُهُ عبدُاللَّهِ بْنُ الأَعْوَرِ.
(والكَيْذُبانُ المُحَارِبيّ) ، بضمّ الذّال المُعْجَمة، واسْمُهُ (عَدِيُّ بْنُ نَصْرِ) ابْنِ بذاوةَ: (شُعَراءُ) معروفونَ.
(و) من المَجَاز: (كَذَبَ، قد يَكُون بمنى وَجَبَ، وَمِنْه) حَدِيث عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ (كَذَبَ عَلَيْكُمُ الحَجُّ، كذَبَ عَلَيْكُم العُمرَةُ كَذَب عَلَيْكُم الجِهَادُ، ثلاثةُ أَسْفَارٍ كَذَبْنَ عَلَيْكُمْ)) فَقيل: إنّ مَعْنَاهَا وَجَبَ عَلَيْكُم. (أَو) أَنّ المُرَادَ بالكَذِب التَّرغيبُ والبَعْثُ (من) قَوْلهم: (كَذَبَتْه نَفْسُه: إِذا مَنَّتْهُ الأَمَانِيَّ) بغيرِ الحَقّ، (وخَيَّلَتْ إِلَيْهِ منَ الآمالِ) البعيدةِ (مَا لَا يَكادُ يَكُونُ) ، ولذالك سُمِّيَتِ النَّفْسُ: الكَذُوبَ، كَمَا تقدّم. وذالك مِمّا يُرَغِّبُ الرجُلَ فِي الأُمور، ويبعَثُهُ على التَّعرّض لَهَا. قَالَ أَبو الهَيْثَم فِي قَول لَبِيدٍ:
أَكْذِبِ النَّفْسَ إِذَا حَدَّثْتَها
يَقُول: مَنِّ نَفْسَكَ بالعيش الطَّويل، لتَأْمُلَ الآمالَ البعيدةَ، فتَجِدَّ فِي الطَّلَب لأَنّك إِذا صَدَقْتَهَا، فقلتَ: لعلّكِ تَمُوتِينَ اليومَ، أَو غَداً، قَصُر أَمَلُهَا، وضَعُفَ طَلَبُها. انْتهى.
وَيَقُولُونَ فِي عكس ذَلِك: صَدَقَتْهُ نفْسُه: إِذا ثَبَّطَتْهُ، وخَيَّلَتْ إِليه المَعْجَزَةَ فِي الطَّلَبِ. قَالَ أَبو عمرِو بْنُ العَلاء: يُقَال للرَّجُلِ يَتَهَدَّدُ الرَّجُلَ ويتَوعَّدُه ثمَّ يَكْذِب ويَكُعُّ: صَدَقَتْهُ الكَذُوبُ؛ وأَنشدَ::
فأَقْبَلَ نَحْوِي على قُدْرَةٍ
فَلَمّا دَنَا صَدَقَتْهُ الكَذُوبُ
وأَنشد الفرّاءُ:
حَتَّى إِذا مَا صَدَّقَتْهُ كُذُبُهْ
أَي: نُفُوسُه، جعل لَهُ نفوساً، لتَفَرُّق الرَّأْيِ وانْتشارِه.
فَمَعْنَى قَوْله: كَذَبَكَ الحَجُّ: (أَيْ: لِيُكَذِّبْكَ الحَجُّ، أَي: لِيُنَشِّطْكَ، ويَبْعَثْكَ على فِعْلِه) . وَقَالَ الزَّمَــخْشَرِيُّ: معنى كَذَبَ عليكُم الحَجُّ: على كلامَيْنِ كأَنَّه قَالَ كذَبَ الحَجُّ، عليكَ الحَجُّ، أَي: لِيُرَغِّبْكَ الحَجُّ، وَهُوَ واجبٌ عَلَيْك، فأَضْمَرَ الأَوّلَ لِدَلالة الثّاني عَلَيْهِ؛ (ومَن نَصَبَ الحَجَّ) ، أَي: جعله مَنْصُوبًا، كَمَا رُوِيَ عَن بَعضهم، فقد (جَعَلَ (عَلَيْكَ) اسْمَ فِعْلٍ، وَفِي كَذَبَ ضَمِيرُ الحَجِّ) ، وعَلَيْكُم الحَجّ: جملةٌ أُخْرَى، والظّرف نُقِلَ إِلى اسْمِ الفِعْلِ، كعَلَيْكُم أَنْفُسَكُم وفِيه إِعادةُ الضَّمير على متأْخّرٍ، إِلاّ أَنْ يَلْحَقَ بِالأَعْمَال، فإِنّه معتَبَرٌ فِيهِ، مَعَ مَا فِي ذالك من التّنافُرِ بَين الجُمَلِ وإِنْ كانَ يَسْتَقِيم بحَسَبِ مَا يَؤُول إِليه الأَمرُ. على أَنّ النَّصْبَ أَثْبتَه الرَّضِيُّ، وَجعل (كَذَبَ) اسْمَ فِعْلٍ، بِمَعْنى الْزَمْ، وَمَا بَعدَههُ منصوبٌ بِهِ، ورُدَّ كلامُه بأَنَّهُ مخالِفٌ لإِجماعهم. وَقيل: إِن النَّصْبَ غيرُ معروفٍ بالكُلِّيَّة فِيهِ، كَمَا حقّقه شيخُنا، على مَا يأْتي. وَفِي الصَّحاح: وَهِي كلمة نادِرَة، جاءَت على غيرِ قياسِ. وَعَن ابْنِ شُمَيْلٍ: كَذَبَكَ الحَجُّ: أَي أَمْكَنَك، فَحُجَّ؛ وكَذَبَك الصَّيْدُ، أَي: أَمْكَنَكَ فَارْمِه. (أَو المَعْنَى: كَذَبَ عَلَيْكَ الحَجُّ إِن ذَكَر أَنَّه غَيْرُ كافٍ هادِمٍ لِما قبلَهُ من الذُّنُوبِ) . قَالَ الشَّاعر، وَهُوَ عَنْتَرَةُ العَبْسِيُّ، يُخَاطِب زوجَتَهُ عَبْلَةَ، وَقيل: لخُزَزَ بْنِ لَوْذانَ السَّدُوسِيّ، وَهُوَ مَوْجُود فِي ديوانهما:
كَذَبَ العَتِيقُ وماءُ شَنَ بارِدٍ
إِنْ كُنْتِ سائِلَتِي غَبُوقاً فَاذْهَبِي
ومُضَرُ، تَنْصِبُ (العَتِيقَ) بعدَ (كَذَبَ) على الإِغْرَاءِ، واليَمَنُ تَرْفَعُه. والعَتِيقُ: التَّمْرُ اليابِسُ. وَالْبَيْت من شواهِدِ سِيبَوَيْهٍ، وأَنشده المُحَقِّقُ الرَّضِيُّ فِي أَوائل مبحثِ أَسماءِ الأَفعال شَاهدا على أَنَّ (كَذَبَ) فِي الأَصل فِعْلٌ، وَقد صَار اسْمَ فِعْلٍ بِمَعْنى: الزَمْ. قَالَ شيخُنا: وهاذا، أَي: كونُهُ اسْمَ فِعْلٍ، شَيْءٌ انْفَرد بِهِ الرَّضِيُّ. وانظرْ بقيَّتَهُ فِي شرح شيخِنا. ثمّ إِنَّه تقدَّمَ، على أَنَّ النَّصْبَ قد أَنكَرَهُ جماعةٌ، وعَيَّنَ الرَّفعَ مِنْهُم جماعةٌ، مِنْهُم أَبو بَكْرِ بْنُ الأَنْبَاريِّ فِي رِسَالَة مستقلَّةٍ شَرَحَ فِيهَا معانِيَ الكَذِبِ، وجعلَها خَمْسَة. قَالَ: كَذَب: مَعْنَاهُ الإِغراءُ، ومُطالَبَةُ المُخَاطَب بلُزُومِ الشَّيْءِ الْمَذْكُور، كَقَوْل الْعَرَب: كذبَ عَلَيْك العَسَلُ، ويريدُونَ: كُلِ العسلَ، وتلخيصُهُ أَخْطَأَ تارِكُ العَسَلِ، فغَلَّبَ المُضافَ إِليه على المُضَاف. قَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّاب: (كذَبَ عَلَيْكُم الحَجُّ، كَذَبَ عَلَيْكُمُ العُمْرَةُ، كَذَبَ عَلَيْكم الجِهَادُ، ثلاثةُ أَسْفَارٍ كَذَبْنَ عَلَيْكُم) مَعْنَاهُ: الْزَمُــوا الحَجَّ، والعُمْرَةَ، والجِهَادَ؛ والمُغْرَى بِهِ، مرفوعٌ بكَذَبَ لَا يجوز نصبُه على الصِّحَّة، لأَنَّ كَذَبَ فِعْلٌ، لَا بُدَّ لَهُ من فَاعل، وخَبَرٌ لَا بُدَّ لَهُ من مُحَدَّث عَنهُ. وَالْفِعْل وَالْفَاعِل، كلاهُما تأْويلُهما الإِغْرَاءُ. وَمن زَعَمَ أَنَّ الحَجَّ والعُمْرَةَ والجِهَادَ فِي حديثِ عُمَرَ، حُكْمُهُنَّ النَّصْبُ، لمْ يُصِبْ، إِذ قَضَى بالخُلُوِّ عَن الْفَاعِل. وَقد حكى أَبو عُبَيْدٍ، عَن أَبي عُبَيْدَةَ، عَن أَعْرَابِيّ أَنَّه نَظَرَ إِلى ناقةِ نِضْوٍ لِرَجُل، فَقَالَ: كَذَبَ عَلَيْكَ البَزْرَ والنَّوَى. قَالَ أَبو عبيد: لم يُسْمَعِ النَّصْبُ مَعَ (كَذَب) فِي الإِغراءِ، إِلاّ فِي هاذا الْحَرْف، قَالَ أَبو بكر: وهاذا شاذٌّ من القَول، خارجٌ فِي النَّحْو عَن مِنْهَاج القِياس، مُلْحَقٌ بالشَّوَاذِّ الَّتي لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهَا، وَلَا يُؤْخَذُ بهَا؛ قَالَ الشّاعرُ:
(كَذَبَ العَتِيقُ)
إِلَى آخِره، مَعْنَاهُ: الْزَمــي العتيقَ، وهاذا الماءَ، وَلَا تُطالِبِيني بِغَيْرِهِمَا. والعتيقُ: مرفوعٌ لَا غَيْرُ، انْتهى. وَقد نقل أَبو حَيّان هاذا الكلامَ فِي تذْكِرته. وَفِي شرح التَّسْهِيل، وَزَاد فِيهِ بأَنّ الّذي يَدُلُّ على رفع الأَسماءِ بعد (كَذَبَ) أَنَّه يتَّصل بهَا الضَّمير، كَمَا جاءَ فِي كلامِ عُمَرَ: ثلاثةُ أَسفارٍ، كَذَبْنَ عَلَيْكُم. وَقَالَ الشّاعرُ:
كَذَبْتُ عَلَيْكَ لَا تَزالُ تَقُوفُنِي
كَمَا قافَ آثَارَ الوَسِيقَةِ قائِفُ
مَعْنَاهُ: عليكَ بِي، وَهِي مُغْرًى بهَا واتَّصلت بِالْفِعْلِ، لاِءَنَّه لَو تأَخّر الفاعلُ لَكَانَ مُنْفَصِلا، وَلَيْسَ هاذا من مَوَاضِع انْفِصَاله. قلتُ: وهاذا قولُ الأَصمعيّ: كَمَا نَقله أَبو عُبَيْد، قَالَ: إِنّما أَغراه بنَفْسِه، أَي: عليكَ بِي، فَجعل نَفْسَهُ فِي مَوضِع رَفْعٍ، أَلا تراهُ قد جاءَ بالتَّاءِ، فجعَلَها اسْمَهُ. وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ الضَّرِيرُ فِي هاذا الشِّعر: أَي ظَنَنْتُ بك أَنّك لَا تنامُ عَن وِتْرِي، فكَذَبْتُ عَلَيْك. قَالَ شيخُنا، قلت: والصَّحيحُ جوازُ النَّصْبِ، لِنَقْلِ العُلَمَاءِ أَنَّه لُغَةُ مُضَرَ، والرَّفْعُ لُغَةُ اليَمَن ووجهُه مَعَ الرَّفْعِ أَنّه من قَبِيلِ مَا جاءَ من أَلفاظِ الخَبَر الّتي بِمَعْنى الإِغْرَاءِ. كَمَا قَالَ ابْنُ الشَّجَرِيّ فِي أَمالِيه: {تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} أَي آمِنُوا باللَّهِ، ورحِمَهُ اللَّهُ: أَي اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، وحَسْبُك زَيْدٌ: أَي اكْتَفِ بِهِ؛ ووجهُهُ مَعَ النَّصْبِ من بَاب سِرايَةِ الْمَعْنى إِلى اللَّفْظ، فإِنَّ المُغْرَى بِهِ لَمّا كَانَ مَفْعُولا فِي الْمَعْنى، اتصلتْ بِهِ علامةُ النَّصب، ليُطَابِقَ اللّفظُ الْمَعْنى. انْتهى.
وَفِي لِسَان الْعَرَب، بعدَ مَا ذكَرَ قولَ عَنْتَرَةَ السّابق: أَي يقولُ لَهَا: عليكِ بأَكْلِ العَتِيقِ، وَهُوَ التَّمْرُ اليابسُ، وشُربِ الماءِ البارِدِ، وَلَا تَتَعَرَّضِي لِغَبُوقِ اللَّبَنِ، وَهُوَ شُرْبُه عَشِيّاً؛ لاِءَنّ اللَّبَنَ خَصَصْتُ بِهِ مُهْرِي الّذي أَنْتفع بِهِ ويُسَلِّمُني وإِيّاكِ. وَفِي حَدِيث عُمَرَ: أَنَّ عَمْرَو بنَ مَعْدِيكرِبَ شَكَا إِليه النِّقْرِسَ فَقَالَ: (كَذَبتْكَ الظَّهَائِرُ) ، أَي: عليكَ بالمشْي فِي الظَّهائر، وَهِي جمعُ ظَهِيرَةٍ، وَهِي شدَّة الحَرّ، وَفِي رِوَايَة: (كذبَ عَلَيْك الظواهرُ) جمع ظاهِرَةٍ وَهِي مَا ظَهَرَ من الأَرض وارتفع. وَفِي حديثٍ لَهُ آخَر: (أَنّ عَمْرَو بْنَ مَعْدِيكرِبَ اشْتكَى إِليه المَعَصَ، فَقَالَ: (كَذَبَ عليكَ العَسَلُ) يُرِيد: العَسَلانَ، وَهُوَ مَشْيُ الذِّئبِ، أَي: عَلَيْك بسُرْعة المَشْي. والمَعَصُ، بِالْعينِ الْمُهْملَة: الْتِواءٌ فِي عَصَب الرِّجْل. وَمِنْه حديثُ عليَ: (كَذَبَتْكَ الحارِقَةُ) أَي: عَلَيْك بِمِثْلِهَا، والحارِقَةُ: المرأَة الَّتِي تَغْلِبُهَا شهوتُها، وَقيل: هِيَ الضَّيِّقةُ الفَرْجِ، قلتُ: وقرأْتُ فِي كتاب اسْتِدْرَاك الغَلَط، لاِءَبِي عُبَيْدٍ القاسمِ بْنِ سَلاَّمٍ، قولَ مُعَقِّرِ بْنِ حِمَارٍ البارِقيّ:
وذُبْيَانِيَّة أَوْصَتْ بَنِيها
بأَنْ كَذَبَ القَراطِفُ والقُرُوفُ
أَي: علَيكم بهَا. والقَراطِف، أَكْسِيَةٌ حُمْرٌ، والقُروفُ: أَوْعِيَةٌ من جِلْد مدبوغٍ بالقِرْفَة، بِالْكَسْرِ، وَهِي قُشُورُ الرُمَّانِ، فَهِيَ أَمَرَتْهُم أَن يُكْثِرُوا من نَهْبِ هاذَيْنِ الشَّيْئَيْنِ والإِكثارِ من أَخْذِهما إِنْ ظَفِرُوا ببني نَمِرٍ، وذالك لحاجتهم وقلَّةِ مالِهم. قلتُ: وعَلى هَذَا فَسَّرُوا حَدِيث: (كَذَبَ النَّسّابُون) أَي: وَجب الرُّجوعُ إِلى قَوْلهم. وَقد أَوْدَعْنَا بيانَه فِي (القَول النفيس فِي نَسبِ مولَايَ إِدْرِيس) .
وَفِي لِسَان الْعَرَب، عَن ابْنِ السِّكِّيتِ. تَقول للرَّجُل إِذا أَمَرْتَهُ بشيْءٍ وأَغْرَيْتَهُ: كَذَبَ عَلَيْك كَذا وكَذا، أَي: عَلَيْك بِهِ، وَهِي كَلِمَةٌ نادِرة. قالَ: وأَنشد ابْنُ الأَعْرَابِيّ لخِداشِ بْنِ زُهَيْرٍ:
كَذَبْتُ عَلَيْكُم أَوْعِدُونِي وعَلِّلُوا
بِيَ الأَرْضَ والأَقْوَامَ قِرْدَانَ مَوْظَبَا
أَي: عَلَيْكُم بِي وبهجائي إِذا كُنْتُم فِي سفر، واقْطَعُوا بذكْرِي الأَرْضَ، وأَنْشِدُوا الْقَوْم هِجائي يَا قِرْدانَ مَوْظَب. وَقَالَ ابْنُ الأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ، والزَّمَــخْشَرِيُّ فِي الْفَائِق، فِي الحَدِيث: (الحِجَامَةُ على الرِّيقِ فِيهَا شِفاءٌ وبَرَكَة، فَمن احْتَجَم فَيَوْمُ الأَحَدِ والخَميس كَذَباك، أَوْ يَوْمُ الاثْنَيْنِ والثَّلاثاءِ) معنى كَذَباك: أَي عَلَيْك بهما. قَالَ الزَّمَــخْشَرِيُّ: هَذِه كلمةٌ جَرتْ مَجْرَى المَثَلِ فِي كَلَامهم، فلذالك لم تَتصرّفْ، ولَزِمَــتْ طَريقَة وَاحِدَة، فِي كَونهَا فعلا مَاضِيا مُعَلَّقاً بالمخاطَب وَحْدَهُ، وَهِي فِي معنى الأَمر. ثُمَّ قالَ: فَمَعْنَى قَوْله: كَذَباك، أَي لِيَكْذِبَاك، ولْيُنَشِّطاكَ وَيَبْعَثاك على الفعْل. قلت: وَقد تقدَّمَتِ الإِشارَةُ إِليه.
وَنقل شيخُنا عَن كتاب حلى العلاءِ فِي الأَدب، لعبد الدّائمِ بْنِ مَرْزُوق القَيْرَوانِيّ: أَنّه يُرْوى (العَتِيقُ) بالرَّفْع والنَّصْب، وَمَعْنَاهُ: عليكَ العَتِيقَ وماءَ شَنَ. وأَصله: كَذَبَ ذاكَ، عليكَ العَتِيقَ؛ ثمَّ حُذِفَ عَلَيْك، وناب كَذَبَ مَنابَهُ، صارتِ العربُ تُغْرِي بِهِ. وَقَالَ الأَعلمُ فِي شرح مُخْتَار الشُّعراءِ السِّتَّةِ، عندَ كَلَامه على هاذا الْبَيْت: قَوْله: كَذَبَ العَتِيقُ: أَي عليكَ بالتَّمْرِ؛ والعربُ تَقول: كَذَبَكَ التَّمْرُ واللَّبَنُ، أَي: عَلَيْك بهما. وأَصلُ الكَذِبِ الإِمكانُ. وقولُ الرَّجُلِ: كَذَبْتَ، أَي: أَمكَنْتَ من نَفْسِك وضَعُفْتَ، فَلهَذَا اتُّسِعَ فِيهِ فأُغْرِيَ بِهِ؛ لاِءَنَّه مَتى أُغْرِيَ بشَيْءٍ، فقد جُعِل المُغْرَى بِهِ مُمْكِناً مُستطاعاً إِنْ رامَهُ المُغْرَى. وَقَالَ الشّيخُ أَبو حَيّانَ فِي شرح التَّسْهيل، بعدَ نقلِ هاذا الْكَلَام: وإِذا نَصَبْتَ، بَقِيَ كَذَبَ بِلَا فَاعل على ظَاهر اللَّفظ. والّذي تَقْتَضِيه القواعدُ أَنَّ هاذا يكونُ من بَاب الإِعمال، فكذَبَ، يَطْلُبُ الاسْمَ على أَنَّه فاعِلٌ، وعليكَ، يطلُبُه على أَنّه مفعولٌ، فإِذا رفعنَا الاسمَ بكَذَبَ، كَانَ مفعولُ عَلَيْك محذُوفاً، لفهم الْمَعْنى، والتّقْدير: كَذَبَ عليكُم الحَجُّ، وإِنَّمَا التُزِمَ حَذفُ الْمَفْعُول لاِءَنّه مكانُ اخْتِصَار، ومحرَّفٌ عَن أَصل وَضْعه، فجَرى لذالك مَجْرَى الأَمثالِ فِي كَوْنِها تُلْتَزَمُ فِيهَا حالةٌ واحدةٌ، لَا يُتَصَرَّفُ فِيهَا. وإِذا نَصَبْتَ الاسْمَ، كَانَ الفاعلُ مُضْمَراً فِي كَذَبَ، يُفسّرُهُ مَا بَعدَهُ، على رأْي سِيبَوَيْه، ومحذوفاً، على رأْي الكِسائيّ، انْتهى.
(و) من المَجَاز: (حَمَلَ) عَلَيْهِ (فَمَا كَذَّب تَكْذِيباً) ، أَي: مَا انْثَنَى و (مَا جَبُنَ) ، وَمَا رَجَع. وكذالك حَمَلَ فَمَا هَلَّلَ، وحَمَلَ ثمَّ كذَّبَ، أَي: لم يَصْدُقِ الحَمْلَةَ، قَالَ زُهَيْرٌ:
لَيْثٌ بِعَثَّرَ يَصْطَادُ الرِّجَالَ إِذا
مَا اللَّيْثُ كَذَّبَ عَن أَقْرَانِه صَدَقا
وَفِي الأَساس: مَعْنَاهُ كَذَّبَ الظَّنَّ بِهِ، أَو جعل حَمْلَتَهُ كاذِبَةً.
(و) من الْمجَاز أَيضاً: قولُهم: (مَا كذَّبَ أَنْ فَعَلَ كَذَا) تَكْذِيبًا، أَي (مَا) كَعَّ، وَلَا (لَبِثَ) ، وَلَا أَبْطَأَ وَفِي حديثِ الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ حَمَلَ يومَ اليَرْمُوكِ على الرُّوم، وَقَالَ لِلْمُسْلِمِينَ: (إِنْ شَدَدْتُ عَلَيْهِم، فَلا تُكَذِّبُوا) أَي: لَا تَجْبُنُوا وتُوَلُّوا. قَالَ شَمِرٌ: يُقَالُ للرَّجُل إِذا حَمَلَ، ثُمَّ وَلَّى، ولَمْ يَمْضِ: قَدْ كَذَّبَ عَن قِرْنِه تَكْذِيبًا؛ وأَنشد بيتَ زُهَيْر. والتَّكْذِيبُ فِي القِتَال ضِدُّ الصِّدْقِ فِيهِ، يُقَال: صَدَقَ القِتالَ، إِذا بَذَلَ فِيهِ الجِدَّ، وكذَّبَ: إِذا جَبُنَ؛ وحَمْلَةٌ كاذِبَةٌ: كَمَا قالُوا فِي ضِدّهَا: صادِقَة، وَهِي المصدُوقَةُ والمَكذُوبَة فِي الحَمْلة. (و) فِي الصَّحاح: (تَكَذَّبَ) فلانٌ: (تَكَلَّفَ الكَذِبَ) .
(و) تكذَّبَ (فُلاناً) ، وتَكَذَّبَ عَلَيْهِ: (زَعَمَ أَنّه كاذِبٌ) ، قَالَ أَبو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ:
رسُول أَتاهُم صادِقاً فتَكَذَّبُوا
عَلَيْهِ وَقَالُوا لستَ فِينَا بِماكِثِ
(وكاذَبْتُهُ مُكاذَبَةً، وكِذَاباً) : كَذَّبْتُه، وكَذَّبَنِي.
وكَذَّبَ الرَّجُلَ تَكْذِيباً، وكِذَّاباً: جَعَله كاذِباً، وَقَالَ لَهُ: كَذَبْت.
(و) كذالك (كَذَّبَ بالأَمْرِ تَكْذِيباً وكِذَّاباً) بالتَّشْدِيد، وكِذاباً، بالتَّخْفِيف: (أَنْكَرَهُ) وَفِي التَّنْزيل الْعَزِيز: {4. 010 وكذبوا بِآيَاتِنَا كذابا} (النبأ: 28) ، وَفِيه: {لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلاَ كِذباً} (النبأ: 35) ، أَي: كَذِباً، عَن اللِّحْيَانِيِّ. قَالَ الفَرّاءُ: خفَّفهما عَليّ بْنُ أَبي طَالب جَمِيعًا، وثقَّلهما عاصمٌ وأَهلُ الْمَدِينَة، وهِيَ لُغَةٌ يمانِيَةٌ فصيحةٌ، يقولونَ: كَذَّبْتُ بِهِ كَذَّاباً، وخَرَّقْتُ القميصَ خِرَّاقاً، وكذالك كُلّ فَعَّلتُ، فمصدرُهَا فِعَّالٌ فِي لغتهم مشدّدة. قَالَ: وَقَالَ لي أَعرابِيٌّ مَرّةً على المَرْوَةِ يستَفْتِينِي: الحَلْقُ أَحَبّ إِليك، أَم القِصّارُ؟ وأَنشَدَ بعضُ بني كُلَيْبٍ:
لَقَدْ طالَ مَا ثبَّطْتَنِي عَن صَحابَتِي
وعَنْ حِوَجٍ قِضَّاؤُها من شِفائِيا
قَالَ الفَرّاءُ: كَانَ الكِسائِيّ يُخَفِّفُ {لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلاَ كِذباً} ، لأَنّها مُقَيّدةٌ بفعلٍ يُصَيِّرُها مصدرا، ويُشَدّدُ {4. 010 وكذبوا بِآيَاتِنَا كذابا} ؛ لأَن كَذَّبوا يُقَيد الكِذَّابَ، قَالَ: وَالَّذِي قَالَ حَسَنٌ، ومعناهُ: لَا يسمَعُونَ فِيهَا لَغْواً، أَي: باطِلاً، وَلَا كِذَّاباً، أَي: لَا يُكَذِّبُ بعضُهم بَعْضًا.
(و) كَذَّبَ (فُلاناً) تَكْذِيباً: أَخبَرَهُ أَنّه كاذِبٌ، أَو (جَعَلَهُ كاذِباً) بأَنْ وصَفَه بالكَذِبِ. وَقَالَ الزَّجّاج: معنى كَذَّبْتُهُ، قلتُ لَهُ: كَذَبْتَ، وَمعنى أَكْذَبْتُه: أَرَيْتُهُ أَنَّ مَا أَتَى بِهِ كَذِبٌ، وَبِه فُسِّر قولُه تعالَى: {فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذّبُونَكَ} (الْأَنْعَام: 33) ، وقُرِىءَ بالتَّخْفِيفِ ونَقَلَ الكِسائِيُّ عَن الْعَرَب: يُقَال: كَذَّبْتُ الرَّجُلَ تَكْذِيباً: إِذا نَسَبْتَهُ إِلى الكَذِب.
(و) من الْمجَاز: كَذَّبَ (عَن أَمْرٍ قد أَرادَهُ) . وَفِي لِسَان الْعَرَب: وأَرادَ أَمراً ثُمَّ كَذَّب عَنهُ، أَي: (أَحْجَمَ) .
(و) كَذَّبَ (عَنْ فُلانٍ: رَدَّ عَنْهُ) .
(و) من المجَاز: كَذَّبَ (الوَحْشِيُّ) ، وكَذَبَ: (جَرَى شَوْطاً، فوَقَفَ لِيَنْظُرَ مَا وَراءَهُ) : هَل هُوَ مَطْلُوب، أَم لَا؟ .
وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:
فِي الصَّحاح: الكُذَّبُ، جمع كاذِبٍ مثل راكعٍ ورُكَّع. قَالَ أَبو دُوَاد الرُّؤَاسِيُّ:
مَتَى يَقُلْ تنْفَعِ الأَقْوَامَ قَوْلَتُهُ
إِذا اضْمَحَلَّ حَدِيثُ الكُذَّبِ الوَلَعَهْ
والكُذُب: جمع كَذُوبٍ، مثل صَبُورٍ وصُبُرٍ؛ وَمِنْه قرأَ بعضُهُم: {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ} (النَّحْل: 116) ، فَجعله نعتاً للأَلْسنة. كَذَا فِي لِسَان الْعَرَب، وزادَ شيخُنا فِي شَرحه وَقيل: هُوَ جمع كَاذِب، على خلاف الْقيَاس، أَو جمعُ كِذَابٍ، ككِتَابٍ: مصدرٌ وُصِفَ بِهِ مُبَالغَة، قَالَه جماعةٌ من أَهل اللُّغَةِ، انْتهى.
ورُؤْيَا كَذُوبٌ، مثلُ ناصِيَةٍ كاذِبةٍ، أَي: كَذُوبٌ صاحِبُها، وَقد تقدَّم الإِشارةُ ابيه. أَنشد ثَعْلَب:
فحَيَّت فَحَيَّاهَا فهَبَّ فحَلَّقتْ
مَعَ النَّجْمِ رُؤْيَا فِي المَنَامِ كَذُوبُ
والتَّكاذُبُ: ضِدُّ التَّصادُقِ.
وَفِي التَّنْزيل الْعَزِيز: {4. 010 وجاؤوا على قَمِيصه بِدَم كذب} (يُوسُف: 18) ، رُوَيَ فِي التَّفْسِير: أَنَّ إِخْوَةَ يُوسُفَ، عَلَيْهِ السَّلامُ، لَمَّا طَرَحوه فِي الجُبّ، أَخَذُوا قَمِيصَهُ، وذبَحُوا جَدْياً، فلطَّخُوا القميصَ بدَمِ الجَدْيِ. فَلَمَّا رأَىيعقوبُ، عَلَيْهِ السّلام، القميصَ، قَالَ: كَذَبْتُم، لَو أَكَلَهُ الذِّئْبُ، لخَرَّق قَمِيصَهُ. وَقَالَ الفَرَّاءُ، فِي قَوْله تَعَالى: {بِدَمٍ كَذِبٍ} : مَعْنَاهُ: مكذوبٌ. قَالَ: والعربُ تقولُ للكَذِب: مكذوبٌ، وللضَّعْفِ: مضعوفٌ، وللجَلْد: مجلودٌ، وَلَيْسَ لَهُ معقودُ رَأْيٍ: يُرِيدُونَ عَقْدَ رَأْيٍ، فيَجْعَلُونَ المَصَادرَ فِي كثير من الْكَلَام مَفْعُولا. وَقَالَ الأَخفش: بِدَمٍ كَذِبٍ، فجعلَ الدَّمَ كَذِباً، لاِءَنَّهُ كُذِبَ فِيهِ، كَمَا قَالَ تعالَى: {فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ} (الْبَقَرَة: 16) . (سقط: وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: هَذَا مصدر فِي معنى مفعول، أَرَادَ: بِدَم مَكْذُوب. وَقَالَ الزّجاج: بِدَم كذب، أَي: ذِي كذب وَالْمعْنَى: دم مَكْذُوب فِيهِ. وَقُرِئَ (بِدَم كدب) بِالْمُهْمَلَةِ، وَقد تقدّمت الْإِشَارَة إِلَيْهِ.
وَالْكذب أَيْضا: هُوَ الْبيَاض فِي الْأَظْفَار، عَن أبي عمر الزَّاهِد، لُغَة فِي الْمُهْملَة.
وَقد يسْتَعْمل الْكَذِب فِي غير الْإِنْسَان قَالُوا: كذب الْبَرْق، والحلم، وَالظَّن، والرجاء، والطمع.
وكذبت الْعين: خانها حسها.
وَكذب الرّيّ: توهم الْأَمر بِخِلَاف مَا هُوَ بِهِ. وَمن الْمجَاز: كذبتك عَيْنك: أرتك مَا لَا حَقِيقَة لَهُ. وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز: (حَتَّى إِذا استيأس الرُّسُل وظنوا أَنهم قد كذبُوا) ، [سُورَة يُوسُف: 110] ، بِالتَّشْدِيدِ وَضم الْكَاف، وَهِي قِرَاءَة عَائِشَة، وَقَرَأَ بهَا نَافِع وَابْن كثير وَأَبُو عَمْرو وَابْن عَامر، وَقَرَأَ عَاصِم وَحَمْزَة وَالْكسَائِيّ: كذبُوا، بِالتَّخْفِيفِ وَضم الْكَاف، وروى ذَلِك عَن ابْن عَبَّاس، وَقَالَ: كَانُوا بشرا، يَعْنِي: الرُّسُل، يذهب إِلَى أَن الرُّسُل ضعفوا فظنوا أَنهم قد أخْلفُوا. قَالَ أَبُو مَنْصُور: إِن صَحَّ هَذَا عَن ابْن عَبَّاس، فوجهه عِنْدِي، وَالله أعلم، أَن الرُّسُل قد خطر فِي أوهامهم مَا يخْطر فِي أَوْهَام الْبشر، من غير أَن حققوا تِلْكَ الخواطر وَلَا ركنوا إِلَيْهَا، وَلَا كَانَ ظنهم ظنا اطمأنوا إِلَيْهِ، وَلكنه كَانَ خاطرا يغلبه الْيَقِين. كَذَا فِي لِسَان الْعَرَب.
وَهُوَ من تكاذيب الشّعْر.
وَمن الْمجَاز: كذب لبن النَّاقة، وَكذب: ذهب، وَهَذِه عَن اللحياني. وَكذب الْبَعِير فِي سيره: إِذا سَاءَ سيره: قَالَ الْأَعْشَى: جمالية تغتلي بالرداف
إِذا كذب الآثمات الهجيرا
كَذَا فِي لِسَان الْعَرَب.
وَمن المَجَاز أَيضاً: كَذَبَ الحَرُّ: انْكَسَرَ.
وكَذَبَ السَّيْرُ: لم يَجِدَّ. والقَوْمَ السُّرَى: لم يُمْكِنْهُمْ.
والكَذَّابَةُ: ثَوبٌ، يُصْبَغُ بِأَلْوَانٍ، يُنْقَشُ كأَنَّه مَوْشِيٌّ. وَفِي حَدِيث المسعوديّ: (رأَيتُ فِي بَيت الْقَاسِم كَذّابَتَيْنِ فِي السَّقْف) : الكَذّابَةُ: ثَوْبٌ، يُصوَّرُ ويُلْزَقُ بسَقْفِ الْبَيْت، سُمِّيت بِهِ لأَنها تُوهِمُ أَنها فِي السَّقف، وإِنّما هِيَ فِي ثوبٍ دُونه: كَذَا فِي الأساس، ومثلُه فِي لِسَان الْعَرَب.
وممّا استدرَكَهُ شيخُنا:
المَكَاذِبُ، قيل: هُوَ مِمّا لَا مُفْرَدَ لَهُ، وَقيل: هُوَ جمعٌ لكَذِب، على غير قِيَاس. وَقيل: هُوَ جمع مَكْذَبٍ؛ لأَنّ القِيَاسَ يَقْتَضِيهِ أَو لاِءَنّه موهومُ الوَضْعِ، كَمَا قالُوا فِي مَحَاسِنَ، ومَذاكِرَ، ونَحْوِهما. وَمِنْهَا أَنَّ الجَوْهَرِيَّ صرّح بأَنَّ الكِذَّابَ، المُشَدَّدَ، مَصْدَرُ كَذَّبَ مُشَدَّداً، لَا مُخفَّفاً، وأَيّدهُ بآيةِ: {4. 010 وكذبوا بِآيَاتِنَا كذابا} وظاهرُ المصنِّف أَنَّ كُلاًّ من المُخَفَّف والمُشَدَّد، يُقالُ فِي المُخَفَّف. قلتُ: وهاذا الّذي أَنكرهُ، هُوَ الّذي صَرَّحَ بِهِ ابْنُ منظورٍ فِي لِسَان الْعَرَب. ثُمَّ قَالَ: وَمِنْهَا أَنّ الجَوْهَرِيَّ زَاد فِي المَصَادرِ: تَكْذِبَةً كَتوصِيَة، ومُكَذَّب، كمُمَزَّق، بِمَعْنى التَّكْذِيب. قلتُ: وَزَاد غيرُ الجَوْهَرِيِّ فِيها: كُذْباً كقُفْل، وكَذْباً كضَرْبٍ، وهاذا الأَخيرُ غيرُ مسمُوعٍ، ولكنَّ القياسَ يَقتضيهِ.
ثُمَّ قَالَ: وهاذا اللَّفظُ خَصَّه بالتَّصْنيف فِيهِ جماعةٌ، مِنْهُم: أَبو بكر بْنُ الأَنباريّ، والعلاّمةُ أَحمدُ بْنُ مُحَمَّد بْنِ قاسمِ بْن أَحمدَ بْن خِذيو، الأَخْسِيكَتِي، الحَنفيُّ، المُلَقَّبُ بِذِي الْفَضَائِل، ترجمتُه فِي البُغْيَةِ وَفِي طَبَقَات الحَنَفيّة للشَّيْخ قَاسم.
قَالَ ابْنُ الأَنباريّ: إِنّ الكَذِبَ ينقسمُ إِلى خَمْسَة أَقسام: إِحداهُنَّ تَغْيِيرُ الحاكي مَا يَسمَعُ، وقولُهُ مَا لَا يَعْلَمُ نقلا ورِوَايَةً، وَهَذَا القسمُ هُوَ الَّذِي يُؤْثِمُ ويَهْدِمُ المُرُوءَةَ. الثّاني: أَنْ يقولَ قولا يُشْبِهُ الكَذِبَ، وَلَا يَقْصِد بِهِ إِلاَّ الحَقَّ، وَمِنْه حديثُ: (كَذَبَ إِبراهِيمُ ثَلاثَ كَذِباتٍ) ، أَي: قالَ قولا يُشْبِهُ الكَذِبَ، وَهُوَ صادقٌ فِي الثّلاث. الثّالثُ بِمَعْنى الخَطَإِ، وَهُوَ كثيرٌ فِي كَلَامهم. والرّابعُ البُطُولُ، كَذَبَ الرَّجُلُ: بِمَعْنى بَطَلَ عَلَيْهِ أَمَلُهُ وَمَا رَجاهُ. الخامسُ بِمَعْنى الإِغراءِ، وَقد تقدَّم بيانُه. وعَلى الثّالث خَرَّجُوا حديثَ صَلاةِ الوِتْر (كَذَبَ أَبو محمَّد) ، أَي: أَخطأَ، سمّاهُ كاذِباً، لاِءَنَّهُ شَبِيهُهُ فِي كَوْنِه ضِدَّ الصَّواب، كَمَا أَنَّ الكَذِبَ ضِدُّ الصِّدق وإِن افْتَرقا مِنْ حَيْثُ النِّيَّةُ والقَصْدُ؛ لاِءَنَّ الكاذبَ يَعلَم أَنّ مَا يقولُهُ كَذِبٌ، والمُخطِىءَ لَا يعلَمُ. وهاذا الرَّجُلُ لَيْسَ بمُخْبِرٍ، وإِنّما قَالَه بِاجْتِهَاد أَدَّاهُ إِلى أَنَّ الوِتْرَ واجبٌ، والاجتهادُ لَا يدخُلُه الكَذِبُ، وإِنّما يدخُلُه الخَطأُ وأَبو محمّدٍ الصَّحابيُّ: اسمهُ مسعودُ بْنُ زَيْدٍ.
وَفِي التَّوْشِيح: أَهلُ الحِجَاز، يقولونَ: كَذَبْتَ بِمَعْنى أَخطأْتَ، وَقد تَبِعَهم فِيهِ بقيّةُ النّاس. وعَلى الرّابع خَرَّجُوا قولَ اللَّهِ عزَّ وجلَّ: {انظُرْ كَيْفَ كَذَبُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ} (الْأَنْعَام: 24) ، انظُرْ كيفَ بَطَلَ عَلَيْهِم أَمَلُهُمْ، وَكَذَا قَول أَبي طالبٍ:
كَذَبْتُمْ وبَيْتِ الله نَبْزِي مُحَمَّداً
ولَمَّا نُطاعِنْ حَوْلَهُ ونُناضِلِ
وَانْظُر بقيّة هاذا الْكَلَام فِي شرح شَيخنَا، فإِنّه نَفِيس جدّاً.
وَمن الأَمثال الّتي لم يذكُرْهَا المؤلِّفُ قولُهم:
أُكْذِبِ النَّفْسَ إِذا حَدَّثْتَها
أَي: لَا تُحَدِّثْ نفسَك بأَنّك لَا تَظفَرُ، فإِنّ ذالك يُثَبِّطُكَ. سُئل بَشَّارٌ: أَيُّ بيتٍ قالته العربُ أَشْعَر؟ فَقَالَ: إِنْ تفضيلَ بيتٍ واحدٍ على الشِّعْر كُلِّه، لَشَديدٌ. ولاكنْ أَحْسَنَ لَبِيدٌ فِي قَوْله:
أَكْذِبِ النَّفْسَ إِذا حَدَّثْتَها
إِنَّ صِدْقَ النَّفْسِ يُزْرِي بالأَمَلْ
قَالَه المَيْدَانِيُّ، وغيرُه، وَمِنْهَا:
كُلُّ امْرِىءٍ بِطَوَالِ العَيْشِ مَكْذُوبُ
وَمِنْهَا عجز بيتٍ من شعر أَبي دُوَاد:
كَذَبَ العَيْرُ وإِنْ كانَ بَرَحْ
وأَوَّلُهُ:
قُلْتُ لَمّا نَصَلاَ من قُنَّة
وبعدَهُ:
وتَرَى خَلْفَهُمَا إِذْ مَصَعَا
مِنْ غُبَارٍ ساطعٍ فَوْقَ قُزَحْ
كَذَب: أَي فَتَر وأَمْكَنَ، وَيجوز أَن يكون إِغراءً، أَي: عَلَيْك العَيْرَ، فَصِدْهُ، وإِنْ كَانَ بَرَحَ، يضْرب للشّيْءِ يُرْجَى وإِنْ تَصَعَّبَ.
ثمّ نقل عَن خطّ العلاّمة نُورِ الدِّين العُسَيْليّ مَا نصُّه: رأَيْتُ فِي نسخةِ شَجَرَة النَّسَبِ الشَّريف، عِنْد إِيرادِ قولِه، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (كَذَبَ النَّسّابُون) . أَنّ كَذَبَ يَرِدُ بِمَعْنى صَدَق وَيُمكن أَخْذُه من هُنا. هاذا مَا وُجِدَ. قَالَ شيخُنا: ووَسَّع ابْنُ الأَنبارِيّ، فَقَالَ: وَعَلِيهِ فيكونُ لفظُ كَذَبَ من الأَضدادِ، كَمَا أَنَّ لفظَ الضِّدِّ أَيضاً جعَلُوه من الأَضداد. قلتُ: والّذِي فَسّرَهُ غيرُ واحدٍ من أَئمة اللُّغَة والتَّصريف، أَي وجَبَ الرُّجُوعُ إِلى قَوْلهم. وَقد تقدَّمتِ الإِشارةُ إِليه.
ثمّ ذكر شيخُنا، فِي آخِر الْمَادَّة، مَا نَصُّهُ: الكَذِبُ هُوَ الإِخبارُ عَن الشَّيْءِ بخلافِ مَا هُوَ، سواءٌ فِيهِ العَمْدُ والخَطَأُ، إِذْ لَا واسطةَ بينَ الصِّدقِ والكَذِب، على مَا قَرّرَه أَهلُ السُّنَّةِ، وَاخْتَارَهُ البَيانِيُّونَ. وَهُنَاكَ مذاهبُ أُخَرُ للنَّظّامِ والجاحظ والرَّاغِب وَهَذَا القَدْرُ فِيهِ مَقْنَعٌ للطَّالِب. وَالله أَعلمُ.
(كذب) بِالْأَمر تَكْذِيبًا وكذابا أنكرهُ وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {وَكذب بِهِ قَوْمك وَهُوَ الْحق} وَفِيه (وكذبوا بِآيَاتِنَا كذابا) وَعَن أَمر أَرَادَهُ أحجم وَيُقَال حمل عَلَيْهِ فَمَا كذب مَا انثنى وَمَا جبن وَيُقَال كذب السِّلَاح لم تَنْطَلِق قذيفته وَيُقَال مَا كذب أَن فعل كَذَا مَا لبث وَلَا أَبْطَأَ وَفُلَانًا نسبه إِلَى الْكَذِب أوقال لَهُ كذبت
باب الكاف والذال والباء معهما ك ذ ب مستعمل فقط

كذب: الكِذابُ لغة في الكَذِب. ويقرأ: لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا كِذَّاباً بالتخفيف، والكِذّابُ، بالتشديد لغة. تقول: كَذِبَك كَذِباً، أي: لم يصدقك، فهو كاذب، وكذوب، أي: كثير الكَذِب. وكذَّبته: جعلته كاذباً. وأكذبته: وجدته كاذباً. وقوله [جل وعز] : لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا كِذَّاباً

أي: تكذيباً، وذلك أن العرب تقول: كذَّبته تكذيباً، ثم تجعل بدل التَّكذيب: كِذّاباً. والكَذّابةُ: ثوب يصبغ بألوان الصبغ كأنه موشي. وقول عمر: كَذَب عليكم الحج، كَذَب عليكم الجهاد، أي: وجب عليكم، ودونكم الحج، ولا يقال: يكذب ولا كاذب، ولا يصرف في وجوه الفعل.

الْكُلِّي

الْكُلِّي: عِنْد المنطقيين مَا لَا يمْنَع نفس تصَوره من وُقُوع الشّركَة فِيهِ كالحيوان. وَإِنَّمَا سمي كليا لِأَن كُلية الشَّيْء إِنَّمَا هِيَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الجزئي. والكلي يكون جُزْء الجزئي غَالِبا فَيكون ذَلِك الشَّيْء مَنْسُوبا إِلَى الْكل والمنسوب إِلَى الْكل كلي كَمَا فصلنا هَذَا المرام فِي الجزئي. وَمعنى اشْتِرَاك الْمَاهِيّة بَين كثيرين أَن صورتهَا الْعَقْلِيَّة مُطَابقَة لكل وَاحِد من جزئياتها. وَمعنى الْمُطَابقَة مُنَاسبَة مَخْصُوصَة لَا تكون لسَائِر الصُّور الْعَقْلِيَّة. فَإنَّا إِذا تعقلنا زيدا حصل فِي عقلنا أثر لَيْسَ ذَلِك الْأَثر هُوَ بِعَيْنِه الْأَثر الَّذِي يحصل فِي الْعقل عِنْد تعقلنا فرسا معينا. وَمعنى الْمُطَابقَة لكثيرين أَنه لَا يحصل من تعقل كل وَاحِد مِنْهَا أثر متجدد بل يكون الْحَاصِل فِي الْعقل من تعقل كل هُوَ الصُّورَة الْوَاحِدَة على تِلْكَ النِّسْبَة الْمَخْصُوصَة. فَإنَّا إِذا رَأينَا زيدا حصل مِنْهُ فِي أذهاننا الصُّورَة الإنسانية المعراة عَن المشخصات واللواحق. وَإِذا أبصرنا بعد ذَلِك خَالِدا لم تقع مِنْهُ صُورَة أُخْرَى بل الصُّورَة الْحَاصِلَة الأولى بِعَينهَا. بِخِلَاف مَا إِذا رَأينَا فرسا معينا فَافْهَم.
فَإِن قيل تَعْرِيف الْكُلِّي لَيْسَ بمانع لصدقه على الصُّورَة الخيالية من الْبَيْضَة الْمعينَة تنطبق على كل من البيضات بِحَيْثُ يجوز الْعقل أَن يكون هِيَ هِيَ. وَأَن ضَعِيف الْبَصَر يرى شبحا من بعيد وَيجوز عقله أَن يكون زيدا وعمرا إِلَى غير ذَلِك. وَأَن الطِّفْل فِي مبدأ الْولادَة لنُقْصَان الْحس الْمُشْتَرك لَا يَأْخُذ الصُّورَة عَمَّا هُوَ فِي الْخَارِج بِخُصُوصِهِ. وَلَا يفرق بَين أمه عَن غَيرهَا وَأَبِيهِ عَن غَيره بل يدْرك شبحا وَاحِدًا لَا يتَمَيَّز فِيهِ أَبَاهُ وَأمه عَن الْغَيْر. فَيــلْزم أَن تكون هَذِه الصُّور كُلية مَعَ أَنهم عدوها من الجزئيات.
قُلْنَا المُرَاد وُقُوع الشّركَة على سَبِيل الِاجْتِمَاع لَا على الْبَدَلِيَّة والترديد وَصدق تِلْكَ الصُّور على الْكَثْرَة واشتراكها فِيهَا لَيْسَ على سَبِيل الِاجْتِمَاع بل على سَبِيل الْبَدَلِيَّة كَمَا لَا يخفى. فَإِن قيل إِن الصُّورَة الخارجية لزيد مثلا جزئي حَقِيقِيّ وَيصدق عَلَيْهَا تَعْرِيف الْكُلِّي لِأَنَّهَا تصدق وتطابق على سَبِيل الِاجْتِمَاع على الصُّور الْحَاصِلَة فِي أذهان طَائِفَة تصوروا زيدا كَمَا أَن كل وَاحِد من الصُّور الْحَاصِلَة فِي تِلْكَ الأذهان تطابق لتِلْك الصُّورَة الخارجية. فَإِن الْمُطَابقَة من الْجَانِبَيْنِ - وَالْعقل يجوز الْمُطَابقَة فِيمَا بَينهمَا على سَبِيل الِاجْتِمَاع. فَإِن التَّحْقِيق أَن حُصُول الْأَشْيَاء بأنفسها فِي الذِّهْن لَا بأشباحها وإظلالها. فَإِن الدَّلَائِل الدَّالَّة على الْوُجُود الذهْنِي للأشياء إِنَّمَا تدل على وجودهَا حَقِيقَة لَا بِاعْتِبَار الشبح والمثال الَّذِي هُوَ وجودهَا مجَازًا. وَأَيْضًا أَن الصُّورَة الذهنية لزيد جزئي حَقِيقِيّ وَتصدق على الصُّور الْحَاصِلَة فِي أذهان طَائِفَة تصوروا زيدا وتطابقها.
قُلْنَا لَا نسلم صدق الجزئي الْحَقِيقِيّ على شَيْء فضلا عَن أَن تصدق الصُّورَة الخارجية الْجُزْئِيَّة على الذهنية كَيفَ فَإِن الْحمل الْمُعْتَبر فِي حمل الْكُلِّي على جزئياته هُوَ الْحمل بالمواطأة - وَهُوَ أَن المتغايرين مفهوما متحدان ذاتا. وَهَذَا الْحمل بَين الصُّورَة الخارجية والذهنية مُنْتَفٍ. وَإِن سلمنَا فَنَقُول إِن الْكُلِّي والجزئي قِسْمَانِ للمفهوم الْعقلِيّ لأَنهم قَالُوا إِن الْمَفْهُوم أَي مَا حصل فِي الْعقل إِمَّا كلي وَإِمَّا جزئي. فالكلي على هَذَا هُوَ الْمَفْهُوم الْعقلِيّ الَّذِي لَا يمْنَع نفس تصَوره عَن وُقُوع الشّركَة فِيهِ وَالْمرَاد بِالشّركَةِ لَيست هِيَ الْمُطَابقَة مُطلقًا بل مُطَابقَة الْحَاصِل فِي الْعقل لكثيرين بِحَسب الْخَارِج بِأَنوَهُوَ محَال. قُلْنَا كُلية الْكُلِّي وَكَونه صَادِقا على نَفسه وعارضا لَهَا بِاعْتِبَار الْإِطْلَاق. وَكَونه فَردا لنَفسِهِ ومعروضا لَهَا بِاعْتِبَار الخصوصية. وَاعْتِبَار المعروضية غير اعْتِبَار العارضية ويتفاوت الِاعْتِبَار بتفاوت الْأَحْكَام. أما سَمِعت لَوْلَا الاعتبارات لبطلت الْحِكْمَة لِأَن أَكثر مسائلها مَبْنِيّ على الْأُمُور الاعتبارية فَافْهَم.

مَعْدُوم النظير

مَعْدُوم النظير: مَشْهُور فِي مقَام الْمَدْح كَمَا يُقَال زيد مَعْدُوم النظير عِنْد مدحه وشبهة مَعْدُوم النظير أشهر فِيمَا بَينهم. تورد على كُلية قَوْلهم كذب الْمُطلق على شَيْء وسلبه عَنهُ يسْتَــلْزم كذب الْمُقَيد عَلَيْهِ وسلبه عَنهُ أَو على قَوْلهم صدق الْمُقَيد على شَيْء مُسْتَــلْزم لصدق الْمُطلق عَلَيْهِ أَي كذب الْعَام على شَيْء يسْتَــلْزم كذب الْخَاص عَنهُ وَصدق الْخَاص عَلَيْهِ يسْتَــلْزم صدق الْعَام عَلَيْهِ. وتقريرها أَنه مَمْنُوع بِسَنَد صدق مَعْدُوم النظير على زيد مَعَ كذب الْمَعْدُوم الْمُطلق عَلَيْهِ فَإِن زيد مَعْدُوم كَاذِب. وَتَقْرِير الدّفع إِن مُطلق زيد مَعْدُوم النظير لَيْسَ الْمَعْدُوم فِي نَفسه. لِأَنَّهُ أَيْضا مُقَيّد بل مطلقه الْمَعْدُوم بِوَجْه مَا. وَهُوَ يتَنَاوَل عدم الشَّيْء فِي نَفسه وَعدم شَيْء مِنْهُ سَوَاء كَانَ نَظِيره أَو غَيره فالمعدوم فِي نَفسه. والمعدوم النظير فردان للمعدوم الْمُطلق - والكاذب على زيد إِنَّمَا هُوَ الْمَعْدُوم فِي نَفسه وَهُوَ لَيْسَ بِمُطلق بل مُقَيّد كمعدوم النظير فحين صدق مَعْدُوم النظير على زيد يصدق الْمَعْدُوم الْمُطلق أَيْضا فِي ضمن أحد فرديه كَمَا لَا يخفى.

الضّروري

الضّروري:
[في الانكليزية] Necessary
[ في الفرنسية] Necessaire
لغة يطلق على ما أكره عليه وعلى ما تدعو الحاجة إليه دعاء قويا كالأكل مما يمخمصه، وعلى ما سلب فيه الاختيار على الفعل والترك كحركة المرتعش. وفي الجرجاني الضرورة مشتقة من الضّرر وهو النازل ممّا لا مدفع له. وفي الحموى حاشية الأشباه هاهنا خمس مراتب: ضرورة وحاجة ومنفعة وزينة وفضول. فالضرورة بلوغه حدّا إن لم يتناول الممنوع هلك أو قارب الهلاك، وهذا يبيح تناول الحرام. والحاجة كالجائع الذي لو لم يجد ما يأكله لم يهلك غير أنّه يكون في جهد ومشقّة، وهذا لا يبيح تناول الحرام ويبيح الفطر في الصوم. والمنفعة كالذي يشتهي خبز البرّ ولحم الغنم والطعام الدّسم. والزينة كالمشتهي بالحلوى والسكر. والفضول التوسّع بأكل الحرام والشبهة انتهى. وفي عرف العلماء يطلق على معان. منها مقابل النظري أي الكسبي، فالمتكلمون على أنّهما أي الضروري والكسبي قسمان للعلم الحادث، فعلم الله تعالى لا يوصف بضرورة ولا كسب. والمنطقيون على أنّهما قسمان لمطلق العلم وعلم الله تعالى داخل عندهم في الضروري لعدم توقّفه على نظر، فعرّفه القاضي أبو بكر من المتكلّمين بأنّه العلم الذي يــلزم نفس المخلوق لزوما لا يجد المخلوق إلى الانفكاك عنه سبيلا، أي لزوما لا يقدر المخلوق على الانفكاك عن ذلك العلم مطلقا، أي لا بعد الحصول ولا قبله. فإنّ عدم القدرة من جميع الوجوه أقوى وأكمل من عدمها من بعض الوجوه دون بعض. ولا يخفى أنّ المطلق ينصرف إلى الفرد الكامل، فخرج بهذا النظري فإنّه يقدر المخلوق على الانفكاك عنه قبل حصوله بأن يترك النظر فيه وإن لم يقدر على الانفكاك عنه بعد حصوله، وإنّما صحّ تفسيرنا قوله لا يجد بقولنا لا يقدر لأنّك إذا قلت فلان يجد إلى كذا سبيلا، يفهم منه أنّه يقدر عليه. وإذا قلت لا يجد إليه سبيلا فهم منه أنّه لا يقدر عليه. وإنما اخترنا ذلك التفسير لدفع ما أورد على الحدّ من أنّه يــلزم خروج العلوم الضرورية بأسرها لأنّها تنفك بطريان أضداد العلم من النوم والغفلة وبفقد مقتضيه كالحسّ والوجدان والتواتر والتجربة وتوجّه العقل. فإن قلت الانفكاك مقدورا كان أو غير مقدور ينافي اللزوم المذكور في التعريف فالايراد باق بحاله. قلت المراد باللزوم معناه اللغوي وهو الثبوت مطلقا، ثم قيّده بكون الانفكاك عنه غير مقدور. فآخر كلامه تفسير لأوله.
وتلخيص التعريف ما قيل من أنّ الضروري هو ما لا يكون تحصيله مقدورا للمخلوق، ولا شكّ أنّه إذا لم يكن تحصيله مقدورا لم يكن الانفكاك عنه مقدورا وبالعكس، لأنّه لا معنى للقدرة إلّا التمكّن من الطرفين، فإذا كان التحصيل مقدورا يكون تركه الذي هو الانفكاك مقدورا وكذا العكس، أي إذا كان الانفكاك مقدورا يكون تركه الذي هو التحصيل مقدورا فمؤدّى العبارتين واحد. فمن الضروريات المحسوسات بالحواس الظاهرة فإنّها لا تحصل بمجرّد الإحساس المقدور لنا، وإلّا لما عرض الغلط بل يتوقّف على أمور غير مقدورة لا نعلم ما هي، ومتى حصلت وكيف حصلت، بخلاف النظريات فإنّها تحصل بمجرّد النظر المقدور لنا، فإنّ حصولها دائر على النظر وجودا وعدما فتكون مقدورة لنا إذ لا معنى لمقدورية العلم إلّا مقدورية طريقه، وذا لا ينافي توقّفها على تصوّر الأطراف فتدبّر، فإنّه زلت فيه الأقدام. ومنها المحسوسات بالحواس الباطنة كعلم الإنسان بألمه ولذته. ومنها العلم بالأمور العادية. ومنها العلم بالأمور التي لا سبب لها ولا يجد الإنسان نفسه خالية عنها، كعلمنا بأنّ النفي والإثبات لا يجتمعان ولا يرتفعان.
فإن قلت أليس ذلك العلم حاصلا لنا بمجرّد الالتفات المقدور لنا فيكون مقدورا.
قلت الالتفات قدر مشترك بين جميع العلوم فليس ذلك سببا لحصوله بل لخصوصية الأطراف مدخل فيه. ومعنى كون مجرّد الالتفات كافيا فيه أنّه لا احتياج فيه إلى سبب آخر لأنّه سبب تام، والنظري هو العلم المقدور تحصيله بالقدرة الحادثة. والقيد الأخير لإخراج العلم الضروري لأنّه مقدور التحصيل فينا بالقدرة القديمة. وقال القاضي أبو بكر: وأمّا النظري فهو ما يتضمنه النظر الصحيح. قال الآمدي: معنى تضمّنه له أنّهما بحال لو قدر انتفاء الآفات وأضداد العلم لم ينفك النظر الصحيح عنه بلا إيجاب كما هو مذهب البعض، ولا توليد كما هو مذهب البعض الآخر، فإنّ مذهب القاضي أنّ حصوله عقيب النظر بطريق العادة حال كون عدم انفكاك النظر عنه مختصا حصولا بالنظر، فخرج العلم بالعلم بالشيء الحاصل عقيب النظر فإنّه غير منفكّ عن العلم بالشيء عند القاضي، والعلم بالشيء عقيب النظر لا ينفكّ عن النظر، لكنّه لا يكون له اختصاص بالنظر لكونه تابعا للعلم بالشيء، سواء كان العلم بالشيء حاصلا بالنظر أو بدونه. ولا يخفى أنّ تضمّن الشيء للشيء على وجه الكمال إنّما يكون إذا كان كذلك فلا يرد أنّ دلالة التضمّن على القيدين خفية. فمن يرى أنّ الكسب لا يمكن إلّا بالنظر لأنّه لا طريق لنا إلى العلم مقدور سواه فإنّ الإلهام والتعليم لكونهما فعل الغير غير مقدورين لنا، وكذلك التصفية إذ المراد منه أن يكون مقدورا للكلّ أو الأكثر، والتصفية ليس مقدورا إلّا بالنسبة إلى الأقل الذي يفي مزاجه بالمجاهدات الشاقة. فالنظري والكسبي عنده متلازمان فإنّ كلّ علم مقدور لنا يتضمنه النظر الصحيح، وكلّ ما يتضمنه النظر الصحى فهو مقدور لنا. ومن يرى جواز الكسب بغير النظر بناء على جواز طريق آخر مقدور لنا وإن لم نطلع عليه جعله أخصّ بحسب المفهوم من الكسبي لكنه أي النظري يلازم الكسبي عادة بالاتفاق من الفريقين.
اعلم أنّ الضروري قد يقال في مقابلة الاكتسابي ويفسّر بما لا يكون تحصيله مقدورا للمخلوق أي يكون حاصلا من غير اختيار للمخلوق، والاكتسابي هو ما يكون حاصلا بالكسب وهو مباشرة الأسباب بالاختيار كصرف العقل والنظر في المقدّمات في الاستدلاليات والإصغاء وتقليب الحدقة ونحو ذلك في الحسّيات. فالاكتسابي أعمّ من الاستدلالي لأنّه الذي يحصل بالنظر في الدليل. فكل استدلالي اكتسابي دون العكس كالإبصار الحاصل بالقصد والاختيار. وقد يقال في مقابلة الاستدلالي ويفسّر بما يحصل بدون فكر ونظر في دليل.
فمن هاهنا جعل بعضهم العلم الحاصل بالحواس اكتسابيا أي حاصلا بمباشرة الأسباب بالاختيار، وبعضهم ضروريا أي حاصلا بدون الاستدلال، هكذا في شرح العقائد النسفي للتفتازاني.
وقال المنطقيون العلم بمعنى الصورة الحاصلة إمّا بديهي وهو الذي لم يتوقّف حصوله على نظر وكسب ويسمّى بالضروري أيضا، وإمّا نظري وهو الذي يتوقّف حصوله على نظر وكسب، أي البديهي العلم الذي لم يتوقّف حصوله المعتبر في مفهومه فلا يــلزم أن يكون للحصول حصول، والتوقف في اللغة درنگ كردن، فتعديته بعلى يتضمّن معنى الترتّب، فيفيد قيد التوقّف أنّه لولاه لما حصل، وقيد الترتّب التقدم فيؤول إلى معنى الاحتياج. ولذا قيل الضروري ما لا يحتاج في حصوله إلى نظر.
فبالقيد الأول دخل العلم الذي حصل بالنظر كالعلم بأن ليس جميع التصوّرات والتصديقات بديهيا ولا نظريا، وبالقيد الثاني العلم الضروري التابع للعلم النظري كالعلم بالعلم النظري فإنّه وإن كان يصدق عليه أنّه لولا النظر لما حصل، لكنّه ليس مترتّبا على النظر على العلم المستفاد من النظر، أنّ المتبادر من الترتّب الترتّب بلا واسطة. وبما ذكرنا ظهر أنّ تعريفهما بما لا يكون حصوله بدون النظر والكسب وبما يكون حصوله به بنقصان طردا وعكسا بالعلمين المذكورين، فظهر أنّه لا يرد على التعريفين أنّ العلوم النظرية يمكن حصولها بطريق الحدس، فلا يصدق تعريف النّظر على شيء من أفراده لأنّه إنما يرد لو فسّر التوقّف على النظر بمعنى أنّه لولاه لامتنع العلم. أمّا إذا فسّر بما ذكرنا أعني لولاه لما حصل فلا. وتفصيل ذلك أنّ طرق العلم منحصرة بالاستقراء في البداهة والإحساس والتواتر والتجربة والحدس، فإذا كان حصوله بشيء سوى النّظر لم يكن الناظر محتاجا في حصوله إلى النظر، ولا يصدق أنّه لولاه لما حصل العلم. وإذا لم يكن حصوله بما عداه كان في حصوله محتاجا إليه، ويصدق عليه أنّه لولاه لما حصل العلم. ثم إنّ البديهي والنظري يختلف بالنسبة إلى الأشخاص فربّما يكون نظريا لشخص بديهيا لشخص آخر، وبالعكس. فقيد الحيثية معتبر في التعريف وإن لم يذكروا. وأمّا اختلافهما بالنسبة إلى شخص واحد بحسب اختلاف الأوقات فمحلّ بحث، لأنّ الحصول معتبر في مفهومهما أولا وهو بالنظر أو بدونه، ربما حرّرنا اندفاع الشكوك التي عرضت للناظرين فتدبر.
تنبيه
قد استفيد من تعريفي البديهي والنظري المطلقين تعريف كلّ واحد من البديهي والنظري من التصوّر والتصديق. فالتصوّر البديهي كتصوّر الوجود والشيء والتصديق البديهي كالتصديق بأنّ الكلّ أعظم من الجزء والتصوّر النظري كتصوّر حقيقة الملك والجنّ والتصديق النظري كالتصديق بحدوث العالم. ثم التصديق عند الإمام لما كان عبارة عن مجموع الإدراكات الأربعة فإنّما يكون بديهيا إذا كان كلّ واحد من أجزائه بديهيا. ومن هاهنا تراه في كتبه الحكمية يستدلّ ببداهة التصديقات على بداهة التصوّرات وعلى هذا ذهب البعض إلى عدم جواز استناد العلم الضروري إلى النظري. وأمّا عند الحكيم فمناط البداهة والكسب هو نفس الحكم فقط، فإن لم يحتج في حصوله إلى نظر يكون بديهيا، وإن كان طرفاه بالكسب. وعلى هذا ذهب البعض إلى جواز استناد العلم الضروري إلى النظري.
هذا كله خلاصة ما في شرح المواقف وما حقّقه المولوي عبد الحكيم في حاشيته وحاشية شرح الشمسية وما في شرح المطالع. وعلم من هذا أنّه لا فرق هاهنا بين المتكلّمين والمنطقيين إلّا بجعلهم الضروري والنظري من أقسام العلم الحادث، وجعل المنطقيين الضروري والنظري من أقسام مطلق العلم. ومنها مرادف البديهي بالمعنى الأخصّ على ما ذكر المولوي عبد الحكيم أي بمعنى الأولي ويؤيّده ما مرّ أنّ الضرورة الذهنية ما يكون تصوّر طرفيها كافيا في جزم العقل بالنسبة بينهما على ما ذكر شارح المطالع، ثم قال في آخر بحث الموجّهات:
البديهي يطلق على معنيين أحدهما ما يكفي تصوّر طرفيه في الجزم بالنسبة بينهما وهو معنى الأوليّ، والثاني ما لا يتوقّف حصوله على نظر وكسب انتهى. ومنها اليقيني الشامل للنظري والضروري. فالضروري على هذا ما لا تأثير لقدرتنا في حصوله سواء كان حصوله مقدورا لنا بأن يكون حصوله عقيب النظر عادة بخلق الله تعالى لا بتأثير قدرتنا فيه أو لم يكن حصوله مقدورا لنا وعلى هذا قال الإمام الرازي العلوم كلها ضرورية لأنّها إمّا ضرورية ابتداء أو لازمة لها لزوما ضروريا، انتهى فإنّ القسم الأول أي الضروري ابتداء هو البديهي. والضروري، والقسم الثاني هو الكسبي، هكذا يستفاد من شرح المواقف وحاشيته للمولوي عبد الحكيم في المقصد الرابع من مرصد العلم.

الصّلة

الصّلة:
[في الانكليزية] Relation ،contact ،conjuction
[ في الفرنسية] Relation ،rapport ،conjonction

بكسر الصّاد في اللغة الفارسية بمعنى:
الاتصال، والوصل، والقرابة، والهدية، والعطية، والأجرة، كما في الصراح وكنز اللغات. وفي الكفاية حاشية الهداية في باب الحج عن الغير:
الصلة عبارة عن أداء مال ليس بمقابلة عوض مالي كالزكاة وغيرها من النّذور والكفّارات.
وعند أهل العربية تطلق على حرف زائد في الأطول في باب الإسناد الخبري في شرح قول التلخيص التلخيص استغنى عن مؤكّدات الحكم وحروف الصلة أعني الزوائد. قال الچلپي في حاشية المطول: هناك اصطلح النحاة على تسمية حروف معدودة مقرّرة فيما بينهم مثل إن وأن والباء في مثل كفى بالله شهيدا ونظائرها بحروف الصّلة لإفادتها تأكيد الاتصال الثابت، وبحروف الزيادة لأنّها لا تغيّر أصل المعنى بل لا يزيد بسببها إلّا تأكيد المعنى الثابت وتقويته فكأنّها لم تفد شيئا. ولمّا لم يــلزم الاطّراد في وجه التسمية لم يتّجه اعتراض الرضي أنّه يــلزم أن يعدّوا على هذا أنّ ولام الابتداء وألفاظ التأكيد أسماء كانت أو لا زوائد، انتهى كلامه. وعلى هذا المعنى يقول أهل اللغة الباء هاهنا صلة زائدة، وتطلق أيضا على حرف جرّ يتعدّى به الفعل وما أشبهه. فمعنى الفعل الذي يحتاج إلى الصلة لا يتمّ بدونها. ولهذا قيل في في قولنا دخلت في الدار صلة لدخلت كما أنّ عن صلة لضدّه أعني خرجت، فيكون في الدار مفعولا به لا مفعولا فيه. هكذا يستفاد من الفوائد الضيائية وحاشيته لمولانا عبد الغفور في بحث المفعول فيه.
وتطلق الصلة أيضا على جملة خبرية أو ما في معناها متصلة باسم لا يتمّ ذلك الاسم جزءا إلّا مع هذه الجملة المشتملة على ضمير عائد إليه، أي إلى ذلك الاسم، ويسمّى حشوا أيضا، وذلك الاسم يسمّى موصولا. فقولنا جزءا تمييز أي متصلة باسم لا يتمّ من حيث جزئيته أي لا يكون جزءا تاما من المركّب. والمراد بالجزء التام ما لا يحتاج في كونه جزءا أوليا ينحلّ إليه المركّب أولا إلى انضمام أمر آخر معه كالمبتدإ والخبر والفاعل والمفعول وغيرها. وإنّما نفي كونه جزءا تاما لا جزءا مطلقا لأنّه إذا كان مجموع الموصول والصلة جزءا من المركّب يكون الموصول وحده أيضا جزءا، لكن لا جزءا تاما أوليا.
قيل هذا إنّما يتمّ لو كان المبتدأ والخبر والمفعول مجموع الصّلة والموصول وليس كذلك، بل هو الموصول والصّلة تفسير مزيل لإبهامه ولا نصيب له من إعراب الموصول، فالأولى أن يقال يتمّ من الأفعال الناقصة وجزءا خبره ومعناه، لا يكون ذلك الاسم جزءا من المركب إلّا مع هذه الجملة. وإنّما قيل من المركّب لأنّه لو قيل من الكلام لم يشتمل الفضلة لأنّ الفضلة ليست جزءا من الكلام. نعم إنّه جزء من المركّب. لا يقال تعريف الصلة يصدق على الجملة الشرطية المتصلة بأسماء الشرط نحو من تضربه أضربه، لأنّا نقول من في قولنا من تضرب أضرب مفعول تضرب، فهو جزء بدون جملة. وقولنا على ضمير الخ يخرج مثل إذ وحيث إذ هما لا يقعان جزءا من التركيب إلّا مع جملة خبرية مضافة إليهما، لكن لا تشتمل تلك الجملة على الضمير العائد إليهما. مثال الجملة الخبرية قولنا الذي ضربته زيد. ومثال ما في معناها كاسم الفاعل واسم المفعول قولنا: الضارب زيدا عمرو والمضروب لزيد عمرو. وهذا التعريف أولى مما قيل الصّلة جملة مذكورة بعد الموصول مشتملة على ضمير عائد إليه، لأخذ الموصول في التعريف فيــلزم الدور، ولأنّه لم يقيّد فيه الجملة بالخبرية فيشتمل الإنشائية، ولأنّه لا يشتمل ما في معناها. هذا خلاصة ما في شروح الكافية.
وهذا الموصول هو الموصول الاسمي وعرّف بأنّه اسم لا يتمّ جزءا إلّا مع صلة وعائد. وأمّا الموصول الحرفي فقد عرّف بما أوّل مع ما يليه من الجمل بمصدر كأن الناصبة وما المصدرية، فخرج نحو صه ومه على قول من يؤوّله بمصدر، والفعل الذي أضيف إليه الظرف نحو يوم ينفع الصادقين، لأنّ ذلك مؤول بالمصدر بنفسه لا مع ما يليه، وهذا الموصول لا يحتاج إلى العائد بل لا يجوز أن يعود إليه شيء، ولا يــلزم أن تكون صلته جملة خبرية في قول سيبويه وأبي علي، ويــلزم ذلك عند غيرهما كما في الموصول الاسمي. ثم الموصول مطلقا لا يتقدّم عليه صلته لا كلّا ولا بعضا لأنّهما كجزئي الاسم ثبت لأحدهما التقدّم لأنّ الصلة لكونها مبنية للموصول يجب تأخيرها عنه، فهما كشيء واحد مرتّب الأجزاء، كذا ذكر مولا زاده في حاشية المختصر.

التَّقَدُّم

التَّقَدُّم: كَون الشَّيْء أَولا وَهُوَ خَمْسَة لِأَن الْمُتَقَدّم إِمَّا أَن يكون مجامعا للمتأخر أَو لَا - الثَّانِي هُوَ التَّقَدُّم بِالزَّمَــانِ كتقدم مُوسَى على عِيسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَالْأول لَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون الْمُتَأَخر مُحْتَاجا إِلَيْهِ أَو لَا - وَالْأول إِمَّا أَن يكون الْمُتَقَدّم عِلّة تَامَّة للمتأخر أَو لَا. الأول: التَّقَدُّم بالعلية كتقدم طُلُوع الشَّمْس على وجود النَّهَار. وَالثَّانِي: التَّقَدُّم بالطبع كتقدم الْوَاحِد على الِاثْنَيْنِ. وَإِن لم يكن الْمُتَأَخر مُحْتَاجا إِلَى الْمُتَقَدّم فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون التَّقَدُّم والتأخر بالترتيب بِأَن يكون شَيْء أقرب من غَيره إِلَى مبدأ مَحْدُود لَهما أَو لَا الأول التَّقَدُّم بِالْوَضْعِ فَهُوَ عبارَة عَن تِلْكَ الأقربية وَهُوَ على نَوْعَيْنِ: (طبيعي) إِن لم يكن المبدأ الْمَحْدُود بِحَسب الْوَضع والجعل بل بِحَسب الطَّبْع كتقدم الْجِنْس على النَّوْع (ووضعي) إِن كَانَ المبدأ بِحَسب الْوَضع والجعل كتقدم الصَّفّ الأول بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمِحْرَاب على الصَّفّ الثَّانِي مثلا. وَالثَّانِي التَّقَدُّم بالشرف وَهُوَ فِي الْحَقِيقَة الرجحان بالشرف كتقدم أبي بكر الصّديق على عمر الْفَارُوق رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا.
وَاعْلَم أَن الْمُتَكَلِّمين ذَهَبُوا إِلَى أَن للتقدم قسما آخر سوى الْخَمْسَة الْمَشْهُورَة وسموه بالتقدم الذاتي وَهُوَ تقدم أَجزَاء الزَّمَــان بَعْضهَا على بعض وَالَّذِي اضطرهم على ذَلِك أَنهم رَأَوْا أَن تقدم أَجزَاء الزَّمَــان بَعْضهَا على بعض لَا يصدق عَلَيْهِ شَيْء من الْأَقْسَام الْخَمْسَة الْمَذْكُورَة للتقدم. أما عدم صدق مَا وَرَاء التَّقَدُّم بِالزَّمَــانِ فَظَاهر لعدم اجْتِمَاع تِلْكَ الْأَجْزَاء. وَأما عدم صدق التَّقَدُّم الزمــاني عَلَيْهِ فَلِأَن مُقْتَضى التَّقَدُّم الزمــاني أَن يكون الْمُتَقَدّم فِي زمَان سَابق والمتأخر فِي زمَان لَاحق فَلَو كَانَ ذَلِك التَّقَدُّم زمانيا لزم أَن يكون أمس فِي زمَان مُتَقَدم وَالْيَوْم فِي زمَان مُتَأَخّر عَنهُ وننقل الْكَلَام إِلَى ذَيْنك الزمــانين فَيــلْزم أَن يكون هُنَاكَ أزمنة غير متناهية ينطبق بَعْضهَا على بعض وَأَنه محَال. فَثَبت أَن تقدم بعض أَجزَاء الزَّمَــان على بعض لَيْسَ تقدما زمانيا فاحدثوا تقدما بِالذَّاتِ وعرفوه بالتقدم بِلَا وَاسِطَة الزَّمَــان بِأَن يكون الْأَمْرَانِ غير مُجْتَمعين وَيكون أَحدهمَا مقدما على الآخر بِغَيْر وَاسِطَة الزَّمَــان. فَإِن قيل تقدم بعض أَجزَاء الزَّمَــان على بعض آخر أَي تقدم من الْأَقْسَام الْخَمْسَة الْمَذْكُورَة عِنْد الْحُكَمَاء. قُلْنَا تقدم زماني لِأَنَّهُ عِنْد الْحُكَمَاء عبارَة عَن كَون الْمُتَقَدّم قبل الْمُتَأَخر قبلية تَقْتَضِي عدم اجْتِمَاعهمَا والجزء الْمُتَقَدّم من الزَّمَــان بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْجُزْء الْمُتَأَخر مِنْهُ كَذَلِك فَلَا يــلْزم الْمَحْذُور. وَلَيْسَ المُرَاد مِنْهُ أَن يكون كل من الْمُتَقَدّم والمتأخر فِي زمَان على حِدة حَتَّى يــلْزم الْمَحْذُور. وَإِنَّمَا سمي هَذَا التَّقَدُّم بِالزَّمَــانِ إِمَّا لِأَن فِي أَكثر أَفْرَاده تقدم بِوَاسِطَة الزَّمَــان أَو لِأَن هَذَا التَّقَدُّم لَا يُوجد بِدُونِ الزَّمَــان لِأَن كلا من الْمُتَقَدّم والمتأخر إِمَّا زمَان أَو زماني. وَقَالَ مولا زَاده رَحمَه الله وَقيل هَذَا التَّقَدُّم طبيعي وَلَيْسَ بِبَعِيد عَن الصَّوَاب فَإِن الْجُزْء السَّابِق من الزَّمَــان لكَونه معدا للجزء اللَّاحِق مِنْهُ مقدم عَلَيْهِ طبعا انْتهى.
وَقَالَ الْحَكِيم صَدرا فِي الشواهد الربوبية إِن هَا هُنَا نحوين آخَرين من أَقسَام التَّقَدُّم والتأخر سوى الْخَمْسَة الْمَشْهُورَة أَحدهمَا التَّقَدُّم بِالْحَقِّ وَالْآخر التَّقَدُّم بِالْحَقِيقَةِ وَلكُل من هذَيْن برهَان وَاحِد يحوجان إِلَى كَلَام مفصل لَا يَلِيق بِهَذَا الْمُخْتَصر إِيرَاده وَنحن نشِير إِلَى الأول بِأَن الْحق بِاعْتِبَار تخليته من أَسْمَائِهِ وتنزله فِي مَرَاتِب شؤونه الَّتِي هِيَ أنحاء وجودات الْأَشْيَاء يتَقَدَّم ويتأخر بِذَاتِهِ لَا بِشَيْء آخر فَلَا يتَقَدَّم مُتَقَدم وَلَا يتَأَخَّر مُتَأَخّر إِلَّا بِحَق لَازم وَقَضَاء حتم وَإِلَى الثَّانِي بِأَن الْجَاعِل والمجعول إِذا كَانَ لكل مِنْهُمَا شيئية وَوُجُود فَتقدم الشيئية على الشيئية من جِهَة اتصافهما بالوجود تقدم بِالْحَقِيقَةِ. وَأما تقدم الْوُجُود على الْمَاهِيّة فَلَيْسَ مرجعه إِلَّا إِلَى كَون الْوُجُود مَوْجُودا بِالذَّاتِ والماهية بِالْعرضِ كَحال الشَّخْص وظله أَو عَكسه فِي الْمرْآة. وَإِمَّا التَّأَخُّر فَيعلم بِالْقِيَاسِ على التَّقَدُّم كَمَا لَا يخفى.
وَفِي وجوب تقدم الْعلَّة التَّامَّة على معلولها مغالطة مَشْهُورَة وَهِي أَنه لَا يحب تقدم الْعلَّة التَّامَّة على معلولها. وَبَيَان ذَلِك يُمكن بِوَجْهَيْنِ: الأول: أَنه لَا شكّ فِي أَن مَجْمُوع الْأَشْيَاء من حَيْثُ هُوَ مَجْمُوع مَعْلُول لاحتياجه إِلَى أَجْزَائِهِ فعلته التَّامَّة لَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون خَارِجا عَنهُ أَو دَاخِلا فِيهِ أَو نَفسه لَا سَبِيل إِلَى الأول إِذْ لَا شَيْء خَارج عَن هَذَا الْمَعْلُول الْمَفْرُوض. وَلَا إِلَى الثَّانِي: لاحتياج ذَلِك الْمَعْلُول إِلَى أَمر آخر فَتعين. الثَّالِث: لَا يُقَال يُمكن حلّه بِأَن جَمِيع الْأَشْيَاء الْمَفْرُوضَة من حَيْثُ الْإِجْمَال مَعْلُول وَمن حَيْثُ التَّفْصِيل عِلّة فتغاير حيثية عليته بحيثية معلوليته فَلَا يــلْزم كَون الْعلَّة التَّامَّة عين الْمَعْلُول وَبِأَن مَجْمُوع الْأَشْيَاء لَو كَانَ عِلّة لنَفسِهِ لَكَانَ وَاجِبا إِذْ الْوَاجِب هُوَ مَا لَا يحْتَاج فِي وجوده إِلَى غَيره لأَنا نقُول من الأول بِأَنا نَأْخُذ جَمِيع الْأَشْيَاء على وَجه لَا يعْتَبر فِيهِ الْهَيْئَة أَو أَمر آخر لَهُ يغاير نَفسه بل على وَجه اعْتبر معلولا بذلك الْوَجْه وَلَا خَفَاء فِي إِمْكَان هَذَا الِاعْتِبَار تَأمل. وَعَن الثَّانِي: فبأن يُقَال الْوَاجِب الْوُجُود هُوَ الْمَوْجُود الَّذِي لَا يحْتَاج إِلَى غَيره وَكَون مَجْمُوع الْأَشْيَاء مَوْجُودا مَحل بحث وحلها أَنهم جوزوا عدم تقدم الْعلَّة التَّامَّة المفسرة بِجَمِيعِ مَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ وجود الشَّيْء فَلَا مغالطة. الثَّانِي من الْوَجْهَيْنِ: أَن الْعلَّة التَّامَّة فِي المعلولات المركبة من الْمَادَّة وَالصُّورَة مُتَأَخِّرَة عَنْهَا تأخرا ذاتيا إِذْ نِسْبَة الْمَعْلُول الْمركب من الْمَادَّة وَالصُّورَة إِلَى الْعلَّة التَّامَّة نِسْبَة الْجُزْء إِلَى الْكل لِأَن مَجْمُوع الْمَادَّة وَالصُّورَة لَيْسَ عين الْعلَّة التَّامَّة لكَون الْفَاعِل أَيْضا جُزْءا مِنْهَا مَعَ خُرُوجه عَن الْمَعْلُول وَلَيْسَ خَارِجا عَنْهَا أَيْضا إِذْ لَا وَجه لخُرُوج الْمركب عَن شَيْء مَعَ دُخُول كل وَاحِد من أَجزَاء ذَلِك الشَّيْء فَتعين أَن يكون الْمَعْلُول الْمركب من الْمَادَّة وَالصُّورَة جُزْءا من الْعلَّة التَّامَّة فَتكون الْعلَّة التَّامَّة مُتَأَخِّرَة عَن الْمَعْلُول تأخرا بِالذَّاتِ. وَمن هَا هُنَا يعلم عدم صِحَة تَقْسِيم الْعلَّة الْمُطلقَة المفرقة بِمَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ وجود الشَّيْء إِلَى التَّامَّة والناقصة وحلها هُوَ منع اسْتِحَالَة كَون الْمَجْمُوع الْمركب من الْمَادَّة وَالصُّورَة خَارِجا عَن الْعلَّة التَّامَّة مَعَ دُخُول كل من أَجْزَائِهِ كالخمسة بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْعشْرَة فَإِنَّهَا خَارِجَة عَن الْعشْرَة مَعَ دُخُول كل وَاحِد من الوحدات فِيهَا كَمَا قَالُوا فَافْهَم.
قَالَ الزَّاهِد فِي حَوَاشِيه على الرسَالَة القطبية المعمولة فِي التَّصَوُّر والتصديق فَإِن قلت التَّقَدُّم عِنْد الْقَوْم منحصر فِي التقدمات الْخمس الْمَشْهُورَة وَتقدم المعروض على الْعَارِض لَيْسَ شَيْئا مِنْهَا. أما التَّقَدُّم بِالزَّمَــانِ والتقدم بالشرف فَظَاهر. وَأما غَيرهمَا فَلِأَن التَّقَدُّم بالطبع تقدم بِحَسب لوُجُود. والتقدم بالعلية تقدم بِحَسب الْوُجُوب. والتقدم بالرتبة مَا يَصح فِيهِ أَن يكون الْمُتَقَدّم مُتَأَخِّرًا والمتأخر مُتَقَدما قلت هَذَا التَّقَدُّم وَرَاء تِلْكَ التقدمات كَمَا صرح بِهِ الْمُحَقق الطوسي فِي نقد التَّنْزِيل. وَقد عبر الشَّيْخ فِي الهيئات الشِّفَاء عَن هَذَا التَّقَدُّم بالتقدم بِالذَّاتِ. وَبَعْضهمْ عبر عَنهُ بالتقدم بالماهية. وَالْقَوْم إِنَّمَا حصروا التَّقَدُّم الَّذِي هُوَ بِحَسب الْوُجُود انْتهى.
وَقَالَ فِي الْأَسْفَار أَن التَّقَدُّم والتأخر فِي معنى مَا يتَصَوَّر على وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أَن يكون بِنَفس ذَلِك الْمَعْنى حَتَّى يكون مَا فِيهِ التَّقَدُّم وَمَا بِهِ التَّقَدُّم شَيْئا وَاحِدًا كتقدم أَجزَاء الزَّمَــان بَعْضهَا على بعض فَإِن القبليات والبعديات فِيهَا بِنَفس هوياتها المتجددة المنقضية لذاتها لَا بِأَمْر عَارض لَهَا كَمَا سَيعْلَمُ فِي مُسْتَأْنف الْكَلَام إِن شَاءَ الله الْعَزِيز العلام. وَالْآخر أَن لَا يكون بِنَفس ذَلِك الْمَعْنى بل بِوَاسِطَة معنى آخر فيفترق عِنْد ذَلِك مَا فِيهِ التَّقَدُّم عَن مَا بِهِ التَّقَدُّم كتقدم الْإِنْسَان الَّذِي هُوَ الْأَب على الْإِنْسَان الَّذِي هُوَ الابْن لَا فِي معنى الإنسانية الْمَقُول عَلَيْهِمَا بالتساوي بل فِي معنى آخر هُوَ الْمَوْجُود وَالزَّمَــان أَو الزَّمَــان فَمَا فِيهِ التَّقَدُّم والتأخر فيهمَا هُوَ الْوُجُود أَو الزَّمَــان وَمَا بِهِ التَّقَدُّم والتأخر هُوَ خُصُوص الْأُبُوَّة والبنوة كَمَا أَن تقدم بعض الْأَجْسَام على بعض لَا فِي الجسمية بل فِي الْوُجُود فَكَذَلِك إِذا قيل إِن الْعلَّة مُتَقَدّمَة على الْمَعْلُول فَمَعْنَاه أَن وجودهَا مُتَقَدم على وجوده وَكَذَلِكَ تقدم الِاثْنَيْنِ على الْأَرْبَعَة وأمثالها فَإِن لم يعْتَبر الْوُجُود لم يكن تقدما. والتأخر والكمال وَالنَّقْص وَالْقُوَّة والضعف فِي الوجودات بِنَفس هوياتها لَا بِأَمْر آخر. وَفِي الْأَشْيَاء والماهيات بِنَفس وجوداتها لَا بأنفسها انْتهى.

معرف

المعرف: ما يستــلزم تصوره اكتساب تصور الشيء بكنهه، أو بامتيازه عن كل ما عداه، فيتناول التعريف الحد الناقص، والرسم؛ فإن تصورهما لا يستــلزم تصور حقيقة الشيء، بل امتيازه عن جميع الأغيار، فقوله: ما يستــلزم تصوره، يخرج التصديقات، وقوله: اكتساب، يخرج الملزوم بالنسبة إلى لوازم البينة.

المغالطة

المغالطة: كسي رادر غلط انداختن - وَفِي الِاصْطِلَاح قِيَاس فَاسد. أما من جِهَة الْمَادَّة. أَو من جِهَة الصُّورَة أَو من جهتهما مَعًا مُفِيد للتصديق الخبري أَو الظني الْغَيْر المطابقين للْوَاقِع. وَالْقِيَاس الْفَاسِد هُوَ الْقيَاس الْمركب من مُقَدمَات شَبيهَة بِالْحَقِّ وَلَا تكون حَقًا وَتسَمى سفسطة. أَو شَبيهَة بالمقدمات الْمَشْهُورَة أَو الْمسلمَة وَتسَمى مشاغبة - وَالْفساد إِمَّا من جِهَة الصُّورَة فبأن لَا يكون على هَيْئَة منتجة لاختلال شَرط بِحَسب الْكَيْفِيَّة أَو الكمية أَو الْجِهَة. كَمَا إِذا كَانَ صغرى الشكل الأول سالبة أَو مُمكنَة أَو كبراه جزئية - وَإِمَّا من جِهَة الْمَادَّة فبأن يكون الْمَطْلُوب وَبَعض مقدماته شَيْئا وَاحِدًا وَهُوَ المصادرة على الْمَطْلُوب كَقَوْلِنَا كل إِنْسَان بشر وكل بشر ضحاك فَكل إِنْسَان ضحاك.
فَإِن قيل النظري بِتَغَيُّر العنوان يصير بديهيا فَإِن الْعَالم حَادث نَظَرِي والعالم متغير بديهي فَلم لَا يجوز أَن يكون كل بشر ضحاك بعنوان البشرية بديهيا وبعنوان الْإِنْسَان نظريا. قُلْنَا الْإِنْسَان والبشر مُتَرَادِفَانِ فَلَا يتَصَوَّر أَن يكون نِسْبَة أَمر إِلَى أَحدهمَا نظريا وَإِلَى الآخر بديهيا. - وَإِن قلت هَذَا عِنْد الْعلم بالمرادفة مُسلم وَأما عِنْد عَدمه فَمَمْنُوع. قُلْنَا تصور الْمَوْضُوع ضَرُورِيّ فالعلم بالمرادفة لَا يَنْفَكّ. أَو بِأَن يكون بعض الْمُقدمَات كَاذِبَة شَبيهَة بالصادقة. إِمَّا من حَيْثُ الصُّورَة أَو من حَيْثُ الْمَعْنى. وَأما من حَيْثُ الصُّورَة فكقولنا لصورة الْفرس المنقوش على الْجِدَار أَنَّهَا فرس وكل فرس صهال ينْتج أَن تِلْكَ الصُّورَة صهالة. وَأما من حَيْثُ الْمَعْنى فلعدم رِعَايَة وجود الْمَوْضُوع فِي الْمُوجبَة كَقَوْلِنَا كل إِنْسَان وَفرس فَهُوَ إِنْسَان وكل إِنْسَان وَفرس فَهُوَ فرس ينْتج أَن بعض الْإِنْسَان فرس -. والغلط فِيهِ أَن مَوْضُوع المقدمتين لَيْسَ بموجود إِذْ لَيْسَ شَيْء مَوْجُود يصدق عَلَيْهِ أَنه إِنْسَان وَفرس - ولوضع الْقَضِيَّة الطبيعية مقَام الْكُلية كَقَوْلِنَا الْإِنْسَان حَيَوَان. وَالْحَيَوَان جنس. ينْتج أَن الْإِنْسَان جنس.
المغالطة:
[في الانكليزية] Sophism ،sophistic syllogism ،eristic
[ في الفرنسية] Sophisme ،syllogisme sophistique ،eristique
هي عند المنطقيين قياس فاسد إمّا من جهة الصورة أو من جهة المادة أو من جهتهما معا، والآتي بها غالط في نفسه مغالط لغيره، ولولا القصور وهو عدم التمييز بين ما هو هو وبين ما هو غيره لما تمّ للمغالط صناعة، فهي صناعة كاذبة تنفع بالغرض، إذ الغرض من معرفتها الاحتراز عن الخطاء، وربّما يمتحن بها من يراد امتحانه في العلم ليعلم به بعدم ذهاب الغلط عليه كماله، وبذهابه عليه قصوره. وبهذا الاعتبار تسمّى قياسا امتحانيا. وقد تستعمل في تبكيت من يوهم العوام أنّه عالم ليظهر لهم عجزه عن الفرق بين الصواب والخطأ فيصدّون عن الاقتداء به، وبهذا الاعتبار تسمّى قياسا عناديا، كذا في شرح المطالع والصادق الحلواني وحاشية الطيبي. قال شارح إشراق الحكمة: مواد المغالطة المشبّهات لفظا أو معنى، ولهذه الصناعة أجزاء ذاتية صناعية وخارجية، والأول ما يتعلّق بالتبكيت المغالطي.
وعلى هذا فنقول إنّ أسباب الغلط على كثرتها ترجع إلى أمر واحد وهو عدم التمييز بين الشيء وأشباهه. ثم إنها تنقسم إلى ما يتعلّق بالألفاظ وإلى ما يتعلّق بالمعاني. والأول ينقسم إلى ما يتعلّق بالألفاظ لا من حيث تركّبها وإلى ما يتعلّق بها من حيث تركّبها. والأول لا يخلو إمّا أن يتعلّق بالألفاظ أنفسها وهو أن يكون مختلفة الدلالة فيقع الاشتباه بين ما هو المراد وبين غيره، ويدخل فيه الاشتراك والتشابه والمجاز والاستعارة وما يجري مجراها، ويسمّى جميعا بالاشتراك اللفظي، وإمّا أن يتعلّق بأحوال الألفاظ وهي إمّا أحوال ذاتية داخلة في صيغ الألفاظ قبل تحصّلها كالاشتباه في لفظ المختار بسبب التصريف إذا كان بمعنى الفاعل أو المفعول، وإمّا أحوال عارضة لها بعد تحصّلها كالاشتباه بسبب الإعجام والإعراب. والمتعلقة بالتركيب تنقسم إلى ما يتعلّق الاشتباه فيه بنفس التركيب كما يقال كلّ ما يتصوّره العاقل فهو كما يتصوّره فإنّ لفظ هو يعود تارة إلى المعقول وتارة أخرى إلى العاقل، وإلى ما يتعلّق بوجوده وعدمه أي بوجود التركيب وعدمه، وهذا الآخر ينقسم إلى ما لا يكون التركيب فيه موجودا فيظنّ معدوما ويسمّى تفصيل المركّب وإلى عكسه ويسمّى تركيب المفصل. وأمّا المتعلّقة بالمعاني فلا بد أن تتعلّق بالتأليف بين المعاني إذ الأفراد لا يتصوّر فيها غلط لو لم يقع في تأليفها بنحو ما، ولا يخلو من أن تتعلّق بتأليف يقع بين القضايا أو بتأليف يقع في قضية واحدة، والواقعة بين القضايا إمّا قياسي أو غير قياسي، والمتعلّقة بالتأليف القياسي إمّا أن تقع في القياس نفسه لا بقياسه إلى نتيجته، أو تقع فيه بقياسه إلى نتيجته والواقعة في نفس القياس إمّا أن تتعلّق بمادته أو بصورته. أمّا المادية فكما تكون مثلا بحيث إذا رتبت المعاني فيها على وجه يكون صادقا لم تكن قياسا، وإذا رتبت على وجه يكون قياسا لم يكن صادقا كقولنا كلّ إنسان ناطق من حيث هو ناطق ولا شيء من الناطق من حيث هو ناطق بحيوان، إذ مع إثبات قيد من حيث هو ناطق فيهما تكذب الصغرى ومع حذفه عنهما تكذب الكبرى، وإن حذف من الصغرى وأثبت في الكبرى تنقلب صورة القياس لعدم اشتراك الأوسط. وأما الصورية فكما تكون مثلا على ضرب غير منتج وجميع ذلك يسمّى سوء التأليف باعتبار البرهان وسوء التركيب باعتبار غير البرهان. وأمّا الواقعة في القياس بالقياس إلى النتيجة فتنقسم إلى ما لا يكون النتيجة مغايرة لأحد أجزاء القياس فلا يحصل بالقياس علم زائد على ما في المقدّمات، وتسمّى مصادرة على المطلوب وإلى ما تكون مغايرة لكنها لا تكون ما هي المطلوب من ذلك القياس، ويسمّى وضع ما ليس بعلّة علّة، كمن احتجّ على امتناع كون الفلك بيضيا بأنّه لو كان بيضيا وتحرك على قطره الأقصر لزم الخلاء وهو المحال إذ المحال ما لزم من كونه بيضيا، بل منه مع تحرّكه حول الأقصر إذ لو تحرّك على الأطول لما لزم من ذلك وكقولنا الإنسان وحده ضحّاك، وكلّ ضحّاك حيوان.
وأمّا الواقعة في قضايا ليست بقياس فتسمّى جمع المسائل في مسئلة، كما يقال زيد وحده كاتب فإنّه قضيتان لإفادته أنّه ليس غيره كاتبا.
وأما المتعلّقة بالقضية الواحدة فإمّا أن تقع فيما يتعلّق بجزئي القضية جميعا وذلك يكون بوقوع أحدهما مكان الآخر ويسمّى إيهام العكس، ومنه الحكم على الجنس بحكم نوع منه مندرج تحته، نحو هذا لون، واللون سواد، فهذا سواد. ومنه الحكم على المطلق بحكم المقيّد بحال أو وقت، نحو هذه رقبة والرّقبة مؤمنة. وإمّا أن تقع فيما يتعلّق بجزء واحد منها وتنقسم إلى ما يورد فيه بدل الجزء غيره مما يشبهه كعوارضه أو معروضاته مثلا، ويسمّى أخذ ما بالعرض مكان ما بالذات كمن رأى الإنسان أنّه يــلزم له التوهّم والتكليف فظنّ أنّ كلّ متوهّم مكلّف، وإلى ما يورد فيه الجزء نفسه ولكن لا على الوجه الذي ينبغي كما يؤخذ معه ما ليس فيه، نحو زيد الكاتب إنسان، أو لا يؤخذ معه ما هو من الشروط أو القيود كمن يأخذ غير الموجود كتبا غير موجود مطلقا، ويسمّى سوء اعتبار الحمل، فقد حصل من الجميع ثلاثة عشر نوعا، ستة منها لفظية يتعلّق ثلاثة منها بالبسائط هي الاشتراك في جوهر اللفظ وفي أحواله الذاتية وفي أحواله العرضية، وثلاثة منها بالتركيب وهي التي في نفس التركيب، وتفصيل المركّب وتركيب المفصّل وسبعة معنوية، أربعة منها باعتبار القضايا المركّبة وهي سوء التأليف والمصادرة على المطلوب ووضع ما ليس بعلّة علّة وجمع المسائل في مسئلة واحدة، وثلاثة باعتبار القضية الواحدة وهي إيهام العكس وأخذ ما بالعرض مكان ما بالذات وسوء اعتبار الحمل، فهذه هي الأجزاء الذاتية الصناعية لصناعة المغالطة. وأمّا الخارجيات فما يقتضي المغالطة بالعرض كالتشنيع على المخاطب وسوق كلامه إلى الكذب بزيادة أو تأويل وإيراد ما يحيره أو يجبنه من إغلاق العبارة أو المبالغة في أنّ المعنى دقيق أو ما يمنعه من الفهم كالخلط بالحشو والهذيان والتكرار وغير ذلك ممّا اشتمل عليه كتاب الشّفاء وغيره من المطولات، انتهى ما في شرح اشراق الحكمة.
فائدة:
مقدمات المغالطة إمّا شبيهة بالمشهورات وتسمّى شغبا أو بالأوّليات وتسمّى سفسطة، هكذا في تكملة الحاشية الجلالية. قال الصادق الحلواني في حاشية الطيبي المفهوم من شرح المطالع أنّ القياس المركّب من المشبّهات بالقضايا الواجبة القبول يسمّى قياسا سوفسطائيا والمركّب من المشبّهات بالمشهورات يسمّى قياسا مشاغبيا، وإنّ الصناعة الخامسة منحصرة فيهما وإنّ صاحب السوفسطائي في مقابلة الحكيم أي صاحب البرهان وصاحب المشاغبي في مقابلة الجدلي. والمفهوم من شرح الشمسية أنّ الصناعة الخامسة هي السفسطة وهي القياس المركّب من الوهميات والمفهوم من غيرها الصناعة الخامسة هي القياس السفسطي وهو مركّب من الوهميات أو من المشبّهات بالأوليات أو بالمشهورات وقيل المشهور في كتب القوم أنّ الصناعة الخامسة هي المغالطة التي تحتها السفسطي المذكور أعني القياس المفيد للجزم الغير الحق المركّب من الوهميات أو المشبّهات بالأوليات أو بالمشهورات، والشغبي أعني القياس المفيد للتصديق الذي لا يعتبر فيه كونه مقابل عموم الاعتراف، لكن مع فقدان ذلك العموم فهو في مقابلة الجدل. قال أقول الظاهر إنّ المغالطة لا تنحصر فيما ذكر لأنّ المركّب بالمشبّهات بالمسلّمات، والمركّب من المقدّمات اليقينية التي فسدت صورته لم يندرج في شيء من الصناعات ولا بدّ من الاندراج.

التّقريب

التّقريب:
[في الانكليزية] Application ،coming close
[ في الفرنسية] Application ،rapprochement
هو عند أهل النظر سوق الدليل على وجه يستــلزم المطلوب. فإن كان الدليل يقينيا يستــلزم اليقين به وإن كان ظنيّا يستــلزم الظنّ به وهو مرادف التطبيق هكذا في حواشي شرح الشمسية.

سلَّ

سلَّ: سَلَّ: استخرج النبيذ برفق وعناية لكي يصبح خالصاً من الكدر أي سليلاً. (معجم مسلم).
سلَّ ومضارعه يسُلّ: شدَّ مطّط (بوشر).
سَلَّ ومضارعه يسَلّ: سقم، وهن، ضنى (بوشر) سَلَّ: أضعف، أنحل، أنحف، أهزل (فوك).
سَلَّل: سلَّ، استلَّ، انتزع، انتضى، يقال مثلاً سلَّل السيف من غمده (معجم مسلم) ومنه سلَّلَ العنب عصره، وتسليل: رشح السلاف وهو عصير العنب. وتَسَلَّل العنب في المعصرة بالعصر الطبيعي من غير عون الأيدي أو الأرجل (معجم مسلم).
سَلَّل: ذكر هذا الفعل مرتين في كتاب محمد بن الحارث مع كلمة: الأمْر ففي العبارة الأولى (ص209) في الكلام عن شخص يدعي الخشني وقد عيّن قاضياً في جيانه فأبي كل الآباء وظيفة القاضي، فغضب عليه الأمير وهدده بالقتل فلما سمع ذلك الخشني نزع قلنسوة من رأسه ومدَّ عنقه وجعل يقول أبيت أبيت كما أبَيت السماوات والأرض اباية إشفاق، لا اباية عصيان ونفاق. فكتبوا إلى الأمير بلفظه فكتب إليهم أن سِللوا أمره وأخرجوه عن أنفسكم فقال له الوزراء تنظر في أمرك ليلتك هذه وتستخبر (تستخير) الله فيما دعيت إليه.
وفي العبارة الثانية (ص308) نجد هذه القصة، كان سليمان بن الأسود صاحب الصلاة يعلم أن ابن قــلزم يطمع في وظيفته التي يشغلها وينتظر موته بفارغ الصبر آملاً أن يخلفه فيها، وفي صباح يوم جمعة زاره ابن قــلزم. فأراد سليمان أن يسخر منه فتمدد في فراشه وتظاهر إنه في نزاع الموت، فخذع ابن قــلزم بما رآه واسرع إلى الوزير هاشم ليخبره بما شاهده فاسره الوزير باخبار السلطان، غير أن السلطان شك في الأمر، فأرسل خصياً إلى سليمان وأمره بالسؤال عن صحته فوجده الخصي إنه يتمتع بصحة جيدة ((فسلل له الأمر واعلمه ببعض الخبر)) وذهب سليمان إلى المسجد ليصلي بالناس الخ. وفي هاتين العبارتين لابد ان قوله سلَّل يدل على نفس المعنى فيما يظهر، غير اني لم استطع العثور عليه.
تسلَّل: انظر سلَّل في بدء المادة.
تسلّل: تبدد، تفرق، تشتت، انسل. (مملوك 2، 2: 11).
تسلّل على فلان: اقترب منه بحذر سراً ليراقب أقواله وأفعاله (ألف ليلة 1: 304 = برسل 3: 131، 3: 474). وتسلل على فلان. في ألف ليلة (1: 288): خرج ليتسلل عليه ما قاله الوكيل.
وفي طبعة برسل (3: 94) ليتسلك (وهو خطأ) ما قاله الوكيل.
تسلل: أبطأ، تبطأ، تريّث، تمهل (هلو انسل: ضعف، نحل، ضني (فوك، ألف ليلة برسل 12: 411).
سلّ: انظر شلّ.
سَلَّة: زنبيل، مقطف قفّة. وجمعها سِلل في معجم فوك، وسُلَل في معجم بوشر. سلل (أخبار ص104، أبو الوليد ص154).
سَلَّة: زنبيل صياد السمك. وهو من القصب (ألكالا).
سَلَّة: مسلَّة إبرة كبيرة، مخيط (بوشر). سَلَّة: مِسلَّة: ايدوصارون (شيرب مختارات) ونبات اسمه العلمي: hedysarum coronarium ( براكس مجلة الشرق والجزائر 8: 280، بركهارت سوريا ص489) وقال: من الأعشاب العطرية ((سلَّة)) ولعله النبات الذي سماه فورسكال: Zilla Myagrum. سُلُّو (أسبانية): زنجور، نوع من سمك الأنهار مستطيل الشكل واسع الشدق (ألكالا).
سَلِيل: ابن، وجمعه سلائل في معجم فوك.
سلالة. سلالة خيط: كُبَّة غزل (بوشر).
سَليلة: فرس أصيل (زيشر 12: 142).
سَلاَّل: (انظر لين) وقد ذكر بمعنى صانع السلال (دومب ص104).
سَلاَّل: سارق الخيل (انظر لين) ألف ليلة 1: 673، 675، 678، برسل 10: 392، 394، زيشر 20: 504).
سلاَّلة: انظر شَمُّوسة.
مَسَلّ: قارن مع معجم لين ما جاء في الكامل للمبرد (ص512).
مسَلَّة - مخيط من الحلفاء (ألكالا).
مِسَلَّة: نوع من السمك (باجني مخطوطات).
مِسَلّة: نصب عمودي مصري (معجم الادريسي، هلو) ويقال أيضاً: مسلة بناء (بوشر).
مسلول: حيوان مسلول ضعيف، نحيل نحيف (فوك).

الحلول

الحلول:
[في الانكليزية] Incarnation ،pantheism ،union
[ في الفرنسية] Incarntion ،pantheisme ،fusion
بضمتين اختلف العلماء في تعريفه، فقيل هو اختصاص شيء بشيء بحيث تكون الإشارة إلى أحدهما عين الإشارة إلى الآخر. واعترض عليه بأنّه إن أريد بالإشارة العقلية فلا اتحاد أصلا، فإنّ العقل يميّز بن الإشارتين. وإن أريد بها الحسّية فلا يصدق التعريف على حلول الأعراض في المجردات لعدم الإشارة الحسّية إليها، ولا على حلول الأطراف في محالها كحلول النقطة في الخط والخط في السطح والسطح في الجسم لأنّ الإشارة إلى الطرف غير الإشارة إلى ذي الطرف، ولو سلم فيــلزم منه أن يكون الأطراف المتداخلة حالّا بعضها في بعض وليس كذلك. وأيضا يصدق التعريف على حصول الجسم في المكان ونحوه كحصول الشخص في اللباس مع أنه ليس بحلول اصطلاحا. وأجيب بأنّ بناء التعريف على رأي المتقدّمين المجوّزين للتعريف بالأعم والأخصّ، وبأنّ المراد بكون الإشارة إلى أحدهما عين الإشارة إلى الآخر أن لا يتحقق الإشارة إلى أحدهما إلّا وأن يتحقق الإشارة إلى الآخر بالذات أو بالتبع، أي لا يمكن عند العقل تباينهما في الإشارة. وبأن يراد بالإشارة أعمّ من العقلية والحسّية. ولا شكّ أنّ الإشارة العقلية إلى المجرّدات قصدا وبالذات هي الإشارة إلى ما قام بها بالتبع وبالعكس. والإشارة الحسية إلى ذوي الأطراف قصدا وبالذات هي الإشارة إلى الأطراف بالتبع وبالعكس. والأطراف المتداخلة خارجة عن التعريف، إذ التداخل يقتضي الاتحاد والحلول يقتضي المغايرة، إذ المختص غير المختص به، وإن كانا متحدين إشارة. وكذا الحال في حصول الجسم في المكان والشخص في اللباس لأنّه يجوز تحقّق الإشارة إلى الجسم والشخص بدون الإشارة إلى المكان واللباس لا بالذات ولا بالتبع كذا ذكر العلمي.
إن قلت الحال عند الحكماء منحصر في الصورة والعرض مع أنّ التعريف يصدق على حصول الماء في الورد والنار في الجمرة، أقول: المراد باتحاد الإشارة هو الاتّحاد الدائمي لأنّه الفرد الكامل فلا بد من أن يكون الحال والمحل بحيث لا يكون لكلّ منهما وجود منفرد أصلا. ومثل هذا لا يتصوّر إلّا في الصورة والهيولى والعرض والموضوع؛ فرجع حاصل التعريف إلى ما اختاره صاحب الصدري حيث قال: معنى حلول شيء في شيء على ما أدّى إليه نظري وهو أن يكون وجوده في نفسه هو بعينه وجوده لذلك الشيء. وهذا أجود ما قيل في تعريفه حيث لا يرد شيء مما يرد على غيره انتهى. وقد ذكر العلمي هاهنا اعتراضات أخر لا يرد شيء منها على هذا التحقيق. وقيل معنى حلول شيء في شيء هو أن يكون حاصلا فيه بحيث تتحد الإشارة إليهما تحقيقا كما في حلول الأعراض في الأجسام أو تقديرا كحلول العلوم في المجردات. والمراد بالحصول ما لا يكون بطريق الاتحاد بل بطريق الافتقار فلا يصدق على الأطراف المتداخلة ولا على حصول الجسم في المكان، إذ لا يفتقر الجسم إلى المكان، وإلّا يــلزم تقدم المكان عليه. هذا خلف كذا ذكر العلمي. فعلى هذا أيضا رجع معنى التعريف إلى التحقيق المذكور.
قيل لا يبعد أن يكون مقصود هذا القائل تحقيق التعريف الأول بأنّ المراد بالاختصاص الحصول ومن الإشارة ما يعمّ التحقيقية والتقديرية. وعلى هذا لا يكون تعريفا آخر للحلول بل تفسيرا لقيود التعريف الأول على وجه تندفع عنه الأنظار. قيل هذا في غاية البعد فإنّ هذا التعريف ذكره ولد السّيد السّند ولم يذكر تعريفا آخر حتى يكون المقصود من هذا تفسيره. وأيضا تعدّد التعريف يتحقّق بتفاوت القيود واختلافها فلا وجه لإثبات التفاوت ونفي التعدّد وكونه تعريفا آخر. وقيل حلول شيء في شيء أن يكون مختصا به ساريا فيه. والمراد بالاختصاص كون الإشارة إلى أحدهما عين الإشارة إلى الآخر تحقيقا أو تقديرا دائما.
والمراد بالسراية الذاتية لا بالواسطة لأنّها المتبادر، فلا يرد أنّ التعريف يصدق على حلول الماء في الورد والنار في الجمرة لأنّ الماء والنار لا نسلم اتحادهما في الإشارة بالمعنى المذكور بالنسبة إلى الورد والجمرة، وكذا لا يرد أنّه يصدق على كلّ واحد من الأعراض الحالة في محلّ واحد بالنسبة إلى العرض الآخر، وعلى العرض الحال في عرض آخر بالنسبة إلى محل ذلك العرض، إذ لا نسلّم سراية أحدهما في الآخر بالذات بل بواسطة المحل. ويمكن أن يقال أيضا إنّا نلتزم ذلك ونقول إنّه حلول أيضا ولا استحالة فيه لكون أحدهما بالواسطة. ثم إنه بقي هاهنا أنّه يخرج من التعريف حلول الأعراض الغير السارية كحلول الأطراف في محالها وحصول الباصرة في العين والشامّة في الخيشوم والسامعة في الصّماخ ونحو ذلك. وأجيب بأنّ هذا التعريف للحلول السرياني لا لمطلق الحلول.
وقيل الحلول هو الاختصاص الناعت أي التعلّق الخاص الذي به يصير أحد المتعلقين نعتا للآخر والآخر منعوتا به والأول أعني الناعت يسمّى حالا والثاني أعني المنعوت يسمّى محلا كالتعلّق بين البياض والجسم المقتضي لكون البياض نعتا، وكون الجسم منعوتا به، بأن يقال جسم أبيض. وهذا هو المرضي عند المتأخرين، ومنهم الشارح الجديد للتجريد. وأورد عليه من وجوه. الأول أنه إن أريد بالاختصاص الناعت ما يصحّح حمل النعت على المنعوت بالمواطأة فلا يصدق على حلول أصلا، إذ لا تحمل الصورة على الهيولى ولا العرض كالبياض على الجسم.
وإن أريد به ما يصحّ حمله عليه بالاشتقاق أو الأعمّ فيــلزم أن يكون المال حالا في المالك وبالعكس، وكذا حال الجسم مع المكان والكوكب مع الفلك، بل يكون الموضوع والهيولى حالا في العرض والصورة إذ يصح أن يقال المالك ذو مال وبالعكس، والجسم والكوكب ذو مكان وذو فلك وبالعكس، والعرض والهيولى ذو موضوع وذو صورة. وأجاب عنه السّيد السّند بما حاصله اختيار الثاني والثالث من الترديد. والمراد أن يكون النعت بذاته نعتا للمنعوت كالبياض فإنّه بذاته وصف للجسم بخلاف المال فإنّه ليس بذاته صفة للمالك، بل الصفة إنّما هو التملك الذي هو إضافة بين المال والمالك، والمال بواسطة تلك الإضافة نعت له، وكذا حال الجسم والكوكب مع المكان والفلك، وكذا الموضوع والهيولى مع العرض والصورة. ومحصوله أنّ هذا الاختصاص أمر بديهي لا يتحقّق إلّا فيما له حصول في الآخر على وجه لا يكون للنعت جزء يتميّز عن المنعوت في الوضع إذا كان من المحسوسات. وأجيب أيضا باختيار الشقّ الثاني أو الثالث. والمراد من التعلّق الخاص ما هو على وجه الافتقار بأن يكون أحدهما مفتقرا إلى الآخر. وفيه أنّ الهيولى بالنسبة إلى الصورة والعلّة بالنسبة إلى المعلول يصدق عليه
الاختصاص بالاشتقاق على وجه الافتقار. ويمكن الجواب أيضا باختيار الثاني أو الثالث وبجعل التمثيل وهو قوله كالتعلّق بين البياض والجسم الخ من تتمّة التعريف. ولا يخفى أنّ تعلّق المال بالمالك والجسم بالمكان والكوكب بالفلك والهيولى بالنسبة إلى الصور وغيرها وأمثالها ممّا لم يذكر ليس كتعلّق البياض بالجسم.
والثاني أنّ تفسير الاختصاص الناعت بالتعلّق الخاص تعريف للاختصاص بالخاصّ فيــلزم تعريف الشيء بنفسه.
والثالث أنّ تفسيره بقوله بحيث يصير أحد المتعلّقين نعتا الخ تعريف للنعت بالنعت.
والجواب عنهما أنّ هذا التفسير تنبيه لا تعريف.
ويظهر من هذا التنبيه الجواب عن جميع ما فيه.
والرابع أنّه يصدق على اختصاص الصفات الاعتبارية كالوجوب والإمكان والحدوث وغير ذلك، ويــلزم منه أن يكون هذه الصفات حالة وليس كذلك، لأنّهم حصروا الحال في الصورة والعرض. والجواب أنّ المراد الاختصاص الناعت بالنعوت الحقيقية. أو نقول إنّ هذا ليس بتفسير بل تنبيه كما عرفت كذا ذكر العلمي.
وقال بعض المتكلّمين الحلول هو الحصول على سبيل التبعية. قال جمهور المتكلّمين إنّ الله تعالى لا يحلّ في غيره لأنّ الحلول هو الحصول على سبيل التبعية وإنّه ينفي الوجوب الذاتي. إن قيل يجوز أن يكون الحلول بمعنى الاختصاص الناعت كما في الصفات وكونه منافيا للوجوب ممنوع وإلّا لم يقع الترديد في الصفات. قيل لا يراد بالتبعية في التحيّز حتى يرد أنّ الحلول بمعنى الاختصاص الناعت، بل أريد أنّ الحال تابع للمحلّ في الجملة، وذلك ضروري ومناف للوجوب الذاتي الذي هو منشأ الاستغناء المطلق. والاستدلال على انتفاء الوجوب الذاتي في الصفات بغير هذا لا يقدح فيما ذكرنا، إذ تعدّد العلل لا ينفيه. وكما لا تحلّ ذاته في غيره لا تحلّ صفته في غيره لأنّ الانتقال لا يتصوّر على الصفات، وإنّما هو من خواصّ الأجسام والجواهر.
اعلم أنّ المخالف في هذا الأصل طوائف ثلاث. الأولى النصارى. قالوا حلّ الباري تعالى في عيسى عليه السلام. قالوا لا يمتنع أن يظهر الله تعالى في صورة بعض الكاملين، فأكملهم العترة الطاهرة ولم يتحاشوا عن إطلاق الآلهة على أئمتهم، وهذه ضلالة بيّنة. والثانية النصيرية والإسحاقية من غلاة الشيعة. والثالثة قال بعض المتصوّفة يحلّ الله تعالى في العارفين. فإن أراد بالحلول ما ذكرنا فقد كفر.
وإن أراد شيئا آخر فلا بد من تصويره أوّلا حتى نتكلّم عليه بالنفي والإثبات هذا كله خلاصة ما في شرح المواقف وحاشيته للچلپي وغيرهما.

الْخَبَر

(الْخَبَر) مَا ينْقل وَيحدث بِهِ قولا أَو كِتَابَة وَقَول يحْتَمل الصدْق وَالْكذب لذاته (ج) أَخْبَار (جج) أخابير

(الْخَبَر) الْمُزَارعَة بالمخابرة والناقة الغريزة اللَّبن والراوية الْعَظِيمَة (ج) خبور

(الْخَبَر) منقع المَاء فِي الْجَبَل وَالزَّرْع والسدر والأراك وَمَا حولهما من العشب والناقة الغزيرة اللَّبن والراوية الْعَظِيمَة (ج) خبور
الْخَبَر: قد يُقَال وَيُرَاد بِهِ خبر الْمُبْتَدَأ أَي الْمَحْمُول. وَقد يُرَاد بِهِ الْقَضِيَّة فَيكون مرادفا لَهَا وعرفوه بِأَنَّهُ الْكَلَام الْمُحْتَمل للصدق وَالْكذب فَإِن قيل: إِن الصدْق وَالْكذب إِمَّا عبارتان عَن مُطَابقَة الْخَبَر للْوَاقِع وَعدم تِلْكَ الْمُطَابقَة. وَإِمَّا عَن الْخَبَر عَن الشَّيْء على مَا هُوَ بِهِ وَالْخَبَر لَا على مَا هُوَ بِهِ فعلى أَي حَال يــلْزم الدّور لكَون الْخَبَر مأخوذا فِي تَعْرِيف الصدْق وَالْكذب المأخوذين فِي تَعْرِيف الْخَبَر فتوقف الْخَبَر على الْخَبَر وَلَو بِوَاسِطَة. قُلْنَا: أَولا: إِن هَذَا إِنَّمَا يرد على من فسر الصدْق وَالْكذب بِمَا ذكر وَأما إِذا فسر الصدْق بمطابقة النِّسْبَة الإيقاعية أَو الانتزاعية للْوَاقِع وَالْكذب بِعَدَمِ مطابقتها لَهُ فَلَا. وَثَانِيا: بِأَن الْخَبَر الْمَأْخُوذ فِي تعريفي الصدْق وَالْكذب بِمَعْنى الْأَخْبَار بِدَلِيل تعديته بِكَلِمَة عَن فَهُوَ غير الْخَبَر الْمُعَرّف بالْكلَام الْمَذْكُور فَلَا دور وَأَيْضًا أَن الصدْق وَالْكذب كَمَا يُوصف بهما الْكَلَام كَذَلِك يُوصف بهما الْمُتَكَلّم وَالْمَذْكُور فِي تَعْرِيف الْخَبَر صفة الْكَلَام بِمَعْنى مُطَابقَة نسبته للْوَاقِع وَعدمهَا وَالْخَبَر عَن الشَّيْء على مَا هُوَ بِهِ وَلَا على مَا هُوَ بِهِ صفة الْمُتَكَلّم فَلَا دور.
وَقَالَ السَّيِّد السَّنَد الشريف الشريف قدس سره وَقد يتَوَهَّم أَن مَا هُوَ صفة للتكلم رَاجع إِلَى صفة الْكَلَام حَقِيقَة بِنَاء على أَن قَوْلنَا مُتَكَلم صَادِق مَعْنَاهُ صَادِق كَلَامه أَو مَوْقُوف على مَا هُوَ صفة الْكَلَام بِنَاء على أَن مَعْنَاهُ كَون الْمُتَكَلّم بِحَيْثُ يكون كَلَامه صَادِقا فالدور لَازم انْتهى. أما على الأول فَلِأَن تَعْرِيف صدق الْمُتَكَلّم مثلا بالْخبر عَن الشَّيْء على مَا هُوَ بِهِ تَعْرِيف لصدق الْكَلَام على ذَلِك التَّقْدِير فقد أَخذ الْخَبَر فِي تَعْرِيف الصدْق الْمَأْخُوذ فِي تَعْرِيف الْخَبَر فتوقف الْخَبَر على الْخَبَر من حَيْثُ التعقل وَهَذَا هُوَ الدّور. وَأما على الثَّانِي فَلِأَنَّهُ لما توقف صدق الْمُتَكَلّم مثلا من حَيْثُ التعقل على صدق الْكَلَام لِأَن معنى صدق الْمُتَكَلّم كَونه بِحَيْثُ يكون كَلَامه صَادِقا. وَأَنت تعلم أَنه لَا جَهَالَة فِي كَونه بِحَيْثُ كَذَا إِلَّا بِاعْتِبَار الْجَهَالَة فِي مَا يُضَاف إِلَيْهِ كلمة حَيْثُ وَهُوَ صدق الْكَلَام فَيكون التَّعْرِيف الْمَذْكُور أَعنِي الْخَبَر عَن الشَّيْء على مَا هُوَ بِهِ تعريفا لصدق الْكَلَام وَقد أَخذ فِي هَذَا التَّعْرِيف الْخَبَر الْمَأْخُوذ فِي تَعْرِيفه صدق الْكَلَام فتوقف صدق الْكَلَام على الْخَبَر الْمَوْقُوف على صدق الْكَلَام فَــلَزِمَ الدّور فِي تَعْرِيف صدق الْكَلَام وَقَالَ السَّيِّد السَّنَد رَحمَه الله وَجَوَابه. أما على الأول فَهُوَ أَن الصدْق وَالْكذب وَإِن اتحدا فِي التعريفين على ذَلِك التَّقْدِير لَكِن الْخَبَر مُتَعَدد فيهمَا كَمَا ذكره أَي الْعَلامَة التَّفْتَازَانِيّ فِي المطول فَلَا دور.
نعم لَو فسر الْإِخْبَار بالإتيان بالْخبر عَاد الدّور واحتيج فِي دَفعه إِلَى وَجه آخر انْتهى.
حَاصله إِن لُزُوم الدّور مَبْنِيّ على مقدمتين اتِّحَاد الْخَبَر فِي التعريفين واتحاد الصدْق وَالْكذب فيهمَا يَعْنِي أَن الدّور إِنَّمَا يــلْزم لَو وجد الاتحادان مَعًا والمتوهم أورد كلَاما أثبت بِهِ اتِّحَاد الصدقين أَي الصدْق فِي تَعْرِيف الْخَبَر والصدق الْمُعَرّف بالْخبر عَن الشَّيْء على مَا هُوَ بِهِ وَفرع على هَذَا الِاتِّحَاد فَقَط لُزُوم الدّور.
فَأجَاب السَّيِّد السَّنَد رَحمَه الله بِأَن تَفْرِيع لُزُوم الدّور على مُجَرّد اتِّحَاد الصدْق غير صَحِيح لجَوَاز تعدد الْخَبَر فيهمَا إِنَّمَا يتم ذَلِك لَو اتَّحد الْخَبَر أَيْضا فيهمَا وَلَيْسَ كَذَلِك فَإِن المُرَاد بالْخبر الْمُعَرّف الْكَلَام الْمخبر بِهِ وبالخبر فِي تَعْرِيف الصدْق وَالْكذب الْإِخْبَار عَن الشَّيْء فتوقف الْخَبَر بِمَعْنى الْكَلَام الْمخبر بِهِ على الصدْق الْمَوْقُوف على الْخَبَر بِمَعْنى الْإِخْبَار. وَهَا هُنَا نظر لِأَن لَك أَن تَقول كَون الْخَبَر فِي تَعْرِيف الصدْق وَالْكذب بِمَعْنى الْإِخْبَار غير صَحِيح لِأَن صدق الْمُتَكَلّم رَاجع إِلَى صدق الْكَلَام وتعريفه تَعْرِيفه وَلَا يُمكن تَعْرِيف صدق الْكَلَام بالإخبار عَن الشَّيْء على مَا هُوَ بِهِ كَمَا لَا يخفى. وَالْجَوَاب أَن معنى صدق الْكَلَام حِينَئِذٍ الْإِخْبَار عَن الشَّيْء أَي الْإِعْلَام بِالنِّسْبَةِ على مَا هُوَ بِهِ أَي كَون النِّسْبَة معلما بهَا على مَا هُوَ بِهِ. فَإِن قلت: لُزُوم الدّور بَاقٍ على حَاله لِأَن الْإِخْبَار عَن الشَّيْء بِمَعْنى الْإِتْيَان بِخَبَرِهِ أَي الْكَلَام الْمخبر بِهِ عَن ذَلِك الشَّيْء قُلْنَا: لَو فسر الْإِخْبَار بِمَعْنى الْكَشْف عَن حَال الشَّيْء فَلَا إِشْكَال وَإِن فسر بالإتيان الْمَذْكُور فَنَقُول الْخَبَر الْمُعَرّف مَعْلُوم بِوَجْه مَا وَإِلَّا لامتنع طلبه وَالْمَقْصُود مَعْرفَته بِوَجْه يمتاز عَمَّا عداهُ ويساويه وَهُوَ الْكَلَام الْمُحْتَمل للصدق وَالْكذب وَقد أَخذ فِي تعريفهما الْخَبَر الْمَعْلُوم بِوَجْه مَا فَلَا دور.
وَقَالَ السَّيِّد السَّنَد رَحمَه الله وَإِمَّا على الثَّانِي أَي إِمَّا على الْجَواب عَن لُزُوم الدّور على تَقْدِير توقف صدق الْمُتَكَلّم على صدق الْكَلَام فَهُوَ إِن صدق الْمُتَكَلّم إِلَى آخِره.
حَاصله أَن كَون صدق الْمُتَكَلّم على هَذَا التَّفْسِير أَي كَونه بِحَيْثُ يكون كَلَامه صَادِقا مَوْقُوفا على صدق الْكَلَام بل على معرفَة الْكَلَام أَيْضا مُسلم وَلَيْسَ شَيْء من معرفَة الْكَلَام وَصدقه مَوْقُوفا على صدق الْمُتَكَلّم حَتَّى يــلْزم الدّور.
وَهَا هُنَا كَلَام طَوِيل فِي حل المطول وَلما يَأْبَى عَنهُ الْمقَام اقتصرنا على هَذَا الْمُخْتَصر وَمن أَرَادَ الِاطِّلَاع فَليرْجع إِلَى الْحَوَاشِي الحكيمية وَإِن أردْت أَن تسمع خبر هَلَاك جذر الْأَصَم فاستمع لما يَقُول الْمركب التَّام فَإِنَّهُ مخبر صَادِق بِهِ وَسَيَأْتِي نبذ من التحقيقات فِي الْقَضِيَّة إِن شَاءَ الله تَعَالَى أَيْضا.

الدَّلِيل

(الدَّلِيل) المرشد (ج) أَدِلَّة وأدلاء وَمَا يسْتَدلّ بِهِ (ج) أَدِلَّة
الدَّلِيل: فِي اللُّغَة المرشد وَمَا بِهِ الْإِرْشَاد. وَفِي الِاصْطِلَاح قد يُطلق مرادفا للبرهان فَهُوَ الْقيَاس الْمركب من مقدمتين يقينيتين. وَقد يُطلق مرادفا للْقِيَاس فَهُوَ حجَّة مؤلفة من قضيتين يــلْزم عَنْهَا لذاتها مَطْلُوب نَظَرِي وإطلاقه بِهَذَا الْمَعْنى قَلِيل. وَقد يُطلق مرادفا للحجة فَهُوَ مَعْلُوم تصديقي موصل إِلَى مَجْهُول تصديقي وَمَا يذكر لإِزَالَة الخفاء فِي البديهي يُسمى تَنْبِيها. وَقد يُقَال الدَّلِيل على مَا يــلْزم من الْعلم بِهِ الْعلم بِشَيْء آخر وَهُوَ الْمَدْلُول وَالْمرَاد بِالْعلمِ بِشَيْء آخر الْعلم اليقيني لِأَن مَا يــلْزم من الْعلم بِهِ الظَّن بِشَيْء آخر لَا يُسمى دَلِيلا بل إِمَارَة.
ثمَّ اعْلَم أَن الدَّلِيل تحقيقي وإلزامي. (وَالدَّلِيل التحقيقي) مَا يكون فِي نفس الْأَمر وَمُسلمًا عِنْد الْخَصْمَيْنِ. (وَالدَّلِيل الإلزامي) مَا لَيْسَ كَذَلِك فَيُقَال هَذَا عنْدكُمْ لَا عِنْدِي. وَالدَّلِيل عِنْد أَرْبَاب الْأُصُول مَا يُمكن التَّوَصُّل بِصَحِيح النّظر فِيهِ إِلَى مَطْلُوب جزئي فعلي هَذَا الدَّلِيل على وجود الصَّانِع هُوَ الْعَالم لِأَنَّهُ شَيْء إِذا صحّح النّظر فِي أَحْوَاله أَي إِذا رتب أَحْوَاله على قانون النّظر يُمكن التَّوَصُّل إِلَى الْعلم بِوُجُود الصَّانِع.
ثمَّ الدَّلِيل إِمَّا مُفِيد لمُجَرّد التَّصْدِيق بِثُبُوت الْأَكْبَر للأصغر مَعَ قطع النّظر عَن الْخَارِج سَوَاء كَانَ الْوسط معلولا أَو لَا. وَهُوَ دَلِيل اني. وَإِمَّا مُفِيد لثُبُوت الْأَكْبَر لَهُ بِحَسب الْوَاقِع يَعْنِي أَن تِلْكَ الْوَاسِطَة كَمَا تكون عِلّة لثُبُوت الْأَصْغَر فِي الذِّهْن كَذَلِك تكون عِلّة لثُبُوته لَهُ فِي نفس الْأَمر. وَهُوَ دَلِيل لمي. وَوجه التَّسْمِيَة فِي أُمَّهَات المطالب.

علم

[علم] العلامة والعلم: الجبل. وأنشد أبو عبيدة لجرير إذا قطعن علما بدا علم * والعلم: عَلَمُ الثوب. والعَلَمُ: الراية. وعَلمَ الرجل يَعْلَمُ عَلَماً، إذا صار أعْلَمَ، وهو المشقوق الشفة العليا. والمرأة علماء. وعلمت الشئ أعلمه عِلْماً: عرفته. وعالَمْتُ الرجل فعَلَمْتُهُ أعْلُمُهُ بالضم: غلبته بالعِلمِ. وعَلَمْتُ شفته أعلمه علما، مثال كسرته أكسره كسرا، إذا شققتها. ورجل علامة، أي عالم جدا. والهاء للمبالغة، كأنهم يريدون به داهيةً. واسْتَعْلَمني الخبر فأَعْلَمْتُهُ إياه. وأعْلَمَ القصَّار الثوبَ، فهو مُعْلِمٌ والثوب معْلَمٌ. وأعْلَمَ الفارسُ: جعل لنفسه علامة الشجعان، فهو مُعْلِمٌ. قال الأخطل: ما زال فينا رِباطُ الخيلِ مُعْلِمَةً وفي كليبٍ رباط اللؤم والعار قوله " معلمة " بكسر اللام. وعلمته الشئ فتَعَلَّمَ، وليس التشديد ههنا للتكثير. ويقال أيضاً تَعَلَّمْ في موضع اعْلَمْ. قال عمرو بن معد يكرب: تَعَلَّمْ أنَّ خيرَ الناسِ طُرًّا قَتيلٌ بين أحجار الكُلابِ قال ابن السكيت: تَعَلَّمتُ أنّ فلانا خارج، بمنزلة علمت. قال: وإذا قال لك اعلم أن زيدا خارج قلت: قد علمت. وإذا قال تعلم أن زيدا خارج لم تقل: قد تعلمت. وتعالمه الجميع، أي عَلِموه. والأيامُ المعلوماتُ: عشر من ذى الحجة. وقولهم: علماء بنو فلان، يريدون على الماء، فيحذفون اللام تخفيفا. والمعلم: الأثر يستدلّ به على الطريق. والعلاّمُ بالضم والتشديد: الحِنَّاء. والعَيْلَمُ: الركيه الكثيرة الماء. وقال:

من العياليم الخسف * والعيلم: التار الناعم. والعَيْلامُ: الذكر من الضباع. والعالم: الخلق، والجمع العوالم. والعالمون: أصناف الخلق.

علم


عَلَمَ(n. ac.
عَلْم)
a. Marked.
b.(n. ac. عَلْم), Surpassed in knowledge. _ast;
عَلِمَ(n. ac. عِلْم)
a. [acc.
or
Bi], Knew, was acquainted with, aware of; noticed
noted, remarked, observed; learned.
b. Was leaned, erudite.

عَلَّمَa. Made to know: taught.
b. see IV (a)c. Marked, distinguished (himself) by a
sign, token, badge.
d. ['Ala] [ coll. ], Signed (
document ).
عَاْلَمَa. Competed, vied with in knowledge, learning.

أَعْلَمَa. Acquainted with, informed, told, apprised of;
announced, communicated, notified to.
b. Marked, distinguished.

تَعَلَّمَa. Was acquainted with, was aware, informed of; learnt
heard of.
b. Learned, studied.
c. Instructed himself.
d. see (عَلِمَ) (b).
تَعَاْلَمَa. Learned, studied together.

إِعْتَلَمَa. see V (a)b. Flowed (water).
إِسْتَعْلَمَa. Wished to know : inquired of, asked, questioned
about.

عَلْمa. see 4 (b)
عِلْم
(pl.
عُلُوْم)
a. Knowledge, learning, erudition, scholarship;
science.

عِلْمِيّa. Scientific.

عَلَم
(pl.
عِلَاْم
أَعْلَاْم
38)
a. Sign, mark, token, badge.
b. Boundary-stone; land-mark.
c. Mountain.
d. (pl.
أَعْلَاْم), Border, hem.
e. Flag, banner, ensign, standard.
f. Chief, chieftain.
g. Proper (noun).
h. Impress, impression; foot-print.

أَعْلَمُ
(pl.
أَعَاْلِمُ)
a. More learned; better-informed &c.
b. (pl.
عُلْم), Hair-lipped.
مَعْلَم
(pl.
مَعَاْلِمُ)
a. see 4 (b)b. Sign, indication; symptom.

عَاْلِم
( pl.
a. reg.
عُلَّاْم
عُلَمَآءُ
43), Learned, erudite, scholarly; savant, sage; scholar.

عَلَاْم
a. [ coll. ], Sign, mark; butt
target; aim.
عَلَاْمَة
( pl.
reg. &
عَلَاْم)
a. Sign, token, mark, badge; emblem, symbol.
b. see 4 (b)
عَلِيْم
(pl.
عُلَمَآءُ)
a. see 21b. Doctor of the law, theologian.

عَلَّاْمa. see 21b. see 28t (b)
عَلَّاْمَةa. Learned, savant, erudite.
b. Skilful genealogist.

عَلْمَاْنِيّ
a. [ coll. ], Secular, worldly;
lay, laic; layman.
N. P.
عَلڤمَa. Known; noted, celebrated, famous; notorious.
b. Active (verb).
c. [ coll. ], Certainly, to be
sure, true, of course, rather.
d. (pl.
مَعَاْلِيْمُ
&
مَعْلُوْمَات )
a. [ coll. ], Clerk's fee.

N. Ag.
عَلَّمَa. Teacher, master, preceptor, professor
lecturer.
b. [ coll. ], Doctor; sage, savant.

N. Ac.
عَلَّمَ
(pl.
تَعَاْلِيْم)
a. Instruction, teaching.
b. [ coll. ], Religious teaching;
catechism.
N. P.
أَعْلَمَa. Marked. stamped ( money & c.).
N. Ac.
أَعْلَمَa. Notice, notification, announcement; manifesto.
b. Placard; advertisement.

N. Ag.
تَعَلَّمَa. Student, scholar, learner.

عَالَم (pl.
عَوَاْلِمُ
& reg. )
a. World; universe; creation.

عَالَمِيّ
a. Worldly; mundane; secular; profane.

تِعْلِمَة تِعْلَامَة
a. see 28t
مُعَلِّمَة
a. Instructress: schoolmistress; governess.

عَيْلَم (pl.
عَيَالِم)
a. Sea.
b. Large, deep well.

أُوْلُو العِلْم
a. The learned.

عَلَامَ (a. short for
عَلَى مَا )
see under

عَلَى
علم: عَلِم وعَلُمَ: وأصبح عالماً (فليشر على المقري 1: 136، بريشت من 176).
عَلِمَ: يستعمل بمعنى شعر، فكما يقال: لم يشعر إلاّ وقدْ، يقال: ما علمت حتىَّ (معجم مسلم).
لم اعلم بنفسي: أغمي عليّ. (ألف ليلة 1: 32).
عَلَّم (بالتشديد): درَّب حيوانا. (معجم البلاذري).
عَلَّم: وصف للشخص طريقة اللعب. يقال مثلاً: علم الشطرنج والنرد بمعنى دبّر لعبة بالشطرنج ولعبة بالنرد. (دي ساسي طرائف 1: 188).
عَلَّم: وضع علامة على، رسم. (بوشر).
ويقال: على شيء علامة أو علم على بمعنى وضع علامة على شيء (كي يعثر عليه ثانية أو يميزه عن غيره) وكذلك: علم موضعاً. (معجم الادريسي، معجم ابن جبير حيث عليك أن تبدل كلمة مُعْلَم بكلمة مُعلَّم).
عَلَّم على: رقّم، وضع أرقاماً على القطع (بوشر).
علَّم على: رسم علامة الموافقة. (فالتون ص42).
عَلَّم السلطان على: وضع توقيعه في ذيل الرسوم، وقّع المرسوم. (محلوك 121: 202).
أَعْلَم: أخبر. ويقال: أعلم إلى فلان (كرتاس ص33).
أعْلَم: كما يقال: أعلم الحائك الثوب أي جعل له عَلَما من طراز وغيره (انظر لين) يقال مجازاً: كان يعلم كلامه نظما ونثرا بالاشارة إلى التاريخ. (الخطيب ص24 ق).
تَعَلَّم: صارت عليه علامة (فوك).
عِلْم: نظري، مقابل عملي بمعنى تطبيق. (المقدمة 3: 309).
العلم (يراد به على الجفر): الكتب التي تتضمن التنبؤ بما يحدث في المستقبل والتكهن به. (أخبار ص61) وانظر تاريخ البربر (2: 167).
العلم الأول: علم المنطق. (المقدمة 3: 309).
عُلُوم: رموز علمية إشارات علمية. (معجم الادريسي).
عَلَم: أخذ علما ب: دوّن أو قيد تذكرة ب. ففي ألف ليلة (13 15) أخذ علماً بثمنها.
عَلَم: علامة في الطريق، وهو شيء منصوب في الطريق يهتدي به. ويكون عادة كوم صَغير من الحجارة. (ليون ص348: ريشاردسن صحارى 1: 292).
عَلَم: بناية مرتفعة، عمارة عالية. (هو جفلايت ص53) ويقال أيضاً: حصِن عَلَم. (أماري ص45).
عَلَم وأعلام: خرائب، بقايا وأثار البنايات والعمارات الخربة المتهدمة. (أخبار ص151) وكثيراً ما تردد ذكرهما في رحلة ابن جبير (ص109، 111).
اسم علَم: اسم خاص يطلق على مسمَّى لا يتجاوزه. (المقري 1: 4. 4، تاريخ البربر 2: 7) ويقال أيضاً عَلَم فقط (تاريخ البربر 2: 7، مراصد الاطلاع 1: 30) غير أن اسم علم يعني أيضاً اسم تخصيص، ففي ابن البيطار (1: 134): البزر حب جميع النبات والجمع بزور، وقد خصَّ به حب الكتان فصار اسماً له علماً.
عَلَم: يستعمل أيضاً بمعنى عنوان كتاب. (المقدمة 2: 184، أبن الأغلب ص80).
عَلم، في مصطلح البلاغة: هو أن يستعمل اسم الشيء الذي يشبَّه به اسم شيء آخر بدل ذكر اسمه، مثال ذلك أن يقال وردة للدلالة على فم فتاة (المقري 2: 406).
عَلَم: خبر، نبأ (بوشر).
عَلَم: قائمة، كشف، جدول، بيان حساب، تذكرة، (بوشر).
عَلَميّ: ما يسّمى أو يلقب به، مستعمل للتسمية. من اسم. (بوشر).
على الباه والعلمي: علناً، على مر أي من الناس ومعرفتهم. (بوشر).
علماني: عالمي، دنيوي لاديني، ليس من رجال الدين (بوشر).
عَلاَم: علامة، إشارة، شاخص. (بوشر).
عَلاَم: مِحزِّة، قطعة خشب يسجل عليه إلا بالحزوز ما يدفع وما يؤخذ. (بوشر).
علام كتاب: دلالة، من اصطلاح مجلدي الكتب وهو شريط يعلق بأعلى كتاب للدلالة على الصفحات التي فيها العبارات التي يود معرفة مكانها.
علام، والجمع علامات: عَلم، راية. وقد وجد لين هذه الكلمة في ديوان الهذليين، وهي كلمة مألوفة في المغرب (وفي المعجم اللاتيني العربي: Vexillum الرايات والعلامات)، (فوك، ألكالا، دوب ص81، تعليق في الجريدة الآسيوية 1869، 2: 183، المقري 2: 711، المقدمة 3: 386، وفي كتاب ابن صاحب الصلاة (ص71 ق): وجعل الرايات والعلامات خلف ركابه.
عَلاَم: ظهر، ظهيرة، ساعة الصلاة وانظر: أعلام.
عَلامة: وجمعها علائم أيضاً: شعار الشرف والنسب (بوشر). وإشارة. أمارة، دلالة (ياقوت 2: 927) وخبر سري، أو شاهد دليل. (ياقوت 2: 30).
عَلاَمة: رقم، سمة بالأرقام لمعرفة ترتيب القطع (بوشر).
عَلاَمَة: طابع، دمغة، وسم على القرطاس (بوشر).
علامة سِلْك: أسلاك نحاسية في معمل القرطاس، وأثار تلك الأسلاك في القرطاس. (بوشر).
عَلاَمة: شاخص، وتد منصوب أو عصا مفروزة للتنسيق، (بوشر).
عَلاَمَة: عنوان محل، لافتة يعلقها التاجر على باب محله. (بوشر).
عَلاَمَة: حاشية، لاحقة، ملحق، توصية في ذيل رسالة، توقيع، تأشيرة. (بوشر، ألكالا). وتستخدم العلامة لتجعل الوثائق التي يصورها السلطان والقاضي وغيرهما صحيحة شرعية. وهذه العلامة تختلف باختلاف الزمــان والمكان. فأحيانا يكتب السلطان بيده: صَحَّ هذا، بعد التاريخ.
وأحياناً يكتب الوزير بحروف كبيرة: الحمد لله والشكر لله بين البسملة ونص الوثيقة. وتوجد أيضاً أساليب أخرى (أنظر دي سلان المقدمة 1: 3، 46، تعليقة، النص 2: 55، 56) ومن هذا أطلق على الوزير لقب صاحبه العلامة. (ابن بطوطة 4: 409) (الخطيب ص60).
عَلاَمَة: سمة السلطان على النقود (المقدمة 1: 407).
عَلاَمَة: معيار، ميزان (علامة ظاهرة أو باطنة بها تبين الأشياء والمعاني ونستطيع الحكم عليها).
(رسالة إلى السيد فليشر ص148).
عَلاَمَة: عَلَم، راية. كما ذكر جوليوس وهو مصيب وفي حيان (ص83 ن): وخرج القائد ابن أمية بالعلامة.
علامة: آية، معجزة، أمر خارق للعادة: أعجوبة (الثعالبي لطائف ص93).
عَلاَمَة: ما تعطى المخطوبة عربونا عند الخطبة (مولدة) (محيط المحيط).
عَلاَمَة: هدف. (بوشر).
عَلاَمَة: عرافة، عيافة، تنبؤ، فأل. (بوشر).
عُلَيمّ الريح: دوارة هواء، دوارة دالة على اتجاه الريح. (دوب ص98).
عالَم: ذكر فريتاج في منتخبات عربية (ص146) أن هذه الكلمة ومعناها خلق تستعمل للدلالة على عدد من الناس قلّوا أو كثروا. ويقال مثلاً: عالم عظيم وعالم كثير أي كثير من الخلق وكثير من الناس. (معجم أبي الفداء دي ساسي طرائف ص75، ألف ليلة 1: 43).
العوالم: ما حواه بطن الفلك. (معجم أبي الفداء).
العالم الإنساني: الإنسان بوصفه صورة مصغرة عن العالم. (المقدمة 1: 198).
عالم نفسه: عالم الإنسان الصغير. (المقدمة 1: 169).
عالم البسط: توقع الخير، وعالم القبض: توقع الشر. (بوشر7: 88).
عالم العناصر، وعالم التركيب، عالم الرتق، عالم الفتق. من مصطلحات الصوفية. (انظر المقدمة 3: 69) والعوالم عند الدروز ثلاثة: وهي عالم الجنّ وعالم البن وهو العالم الأخير الذي نحن منه (محيط المحيط في مادة حنن).
عالمِ: عرّاف. ضارب الرمل، زاجر الطير، كاهن، متنبئ بالمستقبل. (باين سميث 1558).
العالم والحمار: رَهَج أصفر، كبريتوز الزرنيخ الأصفر، سمّ الفار. (انظر المستعيني في مادة زرنيخ في مخطوطة ن فقط).
عالَمِة، والجمع عَوالِم: مغنّية، راقصة، عاهرة، (بوشر، لين عادات 1: 249، 2: 72).
عالمّي: زمني، دنيوي. (بوشر)، لاديني علماني، ليس من رجال الدين (أومر، فهرس المخطوطات العربية في مكتبة مونيخ ص229).
عالَمانيِ: علماني، زمني، دنيوي، لاديني، ليس من رجال الدين. (بوشر).
أعلام: ظُهر، وقت الظهيرة. (بوشر) بربرية. وانظر: علام.
تعَلْيِم، والجمع تعاليم: إرشاد، تهذيب، وصية، تأديب. (بوشر).
تَعلْيِميّ: مذهبي، متعلق بمذهب أو عقيدة. (بوشر).
الجسم التعليمي: الجسم الهندسي، المجسّم. الجرم (المقدمة 3: 88).
التعليمية: اسم كان يطلق على الإسماعيلية. (الشهرستاني ص147).
تعليمجي: مُعلِّم: مكان التعلّم، مدرسة. (فريتاج، دي ساسي طرائف 2: 71).
مَعلمَ: مزار. مكان يزار تبركا به وورعاً. ففي العبدري (ص45 ق) في كلامه عن ضريح تفيسة بنت علي بالقاهرة: عليها رباط مقصود. ومعلم مشهود. وفيه (ص59) في تفسيره لكلمة مَنسْكَ: والنسك العبادة واختصَّ في العَرَب بمعالم الحجّ ومتعبَّداته.
مَعْلَم: عِلْم. (فوك).
مَعْلَم: انظر مُعَلّم.
مَعَلَّم: خبير، فطن، لبيب، ماهر. (بوشر).
مُعَلِمّ: صّناع، ماهر، أستاد، أسطة، مدبر العمال. (بوشر، ألكالا).
وهذه الكلمة وهي بالعامية مَعْلَم (الكالا) لقب يطلق على كل رئيس للعمال (نيورب ص39، كاريت قبيل 2: 5960، لين عادات 2: 374، رولاند، كرتاس ص151، المقري 2: 636، ابن بطوطة 4: 288) ويقال كذلك: معلم الإبرَ: صانع الإبر. ومعلم البُتيتات: صانع البراميل.
ومعلّم الأصنام: صانع التماثيل (ألكالا) ويقال أيضاً: معلم الطبخ أو المطْبخة: رئيس المطبخ، والرئيس المسؤول عن المائدة. (ملوك 121: 27، ألكالا). ومعلم الحمام: حمامي، صاحب الحمام. (لين عادات 2: 44، ألف ليلة 1: 409). ومعلم الديوان: رئيس الكمرك. وتدل كلمة معلم وحدها على هذا المعنى (أماري ص197، كريان ص159، مونكونيس ص254) ثم أن هذه الكلمة تستعمل وحدها لتعني رئيس البنائين، أسطه. (شيرب ديال ص32، شوا: 300)، ولتعني الحدّاد. (بارت 5: 693)، ولتعني الكاتب (ويرن ص43، 51)، ولتعني جابي الضرائب من القرية (لين عادات 2: 374). وهِي عادة لقب يطلق على كل فرد من الطبقة المتوسطة لا يعمل بيده خلافا للعامل أو الفلاح كالسجان مثلاً. ففي رياض النفوس (ص97): المعلم نَصرْ يطلبك قال ومَنْ نَصرْ قال السجان.
معلم اعتراف: مرشد، معَرف (بوشر).
معلم ذمَّة: مرشد، من يعني بذمة شخص وضميره. (بوشر).
مُعَلّمِي: مختص بمعلّم، متقن، محكم، كامل (بوشر).
مُعَلَمِيَّة: صفة المعلّم، مخدومية، صناعة متقنة (ألكالا) = صناعة، وهي في معجم ألكالا: مَعْلَمية (بوشر).
مُعَلميَّة: طرفه رائعة، تحفة. (بوشر).
مَعْلُوم. معلومك أن: تعلم أن. ومعلومك ما انبسط من هذا: تعلم جيداً إنه لم يكن منبسط ومسرور من هذا. (بوشر).
مَعْلُوم: هي أحياناً مرادف مشهور ومحمود.
ويقال: مشهور معلوم ومحمود معلوم. (معجم الإدريسي).
معْلُوم: محدّد، معّين. يقال مثلاً: مبلغ معلوم أي مبلغ مّحدد ومعينّ. (بوشر، المقري): 134، 135، 2: 767، 812، تاريخ البربر 1: 614، 617، أماري ص443).
مَعُلوم. شهادة مزورة. ففي كتاب محمد بن الحارث (ص294): وجميع الشهادات الواقعة فيه معلومة لم يُرد الله بشيء منها.
مَعْلُوم: مكافأة: ما يعطي للأطباء وغيرهم من أجر. (بوشر، محيط المحيط وفيه الجمع معاليم أماري دبلوماسية ص197) معلوم الكُتَّاب: مبلغ محدّد معيَّن يدفع في كل سنة لتعليم الطفل. (بوشر).
مَعْلُوم: راتب، مرتَّب، معاش، جامكية، مالقيَّة. (ابن خلكان 9: 70 والجمع معاليم (مملوك 2، 2: 88) وانظر معاليم في معجم فريتاج.
مَعْلَوم: وسيلة العيش. (ابن البطوطة 4: 23).
مُعْلوم: وسيلة العيش. (ابن بطوطة 4: 23).
مُعْلُوم: قسط دين يدفع في أوقات معينة، ضريبة. يقال مثلاً: عليه معلوم سنوي إلى أي عليه قسط دين يدفعه في كل سنة إلى. (بوشر).
مَعْلُوم: تكَسْ، رسم الدخول، ضريبة، خرج وعمولة، مبلغ مقبرض أولاً أجرة العمالة. (بوشر).
معلوم الديوان: ضريبة الكمرك. (بوشر).
معلوم السجان: أجرة السجان. (بوشر).
معلوم العيار: رسم العيار. (بوشر).
معلوم الكيل: رسم مساحة الأرض. (بوشر).
المَعْلُومِيَّة: فرقة من الخوارج العجاردة وهم كالحازمية إلا أن المؤمن عندهم من عرف الله بجميع صفاته وأسمائه، ومن لم يعرفه كذلك فهو جاهل لا مؤمن. (محيط المحيط) مُتَّعلَم: تلميذ، مبتدي. (ألكالا) وفيه: Comensal = تلميذ، (ابن بطوطة 4: 288، 29).
مُتعَلّم: خادم، أجير. (جاكسون ص192).
مُتَعَلّم: متعالم. متظاهر بالعلم. (الجريدة الآسيوية 1853،: 266).
(علم) نَفسه وسمها بسيمى الْحَرْب وَله عَلامَة جعل لَهُ أَمارَة يعرفهَا فالفاعل معلم وَالْمَفْعُول معلم وَفُلَانًا الشَّيْء تَعْلِيما جعله يتعلمه
(الْأَيَّامُ الْمَعْلُومَاتُ) عَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ وَقَوْلُهُ وَبَعْدَ (إعْلَامِ) الْجِنْسِ جَهَالَةُ الْوَصْفِ هُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ أَعْلَمَ الْقَصَّارُ الثَّوْبَ إذَا جَعَلَهُ ذَا عَلَامَةٍ وَذَلِكَ أَنْ يُقَالَ دَارٌ بِمَحَلَّةِ فُلَانٍ وَجَهَالَةُ الْوَصْفِ أَنْ لَا يَذْكُرَ ضِيقَهَا وَلَا سِعَتَهَا (وَرَجُلٌ أَعْلَمُ) مَشْقُوقُ الشَّفَةِ الْعُلْيَا.
(علم) - في صِفَة سُهَيْل بنِ عَمْرو - رضي الله عنه -: "أَنَّه كان أَعْلَمَ الشَّفَةِ العُلْيَا".
قال الأصمعي: الشَّفَة العَلْماء: التي انشَقَّت فبَانَت.
قيل: والفِعْل منه عَلِمَ عَلَماً. وعَلِمتُ شفتَه وأعْلَمتُها، مثل حَزِنتُه وأَحزَنْتُه فَحَزِنَ. وقيل: هو في الشَّفَة العُلْيا خاصَّةً. - في حديثِ ابنِ مسعودٍ - رضي الله عنه -: "إنك غُلَيِّمٌ مُعَلَّم".
: أي مُلْهَمٌ للخَيْر والصَّوَابِ؛ كَقوله: "يكون في أُمَّتي مُحدِّثُون".
وَقَولُ الله سُبْحانَه وتَعِالَى: {وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ} ، كَقوْلِه: {إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ} .
- في حديث الحَجَّاج : "أَخْسَفْتَ أَم أَعلَمْتَ؟ "
يقال: أَعلَم الحافِرُ؛ إذا وجد البِئْرَ عَيْلَماً ، وهي دون الخَسْفِ.
علم
هو عَلاّمَةٌ وعَلاّمٌ وعَلِيْمُ وتِعْلِمةٌ - بسُكون العَيْن - وتِعْلاَمَةٌ: أي عالِمٌ. وتَعَلَّمْهُ: أي اعْلَمْهُ. وعَالَمني فَعَلَمْتُه أَعْلُمُه: غَالَبَني في العِلْم فَغَلَبْتُه. وأنا مُعْتَلِمٌ عِلْمَه: أي عالِمُه. ويكونُ المُعْتَلِمُ السّائلَ أيضاً كالمُعْتَرِف. والعُلاّمَةُ: ما تَجْعَلُه مُعْلَماً من مَكانٍ أو غيره.
والعُلاّم: الحِنّاءُ. والباشَقُ؛ جَميعاً. والمَعْلَمُ والعَلَمُ: العَلاَمَةُ. ويكونُ المَعْلَمُ مَوْضِعَ العَلاَمَةِ أيضاً. وعَلَمْتُ شَفَتَه عَلْماً وأعْلَمْتُها أيضاً فَعَلِمَتْ عَلَماً. وهو انْشِقاقٌ في وَسَط الشَّفَة. والأعْلَمُ: صِفَةٌ غالِبَة للبَعير. ومالَهُ عَلَمٌ: أي مِثْلٌ. والعَلَمُ: أرْضٌ بين أرْضَيْنِ. والجَبَلُ الطَّويل. والرّايَةُ. ورَقْمُ الثَّوْب. وما يُنْصَبُ في الطَّريق للهِدايَة. والجَميعُ: أعْلاَم.
والعَيْلَمُ العَيْلاَمُ: الذَّكَرُ من الضِّبَاع. وقِدْرٌ عَيْلَمٌ: كَثيرةُ الأخْذِ من المَرَق.
والعَيْلَمُ: البَحْرُ. والماءُ. والبئْرُ الكَثيرةُ الماءِ. والجَمْعُ: عَيَالِمُ. وعَيَالِيمُ. وعَيْلَمٌ: اسْمُ رَجُلٍ.
ع ل م: (الْعَلَمُ) بِفَتْحَتَيْنِ (الْعَلَامَةُ) وَهُوَ أَيْضًا الْجَبَلُ. وَ (عَلَمُ) الثَّوْبِ وَالرَّايَةِ. وَعَلِمَ الشَّيْءَ بِالْكَسْرِ يَعْلَمُهُ (عِلْمًا) عَرَفَهُ. وَرَجُلٌ (عَلَّامَةٌ) أَيْ (عَالِمٌ) جَدًّا وَالْهَاءُ لِلْمُبَالَغَةِ. وَ (اسْتَعْلَمَهُ) الْخَبَرَ (فَأَعْلَمَهُ) إِيَّاهُ. وَ (أَعْلَمَ) الْقَصَّارُ الثَّوْبَ فَهُوَ (مُعْلِمٌ) وَالثَّوْبُ (مُعْلَمٌ) . وَ (أَعْلَمَ) الْفَارِسُ جَعَلَ لِنَفْسِهِ (عَلَامَةَ) الشُّجْعَانِ. وَ (عَلَّمَهُ) الشَّيْءَ (تَعْلِيمًا فَتَعَلَّمَ) وَلَيْسَ التَّشْدِيدُ هُنَا لِلتَّكْثِيرِ بَلْ لِلتَّعْدِيَةِ. وَيُقَالُ أَيْضًا: تَعَلَّمَ بِمَعْنَى اعْلَمْ. قَالَ عَمْرُو بْنُ مَعْدِي كَرِبَ:

تَعَلَّمَ أَنَّ خَيْرَ النَّاسِ طُرًّا ... قَتِيلٌ بَيْنَ أَحْجَارِ الْكُلَابِ
قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: تَعَلَّمْتُ أَنَّ فُلَانًا خَارِجٌ أَيْ عَلِمْتُ. قَالَ: وَإِذَا قِيلَ لَكَ: اعْلَمْ أَنَّ زَيْدًا خَارِجٌ قُلْتَ: قَدْ عَلِمْتُ. وَإِذَا قِيلَ: تَعَلَّمْ أَنَّ زَيْدًا خَارِجٌ لَمْ تَقُلْ: قَدْ تَعَلَّمْتُ. وَ (تَعَالَمَهُ) الْجَمِيعُ أَيْ (عَلِمُوهُ) . وَالْأَيَّامُ (الْمَعْلُومَاتُ) عَشْرٌ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ. وَ (الْمَعْلَمُ) الْأَثَرُ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى الطَّرِيقِ. وَ (الْعَالَمُ) الْخَلْقُ وَالْجَمْعُ (الْعَوَالِمُ) بِكَسْرِ اللَّامِ. وَ (الْعَالَمُونَ) أَصْنَافُ الْخَلْقِ. 
العلم: هو الاعتقاد الجازم المطابق للواقع، وقال الحكماء: هو حصول صورة الشيء في العقل، والأول أخص من الثاني، وقيل: العلم هو إدراك الشيء على ما هو به، وقيل: زوال الخفاء من المعلوم، والجهل نقيضه، وقيل: هو مستغنٍ عن التعريف، وقيل: العلم: صفة راسخة تدرك بها الكليات والجزئيات، وقيل: العلم، وصول النفس إلى معنى الشيء، وقيل: عبارة عن إضافة مخصوصة بين العاقل والمعقول، وقيل: عبارة عن صفةٍ ذات صفة.
العلم: ينقسم إلى قسمين: قديم، وحادث، فالعلم القديم هو القائم بذاته تعالى، ولا يشبه بالعلوم المحدثة للعباد، والعلم المحدث ينقسم إلى ثلاثة أقسام: بديهي، وضروري، واستدلالي. فالبديهي: ما لا يحتاج إلى تقديم مقدمة، كالعلم بوجود نفسه، وأن الكل أعظم من الجزء، والضروري، ما لا يحتاج فيه إلى تقديم مقدمة، كالعلم بثبوت الصانع وحدوث الأعراض.
العلم الفعلي: ما لا يؤخذ من الغير.
العلم الانفعالي: ما أخذ من الغير. 
العلم الإلهي: علم باعث عن أحوال الموجودات التي لا تفتقر في وجودها إلى المادة.
العلم الإلهي: هو الذي لا يفتقر في وجوده إلى الهيولي.
العلم الانطباعي: هو حصول العلم بالشيء بعد حصول صورته في الذهن، ولذلك يسمى: علمًا حصوليًا.
العلم الحضوري: هو حصول العلم بالشيء بدون حصول صورته بالذهن، كعلم زيد لنفسه.
علم المعاني: هو علم يعرف به أحوال اللفظ العربي الذي يطابق مقتضى الحال.
علم البيان: علم يعرف به إيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة في وضوح الدلالة عليه.
علم البديع: هو علم يعرف به وجوه تحسين الكلام بعد رعاية مطابقة الكلام لمقتضى الحال، ورعاية وضوح الدلالة، أي الخلو عن التعقيد المعنوي.
علم اليقين: ما أعطاه الدليل بتصور الأمور على ما هي عليه.
علم الكلام: علم باحث عن الأعراض الذاتية للموجود من حيث هو على قاعدة الإسلام.
العلم الطبيعي: هو العلم الباحث عن الجسم الطبيعي من جهة ما يصح عليه من الحركة والسكون.
العلم الاستدلالي: هو الذي لا يحصل بدون نظر وفكر، وقيل هو الذي لا يكون تحصيله مقدورا للعبد.
العلم الاكتسابي: هو الذي يحصل بمباشرة الأسباب.
العلم: ما وضع لشيء، وهو العلم القصدي، أو غلب وهو العلم الاتفاقي الذي يصير علما لا بوضع واضع بل بكثرة الاستعمال مع الإضافة أو اللازم لشيء بعينه خارجا أو ذهنا، ولم تتناوله السببية.
علم الجنس: ما وضع لشيء بعينه ذهنًا، كأسامة؛ فإنه موضوع للمعهود في الذهن.

ع ل م : الْعِلْمُ الْيَقِينُ يُقَالُ عَلِمَ يَعْلَمُ إذَا تَيَقَّنَ وَجَاءَ بِمَعْنَى الْمَعْرِفَةِ أَيْضًا كَمَا جَاءَتْ بِمَعْنَاهُ ضُمِّنَ كُلُّ وَاحِدٍ مَعْنَى الْآخَرِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي كَوْنِ كُلِّ وَاحِدٍ مَسْبُوقًا بِالْجَهْلِ لِأَنَّ الْعِلْمَ وَإِنْ حَصَلَ عَنْ كَسْبٍ فَذَلِكَ الْكَسْبُ مَسْبُوقٌ بِالْجَهْلِ.
وَفِي التَّنْزِيلِ {مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ} [المائدة: 83] أَيْ عَلِمُوا وَقَالَ تَعَالَى {لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ} [الأنفال: 60] أَيْ لَا تَعْرِفُونَهُمْ اللَّهُ يَعْرِفُهُمْ وَقَالَ زُهَيْرٌ
وَأَعْلَمُ عِلْمَ الْيَوْمِ وَالْأَمْسِ قَبْلَهُ ... وَلَكِنَّنِي عَنْ عِلْمِ مَا فِي غَدٍ عَمِي
أَيْ وَأَعْرِفُ وَأُطْلِقَتْ الْمَعْرِفَةُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهَا أَحَدُ الْعِلْمَيْنِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا اصْطِلَاحِيٌّ لِاخْتِلَافِ تَعَلُّقِهِمَا وَهُوَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مُنَزَّهٌ عَنْ سَابِقَةِ الْجَهْلِ وَعَنْ الِاكْتِسَابِ لِأَنَّهُ تَعَالَى يَعْلَمُ مَا كَانَ وَمَا يَكُونُ وَمَا لَا يَكُونُ لَوْ كَانَ كَيْفَ يَكُونُ وَعِلْمُهُ صِفَةٌ قَدِيمَةٌ بِقِدَمِهِ قَائِمَةٌ بِذَاتِهِ فَيَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ الْجَهْلُ وَإِذَا كَانَ عَلِمَ بِمَعْنَى الْيَقِينِ تَعَدَّى إلَى مَفْعُولَيْنِ وَإِذَا كَانَ بِمَعْنَى عَرَفَ تَعَدَّى إلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ وَقَدْ يُضَمَّنُ مَعْنَى شَعَرَ فَتَدْخُلُ الْبَاءُ فَيُقَالُ عَلِمْتُهُ وَعَلِمْتُ بِهِ وَأَعْلَمْتُهُ الْخَبَرَ وَأَعْلَمْتُهُ بِهِ وَعَلَّمْتُهُ الْفَاتِحَةَ وَالصَّنْعَةَ وَغَيْرَ ذَلِكَ تَعْلِيمًا فَتَعَلَّمَ ذَلِكَ تَعَلُّمًا.

وَالْأَيَّامُ الْمَعْلُومَاتُ عَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ.

وَأَعْلَمْتُ عَلَى كَذَا بِالْأَلِفِ مِنْ الْكِتَابِ وَغَيْرِهِ جَعَلْتُ عَلَيْهِ عَلَامَةً.

وَأَعْلَمْتُ الثَّوْبَ جَعَلْتُ لَهُ عَلَمًا مِنْ طِرَازٍ وَغَيْرِهِ وَهِيَ الْعَلَامَةُ وَجَمْعُ الْعَلَمِ أَعْلَامٌ مِثْلُ سَبَبٍ وَأَسْبَابٍ وَجَمْعُ الْعَلَامَةِ عَلَامَاتٌ.

وَعَلَّمْتُ لَهُ عَلَامَةً بِالتَّشْدِيدِ وَضَعْتُ لَهُ أَمَارَةً يَعْرِفُهَا.

وَالْعَالَمُ بِفَتْحِ اللَّامِ الْخَلْقُ وَقِيلَ مُخْتَصٌّ بِمَنْ يَعْقِلُ وَجَمْعُهُ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ وَالْعَلِيمُ مِثْلُ الْعَالِمِ بِكَسْرِ اللَّامِ وَهُوَ الَّذِي اتَّصَفَ بِالْعِلْمِ وَجَمْعُ الْأَوَّلِ عُلَمَاءُ وَجَمْعُ الثَّانِي عَلَى لَفْظِهِ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ وَهُمْ أُولُو الْعِلْمِ أَيْ مُتَّصِفُونَ بِهِ وَعَلِمَ عَلَمًا مِنْ بَابِ تَعِبَ انْشَقَّتْ شَفَتُهُ الْعُلْيَا فَالذَّكَرُ أَعْلَمُ وَالْأُنْثَى عَلْمَاءُ مِثْلُ أَحْمَرَ وَحَمْرَاءَ. 
باب العين واللاّم والميم معهما ع ل م، ع م ل، م ع ل، ل م ع مستعملات

علم: عَلِمَ يَعْلَمُ عِلْماً، نقيض جَهِلَ. ورجل علاّمة، وعلاّم، وعليم، فإن أنكروا العليم فإنّ الله يحكي عن يوسف إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ، وأدخلت الهاء في علامة للتّوكيد. وما عَلِمْتُ بخبرك، أي: ما شعرت به. وأعلمته بكذا، أي: أَشْعَرْتُه وعلّمته تعليماً. والله العالِمُ العَليمُ العلاّمُ. والأَعْلَمُ: الذي انشقّتْ شَفَتُه العُليا. وقوم عُلْمٌ وقد عَلِمَ عَلَماً. قال عنترة :

تمكو فَريصَتُه كشِدْقِ الأعلَمِ

والعَلَمُ: الجبل الطّويل، والجميع: الأعلام. قال :

قال ابنُ صانعةِ الزّروب لقومه ... لا أستطيعُ رواسيَ الأَعْلامِ ومنه قوله [تعالى] : فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ

*، شبه السّفن البحرية بالجبال. والعَلَمُ: الرّاية، إليها مجمعُ الجُند. والعَلَمُ: عَلَمُ الثّوبِ ورَقْمُه. والعَلَمُ: ما يُنْصَبُ في الطّريق، ليكون علامةً يُهْتَدَى بها، شِبْه الميل والعَلامَة والمَعْلَم. والعَلَم: ما جعلته عَلَماً للشيء. ويُقرأ: وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ ، يعني: خروج عيسَى ع، ومن قرأ لعلم يقول: يعلم بخروجه اقتراب السّاعة. والعالَم: الطّمش، أي الأنام، يعني: الخلق كلّه، والجمع: عالَمون. والمَعْلَمُ: موضعُ العلامة. والعَيْلَمُ: البحر، والماء الذي عليه الأرض، قال :

في حوض جيّاش بعيدٍ عَيْلَمُهْ

ويقال: العيلم: البئر الكثيرة الماء، قال :

يا جَمَّةَ العَيْلَم لَنْ نُراعي ... أورد من كلّ خليفٍ راعي

الخليف: الطّريق. والعُلامُ: الباشِقُ. عُلَيْمٌ: اسمُ رجل.

عمل: عَمِلَ عَمَلاً فهو عاملٌ. واعتمل: عمل لنفسه. قال :

إنّ الكريمَ وأبيك يَعْتَمِلْ ... إنْ لم يجد يوما على من يتكل والعمالة: أجر ما عمل لك. والمعاملة: مصدر عاملْته مُعامَلةً. والعَمَلَةُ: الذين يعملون بأيديهم ضروباً من العَمَل حَفْراً وطيناً ونحوه. وعاملُ الرُّمْحِ: دون الثّعلب قليلاً ممّا يلي السِّنان وهو صّدْرُه. قال :

أطعَنُ النَّجلاء يَعْوي كَلْمُها ... عامل الثّعلب فيها مُرْجَحِنْ

وتقول: أعطِهِ أَجْرَ عملته وعمله. ويقال: كان كذا في عملة فلانٍ علينا، أي: في عمارته. ورجُلٌ عِمِّيلٌ: قويّ على العمل. والعَمولُ: القويُّ على العمل، الصابر عليه، وجمعه: عُمُلٌ. وأَعْمَلْتُ إليك المطيَّ: أَتْعبتُها. وفلان يُعْمِلُ رأيه ورُمْحَه وكلامه ونحوه [عَمِلَ به] . والبنّاء يستعمل اللّبِنَ إذا بنَى. واليَعْمَلَةُ من الإبل: اسم مشتقّ من العمل، ويجمع: يَعْمَلات، ولا يقال إلاّ للأنثى، وقد يُجمع باليعامل، قال :

واليَعْمَلاتُ على الوَنَى ... يَقْطَعْنَ بيداً بعدَ بيدِ

معل: مَعَلْت الخُصْيَةَ إذا استخرجتها من أرومتها وصَفَنِها. لمع: لَمَعَ بثوبه يلمع لمعا، للإنذار، أي: للتحذير. وأَلْمَعَتِ النّاقةُ بذَنَبِها فهي ملمعة، و [هي] مُلْمِعٌ أيضاً: قد لَحِقَتْ. قال لبيد بن ربيعة :

أو مُلْمِعٌ وَسَقَتْ لأحْقَبَ لاحَهُ ... طَرْدُ الفُحول وزَرُّها وكِدامُها

ويقال: أَلْمَعَتْ إذا حملتْ، ويقال: ألْمَعَتْ إذا تحرَّك ولدُها في بطنها. وتلمَّع ضرعُها إذا تلوّن ألواناً عند الإنزال. قال أبو ليلى: يقال: لَمَعَ ضَرْعُها إذا ظهر. واللُّمَعُ: التّلميع في الحجر، أو الثّوب ونحوه من ألوانٍ شتَّى، تقول: إنّه لحجرٌ مُلَمّعٌ، الواحدة: لُمْعة. قال لبيد :

مَهْلاً أبيت اللّعنَ لا تأكُلْ معَهْ ... إنّ استَهُ من بَرَصٍ مُلَمَّعه

يقول: هو منقّط بسواد وبياض. ويقال: لَمْعَة سوادٍ أو بياضٍ أو حُمرة. يَلْمَع: اسم البَرْق الخُلَّب. واليلمَعُ: السّراب. واليلمعُ: الملاّذُ الكذّاب، ويقال: ألْمَعِيٌّ، لغة فيه، وهو مأخوذ من السّراب قال أبو ليلى: اليَلْمَعيّ من القوم: الدّاعي الذي يَتَظَنَّى الأمور ولا يكاد يخطىء ظنّه، قال أوس بن حجر : اليَلْمَعيّ الذي يَظُنُّ بكَ الظّنَّ كأنْ قد رأى وقد سَمِعا واللِّماعُ جمعُ اللُّمْعَة من الكلأ. والْتمعْتُ الشيء ذهبتُ به، وأمّا قول الشاعر :

أَبَرْنا منْ فَصيلتِهِمْ لِماعاً

أي: السّيّد اللاّمع، وإن شئت فمعناه. التمعناهم، أي: استأصلناهم. 
الْعين وَاللَّام وَالْمِيم

العِلْمُ: نقيض الْجَهْل، عَلِمَ عِلْما، وعَلُمَ هُوَ نَفسه، وَرجل عالمٌ وعلِيمٌ من قوم عُلَماء فيهمَا جَمِيعًا. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: يَقُول عُلَمَاء من لَا يَقُول إلاَّ عَالما. قَالَ ابْن جني: لما كَانَ العِلْم إِنَّمَا يكون الْوَصْف بِهِ بعد المزاولة لَهُ وَطول الملابسة صَار كَأَنَّهُ غريزة، وَلم يكن على أول دُخُوله فِيهِ. وَلَو كَانَ كَذَلِك لَكَانَ مُتَعَلِّما لَا عَالما، فَلَمَّا خرج بالغريزة إِلَى بَاب فَعُلَ صَار عالِمٌ فِي الْمَعْنى كَعَلِيمٍ فَكسر تكسيره ثمَّ حملُوا عَلَيْهِ ضِدّه فَقَالُوا جهلاء كَعُلَماء وَصَارَ عُلَماءُ كحلماء لِأَن العِلْمَ محلمة لصَاحبه، وعَلى ذَلِك جَاءَ عَنْهُم: فَاحش وفحشاء، لما كَانَ الْفُحْش ضربا من ضروب الْجَهْل ونقيضا للحلم.

وعَلاَّمٌ وعَلاَّمَةٌ من قوم عَلاَّمِينَ، وعُلاَّم من قوم عُلاَّمِين. هَذِه عَن اللحياني والعَلاَّمُ والعَلاَّمَةُ: النَّسابة، وَهُوَ من الْعلم. قَالَ ابْن جني، رجل عَلامَة وَامْرَأَة عَلامَة لم تلْحق الْهَاء لتأنيث الْمَوْصُوف بِمَا هِيَ فِيهِ وَإِنَّمَا لحقت لإعلام السَّامع أَن هَذَا الْمَوْصُوف بِمَا هِيَ فِيهِ قد بلغ الْغَايَة وَالنِّهَايَة، فَجعل تَأْنِيث الصّفة أَمارَة لما أُرِيد من تَأْنِيث الْغَايَة وَالْمُبَالغَة وَسَوَاء كَانَ الْمَوْصُوف بِتِلْكَ الصّفة مذكرا أَو مؤنثا، يدل على ذَلِك أَن الْهَاء لَو كَانَت فِي نَحْو امْرَأَة عَلامَة وفروقة وَنَحْوه إِنَّمَا لحقت لِأَن الْمَرْأَة مُؤَنّثَة لوَجَبَ أَن تحذف فِي الْمُذكر فَيُقَال رجل فروق، كَمَا أَن التَّاء فِي قَائِمَة وظريفة لما لحقت لتأنيث الْمَوْصُوف حذفت مَعَ تذكيره فِي نَحْو رجل ظريف وقائم وكريم وَهَذَا وَاضح.

وَقَوله تَعَالَى (إِلَى يَوْمِ الوَقْتِ المعْلُومِ) أَي الَّذِي لَا يُعلمهُ إِلَّا الله، وَهُوَ يَوْم الْقِيَامَة.

وعلَّمَه العلْمَ وأعْلَمَه إِيَّاه فَتَعَلَّمه. وَفرق سِيبَوَيْهٍ بَينهمَا فَقَالَ: عَلَّمْتُ كأدبت وأعْلَمْتُ كآذنت.

وعالَمه فَعَلَمَهُ يَعْلُمُه: أَي كَانَ أعلم مِنْهُ وَحكى اللحياني: مَا كنت أَرَانِي أَن أعْلُمَهُ وعَلِمَ بالشَّيْء: شعر.

وعَلِمَ الْأَمر وتَعَلَّمهُ: أتقنه. وَقَالَ يَعْقُوب إِذا قيل لَك: اعْلمَ كَذَا قلت: قد عَلِمْتُ، وَإِذا قيل تَعَلَّمْ لم تقل: قد تَعَلَّمْتُ، وَأنْشد:

تَعَلَّمَ أنَّه لَا طَيْرَ إلاَّ ... عَلىَ مُتَطَيِّرٍ وهيَ الثُّبُورُ

وعَلِم الرجل: خَبره.

وأحَبَّ أَن يَعْلَمَهُ: أَي يُخبرهُ.

وَفِي التَّنْزِيل (وآخَرِينَ مِنْ دُوِنِهمْ لَا تَعْلَمُونَهُمْ اللهُ يَعْلَمُهُمْ) .

وأحَبَّ أنْ يَعْلَمَهُ: أَي أَن يَعْلَمَ مَا هُوَ.

وَالْأَيَّام المعلومات: عشر ذِي الْحجَّة، وَقد تقدم تعليلها فِي ذكر الْأَيَّام المعدودات.

ولقيه أدنى عَلَمٍ: أَي قبل كل شَيْء.

والعَلَمُ والعَلَمَةُ والعُلْمَةُ: الشق فِي الشّفة الْعليا، وَقيل: فِي إِحْدَى جانبيها. وَقيل أَن تَنْشَق فَتبين. عَلِمَ عَلَما وَهُوَ أعْلَمُ.

وعَلَمَهُ يَعْلِمُه عَلْما: شقّ شفته الْعليا. وكل بعير أعْلَمُ خلقَة. وعَلَمَ الشَّيْء يَعْلِمُهُ ويَعْلُمُه عَلْما: وسمه.

وعَلَّمَ نَفسه وأعْلَمَها: وسمها بسيما الْحَرْب.

وأعْلَمَ الْفرس: علق عَلَيْهَا صُوفًا أَحْمَر أَو أَبيض فِي الْحَرْب.

والعَلامَةُ: السمة. وَالْجمع عَلامٌ، وَهُوَ من الْجمع الَّذِي لَا يُفَارق واحده إِلَّا بإلقاء الْهَاء، قَالَ عَامر بن الطُّفَيْل:

عَرَفْتَ بجَوِّ عارِمَةَ المُقاما ... بِسلَمْى أَو عَرَفْتَ بهَا عَلاما

والمَعْلَمْ: مَكَانهَا.

والعَلامَةُ والعَلَمُ: الْفَصْل يكون بَين الْأَرْضين.

والعَلامَةُ والعَلَمُ: شَيْء ينصب فِي الفلوات تهتدي بِهِ الضَّالة.

وَبَين الْقَوْم أعْلُومَةٌ: كَعلامَةٍ عَن ابْن العميثل الْأَعرَابِي.

والعَلَمُ: الْجَبَل الطَّوِيل. وَقَالَ اللحياني: الْعلم: الْجَبَل. فَلم يخص الطَّوِيل، وَالْجمع أعْلامٌ وعِلامٌ قَالَ:

قَدْ جُبْتُ عَرْضَ فَلاِتها بِطِمِرَّةٍ ... واللَّيْلُ فوقَ عِلامِهِ مُتَقَوِّضُ

قَالَ كرَاع: ونظيه جبل وأجبال وجبال، وجمل وأجمال وجمال، وقلم وَأَقْلَام وقلام.

واعْتَلَم الْبَرْق: لمع فِي العَلَم، قَالَ:

بَلْ بُرَيْقا بِتُّ أرقُبُه ... بَلْ لَا يُرَى إلاَّ إِذا اعتَلَما

خزم فِي أول النّصْف الثَّانِي، وَحكمه.

لَا يرى إِلَّا إِذا اعْتَلَما.

والعَلَمُ: رسم الثَّوْب ورقمه وَقد أعْلَمَه.

والعَلَمُ الرَّايَة. وَقيل: هُوَ الَّذِي يعْقد على الرمْح. فَأَما قَول أبي صَخْر الْهُذلِيّ:

يَشُجُّ بِها عَرْضَ الفَلاةِ تَعَسُّفا ... وأمَّا إِذا يَخْفى مِنَ أرْضٍ عَلامُها

فَإِن ابْن جني قَالَ فِيهِ: يَنْبَغِي أَن يحمل على انه أَرَادَ " عَلَمُها " فأشبع الفتحة: فَنَشَأَتْ بعْدهَا ألف. كَقَوْلِهِم:

ومِنْ ذَمّ الرّجالِ بِمُنْتزَاحِ

يُرِيد بمُنْتَزحٍ.

وأعْلام الْقَوْم: ساداتهم، على الْمثل، الْوَاحِد كالواحد.

ومَعْلَمُ الطَّرِيق: دلَالَته، وَكَذَلِكَ مَعْلمُ الدَّين، على الْمثل.

ومَعْلَمُ كل شَيْء: مظنته.

وَفُلَان مَعْلَمٌ للخير، كَذَلِك.

وَكله رَاجع إِلَى الوسم والعِلْمِ.

والعاَلمُ: الْخلق كُله. وَقيل: هُوَ مَا احتواه بطن الْفلك قَالَ العجاج:

فَخِنْدِفٌ هامَةُ هَذَا العَاَلمِ

جَاءَ بِهِ مَعَ قَوْله:

يَا دَارَ سَلْمَى يَا اسْلَمي ثُمَّ اسلمي

فَأَسَّسَ هَذَا الْبَيْت، وَسَائِر أَبْيَات القصيدة غير مُؤَسَّسٍ، فعاب رؤبة على أَبِيه ذَلِك، فَقيل لَهُ: قد ذهب عَنْك أَبَا الجحاف مَا فِي هَذِه، إِن أَبَاك كَانَ يهمز العألم والخأتم. يذهب إِلَى أَن الْهَمْز هَاهُنَا يُخرجهُ من التأسيس إِذْ لَا يكون التأسيس إِلَّا بِالْألف الهوائية. وَحكى اللحياني عَنْهُم: بأز، بِالْهَمْز. وَهَذَا أَيْضا من ذَلِك وَحكى بَعضهم: قوقأت الدَّجَاجَة وحلأت السويق ورثأت الْمَرْأَة زَوجهَا ولبأ الرجل بِالْحَجِّ، وَهُوَ كُله شَاذ لِأَنَّهُ لَا أصل لَهُ فِي الْهَمْز. وَلَا وَاحِد للْعالمَ من لَفظه، لِأَن عَالما جمع أَشْيَاء مُخْتَلفَة، فَإِن جعل عَالم اسْما لوَاحِد مِنْهَا صَار جمعا لِأَشْيَاء متفقة، وَالْجمع عالمُونَ وَفِي التَّنْزِيل (الحَمْدُ للهِ رَبّ العالَمِينَ) وَلَا يجمع شَيْء على فَاعل بِالْوَاو وَالنُّون إِلَّا هَذَا.

والعُلاَم: الباشق. والعُلاَّم: الْحِنَّاء. وحكاهما جَمِيعًا كرَاع بِالتَّخْفِيفِ، وَأما قَول زُهَيْر فِيمَن رَوَاهُ كَذَا:

حَتى إذَا مَا هَوَتْ كَفُّ العُلامِ لَهَا ... طارَتْ وَفِي كَفِّه من رِيشِها بِتَكُ

فَإِن ابْن جني: روى عَن أبي بكر مُحَمَّد بن الْحسن عَن أبي الْحُسَيْن احْمَد بن سُلَيْمَان المعبدي عَن ابْن أُخْت أبي الْوَزير عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: العُلامُ هُنَا: الصَّقْر. قَالَ: وَهَذَا من طريف الرِّوَايَة وغريب اللُّغَة.

والعَيْلَمُ: الْبِئْر الْكَثِيرَة المَاء. وَقيل: هِيَ الملحة من الركايا. وَقيل: هِيَ الواسعة.

وَرُبمَا سبّ الرجل فَقيل: يَا ابْن العَيْلَمِ، يذهبون إِلَى سعتها.

والعَيْلَمُ: الْبَحْر.

والعَيْلَمُ: المَاء الَّذِي عَلَيْهِ الأَرْض، وَقيل: العَيْلَمُ: المَاء الَّذِي علته الأَرْض يَعْنِي المندفن، حَكَاهُ كرَاع.

والعَيْلَمُ: الضفدع، عَن الْفَارِسِي.

والعَيْلامُ: الضبعان. وَفِي خبر إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام " إِنَّه يحمل أَبَاهُ ليجوز بِهِ الصِّرَاط فَينْظر فَإِذا هُوَ عَيْلامٌ ".

وعُلَيمٌ: اسْم رجل، وَهُوَ أَبُو بطن، وَقيل هُوَ عُلَيمُ بن جناب الْكَلْبِيّ.

وعَّلامٌ وأعْلَمُ وَعبد الأعْلَم أَسمَاء. قَالَ ابْن دُرَيْد: وَلَا أَدْرِي إِلَى أَي شَيْء نسب عبد الأعلم.
[علم] نه: فيه: "العليم" تعالى المحيط علمه بجميع الأشياء ظاهرها وباطنها دقيقها وجليلها على أتم الإمكان. والأيام "المعلومات" عشر ذي الحجة. وفيه: تكون الأرض يوم القيامة كقرصة النقي ليس فيها "معلم" لأحد، هو ما جعلوح: كره أن "تعلم" الصورة- مر في ص. ش: إن لم تهتد "بعلم علم"، بعلم بفتحتين، العلامة والجبل وكل شيء مرتفع. غ: "العالمون" الجن والإنس لا واحد له وأصناف الخلق كلهم، والواحد عالم، ويقال لكل دهر: عالم. و"أولم ننهك عن العالمين" عن إضافتهم. مد: أي عن أن تجير أحدًا منهم أو عن ضيافة الغرباء. غ: "بغلام "عليم"" يعلم إذا بلغ. و"أنزله "بعلمه"" أي القرآن الذي فيه علمه. و""ليعلم" الله" أي علم مشاهدة يوجب عقوبة إذ علم الغيب لا يوجبه. و""لعلم" الساعة" أي مجيء عيسى دلالة عليها، وعلم أيمة. و"أضله الله على "علم"" أي على ما سبق في علمه. و"لذو "علم"" أي عمل. "وما "يعلمان" من أحد" أي يعلمان السحر ويأمران باجتنابه. و""علم" بالقلم" أي الكتابة. و""علم" اليقين" أي لو علمتم الشيء حق علم لارتدعتم. مد: "ولا يحيطون بشيء من "علمه"" أي معلومه إلا بما شاء بما علم. واللهم اغفر "علمك" فينا، أي معلومك. ش: و"أعلم" به بعد الجهالة، بضم همزة وفتح عين وتشديد لام مكسورة. و"علمت" خزنة النار، بالتخفيف لكن التضعيف أحسن لموافقه: "وعلمك ما لم تكن تعلم". وح: "العلم" ثلاثة فريضة- يجيء في قائمة. وح: واضع "العلم"- يجيء في وضع.

علم: من صفات الله عز وجل العَلِيم والعالِمُ والعَلاَّمُ؛ قال الله عز

وجل: وهو الخَلاَّقُ العَلِيمُ، وقال: عالِمُ الغَيْبِ والشَّهادةِ،

وقال: عَلاَّم الغُيوب، فهو اللهُ العالمُ بما كان وما يكونُ قَبْلَ كَوْنِه،

وبِمَا يكونُ ولَمَّا يكُنْ بعْدُ قَبْل أن يكون، لم يَزَل عالِماً ولا

يَزالُ عالماً بما كان وما يكون، ولا يخفى عليه خافيةٌ في الأرض ولا في

السماء سبحانه وتعالى، أحاطَ عِلْمُه بجميع الأشياء باطِنِها وظاهرِها

دقيقِها وجليلِها على أتمّ الإمْكان. وعَليمٌ، فَعِيلٌ: من أبنية المبالغة.

ويجوز أن يقال للإنسان الذي عَلَّمه اللهُ عِلْماً من العُلوم عَلِيم،

كما قال يوسف للمَلِك: إني حفيظٌ عَلِيم. وقال الله عز وجل: إنَّما يَخْشَى

اللهَ من عبادِه العُلَماءُ: فأَخبر عز وجل أن مِنْ عبادِه مَنْ يخشاه،

وأنهمَ هم العُلمَاء، وكذلك صفة يوسف، عليه السلام: كان عليماً بأَمْرِ

رَبِّهِ وأَنه

واحد ليس كمثله شيء إلى ما عَلَّمه الله من تأْويل الأَحاديث الذي كان

يَقْضِي به على الغيب، فكان عليماً بما عَلَّمه اللهُ. وروى الأزهري عن

سعد بن زيد عن أبي عبد الرحمن المُقْري في قوله تعالى: وإنه لذُو عِلْمٍ

لما عَلَّمْناه، قال: لَذُو عَمَلٍ بما عَلَّمْناه، فقلت: يا أبا عبد

الرحمن مِمَّن سمعت هذا؟ قال: من ابن عُيَيْنةَ، قلتُ: حَسْبي. وروي عن ابن

مسعود أنه قال: ليس العلم بكثرة الحديث ولكن العِلْم بالخَشْية؛ قال

الأزهري: ويؤيد ما قاله قولُ الله عز وجل: إنما يخشى اللهَ من عباده

العُلَماءُ. وقال بعضهم: العالمُ الذي يَعْملُ بما يَعْلَم، قال: وهذا يؤيد قول ابن

عيينة.

والعِلْمُ: نقيضُ الجهل، عَلِم عِلْماً وعَلُمَ هو نَفْسُه، ورجل عالمٌ

وعَلِيمٌ من قومٍ عُلماءَ فيهما جميعاً. قال سيبويه: يقول عُلَماء من لا

يقول إلاّ عالِماً. قال ابن جني: لمَّا كان العِلْم قد يكون الوصف به

بعدَ المُزاوَلة له وطُولِ المُلابسةِ صار كأنه غريزةٌ، ولم يكن على أول

دخوله فيه، ولو كان كذلك لكان مُتعلِّماً لا عالِماً، فلما خرج بالغريزة إلى

باب فَعُل صار عالمٌ في المعنى كعَليمٍ، فكُسِّرَ تَكْسيرَه، ثم حملُوا

عليه ضدَّه فقالوا جُهَلاء كعُلَماء، وصار عُلَماء كَحُلَماء لأن العِلمَ

محْلَمةٌ لصاحبه، وعلى ذلك جاء عنهم فاحشٌ وفُحشاء لَمَّا كان الفُحْشُ

من ضروب الجهل ونقيضاً للحِلْم، قال ابن بري: وجمعُ عالمٍ عُلماءُ، ويقال

عُلاّم أيضاً؛ قال يزيد بن الحَكَم:

ومُسْتَرِقُ القَصائدِ والمُضاهِي،

سَواءٌ عند عُلاّم الرِّجالِ

وعَلاّمٌ وعَلاّمةٌ إذا بالغت في وصفه بالعِلْم أي عالم جِداً، والهاء

للمبالغة، كأنهم يريدون داهيةً من قوم عَلاّمِين، وعُلاّم من قوم

عُلاّمين؛ هذه عن اللحياني. وعَلِمْتُ الشيءَ أَعْلَمُه عِلْماً: عَرَفْتُه. قال

ابن بري: وتقول عَلِمَ وفَقِهَ أَي تَعَلَّم وتَفَقَّه، وعَلُم وفَقُه أي

سادَ العلماءَ والفُقَهاءَ. والعَلاّمُ والعَلاّمةُ: النَّسَّابةُ وهو

من العِلْم. قال ابن جني: رجل عَلاّمةٌ وامرأة عَلاّمة، لم تلحق الهاء

لتأْنيث الموصوفِ بما هي فيه، وإنما لَحِقَتْ لإعْلام السامع أن هذا

الموصوفَ بما هي فيه قد بلَغ الغايةَ والنهايةَ، فجعل تأْنيث الصفة أَمارةً لما

أُريدَ من تأْنيث الغاية والمُبالغَةِ، وسواءٌ كان الموصوفُ بتلك الصفةُ

مُذَكَّراً أو مؤنثاً، يدل على ذلك أن الهاء لو كانت في نحو امرأة

عَلاّمة وفَرُوقة ونحوه إنما لَحِقت لأن المرأة مؤنثة لَوَجَبَ أن تُحْذَفَ في

المُذكَّر فيقال رجل فَروقٌ، كما أن الهاء في قائمة وظَريفة لَمَّا

لَحِقَتْ لتأْنيث الموصوف حُذِفت مع تذكيره في نحو رجل قائم وظريف وكريم، وهذا

واضح. وقوله تعالى: إلى يَوْمِ الوَقْتِ المَعْلومِ الذي لا يَعْلَمُه

إلا الله، وهو يوم القيامة. وعَلَّمه العِلْم وأَعْلَمه إياه فتعلَّمه،

وفرق سيبويه بينهما فقال: عَلِمْتُ كأَذِنْت، وأَعْلَمْت كآذَنْت،

وعَلَّمْته الشيءَ فتَعلَّم، وليس التشديدُ هنا للتكثير. وفي حديث ابن مسعود: إنك

غُلَيِّمٌ مُعَلَّم أي مُلْهَمٌ للصوابِ والخيرِ كقوله تعالى: مُعلَّم

مَجنون أي له مَنْ يُعَلِّمُه.

ويقالُ: تَعلَّمْ في موضع اعْلَمْ. وفي حديث الدجال: تَعَلَّمُوا أن

رَبَّكم ليس بأَعور بمعنى اعْلَمُوا، وكذلك الحديث الآخر: تَعَلَّمُوا أنه

ليس يَرَى أحدٌ منكم رَبَّه حتى يموت، كل هذا بمعنى اعْلَمُوا؛ وقال عمرو

بن معد يكرب:

تَعَلَّمْ أنَّ خيْرَ الناسِ طُرّاً

قَتِيلٌ بَيْنَ أحْجارِ الكُلاب

قال ابن بري: البيت لمعد يكرِب بن الحرث بن عمرو ابن حُجْر آكل المُرار

الكِنْدي المعروف بغَلْفاء يَرْثي أخاه شُرَحْبِيل، وليس هو لعمرو بن معد

يكرب الزُّبَيدي؛ وبعده:

تَداعَتْ حَوْلَهُ جُشَمُ بنُ بَكْرٍ،

وأسْلَمَهُ جَعاسِيسُ الرِّباب

قال: ولا يستعمل تَعَلَّمْ بمعنى اعْلَمْ إلا في الأمر؛ قال: ومنه قول

قيس بن زهير:

تَعَلَّمْ أنَّ خَيْرَ الناسِ مَيْتاً

وقول الحرث بن وَعْلة:

فَتَعَلَّمِي أنْ قَدْ كَلِفْتُ بِكُمْ

قال: واسْتُغْني عن تَعَلَّمْتُ. قال ابن السكيت: تَعَلَّمْتُ أن فلاناً

خارج بمنزلة عَلِمْتُ. وتعالَمَهُ الجميعُ أي عَلِمُوه. وعالَمَهُ

فَعَلَمَه يَعْلُمُه، بالضم: غلبه بالعِلْم أي كان أعْلَم منه. وحكى اللحياني:

ما كنت أُراني أَن أَعْلُمَه؛ قال الأزهري: وكذلك كل ما كان من هذا

الباب بالكسر في يَفْعلُ فإنه في باب المغالبة يرجع إلى الرفع مثل ضارَبْتُه

فضربته أضْرُبُه.

وعَلِمَ بالشيء: شَعَرَ. يقال: ما عَلِمْتُ بخبر قدومه أي ما شَعَرْت.

ويقال: اسْتَعْلِمْ لي خَبَر فلان وأَعْلِمْنِيه حتى أَعْلَمَه،

واسْتَعْلَمَني الخبرَ فأعْلَمْتُه إياه. وعَلِمَ الأمرَ وتَعَلَّمَه: أَتقنه.

وقال يعقوب: إذا قيل لك اعْلَمْ كذا قُلْتَ قد عَلِمْتُ، وإذا قيل لك

تَعَلَّمْ لم تقل قد تَعَلَّمْتُ؛ وأنشد:

تَعَلَّمْ أنَّهُ لا طَيْرَ إلاّ

عَلى مُتَطَيِّرٍ، وهي الثُّبُور

وعَلِمْتُ يتعدى إلى مفعولين، ولذلك أَجازوا عَلِمْتُني كما قالوا

ظَنَنْتُني ورأَيْتُني وحسِبْتُني. تقول: عَلِمْتُ عَبْدَ الله عاقلاً، ويجوز

أن تقول عَلِمْتُ الشيء بمعنى عَرَفْته وخَبَرْته. وعَلِمَ الرَّجُلَ:

خَبَرَه، وأَحبّ أن يَعْلَمَه أي يَخْبُرَه. وفي التنزيل: وآخَرِين مِنْ

دونهم لا تَعْلَمُونَهم الله يَعْلَمُهم. وأحب أن يَعْلَمه أي أن يَعْلَمَ

ما هو. وأما قوله عز وجل: وما يُعَلِّمانِ مِنْ

أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة تَكْفُرْ. قال الأزهري: تكلم أهل التفسير

في هذه الآية قديماً وحديثاً، قال: وأبْيَنُ الوجوه التي تأوَّلوا أن

الملَكين كانا يُعَلِّمانِ الناسَ وغيرهم ما يُسْأَلانِ عنه، ويأْمران

باجتناب ما حرم عليهم وطاعةِ الله فيما أُمِروا به ونُهُوا عنه، وفي ذلك

حِكْمةٌ لأن سائلاً لو سأل: ما الزنا وما اللواط؟ لوجب أن يُوقَف عليه ويعلم

أنه حرام، فكذلك مجازُ إعلام المَلَكين الناسَ السحرَ وأمْرِهِما السائلَ

باجتنابه بعد الإعلام. وذكر عن ابن الأعرابي أنه قال: تَعَلَّمْ بمعنى

اعْلَمْ، قال: ومنه وقوله تعالى وما يُعَلِّمان من أحد، قال: ومعناه أن

الساحر يأتي الملكين فيقول: أخْبراني عما نَهَى اللهُ عنه حتى أنتهي،

فيقولان: نَهَى عن الزنا، فَيَسْتَوْصِفُهما الزنا فيَصِفانِه فيقول: وعمَّاذا؟

فيقولان: وعن اللواط، ثم يقول: وعَمَّاذا؟ فيقولان: وعن السحر، فيقول:

وما السحر؟ فيقولان: هو كذا، فيحفظه وينصرف، فيخالف فيكفر، فهذا معنى

يُعلِّمان إنما هو يُعْلِمان، ولا يكون تعليم السحر إذا كان إعْلاماً كفراً،

ولا تَعَلُّمُه إذا كان على معنى الوقوف عليه ليجتنبه كفراً، كما أن من

عرف الزنا لم يأْثم بأنه عَرَفه إنما يأْثم بالعمل. وقوله تعالى: الرحمن

عَلَّم القرآن؛ قيل في تفسيره: إنه جلَّ ذكرُه يَسَّرَه لأن يُذْكَر، وأما

قوله عَلَّمَهُ البيانَ فمعناه أنه عَلَّمَه القرآن الذي فيه بَيانُ كل

شيء، ويكون معنى قوله عَلَّمَهُ البيانَ جعله مميَّزاً، يعني الإنسان، حتى

انفصل من جميع الحيوان.

والأَيَّامُ المَعْلُوماتُ: عَشْرُ ذي الحِجَّة آخِرُها يومُ النَّحْر،

وقد تقدم تعليلها في ذكر الأَيام المعدودات، وأورده الجوهري منكراً فقال:

والأيام المعلوماتُ عَشْرُ من ذي الحجة ولا يُعْجِبني. ولقِيَه أَدْنَى

عِلْمٍ أي قبلَ كل شيء.

والعَلَمُ والعَلَمة والعُلْمة: الشَّقُّ في الشَّفة العُلْيا، وقيل: في

أحد جانبيها، وقيل: هو أَن تنشقَّ فتَبينَ. عَلِمَ عَلَماً، فهو

أَعْلَمُ، وعَلَمْتُه أَعْلِمُه عَلْماً، مثل كَسَرْته أكْسِرهُ كَسْراً:

شَقَقْتُ شَفَتَه العُليا، وهو الأَعْلمُ. ويقال للبعير أَعْلَمُ لِعَلَمٍ في

مِشْفَرِه الأعلى، وإن كان الشق في الشفة السفلى فهو أَفْلَحُ، وفي الأنف

أَخْرَمُ، وفي الأُذُن أَخْرَبُ، وفي الجَفْن أَشْتَرُ، ويقال فيه كلِّه

أَشْرَم. وفي حديث سهيل بن عمرو: أنه كان أَعْلمَ الشَّفَةِ؛ قال ابن

السكيت: العَلْمُ مصدر عَلَمْتُ شَفَتَه أَعْلِمُها عَلْماً، والشفة

عَلْماء. والعَلَمُ: الشَّقُّ في الشفة العُلْيا، والمرأَة عَلْماء.

وعَلَمَه يَعْلُمُه ويَعْلِمُه عَلْماً: وَسَمَهُ. وعَلَّمَ نَفسَه

وأَعْلَمَها: وَسَمَها بِسِيما الحَرْبِ. ورجل مُعْلِمٌ إذا عُلِم مكانهُ في

الحرب بعَلامةٍ أَعْلَمَها، وأَعْلَمَ حمزةُ يومَ بدر؛ ومنه قوله:

فَتَعَرَّفوني، إنَّني أنا ذاكُمُ

شاكٍ سِلاحِي، في الحوادِثِ، مُعلِمُ

وأَعْلَمَ الفارِسُ: جعل لنفسه عَلامةَ الشُّجعان، فهو مُعْلِمٌ؛ قال

الأخطل:

ما زالَ فينا رِباطُ الخَيْلِ مُعْلِمَةً،

وفي كُلَيْبٍ رِباطُ اللُّؤمِ والعارِ

مُعْلِمَةً، بكسر اللام. وأَعْلَم الفَرَسَ: عَلَّقَ عليه صُوفاً أحمر

أو أبيض في الحرب. ويقال عَلَمْتُ عِمَّتي أَعْلِمُها عَلْماً، وذلك إذا

لُثْتَها على رأْسك بعَلامةٍ تُعْرَفُ بها عِمَّتُك؛ قال الشاعر:

ولُثْنَ السُّبُوبَ خِمْرَةً قُرَشيَّةً

دُبَيْرِيَّةً، يَعْلِمْنَ في لوْثها عَلْما

وقَدَحٌ مُعْلَمٌ: فيه عَلامةٌ؛ ومنه قول عنترة:

رَكَدَ الهَواجِرُ بالمَشُوفِ المُعْلَمِ

والعَلامةُ: السِّمَةُ، والجمع عَلامٌ، وهو من الجمع الذي لا يفارق

واحده إلاَّ بإلقاء الهاء؛ قال عامر بن الطفيل:

عَرَفْت بِجَوِّ عارِمَةَ المُقاما

بِسَلْمَى، أو عَرَفْت بها عَلاما

والمَعْلَمُ مكانُها. وفي التنزيل في صفة عيسى، صلوات الله على نبينا

وعليه: وإنَّهُ لَعِلْمٌ للساعة، وهي قراءة أكثر القرّاء، وقرأَ بعضهم:

وإنه لَعَلَمٌ للساعة؛ المعنى أن ظهور عيسى ونزوله إلى الأرض عَلامةٌ تدل

على اقتراب الساعة. ويقال لِما يُبْنَى في جَوادِّ الطريق من المنازل يستدل

بها على الطريق: أَعْلامٌ، واحدها عَلَمٌ. والمَعْلَمُ: ما جُعِلَ

عَلامةً وعَلَماً للطُّرُق والحدود مثل أَعلام الحَرَم ومعالِمِه المضروبة

عليه. وفي الحديث: تكون الأرض يوم القيامة كقْرْصَة النَّقيِّ ليس فيها

مَعْلَمٌ لأحد، هو من ذلك، وقيل: المَعْلَمُ الأثر.

والعَلَمُ: المَنارُ. قال ابن سيده: والعَلامةُ والعَلَم الفصلُ يكون

بين الأرْضَيْنِ. والعَلامة والعَلَمُ: شيء يُنْصَب في الفَلَوات تهتدي به

الضالَّةُ. وبين القوم أُعْلُومةٌ: كعَلامةٍ؛ عن أبي العَمَيْثَل

الأَعرابي. وقوله تعالى: وله الجَوارِ المُنْشآتُ في البحر كالأَعلامِ؛ قالوا:

الأَعْلامُ الجِبال. والعَلَمُ: العَلامةُ. والعَلَمُ: الجبل الطويل.

وقال اللحياني: العَلَمُ الجبل فلم يَخُصَّ الطويلَ؛ قال جرير:

إذا قَطَعْنَ عَلَماً بَدا عَلَم،

حَتَّى تناهَيْنَ بنا إلى الحَكَم

خَلِيفةِ الحجَّاجِ غَيْرِ المُتَّهَم،

في ضِئْضِئِ المَجْدِ وبُؤْبُؤِ الكَرَم

وفي الحديث: لَيَنْزِلَنَّ إلى جَنْبِ عَلَم، والجمع أَعْلامٌ وعِلامٌ؛

قال:

قد جُبْتُ عَرْضَ فَلاتِها بطِمِرَّةٍ،

واللَّيْلُ فَوْقَ عِلامِه مُتَقَوَِّضُ

قال كراع: نظيره جَبَلٌ وأَجْبالٌ وجِبالٌ، وجَمَلٌ وأَجْمال وجِمال،

وقَلَمٌ وأَقلام وقِلام. واعْتَلَمَ البَرْقُ: لَمَعَ في العَلَمِ؛ قال:

بَلْ بُرَيْقاً بِتُّ أَرْقُبُه،

بَلْ لا يُرى إلاَّ إذا اعْتَلَمَا

خَزَمَ في أَوَّل النصف الثاني؛ وحكمه:

لا يُرَى إلا إذا اعْتَلَما

والعَلَمُ: رَسْمُ الثوبِ، وعَلَمهُ رَقْمُه في أطرافه. وقد أَعْلَمَه:

جَعَلَ فيه عَلامةً وجعَلَ له عَلَماً. وأَعلَمَ القَصَّارُ الثوبَ، فهو

مُعْلِمٌ، والثوبُ مُعْلَمٌ. والعَلَمُ: الراية التي تجتمع إليها

الجُنْدُ، وقيل: هو الذي يُعْقَد على الرمح؛ فأَما قول أَبي صخر الهذلي:

يَشُجُّ بها عَرْضَ الفَلاةِ تَعَسُّفاً،

وأَمَّا إذا يَخْفى مِنَ ارْضٍ عَلامُها

فإن ابن جني قال فيه: ينبغي أن يحمل على أَنه أَراد عَلَمُها، فأَشبع

الفتحة فنشأَت بعدها ألف كقوله:

ومِنْ ذَمِّ الرِّجال بمُنْتزاحِ

يريد بمُنْتزَح. وأَعلامُ القومِ: ساداتهم، على المثل، الوحدُ كالواحد.

ومَعْلَمُ الطريق: دَلالتُه، وكذلك مَعْلَم الدِّين على المثل. ومَعْلَم

كلِّ شيء: مظِنَّتُه، وفلان مَعلَمٌ للخير كذلك، وكله راجع إلى الوَسْم

والعِلْم، وأَعلَمْتُ على موضع كذا من الكتاب عَلامةً. والمَعْلَمُ:

الأثرُ يُستَدَلُّ به على الطريق، وجمعه المَعالِمُ.

والعالَمُون: أصناف الخَلْق. والعالَمُ: الخَلْق كلُّه، وقيل: هو ما

احتواه بطنُ الفَلك؛ قال العجاج:

فخِنْدِفٌ هامةَ هذا العالَمِ

جاء به مع قوله:

يا دارَ سَلْمى يا اسْلَمي ثمَّ اسْلَمي

فأَسَّسَ هذا البيت وسائر أبيات القصيدة غير مؤسَّس، فعابَ رؤبةُ على

أبيه ذلك، فقيل له: قد ذهب عنك أَبا الجَحَّاف ما في هذه، إن أَباك كان

يهمز العالمَ والخاتمَ، يذهب إلى أَن الهمز ههنا يخرجه من التأْسيس إذ لا

يكون التأْسيس إلا بالألف الهوائية. وحكى اللحياني عنهم: بَأْزٌ، بالهمز،

وهذا أَيضاً من ذلك. وقد حكى بعضهم: قَوْقَأَتِ الدجاجةُ وحَـَّلأْتُ

السَّويقَ ورَثَأَتِ المرأَةُ زوجَها ولَبَّأَ الرجلُ بالحج، وهو كله شاذ

لأنه لا أصل له في الهمز، ولا واحد للعالَم من لفظه لأن عالَماً جمع أَشياء

مختلفة، فإن جُعل عالَمٌ اسماً منها صار جمعاً لأشياء متفقة، والجمع

عالَمُون، ولا يجمع شيء على فاعَلٍ بالواو والنون إلا هذا، وقيل: جمع العالَم

الخَلقِ العَوالِم. وفي التنزيل: الحمد لله ربِّ العالمين؛ قال ابن

عباس: رَبِّ الجن والإنس، وقال قتادة: رب الخلق كلهم.

قال الأزهري: الدليل على صحة قول ابن عباس قوله عز وجل: تبارك الذي

نَزَّلَ الفُرْقانَ على عبده ليكون للعالمينَ نذيراً؛ وليس النبي، صلى الله

عليه وسلم، نذيراً للبهائم ولا للملائكة وهم كلهم خَلق الله، وإنما بُعث

محمد، صلى الله عليه وسلم، نذيراً للجن والإنس. وروي عن وهب بن منبه أنه

قال: لله تعالى ثمانية عشر ألفَ عالَم، الدنيا منها عالَمٌ واحد، وما

العُمران في الخراب إلا كفُسْطاطٍ في صحراء؛ وقال الزجاج: معنى العالمِينَ كل

ما خَلق الله، كما قال: وهو ربُّ كل شيء، وهو جمع عالَمٍ، قال: ولا واحد

لعالَمٍ من لفظه لأن عالَماً جمع أشياء مختلفة، فإن جُعل عالَمٌ لواحد

منها صار جمعاً لأَشياء متفقة. قال الأزهري: فهذه جملة ما قيل في تفسير

العالَم، وهو اسم بني على مثال فاعَلٍ كما قالوا خاتَمٌ وطابَعٌ

ودانَقٌ.والعُلامُ: الباشِق؛ قال الأزهري: وهو ضرب من الجوارح، قال: وأما

العُلاَّمُ، بالتشديد، فقد روي عن ابن الأعرابي أَنه الحِنَّاءُ، وهو الصحيح،

وحكاهما جميعاً كراع بالتخفيف؛ وأما قول زهير فيمن رواه كذا:

حتى إذا ما هَوَتْ كَفُّ العُلامِ لها

طارَتْ، وفي كَفِّه من ريشِها بِتَكُ

فإن ابن جني روى عن أبي بكر محمد بن الحسن عن أبي الحسين أحمد بن سليمان

المعبدي عن ابن أُخت أَبي الوزير عن ابن الأَعرابي قال: العُلام هنا

الصَّقْر، قال: وهذا من طَريف الرواية وغريب اللغة. قال ابن بري: ليس أَحد

يقول إن العُلاَّمَ لُبُّ عَجَم النَّبِق إلاَّ الطائي؛ قال:

...يَشْغَلُها * عن حاجةِ الحَيِّ عُلاَّمٌ وتَحجِيلُ

وأَورد ابن بري هذا البيت

(* قوله «وأورد ابن بري هذا البيت» أي قول

زهير: حتى إذا ما هوت إلخ) مستشهداً به على الباشق بالتخفيف.

والعُلامِيُّ: الرجل الخفيف الذكيُّ مأْخوذ من العُلام. والعَيْلَمُ:

البئر الكثيرة الماء؛ قال الشاعر:

من العَيالِمِ الخُسُف

وفي حديث الحجاج: قال لحافر البئر أَخَسَفْتَ أَم أَعْلَمْتَ؛ يقال:

أعلَمَ الحافرُ إذا وجد البئر عَيْلَماً أي كثيرة الماء وهو دون الخَسْفِ،

وقيل: العَيْلَم المِلْحة من الرَّكايا، وقيل: هي الواسعة، وربما سُبَّ

الرجلُ فقيل: يا ابن العَيْلَمِ يذهبون إلى سَعَتِها . والعَيْلَم: البحر.

والعَيْلَم: الماء الذي عليه الأرض، وقيل: العَيْلَمُ الماء الذي

عَلَتْه الأرضُ يعني المُنْدَفِن؛ حكاه كراع. والعَيْلَمُ: التَّارُّ الناعِمْ.

والعَيْلَمُ: الضِّفدَع؛ عن الفارسي. والعَيْلامُ: الضِّبْعانُ وهو ذكر

الضِّباع، والياء والألف زائدتان. وفي خبر إبراهيم، على نبينا وعليه

السلام: أنه يَحْمِلُ أَباه ليَجوزَ به الصراطَ فينظر إليه فإذا هو عَيْلامٌ

أَمْدَرُ؛ وهو ذكر الضِّباع.

وعُلَيْمٌ: اسم رجل وهو أبو بطن، وقيل: هو عُلَيم بن جَناب الكلبي.

وعَلاَّمٌ وأَعلَمُ وعبد الأَعلم: أسماء؛ قال ابن دريد: ولا أَدري إلى أي شيء

نسب عبد الأعلم. وقولهم: عَلْماءِ بنو فلان، يريدون على الماء فيحذفون

اللام تخفيفاً. وقال شمر في كتاب السلاح: العَلْماءُ من أَسماء الدُّروع؛

قال: ولم أَسمعه إلا في بيت زهير بن جناب:

جَلَّحَ الدَّهرُ فانتَحى لي، وقِدْماً

كانَ يُنْحِي القُوَى على أَمْثالي

وتَصَدَّى لِيَصْرَعَ البَطَلَ الأَرْ

وَعَ بَيْنَ العَلْماءِ والسِّرْبالِ

يُدْرِكُ التِّمْسَحَ المُوَلَّعَ في اللُّجْـ

ـجَةِ والعُصْمَ في رُؤُوسِ الجِبالِ

وقد ذكر ذلك في ترجمة عله.

علم

(عَلِمَهُ - كَسَمِعَه - عِلْمًا، بالكَسْرِ: عَرَفَه) هَكَذَا فِي الصِّحَاح، وَفِي كَثِيرٍ من أمَّهاتِ اللُّغَةِ، وزَادَ المُصَنِّفُ فِي البَصَائِر: حَقَّ المَعْرِفَةِ، ثمَّ قَوْله: هَذَا وكَذَا قَوْله فِيمَا بَعْد: وعَلِمَ بِهِ، كسَمِعَ، شَعَرَ، صَرِيحٌ فِي أنَّ العِلْمَ والمَعْرِفَةَ والشُّعُوَرَ كُلَّها بِمَعْنًى واحِدٍ، وَأَنه يَتَعَدَّى بنَفْسِه فِي المَعْنَى الأول، وبالبَاءِ إِذا استُعْمِل بمَعْنَى شَعَرَ، وَهُوَ قَرِيبٌ من كَلامِ أكْثَرِ أهْلِ اللُّغَةِ.
والأكثرُ من المُحَقَقِّين يُفَرِّقُون بَيْن الكُلِّ، والعِلْمُ عِنْدَهم أعْلَى الأوْصَافِ؛ لأنَّه الَّذِي أجازُوا إطْلاقَه على اللهِ تَعالَى، وَلم يَقولُوا: عارفٌ فِي الأصَحِّ، وَلَا شاعرٌ. والفُروقُ مَذْكورُةٌ فِي مُصَنَّفاتِ أهلِ الاشتِقاقِ.
ووَقَع خِلافٌ طَويلُ الذَّيْلِ فِي العِلْمِ، حَتَّى قالَ جماعةٌ: إنَّه لَا يُحَدُّ لِظُهورِه وكَونِه من الضَّرورِيَّاتِ، وقِيلَ: لِصُعوبَتِه وعُسْرِهِ، وقِيلَ: غَيْرُ ذَلك، مِمَّا أوْرَدَه بِمالَه وعَلَيْه الإِمَام أَبُو [الْوَفَاء] ِ الحَسَنُ [بنُ مَسْعُود] اليُوسِيُّ فِي قانون العُلُوم، وأشارَ فِي الدُّرِّ المَصُون إِلَى أنَّه إنَّما يَتَعَدَّى بالباءِ؛ لأنَّه يُراعَى فِيهِ أَحْيَانًا مَعْنَى الإحاطَةِ، قَاله شَيخُنا. قُلتُ: وَقَالَ الرَّاغِبُ: " العِلْمُ: إدْراكُ الشَّيءِ بِحَقيقَتِه. وَذَلِكَ ضرْبان: إدراكُ ذاتِ الشَّيءِ، والثَّاني: الحُكْمُ على الشَّيءِ بوُجودِ شَيءٍ هُوَ مَوْجودٌ لَهُ، أَو نَفْيُ شَيءٍ هُوَ مَنْفِيُّ عَنْه، فالأولُ هُوَ المُتَعَدِّي إِلَى مَفْعولٍ واحدٍ نَحْوَ قَولِه تَعالَى: {لَا تَعْلَمُونَهُم الله يعلمهُمْ} ، والثَّانِي إِلَى مَفْعُولَيْن نَحْو قَولِهِ تَعالَى: {فَإِن علمتموهن مؤمنات} . قالَ: والعِلْمُ من وَجْهٍ ضَرْبان: نَظَرِيٌّ وعَمَلِيٌّ، فالنَّظَرِيُّ مَا إذَا عُلِمَ فقَد كَمُلَ نَحْوَ العِلْمِ بِمَوْجودَاتِ العالَم، والعَمَلِيُّ مَا لَا يَتِمُّ إلاّ بأَنْ يُعْلَمَ، كالعِلْمِ بِالعِباداتِ. وَمن وَجْهٍ آخَرَ ضَرْبان: عَقْلِيٌّ وسَمْعِيٌّ " انْتَهى. وَقَالَ المُناوِيُّ فِي التَّوقِيفِ: العِلْمُ هُوَ الاعْتِقادُ الجازِمُ الثَّابِتُ المُطابِقُ للواقِع، أَو هُوَ صِفَةٌ توجِبُ تَمْييزًا لَا يحتَمِلُ النَّقيضَ، أَو هُوَ حُصولُ صُورَةِ الشَّيءِ فِي العَقْلِ، والأولُ أخَصُّ.
وَفِي البَصائِرِ: المعْرِفَةُ إدْراكُ الشَّيءِ بِتفَكُّرٍ وتَدَبُّرٍ لأثَرِه، وَهِي أخَصُّ من العِلْمِ، والفَرْقُ بَيْنَهُما وَبَين العِلْم من وُجُوه لَفظًا ومَعْنًى. أما اللَّفْظُ ففِعلُ المَعْرِفَةِ يَقَعُ على مَفْعولٍ واحِدِ، وفِعْلُ العِلْمِ يقْتَضِي مَفْعولَيْنِ، وَإِذا وَقَعَ على مَفْعولٍ كَانَ بِمَعْنَى المعْرِفَةِ. وأمَّا من جِهَةِ المعْنى فمِنْ وُجوهٍ: أحدُها: أنَّ المعْرِفَةَ تَتَعَلَّقُ بذاتِ الشَّيء، والعِلْمُ يَتَعَلَّقُ بأحوالِه، والثَانِي: أنَّ المعرِفَةَ فِي الغالبِ تكونُ لِما غَابَ عَن القَلْبِ بَعْدَ إدْراكِه، فَإِذا أدركَه قيل: عَرَفه، بِخِلافِ العِلْم، فالمعْرِفَةُ نِسْبِةُ الذِّكْرِ النَّفْسِيِّ، وَهُوَ حُضورُ مَا كَانَ غائِبًا عَن الذَّاكِرِ، وَلِهَذَا كَانَ ضِدُّها الإنْكارَ، وضِدُّ العِلْمِ الجَهْلَ، والثَّالث: أنَّ المعْرِفَةَ عِلْمٌ لعَيْنِ الشَّيءِ مُفَصَّلاً عمَّا سِواهُ، بخِلاف العِلْمِ، فإنَّه قَد يَتعلَّقُ بالشَّيءِ مُجْمَلاً. وَلَهُم فُروقٌ أُخَرُ غَير مَا ذَكَرنا.
وقَولُه: (وعَلِمَ هُوَ فِي نَفْسِه) هَكَذا فِي سائرِ النُّسَخِ، وصَريحهُ أنَّه، كَسَمِعَ؛ لأنَّه لَمْ يَضْبِطْه، فَهُوَ كالأوَّل، وَعَلِيهِ مَشَى شَيْخُنا فِي حاشِيَتِه، فإنَّه قالَ: وإنَّه يَتَعَدَّى بنَفْسِه فِي المعْنَيَيْنِ الأَوَّلَيْن، والصَّوابُ: أنَّه من حّدِّ كَرُمَ، كَمَا هُوَ فِي المحكَمِ، ونَصُّه: وعَلُم هُوَ نَفْسُه. وسَيأْتي مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ من كَلامِ ابنِ جِنِّي قَريبًا.
(ورَجُلٌ عالِمٌ وعَليمٌ. ج: عُلَماءُ) فيهِما جَمِيعًا. قالَ سِيبويْهِ: يقولُ عُلماءُ من لَا يَقولُ إِلَّا عالِمًا.
قالَ ابنُ جِنِّي: لمَّا كانَ العِلْمُ قد يَكونُ الوصْفُ بهِ بعدَ المزاولَةِ لَهُ وطولِ الملابَسَةِ صارَ كأنَّه غَريزَةٌ، وَلم يَكُنْ على أوَّلِ دُخولِه فِيهِ، وَلَو كانَ كذلكَ لَكَانَ مُتَعَلِّمًا لَا عالِمًا، فَلَمَّا خَرَجَ بِالغَريزَةِ إِلَى بابِ فَعُلَ صَارَ عالِمٌ فِي المعْنَى، كَعَليمٍ، فَكُسِّر تَكْسيرَه، ثمَّ حَمَلُوا عَلَيْهِ ضِدَّه فَقالُوا: جُهَلاءُ كعُلَماءَ، وَصَارَ عُلماءُ كَحُلَماءَ؛ لأنَّ العِلْمَ مَحْلَمَةٌ لِصاحِبِه، وعَلى ذَلِك جاءَ عَنْهُم فَاحِشٌ وفُحَشاءُ، لما كانَ الفُحْشُ من ضُروبِ الجهْلِ ونَقيضًا للحِلْمِ، فَتَأَمَّلْ ذَلِك.
قالَ ابنُ بَرِّيّ: (و) يُقَال فِي جَمْعِ عالِمٍ: (عُلاَّمٌ) أيْضًا، (كَجُهَّالٍ) فِي جاهِلٍ، قَالَ يَزيدُ بنُ الحَكَمِ:
(ومُسْتَرِقُ القَصائِدِ والمُضاهِي ... سَواءٌ عندَ عُلاَّمِ الرِّجالِ)

(وعَلَّمَهُ العِلْمَ تَعْليمًا وعِلاَّمًا - كَكِذَّابٍ) - فتَعَلَّمَ، ولَيْسَ التَّشْدِيدُ هُنَا للتَّكْثِير كَمَا قالَه الجوْهَرِيُّ، (وأَعلَمَه إِيَّاه فَتَعَلَّمَه) ، وَهُوَ صَريحٌ فِي أنَّ التَّعْليمَ والإعْلامَ شَيءٌ واحِدٌ، وفَرَّقَ سِيبوَيْهِ بيْنَهُما فَقَالَ: عَلَّمْتُ كَأَذَّنْتُ، وأعْلَمْتُ كَآذَنْتُ. وقالَ الرَّاغِبُ: " إِلَّا أنَّ الإعلامَ اخْتَصَّ بِمَا كَانَ بِإخْبارٍ سَريعٍ، والتَّعْليمَ اخْتَصَّ بِما يَكون بِتَكْريرٍ وتَكْثيرٍ، حِينَ يَحْصُلُ مِنْهُ أثَرٌ فِي نَفْسِ المتَعَلِّم. وَقَالَ بَعضُهم: التَّعليمُ تَنْبيهُ النَّفْسِ لِتَصَوُّر المعانِي. والتَّعلُّم: تَنبُّه النَّفْسِ لتَصَوّر ذَلِك، ورُبَّمَا اسْتُعمِل فِي مَعْنَى الإعْلام إِذا كانَ فيهِ تَكْثيرٌ نحْو قَولِه تَعالَى: {تعلمونهن مِمَّا علمكُم الله} . قَالَ: وتَعْليمُ آدَمَ الأسماءَ هوَ أنْ جَعَلَ لَهُ قُوَّةً بِها نَطَقَ ووَضَعَ أسْماءَ الأشْياءِ، وَذَلِكَ بإلقائِه فِي رُوعِه، وكَتَعْليمِه الحيواناتِ كُلَّ واحدٍ مِنْهَا فِعْلاً يَتَعاطاهُ، وصوتًا يَتَحَرَّاهُ ".
(والعَلاَّمَةُ، مُشَدَّدَةً) ، وعَلَيْهِ اقْتصَر الجَوْهَرِيُّ، (و) العَلاَّمُ (كَشَدَّادٍ وزُنَّارٍ) نَقَلَهُما ابنُ سيدَه، والأخيرُ عَن اللِّحْيانِيِّ، (والتِّعْلِمَةُ - كَزِبْرِجَةٍ - والتِّعْلامَةُ) بالكَسْرِ أيْضًا: (العاَلِمُ جِدًّا) هَكَذا قالَ الجوْهَرِيّ، زادُوا الهاءَ لِلمُبالَغَة، كأَنَّهم يُريدون بِهِ داهِيَةً. اه. من قومٍ عَلاَّمِين وعُلاَّمِين.
وَقَالَ ابنُ جِنِّي: " رَجُلٌ عَلاَّمَةٌ، وامْرَأَةٌ عَلامَةٌ لم تَلْحَقِ الهاءُ لِتَأنِيثِ الموْصوفِ بِمَا هيَ فيهِ، وإنَّما لَحِقَتْ لإعلامِ السَّامِعِ أنَّ هَذَا الموْصوفَ بِمَا هِي فيهِ قَدْ بَلَغَ الغايَةَ والنِّهايَةَ، فَجَعَلَ تَأْنِيثَ الصِّفَةِ إمَارةً لِمَا أُريدَ من تَأْنِيثِ الغايَةِ والمُبالَغةِ، وسَواءٌ كَانَ الموْصوفُ بِتلْكَ الصِّفَة مُذَكَّرًا أَو مُؤَنَّثًا، يَدُلُّ على ذَلك أنَّ الهاءَ لَو كانَت فِي نَحوِ امْراَةٍ عَلاَّمةٍ وفَرُوقةٍ ونحْوه إنَّما لحقتْ لأنَّ المرأَة مُؤَنَّثَةٌ لوَجَبَ أَن تُحْذَفَ فِي المذَكَّرِ، فَيُقالُ: رَجُلٌ فَروقٌ، كَمَا أنَّ الهاءَ فِي قائِمَةٍ وظَريفَةٍ لما لَحِقَتْ لِتَأْنيثِ الموْصوفِ حُذِفَتْ مَعَ تَذْكيرِه، فِي نَحوْ رَجُلٍ قائِمٍ وظَريفٍ، وهَذَا واضِح ".
(و) العَلاَّمةُ: والعَلاَّمُ: (النَّسَّابَةُ) ، وَهُوَ من العِلْمِ.
(وعالَمَه فَعَلَمَهُ، كَنصَرَهُ: غَلَبَهُ عِلْمًا) ، أيْ: كَانَ أعْلَمَ مِنْهُ، وحَكَى اللِّحيانِيُّ: مَا كُنْتُ أُرانِي أَن أَعْلُمَه. قالَ الأزْهَرِيُّ: وكَذلكَ كلُّ مَا كَانَ مِن هَذا البابِ بِالكَسْرِ فِي يَفْعِلُ، فَإِنَّهُ فِي بابِ المغالَبِة، يَرْجِع إِلَى الرَّفْعِ كضارَبْتُه فضَرَبْتُه أَضْرُبُه.
(وعَلِم بِهِ، كَسَمِعَ: شَعَرَ) ، يُقَال: مَا علِمْتُ بِخَبَرِ قُدومِه، أيْ: مَا شَعَرْتُ.
(و) عَلِمَ (الأمْرَ) ، إِذا (أتْقَنَهُ، كتَعَلَّمَهُ) . وَقد مّرَّ عَن بَعْضِهِم أنَّ التَّعَلُّمَ هُوَ تَنَبُّهُ النَّفْسِ لِتّصّوُّرِ المِعِاني. وقالَ يعْقُوبُ: إِذا قِيلَ لَكَ: اعْلَمْ كذَا، قُلْتَ: قَدْ عَلِمْتُ، وَإِذا قِيلَ لَكَ: تَعَلَّمْ كَذَا لَمْ تَقُلْ: قَدْ تعَلَّمْتُ، وأَنْشَدَ:
(تَعَلَّمْ أنَّهُ لَا طَيْرَ إلاّ ... على مُتَطَيِّرٍ وَهُوَ الثُّبُورُ)

وقالَ ابنُ بَرِّيّ: لَا يُسْتَعْمَلُ تَعَلَّمْ بِمَعْنَى اعْلَمْ إلاّ فِي الأمْرِ، ومِنْهُ حَدِيثُ الدَّجَّال: " تَعَلَّمُوا أنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ " قالَ: واسْتُغْنِيّ عَن تَعَلَّمْتُ بِعَلِمْتُ.
(والعُلْمَةُ - بالضَّمِّ - والعَلَمَةُ والعَلَمُ، مُحَرَّكَتَيْن: شَقٌّ فِي الشَّفَةِ العُلْيَا أَو فِي] إحْدَى) - كَذَا فِي النُّسَخِ - وصَوابُه: فِي أحَدِ (جانِبَيْها) ، وقِيلَ: هُوَ أَن ينشَقَّ فيَبِينَ.
وقَدْ (عَلِمَ - كفرِحَ) - عَلَمًا (فَهو أَعْلَمُ) وهِي عَلْماءُ. ومِنْ ذَلك يُقالُ لِلبَعِيرِ: أعْلَمُ، لِعَلَمٍ فِي مِشْفَرِهِ الأعْلَى، وإنْ كَانَ الشَّقُّ فِي الشَّفَةِ السُّفْلَى فَهُوَ: أفْلَحُ، وفِي الأنْفِ: أخْرَمُ، وفِي الأُذُنِ: أخْرَبُ، وَفِي الجَفْنِ أشْتَرُ، ويُقالُ فِيه كُلِّه: أَشْرَمُ، ومِنْه قَوْلُ الزَّمَــخْشَرِيِّ:
(أنَا المِيمُ والأيّامُ أفْلحُ أَعْلَمُ ... )
(وعَلَمَهُ - كَنَصَرَهُ، وضَرَبَهُ) - عَلْمًا: (وسَمَهُ) . ويُقالُ: عَلَمْتُ عِمَّتِي أَعْلِمُها عَلْمًا، وذَلك إذَا لُثْتَها على رَأسِك بِعَلامَةٍ تُعْرَفُ بِهَا عِمَّتُكَ، قالَ:
(ولُثْنَ السُّبوبَ خِمْرَةً قُرْشِيَّةً ... دُبَيْرِيَّةً يَعْلِمْنَ فِي لَوْثِهَا عَلْمَا)

(و) عَلَمَ (شَفَتَه يَعْلِمُهَا) عَلْمًا: (شَقَّهَا) ، فَهُوَ أعْلَمُ، والشَّفَةُ عَلْمَاءُ.
(وأَعْلَمَ الفَرَسَ) إِعْلامًا: (عَلَّقَ عَلَيْهِ صُوفًا مُلَوَّنًا) أحْمَرَ وأَبْيَضَ (فِي الحَرْبِ) .
(و) أَعْلَمَ (نَفْسَهُ) ، إذَا (وَسَمَهَا بِسِيمَا الحَرْبِ) إذَا عُلِمَ مَكانُهُ فِيها. وأعْلَمَ حَمْزَةُ يَومَ بَدْرٍ، ومِنْهُ قَولُه:
(فَتَعرَّفونِي أنَّنِي أَنا ذاكُمُ ... شَاكٍ سِلاحِي فِي الحَوادِثِ مُعْلِمُ)

وقالَ الأخْطَلُ: (مَا زَالَ فِينا رِباطُ الخَيْلِ مُعْلِمَةً ... وَفِي كُلَيْبٍ رِباطُ اللُّؤْمِ والعارِ)

هكذَا رُوِيَ: بِكَسْرِ اللاَّمِ.
(كعَلَّمَها) تَعْلِيمًا.
(والعَلامَةُ: السِّمَةُ، كالأُعْلُومَةِ، بِالضَّمِّ) عَن أبِي العَمَيْثَلِ الأعْرابِيّ، يُقالُ: بَيْنَ القَوْمِ أُعْلُومَةٌ، أيْ: عَلامَةٌ (ج: أَعْلامٌ) ، وَهُوَ مِنَ الجَمْعِ الَّذِي لَا يُفارِقُ واحِدَه إِلَّا بِإلْقاءِ الهاءِ؛ قالَ عامِرُ بنُ الطُّفَيْلِ:
(عَرَفْتُ بِجَوِّ عَارِمَةَ المُقَامَا ... بِسَلْمَى أَو عَرَفْتُ بِها عَلامَا)

وأمَّا جَمْعُ الأُعْلُومَةِ: فأعاليمُ، كأَعاجِيبَ.
(و) العَلامَةُ، (الفَصْلُ) يَكونُ (بَيْنَ الأَرْضَيْن) .
(و) أَيضًا: (شَيءٌ مَنْصوبٌ فِي الطَّرِيقِ) . ونَصُّ المُحْكَم فِي الفَلَواتِ (يُهْتَدَى بِهِ) ونَصُّ المُحْكَمِ: تَهْتَدِي بِهِ الضَّالَّةُ، (كالعَلَمِ فِيهِما) ، بالتَّحْرِيكِ. ويُقالُ لِمَا يُبْنَى فِي جَوادِّ الطَّرِيقِ مِنَ المَنازِلِ يُسْتَدَلُّ بهَا على الأرْضِ: أعْلامٌ، واحِدُها: عَلَمٌ.
وأَعلامُ الحَرَمِ: حُدُودُه المَضْرُوبَةُ عَلَيْهِ. (والعَلَمُ، مُحَرَّكةً: الجَبَلُ الطَّويلُ (أوْ عامٌّ) عَن اللِّحْيانِيّ، قَالَ جَرير:
(إِذا قَطَعْنَ عَلَمًا بَدَا عَلَمْ ... حَتى تَنَاهَيْنِ بِنَا إِلَى الحَكَمْ)

(خَلِيفَةِ الحَجَّاجِ غَيْرِ المُتَّهَمْ ... فِي ضِئْضِئِ المَجْدِ وبُؤْبُؤِ الكَرَمْ)

(ج: أعلامٌ، وعِلامٌ) ، بِالكَسْرِ، قالَ:
(قَدْ جُبْتَ عَرْضَ فَلاتِها بِطِمِرَّةٍ ... واللَّيْلُ فَوقَ عِلامِهِ مُتَقَوِّضُ)

قَالَ كُراعٌ: نَظِيره جَبَلٌ وأجْبالٌ وجِبالٌ، وجَمَلٌ وأجْمَالٌ وجِمَالٌ، وقَلَمٌ وأقْلامٌ وقِلاَمٌ. وشاهِدُ الأعْلامِ قَوْلُه تَعالَى: {وَله الْجوَار الْمُنْشَآت فِي الْبَحْر كالأعلام} .
(و) العَلَمُ: (رَسْمُ الثَّوْبِ ورَقْمُهُ) فِي أطْرافِهِ.
(و) العَلَمُ: (الرَّايَةُ) الَّتِي يَجْتَمِعُ إلَيْها الجُنْدُ، (و) قِيلَ: هُوَ (مَا يُعْقَدُ عَلَى الرُّمْحِ) ، وإيَّاه عَنى أَبُو صَخْرٍ الهُذَلِيُّ مُشْبِعًا الفَتْحَةَ حَتَّى حَدَثَتْ بَعدَها ألِفٌ فِي قَولِه:
(يُشَجُّ بِها عَرْضَ الفَلاةِ تَعَسُّفًا ... وأمَّا إذَا يَخْفَى مِنَ أرْضٍ عَلامُها)

قَاله ابنُ جِنِّي.
(و) من المَجازِ: العَلَمُ (سَيِّدُ القَوْمِ، ج: أعْلامٌ) ، مَأْخوذٌ من الجَبَلِ أَو الرَّايَةِ.
(ومَعْلَمُ الشَّيء، كَمَقْعَدٍ: مَظِنَّتُه) ، يُقالُ هُوَ: مَعْلَمٌ للخَيْر مِنْ ذَلِكَ.
(و) المَعْلَمُ: (مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ) على الطَّرِيقِ من الأَثَرِ، ومِنْهُ الحَدِيثُ: (تَكونُ الأرْضُ يَوْمَ القِيامَةِ كقُرْصَةِ النَّقِيِّ لَيْسَ فِيها مَعْلَمٌ لأحَدٍ) ، والجَمْعُ: المَعالِمُ، (كالعُلاَّمَةِ - كَرُمَّانَةٍ -) . (والعَلْمُ) ، بِالفَتْحِ، وعَلى الأخِيرِ قِراءَةُ منْ قَرَأَ: {وَإنَّهُ لعلم للساعة} ، أيْ: أنَّ ظُهورَ عيسَى ونُزولَه إِلَى الأرضِ عَلامةٌ تَدُلُّ على اقْتِرابِ السَّاعَةِ.
(والعَالَمُ) ، بِفَتْحِ اللاَّمِ، وإنَّما لمْ يَضْبِطْه لشُهْرته، وقالَ الأزْهَرِيُّ: هُوَ اسْمٌ بُنِيَ على مِثالِ فاعَلٍ، كخَاتَمٍ وطابَقٍ ودانَقٍ، انْتَهى. وحَكَى بَعضُهم: الكَسْرَ أيْضًا، كَمَا نَقلَه شَيْخُنا، وكانَ العَجَّاجُ يَهْمِزه.
(الخَلْقُ) كَمَا فِي الصِّحاح، زادَ غَيْرُه: (كُلُّه) وَهُوَ المَفْهومُ مِن سِياقِ قَتادَةَ (أَو مَا حَوَاهُ بَطْنُ الفَلَكِ) من الجَواهِرِ والأعْراضِ، وَهُوَ فِي الأصْلِ اسْمٌ لِمَا يُعْلَم بِه، كالخَاتَمِ لِمَ يُخْتَمُ بِهِ. فالعَالَمُ آلَةٌ فِي الدّلالة على مُوجِدِه، ولِهذَا أحالَنَا عَلَيه فِي مَعْرِفَةِ وَحْدانِيَّته، فَقَالَ: {أولم ينْظرُوا فِي ملكوت السَّمَاوَات وَالْأَرْض} وقالَ جَعْفَرٌ الصَّادِقُ: العَالَمِ عالَمَانِ: كَبيرٌ وَهُوَ الفَلَكُ بِمَا فِيهِ، وصَغيرٌ وَهُوَ الإنْسانُ، لأنَّه على هَيْئَةِ العَالَمِ الكَبيرِ، وفِيه كُلُّ مَا فِيه " قُلْتُ: وإليْه أشَارَ القائِلُ:
(أتحْسِبُ أنَّك جِرْمٌ صَغيرٌ ... وفِيكَ انْطَوَى العَالَمُ الأكبَرُ)

وقالَ شَيْخُنَا: سُمِّي الخَلْقُ عالَمًا لأنَّه عَلامةٌ على الصَّانِعِ، أَو تَغْلِيبًا لِذَوِي العِلْمِ، وعَلى كُلٍّ هُوَ مُشْتَتقٌّ من العِلْمِ لَا مِن العَلامَةِ، وإنْ كانَ لِذَوِي العِلْمِ فَهُوَ من العِلْمِ، والحَقُّ أنَّه من العِلْمِ مُطْلَقا، كمَا فِي العَنايَةِ. وقالَ بَعْضُ المُفَسِّرين: العَالَمُ مَا يُعْلَمُ بِهِ، غَلَب على مَا يُعْلَمُ بِهِ الخالِقُ، ثُمَّ على العُقَلاءِ من الثّقَلَيْنِ، أوالثَّقَلَيْنِ، أَو المَلَكِ والإنْسِ. واخْتارَ السَّيِّدُ الشَّرِيفُ أنَّه يُطْلَقُ على كُلِّ جِنْسٍ، فَهُوَ للقَدْرِ المُشْتَرَكِ بَيْنَ الأجْناسِ، فيُطْلَقُ على كُلِّ جِنْسٍ، وعَلى مَجْموعها، إلاّ أنَّه موْضوعٌ لِلمجْموعِ، وإلاَّ لَمْ يُجْمَعْ. قالَ الزَّجَّاجُ: " وَلَا واحِدَ للعَالَمِ مِنْ لَفْظِهِ؛ لأَنَّ عالَمًا جَمْعُ أشْياءَ مُخْتَلِفَةٍ، فَإِن جُعِلَ عالَمٌ اسْمًا لِواحِدٍ مِنْهَا صَار جَمْعًا لأشْياءَ مُتَّفِقَةٍ " والجَمْعُ عَالَمُونَ. قالَ ابنُ سِيدَه: " وَلَا يُجْمَعُ) شَيءٌ على (فَاعل بِالواوِ والنُّون غَيرُه) ، زادَ غَيْرُه: (وغَيْرُ ياسَمٍ) ، واحِدُ الياسَمينَ، على مَا سَيَأْتِي. وقيلَ: جَمْعُ العالَمِ: الخَلْقِ: العَوالِمُ. وَفِي البَصائِرِ: " وأمّا جَمْعُه فلأَنَّ كُلَّ نَوْعٍ من هَذه المَوْجوداتِ قَدْ يُسَمَّى عَالَمًا، فيُقال: عالَمُ
الإنْسانِ، وعالَمُ النَّارِ، وقَدْ رُوِي أنَّ اللهِ تَعالَى بِضْعَةَ عَشَرَ ألفَ عالَم. وأمّا جَمعُه جَمْعَ السَّلامَةِ فَلِكَوْنِ النَّاسِ فِي جُمْلَتِهِم. وقِيل: إنَّما جُمِعَ بِهِ هذَا الجَمْعُ؛ لأنَّه عَنَى بِهِ أصْنافَ الخَلائِقِ، من المَلائِكَةِ والجِنِّ والإنْسِ، دونَ غَيْرِها، رُوي هَذا عَن ابنِ عبَّاسٍ. وقالَ جَعْفَرٌ الصَّادِقُ: عَنَى بِهِ النَّاسَ وجَعَلَ كُلَّ واحِدٍ مِنْهُم عَالَمًا. قُلْتُ: الَّذِي رُوِي عَن ابنِ عبَّاسٍ فِي تَفْسيرِ: " رَبِّ العالَمِين " أَي رَبِّ الجِنِّ والإنْسِ، وقالَ قَتادَةُ: رَبُّ الخَلْقِ كُلِّهم. قالَ الأزْهَرِيُّ: " والدَّليلُ على صِحَّةِ قَوْلِ ابنِ عبَّاسٍ قولُه عَزَّ وجَلّ: {ليَكُون للْعَالمين نذيرا} ، ولَيْسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ نَذِيرًا لِلْبَهائِمِ وَلَا للمَلائِكَةِ، وهم كُلُّهم خَلْقُ اللهِ، وإنَّمَا بُعِثَ نَذيرًا لِلْجِنِّ والإنْسِ. وقَوْلُه: وَقد رُوِي قُلْتُ: هَذَا قد رُوِى عَن وَهْبِ بنِ مُنَبِّه أنَّه ثَمانِيةَ عشرَ ألفَ عَالَمٍ، الدُّنْيا مِنها عَالَمٌ واحِدٌ، وَمَا العُمْرانُ فِي الخَرابِ إلاّ كَفُسطاط فِي صَحْراءَ ".
(وتَعَالمَهُ الجَميعُ) ، أَي: (عَلِمُوهُ) ، نَقَلَه الجَوْهَرِيّ.
(والأيّامُ المَعْلومَاتُ: عَشْرٌ) منْ ذِي الحِجَّةِ، آخِرُها يَوْمُ النَّحْرِ، وقَدْ تَقَدَّمَ تَعْليلُه فِي المعْدودَاتِ.
(و) العُلامُ، (كغُرابٍ، وزُنَّارٍ: الصَّقْرُ) عَن ابنِ الأعْرابِيّ، واقْتَصَر على التَّخْفيفِ، وَبِه فُسِّر قَولُ زُهَيْرٍ فِيمَن رَواه كَذَا:
(حَتَّى إِذا مَا رَوَتْ كَفُّ العُلامِ لَهَا ... طارَتْ وَفِي كَفِّهِ من رِيشِها بِتَكُ)

قَالَ ابنُ جِنِّي: " رُوِيَ عَن أبِي بَكْرٍ مُحمّدِ بنِ الحَسنِ، عَن أبِي الحُسيْنِ أحمدَ ابنِ سُلَيْمانَ المَعْبَدِيَّ، عَن ابنِ أُخْتِ أبِي الوَزيرِ، عَن ابنِ الأعْرابِيّ، قَالَ: العُلامُ هُنا الصَّقْرُ، قالَ: وهَذا مِن طَرِيفِ الرِّوايَةِ وغَريبِ اللُّغَةِ ".
وقِيلَ: هُوَ (البَاشِقُ) ، حَكاهُ كُراعٌ، واقْتَصَر على التَّخْفِيفِ أَيْضا.
وقالَ الأزْهَرِيُّ: هُوَ بِالتَّشْدِيدِ: ضَرْبٌ من الجوارِحِ، وأنْشَدَ ابنُ بَرِّيّ لِلطَّائِيِّ:
... ... ... ... . يَشْغَلُهَا ... عَن حَاجَةِ الحَيِّ عُلاَّمٌ وتَحجِيلُ)

وقالَ: هوَ البَاشِقُ إِلَّا أنّه رَواه بالتَّخْفِيفِ.
(والعُلامِيُّ، بِالضَّمِّ) والتَّخْفِيفِ وياءِ النِّسْبَةِ: (الخفِيفُ الذَّكِيُّ) من الرِّجالِ، مَأْخوذٌ من العُلامِ.
(و) العُلاَّمُ، (كَزُنَّارٍ: الحِنَّاءُ) رُوِيَ ذَلِك عَن ابنِ الأعْرابِيّ، وَهُوَ الصَّحيحُ، وحَكاهُ كُراعٌ بِالتَّخْفِيفِ أيْضًا.
(و) العَلاَّمُ، (كَشَدَّادٍ: اسْم) رَجُل، وكَذا أَبُو العَلاَّمِ.
(والعَيْلَمُ) ، كَحَيْدَرٍ: (البَحْرُ) . والجمْعُ: العَيالِمُ.
(و) العَيْلَمُ أيْضًا: (الماءُ الَّذِي عَليهِ الأرْضُ) . وَقيل: عَلَتْه الأرْضُ، وَهُوَ المُنْدَفِنُ، حَكاهُ كُراعٌ.
(و) أيْضًا: (التَّارُّ النّاعِمُ) نَقَلَه الجوْهَرِيُّ.
(و) أيْضًا: (الضِّفْدِعُ) ، عَن الفارِسِيِّ.
(و) أيْضًا: (البِئْرُ) : وَفِي الصِّحاح: الرَّكِيَّةُ (الكثَيرةُ الماءِ) .
والجمْعُ عَيالِيمُ، قَالَ أَبُو نُوَاس:
(قَلَيْذَمٌ من العَيالِيمِ الخُسُفْ ... )
(أَو المِلْحَةُ) من الرَّكَايَا.
(و) عَيْلَمٌ: (اسْم) رَجُل.
(و) العَيْلَمُ: (الضَّبُعُ الذَّكَرُ، كالعَيْلامِ) ، وَفِي خَبَرِ إبراهيمَ، عَلَيْه السَّلامُ: " أَنه يحمِلُ أباهُ لِيَجوزَ بِهِ الصِّراطَ، فَيَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَإِذا هُوَ عَيْلامٌ أمْدَرُ ".
(والعَلْماءُ) : اسمُ (الدِّرْع) ، نَقَلَه شَمِرٌ فِي كِتابِ السِّلاحِ، قالَ: ولَم أسْمَعْه إلاّ فِي بَيْتِ زُهَيْرِ بنِ جَنَابٍ:
(جَلَّحَ الدَّهْرُ فانْتَحَى لِي وقِدْمًا ... كانَ يُنْحِي القُوَى على أمْثالِي)

(وتَصَدَّى لِيَصْرَعَ البَطَلَ الأرْ وَعَ بَيْنَ العَلْماءِ والسِّرْبالِ)

(يُدْرِكُ التِّمْسَحَ المُوَلَّعَ فِي اللُّجْ ... جَةِ والعُصْمَ فِي رُؤُوسِ الجِبالِ)

(واعْتَلَمَهُ: عَلِمَهُ) هُوَ افْتَعَلَ من العِلْمِ.
(و) اعْتَلَمَ (الماءُ: سَالَ) على الأرْض.
(وكزُبَيْرٍ) : عُلَيْمٌ: (اسْم) رَجُل، وَهُوَ أَبُو بَطْنٍ هُوَ عُلَيمُ بنُ جَنابٍ أَخُو زُهَيْرٍ من بَنِي كَلْبِ بنِ وَبْرَةَ.
(وعَلَمَيْنُ العُلماءِ: أرْضٌ بِالشَّامِ) .
(وعَلَمُ السَّعْدِ: جَبَلٌ قُرْبَ دُوْمَة) ، ودُومَةُ قد ذُكِرَ فِي مَوْضِعِه.
[] ومِمَّا يُسْتَدْركُ عَلَيْهِ:
من صِفاتِ اللهِ، عَزَّ وجَلّ: العَليمُ، والعالِمُ، والعَلاَّمُ، وَهُوَ العالِمُ بِمَا كَانَ وَمَا يَكونُ قَبْلَ كَوْنِهِ، وبِما يَكونُ ولَمَّا يَكُنْ بَعْدُ قَبْلَ أنْ يَكونَ، لَمْ يَزَلْ عالِمًا وَلَا يَزالُ عالِمًا بِمَا كانَ وَمَا يَكونُ، وَلَا تَخْفَى عَليه خافِيةٌ فِي الأرْضِ وَلَا فِي السَّماءِ، سُبْحانَهُ وتَعالَى، أحاطَ عِلْمَهُ بِجَميعِ الأشْياءِ: باطِنِها وظاهِرِها، دَقِيقِها وجَليلِها، على أتَمِّ الإمْكانِ. وعَليمٌ: فَعيلٌ فِي أبْنِيَةِ المُبالَغَةِ.
وقَدْ يُطْلَق العِلْمُ ويُرادُ بِهِ العَمَلُ، وبِه فَسَّرَ أَبُو عبدِ الرَّحْمنِ المُقْرئُ قَولَه تَعالَى: {وَإنَّهُ لذُو علم لما علمناه} قَالَ: لَذُو عَمَلٍ، رَواهُ الأزْهَرِيُّ عَن سَعْدِ ابنِ زيْدٍ عَنهُ، وَفِيه: فَقُلت: يَا أَبَا عبدِ الرّحمن مِمَّن سَمِعْتَ هَذا؟ قَالَ: من ابنِ عُيَيْنَةَ، قُلتُ: حَسْبِي، قَالَ: وممَّا يُؤَيِّدُ هَذَا القَولَ مَا قَالَه بَعْضُهم: العالِمُ: الَّذِي يَعْمَلُ بِمَا يَعْلَم. قالَ ابنُ بَرِّيّ: وتَقول عَلِمَ وفَقِهَ أيْ: تَعَلَّمَ وتَفَقَّهَ، وعَلُمَ وفَقُهَ أيْ سادَ العُلَماءَ والفُقَهاءَ.
والمُعَلَّمُ، كَمُعَظَّمٍ: المُلْهَمُ لِلصَّوابِ وللخَيْرِ.
ويُقالُ: اسْتَعْلَمَنِي خَبَر فُلانٍ فأَعْلَمْتُه إِيَّاه، نَقَلَه الجَوْهَرِيّ.
وأجَازُوا عَلِمْتُنِي، كَمَا قَالُوا: رَأَيْتُنِي وحَسِبْتُنِي وظَنَنْتُنِي.
ولَقِيتُه أَدنَى عِلْمٍ، أَي قَبْلَ كُلِّ شَيء.
وقَدَحٌ مُعْلَمٌ، كَمُكْرَمٌ: فِيهِ عَلامَةٌ، قَالَ عَنْتَرَةُ:
(رَكَدَ الهَواجِرُ بِالمَشُوفِ المُعْلَمِ ... )
والعَلَمُ، مُحَرَّكَةً: العَلامَةُ والأثَرُ، والمَنارَةُ.
واعْتَلَمَ البَرقُ: إِذا لَمَع فِي العَلَم قالَ:
(بَلْ بُرَيْقًا بِتُّ أرْقُبُه ... لَا يُرَى إلاَّ إِذَا اعْتَلَمَا) وأَعْلَمَ الثَّوْبَ: جَعَل فِيهِ عَلامَةً.
وأعلَمَ الحافِرُ البِئْرَ: إِذا وَجَدَها كَثِيرَةَ المَاءِ. وَمِنْه قَولُ الحَجَّاج لِحافِر البِئْرِ: أخْسَفْتَ أمْ أعْلَمْتَ؟
ومَعْلَمُ الطَّرِيق: دَلالَتُه.
وأعلَمْتُ عَلى مَواضِع كذَا مِن الكِتابِ عَلامةً.
والعُلاَّمُ: كَزُنَّارٍ، لُبُّ عَجَمِ النَّبِقِ.
والعَيْلَمُ: البِئرُ الواسِعَةُ، ورُبَّما سُبَّ الرَّجلُ فقِيل: يَا ابْنَ العَيْلَمِ! ، يَذْهَبون إِلَى سَعَتِها.
وأعلَمُ وعَبْدُ الأعْلَمِ: اسْمَان. قَالَ ابْنُ دُرَيْد: وَلَا أَدْرِي إِلَى أَيِّ شَيءٍ نُسِبَ عَبْدُ الأعْلَمِ.
وقَوْلُهم: عَلْماءِ بَنُو فُلان، يُريدُونَ: عَلى الماءِ، حُذِفَت اللاَّمُ تَخْفِيفًا، نَقَلَه الجَوْهَرِيّ.
والوَقْتُ المَعْلومُ: القِيامَةُ.
وبَنُو عُلَيْمٍ أَيْضا: بَطْنٌ فِي باهِلَةَ. وَهُوَ عُلَيمُ بنُ عَدِيِّ بنِ عَمْرِو بنِ مَعْنٍ، مِنْهُم: نُبَيْشَةُ بنُ جُنْدُبِ بنِ كَلْبِ بنِ عُلَيْمٍ، جَدُّ مُعاوِيَةَ بنِ بَكْرِ بنِ مُعاوِيَةَ بنِ مَظْهَرِ بنِ مُعاوِيَةَ.
ويَحْيَى بنُ مُحمّدِ بنِ عُلَيْمٍ العُلَيْمِيُّ القُرَشِيُّ، وعمرُ بنُ محمدِ بنِ العُلَيْم الدِّمَشْقِيُّ: مُحدِّثانِ.
وَأَبُو بَكْرٍ محمدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عَمْرَوَيْهِ ابنِ عَلَمٍ الصَّفَّارُ العَلَمِيُّ إِلَى جَدِّهِ: مُحدّثٌ بَغْدادِيٌّ، رَوَى عَن عَبْدِ اللهِ بنِ أحمَدَ بنِ حَنْبَلٍ.
والعَلَمِيُّونَ بِالمَغْرِبِ بَطْنٌ من العَلَوِيِّينَ، نُسِبُوا إِلَى جَبَلِ العَلَمِ، نزل جَدُّهم هُناك.
وَفِي بَيْتِ المَقْدِسِ: إِلَى جَدِّهِمْ عَلَمِ الدّينِ سُليمان الحاجِبِ، وَفِيهِمْ كَثْرَةٌ.
وَذُو العَلَمَيْنِ: عامِرُ بنُ سَعِيدٍ؛ لِأَنَّهُ تَوَلَّى دِيوانَ الخَراجِ والحَبْسِ للمأمونِ، نَقلَه الثَّعالِبيُّ.
وعَلاَمةُ، كَسَحابَةٍ، بَطْنٌ من لَخْمٍ، إِلَيْهِ نُسِبَ القَاضِي تاجُ الدّين عُمرُ بنُ عَبدِ الوَهَّابِ بنِ خَلَفٍ العَلاَمِيُّ الشَّافِعِيُّ، المَعْروفُ بابْنِ بِنْتِ الأعَزِّ.
وعُلَيْمُ بنُ قُعَيْرٍ الكِنْدِيُّ تابِعِيٌّ، عَن سَلمَانَ، وَقد ذُكِرَ فِي الرَّاءِ.
والأَعْلَمُ: كُورةٌ كَبِيرةٌ بَيْن هَمَذانَ وزَنْجانَ، من نَواحِي الجِبَالِ يُسَمِّيها العَجَمُ: أَلَمْر، وقَصَبَةُ هذهِ الكورَةِ دَرْكَزِينُ، مِنْهَا: عَبْدُ الغَفَّارِ بنُ مُحمّدِ بنِ عبْدِ الواحِدِ الأعْلَمِيُّ الفَرَمَانِيُّ، فقيهٌ مُقيمٌ بالمَوْصِلَ، رَوَى شَيْئًا من الحَديثِ. والمَعْلُومِيَّةُ: فِرْقَةٌ من الخَوارِجِ.
(علم) : أَعْلمْتُ شَفَتَه: مثل عَلَمْتُها.
علم: {العالمين}: أصناف الخلق. {كالأعلام}: الجبال. واحدها: علم.
ع ل م

ما علمت بخبرك: ما شعرت به. وكان الخليل علاّمة البصرة. وتقول: هو من أعلام العلم الخافقه، ومن أعلام الدّين الشاهقه. وهو معلم الخير ومن معالمه أي من مظانّه. وخفيت معالم الطريق أي آثارها المستدلّ بها عليها. وفارس معلم. وتعلّم أن الأمر كذا أي اعلم. قال:

تعلّم أنه لا طير إلاّ ... على متطيّر وهو الثّبور
(علم) فلَان علما انشقت شفته الْعليا فَهُوَ أعلم وَهِي عُلَمَاء (ج) علم وَالشَّيْء علما عرفه وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {لَا تَعْلَمُونَهُم الله يعلمهُمْ} وَالشَّيْء وَبِه شعر بِهِ ودرى وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {قَالَ يَا لَيْت قومِي يعلمُونَ بِمَا غفر لي رَبِّي} وَالشَّيْء حَاصِلا أَيقَن بِهِ وَصدقه تَقول علمت الْعلم نَافِعًا وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {فَإِن علمتموهن مؤمنات} فَهُوَ عَالم (ج) عُلَمَاء
علم
العِلْمُ: إدراك الشيء بحقيقته، وذلك ضربان:
أحدهما: إدراك ذات الشيء.
والثاني: الحكم على الشيء بوجود شيء هو موجود له، أو نفي شيء هو منفيّ عنه.
فالأوّل: هو المتعدّي إلى مفعول واحد نحو:
لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ
[الأنفال/ 60] .
والثاني: المتعدّي إلى مفعولين، نحو قوله:
فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ
[الممتحنة/ 10] ، وقوله: يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ إلى قوله:
لا عِلْمَ لَنا فإشارة إلى أنّ عقولهم طاشت. والعِلْمُ من وجه ضربان: نظريّ وعمليّ.
فالنّظريّ: ما إذا علم فقد كمل، نحو: العلم بموجودات العالَم.
والعمليّ: ما لا يتمّ إلا بأن يعمل كالعلم بالعبادات.
ومن وجه آخر ضربان: عقليّ وسمعيّ، وأَعْلَمْتُهُ وعَلَّمْتُهُ في الأصل واحد، إلّا أنّ الإعلام اختصّ بما كان بإخبار سريع، والتَّعْلِيمُ اختصّ بما يكون بتكرير وتكثير حتى يحصل منه أثر في نفس المُتَعَلِّمِ. قال بعضهم: التَّعْلِيمُ:
تنبيه النّفس لتصوّر المعاني، والتَّعَلُّمُ: تنبّه النّفس لتصوّر ذلك، وربّما استعمل في معنى الإِعْلَامِ إذا كان فيه تكرير، نحو: أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ
[الحجرات/ 16] ، فمن التَّعْلِيمُ قوله: الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ
[الرحمن/ 1- 2] ، عَلَّمَ بِالْقَلَمِ [العلق/ 4] ، وَعُلِّمْتُمْ ما لَمْ تَعْلَمُوا
[الأنعام/ 91] ، عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ [النمل/ 16] ، وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ [البقرة/ 129] ، ونحو ذلك. وقوله:
وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها [البقرة/ 31] ، فتَعْلِيمُهُ الأسماء: هو أن جعل له قوّة بها نطق ووضع أسماء الأشياء وذلك بإلقائه في روعه وكَتعلِيمِهِ الحيوانات كلّ واحد منها فعلا يتعاطاه، وصوتا يتحرّاه قال: وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً
[الكهف/ 65] ، قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً
[الكهف/ 66] ، قيل: عنى به العِلْمَ الخاصّ الخفيّ على البشر الذي يرونه ما لم يعرّفهم الله منكرا، بدلالة ما رآه موسى منه لمّا تبعه فأنكره حتى عرّفه سببه، قيل: وعلى هذا العلم في قوله: قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ [النمل/ 40] ، وقوله تعالى: وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ [المجادلة/ 11] ، فتنبيه منه تعالى على تفاوت منازل العلوم وتفاوت أربابها. وأما قوله:
وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ
[يوسف/ 76] ، فَعَلِيمٌ يصحّ أن يكون إشارة إلى الإنسان الذي فوق آخر، ويكون تخصيص لفظ العليم الذي هو للمبالغة تنبيها أنه بالإضافة إلى الأوّل عليم وإن لم يكن بالإضافة إلى من فوقه كذلك، ويجوز أن يكون قوله: عَلِيمٌ عبارة عن الله تعالى وإن جاء لفظه منكّرا، إذ كان الموصوف في الحقيقة بالعليم هو تبارك وتعالى، فيكون قوله: وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ [يوسف/ 76] ، إشارة إلى الجماعة بأسرهم لا إلى كلّ واحد بانفراده، وعلى الأوّل يكون إشارة إلى كلّ واحد بانفراده. وقوله: عَلَّامُ الْغُيُوبِ
[المائدة/ 109] ، فيه إشارة إلى أنه لا يخفى عليه خافية.
وقوله: عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ
[الجن/ 26- 27] ، فيه إشارة أنّ لله تعالى علما يخصّ به أولياءه، والعَالِمُ في وصف الله هو الّذي لا يخفى عليه شيء كما قال: لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ [الحاقة/ 18] ، وذلك لا يصحّ إلا في وصفه تعالى. والعَلَمُ: الأثر الذي يُعْلَمُ به الشيء كعلم الطّريق وعلم الجيش، وسمّي الجبل علما لذلك، وجمعه أَعْلَامٌ، وقرئ: (وإنّه لَعَلَمٌ للسّاعة) وقال: وَمِنْ آياتِهِ الْجَوارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ [الشورى/ 32] ، وفي أخرى: وَلَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ [الرحمن/ 24] . والشّقّ في الشّفة العليا عَلَمٌ، وعلم الثّوب، ويقال: فلان عَلَمٌ، أي: مشهور يشبّه بعلم الجيش. وأَعْلَمْتُ كذا:
جعلت له علما، ومَعَالِمُ الطّريق والدّين، الواحد مَعْلَمٌ، وفلان معلم للخير، والعُلَّامُ: الحنّاء وهو منه، والعالَمُ: اسم للفلك وما يحويه من الجواهر والأعراض، وهو في الأصل اسم لما يعلم به كالطابع والخاتم لما يطبع به ويختم به، وجعل بناؤه على هذه الصّيغة لكونه كالآلة، والعَالَمُ آلة في الدّلالة على صانعه، ولهذا أحالنا تعالى عليه في معرفة وحدانيّته، فقال: أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ [الأعراف/ 185] ، وأمّا جمعه فلأنّ من كلّ نوع من هذه قد يسمّى عالما، فيقال: عالم الإنسان، وعالم الماء، وعالم النّار، وأيضا قد روي: (إنّ لله بضعة عشر ألف عالم) ، وأمّا جمعه جمع السّلامة فلكون النّاس في جملتهم، والإنسان إذا شارك غيره في اللّفظ غلب حكمه، وقيل: إنما جمع هذا الجمع لأنه عني به أصناف الخلائق من الملائكة والجنّ والإنس دون غيرها. وقد روي هذا عن ابن عبّاس . وقال جعفر بن محمد: عني به النّاس وجعل كلّ واحد منهم عالما ، وقال : العَالَمُ عالمان الكبير وهو الفلك بما فيه، والصّغير وهو الإنسان لأنه مخلوق على هيئة العالم، وقد أوجد الله تعالى فيه كلّ ما هو موجود في العالم الكبير، قال تعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ
[الفاتحة/ 1] ، وقوله تعالى:
وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ [البقرة/ 47] ، قيل: أراد عالمي زمانهم. وقيل: أراد فضلاء زمانهم الذين يجري كلّ واحد منهم مجرى كلّ عالم لما أعطاهم ومكّنهم منه، وتسميتهم بذلك كتسمية إبراهيم عليه السلام بأمّة في قوله: إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً [النحل/ 120] ، وقوله: أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ [الحجر/ 70] .
علم
علَمَ يَعلُم، عَلْمًا، فهو عالِم، والمفعول مَعْلوم
• علَم الإنسانَ أو الحيوانَ: وسمَه بعلامةٍ يُعرف بها "علَم الأخطاءَ بالقلم الأحمر- علَمت طفلَها بشامةٍ في كتفه". 

علِمَ/ علِمَ بـ يَعلَم، عِلْمًا، فهو عالِم، والمفعول معلوم
• عَلِم الشَّخصُ الخبرَ/ علِمَ الشَّخصُ بالخبر: حصلتْ له حقيقة العِلْم، عرفه وأدركه، درى به وشعر "علِم بقدوم ولده- عالم الغيب هو الله- خبرٌ معلومٌ للجميع- {لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ}: لا تعرفونهم- {يَالَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ. بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي} " ° الوقت المعلوم: القيامة- علِم علمَ اليقين: تأكَّدَ، كان على معرفةٍ لا شكَّ فيها.
• علِم الشَّيءَ حاصلاً: أيقن به وصدَّقه "علمْت الجهلَ مُضِرًّا- {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ} ". 

أعلمَ يُعلم، إعلامًا، فهو مُعلِم، والمفعول مُعلَم
• أعلمه الأمرَ/ أعلمه بالأمر: أخبره به وعرَّفه إيّاه، أطلعه عليه "أعلمه بما حدث- أعلمه نتيجة الامتحان- {سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إلاَّ مَا أَعْلَمْتَنَا} [ق] " ° الخيل أعلم بفرسانها [مثل]: يُضرب في الاستعانة بمن خبر الأمور وعرفها على حقيقتها. 

استعلمَ/ استعلمَ عن يستعلم، استعلامًا، فهو مُستعلِم، والمفعول مُستعلَم
• استعلمَ فلانًا الأمرَ/ استعلم فلانًا عن الأمر: طلب منه معرفته، استخبره إيّاه "استعلم أستاذَه عن النَّتيجة".
• استعلم فلانٌ عن الأمر: استخبر عنه، طلب معلوماتٍ عنه "استعلم عن صحَّة صديقه- استعلم عن القرار الجديد- استعلم الشُّرطي عن القاتل". 

تعالمَ/ تعالمَ على يتعالم، تعالُمًا، فهو مُتعالِم، والمفعول مُتعالَم عليه
• تعالم الشَّخصُ: ادَّعى أو أظهر العِلْم والمعرفة "لا تتعالَمْ في حضور العلماء- لا تكنْ متعالِمًا".
• تعالم على زملائه: تباهى وتفاخر بالعلم عليهم. 

تعلَّمَ يتعلَّم، تعلُّمًا، فهو مُتعلِّم، والمفعول مُتعلَّم
• تعلَّم الحِسابَ: مُطاوع علَّمَ/ علَّمَ على: اكتسبه، عرفه وأتقنه "تعلَّم القيادةَ/ فنونَ القتال- رجلٌ متعلِّم- تَعلَّم فليس المرءُ يولد عالِمًا ... وليس أخو عِلْم كمن هو جاهلُ- خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ [حديث]- {وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنْفَعُهُمْ} " ° أُمِّيَّة المتعلِّمين: جهلهم بما ينبغي معرفته- أنصاف المتعلِّمين: ذوو المعرفة السطحيّة. 

تعولمَ يَتَعَوْلم، تَعَوْلُمًا، فهو مُتَعولِم
• تعولم الاقتصادُ: أُضْفِيَ عليه الطّابع العالميّ.
• تعولمت الدَّولةُ: انتهجت سياسة العولمة. 

علَّمَ/ علَّمَ على يعلِّم، تعليمًا، فهو مُعلِّم، والمفعول مُعلَّم
• علَّم الشّيءَ/ علَّم على الشّيء: وضع عليه علامة "علَّم مقطعًا في الكتاب- علَّم على فقرة/ أسماء الغائبين- علَّم كلبَه بعلامة في رقبته".
• علَّمه القراءةَ: جعله يعرفها، فهَّمه إيّاها "علَّمه الكتابةَ- علَّمه الرِّمايةَ: درَّبه عليها- علَّم الناشئَةَ- عَلِّمُوا أَوْلاَدََكُمُ السِّبَاحَةَ وَالرِّمَايَةَ وَالفُرُوسِيَّة [حديث]: من كلام عمر بن الخطاب- {وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ} - {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ}: وما درَّبتم".
• علَّم له علامةً: جعل له سِمةً أو أمارةً يعرفها. 

عولمَ يعولم، عولمةً، فهو مُعولِم، والمفعول مُعولَم (انظر: ع و ل م - عولمَ). 

إعلام [مفرد]:
1 - مصدر أعلمَ.
2 - نشر بواسطة الإذاعة أو التّليفزيون أو الصّحافة "إعلام صادق- إعلامٌ سياسيّ" ° وزارة الإعلام: الوزارة المسئولة عن إعلام الدّولة، أي المعلومات التي ترغب الدَّولةُ في نشرها بالصُّحف والمجلاّت والتّلفاز والإذاعة.
 • إعلام الحكم: (قن) صورة الحكم الذي يصدره القاضي في الدعوى. 

إعلاميّ [مفرد]:
1 - اسم منسوب إلى إعلام.
2 - شخص يتولَّى النَّشر أو النَّقل في الإذاعة أو التلفزيون أو الصَّحافة "يحافظ الإعلاميّ الناجح على مصداقيّة الكلمة". 

استعلامات [جمع]: مف استعلام: استفسارات، استيضاحات ° مكتب الاستعلامات: مكتب يقدِّم المعلومات المتعلِّقة بجهة معيَّنة لكلِّ من يستفسر عنها. 

تعليم [مفرد]: ج تعاليم (لغير المصدر) وتعليمات (لغير المصدر):
1 - مصدر علَّمَ/ علَّمَ على.
2 - فرع من التَّربية يتعلّق بطرق تدريس الطلاب أنواع المعارف والعلوم والفنون "التَّربية والتَّعليم- مناهج التَّعليم" ° التَّعليم الإلزاميّ: دخول المدرسة والدراسة فيها لفترة معيّنة بصورة إجباريّة- التَّعليم الأهليّ/ التَّعليم الحرّ/ التَّعليم الخاصّ: التعليم الذي ينظمه الأفراد والشركات الذين لا تتوافق احتياجاتهم التعليميّة مع مناهج المدرسة الأساسيّة- التَّعليم التَّكميليّ: مرحلة بين الابتدائيّة والثَّانويّة، (المتوسط) - التَّعليم الثَّانويّ: مرحلة بين التَّعليم المتوسِّط والتَّعليم العالي في بعض الدول- التَّعليم الرسميّ/ التَّعليم الحكوميّ/ التَّعليم العامّ: هو التّعليم الذي تؤمِّنه الدولة للمواطنين، بخلاف التعليم الخاص- التَّعليم المختلط: تعليم الأولاد والبنات في مدرسة أو جامعة واحدة- العِلْم التَّعليميّ: العلْم الرّياضيّ كالحساب والمساحة والموسيقى- تعليم الكبار: تعليم البالغين الذين لم يدخلوا المدرسة في طفولتهم- تكييف التَّعليم: إدخال تعديلات على موادّه وأساليبه من شأنها أن تجعله ملائمًا لحاجات الطالب ومقدرته- سِنّ التَّعليم: العمر الذي يذهب فيه الأطفالُ إلى المدرسة- عرَّب التَّعليمَ: جعله عربيًّا- مراحل التَّعليم: الفترات الزمــنيّة التي يتمّ فيها التَّعليم كالابتدائيّة والثَّانويّة والجامعيّة- وزارة التَّعليم العاليّ: الوزارة المسئولة عن التعليم في الجامعات والمعاهد العليا.
• التَّعليم الأساسيّ: (مع) الخبرة العلميَّة والعمليَّة التي لا غنى عنها للنَّاشئ. 

تعليمات [جمع]: مف تعليم: أوامر، إرشادات، توجيهات واجبة التَّنفيذ سواء أكانت شفهيّة أم خطيّة تُعطى لشخص يُعهد إليه القيام بعمل خاصّ أو بمهمَّة "تعليمات عسكريَّة/ إداريّة/ طبيّة/ جمركيّة- نفِّذْ التعليمات- تلقَّى تعليمات جديدة- تعليمات تشغيل الجهاز وتركيبه". 

عالَم [جمع]:
1 - كلّ صِنفٍ من أصناف الخلق، إحدى مجموعتين كبيرتين، هما عالم النبات وعالم الحيوان، اللذان يشملان الكائنات الحيّة جميعها "عالم الحيوان/ الإنسان/ النّبات- {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} " ° إذا زلّ العالِمُ زلّ بعثرته عالَم: زلّ عددٌ كبير من الذين تتلمذوا عليه- العالمُ الحِسِّيُّ: مجموعة الأشياء التي يمكن أن تُدرَكَ بالحواسّ- العالم السُّفليّ: جانب المجتمع المنخرط في الرذيلة والأعمال الإجراميَّة- العالم العقليّ: ما يتّصل بالذِّهن والتفكير من ماهيّات- عالَم الغيب: في عُرْف المفسرين ما لا يعرفه البشر إلاّ بواسطة الأنبياء فلا يقع تحت الحواسّ ولا يدركه العقل مباشرة، ونقيضه عالم الشهادة.
2 - كل مجموعة بُلدان تجمعها رابطة "العالم العربيّ/ الإسلاميّ" ° بلدان العالم الثَّالث: الدول النّامية/ مجموعة الدول التي لا تنتمي إلى الدول الاشتراكيَّة ولا إلى الدول المتطوِّرة صناعيًّا ذات الاقتصاد الحرّ. 

عالِم [مفرد]: ج عالِمون وعُلَماءُ:
1 - اسم فاعل من علَمَ وعلِمَ/ علِمَ بـ.
2 - مُتّصفٌ بالعِلْم والمعرفة، مُتخصِّصٌ في عِلْمٍ معيَّن خاصّة في العِلْم الطبيعيّ أو الفيزيائيّ "عالِمُ لغة/ آثار- عُلماء الطبيعة- {إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} " ° عالِم الغيب: الله سبحانه وتعالى- لكلِّ عالِم هفوة: تنبيه إلى عدم وجود الإنسان الكامل في علمه.
• العالم: اسم من أسماء الله الحُسنى، ومعناه: الذي لا يخفى عليه شيء " {إِنَّ اللهَ عَالِمُ غَيْبِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} ". 

عالَميّ [مفرد]:
1 - اسم منسوب إلى عالَم: "اقتصادٌ عالميّ- الحربُ العالَميَّة- الأسواق العالميَّة- حقّق مجدًا عالميًّا".
2 - شائع ومعروف في العالم كلِّه "طبيب عالميّ". 

عالمِيَّة [مفرد]:
1 - اسم مؤنَّث منسوب إلى عالَم: "شركة/ مؤسَّسة عالميَّة".
2 - مصدر صناعيّ من عالَم: حركة إنسانيّة تعمل على خدمة البشريّة، والتَّقارب بين الشُّعوب دون المساس بهُويّاتها وخصوصيّاتها الثقافيَّة.
3 - شهادة كانت كلِّيات الأزهر تمنحها سابقًا، وهي الدكتوراه الآن "مُنِح درجة العالمِيَّة".
• عالميَّة الثَّقافة: تعميم الثقافة بمنطق إنسانيّ، والانتقال بالتَّراث المحليّ إلى آفاق إنسانيّة عالميّة بهدف إيجاد تقارُب بين الثَّقافات في إطار التعدُّد والتنوُّع الثقافيّ. 

عَلامة [مفرد]: ج علامات:
1 - سِمَةٌ أو أمارة أو شعار تعرف به الأشياء "علامة تجاريَّة/ مميَّزة- علامات الجهل- علامة على الكتاب- {وَعَلاَمَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} " ° علامة النَّصر: إشارة باليد تشير إلى النصر أو التضامن أو الموافقة برفْع إصْبَعَي السبابة والوُسطى على شكل حرف V.
2 - أثر يُنْصبُ في الطّريق ونحوه فيُهتدى به "علامات المرور".
3 - رمز "علامة التعجُّب تُكتب هكذا (!!) - علامة الاستفهام (؟) - علامة التنصيص (") ".
4 - دليل أو إشارة لوجود شيءٍ في زمن سالف "بقايا الديار المهدَّمة علامة على وجود أناس من قبل".
5 - (طب) ما يكشفه الطبيبُ الفاحص من دلالات المرض، وأعراضه "تبيّن أنّ انسداد الأنف علامة من علامات الزُّكام".
6 - (نح) قرينة "علامة الرفع/ النّصْب/ الجزم/ الجرّ".
• علامة زائد: (جب) الرمز () يُستخدم كعلامة للجمع أو لكمِّيَّة موجبة. 

عَلاّم [مفرد]: صيغة مبالغة من علِمَ/ علِمَ بـ: كثير العِلْم.
• العلاَّم: اسم من أسماء الله الحسنى، ومعناه: كثير العلم، وما يتعلَّق به " {إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ} ". 

عَلاَّمة [مفرد]: صيغة مبالغة من علِمَ/ علِمَ بـ: علاَّم، كثير العلم، عالِمٌ كبير واسع العلم والمعرفة "موسوعيٌّ علاّمةٌ- علاّمة في التَّاريخ- يحترمه النّاس جميعًا لأنّه علاَّمة". 

عَلْم [مفرد]: مصدر علَمَ. 

عَلَم [مفرد]: ج أعلام:
1 - لواء؛ راية لبلد أو ولاية أو مدينة "علم البطولة/ الجامعة العربيّة- أعلام الدّول- علمٌ مُنكَّسٌ" ° خِدْمة العَلَم: مجهود علمي يهدف إلى فائدة العلم والمتعلمين- نكَّس العَلَم: طواه إلى النصف ولم يُتمّ رفعه بسبب حزن أو داهية.
2 - سيّد القوم، رجل مشهور "فلانٌ علمٌ من أعلام الفِكر/ الأدب".
3 - ما يُهتدَى به كالراية أو الجبل "نارٌ على عَلَم: شخص معروف بين الجميع كالنَّار في رأس الجبل لا تخفي على أحد- {وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالأَعْلاَمِ} " ° أشهر من نارٍ على عَلَم: ذائع الصِّيت.
4 - علامة أو أثر "وُضِعتْ أعلامٌ لتبيّن الحدود- {وَإِنَّهُ لَعَلَمٌ لِلسَّاعَةِ} [ق] ". 

عِلْم [مفرد]: ج عُلُوم (لغير المصدر):
1 - مصدر علِمَ/ علِمَ بـ ° أحاط عِلْمًا بالأمر: ألمّ به إلمامًا شاملاً- لِيكنْ في عِلْمك: اعلم جيّدًا.
2 - مجموعة مسائل في موضوع معيَّن اكتسبها الإنسانُ من اكتشاف وترجمة النواميس الموضوعيَّة التي تحكم الأحداث والظاهرات "العِلْم في الصِّغَر كالنقش على الحجر- آفة العِلْم النسيان- العِلْم نور- {يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} " ° العِلْم العَمليّ: ما كان متعلّقًا بكيفيَّة تطبيق قواعد الفنون والعلوم ومبادئها- العِلْم النَّظريّ: هو القائم على النظريَّات المجرّدة دون الاهتمام بالتطبيق- العلوم الآليّة: هي آلة لتحصيل غيرها كعلم المنطق- بعثة علميّة: مجموعة من العلماء يُرسَلون لدراسة مسائل علميَّة على الأرض، أو لمداولة علماء آخَرين ومناقشتهم في المسائل العلميَّة- علوم العربيَّة: العلوم المتعلِّقة باللُّغة العربيَّة كالنحو والصَرف والبلاغة وتسمّى بعلم الأدب- فلانٌ راسخ العِلْم: متمكِّن منه- كان على عِلْمٍ بالأمر: كان يعرفه- مُجَمَّع علميّ: مؤسّسة للنهوض بالعلوم.
3 - إذن " {إَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللهِ} ".
4 - دليل " {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ} ".
• العلم اللَّدُنِّي: العلم الربَّانيّ الذي يصل إلى صاحبه عن طريق الإلهام.
• العلوم الحقيقيَّة: التي لا تتغيّر بتغيّر الملل والأديان كعلم
 المنطق.
• العلوم الشرعيَّة: العلوم الدينيَّة كالفقه والحديث وغيرهما. 

عَلْمانيّ [مفرد]: اسم منسوب إلى عَلْم: على غير قياس (انظر: ع ل م ن - عَلْمانيّ). 

عَلْمانيَّة [مفرد]: (انظر: ع ل م ن - عَلْمانيَّة). 

عُلْمَة [مفرد]: ج عُلُمات وعُلْمات: (طب) شقّ في الشفة العليا للإنسان تشبه شفة الأرنب. 

عَلْمويَّة [مفرد]: اسم مؤنَّث منسوب إلى عَلْم: على غير قياس "اعتمد على الأساليب العلمويّة والتقنويَّة في تأسيس مصنعه". 

عِلْمِيّ [مفرد]: اسم منسوب إلى عِلْم.
• الأسلوب العِلْمِيّ: الأسلوب الواضح المنطقيّ البعيد عن الخيال الشِّعريّ، وذلك كالأساليب التي تُكتب بها الكتبُ العلميّة. 

عَليم [مفرد]: ج عُلَماءُ: صيغة مبالغة من علِمَ/ علِمَ بـ: كثير العلم، ذو علم عميق، فائق في العلم " {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} - {إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ} ".
• العليم: اسم من أسماء اللهِ الحُسنى، ومعناه: المُدرِك لما يُدركه المخلوقون بعقولهم وحواسِّهم، وما لا يستطيعون إدراكَه من غير أن يكون موصوفًا بعقل أو حسّ، أو الفائق في العلم " {ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} - {وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} ". 

عَوْلَمة [مفرد]: (انظر: ع و ل م - عَوْلَمة). 

مَعالِمُ [جمع]: مف مَعْلَم
• معالم المكان: ما يُستدلُّ بها عليه من آثارٍ ونحوِها "معالِمُ أثريَّة- أخفت الجراحةُ معالمَ وجهه- يُخفي معالم جريمته" ° مَعالِمُ الطّريق: العلامات التي تدلُّ عليها- مَعالِمُ المدينة: الأبنية ونحوها التي تشتهر بها وتميِّزها عن غيرها من المدن- مَعالِمُ تاريخيَّة: أحداث تمثِّل نقطة تحوُّل في التاريخ. 

مُعلِّم [مفرد]:
1 - اسم فاعل من علَّمَ/ علَّمَ على.
2 - مَن مهنته التَّعليم دون المرحلة الجامعيَّة (أما في المرحلة الجامعيّة فيُسمّى مدرِّسًا أو أستاذًا) "معلِّمٌ قدير- قُمْ للمعلِّم ووفِّهِ التَّبْجيلا ... كاد المعلِّمُ أَنْ يكونَ رَسُولا" ° اتّحاد المعلِّمين: اتّحاد يضمُّ المعلمين- المعلِّم الأوَّل: أرسطو- المعلِّم الثَّاني: الفارابي- دار المعلِّمين: كليّة ذات مناهج خاصّة لإعداد المعلمين- ضَرْبَة مُعلِّم: عمل أو تصرُّف مُتقَن مُحكم- نقابة المعلِّمين: نقابة تضمُّ المعلمين.
3 - من له الحقّ في ممارسة إحدى المهن استقلالاً "معلِّم نجارة/ عمارة". 

مُعْلَم [مفرد]: اسم مفعول من أعلمَ.
• الوِفاق المُعْلَم: (قن) اتِّفاق يوقِّعه مُفوّضُو الطَّرفين بالحروف الأولى من أسمائهم، وهو لا يقيّد إلاّ الموقّعين دون غيرهم، ويُعدُّ مرحلة من المراحل الموصِّلة إلى المعاهدة النِّهائيَّة. 

معلوم [مفرد]: اسم مفعول من علَمَ وعلِمَ/ علِمَ بـ ° الأيَّام المعلومات: أيّام التروية وعرفة والنَّحر، أو أيّام العشر من ذي الحجَّة وهي المذكورة في قوله) ويذكروا اسم الله في أيام معلومات (الحج/ 28.
• الفِعْل المَبْنِيّ للمعلوم: (نح) الفعل الذي يحتفظ بحركاته الأصليّة ويصحبه فاعله اسمًا ظاهرًا أو ضميرًا مستترًا، وخلافه المبنيّ للمجهول. 

معلومات [جمع]: مف معلومة:
1 - أخبار وتحقيقات أو كلّ ما يؤدّي إلى كشف الحقائق وإيضاح الأمور واتِّخاذ القرارات "مزيد من المعلومات- معلومات ضروريَّة/ سرِّيَّة جدًّا/ دقيقة- أدلى بما لديه من معلومات".
2 - مجموعة الأخبار والأفكار المخزَّنة أو المنسَّقة بواسطة الكومبيوتر وتسمَّى (داتا).
• بَنْك المعلومات: (حس) مركز للمعلومات يقوم بجمعها وتخزينها واسترجاعها لخدمة الذين يلجئون إليه.
• ثورة المعلومات: التقدُّم الهائل في تكنولوجيا المعلومات والاتِّصالات، الذي أعطى قدرة فائقة للحركة المعلوماتيّة على المستوى العالمي بتجاوزه كل حواجز القوميّات. 

معلوماتيَّة [مفرد]:
1 - اسم مؤنَّث منسوب إلى معلومات:
 على غير قياس "شبكة معلوماتيَّة".
2 - مصدر صناعيّ من معلومات: مجموع التقنيَّات المتعلّقة بالمعلومات ونقلها وخاصّة معالجتها الآليَّة والعقليَّة بحسب العلم الإلكترونيّ. 

علم

1 عَلِمَهُ, aor. ـَ inf. n. عِلْمٌ, He knew it; or he was, or became, acquainted with it; syn. عَرَفَهُ: (S, K:) or he knew it (عَرَفَهُ) truly, or certainly: (B, TA:) by what is said above, and by what is afterwards said in the K, العِلْمُ and المَعْرِفَةُ and الشُّعُورُ are made to have one meaning; and this is nearly what is said by most of the lexicologists: but most of the critics discriminate every one of these from the others; and العِلْمُ, accord. to them, denotes the highest quality, because it is that which they allow to be an attribute of God; whereas they did not say [that He is] عَارِفٌ, in the most correct language, nor شَاعِرٌ: (TA:) [respecting other differences between العِلْم and المَعْرِفَة, the former of which is more general in signification than the latter, see the first paragraph of art. عرف: much might be added to what is there stated on that subject, and in explanation of العِلْم, from the TA, but not without controversy:] or عَلِمَ signifies تَيَقَّنَ [i. e. he knew a thing, intuitively, and inferentially, as expl. in the Msb in art. يقن]; العِلْمُ being syn. with اليَقِينُ; but it occurs with the meaning of الَمَعْرِفَةُ, like as المَعْرِفَةُ occurs with the meaning of العلْمُ, each being made to import the meaning of the other because each is preceded by ignorance [when not attributed to God]: Zuheyr says, [in his Mo'allakah,] وَأَعْلَمُ عِلْمَ اليَوْمِ وَالْأَمْسِ قَبْلَهُ وَلٰكِنِّنِى عَنْ عِلْمِ مَا فِى غَدٍ عَمِ meaning وَأَعْرِفُ [i. e. And I know the knowledge of the present day, and of yesterday before it; but to the knowledge of what will be to-morrow I am blind]: and it is said in the Kur [viii. 62], لَا تَعْلَمُونَهُمْ اَللّٰهُ يَعْلَمُهُمْ, meaning لَا تَعْرِفُونَهُمْ اَللّٰهُ يَعْرِفُهُمْ [i. e. Ye know them not, but God knoweth them]; المَعْرِفَة being attributed to God because it is one of the two kinds of عِلْم, [the intuitive and the inferential,] and the discrimination between them is conventional, on account of their different dependencies, though He is declared to be free from the imputation of antecedent ignorance and from acquisition [of knowledge], for He knows what has been and what will be and how that which will not be would be if it were, his عِلْم being an eternal and essential attribute: when عَلِمَ denotes اليَقِين, it [sometimes] has two objective complements; but as syn. with عَرَفَ, it has a single objective complement: (Msb:) it has two objective complements in the saying, in the Kur [lx. 10], فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ [and if ye know them to be believers]; and [in like manner] they allowed one's saying عَلِمْتُنِى [meaning I knew myself to be], like as they said رَأَيْتُنِى and حَسِبْتُنِى &c.: (TA:) and sometimes it imports the meaning of شَعَرَ, and is therefore followed by بِ: (Msb:) [thus] عَلِمَ بِهِ signifies شَعَرَ or شَعُرَ (accord. to different copies of the K) [i. e. He knew it; as meaning he knew, or had knowledge, of it; was cognizant of it; or understood it: or he knew the minute particulars of it: or he perceived it by means of any of the senses: and sometimes this means he became informed, or apprised, of it: and sometimes, he was, or became, knowing in it]: or in this case, [as meaning شَعَرْتُ بِهِ,] you say, عَلِمْتُهُ and عَلِمْتُ بِهِ [I knew it; &c.]: (Msb:) and one says, مَا عَلِمْتُ بِخَبَرِ قُدُومِهِ, meaning مَا شَعَرْتُ [I knew not, &c., the tidings of his coming, or arrival]. (TA.) ↓ اعتلمهُ, also, signifies عَلِمَهُ [He knew it; &c.]. (K.) And one says ↓ تَعَلَّمْ in the place of اِعْلَمْ [Know thou; &c.]: ISk says, تَعَلَّمْتُ أَنَّ فُلَانًا خَارِجٌ is a phrase used in the place of عَلِمْتُ [as meaning I knew, or, emphatically, I know, that such a one was, or is, going forth]; adding, [however,] when it is said to thee, اِعْلَمْ أَنَّ زَيْدًا خَارِجٌ [Know thou that Zeyd is going forth], thou sayest قَدْ عَلِمْتُ [lit. I have known, meaning I do know]; but when it is said, تَعَلَّمْ أَنَّ زَيْدًا خَارِجٌ, thou dost not say, قَدْ تَعَلَّمْتُ; (S:) accord. to IB, these two verbs are not used as syn. except in the imperative forms: (TA:) [or] عَلِمَ الأَمْرَ and ↓ تَعَلَّمَهُ are syn. as signifying أَتْقَنَهُ [app. meaning he knew, or learned, the case, or affair, soundly, thoroughly, or well: see art. تقن: but I think it not improbable, though I do not find it in any copy of the K, that the right reading may be أَيْقَنَهُ, which is syn. with تَيَقَّنَهُ; an explanation of عَلِمَ in the Msb, as mentioned above, being تَيَقَّنَ]. (K, TA.) And الجَمِيعُ ↓ تعالمهُ meansعَلِمُوهُ [i. e. All knew him; &c.]. (S, K.) b2: عَلِمْتُ عِلْمَهُ [lit. I knew his knowledge, or what he knew, app. meaning I tried, proved, or tested, him, and so knew what he knew; and hence I knew his case or state or condition, or his qualities;] is a phrase mentioned by Fr in explanation of رَبَأْتُ فِيهِ. (TA voce رَبَأَ, q. v. See also the explanation of لَأَ خْبُرَنَّ خَبَرَكَ, in the first paragraph of art. خبر: and see غَبَنُوا خَبَرَهَا, in art. غبن.) b3: عَلِمْتُ is also used in the manner of a verb signifying swearing, or asseveration, so as to have a similar complement; as in the saying, وَلَقَدْ عَلِمْتُ لَتَأْتِيَنَّ عَشِيَّةً

[And I certainly knew that thou wouldst, or that she would, assuredly come in the evening]. (TA in art. شهد.) And يَعْلَمُ اللّٰهُ [God knoweth] is a form of asseveration. (IAth, TA voce قَيْرَوَانٌ: see an ex. in art. قير.) A2: عَلُمَ, agreeably with what is said in the M, which is عَلُمَ هُوَ نَفْسُهُ, accord. to the K عَلِمَ هُوَ فِى نَفْسِهِ, but the verb in this case is correctly like كَرُمَ, (TA,) He was, or became, such as is termed عَالِم and عَلِيم; (M, * K, * TA;) meaning he possessed knowledge (العِلْم) as a faculty firmly rooted in his mind: (IJ, * TA:) accord. to IB, i. q. ↓ تعلّم [q. v., as intrans.]: and he was, or became, equal to the عُلَمَآء

[pl. of عَالِمٌ and of عَلِيمٌ]. (TA.) A3: عَالَمَهُ فَعَلَمَهُ, aor. ـُ see 3.

A4: عَلَمَهُ, aor. ـُ and عَلِمَ, (K,) inf. n. عَلْمٌ, (TA.) signifies He marked it; syn. وَسَمَهُ. (K.) And one says, عَلَمْتُ عِمَّتِى, meaning I wound my turban upon my head with a mark whereby its mode should be known. (TA.) [See also 4.]

A5: عَلَمَ شَفَتَهُ, aor. ـِ (S, K,) inf. n. عَلْمٌ, (S,) He slit his [upper] lip. (S, K.) A6: عَلِمَ, aor. ـَ (S, Msb, K,) inf. n. عَلَمٌ, (S, Msb,) He (a man, S) had a fissure in his upper lip: (S, Msb, K:) or in one of its two sides. (K.) 2 علّمهُ [He, or it, made him to be such as is termed عَالِم and عَلِيم; i. e., made him to possess knowledge (العِلْم) as a faculty firmly rooted in his mind: and hence, he taught him. And it generally has a second objective complement]. You say, عَلَّمْتُهُ الشَّىْءَ [I made him to know, or taught him, the thing], in which case the teshdeed is [said to be] not for the purpose of denoting muchness [of the action; but see what follows]; (S;) and عَلَّمْتُهُ الفَاتِحَةَ [I taught him the Opening Chapter of the Kur-án], and الصَّنْعَةَ [the art, or craft], &c.; inf. n. تَعْلِيمٌ; (Msb;) and علّمهُ العِلْمَ, inf. n. تَعْلِيمٌ and عِلَّامٌ, the latter like كِذَّابٌ; and إِيَّاهُ ↓ اعلمهُ; (K;) both, accord. to the K, signifying the same [i. e. he taught him knowledge, or science]; but Sb makes a distinction between them, saying that عَلَّمْتُ is like أَذَّنْتُ, and that ↓ أَعْلَمْتُ is like آذَنْتُ; and Er-Rághib says that ↓ الإِعْلَامُ is particularly applied to quick information; and التَّعْلِيمُ is particularly applied to that which is repeated and much, so that an impression is produced thereby upon the mind of the مُتَعَلِّم: and some say that the latter is the exciting the attention of the mind to the conception of meanings; and sometimes it is used in the sense of الإِعْلَام when there is in it muchness: (TA:) you say, الخَبَرَ ↓ أَعْلَمْتُهُ and بِالخْبَرِ [meaning I made known, or notified, or announced, to him, or I told him, or I made him to know, or have knowledge of, the news, or piece of information; I acquainted him with it; told, informed, apprised, advertised, or certified, him of it; gave him information, intelligence, notice, or advice, of it]: (Msb:) see also 10: [hence the inf. n. ↓ إِعْلَامٌ is often used, as a simple subst., to signify a notification, a notice, an announcement, or an advertisement:] and sometimes ↓ اعلم has three objective complements, like أَرَى; as in the saying, أَعْلَمْتُ زَيْدًا عَمْرًا مُنْطَلِقًا [I made known, &c., to Zeyd that 'Amr was going away]. (I'Ak p. 117.) b2: See also 4, in three places.3 عَاْلَمَ ↓ عَالَمَهُ فَعَلَمَهُ, aor. of the latter عَلُمَ, means [I contended with him, or strove to surpass him, in عِلْم,] and I surpassed him in عِلْم [i. e. knowledge, &c.]: (S, K:) [the measure يَفْعَلُ,] and in like manner the measure يَفْعِلُ, in every case of this kind, is changed into يَفْعُلُ: so says Az: [but see 3 in art. خصم:] and Lh mentions the phrase, مَا كُنْتُ أَرَانِى أَنْ أَعْلُمَهُ [I did not think, or know, that I should surpass him in knowledge]. (TA.) 4 أَعْلَمَ see 2, in six places. b2: One says also, اعلم الثَّوْبَ (S, Mgh, TA) He (i. e. a beater and washer and whitener of clothes, S, Mgh) made the garment, or piece of cloth, to have a mark; (Mgh;) or he made upon it, or in it, a mark. (TA.) [And, said of a weaver, or an embroiderer,] He made to the garment, or piece of cloth, a border, or borders, of figured, or variegated, or embroidered, work, or the like. (Msb.) b3: and اعلم عَلَيْهِ He made, or put, or set, a mark upon it; namely, a writing, or book, &c.: (Msb:) [or] اعلم عَلَى مَوْضِعِ كَذَا مِنَ الكِتَابِ عَلَامَةً [He made, &c., a mark upon such a place of the writing, or book]. (TA.) b4: اعلم الفَرَسَ He suspended upon the horse some coloured wool, (K, TA,) red, or white, (TA,) in war, or battle. (K, TA.) And اعلم نَفْسَهُ He marked himself with the mark, sign, token, or badge, of war; as also ↓ عَلَّمَهَا. (K.) [Or] اعلم الفَارِسُ The horseman made, or appointed, for himself, [or distinguished himself by,] the mark, sign, token, or badge, of the men of courage. (S.) And لَهُ عَلَامَةً ↓ عَلَّمْتُ I appointed to him (وَضَعْتُ لَهُ) a mark, sign, or token, which he would, or should, know. (Msb.) b5: And القَبْرَ ↓ علّم (K in art. رجم) He put a tombstone [as a mark] to the grave. (TK in that art.) A2: اعلم said of a well-sinker, He found the well that he was digging to be one having much water. (TA.) 5 تعلّم is quasi-pass. of 2 [i. e. it signifies He was, or became, made to know, or taught; or he learned: and is trans. and intrans.]. (S, Msb, K, * TA.) You say, تعلّم العِلْمَ (MA, K) He learned [knowledge, or science]. (MA.) See also 1, latter half, in three places. [In the last of those places, تعلّم app. signifies, as it often does, He possessed knowledge as a faculty firmly rooted in his mind.] Accord. to some, التَّعَلُّمُ signifies The mind's having its attention excited to the conception of meanings, or ideas. (TA.) 6 تعالمهُ الجَمِيعُ: see 1, latter half.8 اعتلمهُ: see 1, latter half.

A2: اعتلم said of water, It flowed (K, TA) upon the ground. (TA.) b2: And said of lightning it means لَمَعَ فى العلم [app. فِى العَلَمِ, and, if so, meaning It shone, shone brightly, or gleamed, in, or upon, the long mountain]: a poet says, بَلْ بُرَيْقًا بِتُّ أَرْقُبُهُ لَا يُرَى إِلَّا إِذَا اعْتَلَمَا [But a little lightning, in watching which I passed the night, not to be seen save when it shone, &c.]. (TA.) 10 استعلمهُ He asked, or desired, him to tell him [a thing; or to make it known to him]. (MA, KL. *) You say, ↓ اِسْتَعْلَمَنِى الخَبَرَ فَأَعْلَمْتُهُ

إِيَّاهُ [He asked, or desired, me to tell him, or make known to him, the news, or piece of information, and I told him it, or made it known to him]. (S.) عَلْمٌ: see مَعْلَمٌ, in two places.

عِلْمٌ is an inf. n., (S, K, &c.,) and [as such] has no pl. [in the classical language]. (Sb, TA voce فِكْرٌ.) [As a post-classical term, used as a simple subst., its pl. is عُلُومٌ, signifying The sciences, or several species of knowledge.] b2: Sometimes it is applied to Predominant opinion; [i. e. preponderant belief;] because it stands in stead of that which is عِلْم properly so termed. (Ham p. 632.) b3: And sometimes it is used in the sense of عَمَلٌ [A doing, &c.], as mentioned by Az, on the authority of Ibn-'Oyeyneh, agreeably with an explanation of عَالِمٌ as signifying one “ who does according to his knowledge; ” and it has been expl. as having this meaning in the Kur xii. 68 [where the primary meaning seems to be much more apposite]. (TA.) b4: لَقِيتُهُ أَدْنَى عِلْمٍ means [I met him the first thing, like لقيته أَدْنَى

دَنِّىِ and أَدْنَى دَنًا; or] before everything [else]. (TA.) عَلَمٌ: see عَلَامَةٌ. b2: Also An impression, or impress; or a footstep, or track, or trace. (TA.) b3: And The عَلَم of a garment, or piece of cloth; (S;) [i. e. the ornamental, or figured, or variegated, border or borders thereof;] the figured, or variegated, or embroidered, work or decoration, (Msb, K, TA,) in the borders, (TA,) thereof: (Msb, K, TA:) pl. أَعْلَامٌ. (Msb.) b4: And [A way-mark; i. e.] a thing set up, or erected, in the way, (K, TA,) or, as in the M, in the deserts, or waterless deserts, (TA,) for guidance, (K, TA,) in the M, for the guidance of those going astray; (TA;) as also ↓ عَلَامَةٌ: (K:) the former is also applied to a building raised in the beaten track of the road, of such as are places of alighting for travellers, whereby one is guided to the land [that is the object of a journey]: pl. أَعْلَامٌ: and عَلَمٌ also signifies a مَنَارَة [app. a mistranscription for مَنَار, without ة: see these two words]. (TA. [See also مَعْلَمٌ.]) [Hence, أَعْلَامُ الكَوَاكِبِ The stars, or asterisms, that are signs of the way to travellers: see مِصْبَاحٌ.] b5: And A separation between two lands; [like مَنَارٌ;] as also ↓ عَلَامَةٌ. (K.) [Hence,] أَعْلَامُ الحَرَمِ The limits that are set to the Sacred Territory. (TA.) b6: And A mountain; (S, K;) as a general term: or a long mountain: (K:) [app. as forming a separation: or as being a known sign of the way:] pl. أَعْلَامٌ and عِلَامٌ: (K:) the former pl. occurring in the Kur [xlii. 31 and] lv. 24. (TA.) b7: And A banner, or standard, syn. رَايَةٌ, (S, K, TA,) to which the soldiers congregate: (TA:) and, (K,) some say, (TA,) the thing [i. e. flag, or strip of cloth,] that is tied upon the spear: (K, TA:) it occurs in a verse of Aboo-Sakhr El-Hudhalee with the second fet-hah lengthened by an alif after it [so that it becomes ↓ عَلَام]. (IJ, TA.) b8: And (tropical:) The chief of a people or party: (K, TA:) from the same word as signifying “ a mountain ” or “ a banner: ” (TA:) pl. أَعْلَامٌ. (K.) b9: [In grammar, it signifies A proper name of a person or place &c. b10: And the pl. أَعْلَامٌ is applied to Things pertaining to rites and ceremonies of the pilgrimage or the like, as being signs thereof; such as the places where such rites and ceremonies are performed, the beasts destined for sacrifice, and the various practices performed during the pilgrimage &c.; as also مَعَالِمُ, pl. of ↓ مَعْلَمٌ: the former word is applied to such places in the Ksh and Bd and the Jel in ii. 153; and the latter, in the Ksh and Bd in ii. 194: the former is also applied to the beasts destined for sacrifice in the Ksh and Bd and the Jel in xxii. 37; and the latter, in the Ksh and Bd in xxii. 33: and both are applied to the practices above mentioned, the former in the TA and the latter in the K, in art. شعر: see شِعَارٌ.]

A2: See also what next follows.

عُلْمَةٌ and ↓ عَلَمَةٌ and ↓ عَلَمٌ [the last of which is originally an inf. n., see 1, last sentence,] A fissure in the upper lip, or in one of its two sides. (K.) عَلَمَةٌ: see what next precedes.

عَلْمَآءُ fem. of أَعْلَمُ [q. v.].

عَلْمَآءِ in the saying عَلْمَآءِ بَنُو فُلَانٍ [meaning At the water are the sons of such a one] is a contraction of عَلَى المَآءِ. (S.) عِلْمِىٌّ Of, or relating to, knowledge or science; scientific; theoretical; opposed to عَمَلِىٌّ.]

عَلَمِيَّةٌ, in grammar, The quality of a proper name.]

عَلَامٌ: see عَلَامَةٌ: b2: and see also عَلَمٌ.

A2: [عَلَامَ is for عَلَى مَ.]

عُلَامٌ: see عُلَّامٌ.

A2: Also i. q. غُلَامٌ [q. v.]: an instance of the substitution of ع for غ. (MF and TA on the letter ع.) عَلِيمٌ: see عَالِمٌ. b2: العَلِيمُ and ↓ العَالِمُ and ↓ العَلَّامُ, as epithets applied to God, signify [The Omniscient;] He who knows what has been and what will be; who ever has known, and ever will know, what has been and what will be; from whom nothing is concealed in the earth nor in the heaven; whose knowledge comprehends all things, the covert thereof and the overt, the small thereof and the great, in the most complete manner. (TA.) عَلَامَةٌ i. q. سِمَةٌ [A mark, sign, or token, by which a person or thing is known; a cognizance, or badge; a characteristic; an indication; a symptom]; (K; [see also مَعْلَمٌ;]) and ↓ عَلَمٌ is syn. therewith [as meaning thus]; (S, Msb, TA;) and so ↓ أُعْلُومَةٌ, (Abu-l-'Omeythil ElAarábee, TA,) as in the saying ↓ بَيْنَ القَوْمِ أُعْلُومَةٌ [Among the people, or party, is a mark, sign, or token]; and the pl. of this last is أَعَالِيمُ: (TA:) the pl. of عَلَامَةٌ is عَلَامَاتٌ (Msb) and [the coll. gen. n.] ↓ عَلَامٌ, (K, TA,) differing from عَلَامَةٌ only by the apocopating of the ة. (TA.) b2: See also عَلَمٌ, in two places.

عُلَامِىٌّ Light, or active; and sharp, or acute, in mind; (K, TA;) applied to a man: it is without teshdeed, and with the relative ى; from عُلَامٌ [signifying “ a hawk ”]. (TA.) عَلَّامٌ and ↓ عُلَّامٌ, (K, TA,) both mentioned by ISd, the latter [which is less used] from Lh, (TA,) and ↓ عَلَّامَةٌ (S, K) and ↓ تِعْلِمَةٌ and ↓ تِعْلَامَةٌ, (K,) Very knowing or scientific or learned: (S, K:) the ة in ↓ عَلَّامَةٌ is added to denote intensiveness; (S;) or [rather] to denote that the person to whom it is applied has attained the utmost degree of the quality signified thereby; [so that it means knowing &c. in the utmost degree; or it may be rendered very very, or singularly, knowing or scientific or learned;] and this epithet is applied also to a woman: (IJ, TA:) [↓ تِعْلَامَةٌ, likewise, is doubly intensive; and so, app., is ↓ تِعْلِمَةٌ:] the pl. of عَلَّامٌ is عَلَّامُونَ; and that of ↓ عُلَّامٌ is عُلَّامُونَ. (TA.) See also, for the first, عَلِيمٌ. b2: Also the same epithets, (K,) or عَلَّامٌ and ↓ عَلَّامَةٌ, (TA,) i. q. نَسَّابَةٌ; (K, TA;) [or rather عَلَّامٌ signifies نَسَّابٌ, i. e. very skilful in genealogies, or a great genealogist; and ↓ عَلَّامَةٌ signifies نَسَّابَةٌ, i. e. possessing the utmost knowledge in genealogies, or a most skilful genealogist;] from العِلْمُ. (TA.) عُلَّامٌ: see the next preceding paragraph, in two places. b2: Also, and ↓ عُلَامٌ, The صَقْر [or hawk]; (K;) the latter on the authority of IAar: (TA:) and [particularly] the بَاشَق [i. e. the musket, or sparrow-hawk]; (K;) as some say: (TA:) or so the former word, (T, * S, TA,) or the latter word accord. to Kr and IB. (TA.) b3: And the former word, The [plant called] حِنَّآء

[i. e. Lawsonia inermis]: (IAar, S, K, TA:) thus correctly, but mentioned by Kr as without tesh-deed. (TA.) b4: And the same, i. e. with tesh-deed, The kernel of the stone of the نَبِق [or fruit, i. e. drupe, of the lote-tree called سِدْر]. (TA.) عَلَّامَةٌ: see عَلَّامٌ, in four places.

عُلَّامَةٌ: see مَعْلَمٌ.

العَالَمُ, (S, Msb, K, &c.,) said by some to be also pronounced ↓ العَالِمُ, (MF, TA,) and pronounced by El-Hajjáj with hemz [i. e. العَأْلَمُ], is primarily a name for That by means of which one knows [a thing]; like as الخَاتَمُ is a name for “ that by means of which one seals ” [a thing]: accord. to some of the expositors of the Kur-án, its predominant application is to that by means of which the Creator is known: then to the intelligent beings of mankind and of the jinn or genii: or to mankind and the jinn and the angels: and mankind [alone]: Es-Seyyid Esh-Shereef [El-Jurjánee] adopts the opinion that it is applied to every kind [of these, so that one says عَالَمُ الإِنْسِ (which may be rendered the world of mankind) and عَالَمُ الجِنِّ (the world of the jinn or genii) and عَالَمُ المَلَائِكَةِ (the world of the angels), all of which phrases are of frequent occurrence], and to the kinds [thereof] collectively: (TA:) or it signifies الخَلْقُ [i. e. the creation, as meaning the beings, or things, that are created], (S, Msb, K,) altogether [i. e. all the created beings or things, or all creatures]: (K:) or, as some say, peculiarly, the intelligent creatures: (Msb:) or what the cavity (lit. belly) of the celestial sphere comprises, (K, TA,) of substances and accidents: (TA:) [it may often be rendered the world, as meaning the universe; and as meaning the earth with all its inhabitants and other appertenances; and in more restricted senses, as instanced above: and one says عَالَمُ الحَيَوَانِ meaning the animal kingdom, and عَالَمُ النَّبَات the vegetable kingdom, and عَالَمُ المَعَادِنِ the mineral kingdom:] Jaafar Es-Sádik says that the عَالَم is twofold: namely, العَالَمُ الكَبِيرُ, which is the celestial sphere with what is within it; and العَالَمُ الصَّغِيرُ, which is man, as being [a microcosm, i. e.] an epitome of all that is in the كَبِير: and Zj says that العَالَمُ has no literal sing., because it is [significant of] a plurality [of classes] of diverse things; and if made a sing. of one of them, it is [significant of] a plurality of congruous things: (TA:) the pl. is العَالَمُونَ (S, M, Msb, K, &c.) and العَوَالِمُ: (S, TA:) and the sing. is [said to be] the only instance of a word of the measure فَاعَلٌ having a pl. formed with و and ن, (ISd, K, TA,) except يَاسَمٌ: (K, TA:) [but see this latter word:] العَالَمُونَ signifies the [several] sorts of created beings or things: (S:) [or all the sorts thereof: or the beings of the universe, or of the whole world:] it has this form because it includes mankind: or because it denotes particularly the sorts of created beings consisting of the angels and the jinn and mankind, exclusively of others: I'Ab is related to have explained رَبُّ العَالَمِينَ as meaning the Lord of the jinn, or genii, and of mankind: Katádeh says, the Lord of all the created beings: but accord. to Az, the correctness of the explanation of I'Ab is shown by the saying in the beginning of ch. xxv. of the Kur-án that the Prophet was to be a نَذِير [or warner] لِلْعَالَمِينَ; and he was not a نذير to the beasts, nor to the angels, though all of them are the creatures of God; but only to the jinn, or genii, and mankind. (TA.) b2: عَالَمٌ is also syn. with قَرْنٌ [as meaning A generation of mankind; or the people of one time]. (O, voce طَبَقٌ, q. v.) عَالِمٌ and ↓ عَلِيمٌ signify the same, (IJ, Msb, K, *) as epithets applied to a man; (K;) i. e. Possessing the attribute of عِلْم (IJ, Msb, TA) as a faculty firmly rooted in the mind; [or learned; or versed in science and literature;] the former being used in [what is more properly] the sense of the latter; (IJ, TA;) which is an intensive epithet: (TA:) the pl. is عُلَمَآءُ and عُلَّامٌ, (K,) the latter of which is pl. of عَالِمٌ; (IB, TA;) the former being [properly] pl. of عَلِيمٌ; and عَالِمُونَ is [a] pl. of عَالِمٌ; (Msb;) [but] عُلَمَآءُ is used as a pl. of both, (IJ, TA,) and by him who says only عَالِمٌ [as the sing.], (Sb, TA;) because عَالِمٌ is used in the sense of عَلِيمٌ: to him who is entering upon the study of العِلْم, the epithet ↓ مُتَعَلِّمٌ [which may generally be rendered learning, or a learner,] is applied; not عَالِمٌ. (IJ, TA.) عَالِمٌ is also expl. as signifying One who does according to his knowledge. (TA.) b2: See also عَلِيمٌ: and أَعْلَمُ.

A2: And see العَالَمُ.

عَيْلَمٌ A well having much water: (S, K:) or of which the water is salt: (K:) and a wide well: and sometimes a man was reviled by the saying, يَا ابْنَ العَيْلَمِ, referring to the width of his mother [in respect of the فَرْج]: (TA:) pl. عَيَالِمُ or عَيَالِيمُ. (S, accord. to different copies: in the TA, in this instance, the latter.) b2: And The sea: (S, K:) pl. عَيَالِمُ. (TA.) b3: And The water upon which is the earth: (S, K:) or water concealed, or covered, in the earth; or beneath layers, or strata, of earth; mentioned by Kr: (TA:) [عَيْلَمُ المَآءِ occurs in the JK and TA in art. خسف, and is there plainly shown to mean the water that is beneath a mountain, or stratum of rock: (see also غَيِّثٌ: and see غَيْلَمٌ:) and it is said that] المَأءُ العَيْلَمُ means copious water. (Ham p. 750.) b4: And A large cooking-pot. (T, TA voce هِلْجَابٌ.) A2: Also Plump, and soft, tender, or delicate. (S, K.) A3: And The frog. (AAF, K. [This meaning is also assigned to غَيْلَمٌ.]) b2: And i. q. ↓ عَيْلَامٌ; (K;) which signifies A male hyena; (S, K;) occurring in a trad. (خَبَر) respecting Abraham, relating that he will take up his father to pass with him the [bridge called] صِرَاط, and will look at him, and lo, he will be عَيْلَامٌ أَمْدَرُ [a male hyena inflated in the sides, big in the belly, or having his sides defiled with earth or dust]. (TA.) عَيْلَامٌ: see the next preceding sentence.

أَعْلَمُ [More, and most, knowing or learned]. Applied to God, [it may often be rendered Supreme in knowledge: or omniscient: but often, in this case,] it means [simply] ↓ عَالِمٌ [in the sense of knowing, or cognizant]. (Jel in iii. 31, and I'Ak p. 240.) [Therefore اَللّٰهُ أَعْلَمُ virtually means, sometimes, God knows best; or knows all things: and sometimes, simply, God knows.]

A2: Also [Harelipped; i. e.] having a fissure in his upper lip: (S, Mgh, Msb, K:) or in one of its two sides: (K:) the camel is said to be اعلم because of the fissure in his upper lip: when the fissure is in the lower lip, the epithet أَفْلَحُ is used: and أَشْرَمُ is used in both of these, and also in other, similar, senses: (TA:) the fem. of أَعْلَمُ is عَلْمَآءُ: (S, Msb, TA:) which is likewise applied to a lip (شَفَةٌ). (TA.) b2: العَلْمَآءُ signifies also The coat of mail: (K:) mentioned by Sh, in the book entitled كِتَابُ السِّلَاحِ; but as not heard by him except in a verse of Zuheyr Ibn-Khabbáb [?]. (TA.) أُعْلُومَةٌ: see عَلَامَةٌ, in two places.

تِعْلِمَةٌ and تِعْلَامَةٌ: see عَلَّامٌ; each in two places.

مَعْلَمٌ i. q. مَظِنَّةٌ; مَعْلَمُ الشَّىْءِ signifying مَظِنَّتُهُ; (K, TA;) as meaning The place in which is known the existence of the thing: (Msb in art. ظن:) pl. مَعَالِمُ; (TA;) which is the contr. of مَجَاهِلُ, pl. of مَجْهَلٌ [q. v.] as applied to a land; meaning in which are signs of the way. (TA in art. جهل.) And hence, [A person in whom is known the existence of a quality &c.:] one says, هُوَ مَعْلَمٌ لِلْخَيْرِ [He is one in whom good, or goodness, is known to be]. (TA.) b2: Also A thing, (K,) or a mark, trace, or track, (S, TA,) by which one guides himself, or is guided, (S, K, TA,) to the road, or way; (S, TA;) as also ↓ عُلَّامَةٌ and ↓ عَلْمٌ: (K: [in several copies of which, in all as far as I know, وَالعَلْمُ is here put in the place of والعَلْمِ; whereby العَلْمُ is made to be syn. with العَالَمُ: but accord. to SM, it is syn. with المَعْلَمُ, as is shown by what here follows:]) and hence a reading in the Kur [xliii. 61], ↓ وَإِنَّهُ لَعَلْمٌ لِلسَّاعَةِ, meaning And verily he, i. e. Jesus, by his appearing, and descending to the earth, shall be a sign of the approach of the hour [of resurrection]: it is also said, in a trad., that on the day of resurrection there shall not be a مَعْلَم for any one: and the pl. is مَعَالِمُ. (TA.) And مَعْلَمُ الطِّرِيقِ signifies The indication, or indicator, of the road, or way. (TA.) b3: [And hence it signifies likewise An indication, or a symptom, of anything; like عَلَامَةٌ.] b4: See also عَلَمٌ, last quarter.

مُعْلَمٌ pass. part. n. of أَعْلَمَ [q. v.] in the phrase اعلم الثَّوْبَ, and thus applied as an epithet to a garment, or piece of cloth: (S:) [and also in other senses: thus in a verse of 'Antarah cited voce مَشُوفٌ:] and applied to a قِدْح [or gamingarrow] as meaning Having a mark [made] upon it. (TA.) b2: [See also a verse of 'Antarah cited voce مِشَكٌّ.]

مُعْلِمٌ act. part. n. of أَعْلَمَ [q. v.] in the phrase اعلم الثَّوْبَ: [and in other senses:] b2: thus also of the same verb in the phrase اعلم الفَارِسُ. (S.) مُعَلَّمٌ [pass. part. n. of 2, in all its senses: b2: and hence particularly signifying] Directed by inspiration to that which is right and good. (TA.) مُعَلِّمٌ [act. part. n. of 2, in all its senses: and generally meaning] A teacher. (KL.) b2: [It is now also a common title of address to a Christian and to a Jew.]

مَعْلُومٌ [Known; &c.]. الوَقْتُ المَعْلُومُ [mentioned in the Kur xv. 38 and xxxviii. 82] means[The time of] the resurrection. (TA.) And الأَيَّامُ المَعْلُومَاتُ [mentioned in the Kur xxii. 29] means[The first] ten days of Dhu-l-Hijjeh, (S, Mgh, Msb, K,) the last of which is the day of the sacrifice. (TA.) b2: [In grammar, The active voice.]

مُتَعَلِّمٌ: see عَالِمٌ.

الاشتراك

الاشتراك:
[في الانكليزية] Homonymy
[ في الفرنسية] Homonymie
في عرف العلماء كأهل العربية والأصول والميزان يطلق بالاشتراك على معنيين: أحدهما كون اللفظ المفرد موضوعا لمفهوم عام مشترك بين الأفراد ويسمّى اشتراكا معنويا، وذلك اللفظ يسمّى مشتركا معنويا، وينقسم إلى المتواطئ والمشكّك. وثانيهما كون اللفظ المفرد موضوعا لمعنيين معا على سبيل البدل من غير ترجيح، ويسمّى اشتراكا لفظيا. وذلك اللفظ يسمّى مشتركا لفظيا. فقولهم لمعنيين أي لا لمعنى واحد فيشمل ما وضع لأكثر من معنيين فهو للاحتراز عن اللفظ المنفرد وهو الموضوع لمعنى واحد، لكنه إذا وقع في معناه شكّ بحيث يتردّد بين معنيين بأنّ هذا اللفظ موضوع لهذا أو لهذا صدق عليه أنّه للمعنيين على سبيل البدل من غير ترجيح، فزيد قيد معا للاحتراز عن مثل هذا المنفرد إذ لا يصدق عليه أنّه لهما معا.
إن قيل إنّا نقطع أنّ المنفرد ليس موضوعا للمعنيين فلا حاجة إلى الاحتراز، قلت: لمّا دار وضعه بين المعنيين عند المشكّك جاز انتسابه إليهما في الوضع بحسب الظاهر عنده، فاحترز عنه بزيادة معا احتياطا، ولذا قيل: إنه للاحتراز عن المشترك معنى كالمتواطئ والمشكّك.
وقولهم على سبيل البدل احتراز عن الموضوع لمجموع المعنيين أو أكثر من حيث المجموع، وعن المتواطئ، لكن بحسب الظاهر لأن المتواطئ يحمل على أفراده بطريق الحقيقة فيظنّ أنه موضوع لها. وقولهم من غير ترجيح احتراز عن اللفظ بالقياس إلى معنييه الحقيقي والمجازي، فإنه بهذا الاعتبار لا يسمّى مشتركا؛ وهذا الاحتراز إنما هو على تقدير أن يقال بأن في المجاز وضعا أيضا، هكذا يستفاد من العضدي وحواشيه.
وبالجملة فالمنقول مطلقا ليس مشتركا لأنه لا بدّ أن يكون في أحد معنييه حقيقة وفي الآخر مجازا، ولزم من هذا أن يكون المعنيان بنوع واحد من الواضع حتى لو كان أحدهما بوضع اللغة والآخر بوضع الشرع، مثلا كالصلاة لا يسمّى مشتركا، وقد صرّح بهذا في بعض حواشي الإرشاد أيضا. وفي بديع الميزان وضع المشترك لمعنيين فصاعدا لا يــلزم أن يكون من لغة واحدة، بل يجوز أن يكون من لغة واحدة كالعين للباصرة والجارية والذهب وغيرها، أو من لغات مختلفة مثل بئر فإنه في العربية بمعنى چاه وفي الهندية برادر انتهى.
وقيل المشترك هو اللفظ الموضوع لحقيقتين مختلفتين أو أكثر وضعا أوّلا من حيث أنهما مختلفتان. فاحترز بالموضوع لحقيقتين عن الأسماء المفردة. وبقوله وضعا أولا عن المنقول وبالقيد الأخير عن المشترك معنى انتهى.
وإطلاق اللفظ وعدم تقييده بالمفرد لا يبعد أن يكون إشارة إلى عدم اختصاصه بالمفرد.

فائدة:
اختلف في أن المشترك واقع في اللغة أم لا، وقد يقال المشترك إمّا أن يجب وقوعه، أو يمتنع، أو يمكن، وحينئذ إمّا أن يكون واقعا أو لا، فهي أربعة احتمالات عقلية. وقد ذهبت إلى كلّ منها طائفة، إلّا أنّ مرجعها إلى اثنين إذ لا يتصوّر هاهنا وجوب ولا امتناع بالذات، بل بالغير، فهما راجعان إلى الإمكان. فالواجب هو الممكن الواقع والممتنع هو الممكن الغير الواقع، والصحيح أنه واقع. واختلف أيضا في وقوعه في القرآن والأصح أنه قد وقع، ودلائل الفرق تطلب من العضدي وحواشيه.
اعلم أنّ في المشترك اختلافات كثيرة.

الاختلاف الأول: في إمكانه، قال البعض:
وقوع الاشتراك ليس بممكن لأنّ المقصود من وضع الألفاظ فهم المعاني، وإذا وضع لمعان كثيرة فلا يفهم واحد منها عند خفاء القرينة وإلّا يــلزم الترجيح بلا مرجّح، وفهم الجميع يستــلزم ملاحظة النفس وتوجّهها إلى أشياء كثيرة بالتفصيل عند زمان الإطلاق، لأن ملاحظة المعاني بالأوضاع المتعددة المفصّلة لا بدّ أن تكون على التفصيل، وهذا باطل لما تقرّر في موضعه. وأجيب عنه بأنّ المقصود قد يكون الإجمال دون التفصيل، وقد يكون في التفصيل مفسدة، وفي الإجمال رفع الفساد كما قال الصدّيق الأكبر عند ذهاب رسول الله في وقت الهجرة من مكة إلى المدينة، حين سأله بعض الكفار عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم بقوله: من هذا قدّامك؟ فقال الصدّيق: رجل هادينا. فالتفصيل هاهنا كان موجبا للفساد العظيم فالأصح أنه ممكن لعدم امتناع وضع اللفظ الواحد لمعان متعددة مختلفة بأوضاع متعددة.
وقد يجاب بأنه يفهم واحد من المعاني، ولا يــلزم الترجيح بلا مرجّح لجواز أن يكون بين بعض المعاني والذهن مناسبة ينتقل الذهن من اللفظ إليه أو يكون بعضها مناسبا للفظ بحيث يتبادر الذهن بسبب تلك المناسبة إليه، أو يكون بعضها مشهورا بحيث يتسارع الذهن بسبب الشهرة إليه، أو تكون القرينة مرجّحة لبعض المعاني على الآخر.
والاختلاف الثاني في وقوع الاشتراك في اللغة، قال البعض: ليس بواقع، لأنّ وقوعه يوجب الإجمال والإبهام وهو مخلّ للاستعمال إذا لم يبيّن. وأمّا إذا بيّن المراد فالبيان هو الكافي للمقصود، ولا حاجة إلى غيره، فيــلزم اللغو في وقوع المشترك ولأن الواضع إن كان هو الله تعالى فهو متعال عن اللغو والعبث، وإن كان غيره تعالى فلا بدّ لصدور الوضع من علّة غائية لأنّ الفعل الاختياري لا بدّ له من علّة غائية كما تقرر في موضعه. وأجيب بأنّ الإجمال والإبهام قد يكون مقصودا في الاستعمال كما عرفت، ومثل أن يريد المتكلّم إفهام مقصوده للمخاطب المعيّن وإخفاءه عن غيره، فيتكلّم بلفظ مشترك يفهم المخاطب مراده منه بسبب كونه معهودا بينهما من قبل، أو بسبب قرينة خفيّة بحيث يفهم المخاطب دون غيره؛ والمبيّن قد يكون أبلغ من البيان وحده، وقد يحدث من اجتماعهما لطافة في الكلام لا يحصل من البيان وحده، وغير ذلك من الفوائد.
وأجيب بأن الواضع إذا كان الله تعالى فقد يكون المقصود منه ابتلاء العلماء الراسخين، وقد يكون المقصود منه توسيع المفاهيم بالنظر إلى جماعة العلماء المجتهدين، وقد يكون المقصود تشويق المخاطبين إلى فهم المراد حتى إذا ادركوه بعد التأمل وجدوه لذيذا لأن حصول المطلوب بعد الطلب والتعب يكون ألذ من المنساق بلا تعب وبغير نصب. وإن كان الواضع غيره تعالى فالمقصود قد يكون واحدا من تلك الأغراض وقد يكون غيرها مثل إخفاء المراد من غير المخاطب، ومثل اختبار ذهن المخاطب هل يفهم بالقرائن أم لا، أو اختيار مقدار فهم المخاطب هل يدرك بالقرائن الخفية أم لا، وغيرها من الأغراض. وقد يكون الواضع متعددا، فشخص وضع لفظا لمعنى واحد ثم شخص آخر وضعه لمعنى آخر كما في الأعلام المشتركة، فالأصح أن المشترك واقع في اللغة.
والاختلاف الثالث في كون الاشتراك بين الضّدّين، يعني اختلف بعد تسليم إمكانه ووقوعه في أنه هل هو واقع بين الضّدّين بحيث يكون لفظ واحد مشتركا بين معان متضادة متباينة.
فقال بعضهم ليس بواقع لأن الاشتراك يقتضي التوحّد، والتضادّ يقتضي التباين، وبينهما منافاة، فلا يكون واقعا. وأجيب بأنّ التوحّد والتباين ليسا من جهة واحدة ليــلزم المنافاة، لأن الأول من جهة اللفظ والثاني من جهة المعاني، فلا منافاة حينئذ لاختلاف المحل، فالأصح أنه واقع بين الضّدّين كالقرء للحيض والطّهر.
الاختلاف الرابع في عموم المشترك يعني بعد تسليم إمكانه ووقوعه وتحقّقه بين الضّدّين.
اختلف في عموم المشترك بأن يراد بلفظ المشترك أكثر من معنى واحد معا أو لا. الأول مذهب الشافعي والثاني مذهب الإمام الأعظم.
ثم بعد كون المشترك عاما اختلف في أن إرادة العموم على سبيل الحقيقة أو المجاز. فذهبت طائفة منهم إلى أنه حقيقة لأن كلا من معانيه موضوع له فكان مستعملا في الموضوع له، وهذا هو الحقيقة. وقال الآخرون منهم إنه مجاز وأن لفظ المشترك ليس بموضوع لمجموع المعنيين، وإلّا لما كان استعماله في أحدهما على سبيل الانفراد حقيقة، ضرورة أنّه لا يكون نفس الموضوع له بل جزؤه، واللازم باطل بالاتفاق فثبت أنه ليس بموضوع للمجموع، فلم يكن حقيقة. واستدل الشافعي على إرادة العموم من المشترك بقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً الخ بأنّ الصلاة مشتركة بين الرحمة والاستغفار والدعاء. وفي الآية الرحمة والاستغفار كلاهما مرادان من لفظ واحد وهو يصلّون، لأن الصلاة من الله رحمة ومن الملائكة استغفار. والجواب عن هذا الاستدلال أنّ الآية سيقت لإيجاب اقتداء المؤمنين بالله وملائكته، ولا يصحّ ذلك إلّا بأخذ معنى عام شامل للكل وهو الاعتناء بشأنه صلى الله عليه وسلم، فيكون المعنى: الله وملائكته يعتنون بشأن النبي يا أيها المؤمنون اعتنوا أنتم أيضا بشأنه، وذلك الاعتناء من الله رحمة ومن الملائكة استغفار ومن المؤمنين دعاء. فالصلاة هاهنا لمعنى الاعتناء سواء كان حقيقة أو مجازا، وهو مفهوم واحد ومعنى عام، لكن يختلف باختلاف المحال فكانت لها أفراد مختلفة بحسب اختلاف نسبة الصلاة إليها. وعند الإمام لا يجوز استعمال المشترك في أكثر من معنى واحد لا حقيقة لما مرّ، ولأن الوضع تخصيص اللفظ للمعنى، فكلّ وضع في المشترك يوجب أن لا يراد به إلّا هذا المعنى الموضوع له، ويوجب أن يكون هذا المعنى تمام الموضوع له. فإرادة المعنى الآخر ينافي الوضع للمعنى الأول، فلا يكون استعماله في كلا المعنيين بالوضع، فلم يكن حقيقة ولا مجازا لأنه إذا استعمل في أكثر من معنى واحد فقد استعمل في الموضوع له وغير الموضوع له أيضا، لأنّ كل واحد من المعنيين موضوع له باعتبار وضع اللفظ لذلك المعنى، وغير الموضوع له باعتبار وضعه للمعنى الآخر، فــلزم الجمع بين الحقيقة والمجاز، وهو لا يجوز عند الإمام الأعظم، فبطل استعمال المشترك في أكثر من معنى واحد. هذا خلاصة ما في التوضيح والتلويح وحاشية المبين والحسن على السلّم.

فائدة:
إذا دار اللفظ بين أن يكون مشتركا أو مجازا كالنّكاح، فإنه يحتمل أن يكون حقيقة في الوطء مجازا في العقد، وأنه مشترك بينهما، فليحمل على المجاز لأنه أقرب.

فائدة:
جوّز الشافعي وأبو بكر الباقلاني وبعض المعتزلة كالجبائي وعبد الجبار وغيرهم أن يراد بالمشترك كلّ واحد من معنييه أو معانيه بطريق الحقيقة إذا صحّ الجمع بينهما، كاستعمال العين في الباصرة والشمس، لا كاستعمال القرء في الحيض والطهر معا، إلّا أنّ عند الشافعي وأبي بكر متى تجرد المشترك عن القرائن الصارفة إلى أحد معنييه أو معانيه وجب حمله على جميع المعاني كسائر الألفاظ العامة، وعند الباقين لا يجب، فصار العام عندهم قسمين:
قسم متفق الحقيقة وقسم مختلفها، وعند بعض المتأخرين يجوز إطلاقه عليهما مجازا حقيقة.
وعند الحنفية وبعض المحققين وجميع أهل اللغة وأبي هاشم وأبي عبد الله البصري يصح ذلك لا حقيقة ولا مجازا.

الأمر

الأمر: اقتضاء فعل غير كف، مدلول عليه بغير لفظ كف، ولا يعبر به علو ولا استعلاء على الأصح.
الأمْر: هو في لغة العرب عبارة عن استعمال صِيَغِ الأمر على سبيل الاستعلاء وعرَّفوه: بأنه كلام تامٌّ دال على طلب الفعل على سبيل الاستعلاء، وعند الصوفية: عالم الأمر يطلق على عالمٍ وجد بلا مادَّة الشريعة، وعالمُ الخلق ما وُجد بمدةٍ ومادةٍ.
الأمر:
[في الانكليزية] Apostrophe ،supernatural world
[ في الفرنسية] Apostrophe ،le monde surnaturel
بفتح الألف وسكون الميم في لغة العرب عبارة عن استعمال صيغ الأمر كنزال وأنزل ولينزل وصه على سبيل الاستعلاء، كذا ذكره السيّد السّند في حاشية المطول ناقلا عن المفتاح. وعند المتصوّفة يطلق على عالم وجد بلا مدة ومادة كما في كشف اللغات حيث قال:
أمر بالفتح «كار وفرمان» بالفارسية، وفي اصطلاح المتصوّفة: الأمر: هو عالم بدون مادّة ولا مدّة مثل: عقول ونفوس. وهذا ما يدعونه عالم الأمر وعالم الملكوت وعالم الغيب. وقيل عالم الأمر ما لا يدخل تحت المساحة والمقدار ويجيء في لفظ العالم. وأمّا عند أهل العربية فالنحاة منهم على أنه ما يطلب به الفعل من الفاعل المخاطب بحذف حرف المضارعة سواء طلب على وجه الاستعلاء أو لا على ما قال الرضي. والصرفيون منهم على أنه يشتمل الأمر بغير اللام وباللام، صرّح بذلك في الأطول.
ويؤيده ما قال المولوي عصام الدين في حاشية الفوائد الضيائية: الأمر في ألسنة الصرفيين يشتمل الأمر باللام وهو الاصطلاح المشتهر بين المحصّلين. وقال في تعريف المعرب النحوي لا يسمّي ما هو باللام أمرا بل مضارعا مجزوما والأمر باصطلاحه ما هو بغير اللام. لكن في المطول ما يخالفه حيث قال: والقسمان الأوّلان أي الصيغة المقترنة باللام وغير المقترنة بها سمّاهما النحويون أمرا [قال في الأطول:
وسمّاها الصرفيون] سواء استعملا في حقيقة الأمر أو في غيرها حتى أن لفظ اغفر فيّ:
اللهم اغفر لي أمر عندهم. ووجه التسمية غلبة استعمالهما في حقيقة الأمر أعني طلب الفعل على سبيل الاستعلاء انتهى.
أما أسماء الأفعال التي هي بمعنى الأمر فليست بأمر عند الفريقين، لأن الأمر عندهم من أقسام الفعل. وأهل المعاني على أن صيغ الأمر ثلاثة أقسام: المقترنة باللام الجازمة وغير المقترنة بها. والاسم الدّال على طلب الفعل من أسماء الأفعال. وعرّفوه بأنه كلام تام دالّ على طلب الفعل على سبيل الاستعلاء وضعا على ما في الأطول، وهكذا عند الأصوليين والمتكلّمين والمنطقيين، إلّا أنه قد يطلق الأمر عند جمهور الأصوليين على الفعل أيضا مجازا كما ستعرف.
فالكلام جنس. والتامّ صفة كاشفة. وقوله دال على طلب الفعل احتراز عمّا لا يدلّ على الطلب أصلا، وعمّا يدلّ عليه لكن لا يدل على طلب الفعل، بل على طلب الكفّ كالنهي.
وقوله على سبيل الاستعلاء احتراز عن الدعاء والالتماس. وقوله وضعا احتراز عن نحو أطلب منك الفعل فإنه ليس بأمر إذ لم توضع صيغة اطلب أي صيغة المضارع المتكلم للطلب، فإنّ المراد بالوضع الوضع النوعي لا الشخصي.
قيل يخرج عن الحدّ كفّ نفسك عن كذا.
وأجيب بأن الحيثية معتبرة فإن الحيثية كثيرا ما تحذف سيّما في التعريفات للشهرة على ما ستعرف في لفظ الأصل فإن الكفّ له اعتباران.
أحدهما من حيث ذاته وأنه فعل في نفسه وبهذا الاعتبار هو مطلوب قولك: كفّ عن الزنا مثلا.
والثاني من حيث أنه كفّ عن فعل وحال من أحواله وآلة لملاحظته، وبهذا الاعتبار هو مطلوب لا تزن مثلا. فإذا قيل طلب فعل من حيث أنه فعل دخل فيه كفّ عن الزنا وخرج لا تزن.
ثم اعلم أنّ اشتراط الاستعلاء هو مذهب البعض كأبي الحسن ومن تبعه. والمراد بالاستعلاء طلب العلوّ وعدّ الطالب نفسه عاليا، سواء كان في نفسه عاليا أو لا. ورأى الأشعري إهمال هذا الشرط. والمعتزلة يشترطون العلوّ.
وإنّما قلنا والمراد بالاستعلاء كذا لأن لفظ الاستعلاء بهذا المعنى من مصنوعات المصنفين، وإلّا ففي الصحاح استعلى الرجل أي علا واستعلاه أي علاه. فظاهر التعريف يوافق مذهب المعتزلة، هكذا ذكر صاحب الأطول.
وإنما اشترط الاستعلاء لأن من هو أعلى رتبة من الغير لو قال له على سبيل التضرّع افعل، لا يقال إنه امره. ولو قال من هو أدنى رتبة لمن هو أعلى منه افعل على سبيل الأمر يقال إنه أمره، ولهذا يصفونه بالجهل والحمق. فعلم أن ملاك الأمر هو الاستعلاء. وقوله تعالى حكاية عن فرعون: فَماذا تَأْمُرُونَ مجاز عن تشيرون للقطع بأن الطلب على سبيل التضرّع أو التساوي لا يسمّى أمرا لا لغة ولا اصطلاحا.
واعلم أنّه لا نزاع في أنّ الأمر كما يطلق على نفس الصيغة كذلك يطلق على التكلّم بالصيغة، وطلب الفعل على سبيل الاستعلاء.
وبالاعتبار الثاني وهو كون الأمر بمعنى المصدر يشتق منه الفعل وغيره مثل أمر يأمر والآمر والمأمور وغير ذلك كذا في التلويح. فهذا التعريف باعتبار الإطلاق الأول. وأما ما قيل من أن الأمر هو قول القائل استعلاء افعل فيمكن تطبيقه على كلا الاعتبارين، فإن القول يطلق بمعنى المقول وبمعنى المصدر. قيل المراد بقوله افعل ما اشتق من مصدره اشتقاق افعل من الفعل. وفيه أنه يخرج من التعريف حينئذ نحو ليفعل ونزال. وقيل المراد من افعل كل ما يدل على طلب الفعل من لغة العرب، ولا فساد في اختصاص التعريف بلغة العرب، لأنّ مقصود الأصوليين مراد الألفاظ العربية لمعرفة أحكام الشرع المستفاد من الكتاب والسنة لا غيرها، فدخل في الحدّ نحو ليفعل ونزال.
وقيل افعل كناية عن كل ما يدل على طلب الفعل من صيغ الأمر على أيّ لغة تكون وعلى أيّ وزن تكون. ويرد على طرد هذا التعريف أنّ صيغة افعل على سبيل الاستعلاء قد تكون للتهديد والتعجيز ونحو ذلك، فإنها ترد لخمسة عشر معنى وليست بأمر. ويقول العبد الضعيف في جوابه: إن هذا إنما يرد لو فسّر افعل بما اشتق من مصدره اشتقاق افعل من الفعل. وأما على التفسيرين الآخرين فلا يرد شيء. ويردّ على عكس هذا التعريف قول الأدنى للأعلى افعل تبليغا أو حكاية عن الآمر المستعلي، فإنه أمر وليس على طريق الاستعلاء من القائل. قيل مثله لا يعدّ في العرف مقول هذا القائل الأدنى بل مقول المبلّغ عنه وفيه استعلاء من جهته. أو قيل الأمر اقتضاء فعل غير كفّ على سبيل الاستعلاء، سواء كان في صيغة سمّاها أهل العربية أمرا أو نهيا أو لا، إذ الاعتبار للمعنى دون الصيغة، فاترك وكفّ ونحوهما نهي نظرا إلى المعنى وإن كان أمرا صيغة، ولا تكف ولا تترك ونحوهما أمر لا نهي انتهى. ولا يخفى أنه اصطلاح ولا مشاحة فيه.
اعلم أنّ من أثبت الكلام النفسي عرّف الأمر على ما هو النفسي من الطلب والاقتضاء وما يجري مجراهما، والنفسي هو الذي لا يختلف بالأوضاع واللغات. وإنما عرف به ليعلم أن اللفظي هو ما يدل عليه من أي لغة كانت.
ولذا قيل إنّ الأمر بالحقيقة هو ذلك الاقتضاء، والصيغة سمّيت به مجازا لدلالتها عليه كذا قيل. فالتعريفان الأولان يحتملان الأمر اللفظي والنفسي. وكذا ما قيل إنه طلب فعل غير كفّ على جهة الاستعلاء، فإنّ الطلب كما يطلق على المعنى المصدري كذلك يطلق على الكلام الدال على الطلب كما يجيء. وما قيل إنه اقتضاء فعل الخ تعريف للأمر النفسي.
اعلم أنه قد ذكر أصحابنا في الأمر وجوّها مزيفة وكذا المعتزلة. أما أصحابنا فقال القاضي: الأمر هو القول المقتضي طاعة المأمور بفعل المأمور به وارتضاه الجمهور، واعترض عليه بأنه مشتمل على الدّور، فإنّ المأمور الواقع في الحدّ مرتين مشتق من الأمر فيتوقف معرفته على معرفة الأمر وأيضا الطاعة موافقة للأمر. وأجيب بأنّا إذا عرّفنا الأمر بوجه ما ككونه كلاما كفانا ذلك في أن يعلم المخاطب به وهو المأمور وما يتضمّنه وهو المأمور به وفعل مضمونه وهو طاعة. والحاصل أن المأمور والمأمور به والطاعة لا تتوقف معرفتها على معرفة الأمر بحقيقته، بل على معرفته بوجه ما فلا دور. وقيل هو الخبر بالثواب عن الفعل تارة والعقاب على الترك تارة. ويرد عليه أنه يستــلزم الثواب والعقاب حذرا عن الخلف في خبر الصادق وليس كذلك. أما الثواب فلجواز إحباط العمل بالرّدة، وأما العقاب فلجواز العفو والشفاعة. فالأولى أن يقال إنه الخبر باستحقاق الثواب على الفعل والعقاب على الترك. ويرد عليهما أنّ الخبر يستــلزم إمّا الصدق أو الكذب والأمر من قبيل الإنشاء المباين للخبر فكيف يجعل أحد المتباينين جنسا للآخر. أمّا المعتزلة فلمّا أنكروا الكلام النفسي وكان الطلب نوعا منه لم يمكنهم تحديده به، فتارة حدّدوه باعتبار اللفظ فقالوا:
هو قول القائل لمن دونه افعل. ويرد عليه الإيرادان السابقان المذكوران في التعريف الثاني مع إيراد آخر وهو أن افعل إذا صدر عن الأدنى على سبيل الاستعلاء لا يكون أمرا. وأجيب بمنع كونه أمرا عندهم لغة وإن سمّي به عرفا.
والمراد بالقول هو اللفظ لأنهم لم يقولوا بالكلام النفسي. وقال قوم هو صيغة افعل مجرّدة عن القرائن الصارفة عن الأمر وفيه أنه تعريف للأمر بالأمر فيشتمل الدّور. وأجيب بأن الأمر المأخوذ في التعريف بمعنى الطلب. وتارة باعتبار ما يقترن بالصيغة من الإرادة. فقال قوم صيغة افعل بإرادات ثلاث: إرادة وجود اللفظ وإرادة دلالتها على الأمر وإرادة الامتثال.
واحترز بالأولى عن النائم إذ يصدر عنه صيغة افعل من غير إرادة وجود اللفظ وبالثانية عن التهديد والتخيير ونحو ذلك، وبالثالثة عن الصيغة التي تصدر عن المبلّغ والحاكي فإنه لا يريد الامتثال. ويرد عليه أن فيه تعريف الشيء بنفسه. وأجيب بأن المراد بالأمر الثاني هو الطلب. وغايته أنه استعمل اللفظ المشترك تعويلا على القرينة. وتارة باعتبار نفس الإرادة فقال قوم الأمر إرادة الفعل. وفيه أنه لو كان الأمر هو الإرادة لوقعت المأمورات كلها لأن الإرادة تخصّص المقدور بحال حدوثه، وإذا لم يوجد لم يحدث، فلا يتصوّر تخصيصه بحال حدوثه. قيل مبنى هذا على أن الإرادة من الله والعبد معنى واحد وأن إرادته فعل العبد يستــلزم وقوعه، وهذا لا يطابق أصول المعتزلة وتمام تحقيقه في الكلام.
فائدة:
لفظ الأمر حقيقة في الصيغة بالاتفاق مجاز في الفعل عند الجمهور، وحقيقة عند البعض حتى يكون مشتركا. فقد ذهب أبو الحسين البصري إلى أن لفظ الأمر مشترك بين القول المخصوص والشيء والفعل والصفة والشأن لتردّد الذهن عند إطلاقه إلى هذه الأمور، وردّ بالمنع، بل يتبادر الذهن إلى القول المخصوص. وقيل هو حقيقة في القدر المشترك بين القول والفعل أعني هو مشترك معنوي ومتواطئ بينهما، وهو مفهوم أحدهما دفعا للاشتراك والمجاز. وبعضهم على أنه الفعل أعم من أن يكون باللسان أو بغيره.
ثم اختلفوا في أن صيغة الأمر لماذا وضعت. فقال الجمهور إنها حقيقة في الوجوب فقط. وقال أبو هاشم إنها حقيقة في الندب فقط. وقيل في الطلب وهو القدر المشترك بين الوجوب والندب. وقيل مشتركة بين الوجوب والندب اشتراكا لفظيّا. وقال الأشعري والقاضي بالتوقّف فيهما أي لا ندري أهو للوجوب أو الندب، وقيل مشتركة بين معان ثلاثة الوجوب والندب والإباحة. وقيل للقدر المشترك بين الثلاثة وهو الإذن. وقالت الشيعة هي مشتركة بين الوجوب والندب والإباحة والتهديد.
فائدة:
ضد الأمر النهي أي كلام دالّ على طلب الكفّ من الفعل على سبيل الاستعلاء وضعا، أو هو قول القائل استعلاء لا تفعل، أو هو القول المقتضي طاعة المنهي بترك المنهي عنه، أو قول القائل لمن دونه لا تفعل مجرّدة عن القرائن الصارفة عن النهي، أو صيغة لا تفعل بإرادات ثلاث: وجود اللفظ ودلالته والامتثال، وعلى هذا القياس. وفوائد القيود والاعتراضات والأجوبة ما مرّت في لفظ الأمر، هذا كله خلاصة ما في العضدي وحاشيته للتفتازاني والتلويح والچلپي والمطول والأطول. وفي تعريفات السيد الجرجاني الأمر بالمعروف هو الإرشاد إلى المراشد المنجية والنهي عن المنكر الزجر عمّا لا يلائم في الشريعة. وقيل الأمر بالمعروف الدلالة على الخير والنهي عن المنكر المنع عن الشر. وقيل الأمر بالمعروف أمر بما يوافق الكتاب والسنة، والنهي عن المنكر نهي عمّا يميل إليه النفس والشهوة. وقيل الأمر بالمعروف إشارة إلى ما يرضي الله تعالى من أفعال العبد وأقواله والنهي عن المنكر تقبيح ما ينفر عنه الشريعة والعفة، وهو ما لا يجوز في دين الله تعالى انتهى.

الأَفَاعِي

الأَفَاعِي:
واد قرب القــلزم من أرض مصر، ذكره في حديث رواه هشام بن عمّار: حدثنا البحتري ابن عبيد قال هشام: وذهبنا إليه إلى القــلزم في موضع يقال له الأفاعي، حدثنا أبي قال: حدثنا أبو هريرة قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم:
سمّوا أسقاطكم فإنها فرطكم، قال ابن عساكر:
قوله إلى القــلزم تصحيف من عبد العزيز وإنما هو إلى القلمون، قلت أنا: والصواب ما قاله عبد العزيز، سألت عنه من رآه وعرفه.

الِابْتِدَاء بِأَمْر

الِابْتِدَاء بِأَمْر: شُرُوعه وَعند أَرْبَاب الْعرُوض هُوَ أول جُزْء من المصراع الثَّانِيكالذبح وَالْأكل وَالشرب وَغير ذَلِك وَسَائِر تقريرات الدّفع وَاضح بِأَدْنَى تَأمل. هَذَا خُلَاصَة مَا فِي حَوَاشِي صَاحب الخيالات اللطيفة والحواشي الحكيمية على شرح العقائد النسفية مَعَ فَوَائِد كَثِيرَة نافعة للناظرين فَافْهَم وَكن من الشَّاكِرِينَ.

الحكم

(الحكم) الْعلم والتفقه وَالْحكمَة يُقَال الصمت حكم وَالْقَضَاء

(الحكم) من أَسمَاء الله تَعَالَى وَالْحَاكِم وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {أفغير الله أَبْتَغِي حكما} وَمن يخْتَار للفصل بَين المتنازعين وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {وَإِن خِفْتُمْ شقَاق بَينهمَا فَابْعَثُوا حكما من أَهله وَحكما من أَهلهَا} وَيُقَال رجل حكم مسن وهم حِكْمَة
الحكم: بِضَم الْحَاء وَسُكُون الْكَاف أثر الشَّيْء الْمُتَرَتب عَلَيْهِ. وَفِي الْعرف إِسْنَاد أَمر إِلَى أَمر آخر إِيجَابا أَو سلبا. فَخرج بِهَذَا مَا لَيْسَ بِحكم كالنسبة التقييدية. وَفِي اللُّغَة تَوْجِيه الْكَلَام نَحْو الْغَيْر للإفهام ثمَّ نقل إِلَى مَا يَقع بِهِ الْخطاب. وَلِهَذَا قَالُوا إِن مُرَاد الْأُصُولِيِّينَ بخطاب الله تَعَالَى هُوَ الْكَلَام اللدني.

وَالْحكم المصطلح عِنْد الْأُصُولِيِّينَ: هُوَ أثر حكم الله الْقَدِيم فَإِن إِيجَاب الله تَعَالَى قديم وَالْوُجُوب حكمه وأثره. وَالتَّفْصِيل فِي كتب الْأُصُول وَفِي التَّلْوِيح أَن إِطْلَاق الحكم على خطاب الشَّارِع وعَلى أَثَره وعَلى الْأَثر الْمُتَرَتب على الْعُقُود والفسوخ بالاشتراك اللَّفْظِيّ. ومرادهم بالمحكوم عَلَيْهِ من وَقع الْخطاب لَهُ وبالمحكوم بِهِ مَا تعلق بِهِ الْخطاب كَمَا يُقَال حكم الْأَمِير على زيد بِكَذَا.
وَيعلم من التَّوْضِيح فِي بَاب الحكم أَن مورد الْقِسْمَة الحكم بِمَعْنى الْإِسْنَاد أَي إِسْنَاد الشَّارِع أمرا إِلَى أَمر فِيمَا لَهُ تعلق بِفعل الْمُكَلف من حَيْثُ هُوَ مُكَلّف صَرِيحًا كالنص أَو دلَالَة كالإجماع وَالْقِيَاس. فَفِي جعل الْوُجُوب وَالْملك وَنَحْو ذَلِك أقساما للْحكم بِهَذَا الْمَعْنى تسَامح ظَاهر.

وَفِي اصْطِلَاح الْمَعْقُول: يُطلق على أَرْبَعَة معَان: الأول: الْمَحْكُوم بِهِ. وَالثَّانِي: النِّسْبَة الإيجابية أَو السلبية. وَالثَّالِث: التَّصْدِيق أَي إذعان أَن النِّسْبَة وَاقعَة أَو لَيست بواقعة. وَالرَّابِع: الْقَضِيَّة من حَيْثُ إِنَّهَا مُشْتَمِلَة على الرابط بَين الْمَعْنيين. وَتَحْقِيق أَن الحكم فِي الْقَضِيَّة الشّرطِيَّة إِمَّا فِي الْجَزَاء أَو بَين الشَّرْط وَالْجَزَاء فِي الْقَضِيَّة الشّرطِيَّة بِمَا لَا مزِيد عَلَيْهِ فَإِن أردْت الِاطِّلَاع عَلَيْهِ فَارْجِع إِلَيْهَا.
وَاعْلَم أَن الحكم بِمَعْنى التَّصْدِيق هُوَ الإذعان كَمَا مر. ثمَّ مُتَعَلق الإذعان عِنْد الْمُتَقَدِّمين من الْحُكَمَاء هُوَ النِّسْبَة الَّتِي هِيَ جُزْء أخير من الْقَضِيَّة الَّتِي هِيَ من قبيل الْمَعْلُوم عِنْدهم - وَعند الْمُتَأَخِّرين مِنْهُم مُتَعَلق الإذعان هُوَ وُقُوع النِّسْبَة أَو لَا وُقُوعهَا الَّذِي هُوَ جُزْء أخير من الْقَضِيَّة فللقضية عِنْد الْمُتَقَدِّمين ثَلَاثَة أَجزَاء. وَعند الْمُتَأَخِّرين أَرْبَعَة كَمَا سَيَجِيءُ مفصلا فِي النِّسْبَة الْحكمِيَّة إِن شَاءَ الله تَعَالَى - وَالْحكم هُوَ إِدْرَاك أَن النِّسْبَة وَاقعَة أَو لَيست بواقعة. والإدراك إِمَّا من مقولة الانفعال أَو الكيف فَالْحكم كَذَلِك وَانْظُر فِي الْإِدْرَاك حَتَّى يزِيد لَك الْإِدْرَاك.
وَاعْلَم أَن الإِمَام الرَّازِيّ مُتَرَدّد فِي كَون الحكم إدراكا أَو فعلا وَلم يذهب إِلَى تركيب التَّصْدِيق مَعَ فعلية الحكم كَمَا هُوَ الْمَشْهُور. نعم أَنه ذهب إِلَى تركيب التَّصْدِيق وَلِهَذَا قَالَ أفضل الْمُتَأَخِّرين مَوْلَانَا عبد الْحَكِيم رَحمَه الله فِي حَوَاشِيه على حَوَاشِي السَّيِّد السَّنَد الشريف الشريف قدس سره على شرح الشمسية قَوْله إِذا أردْت تقسيمه على مَذْهَب الإِمَام أَي على القَوْل بالتركيب فَلَا يرد أَن الإِمَام لَا يَقُول بِكَوْن الحكم إدراكا مَعَ أَنه قد نقل الْبَعْض أَن الإِمَام مُتَرَدّد فِي كَون الحكم إدراكا أَو فعلا. وَفِي حصر التَّقْسِيم على هذَيْن الْوَجْهَيْنِ إِشَارَة إِلَى بطلَان القَوْل بتركيب التَّصْدِيق مَعَ فعلية الحكم كَمَا هُوَ الْمَشْهُور من الإِمَام انْتهى.

فَالْحكم: الَّذِي هُوَ جُزْء التَّصْدِيق عِنْد الإِمَام هُوَ الْإِدْرَاك الْمَذْكُور لَا غير. وَيُؤَيِّدهُ أَن الحكم حكمان حكم هُوَ مَعْلُوم بِمَعْنى وُقُوع النِّسْبَة أَو لَا وُقُوعهَا وَهُوَ جُزْء أخير للقضية المعقولة وَحكم هُوَ علم بِمَعْنى إِدْرَاكه وَهُوَ تَصْدِيق عِنْد الْحُكَمَاء وَشَرطه فِي مَذْهَب مستحدث وَشطر أخير وتصور عِنْد الإِمَام لكنه إذعاني فيكتسب من الْحجَّة نظرا إِلَى الْجُزْء الْأَعْظَم من المبادئ فَلَا يُنَافِيهِ اكتسابه من الْمُعَرّف نظرا إِلَى جُزْء إذعاني فَافْهَم واحفظ فَإِنَّهُ من الْجَوَاهِر المكنونة. وَعند الأصولين الحكم خطاب الله تَعَالَى الْمُتَعَلّق بِأَفْعَال الْمُكَلّفين باقتضاء الْفِعْل أَو التّرْك أَو بالتخير فِي الْفِعْل وَالتّرْك. والاقتضاء الطّلب وَهُوَ إِمَّا طلب الْفِعْل جَازِمًا كالإيجاب. أَو غير جازم كالندب. أَو طلب التّرْك جَازِمًا كالتحريم. أَو غير جازم كالكراهة التحريمية -. وَالْمرَاد بالتخيير الْإِبَاحَة - وَفِي التَّوْضِيح وَقد زَاد الْبَعْض أَو الْوَضع ليدْخل الحكم بالسببية والشرطية وَنَحْوهمَا.

اعْلَم أَن الْخطاب نَوْعَانِ: إِمَّا تكليفي وَهُوَ الْمُتَعَلّق بِأَفْعَال المتكلفين بالاقتضاء أَو التَّخْيِير وَإِمَّا وضعي وَهُوَ الْخطاب بِالْوَضْعِ بِأَن يكون هَذَا سَبَب ذَلِك أَو شطر ذَلِك كالدلوك سَبَب لصَلَاة الظّهْر وَالطَّهَارَة شَرط لَهَا - فَلَمَّا ذكر أحد النَّوْعَيْنِ وَهُوَ التكليفي وَجب ذكر النَّوْع الآخر وَهُوَ الوضعي وَالْبَعْض لم يذكر الوضعي لِأَنَّهُ دَاخل فِي الِاقْتِضَاء أَو التَّخْيِير لِأَن الْمَعْنى من كَون الدلوك سَببا للصَّلَاة أَنه إِذا وجد الدلوك وَجَبت الصَّلَاة حِينَئِذٍ وَالْوُجُوب من بَاب الِاقْتِضَاء لَكِن الْحق هُوَ الأول لِأَن الْمَفْهُوم من الحكم الوضعي تعلق شَيْء بِشَيْء آخر وَالْمَفْهُوم من الحكم التكليفي لَيْسَ هَذَا وَلُزُوم أَحدهمَا للْآخر فِي صُورَة لَا يدل على اتحادهما انْتهى.
الحكم:
[في الانكليزية] Verdict ،judgement ،gouvernment ،power
[ في الفرنسية] Verdict ،jugement ،gouvernement ،pouvoir
بالضم وسكون الكاف يطلق بالاشتراك أو الحقيقة والمجاز على معان. منها إسناد أمر إلى آخر إيجابا أو سلبا. وهذا المعنى عرفي، وحاصله أنّ الحكم نفس النسبة الخبرية التي إدراكها تصديق إيجابية كانت أو سلبية، وقد يعبّر عن هذا المعنى بوقوع النسبة ولا وقوعها، وقد يعبّر عنه بقولنا إنّ النسبة واقعة أو ليست بواقعة، وهذا المعنى من المعلومات فليس بتصوّر ولا تصديق لأنهما نوعان مندرجان تحت العلم. فالإسناد بمعنى مطلق النسبة والإيجاب الوقوع. والسلب اللاوقوع. واحترز بهما عمّا سوى النسبة الخبرية. وتوضيحه أنّه قد حقّق أنّ الواقع بين زيد والقائم هو الوقوع نفسه أو اللاوقوع كذلك، وليس هناك نسبة أخرى مورد الإيجاب والسلب، وأنّه قد يتصوّر هذه النسبة في نفسها من غير اعتبار حصولها أو لا حصولها في نفس الأمر، بل باعتبار أنّها تعلّق بين الطرفين تعلّق الثبوت أو الانتفاء، وتسمّى نسبة حكمية، ومورد الإيجاب والسلب ونسبة ثبوتية أيضا نسبة العام إلى الخاص أعني الثبوت لأنّه المتصوّر أولا، وقد تسمّى سلبية أيضا إذا اعتبر انتفاء الثبوت. وقد يتصوّر باعتبار حصولها أو لا حصولها في نفس الأمر، فإن تردّد فهو الشك وإن أذعن بحصولها أو لا حصولها فهو التصديق. فالنسبة الثبوتية تتعلّق بها علوم ثلاثة اثنان تصوّريان أحدهما لا يحتمل النقيض وهو تصوّرها في نفسها من غير اعتبار حصولها ولا حصولها. وثانيهما يحتمله. والثالث تصديقي فقد ظهر أنّ المعنى المذكور للحكم ليس أمرا مغايرا للوقوع واللاوقوع. وأنّ معنى قولنا نسبة أمر بأمر وإسناد أمر إلى أمر تعلّق أمر بأمر وقوعا كان أو لا وقوعا إن كان الإيجاب والسلب بمعنى الوقوع واللاوقوع، وإن أريد بالإيجاب والسّلب إدراك أنّ النسبة واقعة أو ليست بواقعة. فمعناه تعلّق أمر بأمر سواء كان موردا للإيجاب أو موردا للسلب، فإنّ الإيجاب والسّلب يطلق على كلا هذين المعنيين، كما صرّح بذلك المحقق التفتازاني في حاشية العضدي. وأنّ معنى قولنا إدراك أنّ النسبة واقعة أو ليست بواقعة ادراك أنّ النسبة الثبوتية واقعة في نفس الأمر أو ليست بواقعة فيها. ثم هذا التقرير على مذهب من يقول إنّ الحكم ليس من مقولة الفعل. وأما من يقول بأنّ الحكم من مقولة الفعل كالإمام الرازي والمتأخرين من المنطقيين فالمناسب عندهم في تفسير الحكم بإسناد أمر إلى آخر إيجابا أو سلبا أن يقال إنّ الإسناد لغة بمعنى تكيه دادن چيزي به چيزى،- إضافة شيء إلى شيء- وفي العرف ضم أمر إلى آخر، بحيث يفيد فائدة تامّة. وقد يطلق بمعنى مطلق النسبة. فعلى الأول قولنا إيجابا أو سلبا بيان لنوعه، وعلى الثاني يفيد لإخراج ما سوى النسبة الخبرية، والإيجاب لازم كردن والسلب ربودن كما في الصراح. وبالجملة فالمناسب على هذا أن يفسّر الإسناد والإيجاب والسلب بمعان منبئة عن كون الحكم فعلا. ولا يراد بالضم وبالنسبة التعلّق بين الطرفين وبالإيجاب والسلب الوقوع [فعلا] واللاوقوع، إذ لو أريد ذلك لم يبق الحكم فعلا، وعلى هذا القياس قولنا الحكم هو الإيجاب والسّلب أو الإيقاع والانتزاع أو النفي والإثبات فإنها مفسّرة بالمعاني اللغوية المنبئة عن كون الحكم فعلا.
فالحكم على هذا إمّا جزء من التصديق كما ذهب إليه الإمام أو شرط له كما هو مذهب المتأخرين من المنطقيين، ويجيء في لفظ التصديق زيادة تحقيق لهذا.
ومنها نفس النسبة الحكمية على ما صرّح به الچلپي في حاشية الخيالي بعد التصريح بالمعنى الأول. وهذا المعنى إنّما يكون مغايرا للأول عند المتأخرين الذاهبين إلى أنّ أجزاء القضية أربعة: المحكوم عليه وبه ونسبة تقييدية مسمّاة بالنسبة الحكمية ووقوع تلك النسبة أولا وقوعها الذي إدراكه هو المسمّى بالتصديق.
وأما عند المتقدمين الذاهبين إلى أنّ أجزاء القضية ثلاثة: المحكوم عليه وبه والنسبة التامة الخبرية التي إدراكها تصديق فلا يكون مغايرا للمعنى الأول، لما عرفت من أنّ النسبة الحكمية ليست أمرا مغايرا للنسبة الخبرية.
ومنها إدراك تلك النسبة الحكمية
ومنها إدراك وقوع النسبة أولا وقوعها المسمّى بالتصديق، وهذا مصطلح المنطقيين والحكماء وقد صرّح بكلا هذين المعنيين الچلپي أيضا في حاشية الخيالي. والتغاير بين هذين المعنيين أيضا إنما يتصوّر على مذهب المتأخرين. قالوا الفرق بين إدراك النسبة الحكمية وإدراك وقوعها أولا وقوعها المسمّى بالحكم هو أنّه ربّما يحصل إدراك النسبة الحكمية بدون الحكم، فإنّ المتشكّك في النسبة الحكمية متردّد بين وقوعها ولا وقوعها، فقد حصل له إدراك النسبة قطعا ولم يحصل له إدراك الوقوع واللاوقوع المسمّى بالحكم فهما متغايران قطعا. وأجيب بأنّ التردّد لا يتقوم حقيقة ما لم يتعلّق بالوقوع أو اللاوقوع فالمدرك في الصورتين واحد والتفاوت في الإدراك بأنّه إذعاني أو تردّدي. وبالجملة فيتعلّق بهذا المدرك علمان علم تصوّري من حيث إنّه نسبة بينهما وعلم تصديقي باعتبار مطابقته للنسبة التي بينهما في نفس الأمر، وعدم مطابقته إياها على ما مرّت الإشارة إليه في المعنى الأول. وأما على مذهب القدماء فلا فرق بين العبارتين إلّا بالتعبير. فمعنى قولنا إدراك النسبة وإدراك الوقوع واللاوقوع على مذهبهم واحد إذ ليس نسبة سوى الوقوع واللاوقوع، وهي النسبة التامة الخبرية. وأمّا النسبة التقييدية الحكمية المغايرة لها فممّا لا ثبوت له كما عرفت. فعلى هذا إضافة الوقوع واللاوقوع إلى النسبة بيانية. لكنّ هذا الإدراك نوعان: إذعاني وهو المسمّى عندهم بالحكم المرادف للتصديق وغير إذعاني وتسميته بالحكم عندهم محتمل غير معلوم، ويؤيد هذا ما ذكر السيّد السّند والمولوي عبد الحكيم في حواشي شرح الشمسية. وحاصله أنّ معنى قولنا إدراك وقوع النسبة أولا وقوعها ليس أن يدرك معنى الوقوع أو اللاوقوع مضافا إلى النسبة، فإنّ إدراكهما بهذا المعنى ليس حكما بل هو إدراك مركّب تقييدي من قبيل الإضافة، بل معناه أن يدرك أنّ النسبة واقعة ويسمّى هذا الإدراك حكما إيجابيا، أو أن يدرك أنّ النسبة ليست بواقعة ويسمّى هذا الإدراك حكما سلبيا، أعني معناه أن يدرك أنّ النسبة المدركة بين الطرفين أي المحكوم عليه والمحكوم به واقعة بينهما في حدّ ذاتها مع قطع النظر عن إدراكنا إيّاها أو ليست بواقعة كذلك، وهو الإذعان بمطابقة النسبة الذهنية لما في نفس الأمر أو في الخارج، أعني للنسبة مع قطع النظر عن إدراك المدرك بل من حيث إنها مستفادة من البداهة أو الحسّ أو النظر. فمآل قولنا إنّ النسبة واقعة أو ليست بواقعة.
وقولنا إنّها مطابقة واحدة والمراد به الحالة الإجمالية التي يقال لها الإذعان والتسليم المعبّر عنه بالفارسية بگرويدن لا إدراك هذه القضية، فإنّه تصوّر تعلّق بما يتعلّق به التصديق يوجد في صورة التخييل والوهم ضرورة أنّ المدرك في جانب الوهم هو الوقوع واللاوقوع، إلّا أنّها ليست على وجه الإذعان والتسليم فظهر فساد ما توهّمه البعض من أنّ الشكّ والوهم من أنواع التصديق، ولا التفصيل المستفاد من ظاهر اللفظ لأنّه خلاف الوجدان، ولاستلزامه ترتّب تصديقات غير متناهية. فقد ظهر أنّ الحكم إدراك متعلّق بالنسبة التامة الخبرية فإنّها لمّا كانت مشعرة بنسبة خارجية كان إدراكها على وجهين من حيث إنّها متعلّقة بالطرفين رابطة بينهما كما في صورة الشكّ مثلا. ومن حيث إنّها كذلك في نفس الأمر كما في صورة الإذعان. وهذا هو الحكم والتصديق.
وإنما قيل كون الحكم بمعنى إدراك وقوع النسبة أولا وقوعها يشعر بأنّ المراد بالنسبة النسبة الحكمية لا النسبة التامة الخبرية لأنّ الحكم على تقدير كونها تامة هو إدراك نفسها ليس بشيء عند التحقيق، وإنّ أجزاء القضية ثلاثة المحكوم عليه وبه والنسبة التامة الخبرية وهي نسبة واحدة هي اتحاد المحمول بالموضوع، أو عدم اتحاده به، وهو الحقّ عند المحققين، لا كما ذهب إليه المتأخرون من أنّ أجزاءها أربعة: المحكوم عليه وبه والنسبة الحكمية ووقوعها أولا وقوعها وأنّ الاختلاف بين التصوّر والتصديق بحسب الذات والمتعلّق، فإنّ التصوّر لا يتعلّق عندهم به التصديق، فالتصديق عندهم إدراك متعلّق بوقوع النسبة أولا وقوعها والتصوّر إدراك متعلّق بغير ذلك. والحق عند المحققين أنّ التصوّر يتعلّق بما يتعلّق به التصديق أيضا، فلا امتياز بين التصور والتصديق إلّا بحسب الذات واللوازم كاحتمال الصدق والكذب دون المتعلق.
واعلم أنّه ذكر السّيد الشريف أنّه يجوز أن يفسّر الحكم بالتصديق فقط وأن يفسّر بالتصديق والتكذيب، وهذا بناء على أنّ إذعان أنّ النسبة ليست بواقعة إذعان بأنّ النسبة السلبية واقعة.
فعلى هذا يجوز أن يعرف الحكم بإدراك الوقوع فقط وأن يعرف بإدراك الوقوع واللاوقوع معا.
التقسيم
الحكم سواء أخذ بمعنى التصديق أو بمعنى النسبة الخبرية ينقسم إلى شرعي وغير شرعي. فالشرعي ما يؤخذ من الشرع بشرط أن لا يخالف القطعيات بالنسبة إلى فهم الآخذ سواء كان مما يتوقف على الشرع بأن لا يدرك لولا خطاب الشارع كوجوب الصلاة، أو لم يكن كوجوده تعالى وتوحيده، وهو ينقسم إلى ما لا يتعلّق بكيفية عمل ويسمّى أصليا واعتقاديا وإلى ما يتعلّق بها ويسمّى عمليا وفرعيا، وغير الشرعي ما لا يؤخذ من الشرع كالأحكام العقلية المأخوذة من مجرّد العقل، والاصطلاحية المأخوذة من الاصطلاح. وأكثر ما ذكرنا هو خلاصة ما ذكره المولوي عبد الحكيم في حاشية الخيالي في الخطبة وحاشية شرح الشمسية.
ومنها المحكوم عليه.
ومنها المحكوم به. قال الچلپي في حاشية المطول في بحث التأكيد: إطلاق الحكم على المحكوم به متعارف عند النحاة كإطلاقه على المحكوم عليه انتهى. وهكذا ذكر السيّد الشريف في حاشية المطول.
ومنها نفس القضية على ما ذكر الچلپي أيضا في حاشية الخيالي، وهذا كما يطلق التصديق على القضية.
ومنها القضاء كما يجيء في لفظ الديانة.

وما ذكره الغزالي حيث قال: الحكم والقضاء والقدر: هو توجّه الأسباب لجانب المسبّبات هو الحكم المطلق. وهو سبحانه وتعالى مسبب لجميع الأسباب المجمل منه والمفصّل، وعن الحكم يتفرع القضاء والقدر. فإذن: التدبير الإلهي هو أصل لوضع الأسباب لكي تتوجه نحو مسبّبات وهو الحكم الإلهي. وقيام الأسباب الكلية وظهورها مثل الأرض والسّماء والكواكب والحركات المتناسبة لها وغير ذلك مما لا يتغيّر ولا يتبدّل حتى يحين وقتها فذلك هو القضاء. ثم توجّه الأسباب هذه للأحوال والحركات المتناسبة والمحدودة والمقدّرة لجانب الأسباب، وحددت ذلك لحظة بلحظة فهو القدر.

إذن فالحكم: هو التدبير الأزلي كله وأمره كلمح البصر. والقضاء: وضع كلّ الأسباب الكلية الدائمة.

والقدر: هو توجيه هذه الأسباب الكلية لمسبباتها المعدودة بعدد معين فلا تزيد ولا تنقص. وكذا ذكر المولوي عبد الحق المحدّث في ترجمة المشكاة في باب الإيمان بالقدر.
ومنها خطاب الله تعالى المتعلّق بأفعال المكلّفين. هكذا نقل عن الأشعري. وهذا المعنى مصطلحات الأصوليين.
والخطاب في اللغة توجيه الكلام نحو الغير ثم نقل إلى الكلام الذي يقع به التخاطب، وبإضافته إلى الله تعالى خرج خطاب من سواه إذ لا حكم إلّا حكمه ووجوب طاعة النبي عليه السلام وأولي الأمر والسيّد إنّما هو بإيجاب الله تعالى إياها. والمراد بالخطاب هاهنا ليس المعنى اللغوي، اللهم إلّا أن يراد بالحكم المعنى المصدري، بل المراد به المعنى المنقول من الكلام المذكور لكن لا مطلقا بل الكلام النفسي، لأنّ اللفظي ليس بحكم بل دال عليه سواء أريد بالكلام الذي يقع به التخاطب الكلام الذي من شأنه التخاطب فيكون الكلام خطابا به أزليا كما هو رأي الأشعري من قدم الحكم والخطاب بناء على أزلية تعلّقات الكلام وتنوعه في الأزل أمرا أو نهيا أو غيرهما، أو أريد به معناه الظاهر المتبادر أي الكلام الذي يقع به التخاطب بالفعل، وهو الكلام الذي قصد منه إفهام من هو متهيئ لفهمه كما ذهب إليه ابن القطّان من أنّ الحكم والخطاب حادثان بناء على حدوث تعلّقات الكلام وعدم تنوّعه في الأزل، وهذا معنى ما قال إنّ الحكم والخطاب حادثان بل جميع أقسام الكلام مع قدمه فهو لا يسمّى الكلام في الأزل خطابا. ومعنى تعلقه بأفعال المكلّفين تعلّقه بفعل من أفعالهم لا بجميع أفعالهم على ما يوهم إضافة الجمع من الاستغراق، وإلّا لم يوجد حكم أصلا إذ لا خطاب يتعلّق بجميع الأفعال فيشمل خواص النبي صلى الله عليه وآله وسلم أيضا كإباحة ما فوق الأربع من النساء.
لا يقال إذا كان المراد بالخطاب الكلام النفسي ولا شكّ أنّه صفة واحدة فيتحقّق خطاب واحد متعلّق بجميع الأفعال لأنّا نقول الكلام وإن كانت صفة واحدة لكن ليس خطابا إلّا باعتبار تعلّقه، وهو متعدّد بحسب المتعلّقات، فلا يكون خطاب واحد متعلقا بالجميع، وخرج بقوله المتعلّق بأفعال المكلّفين الخطابات المتعلّقة بأحوال ذاته وصفاته وتنزيهاته وغير ذلك ممّا ليس بفعل المكلّف كالقصص. واعترض على الحدّ بأنه غير مانع إذ يدخل فيه القصص المبينة لأفعال المكلّفين وأحوالهم والأخبار المتعلّقة بأعمالهم كقوله تعالى: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ مع أنّها ليست أحكاما.
وأجيب بأنّ الحيثية معتبرة في الحدود، فالمعنى الحكم خطاب الله متعلّق بفعل المكلّفين من حيث هو فعل المكلّف وليس تعلّق الخطاب بالأفعال في صور النقض من حيث إنّها أفعال المكلّفين هذا لكن اعتبار حيثية التكليف فيما يتعلّق به خطاب الإباحة بل الندب والكراهة موضع تأمّل. ولذا أراد البعض في الحدّ قولنا بالاقتضاء أو التخيير للاحتراز عن الأمور المذكورة وكلمة أو لتقسيم المحدود دون الحدّ.
ومعنى الاقتضاء الطلب. وهو إمّا طلب الفعل مع المنع عن الترك وهو الإيجاب، أو طلب الترك مع المنع عن الفعل وهو التحريم، أو طلب الفعل بدون المنع عن الترك وهو الندب، أو طلب الترك بدون المنع عن الفعل وهو الكراهة. ومعنى التخيير عدم طلب الفعل والترك وهو الإباحة.
إن قيل إذا كان الخطاب متعلّقا بأفعال المكلّفين في الأزل كما هو رأي الأشعري يــلزم طلب الفعل والترك من المعدوم وهو سفه. قلت السفه إنّما هو طلب الفعل أو الترك عن المعدوم حال عدمه. وأمّا طلبه منه على تقدير وجوده فلا، كما إذا قدّر الرجل ابنا فأمره بطلب العلم حين الوجود لكن بقي أنّه يــلزم خروج الخطاب الوضعي من الحدّ، مع أنّه حكم فإنّ الخطاب نوعان: تكليفي وهو المتعلّق بأفعال المكلفين بالاقتضاء، والتخيير، ووضعي وهو الخطاب باختصاص شيء بشيء وذلك على ثلاثة أقسام:
سببي كالخطاب بأنّ هذا سبب لذلك كالدلوك للصلاة، وشرطي كالخطاب بأنّ هذا شرط لذلك كالطهارة للصلاة، ومانعي أي هذا مانع لذلك كالنجاسة للصلاة. فأجاب البعض عنه بأنّ خطاب الوضع ليس بحكم، وإن جعلها غيرنا حكما إذ لا مشاحة في الاصطلاح ولو سلّم أنّه حكم فلا نسلّم خروجه عن الحدّ إذ المراد من الاقتضاء والتخيير أعمّ من التصريحي والضمني، والخطاب الوضعي من قبيل الضمني إذ معنى سببية الدلوك وجوب الصلاة عند الدلوك.
ومعنى شرطية الطهارة وجوبها في الصلاة أو حرمة الصلاة بدونها. ومعنى مانعية النجاسة حرمة الصلاة معها أو وجوب إزالتها حالة الصلاة، وكذا في جميع الأسباب والشروط والموانع. وبعضهم زاد قيدا في التعريف ليشتمله، فقال بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع، أي وضع الشارع وجعله. فإن قلت الحكم يتناول القياس المحتمل للخطأ فكيف ينسب إلى الله تعالى؟ قلت الحاكم في المسألة الاجتهادية هو الله تعالى إلّا أنه لم يحكم إلّا بالصواب.
فالحكم المنسوب إليه هو الحق الذي لا يحوم حوله الباطل، وما وقع من الخطأ للمجتهد فليس بحكم حقيقة بل ظاهرا وهو معذور في ذلك.
قال صدر الشريعة بعضهم عرّف الحكم الشرعي بهذا التعريف المذكور، فإذا كان هذا التعريف للحكم فمعنى الشرعي ما يتوقّف على الشرع فيكون قيدا مخرجا لوجوب الإيمان ونحوه. وإذا كان تعريفا للحكم الشرعي فمعنى الشرعي ما ورد به خطاب الشارع لا ما يتوقّف على الشرع، وإلّا لكان الحدّ أعمّ من المحدود لتناوله مثل وجوب الإيمان. ومعنى الحكم في قولنا الحكم الشرعي على هذا إسناد أمر إلى آخر، وإلّا لزم تكرار قيد الشرعي. وقال الآمدي الحكم خطاب الشارع لفائدة شرعية. قيل إن فسّر الآمدي الفائدة الشرعية بمتعلّق الحكم فدور، ولو سلّم أن لا دور فلا دليل عليه في اللفظ. وإن فسّرها بما لا تكون حسّية ولا عقلية على ما يشعر به كلامه حيث قال: هذا القيد احتراز عن خطابه بما لا يفيد فائدة شرعية كالإخبار عن المحسوسات والمعقولات، وردّ على طرد الحدّ إخبار الشارع بالمغيبات كقوله تعالى: وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فزيد قيد يختصّ به ليخرج ما أورد عليه إذ لا تحصل تلك الفائدة إلّا بالاطلاع على الخطاب لأنّ فائدة الإخبار عن المغيّبات قد يطّلع عليها لا من خطاب الشرع، إذ لكل خبر مدلول خارجي قد يعلم وقوعه بطريق آخر كالإحساس في المحسوسات والضرورة، والاستدلال في المعقولات والإلهام، مثلا في المغيبات فإن للخبر لفظا ومعنى ثابتا في نفس المتكلم يدلّ عليه اللفظ فيرتسم في نفس السامع، هو مفهوم الطرفين والحكم، ومتعلقا لذلك المعنى هو النسبة المتحققة في نفس الأمر بين الطرفين يشعر اللفظ بوقوعه في الخارج. لكن الإشعار بوقوعه لا يستــلزم وقوعه بل قد يكون واقعا فيكون الخبر صادقا وقد لا يكون فيكون كاذبا، بخلاف الحكم بالمعنى المذكور فإنّه إنشاء والإنشاء له لفظ ومعنى يدلّ عليه لكن ليس لمعناه متعلّق يقصد الإشعار والإعلام به، بل إنّما يقصد به الإشعار بنفس ذلك المعنى الثابت في النفس كالطّلب مثلا في الإنشاءات الطلبية.
ومثل هذا المعنى لا يعلم إلّا باللفظ توقيفا، أي بطريق جعل السامع واقفا على ثبوته في النفس، فيختصّ بالخطاب الدال عليه. فمثل قوله تعالى كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ إن قصد به الإعلام بنسبة واقعة سابقة كان خبرا فلا يكون حكما بالمعنى المذكور، وإن قصد به الإعلام بالطلب القائم بالنفس كان إنشاء فيكون حكما. قيل هاهنا دور إذ معرفة الخطاب المفيدة فائدة مختصّة به موقوفة على تصوّر الفائدة المختصّة ضرورة توقّف الكلام على تصوّر أجزائه، وهي متوقّفة على الخطاب فيــلزم الدور. قيل جوابه أنّ المتوقّف على الخطاب حصول الفائدة، وما توقّف عليه الخطاب تصوّرها وحصول الشيء غير تصوّره فلا دور. قيل لا حاجة إلى زيادة القيد بل الحدّ مطّرد ومنعكس لا غبار عليه وذلك بأن تفسّر الفائدة الشرعية بتحصيل ما هو حصولها بخطاب الشارع دون ما هو حاصل في نفسه ولو في المستقبل، ورد به خطاب الشرع أم لا، لكنه يعلم بخطابه كالمغيّبات، فإنّ الإخبار عنها لا يحصلها بل يفيد العلم بها.
لكن بقي بعد شيء وهو أنّ مثل قوله تعالى فَنِعْمَ الْماهِدُونَ ونِعْمَ الْعَبْدُ يدخل في الحدّ وليس بحكم.
ومنها الأثر الثابت بالشيء كما وقع في الهادية حاشية الكافية في بحث المعرب. وفي العارفية حاشية شرح الوقاية في بيان الوضوء كون الحكم بمعنى الأثر الثابت بالشيء إنما هو من أوضاع الفقهاء واصطلاحات المتأخرين انتهى. وفي التوضيح يطلقون الحكم على ما ثبت بالخطاب كالوجوب والحرمة مجازا بطريق إطلاق اسم المصدر على المفعول كالخلق على المخلوق. لكن لما شاع فيه صار منقولا اصطلاحيا وهو حقيقة اصطلاحية انتهى.
وحاصل هذا أنّ الحكم عند الفقهاء هو أثر خطاب الشارع.
ومنها الأثر المترتّب على العقود والفسوخ كملك الرقبة أو المتعة أو المنفعة المترتّب على فعل المكلّف وهو الشراء. وفي التلويح في باب الحكم إطلاق الحكم في الشرع على خطاب الشارع وعلى الأثر المترتّب على العقود والفسوخ إنّما هو بطريق الاشتراك انتهى. فعلم من هذا أنّ إطلاق الحكم على الأثر الثابت بالشيء ليس من أوضاع الفقهاء كما ذكره صاحب العارفية، اللهم إلّا أن يراد بالشيء خطاب الشارع أو العقود والفسوخ. نعم إطلاقه بهذا المعنى شائع في عرفهم وعرف غيرهم.
قال المولوي عصام الدين في حاشية الفوائد الضيائية: تفسير الحكم بالأثر المترتّب على الشيء مما أتى به أقوام بعد أقوام وإن لم أعثر على مأخذه في أفانين الكلام انتهى.
ومنها الخاصة كما وقع في الحاشية الهندية في بحث المعرب. قال في الهادية هذا من قبيل ذكر اللازم وإرادة الملزوم لأنّ حكم الشيء أي أثره لا يكون إلّا مختصا به ضرورة استحالة توارد المؤثّرين على أثر واحد.
تقسيم
ما يطلق عليه لفظ الحكم شرعا على ما اختاره صدر الشريعة في التوضيح هو ما حاصله أنّ الحكم إمّا حكم بتعلّق شيء بشيء أو لا. فإن لم يكن فالحكم إمّا صفة لفعل المكلّف أو أثر له. فإن كان أثرا كالملك فلا بحث هاهنا عنه، وإن كان صفة فالمعتبر فيه اعتبارا أوليا إمّا المقاصد الدنيوية أو الأخروية.
فالأول ينقسم الفعل بالنظر إليه تارة إلى صحيح وباطل وفاسد وتارة إلى منعقد وغير منعقد، وتارة إلى نافذ وغير نافذ، وتارة إلى لازم وغير لازم، والثاني إمّا أصلي أو غير أصلي.
فالأصلي إمّا أن يكون الفعل أولى من الترك أو الترك أولى من الفعل، أو لا يكون أحدهما أولى. فالأوّل إن كان مع منع الترك بدليل قطعي ففرض أو بظني فواجب، وإلّا فإن كان الفعل طريقة مسلوكة في الدين فسنة، وإلّا فندب. والثاني إن كان مع منع الفعل فحرام وإلّا فمكروه. والثالث مباح وغير الأصلي رخصة. وإن كان حكما بتعلّق شيء بشيء فالمتعلّق إن كان داخلا فركن، وإلّا فإن كان مؤثّرا فيه فعلّة، وإلّا فإن كان موصلا إليه في الجملة فسبب، وإلّا فإن توقّف الشيء عليه فشرط، وإلّا فعلامة. وإنّما قلنا هذا تقسيم ما يطلق عليه لفظ الحكم شرعا إذ لو أريد بالحكم خطاب الشارع أو أثره لا يشمل الحكم نحو الملك لأنّ الملك إنّما ثبت بفعل المكلّف لا الخطاب. فالمقصود هاهنا بيان أقسام ما يطلق عليه لفظ الحكم في الشرع. فإنّ التحقيق أنّ إطلاق الحكم على خطاب الشرع وعلى أثره وعلى الأثر المترتّب على العقود والفسوخ إنّما هو بطريق الاشتراك، هكذا ذكر في التلويح في باب الحكم. ومثل هذا تقسيمهم العلّة إلى سبعة أقسام كما يجيء في محله.
اعلم أنّ أفعال المكلّف اثنا عشر قسما لأنّ ما يأتي به المكلّف إن تساوى فعله وتركه فمباح، وإلّا فإن كان فعله أولى فمع المنع عن الترك واجب وبدونه مندوب. وإن كان تركه أولى فمع المنع عن الفعل بدليل قطعي حرام وبدليل ظنّي مكروه كراهة التحريم، وبدون المنع عن الفعل مكروه كراهة التنزيه، هذا على رأي محمد. وأمّا على رأيهما فهو أنّ ما يكون تركه أولى من فعله فهو مع المنع عن الفعل حرام، وبدونه مكروه كراهة التنزيه إن كان إلى الحلّ أقرب، بمعنى أنّه لا يعاقب فاعله لكن يثاب تاركه أدنى ثواب، ومكروه كراهة التحريم إن كان إلى الحرام أقرب، بمعنى أنّ فاعله يستحق محذورا دون العقوبة بالنار. ثم المراد بالواجب ما يشمل الفرض أيضا لأنّ استعماله بهذا المعنى شائع عندهم كقولهم الزكاة واجبة والحج واجب، بخلاف إطلاق الحرام على المكروه تحريما فإنه ليس بشائع. والمراد بالمندوب ما يشمل السّنة الغير المؤكّدة والنفل.
وأمّا السّنة المؤكّدة فهي داخلة في الواجب على الأصح، فصارت الأقسام ستة، ولكلّ منها طرفان، فعل أي الإيقاع، وترك أي عدم الفعل، فيصير اثنا عشر قسما، هكذا في التلويح وحواشيه.
خاتمة
قد عرفت أنّ الحكم عند الأصوليين هو نفس خطاب الله تعالى. فالإيجاب هو نفس معنى قوله افعل وهو قائم بذاته سبحانه، وليس للفعل من الإيجاب المتعلّق به صفة حقيقية قائمة به تسمّى وجوبا. فإنّ القول لفظيا كان أو نفسيا ليس لمتعلّقه منه صفة حقيقية، أي لا يحصل لما يتعلّق به القول بسبب تعلّقه به صفة موجودة لأنّ القول يتعلّق بالمعدوم كما يتعلّق بالموجود. فلو اقتضى تعلّقه تلك الصفة لكان المعدوم متصفا بصفة حقيقية، وهو أي معنى قوله افعل إذ أنسب إلى الحاكم تعالى لقيامه به يسمّى إيجابا، وإذا نسب إلى ما فيه الحكم وهو الفعل لتعلّقه به يسمّى وجوبا، فالإيجاب والوجوب متّحدان بالذات لأنّهما ذلك المعنى القائم بذاته تعالى المتعلّق بالفعل مختلفان بالاعتبار لأنّه باعتبار القيام إيجاب وباعتبار التعلّق وجوب، وكذا الحال في التحريم والحرمة وترتّب الوجوب على الإيجاب بأن يقال أوجب الفعل، فوجب مبني على التغاير الاعتباري، فلا ينافي الاتّحاد الذاتي. وهذا كما قيل التعليم والتعلّم واحد بالذات واثنان بالاعتبار لأنّ شيئا واحدا وهو إسباق ما إلى اكتساب مجهول بمعلوم يسمّى بالقياس إلى الذي يحصل فيه تعلّما، وبالقياس إلى الذي يحصل منه تعليما، كالتّحرّك والتّحريك. فلذلك الاتحاد ترى الأصوليين يجعلون أقسام الحكم الوجوب والحرمة تارة والإيجاب والتحريم أخرى ومرة الوجوب والتحريم. قيل ما ذكرتم إنما يدلّ على أنّ الفعل من حيث تعلّق به القول لم يتصف بصفة حقيقية يسمّى وجوبا، لكن لم لا يجوز أن يكون صفة اعتبارية هي المسمّاة بالوجوب، أعني كونه حيث تعلّق به الإيجاب، بل هذا هو الظاهر، فيكون كلّ من الموجب والواجب متصفا بما هو قائم به. ولا شكّ أنّ القائم بالفعل ما ذكرناه لا نفس القول، وإن كانت هناك نسبة قيام باعتبار التعلّق. ولو ثبت أنّ الوجوب صفة حقيقية لتمّ المراد إذ ليس هناك صفة حقيقية سوى ما ذكر إلّا أنّ الكلام في ذلك.
واعلم أنّ النزاع لفظي إذ لا شكّ في خطاب نفساني قائم بذاته تعالى متعلّق بالفعل يسمّى إيجابا مثلا، وفي أنّ الفعل بحيث يتعلّق به ذلك الخطاب الإيجابي يسمّى وجوبا. فلفظ الوجوب إن أطلق على ذلك الخطاب من حيث تعلقه بالفعل كان الأمر على ما سبق، ولا يــلزم المسامحة في وصف الفعل حينئذ بالوجوب، وإن أطلق على كون الفعل تعلّق به ذلك الخطاب لم يتحدا بالذات، وتــلزم المسامحة في عباراتهم حيث أطلق أحدهما على الآخر. هذا كله خلاصة ما في العضدي وحواشيه. 
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.