كواليني: صائع الأقفال (همبرت 85).
كواليني: صائع الأقفال (همبرت 85).
هيل: هَالَ عليه التُّرابَ هَيْلاً وأَهالَه فانْهالَ وهَيَّله
فتَهَيَّل، ويذمّ الرجل فيقال: جُرْفٌ مُنْهالٌ،
(* قوله «فيقال جرف منهال إلخ»
عبارة المحكم: فيقال جرف منهال وسحاب منجال، أَما جرف منهال فانما يعني...
إلى آخر ما هنا) فإِنما يعني أَنه ليس له حَزْم ولا عَقْل؛ وأَما قولهم
سحاب مُنْجال فمعناه أَنه لا يُطْمَع في خيره كأَنه مقلوب من مُنْجَلٍ.
والهَيْل: ما لم ترفع به يدك، والحَثْيُ: ما رفعت به يَدَك. وهالَ الرملَ:
دفعه فانْهال، وكذلك هَيَّلَه فَتَهَيَّل. والهَيْل والهَائل من الرمل:
الذي لا يثبت مكانَه حتى يَنْهال فيسقط، وهِلْتُه أَنا؛ وأَنشد:
هَيْلٌ مَهِيلٌ من مَهِيلِ الأَهْيَلِ
وفي حديث الخندَق: فعادت كثيباً أَهْيَلَ أَي رَمْلاً سائلاً، والهَيْل
والهَيَال والهَيْلانُ: ما انْهال منه؛ قال مزاحم:
بكل نَقاً وَعْثٍ، إِذا ما عَلَوْتَه
جرى نَصَفاً هَيْلانُه المُتَساوِقُ
ورمل أَهْيَل: مُنْهال لا يثبت. وجاء بالهَيْل والهَيْلَمَان
والهَيْلُمان أَي جاء بالمال الكثير؛ الأَخيرة عن ثعلب، وضعوا الهَيْل الذي هو
المصدر موضع الاسم أَي بالمَهِيل، شبه بالرّمل في كثرته، فالميم على هذا في
الهَيْلَمان زائدة كزيادتها في زُرْقُم؛ قال أَبو عبيد: أَي بالرمل
والريح، فالهَيْل من قوله تعالى: وكانت الجبالُ كَثيباً مَهِيلاً؛ وقال ساعدة
بن جُؤيَّة الهذلي يصف ضبُعاً نَبَشت قبراً:
فذَاحَتْ بالوَتائر ثم بَدَّت
يدَيْها، عند جانِبِه، تَهيلُ
والهَيْلَمان، فَيْعَلان، والياء زائدة بدليل قولهم هَلْمان فسقطت
الياء، وضعوا الهَيْل الذي هو المصدر موضع الاسم أَي بالمَهِيل، شبه بالرمل في
كثرته فالميم على هذا في الهَيْلَمان زائدة كزيادتها في زُرْقُم، الأَلف
والنون زائدتان فالوزن على هذا فعْلَمان.
وانْهال عليه القوم: تتابعوا عليه وعَلَوْه بالشتم والضرب والقَهر.
والأَهْيل: موضع؛ قال المتنخل الهذلي:
هل تَعرِف المنزلَ بالأَهْيَل،
كالوَشْمِ في المِعْصَمِ لم يَخْمُل
والهَيُول: الهَبارُ المنبتُّ وهو ما تراه في البيت من ضَوْء الشمس يدخل
في الكُوَّةِ، عبرانية أَو رومية معرَّبة. والهالةُ: دارة القمر؛ قال:
في هالَةٍ هِلالُها كالإِكْليلْ
قال ابن سيده: وإِنما قضينا على عينها أَنها ياء لأَن فيه معنى الهَيُول
الذي هو ضوء الشمس، فإِن قلت: إِن الهَيُول رومية والهَالة عربية كانت
الواو أَولى به لأَنّ انقلاب الأَلف عن الواو وهي عين أَكثر من انقلابها
عن الياء كما ذهب إِليه سيبويه، والجمع هالاتٌ.
الجوهري: هِلْتُ الدقيق في الجِراب صَبَبْته من غير كَيْل، وكل شيء
أَرسلته إِرْسالاً من رمل أَو تراب أَو طعام أَو نحوه قلت هِلْتُه أَهِيلهُ
هَيْلاً فانْهال أَي جرى وانصبَّ، وهو طعام مَهِيلٌ. وفي الحديث: أَن
قوماً شكَوْا إِليه سرعة فَناء طعامهم فقال: أَتَــكِيلون أَم تَهِيلون؟
فقالوا: نَهِيلُ، فقال: كِيلو ولا تَهِيلوا فإِنَّ البركة في الكَيْل. وفي
المثل: أَراكِ مُحْسنَةً فَهِيلي؛ قال ابن بري: يُضرب مثلاً للرجل يُسيء في
فعله فيؤمر بذلك على الهُزْء به. وفي حديث العَلاء: أَوْصَى عند موته
هِيلُوا عليَّ هذا الكثيبَ ولا تحفِروا لي. وتَهَيَّل: تصبَّب. وأَهَلْتُ
الدقيق: لغة في هِلْت، فهو مُهَال ومَهِيل.
وهَيْلانُ في شعر الجعدي: حي من اليمن، ويقال: هو مكان؛ قال ابن بري بيت
الجعدي هو قوله:
كأَنَّ فاهَا، إِذا تَوَسَّنُ، من
طِيبِ مِشَمٍّ وحُسْن مُبْتَسَم،
يُسَنُّ بالضَّرْوِ من بَرَاقِش أَو
هَيْلانَ، أَو ناضِرٍ من العُتُم
والضرْوُ: شجر طيب الرائحة، والعُتُم: الزيتون، وقيل: نبت يشبهه. وقال
أَبو عمرو: بَراقِش وهَيْلان واديان باليمن. وهَالةُ: أُم حمزة بن عبد
المطلب.
حفد: حَفَدَ يَحْفِدُ حَفْداً وحَفَداناً واحتفد: خفَّ في العمل وأَسرع.
وحَفَدَ يَحْفِدُ حَفْداً: خَدَم. الأَزهري: الحَفْدُ في الخدمة والعمل
الخفة؛ وأَنشد:
حَفَدَ الولائدُ حولهن، وأَسلمتْ
بأَكُفِّهِنَّ أَزمَّةَ الأَجْمالِ
وروي عن عمر أَنه قرأَ في قنوت الفجر: وإِليك نسعى ونَحْفِدُ أَي نسرع
في العمل والخدمة. قال أَبو عبيد: أَصل الحَفْد الخدمة والعمل؛ وقيل: معنى
وإِليك نسعى ونحفد نعمل لله بطاعته. الليث: الاحتفاد السرعة في كل شيء؛
قال الأَعشى يصف السيف:
ومُحْتَفِدُ الوقعِ ذو هَبَّةٍ،
أَجاد جِلاه يَدُ الصَّيْقَل
قال الأَزهري: رواه غيره ومحتفل الوقع، باللام، قال: وهو الصواب. وفي
حديث عمر، رضي الله عنه، وذكر له عثمان للخلافة قال: أَخشى حفْدَه أَي
إِسراعه في مرضاة أَقاربه. والحَفْدُ: السرعة. يقال: حَفَدَ البعيرُ والظليم
حَفْداً وحَفَداناً، وهو تدارك السير، وبعير حَفَّادٌ. قال أَبو عبيد:
وفي الحفد لغة أُخرى أَحْفَدَ إِحْفاداً. وأَحفدته: حملته على الحَفْدِ
والإِسراع؛ قال الراعي:
مَزايدُ خَرْقاءِ اليَدَينِ مُسِيفَةٍ،
أَخَبَّ بهن المُخْلِفانِ وأَحْفَدا
أَي أَحفدا بعيريهما. وقال بعضهم: أَي أَسرعا، وجعل حَفَدَ وأَحفد
بمعنى. وفي التهذيب: أَحفدا خدما، قال: وقد يكون أَحفدا غيرهما.
والحَفَدُ والحَفَدَة: الأَعوان والخدَمة، واحدهم حافد. وحفَدة الرجل:
بناته، وقيل: أَولاد أَولاده، وقيل: الأَصهار.
والحفيد: ولد الولد، والجمع حُفَداءُ. وروي عن مجاهد في قوله بنين وحفدة
أَنهم الخدم، وروي عن عبد الله أَنهم الأَصهار، وقال الفرّاء: الحَفَدة
الأَختان ويقال الأَعوان، ولو قيل الحَفَدُ كان صواباً، لأَن الواحد حافد
مثل القاعد والقَعَد. وقال الحسن: البنون بنوك وبنو بينك، وأَما الحفدة
فما حفدك من شيء وعمل لك وأَعانك. وروى أَبو حمزة عن ابن عباس، رضي الله
عنهما، في قوله تعالى: بنين وحفدة، قال: من أَعانك فقد حفدك؛ أَما سمعت
قوله:
حَفَدَ الولائدُ حولهنَّ وأَسلمت
وقال الضحاك: الحفدة بنو المرأَة من زوجها الأَوَّل. وقال عكرمة: الحفدة
من خدمك من ولدك وولد ولدك. وقال الليث: الحفدة ولد الولد. وقيل: الحفدة
البنات وهنَّ خدم الأَبوين في البيت. وقال ابن عرفة: الحفَدُ عند العرب
الأَعوان، فكل من عمل عملاً أَطاع فيه وسارع فهو حافد؛ قال: ومنه قوله
وإِليك نسعى ونحفد. قال: والحَفَدانُ السرعة. وروى عاصم عن زرّ قال: قال
عبدالله: يا زرّ هل تدري ما الحفدة؟ قال: نعم، حُفَّادُ الرجل من ولده وولد
ولده، قال: لا ولكنهم الأَصهار؛ قال عاصم: وزعم الكلبي أَن زرّاً قد
أَصاب؛ قال سفيان: قالوا وكذب الكلبي. وقال ابن شميل: قال الحفدة الأَعوان
فهو أَتبع لكلام العرب ممن قال الأَصهار؛ قال:
فلو أَن نفسي طاوعتني، لأَصبحت
لها حَفَدٌ مما يُعَدُّ كثير
أَي خَدَم حافد وحَفَدٌ وحَفَدَةٌ جميعاً.
ورجل محفود أَي مخدوم. وفي حديث أُم معبد: محفود محشود؛ المحفود: الذي
يخدمه أَصحابه ويعظمونه ويسرعون في طاعته. يقال: حَفَدْتُ وأَحْفَدْتُ
وأَنا حافد ومحفود. وحَفَدٌ وحَفَدة جمع حافد. ومنه حديث أُمية: بالنعم
محفود. وقال: الحَفْدُ والحَفدان والإِحفاد في المشي دون الخَبَبِ؛ وقيل:
الحَفَدان فوق المشي كالخبب، وقيل: هو إِبطاء الرَّكَكِ، والفعل كالفعل.
والمَحْفِدُ والمِحْفَدُ: شيء تعلف فيه الإِبل كالمِكْتَلِ؛ قال الأَعشى يصف
ناقته:
بناها الغَوادي الرضِيخُ مع الخَلا،
وسَقِْي وإِطعامي الشعيرَ بِمَحْفِدِ
(* قوله «الغوادي الرضيخ إلخ» كذا بالأصل الذي بأيدينا، وكذا في شرح
القاموس)
الغوادي: النَّوَى. والرضيخ: المرضوخ وهو النوى يبل بالماء ثم يرضخ،
وقيل: هو مكيال يكال به، وقد روي بيت الأَعشى بالوجهين معاً:
بناها السواديّ الرضيخُ مع النوى،
وقَتٍّ وإِعطاء الشعيرِ بِمِحْفَدِ
ويروى بِمَحْفِد، فمن كسر الميم عده مما يعتمل به، ومن فتحها فعلى توهم
المكان أَو الزمان. ابن الأَعرابي: أَبو قيس مكيال واسمه المِحْفَدُ وهو
القَنْقَلُ.
ومَحافِدُ الثوب: وشْيُهُ، واحدها مَحْفِدٌ. ابن الأَعرابي: الحَفَدَةُ
صُناع الوشي والحفد الوَشْيُ. ابن شميل: يقال لطرف الثوب مِحفد، بكسر
الميم، والمَحْفِد: الأَصل عامّة؛ عن ابن الأَعرابي، وهو المَحْتِدُ
والمَحفِد والمَحْكِد والمَحْقِدُ: الأَصل.
ومَحْفِدُ الرجل: مَحْتِدُه وأَصله. والمحفد: السنام.
وفي المحكم: أَصل السنام؛ عن يعقوب؛ وأَنشد لزهير:
جُمالِيَّة لم يُبْقِ سيري ورِحْلَتي
على ظهرها، من نَيَّها، غيرَ مَحْفِد
وسيف مُحتفِدٌ: سريع القطع.
بهر: البُهْرُ: ما اتسع من الأَرض. والبُهْرَةُ: الأَرضُ السَّهْلَةُ،
وقيل هي الأَرض الواسعة بين الأَجْبُلِ. وبُهْرَةُ الوادي: سَرارَتُه
وخيره. وبُهْرَةُ كل شيء: وسطُه. وبُهْرَةُ الرَّحْلِ كزُفْرَتِه أَي وسطه.
وبُهْرَةُ الليل والوادي والفرس: وسطه. وابْهارَّ النهارُ: وذلك حين ترتفع
الشمس. وابْهارَّ الليلُ وابْهِيراراً إِذا انتصف؛ وقيل: ابْهارَّ
تراكبت ظلمته، وقيل: ابْهارَّ ذهبت عامّته وأَكثره وبقي نحو من ثلثه.
وابْهارَّ علينا أَي طال. وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم: أَنه سار ليلةً
حتى ابْهارَّ الليلُ. قال الأَصمعي: ابْهارَّ الليلُ يعني انتصف، وهو
مأْخوذ من بُهْرَةِ الشيء وهو وسطه. قال أَبو سعيد الضرير: ابْهِيرارُ الليل
طلوعُ نجومه إِذا تنامّت واستنارت، لأَن الليل إِذا أَقبل أَقبلت
فَحْمَتُه، وإِذا استنارت النجوم ذهبت تلك الفحمة.
وفي الحديث: فلما أَبْهَرَ القومُ احترقوا أَي صاروا في بُهْرَةِ النهار
وهو وسطه.
وتَبَهَّرَتِ السحابةُ: أَضاءت. قال رجل من الأَعراب وقد كبر وكان في
داخل بينه فمرّت سحابة: كيف تراها يا بنيّ؟ فقال: أَراها قد نَكَّبتْ
وتَبَهَّرَتْ؛ نَكَّبَتْ: عَدَلَتْ.
والبُهْرُ: الغلبة. وبَهَرَهُ يَبْهَرُهُ بَهْراً: قَهَرَهُ وعلاه
وغلبه. وبَهَرَتْ فُلانةُ النساء: غلبتهن حُسْناً. وبَهَرَ القمرُ النجومَ
بُهُوراً: غَمَرَها بضوئه؛ قال:
غَمَّ النجومَ ضَوؤُه حِينَ بَهَرْ،
فَغَمَرَ النَّجْمَ الذي كان ازْدَهَرْ
وهي ليلة البُهْرِ. والثلاث البُهْرُ: التي يغلب فيها ضوءُ القمر
النجومَ، وهي الليلة السابعة والثامنة والتاسعة. يقال: قمر باهر إِذا علا
الكواكبُ ضَوؤه وغلب ضوؤُه ضوأَها؛ قال ذو الرمة يمدح عمر بن هبيرة:
ما زِلْتَ في دَرَجاتِ الأَمْرِ مُرْتَقِياً،
تَنْمي وتَسْمُو بك الفُرْعانُ مِنْ مُضَرَا (قوله الفرعان هكذا في
الأَصل، ولعلها القُرعان: ويريد بهم الأَقرع بن حابس الصحابي وأَخاه مرثداً
وكانا من سادات العرب).
حَتَّى بَهَرْتَ فما تَخْفَى على أَحَدٍ،
إِلاَّ على أَكْمَهٍ، لا يَعْرِفُ القَمَرَا.
أَي علوت كل من يفاخرك فظهرت عليه. قال ابن بري: الذي أَورده الجوهري
وقد بَهرْتَ، وصوابه حتى بَهرْتَ كما أَوردناه، وقوله: على أَحد؛ أَحد ههنا
بمعنى واحد لأَن أَحداً المستعمل بعد النفي في قولك ما أَحد في الدار لا
يصح استعماله في الواجب. وفي الحديث: صلاة الضحى إِذا بَهَرَت الشَّمسُ
الأَرضَ أَي غلبها نورها وضوْؤُها. وفي حديث عليّ: قال له عَبْدُ خَيْرٍ:
أُصَلِّي إِذا بَزَغَتِ الشمسُ؟ قال: لا، حتى تَبْهَرَ البُتَيْراءُ أَي
يستبين ضوؤُها. وفي حديث الفتنة: إِنْ خَشِيتَ أَن يَبْهَرَك شُعاعُ
السيف. ويقال لليالي البيض: بُهْرٌ، جمع باهر. ويقال: بُهَرٌ بوزن ظُلَمٍ
بُهْرَةٍ، كل ذلك من كلام العرب. وبَهَرَ الرجلُ: بَرَعَ؛ وأَنشد البيت
أَيضاً:
حتى بهرتَ فما تخفي على أَحد
وبَهْراً له أَي تَعْساً وغَلَبَةً؛ قال ابن ميادة:
تَفَاقَدَ قَوْمي إِذ يَبِيعُونَ مُهْجَتي
بجاريةٍ، بَهْراً لَهُمْ بَعْدَها بَهْرا
وقال عمر بن أَبي ربيعة:
ثم قالوا: تُحِبُّها؟ قُلْتُ: بَهْراً
عَدَدَ الرَّمْلِ والحَصَى والتُّرابِ
وقيل: معنى بَهْراً في هذا البيت جمّاً، وقيل: عَجَباً. قال سيبويه: لا
فعل لقولهم بَهْراً له في حدّ الدعاء وإنما نصب على توهم الفعل وهو مما
ينتصب على إضمار الفعل غَيْرَ المُسْتَعْمَلِ إِظهارُه. وبَهَرَهُم الله
بَهْراً: كَرَبَهُم؛ عن ابن الأَعرابي. وبَهْراً لَهُ أَي عَجَباً.
وأَبْهَرَ إِذا جاء بالعَجَبِ. ابن الأَعرابي: البَهْرُ الغلبة. والبَهْرُ:
المَلْءُ، والبَهْرُ: البُعْدُ، والبَهْرُ: المباعدة من الخير، والبَهْرُ:
الخَيْبَةُ، والبَهْرُ: الفَخْرُ. وأَنشد بيت عمر بن أَبي ربيعة؛ قال أَبو
العباس: يجوز أَن يكون كل ما قاله ابن الأَعرابي في وجوه البَهْرِ أَن
يكون معنى لما قال عمر وأَحسنها العَجَبُ. والبِهارُ: المفاخرة. شمر:
البَهْرُ التَعْسُّ، قال: وهو الهلاك.
وأَبْهَرَ إِذا استغنى بعد فقر. وأَبْهَرَ: تزوج سيدة، وهي البَهِيرَةُ.
ويقال: فلانة بَهِيرَةٌ مَهِيرَةٌ. وأَبْهَرَ إِذا تلوّن في أَخلاقه
دَمًّاثَةً مَرّةً وخُبْثاً أُخْرى. والعرب تقول: الأَزواج ثلاثة: زوجُ
مَهْرٍ، وزوجُ بَهْرٍ، وزوج دَهْرٍ؛ فأَما زوج مهرٍ فرجل لا شرف له فهو
يُسنْي المهرَ ليرغب فيه، وأَما زوج بهر فالشريف وإِن قل ماله تتزوجه المرأَة
لتفخر به، زووج دهر كفؤها؛ وقيل في تفسيرهم: يَبْهَرُ العيون بحسنه أَو
يُعدّ لنوائب الدهر أَو يؤخذ منه المهر.
والبُهْرُ: انقطاع النَّفَسِ من الإِعياء؛ وقد انْبَهَرَ وبُهِرَ فهو
مَبْهُورٌ وبَهِيرٌ؛ قال الأَعشى:
إِذا ما تَأَتَّى يُرِيدُ القيام
تَهادى، كما قَدْ رَأَيْتَ البَهِيرَا
والبُهْرُ بالضم: تتابع النَّفَسِ من الإِعياء، وبالفتح المصدر؛
بَهَرَهُ الحِمْلُ يَبْهَرُهُ بَهْراً أَي أَوقع عليه البُهْرَ فانْبَهَرَ أَي
تتابع نفسه. ويقال: بُهِرَ الرجل إِذا عدا حتى غلبه البُهْرُ وهو
الرَّبْوُ، فهو مبهور وبهير. شمر: بَهَرْت فلاناً إِذا غلبته ببطش أَو لسان.
وبَهَرْتُ البعيرَ إِذا ما رَكَضْتَهُ حتى ينقطع؛ وأَنشد ببيت ابن
ميادة:أَلا يا لقومي إِذ يبيعون مِهْجَتي
بجاريةٍ، بَهْراً لَهُمْ بَعْدَها بَهْرَا
ابن شميل: البَهْرُ تَكَلُّف الجُهْدِ إِذا كُلِّفَ فوق ذَرْعِهِ؛ يقال
بَهَرَه إِذا قطع بُهْرَهُ إِذا قطع نَفَسَه بضرب أَو خنق أَو ما كان؛
وأَنشد:
إِنَّ البخيل إِذَا سَأَلْتَ إِذَا سَأَلْتَ بَهَرْتَهُ
وفي الحديث: وقع عليه البُهْرُ، هو بالضم ما يعتري الإِنسان عند السعي
الشديد والعدو من النهيج وتتابع النَّفَس؛ ومنه حديث ابن عمر: إِنه أَصابه
قَطْعٌ أَو بُهْرٌ.
وبَهَرَه: عالجه حتى انْبَهَرَ. ويقال: انبهر فلان إِذا بالغ في الشيء
ولم يَدَعْ جُهْداً. ويقال: انْبَهَرَ في الدعاء إِذا تحوّب وجهد،
وابْتَهَرَ فُلانٌ في فلان ولفلان إِذا لم يدع جهداً مما لفلان أَو عليه، وكذلك
يقال ابتهل في الدعاء؛ قال: وهذا مما جعلت اللام فيه راء. وقال خالد بن
جنبة: ابتهل في الدعاء إِذا كان لا يفرط عن ذلك ولا يَثْجُو، قال: لا
يَثْجُو لا يسكت عنه؛ قال: وأَنشد عجوز من بني دارم لشيخ من الحي في
قعيدته:ولا ينامُ الضيف من حِذَارِها،
وقَوْلِها الباطِلِ وابْتِهارِها
وقال: الابْتِهارُ قول الكذب والحلف عليه. والابتهار: ادّعاء الشيء
كذباً؛ قال الشاعر:
وما بي إِنْ مَدَحْتُهُمُ ابْتِهارُ
وابْتُهر فُلانٌ بفلانَةَ: شُهِرَ بها.
والأَبْهرُ: عِرْق في الظهر، يقال هو الوَرِيدُ في العُنق، وبعضهم يجعله
عرْقاً مُسْتَبْطِنَ الصُّلْب؛ وقيل: الأَبْهَرانِ الأَكْحَلانِ، وفلان
شديد الأَبْهَرِ أَي الظهر. والأَبْهَرُ: عِرْقٌ إِذا انقطع مات صاحبه؛
وهما أَبْهَرانِ يخرجان من القلب ثم يتشعب منهما سائر الشَّرايين. وروي عن
النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: ما زالت أُكْلَةُ خيبر تعاودني
فهذا أَوان قَطَعَتْ أَبْهَرِي؛ قال أَبو عبيد: الأَبْهَرُ عرق مستبطن في
الصلب والقلب متصل به فإِذا انقطع لم تكن معه حياة؛ وأَنشد الأَصمعي لابن
مقبل:
وللفؤادِ وَجِيبٌ تَحْتَ أَبَهرِه،
لَدْمَ الغُلامِ وراءَ الغَيْبِ بالحَجَرِ
الوجيب: تحرُّك القلب تحت أَبهره. والَّلدْمُ: الضَّرْب. والغيب: ما كان
بينك وبينه حجاب؛ يريد أَن للفؤاد صوتاً يسمعه ولا يراه كما يسمع صوت
الحجر الذي يرمي به الصبي ولا يراه، وخص الوليد لأَن الصبيان كثيراً ما
يلعبون برمي الحجارة، وفي شعره لدم الوليد بدل لدم الغلام. ابن الأَثير:
الأَبهر عرق في الظهر وهما أَبهران، وقيل: هما الأَكحلان اللذان في
الذراعين، وقيل: الأَبهر عرق منشؤه من الرأْس ويمتد إِلى القدم وله شرايين تتصل
بأكثر الأَطراف والبدن، فالذي في الرأْس منه يسمى النَّأْمَةَ، ومنه
قولهم: أَسْكَتَ اللهُ نَأْمَتَه أَي أَماته، ويمتدُ إِلى الحلق فيسمى الوريد،
ويمتد إِلى الصدر فيسمى الأَبهر، ويمتد إِلى الظهر فيسمى الوتين والفؤاد
معلق به، ويمتد إِلى الفخذ فيسمى النَّسَا، ويمتدّ إِلى الساق فيسمى
الصَّافِنَ، والهمزة في الأَبهر زائدة، قال: ويجوز في أَوان الضم والفتح،
فالضم لأَنه خبر المبتدإِ، والفتح على البناء لإِضافته إِلى مبني كقوله:
على حِينَ عاتبتُ المَشيبَ عَلى الصِّبا
وقلتُ: أَلمَّا تَصْحُ والشَّيْبُ وازِعُ؟
وفي حديث علي، كرم الله وجهه: فيُلْقى بالفضاء منقطعاً أَبْهَراهُ.
والأَبْهَرُ من القوس: ما بين الطائف والكُلْية. الأَصمعي: الأَبهر من القوس
كبدها وهو ما بين طرفي العِلاقَةِ ثم الكلية تلي ذلك ثم الأَبهر يلي ذلك
ثم الطائف ثم السِّيَةُ وهو ما عطف من طرفيها. ابن سيده: والأَبهر من
القوس ما دون الطائف وهما أَبهِران، وقيل: الأَبهر ظهر سية القوس، والأَبهر
الجانب الأَقصر من الريش، والأَباهر من ريش الطائر ما يلي الكُلَى
أَوّلها القَوادِمُ ثم المَنَاكِبُ ثم الخَوافي ثم الأَباهِرُ ثم الكلى؛ قال
اللحياني: يقال لأَربع ريشات من مقدّم الجناح القوادم، ولأَربع تليهن
المناكب، ولأَربع بعد المناكب الخوافي، ولأَربع بعد الخوافي الأَباهر. ويقال:
رأَيت فلاناً بَهْرَةً أَي جَهْرَةً علانية؛ وأَنشد:
وكَمْ مِنْ شُجاع بادَرَ المَوْتَ بَهْرَةً،
يَمُوتُ على ظَهْرِ الفِراشِ ويَهْرَمُ
وتَبَهَّر الإِناءُ: امْتَلأَ؛ قال أَبو كبير الهذلي:
مُتَبَهّراتٌ بالسِّجالِ مِلاؤُها،
يَخْرُجْنَ مِنْ لَجَفٍ لهَا مُتَلَقَّمِ
والبُهار: الحِمْلُ، وقيل: هو ثلثماه رطل بالقبطية، وقيل: أَربعمائة
رطل، وقيل: ستمائة رطل، عن أَبي عمرو، وقيل: أَلف رطل، وقال غيره: البهار،
بالضم، شيء يوزن به وهو ثلثمائة رطل. وروي عن عمرو بن العاص أَنه قال:
إِنّ ابن الصَّعْبَةِ، يعني طلحة ابن عبيد الله، كان يقال لأُمه الصعبة؛
قال: إِنّ ابن الصعبة ترك مائة بُهار في كل بُهار ثلاثة قناطير ذهب وفضة
فجعله وعاء؛ قال أَبو عبيد: بُهار أَحسبها كلمة غير عربية وأُراها قبطية.
الفرّاء: البُهارُ ثلثمائة رطل، وكذلك قال ابن الأَعرابي، قال:
والمُجَلَّدُ ستمائة رطل، قال الأَزهري: وهذا يدل على أَن البُهار عربي صحيح وهو ما
يحمل على البعير بلغة أَهل الشأْم؛ قال بُرَيْقٌ الهُذَليّ يصف سحاباً
ثقيلاً:
بِمُرْتَجِزٍ كَأَنَّ على ذُرَاهُ
رِكاب الشَّأْمِ، يَحْمِلْنَ البُهارا
قال القتيبي: كيف يُخْلفُ في كل ثلثمائة رطل ثلاثة قناطير؟ ولكن البُهار
الحِمْلُ؛ وأَنشد بيت الهذلي. وقال الأَصمعي في قوله يحملن البهارا:
يحملن الأَحمال من متاع البيت؛ قال: وأَراد أَنه ترك مائة حمل. قال: مقدار
الحمل منها ثلاثة قناطير، قال: والقنطار مائة رطل فكان كل حمل منها
ثلثمائة رطل. والبُهارُ: إِناءٌ كالإِبْريق؛ وأَنشد:
على العَلْياءِ كُوبٌ أَو بُهارُ
قال الأَزهري: لا أَعرف البُهارَ بهذا المعنى.
ابن سيده: والبَهارُ كُلُّ شيء حَسَنٍ مُنِيرٍ. والبَهارُ: نبت طيب
الريح. الجوهري: البَهارُ العَرارُ الذي يقال له عين البقر وهو بَهارُ
البَرْ، وهو نبت جَعْدٌ له فُقَّاحَةٌ صفراء بنبت أَيام الربيع يقال له
العرارة. الأَصمعي: العَرارُ بَهارُ البر. قال الأَزهري: العرارة الحَنْوَةُ،
قال: وأُرى البَهار فارسية. والبَهارُ: البياض في لبب الفرس.
والبُهارُ: الخُطَّاف الذي يطير تدعوه العامّة عصفور الجنة.
وامرأَة بَهِيرَةٌ: صغيرة الخَلْقِ ضعيفة. قال الليث: وامرأَةٌ
بَهِيرَةٌ وهي القصيرة الذليلة الخلقة، ويقال: هي الضعيفة المشي. قال الأَزهري:
وهذا خطأٌ والذي أَراد الليث البُهْتُرَةُ بمعنى القصيرة، وأَما
البَهِيرَةُ من النساء فهي السيدة الشريفة؛ ويقال للمرأَة إِذا ثقلت أَردافها
فإِذا مشت وقع عليها البَهْرُ والرَّبْوُ: بَهِيرَةٌ؛ ومنه قول الأَعشى:
تَهادَى كما قد رأَيتَ البَهِيرَا
وبَهَرَها بِبُهْتانٍ: قذفها به. والابتهار: أَن ترمي المرأَة بنفسك
وأَنت كاذب، وقيل: الابْتِهارُ أَن ترمي الرجل بما فيه، والابْتِيارُ أَن
ترميه بما ليس فيه. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَنه رفع إِليه غلام
ابْتَهَرَ جارية في شعره فلم يُوجَدِ الثِّبَتُ فدرأَ عنه الحدّ؛ قال أَبو
عبيد: الابتهار أَن يقذفها بنفسه فيقول فعلت بها كاذباً، فإِن كان صادقاً قد
فعل فهو الإِبتيار على قلب الهاء ياء؛ قال الكميت:
قَبيحٌ بِمِثْلِيَ نَعْتُ الفَتَا
ة، إِمَّا ابْتِهاراً وإِمَّا ابْتِيارَا
ومنه حديث العوّام: الابتهار بالذنب أَعظم من ركوبه وهو أَن يقول فعلت
ولم يفعل لأَنه لم يدّعه لنفسه إِلاَّ وهو لو قدر فعل، فهو كفاعله بالنية
وزاد عليه بقبحه وهتك ستره وتبجحه بذنب لم يفعله. وبَهْراءُ: حَيٌّ من
اليمن. قال كراع: بهراء، ممدودة، قبيلة، وقد تقصر؛ قال ابن سيده: لا أَعلم
أَحداً حكى فيه القصر إِلا هو وإِنما المعروف فيه المدّ؛ أَنشد ثعلب:
وقد عَلِمَتْ بَهْرَاءُ أَنَّ سُيوفَنا
سُيوفُ النَّصارَى لا يَلِيقُ بها الدَّمُ
وقال معناه: لا يليق بنا أَن نقتل مسلماً لأَنهم نصارى معاهدون، والنسب
إِلى بَهْرَاءَ بَهْراوِيٌّ، بالواو على القياس، وبَهْرَانِيُّ مثلُ
بَحْرانِيّ على غير قياس، النون فيه بدل من الهمزة؛ قال ابن سيده: حكاه
سيبويه. قال ابن جني: من حذاقق أَصحابنا من يذهب إِلى أَن النون في بهراني
إِنما هي بدل من الواو التي تبدل من همزة التأْنيث في النسب، وأَن الأَصل
بهراوي وأَن النون هناك بدل من هذه الواو، كما أَبدلت الواو من النون في
قولك؛ من وافد، وإِن وقفت وقفت ونحو ذلك، وكيف تصرفت الحال فالنون بدل من
الهمزة؛ قال: وإِنما ذهب من ذهب إِلى هذا لأَنه لم ير النون أُبدلت من
الهمزة في غير هذا، وكان يحتج في قولهم إِن نون فعلان بدل من همزة فعلاء،
فيقول ليس غرضهم هنا البدل الذي هو نحو قولهم في ذئب ذيب وفي جؤْنة جونة،
إِنما يريدون أَن النون تعاقب في هذا الموضع الهمزة كما تعاقب لام المعرفة
التنوين أَ لا تجتمع معه فلما لم تجامعه قيل: إِنها بدل منه، وكذلك
النون والهمزة؛ قال: وهذا مذهب ليس بقصد.
مني: المَنى، بالياءِ: القَدَر؛ قال الشاعر:
دَرَيْتُ ولا أَدْري مَنى الحَدَثانِ
مَناهُ الله يَمْنِيه: قدَّره. ويقال: مَنى اللهُ لك ما يسُرُّك أَي
قَدَّر الله لك ما يَسُرُّك؛ وقول صخر الغيّ:
لعَمرُ أَبي عمرو لقَدْ ساقَه المَنى
إِلى جَدَثٍ يُوزَى لهُ بالأَهاضِبِ
أَي ساقَه القَدَرُ. والمَنى والمَنِيَّةُ: الموت لأَنه قُدِّر علينا.
وقد مَنى الله له الموت يَمْني، ومُنِي له أَي قُدِّر؛ قال أَبو قِلابة
الهذلي:
ولا تَقُولَنْ لشيءٍ: سَوْفَ أَفْعَلُه،
حتى تُلاقِيَ ما يَمْني لك المَاني
وفي التهذيب:
حتى تبَيّنَ ما يَمْني لك الماني
أَي ما يُقَدِّر لك القادر؛ وأَورد الجوهري عجز بيت:
حتى تُلاقَي ما يَمْني لك الماني
وقال ابن بري فيه: الشعر لسُوَيْد بن عامرٍ المُصْطلِقي وهو:
لا تَأْمَنِ المَوتَ في حَلٍّ ولا حَرَمٍ،
إِنَّ المَنايا تُوافي كلَّ إِنْسانِ
واسْلُكْ طَريقَكَ فِيها غَيْرَ مُحْتَشِمٍ،
حتَّى تُلاقَي ما يَمْني لك الماني
وفي الحديث: أَن منشداً أَنشد النبي،صلى الله عليه وسلم:
لا تَأْمَنَنَّ، وإِنْ أَمْسَيْتَ في حَرَمٍ،
حتى تلاقَي ما يمني لك الماني
فالخَيْرُ والشَّرُّ مَقْرونانِ في قَرَنٍ،
بكُلِّ ذلِكَ يأْتِيكَ الجَدِيدانِ
فقال النبي،صلى الله عليه وسلم: لو أَدرك هذا الإِسلام؛ معناه حتى
تُلاقَي ما يُقدِّر لكَ المُقَدِّرُ وهو الله عز وجل. يقال: مَنى الله عليك
خيراً يَمْني مَنْياً، وبه سميت المَنِيَّةُ، وهي الموت، وجمعها المَنايا
لأَنها مُقدَّرة بوقت مخصوص؛ وقال آخر:
مَنَتْ لَكَ أَن تُلاقِيَني المَنايا
أُحادَ أُحادَ في الشَّهْر الحَلالِ
أَي قدَّرت لك الأَقْدارُ. وقال الشَّرفي بن القطامي: المَنايا
الأَحْداث، والحِمامُ الأَجَلُ، والحَتْفُ القَدَرُ، والمَنُونُ الزَّمانُ؛ قال
ابن بري: المَنيَّة قدَرُ الموت، أَلا ترى إِلى قول أَبي ذؤيب:
مَنايا يُقَرِّبْنَ الحُتُوفَ لأَهْلِها
جِهاراً، ويَسْتَمْتِعْنَ بالأَنَسِ الجُبْلِ
فجعل المنايا تُقرِّب الموت ولم يجعلها الموت.
وامْتَنَيْت الشيء: اخْتَلقْته.
ومُنِيتُ بكذا وكذا: ابْتُلِيت به. ومَناه اللهُ بحُبها يَمنِيه
ويَمْنُوه أَي ابْتلاه بحُبِّها مَنْياً ومَنْواً. ويقال: مُنِيَ ببَلِيَّة أَي
ابْتُلي بها كأَنما قُدِّرت له وقُدِّر لها. الجوهري: منَوْتُه ومَنَيْته
إِذا ابتليته، ومُنِينا له وُفِّقْنا. ودارِي مَنى دارِك أَي إِزاءَها
وقُبالَتها. وداري بمَنى دارِه أَي بحذائها؛ قال ابن بري: وأَنشد ابن
خالويه:
تَنَصَّيْتُ القِلاصَ إِلى حَكِيمٍ،
خَوارِجَ من تَبالَةَ أَو مَناها
فما رَجَعَتْ بخائبةٍ رِكابٌ،
حَكِيمُ بنُ المُسَيَّبِ مُنتَهاها
وفي الحديث: البيتُ المَعْمُور مَنى مكة أَي بِحذائها في السماء. وفي
حديث مجاهد: إِن الحرم حَرَمٌ مَناه مِن السمواتِ السبع والأَرَضِين السبع
أَي حِذاءه وقَصْدَه. والمَنى: القَصْدُ؛ وقول الأَخطل:
أَمْسَتْ مَناها بأَرْضٍ ما يُبَلِّغُها،
بصاحِبِ الهَمِّ، إِلاَّ الجَسْرةُ الأُجُدُ
قيل: أَراد قَصْدَها وأَنَّث على قولك ذهَبت بعضُ أَصابعه، وإِن شئت
أَضمرت في أَمَسَتْ كما أَنشده سيبويه:
إِذا ما المَرْءُ كان أَبُوه عَبْسٌ،
فحَسْبُكَ ما تُريدُ إِلى الكَلامِ
وقد قيل: إِنَّ الأَخطل أَرادَ مَنازِلها فحذف، وهو مذكور في موضعه؛
التهذيب: وأَما قول لبيد:
دَرَسَ المَنا بمُتالِعٍ فأَبانِ
قيل: إِنه أَراد بالمَنا المَنازِل فرخمها كما قال العجاج:
قَواطِناً مكةَ منْ وُرْقِ الحَما
أَراد الحَمام. قال الجوهري: قوله دَرَس المنا أَراد المنازل، ولكنه حذف
الكلمة اكْتِفاء بالصَّدْر، وهو ضرورة قبيحة.
والمَنِيُّ، مشَدّد: ماء الرجل، والمَذْي والوَدْي مخففان؛ وأَنشد ابن
بري للأَخطل يهجو جريراً:
مَنِيُّ العَبْدِ، عَبْدِ أَبي سُواجٍ،
أَحَقُّ مِنَ المُدامةِ أَنْ تَعيبا
قال: وقد جاء أَيضاً مخففاً في الشعر؛ قال رُشَيْدُ ابن رُمَيْضٍ:
أَتَحْلِفُ لا تَذُوقُ لَنا طَعاماً،
وتَشْرَبُ مَنْيَ عَبْدِ أَبي سُواجِ؟
وجمعهُ مُنْيٌ؛ حكاه ابن جِني؛ وأَنشد:
أَسْلَمْتُموها فباتَتْ غيرَ طاهِرةٍ،
مُنّيُ الرِّجالِ على الفَخذَيْنِ كالمُومِ
وقد مَنَيْتُ مَنْياً وأَمْنَيْتُ. وفي التنزيل العزيز: مِنْ مَنِيٍّ
يُمْنَى؛ وقرئ بالتاء على النطفة وبالياء على المَنيِّ، يقال: مَنَى
الرَّجلُ وأَمْنى من المَنِيِّ بمعنًى، واسْتَمْنَى أَي اسْتَدْعَى خروج
المنيّ.
ومَنَى اللهُ الشيء: قَدَّرَه، وبه سميت مِنًى، ومِنًى بمكة، يصرف ولا
يصرف، سميت بذلك لما يُمْنَى فيها من الدماء أَي يُراق، وقال ثعلب: هو مِن
قولهم مَنَى الله عليه الموت أَي قدَّره لأَن الهَدْيَ يُنحر هنالك.
وامْتَنَى القوم وأَمْنَوْا أَتوا مِنى؛ قال ابن شميل: سمي مِنًى لأَن الكبش
مُنِيَ به أَي ذُبح، وقال ابن عيينة: أُخذ من المَنايا. يونس: امْتَنَى
القوم إِذا نزلوا مِنًى. ابن الأَعرابي: أَمْنَى القوم إِذا نزلوا مِنًى.
الجوهري: مِنًى، مقصور، موضع بمكة، قال: وهو مذكر، يصرف. ومِنًى: موضع
آخر بنجد؛ قيل إِياه عنى لبيد بقوله:
عَفَتِ الدِّيارُ محَلُّها فَمُقامُها
بمِنًى، تأَبَّدَ غَوْلُها فرِجامُها
والمُنَى، بضم الميم: جمع المُنية، وهو ما يَتَمَنَّى الرجل.
والمَنْوَةُ: الأُمْنِيَّةُ في بعض اللغات. قال ابن سيده: وأُراهم غيروا الآخِر
بالإِبدال كما غيروا الأَوَّل بالفتح. وكتب عبد الملك إِلى الحجاج: يا ابنَ
المُتَمَنِّيةِ، أَراد أُمَّه وهي الفُرَيْعَةُ بنت هَمَّام؛ وهي
القائلة:هَلْ مِنْ سَبِيلٍ إِلى خَمْرٍ فأَشْرَبَها،
أَمْ هَلْ سَبِيلٌ إِلى نَصْرِ بْنِ حَجَّاجِ؟
وكان نصر رجلاً جميلاً من بني سُلَيم يفتتن به النساء فحلق عمر رأْسه
ونفاه إِلى البصرة، فهذا كان تمنيها الذي سماها به عبد الملك، ومنه قول
عروة بن الزُّبير للحجاج: إِن شئت أَخبرتك من لا أُمَّ له يا ابنَ
المُتَمنِّية. والأُمْنِيّة: أُفْعولةٌ وجمعها الأَماني، وقال الليث: ربما طرحت
الأَلف فقيل منية على فعلة
(*قوله« فقيل منية على فعلة» كذا بالأصل وشرح القاموس، ولعله على فعولة
حتى يتأتى ردّ أَبي منصور عليه؛ قال أَبو منصور: وهذا لحن عند الفصحاء، إِنما يقال مُنْية على فُعْلة وجمعها مُنًى،
ويقال أُمْنِيّةٌ على أُفْعولة والجمع أَمانيُّ، مشدَّدة الياء، وأَمانٍ
مخففة، كما يقال أَثافٍ وأَثافيُّ وأَضاحٍ وأَضاحِيُّ لجمع الأُثْفِيّةِ
والأُضْحيَّة. أَبو العباس: أَحمد بن يحيى التَّمَنِّي حديث النفس بما يكون
وبما لا يكون، قال: والتمني السؤال للرب في الحوائج. وفي الحديث: إِذا
تَمَنَّى أَحدُكم فَلْيَسْتَكثِرْ فإِنَّما يسْأَل رَبَّه، وفي رواية:
فلْيُكْثِرْ؛ قال ابن الأَثير: التَّمَنِّي تَشَهِّي حُصُولِ الأَمر
المَرْغوب فيه وحديثُ النَّفْس بما يكون وما لا يكون، والمعنى إِذا سأَل اللهَ
حَوائجَه وفَضْله فلْيُكْثِرْ فإِن فضل الله كثير وخزائنه واسعة. أَبو
بكر: تَمَنَّيت الشيء أَي قَدَّرته وأَحْبَبْتُ أَن يصير إِليَّ مِن المَنى
وهو القدر. الجوهري: تقول تَمَنَّيْت الشيء ومَنَّيت غيري تَمْنِيةً.
وتَمَنَّى الشيءَ: أَراده، ومَنَّاه إِياه وبه، وهي المِنْيةُ والمُنْيةُ
والأُمْنِيَّةُ. وتَمَنَّى الكتابَ: قرأَه وكَتَبَه. وفي التنزيل العزيز:
إِلا إِذا تَمَنَّى أَلْقى الشيطانُ في أُمْنِيَّتِه؛ أَي قَرَأَ وتَلا
فأَلْقَى في تِلاوته ما ليس فيه؛ قال في مَرْثِيَّةِ عثمان، رضي الله
عنه:تَمَنَّى كتابَ اللهِ أَوَّلَ لَيْلِه،
وآخِرَه لاقَى حِمامَ المَقادِرِ
(* قوله« أول ليله وآخره» كذا بالأصل، والذي في نسخ النهاية: أول ليلة
وآخرها.)
والتَّمَنِّي: التِّلاوةُ. وتَمَنَّى إِذا تَلا القرآن؛ وقال آخر:
تَمَنَّى كِتابَ اللهِ آخِرَ لَيْلِه،
تَمَنِّيَ داودَ الزَّبُورَ على رِسْلِ
أَي تلا كتاب الله مُتَرَسِّلاً فيه كما تلا داودُ الزبور مترَسِّلاً
فيه. قال أَبو منصور: والتِّلاوةُ سميت أُمْنيّة لأَنَّ تالي القرآنِ إِذا
مَرَّ بآية رحمة تَمَنَّاها، وإِذا مرَّ بآية عذاب تَمَنَّى أَن
يُوقَّاه. وفي التنزيل العزيز: ومنهم أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُون الكتاب إِلا
أَمانيَّ؛ قال أَبو إِسحق: معناه الكتاب إِلا تِلاوة، وقيل: إَلاَّ
أَمانِيَّ إِلا أَكاذيبَ، والعربُ تقول: أَنت إِنما تَمْتَني هذا القولَ أَي
تَخْتَلِقُه، قال: ويجوز أَن يكون أَمانيَّ نُسِب إِلى أَنْ القائل إِذا قال
ما لا يعلمه فكأَنه إِنما يَتَمَنَّاه، وهذا مستَعمل في كلام الناس،
يقولون للذي يقول ما لا حقيقة له وهو يُحبه: هذا مُنًى وهذه أُمْنِيَّة. وفي
حديث الحسن: ليس الإِيمانُ بالتَّحَلِّي ولا بالتَّمَنِّي ولكن ما وَقَر
في القلب وصَدَّقَتْه الأَعْمال أَي ليس هو بالقول الذي تُظهره بلسانك
فقط، ولكن يجب أَن تَتْبَعَه معرِفةُ القلب، وقيل: هو من التَّمَنِّي
القراءة والتِّلاوة. يقال: تَمَنَّى إِذا قرأَ. والتَّمَنِّي: الكَذِب. وفلان
يَتَمَنَّى الأَحاديث أَي يَفْتَعِلها، وهو مقلوب من المَيْنِ، وهو
الكذب. وفي حديث عثمان، رضي الله عنه: ما تَغَنَّيْتُ ولا تَمَنَّيْتُ ولا
شَرِبت خَمراً في جاهلية ولا إِسلام، وفي رواية: ما تَمَنَّيْتُ منذ أَسلمت
أَي ما كَذَبْت. والتَّمنِّي: الكَذِب، تَفَعُّل مِن مَنَى يَمْني إِذا
قَدَّر لأَن الكاذب يُقدِّر في نفسه الحديث ثم يقوله، ويقال للأَحاديث
التي تُتَمَنَّى الأَمانيُّ، واحدتها أُمْنِيّةٌ؛ وفي قصيد كعب:
فلا يغُرَّنْكَ ما مَنَّتْ وما وعَدَتْ،
إِنَّ الأَمانِيَّ والأَحْلامَ تَضلِيلُ
وتَمَنَّى: كَذَبَ ووضَعَ حديثاً لا أَصل له. وتَمَنَّى الحَديث:
اخترعه. وقال رجل لابن دَأْبٍ وهو يُحدِّث: أَهذا شيء رَوَيْتَه أَم شيء
تَمَنَّيْته؟
معناه افْتَعَلْتَه واخْتَلَقْته ولا أَصل له. ويقول الرجل: والله ما
تَمَنَّيْت هذا الكلام ولا اخْتَلَقْته. وقال الجوهري: مُنْيةُ الناقة
الأَيام التي يُتعَرَّف فيها أَلاقِحٌ هي أَم لا، وهي ما بين ضِرابِ الفَحْل
إِياها وبين خمس عشرة ليلة، وهي الأَيام التي يُسْتَبْرَأُ فيها لَقاحُها
من حِيالها. ابن سيده: المُنْيةُ والمِنية أَيّام الناقة التي لم
يَسْتَبِنْ فيها لَقاحُها من حِيالها، ويقال للناقة في أَوَّل ما تُضرب: هي في
مُنْيَتها، وذلك ما لم يعلموا أَبها حمل أَم لا، ومُنْيَةُ البِكْر التي
لم تحمل قبل ذلك عشرُ ليال، ومنية الثِّنْي وهو البطن الثاني خمس عشرة
ليلة، قيل: وهي منتهى الأَيام، فإِذا مضت عُرف أَلاقِح هي أَم غير لاقح،
وقد استَمْنَيْتُها. قال ابن الأَعرابي: البِكْرُ من الإِبل تُسْتَمْنى بعد
أَربع عشرة وإحدى وعشرين، والمُسِنَّةُ بعد سبعة أَيام، قال:
والاسْتِمْناء أَن يأْتي صاحبها فيضرب بيده على صَلاها ويَنْقُرَ بها، فإِن
اكْتارَتْ بذنبها أَو عَقَدت رأْسها وجمعت بين قُطْرَيها عُلِم أَنها لاقح؛ وقال
في قول الشاعر:
قامَتْ تُريكَ لَقاحاً بعدَ سابِعةٍ،
والعَيْنُ شاحِبةٌ، والقَلْبُ مَسْتُورُ
قال: مستور إِذا لَقِحَت ذهَب نَشاطُها.
كأَنَّها بصَلاها، وهْي عاقِدةٌ،
كَوْرُ خِمارٍ على عَذْراءَ مَعْجُورُ
قال شمر: وقال ابن شميل مُنْيةُ القِلاصِ والجِلَّةِ سَواء عَشْرُ ليال:
وروي عن بعضهم أَنه قال: تُمْتَنى القِلاصُ لسبع ليال إِلا أَن تكون
قَلُوص عَسْراء الشَّوَلانِ طَويلة المُنية فتُمْتَنى عشراً وخمس عشرة،
والمُنية التي هي المُنْية سبع، وثلاث للقِلاص وللجِلَّةِ عَشْر لَيالٍ. وقال
أَبو الهيثم يردّ على من قال تُمْتَنى القِلاصُ لسبع: إنه خطأٌ، إِنما
هو تَمْتَني القِلاصُ، لا يجوز أَن يقال امْتَنَيْتُ الناقةَ أَمْتَنِيها،
فهي مُمْتَناةٌ، قال: وقرئ على نُصَير وأَنا حاضر. يقال: أَمْنَتِ
الناقةُ فهي تُمْني إِمْناء، فهي مُمْنِيةٌ ومُمْنٍ، وامْتَنَتْ، فهي
مُمْتَنِية إِذا كانت في مُنْيَتِها على أَن الفِعل لها دون راعِيها، وقد
امْتُنيَ للفحل؛ قال: وأَنشد في ذلك لذي الرمة يصف بيضة:
وبَيْضاء لا تَنْحاشُ مِنَّا، وأُمُّها
إِذا ما رأَتْنا زيِلَ مِنَّا زَويلُها
نَتُوجٍ، ولم تُقْرَفْ لِما يُمْتَنى له،
إِذا نُتِجَتْ ماتَتْ وحَيَّ سَلِيلُها
ورواه هو وغيره من الرواة: لما يُمْتَنى، بالياء، ولو كان كما روى شمر
لكانت الرواية لما تَمْتَني له، وقوله: لم تُقْرَفْ لم تُدانَ لِما
يُمْتَنى له أَي ينظر إِذا ضُربت أَلاقح أَم لا أَي لم تحمل الحمل الذي يمتنى
له؛ وأَنشد نصير لذي الرمة أَيضاً:
وحتى اسْتَبانَ الفَحْلُ بَعْدَ امْتِنائِها،
مِنَ الصَّيْف، ما اللاَّتي لَقِحْنَ وحُولها
فلم يقل بعد امْتِنائه فيكون الفعل له إِنما قال بعد امْتِنائها هي.
وقال ابن السكيت: قال الفراء مُنْية الناقة ومِنْية الناقة الأَيام التي
يُستبرأُ فيها لَقاحها من حِيالها، ويقال: الناقة في مُنْيتها. قال أَبو
عبيدة: المُنيةُ اضْطِراب الماء وامِّخاضه في الرَّحِم قبل أَن يتغير فيصير
مَشِيجاً، وقوله: لم تُقْرَف لما يُمْتَنى له يصف البيضة أَنها لم
تُقْرَف أَي لم تُجامَع لما يُمْتنى له فيُحتاج إِلى معرفة مُنْيتها؛ وقال
الجوهري: يقول هي حامل بالفرخ من غير أَن يقارفها فحل؛ قال ابن بري: الذي في
شعره:
نَتُوجٍ ولم تُقْرِف لما يُمْتَنى له
بكسر الراء، يقال: أَقْرَفَ الأَمرَ إِذا داناه أَي لم تُقْرِف هذه
البيضةُ لما له مُنيةٌ أَي هذه البيضةُ حَمَلت بالفَرْخ من جهة غير جهة حمل
الناقة، قال: والذي رواه الجوهري أَيضاً صحيح أَي لم تُقْرَف بفحل
يُمْتَنَى له أَي لم يُقارِفْها فحل.
والمُنُوَّةُ
(* قوله« والمنوة» ضبطت في غير موضع من الأصل بالضم، وقال
في شرح القاموس: هي بفتح الميم.): كالمُنْية، قلبت الياء واواً للضمة؛
وأَنشد أَبو حنيفة لثعلبة بن عبيد يصف النخل:
تَنادَوْا بِجِدٍّ، واشْمَعَلَّتْ رِعاؤها
لِعِشْرينَ يَوماً من مُنُوَّتِها تَمْضِي
فجعل المُنوَّة للنخل ذهاباً إِلى التشبيه لها بالإِبل، وأَراد لعشرين
يوماً من مُنوَّتها مَضَتْ فوضع تَفعل موضع فَعلت، وهو واسع؛ حكاه سيبويه
فقال: اعلم أَن أَفْعَلُ قد يقع موضع فَعَلْت؛ وأَنشد:
ولَقَدْ أَمُرُّ على اللئيم يَسُبُّني،
فَمَضَيْتُ ثُمَّت قلتُ لا يَعْنِيني
أَراد: ولقد مَرَرْتُ. قال ابن بري: مُنْية الحِجْر عشرون يوماً تعتبر
بالفعل، فإِن مَنَعت فقد وسَقَتْ. ومَنَيْت الرجل مَنْياً ومَنَوْتُه
مَنْواً أَي اختبرته، ومُنِيتُ به مَنْياً بُلِيت، ومُنِيتُ به مَنْواً
بُلِيت، ومانَيْتُه جازَيْتُه. ويقال: لأَمْنِينَّك مِناوَتَك أَي
لأَجْزِيَنَّك جزاءك. ومانَيْته مُماناة: كافأْته، غير مهموز. ومانَيْتُك: كافأْتك؛
وأَنشد ابن بري لسَبْرة بن عمرو:
نُماني بها أَكْفاءَنا ونُهينُها،
ونَشْرَبُ في أَثْمانِها ونُقامِرُ
وقال آخر:
أُماني به الأَكْفاء في كلِّ مَوْطِنٍ،
وأَقْضِي فُروضَ الصَّالِحينَ وأَقْتَري
ومانَيْتُه: لَزِمْته. ومانَيْتُه: انْتَظَرْتُه وطاوَلْتُه.
والمُماناة: المُطاولةُ. والمُماناةُ: الانْتِظار؛ وأَنشد يعقوب:
عُلِّقْتُها قَبْلَ انْضِباحِ لَوْني،
وجُبْتُ لَمَّاعاً بَعِيدَ البَوْنِ،
مِنْ أَجْلِها بفِتْيةٍ مانَوْني
أَي انتَظَرُوني حتى أُدْرِك بُغْيَتي. وقال ابن بري: هذا الرجز بمعنى
المُطاولة أَيضاً لا بمعنى الانتظار كما ذكر الجوهري؛ وأَنشد لغَيْلان بن
حُريث:
فإِنْ لا يَكُنْ فيها هُرارٌ، فإِنَّني
بسِلٍّ يُمانِيها إِلى الحَوْلِ خائفُ
والهُرار: داءٌ يأْخذ الإِبل تَسْلَح عنه؛ وأَنشد ابن بري لأَبي
صُخَيْرة:
إِيَّاكَ في أَمْركَ والمُهاواةْ،
وكَثْرةَ التَّسْويفِ والمُماناهْ
والمُهاواةُ: المُلاجَّةُ؛ قال ابن السكيت: أَنشدني أَبو عمرو:
صُلْبٍ عَصاه للمَطِيِّ مِنْهَمِ،
ليسَ يُماني عُقَبَ التَّجَسُّمِ
قال: يقال مانَيْتُك مُذُ اليومِ أَي انتظرتك. وقال سعيد: المُناوة
المُجازاة. يقال: لأَمْنُوَنَّكَ مِناوَتَك ولأَقْنُوَنَّك قِناوَتَكَ.
وتَمَنٍّ: بلد بين مكة والمدينة؛ قال كثير عزة:
كأَنَّ دُموعَ العَيْنِ، لما تَحَلَّلَتْ
مَخارِمَ بِيضاً مِنْ تَمَنٍّ جِمالُها،
قَبَلْنَ غُروباً مِنْ سُمَيْحَةَ أَتْرَعَتْ
بِهِنَّ السَّواني، فاسْتدارَ مَحالُها
والمُماناةُ: قِلَّة الغَيرةِ على الحُرَمِ. والمُماناةُ: المُداراةُ.
والمُماناةُ: المُعاقَبةُ في الرُّكوب. والمُماناةُ: المكافأَةُ. ويقال
للدَّيُّوث: المُماذِلُ والمُماني والمُماذِي.
والمَنا: الكَيْلُ أَو المِيزانُ الذي يُوزَنُ به، بفتح الميم مقصور
يكتب بالأَلف، والمِكيال الذي يَــكِيلون به السَّمْن وغيره، وقد يكون من
الحديد أَوزاناً، وتثنيته مَنَوانِ ومَنَيانِ، والأَوَّل أَعلى؛ قال ابن
سيده: وأُرى الياء معاقبة لطلب الخفة، وهو أَفصح من المَنِّ، والجمع أَمْناء،
وبنو تميم يقولون هو مَنٌّ ومَنَّانِ وأَمْنانٌ، وهو مِنِّي بِمَنَى
مِيلٍ أَي بقَدْرِ مِيلٍ.
قال: ومَناةُ صخرة، وفي الصحاح: صنم كان لهُذَيْل وخُزاعَة بين مكة
والمدينة، يَعْبُدونها من دون الله، من قولك مَنَوتُ الشيء، وقيل: مَناةُ اسم
صَنَم كان لأَهل الجاهلية. وفي التنزيل العزيز: ومَناةَ الثَّالِثَةَ
الأُخرى؛ والهاء للتأْنيث ويُسكت عليها بالتاءِ، وهو لغة، والنسبة إِليها
مَنَوِيٌّ. وفي الحديث: أَنهم كانوا يُهِلُّون لمَناة؛ هو هذا الصنم
المذكور. وعبدُ مناةَ: ابن أُدِّ بن طابِخَة. وزيدُ مَناةَ: ابن تَميم بن
مُرٍّ، يمد ويقصر؛ قال هَوْبَر الحارِثي:
أَلا هل أَتَى التَّيْمَ بنَ عَبْدِ مَناءَةٍ
على الشِّنْءِ، فيما بَيْنَنا، ابنُ تَمِيمِ
قال ابن بري: قال الوزير من قال زيدُ مَناه بالهاء فقد أَخطأَ؛ قال: وقد
غلط الطائي في قوله:
إِحْدَى بَني بَكْرِ بنِ عَبْدِ مَناه،
بَينَ الكئيبِ الفَرْدِ فالأَمْواه
ومن احتجّ له قال: إِنما قال مَناةٍ ولم يرد التصريع.