(المــكرمة) أَرض مــكرمَة كَرِيمَة طيبَة جَيِّدَة النَّبَات
(المــكرمة) أَرض مــكرمَة كَرِيمَة طيبَة جَيِّدَة النَّبَات
كرم: الكَريم: من صفات الله وأَسمائه، وهو الكثير الخير الجَوادُ
المُعطِي الذي لا يَنْفَدُ عَطاؤه، وهو الكريم المطلق. والكَريم: الجامع
لأَنواع الخير والشرَف والفضائل. والكَريم. اسم جامع لكل ما يُحْمَد، فالله عز
وجل كريم حميد الفِعال ورب العرش الكريم العظيم. ابن سيده: الكَرَم نقيض
اللُّؤْم يكون في الرجل بنفسه، وإن لم يكن له آباء، ويستعمل في الخيل
والإبل والشجر وغيرها من الجواهر إذا عنوا العِتْق، وأَصله في الناس قال ابن
الأَعرابي: كَرَمُ الفرَس أن يَرِقَّ جلده ويَلِين شعره وتَطِيب رائحته.
وقد كَرُمَ الرجل وغيره، بالضم، كَرَماً وكَرامة، فهو كَرِيم وكَرِيمةٌ
وكِرْمةٌ ومَكْرَم ومَــكْرَمة
(* قوله «ومكرم ومــكرمة» ضبط في الأصل
والمحكم بفتح أولهما وهو مقتضى إطلاق المجد، وقال السيد مرتضى فيهما بالضم).
وكُرامٌ وكُرَّامٌ وكُرَّامةٌ، وجمع الكَريم كُرَماء وكِرام، وجمع
الكُرَّام كُرَّامون؛ قال سيبويه: لا يُكَسَّر كُرَّام استغنوا عن تكسيره بالواو
والنون؛ وإنه لكَرِيم من كَرائم قومه، على غير قياس؛ حكى ذلك أَبو زيد.
وإنه لَكَرِيمة من كَرائم قومه، وهذا على القياس. الليث: يقال رجل كريم
وقوم كَرَمٌ كما قالوا أَديمٌ وأَدَمٌ وعَمُود وعَمَدٌ، ونسوة كَرائم. ابن
سيده وغيره: ورجل كَرَمٌ: كريم، وكذلك الاثنان والجمع والمؤنث، تقول:
امرأَة كَرمٌ ونسوة كَرَم لأَنه وصف بالمصدر؛ قال سعيد بن مسحوح
(* قوله
«مسحوح» كذا في الأصل بمهملات وفي شرح القاموس بمعجمات) الشيباني: كذا ذكره
السيرافي، وذكر أَيضاً أنه لرجل من تَيْم اللاّت بن ثعلبة، اسمه عيسى،
وكان يُلَوَّمُ في نُصرة أَبي بلال مرداس بن أُدَيَّةَ، وأَنه منعته الشفقة
على بناته، وذكر المبرد في أَخبار الخوارج أَنه لأَبي خالد القَناني
فقال: ومن طَريف أَخبار الخوارج قول قَطَرِيِّ بن الفُجاءة المازِني لأَبي
خالد القَناني:
أَبا خالدٍ إنْفِرْ فلَسْتَ بِخالدٍ،
وَما جَعَلَ الرحمنُ عُذْراً لقاعِدِ
أَتَزْعُم أَنَّ الخارِجيَّ على الهُدَى،
وأنتَ مُقِيمٌ بَينَ راضٍ وجاحِدِ؟
فكتب إليه أَبو خالد:
لَقدْ زادَ الحَياةَ إليَّ حُبّاً
بَناتي، أَنَّهُنَّ من الضِّعافِ
مخافةَ أنْ يَرَيْنَ البُؤسَ بَعْدِي،
وأنْ يَشْرَبْنَ رَنْقاً بعدَ صافِ
وأنْ يَعْرَيْنَ، إنْ كُسِيَ الجَوارِي،
فَتَنْبُو العينُ عَن كَرَمٍ عِجافِ
ولَوْلا ذاكَ قد سَوَّمْتُ مُهْري،
وفي الرَّحمن للضُّعفاءِ كافِ
أَبانا مَنْ لَنا إنْ غِبْتَ عَنَّا،
وصارَ الحيُّ بَعدَك في اخْتِلافِ؟
قال أَبو منصور: والنحويون ينكرون ما قال الليث، إنما يقال رجل كَرِيم
وقوم كِرام كما يقال صغير وصغار وكبير وكِبار، ولكن يقال رجل كَرَم ورجال
كَرَم أي ذوو كَرَم، ونساء كَرَم أي ذوات كرَم، كما يقال رجل عَدْل وقوم
عدل، ورجل دَنَفٌ وحَرَضٌ، وقوم حَرَضٌ ودَنَفٌ. وقال أَبو عبيد: رجل
كَرِيم وكُرَامٌ وكُرَّامٌ بمعنى واحد، قال: وكُرام، بالتخفيف، أبلغ في
الوصف وأكثر من كريم، وكُرّام، بالتشديد، أَبلغ من كُرَام، ومثله ظَرِيف
وظُراف وظُرَّاف، والجمع الكُرَّامون. وقال الجوهري: الكُرام، بالضم، مثل
الكَرِيم فإذا أفرط في الكرم قلت كُرّام، بالتشديد، والتَّكْرِيمُ
والإكْرامُ بمعنى، والاسم منه الكَرامة؛ قال ابن بري: وقال أَبو
المُثَلم:ومَنْ لا يُكَرِّمْ نفْسَه لا يُكَرَّم
(* هذا الشطر لزهير من معلقته).
ابن سيده: قال سيبويه ومما جاء من المصادر على إضمار الفعل المتروك
إظهاره ولكنه في معنى التعجب قولك كَرَماً وصَلَفاً، كأَنه يقول أَكرمك الله
وأَدام لك كَرَماً، ولكنهم خزلوا الفعل هنا لأَنه صار بدلاً من قولك
أَكْرِمْ به وأَصْلِف، ومما يخص به النداء قولهم يا مَكْرَمان؛ حكاه الزجاجي،
وقد حكي في غير النداء فقيل رجل مَكْرَمان؛ عن أَبي العميثل الأَعرابي؛
قال ابن سيده: وقد حكاها أَيضاً أَبو حاتم. ويقال للرجل يا مَكرمان، بفتح
الراء، نقيض قولك يا مَلأَمان من اللُّؤْم والكَرَم. وروي عن النبي، صلى
الله عليه وسلم: أَن رجلاً أَهدى إليه راوية خمر فقال: إن الله
حَرَّمها، فقال الرجل: أَفلا أُكارِمُ بها يَهودَ؟ فقال: إن الذي حرَّمها حرَّم
أن يُكارَم بها؛ المُكارَمةُ: أَن تُهْدِيَ لإنسانٍ شيئاً ليكافِئَك عليه،
وهي مُفاعَلة من الكَرَم، وأَراد بقوله أُكارِمُ بها يهود أي أُهْديها
إليهم ليُثِيبوني عليها؛ ومنه قول دكين:
يا عُمَرَ الخَيراتِ والمَكارِمِ،
إنِّي امْرُؤٌ من قَطَنِ بن دارِمِ،
أَطْلُبُ دَيْني من أَخٍ مُكارِمِ
أراد من أَخٍ يُكافِئني على مَدْحي إياه، يقول: لا أَطلب جائزته بغير
وَسِيلة. وكارَمْتُ الرجل إذا فاخَرْته في الكرم، فكَرَمْته أَكْرُمه،
بالضم، إذا غلبته فيه. والكَريم: الصَّفُوح. وكارَمنى فكَرَمْته أَكْرُمه:
كنت أَكْرَمَ منه. وأَكْرَمَ الرجلَ وكَرَّمه: أَعْظَمه ونزَّهه. ورجل
مِكْرام: مُكْرِمٌ وهذا بناء يخص الكثير. الجوهري: أَكْرَمْتُ الرجل
أُكْرِمُه، وأَصله أُأَكْرمه مثل أُدَحْرِجُه، فاستثفلوا اجتماع الهمزتين فحذفوا
الثانية، ثم أَتبعوا باقي حروف المضارعة الهمزة، وكذلك يفعلون، ألا تراهم
حذفوا الواو من يَعِد استثقالاً لوقوعها بين ياء وكسرة ثم أَسقطوا مع
الأَلف والتاء والنون؟ فإن اضطر الشاعر جاز له أَن يرده إلى أَصله كما
قال:فإنه أَهل لأَن يُؤَكْرَما
فأَخرجه على الأصل. ويقال في التعجب: ما أَكْرَمَه لي، وهو شاذ لا يطرد
في الرباعي؛ قال الأخفش: وقرأَ بعضهم ومَن يُهِن اللهُ فما له من
مُكْرَم، بفتح الراء، أي إكْرام، وهو مصدر مثل مُخْرَج ومُدْخَل. وله عليَّ
كَرامةٌ أَي عَزازة. واستَكْرم الشيءَ: طلَبه كَرِيماً أَو وجده كذلك. ولا
أَفْعلُ ذلك ولا حُبّاً ولا كُرْماً ولا كُرْمةً ولا كَرامةً كل ذلك لا
تُظهر له فعلاً. وقال اللحياني: أَفْعَلُ ذلك وكرامةً لك وكُرْمَى لك
وكُرْمةً لك وكُرْماً لك، وكُرْمةَ عَيْن ونَعِيمَ عين ونَعْمَةَ عَينٍ
ونُعامَى عَينٍ
(* قوله «ونعامى عين» زاد في التهذيب قبلها: ونعم عين أي بالضم،
وبعدها: نعام عين أي بالفتح). ويقال: نَعَمْ وحُبّاً وكَرْامةً؛ قال ابن
السكيت: نَعَمْ وحُبّاً وكُرْماناً، بالضم، وحُبّاً وكُرْمة. وحكي عن
زياد بن أَبي زياد: ليس ذلك لهم ولا كُرْمة.
وتَكَرَّمَ عن الشيء وتكارم: تَنزَّه. الليث: تكَرَّمَ فلان عما يَشِينه
إذا تَنزَّه وأَكْرَمَ نفْسَه عن الشائنات، والكَرامةُ: اسم يوضع
للإكرام
(* قوله «يوضع للإكرام» كذا بالأصل، والذي في التهذيب: يوضع موضع
الإكرام)، كما وضعت الطَّاعةُُ موضع الإطاعة، والغارةُ موضع الإغارة.
والمُكَرَّمُ: الرجل الكَرِيم على كل أَحد. ويقال: كَرُم الشيءُ الكَريمُ
كَرَماً، وكَرُمَ فلان علينا كَرامةً. والتَّكَرُّمُ: تكلف الكَرَم؛ وقال
المتلمس:
تكَرَّمْ لتَعْتادَ الجَمِيلَ، ولنْ تَرَى
أَخَا كَرَمٍ إلا بأَنْ يتَكَرَّما
والمَــكْرُمةُ والمَكْرُمُ: فعلُ الكَرَمِ، وفي الصحاح: واحدة المَكارمِ
ولا نظير له إلاَّ مَعُونٌ من العَوْنِ، لأَنَّ كل مَفْعُلة فالهاء لها
لازمة إلا هذين؛ قال أَبو الأَخْزَرِ الحِمّاني:
مَرْوانُ مَرْوانُ أَخُو اليَوْم اليَمِي،
ليَوْمِ رَوْعٍ أو فَعالِ مَكْرُمِ
ويروي:
نَعَمْ أَخُو الهَيْجاء في اليوم اليمي
وقال جميل:
بُثَيْنَ الْزَمي لا، إنَّ لا، إنْ لَزِمْتِه،
على كَثرةِ الواشِينَ، أَيُّ مَعُونِ
قال الفراء: مَكْرُمٌ جمع مَــكْرُمةٍ ومَعُونٌ جمع مَعُونةٍ.
والأُكْرُومة: المَــكْرُمةُ. والأُكْرُومةُ من الكَرَم: كالأُعْجُوبة من العَجَب.
وأَكْرَمَ الرجل: أَتى بأَولاد كِرام. واستَكْرَمَ: استَحْدَث عِلْقاً
كريماً. وفي المثل: استَكْرَمْتَ فارْبِطْ. وروي عن النبي، صلى الله عليه
وسلم، أَنه قال: إنَّ اللهَ يقولُ إذا أَنا أَخَذْتُ من عبدي كَرِيمته وهو
بها ضَنِين فصَبرَ لي لم أَرْض له بها ثواباً دون الجنة، وبعضهم رواه: إذا
أَخذت من عبدي كَرِيمتَيْه؛ قال شمر: قال إسحق بن منصور قال بعضهم يريد
أهله، قال: وبعضهم يقول يريد عينه، قال: ومن رواه كريمتيه فهما العينان،
يريد جارحتيه أي الكريمتين عليه. وكل شيء يَكْرُمُ عليك فهو كَريمُكَ
وكَريمتُك. قال شمر: وكلُّ شيء يَكْرُمُ عليك فهو كريمُك وكريمتُك.
والكَرِيمةُ: الرجل الحَسِيب؛ يقال: هو كريمة قومه؛ وأَنشد:
وأَرَى كريمَكَ لا كريمةَ دُونَه،
وأَرى بِلادَكَ مَنْقَعَ الأَجْوادِ
(* قوله «منقع الاجواد» كذا بالأصل والتهذيب، والذي في التكملة: منقعاً
لجوادي، وضبط الجواد فيها بالضم وهو العطش).
أَراد من يَكْرمُ عليك لا تدَّخر عنه شيئاً يَكْرُم عليك. وأَما قوله،
صلى الله عليه وسلم: خير الناس يومئذ مُؤمن بين كَرِيمين، فقال قائل: هما
الجهاد والحج، وقيل: بين فرسين يغزو عليهما، وقيل: بين أَبوين مؤَمنين
كريمين، وقيل: بين أَب مُؤْمن هو أَصله وابن مؤْمن هو فرعه، فهو بين مؤمنين
هما طَرَفاه وهو مؤْمن. والكريم: الذي كَرَّم نفْسَه عن التَّدَنُّس
بشيءٍ من مخالفة ربه. ويقال: هذا رجل كَرَمٌ أَبوه وكَرَمٌ آباؤُه. وفي حديث
آخر: أَنه أكْرَم جرير بن عبد الله لمّا ورد عليه فبَسط له رداءَه وعممه
بيده، وقال: أَتاكم كَريمةُ قوم فأَكْرموه أي كريمُ قوم وشَريفُهم،
والهاء للمبالغة؛ قال صخر:
أَبى الفَخْرَ أَنِّي قد أَصابُوا كَريمتي،
وأنْ ليسَ إهْداء الخَنَى مِنْ شِمالِيا
يعني بقوله كريمتي أَخاه معاوية بن عمرو. وأَرض مَــكْرَمةٌ
(* قوله «وأرض
مــكرمة» ضطت الراء في الأصل والصحاح بالفتح وفي القاموس بالضم وقال
شارحه: هي بالضم والفتح) وكَرَمٌ: كريمة طيبة، وقيل: هي المَعْدُونة المُثارة،
وأَرْضان كَرَم وأَرَضُون كَرَم. والكَرَمُ: أَرض مثارة مُنَقَّاةٌ من
الحجارة؛ قال: وسمعت العرب تقول للبقعة الطيبة التُّربةِ العَذاة المنبِت
هذه بُقْعَة مَــكْرَمة. الجوهري: أَرض مَــكْرَمة للنبات إذا كانت جيدة
للنبات. قال الكسائي: المَكْرُمُ المَــكْرُمة، قال: ولم يجئ مَفْعُل للمذكر
إلا حرفان نادران لا يُقاس عليهما: مَكْرُمٌ ومَعُون. وقال الفراء: هو جمع
مَــكْرُمة ومَعُونة، قال: وعنده أَنَّ مفْعُلاً ليس من أَبنية الكلام،
ويقولون للرجل الكَريم مَكْرَمان إذا وصفوه بالسخاء وسعة الصدر.
وفي التنزيل العزيز: إنِّي أُلْقِيَ إليَّ كتاب كَريم؛ قال بعضهم: معناه
حسن ما فيه، ثم بينت ما فيه فقالت: إنَّه من سُليمان وإنه بسم الله
الرحمن الرحيم أَلاَّ تعلوا عليَّ وأْتُوني مُسلمين؛ وقيل: أُلقي إليّ كتاب
كريم، عَنَتْ أَنه جاء من عند رجل كريم، وقيل: كتاب كَريم أي مَخْتُوم.
وقوله تعالى: لا بارِدٍ ولا كَريم؛ قال الفراء: العرب تجعل الكريم تابعاً
لكل شيء نَفَتْ عنه فعلاً تَنْوِي به الذَّم. يقال: أَسَمِين هذا؟ فيقال:
ما هو بسَمِين ولا كَرِيم وما هذه الدار بواسعة ولا كريمة. وقال: إنه
لقرآن كريم في كتاب مكنون؛ أَي قرآن يُحمد ما فيه من الهُدى والبيان والعلم
والحِكمة.
وقوله تعالى: وقل لهما قولاً كَريماً؛ أَي سهلاً ليِّناً. وقوله تعالى:
وأَعْتَدْنا لها رِزْقاً كريماً؛ أي كثيراً. وقوله تعالى: ونُدْخِلْكم
مُدْخَلاً كريماً؛ قالوا: حسَناً وهو الجنة. وقوله: أَهذا الذي كَرَّمْت
عليّ؛ أي فضَّلْت. وقوله: رَبُّ العرشِ الكريم؛ أَي العظيم. وقوله: إنَّ
ربي غنيٌّ كريم؛ أي عظيم مُفْضِل. والكَرْمُ: شجرة العنب، واحدتها كَرْمة؛
قال:
إذا مُتُّ فادْفِنِّي إلى جَنْبِ كَرْمةٍ
تُرَوِّي عِظامي، بَعْدَ مَوْتي، عُرُوقُها
وقيل: الــكَرْمة الطاقة الواحدة من الكَرْم، وجمعها كُروُم. ويقال: هذه
البلدة إنما هي كَرْمة ونخلة، يُعنَى بذلك الكثرة. وتقول العرب: هي أَكثر
الأرض سَمْنة وعَسَلة، قال: وإذا جادَت السماءُ بالقَطْر قيل: كَرَّمَت.
وفي حديث أَبي هريرة عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: لا
تُسَمُّوا العِنب الكَرْم فإنما الكَرْمُ الرجل المسلم؛ قال الأَزهري: وتفسير
هذا، والله أَعلم، أن الكَرَمَ الحقيقي هو من صفة الله تعالى، ثم هو من صفة
مَنْ آمن به وأَسلم لأَمره، وهو مصدر يُقام مُقام الموصوف فيقال: رجل
كَرَمٌ ورجلان كرَم ورجال كرَم وامرأَة كرَم، لا يثنى ولا يجمع ولا يؤَنث
لأنه مصدر أُقيمَ مُقام المنعوت، فخففت العرب الكَرْم، وهم يريدون كَرَمَ
شجرة العنب، لما ذُلِّل من قُطوفه عند اليَنْع وكَثُرَ من خيره في كل حال
وأَنه لا شوك فيه يُؤْذي القاطف، فنهى النبي، صلى الله عليه وسلم، عن
تسميته بهذا الاسم لأَنه يعتصر منه المسكر المنهي عن شربه، وأَنه يغير عقل
شاربه ويورث شربُه العدواة والبَغْضاء وتبذير المال في غير حقه، وقال:
الرجل المسلم أَحق بهذه الصفة من هذه الشجرة. قال أَبو بكر: يسمى الكَرْمُ
كَرْماً لأَن الخمر المتخذة منه تَحُثُّ على السخاء والكَرَم وتأْمر
بمَكارِم الأَخلاق، فاشتقوا له اسماً من الكَرَم للكرم الذي يتولد منه، فكره
النبي، صلى الله عليه وسلم، أن يسمى أَصل الخمر باسم مأْخوذ من الكَرَم
وجعل المؤْمن أَوْلى بهذا الاسم الحَسن؛ وأَنشد:
والخَمْرُ مُشتَقَّةُ المَعْنَى من الكَرَمِ
وكذلك سميت الخمر راحاً لأَنَّ شاربها يَرْتاح للعَطاء أَي يَخِفُّ؛
وقال الزمخشري: أَراد أن يقرّر ويسدِّد ما في قوله عز وجل: إن أَكْرَمَكم
عند الله أَتْقاكم، بطريقة أَنِيقة ومَسْلَكٍ لَطِيف، وليس الغرض حقيقة
النهي عن تسمية العنب كَرْماً، ولكن الإشارة إلى أَن المسلم التقي جدير بأَن
لا يُشارَك فيما سماه الله به؛ وقوله: فإنما الكَرْمُ الرجل المسلم أَي
إنما المستحق للاسم المشتقِّ من الكَرَمِ الرَّجلُ المسلم. وفي الحديث:
إنَّ الكَريمَ ابنَ الكريمِ ابنِ الكريم يُوسُفُ بن يعقوب بن إسحق لأَنه
اجتمع له شَرَف النبوة والعِلم والجَمال والعِفَّة وكَرَم الأَخلاق
والعَدل ورِياسة الدنيا والدين، فهو نبيٌّ ابن نبيٍّ ابن نبيٍّ ابن نبي رابع
أربعة في النبوة. ويقال للكَرْم: الجَفْنةُ والحَبَلةُ والزَّرَجُون.
وقوله في حديث الزكاة: واتَّقِ كَرائمَ أَموالهم أي نَفائِسها التي تتعلَّق
بها نفْسُ مالكها، ويَخْتَصُّها لها حيث هي جامعة للكمال المُمكِن في
حقّها، وواحدتها كَرِيمة؛ ومنه الحديث: وغَزْوٌ تُنْفَقُ فيه الكَريمةُ أي
العزيزة على صاحبها.
والكَرْمُ: القِلادة من الذهب والفضة، وقيل: الكَرْم نوع من الصِّياغة
التي تُصاغُ في المَخانِق، وجمعه كُروُم؛ قال:
تُباهِي بصَوْغ من كُرُوم وفضَّة
يقال: رأَيت في عُنُقها كَرْماً حسناً من لؤلؤٍ؛
قال الشاعر:
ونَحْراً عَليْه الدُّر تُزْهِي كُرُومُه
تَرائبَ لا شُقْراً، يُعَبْنَ، ولا كُهْبا
وأَنشد ابن بري لجرير:
لقَدْ وَلَدَتْ غَسّانَ ثالِبةُ الشَّوَى،
عَدُوسُ السُّرَى لا يَقْبَلُ الكَرْمَ جِيدُها
ثالبة الشوء: مشققة القدمين؛ وأَنشد أَيضاً له في أُم البَعِيث:
إذا هَبَطَتْ جَوَّ المَراغِ فعَرَّسَتْ
طُرُوقاً، وأَطرافُ التَّوادي كُروُمُها
والكَرْمُ: ضَرْب من الحُلِيِّ وهو قِلادة من فِضة تَلْبَسها نساء
العرب. وقال ابن السكيت: الكَرْم شيء يُصاغ من فضة يُلبس في القلائد؛ وأَنشد
غيره تقوية لهذا:
فيا أَيُّها الظَّبْيُ المُحَلَّى لَبانُه
بكَرْمَيْنِ: كَرْمَيْ فِضّةٍ وفَرِيدِ
وقال آخر:
تُباهِي بِصَوغٍ منْ كُرُومٍ وفِضّةٍ،
مُعَطَّفَة يَكْسونَها قَصَباً خَدْلا
وفي حديث أُم زرع: كَرِيم الخِلِّ لا تُخادِنُ أَحداً في السِّرِّ؛
أَطْلَقَت كرِيماً على المرأَة ولم تقُل كرِيمة الخلّ ذهاباً به إلى الشخص.
وفي الحديث: ولا يُجلس على تَكْرِمتِه إلا بإذنه؛ التَّــكْرِمةُ: الموضع
الخاصُّ لجلوس الرجل من فراش أو سَرِير مما يُعدّ لإكرامه، وهي تَفْعِلة من
الكرامة.
والــكَرْمةُ: رأْس الفخذ المستدير كأَنه جَوْزة وموضعها الذي تدور فيه من
الوَرِك القَلْتُ؛ وقال في صفة فرس:
أُمِرَّتْ عُزَيْزاه، ونِيطَتْ كُرُومُه
إلى كَفَلٍ رابٍ وصُلْبٍ مُوَثَّقِ
وكَرَّمَ المَطَرُ وكُرِّم: كَثُرَ ماؤه؛ قال أَبو ذؤَيب يصف سحاباً:
وَهَى خَرْجُه واسْتُجِيلَ الرَّبا
بُ مِنْه، وكُرِّم ماءً صَرِيحا
ورواه بعضهم: وغُرِّم ماء صَرِيحا؛ قال أَبو حنيفة: زعم بعض الرواة أن
غُرِّم خطأ وإنما هو وكُرِّم ماء صَريحا؛ وقال أَيضاً: يقال للسحاب إذا
جاد بمائه كُرِّم، والناس على غُرِّم، وهو أشبه بقوله: وَهَى خَرْجُه.
الجوهري: كَرُمَ السَّحابُ إذا جاء بالغيث.
والكَرامةُ: الطَّبَق الذي يوضع على رأْس الحُبّ والقِدْر. ويقال:
حَمَلَ إليه الكرامةَ، وهو مثل النُّزُل، قال: وسأَلت عنه في البادية فلم
يُعرف. وكَرْمان وكِرْمان: موضع بفارس؛ قال ابن بري: وكَرْمانُ اسم بلد، بفتح
الكاف، وقد أُولِعت العامة بكسرها، قال: وقد كسرها الجوهري في فصل رحب
فقال يَحكي قول نَصر بن سَيَّار: أَرَحُبَكُمُ الدُّخولُ في طاعة
الكِرْمانيّ؟ والــكَرْمةُ: موضع أيضاً؛ قال ابن سيده: فأَما قول أَبي
خِراش:وأَيْقَنْتُ أَنَّ الجُودَ مِنْكَ سَجِيَّةٌ،
وما عِشْتُ عَيْشاً مثْلَ عَيْشِكَ بالكَرْمِ
قيل: أَراد الــكَرْمة فجمعها بما حولها؛ قال ابن جني: وهذا بعيد لأَن مثل
هذا إنما يسوغ في الأجناس المخلوقات نحو بُسْرَة وبُسْر لا في الأَعلام،
ولكنه حذف الهاء للضرورة وأَجْراه مُجْرى ما لا هاء فيه؛ التهذيب: قال
أَبو ذؤيب
(* قوله «أبو ذؤيب إلخ» انفرد الازهري بنسبة البيت لابي ذؤيب،
إذ الذي في معجم ياقوت والمحكم والتكملة إنه لابي خراش) في الكُرْم:
وأَيقنتُ أَن الجود منك سجية،
وما عشتُ عيشاً مثل عيشكَ بالكُرْم
قال: أَراد بالكُرْمِ الكَرامة. ابن شميل: يقال كَرُمَتْ أَرضُ فلان
العامَ، وذلك إذا سَرْقَنَها فزكا نبتها. قال: ولا يَكْرُم الحَب حتى يكون
كثير العَصْف يعني التِّبْن والورق. والــكُرْمةُ: مُنْقَطَع اليمامة في
الدَّهناء؛ عن ابن الأعرابي.
عكرم: عِــكْرِمةُ، معرفة: الأُنْثى من الطير الذي يقال له ساقُ حُرٍّ،
وقيل: العِــكْرِمةُ الحَمامةُ الأُنثى. وعِــكْرِمةُ: اسمُ رجل وهو منه؛ فأَما
قوله:
خذوا حِذْرَكُمْ، يا آلَ عِكرِمَ، واذكُروا
أَواصِرَنا، والرِّحْمُ بالغَيْبِ تُذْكَرُ
فإنه رَخَّم وحَذَف الهاء في غير النداء اضطراراً. الجوهري: عِــكْرِمةُ
أبو قَبيلةٍ وهو عِــكْرمة بن حَصَفَة بن قيس عَيْلان.
حبل: الحَبْل: الرِّباط، بفتح الحاء، والجمع أَحْبُل وأَحبال وحِبال
وحُبُول؛ وأَنشد الجوهري لأَبي طالب:
أَمِنْ أَجْلِ حَبْلٍ، لا أَباكَ، ضَرَبْتَه
بمِنْسَأَة؟ قد جَرَّ حَبْلُك أَحْبُلا
قال ابن بري: صوابه قد جَرَّ حَبْلَك أَحْبُلُ؛ قال: وبعده:
هَلُمَّ إِلى حُكْمِ ابن صَخْرة، إِنَّه
سَيَحكُم فيما بَيْننا، ثم يَعْدِلُ
والحبْل: الرَّسَن، وجمعه حُبُول وحِبال. وحَبَل الشيءَ حَبْلاً: شَدَّه
بالحَبْل؛ قال:
في الرأْس منها حبُّه مَحْبُولُ
ومن أَمثالهم: يا حابِلُ اذْكُرْ حَلاًّ أَي يا من يَشُدُّ الحَبْلَ
اذكر وقت حَلِّه. قال ابن سيده: ورواه اللحياني يا حامل، بالميم، وهو تصحيف؛
قال ابن جني: وذاكرت بنوادر اللحياني شيخنا أَبا علي فرأَيته غير راض
بها، قال: وكان يكاد يُصَلِّي بنوادر أَبي زيد إِعْظاماً لها، قال: وقال لي
وقت قراءتي إِياها عليه ليس فيها حرف إِلاَّ ولأَبي زيد تحته غرض مّا،
قال ابن جني: وهو كذلك لأَنها مَحْشُوَّة بالنُّكَت والأَسرار؛ الليث:
المُحَبَّل الحَبْل في قول رؤبة:
كل جُلال يَمْلأ المُحَبَّلا
وفي حديث قيس بن عاصم: يَغْدو الناس بِحبالهم فلا يُوزَع رجل عن جَمَل
يَخْطِمُه؛ يريد الحِبال التي تُشَدُّ فيها الإِبل أَي يأْخذ كل إِنسان
جَمَلاً يَخْطِمُه بحَبْله ويتملكه؛ قال الخطابي: رواه ابن الأَعرابي يغدو
الناس بجمالهم، والصحيح بحِبالهم. والحابُول: الكَرُّ الذي يُصْعد به على
النخل. والحَبْل: العَهْد والذِّمَّة والأَمان وهو مثل الجِوار؛ وأَنشد
الأَزهري:
ما زلْتُ مُعْتَصِماً بحَبْلٍ منكُم،
مَنْ حَلِّ ساحَتَكم بأَسْبابٍ نَجا
بعَهْدٍ وذِمَّةٍ. والحَبْل: التَّواصُل. ابن السكيت: الحَبْل الوِصال.
وقال الله عز وجل: واعتصموا بحَبْل الله جميعاً؛ قال أَبو عبيد: الاعتصام
بحَبْل الله هو ترك الفُرْقة واتباعُ القرآن، وإِيَّاه أَراد عبد الله
بن مسعود بقوله: عليكم بحَبْل الله فإِنه كتاب الله. وفي حديث الدعاء: يا
ذا الحَبْل الشديد؛ قال ابن الأَثير: هكذا يرويه المحدثون بالباء، قال:
والمراد به القرآن أَو الدين أَو السبب؛ ومنه قوله تعالى: واعتصموا بحَبْل
الله جميعاً ولا تَفَرَّقوا؛ ووصفه بالشدَّة لأَنها من صِفات الحِبال،
والشدَّةُ في الدين الثَّباتُ والاستقامة؛ قال الأَزهري: والصواب الحَيْل،
بالياء، وهو القُوَّة، يقال حَيْل وحَوْل بمعنى. وفي حديث الأَقرع
والأَبرص والأَعمى: أَنا رجل مسكين قد انقطعت بي الحِبال في سَفَري أَي انقطعت
بي الأَسباب، من الحَبْل السَّبَبِ. قال أَبو عبيد: وأَصل الحَبْل في
كلام العرب ينصرف على وجوه منها العهد وهو الأَمان. وفي حديث الجنازة:
اللهم إِن فلانَ بْنَ فلانٍ في ذمتك وحَبْل جِوارك؛ كان من عادة العرب أَن
يُخِيف بعضها بعضاً في الجاهلية، فكان الرجل إِذا أَراد سفراً أَخذ عهداً
من سيد كل قبيلة فيأْمن به ما دام في تلك القبيلة حتى ينتهي إِلى الأُخرى
فيأْخذ مثل ذلك أَيضاً، يريد به الأَمان، فهذا حَبْل الجِوار أَي ما دام
مجاوراً أَرضه أَو هو من الإِجارة الأَمان والنصرة؛ قال: فمعنى قول ابن
مسعود عليكم بحبل الله أَي عليكم بكتاب الله وترك الفُرْقة، فإِنه أَمان
لكم وعهد من عذاب الله وعقابه؛ وقال الأَعشى يذكر مسيراً له:
وإِذا تُجَوِّزها حِبالُ قَبِيلة،
أَخَذَتْ من الأُخرى إِليك حِبالَها
وفي الحديث: بيننا وبين القوم حِبال أَي عهود ومواثيق. وفي حديث ذي
المِشْعار: أَتَوْك على قُلُصٍ نَواجٍ متصلة بحَبائل الإِسلام أَي عهوده
وأَسبابه، على أَنها جمع الجمع. قال: والحَبْل في غير هذا المُواصَلة؛ قال
امرؤ القيس:
إِني بحَبْلك واصِلٌ حَبْلي،
وبِرِيش نَبْلِك رائش نَبْلي
والحَبْل: حَبْل العاتق. قال ابن سيده: حَبْل العاتق عَصَب، وقيل:
عَصَبة بين العُنُق والمَنْكِب؛ قال ذو الرمة:
والقُرْطُ في حُرَّة الذِّفْرى مُعَلَّقُهُ،
تَباعَدَ الحَبْلُ منها، فهو يضطرب
وقيل: حَبْل العاتق الطَّرِيقة التي بين العُنُق ورأْس الكتف. الأَزهري:
حَبْلُ العاتق وُصْلة ما بين العاتق والمَنْكِب. وفي حديث أَبي قتادة:
فضربته على حَبْل عاتقه، قال: هو موضع الرداء من العنق، وقيل: هو عِرْق
أَو عَصَب هناك. وحَبْل الوَرِيد: عِرْق يَدِرُّ في الحَلْق، والوَرِيدُ
عِرْق يَنْبِض من الحيوان لا دَم فيه. الفراء في قوله عز وجل: ونحن أَقرب
إِليه من حَبْل الوريد؛ قال: الحَبْل هو الوَرِيد فأُضيف إِلى نفسه
لاختلاف لفظ الاسمين، قال: والوَرِيد عِرْق بين الحُلْقوم والعِلْباوَيْن؛
الجوهري: حَبْل الوَرِيد عِرْق في العنق وحَبْلُ الذراع في اليد. وفي المثل:
هو على حَبْل ذراعك أَي في القُرب منك. ابن سيده: حَبْل الذراع عِرْق
ينقاد من الرُّسْغ حتى ينغمس في المَنْكِب؛ قال:
خِطَامُها حَبْلُ الذراع أَجْمَع
وحَبْل الفَقار: عِرق ينقاد من أَول الظهر إِلى آخره؛ عن ثعلب؛ وأَنشد
البيت أَيضاً:
خِطامها حبل الفَقار أَجْمَع
مكان قوله حَبْل الذراع، والجمع كالجمع. وهذا على حَبْل ذراعك أَي
مُمْكِن لك لا يُحال بينكما، وهو على المثل، وقيل: حِبال الذراعين العَصَب
الظاهر عليهما، وكذلك هي من الفَرَس. الأَصمعي: من أَمثالهم في تسهيل الحاجة
وتقريبها: هو على حَبْل ذراعك أَي لا يخالفك، قال: وحَبْل الذراع عِرْق
في اليد، وحِبال الفَرَس عروق قوائمه؛ ومنه قول امرئ القيس:
كأَنَّ نُجوماً عُلِّقَتْ في مَصامِه،
بأَمراس كَتَّانٍ إِلى صُمِّ جَنْدَل
والأَمراس: الحِبال، الواحدة مَرَسة، شَبَّه عروق قوائمه بحِبال
الكَتَّان، وشبه صلابة حوافره بصُمِّ الجَنْدَل، وشبه تحجيل قوائمه ببياض نجوم
السماء. وحِبال الساقين: عَصَبُهما. وحَبائِل الذكر: عروقه.
والحِبالة: التي يصاد بها، وجمعها حَبائل، قال: ويكنى بها عن الموت؛ قال
لبيد:
حَبائلُه مبثوثة بَسبِيلهِ،
ويَفْنى إِذا ما أَخطأَتْه الحَبائل
وفي الحديث: النِّساء حَبائل الشيطان أَي مَصايِدُه، واحدتها حِبالة،
بالكسر، وهي ما يصاد بها من أَيّ شيء كان. وفي حديث ابن ذي يَزَن:
ويَنْصِبون له الحَبائل. والحَابِل: الذي يَنْصِب الحِبالة للصيد. والمَحْبُول:
الوَحْشيُّ الذي نَشِب في الحِبالة. والحِبالة: المِصْيَدة مما كانت.
وحَبَل الصيدَ حَبْلاً واحْتَبَله: أَخذه وصاده بالحِبالة أَو نصبها له.
وحَبَلَته الحِبالةُ: عَلِقَتْه، وجمعها حبائل؛ واستعاره الراعي للعين وأَنها
عَلِقَت القَذَى كما عَلِقَت الحِبالةُ الصيدَ فقال:
وبات بثَدْيَيْها الرَّضِيعُ كأَنه
قَذًى، حَبَلَتْه عَيْنُها، لا يُنيمُها
وقيل: المَحْبُول الذي نصبت له الحِبالة وإِن لم يقع فيها.
والمُحْتَبَل: الذي أُخِذ فيها؛ ومنه قول الأَعشى:
ومَحْبُول ومُحْتَبَل
الأَزهري: الحَبْل مصدر حَبَلْت الصيد واحتبلته إِذا نصبت له حِبالة
فنَشِب فيها وأَخذته. والحِبالة: جمع الحَبَل. يقال: حَبَل وحِبال وحِبالة
مثل جَمَل وجِمال وجِمالة وذَكَر وذِكار وذِكارة. وفي حديث عبد الله
السعدي: سأَلت ابن المسيَّب عن أَكل الضَّبُع فقال: أَوَيأْكلها أَحد؟ فقلت:
إِن ناساً من قومي يَتَحَبَّلُونها فيأْكلونها، أَي يصطادونها
بالحِبالة.ومُحْتَبَل الفَرَس: أَرْساغه؛ ومنه قول لبيد:
ولقد أَغدو، وما يَعْدِمُني
صاحبٌ غير طَوِيل المُحْتَبَل
أَي غير طويل الأَرساغ، وإِذا قَصُرت أَرساغه كان أَشدّ. والمُحْتَبَل
من الدابة: رُسْغُها لأَنه موضع الحَبْل الذي يشدّ فيه. والأُحْبُول:
الحِبالة. وحبائل الموت: أَسبابُه؛ وقد احْتَبَلهم الموتُ.
وشَعرٌ مُحَبَّل: مَضْفور. وفي حديث قتادة في صفة الدجال، لعنه الله:
إِنه مُحبَّل الشعر أَي كأَن كل قَرْن من قرون رأْسه حَبْل لأَنه جعله
تَقاصيب لجُعُودة شعره وطوله، ويروى بالكاف مُحَبَّك الشَّعر. والحُبال:
الشَّعر الكثير.
والحَبْلانِ: الليلُ والنهار؛ قال معروف بن ظالم:
أَلم تر أَنَّ الدهر يوم وليلة،
وأَنَّ الفتى يُمْسِي بحَبْلَيْه عانِيا؟
وفي التنزيل العزيز في قصة اليهود وذُلِّهم إِلى آخر الدنيا وانقضائها:
ضُرِبَت عليهم الذِّلَّة أَينما ثُقِفُوا إِلاَّ بحَبْل من الله وحَبْل
من الناس؛ قال الأَزهري: تكلم علماء اللغة في تفسير هذه الآية واختلفت
مذاهبهم فيها لإِشكالها، فقال الفراء: معناه ضربت عليهم الذلة إِلا أَن
يعتصموا بحَبْل من الله فأَضمر ذلك؛ قال: ومثله قوله:
رَأَتْني بحَبْلَيْها فَصَدَّت مَخافةً،
وفي الحَبْل رَوْعاءُ الفؤاد فَرُوق
أَراد رأَتني أَقْبَلْتُ بحَبْلَيْها فأَضمر أَقْبَلْت كما أَضمر
الاعتصام في الآية؛ وروى الأَزهري عن أَبي العباس أَحمد بن يحيى أَنه قال: الذي
قاله الفراء بعيد أَن تُحْذف أَن وتبقى صِلَتُها، ولكن المعنى إِن شاء
الله ضُرِبَت عليهم الذلة أَينما ثُقِفوا بكل مكان إِلا بموضع حَبْل من
الله، وهو استثناء متصل كما تقول ضربت عليهم الذلة في الأَمكنة إِلا في هذا
المكان؛ قال: وقول الشاعر رأَتني بحَبْلَيْها فاكتفى بالرؤية من التمسك،
قال: وقال الأَخفش إِلا بحَبْل من الله إِنه استثناء خارج من أَول
الكلام في معنى لكن، قال الأَزهري: والقول ما قال أَبو العباس. وفي حديث
النبي،صلى الله عليه وسلم: أُوصيكم بكتاب الله وعِتْرَتي أَحدهما أَعظم من
الآخر وهو كتاب الله حَبْل ممدود من السماء إِلى الأَرض أَي نور ممدود؛ قال
أَبو منصور: وفي هذا الحديث اتصال كتاب الله
(* قوله «اتصال كتاب الله»
أي بالسماء) عز وجل وإِن كان يُتْلى في الأَرض ويُنسَخ ويُكتَب، ومعنى
الحَبْل الممدود نور هُدَاه، والعرب تُشَبِّه النور الممتدّ بالحَبْل
والخَيْط؛ قال الله تعالى: حتى يتبين لكم الخيط الأَبيض من الخيط الأَسود من
الفجر؛ يعني نور الصبح من ظلمة الليل، فالخيط الأَبيض هو نور الصبح إِذا
تبين للأَبصار وانفلق، والخيط الأَسود دونه في الإِنارة لغلبة سواد الليل
عليه، ولذلك نُعِتَ بالأَسود ونُعِت الآخر بالأَبيض، والخَيْطُ والحَبْل
قريبان من السَّواء. وفي حديث آخر: وهو حَبْل الله المَتِين أَي نور هداه،
وقيل عَهْدُه وأَمانُه الذي يُؤمِن من العذاب. والحَبْل: العهد
والميثاق. الجوهري: ويقال للرَّمْل يستطيل حَبْل، والحَبْل الرَّمْل المستطيل
شُبِّه بالحَبل. والحَبْل من الرمل: المجتمِعُ الكثير العالي. والحَبْل:
رَمْل يستطيل ويمتدّ. وفي حديث عروة بن مُضَرِّس: أَتيتك من جَبَلَيْ طَيِّء
ما تركت من حبل إِلا وقفت عليه؛ الحَبْل: المستطيل من الرَّمْل، وقيل
الضخم منه، وجمعه حِبال، وقيل: الحِبال في الرمل كالجِبال في غير الرمل؛
ومنه حديث بدر: صَعِدْنا على حَبْل أَي قطعة من الرمل ضَخْمة ممتدَّة. وفي
الحديث: وجَعَل حَبْلَ المُشاة بين يديه أَي طريقَهم الذي يسلكونه في
الرَّمْل، وقيل: أَراد صَفَّهم ومُجْتَمعهم في مشيهم تشبيهاً بحَبْل الرمل.
وفي صفة الجنة: فإِذا فيها حَبائل اللؤلؤ؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاء في
كتاب البخاري والمعروف جَنابِذُ اللؤلؤ، وقد تقدم، قال: فإِن صحت الرواية
فيكون أَراد به مواضع مرتفعة كحِبال الرمل كأَنه جمع حِبالة، وحِبالة
جمع حَبْل أَو هو جمع على غير قياس.
ابن الأَعرابي: يقال للموت حَبِيلَ بَراح؛ ابن سيده: فلان حَبِيل بَراح
أَي شُجاعٌ، ومنه قيل للأَسد حَبِيل بَراح، يقال ذلك للواقف مكانه
كالأَسد لا يَفِرُّ. والحبْل والحِبْل: الداهية، وجَمْعها حُبُول؛ قال
كثيِّر:فلا تَعْجَلي، يا عَزّ، أَن تَتَفَهَّمِي
بنُصْحٍ أَتى الواشُونَ أَم بحُبُول
وقال الأَخطل:
وكنتُ سَلِيمَ القلب حتى أَصابَني،
من اللاَّمِعات المُبْرِقاتِ، حُبولُ
قال ابن سيده: فأَما ما رواه الشيباني خُبُول، بالخاء المعجمة، فزعم
الفارسي أَنه تصحيف. ويقال للداهية من الرجال: إِنه لحِبْل من أَحْبالها،
وكذلك يقال في القائم على المال. ابن الأَعرابي: الحِبْل الرجل العالم
الفَطِن الداهي؛ قال وأَنشدني المفضل:
فيا عَجَبا لِلْخَوْدِ تُبْدِي قِناعَها،
تُرَأْرِئُ بالعَيْنَيْنِ لِلرَّجُل الحِبْل
يقال: رَأْرَأَتْ بعينيها وغَيَّقَتْ وهَجَلَتْ إِذا أَدارتهما تَغْمِز
الرَّجُل.
وثار حابِلُهم على نابِلِهم إِذا أَوقدوا الشرَّ بينهم. ومن أَمثال
العرب في الشدة تصيب الناس: قد ثار حابِلُهم ونابِلُهم؛ والحابل: الذي
يَنْصِب الحِبالة، والنابلُ: الرامي عن قوسه بالنَّبْل، وقد يُضرب هذا مثلاً
للقوم تتقلب أَحوالهم ويَثُور بعضهم على بعض بعد السكون والرَّخاء. أَبو
زيد: من أَمثالهم: إِنه لواسع الحَبْل وإِنه لضَيِّق الحَبْل، كقولك هو
ضَيِّق الخُلُق وواسع الخُلُق؛ أَبو العباس في مثله: إِنه لواسع العَطَن
وضَيِّق العَطَن. والْتَبَس الحابل بالنابِل؛ الحابِلُ سَدَى الثوب،
والنابِلُ اللُّحْمة؛ يقال ذلك في الاختلاط. وحَوَّل حابِلَه على نابِلِه أَي
أَعلاه على أَسفله، واجْعَل حابِلَه نابِلَه، وحابله على نابله كذلك.
والحَبَلَةُ والحُبَلَةُ: الكَرْم، وقيل الأَصل من أُصول الكَرْم،
والحَبَلة: طاق من قُضْبان الكَرْم. والحَبَلُ: شجر العِنَب، واحدته حَبَلة.
وحَبَلة عَمْرو: ضَرْب من العنب بالطائف، بيضاء مُحَدَّدة الأَطراف
متداحضة
(* قوله: متداحضة، هكذا في الأصل) العناقيد. وفي الحديث: لا تقولوا
للعِنَب الكَرْم ولكن قولوا العنب والحَبَلة، بفتح الحاء والباء وربما سكنت،
هي القَضيب من شجر الأَعناب أَو الأَصل. وفي الحديث: لما خرج نوح من
السفينة غَرَس الحَبَلة. وفي حديث ابن سِيرِين: لما خرج نوح من السفينة
فَقَدَ حَبَلَتَيْن كانتا معه، فقال له المَلَك: ذَهَب بهما الشيطان، يريد ما
كان فيهما من الخَمْر والسُّكْر. الأَصمعي: الجَفْنة الأَصل من أُصول
الكَرْم، وجمعها الجَفْن، وهي الحَبَلة، بفتح الباء، ويجوز الحَبْلة،
بالجزم. وروي عن أَنس بن مالك: أَنه كانت له حَبَلة تَحْمِل كُرًّا وكان
يسميها أُمَّ العِيال، وهي الأَصل من الكَرْم انْتَشَرَت قُضْبانُها عن
غِرَاسِها وامتدّت وكثرت قضبانها حتى بلغ حَمْلُها كُرًّا.
والحَبَل: الامتلاء. وحَبِل من الشراب: امتلأَ. ورجل حَبْلانُ وامرأَة
حَبْلى: ممتلئان من الشراب. والحُبال: انتفاخ البطن من الشراب والنبيذ
والماء وغيره؛ قال أَبو حنيفة: إِنما هو رجل حُبْلانُ وامرأَة حُبْلى، ومنه
حَبَلُ المرأَة وهو امتلاء رَحِمها. والحَبْلان أَيضاً: الممتلئ غضباً.
وحَبِل الرجلُ إِذا امتلأَ من شرب اللبن، فهو حَبْلانُ، والمرأَة حَبْلى.
وفلان حَبْلان على فلان أَي غضبان. وبه حَبَلٌ أَي غَضَب، قال: وأَصله
من حَبَل المرأَة. قال ابن سيده: والحَبَل الحَمْل وهو من ذلك لأَنه
امتلاء الرَّحِم. وقد حَبِلت المرأَةُ تَحْبَل حَبَلاً، والحَبَل يكون مصدراً
واسماً، والجمع أَحْبال؛ قال ساعدة فجعله اسماً:
ذا جُرْأَةٍ تُسْقِط الأَحْبالَ رَهْبَتُه،
مَهْما يكن من مَسام مَكْرَهٍ يَسُم
ولو جعله مصدراً وأَراد ذوات الأَحبال لكان حَسَناً. وامرأَة حابلة من
نسوة حَبَلة نادر، وحُبْلى من نسوة حُبْلَيات وحَبالى، وكان في الأَصل
حَبالٍ كدَعاوٍ تكسير دَعْوَى؛ الجوهري في جمعه: نِسْوة حَبالى وحَبالَيات،
قال: لأَنها ليس لها أَفْعَل، ففارق جمع الصُّغْرى والأَصل حَبالي، بكسر
اللام، قال: لأَن كل جمع ثالثه أَلف انكسر الحرف الذي بعدها نحو مَساجِد
وجَعافِر، ثم أَبدلوا من الياء المنقلبة من أَلف التأْنيث أَلفاً، فقالوا
حَبالى، بفتح اللام، ليفْرِقوا بين الأَلفين كما قلنا في الصَّحارِي،
وليكون الحَبالى كحُبْلى في ترك صرفها، لأَنهم لو لم يُبْدِلوا لسقطت الياء
لدخول التنوين كما تسقط في جَوَارٍ، وقد ردّ ابن بري على الجوهري قوله
في جمع حُبْلى حَبَالَيَات، قال: وصوابه جُبْلَيَات. قال ابن سيده: وقد
قيل امرأَة حَبْلانة، ومنه قول بعض نساء الأَعراب: أَجِدُ عَيْني هَجَّانة
وشَفَتي ذَبَّانَة وأَراني حَبْلانة، واختلف في هذه الصفة أَعَامَّة
للإِناث أَم خاصة لبعضها، فقيل: لا يقال لشيء من غير الحيوان حُبْلى إِلا في
حديث واحد: نهي عن بيع حَبَل الحَبَلة، وهو أَن يباع ما يكون في بطن
الناقة، وقيل: معنى حَبَل الحَبَلة حَمْل الــكَرْمة قبل أَن تبلغ، وجعل
حَمْلها قبل أَن تبلغ حَبَلاً، وهذا كما نهي عن بيع ثمر النخل قبل أَن يُزْهِي،
وقيل: حَبَل الحَبَلة ولدُ الولد الذي في البطن، وكانت العرب في
الجاهلية تتبايع على حَبَل الحَبَلة في أَولاد أَولادها في بطون الغنم الحوامل،
وفي التهذيب: كانوا يتبايعون أَولاد ما في بطون الحوامل فنهى النبي، صلى
الله عليه وسلم، عن ذلك. وقال أَبو عبيد: حَبَل الحَبَلة نِتَاج النِّتاج
وولد الجَنين الذي في بطن الناقة، وهو قول الشافعي، وقيل: كل ذات ظُفُر
حُبْلى؛ قال:
أَو ذِيخَة حُبْلى مُجِحّ مُقْرِب
الأَزهري: يزيد بن مُرَّة نهي عن حَبَل الحَبَلة، جعل في الحَبَلة هاء،
قال: وهي الأُنثى التي هي حَبَل في بطن أُمها فينتظر أَن تُنْتَج من بطن
أُمها، ثم ينتظر بها حتى تَشِبَّ، ثم يرسل عليها الفَحْل فتَلْقَح فله ما
في بطنها؛ ويقال: حَبَل الحَبَلة للإِبل وغيرها، قال أَبو منصور: جعل
الأَول حَبَلة بالهاء لأَنها أُنثى فإِذا نُتِجت الحَبَلة فولدها حَبَل،
قال: وحَبَل الحَبَلة المنتظرة أَن تَلْقِحَ الحَبَلة المستشعرة هذي التي
في الرحم لأَن المُضْمَرة من بعد ما تُنْتَج إِمَّرة. وقال ابن خالويه:
الحَبَل ولد المَجْر وهو وَلَد الولد. ابن الأَثير في قوله: نهي عن حَبَل
الحَبَلة، قال: الحَبَل، بالتحريك، مصدر سمي به المحمول كما سمي به
الحَمْل، وإِنما دخلت عليه التاء للإِشعار بمعنى الأُنوثة فيه، والحَبَل الأَول
يراد به ما في بطون النُّوق من الحَمْل، والثاني حَبَل الذي في بطون
النوق، وإِنما نهي عنه لمعنيين: أَحدهما أَنه غَرَر وبيع شيء لم يخلق بعد
وهو أَن يبيع ما سوف يحمله الجَنِين الذي في بطن أُمه على تقدير أَن يكون
أُنثى فهو بيع نِتَاج النِّتَاج، وقيل: أَراد بحبَل الحَبَلة أَن يبيعه
إِلى أَجل يُنْتَج فيه الحَمْل الذي في بطن الناقة، فهو أَجل مجهول ولا
يصح؛ ومنه حديث عمر لما فُتِحت مصر: أَرادوا قَسْمها فكتبوا إِليه فقال لا
حتى يَغْزُوَ حَبَلُ الحَبَلة؛ يريد حتى يَغْزُوَ منها أَولاد الأَولاد
ويكون عامّاً في الناس والدواب أَي يكثر المسلمون فيها بالتوالد، فإِذا
قسمت لم يكن قد انفرد بها الآباء دون الأَولاد، أَو يكون أَراد المنع من
القسمة حيث علقه على أَمر مجهول. وسِنَّوْرَة حُبْلى وشاة حُبْلى.
والمَحْبَل: أَوان الحَبَل. والمَحْبِل: موضع الحَبَل من الرَّحِم؛ وروي
بيت المتنخل الهذلي:
إِن يُمْسِ نَشْوانَ بمَصْروفة
منها بِرِيٍّ، وعلى مِرْجَل
لا تَقِهِ الموتَ وَقِيَّاتُه،
خُطَّ له ذلك في المَحْبِل
والأَعْرف: في المَهْبِل؛ ونَشْوان أَي سكران، بمَصْروفة أَي بخَمْر
صِرْف، على مِرْجَل أَي على لحم في قِدْر، وإِن كان هذا دائماً فليس يَقِيه
الموت، خُطَّ له ذلك في المَحْبِل أَي كُتِب له الموت حين حَبِلَتْ به
أُمُّه؛ قال أَبو منصور: أَراد معنى حديث ابن مسعود عن النبي، صلى الله
عليه وسلم: إِن النطفة تكون في الرَّحمِ أَربعين يوماً نُطْفة ثم عَلَقة
كذلك ثم مُضْغة كذلك، ثم يبعث الله المَلَك فيقول له اكتب رزقَه وَعَملَه
وأَجَلَه وشَقِيٌّ أَو سعيد فيُخْتَم له على ذلك، فما من أَحد إِلا وقد
كُتِب له الموت عند انقضاء الأَجَل المؤَجَّل له. ويقال: كان ذلك في مَحْبَل
فلان أَي في وقت حَبَل أُمه به. وحَبَّل الزَّرعُ: قَذَف بعضُه على بعض.
والحَبَلة: بَقْلة لها ثمرة كأَنها فِقَر العقرب تسمى شجرة العقرب،
يأْخذها النساء يتداوين بها تنبت بنَجْد في السُّهولة. والحُبْلة: ثمر
السَّلَم والسَّيَال والسَّمُر وهي هَنَة مُعَقَّفة فيها حَبٌّ صُغَار أَسود
كأَنه العَدَس، وقيل: الحُبْلة ثَمَرُ عامَّةِ العِضاه، وقيل: هو وِعَاءُ
حَبِّ السَّلَم والسَّمُر، وأَما جميع العِضَاه بَعْدُ فإِن لها مكان
الحُبْلة السِّنَفة، وقد أَحْبَل العِضَاهُ. والحُبْلة: ضَرْب من الحُلِيِّ
يصاغ على شكل هذه الثمرة يوضع في القلائد؛ وفي التهذيب: كان يجعل في
القلائد في الجاهلية؛ قال عبدالله بن سليم من بني ثعلبة بن الدُّول:
ولقد لَهَوْتُ، وكُلُّ شيءٍ هالِكٌ،
بنَقَاة جَيْبِ الدَّرْع غَير عَبُوس
ويَزِينُها في النَّحْر حَلْيٌ واضح،
وقَلائدٌ من حُبْلة وسُلُوس
والسَّلْس: خَيْط يُنْظَم فيه الخَرَز، وجمعه سُلوس. والحُبْلة: شجرة
يأْكلها الضِّبَاب. وضَبٌّ حابِل: يَرْعَى الحُبْلة. والحُبْلة: بَقْلة
طَيِّبة من ذكور البقل.
والحَبَالَّة: الانطلاق
(* قوله «والحبالة الانطلاق» وفي القاموس: من
معانيها الثقل، قال شارحه: يقال ألقى عليه حبالته وعبالته أي ثقله)؛ وحكى
اللحياني: أَتيته على حَبَالَّة انطلاق، وأَتيته على حَبَالَّة ذلك أَي
على حين ذلك وإِبَّانه. وهي على حَبَالَّة الطَّلاق أَي مُشْرِفة عليه. وكل
ما كان على فَعَالَّة، مشددة اللام، فالتخفيف فيها جائز كحَمَارَّة
القَيْظ وحَمَارَته وصَبَارَّة البَرْد وصَبَارتَه إِلاَّ حَبَالَّة ذلك
فإِنه ليس في لامها إِلاَّ التشديد؛ رواه اللحياني.
والمَحْبَل: الكتاب الأَوَّل.
وبنو الحُبْلى: بطن، النسب إِليه حُبْلِيّ، على القياس، وحُبَليُّ على
غيره. والحُبَل: موضع. الليث: فلان الحُبَليّ منسوب إِلى حَيٍّ من اليمن.
قال أَبو حاتم: ينسب من بني الحُبْلى، وهم رهط عبد اٍّلله ابن أُبيٍّ
المنافق، حُبَليُّ، قال: وقال أَبو زيد ينسب إِلى الحُبْلى حُبْلَويٌّ
وحُبْليٌّ وحُبْلاوِيٌّ. وبنو الحُبْلى: من الأَنصار؛ قال ابن بري: والنسبة
إِليه حُبَليٌّ، يفتح الباء. والحَبْل: موضع بالبصرة؛ وقول أَبي ذؤَيب:
وَرَاحَ بها من ذي المَجَاز، عَشِيَّةً،
يُبَادر أُولى السابقين إِلى الحَبْل
قال السكري: يعني حَبْلَ عَرفة. والحابل: أَرض؛ عن ثعلب؛ وأَنشد ابن
الأَعرابي:
أَبنيَّ، إِنَّ العَنْزَ تمنع ربَّها
من أَن يَبِيت وأَهْله بالحابِل
والحُبَليل: دُويَّبة يموت فإِذا أَصابه المطر عاش، وهو من الأَمثلة
التي لم يحكها سيبويه.
ابن الأَعرابي: الأَحْبَل والإِحْبَل والحُنْبُل اللُّوبِيَاء، والحَبْل
الثِّقَل. ابن سيده: الحُبْلة، بالضم، ثمر العِضاه. وفي حديث سعد بن
أَبي وَقَّاص: لقد رأَيتُنا مع رسول اٍّلله، صلى اٍّلله عليه وسلم، وما لَنا
طعام إِلاَّ الحُبْلة وورق السَّمُر؛ أَبو عبيد: الحُبْلة والسَّمُر
ضَرْبان من الشجر؛ شمر: السَّمُر شبه اللُّوبِيَاء وهو الغُلَّف من الطَّلْح
والسِّنْف من المَرْخ، وقال غيره: الحُبْلة، بضم الحاء وسكون الباء، ثمر
للسَّمُر يشبه اللُّوبِيَاء، وقيل: هو ثمر العِضَاه؛ ومنه حديث عثمان،
رضي اٍّلله عنه: أَلَسْتَ تَرْعَى مَعْوتَها وحُبْلتها؟ الجوهري: ضَبُّ
حابِل يَرْعَى الحُبْلة. وقال ابن السكيت: ضَبٌّ حابِلٌ ساحٍ يَرْعَى
الحُبْلة والسِّحَاء. وأَحْبَله أَي أَلقحه. وحِبَال: اسم رجل من أَصحاب
طُلَيْحة بن خويلد الأَسدي أَصابه المسلمون في الرِّدَّة فقال فيه:
فإِن تَكُ أَذْوادٌ أُصْبِنَ ونِسْوة،
فلن تَذْهَبوا فَرْغاً بقتل حِبَال
وفي الحديث: أَنَّ النبي، صلى الله عليه وسلم، أَقْطَع مُجَّاعة بن
مَرَارة الحُبَل؛ بضم الحاء وفتح الباء، موضع باليمامة، والله أَعلم.