من (ع ك س) من تقلب الأشياء وترد آخرها على أولها.
من (ع ك س) من تقلب الأشياء وترد آخرها على أولها.
شكس: الشَّكُسُ والشَّكِسُ والشَّرِسُ، جميعاً: السَّيِّءُ الخلق، وقيل:
هو السيِّءُ الخلق في المبايعة وغيرها. وقال الفراء: رجل شَكِسٌ عَكِصٌ؛
قال الراجز:
شَكْسٌ عَبُوسٌ عَنْبَسٌ عَذَوَّرُ
وقوم شُكْسٌ مثال رجل صَدْق وقوم صُدْق؛ وقد شَكِسَ، بالكسر، يَشْكَسُ
شَكَساً وشَــكاسَةً. الفراء: رجل شَكِسٌ، وهو القياس، وإِنه لَشكِسٌ لَكِسٌ
أَي عَسِرٌ. والمِشْكَسُ: كالشَّكُسِ؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
خُلِقْتَ شَكسْاً للأَعادي مِشْكَسا
وتَشاكَسَ الرجلان: تَضادَّا. وفي التنزيل العزيز: ضرب اللَّه مثلاً
رجلاً فيه شُرَكاء مُتَشاكِسون ورجلاً سالماً لرجلٍ هل يَسْتَويانِ مثلاً؛
أَي متضايقون مُتَّضادُّون، وتفسير هذا المثل أَنه ضرب لمن وَحَّد اللَّه
تعالى ولمن جعل معه شركاء، فالذي وَحَّدَ اللَّه تعالى مَثَلُه مَثَلُ
السالم لرجل لا يَشْرَكُه فيه غيره؛ يقال: سَلِمَ فلانٌ لفلان أَي خَلَصَ
له، ومَثَلُ الذي عَبَدَ مع اللَّه سبحانه غيره مَثَلُ صاحب الشركاء
المتشاكسين، والشركاء المُتَشاكِسُون: العَسِرُونَ المختلفون الذين لا يتفقون،
وأَراد بالشركاء الآلهة التي كانوا يعبدونها من دون اللَّه تعالى. وفي
حديث عليّ، كرم اللَّه وجهه، فقال: أَنتم شركاء مُتَشاكسون؛ أَي مختلفون
متنازعون.
ومَحَلَّةٌ شَكِسٌ: ضَيِّقَة؛ قال عبد مناف الهُذلي:
وأَنا الذي بَيَّتُّكم في فِتْيَةٍ،
بمَحَلَّةٍ شَكِسٍ وليلٍ مُظْلِم
والليل والنهارُ يَتَشاكَسان أَي يتضادَّان. وبنو شَكْسٍ، بفتح الشين:
تَجْرٌ بالمدينة؛ عن ابن الأَعرابي.
ركس: الرِّكْسُ: الجماعة من الناس، وقيل: الكثير من الناس، والرِّكْسُ
شبيه بالرَّجِيع. وفي الحديث: أَن النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، أُتيَّ
برَوْثٍ في الاستنجاء فقال: إِنه رِكْسٌ؛ قال أَبو عبيد: الرِّكْسُ شبيه
المعنى بالرجيع. يقال: رَكَسْتُ الشيء وأَرْكَسْتُه إِذا رَدَدْتَه
ورَجَعْتَه، وفي رواية: إِنه رَكِيس، فعيل بمعنى مفعول؛ ومنه الحديث: اللهم
أَركِسْهما في الفتنة رَكْساً؛ والرَّكْسُ: قلبُ الشيء على رأْسه أَو ردُّ
أَوله على آخره؛ رَكَسَه يَرْكُسُه رَكْساً، فهو مَرْكوس ورَكِيسٌ،
وأَرْكَسَه فارْتَكَس فيهما. وفي التنزيل: واللَّه أَرْكَسهم بما كسَبوا؛ قال
الفراء: يقول رَدَّهم إِلى الكفر، قال: ورَكَسهم لغة. ويقال: رَكَسْتُ
الشيء وأَرْكَسْتُه لغتان إِذا رَدَدْتَه. والاْرتِكاسُ: الارتداد. وقال شمر:
بلغني عن ابن الأَعرابي أَنه قال المَنْكُوس والمَرْكُوس المُدْبر عن
حاله. والرَّكْسُ: ردُّ الشيء مقلوباً. وفي الحديث: الفِتَنُ تَرْتَكِسُ
بين جراثيم العرب أَي تَزْدَحِمُ وتتردد. والرَّكِيسُ أَيضاً: الضعيف
المُرْتَكِسُ؛ عن ابن الأَعرابي.
وارْتَكَسَتِ الجارية إِذا طلع ثَدْيُها، فإِذا اجتمع وضَخُمَ فقد
نَهَدَ.
والرَّاكِسُ: الهادي، وهو الثور الذي يكون في وَسَطِ البَيْدَرِ عند
الدِّياسِ والبقر حوله تدور ويَرْتَكِسُ هو مكانه، والأُنثى راكسة. وإِذا
وقع الإِنسان في أَمر ما نجا منه قيل: ارْتَكَسَ فيه. الصحاح: ارْتَكَسَ
فلانٌ في أَمر كان قد نجا منه. والرَّكُوسِيَّةُ: قوم لهم دين بين النصارى
والصابئين. وفي حديث عديّ بن حاتم: أَنه أَتى النبي، صلى اللَّه عليه
وسلم، فقال له النبي، صلى اللَّه عليه وسلم: إِنك من أَهل دين يقال لهم
الرَّكُوسِيَّة؛ وروي عن ابن الأَعرابي أَنه قال: هذا من نعت النصارى ولا
يعرّب. والرِّكْسُ، بالكسر: الجِسْرُ؛ وراكِسٌ في شعر النابغة:
وعِيدُ أَبي قابُوسَ في غيرِ كُنْهه
أَتاني، ودوني راكِسٌ فالضَّواجِعُ
اسم واد. وقوله في غير كنهه أَي لم أَكن فعلت ما يوجب غضبه عليَّ فجاء
وعيده في غير حقيقة أَي على غير ذنب أَذنبته. والضواجع: جمع ضاجعة، وهو
مُنْحَنَى الوادي ومُنْعَطَفُه.
أري: الأَصمعي: أَرَتِ القِدْرُ تَأْري أَرْياً إذا احترقت ولَصِقَ بها
الشيء، وأَرَتِ القِدْرُ تَأْري أَرْياً، وهو ما يَلْصَق بها من الطعام.
وقد أَرَتِ القِدْرُ أَرْياً: لَزِقَ بأَسفلها شيء من الاحتراق مثل
شاطَتْ؛ وفي المحكم: لَزِقَ بأَسفلها شِبْهُ الجُلْبَة السوداء، وذلك إذا لم
يُسَطْ ما فيها أو لم يُصَبَّ عليه ماء. والأَرْيُ: ما لَزِقَ بأَسفلها
وبقِي فيه من ذلك؛ المصدرُ والاسم فيه سواءٌ. وأَرْيُ القِدْرِ: ما
الْتَزَقَ بجوانبها من الحَرَق. ابن الأَعرابي: قُرارَة القِدر وكُدادتُها
وأَرْيُها. والأَرْيُ: العَسَلُ؛ قال لبيد:
بأَشْهَبَ مِنْ أَبكارِ مُزْن سَحابةٍ،
وأَرْيِ دَبُورٍ شارَهُ النَّحْلَ عاسلُ
وعَمَلُ النَّحْلِ أَرْيٌ أَيضاً؛ وأَنشد ابن بري لأَبي ذؤيب:
جَوارِسُها تَأْري الشُّعُوفَ
تَأْري: تُعَسِّل، قال: هكذا رواه عليّ بن حمزة وروى غيره تَأْوي. وقد
أَرَتِ النَّحْلُ تَأْري أَرْياً وتَأَرَّتْ وأْتَرَتْ: عَمِلَت العَسَل؛
قال الطرماح في صفة دَبْر العسل:
إذا ما تَأَرَّتْ بالخَليِّ، بَنَتْ به
شَريجَيْنِ مِمّا تَأْتَري وتُتِيعُ
(* قوله «إذا ما تأرت» كذا في الأصل بالراء، وفي التكملة بالواو).
شَريجَيْن: ضربين يعني من الشَّهْدِ والعسل. وتأْتري: تُعَسِّلُ،
وتُتِيعُ أَي تقيء العسلَ. والْتِزاقُ الأَرْي بالعَسَّالة ائْتِراؤه، وقيل:
الأَرْيُ ما تجمعه من العسل في أَجوافِها ثم تَلْفِظه، وقيل: الأَرْيُ
عَمَلُ النحل، وهو أَيضاً ما التَزَقَ من العسل في جوانب العَسَّالة، وقيل:
عَسَلُها حين تَرْمي به من أَفواهها؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
إذا الصُّدورُ أَظْهَرَتْ أَرْيَ المِئَر
إنما هو مستعار من ذلك، يعني ما جَمَعَتْ في أَجوافها من الغيظ كما
تَفْعَلُ النَّحْلُ إذا جمَعَتْ في أَفواهها العَسَل ثم مَجَّتْه. ويقال
للَّبَنِ إذا لَصِق وَضَرهُ بالإناء: قد أَرِيَ، وهو الأَرْيُ مثل
الرَّمْي.والتَّأَرِّي: جَمْع الرجل لِبَنِيه الطَّعامَ. وأَرَتِ الريحُ الماءَ:
صَبَّته شيئاً بعد شيء. وأَرْيُ السماءِ ما أَرَتْه الريح تَأْرِيه
أَرْياً فصَبَّته شيئاً بعد شيء، وقيل: أَرْيُ الريح عَمَلُها وسَوْقُها
السحابَ؛ قال زهير:
يَشِمْنَ بُرُوقَها، ويَرُشُّ أَرْيَ الـْ
جَنُوب، على حَواجِبها، العَماءُ
قال الليث: أَرادَ ما وقع من النَّدى والطَّلِّ على الشجر والعُشْب فلم
يَزَلْ يَلْزَقُ بعضهُ ببعض ويَكْثُرُ، قال أَبو منصور: وأَرْيُ الجَنوبِ
ما اسْتَدَرَّتْه الجَنوبُ من الغَمام إذا مَطَرَت. وأَرْيُ السحاب:
دِرَّتُه، قال أَبو حنيفة: أَصل الأَرْيِ العَمَل. وأَرْيُ النَّدى: ما وقع
منه على الشجر والعُشْب فالتزَق وكَثُر. والأَرْيُ: لُطاخةُ ما تأْكله.
وتَأَرَّى عنه: تَخَلَّف. وتَأَرَّى بالمكان وأْتَرى: احْتَبَس. وأَرَتِ
الدابَّةُ مَرْبَطَها ومَعْلَفَها أرْياً: لَزِمَتْه. والآرِيُّ والآري:
الأَخِيَّةُ. وأَرَّيْتُ لها: عَمِلْتُ لها آريّاً. قال ابن السكيت في
قولهم للمَعْلَف آرِيٌّ قال: هذا مما يضعه الناس في غير موضعه، وإنما
الآرِيُّ مَحْبِس الدابة، وهي الأَواري والأَواخِي، واحدتها آخِيِّةٌ، وآرِيٌّ
إنما هو من الفعل فاعُولٌ. وتَأَرَّى بالمكان إذا تَحَبَّس؛ ومنه قول
أَعشى باهِلة:
لا يَتَأَرَّى لِمَا في القِدْرِ يَرْقُبُه،
ولا يَعَضُّ على شُرْسُوفهِ الصَّفَر
(* قوله «لا يتأرى البيت» قال الصاغاني: هكذا وقع في أكثر كتب اللغة
وأخذ بعضهم عن بعض، والرواية:
لا يتأرى لما في القدر يرقبه
ولا يزال أمام القوم يقتفر
لا يغمز الساق من أين ولا نصب
ولا يعض على شرسوفه الصفر).
وقال آخر:
لا يَتَأَرَّوْنَ في المَضِيق، وإنْ
نادَى مُنادٍ كَيْ يَنْزِلوا، نَزَلوا
يقول: لا يَجْمَعون الطعام في الضِّيقة؛ وقال العجاج:
واعْتَادَ أَرباضاً لها آرِيُّ
من مَعْدِن الصِّيرانِ عُدْمُليُّ
قال: اعْتادَها أَتاها ورَجَع إليها، والأَرْباضُ: جمع رَبَضٍ وهو
المأْوى، وقوله له آرِيٌّ أَي لها آخِيَّةٌ من مَكانِس البقر لا تزول، ولها
أَصل ثابت في سكون الوحش بها، يعني الكِناس. قال: وقد تسمى الآخِيَّة
أَيضاً آرِيّاً، وهو حبل تُشَدُّ به الدابة في مَحْبِسها؛ وأَنشد ابن السكيت
للمُثَقِّب العبدي يصف فرساً:
داوَيْتُه بالمحْض، حتَّى شَتا
يَجْتَذِبُ الآرِيَّ بالمِرْوَد
أي مع المِرْوَدِ، وأَرادَ بآرِيِّه الرَّــكاسَةَ المدفونةَ تحت الأَرض
المُثْبتةَ فيها تُشَدُّ الدابةُ من عُرْوتَها البارزة فلا تَقْلَعُها
لثباتها في الأَرض؛ قال الجوهري: وهو في التقدير فاعُولٌ، والجمع الأَوارِي،
يخفف ويشدّد. تقول منه: أَرَّيْتُ للدابة تَأْريَةً، والدابة تَأْري إلى
الدابَّة إذا انضمت إليها وأَلِفَتْ معها مَعْلَفاً واحداً، وآرَيْتُها
أَنا؛ وقول لبيد يصف ناقته:
تَسْلُبُ الكانِسَ لم يُوأَرْ بها
شُعْبَة السَّاقِ، إذا الظِّلُّ عَقَل
قال الليث: لم يُوأَرْ بها أَي لم يُذْعَرْ، ويروى لم يُورأْ بها أَي لم
يُشْعَرْ بها، قال: وهو مقلوب من أَرَيْتُه أَي أَعلمته، قال: ووزنه
الآن لم يُلْفَعْ، ويروى لم يُورَا، على تخفيف الهمزة، ويروى لم يُؤرَ بها،
بوزن لم يُعْرَ، من الأَرْي أي لم يَلْصَق بصدره الفَزَعُ، ومنه قيل: إن
في صَدْرِكَ عَليَّ لأَرْياً أَي لَطْخاً من حِقْد، وقد أَرى عليَّ
صَدْرُه. قال ابن بري: وروى السيرافي لم يُؤْرَ من أُوار الشمس، وأَصله لم
يُوأَرْ، ومعناه لم يُذْعَرْ أَي لم يُصِبْه حَرُّ الذُّعْر. وقالوا: أَرِيَ
الصَّدْرُ أَرْياً، وهو ما يثبت في الصدر من الضِّغْن. وأَرِيَ صدرُه،
بالكسر، أَي وَغِر. قال ابن سيده: أَرَى صَدْرُه عليَّ أَرْياً وأَرِيَ
اغتاظ؛ وقول الراعي:
لهَا بَدَنٌ عاسٍ ونارٌ كَرِيمةٌ
بمُعْتَلَجِ الآرِيِّ، بَيْنَ الصَّرائم
قيل في تفسيره: الآرِيُّ ما كان بين السَّهْل والحَزْن، وقيل: مُعْتَلَج
الآَرِيّ اسمُ أَرض. وتأَرَّى: تَحَزّن
(* قوله «وتأرّى تحزن» هكذا في
الأصل ولم نجده في كتب اللغة التي بأَيدينا). وأَرَّى الشيءَ: أَثبته
ومَكَّنه. وفي الحديث: اللهم أرِّ ما بَيْنَهم أَي ثَبِّت الوُدَّ ومَكِّنْه،
يدعو للرجل وامرأَته. وروى أَبو عبيدة: أَن رجلاً شكا إلى رسول الله،
صلى الله عليه وسلم، امرأَته فقال اللهم أَرِّ بَيْنَهما؛ قال أَبو عبيد:
يعني أَثبت بينهما؛ وأَنشد لأَعشى باهلة:
لا يَتَأَرَّى لِمَا في القِدْرِ يَرْقُبُه
البيت. يقول: لا يَتَلَبَّث ولا يَتَحَبَّس. وروى بعضهم هذا الحديث: أَن
النبي، صلى الله عليه وسلم، دعا بهذا الدعاء لعليّ وفاطمة، عليهما
السلام، وروى ابن الأَثير أَنه دعا لامرأَة كانت تَفْرَك زَوْجها فقال: اللهم
أَرِّ بينهما، أَي أَلِّف وأَثبت الوُدَّ بينهما، من قولهم الدابة
تَأْرِي للدابة إذا انضمَّت إليها وأَلِفَت معها مَعْلَفاً واحداً، وآرَيْتُها
أَنا، ورواه ابن الأَنباري: اللهم أَرِّ كلَّ واحد منهما صاحبَه أَي احبس
كل واحد منهما على صاحبه حتى لا ينصرف قلبه إلى غيره، من قولهم
تَأَرَّيْت بالمكان إذا احْتَبَسْت فيه، وبه سمِّيت الآخِيَّة آرِيّاً لأَنها
تمنع الدوابّ عن الانفلات، وسمي المَعْلَف آرِيّاً مجازاً، قال: والصواب في
هذه الرواية أَن يقال اللهم أَرِّ كل واحد منهما على صاحبه، فإن صحت
الرواية بحذف على فيكون كقولهم تَعَلَّقْتُ بفلان وتَعَلَّقتُ فلاناً؛ ومنه
حديث أَبي بكر: أَنه دفع إليه سيفاً ليقتل به رجلاً فاسْتَثْبَتَه فقال:
أَرِّ أَي مَكِّن وثَبِّتْ يدي من السيف، وروي: أَرِ مخففة، من الرؤْية
كأَنه يقول أَرِني بمعنى أَعْطِني. الجوهري: تَأَرَّيْت بالمكان أَقمت به؛
وأَنشد ببيت أَعشى باهلة أَيضاً:
لا يَتأَرَّى لِمَا في القِدْر يَرْقُبُه
وقال في تفسيره: أَي لا يَتَحَبَّس على إدراك القِدْر ليأْكل. قال أَبو
زيد: يَتَأَرَّى يَتَحَرَّى؛ وأَنشد ابن بري للحُطيئة:
ولا تَأَرَّى لِمَا في القِدْرِ يَرْقُبه،
ولا يَقُومُ بأَعْلى الفجر يَنْتَطِق
قال: وأَرَّيْت أَيضاً وإلى مَتى أَنت مُؤَرٍّ به. وأَرَّيْته:
اسْتَرْشَدَني فغَشَشْته. وأَرَّى النارَ: عَظَّمَها ورَفَعَها. وقال أَبو حنيفة:
أَرَّاها جَعَل لها إرَةً، قال: وهذا لا يصح إلا أَن يكون مقلوباً من
وَأَرْتُ، إمَّا مستعمَلة، وإما متوهَّهمة. أَبو زيد: أَرَّيْتُ النارَ
تَأْرِيَةً ونَمَّيتها تَنْمِيَةً وذكَّيْتها تَذْكِيَةً إذا رَفَعْتها.
يقال: أَرِّ نارَك. والإرَةُ: موضع النار، وأَصله إرْيٌ، والهاء عوض من
الياء، والجمع إرُونَ مثل عِزُون؛ قال ابن بري: شاهده لكعب أَو لزهير:
يُثِرْنَ التُّرابَ على وَجْهِه،
كلَوْنَ الدَّواجِن فَوْقَ الإرِينا
قال: وقد تجمع الإرَةُ إرات، قال: والإرةُ عند الجوهري محذوفةُ اللام
بدليل جمعها على إرِين وكَوْنِ الفعل محذوف اللام. يقال: أَرِّ لِنارِك أَي
اجْعَل لها إرَةً، قال: وقد تأْتي الإرَةُ مثل عِدَة محذوفة الواو،
تقول: وَأَرْتُ إرَةً. وآذاني أَرْيُ القِدْرِ والنَّارِ أَي حَرُّهُما؛
وأَنشد ثعلب:
إذا الصُّدورُ أَظْهَرَتْ أَرْيَ المِئَر
أَي حَرَّ العَداوَة. والإرةُ أَيضاً: شَحْم السَّنامِ؛ قال الراجز:
وَعْدٌ كَشَحْمِ الإرَةِ المُسَرْهَد
الجوهري: أَرَّيْتُ النارَ تَأْرِيَةً أَي ذَكّيتها؛ قال ابن بري: هو
تصحيف وإنما هو أَرَّثْتها، واسم ما تلقيه علي الأُرْثَة. وأَرِّ نارَك
وأَرِّ لنارك أَي اجْعَل لها إرَةً، وهي حُفْرة تكون في وسط النار يكون فيها
معظم الجَمْر. وحكي عن بعضهم أَنه قال: أَرِّ نارَك افتح وسطها ليتسع
الموضع للجمر، واسم الشيء الذي تلقيه عليها من بَعَر أَو حَطَب الذُّكْىة.
قال أَبو منصور: أَحسب أَبا زيد جَعَل أَرَّيْت النار مِنْ وَرَّيْتَها،
فقلب الواو همزة، كما قالوا أكَّدْت اليمين ووَكَّدْتها وأَرَّثْت النار
ووَرَّثْتها. وقالوا من الإرَة وهي الحفرة التي توقد فيها النار: إرَةٌ
بَيّنة الإرْوَة، وقد أَرَوْتها آرُوها، ومِنْ آرِيِّ الدابة أَرَّيْت
تَأْرِيَةً. قال: والآرِيُّ ما حُفِر له وأُدْخِل في الأَرض، وهي الآرِيَّة
والرَّــكاسَة. وفي حديث بلال: قال لنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم:
أَمعَكم شيءٌ من الإرَة أَي القدِيد؛ وقيل: هو أَن يُغْلَى اللحمُ بالخل
ويحمل في الأَسفار. وفي حديث بريدةَ: أَنه أَهْدى لرسول الله، صلى الله عليه
وسلم، إرَةً أَي لحماً مطبوخاً في كرش. وفي الحديث: ذُبِحَت لرسول الله،
صلى الله عليه وسلم، شاةٌ ثم صُنِعَتْ في الإرَة؛ الإرَةُ: حفرة توقد
فيها النار، وقيل:هي الحفرة التي حولها الأَثافيُّ. يقال: وَأَرْتُ إرَةَ،
وقيل: الإرَةُ النارُ نَفْسُها، وأَصل الإرَة إرْيٌ، بوزن عِلْم، والهاء
عوض من الياء. وفي حديث زيد بن حارثة: ذبحنا شاة وصنعناها في الإرَة حتى
إذا نَضِجت جعلناها في سُفْرَتنا. وأَرَّيْت عن الشيء: مثل وَرَّيْت
عنه.وبئر ذي أَرْوانَ: اسم بئر، بفتح الهمزة. وفي حديث عبد الرحمن
النَّخَعي: لو كان رأْيُ الناس مثْلَ رَأْيك ما أُدِّيَ الأَرْيانُ. قال ابن
الأَثير: هو الخَراجُ والإتاوة، وهو اسم واحد كالشيطان.
قال الخطابي: الأَشبه بكلام العرب أَن يكون بضم الهمزة والباء المعجمة
بواحدة، وهو الزيادة عن الحق، يقال فيه أُرْبان وعُرْبان، قال: فإن كانت
الياء معجمة باثنتين فهو من التَّأْرِيَة لأَنه شيء قُرِّرَ على الناس
وأُلْزِموه.
كوس: الكَوْسُ: المَشي على رجل واحدة، ومن ذوات الأَربع على ثلاث
قَوائم، وقيل: الكَوْسُ أَن يَرْفع إِحدى قوائمه ويَنْزُوَ على ما بقي، وقد
كاسَتْ تَكُوسُ كَوْساً؛ قال الأَعور النَّبْهانيُّ:
ولو عند غَسَّان السَّلِيطيِّ عَرَّسَتْ،
رَغا فَرِقٌ منها، وكاسَ عَقِيرُ
وقال حاتم الطائي:
وإِبْلِيَ رَهْنٌ أَن يَكُوسَ كَريمُها
عَقِيراً، أَمامَ البيت، حِينَ أُثِيرُها
أَي تعقر إِحدى قوائم البعير فيَكُوس على ثلاث؛ وقالت عمرة أُخت العباس
بن مِرْداس وأُمُّها الخَنْساء تَرْثي أَخاها وتذكر أَنه كان يُعَرْقِبُ
الإِبل:
فَظَلَّتْ تَكُوسُ على أَكْرُعٍ
ثَلاثٍ، وغادَرَتْ أُخْرى خَضِيبا
تعني القائمة التي عَرْقَبَها فهي مُخَضَّبَة بالدم. وكاس البعير إِذا
مشى على ثلاث قوائم وهو مُعَرْقَبٌ. والتَّكاوُس: التَّراكُمُ والتزاحم.
وتَكاوَسَ النخل والشجر والعُشْب: كَثُرَ والتفَّ؛ قال عُطارِد ابنُ
قُرَّان:
ودُونيَ من نَجْران رُكْنٌ عَمَرَّدٌ،
ومُعْتَلِجٌ من نَخْلِهِ مُتَكاوِسُ
وتَكاوَسَ النَّبْتُ: التفَّ وسقط بعضه على بعض، فهو مُتَكاوِس. وفي
حديث قتادة ذكر أَصحاب الأَيْكة فقال: كانوا أَصحاب شجر مُتَكاوِس أَي
مُلْتَف متراكب، ويروى مُتَكادِس، وهو بمعناه. وفي النوادر: اكْتاسَني فلان عن
حاجتي وارْتَكَسَني أَي حبسني.
والكُوسُ، بالضم: الطَّبْل، ويقال: هو معرَّب. ومَكْوَسٌ على مَفْعَل:
اسم حمار
(* قوله «ومكوس على مفعل اسم حمار» مثله في الصحاح، وعبارة
القاموس وشرحه: ومكوّس كمعظم: حمار، ووهم الجوهري فضبطه بقلمه على مفعل، وإِذا
كان لغة كما نقله بعضهم فلا يكون وهماً.). ولُمْعَةٌ كَوْساء: متراكمة
ملتفَّة.
والمُتَكاوِسُ في القوافي: نوع منها وهو ما توالى فيه أَربع متحركات بين
ساكنين، شبّه بذلك لكثرة الحركات فيه كأَنها التفَّت.
وكاسَ الرجُلُ كَوْساً وكَوَّسَهُ: أَخذَ برأْسه فَنَصاه إِلى الأَرض،
وقيل: كَبَّه على رأْسه. وكاسَ هُوَ يَكُوسُ: انقلب. وفي حديث عبد اللَّه
بن عمر: أَنه كان عند الحجاج فقال: ما نَدِمْتُ على شيء نَدَمي أَن لا
أَكون قَتَلْتُ ابن عمر، فقال عبد اللَّه: أَما واللَّه لو فعلتَ ذلك
لَكَوَّسَك اللَّه في النار أَعلاك أَسفلك؛ قال أَبو عبيد: قوله لَكَوَّسَك
اللَّه يعني لَكَبَّك اللَّه فيها وجعل أَعلاك أَسْفَلك، وهو كقولهم:
كلَّمته فاهُ إِلى فيَّ، في وقوعه موقع الحال. ويقال. كَوَّسْتُهُ على رأْسه
تَكْويساً، وقد كاسَ يَكوسُ إِذا فعل ذلك.
والكُوس: خَشَبة مُثلَّثة تكون مع النَّجَّار يَقِيس بها تَرْبيعً
الخشَب، وهي كلمة فارسية، والكَوْسُ أَيضاً كأَنها أَعجمية والعرب تكلَّمت
بها، وذلك إِذا أَصاب الناس خَبٌّ في البحر فخافوا الغَرَق، قيل: خافوا
الكَوْسَ. ابن سيده: والكَوْسُ هَيْجُ البحر وخَبُّه ومُقارَبة الغرق فيه،
وقيل: هو الغرَق، وهو دَخِيل.
والكُوسِيُّ من الخيل: القصير الدَّوارِج فلا تراه إِلا مُنَكَّساً إِذا
جَرَى، والأُنثى كُوسِيَّة، وقال غيره: هو القصير اليدَيْنِ. وكاسَتِ
الحيَّة إِذا تَحَوَّتْ في مَكاسِها، وفي نسخة في مَساكِها. وكَوْساءُ:
موضع؛ قال أَبو ذؤيب:
إِذا ذَكَرتْ قَتْلي بِكَوْساء، أَشْعَلَتْ
كوَاهِيَةِ الأَخْراتِ رَثّ صُنُوعُها
شرس: أَبو زيد: الشَّرِسُ السَّيءُ الخُلُق. ورجل شَرِسُ وشَريسٌ
وأَشْرَسُ: عَسِرُ الخُلُق شديد الخلاف، وقد شَرِسَ شَرَساً. وفيه شِراسٌ، ورجل
شَرِسُ الخُلق بَيِّنُ الشَّرَسِ والشَّراسَةِ، وشَرِسَتْ نفْسُه
شَرَساً وشَرُسَتْ شَراسةً، فهي شَرِيسَة؛ قال:
فَرُحْتُ، ولي نَفْسانِ: نَفْسٌ شَرِيسَةٌ،
ونَفْسٌ تَعَنَّاها الفِراقُ جَزوعُ
والشِّراسُ: شدَّة المُشارَسَةِ في معاملة الناس. وتقول: رجل أَشْرَسُ
ذو شِراسٍ وناقة شريسَة ذات شِراسٍ وذات شَريس. وفي حديث عمرو بن
مَعْديكرب: هم أَعظمنا خَمِيساً وأَشدّنا شَريساً أَي شَراسةً؛ وقد شَرِسَ
يَشْرَسُ، فهو شَرِسٌ، وقوم فيهم شَرَسٌ وشَريسٌ وشَراسَة أَي نُفُور وسُوء
خُلق. وشارَسه مُشارَسَة وشِراساً: عاسَره وشاكَسَه. وناقة شَريسَة: بَيِّنة
الشِّراس سيئة الخلق. وإِنه لذو شَريس أَي عُسْرٍ؛ قال:
قد علمَتْ عَمْرَةُ بالغَمِيسِ
أَنَّ أَبا المِسْوارِ ذو شَريسِ
وتَشارَسَ القومُ: تَعادَوْا. ابن الأَعرابي: شَرِسَ الإِنسانُ إِذا
تحبَّبَ إِلى الناس. والشَّرْسُ: شدّة وَعْكِ الشيء، شَرَسَه يَشْرُسُه
شَرْساً وشَرَسَ الحمارُ آتُنَه يَشْرُسُها شَرْساً: أَمَرَّ لَحْيَيه ونحو
ذلك على ظهورها. الليث: الشَّرْسُ شِبه الدَّعْكِ للشيءِ كما يَشْرُسُ
الحمارُ ظهورَ العانة بلَحْيَيْه؛ وأَنشد:
قَدّاً بأَنْيابٍ وشَرْساً أَشْرَسا
ومكان شَراسٌ: صُلْبٌ خَشِنُ المَسِّ. الجوهري: مكان شَرْسٌ أَي غليظ؛
قال العجاج:
إِذا أُنِيخَتْ بمكانٍ شَرْسِ،
خَوَّتْ على مُسْتَوِياتٍ خَمْسِ،
كِرْكِرَةٍ وثَفِناتٍ مُلْسِ
قال ابن بري: صواب إِنشاده على التذكير لأَنه يصف جملاً:
إِذا أُنيخ بمكان شرسِ،
خَوَّى على مُسْتَوَياتٍ خَمْسِ
وقبله بأَبيات:
كأَنه من طُولِ جَذْعِ العَفْسِ،
ورَمَلانِ الخِمْسِ بعد الخِمْسِ،
يُنْحَتُ من أَقْطارِه بفَأْسِ
قوله خَوَّى: يريد بَرَكَ متجافياً على الأَرض في بُروكه لضُمْرِه
وعِظَمِ ثَفِناتِه، وهي ما ولي الأَرضَ من قوائمه إِذا برك. والكِرْكِرَةُ: ما
وَليَ الأَرضَ من صدره. والجَذْعُ: الحبس على غير عَلَفٍ. والعَفْسُ:
الإِذالةُ. والرَّمَلانُ: ضرب من السير. وأَرض شَرْساء وشَراسِ، على فَعالِ
مثال قَطامِ: خَشِنَة غليظة، نعت الأَرض واجب كالاسم.
أَبو زيد: الشَّراسَة شدة أَكل الماشية؛ قال أَبو حنيفة: شَرَسَتِ
الماشيةُ تَشْرُسُ شَراسَةً اشتدّ أَكلُها. وإِنه لَشَرِيسُ الأَكل أَي
شديده.والشَّريسُ: نبت بَشِع الطعم، وقيل: كلُّ بشع الطعم شَريسٌ. والشِّرْسُ،
بالكسر: عِضاهُ الجبَل وله شوك أَصفر، وقيل: هو ما صَغُرَ من شجر الشوك
كالشُّبْرُمِ والحاجِ، وقيل: الشِّرْسُ ما رَقَ شوكه، ونباتُه الهُجُول
والصَّحارَى ولا ينبت في الجَرَعِ ولا قيعان الأَوْدية، وقيل: الشِّرْسُ
شجر صغار له شوك، وقيل: الشِّرْسُ حَمْلُ نَبْت مَّا. وأَشْرَسَ القومُ:
رَعَتْ إِبلهم الشِّرْسَ. وبنو فلان مُشْرِسُون أَي ترعى إِبلهم
الشِّرْسَ. وأَرض مُشْرِسَة وشَريسَة: كثيرة الشِّرس، وهو ضرب من النبات.
والشَّرَسُ، بفتح الشين والراء: ما صَغُر من شَجر الشوك؛ حكاه أَبو حنيفة. ابن
الأَعرابي: الشِّرْسُ الشُّكاعى والقَتادُ والسَّحا وكل ذي شوك مما
يَصْغُرُ؛ وأَنشد:
واضعة تأْكُلُ كلَّ شَرْس
وأَشْرَسُ وشَريسٌ: اسمان.
كبس: الكَبْسُ: طَمُّك حُفرة بتراب. وكبَسْت النهرَ والبئر كَبْساً:
طَمَمْتها بالتراب. وقد كَبَسَ الحفرة يَكْبِسُها كَبْساً: طَواها بالتراب
(*
قوله «طواها بالتراب» هكذا في الأَصل ولعله طمها بالتراب.) وغيره، واسم
ذلك التراب الكِبْس، بالكسر. يقال الهَواء والكِبْس، فالكِبْس ما كان نحو
الأَرض مما يسد من الهواء مَسَدّاً. وقال أَبو حنيفة: الكَبْس أَن يوضع
الجلد في حفيرة ويدفن فيها حتى يسترخِي شعَره أَو صُوفه.
والكبيسُ: حَلْيٌ يُصاغُ مجَوَّفاً ثم يُحْشى بِطِيب ثم يُكْبَس؛ قال
عَلقمة:
مَحَالٌ كأَجْوازِ الجَراد، ولُؤْلُؤٌ
من القَلَقِيِّ والكَبِيس المُلَوَّبِ
والجبال الكُبَّس والكُبْس: الصِّلاب الشداد. وكَبَسَ الرجلُ يَكْبِسُ
كُبُوساً وتَكَبَّس أدخل رأْسه في ثوبه، وقيل: تقنَّع به ثم تغطَّى
بطائفته، والكُباس من الرجال: الذي يفعل ذلك. ورجل كُباسٌ: وهو الذي إِذا
سأَلته حاجة كَبَس برأْسه في جَيْب قميصه. يقال: إِنه لكُباس غير خُباس؛ قال
الشاعر يمدح رجلاً:
هو الرُّزْءُ المُبيّنُ، لا كُباسٌ
ثَقيل الرَّأْسِ، يَنْعِق بالضَّئين
ابن الأَعرابي: رجل كُباس عظيم الرأْس؛ قالت الخنساء:
فذاك الرُّزْءُ عَمْرُك، لا كُباسٌ
عظيم الرأْس، يَحْلُم بالنَّعِيق
ويقال: الكُباس الذي يَكْبِس رأْسه في ثيابه وينام. والكابِس من الرجال:
الكابس في ثوبه المُغَطِّي به جسده الداخل فيه.
والكِبْس: البيت الصغير، قال: أَراه سمِّي بذلك لأَن الرجل يَكْبِس فيه
رأْسه؛ قال شمر: ويجوز أَن يجعل البيت كِبْساً لما يُكْبَسُ فيه أَي
يُدْخل كما يَكْبس الرجل رأْسه في ثوبه. وفي الحديث عن عَقيل ابن أَبي طالب
أَن قريشاً أَتت أَبا طالب فقالوا له: إِن ابن أَخيك قد آذانا فانْهَهُ
عنَّا، فقال: يا عَقيل انطلق فأْتني بمحمد، فانطلقت إِلى رسول اللَّه، صلى
اللَّه عليه وسلم، فاستخرجته من كِبْس، بالكسر؛ قال شمر: من كِبْس أَي من
بيت صغير، ويروى بالنون من الكِناس، وهو بيت الظَّبْي، والأَكباس: بيوت
من طين، واحدها كِبْس. قال شمر: والكِبس اسم لما كُبِس من الأَبنية،
يقال: كِبْس الجار وكِبْس البَيت. وكل بُنيان كُبِس، فله كِبْس؛ قال
العجاج:وإِن رأَوْا بُنْيانَه ذا كِبْسِ،
تَطارَحُوا أَركانَه بالرَّدْسِ
والأَرْنَبَة الكابِسَة: المُقبلَة على الشفة العليا. والناصيَة
الكابِسَة: المُقبلَة على الجَبْهة. يقال: جبهة كَبَسَتها الناصية، وقد كَبَسَتِ
الناصِيَةُ الجَبْهَة.
والكُباس، بالضم: العظيم الرأْس، وكذلك الأَكبس. ورجل أَكْبس بَيِّن
الكَبَس إِذا كان ضخم الرأْس؛ وفي التهذيب: الذي أَقبلت هامَتُه وأَدبرت
جَبْهَته. ويقال: رأْس أَكْبَس إِذا كان مستديراً ضخماً. وهامَةٌ كَبْساء
وكُباس: ضخمة مستديرة، وكذلك كَمَرَة كَبْساء وكُباس. ابن الأَعرابي:
الكِبْسُ الكَنْزُ والكِبْس الرأْس الكبير. شمر: الكُباس الذكَر؛ وأَنشد قول
الطرماح:
ولو كُنْت حُرّاً لم تَنَمْ ليلة النَّقا،
وجِعْثِنُ تُهْبى بالكُباس وبالعَرْد
تُهْبى: يُثار منها الغبار لشدة العَمَل بها، ناقة كَبْساء وكُباس،
والاسم الكَبَس؛ وقيل: الأَكْبَس. وهامةٌ كَبْساء وكُباس: ضخمة مستديرة،
وكذلك كَمَرة كَبْساء وَكُباس. والكُباس. الممتلئ اللحم. وقدَم كَبْساء:
كثيرة اللحم غليظة مُحْدَوْدِبة.
والتَّكْبيس والتَّكَبُّس: الاقتحام على الشيء، وقد تَكَبَّسوا عليه.
ويقال: كَبَسوا عليهم. وفي نوادر الأَعراب: جاء فلان مُكَبِّساً وكابساً
إِذا جاء شادّاً، وكذلك جاء مُكَلِّساً أَي حاملاً. يقال: شدَّ إِذا حَمَل،
وربما قالوا كَبَس رأْسَه أَي أَدخله في ثيابه وأَخفاه. وفي حديث
القيامة: فوجَدوا رجالاً قد أَكلتهم النار إِلا صورة أَحدهم يعرَف بها
فاكْتَبَسوا فأَلْقوا على باب الجنة أَي أَدخلوا رؤُوسَهم في ثيابهم. وفي حديث
مَقْتَل حمزة: قال وَحْشِيّ فكَمَنت له إِلى صخرة وهو مُكَبّسٌٍ له كَتِيت
أَي يقتحم الناس فيَكْبِسهم، والكتيت الهَدير والغَطِيط. وقِفافٌ كُبْسٌ
إِذا كانت ضِعافاً؛ قال العجاج:
وُعْثاً وُعُوراً وقِفافاً كُبْسا
ونخلة كَبُوس: حملها في سَعَفِها. والكِباسة، بالكسر: العِذْق التَّام
بشَماريخه وبُسْرِه، وهو من التمر بمنزلة العُنْقود من العِنب؛ واستعار
أَبو حنيفة الكَبائس لشجر الفَوْفَل فقال: تحمل كبائس فيها الفَوْفَل مثل
التمر. غيره: والكَبيسُ ضرْب من التمر. وفي الحديث: أَن رجلاً جاء بكَبائس
من هذه النخل؛ هي جمع كِباسة، وهو العِذْق التامُّ بشماريخه ورُطبه؛
ومنه حديث عليّ، كرم اللَّه وجهه: كَبائس اللؤْلؤ الرطْب. والكَبيس: ثمر
النخلة التي يقال لها أُمُّ جِرْذان، وإِنما يقال له الكبيس إِذا جفَّ،
فإِذا كان رطباً فهو أُمُّ جِرْذان.
وعامُ الكَبِيس في حساب أَهل الشام عن أَهل الروم: في كل أَربع سنين
يزيدون في شهر شباط يوماً فيجعلونه تسعة وعشرين يوماً، وفي ثلاث سنين يعدونه
ثمانية وعشرين يوماً، يقيمون بذلك كسور حساب السنة ويسمون العام الذي
يزيدون فيه ذلك اليوم عام الكَبِيس. الجوهري: والسنة الكَبِيسة التي
يُسْتَرق لها يوم وذلك في كل أَربع سنين.
وكَبَسُوا دار فلان؛ وكابوس: كلمة يكنَى بها عن البُضْع. يقال: كبَسها
إِذا فعل بها مرة. وكَبَس المرأَة: نكحها مرة. وكابُوس: اسم يكنُون به عن
النكاح. والكابُوس: ما يقع على النائم بالليل، ويقال: هو مقدَمة
الصَّرَع؛ قال بعض اللغويين: ولا أَحسبه عربيّاً إِنما هو النِّيدِلان، وهو
الباروك والجاثُوم.
وعابسٌ كابسٌ: إِتباع. وكابسٌ وكَبْس وكُبَيْسٌ: أَسماء وكُبَيْس: موضع؛
قال الراعي:
جَعَلْنَ حُبَيّاً باليمين، ونكَّبَت
كُبَيْساً لوِرْدٍ من ضَئيدة باكِرِ
كيس: الكَيْسُ: الخفَّة والتوقُّد، كاس كَيْساً، وهو كَيْسٌ وكَيِّسٌ،
والجمع أَكْياس؛ قال الحطيئة:
واللَّه ما مَعْشَرٌ لامُوا امْرأًجُنُباً،
في آلِ لأْيِ بنِ شَمَّاسٍ، بأَكْياسِ
قال سيبويه: كَسَّروا كَيِّساً على أَفعال تشبيهاً بفاعل، ويدلُّك على
أَنه فَيْعِل أَنهم قبد سلَّموا فلو كان فَعْلاً لم يسلِّموه
(* قوله
«كسروا كيساً على أفعال إلى قوله لم يسلموه» هكذا في الأصل ومثله في شرح
القاموس.)؛ وقوله أَنشده ثعلب:
فكُنْ أَكْيَسَ الكَيْسَى إِذا كنتَ فيهمُ،
وإِنْ كنتَ في الحَمْقى، فكُنْ أَنتَ أَحْمَقا
إِنما كسَّره هنا على كَيْسى لمكان الحَمْقى، أَجرى الضدَّ مُجْرى
ضدِّه، والأُنثى كَيِّسَة وكَيْسَة. والكُوسى والكِيسى: جماعة الكَيِّسَة؛ عن
كراع؛ قال ابن سيده: وعندي أَنها تأْنيث الأَكْيَس، وقال مَرَّةً: لا
يوجد على مثالها إِلا ضِيقى وضُوقى جمع ضَيِّقَة، وطُوبى جمع طَيِّبة ولم
يقولوا طِيبى، قال: وعندي أَن ذلك تأْنيث الأَفْعَل. الليث: جمع الكَيِّس
كَيَسَة. ويقال: هذا الأَكْيَسُ وهي الكُوسى وهُنَّ الكُوسُ.
والكُوسِيَّات: النساء خاصَّة؛ وقوله:
فما أَدْري أَجُبْناً كان دَهْري
أَمِ الكُوسَى، إِذا جَدَّ الغَرِيمُ؟
أَراد الكَيْسَ بناه على فُعْلى فصارت الياء واواً كما قالوا طُوبى من
الطِّيب. وفي اغتسال المرأَة مع الرجل: إِذا كانت كَيِّسَة؛ أَراد به حسن
الأَدب في استعمال الماء مع الرجل. وفي الحديث: وكان كَيْسَ الفعل أي
حَسَنَه، والكَيْسُ في الأُمور يجري مَجْرى الرِّفق فيها. والكُوسى:
الكَيْسُ؛ عن السِّيرافي، أَدخلوا الواو على الياء كما أَدخلوا الياء كثيراً على
الواو، وإِن كان إِدخال الياء على الواو أَكثر لخفة الياء. ورجل
مُكَيَّس: كَيْسٌ؛ قال رافع بن هُرَيْمٍ:
فهَلاَّ غَيْرَ عَمِّكُمُ ظَلَمْتُمْ،
إِذا ما كنتُمُ مُتَظَلِّمِينا؟
عَفاريتاً عليِّ وأَكل مالي،
وجُبْناً عن رِجالٍ آخَرينا
فلو كنتم لمُكْيِسَةٍ أَكاسَتْ،
وكَيْسُ الأُم يُعْرَف في البَنِينا
ولكن أُمُّكُمْ حَمُقَتْ فَجِئتُمْ
غِثاثاً، ما نَرَى فيكم سَمِينا
أَي أَوْجَب لأَن يكون البَنُون أَكْياساً. وامرأَة مكْياسٌ: تَلِدَ
الأَكْياسَ. وأَكْيَسَ الرجل وأَكاسَ إِذا وُلِدَ له أَولاد أَكياسٌ.
والتَّكَيُّسُ: التظرُّف. وتَكَيَّسَ الرجل: أَظهر الكَيْسَ. والكِيسى: نعت
المرأَة الكَيِّسَة، وهو تأْنيث الأَكْيَسِ، وكذلك الكوسى، وقد كاس الولد
يَكِيسُ كَيْساً وكِياسَةً. وفي الحديث عن النبي، صلى اللَّه عليه وسلم:
الكَيِّس من دان نَفسَه وعَمِل لما بعد الموْت أَي العاقل. وفي الحديث:
أَيُّ المؤمنين أَكْيَسُ أَي أَعقل. أَبو العباس: الكَيِّسُ العاقل،
والكَيْسُ خلاف الحمق، والكَيس العقل، يقال: كاسَ يَكِيسُ كَيْساً.
وزيدُ بن الكَيْس النَّمَريّ: النَّسَّابة. والكَيِّسُ: اسم رجل، وكذلك
كَيْسان. وكَيْسان أَيضاً: اسمٌ للغَدْرِ؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد
لضمرة بن ضمرة بن جابر بن قَطن:
إِذا كنت في سَعْدٍ، وأُمُّك منهمُ،
غَريباً فلا يَغْرُرْك خالُك من سَعْدِ
إِذا ما دَعَوْا كَيسان، كانت كُهولُهم
إِلى الغَدْرِ أَسْعَى من شَبابهمِ المُرْدِ
وذكر ابن دُرَيْدٍ أَن هذا للنَّمِر بن تَوْلَب في بني سعد وهم
أَخوالُه. وقال ابن الأَعرابي: الغَدْرُ يكنى أَبا كَيْسان، وقال كراع: هي طائية،
قال: وكل هذا من الكَيْس. والرجل كَيِّس مُكَيَّس أَي ظريف؛ قال:
أَما تَراني كَيَّساً مُكَيِّسا،
بَنَيْتُ بَعْدَ نافِع مُخَيَّسا؟
المُكَيَّس: المعروف بالكَيْس. والكَيْس: الجِماع. وفي حديث النبي، صلى
اللَّه عليه وسلم: فإِذا قَدِمْتم على أَهاليكم فالكَيْسَ الكَيْسَ أَي
جامعوهنَّ طَلباً للولد، أَراد الجِماع فجعل طلب الولد عَقْلاً.
والكَيْسُ: طلب الولد. ابن بُزُرج: أَكاسَ الرجلُ الرجلَ إِذا أَخذ بناصِيَته،
وأَكاسَتِ المرأَة إِذا جاءتْ بولد كَيِّس، فهي مُكِيسَة. ويقال: كايَستُ
فلاناً فكِسْتُه أَكِيسُه كَيْساً أَي غلبته بالكَيْس وكنتُ أَكْيَس منه.
وفي حديث جابر: أَن النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، قال له: أَتراني إِنما
كِسْتُك لآخُذَ جَمَلك أَي غلبتك بالكَيْس. وهو يُكايسُه في البيع.
والكِيس من الأَوعية: وِعاءُ معروف يكون للدراهم والدنانير والدُّرِّ
والياقُوتِ؛ قال:
إِنما الذَّلْفاءُ ياقُوتَةٌ
أُخْرجَتْ من كِيس دُهْقانِ
والجمع كِيَسَة. وفي الحديث: هذا من كِيس أَبي هريرة أَي مما عنده من
العلم المقتنى في قلبه كما يُقْتَنى المال في الكِيس، ورواه بعضهم بفتح
الكاف، أَي من فِقْهِه وفِطْنته لا من روايته.
والكَيْسانِيَّة: جُلود حمر ليست بقرظِيَّة. والكَيْسانِيَّة: صِنْف من
الرَّوافِض أَصحاب المُختار بن أَبي عُبيد يقال لَقَبُه كان كَيْسان.
ويقال لما يكون فيه الولد: المَشِيمَة والكِيسُ؛ شُبِّه بالكيس الذي
تحرز فيه النفقة.
نكس: النَّكْسُ: قلب الشيء على رأَسه، نَكَسَه يَنْكُسُه نَكْساً
فانْتَكَسَ. ونَكَسَ رأَسَه: أَماله، ونَكَّسْتُه تَنْكِيساً. وفي التنزيل:
ناكِسو رؤوسِهم عند ربهم. والناكِسُ: المُطأْطئ رأْسَه. ونَكَسَ رأْسَه
إِذا طأْطأَه من ذُلٍّ وجمع في الشعر على نواكِس وهو شاذ على ما ذكرناه في
فَوارس؛ وأَنشد الفرزدق:
وإِذا الرِّجالُ رَأَوْا يَزيدَ، رأَيْتَهُم
خُضْعَ الرِّقابِ، نَواكِسَ الأَبْصار
قال سيبويه: إِذا كان لفِعْل لغير الآدميين جمع على فَواعِل لأَنه لا
يجوز فيه ما يجوز في الآدميين من الواو والنون في الاسم والفعل فضارع
المؤنث، يقال: جِمال بَوازلُ وعَواضِهُ؛ وقد اضطرَّ الفرزدق فقال:
خضع الرقاب نواكس الأَبصار
لأنك تقول هي الرجال فشبه بالجمال. قال أَبو منصور: وروى أَحمد بن يحيى
هذا البيت نَواكِسي الأَبصار، وقال: أَدخل الياء لأَن رد النواكس
(* قوله
«لان رد النواكس إلخ» هكذا بالأَصل ولعل الأحسن لأنه رد النواكس إِلى
الرجال وإِنما كان إلخ.) إِلى الرجال، إِنما كان: وإِذا الرجال رأَيتهم
نواكس أَبصارُهم، فكان النواكسُ للأَبصار فنقلت إِلى الرجال، فلذلك دخلت
الياء، وإِن كان جمع جمع كما تقول مررت بقوم حَسَني الوجوه وحِسانٍ وجوهُهم،
لما جعلتهم للرجال جئت بالياء، وإِن شئت لم تأْتِ بها، قال: وأَما الفراء
والكسائي فإِنهما رويا البيت نواكسَ الأَبصار، بالفتح، أَقرَّا نواكس
على لفظ الأَبصار، قال: والتذكير ناكسي الأَبصارِ. وقال الأَخفش: يجوز
نَواكِسِ الأَبصارِ، بالجر لا بالياء كما قالوا جحر ضبٍّ خَرِبٍ. شمر:
النَكْس في الأَشياء معنى يرجع إِلى قلب الشيء ورده وجعل أَعلاه أَسفله ومقدمه
مؤخره. وقال الفراء في قوله عز وجل: ثم نُكِسُوا على رؤوسهم، يقول:
رَجعوا عما عرفوا من الحجة لإِبراهيم، على نبينا محمد وعليه الصلاة والتسليم.
وفي حديث أَبي هريرة: تعس عبدُ الدِّينار وانْتَكَس أَي انقلب على رأْسه
وهو دعاء عليه بالخيبة لأَن من انْتَكَس في أَمره فقد خاب وخسر. وفي حديث
الشعبي: قال في السقط إِذا نُكِسَ في الخَلْقِ الرابع وكان مخلقاً أَي
تبين خلقه عَتَقَت به الأَمَة وانقضت به عدة الحُرَّة، أَي إِذا قُلِبَ
ورُدَّ في الخلق الرابع، وهو المُضغة، لأَنه أَوّلاً تُرابٌ ثم نطفة ثم
علقة ثم مضغة. وقوله تعالى: ومن نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْه في الخَلْقِ؛ قال
أَبو إِسحق: معناه من أَطلنا عمره نَكَّسنا خلقه فصار بدل القوة ضعفاً وبدل
الشباب هرماً. وقال الفراء: قرأَ عاصم وحمزة: نُنَكِّسْه في الخلق،
وقرأَ أَهل المدينة: نَنْكُسه في الخلق، بالتخفيف، وقال قتادة: هو الهَرَم،
وقال شمر: يقال نُكِسَ الرجل إِذا ضعف وعجز؛ قال: وأَنشدني ابن الأَعرابي
في الانتكاس:
ولم يَنْتَكِسْ يَوْماً فيُظْلِمَ وَجْهُه،
لِيَمْرَضَ عَجْزاً، أَو يُضارِعَ مَأْتَما
أَي لم يُنَكِّس رأْسه لأَمر يأْنَف منه.
والنَّكْس: السهم الذي يُنَكِّسُ أَو ينكسر فُوقُه فيجعل أَعلاه أَسفله،
وقيل: هو الذي يجعل سِنْخُه نَصْلاً ونَصْلُه سِنْخاً فلا يرجع كما كان
ولا يكون فيه خير، والجمع أَنْكاس؛ قال الأَزهري: أَنشدني المنذري
للحطيئة، قال: وأَنشده أَبو الهيثم:
قد ناضَلُونا، فَسَلُّوا من كِنانَتِهم
مَجْداً تلِيداً، وعِزّاً غيرَ أَنْكاس
قال: الأَنْكاس جمع النَّكْس من السهام وهو أَضعفها، قال: ومعنى البيت
أَن العرب كانوا إِذا أَسروا أَسيراً خيروه بين التَّخْلِية وجَزِّ
الناصية والأَسر، فإِن اختار جَزَّ الناصية جَزُّوها وخلوا سبيله ثم جعلوا ذلك
الشعر في كنانتهم، فإِذا افتخروا أَخرجوه وأَرَوْهُم مفاخرهم.
ابن الأَعرابي: الكُنُس والنُّكُسُ مآرِينُ بقرِ الوحش وهي مأْواها
والنُّكْس: المُدْرَهِمُون من الشيوخ بعد الهَرَم.
والمُنَكِّسُ من الخيل: الذي لا يَسمو برأْسه، وقال أَبو حنيفة: النَكْس
القصير، والنَّكْسُ من الرجال المقصر عن غاية النَّجْدَة والكرم، والجمع
الأَنْكاس. والنِّكْسُ أَيضاً: الرجل الضعيف؛ وفي حديث كعب:
زالُوا فما زالَ أَنْكاسٌ ولا كُشُف
الأَنكاس: جمع نِكْس، بالكسر، وهو الرجل الضعيف. والمُنَكِّس من الخيل:
المتأَخر الذي لا يلحق بها، وقد نَكَّس إِذا لم يلحقها؛ قال الشاعر:
إِذا نَكَسَ الكاذِبُ المِحْمَرُ
وأَصل ذلك كله النِّكْسُ من السهام.
والوِلادُ المَنْكوس: أَن تخرج رجلا المولود قَبْل رأْسه، وهو اليَتْن،
والولد المَنْكوس كذلك. والنِّكْس: اليَتْنُ. وقراءة القرآن مَنْكوساً:
أَن يبدأَ بالمعوذتين ثم يرتفع إِلى البقرة، والسنَّة خلاف ذلك. وفي
الحديث أَنه قيل لابن مسعود: إِن فلاناً يقرأُ القرآن مَنْكوساً، قال: ذلك
مَنْكوسُ القلبِ؛ قال أَبو عبيد: يتأَوّله كثير من الناس أَنه أَن يبدأَ
الرجل من آخر السورة فيقرأَها إِلى أَوَّلها؛ قال: وهذا شيء ما أَحسب أَحداً
يطيقه ولا كان هذا في زمن عبد اللَّه، قال: ولا أَعرفه، قال: ولكن وجهه
عندي أَن يبدأَ من آخر القرآن من المعوذتين ثم يرتفع إِلى البقرة كنحو ما
يتعلم الصبيان في الكتاب لأَن السُّنَّة خلاف هذا، يُعلم ذلك بالحديث
الذي يحدّثه عثمان عن النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، أَنه كان إِذا أُنزلت
عليه السورة أَو الآية قال: ضَعُوها في الموضع الذي يَذْكر كذا كذا، أَلا
ترى أَن التأْليف الآن في هذا الحديث من رسول اللَّه، صلى اللَّه عليه
وسلم، ثم كتبت المصاحف على هذا؟ قال: وإِنما جاءت الرُّخْصة في تَعَلُّمِ
الصبي والعجمي المُفَصَّلَ لصعوبة السور الطوال عليهم، فأَما من قرأَ
القرآن وحفظه ثم تعمد أَن يقرأَه من آخره إلى أَوله فهذا النَّكْسُ المنهي
عنه، وإِذا كَرِهْنا هذا فنحن للنَّكْس من آخر السورة إِلى أَولها أَشد
كراهة إِن كان ذلك يكون.
والنُّكْسُ والنَّكْسُ، والنُّكاسُ كله: العَوْد في المرض، وقيل: عَوْد
المريض في مرضه بعد مَثَالته؛ قال أُمية بن أَبي عائذ الهذلي:
خَيالٌ لزَينبَ قد هاج لي
نُكاساً مِنَ الحُبِّ، بَعد انْدمال
وقد نُكِسَ في مَرَضِه نُكْساً. ونُكِس المريض: معناه قد عاوَدَتْه
العلة بعد النَّقَه. يقال: تَعْساً له ونُكْساً وقد يفتح ههنا للازْدِواج
أَو لأَنه لغة؛ قال ابن سيده وقوله:
إِني إِذا وَجْهُ الشَّرِيبِ نَكَّسَا
قال: لم يفسره ثعلب وأَرى نَكَّسَ بَسَرَ وعَبَس. ونَكَسْتُ الخِضابَ
إِذا أَعَدْتَ عليه مرة بعد مرة؛ وأَنشد:
كالوشْمِ رَجَّعَ في اليَدِ المنكوس
ابن شميل: نَكَسْت فلاناً في ذلك الأَمر أَي رَدَدْته فيه بعدما خرج
منه.
ردد: الرد: صرف الشيء ورَجْعُه. والرَّدُّ: مصدر رددت الشيء. ورَدَّهُ
عن وجهه يَرُدُّه رَدّاً ومَرَدّاً وتَرْداداً: صرفه، وهو بناء للتكثير؛
قال ابن سيده: قال سيبويه هذا باب ما يكثر فيه المصدر من فَعَلْتُ فتلحق
الزائد وتبنيه بناء آخر، كما أَنك قلت في فَعَلْتُ فَعَّلْتُ حين كثرت
الفعل، ثم ذكر المصادر التي جاءت على التَّفْعال كالترداد والتلعاب والتهذار
والتصفاق والتقتال والتسيار وأَخوانها؛ قال: وليس شيء من هذا مصدر
أَفعلت، ولكن لما أَردتَ التكثير بنيت المصدر على هذا كما بنيت فَعَلْتُ على
فَعَّلْتُ. والمَرَدُّ: كالردّ. وارْتَدَّه: كَرَدَّه؛ قال مليح:
بَعَزْمٍ كوَقْعِ السيف لا يستقله
ضعيفٌ، ولا يَرْتَدُّه، الدهرَ، عاذِلُ
وردَّه عن الأَمر ولَدَّه أَي صرفه عنه برفق.
وأَمر الله لا مردَّ له، وفي التنزيل العزيز: فلا مردَّ له؛ وفيه: يوم
لا مردَّ له؛ قال ثعلب: يعني يوم القيامة لأَنه شيءٌ لا يُرَدُّ.
وفي حديث عائشة: من عمل عملاً ليس عليه أَمرنا فهو رَدٌّ أَي مردودٌ
عليه. يقال: أَمْدٌ رَدٌّ إذا كان مخالفاً لما عليه السنَّة، وهو مصدر وصف
به.
وشيءٌ رَدِيدٌ: مَرْدودٌ؛ قال:
فَتىً لم تَلِدْهُ بِنتُ عَمٍّ قريبةٌ
فَيَضْوَى، وقد يَضْوَى رَدَيِدُ الغَرائب
وقد ارتدَّ وارتدَّ عنه: تحوّل. وفي التنزيل: من يرتدد منكم عن دينه؛
والاسم الرِّدّة، ومنه الردَّة عن الإِسلام أَي الرجوع عنه. وارتدَّ فلان
عن دينه إِذا كفر بعد إِسلامه. وردَّ عليه الشيء إِذا لم يقبله، وكذلك
إِذا خَطَّأَه. وتقول: رَدَّه إِلى منزله ورَدَّ إِليه جواباً أَي رجع.
والرِّدّة، بالكسر: مصدر قولك ردَّه يَرُدُّه رَدّاً ورِدَّة. والرِّدَّةُ:
الاسم من الارتداد. وفي حديث القيامة والحوض فيقال: إِنهم لم يزالوا
مُرْتَدِّين على أَعقابهم أَي متخلفين عن بعض الواجبات. قال: ولم يُرِدْ
رِدَّةَ الكفر ولهذا قيده بأَعقابهم لأَنه لم يَرْتَدَّ أَحد من الصحابة بعده،
إِنما ارتد قوم من جُفاة الأَعراب.
واسَتَردَّ الشيءَ وارْتَدَّه: طلب رَدَّه، عليه؛ قال كثير عزة:
وما صُحْبَتي عبدَ العزيز ومِدْحتي
بِعارِيَّةٍ، يَرتدُّها مَن يُعِيرُها
والاسم: الرَّداد والرِّداد؛ قال الأَخطل:
وما كلُّ مَغْبونٍ، ولو سَلْفَ صَفْقَةٍ،
يُراجِعُ ما قد فاته بِرَدادِ
ويروى بالوجهين جميعاً، ورُدُود الدارهم: ما رُدَّ، واحدها رِدُّ، وهو
ما زِيفَ فَرُدَّ على ناقده بعدما أُخذ منه، وكل ما رُدَّ بغير أَخذ:
رَدٌّ.
والرِّدُّ: ما كان عماداً للشيء يدفعه ويَرُدُّه؛ قال:
يا رب أَدعوك إِلهاً فَرْداً،
فكن له من البلايا رِدَّا
أَي مَعْقِلاً يُردُّ عنه البلاء. والرِّدُّ: الكهف؛ عن كراع. وقوله
تعالى: فأَرسله معي رِدّاً يصدّقني؛ فيمن قرأَ به يجوز أَن يكون من الاعتماد
ومن الكهف، وأَن يكون على اعتقاد التثقيل في الوقف بعد تحفيف الهمز.
ويقال: وهب هبة ثم ارتدَّها أَي استردَّها. وفي الحديث: أَسأَلك إِيماناً لا
يَرْتَدُّ أَي لا يرجع. والمردودة: المطلقة وكله من الرَّدّ. وفي حديث
النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال لسراقة بن جُعْشُمٍ: أَلا أَدلك على
أَفضل الصدقة؟ ابنتك مردودة عليك ليس لها كاسب غيرك؛ أَراد أَنها مطلقة
من زوجها فترد إِلى بيت أَبيها فأَنفق عليها، وأَراد: أَلا أَدلك على
أَفضل أَهل الصدقة؟ فحذف المضاف. وفي حديث الزبير في دارٍ له وقفها فكتب:
وللمردودة من بناتي أَن تسكنها؛ لأَن المطلقة لا مسكن لها على زوجها. وقال
أَبو عمرو: الرُّدَّى المرأَة المردودة المطلقة. والمردودة: المُوسَى
لأَنها ترد في نصابها. والمردود: الردّ، وهو مصدر مثل المحلوف والمعقول؛ قال
الشاعر:
لا يَعْدَمُ السائلون الخيرَ أَفْعَلُه،
إِمَّا نَوالاً، وإِمَّا حُسْنَ مَرْدودِ
وقوله في الحديث: رُدُّوا السائل ولو بِظِلْفٍ مُحْرَقٍ أَي أَعطوه ولو
ظلفاً محرقاً. ولم يُرِدْ رَدَّ الحِرْمان والمنع كقولك سَلَّم فردَّ
عليه أَي أَجابه. وفي حديث آخر: لا تردوا السائل ولو بِظِلفٍ أَي لا تردّوه
ردَّ حرمات بلا شيء ولو أَنه ظلف؛ وقول عروة بن الورد:
وزَوَّد خيراً مالكاً، إِنَّ مالكاً
له رَدَّةٌ فينا، إِذا القوم زُهَّدُ
قال شمر: الرَّدَّةُ العَطْفَة عليهم والرغبة فيهم. وردَّده ترديداً
وتَرْداداً فتردد. ورجل مُردِّدٌ: حائر بائر. وفي حديث الفتن: ويكون عند
ذلكم القتال رَدَّةٌ شديدة، وهو بالفتح، أَي عطفة قوية. وبحر مُرِدٌّ أَي
كثير الموج. ورجل مُرِدٌّ أَي شَبِق. والارتداد: الرجوع، ومنه المُرْتَدّ.
واستردَّه الشيء: سأَله أَن يَرُدَّه عليه.
والرِّدِّيدَى: الرد. وتَرَدَّدَ وتَرادَّ: تراجع. وما فيه رِدِّيدَى
أَي احتباس ولا تَرْداد. وروي عن عمر بن عبدالعزيز أَنه قال: لا رِدِّيدَى
في الصدقة؛ يقول لا تردّ، المعنى أَن الصدقة لا تؤْخذ في السنة مرتين
لقوله، عليه السلام: لا ثِنى في الصدقة. أَبو عبيد: الرِّدِّيدَى من الردِّ
في الشيء. ورِدِّيدَى، بالكسر والتشديد والقصر: مصدر من رد يرد
كالقَتِّيت والخِصِّيصى.
والرِّدُّ: الظهر والحَمُولة من الإِبل؛ قال أَبو منصور: سميت رِدّاً
لأَنها تُردُّ من مرتعها إِلى الدار يوم الظعن؛ قال زهير:
رَدَّ القِيانُ جِمالَ الحيِّ، فاحتُمِلوا
إِلى الظَّهيرَةِ، أَمرٌ بينهم لَبِكُ
ورادَّه الشيءَ أَي رده عليه. وهما يتَرادَّان البيعَ: من الرد والفسخ.
وهذا الأَمر أَرَدُّ عليه أَي أَنفع له. وهذا الأَمر لا رادَّة له أَي لا
فائدة له ولا رجوع. وفي حديث أَبي إِدريسَ الخولاني: قال لمعاوية إِن
كان دَاوَى مَرْضاها ورَدَّ أُولادها على أُخْراها أَي إِذا تقدمت أَوائلها
وتباعدت عن الأَواخر، لم يَدَعْها تتفرق، ولكن يحبس المتقدمة حتى تصل
إِليها المتأَخرة. ورجلٌ مُتردِّد: مجتمع قصير ليس بِسَبْطِ الخَلْقِ. وفي
صفته، صلى الله عليه وسلم: ليس بالطويل البائن ولا القصير المتردِّد أَي
المتناهي في القصر، كأَنه تردد بعض خْلَقه على بعض وتداخلت أَجزاؤُه.
وعُضْو رِدِّيدٌ: مكتز مجتمع، قال أبو خراش:
مكتنز الحُتُوفُ فَهُوَّ جَوْنٌ،
كِنازُ اللحْمِ، فائلُهُ رَدِيدُ
والرَّدَد والرِّدَّة: أَن تشرب الإِبل الماء عَلَلاً فترتد الأَلبان في
ضروعها. وكل حامل دنت ولادتها فعظم بطنها وضرعها: مُرِدّ. والرِّدَّة:
أَن يُشْرِقَ ضرع الناقة ويقع فيه اللبن، وقد أَردّتْ. الكسائي: ناقة
مُرْمِدٌ على مثال مُكرِم، ومُرِدٌّ مثال مُقِل إِذا أَشْرَقَ ضرعها ووقع فيه
اللبن. وأَردّت الناقة: بركت على نَدًى فَورِم ضرعها وحياؤها، وقيل: هو
ورم الحياء من الضَّبَعَة، وقيل: أَرَدَّتِ الناقة وهي مُردّ وَرمت
أَرفاغها وحياؤها من شرب الماء. والرَّدَدُ والرَّدَّة: ورم يصيبها في
أَخلافها، وقيل: ورمها من الحَفْل. الجوهري: الرِّدَّة امتلاء الضرع من اللبن
قبل النتاج؛ عن الأَصمعي؛ وأَنشد لأَبي النجم:
تَمْشِي من الرِّدَّة مَشْيَ الحِفَّل،
مَشْيَ الرَّوايا بالمَزادِ المُثْقِل
ويروى بالمزاد الأَثقل، وتقول منه: أَردَّتِ الشاة وغيرها، فهي مُرِدّ
إِذا أَضرعت. وناقة مُرِدٌّ إِذا شربت الماء فورم ضرعها وحياؤها من كثرة
الشرب. يقال: نوق مَرادُّ، وكذلك الجمال إِذا أَكثرت من الماء فثقلت. ورجل
مُرِدٌّ إِذا طالت عُزْبَتُه فترادّ الماء في ظهره. ويقال: بحر مُرِدٌّ
أَي كثير الماء؛ قال الشاعر:
ركِبَ البحر إِلى البحرِ، إِلى
غَمَراتِ الموتِ ذي المَوْجِ المُرِدّ
وأَردّ البحر: كثرت أَمواجه وهاج. وجاء فلان مُرِدَّ الوجه أَي غضبانَ.
وأَرَدَّ الرجلُ: انتفخ غضباً، حكاه صاحب الأَلفاظ؛ قال أَبو الحسن: وفي
بعض النسخ اربَدَّ. والرِّدَّة: البقية؛ قال أَبو صخر الهذلي:
إِذا لم يكن بين الحَبِيبَيْنِ رِدَّةٌ،
سِوىِ ذكر شيء قد مَضى، دَرَسَ الذِّكر
والرَّدَّة: تَقاعُس في الذقن إِذا كان في الوجه بعض القباحة ويعتريه
شيء من جمال؛ وقال ابن دريد:
في وجهه قبح وفيه رَدَّة
أَي عيب. وشيء رَدٌّ أَي رديء. ابن الأَعرابي: يقال للإِنسان إِذا كان
فيه عيب: فيه نَظْرة ورَدَّة وخَبْلَة؛ وقال أَبو ليلى: في فلان رَدَّة
أَي يرتد البصر عنه من قبحه؛ قال: وفيه نَظْرَة أَي قبح. الليث: يقال
للمرأَة إِذا اعتراها شيء من خبال وفي وجهها شيء من قباحة: هي جميلة ولكن في
وجهها بعض الرَّدَّة. وفي لسانه رَدٌّ أَي حُبسة. وفي وجهه رَدَّة أَي قبح
مع شيء من الجمال.
ابن الأَعرابي: الرُّدُدُ القباح من الناس. يقال: في وجهه ردَّة، وهو
رادّ.
ورَدَّادٌ: اسم رجل، وقيل: اسم رجل كان مُجَبِّراً نسب إِليهَ
المُجَبِّرون، فكل مُجَبِّر يقال له ردَّاد. ورُؤيَ رجل يوم الكُلاب يَشُدُّ على
قوم ويقول: أَنا أَبو شدَّاد، ثم يردّ عليهم ويقول: أَنا أَبو رَدَّاد.
ورجل مِرَدٌّ: كثير الردّ والكرّ؛ قال أَبو ذؤَيب:
مِرَدٌّ قد نَرى ما كان منه،
ولكن إِنما يُدْعى النجيب
سلط: السَّلاطةُ: القَهْرُ، وقد سَلَّطَه اللّهُ فتَسَلَّطَ عليهم،
والاسم سُلْطة، بالضم.
والسَّلْطُ والسَّلِيطُ: الطويلُ اللسانِ، والأُنثى سَلِيطةٌ وسَلَطانةٌ
وِسِلِطانةٌ، وقد سَلُطَ سَلاطةً وسُلوطةً، ولسان سَلْطٌ وسَلِيطٌ كذلك.
ورجل سَلِيطٌ أَي فصيح حَدِيدُ اللسان بَيّنُ السَّلاطةِ والسُّلوطةِ.
يقال: هو أَسْلَطُهم لِساناً، وامرأَة سَليطة أَي صَخّابة. التهذيب: وإِذا
قالوا امرأَة سَلِيطةُ اللسانِ فله معنيان: أَحدهما أَنها حديدة اللسان،
والثاني أَنها طويلة اللسان. الليث: السَّلاطةُ مصدر السَّلِيط من
الرجال والسلِيطةِ من النساء، والفعل سَلُطَتْ، وذلك إِذا طال لسانُها واشتدَّ
صَخَبُها.
ابن الأَعرابي: السُّلُطُ القَوائمُ الطِّوالُ، والسَّلِيطُ عند عامّة
العرب الزيْتُ، وعند أَهل اليمن دُهْنُ السِّمْسِم؛ قال امرؤ القيس:
أَمالَ السَّلِيطَ بالذُّبال المُفَتَّلِ
وقيل: هو كلُّ دُهْنٍ عُصِر من حَبٍّ؛ قال ابن بري: دُهن السمسم هو
الشَّيْرَجُ والحَلُّ؛ ويُقَوّي أَنَّ السَّلِيط الزيتُ قولُ الجعدِيّ:
يُضِيءُ كَمِثْلِ سِراجِ السَّلِيـ
ـطِ، لم يَجْعَلِ اللّهُ فيه نُحاسا
قوله لم يجعل اللّه فيه نُحاساً أَي دُخاناً دليل على أَنه الزيت لأَن
السليط له دُخان صالِحٌ، ولهذا لا يُوقد في المساجد والكنائِس إِلا
الزيتُ؛ وقال الفرزدق:
ولكِنْ دِيافِيُّ أَبُوه وأُمُّه،
بِحَوْرانَ يَعْصِرْنَ السَّلِيطَ أَقارِبُهْ
وحَوْرانُ: من الشام والشأْم لا يُعْصَرُ فيها إِلا الزيتُ. وفي حديث
ابن عباس: رأَيت عليّاً وكأَنَّ عَيَنَيْه سِراجا سَلِيطٍ؛ هو دُهْن
الزيتِ.والسُّلْطانُ: الحُجَّةُ والبُرْهان، ولا يجمع لأَن مجراه مَجْرى
المصدرِ، قال محمد بن يزيد: هو من السلِيط. وقال الزجّاج في قوله تعالى: ولقد
أَرْسَلْنا موسى بآياتِنا وسُلطانٍ مُبين، أَي وحُجَّةٍ بَيِّنةٍ.
والسُّلطان إِنما سمي سُلْطاناً لأَنه حجةُ اللّهِ في أَرضه، قال: واشتاق
السلطان من السَّليط، قال: والسليطُ ما يُضاء به، ومن هذا قيل للزيت: سليط،
قال: وقوله جلّ وعزّ: فانْفُذوا إِلا بسلطان، أَي حيثما كنتم شاهَدْتم
حُجَّةً للّه تعالى وسُلطاناً يدل على أَنه واحد. وقال ابن عباس في قوله
تعالى: قَوارِيرَ قواريرَ من فضّة، قال: في بياض الفضة وصَفاء القوارير، قال:
وكل سلطان في القرآن حجة. وقوله تعالى: هلَك عنِّي سُلْطانِيَهْ، معناه
ذهب عني حجتُه. والسلطانُ: الحجة ولذلك قيل للأُمراء سَلاطين لأَنهم الذين
تقام بهم الحجة والحُقوق. وقوله تعالى: وما كان له عليهم من سُلْطان،
أَي ما كان له عليهم من حجة كما قال: إِنَّ عبادي ليس لك عليهم سُلْطانٌ؛
قال الفراء: وما كان له عليهم من سلطان أَي ما كان له عليهم من حجة
يُضِلُّهم بها إِلاَّ أَنَّا سَلَّطْناه عليهم لنعلم مَن يُؤمن بالآخرة.
والسُّلْطانُ: الوالي، وهو فُعْلان، يذكر ويؤنث، والجمع السَّلاطِينُ.
والسُّلْطان والسُّلُطانُ: قُدْرةُ الملِك، يذكر ويؤنث. وقال ابن السكيت: السلطان
مؤنثة، يقال: قَضَتْ به عليه السُّلْطانُ، وقد آمَنَتْه السُّلْطان. قال
الأَزهري: وربما ذُكِّر السلطان لأَن لفظه مذكر، قال اللّه تعالى:
بسُلْطان مُبين. وقال الليث: السُّلْطانُ قُدْرةُ المَلِك وقُدرةُ مَن جُعل
ذلك له وإِن لم يكن مَلِكاً، كقولك قد جعلت له سُلطاناً على أَخذ حقِّي من
فلان، والنون في السلطان زائدة لأَن أَصل بنائه السلِيطُ. وقال أَبو بكر:
في السلطان قولان: أَحدهما أَن يكون سمي سلطاناً لتَسْلِيطِه، والآخر
أَن يكون سمي سلطاناً لأَنه حجة من حُجَج اللّه. قال الفراء: السلطان عند
العرب الحجة، ويذكر ويؤنث، فمن ذكر السلطان ذهب به إِلى معنى الرجل، ومن
أَنثه ذهب به إِلى معنى الحجة. وقال محمد بن يزيد: من ذكر السلطان ذهب به
إِلى معنى الواحد، ومن أَنثه ذهب به إِلى معنى الجمع، قال: وهو جمع واحده
سَلِيطٌ، فسَلِيطٌ وسُلْطان مثل قَفِيزٍ وقُفْزانٍ وبَعير وبُعران، قال:
ولم يقل هذا غيره. والتسْلِيطُ: إِطلاق السُّلْطانِ وقد سلَّطه اللّه
وعليه. وفي التنزيل العزيز: ولو شاء اللّهُ لسلَّطَهم عليكم. وسُلْطانُ
الدَّم: تبيُّغُه. وسُلْطانُ كل شيء: شِدَّتُه وحِدَّتُه وسَطْوَتُه، قيل من
اللسانِ السَّليطِ الحدِيدِ.
قال الأَزهري: السَّلاطة بمعنى الحِدَّةِ، قد جاء؛ قال الشاعر يصف
نُصُلاً محدَّدة:
سِلاطٌ حِدادٌ أَرْهَفَتْها المَواقِعُ
وحافر سَلْطٌ وسَلِيطٌ: شديد. وإِذا كان الدابةُ وَقاحَ الحافر،
والبعيرُ وَقاحَ الخُفِّ، قيل: إنه لَسلْط الحافر،وقد سَلِطَ يَسْلَطُ سَلاطةً
كما يقال لسان سَلِيطٌ وسَلْطٌ، وبعير سَلْطُ الخفّ كما يقال دابة سَلْطةُ
الحافر، والفعلُ من كل ذلك سَلُطَ سَلاطةً؛ قال أُميَّة بن أَبي الصلْت:
إِنَّ الأَنامَ رَعايا اللّهِ كلُّهُمُ،
هو السَّلِيطَطُ فوقَ الأَرضِ مُسْتَطِرُ
قال ابن جني: هو القاهر من السَّلاطة، قال: ويروى السَّلِيطَطُ وكلاهما
شاذٌّ. التهذيب: سَلِيطَطٌ جاء في شعر أُمية بمعنى المُسَلَّطِ، قال: ولا
أَدري ما حقيقته.
والسِّلْطةُ: السهْمُ الطويلُ، والجمع سِلاطٌ؛ قال المتنخل الهذلي:
كأَوْبِ الدَّبْرِ غامِضةً، وليْسَتْ
بمُرْهَفةِ النِّصالِ، ولا سِلاطِ
قوله كأَوْب الدبر يعني النصالَ، ومعنى غامضة أَي أُلْطِفَ حَدُّها حتى
غمَضَ أَي ليست بمرْهَفات الخِلقة بل هي مُرهفات الحدِّ.
والمَسالِيطُ: أَسنان المفاتيح، الواحدة مِسْلاطٌ.
وسَنابِكُ سَلِطاتٌ أَي حِدادٌ؛ قال الأَعشى:
هو الواهِبُ المائةِ المُصْطَفا
ةِ، كالنَّخل طافَ بها المُجْتَزِمْ
وكلِّ كُمَيْتٍ، كجِذْعِ الطَّرِيـ
ـقِ، يَجْرِي على سَلِطاتٍ لُثُمْ
المُجْتَزِمُ: الخارِصُ، ورواه أَبو عمرو المُجْترِم، بالراء، أَي
الصارِمُ.
شبر: الشِّبْرُ: ما بين أَعلى الإِبهام وأَعلى الخِنْصَر مذكر، والجمع
أَشْبارٌ؛ قال سيبويه: لم يُجاوزُوا به هذا البناء. والشَّبْرُ، بالفتح:
المصدر، مصدر شَبَرَ الثوبَ وغيرَهُ يَشْبُرُه ويَشْبِرُه شَبْراً كَالَهُ
بِشِبْرِه، وهو من الشِّبْرِ كما يقال بُعْتُه من الباع. وهذا أَشْبَرُ
من ذاك أَي أَوسَعُ شِبْراً. الليث: الشِّبْرُ الاسم والشَّبْرُ
الفِعْل.وأَشْبَرَ الرجلَ: أَعطاه وفضَّله، وشَبَرَه سيفاً ومالاً يَشْبُرُه
شَبْراً وأَشْبَرَه: أَعطاه إِياه؛ قال أَوس بن حَجَرٍ يصف سيفاً:
وأَشْبَرَنِيهِ الهالِكيُّ، كأَنَّه
غَدِيرٌ جَرَتْ في مَتْنِهِ الرِّيحُ سَلْسَلُ
ويروى: وأَشْبَرَنِيها فتكون الهاء للدرع؛ قال ابن بري: هو الصواب لأَنه
يصف دِرْعاً لا سيفاً؛ وقبله:
وبَيْضاءَ زَغْفٍ نَثْلَةٍ سُلَمِيَّةٍ،
لها رَفْرَفٌ فَوْقَ الأَنامِلِ مُرْسَلُ
الزَّغْفُ: الدِّرْعُ اللَّيِّنَةُ. وسُلَمِيَّة: من صنعة سليمان بن
داود، عليهما السلام والهالِكيُّ: الحداد، وأَراد به ههنا الصَّيْقَلَ،
ومصدره الشَّبْرُ إِلا أَن العجاج حركه للضرورة فقال:
الحمد لله الذي أَعطى الشَّبَرْ
كأَنه قال: أَعطى العَطِيَّة، ويروى: الحَبَرْ؛ قال ابن بري: صواب
إِنشاده:
فالحمد لله الذي أَعطى الحَبَرْ
قال: وكذا رَوَتْه الرُّواة في شعره. والحَبَرُ: السرور؛ وقوله: إِن
الأَصل فيه الشَّبْرُ وإِنما حركه للضرورة وهَمٌ لأَن الشَّبْرَ، بسكون
الباء، مصدر شَبَرْتُه شَبْراً إِذا أَعطيتَه، والشَّبَرُ، بفتح الباء، اسمُ
العطية؛ ومثله الخَبْطُ والخَبَطُ، والمصدر خَبَطَتْ الشجرة خَبْطاً،
والخَبَطُ: اسمُ ما سقَط من الورَق من الخَبْطِ؛ ومثله النَّفْضُ
والنَّفَضُ، النَّفَضُ هو المصدر، والنَّفْضُ اسمُ ما نفضته؛ وكذلك جاء الشَّبْرُ
في شعر عديّ في قوله:
لم أَخُنْه والذي أَعطى الشَّبَرْ
قال: ولم يقل أَحد من أَهل اللغة إِنه حرك الباء للضرورة لأَنه ليس يريد
به الفعل وإِنما يريد به اسمَ الشيء المُعطَى؛ وبعد بيت العجاج:
مَوَاليَ الحَقِّ أَنِ المَوْلى شَكَرْ
عَهْدَ نَبِيٍّ، ما عَفَا وما دَثَرْ
وعهدَ صِدِّيقٍ رأَى برّاً فَبَرْ،
وعهدَ عُثْمَانَ وعهداً منْ عُمَرْ
وعهدَ إِخْوَانٍ هُمُ كانُوا الوَزَرْ،
وعُصبَةَ النبِيِّ إِذ خافوا الحَصَرْ
شَدّوا له سُلْطانَه حتى اقْتَسَرْ،
بالقَتْلِ، أَقْوَاماً، وأَقواماً أَسَرْ
تَحْتَ التي اخْتَار له اللهُ الشَّجَرْ
محمداً، واختارَهُ اللهُ الخِيَرْ
فَمَا وَنى محمدٌ، مُذْ أَنْ غَفَرْ
له الإِلهُ ما مَضَى وما غَبَرْ
أَنْ أَظْهَرَ النُّورَ به حتى ظَهَرْ
والشَّبَرُ: العطية والخير؛ قال عدي بن زيد:
إِذ أَتاني نَبأٌ مِن مُنْعَمِرْ
لم أَخُنْه، والذي أَعْطَى الشَّبَرْ
(* قوله: «من منعمر» كذا بالنون، وهذا الضبط بالأصل).
وقيل: الشَّبْرُ والشَّبَرُ لغتان كالقَدْرِ والقَدَرِ ابن الأَعرابي:
الشِّبْرَة العطية. شَبَرْتُه وأَشْبَرْتُه وشَبَّرْتُه: أَعطيته، وهو
الشَّبْرُ، وقد حُرِّك في الشعر. ابن الأَعرابي: شَبَرَ وشَبَّرَ إِذا
قَدَّرَ. وشَبَّرَ أَيضاً إِذا بَطِرَ. ويقال: قصر الله شَبْرَك وشِبْرَك أَي
قصر الله عُمْرَك وطُولَك. الفراء: الشَّبْرُ القَدّ، يقال: ما أَطول
شَبْرَه أَي قَدَّه. وفلانٌ قصيرُ الشَّبْرِ. والشَّبْرَة: القامة تكون
قصيرة وطويلة. أَبو الهيثم: يقال شُبِّرَ فلان فَتَشَبَّرَ أَي عُظِّمَ
فتعظَّمَ وقُرِّب فتقرّب. ابن الأَعرابي: أَشْبَرَ الرجلُ جاء ببنين طوال،
وأَشْبَرَ: جاء بنين قِصارِ الأَشبارِ. وتَشَابَرَ الفريقان إِذا تقاربا في
الحرب كأَنه صار بينهما شِبْرٌ ومَدَّ كل واحد منهما إِلى صاحبه
الشِّبْرَ. والشَّبَرُ: شيء يتعاطاه النصارى بعضهم لبعض كالقُرْبانِ يتقرّبون به،
وقيل: هو القُرْبانُ بعينِهِ. وأَعطاها شَبْرَها أَي حق النكاح. وفي
دعائه لعلي وفاطمة، رضوان الله عليهما: جمع الله شَمْلَكُما وبارك في
شَبْرِكُما؛ قال ابن الأَثير: الشَّبْرُ في الأَصل العطاء ثم كُني به عن النكاح
لأَن فيه عطاء. وشَبْرُ الجمل: طَرْقُه، وهو ضِرَابه. وفي الحديث: أَنه
نهى عن شَبْرِ الجَمَلِ أَي أُجرة الضِّرَابِ. قال: ويجوز أَن يسمى به
الضراب نفسه على حذف المضاف أَي عن كراء شَبْرِ الجَمَلِ؛ قال الأَزهري:
معناه النهي عن أَخذ الكراء عن ضراب الفحل، وهو مثلُ النهي عن عَسْبِ
الفحل، وأَصل العَسْب والشَّبْرِ الضِّرابُ؛ ومنه قول يحيى بن يَعْمَرَ لرجل
خاصمته امرأَته إِليه تطلب مهرها: أَإِن سأَلتك ثَمَنَ شَكْرِها وشَبْرِك
أَنشأْتَ تَطُلُّها وتَضْهَلُها؟ أَراد بالشَّبْرِ النكاحَ، فشَكْرُها:
بضْعُها؛ وشَبْرُه: وَطْؤه إِياها؛ وقال شمر: الشَّبْرُ ثواب البضع من مهر
وعُقْرٍ. وشَبْرُ الجمل: ثواب ضِرَابه. وروي عن ابن المبارك أَنه قال:
الشَّكْرُ القُوتُ، والشَّبْرُ الجماع. قال شمر: القُبُل يقال له
الشَّكْرُ؛ وأَنشد يصف امرأَة بالشرَف وبالعِفَّة والحِرْفة:
صَنَاعٌ بإِشْفاها، حَصَانٌ بِشَكْرِها،
جَوَادٌ بقُوتِ البَطْنِ، والعِرْقُ زَاخِرُ
ابن الأَعرابي: المَشْبُورَة المرأَة السَّخِيَّة الكريمة.
قال ابن سيده: فسر ابن الأَعرابي شَبْرَ الجمل بأَنه مثل عَسْب الفحل
فكأَنه فسر الشيء بنفسه؛ قال: وذلك ليس بتفسير، وفي طريق آخر نهى عن شَبْرِ
الفحل. ورجل قصير الشِّبْرِ مُتَقاربُ الخَطْوِ؛ قالت الخنساء:
معاذَ الله يَرْضَعُنِي حَبَرْكَى،
قصِيرُ الشِّبْرِ من جُشَمِ بنِ بَكْرِ
والمَشْبَرُ والمَشْبَرَةُ: نَهْرٌ ينخفض فيتأَدى إِليه ما يفيض عن
الأَرضِين. ابن الأَعرابي: قِبالُ الشِّبْرِ الحَيَّةُ وقِبَالُ الشَّسْعِ
الحيَّة. وقال أَبو سعيدْ:
المَشَابِرُ حُزُوزٌ في الذِّراعِ التي يُتَبايَعُ بها، منها حز
الشِّبْر وحز نصف الشِّبْرِ ورْبُعِه، كلُّ جُزْءٍ منها صَغُر أَو كبر
مَشْبَرٌ.والشَّبُورُ: شيء ينفخ فيه، وليس بعربي صحيح. والشَّبُّور، على وزن
التَّنُّور: البُوقُ، ويقال هو معرّب. وفي حديث الأَذان ذُكِرَ له
الشَّبُّور؛ قال ابن الأَثير: جاء في تفسيره أَنه البُوقُ وفسروه أَيضاً بالقُبْعِ،
واللفظة عِبرانية. قال ابن بري: ولم يذكر الجوهري شَبَّر وشَبيراً في
اسم الحسن والحُسين، عليهما السلام؛ قال: ووجدت ابن خالويه قد ذكر شرحهما
فقال: شَبَّرُ وشَبِيرٌ ومُشَبَّرٌ هم أَولاد هرون، على نبينا وعليه
الصلاة والسلام، ومعناها بالعربية حسن وحسين ومُحَسِّن، قال: وبها سَمَّى علي،
عليه السلام، أَولاده شَبَّرَ وشَبِيراً ومُشَبِّراً يعني حسناً وحسيناً
ومُحَسِّناً، رضوان الله عليهم أَجمعين.
أبل: الإِبِلُ والإِبْلُ، الأَخيرة عن كراع، معروف لا واحد له من لفظه،
قال الجوهري: وهي مؤَنثة لأَن أَسماء الجموع التي لا واحد لها من لفظها
إِذا كانت لغير الآدميين فالتأْنيث لها لازم، وإِذا صغرتها دخلتها التاء
فقلت أُبَيلة وغُنَيْمة ونحو ذلك، قال: وربما قالوا للإِبِل إِبْل،
يسكِّنون الباء للتخفيف. وحكى سيبويه إِبِلان قال: لأَن إِبِلاً اسم لم
يُكَسَّر عليه وإِنما يريدون قطيعين؛ قال أَبو الحسن: إنما ذهب سيبويه إِلى
الإِيناس بتثنية الأَسْماء الدالة على الجمع فهو يوجهها إِلى لفظ الآحاد،
ولذلك قال إِنما يريدون قطيعين، وقوله لم يُكَسَّر عليه لم يضمر في
يُكَسَّر، والعرب تقول: إِنه ليروح على فلان إِبِلان إِذا راحت إِبل مع راعٍ
وإِبل مع راعٍ آخر، وأَقل ما يقع عليه اسم الإِبل الصِّرْمَةُ، وهي التي
جاوزت الذَّوْدَ إِلى الثلاثين، ثم الهَجْمةُ أَوَّلها الأربعون إِلى ما
زادت، ثم هُنَيْدَةٌ مائة من الإِبل؛ التهذيب: ويجمع الإِبل آبالٌ.
وتأَبَّل إِبِلاً: اتخذها. قال أَبو زيد: سمعتُ رَدَّاداً رجلاً من بني
كلاب يقول تأَبَّل فلان إِبلاً وتَغَنَّم غنماً إذا اتخذ إِبلاً وغنماً
واقتناها.
وأَبَّل الرجلُ، بتشديد الباء، وأَبَل: كثرت إِبلُه
(* قوله «كثرت إبله»
زاد في القاموس بهذا المعنى آبل الرجل إيبالاً بوزن أفعل إفعالاً) ؛
وقال طُفيل في تشديد الباء:
فأَبَّلَ واسْتَرْخى به الخَطْبُ بعدَما
أَسافَ، ولولا سَعيُنا لم يُؤَبِّل
قال ابن بري: قال الفراء وابن فارس في المجمل: إِن أَبَّل في البيت
بمعنى كثرت إِبلُه، قال: وهذا هو الصحيح، وأَساف هنا: قَلَّ ماله، وقوله
استرخى به الخطب أَي حَسُنَت حاله. وأُبِّلت الإِبل أَي اقتُنِيت، فهي
مأْبولة، والنسبة إلى الإِبل إِبَليٌّ، يفتحون الباء استيحاشاً لتوالي الكسرات.
ورجل آبِلٌ وأَبِل وإِبَليٌّ وإِبِليٌّ: ذو إِبل، وأَبَّال: يرعى
الإِبل. وأَبِلَ يأْبَل أَبالة مثل شَكِس شَــكاسة وأَبِلَ أَبَلاً، فهو آبل
وأَبِل: حَذَق مصلحة الإِبل والشاء، وزاد ابن بري ذلك إِيضاحاً فقال: حكى
القالي عن ابن السكيت أَنه قال رجل آبل بمد الهمزة على مثال فاعل إِذا كان
حاذقاً برِعْية الإِبل ومصلحتها، قال: وحكى في فعله أَبِل أَبَلاً، بكسر
الباء في الفعل الماضي وفتحها في المستقبل؛ قال: وحكى أَبو نصر أَبَل
يأْبُل أَبالةً، قال: وأَما سيبويه فذكر الإِبالة في فِعالة مما كان فيه معنى
الوِلاية مثل الإِمارة والنِّكاية، قال: ومثلُ ذلك الإِيالةُ
والعِياسةُ، فعلى قول سيبويه تكون الإِبالة مكسورة لأَنها ولاية مثل الإِمارة،
وأَما من فتحها فتكون مصدراً على الأَصل، قال: ومن قال أَبَلَ بفتح الباء
فاسم الفاعل منه آبل بالمد، ومن قاله أَبِلَ بالكسر قال في الفاعل أَبِلٌ
بالقصر؛ قال: وشاهد آبل بالمد على فاعل قول ابن الرِّفاع:
فَنَأَتْ، وانْتَوى بها عن هَواها
شَظِفُ العَيْشِ، آبِلٌ سَيّارُ
وشاهد أَبِلٍ بالقصر على فَعِلٍ قولُ الراعي:
صُهْبٌ مَهاريسُ أَشباهٌ مُذَكَّرةٌ،
فات العَزِيبَ بها تُرْعِيَّةٌ أَبِلُ
وأَنشد للكميت أَيضاً:
تَذَكَّرَ مِنْ أَنَّى ومن أَيْنَ شُرْبُه،
يُؤامِرُ نَفْسَيْه كذي الهَجْمةِ الأَبِل
وحكى سيبوبه: هذا من آبَلِ الناس أَي أَشدِّهم تأَنُّقاً في رِعْيةِ
الإِبل وأَعلَمِهم بها، قال: ولا فعل له. وإِن فلاناً لا يأْتَبِلُ أَي لا
يَثْبُت على رِعْيةِ الإِبل ولا يُحْسِنُ مهْنَتَها، وقيل: لا يثبت عليها
راكباً، وفي التهذيب: لا يثبت على الإِبل ولا يقيم عليها. وروى الأَصمعي
عن معتمر بن سليمان قال: رأَيت رجلاً من أَهل عُمَانَ ومعه أَب كبير يمشي
فقلت له: احمله فقال: لا يأْتَبِلُ أَي لا يثبت على الإِبل إِذا ركبها؛
قال أَبو منصور: وهذا خلاف ما رواه أَبو عبيد أَن معنى لا يأْتبل لا
يقيم عليها فيما يُصْلِحُها. ورجل أَبِلٌ بالإِبل بيِّنُ الأَبَلةِ إِذا كان
حاذقاً بالقيام عليها، قال الراجز:
إِن لها لَرَاعِياً جَريّا،
أَبْلاً بما يَنْفَعُها، قَوِيّا
لم يَرْعَ مأْزُولاً ولا مَرْعِيّا،
حتى عَلا سَنامَها عُلِيّا
قال ابن هاجك: أَنشدني أَبو عبيدة للراعي:
يَسُنُّها آبِلٌ ما إِنْ يُجَزِّئُها
جَزْءاً شَدِيداً، وما إِنْ تَرْتَوي كَرَعا
الفراء: إِنه لأَبِلُ مالٍ على فَعِلٍ وتُرْعِيَّةُ مالٍ وإِزاءُ مالٍ
إِذا كان قائماً عليها. ويقال: رَجُلٌ أَبِلُ مال بقصر الأَلْف وآبل مالٍ
بوزن عابل من آله يؤُوله إِذا ساسه
(* قوله من آله يؤوله إذا ساسه: هكذا
في الأصل، ولعل في الكلام سقطاً) ، قال: ولا أَعرف آبل بوزن عابل.
وتأْبيل الإِبل: صَنْعَتُها وتسمينُها، حكاه أَبو حنيفة عن أَبي زياد الكلابي.
وفي الحديث: الناس كإِبلٍ مائةٍ لا تجد فيها راحلةً، يعني أَن المَرْضِيّ
المُنْتَخَبَ من الناس في عِزَّة وُجوده كالنِّجيب من الإِبل القويّ على
الأَحمال والأَسفار الذي لا يوجد في كثير من الإِبل؛ قال الأَزهري: الذي
عندي فيه أَن افيفي تعالى ذمَّ الدنيا وحذَّر العبادَ سوء مَغَبَّتها
وضرب لهم فيها الأَمثال ليعتبروا ويحذروا، وكان النبي، صلى الله عليه وسلم،
يُحَذِّرهم ما حذرهم افيفي ويزهدهم فيها، فَرَغِبَ أَصْحابُه بعده فيها
وتنافسوا عليها حتى كان الزهد في النادر القليل منهم فقال: تجدون الناس
بعدي كإِبل مائة ليس فيها راحلة أَي أَن الكامل في الزهد في الدنيا والرغبة
في الآخرة قليل كقلة الراحلة في الإِبل، والراحلة هي البعير القوي على
الأَسفار والأَحمال، النجيب التام الخَلْق الحسن المَنْظَر، قال: ويقع على
الذكر والأُنثى والهاء فيه للمبالغة. وأَبَلَت الإِبلُ والوحشُ تأْبِلُ
وتأْبُلُ أَبْلاً وأُبولاً وأَبِلَتْ وتأَبّلتْ: جَزَأَتْ عن الماء
بالرُّطْب؛ ومنه قول لبيد:
وإِذا حَرَّكْتُ غَرْزي أَجْمَرَتْ،
أَو قِرابي عَدْوَ جَوْنٍ قد أَبَلْ
(* قوله «وإذا حركت، البيت» أورده الجوهري بلفظ:
وإذا حركت رجلي أرقلت
بي تعدو عدو جون فد أبل)
الواحد آبلٌ والجمع أُبَّالٌ مثل كافر وكفَّار؛ وقول الشاعر أَنشده أَبو
عمرو:
أَوابِلُ كالأَوْزانِ حُوشٌ نُفُوسُها،
يُهَدِّر فيها فَحْلُها ويَرِيسُ
يصف نُوقاً شبهها بالقُصور سِمَناً؛ أَوابِلُ: جَزَأَتْ بالرُّطْب،
وحُوشٌ: مُحَرَّماتُ الظهور لعِزَّة أَنفسها. وتأَبَّل الوحشيُّ إِذا اجتزأَ
بالرُّطْب عن الماء. وأَبَلَ الرجلُ عن امرأَته وتأَبَّل: اجتَزأَ عنها،
وفي الصحاح وأَبَلَ الرجلُ عن امرأَته إِذا امتنع من غِشْيانِها
وتأَبَّل. وفي الحديث عن وهب: أَبَلَ آدمُ، عليه السلام، على ابنه المقتول كذا
وكذا عاماً لا يُصِيب حَوَّاء أَي امتنع من غشيانها، ويروى: لما قتل ابن
آدم أخاه تأَبَّل آدمُ على حَوَّاء أَي ترك غِشْيانَ حواء حزناً على ولده
وتَوَحَّشَ عنها. وأَبَلَتِ الإِبل بالمكان أُبولاً: أَقامت؛ قال أَبو
ذؤيب:
بها أَبَلَتْ شَهْرَيْ ربيعٍ كِلاهما،
فَقَدْ مارَ فيها نَسْؤُها واقْتِرارُها
(* قوله «كلاهما» كذا بأصله، والذي في الصحاح بلفظ: كليهما.)
استعاره هنا للظبية، وقيل: أَبَلَتْ جَزَأَتْ بالرُّطْب عن الماء. وإِبل
أَوابِلُ وأُبَّلٌ وأُبَّالٌ ومؤَبَّلة: كثيرة، وقيل: هي التي جُعِلَتْ
قَطِيعاً قَطِيعاً، وقيل: هي المتخذة للقِنْية، وفي حديث ضَوالِّ الإِبل:
أَنها كانت في زمن عُمَرَ أُبَّلاً مُؤَبَّلة لا يَمَسُّها أَحد، قال:
إِذا كانت الإِبل مهملة قيل إِبِلٌ أُبَّلٌ، فإِذا كانت للقِنْية قيل إِبل
مُؤَبَّلة؛ أَراد أَنها كانت لكثرتها مجتمعة حيث لا يُتَعَرَّض إِليها؛
وأَما قول الحطيئة:
عَفَتْ بَعْدَ المُؤَبَّلِ فالشِّوِيِّ
فإِنه ذَكَّر حملاً على القطيع أَو الجمع أَو النعم لأَن النعم يذكر
ويؤنث؛ أَنشد سيبوبه:
أَكُلَّ عامٍ نَعَماً تَحْوُونَه
وقد يكون أَنه أَراد الواحد، ولكن الجمع أَولى لقوله فالشَّوِيّ،
والشَّوِيُّ اسم للجمع. وإِبل أَوابِلُ: قد جَزَأَتْ بالرُّطْب عن الماء.
والإِبِلُ الأُبَّلُ: المهملة؛ قال ذو الرُّمّة:
وراحت في عَوازِبَ أُبَّلِ
الجوهري: وإِبِلٌ أُبَّلٌ مثالُ قُبَّرٍ أَي مهملة، فإِن كانت لِلقِنْية
فهي إِبل مُؤَبَّلة. الأَصمعي: قال أَبو عمرو بن العلاء من قرأَها:
أَفلا ينظرون إِلى الإِبْلِ كيف خُلِقت، بالتخفيف يعني به البعير لأَنه من
ذوات الأَربع يَبْرُك فيُحمل عليه الحمولة وغيره من ذوات الأَربع لا
يُحْمَل عليه إِلا وهو قائم، ومن قرأَها بالتثقيل قال الإِبِلُ: السحابُ التي
تحمل الماء للمطر. وأَرض مَأْبَلة أَي ذات إِبل. وأَبَلَت الإِبلُ:
هَمَلَت فهي آبلة تَتبعُ الأُبُلَ وهي الخِلْفَةُ تَنْبُت في الكَلإِ اليابس
بعد عام. وأَبِلَت أَبلاً وأُبولاً: كَثُرَت. وأَبَلَت تأْبِلُ: تأَبَّدَت.
وأَبَل يأْبِلُ أَبْلاً: غَلَب وامتنع؛ عن كراع، والمعروف أَبَّل.
ابن الأَعرابي: الإِبَّوْلُ طائر ينفرد من الرَّفّ وهو السطر من الطير.
ابن سيده: والإِبِّيلُ والإِبَّوْل والإِبَّالة القطعة من الطير والخيل
والإِبل؛ قال:
أَبابيل هَطْلَى من مُراحٍ ومُهْمَل
وقيل: الأَبابيلُ جماعةٌ في تَفْرِقة، واحدها إِبِّيلٌ وإِبَّوْل، وذهب
أَبو عبيدة إِلى أَن الأَبابيل جمع لا واحد له بمنزلة عَبابِيدَ
وشَماطِيطَ وشَعالِيلَ. قال الجوهري: وقال بعضهم إِبِّيل، قال: ولم أَجد العرب
تعرف له واحداً. وفي التنزيل العزيز: وأَرسل عليهم طيراً أَبابيل، وقيل
إِبَّالة وأَبَابيل وإِبالة كأَنها جماعة، وقيل: إِبَّوْل وأَبابيل مثل
عِجَّوْل وعَجاجيل، قال: ولم يقل أَحد منهم إِبِّيل على فِعِّيل لواحد
أَبابيل، وزَعم الرُّؤَاسي أَن واحدها إِبَّالة. التهذيب أَيضاً: ولو قيل واحد
الأَبابيل إيبالة كان صواباً كما قالوا دينار ودنانير، وقال الزجاج في
قوله طير أَبابيل: جماعات من ههنا وجماعات من ههنا، وقيل: طير أَبابيل يتبع
بعضها بعضاً إِبِّيلاً إِبِّيلاً أَي قَطيعاً خَلْفَ قطيع؛ قال الأَخفش:
يقال جاءت إِبلك أَبابيل أَي فِرَقاً، وطير أَبابيل، قال: وهذا يجيء في
معنى التكثير وهو من الجمع الذي لا واحد له؛ وفي نوادر الأَعراب: جاء
فلان في أُبُلَّتِه وإِبالته أَي في قبيلته.
وأَبَّل الرجلَ: كأَبَّنه؛ عن ابن جني؛ اللحياني: أَبَّنْت الميت
تأْبيناً وأَبَّلْته تأْبيلاً إذا أَثنيت عليه بعد وفاته.
والأَبِيلُ: العصا: والأَبِيل والأَبِيلةُ والإِبالة: الحُزْمةُ من
الحَشيش والحطب. التهذيب: والإِيبالة الحزمة من الحطب. ومَثَلٌ يضرب: ضِغْثٌ
على إِيبالةٍ أَي زيادة على وِقْر. قال الأَزهري: وسمعت العرب تقول:
ضِغْثٌ على إِبَّالة، غير ممدود ليس فيها ياء، وكذلك أَورده الجوهري أَيضاً
أَي بلية على أُخرى كانت قبلها؛ قال الجوهري: ولا تقل إِيبالة لأَن الاسم
إِذا كان على فِعَّالة، بالهاء، لا يبدل من أَحد حر في تضعيفه ياء مثل
صِنَّارة ودِنَّامة، وإَنما يبدل إِذا كان بلا هاء مثل دينار وقيراط؛
وبعضهم يقول إِبَالة مخففاً، وينشد لأَسماء بن خارجة:
ليَ، كُلَّ يومٍ من، ذُؤَالَة
ضِغْثٌ يَزيدُ على إِبَاله
فَلأَحْشَأَنَّك مِشْقَصاً
أَوْساً، أُوَيْسُ، من الهَبالَه
والأَبِيلُ: رئيس النصارى، وقيل: هو الراهب، وقيل الراهب الرئيس، وقيل
صاحب الناقوس، وهم الأَبيلون؛ قال ابن عبد الجن
(* قوله «ابن عبد الجن»
كذا بالأصل، وفي شرح القاموس: عمرو ابن عبد الحق) :
أَما وَدِماءٍ مائِراتٍ تَخالُها،
على قُنَّةِ العُزَّى أَو النَّسْر، عَنْدَما
وما قَدَّسَ الرُّهْبانُ، في كلِّ هَيْكَلٍ،
أَبِيلَ الأَبِيلِينَ، المَسِيحَ بْنَ مَرْيَما
لقد ذاق مِنَّا عامِرٌ يومَ لَعْلَعٍ
حُساماً، إِذا ما هُزَّ بالكَفِّ صَمَّما
قوله أَبيل الأَبيلين: أَضافه إِليهم على التسنيع لقدره، والتعظيم
لخطره؛ ويروى:
أَبِيلَ الأَبيليين عيسى بْنَ مريما
على النسب، وكانوا يسمون عيسى، عليه السلام، أَبِيلَ الأَبيليين، وقيل:
هو الشيخ، والجمع آبال؛ وهذه الأَبيات أَوردها الجوهري وقال فيها:
على قنة العزى وبالنسر عَندما
قال ابن بري: الأَلف واللام في النسر زائدتان لأَنه اسم علم. قال الله
عز وجل: ولا يَغُوثَ ويَعُوقَ ونَسْراً؛ قال: ومثله قوله الشاعر:
ولقد نَهَيْتُك عن بنات الأَوبر
قال: وما، في قوله وما قدّس، مصدريةٌ أَي وتسبيح الرهبان أَبيلَ
الأَبيليين. والأَيْبُليُّ: الراهب، فإِما أَن يكون أَعجميّاً، وإِما أَن يكون
قد غيرته ياء الإضافة، وإما أَن يكون من بابِ انْقَحْلٍ، وقد قال سيبوبه:
ليس في الكلام فَيْعِل؛ وأَنشد الفارسي بيت الأَعشى:
وما أَيْبُليٌ على هَيْكَلٍ
بَناهُ، وصَلَّب فيه وَصارا
ومنه الحديث: كان عيسى بن مريم، على نبينا وعليه الصلاة والسلام، يسمى
أَبِيلَ الأَبِيلِين؛ الأَبيل بوزن الأَمير: الراهب، سمي به لتأَبله عن
النساء وترك غشْيانهن، والفعل منه أَبَلَ يأْبُلُ أَبَالة إِذا تَنَسَّك
وتَرَهَّب. أَبو الهيثم: الأَيْبُليُّ والأَيْبُلُ صاحبُ الناقوس الذي
يُنَقّسُ النصارى بناقوسه يدعوهم به إلى الصلاة؛ وأَنشد:
وما صَكَّ ناقوسَ الصلاةِ أَبِيلُها
وقيل: هو راهب النصارى؛ قال عدي بن زيد:
إِنَّني والله، فاسْمَعْ حَلِفِي
بِأَبِيلٍ كُلَّما صَلى جأَرَ
وكانوا يعظمون الأَبيل فيحلفون به كما يحلفون بالله. والأَبَلة،
بالتحريك. الوَخامة والثِّقلُ من الطعام. والأَبَلَةُ: العاهةُ. وفي الحديث: لا
تَبعِ الثمرة حتى تَأْمَنَ عليها الأَبلة؛ قال ابن الأَثير: الأُبْلةُ
بوزن العُهْدة العاهة والآفة، رأَيت نسخة من نسخ النهاية وفيها حاشية قال:
قول أَبي موسى الأُبلة بوزن العهدة وهم، وصوابه الأَبَلة، بفتح الهمزة
والباء، كما جاء في أَحاديث أُخر. وفي حديث يحيى بن يَعْمَر: كلُّ مال
أَديت زكاته فقد ذهبت أَبَلَتُهُ أَي ذهبت مضرّته وشره، ويروى وبَلَته؛ قال:
الأَبَلةُ، بفتح الهمزة والباء، الثِّقَل والطَّلِبة، وقيل هو من الوبال،
فإِن كان من الأَول فقد قلبت همزته في الرواية الثانية واواً، وإِن كان
من الثاني فقد قلبت واوه في الرواية الأُولى همزة كقولهم أَحَدٌ وأَصله
وَحَدٌ، وفي رواية أُخرى: كل مال زكي فقد ذهبت عنه أَبَلَتُه أَي ثقله
ووَخامته. أَبو مالك: إِن ذلك الأَمر ما عليك فيه أَبَلَةٌ ولا أَبْهٌ أَي
لا عيب عليك فيه. ويقال: إِن فعلت ذلك فقد خرجت من أَبَلته أَي من تَبِعته
ومذمته. ابن بزرج: ما لي إِليك أَبِلة أَي حاجة، بوزن عَبِلة، بكسر
الباء.
وقوله في حديث الاستسقاء: فأَلَّفَ الله بين السحاب فأُبِلْنا أَي
مُطِرْنا وابِلاً، وهو المطر الكثير القطر، والهمزة فيه بدل من الواو مثل
أََكد ووكد، وقد جاء في بعض الروايات: فأَلف الله بين السحاب فَوَبَلَتْنا،
جاء به على الأَصل.
والإِبْلة: العداوة؛ عن كراع. ابن بري: والأَبَلَةُ الحِقْد؛ قال
الطِّرِمَّاح:
وجاءَتْ لَتَقْضِي الحِقْد من أَبَلاتها،
فثَنَّتْ لها قَحْطانُ حِقْداً على حِقْد
قال: وقال ابن فارس أَبَلاتُها طَلِباتُها.
والأُبُلَّةُ، بالضم والتشديد: تمر يُرَضُّ بين حجرين ويحلب عله لبن،
وقيل: هي الفِدْرة من التمر؛ قال:
فَيأْكُلُ ما رُضَّ مِنْ زادنا،
ويَأْبى الأُبُلَّةَ لم تُرْضَضِ
له ظَبْيَةٌ وله عُكَّةٌ،
إِذا أَنْفَضَ الناسُ لم يُنْفِضِ
قال ابن بري: والأُبُلَّة الأَخضر من حَمْل الأَراك، فإِذا احْمَرَّ
فكبَاثٌ. ويقال: الآبِلة على فاعلة. والأُبُلَّة: مكان بالبصرة، وهي بضم
الهمزة والباء وتشديد اللام، البلد المعروف قرب البصرة من جانبها البحري،
قيل: هو اسمٌ نَبَطِيّ. الجوهري: الأُبُلَّة مدينة إِلى جنب البصرة.
وأُبْلى: موضع ورد في الحديث، قال ابن الأَثير: وهو بوزن حبلى موضع بأَرض بني
سُليم بين مكة والمدينة بعث إِليه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قوماً؛
وأَنشد ابن بري قال: قال زُنَيم بن حَرَجة في دريد:
فَسائِلْ بَني دُهْمانَ: أَيُّ سَحابةٍ
عَلاهُم بأُبْلى ودْقُها فاسْتَهَلَّتِ؟
قال ابن سيده: وأَنشده أَبو بكر محمد بن السويّ السرّاج:
سَرَى مِثلَ نَبْضِ العِرْقِ، والليلُ دونَه،
وأَعلامُ أُبْلى كلُّها فالأَصالقُ
ويروى: وأَعْلام أُبْل.
وقال أَبو حنيفة: رِحْلةُ أُبْلِيٍّ مشهورة، وأَنشد:
دَعَا لُبَّها غَمْرٌ كأَنْ قد وَرَدْنَه
برِحلَة أُبْلِيٍّ، وإِن كان نائياً
وفي الحديث ذكر آبِل، وهو بالمد وكسر الباء، موضع له ذكر في جيش أُسامة
يقال له آبل الزَّيْتِ. وأُبَيْلى: اسم امرأَة؛ قال رؤبة:
قالت أُبَيْلى لي: ولم أَسُبَّه،
ما السِّنُّ إِلا غَفْلَةُ المُدَلَّه
شكم: الشُّكْمُ، بالضم: العَطاء، وقيل: الجزاء؛ قال ابن سيده: وأُرى
الشُّكْمى لغةً، قال: ولا أَحُقُّها، شكَمَه يَشْكُمه شَكْماً وأَشْكَمه؛
الأَخيرة عن ثعلب. وفي الحديث: أَن أَبا طَيْبة حَجَم رسولَ الله، صلى الله
عليه وسلم، فقال: اشْكُمُوه أَي أَعْطُوه أَجْرَهُ؛ قال الشاعر:
أَبْلِغْ قَتادَةَ، غَيْرَ سائِلِه
جَزْلَ العَطاءِ وعاجِلَ الشُّكْمِ
قال في تفسير الحديث: الشُّكْمُ، بالضم، الجَزاءُ، والشُّكْدُ العَطاء
بلا جَزاءٍ، قال: وقيل: هو مثله وأَصله من شَكِيمةِ اللجامِ كأَنها
تُمْسِكُ فاه عن القول، قال: ومنه حديث عبد الله بن رَباح: أَنه قال للراهب
إِني صائم، فقال: أَلا أَشْكُمُكَ على صومك شُكْمةً؟ تُوضع يوم القيامة
مائدةٌ وأَول من يأْكل منها الصائمون؛ أَي أَلا أُبَشِّرُكَ بما تُعْطى على
صَوْمِك. وفي ترجمة شكب: الشُّكْبُ لغةٌ في الشُّكْمِ، وهو الجزاء، وقيل:
العطاء، قال أَبو عبيد: سمعت الأُمَوِيَّ يقول: الشُّكْمُ الجزاء،
والشَّكْمُ المصدر، وقال الكسائي: الشُّكْمُ العِوَضُ، وقال الأَصمعي:
الشُّكْمُ والشُّكْدُ العطية. الليث: الشُّكْمُ النُّعْمى. يقال: فَعَلَ فلانٌ
أَمراً فَشَكَمْتُه أَي أَثَبْتُه: قال الجوهري: الشُّكْمُ بالضم، الجزاء،
فإِذا كان العطاء ابتداء فهو الشُّكْدُ، بالدال، تقول منه شَكَمْتُه أَي
جزيته.
والشَّكِيمة من اللِّجام: الحديدة المُعْتَرضة في الفم. الجوهري:
الشكِيمُ والشَّكِيمةُ في اللجام الحديدةُ المُعْتَرِضة في فم الفرس التي فيها
الفأْس؛ قال أَبو دُواد:
فهي فَوْهاءُ كالجُوالِقِ، فُوها
مُسْتَجافٌ يَضِلُّ فيه الشَّكِيمُ
والجمع شَكائِمُ وشَكِيمٌ وشُكُمٌ؛ الأَخيرة على طرح الزائد أَو على
أَنه جمع شكيم الذي هو جمع شَكِيمة، فيكون جمع جمع. وشَكَمَه يَشْكُمُه
شَكْماً: وضع الشَّكِيمة في فيه. وشَكَمْتُ الوالي إِذا رَشَوتَه كأَنك
سَدَدْتَ فَمَه بالشَّكِيمة؛ وقال قوم: شَكَمه شَكْماً وشَكِيماً عَضَّه؛ قال
جرير:
فأَبْقُوا عليكم، واتَّقُوا نابَ حَيَّةٍ
أَصاب ابْنَ حَمْراءِ العِجانِ شَكِيمُها
قال: وأَما فأْس اللجام فالحديدة القائمة في الشكيمة. ويقال: فلان شديدُ
الشَّكيمة إِذا كان ذا عارضة وَجِدٍّ. ابن الأَعرابي: الشَّكِيمَةُ
قُوَّةُ القلب. ابن السكيت: إِنه لشديدُ الشَّكِيمةِ إِذا كان شديدَ
النَّفْسِ أَنِفاً أَبِيّاً. وفي حديث عائشة تصف أَباها، رضي الله عنهما:
فما بَرِحَتْ شَكِيمَتُه في ذات الله أَي شِدَّةُ نَفْسِه، هو من ذلك،
وأَصله من شكيمة اللجام فإِن قُوَّتَها تدل على قوة الفرس. والشكِيمَةُ:
الأَنَفَةُ والانتصار من الظُّلْم، وهو ذو شَكِيمةٍ أَي عارِضةٍ وجِدٍّ،
وقيل: هو أَن يكون صارماً حازماً، وفلان ذو شكِيمة إِذا كان لا يَنْقاد؛ قال
عَمْرُو بن شاسٍ الأَسَدِيُّ يُخاطِب امرأَته في ابْنِه عِرار:
وإِنَّ عِراراً إِنْ يكن ذا شَكِيمةٍ
تَعافِينََها منه، فما أَمْلِكُ الشِّيَمْ
وقوله:
أَنا ابنُ سَيَّارٍ على شَكِيمِه،
إِن الشِّراكَ قُدَّ من أَدِيِمِه
قال: يجوز أَن يكون جمع شَكِيمةٍ كما ذكر في شَكِيمةِ اللجام، ويجوز أَن
يكون لغة في الشَّكِيمة، فيكون من باب حُقٍّ وحُقَّةٍ، ويجوز أَن يكون
أَراد على شكيمته فحذف الهاء للضرورة؛ وقول أبي صخر الهذلي:
جَهْم المُحَيَّا عَبُوس باسِل شَرِس،
وَرْد قُساقِسة، رِئْبالَة شَكِم
قال السُّكَّرِيُّ: شَكِمٌ غَضُوبٌ. وشَكِيمُ القِدْرِ: عُراها؛ قال
الراعي:
وكانَتْ جَدِيراً أَن يُقَسَّمَ لَحْمها،
إِذا ظَلَّ بينَ المَنْزِلَينِ شَكِيمُها
وشُكامَةُ وشُكَيْمٌ: اسمان. ومِشْكَمٌ، بالكسر: اسم رجل.
زبعر: رجل زِبَعْرَى: شَكِسُ الخُلُق سَيِّئُه، والأُنثى زِبَعْراة،
بالهاء؛ قال الأَزهري: وبه سمي ابن الزِّبَعْرَى الشاعر. والزِّبَعْرَى:
الضخم، وحكى بعضهم الزَّبَعْرَى، بفتح الزاي، فإِذا كان ذلك فأَلفه ملحقة له
بِسَفَرْجَلٍ وأُذن زَبعْرَاةٌ وزِبَعْراةٌ: غليظة كثيرة الشعر. قال
الأَزهري: ومن آذان الخيل زِبَعْراةٌ، وهي التي غلظت وكثر شعرها. الجوهري:
الزِّبَعْرَى الكثير شعر الوجه والحاجبين واللِّحيَيْنِ. وجَمَلٌ
زِبَعْرَى كذلك.
والزَّبْعَرُ: ضرب من المَرْوِ وليس بعريض الورق، وما عَرُضَ ورَقُه منه
فهو ماحُوزٌ.
والزِّبَعْرِيُّ: ضرب من السهام منسوب.