من (ق ن و) أو من (ق ن ي) مؤنث القاني الــكاسب الجامع للشيء، والراضي المرضي غيره، واللازم الحياء، ومن ارتفع وسط قصبته.
من (ق ن و) أو من (ق ن ي) مؤنث القاني الــكاسب الجامع للشيء، والراضي المرضي غيره، واللازم الحياء، ومن ارتفع وسط قصبته.
مرر: مَرَّ عليه وبه يَمُرُّ مَرًّا أَي اجتاز. ومَرَّ يَمُرُّ مرًّا
ومُروراً: ذهَبَ، واستمرّ مثله. قال ابن سيده: مرَّ يَمُرُّ مَرًّا
ومُروراً جاء وذهب، ومرَّ به ومَرَّه: جاز عليه؛ وهذا قد يجوز أَن يكون مما
يتعدَّى بحرف وغير حرف، ويجوز أَن يكون مما حذف فيه الحرف فأَُوصل الفعل؛
وعلى هذين الوجهين يحمل بيت جرير:
تَمُرُّون الدِّيارَ ولَمْ تَعُوجُوا،
كَلامُكُمُ عليَّ إِذاً حَرَامُ
وقال بعضهم: إِنما الرواية:
مررتم بالديار ولم تعوجوا
فدل هذا على أَنه فَرقَ من تعدّيه بغير حرف. وأَما ابن الأَعرابي فقال:
مُرَّ زيداً في معنى مُرَّ به، لا على الحذف، ولكن على التعدّي الصحيح،
أَلا ترى أَن ابن جني قال: لا تقول مررت زيداً في لغة مشهورة إِلا في شيء
حكاه ابن الأَعرابيف قال: ولم يروه أَصحابنا.
وامْتَرَّ به وعليه: كَمَرّ. وفي خبر يوم غَبِيطِ المَدَرَةِ:
فامْتَرُّوا على بني مالِكٍ. وقوله عز وجل: فلما تَغَشَّاها حَمَلَتْ حَمْلاً
خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِه؛ أَي استمرّت به يعني المنيّ، قيل: قعدت وقامت فلم
يثقلها.
وأَمَرَّهُ على الجِسْرِ: سَلَكه فيه؛ قال اللحياني: أَمْرَرْتُ فلاناً
على الجسر أُمِرُّه إِمراراً إِذا سلكت به عليه، والاسم من كل ذلك
المَرَّة؛ قال الأَعشى:
أَلا قُلْ لِتِيَّا قَبْلَ مَرَّتِها: اسْلَمي
تَحِيَّةَ مُشْتاقٍ إِليها مُسَلِّمِ
وأَمَرَّه بِه: جَعَله يَمُرُّه. ومارَّه: مَرَّ معه. وفي حديث الوحي:
إِذا نزل سَمِعَتِ الملائكةُ صَوْتَ مِرَارِ السِّلْسِلَةِ على الصَّفا
أَي صوْتَ انْجِرارِها واطِّرادِها على الصَّخْرِ. وأَصل المِرارِ:
الفَتْلُ لأَنه يُمَرُّ
(* قوله« لأنه يمرّ» كذا بالأصل بدون مرجع للضمير ولعله
سقط من قلم مبيض مسودة المؤلف بعد قوله على الصخر، والمرار الحبل.) أَي
يُفْتل. وفي حديث آخر: كإِمْرارِ الحدِيدِ على الطَّسْتِ الجَدِيدِ؛
أَمْرَرْتُ الشيءَ أُمِرُّه إِمْراراً إِذا جعلته يَمُرُّ أَي يذهب، يريد
كجَرِّ الحَدِيدِ على الطسْتِ؛ قال: وربما رُوِيَ الحديثُ الأَوّلُ: صوتَ
إِمْرارِ السلسة.
واستمر الشيءُ: مَضى على طريقة واحدة. واستمرَّ بالشيء: قَوِيَ على
حَمْلِه. ويقال: استمرّ مَرِيرُه أَي استحك عَزْمُه. وقال الكلابيون:
حَمَلَتْ حَمْلاً خَفيفاً فاسْتَمَرَّتْ به أَي مَرَّتْ ولم يعرفوا. فمرتْ به؛
قال الزجاج في قوله فمرّت به: معناه استمرتّ به قعدت وقامت لم يثقلها فلما
أثقلت أَي دنا وِلادُها. ابن شميل: يقال للرجل إِذا استقام أَمره بعد
فساد قد استمرّ، قال: والعرب تقول: أَرْجَى الغِلْمانِ الذي يبدأُ بِحُمْقٍ
ثم يستمر؛ وأَنشد للأَعشى يخاطب امرأَته:
يا خَيْرُ، إِنِّي قد جَعَلْتُ أَسْتَمِرّْ،
أَرْفَعُ مِنْ بُرْدَيَّ ما كُنْتُ أَجُرّْ
وقال الليث: كلُّ شيء قد انقادت طُرْقَتُه، فهو مُسْتَمِرٌّ. الجوهري:
المَرَّةُ واحدة المَرِّ والمِرارِ؛ قال ذو الرمة:
لا بَلْ هُو الشَّوْقُ مِنْ دارٍ تَخَوَّنَها،
مَرًّا شَمالٌ ومَرًّا بارِحٌ تَرِبُ
يقال: فلان يَصْنَعُ ذلك الأَمْرَ ذاتَ المِرارِ أَي يصنعه مِراراً
ويدعه مراراً. والمَمَرُّ: موضع المُرورِ والمَصْدَرُ. ابن سيده: والمَرَّةُ
الفَعْلة الواحدة، والجمع مَرٌّ ومِرارٌ ومِرَرٌ ومُرُورٌ؛ عن أَبي علي
ويصدقه قول أَبي ذؤيب:
تَنَكَّرْت بَعدي أَم أَصابَك حادِثٌ
من الدَّهْرِ، أَمْ مَرَّتْ عَلَيك مُرورُ؟
قال ابن سيده: وذهب السكري إِلى أَنّ مرُوراً مصدر ولا أُبْعِدُ أَن
يكون كما ذكر، وإِن كان قد أَنث الفعل، وذلك أَنّ المصدر يفيد الكثرة
والجنسية. وقوله عز وجل: سنُعَذِّبُهُمْ مرتين؛ قال: يعذبون بالإِيثاقِ
والقَتْل، وقيل: بالقتل وعذاب القبر، وقد تكون التثنية هنا في معنى الجمع، كقوله
تعالى: ثم ارجع البصر كَرَّتَيْنِ؛ أَي كَرَّاتٍ، وقوله عز وجل: أُولئك
يُؤْتَوْنَ أَجْرَهم مَرَّتَيْنِ بما صبروا؛ جاء في التفسير: أَن هؤلاء
طائفة من أَهل الكتاب كانوا يأْخذون به وينتهون إِليه ويقفون عنده، وكانوا
يحكمون بحكم الله بالكتاب الذي أُنزل فيه القرآن، فلما بُعث النبيُّ، صلى
الله عليه وسلم، وتلا عليهم القرآنَ، قالوا: آمنَّا به، أَي صدقنا به،
إِنه الحق من ربنا، وذلك أَنّ ذكر النبي، صلى الله عليه وسلم، كان مكتوباً
عندهم في التوارة والإِنجيل فلم يعاندوا وآمنوا وصدَّقوا فأَثنى الله تعالى
عليهم خيراً، ويُعْطَون أَجرهم بالإِيمان بالكتاب قبل محمد، صلى الله
عليه وسلم، وبإِيمانهم بمحمد، صلى الله عليه وسلم.
وَلَقِيَه ذات مرَّةٍ؛ قال سيبويه: لا يُسْتَعْمَلُ ذات مَرةٍ إِلا
ظرفاً. ولقِيَه ذاتَ المِرارِ أَي مِراراً كثيرة. وجئته مَرًّا أَو
مَرَّيْنِ، يريد مرة أَو مرتين. ابن السكيت: يقال فلان يصنع ذلك تارات، ويصنع ذلك
تِيَراً، ويَصْنَعُ ذلك ذاتَ المِرارِ؛ معنى ذلك كله: يصنعه مِراراً
ويَدَعُه مِراراً.
والمَرَارَةُ: ضِدُّ الحلاوةِ، والمُرُّ نَقِيضُ الخُلْو؛ مَرَّ الشيءُ
يَمُرُّ؛ وقال ثعلب: يَمَرُّ مَرارَةً، بالفتح؛ وأَنشد:
لَئِنْ مَرَّ في كِرْمانَ لَيْلي، لَطالَما
حَلا بَيْنَ شَطَّيْ بابِلٍ فالمُضَيَّحِ
وأَنشد اللحياني:
لِتَأْكُلَني، فَمَرَّ لَهُنَّ لَحْمي،
فأَذْرَقَ مِنْ حِذارِي أَوْ أَتاعَا
وأَنشده بعضهم: فأَفْرَقَ، ومعناهما: سَلَحَ. وأَتاعَ أَي قاءَ.
وأَمَرَّ كَمَرَّ: قال ثعلب:
تُمِرُّ عَلَيْنا الأَرضُ مِنْ أَنْ نَرَى بها
أَنيساً، ويَحْلَوْلي لَنا البَلَدُ القَفْرُ
عدّاه بعلى لأَنَّ فيه مَعْنى تَضِيقُ؛ قال: ولم يعرف الكسائي مَرَّ
اللحْمُ بغر أَلفٍ؛ وأَنشد البيت:
لِيَمْضغَني العِدَى فأَمَرَّ لَحْمي،
فأَشْفَقَ مِنْ حِذاري أَوْ أَتاعا
قال: ويدلك على مَرَّ، بغير أَلف، البيت الذي قبله:
أَلا تِلْكَ الثَّعالِبُ قد تَوالَتْ
عَلَيَّ، وحالَفَتْ عُرْجاً ضِباعَا
لِتَأْكُلَنى، فَمَرَّ لَهُنَّ لَحْمي
ابن الأَعرابي: مَرَّ الطعامُ يَمَرُّ، فهومُرٌّ، وأَمَرَّهُ غَيْرُهُ
ومَرَّهُ، ومَرَّ يَمُرُّ من المُرُورِ. ويقال: لَقَدْ مَرِرْتُ من
المِرَّةِ أَمَرُّ مَرًّا ومِرَّةً، وهي الاسم؛ وهذا أَمَرُّ من كذا؛ قالت
امرأَة من العرب: صُغْراها مُرَّاها. والأَمَرَّانِ: الفَقْرُ والهَرَمُ؛
وقول خالد بن زهير الهذلي:
فَلَمْ يُغْنِ عَنْهُ خَدْعُها، حِينَ أَزْمَعَتْ
صَرِيمَتَها، والنَّفْسُ مُرٌّ ضَمِيرُها
إِنما أَراد: ونفسها خبيثة كارهة فاستعار لها المرارة؛ وشيء مُرٌّ
والجمع أَمْرارٌ. والمُرَّةُ: شجَرة أَو بقلة، وجمعها مُرٌّ وأَمْرارٌ؛ قال
ابن سيده: عندي أَنّ أَمْراراً جمعُ مُرٍّ، وقال أَبو حنيفة: المُرَّةُ
بقلة تتفرّش على الأَرض لها ورق مثل ورق الهندبا أَو أَعرض، ولها نَوْرة
صُفَيْراء وأَرُومَة بيضاء وتقلع مع أَرُومَتِها فتغسل ثم تؤكل بالخل
والخبز، وفيها عليقمة يسيرة؛ التهذيب: وقيل هذه البقلة من أَمرار البقول،
والمرّ الواحد. والمُرارَةُ أَيضاً: بقلة مرة، وجمعها مُرارٌ.
والمُرارُ: شجر مُرٌّ، ومنه بنو آكِلِ المُرارِ قومٌ من العرب، وقيل:
المُرارُ حَمْضٌ، وقيل: المُرارُ شجر إِذا أَكلته الإِبل قلَصت عنه
مَشافِرُها، واحدتها مُرارَةٌ، هو المُرارُ، بضم الميم.
وآكِلُ المُرارِ معروف؛ قال أَبو عبيد: أَخبرني ابن الكلبي أَن حُجْراً
إِنما سُمِّي آكِلَ المُرارِ أَن ابنةً كانت له سباها ملك من ملوك
سَلِيحٍ يقال له ابن هَبُولَةَ، فقالت له ابنة حجر: كأَنك بأَبي قد جاء كأَنه
جملٌ آكِلُ المُرارِ، يعني كاشِراً عن أَنيابه، فسمي بذلك، وقيل: إِنه كان
في نفر من أصحابه في سَفَر فأَصابهم الجوع، فأَما هو فأَكل من المُرارِ
حتى شبع ونجا، وأَما أَصحابه فلم يطيقوا ذلك حتى هلك أَكثرهم فَفَضَلَ
عليهم بصبره على أَكْلِه المُرارَ. وذو المُرارِ: أَرض، قال: ولعلها كثيرة
هذا النبات فسمِّيت بذلك؛ قال الراعي:
مِنْ ذِي المُرارِ الذي تُلْقِي حوالِبُه
بَطْنَ الكِلابِ سَنِيحاً، حَيثُ يَنْدَفِقُ
الفراء: في الطعام زُؤانٌ ومُرَيْراءُ ورُعَيْداءُ، وكله ما يُرْمَى به
ويُخْرَجُ منه.
والمُرُّ: دَواءٌ، والجمع أَمْرارٌ؛ قال الأَعشى يصف حمار وحش:
رَعَى الرَّوْضَ والوَسْمِيَّ، حتى كأَنما
يَرَى بِيَبِيسِ الدَّوِّ أَمْرارَ عَلْقَمِ
يصف أَنه رعى نبات الوسْمِيِّ لطِيبه وحَلاوتِه؛ يقول: صار اليبيس عنده
لكراهته إِياه بعد فِقْدانِه الرطْبَ وحين عطش بمنزلة العلقم. وفي قصة
مولد المسيح، على نبينا وعليه الصلاة والسلام: خرج قوم معهم المُرُّ، قالوا
نَجْبُرُ به الكَسِيرَ والجُرْحَ؛ المُرُّ: دواء كالصَّبرِ، سمي به
لمرارته. وفلان ما يُمِرُّ وما يُحْلِي أَي ما يضر ولا ينفع. ويقال: شتمني
فلان فما أَمْرَرْتُ وما أَحْلَيْتُ أَي ما قلت مُرة ولا حُلوة. وقولهم: ما
أَمَرَّ فلان وما أَحْلى؛ أَي ما قال مُرًّا ولا حُلواً؛ وفي حديث
الاسْتِسْقاءِ:
وأَلْقَى بِكَفَّيْهِ الفَتِيُّ اسْتِكانَةً
من الجُوعِ ضَعْفاً، ما يُمِرُّ وما يُحْلي
أَي ما ينطق بخير ولا شر من الجوع والضعف، وقال ابن الأَعرابي: ما
أُمِرُّ وما أُحْلِي أَي ما آتي بكلمة ولا فَعْلَةٍ مُرَّة ولا حُلوة، فإِن
أَردت أَن تكون مَرَّة مُرًّا ومَرَّة حُلواً قلت: أَمَرُّ وأَحْلو
وأَمُرُّ وأَحْلو. وعَيْشٌ مُرٌّ، على المثل، كما قالوا حُلْو. ولقيت منه
الأَمَرَّينِ والبُرَحَينِ والأَقْوَرَينِ أَي الشرَّ والأَمْرَ العظيم. وقال
ابن الأَعرابي: لقيت منه الأَمَرَّينِ، على التثنية، ولقيت منه
المُرَّيَيْنِ كأَنها تثنية الحالة المُرَّى. قال أَبو منصور: جاءت هذه الحروف على
لفظ الجماعة، بالنون، عن العرب، وهي الدواهي، كما قالوا مرقه مرقين
(*
قوله« مرقه مرقين» كذا بالأصل.) وأَما قول النبي، صلى الله عليه وسلم: ماذا
في الأَمَرَّينِ من الشِّفاء، فإِنه مثنى وهما الثُّفَّاءُ والصَّبِرُ،
والمَرارَةُ في الصَّبِرِ دون الثُّفَّاءِ، فغَلَّبَه عليه، والصَّبِرُ
هو الدواء المعروف، والثُّفَّاءُ هو الخَرْدَلُ؛ قال: وإِنما قال
الأَمَرَّينِ، والمُرُّ أَحَدُهما، لأَنه جعل الحُروفةَ والحِدَّةَ التي في
الخردل بمنزلة المرارة وقد يغلبون أَحد القرينين على الآخر فيذكرونهما بلفظ
واحد، وتأْنيث الأَمَرِّ المُرَّى وتثنيتها المُرَّيانِ؛ ومنه حديث ابن
مسعود، رضي الله عنه، في الوصية: هما المُرَّيان: الإِمْساكُ في الحياةِ
والتَّبْذِيرُ عنْدَ المَمات؛ قال أَبو عبيد: معناه هما الخصلتان المرتان،
نسبهما إِلى المرارة لما فيهما من مرارة المأْثم. وقال ابن الأَثير:
المُرَّيان تثنية مُرَّى مثل صُغْرى وكبرى وصُغْرَيان وكُبْرَيانِ، فهي فعلى من
المرارة تأْنيث الأَمَرِّ كالجُلَّى والأَجلِّ، أَي الخصلتان المفضلتان
في المرارة على سائر الخصال المُرَّة أَن يكون الرجل شحيحاً بماله ما دام
حيّاً صحيحاً، وأَن يُبَذِّرَه فيما لا يُجْدِي عليه من الوصايا المبنية
على هوى النفس عند مُشارفة الموت.
والمرارة: هَنَةٌ لازقة بالكَبد وهي التي تُمْرِئُ الطعام تكون لكل ذي
رُوحٍ إِلاَّ النَّعامَ والإِبل فإِنها لا مَرارة لها.
والمارُورَةُ والمُرَيرَاءُ: حب أَسود يكون في الطعام يُمَرُّ منه وهو
كالدَّنْقَةِ، وقيل: هو ما يُخرج منه فيُرْمى به. وقد أَمَرَّ: صار فيه
المُرَيْراء. ويقال: قد أَمَرَّ هذا الطعام في فمي أَي صار فيه مُرّاً،
وكذلك كل شيء يصير مُرّاً، والمَرارَة الاسم. وقال بعضهم: مَرَّ الطعام
يَمُرّ مَرارة، وبعضهم: يَمَرُّ، ولقد مَرَرْتَ يا طَعامُ وأَنت تَمُرُّ؛ ومن
قال تَمَرُّ قال مَرِرْتَ يا طعام وأَنت تَمَرُّ؛ قال الطرمَّاح:
لَئِنْ مَرَّ في كِرْمانَ لَيْلي، لرُبَّما
حَلا بَيْنَ شَطَّي بابِلٍ فالمُضَيَّحِ
والمَرارَةُ: التي فيها المِرَّةُ، والمِرَّة: إِحدى الطبائع الأَربع؛
ابن سيده: والمِرَّةُ مِزاجٌ من أَمْزِجَةِ البدن. قال اللحياني: وقد
مُررْتُ به على صيغة فعل المفعول أُمَرُّ مَرًّا ومَرَّة. وقال مَرَّة:
المَرُّ المصدر، والمَرَّة الاسم كما تقول حُمِمْتُ حُمَّى، والحمى الاسم.
والمَمْرُور: الذي غلبت عليه المِرَّةُ، والمِرَّةُ القوّة وشده العقل
أَيضاً. ورجل مرير أَي قَوِيُّ ذو مِرة. وفي الحديث: لا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ
لغَنِيٍّ ولا لِذي مِرَّةَ سَوِيٍّ؛ المِرَّةُ: القُوَّةُ والشِّدّةُ،
والسَّوِيُّ: الصَّحيحُ الأَعْضاءِ. والمَرِيرُ والمَرِيرَةُ: العزيمةُ؛ قال
الشاعر:
ولا أَنْثَني مِنْ طِيرَةٍ عَنْ مَرِيرَةٍ،
إِذا الأَخْطَبُ الدَّاعي على الدَّوحِ صَرْصَرا
والمِرَّةُ: قُوّةُ الخَلْقِ وشِدّتُهُ، والجمع مِرَرٌ، وأَمْرارٌ جمع
الجمع؛ قال:
قَطَعْتُ، إِلى مَعْرُوفِها مُنْكراتِها،
بأَمْرارِ فَتْلاءِ الذِّراعَين شَوْدَحِ
ومِرَّةُ الحَبْلِ: طاقَتُهُ، وهي المَرِيرَةُ، وقيل: المَرِيرَةُ الحبل
الشديد الفتل، وقيل: هو حبل طويل دقيق؛ وقد أمْرَرْتَه. والمُمَرُّ:
الحبل الذي أُجِيدَ فتله، ويقال المِرارُ والمَرُّ. وكل مفتول مُمَرّ، وكل
قوّة من قوى الحبل مِرَّةٌ، وجمعها مِرَرٌ. وفي الحديث: أَن رجلاً أَصابه
في سيره المِرَارُ أَي الحبل؛ قال ابن الأَثير: هكذا فسر، وإِنما الحبل
المَرُّ، ولعله جمعه. وفي حديث عليّ في ذكر الحياةِ: إِنّ الله جعل الموت
قاطعاً لمَرائِر أَقرانها؛ المَرائِرُ: الحبال المفتولة على أَكثَر من طاق،
واحدها مَريرٌ ومَرِيرَةٌ. وفي حديث ابن الزبير: ثم اسْتَمَرَّتْ
مَريرَتي؛ يقال: استمرت مَرِيرَتُه على كذا إِذا استحكم أَمْرُه عليه وقويت
شَكِيمَتُه فيه وأَلِفَه واعْتادَه، وأَصله من فتل الحبل. وفي حديث معاوية:
سُحِلَتْ مَريرَتُه أَي جُعل حبله المُبْرَمُ سَحِيلاً، يعني رخواً
ضعيفاً. والمَرُّ، بفتح الميم: الحبْل؛ قال:
زَوْجُكِ ا ذاتَ الثَّنايا الغُرِّ،
والرَّبَلاتِ والجَبِينِ الحُرِّ،
أَعْيا فَنُطْناه مَناطَ الجَرِّ،
ثم شَدَدْنا فَوْقَه بِمَرِّ،
بَيْنَ خَشاشَيْ بازِلٍ جِوَرِّ
الرَّبَلاتُ: جمع رَبَلَة وهي باطن الفخذ. والحَرُّ ههنا: الزَّبيلُ.
وأَمْرَرْتُ الحبلَ أُمِرُّه، فهو مُمَرٌّ، إِذا شَدَدْتَ فَتْلَه؛ ومنه
قوله عز وجل: سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ؛ أَي مُحْكَمٌ قَوِيٌّ، وقيل مُسْتَمِرٌّ
أَي مُرٌّ، وقيل: معناه سَيَذْهَبُ ويَبْطُلُ؛ قال أَبو منصور: جعله من
مَرَّ يَمُرُّ إِذا ذهَب. وقال الزجاج في قوله تعالى: في يوم نَحْسٍ
مُسْتَمِرٍّ، أَي دائمٍ، وقيل أَي ذائمِ الشُّؤْمِ، وقيل: هو القويُّ في
نحوسته، وقيل: مستمر أَي مُر، وقيل: مستمر نافِذٌ ماضٍ فيما أُمِرَ به وسُخّر
له. ويقال: مَرَّ الشيءُ واسْتَمَرَّ وأَمَرَّ من المَرارَةِ. وقوله
تعالى: والساعة أَدْهَى وأَمَرُّ؛ أَي أَشد مَرارة؛ وقال الأَصمعي في قول
الأَخطل:
إِذا المِئُونَ أُمِرَّتْ فَوقَه حَمَلا
وصف رجلاً يَتَحَمَّلُ الحِمَالاتِ والدِّياتِ فيقول: إِذا اسْتُوثِقَ
منه بأَن يحمِل المِئينَ من الإِبل ديات فأُمِرَّتْ فوق ظهره أَي شُدَّتْ
بالمِرارِ وهو الحبل، كما يُشَدُّ على ظهر البعير حِمْلُه، حَمَلَها
وأَدّاها؛ ومعنى قوله حَمَلا أَي ضَمِنَ أَداءَ ما حَمَل وكفل. الجوهري:
والمَرِيرُ من الحبال ما لَطُفَ وطال واشتد فَتْلُه، والجمع المَرائِرُ؛ ومنه
قولهم: ما زال فلان يُمِرُّ فلاناً ويُمارُّه أَي يعالجه ويَتَلَوَّى
عليه لِيَصْرَعَه. ابن سيده: وهو يُمارُّه أَي يَتَلَوَّى عليه؛ وقول أَبي
ذؤيب:
وذلِكَ مَشْبُحُ الذِّراعَيْنِ خَلْجَمٌ
خَشُوفٌ، إِذا ما الحَرْبُ طالَ مِرارُها
فسره الأَصمعي فقال: مِرارُها مُداوَرَتُها ومُعالجتُها. وسأَل أَبو
الأَسود
(* قوله« وسأل أبو الاسود إلخ» كذا بالأصل.) الدؤلي غلاماً عن أَبيه
فقال: ما فَعَلَتِ امْرأَةُ أَبيك؟ قال: كانت تُسارُّه وتُجارُّه
وتُزارُّه وتُهارُّه وتُمارُّه، أَي تَلتَوي عليه وتخالِفُه، وهو من فتل الحبل.
وهو يُمارُّ البعيرَ أَي يريده ليصرعه. قال أَبو الهيثم: مارَرْت الرجلَ
مُمارَّةً ومِراراً إِذا عالجته لتصرعه وأراد ذلك منك أَيضاً. قال:
والمُمَرُّ الذي يُدْعى لِلبَكْرَةِ الصَّعْبَةِ لِيَمُرَّها قَبْلَ
الرائِضِ. قال: والمُمَرُّ الذي يَتَعَقَّلُ
(* قوله« يتعقل» في القاموس: يتغفل.)
البَكْرَةَ الصعْبَةَ فيَسْتَمْكِنُ من ذَنَبِها ثم يُوَتِّدُ
قَدَمَيْهِ في الأَرض كي لا تَجُرَّه إِذا أَرادتِ الإِفلاتَ، وأَمَرَّها بذنبها
أَي صرفها شِقًّا لشِقٍّ حتى يذللها بذلك فإِذا ذلت بالإِمرار أَرسلها
إِلى الرائض.
وفلان أَمَرُّ عَقْداً من فلان أَي أَحكم أَمراً منه وأَوفى ذمةً.
وإِنه لذو مِرَّة أَي عقل وأَصالة وإِحْكامٍ، وهو على المثل.
والمِرَّةُ: القوّة، وجمعها المِرَرُ. قال الله عز وجل: ذو مِرَّةٍ فاسْتَوَى، وقيل
في قوله ذو مِرَّةٍ: هو جبريل خلقه الله تعالى قويّاً ذا مِرَّة شديدة؛ وقال
الفراء: ذو مرة من نعت قوله تعالى: علَّمه شدِيدُ القُوى ذو مِرَّة؛ قال
ابن السكيت: المِرَّة القوّة، قال: وأَصل المِرَّةِ إِحْكامُ الفَتْلِ.
يقال: أَمَرَّ الحبلَ إِمْراراً. ويقال: اسْتَمَرَّت مَريرَةُ الرجل إِذا
قويت شَكِيمَتُه.
والمَريرَةُ: عِزَّةُ النفس. والمَرِيرُ، بغير هاء: الأَرض التي لا شيء
فيها، وجمعها مَرائِرُ. وقِرْبة مَمْرورة: مملوءة.
والمَرُّ: المِسْحاةُ، وقيل: مَقْبِضُها، وكذلك هو من المِحراثِ.
والأَمَرُّ: المصارِينُ يجتمع فيها الفَرْثُ، جاء اسماً للجمع كالأَعَمِّ الذي
هو الجماعة؛ قال:
ولا تُهْدِي الأَمَرَّ وما يَلِيهِ،
ولا تُهْدِنّ مَعْرُوقَ العِظامِ
قال ابن بري: صواب إِنشاد هذا البيت ولا، بالواو، تُهْدِي، بالياء،
لأَنه يخاطب امرأَته بدليل قوله ولا تهدنّ، ولو كان لمذكر لقال: ولا
تُهْدِيَنَّ، وأَورده الجوهري فلا تهد بالفاء؛ وقبل البيت:
إِذا ما كُنْتِ مُهْدِيَةً، فَأَهْدِي
من المَأْناتِ، أَو فِدَرِ السَّنامِ
يأْمُرُها بمكارِم الأَخلاقِ أَي لا تْهدي من الجَزُورِ إِلا أَطايِبَه.
والعَرْقُ: العظم الذي عليه اللحم فإِذا أُكِلَ لحمه قيل له مَعْرُوقٌ.
والمَأْنَةُ: الطَّفْطَفَةُ. وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم،
كره من الشَّاءِ سَبْعاً: الدَّمَ والمَرارَ والحَياءَ والغُدّةَ
والذَّكَرَ والأُنْثَيَيْنِ والمَثانَةَ؛ قال القتيبي: أَراد المحدث أَن يقول
الأَمَرَّ فقال المَرارَ، والأَمَرُّ المصارِينُ. قال ابن الأَثير:
المَرارُ جمع المَرارَةِ، وهي التي في جوف الشاة وغيرها يكون فيها ماء أَخضر
مُرٌّ، قيل: هي لكل حيوان إِلاَّ الجمل. قال: وقول القتيبي ليس بشيء. وفي
حديث ابن عمر: أَنه جرح إِصبعه فأَلْقَمَها مَرارَةً وكان يتوضأُ عليها.
ومَرْمَرَ إِذا غَضِبَ، ورَمْرَمَ إِذا أَصلح شأْنَه. ابن السكيت:
المَرِيرَةُ من الحبال ما لَطُف وطال واشتد فتله، وهي المَرائِرُ. واسْتَمَرَّ
مَرِيرُه إِذا قَوِيَ بعد ضَعْفٍ.
وفي حديث شريح: ادّعى رجل دَيْناً على ميِّت فأَراد بنوه أَن يحلفوا على
عِلْمِهِم فقال شريح: لَتَرْكَبُنَّ منه مَرَارَةَ الذَّقَنِ أَي
لَتَحْلِفُنَّ ما له شيء، لا على العلم، فيركبون من ذلك ما يَمَرُّ في
أَفْواهِهم وأَلسِنَتِهِم التي بين أَذقانهم.
ومَرَّانُ شَنُوءَةَ: موضع باليمن؛ عن ابن الأَعرابي. ومَرَّانُ ومَرُّ
الظَّهْرانِ وبَطْنُ مَرٍّ: مواضعُ بالحجاز؛ قال أَبو ذؤَيب:
أَصْبَحَ مِنْ أُمِّ عَمْرٍو بَطْنُ مَرَّ فأَكْـ
ـنافُ الرَّجِيعِ، فَذُو سِدْرٍ فأَمْلاحُ
وَحْشاً سِوَى أَنّ فُرَّاطَ السِّباعِ بها،
كَأَنها مِنْ تَبَغِّي النَّاسِ أَطْلاحُ
ويروى: بطن مَرٍّ، فَوَزْنُ« رِنْ فَأَكْ» على هذا فاعِلُنْ. وقوله
رَفَأَكْ، فعلن،وهو فرع مستعمل، والأَوّل أَصل مَرْفُوض. وبَطْنُ مَرٍّ:
موضع، وهو من مكة، شرفها الله تعالى، على مرحلة. وتَمَرْمَرَ الرجلُ
(* قوله«
وتمرمر الرجل إلخ» في القاموس وتمرمر الرمل): مارَ.
والمَرْمَرُ: الرُّخامُ؛ وفي الحديث: كأَنَّ هُناكَ مَرْمَرَةً؛ هي
واحدةُ المَرْمَرِ، وهو نوع من الرخام صُلْبٌ؛ وقال الأَعشى:
كَدُمْيَةٍ صُوِّرَ مِحْرابُها
بِمُذْهَبٍ ذي مَرْمَرٍ مائِرِ
وقال الراجز:
مَرْمارَةٌ مِثْلُ النَّقا المَرْمُورِ
والمَرْمَرُ: ضَرْبٌ من تقطيع ثياب النساء. وامرأَة مَرْمُورَةٌ
ومَرْمارَةٌ: ترتَجُّ عند القيام. قال أَبو منصور: معنى تَرْتَجُّ وتَمَرْمَرُ
واحد أَي تَرْعُدُ من رُطوبتها، وقيل: المَرْمارَةُ الجارية الناعمة
الرَّجْراجَةُ، وكذلك المَرْمُورَةُ. والتَّمَرْمُرُ: الاهتزازُ. وجِسْمٌ
مَرْمارٌ ومَرْمُورٌ ومُرَامِرٌ: ناعمٌ. ومَرْمارٌ: من أَسماء الداهية؛
قال:قَدْ عَلِمَتْ سَلْمَةُ بالغَمِيسِ،
لَيْلَةَ مَرْمارٍ ومَرْمَرِيسِ
والمرْمارُ: الرُّمانُ الكثير الماء الذي لا شحم له. ومَرَّارٌ ومُرَّةُ
ومَرَّانُ: أَسماء. وأَبو مُرَّةَ: كنية إِبليس. ومُرَيْرَةٌ
والمُرَيْرَةُ: موضع؛ قال:
كأَدْماءَ هَزَّتْ جِيدَها في أَرَاكَةٍ،
تَعاطَى كَبَاثاً مِنْ مُرَيْرَةَ أَسْوَدَا
وقال:
وتَشْرَبُ أَسْآرَ الحِياضِ تَسُوفُه،
ولو وَرَدَتْ ماءَ المُرَيْرَةِ آجِما
أَراد آجنا، فأَبدل. وبَطْنُ مَرٍّ: موضعٌ. والأَمْرَارُ: مياه معروفة
في ديار بني فَزَارَةَ؛ وأَما قول النابغة يخاطب عمرو بن هند:
مَنْ مُبْلِغٌ عَمْرَو بنَ هِنْدٍ آيةً؟
ومِنَ النَّصِيحَةِ كَثْرَةُ الإِنْذَارِ
لا أَعْرِفَنَّك عارِضاً لِرِماحِنا،
في جُفِّ تَغْلِبَ وارِدِي الأَمْرَارِ
فهي مياه بالبادِيَة مرة. قال ابن بري: ورواه أَبو عبيدة: في جف ثعلب،
يعني ثعلبة بن سعد بن ذبيان، وجعلهم جفّاً لكثرتهم. يقال للحي الكثير
العدد: جف، مثل بكر وتغلب وتميم وأَسد، ولا يقال لمن دون ذلك جف. وأَصل الجف:
وعاء الطلع فاستعاره للكثرة، لكثرة ما حوى الجف من حب الطلع؛ ومن رواه:
في جف تغلب، أَراد أَخوال عمرو بن هند، وكانت له كتيبتان من بكر وتغلب
يقال لإِحداهما دَوْسَرٌ والأُخرى الشَّهْباء؛ قوله: عارضاً لرماحنا أَي لا
تُمَكِّنها من عُرْضِكَ؛ يقال: أَعرض لي فلان أَي أَمكنني من عُرْضِه
حتى رأَيته. والأَمْرارُ: مياهٌ مَرَّةٌ معروفة منها عُِراعِرٌ وكُنَيْبٌ
والعُرَيْمَةُ. والمُرِّيُّ: الذي يُؤْتَدَمُ به كأَنَّه منسوب إِلى
المَرارَةِ، والعامة تخففه؛ قال: وأَنشد أَبو الغوث:
وأُمُّ مَثْوَايَ لُباخِيَّةٌ،
وعِنْدَها المُرِّيُّ والكامَخُ
وفي حديث أَبي الدرداء ذكر المُرِّيِّ، هو من ذلك. وهذه الكلمة في
التهذيب في الناقص: ومُرامِرٌ اسم رجل. قال شَرْقيُّ بن القُطَامي: إِن أَوّل
من وضع خطنا هذا رجال من طيء منهم مُرامِرُ بن مُرَّةَ؛ قال الشاعر:
تَعَلَّمْتُ باجاداً وآلَ مُرامِرٍ،
وسَوَّدْتُ أَثْوابي، ولستُ بكاتب
قال: وإِنما قال وآل مرامر لأَنه كان قد سمى كل واحد من أَولاده بكلمة
من أَبجد وهي ثمانية. قال ابن بري: الذي ذكره ابن النحاس وغيره عن
المدايني أَنه مُرامِرُ بن مَرْوَةَ، قال المدايني: بلغنا أَن أَوَّل من كتب
بالعربية مُرامِرُ بن مروة من أَهل الأَنبار، ويقال من أَهل الحِيرَة، قال:
وقال سمرة بن جندب: نظرت في كتاب العربية فإِذا هو قد مَرَّ بالأَنبار
قبل أَن يَمُرَّ بالحِيرَةِ. ويقال إِنه سئل المهاجرون: من أَين تعلمتم
الخط؟ فقالوا: من الحيرة؛ وسئل أَهل الحيرة: من أَين تعلمتم الخط؟ فقالوا:
من الأَنْبار.
والمُرّانُ: شجر الرماح، يذكر في باب النون لأَنه فُعَّالٌ.
ومُرٌّ: أَبو تميم، وهو مُرُّ بنُ أُدِّ بن طابِخَةَ بنِ إِلْياسَ بنِ
مُضَرَ. ومُرَّةُ: أَبو قبيلة من قريش، وهو مُرّة بن كعب بن لُؤَيِّ بن
غالبِ بن فهر بن مالك بن النضر ومُرَّةُ: أَبو قبيلة من قَيْسِ عَيْلانَ،
وهو مُرَّةُ بن عَوْف بن سعد بن قيس عيلانَ. مُرَامِراتٌ: حروف وها
(*
قوله« حروف وها» كذا بالأصل.) قديم لم يبق مع الناس منه شيء، قال أَبو
منصور: وسمعت أَعرابيّاً يقول لَهِمٌ وَذَلٌ وذَلٌ، يُمَرْمِرُ مِرْزةً
ويَلُوكُها؛ يُمَرْمِرُ أَصلُه يُمَرِّرُ أَي يَدْحُوها على وجه الأَرض. ويقال:
رَعَى بَنُو فُلانٍ المُرَّتَيْنِ
(* في القاموس: المريان بالياء
التحتية بعد الراء بدل التاء المثناة) وهما الأَلاءُ والشِّيحُ. وفي الحديث ذكر
ثنية المُرارِ المشهور فيها ضم الميم، وبعضهم يكسرها، وهي عند الحديبية؛
وفيه ذكر بطن مَرٍّ ومَرِّ الظهران، وهما بفتح الميم وتشديد الراء، موضع
بقرب مكة.
الجوهري: وقوله لتَجِدَنَّ فُلاناً أَلْوى بَعيدَ المُسْتَمَرِّ، بفتح
الميم الثانية، أَي أَنه قَوِيٌّ في الخُصُومَةِ لا يَسْأَمُ المِراسَ؛
وأَنشد أَبو عبيد:
إِذا تَخازَرْتُ، وما بي من خَزَرْ،
ثم كَسَرْتُ العَيْنَ مِنْ غَيْرِ عَوَرْ
وجَدْتَني أَلْوَى بَعِيدَ المُسْتَمَرّْ،
أَحْمِلُ ما حُمِّلْتُ مِنْ خَيْرٍ وشَرّْ
قال ابن بري: هذا الرجز يروى لعمرو بن العاص، قال: وهو المشهور؛ ويقال:
إِنه لأَرْطاةَ بن سُهَيَّةَ تمثل به عمرو، رضي الله عنه.
رهن: الرَّهْنُ: معروف. قال ابن سيده: الرَّهْنُ ما وضع عند الإنسان مما
ينوب مناب ما أُخذ منه. يقال: رَهَنْتُ فلاناً داراً رَهْناً وارْتَهنه
إذا أَخذه رَهْناً، والجمع رُهون ورِهان ورُهُنٌ، بضم الهاء؛ قال: وليس
رُهُن جمعَ رِهان لأَن رِهاناً جمع، وليس كل جمع يجمع إلا أَن ينص عليه
بعد أَن لا يحتمل غيرذلك كأَكْلُب وأَكالِب وأَيْدٍ وأَيادٍ وأَسْقِية
وأَساقٍ، وحكى ابن جني في جمعه رَهين كعَبْدٍ وعَبيدٍ، قال الأَخفش في جمعه
على رُهُنٍ قال: وهي قبيحة لأَنه لا يجمع فَعْل على فُعُل إلا قليلاً
شاذّاً، قال: وذكر أَنهم يقولون سَقْفٌ وسُقُفٌ، قال: وقد يكون رُهُنٌ جمعاً
للرهان كأَنه يجمع رَهْن على رِهان، ثم يجمع رِهان على رُهُن مثل فِراشٍ
وفُرُش. والرَّهينة: واحدة الرَّهائن. وفي الحديث: كل غلام رَهينة
بعقيقته؛ الرَّهينة: الرَّهْنُ، والهاء للمبالغة كالشَّتيمة والشَّتْم، ثم
استعملا في معنى المَرْهون فقيل: هو رَهْن بكذا ورَهِينة بكذا، ومعنى قوله
رهينة بعقيقته أَن العقيقة لازمة له لا بد منها، فشبهه في لزومها له وعدم
انفكاكه منها بالرَّهْن في يد المُرْتَهِن. قال الخطابي: تكلم الناس في
هذا وأَجود ما قيل فيه ما ذهب إليه أَحمد بن حنبل، قال: هذا في الشفاعة،
يريد أَنه إذا لم يُعَقَّ عنه فمات طفلاً
لم يَشْفَعْ في والديه، وقيل: معناه أَنه مرهون بأَذى شَعْره، واستدلوا
بقوله: فأَمِيطُوا عنه الأَذى، وهو ما عَلِقَ به من دم الرحم. ورَهَنَه
الشيءَ يَرْهَنَه رَهْناً ورَهَنَه عنده، كلاهما: جعله عنده رَهْناً. قال
الأَصمعي: ولا يقال أَرْهَنتُه. ورَهَنَه عنه: جعله رَهْناً بدلاً منه؛
قال:
ارْهَنْ بنيك عنهمُ أَرْهَنْ بَني
أَراد أَرْهَن أَنا بني كما فعلت أَنت، وزعم ابن جني أَن هذا الشعر
جاهليّ. وأَرْهَنته الشيء: لغة؛ قال هَمَّام بن مرة، وهو في الصحاح لعبد الله
بن همام السَّلُولي:
فلما خَشِيتُ أَظافيرَهُمْ،
نَجَوْتُ وأَرْهَنْتُهم مالكا
غَريباً مُقِيماً بدار الهَوا
نِ، أَهْونْ علَيَّ به هالِكا
وأَحْضَرتُ عُذْرِي عليه الشُّهُو
دَ، إنْ عاذراً لي، وإن تاركا
وقد شَهِدَ الناسُ، عند الإِما
مِ، أَني عَدُوٌّ لأَعْدَائكا
وأَنكر بعضهم أَرهنته، وروي هذا البيت: وأَرْهَنُهُم مالكا، كما تقول:
قمت وأَصُكُّ عينه؛ قال ثعلب: الرُّواة كلهم على أَرْهَنْتُهم، على أَنه
يجوز رَهَنْتُه وأَرْهَنْته، إلاَّ الأَصمعي فإنه رواه وأَرْهَنُهم مالكا
على أَنه عطف بفعل مستقبل على فعل ماض، وشبهه بقولهم قمتُ وأَصُكُّ
وجهَه، وهو مذهب حسن لأَن الواو واو حال، فيجعل أَصُك حالاً للفعل الأَول على
معنى قمت صاكّاً وجهه أَي تركته مقيماً عندهم، ليس من طرق الرَّهْنِ،
لأَنه لا يقال أَرْهَنْتُ الشيء، وإنما يقال رَهَنْتُه، قال: ومن روى
وأَرهنتهم مالكاً فقد أَخطأَ؛ قال ابن بري: وشاهد رَهَنْته الشيءَ بيت أُحَيْحة
بن الجُلاح:
يُراهِنُني فيَرْهَنُني بنيه،
وأَرْهَنُه بَنِيَّ بما أَقُولُ.
ومثله للأَعشى:
آلَيْتُ لا أُعطيه من أَبنائنا
رُهُناً فيُفْسِدُهم كمن قد أَفْسَدا
حتى يُفِيدَك من بنيه رَهِينةً
نَعْشٌ، ويَرْهَنك السِّماك الفَرْقدا.
وفي هذا البيت شاهد على جمع رَهْنٍ على رُهُنٍ. وأَرْهَنْتُه الثوبَ:
دفعته إليه ليَرْهَنه. قال ابن الأَعرابي: رَهَنْتُه لساني لا غير، وأَما
الثوب فرَهَنْتُه وأَرْهَنْتُه معروفتان. وكل شيء يُحْتَبَس به شيء فهو
رَهِينه ومُرْتَهَنه. وارْتَهَن منه رَهْناً: أَخذه. والرِّهانُ
والمُراهَنة: المُخاطرة، وقد راهَنه وهم يَتَراهنُون، وأَرْهَنُوا بينهم خَطَراً:
بَدَلُوا منه ما يَرْضى به القوم بالغاً ما بلغ، فيكون لهم سَبَقاً.
وراهَنْتُ فلاناً على كذا مُراهنة: خاطرته. التهذيب: وأَرْهَنْتُ ولَدي
إرهاناً أَخطرتهم خَطَراً. وفي التنزيل العزيز: فرِهانٌ مقبوضة؛ قرأَ نافع
وعاصم وأَبو جعفر وشَيْبةُ: فرِهان مقبوضة، وقرأَ أَبو عمرو وابن كثير:
فرُهُنٌ مقبوضة، وكان أَبو عمرو يقول: الرِّهانُ في الخيل؛ قال قَعْنَب:
بانت سُعادُ، وأَمْسَى دُونها عَدَنُ،
وغَلِقَتْ عندَها من قَبْلِكَ الرُّهُنُ. وقال الفراء: من قرأَ فَرُهُن
فهي جمع رِهانٍ مثل ثُمُرٍ جمع ثِمارٍ، والرُّهُنُ في الرَّهْنِ أَكثر،
والرِّهانُ في الخيل أَكثر، وقيل في قوله تعالى: فرِهانٌ مقبوضة؛ قال ابن
عرفة: الرَّهْنُ في كلام العرب هو الشيء الملزم. يقال: هذا راهِنُ لك أَي
دائم محبوس عليك. وقوله تعالى: كلُّ نفْسٍ بما كَسَبَتْ رَهِينَة وكل
امرئٍ بما كَسَبَ رَهِين؛ أَي مُحْتَبَس بعمله، ورَهِينة محبوسة بكسبها.
وقال الفراء: الرَّهْن يجمع رِهاناً مثل نَعْلٍ ونِعال؛ ثم الرِّهانُ يجمع
رُهُناً. وكل شيء ثبت ودام فقد رَهَنَ. والمُراهَنَةُ والرهانُ:
المسابقة على الخيل وغير ذلك. وأَنا لك رَهْنٌ بالرِّيّ وغيره أَي كَفيل؛ قال:
إني ودَلْوَيَّ لها وصاحبِي،
وحَوْضَها الأَفْيَحَ ذا النصائبِ،
رَهْنٌ لها بالرِّيّ غير الكاذِبِ
وأَنشد الأَزهري:
إن كَفِّي لك رَهْنٌ بالرِّضا.
أَي أَنا كفيل لك. ويدي لك رَهْنٌ: يريدون به الكفالة؛ وأَنشد ابن
الأَعرابي:
والمَرْءُ مَرْهُونٌ، فمن لا يُخْتَرَمْ
بعاجِلِ الحَتْفِ، يُعاجَلْ بالهَرَمْ
قال: أَرْهَنَ أَدامَ لهم. أَرْهَنْتُ لهم طعامي وأَرْهَيْته أَي أَدمته
لهم. وأَرْهَى لك الأَمر أَي أَمْكنك، وكذلك أَوْهَب. قال: والمَهْوُ
والرَّهْوُ والرخَفُ واحد، وهو اللِّينُ. وقد رَهَنَ في البيع والقرض، بغير
أَلف، وأَرْهَنَ بالسلْعة وفيها: غالَى بها وبذل فيها ماله حتى أَدركها؛
قال: وهو من الغلاء خاصة: قال:
يَطْوي ابنُ سَلْمَى بها من راكبٍ بُعُداً
عِيديَّةً أُرْهِنَتْ فيه الدَّنانيرُ
(* قوله «من راكب» كذا في الأصل، والذي في المحكم: في راكب، وفي
التهذيب: عن).
ويروى صدر البيت:
ظَلَّتْ تَجُوبُ بها البُلْدانَ ناجيةٌ.
والعِيديّة: إبل منسوبة إلى العيد، والعيدُ: قبيلة من مَهْرة، وإِبلُ
مَهْرة موصوفة بالنجابة؛ وأَورد الأَزهري هذا البيت مستشهداً على قوله
أَرْهَنَ في كذا وكذا يُرْهِنُ إِرْهاناً إذا أَسلف فيه. ويقال: أَرْهَنت في
السلعة بمعنى أَسلفت. والمُرْتَهِنُ: الذي يأْخذ الرَّهْنَ، والشيءِ
مَرْهُونٌ ورهِين، والأُنثى رَهِينة. والراهِنُ: الثابت. وأَرْهَنه للموت:
أَسلمه؛ عن ابن الأَعرابي. وأَرْهَنَ الميتَ قبراً: ضَمَّنه إياه، وإنه
لرَهِينُ قبرٍ وبِلىً، والأُنثى رَهِينة. وكل أَمر يُحْتبس به شيء فهو
رَهِينة ومُرْتَهَنه، كما أَن الإنسان رَهِينُ عمله. ورَهَنَ لك الشيءُ: أَقام
ودام. وطعام راهِنٌ: مقيم؛ قال:
الخُبْزُ واللَّحْمُ لهم راهِنٌ،
وقَهْوَةٌ راوُوقُها ساكِبُ.
وأَرْهَنه لهم ورَهَنه: أَدامه، والأَول أَعلى. التهذيب: أَرْهَنْتُ لهم
الطعام والشرابَ إرهاناً أَي أَدمته. وهو طعام راهِنٌ أَي دائم؛ قاله
أَبو عمرو؛ وأَنشد للأََعشى يصف قوماً يشربون خمراً لا تنقطع:
لا يَسْتَفِيقُونَ منها، وهي راهِنَةٌ،
إلاّ بهاتِ، وإن عَلُّوا وإن نَهِلُوا.
ورَهَنَ الشيءُ رَهْناً: دام وثبت. وراهِنةٌ في البيت: دائمة ثابتة.
وأَرْهَنَ له الشرَّ: أَدامه وأَثبته له حتى كف عنه. وأَرْهَنَ لهم ماله:
أَدامه لهم. وهذا راهنٌ لك أَي مُعَدٌّ. والراهِنُ: المهزول المُعْيي من
الناس والإِبل وجميع الدواب، رَهَنَ يَرْهَنُ رُهُوناً؛ وأَنشد الأُمَوِيّ:
إما تَرَيْ جِسْمِيَ خَلاًّ قد رَهَنْ
هَزْلاً، وما مَجْدُ الرِّجالِ في السِّمَنْ.
ابن شميل: الرَّاهِنُ الأَعْجَفُ من ركوب أَو مرض أَو حَدَث؛ يقال: ركب
حتى رَهَنَ. الأَزهري: رأَيت بخط أَبي بكر الإيادي: جارية أُرْهُونٌ أَي
حائض؛ قال: ولم أَره لغيره. والرَّاهنة من الفرس: السُّرَّة وما حولها.
والرَّاهُونُ: اسم جبل بالهند، وهو الذي هبط عليه آدم، عليه السلام.
ورُهْنانُ: موضع. ورُهَيْنٌ والرَّهِينُ: اسمان؛ قال أَبو ذؤيب:
عَرَفْتُ الدِّيارَ لأُمِّ الرَّهِيـ
ـنِ بَيْنَ الظُّباءِ فَوادِي عُشَرْ.
رمل: الرَّمْل: نوع معروف من التراب، وجمعه الرِّمال، والقطعة منها
رَمْلة؛ ابن سيده: واحدته رَمْلة، وبه سميت المرأَة، وهي الرِّمال
والأَرْمُلُ؛ قال العجاج:
يَقْطَعْنَ عَرض الأَرض بالتمحُّل،
جَوْزَ الفَلا، من أَرْمُل وأَرْمُل
ورَمَّل الطعامَ: جعل فيه الرَّمْل. وفي حديث الحُمُر الأَهلية: أَمر
أَن تُكْفأ القُدور وأَن يُرَمَّل اللحم بالتراب أَي يُلَتّ بالتراب لئلا
ينتفع به. ورَمَّل الثوب ونحوه: لَطَّخه بالدم، ويقال: أَرْمَلَ السهم
إِرْمالاً إِذا أَصابه الدم فبقي أَثره؛ وقال أَبو النجم يصف سهاماً:
مُحْمَرَّة الرِّيش على ارْتِمالها،
من عَلَقٍ أَقْبَل في شِكالها
(* قوله «شكالها» هكذا في الأصل وشرح القاموس، والذي في التكملة: سعالها
بالمهملتين مضبوطاً بضم السين).
ويقال: رُمِّل فلان بالدم وضُمِّخ بالدم وضُرِّج بالدم كُلُّه إِذا
لُطِّخَ به، وقد تَرَمَّل بدمه. الجوهري: رَمَّله بالدم فتَرَمَّل وارْتَمَلَ
أَي تَلَطَّخ؛ قال أَبو أَخزم الطائي:
إِنَّ بَنِيَّ رَمَّلوني بالدَّمِ،
شِنْشِنةٌ أَعْرِفها من أَخْزَمِ
ورَمَلَ النَّسْجَ يَرْمُله رَمْلاً ورَمَّله وأَرمله: رَقَّقه. ورَمَل
السريرَ والحصيرَ يَرْمُله رَمْلاً: زيَّنه بالجوهر ونحوه. أَبو عبيد:
رَمَلْت الحصيرَ وأَرملته، فهو مَرْمول ومُرْمَل إِذا نَسَجته وسَقَفْته.
وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان مضطجعاً على رُمال سَرير
قد أَثَّر في جنبه؛ قال الشاعر:
إِذ لا يزال على طريقٍ لاحِب،
وكأَنَّ صَفْحته حَصيرٌ مُرْمَل
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: دخلت على رسول الله، صلى الله عليه وسلم،
وإِذا هو جالس على رُمال سرير، وفي رواية: حَصِير؛ الرُّمالُ: ما رُمِل
أَي نُسِج؛ قال الزمخشري: ونظيره الحُطام والرُّكام لما حُطِم ورُكِم، وقال
غيره: الرِّمال جمع رَمْل بمعنى مَرْمُول كَخَلْق الله بمعنى مخلوقه،
والمراد أَنه كان السرير قد نُسِج وجهه بالسَّعَف ولم يكن على السرير وِطاء
سوى الحَصِير. والرَّوامِل: نواسِج الحَصِير، الواحدة راملة، وقد
أَرمَله؛ وأَنشد أَبو عبيد:
كأَنَّ نَسْج العنكبوت المُرْمَلُ
وقد رَمَل سريره وأَرْمَله إِذا رَمَل شَرِيطاً أَو غيره فجعله ظَهْراً
له. ويقال: خَبِيصٌ مُرْمَل إِذا عُصِد عَصْداً شديداً حتى صارت فيه
طرائق موضونة. وطعام مُرَمَّل إِذا أُلقي فيه الرَّمْل. والرَّمَل، بالتحريك:
الهَرْولة. ورَمَل يَرْمُل رَمَلاً: وهو دون المشي
(* قوله «وهو دون
المشي إلخ» هكذا في الأصل وشرح القاموس: ولعله فوق المشي ودون العدو) وفوق
العَدْو. ويقال: رَمَل الرَّجلُ يَرْمُل رَمَلاناً ورَمَلاً إِذا أَسرع في
مِشيته وهزَّ منكبيه، وهو في ذلك لا يَنْزُو، والطائف بالبيت يَرْمُل
رَمَلاناً اقتداءً بالنبي، صلى الله عليه وسلم، وبأَصحابه، وذلك بأَنهم
رَمَلوا ليَعْلم أَهلُ مكة أَن بهم قُوَّة؛ وأَنشد المبرد:
ناقته تَرْمُل في النِّقال،
مُتْلِف مالٍ ومُفيد مال
والنِّقال: المُناقَلة، وهو أَن تضع رجليها مواضع يديها؛ ورَمَلْت بين
الصَّفا والمَرْوة رَمَلاً ورَمَلاناً. وفي حديث الطواف: رَمَل ثلاثاً
ومَشَى أَربعاً. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: فِيمَ الرَّمَلانُ والكَشْفُ
عن المَناكب وقد أَطَّأَ اللهُ الإِسلام؟ قال ابن الأَثير: يكثر مجيء
المصدر على هذا الوزن في أَنواع الحركة كالنَّزَوان والنَّسَلان والرَّسَفان
وأَشباه ذلك؛ وحكى الحربيُّ فيه قولاً غريباً قال: إِنه تثنية الرَّمَل
وليس مصدراً، وهو أَن يَهُزَّ منكبيه ولا يُسْرع، والسعي أَن يُسرع في
المشي، وأَراد بالرَّمَلين الرَّمَل والسعي، قال: وجاز أَن يقال للرَّمَل
والسعي الرَّمَلانِ، لأَنه لما خَفَّ اسم الرَّمَل وثَقُل اسم السعي غُلِّب
الأَخف فقيل الرَّمَلانِ، كما قالوا القَمَرانِ والعُمَرانِ، قال: وهذا
القول من ذلك الإِمام كما تراه، فإِن الحال التي شُرِع فيها رَمَلُ
الطواف، وقول عُمَر فيه ما قال يشهد بخلافه لأَن رَمَل الطواف هو الذي أَمر به
النبي، صلى الله عليه وسلم، أَصحابه في عُمْرة القضاء ليُري المشركين
قوّتهم حيث قالوا: وهَنَتْهم حُمَّى يَثْرِب وهو مسنون في بعض الأَطواف دون
البعض، وأَما السعي بين الصفا والمروة فهو شِعار قديم من عهد هاجَر
أُمِّ إِسمعيل، عليهما السلام، فإِذاً المراد بقول عمر، رضي الله عنه،
رَمَلانُ الطوافِ وحده الذي سُنَّ لأَجل الكفار، وهو مصدر، قال: وكذلك شَرَحه
أَهل العلم لا خلاف بينهم فيه فليس للتثنية وجه. والرَّمَل: ضرب من عروض
يجيء على فاعلاتن فاعلاتن؛ قال:
لا يُغْلَب النازعُ ما دام الرَّمَل،
ومن أَكَبَّ صامتاً فقد حَمَل
(* هذا البيت من الرجز لا من الرمل).
ابن سيده: الرَّمَل من الشِّعْر كل شعر مهزول غير مؤتَلِف البناء، وهو
مما تُسَمِّي العرب من غير أَن يَحُدُّوا في ذلك شيئاً نحو قوله:
أَقْفَرَ من أَهله مَلْحوبُ،
فالقُطَبِيَّاتُ فالذَّنُوبُ
(* قوله «فالقطبيات» هكذا في الأصل بتخفيف الطاء ومثله في القاموس،
وضبطه ياقوت بتشديدها).
ونحو قوله:
أَلا لله قَوْمٌ وَ
لَدَتْ أُختُ بني سَهْم
أَراد ولدتهم، قال: وعامة المَجْزوء يَجْعَلونه رَمَلاً؛ كذا سمع من
العرب؛ قال ابن جني: قوله وهو مما تسمي العرب، مع أَن كل لفظة ولقب استعمله
العَروضيُّون فهو من كلام العرب، تأْويله إِنما استعملته في الموضع الذي
استعمله فيه العَروضيُّون، وليس منقولاً عن موضعه لا نقل العَلَم ولا نقل
التشبيه على ما تقدم من قولك في ذينك، أَلا ترى أَن العَروض والمِصْراع
والقَبْض والعَقْل وغير ذلك من الأَسماء التي استعملها أَصحاب هذه
الصناعة قد تعلقت العربْ بها؟ ولكن ليس في المواضع التي نقلها أَهل هذا العلم
إِليها، إِنما العَروض الخَشَبة التي في وسط البيت المَبْنِيِّ لهم،
والمِصْراع أَحد صِفْقَي الباب فنقل ذلك ونحوه تشبيهاً، وأَما الرَّمَل فإِن
العرب وضعت فيه اللفظة نفسها عبارة عندهم عن الشِّعْر الذي وصفه باضطراب
البناء والنقصان عن الأَصل، فعلى هذا وضعه أَهل هذه الصناعة، لم ينقلوه
نقلاً عَلَمِيًّا ولا نقلاً تشبيهيّاً، قال: وبالجملة فإِن الرَّمَل كل ما
كان غيرَ القَصِيد من الشِّعْر وغَيْرَ الرَّجَز.
وأَرْمَل القومُ: نَفِد زادُهم، وأَرْمَلوه أَنْفدوه؛ قال السُّلَيْك
بن السُّلَكة:
إِذا أَرْمَلوا زاداً، عَقَرْت مَطِيَّةً
تَجُرُّ برجليها السَّرِيحَ المُخَدَّما
وفي حديث أُم مَعْبَد: وكان القوم مُرْمِلينَ مُسْنتين؛ قال أَبو عبيد:
المُرْمِلُ الذي نَفِدَ زاده؛ ومنه حديث أَبي هريرة: كنا مع رسول الله،
صلى الله عليه وسلم، في غَزَاة فأَرْمَلْنا وأَنْفَضْنا؛ ومنه حديث أُم
معبد؛ أَي نَفِد زادهم، قال: وأَصله من الرَّمْل كأَنهم لَصِقوا بالرَّمْلِ
كما قيل للفقير التَّرِبُ.
ورجل أَرْمَل وامرأَة أَرْمَلة: محتاجة، وهم الأَرْمَلة والأَرامِل
والأَرامِلة، كَسَّروه تكسير الأَسماء لقِلَّته، وكُلُّ جماعة من رجال ونساء
أَو رجال دون نساء أَو نساء دون رجال أَرْمَلةٌ، بعد أَن يكونوا محتاجين.
ويقال للفقير الذي لا يقدر على شيء من رجل أَو امرأَة أَرْمَلة، ولا
يقال للمرأَة التي لا زوج لها وهي مُوسِرة أَرْمَلة، والأَرامل: المساكين.
ويقال: جاءت أَرْمَلةٌ من نساء ورجال محتاجين، ويقال للرجال المحتاجين
الضعفاء أَرْمَلة، وإِن لم يكن فيهم نساء. وحكى ابن بري عن ابن قتيبة قال:
إِذا قال الرجل هذا المال لأَرامل بني فلان فهو للرجال والنساء، لأَن
الأَرامل يقع على الذكور والنساء، قال: وقال ابن الأَنباري يُدْفَع للنساء
دون الرجال لأَن الغالب على الأَرامل أَنهن النساء، وإِن كانوا يقولون
رَجُل أَرْمَل، كما أَن الغالب على الرجال أَنهم الذكور دون الإِناث وإِن
كانوا يقولون رَجُلة؛ وفي شعر أَبي طالب يمدح سيدنا رسول الله صلى الله عليه
وسلم:
ثِمَال اليَتَامى عِصْمَة للأَرامل
قال: الأَرامل المساكين من ساء ورجال. قال: ويقال لكل واحد من الفريقين
على انفراده أَرامل، وهو بالنساء أَخص وأَكثر استعمالاً، وقد تكرر ذكر
ذلك. والأَرْمَل: الذي ماتت زوجته، والأَرْمَلة التي مات زوجُها، وسواء
كانا غَنِيَّيْن أَو فقيرَين. ابن بُرُرْج: يقال إِن بَيت فلان لضَخْمٌ
وإِنهم لأَرْمَلة ما يَحْمِلونه إِلا اسْتَفْقَروا له، يعني العارية؛ قوله
إِنهم لأَرْمَلة لا يَحْمِلونه إِلا ما استفقروا له، يعني أَنهم قوم لا
يملكون الإِبل ولا يقدرون على الارتحال إِلا على إِبل يستعيرونها، من
أَفْقَرْته ظَهْرَ بَعِيرِي إِذا أَعَرْته إِياه. ويقال للذكر أَرْمَل إِذا كان
لا امرأَة له، تقوله العرب، وكذلك رجل أَيِّم وامرأَة أَيِّمة؛ قال
الراجز:
أُحِبُّ أَن أَصطاد ضَبًّا سَحْبَلا،
رَعَى الرَّبيعَ والشتاء أَرْمَلا
قال ابن جني: قَلَّما يستعمل الأَرْمَل في المُذَكَّر إِلا على التشبيه
والمُغالَطة؛ قال جرير:
كُلُّ الأَرامل قد قَضَّيتَ حاجتَها،
فَمَنْ لحاجة هذا الأَرْمَل الذَّكَر؟
(* قوله «كل الأرامل» كذا في الأصل، وفي شرح القاموس والتكملة والأساس:
هذي الأرامل).
يريد بذلك نفسه. وامرأَة أَرْمَلة: لا زوج لها؛ أَنشد ابن بري:
ليَبْكِ على مِلْحانَ ضَيْفٌ مُدَفَّعٌ،
وأَرْمَلةٌ تُزْجِي مع الليل أَرْمَلا
وقال أَبو خِرَاش:
بذي فَخَرٍ تأْوِي إِليه الأَرامِلُ
وأَنشد ابن قتيبة شاهداً على الأَرْمَل الذي لا امرأَة له قول الراجز:
رَعَى الربيعَ والشتاء أَرْمَلا
قال: أَراد ضَبًّا لا أُنثى له ليكون سَمِيناً. وأَرْملت المرأَةُ إِذا
مات عنها زوجُها، وأَرْمَلَتْ: صارت أَرْمَلة. وقال شمر: رَمَّلَت
المرأَةُ من زوجها وهي أَرْمَلة. ابن الأَنباري: الأَرْملة التي مات عنها
زوجُها؛ سُمِّيت أَرْملة لذهاب زادها وفَقْدِها كاسِبَــها ومن كان عيشها صالحاً
به، من قول العرب: أَرْمَل القومُ والرجلُ إِذا ذهب زادُهم، قال: ولا
يقال له إِذا ماتت امرأَته أَرْمَل إِلاَّ في شذوذ، لأَن الرجل لا يذهب
زادُه بموت امرأَته إِذا لم تكن قَيِّمة عليه والرجلُ قَيِّمٌ عليها وتلزمه
عَيْلولتها ومؤْنتها ولا يلزمها شيء من ذلك. قال: ورُدَّ على القتيبي
قوله فيمن أَوْصى بماله للأَرامل أَنه يعطي منه الرجال الذين مات أَزواجهم،
لأَنه يقال رجل أَرمل وامرأَة أَرملة. قال أَبو بكر: وهذا مثل الوصية
للجَوارِي لا يُعْطى منه الغِلْمان ووَصيَّة الغلمان لا يُعطى منه الجواري،
وإِن كان يقال للجارية غُلامة.
والمِرْمَل: القَيْد الصَّغير.
والرَّمَل: المطر الضعيف؛ وفي الصحاح: القليل من المطر. وعامٌ أَرْمَل:
قليل المطر والنفع والخير، وسَنَة رَمْلاء كذلك. وأَصابهم رَمَلٌ من مطر
أَي قليلٌ، والجمع أَرمال، والازمان أَقوى منها
(* قوله «والازمان أقوى
منها» كذا في الأصل، ولعله الازمات بالتاء جمع أزمة) . قال شمر: لم أَسمع
الرَّمَل بهذا المعنى إِلا للأُموي. وأَرامِل العَرْفَج: أُصوله.
وأُرْمُولة العرفج: جُذْمُوره، وجمعها أَراميل
(* قوله «اراميل» عبارة القاموس:
أرامل وأراميل، وقوله بعد الرجز الهجاهج الارض إلخ، عبارته في هجج:
والهجج الارض الجدبة التي لا نبات بها والجمع هجاهج، واورد الرجز ثم قال: جمع
على ارادة المواضع) ؛ قال:
فجِئْت كالعَوْد النَّزِيع الهادِج،
قُيِّد في أَرامل العرافج،
في أَرض سَوْءٍ جَذْبةٍ هَجاهِج
الهَجاهِج: الأَرض التي لا نبتَ فيها. والرَّمَل: خطوط في يدي البقرة
الوحشية ورجليها يخالف سائر لونها، وقيل: الرُّمْلة الخَطُّ الأَسود. غيره:
يقال لوَشْي قوائم الثور الوحشي رَمَلٌ، واحدتها رَمَلة؛ قال الجعدي:
كأَنَّها، بعدما جَدَّ النَّجاء بها
بالشَّيِّطَيْن، مَهاةٌ سُرْوِلَتْ رَمَلا
ويقال للضَّبُع أُم رِمال.
ورَمْلة: مدينة بالشام. والأَرمَل: الأَبلق. قال أَبو عبيد: الأَرمَل من
الشاء الذي اسودَّت قوائمه كلها. وحكى ابن بري عن ابن خالويه قال:
الرُّمَل، بضم الراء وفتح الميم، خطوط سُودٌ تكون على ظهر الغزال وأَفخاذه،
وأَنشد بيت الجعدي أَيضاً؛ قال: وقال أَيضاً:
بذهاب الكَوْر أَمسى أَهلُه
كلَّ مَوْشِيٍّ شَواه، ذي رُمَل
ونعجة رَمْلاء: سوداء القوائم كلها وسائرها أَبيض. وغُلام أُرْمُولة:
كقولك بالفارسية زاذه؛ قال أَبو منصور: لا أَعرف الأُرْمُولة عَرَبيَّتها
ولا فارسيتها.
ورامِل ورُمَيْل ورُمَيْلة ويَرْمُول كلها: أَسماء.
قثم: قَثَمَ الشيء يَقْثِمه قَثْماً واقتَثَمه: جَمَعه واجترفه. ويقال:
قَثام أي اقْثِم، مطرد عند سيبويه وموقوف عند أبي العباس. ورجل قَثُومٌ:
جَمّاع لعياله. والقُثَمُ والقَثوم: الجَموع للخير. ويقال في الشر
أَيضاً: قَثَم واقْتَثَم. ويقال: إنه لقَثُوم للطعام وغيره؛ وأنشد:
لأَصْبَحَ بَطْنُ مَكةَ مُقْشَعِرًّا،
كأَنَّ الأَرضَ ليس بها هِشامُ
يَظَلُّ كأَنه أَثناءَ سَرْطٍ،
وفَوْقَ جِفانِه شَحْمٌ رُكامُ
(* قوله «كأنه أثناء إلخ» كذا بالأصل ولينظر خبر كأنّ).
فللكُبَراء أَكْلٌ حيثُ شاؤوا،
وللصُّغَراء أَكْلٌ واقْتِثامُ
قال ابن بري: يعني هشام بن المغيرة، قال: والاقتِثام التَّزْلِيلُ.
وقَثَم له من العطاء قَثْماً: أكثَر، وقيل: قَثَم له أعطاه دُفعة من المال
جيِّدة مثل قَذَمَ وغَذَمَ وغَثَمَ. وقُثَم: اسم رجل مشتق منه، وهو معدول
عن قاثِم وهو المُعطي. ويقال للرجل إذا كان كثير العَطاء: مائحٌ قُثَمُ؛
وقال:
ماحَ البِلادَ لنا في أوَّلِيَّتِنا،
على حَسودِ الأَعادِي، مائحٌ قُثَمُ
ورجل قُثَم وقُذَم إذا كان مِعطاء. وقَثَم مالاً إذا كَسبَه. وقُثامِ:
اسم للغنيمة إذا كانت كثيرة. وقد اقْتَثَم مالاً كثيراً إذا أَخذه. وفي
حديث المبعث: أَنت قُثَم، أَنت المُقَفَّى، أَنت الحاشر؛ هذه أَسماء النبي
سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم. وفي الحديث: أَتاني ملَك فقال أَنت
قُثَم وخَلْقُك قَيِّم؛ القُثَمُ: المجتمع الخلق، وقيل: الجامع الكامل،
وقيل: الجَموع للخير، وبه سمي الرجل قُثَم، وقيل: قُثم معدول عن قاثم،
وهو الكثير العطاء. ويقال للذِّيخ قُثُمُ، واسم فِعله القُثْمة، وقد قَثَم
يَقْثم قَثْماً وقُثْمة. والقَثم: لَطْخُ الجَعْر ونحوه. وقَثامِ: من
أَسماء الضّبُع، سميت به لالتطاخها بالجعر؛ قال سيبويه: سميت به لأنها
تَقْثِم أي تُقطِّع. وقُثَمُ: الذكَر من الضِّباع، وكلاهما معدول عن فاعل
وفاعلة، والأُنثى قَثامِ مثل حَذامِ، سميت الضَّبُع بذلك لتلطخها بجَعْرها.
والقُثْمة: الغُبرة. وقَثُم قَثْماً وقَثامة: اغْبَرّ. ويقال للأَمة: يا
قَثامِ، كما يقال لها: يا ذَفارِ. قال ابن بري: سمي الذكر من الضِّبْعان
قُثَم لبُطئه في مشيه، وكذلك الأُنثى. يقال: هو يَقْثُم في مشيه، ويقال:
هو يَقْثِمُ أي يَكْسِب، ولذلك سمي أبا كاسب، وهذا هو الصحيح.
قرش: القَرْشُ: الجمع والكسبُ والضم من ههنا وههنا يضم بعضه إِلى بعض.
ابن سيده: قَرَشَ قَرْشاً جَمَعَ وضمَّ من هنا وهنا، وقَرَشَ يَقْرِشُ
ويَقْرُشُ قَرْشاً، وبه سميت قُرَيش. وتَقَرَّش القومُ: تجمَّعوا.
والمُقَرِّشةُ: السَنةُ المَحْل الشديدة لأَن الناس عند المَحْل يجتمعون
فتنْضمُّ حواشيهم وقَواصِيهم؛ قال:
مُقَرّشات الزمَنِ المَحْذور
وقَرَشَ يَقْرِش ويقْرُش قَرْشاً واقْتَرَشَ وتَقَرّش: جَمَعَ واكتسب.
والتَّقْرِيشُ: الاكتسابُ؛ قال رؤبة:
أُولاك هَبَّشْتُ لهم تَهْبِيشي
قَرْضي، وما جَمَّعْتُ من قُرُوشي
وقيل: إِنما يقال اقْتَرَشَ وتَقَرَّشَ للأهل. يقال: قَرَشَ لأَهله
وتَقَرَّش واقْتَرَش وهو يَقْرِشُ ويقْرُشُ لعياله ويَقْتَرش أَي يكتسب،
وقَرَش في مَعِيشته، مخفّف. وتَقَرَّشَ: دَبِقَ ولَزِقَ. وقَرَشَ يَقْرِشُ
ويقْرُش قَرْشاً: أَخذ شيئاً. وتَقَرَّشَ الشيءَ تَقَرُّشاً: أَخذه أَوّلاً
فأَوّلاً؛ عن اللحياني. وقَرَشَ من الطعام: أَصاب منه قليلاً.
والمُقْرِشةُ من الشِّجاج: التي تَصْدَعُ العَظْم ولا تَهْشِمه. يقال:
أَقْرَشَت الشجّةُ، فهي مُقْرِشةٌ إِذا صَدَعت العظم ولم تهشم.
وأَقْرَشَ بالرجل: أَخبَره بعُيوبه، وأَقْرَشَ به وقَرّشَ: وشى
وحَرَّشَ؛ قال الحرث بن حلِّزة:
أَيها الناطقُ المُقَرِّشِ عَنَّا
عند عمرو، وهل لذاك بَقاءُ؟
(* في معلقة الحرث بن حِلِّزة: المُرّقش بدل المُقَرّش.)؟
عَدَّاه بعن لأَن فيه معنى الناقل عنّا. وقيل: أَقْرَشَ به إِقْراشاً
أَي سعى به ووقَعَ فيه؛ حكاه يعقوب. ويقال: اقْتَرَشَ فلانٌ بفلان إِذا سعى
به وبغَاه سُوءاً. ويقال: واللَّه ما اقْتَرَشْت بك أَي ما وَشَيْتُ بك.
والمُقَرِّشُ: المُحَرِّشُ. والتِّقْريشُ: مثل التَحْرِيش. وتَقَرَّشَ
عن الشيء: تنزّه عنه.
والقَرَشةُ
(* قوله «والقرشة» كذا ضبط في الأصل.): صَوْتٌ نحو صَوْتِ
الجَوْزِ والشَّنِّ إِذا حرّكْتَهما. واقْتَرَشَت الرماحُ وتَقَرَّشَت
وتَقارشَت: تطاعَنُوا بها فصَكَّ بعضُها بعضاً ووقع بعضُها على بعض فسمعْتَ
لها صوتًا، وقيل: تَقَرُّشُها وتَقارُشُها تَشاجُرُها وتداخُلُها في
الحرْب؛ قال أَبو زبيد:
إِمّا تَقَرّشْ بك السلاحُ، فلا
أَبْكِيكَ إِلا للدَّلْو والمَرَسِ
وقال القطامي:
قَوارِش بالرِّماحِ، كأَنَّ فيها
شَواطِنَ يَنْتَزعْنَ بها انْتزاعا
وتَقارشت الرماحُ: تَداخَلَتْ في الحرْب. والقَرْشُ: الطعنُ. وتَقارَشَ
القومُ: تَطاعَنُوا.
والقِرْشُ: دابة تكون في البحر المِلْح؛ عن كراع. وقُرَيشٌ: دابةٌ في
البحر لا تدَع دابةً إِلا أَكلتها فجميع الدواب تخافُها. وقُرَيش: قبيلةُ
سيدنا رسول اللَّه، صلى اللَّه عليه وسلم، أَبوهم النضر بن كنانة بن خزيمة
بن مدركة بن إِلياس بن مضر؛ فكلُّ من كان من ولد النضر، فهو قُرَشِيٌّ
دون ولدِ كنانة ومَنْ فوقَه، قيل. سُمّوا بِقُرَيْشٍ مشتقّ من الدابة التي
ذكرناها التي تَخافُها جميعُ الدوابّ. وفي حديث ابن عباس في ذكر
قُرَيْشٍ قال: هي دابةٌ تسكن البحر تأْكل دوابَه؛ قال الشاعر:
وقُرَيْشٌ هي التي تَسْكُنُ البَحْـ
ـر، بها سُمّيَتْ قُرَيْشٌ قُرَيْشا
وقيل: سميت بذلك لتَقَرُّشِها أَي تجمُّعِها إِلى مكة من حواليها بعد
تفرُّقِها في البلاد حين غلب عليها قُصَّيّ بن كِلاب، وبه سمي قصيٌّ
مُجَمِّعاً، وقيل: سميت بقريش بن مَخْلَد بن غالب بن فهر كان صاحب عيرهم فكانوا
يقولون: قدِمَت عيرُ قُرَيش وخرجت عير قريش، وقيل: سميت بذلك لتَجْرِها
وتكسُّبها وضَرْبِها في البلاد تَبْتَغي الرزق، وقنيل: سميت بذلك لأَنهم
كانوا أَهلَ تجارة ولم يكونوا أَصحابَ ضَرْع وزرْع من قولهم: فلان
يَتَقَرَّشُ المالَ أَي يَجْمَعُه؛ قال سيبويه: ومما غَلب على الحيّ قُريشٌ؛
قال: وإِن جَعَلْتَ قُرَيشاً اسمَ قبيلة فعربي؛ قال عَدِيّ بن الرِّقَاع
يمدح الوليد بن عبد الملك:
غَلَبَ المَسامِيحَ الوليدُ سَماحةً،
وكَفى قُرَيشَ المُعْضِلاتِ وسادها
وإِذا نَشَرْت له الثناءَ، وجَدْتَه
وَرِثَ المَكارِمَ طُرْفَها وتِلادَها
المَسامِيحُ: جمعُ مِسْماحٍ، وهو الكثيرُ السماحة. والمُعْضِلاتُ:
الأُمورُ الشِّدادُ؛ يقول: إِذا نزل بهم مُعْضِلة وأَمْرٌ فيه شدَةٌ قام بدفع
ما يكرهون عنهم، ويروى: جَمَعَ المكارم. وقوله: طُرْفَها أَراد طُرُفها،
بضم الراء. فأَسْكن الراء تخفيفاً وإِقامةً للوزن، وهو جمعُ طَريفٍ، وهو
ما اسْتَحْدَثَه من المال، والتلادُ ما وَرِثَه وهو المال القديم
فاستعاره للكرَمِ؛ قال ابن بري: ومن المُسْتَحْسَن له في هذه القصيدة ولم يُسْبق
إِليه في صفة ولد الظبية:
تُزْجي أَغَنَّ، كأَنَّ إِبرةَ رَوْقِهِ
قَلَمٌ أَصابَ من الدَّواةِ مِدادَها
قال ابن سيده: وقوله:
وجاءت من أَباطِحِها قُرَيشٌ،
كَسَيل أَتِيِّ بِيشةَ حينَ سالا
قال: عندي أَنه أَراد قرَيشُ غير مصروف لأَنه عَنى القبيلة، اَلا تراه
قال جاءت فأَنث؟ قال: وقد يجوز أَن يكون أَراد: وجاءت من أَباطحها جماعة
قُرَيشٍ فأَسند الفعل إِلى الجماعة، فقُريشٌ على هذا مذكرٌ اسمٌ للحيّ؛
قال الجوهري: إِن أَردت بقُرَيش الحيَّ صرفْتَه، وإِن أَردت به القبيلةَ لم
تصرفه، والنسب إِليه قُرَشِيّ نادر، وقُرَيْشِيٌّ على القياس؛ قال:
ولسْتُ بِشاوِيٍّ عليه دَمامةٌ،
إِذا ما غَدا يَغْدُو بِقَوْسٍ وأَسْهُمِ
ولكنَّما أَغْدُو عَلَيَّ مُفاضةٌ،
دِلاصٌ كأَعْيانِ الجرادِ المُنَظَّم
بكلّ قُرَيْشِيٍّ، عليه مَهابةٌ،
سَريعٍ إِلى داعي النَّدى والتكرُّم
قال ابن بري: هذه الثلاثة أَبياتُ الكتابِ، فالأَول فيه شاهدٌ على قولهم
شاويّ في النسب إلى الشاء، والثاني فيه شاهد على جمع عَيْنٍ على
أَعْيانٍ، والثالث فيه شاهد علو قولهم قُرَيْشِيّ بإِثبات الياء في النسب إِلى
قُرَيش؛ معناه أَني لست بصاحب شاءٍ يَغْدُو معها إِلى المَرْعى معه قوسٌ
وأَسْهُمُ يرمي الذئابَ إِذا عَرَضَت للغنم، وإِنما أَغْدُو في كلب
الفُرْسان وعَليَّ دِرْعٌ مُفاضةٌ وهي السابِغةُ والدِّلاصِ البَرّاقةُ،
وشَبَّهَ رُؤوسَ مساميرِ الدرْع بعُيون الجراد. والمُنَظّم: الذي يتلو بعضُه
بعضاً. وفي التهذيب: إِذا نسَبوا إِلى قُرَيشٍ قالوا: قُرَشِيّ، بحذف
الزيادة، قال: وللشاعر إِذا اضطر أَن يقول قُرَيْشِيّ.
والقرشية: حنْطةٌ صُلْبة في الطَّحْن خَشِنةُ الدقيقِ وسَفاها أَسْوَدُ
وسنبلتها عظيمة.
أَبو عمرو: القِرْواشُ والحَضِرُ والطُّفَيْليّ وهو الواغِلُ
والشَّوْلَقِيّ. ومُقارِشٌ وقِرْواشٌ: اسمان.
قوت: القُوتُ: ما يُمْسِكُ الرَّمَقَ من الرًِّزْق. ابن سيده: القُوتُ،
والقِيتُ، والقِيتَةُ، والقائِتُ: المُسْكة من الرزق. وفي الصحاح: هو ما
يَقُوم به بَدَنُ الإِنسان من الطعام؛ يقال: ما عنده قُوتُ ليلةٍ، وقِيتُ
ليلةٍ، وقِيتَةُ ليلةٍ؛ فلما كُسِرتِ القافُ صارت الواو ياء، وهي
البُلْغة؛ وما عليه قُوتٌ ولا قُواتٌ، هذانِ عن اللحياني. قال ابن سيده: ولم
يفسره، وعندي أَنه من القُوت.
والقَوْتُ: مصدرُ قاتَ يَقُوتُ قَوْتاً وقِياتَةً. وقال ابن سيده: قاتَه
ذلك قَوْتاً وقُوتاً، الأَخيرة عن سيبويه.
وتَقَوَّتَ بالشيء، واقْتاتَ به واقْتاتَهُ: جَعَلَه قُوتَهُ. وحكى ابنُ
الأَعرابي: أَن الاقْتِياتَ هو القُوتُ، جعله اسماً له. قال ابن سيده:
ولا أَدري كيفَ ذلك؛ قال وقول طُفَيلٍ:
يَقْتاتُ فَضْلَ سَنامِها الرَّحْلُ
قال: عندي أَنَّ يَقْتاته هنا يأْكله، فيجعله قُوتاً لنفسه؛ وأَما ابن
الأَعرابي فقال: معناه يَذْهَبُ به شيئاً بعد شيء، قال: ولم أَسمع هذا
الذي حكاه ابن الأَعرابي، إِلاّ في هذا البيت وحده، فلا أَدْري أَتَأَوُّلٌ
منه، أَم سماعٌ سمعه؛ قال ابن الأَعرابي: وحَلَفَ العُقَيْليُّ يوماً،
فقال: لا، وَقائتِ نَفَسِي القَصير؛ قال: هو من قوله:
يَقْتاتُ فَضْلَ سَنامِها الرَّحْلُ
قال: والاقْتِياتُ والقَوتُ واحدٌ. قال أَبو منصور: لا، وقائِتِ
نَفَسِي؛ أَراد بنَفَسِه روحَه؛ والمعنى: أَنه يَقْبِضُ رُوحَه، نَفَساً بعد
نَفَسٍ، حتى يَتَوفَّاه كلَّه؛ وقوله:
يَقْتاتُ فَضْلَ سَنامِها الرَّحْلُ
أَي يأْخذ الرحلُ، وأَنا راكبُه، شَحْمَ سَنام الناقةِ قليلاً قليلاً،
حتى لا يَبْقَى منه شيءٌ، لأَنه يُنْضِيها. وأَنا أَقُوتُه أَي أَعُولُه
برزقٍ قليلٍ. وقُتُّه فاقتاتَ، كما تقول رَزَقْتُه فارْتَزَقَ، وهو في
قائِتٍ من العَيْش أَي في كِفايةٍ.
واسْتَقاتَه: سأَله القُوتَ؛ وفلانٌ يَتَقَوَّتُ بكذا. وفي الحديث:
اللهم اجْعَلْ رِزْقَ آلِ محمدٍ قُوتاً أَي بقَدْرِ ما يُمْسِكُ الرَّمَقَ من
المَطْعَم.
وفي حديث الدُّعاء: وجَعَلَ لكل منهم قِيتَةً مَقْسومةً من رِزْقِه، هي
فِعْلَة من القَوْتِ، كمِيتَة من المَوتِ.
ونَفَخَ في النار نَفْخاً قُوتاً، واقْتاتَ لها: كلاهما رَفَقَ بها.
واقْتَتْ لنارِك قِيتةً أَي أَطْعِمْها؛ قال ذو الرمة:
فقلتُ له: خُذْها إِليكَ، وأَحْيِها
بروحِكَ، واقْتَتْه لها قِيتةً قَدْرا
وإِذا نَفَخَّ نافخٌ في النار، قيل له: انْفُخْ نَفْخاً قُوتاً، واقْتْ
لها نَفْخَك قِيتةً؛ يأْمُرُه بالرِّفْقِ والنَّفْخِ القليل.
وأَقاتَ الشيءَ وأَقاتَ عليه: أَطاقَه؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
وبِما أَسْتَفِيدُ، ثم أُقِيتُ الـ
ـمالَ، إِني امْرُؤٌ مُقِيتٌ مُفِيدُ
وفي أَسماء الله تعالى: المُقِيتُ، هو الحَفِيظ، وقيل: المُقْتَدِرٌ،
وقيل: هو الذي يُعْطِي أَقْواتَ الخلائق؛ وهو مِن أَقاتَه يُقِيتُه إِذا
أَعطاه قُوتَه. وأَقاته أَيضاً: إِذا حَفِظَه. وفي التنزيل العزيز: وكان
اللهُ على كلِّ شيء مُقِيتاً. الفراء: المُقِيتُ المُقْتَدِرُ
والمُقَدِّرُ، كالذي يُعْطِي كلَّ شيءٍ قوتَه. وقال الزجاجُ: المُقِيتُ القَديرُ،
وقيل: الحفيظ؛ قال: وهو بالحفيظ أَشبه، لأَنه مُشْتَقُّ من القُوتِ.
يقال: قُتُّ الرجلَ أَقُوتُه قَوْتاً إِذا حَفِظْتَ نَفْسَه بما
يَقُوته.والقُوتُ: اسمُ الشيء الذي يَحْفَظُ نَفْسَه، ولا فَضْلَ فيه على قَدْرِ
الحِفْظِ، فمعنى المُقِيتِ: الحفيظُ الذي يُعْطِي الشيءَ قَدْرَ الحاجة،
من الحِفْظِ؛ وقال الفراس: المُقِيتُ المُقْتَدِرُ، كالذي يُعْطِي كلَّ
رَجُلٍ قُوتَه. ويقال: المُقِيتُ الحافِظُ للشيء والشاهِدُ له؛ وأَنشد
ثعلب للسَّمَوْأَل بن عادِياء:
رُبَّ شَتْمٍ سَمِعْتُه وتَصامَمْـ
ـتُ، وعِيٍّ تَرَكْتُه. فكُفِيتُ
لَيتَ شِعْري وأَشْعُرَنَّ إِذا ما
قَرَّبُوها مَنْشُورةً، ودُعِيتُ
أَلِيَ الفَضْلُ أَمْ عَليَّ، إِذا حُو
سِبْتُ؟ إِني عَلى الحِسابِ مُقِيتُ
أَي أَعْرِفُ ما عَمِلْتُ من السُّوء، لأَن الإِنسان على نفسه بصيرة.
حكى ابن بري عن أَبي سعيد السيرافي، قال: الصحيح رواية من رَوَى:
رَبِّي على الحِسابِ مُقِيتُ
قال: لأَن الخاضعَ لربِّه لا يَصِفُ نفسَه بهذه الصفة. قال ابن بري:
الذي حَمَلَ السيرافيَّ على تصحيح هذه الرواية، أَنه بَنَى على أَن مُقِيتاً
بمعنى مُقْتَدِرٍ، ولو ذَهَبَ مَذْهَبَ من يقول إِنه الحافظ للشيء
والشاهد له، كما ذكر الجوهري، لم يُنْكِر الروايةَ الأَوَّلَة. وقال أَبو
إِسحق الزجاج: إِن المُقِيتَ بمعنى الحافظ والحفيظ، لأَنه مشتق من القَوتِ
أَي مأْخوذ من قولهم: قُتُّ الرجلَ أَقُوتُه إِذا حَفِظْتَ نفسه بما
يَقُوتُه. والقُوتُ: اسمُ الشيء الذي يَحْفَظُ نَفْسَه، قال: فمعنى المُقِيت
على هذا: الحفيظُ الذي يُعْطِي الشيءَ على قدر الحاجة، مِن الحِفْظ؛ قال:
وعلى هذا فُسِّرَ قولُه عز وجل: وكان اللهُ على كل شيء مُقِيتاً أَي
حفيظاً. وقيل في تفسير بيت السَّمَوأَل: إِني على الحِسابِ مُقِيتُ؛ أَي
مَوقوفٌ على الحساب؛ وقال آخر:
ثم بَعْدَ المَماتِ يَنشُرني مَن
هُو على النَّشْرِ، يا بُنَيَّ، مُقِيتُ
أَي مُقْتَدِرٌ. وقال أَبو عبيدة: المُقِيتُ، عند العرب، المَوقُوفُ على
الشيء. وأَقاتَ على الشيء: اقْتَدَرَ عليه. قال أَبو قَيْسِ بن رِفاعة،
وقد رُوِيَ أَنه للزبَير بن عبد المطلب، عَمَّ سيدنا رسول الله، صلى الله
عليه وسلم؛ وأَنشده الفراء:
وذي ضِغْنٍ كَفَفْتُ النَّفْسَ عنه،
وكنتُ على مَساءَتِه مُقِيتا
(* قوله «على مساءته مقيتا» تبع الجوهري، وقال في التكملة: الرواية
أُقيت أَي بضم الهمزة، قال والقافية مضمومة وبعده:
يبيت الليل مرتفقاً ثقيلاً * على فرش القناة وما
أَبيت
تعن إلي منه مؤذيات * كما تبري الجذامير البروت
والبروت جمع برت، فاعل تبري كترمي.والجذامير مفعوله على حسب ضبطه.)
وقوله في الحديث: كفَى بالمرء إِثماً أَن يُضَيِّعَ من يَقُوتُ؛ أَراد
من يَلْزَمُهُ نَفَقَتُه من أَهله وعياله وعبيده؛ ويروى: من يَقِيتُ، على
اللغة الأُخْرى. وقوله في الحديث: قُوتوا طعامَكم يُبارَك لكم فيه؛ سئِلَ
الأَوزاعِيُّ عنه، فقال: هو صِغَرُ الأَرغِفَةِ؛ وقال غيره: هو مثل
قوله: كِيلُوا طعامَكم.
قرب: القُرْبُ نقيضُ البُعْدِ.
قَرُبَ الشيءُ، بالضم، يَقْرُبُ قُرْباً وقُرْباناً وقِرْباناً أَي دَنا، فهو قريبٌ، الواحد والاثنان والجميع في ذلك سواء. وقوله تعالى: ولو تَرَى إِذ فَزِعُوا فلا فَوْتَ وأُخِذُوا من مكانٍ قريبٍ؛ جاءَ في التفسير:أُخِذُوا من تحتِ أَقدامهم. وقوله تعالى: وما يُدْرِيكَ لعلَّ الساعةَ قريبٌ؛ ذَكَّر قريباً لأَن تأْنيثَ الساعةِ غيرُ حقيقيّ؛ وقد يجوز أَن يُذَكَّر لأَن الساعةَ في معنى البعث. وقوله تعالى: واستمع يوم يُنادي المنادِ من مكانٍ قريبٍ؛ أَي يُنادي بالـحَشْرِ من مكانٍ قريب، وهي الصخرة التي في بيت الـمَقْدِس؛ ويقال: إِنها في وسط الأَرض ؛ قال سيبويه: إِنَّ قُرْبَك زيداً، ولا تقول إِنَّ بُعْدَك زيداً، لأَن القُرب أَشدُّ تَمكُّناً في الظرف من البُعْد؛ وكذلك: إِنَّ قريباً منك زيداً، وأَحسنُه أَن تقول: إِن زيداً قريب منك، لأَنه اجتمع معرفة ونكرة، وكذلك البُعْد في الوجهين؛ وقالوا: هو قُرابتُك أَي قَريبٌ منك في المكان؛ وكذلك: هو قُرابَتُك في
العلم؛ وقولهم: ما هو بشَبِـيهِكَ ولا بِقُرَابة مِن ذلك، مضمومة القاف، أَي ولا بقَريبٍ من ذلك. أَبو سعيد: يقول الرجلُ لصاحبه إِذا اسْتَحَثَّه: تَقَرَّبْ أَي اعْجَلْ؛ سمعتُه من أَفواههم؛ وأَنشد:
يا صاحِـبَيَّ تَرحَّلا وتَقَرَّبا، فلَقَد أَنى لـمُسافرٍ أَن يَطْرَبا
التهذيب: وما قَرِبْتُ هذا الأَمْرَ، ولا قَرَبْتُه؛ قال اللّه تعالى:
ولا تَقْرَبا هذه الشجرة؛ وقال: ولا تَقْرَبُوا الزنا؛ كل ذلك مِنْ
قَرِبتُ أَقْرَبُ.
ويقال: فلان يَقْرُبُ أَمْراً أَي يَغْزُوه، وذلك إِذا فعل شيئاً أَو
قال قولاً يَقْرُبُ به أَمْراً يَغْزُوه؛ ويُقال: لقد قَرَبْتُ أَمْراً ما
أَدْرِي ما هو. وقَرَّبَه منه، وتَقَرَّب إِليه تَقَرُّباً وتِقِرَّاباً، واقْتَرَب وقاربه. وفي حديث أَبي عارِمٍ: فلم يَزَلِ الناسُ مُقارِبينَ
له أَي يَقْرُبُونَ حتى جاوزَ بلادَ بني عامر، ثم جَعل الناسُ يَبْعُدونَ منه.
وافْعَلْ ذلك بقَرابٍ، مفتوحٌ، أَي بقُرْبٍ؛عن
ابن الأَعرابي. وقوله تعالى: إِنَّ رحمةَ اللّه قَريبٌ من المحسنين؛ ولم يَقُلْ قَريبةٌ، لأَنه أَراد بالرحمة الإِحسانَ ولأَن ما لا يكون تأْنيثه حقيقيّاً، جاز تذكيره؛ وقال الزجاج: إِنما قيل قريبٌ، لأَن الرحمة، والغُفْرانَ، والعَفْو في معنًى واحد؛ وكذلك كل تأْنيثٍ ليس بحقيقيّ؛ قال: وقال الأَخفش جائز أَن تكون الرحمة ههنا بمعنى الـمَطَر؛ قال: وقال بعضُهم هذا ذُكِّر ليَفْصِلَ بين القريب من القُرْب، والقَريبِ من القَرابة؛ قال: وهذا غلط، كلُّ ما قَرُبَ من مكانٍ أَو نَسَبٍ، فهو جارٍ على ما يصيبه من التذكير والتأْنيث؛ قال الفراءُ: إِذا كان القريبُ في معنى المسافة، يذكَّر ويؤَنث، وإِذا كان في معنى النَّسَب، يؤَنث بلا اختلاف بينهم. تقول: هذه المرأَة قَريبتي أَي ذاتُ قَرابتي؛ قال ابن بري: ذكر الفراءُ أَنَّ العربَ تَفْرُقُ بين القَريب من النسب، والقَريب من المكان، فيقولون: هذه قَريبتي من النسب، وهذه قَرِيبي من المكان؛ ويشهد بصحة قوله قولُ امرئِ القيس:
له الوَيْلُ إِنْ أَمْسَى، ولا أُمُّ هاشمٍ * قَريبٌ، ولا البَسْباسةُ ابنةُ يَشْكُرا
فذكَّر قَريباً، وهو خبر عن أُم هاشم، فعلى هذا يجوز: قريبٌ مني، يريد قُرْبَ الـمَكان، وقَريبة مني، يريد قُرْبَ النَّسب. ويقال: إِنَّ فَعِـيلاً قد يُحْمل على فَعُول، لأَنه بمعناه، مثل رَحيم ورَحُوم، وفَعُول لا تدخله الهاءُ نحو امرأَة صَبُور؛ فلذلك قالوا: ريح خَريقٌ، وكَنِـيبة خَصِـيفٌ، وفلانةُ مني قريبٌ. وقد قيل: إِن قريباً أَصلهُ في هذا أَن يكونَ صِفةً لمكان؛ كقولك: هي مني قَريباً أَي مكاناً قريباً، ثم اتُّسِـعَ في الظرف فَرُفِـع وجُعِلَ خبراً.
التهذيب: والقَريبُ نقيضُ البَعِـيد يكون تَحْويلاً، فيَستوي في الذكر والأُنثى والفرد والجميع، كقولك: هو قَريبٌ، وهي قريبٌ، وهم قريبٌ، وهنَّ قَريبٌ. ابن السكيت: تقول العرب هو قَريبٌ مني، وهما قَريبٌ مني، وهم قَرِيبٌ مني؛ وكذلك المؤَنث: هي قريب مني، وهي بعيد مني، وهما بعيد، وهنّ بعيد مني، وقريب؛ فتُوَحِّدُ قريباً وتُذَكِّرُه لأَنه إِن كان مرفوعاً، فإِنه في تأْويل هو في مكان قريب مني. وقال اللّه تعالى: إِن رحمة اللّه
قريب من المحسنين. وقد يجوز قريبةٌ وبَعيدة، بالهاءِ، تنبيهاً على قَرُبَتْ، وبَعُدَتْ، فمن أَنثها في المؤَنث، ثَنَّى وجَمَع؛ وأَنشد:
لياليَ لا عَفْراءُ، منكَ، بعيدةُ * فتَسْلى، ولا عَفْراءُ منكَ قَريبُ
واقْتَرَبَ الوعدُ أَي تَقارَبَ. وقارَبْتُه في البيع مُقاربة.
والتَّقارُبُ: ضِدُّ التَّباعد. وفي الحديث: إِذا تَقاربَ الزمانُ، وفي
رواية: إِذا اقْترَبَ الزمان، لم تَكَدْ رُؤْيا المؤْمِن تَكْذِبُ؛ قال
ابن الأَثير: أَراد اقترابَ الساعة، وقيل اعتدالَ الليل والنهار؛ وتكون الرؤْيا فيه صحيحةً لاعْتِدالِ الزمان. واقْتَربَ: افْتَعَلَ، من القُرْب.
وتَقارَب: تَفاعَلَ، منه، ويقال للشيءِ إِذا وَلَّى وأَدْبَر: تَقارَبَ.
وفي حديث الـمَهْدِيِّ: يَتَقارَبُ الزمانُ حتى تكون السنةُ كالشهر؛
أَراد: يَطِـيبُ الزمانُ حتى لا يُسْتَطالَ؛ وأَيام السُّرور والعافية
قَصيرة؛ وقيل: هو كناية عن قِصَر الأَعْمار وقلة البركة.
ويقال: قد حَيَّا وقَرَّب إِذا قال: حَيَّاكَ اللّه، وقَرَّبَ دارَك.
وفي الحديث: مَنْ تَقَرَّب إِليَّ شِـبْراً تَقَرَّبْتُ إِليه ذِراعاً؛ المرادُ بقُرْبِ العَبْدِ
منَ اللّه، عز وجل، القُرْبُ بالذِّكْر والعمل الصالح، لا قُرْبُ الذاتِ والمكان، لأَن ذلك من صفات الأَجسام، واللّه يَتَعالى عن ذلك ويَتَقَدَّسُ. والمراد بقُرْبِ اللّه تعالى من العبد، قُرْبُ نعَمِه وأَلطافه منه، وبِرُّه وإِحسانُه إِليه، وتَرادُف مِنَنِه عنده، وفَيْضُ مَواهبه عليه.
وقِرابُ الشيءِ وقُرابُه وقُرابَتُه: ما قاربَ قَدْرَه. وفي الحديث: إِن
لَقِـيتَني بقُراب الأَرضِ خطيئةً أَي بما يقارِبُ مِلأَها، وهو مصدرُ قارَبَ يُقارِبُ. والقِرابُ: مُقاربة الأَمر؛ قال عُوَيْفُ القَوافي يصف نُوقاً:
هو ابن مُنَضِّجاتٍ، كُنَّ قِدْماً * يَزِدْنَ على العَديد قِرابَ شَهْرِ
وهذا البيت أَورده الجوهري: يَرِدْنَ على الغَديرِ قِرابَ شهر. قال ابن بري: صواب إِنشاده يَزِدْنَ على العَديد، مِنْ معنى الزيادة على العِدَّة، لا مِنْ معنى الوِرْدِ على الغَدير. والـمُنَضِّجةُ: التي تأَخرت ولادتها عن حين الولادة شهراً، وهو أَقوى للولد.
قال: والقِرابُ أَيضاً إِذا قاربَ أَن يمتلئَ الدلوُ؛ وقال العَنْبَرُ
بن تميم، وكان مجاوراً في بَهْراءَ:
قد رابني منْ دَلْوِيَ اضْطِرابُها،
والنَّـأْيُ من بَهْراءَ واغْتِرابُها،
إِلاَّ تَجِـي مَلأَى يَجِـي قِرابُها
ذكر أَنه لما تزوَّجَ عمرو بن تميم أُمَّ خارجةَ، نقَلَها إِلى بلده؛
وزعم الرواةُ أَنها جاءَت بالعَنْبَر معها صغيراً فأَولدها عَمرو بن تميم أُسَيْداً، والـهُجَيْم، والقُلَيْبَ، فخرجوا ذاتَ يوم يَسْتَقُون، فَقَلَّ
عليهم الماءُ، فأَنزلوا مائحاً من تميم، فجعل المائح يملأُ دَلْوَ
الـهُجَيْم وأُسَيْد والقُلَيْبِ، فإِذا وردَتْ دلو العَنْبر تركها تَضْطَربُ،
فقال العَنْبَر هذه الأَبيات.
وقال الليث: القُرابُ والقِرابُ مُقارَبة الشيءِ. تقول: معه أَلفُ درهم أَو قُرابه؛ ومعه مِلْءُ قَدَح ماءٍ أَو قُرابُه. وتقول: أَتيتُه قُرابَ العَشِـيِّ، وقُرابَ الليلِ.
وإِناءٌ قَرْبانُ: قارَب الامْتِلاءَ، وجُمْجُمةٌ قَرْبَـى: كذلك. وقد أَقْرَبَه؛ وفيه قَرَبُه وقِرابُه. قال سيبويه: الفعل من قَرْبانَ قارَبَ.
قال: ولم يقولوا قَرُبَ استغناء بذلك. وأَقْرَبْتُ القَدَحَ، مِنْ قولهم: قَدَح قَرْبانُ إِذا قارَبَ أَن يمتلئَ؛ وقَدَحانِ قَرْبانانِ والجمع قِرابٌ، مثل عَجْلانَ وعِجالٍ؛ تقول: هذا قَدَحٌ قَرْبانُ ماءً، وهو الذي
قد قارَبَ الامتِلاءَ.
ويقال: لو أَنَّ لي قُرابَ هذا ذَهَباً أَي ما يُقارِبُ مِـْلأَه.
والقُرْبانُ، بالضم: ما قُرِّبَ إِلى اللّه، عز وجل. وتَقَرَّبْتَ به،
تقول منه: قَرَّبْتُ للّه قُرْباناً. وتَقَرَّبَ إِلى اللّه بشيءٍ أَي طَلَبَ به القُرْبة عنده تعالى.
والقُرْبانُ: جَلِـيسُ الملك وخاصَّتُه، لقُرْبِه منه، وهو واحد
القَرابِـينِ؛ تقول: فلانٌ من قُرْبان الأَمير، ومن بُعْدانِه. وقَرابينُ
الـمَلِكِ: وُزَراؤُه، وجُلساؤُه، وخاصَّتُه. وفي التنزيل العزيز: واتْلُ عليهم نَبأَ ابْنَيْ آدمَ بالحق إِذ قَرَّبا قُرْباناً. وقال في موضع آخر: إِن اللّه عَهِدَ إِلينا أَن لا نُؤْمِن لرسولٍ حتى يأْتِـيَنا بقُرْبانٍ
تأْكُلُه النارُ. وكان الرجلُ إِذا قَرَّبَ قُرْباناً، سَجَد للّه، فتنزل النارُ فتأْكل قُرْبانَه، فذلك علامةُ قبول القُرْبانِ، وهي
ذبائح كانوا يذبحونها. الليث: القُرْبانُ ما قَرَّبْتَ إِلى اللّه، تبتغي بذلك قُرْبةً ووسيلة. وفي الحديث صفة هذه الأُمَّةِ في التوراة: قُرْبانُهم دماؤُهم.
القُرْبان مصدر قَرُبَ يَقْرُب أَي يَتَقَرَّبُون إِلى اللّه بـإِراقة دمائهم في الجهاد. وكان قُرْبان الأُمَم السالفةِ ذَبْحَ البقر، والغنم، والإِبل. وفي الحديث: الصّلاةُ قُرْبانُ كلِّ تَقِـيٍّ أَي إِنَّ الأَتْقِـياءَ من الناس يَتَقَرَّبونَ بها إِلى اللّه تعالى أَي يَطْلُبون القُرْبَ منه بها. وفي حديث الجمعة: مَن رَاحَ في الساعةِ الأُولى، فكأَنما قَرَّبَ بدنةً أَي كأَنما أَهْدى ذلك إِلى اللّه تعالى كما يُهْدى القُرْبانُ إِلى بيت اللّه الحرام. الأَحمر: الخيلُ الـمُقْرَبة التي تكون قَريبةً مُعَدَّةً. وقال شمر: الإِبل الـمُقْرَبة التي حُزِمَتْ للرُّكوب، قالَـها أَعرابيٌّ مِن غَنِـيٍّ. وقال: الـمُقْرَباتُ من الخيل: التي ضُمِّرَتْ للرُّكوب. أَبو سعيد: الإِبل الـمُقْرَبةُ التي عليها رِحالٌ مُقْرَبة بالأَدَمِ، وهي مَراكِبُ الـمُلوك؛ قال: وأَنكر الأَعرابيُّ هذا التفسير.
وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: ما هذه الإِبلُ الـمُقْرِبةُ؟ قال: هكذا رُوي، بكسر الراءِ، وقيل: هي بالفتح، وهي التي حُزِمَتْ للرُّكوب، وأَصلُه من القِرابِ. ابن سيده: الـمُقْرَبةُ والـمُقْرَب من الخيل: التي تُدْنَى، وتُقَرَّبُ، وتُكَرَّمُ، ولا تُتْرَكُ أَن تَرُودَ؛ قال ابن دريد: إِنما يُفْعَلُ ذلك بالإِناث، لئلا يَقْرَعَها فَحْلٌ لئيم.
وأَقْرَبَتِ الحاملُ، وهي مُقْرِبٌ: دنا وِلادُها، وجمعها مَقاريبُ،
كأَنهم توهموا واحدَها على هذا، مِقْراباً؛ وكذلك الفرس والشاة، ولا يقال للناقةِ إِلاّ أَدْنَتْ، فهي مُدْنٍ؛ قالت أُمُّ تأَبـَّطَ شَرّاً،
تُؤَبِّنُه بعد موته:
وابْناه! وابنَ اللَّيْل،
ليس بزُمَّيْل شَروبٍ للقَيْل،
يَضْرِبُ بالذَّيْل كمُقْرِبِ الخَيْل
لأَنها تُضَرِّجُ من دَنا منها؛ ويُرْوى كمُقْرَب الخيل، بفتح الراءِ،
وهو الـمُكْرَم.
الليث: أَقْرَبَتِ الشاةُ والأَتانُ، فهي مُقْرِبٌ، ولا يقال للناقة إِلاّ أَدْنَتْ، فهي مُدْنٍ. العَدَبَّسُ الكِنانيُّ: جمع الـمُقْرِبِ من الشاءِ: مَقاريبُ؛ وكذلك هي مُحْدِثٌ وجمعُه مَحاديثُ.
التهذيب: والقَريبُ والقَريبة ذو القَرابة، والجمع مِن النساءِ
قَرائِبُ، ومِن الرجال أَقارِبُ، ولو قيل قُرْبَـى، لجاز.
والقَرابَة والقُرْبَـى: الدُّنُوُّ في النَّسب، والقُرْبَـى في الرَّحِم، وهي في الأَصل مصدر. وفي التنزيل العزيز: والجار ذي القُرْبَـى.وما بينهما مَقْرَبَةٌ ومَقْرِبَة ومَقْرُبة أَي قَرابةٌ. وأَقارِبُ
الرجلِ، وأَقْرَبوه: عَشِـيرَتُه الأَدْنَوْنَ. وفي التنزيل العزيز:
وأَنْذِرْ عَشِـيرَتَك الأَقْرَبِـين. وجاءَ في التفسير أَنه لما نَزَلَتْ هذه
الآية، صَعِدَ الصَّفا، ونادى الأَقْرَبَ فالأَقْرَبَ، فَخِذاً فَخِذاً.
يا بني عبدالمطلب، يا بني هاشم، يا بني عبدمناف، يا عباسُ، يا صفيةُ: إِني لا أَملك لكم من اللّه شيئاً، سَلُوني من مالي ما شئتم؛ هذا عن الزجاج.وتقول: بيني وبينه قَرابة، وقُرْبٌ، وقُرْبَـى، ومَقْرَبة، ومَقْرُبة، وقُرْبَة، وقُرُبَة، بضم الراءِ، وهو قَريبي، وذو قَرابَتي، وهم أَقْرِبائي، وأَقارِبي. والعامة تقول: هو قَرابَتي، وهم قَراباتي. وقولُه تعالى: قل لا أَسْـأَلُكم عليه أَجْراً إِلا الـمَوَدَّة في القُرْبَـى؛ أَي إِلا أَن تَوَدُّوني في قَرابتي أَي في قَرابتي منكم. ويقال: فلانٌ ذو قَرابتي، وذو
قَرابةٍ مِني، وذو مَقْرَبة، وذو قُرْبَـى مني. قال اللّه تعالى:
يَتيماً ذا مَقْرَبَةٍ. قال: ومِنهم مَن يُجيز فلان قَرابتي؛ والأَوَّلُ
أَكثر. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: إِلاَّ حامَى على قَرابته؛ أَي أَقارِبه، سُمُّوا بالمصدر كالصحابة.
والتَّقَرُّبُ: التَّدَنِّي إِلى شَيءٍ، والتَّوَصُّلُ إِلى إِنسان بقُرْبةٍ، أَو بحقٍّ.
والإِقْرابُ: الدُّنُوُّ.
وتَقارَبَ الزرعُ إِذا دَنا إِدراكُه.
ابن سيده: وقارَبَ الشيءَ داناه. وتَقَارَبَ الشيئانِ: تَدانَيا.
وأَقْرَبَ الـمُهْرُ والفصيلُ وغيرُه إِذا دنا للإِثناءِ أَو غير ذلك من
الأَسْنانِ.
والـمُتَقارِبُ في العَروض: فَعُولُن، ثماني مرات، وفعولن فعولن فَعَلْ، مرتين، سُمِّي مُتَقارِباً لأَنه ليس في أَبنية الشعر شيءٌ تَقْرُبُ أَوْتادُه من أَسبابه، كقُرْبِ المتقارِبِ؛ وذلك لأَن كل أَجزائه مَبْنِـيٌّ على وَتِدٍ وسببٍ.
ورجلٌ مُقارِبٌ، ومتاعٌ مُقارِبٌ: ليس بنَفيسٍ. وقال بعضهم: دَيْنٌ
مُقارِبٌ، بالكسر، ومتاعٌ مُقارَبٌ، بالفتح. الجوهري: شيءٌ مقارِبٌ، بكسرالراءِ، أَي وَسَطٌ بين الجَيِّدِ والرَّدِيءِ؛ قال: ولا تقل مُقارَبٌ، وكذلك إِذا كان رَخيصاً.
والعرب تقول: تَقارَبَتْ إِبلُ فلانٍ أَي قَلَّتْ وأَدْبَرَتْ؛ قال جَنْدَلٌ:
(يتبع...)
(تابع... 1): قرب: القُرْبُ نقيضُ البُعْدِ.... ...
غَرَّكِ أَن تَقارَبَتْ أَباعِري، * وأَنْ رَأَيتِ الدَّهْرَ ذا الدَّوائِر
ويقال للشيءِ إِذا وَلى وأَدبر: قد تَقارَبَ. ويقال للرجل القصير:
مُتقارِبٌ، ومُتَـآزِفٌ.
الأَصمعي: إِذا رفَعَ الفَرَسُ يَدَيْه معاً ووَضَعَهما معاً، فذلك
التقريبُ؛ وقال أَبو زيد: إِذا رَجَمَ الأَرضَ رَجْماً، فهو التقريبُ. يقال: جاءَنا يُقَرِّبُ به فرسُه.
وقارَبَ الخَطْوَ: داناه.
والتَّقريبُ في عَدْوِ الفرس: أَن يَرْجُمَ الأَرض بيديه، وهما
ضَرْبانِ: التقريبُ الأَدْنَى، وهو الإِرْخاءُ، والتقريبُ الأَعْلى، وهو
الثَّعْلَبِـيَّة. الجوهري: التقريبُ ضَربٌ من العَدْوِ؛ يقال: قَرَّبَ الفرسُ إِذا رفع يديه معاً ووضعهما معاً، في العدو، وهو دون الـحُضْر. وفي حديث الهجرة: أَتَيْتُ فرسِي فركبتها، فرفَعْتُها تُقَرِّبُ بي. قَرَّبَ الفرسُ، يُقَرِّبُ تقريباً إِذا عَدا عَدْواً دون الإِسراع.
وقَرِبَ الشيءَ، بالكسر، يَقْرَبُه قُرْباً وقُـِرْباناً: أَتاه، فقَرُبَ ودنا منه. وقَرَّبْتُه تقريباً: أَدْنَيْتُه. والقَرَبُ: طلبُ الماءِ ليلاً؛ وقيل: هو أَن لا يكون بينك وبين الماءِ إِلا ليلة. وقال ثعلب: إِذا كان بين الإِبل وبين الماءِ يومان، فأَوَّلُ يوم تَطلبُ فيه الماءَ هو القَرَبُ، والثاني الطَّلَقُ.
قَرِبَتِ الإِبلُ تَقْرَبُ قُرْباً، وأَقْرَبَها؛ وتقول: قَرَبْتُ أَقْرُبُ قِرابةً، مثلُ كتبتُ أَكْتُبُ كتابةً، إِذا سِرْتَ إِلى الماءِ، وبينك وبينه ليلة. قال الأَصمعي: قلتُ لأَعْرابِـيٍّ ما القَرَبُ؟ فقال: سير الليل لِورْدِ الغَدِ؛ قلتُ: ما الطَّلَق؟ فقال: سير الليل لِوِرْدِ الغِبِّ. يقال: قَرَبٌ بَصْباصٌ، وذلك أَن القوم يُسِـيمُونَ الإِبلَ، وهم في ذلك يسيرون نحو الماءِ، فإِذا بقيَت بينهم وبين الماءِ عشيةٌ، عَجَّلوا نحوهُ، فتلك الليلةُ ليلةُ القَرَب.
قال الخليل: والقارِبُ طالِبُ الماءِ ليلاً، ولا يقال ذلك لِطالِب
الماءِ نهاراً. وفي التهذيب: القارِبُ
الذي يَطلُبُ الماءَ، ولم يُعَيِّنْ وَقْتاً.
الليث: القَرَبُ أَن يَرْعَى القومُ بينهم وبين الموْرد؛ وفي ذلك يسيرون بعضَ السَّيْر، حتى إِذا كان بينهم وبين الماءِ ليلةٌ أَو عَشِـيَّة، عَجَّلُوا فَقَرَبُوا، يَقْرُبونَ قُرْباً؛ وقد أَقْرَبُوا إِبلَهم،
وقَرِبَتِ الإِبلُ.
قال: والحمار القارِب، والعانَةُ القَوارِبُ: وهي التي تَقْرَبُ
القَرَبَ أَي تُعَجِّلُ ليلةَ الوِرْدِ. الأَصمعي: إِذا خَلَّى الراعي وُجُوهَ
إِبله إِلى الماءِ، وتَرَكَها في ذلك تَرْعى ليلَتَئذٍ، فهي ليلةُ الطَّلَق؛ فإِن كان الليلةَ الثانية، فهي ليلةُ القَرَب، وهو السَّوْقُ الشديد.
وقال الأَصمعي: إِذا كانتْ إِبلُهم طَوالقَ، قيل أَطْلَقَ القومُ، فهم
مُطْلِقُون، وإِذا كانت إِبلُهم قَوارِبَ، قالوا: أَقْرَبَ القومُ، فهم
قارِبون؛ ولا يقال مُقْرِبُون، قال: وهذا الحرف شاذ. أَبو زيد: أَقْرَبْتُها حتى قَرِبَتْ تَقْرَبُ. وقال أَبو عمرو في الإِقْرابِ والقَرَب مثله؛ قال لبيد:
إِحْدَى بَني جَعْفَرٍ كَلِفْتُ بها، * لم تُمْسِ مِني نَوْباً ولا قَرَبا
قال ابن الأَعْرابي: القَرَبُ والقُرُبُ واحد في بيت لبيد. قال أَبو
عمرو: القَرَبُ في ثلاثة أَيام أَو أَكثر؛ وأَقْرَب القوم، فهم قارِبُون، على غير قياس، إِذا كانت إِبلُهم مُتَقارِبةً، وقد يُستعمل القَرَبُ في الطير؛ وأَنشد ابن الأَعرابي لخَليج الأَعْيَويّ:
قد قلتُ يوماً، والرِّكابُ كأَنـَّها * قَوارِبُ طَيْرٍ حانَ منها وُرُودُها
وهو يَقْرُبُ حاجةً أَي يَطلُبها، وأَصلها من ذلك.
وفي حديث ابن عمر: إِنْ كنا لنَلتَقي في اليوم مِراراً، يسأَل بعضُنا بعضاً، وأَن نَقْرُبَ بذلك إِلى أَن نحمد اللّه تعالى؛ قال الأَزهري: أَي ما نَطلُبُ بذلك إِلاَّ حمدَ اللّه تعالى. قال الخَطَّابي: نَقرُبُ أَي نَطلُب، والأَصلُ فيه طَلَبُ الماء، ومنه ليلةُ القَرَبِ: وهي الليلة التي يُصْبِحُونَ منها على الماءِ، ثم اتُّسِـعَ فيه فقيل: فُلانٌ يَقْرُبُ حاجتَه أَي يَطلُبها؛ فأَن الأُولى هي المخففة من الثقيلة، والثانية نافية.
وفي الحديث قال له رجل: ما لي هارِبٌ ولا قارِبٌ أَي ما له وارِدٌ يَرِدُ الماء، ولا صادِرٌ يَصدُرُ عنه. وفي حديث عليّ، كرّم اللّه وجهه: وما كنتُ إِلاَّ كقارِبٍ وَرَدَ، وطالبٍ وَجَد.
ويقال: قَرَبَ فلانٌ أَهلَه قُرْباناً إِذا غَشِـيَها.
والـمُقارَبة والقِرابُ: الـمُشاغَرة للنكاح، وهو رَفْعُ الرِّجْلِ.
والقِرابُ: غِمْدُ السَّيف والسكين، ونحوهما؛ وجمعُه قُرُبٌ. وفي
الصحاح: قِرابُ السيفِ غِمْدُه وحِمالَتُه. وفي المثل: الفِرارُ بقِرابٍ أَكْيَسُ؛ قال ابن بري: هذا المثل ذكره الجوهري بعد قِرابِ السيف على ما تراه، وكان صواب الكلام أَن يقول قبل المثل: والقِرابُ القُرْبُ، ويستشهد بالمثل عليه. والمثلُ لجابر بن عمرو الـمُزَنِـيّ؛ وذلك أَنه كان يسير في طريق، فرأَى أَثرَ رَجُلَيْن، وكان قائفاً، فقال: أَثَرُ رجلين شديدٍ كَلَبُهما، عَزيزٍ سَلَبُهما، والفِرارُ بقِرابٍ أَكْيَسُ أَي بحيث يُطْمَعُ في السلامة من قُرْبٍ. ومنهم مَن يَرويه بقُراب، بضم القاف. وفي التهذيب
الفِرارُ قبلَ أَن يُحاطَ بك أَكْيَسُ لك. وقَرَبَ قِراباً، وأَقرَبَهُ:
عَمِلَهُ.
وأَقْرَبَ السيفَ والسكين: عَمِل لها قِراباً. وقَرَبَهُ: أَدْخَلَه في
القِرابِ. وقيل: قَرَبَ السيفَ جعلَ له قِراباً؛ وأَقْرَبَه: أَدْخَله في
قِرابِه. الأَزهري: قِرابُ السيفِ شِبْه جِرابٍ من أَدَمٍ،
يَضَعُ الراكبُ فيه سيفَه بجَفْنِه، وسَوْطه، وعصاه، وأَداته. وفي كتابه لوائل بن حُجْرٍ: لكل عشر من السَّرايا ما يَحْمِلُ القِرابُ من التمر. قال ابن الأَثير: هو شِـبْه الجِراب، يَطْرَحُ فيه الراكبُ سيفه بغِمْدِه وسَوْطِه، وقد يَطْرَحُ فيه زادَه مِن تمر وغيره؛ قال ابن الأَثير: قال الخطابي الرواية بالباءِ؛ هكذا قال ولا موضع له ههنا. قال: وأُراه القِرافَ جمع قَرْفٍ، وهي أَوْعِـيَةٌ من جُلُود يُحْمَلُ فيها الزادُ للسفر، ويُجْمَع على قُروف أَيضاً.
والقِرْبةُ من الأَساقي. ابن سيده: القِرْبةُ الوَطْبُ من اللَّبَن، وقد
تكون للماءِ؛ وقيل: هي الـمَخْروزة من جانبٍ واحد؛ والجمع في أَدْنى العدد: قِرْباتٌ وقِرِباتٌ وقِرَباتٌ، والكثير قِرَبٌ؛ وكذلك جمعُ كلِّ ما كان على فِعْلة، مثل سِدْرة وفِقْرَة، لك أَن تفتح العينَ وتكسر وتسكن.
وأَبو قِرْبةَ: فَرَسُ عُبَيْدِ بن أَزْهَرَ.
والقُرْبُ: الخاصِرة، والجمع أَقرابٌ؛ وقال الشَّمَرْدَلُ: يصف فرساً:
لاحِقُ القُرْبِ، والأَياطِلِ نَهْدٌ، * مُشْرِفُ الخَلْقِ في مَطَاه تَمامُ
التهذيب: فرسٌ لاحِقُ الأَقْراب، يَجْمَعُونه؛ وإِنما له قُرُبانِ لسَعته، كما يقال شاة ضَخْمَةُ الخَواصِر، وإِنما لها خاصرتانِ؛ واستعاره
بعضُهم للناقة فقال:
حتى يَدُلَّ عليها خَلْقُ أَربعةٍ، * في لازِقٍ لاحِقِ الأَقْرابِ فانْشَمَلا
أَراد: حتى دَلَّ، فوضعَ الآتي موضعَ الماضي؛ قال أَبو ذؤيب يصف الحمارَ والأُتُنَ:
فبَدا له أَقْرابُ هذا رائِغاً * عنه، فعَيَّثَ في الكِنَانةِ يُرْجِـعُ
وقيل: القُرْبُ والقُرُبُ، من لَدُنِ الشاكلةِ إِلى مَرَاقِّ البطن، مثل
عُسْرٍ وعُسُرٍ؛ وكذلك من لَدُنِ الرُّفْغ إِلى الإِبْطِ قُرُبٌ من كلِّ
جانب.
وفي حديث الـمَوْلِدِ: فخرَجَ عبدُاللّه بن عبدالمطلب أَبو النبي، صلى اللّه عليه وسلم، ذاتَ يوم مُتَقَرِّباً، مُتَخَصِّراً بالبَطْحاءِ،
فبَصُرَتْ به ليلى العَدَوِيَّة؛ قوله مُتَقَرِّباً أَي واضعاً يده على
قُرْبِه أَي خاصِرَته وهو يمشي؛ وقيل: هو الموضعُ الرقيقُ أَسفل من السُّرَّة؛ وقيل: مُتَقَرِّباً أَي مُسْرِعاً عَجِلاً، ويُجْمَع على أَقراب؛ ومنه قصيدُ كعب بن زهير:
يمشي القُرادُ عليها، ثم يُزْلِقُه * عنها لَبانٌ وأَقرابٌ زَهالِـيلُ
التهذيب: في الحديث ثلاثٌ لَعيناتٌ: رجلٌ غَوَّرَ الماءَ الـمَعِـينَ
الـمُنْتابَ، ورجلٌ غَوَّرَ طريقَ الـمَقْرَبةِ، ورجل تَغَوَّطَ تحت
شَجرةٍ؛ قال أَبو عمرو: الـمَقْرَبةُ المنزل، وأَصله من القَرَبِ وهو السَّيْر؛ قال الراعي:
في كلِّ مَقْرَبةٍ يَدَعْنَ رَعِـيلا
وجمعها مَقارِبُ. والـمَقْرَبُ: سَير الليل؛ قال طُفَيْلٌ يصف الخيل:
مُعَرَّقَة الأَلْحِي تَلُوحُ مُتُونُها، * تُثِـير القَطا في مَنْهلٍ بعدَ مَقْرَبِ
وفي الحديث: مَن غَيَّر الـمَقْرَبةَ والـمَطْرَبة، فعليه لعنةُ اللّه.
المَقْرَبةُ: طريقٌ صغير يَنْفُذُ إِلى طريق كبير، وجمعُها الـمَقارِبُ؛
وقيل: هو من القَرَب، وهو السير بالليل؛ وقيل: السير إِلى الماءِ.
التهذيب، الفراء جاءَ في الخبر: اتَّقُوا قُرابَ الـمُؤْمن أَو قُرابَتَه، فإِنه يَنْظُر بنُور اللّه، يعني فِراسَتَه
وظَنَّه الذي هو قَريبٌ من العِلم والتَّحَقُّقِ لصِدْقِ حَدْسِه وإِصابتِه.
والقُراب والقُرابةُ: القريبُ؛ يقال: ما هو بعالم، ولا قُرابُ عالم، ولا قُرابةُ عالمٍ، ولا قَريبٌ من عالم.
والقَرَبُ: البئر القريبة الماء، فإِذا كانت بعيدةَ الماء، فهي النَّجاءُ؛ وأَنشد:
يَنْهَضْنَ بالقَوْمِ عَلَيْهِنَّ الصُّلُبْ، * مُوَكَّلاتٌ بالنَّجاءِ والقَرَبْ
يعني: الدِّلاء.
وقوله في الحديث: سَدِّدوا وقارِبُوا؛ أَي اقْتَصِدوا في الأُمورِ
كلِّها، واتْرُكوا الغُلُوَّ فيها والتقصير؛ يقال: قارَبَ فلانٌ في أُموره
إِذا اقتصد.
وقوله في حديث ابن مسعود: إِنه سَلَّم على النبي، صلى اللّه عليه وسلم، وهو في الصلاة، فلم يَرُدَّ عليه، قال: فأَخذني ما قَرُبَ وما بَعُدَ؛ يقال للرجُل إِذا أَقْلَقَه الشيءُ وأَزْعَجَه: أَخذه ما قَرُبَ وما بَعُدَ، وما قَدُمَ وما حَدُثَ؛ كأَنه يُفَكِّرُ ويَهْتَمُّ في بَعيدِ أُمورِه وقَريـبِها، يعني أَيـُّها كان سَبَباً في الامتناع من ردِّ السلام
عليه.وفي حديث أَبي هريرة، رضي اللّه عنه: لأُقَرِّبَنَّ بكم صلاةَ رسولِ اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، أَي لآتِـيَنَّكم بما يُشْبِهُها، ويَقْرُبُ منها.
وفي حديثه الآخر: إِني لأَقْرَبُكم شَبَهاً بصلاةِ رسول اللّه، صلى
اللّه عليه وسلم.
والقارِبُ: السَّفينةُ الصغيرة، مع أَصحاب السُّفُنِ الكبار البحرية،
كالجَنائب لها، تُسْتَخَفُّ لحوائجهم، والجمعُ القَوارِبُ. وفي حديث
الدجال: فجلسوا في أَقْرُبِ السفينة، واحدُها قارِبٌ، وجمعه قَوارِب؛ قال: فأَما أَقْرُبٌ، فإِنه غير معروف في جمع قارِب، إِلاَّ أَن يكون على غير قياس؛ وقيل: أَقْرُبُ السفينةِ أَدانِـيها أَي ما قارَبَ إِلى الأَرض منها.والقَريبُ: السَّمَك الـمُمَلَّحُ، ما دام في طَراءَته. وقَرَبَتِ الشمسُ للمغيب: ككَرَبَتْ؛ وزعم يعقوب أَن القاف بدل مِن الكاف.
والـمَقارِبُ: الطُّرُقُ.
وقُرَيْبٌ: اسم رجل.
وقَرِيبةُ: اسم امرأَة.
وأَبو قَرِيبةَ: رجل من رُجَّازِهم.
والقَرَنْبَـى: نذكره في ترجمة قرنب.
نهز: نَهَزَه نَهْزاً: دفعه وضربه مثل نَكَزَه ووَكَزَه. وفي الحديث: من
توضأَ ثم خرج إِلى المسجد لا يَنْهَزُه إِلاَّ الصلاةُ غفر له ما خلا من
ذنبه؛ النَّهْزُ: الدفعُ، يقال: نَهَزْتُ الرجلَ أَنْهَزُه إِذا دفعته،
ونَهَزَ رأْسَه إِذا حَرَّكه؛ ،ومنه حديث عمر، رضي الله عنه: من أَتى هذا
البيتَ ولا يَنْهَزُه إِليه غيرُه رَجَع وقد غُفِرَ له؛ يريد أَنه من خرج
إِلى المسجد أَو حج ولم ينو بخروجه غير الصلاة والحج من أُمور الدنيا.
ومنه الحديث: أَنه نَهَزَ راحِلَتَه أَي دفعها في السير. ونَهَزَتِ الدابةُ
إِذا نهضت بصدرها للسير؛ قال:
فلا يَزالُ شاحِجٌ يَأْتِيكَ بِجْ،
أَقْمَرُ نَهَّازٌ يُنَزِّي وَفْرَ تِجْ
والنَّهْزُ: التَّناوُل باليد والنُّهوضُ للتناول جميعاً. والناقةُ
تَنْهُزُ بصدرها إِذا نهضت لتَمْضِيَ وتسير؛ وأَنشد:
نَهُوزٌ بأُولاها زَجُولٌ بصَدْرِها
والدابة تَنْهَزُ بصدرها إِذا ذَبَّتْ عن نفسها؛ قال ذو الرمة:
قِياماً تَذُبُّ البَقَّ عن نُخَراتِها
بِنَهْزٍ، كإِيماءِ الرُّؤوسِ المَواتِعِ
الأَزهري: النُّهْزَةُ اسم للشيء الذي هو لك مُعَرَّض كالغنيمة.
والنُّهْزَةُ: الفُرْصَةُ تجده من صاحبك. ويقال: فلان نُهْزَةُ المُخْتَلِسِ أَي
هو صيد لكل أَحد؛ ومنه حديث أَبي الدَّحْداحِ:
وانْتَهَزَ الحَقَّ إِذا الحَقُّ وَضَحْ
أَي قلبه وأَسرع إِلى تناوله. وحديث أَبي الأَسود: وإِن دُعِيَ
انْتَهَزَ. وتقول: انْتَهِزُها قد أَمْكَنَتْكَ قبل الفَوْتِ.
والمُناهَزَةُ: المُبادَرَةُ. يقال: ناهَزْتُ الصيدَ فَقَبَضْتُ عليه
قبل إِفلاته. وانْتَهَزَها وناهَزَها: تناولها من قُرْب وبادرها واغتنمها،
وقد ناهَزَتْهُم الفُرَصُ؛ وقال:
ناهَزْتُهُمْ بِنَيْطَلٍ جَرُوفِ
وتَناهَزَ القومُ: كذلك؛ أَنشد سيبويه:
ولقز عَلِمْتُ، إِذا الرِّجالُ تَناهَزُوا،
أَيِّي وأَيُّكمُ أَعَزُّ وأَمْنَعُ
ويقال للصبي إِذا دنا للفطام: نَهَزَ للفطام، فهو ناهِزٌ، والجارية
كذلك، وقد ناهَزا؛ وأَنشد:
تُرْضِعُ شِبْلَيْن في مَغارِهما،
قد ناهَزا للفِطامِ أَو فُطِما
وناهَزَ فلانٌ الحُلُمَ ونَهَزَه إِذا قاربه. وناهَزَ الصبي البلوغَ أَي
داناه. ومنه حديث ابن عباس، رضي الله عنهما: وقد ناهَزْتُ الاحتلامَ.
وناهَزَ الخمسين: قارَبها. وإِبل نَهْزُ مائةٍ ونِهازُ مائة ونُهازُ مائة أَي
قُرابَتُها. الأَزهري: كان الناس نَهْزَ عشرة آلافٍ أَي قُرْبَها. وفي
الحديث: أَن رجلاً اشترى من مال يَتامَى خمراً فلما نزل التحريم أَتى
النبيَّ، صلى الله عليه وسلم، فعرّفه فقال: أَهْرِقُها. وكان المالُ نَهْزَةَ
عشرة آلاف أَي قُرْبَها، وحقيقته كان ذا نَهْز. ونَهَز الفَصِيلُ ضَرْعَ
أُمه: مثل لهَزَه. الأَزهري: وفلان يَهْنَزُ دابته نَهْزاً ويَلْهَزُها
لَهْزاً إِذا دفعها وحركها. الكسائي: نَهَزَه ولَهَزَه بمعنى واحد.
ونَهَزَ الناقةَ يَنْهَزُها نَهْزاً: ضرب ضَرَّتَها لِتَدِرَّ صُعُداً.
والنَّهُوزُ من الإِبل: التي يموت ولدها فلا تَدِرُّ حتى يُوجَأَ
ضَرْعُها. وناقة نَهُوزٌ: لا تَدِرُّ حتى يُنْهَزَ لَحْياها أَي يُضْرَبا؛
قال:أَبْقَى على الذُّلِّ من النَّهُوزِ
وأَنْهَزَتِ الناقةُ إِذا نَهَزَ ولدُها ضَرْعَها؛ قال:
ولكِنَّها كانت ثلاثاً مَياسِراً،
وحاِلَ حُولٍ أَنْهَلَتْ فأَحَلَّتِ
ورواه ابن الأَعرابي: أَنْهَزَتْ ولا وجه له. ونَهَزْتُ بالدَّلو في
البئر إِذا ضربت بها إِلى الماء لتمتلئَ. ونَهَزَ الدَّلْوَ يَنْهَزُها
نَهْزاً: نزع بها؛ قال الشَّمَّاخ:
غَدَوْنَ لها صُعْرَ الخُدُودِ، كما غَدَتْ،
على ماء يَمْؤُودَ، الدِّلاءُ النَّواهِزُ
يقول: غدت هذه الحمر لهذا الماء كما غدت الدلاء النواهز لماء يَمْؤُودَ،
وقيل: النَّواهِزُ اللواتي يُنْهَزْنَ في الماء أَي يُحَرَّكْنَ
ليمتلئن، فاعل بمعنى مفعول، والأَوّل أَفضل.
وهما يَتناهَزانِ إِمارَةَ بلد كذا أَي يَبْتَدِرانِ. وفي حديث عمر، رضي
الله عنه: أَتاه الجارودُ وابنُ سَيَّارٍ يَتَناهَزان إِمارَةً أَي
يتبادران إِلى طلبها وتناولها؛ ومنه حديث أَبي هريرة، رضي الله عنه: سَيَجِدُ
أَحدُكم امرأَته قد ملأَت عِكْمَها من وَبَرِ الإِبل فلْيُناهِزْها
وليقطعْ وليُرْسِلْ إِلى جاره الذي لا وَبَرَ له أَي يبادرها ويسابقها
إِليه.ونَهَزَ الرجلُ: مَدَّ بعُنُقِه وناءَ بصدره ليَتَهَوَّعَ؛ ومنه حديث
عطاء: أَو مَصْدُور يَنْهَزُ قَيْحاً أَي يقذفه؛ والمَصْدُور: الذي
بِصَدْرِه وجع. ونَهَزَ: مَدَّ عُنُقَه وناءَ بصدره ليَتَهَوَّع. ويقال:
نَهَزَتْني إِليك حاجةٌ أَي جاءت بي إِليك؛ وأَصل النَّهْز: الدفع، كأَنها
دفعتني وحَرَّكَتْني.
وناهِزٌ ومُناهِزٌ ونُهَيْز: أَسماء.
نحر: النَّحْرُ: الصَّدْر. والنُّحُورُ: الصدُور. ابن سيده: نَحْرُ
الصدر أَعلاه، وقيل: هو موضعُ القلادة منه، وهو المَنْحَر، مدكر لا غير؛ صرح
اللحياني بذلك، وجمعه نُحور لا يُكَسَّر على غير ذلك. ونَحَره ينْحَره
نَحْراً: أَصاب نَحْرَه. ونَحَر البعيرَ ينحَره نحراً: طَعَنه في
مَنْحَرِه حيث يبدو الحُلقوم من أَعلى الصدْر؛ وجَمَلٌ نَحِير في جمال نَحْرى
ونُحَراء ونَحائِرَ، وناقة نَحِير ونَحِيرَة في أَنْيُق نَحْرى ونُحَرَاء
ونَحائرَ. ويومُ النَّحر: عاشر ذي الحجة يومُ الأَضحى لأَن البُدْنَ تُنحر
فيه. والمنْحَر: الموضع الذي يُنحر فيه الهدْي وغيره.
وتَناحَرَ القومُ على الشيء وانْتَحَرُوا: تَشاحُّوا عليه فكاد بعضهم
يَنْحَر بعضاً من شِدّة حِرْصِهم، وتناحَرُوا في القِتال.
والنَّاحِرَانِ والنَّاحِرَتانِ: عِرْقان في النحر، وفي الصحاح:
الناحِران عِرْقانِ في صَدر الفَرَس. المحكم: والناحِرَتانِ ضِلعان من أَضلاع
الزَّوْرِ، وقيل: هما الواهِنَتانِ، وقال ابن الأَعرابي: الناحِرَتان
التَّرْقُوَتانِ من الناس والإِبِل وغيرهم. غيرُه: والجَوانِحُ ما رُفِع عليه
الكَتِف من الدابة والبعير، ومن الإِنسان الدَّأْيُ، والدَّأْيُ ما كان
من قِبَلِ الظهر، وهي سِتٌّ ثلاثٌ من كل جانب، وهي من الصدر الجوانح
لِجُنُوحِها على القلب؛ وقال: الكتف على ثلاثة أَضلاع من جانب وستة أَضلاع من
جانب، وهذه الستة يقال لها الدَّأَياتُ. أَبو زيد: الجوانح أَدنى الضلوع
من المنحر، وفيهن الناحِرات وهي ثلاث من كل جانب، ثم الدَّأَياتُ وهي
ثلاث من كل شقٍّ، ثم يبقى بعد ذلك ست من كل جانب متصلات بالشَّراسِيفِ لا
يسمونها إِلا الأَضلاع، ثم ضِلَع الخَلْفِ وهي أَواخر الضلوع.
ونَحْرُ النهار: أَولُه. وأَتيتُه في نَحْرِ النهار أَي أَوله، وكذلك في
نَحْرِ الظهيرة. وفي حديث الهجرة: أَتانا رسول اللَّه ، صلى اللَّه عليه
وسلم ، في نَحْرِ الظَّهِيرَةِ؛ هو حين تبلغ الشمس مُنتهاها من الارتفاع
كأَنها وصَلَتْ إِلى النحر، وهو أَعلى الصدر. وفي حديث الإِفْكِ: حتى
أَتينا الجيشَ في نَحْرِ الظهيرة. وفي حديث وابِصَةَ: أَتاني ابن مسعود في
نَحْرِ الظهيرة فقلت: أَيَّةُ ساعةِ زيادةٍ ونُحُورُ الشُّهور:
أَوائِلُها، وكل ذلك على المَثَلِ. والنَّحِيرَةُ: أَوّل يوم من الشهر، ويقال
لآخر ليلة من الشهرِ نَحِيرَةٌ لأَنها تَنْحَرُ الهلال؛ قال الكميت:
فَبادَرَ لَيْلَةَ لا مُقْمِرٍ،
نَحِيرَةَ شهرٍ لِشهرٍ سَِرَارَا
أَراد ليلة لا رَجُلٍ مُقْمِرٍ، والسِّرارُ: مردودٌ على الليلة،
ونَحِيرَة: فعيلة بمعنى فاعلة لأَنها تَنْحَر الهلال أَي تَسْتقبِله، وقيل:
النَّحِيرَة آخر يوم من شهر لأَنه يَنْحَر الذي يَدخل بعده، وقيل: النَّحِيرة
لأَنها تنحَر التي قبلها أَي تستقبلها في نحرها، والجمع ناحِراتٌ
ونَواحِرُ، نادران؛ قال الكميت يصف فعل الأَمطار بالديار:
والغَيْثُ بالمُتَأَلِّقا
تِ من الأَهلَّة في النَّواحِرْ
(* قوله« والغيث إلخ» أورده الصحاح في مادة نحر، بالواو بدل في، فقال:
والنواحر.)
وقال: النَّحِيرة آخر ليلة من الشهر مع يومها لأَنها تَنْحَر الذي يدخل
بعدها أَي تصير في نحره، فهي ناحرة؛ وقال ابن أَحمر الباهلي:
ثم اسْتمرّ عليه واكِفٌ هَمِعٌ،
في ليلة نَحَرَتْ شعبانَ أَو رجبا
قال الأَزهري: معناه أَنه يَستقبل أَوّل الشهر ويقال له ناحِرٌ. وفي
الحديث: أَنه خرج وقد بَكَّروا بصلاة الضحى، فقال: نَحَرُوها نَحَرَهُمُ لله
أي صَلَّوْها في أَول وقتها من نَحْرِ الشهر، وهو أَوله؛ قال ابن
الأَثير: وقوله نحرهم الله يحتمل أَن يكون دعاءً لهم، أَي بكَّرهم الله بالخير
كما بكَّروا بالصلاة في أَول وقتها، ويحتمل أَن يكون دعاءً عليهم
بالنَّحْرِ والذبح لأنهم غَيَّروا وقتها؛ وقوله أَنشده ثعلب:
مرفوعةٌ مِثلُ نَوْءِ السِّمَا
كِ، وافَقَ غُرَّةَ شهرٍ نَحِيرا
قال ابن سيده: أَرى نَحِيراً فعيلاً بمعنى مفعول، فهو هلى هذا صفة
لِلْغُرَّة، قال: وقد يجوز أَن يكون النَّحِيرُ لغة في النَّحِيرة.
والدَّارَانِ تَتناحَرَانِ أَي تَتقابلانِ، وإِذا استقبلتْ دَارٌ دَاراً
قيل: هذه تَنْحَرُ تلك؛ وقال الفرّاء: سمعت بعض العرب يقول منازلُهم
تَناحَرُ هذا بِنَحْرِ هذا أَي قُبالَتِهِ؛ قال وأَنشدني بعض بني أَسد:
أَبا حَكَمٍ، هل أَنتَ عمُّ مُجالِدٍ،
وسيِّدُ أَهلِ الأَبْطَحِ المُتناحِرِ؟
وفي الحديث: حتى تُدْعَقَ الخيول في نَواحِرِ أَرضهم أَي مُقابِلاتِها؛
يقال: منازل بني فلان تَتَناحَرُ أَي تَتَقابَلُ؛ وقول الشاعر:
أَوْرَدْتُهم وصُدورُ العِيسِ مُسْنَفَةٌ،
والصبحُ بالكَوكَبِ الدُّرِّيِّ مَنْحُورُ
أَي مستقبَلٌ. ونَحَرَ الرجلُ في الصلاة يَنْحَرُ: انتصب ونَهَدَ
صَدْرُه. وقوله تعالى: فصلِّ لربك وانحرْ؛ قيل: هو وضع اليمين على الشمال في
الصلاة؛ قال ابن سيده: وأَراها لغة شرعية، وقيل: معناه وانْحَرِ البُدْن،
وقال طائفة: أُمِرَ بنحر النُّسك بعد الصلاة، وقيل: أَمر بأَن ينتصِب
بنَحْره بإِزاء القبلة وأَن لا يلتفتَ يميناً ولا شمالاً؛ وقال الفراء: معناه
استقبل القبلة بِنَحْرِك. ابن الأَعرابي: النَّحْرَة انتصاب الرجلُ في
الصلاة بإِزاء المحراب.
والنَّحْرُ والنِّحْريرُ: الحاذق الماهر العاقل المجرِّب، وقيل:
النِّحريرُ الرجل الطَّبِنُ الفطِن المُتْقِن البصِير في كل شيء، وجمعه
النَّحارِير. وفي حديث حُذيفة: وُكِّلَتِ الفِتنةُ بثلاثة: بالحادِّ النحرير، وهو
الفطِن البصير بكل شيء.
والنَّحْرُ في اللَّبَّة: مثلُ الذبح في الحلق. ورجل مِنْحار، وهو
للمبالغة: يوصف بالجود. ومن كلام العرب: إِنه لَمِنْحارٌ بَوائِكَها أَي
يَنْحَرُ سِمانَ الإِبلِ.
ويقال للسحاب إِذا انْعَقَّ بماء كثير: انْتَحَرَ انْتِحاراً؛ وقال
الراعي:
فمرّ على منازِلِها، وأَلقى
بها الأَثْقالَ، وانْتَحر انْتِحارا
وقال عديّ بن زيد يصف الغيث:
مَرِحٌ وَبْلُهُ يَسُحُّ سُيُوبَ الـ
ـماءِ سَحّاً، كأَنه مَنْحُورُ
ودائرةُ الناحِرِ تكون في الجِرَانِ إِلى أَسفل من ذلك. ويقال: انْتَحر
الرجلُ اي نَحَر نفسه. وفي المثل: سُرِقَ السارِقُ فانْتَحَر.
وبَرَقَ نَحْرُهُ: اسم رجل؛ وأَورد الجوهري في نخر بيتاً لغَيلان بن
حُريث شاهداً على مُنْخورِه لغة في الأَنْفِ وهو:
من لَدُ لَحْيَيْه إِلى مُنْخُورِه
قال ابن بري: صواب إِنشاده كما أَنشده سيبويه إِلى مُنْحُورِهِ، بالحاء.
والمُنْحُورُ: النحر؛ وصف الشاعر فرساً بطول العنق فجعله يستوعب من حبله
مقدار باعين من لحييه إِلى نَحْرِه.
معن: مَعَنَ الفرسُ ونحوه يَمْعَنُ مَعْناً وأَمْعَنَ، كلاهما: تباعد
عادياً. وفي الحديث: أَمْعَنْتُمْ في كذا أَي بالغتم. وأَمْعَنُوا في بلد
العدوّ وفي الطلب أَي جدُّوا وأَبعدوا. وأَمْعَنَ الرجلُ: هرب وتباعد؛ قال
عنترة:
ومُدَجَّجٍ كَرِهَ الكُماةُ نِزَالَه،
لا مُمْعِنٍ هَرَباً ولا مُسْتَسْلِم
والماعُونُ: الطاعة. يقال: ضرَبَ الناقة حتى أَعطت ماعونها وانقادت.
والمَعْنُ: الإِقرار بالحق، قال أَنس لمُصْعَب بن الزُّبَير: أَنْشُدُكَ
الله في وصية رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فنزل عن فراشه وقعد على
بساطه وتمعَّنَ عليه وقال: أَمْرُ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على
الرأْس والعين، تَمَعَّنَ أَي تصاغر وتذلل انقياداً، من قولهم أَمْعَنَ بحقي
إذا أَذعن واعترف؛ وقال الزمخشري: هو من المَعانِ المكان؛ يقال: موضع كذا
مَعَان من فلان أَي نزل عن دَسْتِه وتمكن على بساطه تواضعاً. ويروى:
تَمَعَّكَ عليه أَي تقلب وتَمَرَّغ. وحكى الأَخفش عن أَعرابي فصيح: لو قد
نزلنا لصنعت بناقتك صنيعاً تعطيك الماعونَ أَي تنقاد لك وتطيعك. وأَمْعَنَ
بحقي: ذهب. وأَمْعَنَ لي به: أَقَرَّ بعد جَحْد. والمَعْن: الجحود والكفر
للنعم. والمَعْنُ: الذل. والمَعْنُ: الشيء السهل الهين. والمَعْنُ:
السهل اليسير؛ قال النِّمِرُ بن توْلَب:
ولا ضَيَّعْتُه فأُلامَ فيه،
فإنَّ ضَياعَ مالِكَ غَيْرُ مَعْنِ
أَي غير يسير ولا سهل. وقال ابن الأَعرابي: غير حَزْمٍ ولا كَيْسٍ، من
قوله أَمْعَن لي بحقي أَي أَقرّ به وانقاد، وليس بقوي. وفي التنزيل
العزيز: ويمنعون الماعُونَ؛ روي عن علي، رضوان الله عليه، أَنه قال: الماعون
الزكاة. وقال الفراء: سمعت بعض العرب يقول: الماعون هو الماء بعينه؛ قال:
وأَنشدني فيه:
يَمُجُّ صَبِيرُهُ الماعونَ صَبّاً
قال الزجاج من جعل الماعُونَ الزكاة فهو فاعولٌ من المَعْنِ، وهو الشيء
القليل فسميت الزكاة ماعُوناً بالشيء القليل لأَنه يؤخذ من المال ربع
عشره، وهو قليل من كثير. والمَعْنُ والماعون: المعروف كله لتيسره وسهولته
لدَيْنا بافتراض الله تعالى إياه علينا. قال ابن سيده: والماعونُ الطاعة
والزكاة، وعليه العمل، وهو من السهولة والقلة لأنها جزء من كل؛ قال
الراعي:قوْمٌ على التَّنْزيِلِ لَمَّا يَمْنَعُوا
ماعونَهم، ويُبَدِّلُوا التَّنْزِيلا
(* قوله «على التنزيل» كذا بالأصل، والذي في المحكم والتهذيب: على
الإسلام، وفي التهذيب وحده ويبدلوا التنزيلا ويبدلوا تبديلا).
والماعون: أَسقاط البيت كالدَّلوِ والفأْس والقِدْرِ والقَصْعة، وهو منه
أَيضاً لأَنه لا يكْرِثُ معطيه ولا يُعَنِّي كاسبَــه. وقال ثعلب: الماعون
ما يستعار من قَدُومٍ وسُفْرةٍ وشَفْرةٍ. وفي الحديث: وحُسْنُ مُواساتهم
بالماعون؛ قال: هو اسم جامع لمنافع البيت كالقِدْرِ والفأْس وغيرهما مما
جرت العادة بعارِيته؛ قال الأَعشى:
بأَجْوَدَ منه بماعُونِه،
إذا ما سَمَاؤهم لم تَغِمْ
ومن الناس من يقول: الماعون أَصله مَعُونة، والأَلف عوض من الهاء.
والماعون: المَطَرُ لأَنه يأْتي من رحمة الله عَفْواً بغير علاج كما تُعالجُ
الأَبآرُ ونحوها من فُرَض المَشارب؛ وأَنشد أَيضاً:
أَقُولُ لصاحبي ببِراقِ نَجْدٍ:
تبَصَّرْ، هَلْ تَرَى بَرْقاً أَراهُ؟
يَمُجُّ صَبِيرُهُ الماعُونَ مَجّاً،
إذا نَسَمٌ من الهَيْفِ اعْتراهُ
وزَهرٌ مَمْعُونٌ: ممطور أُخذ من ذلك. ابن الأَعرابي: رَوْضٌ
ممعون بالماء الجاري، وقال عَدِيُّ بن زيد العَبّادي:
وذي تَنَاوِيرَ ممْعُونٍ، له صَبَحٌ
يَغْذُو أَوابِدَ قد أَفْلَيْنَ أَمْهارا
وقول الحَذْلَمِيّ:
يُصْرَعْنَ أَو يُعْطِينَ بالماعُونِ
فسره بعضهم فقال: الماعون ما يَمْنَعْنَهُ منه وهو يطلبه منهن فكأَنه
ضد. والماعون في الجاهلية: المنفعة والعطية، وفي الإسلام: الطاعة والزكاة
والصدقة الواجبة، وكله من السهولة والتَّيَسُّر. وقال أَبو حنيفة:
المَعْنُ والماعُونُ كل ما انتفعت به؛ قال ابن سيده: وأُراه ما انْتُفِع به مما
يأْتي عَفْواً. وقوله تعالى: وآوَيْناهما إلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ
ومَعِينٍ؛ قال الفراء: ذاتِ قَرارٍ أَرضٍ منبسطة، ومَعِينٍ: الماءُ الظاهر
الجاري، قال: ولك أَن تجعل المَعِينَ مفْعولاً من العُيُون، ولك أَن تجعله
فَعِيلاً من الماعون، يكون أَصله المَعْنَ. والماعُونُ: الفاعولُ؛ وقال
عُبيدٌ
واهيةٌ أَو مَعِينٌ مُمْعِنٌ،
أَو هَضْبةٌ دونها لهُوبُ
(* قوله «واهية البيت» هو هكذا بهذا الضبط في التهذيب إلا أن فيه: دونها
الهبوب بدل لهوب).
والمَعْنُ والمَعِينُ: الماء السائل، وقيل: الجاري على وجه الأَرض،
وقيل: الماء العذب الغزير، وكل ذلك من السُّهولة. والمَعْنُ: الماء الظاهر،
والجمع مُعُنٌ ومُعُناتٌ، ومياهٌ مُعْنانٌ. وماء مَعِينٌ
أَي جارٍ؛ ويقال: هو مفْعول من عِنْتُ الماءَ إذا استنبطته. وكَلأٌ
مَمْعون: جرى فيه الماءُ. والمُعُناتُ والمُعْنانُ: المَسايل والجوانب، من
السُّهولة أَيضاً. والمُعْنانُ: مَجاري الماء في الوادي. ومَعَنَ الوادي:
كثر فيه الماء فسَهُلَ مُتَناوَلُه. ومَعُنَ الماءُ مَعَنَ يَمْعَنُ
مُعوناً وأَمْعَنَ: سَهُلَ وسال، وقيل: جرى، وأَمْعَنَه هو. ومَعِنَ الموضعُ
والنبتُ: رَوِيَ من الماء؛ قال تميم بن مُقْبل:
يَمُجُّ بَرَاعِيمَ من عَضْرَسٍ،
تَرَاوَحَه القَطْرُ حتى مَعِنْ
أَبو زيد: أَمْعَنَتِ الأَرضُ ومُعِنَتْ إذا رَوِيَتْ، وقد مَعَنها
المطرُ إذا تتابع عليها فأَرواها. وفي هذا الأَمر مَعْنةٌ أَي إصلاح
ومَرَمَّةٌ. ومعَنَها يَمْعَنُها مَعْناً: نكحها. والمَعْنُ: الأَديمُ:
والمَعْنُ: الجلد الأَحمر يجعل على الأَسْفاط؛ قال ابن مقبل:
بلا حِبٍ كمَقَدِّ المََعْنِ وَعَّسَه
أَيدي المَراسِلِ في رَوْحاته خُنُفَا
ويقال للذي لا مال له: ما له سَعْنةٌ ولا مَعْنةٌ
أَي قليل ولا كثير؛ وقال اللحياني: معناه ما له شيء ولا قوم. وقال ابن
بري: قال القالي السَّعْنُ الكثير، والمَعْنُ القليل، قال: وبذلك فسر ما
له سَعْنةٌ ولا مَعْنةٌ. قال الليث: المَعْنُ المعروف، والسَّعْنُ
الوَدَكُ. قال الأَزهري: والمَعْنُ القليل، والمَعْنُ الكثير، والمَعْنُ القصير،
والمَعْنُ الطويل. والمَعْنِيُّ: القليل المال، والمَعْنِيُّ: الكثير
المال. وأَمْعَنَ الرجلُ إذا كثر ماله، وأَمْعَنَ إذا قلَّ ماله. وحكى ابن
بري عن ابن دريد: ماء مَعْنٌ ومَعِينٌ، وقد مَعُنَ، فهذا يدل على أَن
الميم أَصل ووزنه فَعيل، وعند الفراء وزنه مفْعول في الأَصل كمَنِيع. وحكى
الهَرَوِيُّ في فصل عين عن ثعلب أَنه قال: عانَ الماءُ يَعِينُ إذا جرى
ظاهراً؛ وأَنشد للأَخطل:
حَبَسوا المَطِيَّ على قَدِيمٍ عَهْدُه
طامٍ يَعِينُ، وغائِرٌ مَسْدُومُ
والمَعَانُ: المَباءَةُ والمَنزل. ومَعانُ القوم: منزلهم. يقال: الكوفة
مَعانٌ منَّا أَي منزل منا. قال الأَزهري: الميم من مَعانٍ ميم
مَفْعَلٍ.ومَعانٌ: موضع بالشام. ومَعِينٌ: اسم مدينة باليمن. قال ابن سيده:
ومَعِينٌ موضع؛ قال عمرو بن مَعْديكرب:
دعانا من بَراقِشَ أَو مَعينٍ،
فأَسْمَعَ واتْلأَبَّ بنا مَلِيعُ
وقد يكون مَعِين هنا مفعولاً من عِنْتُهُ. وبنو مَعْنٍ: بطن. ومَعْنٌ:
فرس الخَمْخامِ بن جَمَلَةَ. ورجل مَعْنٌ في حاجته، وقولهم: حَدِّثْ عن
مَعْنٍ ولا حَرَجَ؛ هو مَعْنُ
بن زائدة بن عبد الله بن زائدة بن مَطَر بن شَرِيكِ بن عمرو الشيباني،
وهو عم يزيدَ بن مِزْيَد بن زائدة الشيباني، وكان مَعْنٌ أَجود العرب. قال
ابن بري: قال الجوهري هو مَعْنُ بن زائدة بن مَطَرِ بن شَرِيك، قال:
وصوابه مَعْنُ بن زائدة ابن عبد الله بن زائدة بن مَطر بن شريكٍ، ونسخة
الصحاح التي نقَلْتُ منها كانت كما ذكره ابن بري من الصواب، فإما أَن تكون
النسخة التي نقلْتُ منها صُحِّحتْ من الأَمالي، وإما أَن يكون الشيخ ابن
بري نقل من نسخة سقط منها جَدّان. وفي الحديث ذكر بئر مَعُونةَ، بفتح الميم
وضم العين، في أَرض بني سُليمٍ فيما بين مكة والمدينة، وأَما بالغين
المعجمة فموضع قريب من المدينة.
جمل: الجَمَل: الذَّكَر من الإِبل، قيل: إِنما يكون جَمَلاً إِذا
أَرْبَعَ، وقيل إِذا أَجذع، وقيل إِذا بزَل، وقيل إِذا أَثْنَى؛ قال:
نحن بنو ضَبَّة أَصحابُ الجَمَل،
الموت أَحلى عندنا من العسل
الليث: الجَمَل يستحق هذا الاسم إِذا بَزَل، وقال شمر: البَكْر
والبَكْرة بمنزلة الغلام والجارية، والجَمَل والناقة بمنزلة الرجل والمرأَة. وفي
التنزيل العزيز: حتى يَلِج الجَمَل في سَمِّ الخِياط؛ قال الفراء:
الجَمَل هو زوج الناقة. وقد ذكر عن ابن عباس أَنه قرأَ: الجُمَّل، بتشديد
الميم، يعني الحِبَال المجموعة، وروي عن أَبي طالب أَنه قال: رواه القراء
الجُمَّل، بتشديد الميم، قال: ونحن نظن أَنه أَراد التخفيف؛ قال أَبو طالب:
وهذا لأَن الأَسماء إِنما تأْتي على فَعَل مخفف، والجماعة تجيء على فُعَّل
مثل صُوَّم وقُوَّم. وقال أَبو الهيثم: قرأَ أَبو عمرو والحسن وهي قراءة
ابن مسعود: حتى يلج الجُمَل، مثل النُّغَر في التقدير. وحكي عن ابن
عباس: الجُمَّل، بالتثقيل والتخفيف أَيضاً، فأَما الجُمَل، بالتخفيف، فهو
الحَبْل الغليظ، وكذلك الجُمَّل، مشدد. قال ابن جني: هو الجُمَل على مثال
نُغَر، والجُمْل على مثال قُفْل، والجُمُل على مثال طُنُب، والجَمَل على
مثال مَثَل؛ قال ابن بري: وعليه فسر قوله حتى يلج الجَمَل في سَمِّ الخياط،
فأَما الجُمْل فجمع جَمَل كأَسَد وأُسْد. والجُمُل: الجماعة من الناس.
وحكي عن عبد الله وأُبَيٍّ: حتى يلج الجُمَّل. الأَزهري: وأَما قوله
تعالى: جِمَالات صُفْر، فإِن الفراء قال: قرأَ عبد الله وأَصحابه جِمَالة،
وروي عن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، أَنه قرأَ: جِمَالات، قال: وهو
أَحَبُّ إِليَّ لأَن الجِمَال أَكثر من الجِمَالة في كلام العرب، وهو يجوز كما
يقال حَجَر وحِجَارة وذَكَر وذِكَارة إِلاّ أَن الأَول أَكثر، فإِذا قلت
جِمالات فواحدها جِمَال مثل ما قالوا رِجَال ورِجَالات وبُيُوت
وبُيُوتات، وقد يجوز أَن يكون واحد الجِمَالات جِمَالة، وقد حكي عن بعض القراء
جُمَالات، برفع الجيم، فقد يكون من الشيء المجمل، ويكون الجُمَالات جمعاً من
جمع الجِمال كما قالوا الرَّخْل والرُّخال؛ قال الأَزهري: وروي عن ابن
عباس أَنه قال الجِمَالات حِبَال السُّفن يجمع بعضها إِلى بعض حتى تكون
كأَوساط الرجال؛ وقال مجاهد: جِمَالات حِبال الجُسور، وقال الزجاج: من
قَرأَ جِمَالات فهو جمع جِمالة، وهو القَلْس من قُلوس سُفُن البحر، أَو
كالقَلْس من قُلوس الجُسور، وقرئت جِمالة صُفْر، على هذا المعنى. وفي حديث
مجاهد: أَنه قرأَ حتى يلج الجُمَّل، بضم الجيم وتشديد الميم، قَلْس السفينة.
قال الأَزهري: كأَن الحَبْل الغليظ سمي جِمَالة لأَنها قُوىً كثيرة
جُمِعت فأُجْمِلَت جُمْلة، ولعل الجُمْلة اشتقت من جُمْلة الحَبْل. ابن
الأَعرابي: الجامِل الجِمَال. غيره: الجامِل قَطِيع من الإِبل معها رُعْيانها
وأَربابها كالبَقَر والباقِر؛ قال الحطيئة:
فإِن تكُ ذا مالٍ كثيرٍ فإِنَّهم
لهم جامِل، ما يَهْدأُ الليلَ سامِرُه
الجامل: جماعة من الإِبل تقع على الذكور والإِناث، فإِذا قلت الجِمَال
والجِمَالة ففي الذكور خاصة، وأَراد بقوله سامره الرِّعاء لا ينامون
لكثرتهم. وفي المثل: اتَّخَذَ الليلَ جَمَلاً، يضرب لمن يعمل بالليل عمله من
قراءة أَو صلاة أَو غير ذلك. وفي حديث ابن الزبير: كان يسير بنا
الأَبْرَدَيْن ويتخذ الليل جَمَلاً، يقال للرجل إِذا سَرَى ليلته جَمْعاء أَو
أَحياها بصلاة أَو غيرها من العبادات: اتَّخَذَ الليل جَمَلاً؛ كأَنه رَكِبه
ولم ينم فيه. وفي حديث عاصم: لقد أَدركت أَقواماً يتخذون هذا الليل
جَمَلاً يشربون النَّبِيذَ ويلبسون المُعَصْفَر، منهم زِرُّ بن حُبَيْش وأَبو
وائل. قال أَبو الهيثم: قال أَعرابي الجامِل الحَيّ العظيم، وأَنكر أَن
يكون الجامل الجِمَال؛ وأَنشد:
وجامل حَوْم يَرُوح عَكَرهُ،
إِذا دنا من جُنْحِ ليل مَقْصِرهُ،
يُقَرْقِر الهَدْرَ ولا يُجَرْجِرُه
قال: ولم يصنع الأَعرابي شيئاً في إِنكاره أَن الجامل الجِمَال؛ قال
الأَزهري: وأَما قول طرفة:
وجاملٍ خَوَّعَ مِن نِيبِه
زَجْرُ المُعَلَّى أُصُلاً والسَّفيح
فإِنه دل على أَن الجامل يجمع الجِمَال والنُّوق لأَن النِّيب إِناث،
واحدتها ناب. ومن أَمثال العرب: اتَّخَذَ الليل جَمَلاً إِذا سَرَى الليل
كله. واتخذ الليل جَمَلاً إِذا ركبه في حاجته، وهو على المثل؛ وقوله:
إِني لِمَنْ أَنْكَرَني ابنْ اليَثْرِبي،
قَتَلْتُ عِلْباءً وهِنْدَ الجَمَلِي
إِنما أَراد رجلاً كان من أَصحاب عائشة، واَّصل ذلك أَن عائشة غَزَت
عَلِيّاً على جَمَل، فلما هزم أَصحابها ثبت منهم قوم يَحْمُون الجَمَل الذي
كانت عليه. وجَمَل: أَبو حَيٍّ من مَذْحِجٍ، وهو جَمَل بن، سعد العشيرة
منهم هند بن عمرو الجَمَليُّ، وكان مع علي، عليه السلام، فَقُتِل؛ وقال
قاتله:
قَتَلْتُ عِلْباءً وهِنْدَ الجَمَلِي
قال ابن بري: هو لعمرو بن
يثربي الضَّبِّي، وكان فارس بني ضَبَّة يوم الجَمَل، قتله عمار بن ياسر
في ذلك اليوم؛ وتمام رجزه:
قَتَلْتُ عِلْباءً وهِنْدَ الجَمَلِي،
وابْناً لصُوحانَ على دين علي
وحكى ابن بري: والجُمَالة الخيل؛ وأَنشد:
والأُدْم فيه يَعْتَرِكْـ
نَ، بجَوِّه، عَرْكَ الجُمَاله
ابن سيده: وقد أَوقعوا الجَمَل على الناقة فقالوا شربت لبن جَمَلي، وهذا
نادر، قال: ولا أُحِقُّه، والجَمْع أَجْمال وجِمَال وجُمْل وجِمَالات
وجِمالة وجَمَائل؛ قال ذو الرمة:
وقَرَّبْنَ بالزُّرْق الجَمَائل، بعدما
تَقَوَّبَ، عن غِرْبانِ أَوْراكها، الخَطْرُ
وفي الحديث: هَمَّ الناس بنَحْر بعض جَمَائلهم؛ هي جمع جَمَل، وقيل: جمع
جِمَالة، وجِمَالة جمع جَمَل كرِسالة ورَسائل. ابن سيده: وقيل الجَمَالة
الطائفة من الجِمَال، وقيل: هي القطعة من النوق لا جَمَل فيها، وكذلك
الجَمَالة والجُمَالة؛ عن ابن الأَعرابي. قال ابن السكيت: يقال للإِبل إِذا
كانت ذُكورة ولم يكن فيها أُنثى هذه جِمالة بني فلان، وقرئ: كأَنه
جِمَالة صُفْر. والجامِلُ: اسم للجمع كالباقر والكالِب، وقالوا الجَمّال
والجَمّالة كما قالوا الحَمّار والحَمّارة والخَيَّالة. ورَجُل جامِل: ذو
جَمَل. وأَجْمَل القومُ إِذا كثُرت جِمالهم. والجَمَّالة: أَصحاب الجِمال
مثل الخَيّالة والحَمّارة؛ قال عبد مناف بن رِبْع الهذلي:
حتى إِذا أَسْلكوهم في قُتَائدة
شَلاًّ، كما تَطْرُد الجَمّالةُ الشُّرُدا
واسْتَجْمَل البَعِيرُ أَي صار جَمَلاً. واسْتَقْرَم بَكْر فلان أَي صار
قَرْماً. وفي الحديث: لكل أُناس في جَمَلهم خُبْر، ويروى جُمَيْلهم، على
التصغير، يريد صاحبهم؛ قال ابن الأَثير: هو مثل يُضْرب في معرفة كل قوم
بصاحبهم يعني أَن المُسَوَّد يُسَوَّد لمعنى، وأَن قومه لم يُسَوِّدوه
إِلا لمعرفتهم بشأْنه؛ ويروى: لكل أُناس في بَعِيرهم خُبْر، فاستعار البعير
والجَمَل للصاحب. وفي حديث عائشة: وسأَلتها امرأَة أَأُوَخِّذ جَمَلي؟
تريد زوجها أَي أَحبسه عن إِتيان النساء غيري، فكَنَتْ بالجَمَل عن
الزَّوج لأَنه زوج الناقة. وجَمَّلَ الجَمَلَ: عَزَله عن الطَّرُوقة. وناقة
جُمَالية: وَثيقة تشبه الجَمَل في خِلْقتها وشدَّتها وعِظَمها؛ قال
الأَعشى:جُمَالِيَّة تَغْتَلي بالرِّدَاف،
إِذا كَذَّبَ الآثِماتُ الهَجِيرا
وقول هميان:
وقَرَّبُوا كلَّ جُمَالِيٍّ عَضِه،
قَرِيبَة نُدْوَتُه من مَحْمَضِه،
كأَنما يُزْهَم عِرْقا أَبْيَضِه
(* قوله «كأنما يزهم» تقدم في ترجمة بيض: ييجع بدل يزهم).
يُزْهَم: يُجْعل فيهما الزَّهَم، أَراد كل جُمَاليَّة فحَمَل على لفظ
كُلّ وذكَّر، وقيل: الأَصل في هذا تشبيه الناقة بالجمل، فلما شاع ذلك
واطَّرد صار كأَنه أَصل في بابه حتى عادوا فشَبَّهوا الجَمَل بالناقة في ذلك؛
وهذا كقول ذي الرمة:
ورَمْلٍ، كأَوْراك النِّساءِ، قَطَعْتُه،
إِذا أَظلمته المُظْلِمات الحَنادِسُ
وهذا من حملهم الأَصل على الفرع فيما كان الفرع أَفاده من الأَصل،
ونظائره كثيرة، والعرب تفعل هذا كثيراً، أَعني أَنها إِذا شبهت شيئاً بشيء
مكَّنَتْ ذلك الشبه لهما وعَمَّت به وجه الحال بينهما، أَلا تراهم لما شبهوا
الفعل المضارع بالاسم فأَعربوه تمموا ذلك المعنى بينهما بأَن شبهوا اسم
الفاعل بالفعل فأَعملوه؟ ورجل جُمَاليٌّ، بالضم والياء مشددة: ضَخْم
الأَعضاء تامُّ الخَلْق على التشبيه بالجَمَل لعظمه. وفي حديث فضالة: كيف
أَنتم إِذا قَعَد الجُمَلاءُ على المَنابر يَقْضون بالهَوَى ويَقْتلون
بالغَضَب؛ الجُمَلاءُ: الضِّخَام الخَلْق كأَنه جمع جَمِيل. وفي حديث
الملاعنة: فإِن جاءَت به أَوْرَق جَعْداً جُمَالِيّاً فهو لفلان؛ الجُمَاليّ،
بالتشديد: الضَّخم الأَعضاء التامُّ الأَوصال؛ وقوله أَنشده أَبو حنيفة عن
ابن الأَعرابي:
إِنَّ لنا من مالنا جِمَالا،
من خير ما تَحْوِي الرجالُ مالا،
يُنْتَجْن كل شَتْوَة أَجْمالا
إِنما عَنى بالجَمَل هنا النَّخل، شبهها بالجَمَل في طولِها وضِخَمها
وإِتَائها. ابن الأَعرابي: الجَمَل الكُبَع؛ قال الأَزهري: أَراد بالجَمَل
والكُبَع سمكة بَحريَّة تدعى الجَمَل؛ قال رؤْبة:
واعْتَلَجتْ جِماله ولُخْمُه
قال أَبو عمرو: الجَمَل سمكة تكون في البحر ولا تكون في العَذْب، قال:
واللُّخْمُ الكَوْسَجُ، يقال إِنه يأْكل الناس. ابن سيده: وجَمَل البحر
سمكة من سمكه قيل طوله ثلاثون ذراعاً؛ قال العجاج:
كجَمَل البحر إِذا خاض حَسَر
وفي حديث أَبي عبيدة: أَنه أَذن في جَمَل البحر؛ قيل: هو سمكة ضخمة
شبيهة بالجَمَل يقال لها جَمَل البحر.
والجُمَيل والجُمْلانة والجُمَيلانة: طائر من الدخاخيل؛ قال سيبويه:
الجُمَيل البُلْبل لا يتكلم به إِلاَّ مصغَّراً فإِذا جمعوا قالوا جِمْلان.
الجوهري: جُمَيل طائر جاءَ مصغراً، والجمع جِمْلان مثل كُعَيْت
وكِعْتان.والجَمَال: مصدر الجَمِيل، والفعل جَمُل. وقوله عز وجل: ولكم فيها
جَمَال حين تُريحون وحين تسرحون؛ أَي بهاء وحسن. ابن سيده: الجَمَال الحسن
يكون في الفعل والخَلْق. وقد جَمُل الرجُل، بالضم، جَمَالاً، فهو جَمِيل
وجُمَال، بالتخفيف؛ هذه عن اللحياني، وجُمَّال، الأَخيرة لا تُكَسَّر.
والجُمَّال، بالضم والتشديد: أَجمل من الجَمِيل. وجَمَّله أَي زَيَّنه.
والتَّجَمُّل: تَكَلُّف الجَمِيل. أَبو زيد: جَمَّل افيفي ُ عليك تَجْميلاً إِذا
دعوت له أَن يجعله افيفي جَمِيلاً حَسَناً. وامرأَة جَمْلاء وجَميلة: وهو
أَحد ما جاءَ من فَعْلاء لا أَفْعَل لها؛ قال:
وَهَبْتُه من أَمَةٍ سوداء،
ليست بِحَسْناء ولا جَمْلاء
وقال الشاعر:
فهي جَمْلاء كَبدْرٍ طالع،
بَذَّتِ الخَلْق جميعاً بالجَمَال
وفي حديث الإِسراءِ: ثم عَرَضَتْ له امرأَة حَسْناء جَمْلاء أَي جَمِيلة
مليحة، ولا أَفعل لها من لفظها كدِيمة هَطْلاء. وفي الحديث: جاءَ بناقة
حَسْناء جَمْلاء. قال ابن الأَثير: والجَمَال يقع على الصُّوَر والمعاني؛
ومنه الحديث: إِن الله جَمِيل يحب الجَمَال أَي حَسَن الأَفعال كامل
الأَوصاف؛ وقوله أَنشده ثعلب لعبيد الله بن عتبة:
وما الحَقُّ أَن تَهْوَى فتُشْعَفَ بالذي
هَوِيتَ، إِذا ما كان ليس بأَجْمَل
قال ابن سيده: يجوز أَن يكون أَجمل فيه بمعنى جَمِيل، وقد يجوز أَن يكون
أَراد ليس بأَجمل من غيره، كما قالوا الله أَكبر، يريدون من كل شيء.
والمُجاملة: المُعاملة بالجَمِيل، الفراء: المُجَامِل الذي يقدر على
جوابك فيتركه إِبقاءً على مَوَدَّتك. والمُجَامِل: الذي لا يقدر على جوابك
فيتركه ويَحْقد عليك إِلى وقت مّا؛ وقول أَبي ذؤَيب:
جَمَالَك أَيُّها القلبُ القَرِيحُ،
سَتَلْقَى مَنْ تُحبُّ فتَسْتَريحُ
يريد: الزم تَجَمُّلَك وحياءَك ولا تَجْزَع جَزَعاً قبيحاً. وجامَل
الرجلَ مُجامَلة: لم يُصْفِه الإِخاءَ وماسَحَه بالجَمِيل. وقال اللحياني:
اجْمُل إِن كنت جامِلاً، فإِذا ذهبوا إِلى الحال قالوا: إِنه لجَمِيل:
وجَمَالَك أَن لا تفعل كذا وكذا أَي لا تفعله، والزم الأَمر الأَجْمَل؛ وقول
الهذلي أَنشده ابن الأَعرابي:
أَخُو الحَرْب أَمّا صادِراً فَوَسِيقُه
جَمِيل، وأَمَّا واراداً فمُغَامِس
قال ابن سيده: معنى قول جَمِيل هنا أَنه إِذا اطَّرد وسيقة لم يُسْرع
بها ولكن يَتَّئد ثِقَةً منه ببأْسه، وقيل أَيضاً: وَسِيقُه جَمِيل أَي
أَنه لا يطلب الإِبل فتكون له وَسِيقة إِنما وسيقته الرجال يطلبهم
ليَسْبِيَهم فيجلُبهم وَسَائق.
وأَجْمَلْت الصَّنِيعة عند فلان وأَجْمَل في صنيعه وأَجْمَل في طلب
الشيء: اتَّأَد واعتدل فلم يُفْرِط؛ قال:
الرِّزق مقسوم فأَجْمِلْ في الطَّلَب
وقد أَجْمَلْت في الطلب. وجَمَّلْت الشيءَ تجميلاً وجَمَّرْته تجميراً
إِذا أَطلت حبسه. ويقال للشحم المُذَاب جَمِيل؛ قال أَبو خراش:
نُقابِلُ جُوعَهم بمُكَلَّلاتٍ،
من الفُرْنيِّ، يَرْعَبُها الجَمِيل
وجَمَل الشيءَ: جَمَعَه. والجَمِيل: الشَّحم يُذَاب ثم يُجْمَل أَي
يُجْمَّع، وقيل: الجَمِيل الشحم يذاب فكُلما قَطَر وُكِّفَ على الخُبْزِ ثم
أُعِيد؛ وقد جَمَله يَجْمُله جَمْلاً وأَجمله. أَذابه واستخرج دُهْنه؛
وجَمَل أَفصح من أَجْمَلَ. وفي الحديث: لعن الله اليهود حُرِّمت عليهم
الشحوم فَجَملوها وباعوها وأَكلوا أَثمانها. وفي الحديث: يأْتوننا بالسِّقَاء
يَجْمُلون فيه الوَدَك. قال ابن الأَثير: هكذا جاء في رواية، ويروى
بالحاء المهملة، وعند الأَكثر يجعلون فيه الودك. واجْتَمَل: كاشْتَوَى.
وتَجَمَّل: أَكل الجَمِيل، وهو الشحم المُذاب. وقالت امرأَة من العرب لابنتها:
تَجَمَّلي وتَعَفَّفِي أَي كُلي الجَمِيل واشربي العُفَافَةَ، وهو باقي
اللبن في الضَّرْع، على تحويل التضعيف.
والجَمُول: المرأَة التي تُذيب الشحم، وقالت امرأَة لرجل تدعو عليه:
جَمَلك الله أَي أَذابك كما يُذاب الشحم؛ فأَما ما أَنشده ابن الأَعرابي من
قول الشاعر:
إِذ قالت النَثُّول للجَمُولِ:
يا ابْنة شَحْمٍ؛ في المَرِيءِ بُولي
فإِنه فسر الجَمُول بأَنه الشحمة المُذابة، أَي قالت هذه المرأَة
لأُختها: أَبشري بهذه الشَّحمة المَجْمولة التي تذوب في حَلْقك؛ قال ابن سيده:
وهذا التفسير ليس بقويّ وإِذا تُؤُمِّل كان مستحيلاً. وقال مرَّة:
الجَمُول المرأَة السمينة، والنَّثُول المرأَة المهزولة. والجَمِيل: الإِهالة
المُذابة، واسم ذلك الذائب الجُمَالة، والاجْتِمال: الادِّهَان به.
والاجْتِمال أَيضاً: أَن تشوي لحماً فكلما وَكَفَتْ إِهَالته
اسْتَوْدَقْتَه على خُبْز ثم أَعدته. الفراء: جَمَلْت الشحم أَجْمُله جَمْلاً
واجْتَملته إِذا أَذَبْته، ويقال: أَجْمَلته وجَمَلْت أَجود، واجْتمل الرجُل؛
قال لبيد:
فاشْتَوَى لَيْلة رِيحٍ واجْتَمَل
والجُمْلة: واحدة الجُمَل. والجُمْلة: جماعي الشيء. وأَجْمَل الشيءَ:
جَمَعه عن تفرقة؛ وأَجْمَل له الحساب كذلك. والجُمْلة: جماعة كل شيء بكماله
من الحساب وغيره. يقال: أَجْمَلت له الحساب والكلام؛ قال الله تعالى:
لولا أُنزل عليه القرآن جُمْلة واحدة؛ وقد أَجْمَلت الحساب إِذا رددته إِلى
الجُمْلة. وفي حديث القَدَر: كتاب فيه أَسماء أَهل الجنة والنار أُجمل
على آخرهم فلا يزاد فيهم ولا ينقص؛ وأَجْمَلت الحساب إِذا جمعت آحاده
وكملت أَفراده، أَي أُحْصوا وجُمِعوا فلا يزاد فيهم ولا ينقص.
وحساب الجُمَّل، بتشديد الميم: الحروفُ المقطعة على أَبجد، قال ابن
دريد: لا أَحسبه عربيّاً، وقال بعضهم: هو حساب الجُمَل، بالتخفيف؛ قال ابن
سيده: ولست منه على ثِقَة.
وجُمْل وجَوْمَل: اسم امرأَة. وجَمَال: اسم بنت أَبي مُسافر. وجَمِيل
وجُمَيْل: اسمان. والجَمَّالان: من شعراء العرب؛ حكاه ابن الأَعرابي، وقال:
أَحدهما إِسْلامي وهو الجَمَّال بن سَلَمة العبدي، والآخر جاهلي لم
ينسبه إِلى أَب. وجَمَّال: اسم موضع؛ قال النابغة الجعدي:
حَتَّى عَلِمْنا، ولولا نحن قد عَلِمُوا،
حَلَّت شَلِيلاً عَذَاراهم وجَمَّالا
تير: التِّير: الحاجز بين الحائطين، فارسي معرب.
والتَّيَّارُ: المَوْجُ، وخص بعضهم به موج البحر، وهو آذِيُّه ومَوْجُه؛
قال عدي بن زيد:
عَفُّ المــكاسِبِ ما تُكْدى حُسافَتُه،
كالبَحْرِ يَقْذِفُ بالتَّيَّارِ تَيَّارا
ويروى: حَسيفَتُه أَي غيظه وعداوته. والحُسافَةُ: الشيء القليل، وأَصله
ما تساقط من التمر؛ يقول: إِن كان عطاؤُه قليلاً فهو كثير بالإِضافة إِلى
غيره، وصواب إِنشاده: يُلجق بالتيار تياراً. وفي حديث علي، كرم الله
وجهه: ثم أَقبل مُزْبِداً كالتَّيَّار؛ قال ابن الأَثير: هو موج البحر
ولُجَّتُه. والتَّيَّار فَيْعالٌ من تار يتور مثل القيام من قام يقوم غير أَن
فعله مُماتٌ. ويقال: قطع عِرْقاً تَيَّاراً أَي سريع الجَرْيَةِ.
وفَعَلَ ذلك تارَةً بعد تارة أَي مرة بعد مرة، والجمع تاراتٌ وتِيَرٌ.
قال الجوهري: وهو مقصور من تِيَارٍ كما قالوا قاماتٌ وقِيَمٌ وإِنما
غُيِّرَ لأَجل حرف العلة، ولولا ذلك لما غير، أَلا ترى أَنهم قالوا في جمع
رَحَبَةٍ رحابٌ ولم يقولوا رِحَبٌ؟ وربما قالوه بحذف الهاء؛ قال الراجز:
بالْوَيْلِ تاراً والثُّبُورِ تارا
وأَتاره: أَعاده مرة بعد مرة.
جوع: الجُوع: اسم للمَخْمَصةِ، وهو نَقِيضُ الشِّبَع، والفعل جاعَ
يَجُوعُ جَوْعاً وجَوْعةً ومَجاعةً، فهو جائعٌ وجَوْعانُ، والمرأَة جَوْعَى،
والجمع جَوْعَى وجِياعٌ وجُوَّعٌ وجُيَّعٌ؛ قال:
بادَرْتُ طَبْخَتَها لِرَهْطٍ جُيَّع
شَبَّهُوا باب جُيّع بباب عِصِيٍّ فقلبه بعضُهم، وقد أَجاعه وجَوَّعَه؛
قال:
كان الجُنَيْد، وهو فينا الزُّمَّلِقْ،
مُجَوَّعَ البَطْنِ كِلابيَّ الخُلُقْ
وقال:
أَجاع اللهُ من أَشْبَعْتُموه
وأَشْبَعَ من بِجَوْرِكم أُجِيعَا
والمَجاعةُ والمَجُوعة والمَجْوعةُ، بتسكين الجيم: عامُ الجُوعِ. وفي
حديث الرَّضَاع: إِنما الرَّضاعةُ من المَجاعة؛ المَجاعةُ مَفْعلةٌ من
الجُوع أَي أَن الذي يَحْرُم من الرَّضاع إِنما هو الذي يَرْضَعُ من جُوعِه،
وهو الطفل، يعني أَن الكبير إِذا رَضَعَ امرأَة لا يَحْرُم عليها بذلك
الرضاع لأَنه لم يَرْضَعْها من الجوع، وقالوا: إِن للعِلْم إِضاعةً
وهُجْنةً وآفةً ونكَداً واستِجاعةً؛ إِضاعتُه: وضْعُك إِياه في غير أَهله،
واستِجاعتُه: أَن لا تَشْبَع منه، ونكَدُه: الكذِبُ فيه، وآفتُه: النِّسيانُ،
وهُجْنتُه: إِضاعتُه. والعرب تقول: جُعْتُ إِلى لِقائك وعَطِشْتُ إِلى
لِقائك؛ قال ابن سيده: وجاعَ إِلى لقائه اشتهاه كعطِشَ على المثل. وفي
الدعاء: جُوعاً له ونُوعاً ولا يُقَدّم الآخِر قبل الأَوّل لأَنه تأْكيدٌ
له؛ قال سيبويه: وهو من المصادر المنصوبة على إِضمار الفعل المتروك
إِظهاره. وجائعٌ نائعٌ: إِتْباع مثله. وفلان جائعُ القِدْرِ إِذا لم تكن قِدْرُه
ملأَى. وامرأَة جائعة الوِشاح إِذا كانت ضامِرةَ البطن. والجَوْعةُ:
إِقفار الحَيّ. والجَوْعة: المرَّةُ الواحدة من الجَوْع؛ وأَجاعه وجَوَّعه.
وفي المثل: أَجِعْ كَلْبَك يَتْبَعْك. وتَجوّعَ أَي تَعمَّد الجُوع.
ويقال: تَوحَّشْ للدّواء وتجوّعْ للدواء أَي لا تَسْتَوْفِ الطعام. ورجلٌ
مُسْتَجِيع: لا تراه أَبداً إِلاَّ تَرى أَنه جائع؛ قال أَبو سعيد:
المُسْتجِيعُ الذي يأْكل كل ساعة الشيء بعد الشيء.
وربيعةُ الجوعِ: أَبُو حَيّ من تَمِيم، وهو رَبيعةُ ابن مالك بن زيد
مناة بن تميم.