وَقَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْقِيَاسِ مَرَّغْتُهُ فِي التُّرَابِ فَتَمَرَّغَ، أَيْ قَلَّبْتُهُ فَتَقَلَّبَ.
وَقَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْقِيَاسِ مَرَّغْتُهُ فِي التُّرَابِ فَتَمَرَّغَ، أَيْ قَلَّبْتُهُ فَتَقَلَّبَ.
صحف: الصحيفة: التي يكتب فيها، والجمع صَحائفُ وصُحُفٌ وصُحْفٌ. وفي
التنزيل: إن هذا لفي الصُّحُفِ الأُولى صُحُفِ إبراهيم وموسى؛ يعني الكتب
المنزلة عليهما، صلوات اللّه على نبينا وعليهما؛ قال سيبويه: أَما صَحائِفُ
فعلى بابه وصُحُفٌ داخل عليه لأَن فُعُلاً في مثل هذا قليل، وإنما
شبّهوه بقَلِيبٍ وقُلُبٍ وقَضِيبٍ وقُضُبٍ كأَنهم جمعوا صَحِيفاً حين علموا
أَن الهاء ذاهبة، شبهوها بحفرةٍ وحِفارٍ حين أَجْروها مُجْرى جُمْدٍ
وجِماد. قال الأَزهري: الصُّحُفُ جمع الصحيفة من النوادر وهو أَن تَجْمع
فَعِيلةً على فُعُل، قال: ومثله سَفينة وسُفُنٌ، قال: وكان قياسهما صَحائف
وسفائِنَ. وصَحِيفةُ الوجْه: بَشَرَةُ جلده، وقيل: هي ما أَقبل عليك منه،
والجمع صَحِيفٌ؛ وقوله:
إذا بَدا منْ وجْهِك الصَّحيفُ
يجوز أَن يكون جمع صحيفة التي هي بشرة جلده، ويجوز أَن يكون أَراد
بالصحيف الصحيفة. والصَّحيف: وجْه الأَرض؛ قال:
بل مَهْمَه مُنْجَرِد الصَّحيفِ
وكلاهما على التشبيه بالصحيفة التي يكتب فيها.
والمُصْحَفُ والمِصْحَفُ: الجامع للصُّحُف المكتوبة بين الدَّفَّتَيْنِ
كأَنه أُصْحِفَ، والكسر والفتح فيه لغة، قال أَبو عبيد: تميم تكسرها وقيس
تضمها، ولم يذكر من يفتحها ولا أَنها تفتح إنما ذلك عن اللحياني عن
الكسائي، قال الأَزهري: وإنما سمي المصحف مصحفاً لأَنه أُصحِف أَي جعل جامعاً
للصحف المكتوبة بين الدفتين، قال الفراء: يقال مُصْحَفٌ ومِصْحَفٌ كما
يقال مُطْرَفٌ ومِطْرَفٌ؛ قال: وقوله مُصْحف من أُصْحِفَ أَي جُمِعَتْ فيه
الصحف وأُطْرِفَ جُعِلَ في طَرَفَيْه العَلَمان، استثقلت العرب الضمة في
حروف فكسرت الميم، وأَصلها الضمّ، فمن ضَمَّ جاء به على أَصله، ومن كسره
فلاستثقاله الضِمة، وكذلك قالوا في المُغْزَل مِغْزَلا، والأَصل
مُغْزَلٌ من أُغْزِلَ أَي أُديرَ وفُتِلَ، والمُخْدَعِ والمُجْسَدِ؛ قال أَبو
زيد: تميم تقول المِغْزلُ والمِطْرفُ والمِصْحَفُ، وقيس تقول المُطْرَفُ
والمُغْزَلُ والمُصْحَفُ. قال الجوهري: أُصحِف جمعت فيه الصُّحُف،
وأُطْرِفَ جُعِل في طرفيه علمان، وأُجْسِدَ أَي أُلْزِقَ بالجَسد. قال ابن بري:
صوابه أُلْصِقَ بالجِسادِ وهو الزَّعْفرانُ.
وقال الجوهري: والصحيفة الكتاب. وفي الحديث: أَنه كتب لعُيَيْنَةَ بن
حِصنٍ كتاباً فلما أَخذه قال: يا محمد، أَتُراني حامِلاً إلى قومي كتاباً
كصحيفة المُتَلَمِّس؟ الصحيفة: الكتاب، والمتلمس: شاعر معروف واسمه عبد
المَسيح بن جَرير، وكان قدم هو وطرَفةُ الشاعر على الملك عمرو بنِ هِنْدٍ،
فنقم عليهما أَمراً فكتب لهما كتابين إلى عامله بالبحرين يأْمُرُه
بقتلهما، وقال: إني قد كتبت لكما بجائزة، فاجتازا بالحيرة فأَعطى المتلمسُ
صحيفته صبيّاً فقرأَها فإذا فيها يأْمر عامِلَه بقتله، فأَلقاها في الماء
ومضى إلى الشام، وقال لطرفة: افعل مثل فعلي فإن صحيفتك مثل صحيفتي، فأَبى
عليه ومضى إلى عامله فقتله، فضُرب بهما المثل.
والمُصَحِّف والصَّحَفيُّ: الذي يَرْوي الخَطَأَ عن قراءة الصحف
بأَشْباه الحروفِ، مُوَلَّدة
(* في القاموس: الصَّحَفِيُّ الذي يخطئ في قراءة
الصحف.).
والصَّحْفة: كالقَصْعةِ، وقال ابن سيده: شِبه قَصْعة مُسْلَنْطِحةٍ
عريضة وهي تُشْبِع الخمسةَ ونحوهم، والجمع صِحافٌ. وفي التنزيل: يُطاف عليهم
بِصِحافٍ من ذهب؛ وأَنشد:
والمَكاكِيكُ والصِّحافُ من الفِضْـ
ـضَةِ والضَّامِراتُ تَحْتَ الرِّحالِ
والصُّحَيْفَةُ أَقلّ منها، وهي تُشْبِعُ الرجلَ، وكأَنه مصغّر لا
مكَبَّر له. قال الكسائي: أَعظم القِصاعِ الجَفْنَةُ، ثم القَصْعةُ تليها تشبع
العشرة، ثم الصحْفَةُ تشبع الخَمسة ونحوهم، ثم المِئْكلةُ تشبع الرجلين
والثلاثة، ثم الصُّحَيْفَةُ تشبع الرجل. وفي الحديث: لا تَسْأَلِ
المرأَةُ طلاقَ أُخْتِها لِتَسْتَفْرِغَ ما في صَحْفَتِها، هو من ذلك، وهذا مثل
يريد به الاستِئْثارَ عليها بحَظِّها فتكونُ كمن استفرغَ صَحفة غيره
وقَلَب ما في إنائه.
والتَّصْحِيفُ: الخَطَأُ في الصَّحِيفةِ.
خنس: الخُنُوس: الانقباضُ والاستخفاء. خَنَسَ من بين أَصحابه يَخْنِسُ
ويَخْنُسُ، بالضم، خُنُوساً وخِناساً وانْخَنَس: انقبض وتأَخر، وقيل: رجع.
وأَخْنَسَه غيره: خَلَّفَه ومَضَى عنه. وفي الحديث: الشيطان يُوَسْوِسُ
إِلى العبد فإِذا ذكَرَ اللَّه خَنَسَ أَي انقبض منه وتأَخر. قال
الأَزهري: وكذا قال الفراء في قوله تعالى: من شر الوسواس الخناس؛ قال: إِبليس
يوسوس في صدور الناس، فإِذا ذكر اللَّه خَنَسَ، وقيل: إِن له رأْساً كرأْس
الحية يَجْثُمُ على القلب، فإِذا ذكر اللَّه العبد تنحى وخنَسَ، وإِذا
ترك ذكر اللَّه رجع إِلى القلب يوسوس، نعوذ باللَّه منه. وفي حديث جابر:
أَنه كان له نخل فَخَنَسَت النخلُ أَي تأَخرت عن قبول التلــقيح فلم يؤثر
فيها ولم تحمل تلك السنة. وفي حديث الحجاج: إن الإِبل ضُمَّزٌ خُنَّسٌ ما
جُشِّمَتْ جَشِمَتْ؛ الخُنَّسُ جمع خانس أَي متأَخر، والضُمَّزٌ جمع ضامز،
وهو الممسك عن الجِرَّة، أَي أَنها صوابر على العطش وما حَمَّلْتَها
حَمَلَتْه؛ وفي كتاب الزمخشري: حُبُسٌ، بالحاء والباء الموحدة بغير تشديد.
الأَزهري: خَنَسَ في كلام العرب يكون لازماً ويكون متعدياً. يقال: خَنَسْتُ
فلاناً فَخَنَسَ أَي أَخرته فتأَخر وقبضته فانقبض وخَنَسْته أَكثر. وروى
أَبو عبيد عن الفراء والأُمَوِيِّ: خَنَسَ الرجل يَخْنِسُ وأَخْنَسْتُه،
بالأَلف، وهكذا قال ابن شميل في حديث رواه: يخرج عُنُقٌ من النار
فَتَخْنِسُ بالجبارين في النار؛ يريد تدخل بهم في النار وتغيبهم فيها. يقال:
خَنَسَ به أَي واراه. ويقال: يَخْنِسُ بهم أَي يغيب بهم. وخَنَسَ الرجل
إِذا توارى وغاب. وأَخنسته أَنا أَي خَلَّفْتُه؛ قال الراعي:
إِذا سِرْتُمُ بين الجُبَيْلَيْنِ ليلةً،
وأَخْنَسْتُمُ من عالِجٍ كَدَّ أَجْوَعا
الأَصمعي: أَخنستم خَلَّفْتُم، وقال أَبو عمرو: جُزْتم، وقال:
أَخَّرْتُمْ. وفي حديث كعب: فتَخْنِسُ بهم النارُ. وحديث ابن عباس: أَتيتُ النبي،
صلى اللَّه عليه وسلم، وهو يصلي فأَقامني حذاءة فلما أَقبل على صلاته
انْخَنَسْتُ. وفي حديث أَبي هريرة: أَن النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، لقيه
في بعض طُرُق المدينة قال: فانْخَنَسْتُ منه، وفي رواية: اخْتَنَسْتُ، على
المطاوعة بالنون والتاء، ويروى: فانْتَجَشْتُ، بالجيم والشين. وفي حديث
الطُّفَيْل: فَخَنَسَ عني أَو حَبَسَ، قال: هكذا جاء بالشك. وقال الفراء:
أَخْنَسْتُ عنه بعضَ حقه، فهو مُخنَسٌ، أَي أَخَّرْته؛ وقال البعِيثُ:
وصَهْباء من طُولِ الكَلالِ زَجَرْتُها،
وقد جَعَلَتْ عنها الأَخيرَةُ تَخْنِسُ
قال الأَزهري: وأَنشدني أَبو بكر الإِيادي لشاعر قدم على النبي، صلى
اللَّه عليه وسلم، فأَنشده من أَبيات:
وإِن دَحَسُوا بالشَّرِّ فاعفُ تَكَرُّماً،
وإِن خَنَسُوا عنك الحديثَ فلا تَسَلْ
وهذا حجَّة لمن جعل خَنَس واقعاً. قال: ومما يدل على صحة هذه اللغة ما
رويناه عن النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، أَنه قال: الشهر هكذا وهكذا،
وخَنَسَ إِصْبَعَه في الثالثة أَي قَبَضَها يعلمهم أَن الشهر يكون تسعاً
وعشرين؛ وأَنشد أَبو عبيد في أَخْنَسَ وهي اللغة المعروفة:
إِذا ما القَلاسي والعَمائِمُ أُخْنِسَتْ،
ففيهن عن صَلْعِ الرجالِ حُسُورُ
الأَصمعي: سمعت أَعرابيّاً من بني عُقَيْلٍ يقول لخادم له كان معه في
السفر فغاب عنهم: لِمَ خَنَسْتَ عنا؟ أَراد: لم تأَخرت عنا وغبت ولِمَ
تواريْت؟
والكواكبُ الخُنَّسُ: الدَّراري الخمسةُ تَخْنُسُ في مَجْراها وترجع
وتَكْنِسُ كما تَكْنِسُ الظباء وهي: زُحَلٌ والمُشْتَرِي والمِرِّيخ
والزُّهَرَة وعُطارِدُ لأَنها تَخْنِس أَحياناً في مَجْراها حتى تخفى تحت ضوء
الشمس وتَكْنِسُ أَي تستتر كما تَكْنِسُ الظِّباء في المَغارِ، وهي
الكِناسُ، وخُنُوسها استخفاؤها بالنهار، بينا نراها في آخر البرج كَرَّتْ راجعةً
إِلى أَوّله؛ ويقال: سميت خُنَّساً لتأَخرها لأَنها الكواكب المتحيرة
التي ترجع وتستقيم؛ ويقال: هي الكواكب كلها لأَنها تَخْنِسُ في المَغِيب
أَو لأَنها تخفى نهاراً؛ ويقال: هي الكواكب السَّيَّارة منها دون الثابتة.
الزجاج في قوله تعالى: فلا أُقْسِمُ بالخُنَّسِ الجَوارِ الكُنَّسِ؛ قال:
أَكثر أَهل التفسير في الخُنَّسِ أَنها النجوم وخُنُوسُها أَنها تغيب
وتَكْنِسُ تغيب أَيضاً كما يدخل الظبي في كناسِهِ. قال: والخُنَّسُ جمع
خانس.
وفرس خَنُوسٌ: وهو الذي يعدل، وهو مستقيم في حُضْرِه، ذات اليمين وذات
الشمال، وكذلك الأُنثى بغير هاء، والجمع خُنُسٌ والمصدر الخَنْسُ، بسكون
النون. ابن سيده: فرس خَنُوس يستقيم في حُضْره ثم يَخْنِسُ كأَنه يرجع
الَقهْقَرى.
والخَنَسُ في الأَنف: تأَخره إِلى الرأْس وارتفاعه عن الشفة وليس بطويل
ولا مُشْرِف، وقيل: الخَنَسُ قريب من الفَطَسِ، وهو لُصُوق القَصَبة
بالوَجْنَةِ وضِخَمُ الأَرْنَبَةِ، وقيل: انقباضُ قَصَبَة الأَنف وعِرَض
الأَرنبة، وقيل: الخَنَسُ في الأَنف تأَخر الأَرنبة في الوجه وقِصَرُ اَلأنف،
وقيل: هو تأَخر الأَنف عن الوجه مع ارتفاع قليل في الأَرنبة؛ والرجل
أَخْنَسُ والمرأَة خَنْساءُ، والجمع خُنْسٌ، وقيل: هو قِصَرُ الأَنف ولزوقه
بالوجه، وأَصله في الظباء والبقر، خَنِسَ خَنَساً وهو أَخْنَسُ، وقيل:
الأَخْنس الذي قَصُرَتْ قَصَبته وارتدَّت أَرنبته إِلى قصبته، والبقر كلها
خُنْسٌ، وأَنف البقر أَخْنَسُ لا يكون إِلا هكذا، والبقرة خَنْساءُ،
والتُّرك خُنْسٌ؛ وفي الحديث: تقاتلون قوماً خُنْسَ الآنُفِ، والمراد بهم
الترك لأَنه الغالب على آنافهم وهو شِبْهُ الفَطَسِ؛ ومنه حديث أَبي
المِنْهال في صفة النار: وعقارب أَمثال البغال الخُنُسِ. وفي حديث عبد الملك بن
عمير: واللَّه لفُطْسٌ خُنْسٌ، بزُبْدٍ جَمْسٍ، يغيب فيها الضَّرْسُ؛
أَراد بالفُطْسِ نوعاً من التمر تمر المدينة وشبهه في اكتنازه وانحنائه
بالأُنوف الخُنْسِ لأَنها صغار الحب لاطِئَة الأَقْماعٍ؛ واستعاره بعضهم
للنَّبْل فقال يصف درعاً:
لها عُكَنٌ تَرُدُّ النَّبْلَ خُنْساً،
وتهْزَأْ بالمَعابِلِ والقِطاعِ
ابن الأَعرابي: الخُنُسُ مأْوى الظباء، والخُنُسُ: الظباء أَنفُسُها.
وخَنَسَ من ماله: أَخذَ.
الفراء: الخِنَّوسُ، بالسين، من صفات الأَسد في وجهه وأَنفه، وبالصاد
ولد الخنزير. وقال الأَصمعي: ولد الخنزير يقال له الخِنَّوْسُ؛ رواه أَبو
يعلى عنه. والخَنَسُ في القدم: انبساط الأَخْمَصِ وكثرة اللحم، قَدَمٌ
خَنْساء.
والخُناسُ: داء يصيب الزرع فَيَتَجَعثَنُ منه الحَرْثُ فلا يطول.
وخَنْساءُ وخُناسُ وخُناسى، كله: اسم امرأَة. وخُنَيْس: اسم. وبنو
أَخْنَس: حَيّ. والثلاث الخُنَّس: من ليالي الشهر، قيل لها ذلك لأَن القمر
يَخْنِسُ فيها أَي يتأَخر؛ وأَما قول دُرَيْد بن الصِّمَّة:
أَخُناسُ، قَدْ هامَ الفؤادُ بكُمْ،
وأَصابه تَبْلٌ من الحُبِّ
يعني به خَنْساء بنت عمرو بن الشَّرِيد فغيَّره ليستقيم له وزْنُ الشعر.
رصص: رَصَّ البُنْيانَ يَرُصّه رَصّاً، فهو مَرْصُوصٌ ورَصِيصٌ،
ورَصّصَه ورَصْرَصَه: أَحْكَمَه وجَمَعه وضمّ بعضَه إِلى بعض. وكلُّ ما أُحْكِمَ
وضُمَّ، فقد رُصَّ. ورَصَصْتُ الشيء أَرُصّهُ رَصّاً أَي أَلْصَقْتُ
بعضَه ببعض، ومنه: بُنْيان مَرْصوصٌ، وكذلك التَّرْصِيصُ، وفي التنزيل:
كأَنهم بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ.
وتَراصَّ القومُ: تضامُّوا وتلاصَقُوا، وتَراصُّوا: تصافُّوا في القتال
والصلاة. وفي الحديث: تَراصُّوا في الصُّفوف لا تَتَخَلّلُكم الشياطِينُ
كأَنها بنات حَذَفٍ، وفي رواية: تَراصُّوا في الصلاة أَي تلاصَقُوا. قال
الكسائي: التَّراصُّ أَن يَلْصَقَ بعضُهم ببعضٍ حتى لا يكون بينهم خَلَلٌ
ولا فُرَجٌ، وأَصله تراصَصُوا من رَصّ البِناء يَرُصُّه رَصّاً إِذا
أَلْصَقَ بعضَه ببعض فأُدْغِم؛ ومنه الحديث: لَصُبَّ عليكم العذاب صَبّاً ثم
لَرُصَّ عليكم رَصّاً. ومنه حديث ابن صَيّاد: فرَصَّه رسولُ اللّه، صلّى
اللّه عليه وسلّم؛ أَي ضم بعضه إِلى بعض، ومنه قوله تعالى: كأَنهم
بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ؛ أَي أُلْصِقَ البعضُ بالبعض.
وبَيْضٌ رَصِيصٌ: بعضُه فوق بعض؛ قال امرؤ القيس:
على نِقْنِقٍ هَيْقٍ له ولِعرْسِه،
بِمُنْخَدَعِ الوَعْساءِ، بَيْضُ رَصِيص
ورَصْرَصَ إِذا ثبت بالمكان.
والرَّصَصُ والرِّصاص والرَّصاصُ: معروف من المَعْدِنِيّات مشتق من ذلك
لِتَداخُلِ أَجزائِه، والرَّصاصُ أَكثر من الرِّصاصِ، والعامةُ تقوله
بكسر الراء؛ وشاهد الرَّصاص بالفتح قول الراجز:
أَنا ابنُ عَمْروٍ ذي السَّنا الوَبّاصِ
وابنُ أَبيه مُسْعطُ الرَّصاصِ
وأَول من أَسْعطَ بالرَّصاصِ من ملوك العرب ثعلبةُ ابن امرئ القيس بن
مازن بن الأَزد. وشيء مُرَصَّصٌ: مَطْليٌّ به. والتَّرْصِيصُ: تَرْصِيصُك
الكُوزَ وغيرَه بالرَّصاصِ. والرَّصَّاصةُ والرَّصْراصَةُ: حجارةٌ لازمة
لما حَوَالَيِ العين الجارية؛ قال النابغة الجعدي:
حِجارة قَلْتٍ بِرَصْراصَةٍ،
كُسِينَ غِشاءً من الطُّحْلُبِ
ويروى: بِرَضْراضَةٍ، وسيأْتي ذكره في موضعه. والرَّصَصُ في الأَسنان:
كاللَّصَصِ، وسيأْتي ذكره في موضعه؛ رجل أَرَصُّ وامرأَة رَصّاءُ.
والرَّصّاءُ والرَّصُوصُ من النساء: الرَّتْقاءُ. ورَصَّصَت المرأَةُ
إِذا أَدْنَت نِقابَها حتى لا يُرَى إِلا عَيْناها، أَبو زيد: النِّقابُ
على مارِنِ الأَنف. والتَّرْصِيصُ: هو أَن تَنْتَقِبَ المرأَة فلا يُرَى
إِلا عيناها، وتميم تقول: هو التَّوْصِيصُ، بالواو، وقد رصَّصَتْ
ووَصَّصَتْ. الفراء: رَصَّصَ إِذا أَلَحَّ في السؤال، ورَصّصَ النِّقاب أَيضاً.
أَبو عمرو: الرَّصِيصُ نِقَابُ المرأَة إِذا أَدْنَته من عَيْنَيْها،
واللّه أَعلم.
زها: الزَّهْوُ: الكِبْرُ والتِّيهُ والفَخْرُ والعَظَمَةُ؛ قال أَبو
المُثَلَّمِ الهذلي:
مَتى ما أَشَأْ غَيْر زَهْوِ المُلُو
كِ، أَجْعَلْكَ رَهْطاً على حُيَّضِ
ورجل مَزْهُُوٌّ بنفسه أَي مُعْجَبٌ. وبفُلان زَهْوٌ
أَي كِبْرٌ؛ ولا يقال زَها. وزُهِيَ فُلانٌ فهو مَزْهُوٌّ
إذا أَُعْجِبَ بنفسه وتَكَبَّر. قال ابن سيده: وقد زُهِيَ على لفظ ما لم
يُسَمَّ فاعلُه، جَزَمَ به أَبو زيد وأَحمد بن يحيى، وحكى ابن السكيت:
زُِهِيتُ وزَهَوْتُ. وللعرب أَحرف لا يتكلمون بها إلا على سبيل المَفْعول
به وإن كان بمعنى الفاعل مثل زُهِيَ الرجُلُ وعُنِيَ بالأَمْر ونُتِجَتِ
الشاةُ والناقة وأَشباهها، فإذا أَمَرْت به قلت: لِتُزْهَ يا رجلُ، وكذلك
الأَمْر من كل فِعْل لم يُسمّ فاعله لأَنك إذا أَمَرْتَ منه فإنما تأْمر
في التحصيل غير الذي تُخاطِبه أَن يُوقِع به، وأَمْرُ الغائبِ لا يكون
إلا باللام كقولك ليَقُمْ زَيد، قال: وفيه لغة أُخرى حكاها ابن دريد زَها
يَزْهُو زَهْواً أَي تَكَبَّر، ومنه قولهم: ما أَزْهاهُ، وليس هذا من
زُهِيَ لأَن ما لم يُسم فاعله لا يُتَعَجَّبُ منه. قال الأَحمر النحوي يهجو
العُتْبِيَّ والفَيْضَ بن عبد الحميد:
لنا صاحِبٌ مُولَعٌ بالخِلافْ،
كثيرُ الخَطاء قليلُ الصَّوابْ
أَلَجُّ لجاجاً من الخُنْفُساءْ،
وأَزْهى، إذا ما مَشى، منْ غُرابْ
قال الجوهري: قلت لأَعرابي من بني سليم ما معنى زُهِيَ الرجلُ؟ قال:
أَُعجِبَ بنفسِه، فقلت: أَتقول زَهى إذا افْتَخَر؟ قال: أَمّا نحن فلا نتكلم
به. وقال خالد بن جَنبة: زَها فلان إذا أُعجب بنفسه. قال ابن الأَعرابي:
زَهاه الكِبْر ولا يقال زَها الرَّجل ولا أَزْهيتُه ولكنْ زَهَوْتُه.
وفي الحديث: من اتَّخَذَ الخَيْلَ زُهاءً ونِواءً على أَهْل الإسْلام فهي
عليه وِزْرٌ؛ الزُّهاء، بالمدّ، والزَّهْوُ الكِبْرُ والفَخْر. يقال:
زُهِيَ الرجل، فهو مَزْهُوٌّ، هكذا يتكلَّم به على سبيل المفعول وإن كان
بمعنى الفاعل. وفي الحديث: إنّ الله لا يَنْظر إلى العامل المَزْهُوِّ؛ ومنه
حديث عائشة، رضي الله عنها: إن جاريتي تُزْهَى أَن تَلْبَسَه في البيت
أَي تَتَرَفَّعُ عنه ولا تَرْضاه، تعني درْعاً كان لها؛ وأَما ما أَنشده
ابن الأَعرابي من قول الشاعر:
جَزَى اللهُ البَراقِعَ مِنْ ثِيابٍ،
عن الفِتْيانِ، شَرّاً ما بَقِينا
يُوارِينَ الحِسانَ فلا نَراهُم،
ويَزْهَيْنَ القِباحَ فيَزْدَهِينا
فإنما حُكْمه ويَزْهُونَ القِباحَ لأَنه قد حكي زَهَوْتُه، فلا معنى
ليَزْهَيْنَ لأَنه لم يجئ زَهَيْته، وهكذا أَنشد ثعلب ويَزْهُون. قال ابن
سيده: وقد وهم ابن الأَعرابي في الرواية، اللهم إلا أَن يكون زَهَيْتُه
لغة في زَهَوْتُه، قال: ولم تُرْوَ لنا عن أَحد. ومن كلامهم: هي أَزْهَى
مِن غُرابٍ، وفي المثل المعروفِ: زَهْوَ الغُرابِ، بالنصب، أَي زُهِيتَ
زَهْوَ الغرابِ: وقال ثعلب في النوادر: زُهِيَ الرجل وما أَزْهاهُ فوضَعُوا
التعجب على صيغة المفعول، قال: وهذا شاذٌّ
إنما يَقع التعجب من صيغة فِعْلِ الفاعل، قال: ولها نظائر قد حكاها
سيبويه وقال: رجُلٌ إنْزَهْوٌ وامرأَة إنْزَهْوَةٌ
وقوم إنْزَهْوُون ذَوو زَهْوٍ، ذهبوا إلى أَن الأَلف والنون زائدتان
كزيادتهما في إنْقَحْلٍ، وذلك إذا كانوا ذَوِي كِبْر. والزَّهْو: الكَذِب
والباطلُ؛ قال ابن أَحمر:
ولا تَقُولَنَّ زَهْواً ما تُخَبِّرُني،
لم يَتْرُكِ الشَّيْبُ لي زَهْواً، ولا العَوَرُ
(* قوله «ولا العور» أنشده في الصحاح: ولا الكبر، وقال في التكملة،
والرواية: ولا العور).
الزَّهْو: الكِبْرُ. والزَّهْوُ: الظُّلْمُ. والزَّهْو: الاسْتِخْفافُ:
وزَها فلاناً كلامُك زَِهْواً وازْدهاه فازْدَهَى: اسْتَخَفَّه فخفّ؛
ومنه قولهم: فلان لا يُزْدَهَى بخَديعَة. وازْدَهَيْت فلاناً أَي تَهاوَنْت
به. وازْدَهَى فلان فلاناً إذا اسْتَخَفَّه. وقال اليريدي: ازْدَهاهُ
وازْدَفاهُ رذا اسْتَخَفَّه. وزَهاهُ وازْدَهاهُ: اسْتَخَفَّه وتهاون به؛
قال عمر بن أَبي ربيعة:
فلما تَواقَفْنا وسَلَّمْتُ أَقْبَلَتْ
وجُوهٌ، زَهاها الحُسْنُ أَنْ تَتَقَنَّعا
قال ابن بري ويروى:
ولما تَنَازَعْنا الحَديثَ وأَشْرَقَت
قال: ومثله قول الأَخطل:
يا قاتَلَ اللهُ وصْلَ الغانِيات، إذا
أَيْقَنَّ أَنَّك مِمَّنْ قد زَها الكِبَرُ
وازْدَهاهُ الطَّرَب والوَعيدُ: اسْتَخَفَّه. ورجل مُزْدَهىً: أَخَذَتْه
خِفَّةٌ من الزَّهْوِ أَو غيره. وازْدَهاهُ على الأَمْرِ: أَجْبَرَه.
وزَها السَّرابُ الشيءَ يَزْهاهُ: رَفَعَه، بالأَلف لا غير. والسراب يَزْهى
القُور والحُمُول: كأَنه يَرْفَعُها؛ وزَهَت الأَمْواجُ السفينة كذلك.
وزَهَت الريحُ أَي هَبَّت؛ قال عبيد:
ولَنِعْم أَيْسارُ الجَزورِ إذا زَهَتْ
رِيحُ الشِّتَا، وتَأَلَّفَ الجِيرانُ
وزَهَت الريحُ النباتَ تَزْهاهُ: هَزَّتْه غِبَّ النَّدَى؛ وأَنشد ابن
بري:
فأَرْسَلَها رَهْواً رِعالاً، كأَنَّها
جَرادٌ زَهَتْه رِيحُ نَجْدٍ فأَتْهَمَا
قال: رَهْواً هنا أَي سِرَاعاً، والرَّهْوُ من الأَضداد. وزَهَتْه:
ساقَتْه. والريحُ تَزْهَى النباتَ إذا هَزَّتْه بعد غِبِّ المَطَر؛ قال أَبو
النجم:
في أُقْحُوانٍ بَلَّهُ طَلُّ الضُّحَى،
ثُمَّ زَهَتْهُ ريحُ غَيمٍ فَازْدَهَى
قال الجوهري: ورُبَّما قالوا زَهَت الريحُ الشَّجَر تَزْهاه إذا
هَزَّتْه.
والزَّهْوُ: النَّبات الناضرُ والمَنْظَرُ الحَسَن. يقال: زُهي الشيءُ
لِعَيْنِكَ. والزَّهْوُ: نَوْرُ النَّبْتِ وزَهْرُهُ وإشْراقُه يكون
للْعَرَضِ والجَوْهَرِ. وزَها النَّبْتُ يَزْهَى زَهْواً وزُهُوّاً وزَهاءً
حَسُنَ. والزَّهْوُ: البُسْرُ المُلَوَّنُ، يقال: إذا ظَهَرت الحُمْرة
والصفرة في النَّخْل فقد ظَهَرَ فيه الزَّهْوُ. والزَّهْوُ والزُّهْوُ:
البُسْرُ
إذا ظَهَرَت فيه الحُمْرة، وقيل: إذا لَوَّنَ، واحدته زَهْوة؛ وقال أَبو
حنيفة: زُهْوٌ، وهي لغة أَهل الحجاز بالضَّمِّ جمعُ زَهْوٍ، كقولك
فَرَسٌ وَرْدٌ
وأَفراس وُرْدٌ، فأُجْرِيَ الاسم في التَّكْسير مُجْرَى الصفة. وأَزْهَى
النَّخْلُ وزَهَا زُهُوّاً: تلوَّن بِحُمْرَةٍ وصُفْرةٍ. وروى أَنس من
مالك أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، نَهَى عن بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى
يَزْهو، قيل لأَنس: وما زَهْوُه؟ قال: أَن يحمرّ أَو يصفر، وفي رواية ابن
عمر: نهَى عن بَيْع النَّخْلِ حتى يُزْهِيَ. ابن الأَعرابي: زَها النبتُ
يَزْهُو إذا نَبَت ثَمَرُه، وأَزْهَى يُزْهِي إذا احْمَرَّ أَو اصفر،
وقيل: هما بمعنى الاحمرار والاصفرار، ومنهم من أَنْكَر يَزْهو ومنهم مَن
أَنكر يُزْهي. وزَهَا النَّبْتُ: طالَ واكْتَهَلَ؛ وأَنشد:
أَرَى الحُبَّ يَزْهَى لِي سَلامَةَ، كالَّذِي
زَهَى الطلُّ نَوْراً واجَهَتْه المَشارِقُ
يريد: يزيدُها حسناً في عَيْني. أَبو الخطاب قال: لا يقال للنخل إلاَّ
يُزْهى، وهو أَن يَحْمَرَّ أَو يصفرّ، قال: ولا يقال يَزْهُو، والإزْهاءُ
أَنْ يَحْمَرَّ أَو يصفر. وقال الأَصمعي: إذا ظَهَرت فيه الحُمْرة قيل
أَزْهَى. ابن بُزُرج: قالوا زُها الدُّنْيا زِينَتُها وإيناقُها، قال:
ومثله في المعنى قولهم ورَهَجُها. وقال: ما لِرَأّْيِكَ بُذْمٌ
ولا فَرِيق
(* قوله «ولا فريق» هكذا في الأصل). أَي صَرِيمَة. وقالوا:
طَعامٌ طيِّبُ الخَلْف أَي طَيّب آخر الطعم. وقال خالد بن جنبة: زُهِيَ
لَنَا حَمْل النَّخْلِ فنَحْسِبُه أَكثَرَ ممّا هو. الأَصمعي: إذا ظَهَرتْ
في النَّخْل الحُمْرة قيل أَزْهَى يُزْهِي: ابن الأَعرابي: زَهَا البُسْر
وأَزْهَى وزَهَّى وشَقَّحَ وأَشْقَحَ وأَفْضَحَ لا غير. أَبو زيد: زَكا
الزرع وَزَها إذا نَما. خالد ابن جنبة: الزَّهْوُ من البُسْرِ حين يصفرّ
ويحمرُّ ويحل جَرْمُه، قال: وجَرْمه للشِّرَاء والبَيْع، قال: وأَحْسَنُ
ما يكون النخلُ إذ ذاك؛ الأَزهري: جَرْمه خَرْصُه للبيع. وزَها بالسيف:
لمَعَ به. وزَهَا السراجَ: أَضاءَه. وزَهَا هو نفسُه.
وزُهاءُ الشيءِ وزِهَاؤُه: قَدْرُه، يقال: هُمْ زُهَاءُ مائِةٍ وزِهاءُ
مِائةٍ أَي قدرها. وهُم قومٌ ذَوُو زُهاءٍ أَي ذَوُو عَدَدٍ كثير؛
وأَنشد:
تَقَلَّدْتَ إبْريقاً، وعَلَّقْتَ جَعْبة
لِتُهْلِكَ حَيّاً ذَا زِهاءٍ وجَامِلِ
الإبريق: السيف، ويقال قوس فيها تلاميع. وزُهاءُ الشيء: شخصُه. وزَهَوْت
فلاناً بكذا أَزْهاهُ أَي حَزَرْته. وزَهَوْته بالخشبة: ضربتُه بها. وكم
زُهاؤُهم أَي قدرُهم وحزْرُهم؛ وأَنشد للعجاج؛
كأَنما زُهاؤُهم لمن جَهَرْ
وقولُهم: زُهاءُ مائَة أَي قدر مائةٍ. وفي حديث: قيل له كم كانوا؟ قال:
زُهاءَ ثلَثمائة أَي قدر ثلثمائة، من زَهَوْت القومَ إذا حَزَرْتَهم. وفي
الحديث: إذا سَمِعتم بناسٍ يأْتون من قِبَلِ المَشرق أولي زُهاءٍ
يَعجَبُ الناس من زيِّهِمْ فقد أَظَلَّت الساعةُ؛ قوله أُُولي زُهاءٍ أُولي
عددٍ كثيرٍ. وزَهَوْتُ الشيءَ إذا خَرَصْتَه وعلِمتَ ما زُهاؤُه.
والزُّهاءُ: الشخصُ، واحده كجمعِه. ومنه قول بعض الرُّوَّاد: مَداحي سَيْل وزُهاءُ
ليل، يصف نباتاً أَي شخصُه كشخص الليل في سوادِه وكَثْرِته؛ أَنشد ابن
الأَعرابي:
دُهْماً كأَن الليلَ في زُهائِها
زُهاؤُها: شُخوصُها يصف نَخْلاً يعني أَن اجتماعها يُري شُخوصَها سوداً
كالليل. وزَهَتِ الإبلُ تَزْهو زَهْواً: شربَت الماءَ ثم سارت بعد
الوِرْد ليلةً أَو أَكثر ولم تَرْعَ حول الماء، وزَهَوْتُها أَنا زَهْواً،
يَتَعَدَّى ولا يتعدى. وزَهَتْ
زَهْواً: مرَّت في طلب المَرْعى بعد أَن شرِبت ولم تَرْعَ حول الماء؛
قال الشاعر:
وأَنتِ استعرتِ الظَّبيَ جيداً ومُقْلَةً،
من المُؤلِفات الزِّهْوَ، غيرِ الأَوارِك
وزَها المُرَوِّحُ المِرْوَحة وزَهَّاها إذا حَرَّكها؛ وقال مزاحمٌ يصف
ذنب البعير:
كمِرْوَحَةِ الدَّارِيّ ظَلَّ يَكُرُّها،
بكَفِّ المُزَهِّي سَكْرَةَ الرِّيحِ عُودُها
فالمُزَهِّي: المُحَرِّك؛ يقول: هذه المروحة بكفِّ المُزَهِّي المحرِّك
لسُكونِ الريح. والزَاهيَةُ من الإبل: التي لا تَرْعى الحَمْض. قال ابن
الأَعرابي: الإبلُ إبلانِ: إبلٌ زاهِيَة زالَّة الأَحْناك لا تقرَب
العِضاهَ وهي الزَّواهي، وإبلٌ
عاضِهةٌ تَرْعى العِضاهَ وهي أَحْمَدُها وخيرها، وأَما الزَّاهِيَة
الزَّالَّةُ الأَحْناك فهي صاحبة الحَمْضِ ولا يُشْبِعها دُون الحَمْضِ شيء.
وزَهَتِ الشاةُ تَزْهُو زُهاءً وزُهُوّاً: أَضْرَعت ودَنا وِلادُها.
وأَزْهى النخلُ وزَها: طالَ، وزَها النبت: غَلا وعلا، وزَها الغلام: شَبَّ؛
هذه الثلاث عن ابن الأَعرابي.
رقع: رقَع الثوبَ والأَديم بالرِّقاع يَرْقَعُه رَقْعاً ورقَّعَه:
أَلحَمَ خَرْقه، وفيه مُتَرَقَّعٌ لمن يُصْلِحه أَي موضعُ تَرْقِيع كما قالوا
فيه مُتَنَصَّح أَي موضع خِياطة. وفي الحديث: المؤمنُ واهٍ راقِعٌ
فالسَّعِيدُ مَن هلَك على رَقْعِه، قوله واهٍ أَي يَهِي دِينُه بمعصيته
ويَرْقَعُهُ بتوبته، من رَقَعْت الثوبَ إِذا رَمَمْته. واسْتَرْقَع الثوبُ أَي
حانَ له أَن يُرْقَعَ. وتَرْقِيعُ الثوب: أَن تُرَقِّعَه في مواضع. وكلّ
ما سَدَدْت من خَلّة، فقد رَقَعْتَه ورَقَّعْته؛ قال عُمر بن أَبي
رَبِيعةَ:
وكُنَّ، إِذا أبْصَرْنَني أَو سَمِعْنَني، خَرَجْن فَرَقَّعْنَ الكُوى
بالمَحاجِرِ
(* في ديوان عمر: سَعَين مكان خرجن.)
وأَراه على المثل. وقد تَجاوَزُوا به إِلى ما ليس بِعَيْن فقالوا: لا
أَجِدُ فيكَ مَرْقَعاً للكلام. والعرب تقول: خَطِيب مِصْقَعٌ، وشاعِرٌ
مِرْقَعٌ، وحادٍ قُراقِرٌ مِصْقع يَذْهَب في كل صُقْع من الكلام، ومِرْقع يصل
الكلام فيَرْقَع بعضَه ببعض.
والرُّقْعةُ: ما رُقِع به: وجمعها رُقَعٌ ورِقاعٌ. والرُّقْعة: واحدة
الرِّقاع التي تكتب. وفي الحديث: يَجِيء أَحدُكم يومَ القِيامة على رقَبته
رِقاع تَخْفِق؛ أَراد بالرِّقاعِ ما عليه من الحُقوق المكتوبة في الرقاع،
وخُفُوقُها حرَكَتُها. والرُّقْعة: الخِرْقة.
والأَرْقَعُ والرَّقِيعُ:اسمان للسماء الدُّنيا لأَنّ الكواكب
رَقَعَتْها، سميت بذلك لأَنها مَرْقُوعة بالنجوم، والله أَعلم، وقيل: سميت بذلك
لأَنها رُقِعت بالأَنوار التي فيها، وقيل: كل واحدة من السموات رَقِيع
للأُخرى، والجمع أَرْقِعةٌ، والسموات السبع يقال إِنها سبعة أَرْقِعة، كلٌ
سَماء منها رَقَعت التي تليها فكانت طَبَقاً لها كما تَرْقَع الثوبَ
بالرُّقعة. وفي الحديث عن قول النبي، صلى الله عليه وسلم، لسعْد بن معاذ، رضي
الله عنه، حين حكم في بني قُرَيْظةَ: لقدْ حَكَمْتَ بحكم الله من فَوقِ
سَبعة أَرْقِعة، فجاء به على التذكير كأَنه ذَهب به إِلى معنى السقْف، وعنى
سبع سموات، وكلُّ سماء يقال لها رَقِيع، وقيل: الرَّقِيع اسم سماء
الدنيا فأَعْطَى كُلَّ سَماء اسْمَها. وفي الصحاح: والرَّقِيع سماء الدنيا
وكذلك سائر السموات. والرَّقِيعُ: الأَحمق الذي يَتَمَزَّقُ عليه عَقْلُه،
وقد رَقُع، بالضم، رَقاعةً، وهو الأَرْقَعُ والمَرْقَعانُ، والأُنثى
مَرْقَعانة، ورَقْعاءُ، مولَّدة، وسمي رَقِيعاً لأَن عقله قد أَخْلَق
فاسْتَرَمَّ واحتاج إِلى أَن يُرْقَع.
وأَرْقَع الرَّجلُ أَي جاء برَقاعةٍ وحُمْقٍ. ويقال: ما تحت الرَّقِيع
أَرْقَعُ منه.
والرُّقْعة: قِطْعة من الأَرض تَلْتَزِق بأُخرى. والرُّقعة: شجرة عظيمة
كالجَوْزة، لها ورق كورق القَرْع، ولها ثمر أَمثال التّين العُظام
الأَبيض، وفيه أَيضاً حَبٌّ كحب التِّين، وهي طيّبة القِشْرة وهي حُلوة طيبة
يأْكلها الناس والمَواشِي، وهي كثيرة الثمر تؤكل رَطْبة ولا تسمى ثمرتها
تيناً، ولكن رُقَعاً إِلا أَن يقال تين الرُّقَع.
ويقال: قَرَّعني فلان بِلَوْمِه فما ارْتَقَعْت به أَي لم أَكْتَرِث به.
وما أَرْتَقِعُ بهذا الشيء وما أَرْتَقِعُ له أَي ما أَبالي به ولا
أَكترث؛ قال:
ناشَدتُها بكتاب اللهِ حُرْمَتَنا،
ولم تَكُن بِكتابِ اللهِ تَرْتَقِعُ
وما تَرْتَقِعُ مني برَقاع ولا بِمِرْقاعٍ أَي ما تُطِيعُني ولا تَقْبَل
مما أَنصحك به شيئاً، لا يتكلم به إِلا في الجحد. ويقال: رَقَع الغَرضَ
بسهمه إِذا أَصابه، وكلُّ إِصابةٍ رَقْعٌ. وقال ابن الأَعرابي: رَقْعةُ
السهم صوته في الرُّقْعة. ورقَعَه رَقْعاً قبيحاً أَي هَجاه وشَتَمه؛
يقال: لأَرْقَعَنَّه رَقْعاً رَصِيناً. وأَرى فيه مُتَرَقَّعاً أَي موضعاً
للشتْمِ والهِجاء؛ قال الشاعر:
وما تَرَكَ الهاجونَ لي في أَدِيمكمْ
مَصَحًّا، ولكِنِّي أَرى مُتَرَقَّعا
وأَما قول الشاعر:
أَبى القَلْبُ إِلاَّ أُمّ عَمْروٍ وحُبّها
عَجُوزاً، ومَن يُحْبِبْ عَجُوزاً يُفَنَّدِ
كثَوْبِ اليماني قد تَقادَمَ عَهْدُه،
ورُقْعَتُه ما شِئْتَ في العينِ واليدِ
فإِنما عنى به أَصلَه وجَوْهَره. وأَرْقَع الرجلُ أَي جاء برَقاعةٍ
وحُمْق. ويقال: رَقَع ذَنَبَه بسَوْطه إِذا ضربه به. ويقال: بهذا البعير
رُقْعة من جَرَب ونُقْبة من حرب، وهو أَوّل الجرَب. وراقع الخمرَ: وهو قلب
عاقَرَ.
والرَّقْعاء من النساء: الدَّقِيقةُ الساقَيْنِ، ابن السكيت، في
الأَلفاظ: الرَّقْعاء والجَبّاء والسَّمَلَّقةُ: الزَّلاَّءُ من النساء، وهي
التي لا عَجِيزةَ لها. وامرأَة ضَهْيَأَةٌ بوزن فَعْلة مهموزة: وهي التي لا
تحيض؛ وأَنشد أَبو عمرو:
ضَهْيأَة أَو عاقِر جَماد
ويقال للذي يزيد في الحديث: وهو تَنْبُِيق وتَرْقِيع وتَوْصِيل، وهو
صاحب رمية يزيد في الحديث. وفي حديث مُعاوية: كان يَلْقَم بيد ويَرْقَعُ
بالأُخرى أَي يَبسُط إِحدى يديه لينتثر عليها ما يسقطُ من لُقَمه.
وجُوعٌ يَرْقوع ودَيْقُوع ويُرْقُوعٌ: شديد؛ عن السيرافي. وقال أَبو
الغوث: جُوعٌ دَيْقُوع ولم يعرف يَرْقُوع.
والرُّقَيْعُ: اسم رجل من بني تميم. والرُّقَيْعِيُّ: ماء بين مكة
والبصرة. وقَنْدةُ الرّقاعِ: ضَرْبٌ من التمر؛ عن أَبي حنيفة. وابن الرِّقاعِ
العامِلِيّ: شاعر معروف؛ وقال الرّاعِي:
لو كُنْتَ مِن أَحَدٍ يُهْجَى هَجَوْتُكمُ،
يا ابْنَ الرِّقاع، ولكن لسْتَ مِن أَحَدِ
فأَجابه ابن الرِّقاع فقال:
حُدِّثْتُ أَنّ رُوَيْعِي الإِبْلِ يَشْتُمُني،
واللهُ يَصْرِفُ أَقْواماً عن الرَّشَدِ
فإِنْكَ والشِّعْرَ ذُو تُزْجِي قَوافِيَه،
كَمُبْتَغِي الصَّيْدِ في عِرِّيسةِ الأَسَدِ
رجف: الرَّجَفانُ: الاضْطِرابُ الشديدُ: رجَفَ الشيءُ يرجُف رَجْفاً
ورُجوفاً ورجَفاناً ورَجِيفاً وأَرْجَفَ: خَفَقَ واضْطَرَبَ اضْطِراباً
شَديداً، أَنشد ثعلب:
ظَلَّ لأَعلى رأْسه رجِيفا
ورَجْفُ الشيء كرَجَفانِ البعير تحت الرحل، وكما تَرْجُفُ الشجرةُ إذا
رَجَفَتْها الرِّيحُ، وكما تَرْجُف السنّ إذا نَغَضَ أَصْلُها. والرجْفةُ:
الزَّلْزَلَةُ. ورجَفَتِ الأَرض تَرْجُفُ رجْفاً: اضطَربت. وقوله تعالى:
فلما أَخذتهم الرَّجفةُ قال رَبِّ لو شئتَ أَهلكتهم من قبل وإيَّاي؛ أَي
لو شئتَ أَمَتَّهم قبل أَن تقتلهم. ويقال: إنهم رَجَفَ بهم الجبلُ
فماتوا. ورجَفَ القلبُ: اضْطَربَ من الجَزَعِ. والرّاجِفُ: الحُمّى
المُحَرِّكَةُ، مذكَّر؛ قال:
وأَدْنَيْتَني، حتى إذا ما جَعَلْتَني
على الخَصْرِ أَو أَدْنى، اسْتَقَلَّك راجِفُ
ورجَفَ الشجرُ يَرْجُفُ: حرّكَتْه الريحُ، وكذلك الأَسْنانُ. ورجَفَتِ
الأَرضُ إذا تَزَلْزَلَتْ. ورَجَفَ القومُ إذا تَهَيَّؤُوا للحرب. وفي
التنزيل العزيز: يوم تَرْجُفُ الراجفة تَتْبَعُها الرَّادِفةُ؛ قال الفراء:
هي النَّفْخةُ الأَُولى، والرّادِفةُ النفخةُ الثانية؛ قال أَبو إسحق:
الرَّاجِفةُ الأَرض تَرْجُفُ تَتحرَّكُ حركة شديدة، وقال مجاهد: هي
الزَّلْزَلَة. وفي الحديث: أَيها الناسُ اذكُروا اللّه، جاءتِ الراجفةُ تتبعها
الرّادِفةُ؛ قال: الراجفةُ النفخةُ الأَُولى التي تموت لها الخلائق،
والرادفة الثانية التي يَحْيَوْنَ لها يومَ القيامة. وأَصل الرجْف الحركةُ
والاضْطِرابُ؛ ومنه حديث المَبْعَثِ: فرجع تَرْجُفُ بها بَوادِرُه. الليث:
الرَّجْفةُ في القرآن كلُّ عذاب أَخَذَ قوماً، فهي رجْفَةٌ وصَيْحةٌ
وصاعِقةٌ. والرَّعْدُ يَرْجُفُ رَجْفاً ورَجِيفاً: وذلك تَرَدُّدُ هَدْهَدَتِه
في السَّحابِ. ابن الأَنباري: الرجْفةُ معها تَحْريك الأَرضِ، يقال:
رَجَفَ الشيءُ إذا تحرك؛ وأَنشد:
تحْييِ العِظام الرَّاجفات منَ البِلى،
وليس لداء الرُّكْبَتَيْنِ طَبيبُ
ابن الأعرابي: رَجَفَ البلد إذا تزلزل، وقد رَجَفَت الأَرضُ وأرْجَفَتْ
وأُرْجِفَتْ إذا تَزَلْزَلَتْ.
الليث: أَرْجَفَ القومُ إذا خاضُوا في الأَخبار السيئة وذكر الفتَنِ.
قال اللّه تعالى: والمُرْجِفُونَ في المَدينةِ؛ وهم الذين يُوَلِّدُونَ
الأَخبارَ الكاذبةَ التي يكون معها اضطرابٌ في الناس. الجوهري: والإرْجافُ
واحد أَراجِيفِ الأَخْبارِ، وقد أَرْجَفوا في الشيء أَي خاضُوا فيه.
واسْتَرْجَفَ رأْسَه: حَرَّكه؛ قال ذو الرمة:
إذ حَرَّكَ القَرَبُ القَعْقاعُ أَلْحِيَها،
واسْتَرْجَفَتْ هامَها الهِيمُ الشَّغامِيمُ
ويروى:
إذ قَعْقَعَ القَرَبُ البَصْباصُ أَلْحِيَها
والرّجّافُ: البحر، سُمّي به لاضْطرابه وتحرك أَمْواجِه، اسم له
كالقَذّاف؛ قال:
ويُكَلِّلُونَ جِفانَهُم بِسَدِيفِهِمْ،
حتى تَغِيبَ الشمسُ في الرَّجّافِ
وأَنشد الجوهري:
المُطْعِمُونَ اللحمَ كلَّ عَشِيّةٍ،
حتى تَغِيبَ الشمسُ في الرَّجّافِ
قال ابن بري: البيت لمَطْرُود بن كعب الخُزاعِي يَرْثي عبد المطلب جدَّ
سيدنا رسولِ اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، والأَبيات:
يا أَيُّها الرجُلُ المُحَوِّلُ رَحلَه،
هَلاَّ نَزَلْتَ بآلِ عَبْدِ مَنافِ؟
هَبِلَتْكَ أُمُّك لو نَزَلْتَ بدارِهِمْ،
ضَمِنُوكَ مِن جُرْمٍ ومن إقْرافِ
المُنْعِمِينَ إذا النجومُ تَغَيَّرَتْ،
والظاعِنِينَ لِرِحْلَةِ الإيلافِ
والمُطْعِمُونَ إذا الرِّياحُ تَناوَحَتْ،
حتى تَغِيبَ الشمسُ في الرَّجّافِ
وقيل: الرَّجّافُ يومُ القِيامةِ. ورَجَفَ القومُ: تَهَيَّؤُوا للقتال،
وأَرْجَفُوا: خاضُوا في الفِتْنةِ والأَخبار السيّئة.
والرَّجَفانُ: الإسراعُ؛ عن كراع.