عن الصيغة بمعنى مولود يوم السبت.
قومة
عن العبرية بمعنى لبن ومخيض والتاء للتأنيث.
قوم: القيامُ: نقيض الجلوس، قام يَقُومُ قَوْماً وقِياماً وقَوْمة
وقامةً، والــقَوْمةُ المرة الواحدة. قال ابن الأَعرابي: قال عبد لرجل أَراد أن
يشتريه: لا تشترني فإني إذا جعت أَبغضت قَوْماً، وإذا شبِعت أَحببت
نَوْماً، أي أَبغضت قياماً من موضعي؛ قال:
قد صُمْتُ رَبِّي، فَتَقَبَّلْ صامتي،
وقُمْتُ لَيْلي، فتقَبَّل قامَتي
أَدْعُوك يا ربِّ من النارِ التي
أَعْدَدْتَ للكُفَّارِ في القِيامةِ
وقال بعضهم: إنما أَراد قَوْمَتي وصَوْمَتي فأَبدل من الواو أَلفاً،
وجاء بهذه الأبيات مؤسَّسة وغير مؤسسة، وأَراد من خوف النار التي أَعددت؛
وأَورد ابن بري هذا الرجز شاهداً على الــقَوْمة فقال:
قد قمت ليلي، فتقبَّل قَوْمَتي،
وصمت يومي، فتقبَّل صَوْمَتي
ورجل قائم من رجال قُوَّمٍ وقُيَّمٍ وقِيَّمٍ وقُيَّامٍ وقِيَّامٍ.
وقَوْمٌ: قيل هو اسم للجمع، وقيل: جمع. التهذيب: ونساء قُيَّمٌ
وقائمات أَعرف. والقامةُ: جمع قائم؛ عن كراع. قال ابن بري رحمه الله: قد
ترتجل العرب لفظة قام بين يدي الجمل فيصير كاللغو؛ ومعنى القِيام
العَزْمُ كقول العماني الراجز للرشيد عندما همَّ بأَن يعهد إلى ابنه
قاسم:قُل للإمامِ المُقْتَدَى بأَمِّه:
ما قاسِمٌ دُونَ مَدَى ابنِ أُمِّه،
فَقَدْ رَضِيناهُ فَقُمْ فسَمِّه
أي فاعْزِمْ ونُصَّ عليه؛ وكقول النابغة الذبياني:
نُبِّئتُ حِصْناً وحَيّاً مِن بَني أَسَدٍ
قامُوا فقالُوا؛ حِمانا غيرُ مَقْروبِ
أَي عَزَموا فقالوا؛ وكقول حسان بن ثابت:
علاما قامَ يَشْتُمُني لَئِيمٌ،
كخِنْزِيرٍ تَمَرَّغَ في رَمادِ
(* قوله «علاما» ثبتت ألف ما في الإستفهام مجرورة بعلى في الأصل، وعليها
فالجزء موفور وإن كان الأكثر حذفها حينئذ).
معناه علام يعزم على شتمي؛ وكقول الآخر:
لَدَى بابِ هِنْدٍ إذْ تَجَرَّدَ قائما
ومنه قوله تعالى: وإنه لما قامَ عبد الله يدعوه؛ أي لما عزم. وقوله
تعالى: إذ قاموا فقالوا ربُّنا ربُّ السموات والأرض؛ أي عزَموا فقالوا، قال:
وقد يجيء القيام بمعنى المحافظة والإصلاح؛ ومنه قوله تعالى: الرجال
قوّامون على النساء، وقوله تعالى: إلا ما دمت عليه قائماً؛ أي ملازماً
محافظاً. ويجيء القيام بمعنى الوقوف والثبات. يقال للماشي: قف لي أي تحبَّس
مكانَك حتى آتيك، وكذلك قُم لي بمعنى قف لي، وعليه فسروا قوله سبحانه: وإذا
أَظلم عليهم قاموا؛ قال أهل اللغة والتفسير: قاموا هنا بمعنى وقَفُوا
وثبتوا في مكانهم غير متقدّمين ولا متأَخرين، ومنه التَّوَقُّف في الأَمر وهو
الوقُوف عنده من غير مُجاوَزة له؛ ومنه الحديث: المؤمن وَقَّافٌ
متَأَنٍّ، وعلى ذلك قول الأَعشى:
كانت وَصاةٌ وحاجاتٌ لها كَفَفُ،
لَوْ أَنَّ صْحْبَكَ، إذْ نادَيْتَهم، وقَفُوا
أي ثبتوا ولم يتقدَّموا؛ ومنه قول هُدبة يصف فلاة لا يُهتدى فيها:
يَظَلُّ بها الهادي يُقلِّبُ طَرْفَه،
يَعَضُّ على إبْهامِه، وهو واقِفُ
أَي ثابت بمكانه لا يتقدَّم ولا يتأَخر؛ قال: ومنه قول مزاحم:
أَتَعْرِفُ بالغَرَّيْنِ داراً تَأبَّدَتْ،
منَ الحَيِّ، واستَنَّتْ عَليها العَواصِفُ
وقَفْتُ بها لا قاضِياً لي لُبانةً،
ولا أَنا عنْها مُسْتَمِرٌّ فَصارِفُ
قال: فثبت بهذا ما تقدم في تفسير الآية. قال: ومنه قامت الدابة إذا وقفت
عن السير. وقام عندهم الحق أي ثبت ولم يبرح؛ ومنه قولهم: أقام بالمكان
هو بمعنى الثبات. ويقال: قام الماء إذا ثبت متحيراً لا يجد مَنْفَذاً،
وإذا جَمد أيضاً؛ قال: وعليه فسر بيت أبي الطيب:
وكذا الكَريمُ إذا أَقام بِبَلدةٍ،
سالَ النُّضارُ بها وقام الماء
أي ثبت متحيراً جامداً. وقامَت السُّوق إذا نفَقت، ونامت إذا كسدت.
وسُوق قائِمة: نافِقة. وسُوق نائِمة: كاسِدة. وقاوَمْتُه قِواماً: قُمْت معه،
صحَّت الواو في قِوام لصحتها في قاوَم. والــقَوْمةُ: ما بين الركعتين من
القِيام. قال أَبو الدُّقَيْش: أُصلي الغَداة قَوْمَتَيْنِ، والمغرب ثلاث
قَوْمات، وكذلك قال في الصلاة.
والمقام: موضع القدمين؛ قال:
هذا مَقامُ قَدَمَي رَباحِ،
غُدْوَةَ حتَّى دَلَكَتْ بَراحِ
ويروى: بِراحِ. والمُقامُ والمُقامةُ: الموضع الذي تُقيم فيه.
والمُقامة، بالضم: الإقامة. والمَقامة، بالفتح: المجلس والجماعة من الناس، قال:
وأما المَقامُ والمُقامُ فقد يكون كل واحد منهما بمعنى الإقامة، وقد يكون
بمعنى موضع القِيام، لأَنك إذا جعلته من قام يَقُوم فمفتوح، وإن جعلته من
قام يُقِيمُ فَمضْموم، فإن الفعل إذا جاوز الثلاثة فالموضع مضموم الميم،
لأَنه مُشَبَّه ببنات الأَربعة نحو دَحْرَجَ وهذا مُدَحْرَجُنا. وقوله
تعالى: لا مقَامَ لكم، أي لا موضع لكم، وقُرئ لا مُقام لكم، بالضم، أي لا
إقامة لكم. وحَسُنت مُستقَرّاً ومُقاماً؛ أَي موضعاً؛ وقول لبيد:
عَفَتِ الدِّيارُ: مَحلُّها فَمُقامُها
بِمنىً، تأَبَّدَ غَوْلُها فَرِجامُها
يعني الإقامة. وقوله عزَّ وجل: كم تركوا من جنات وعيون وزُروع ومَقام
كَريم؛ قيل: المَقامُ الكريم هو المِنْبَر، وقيل: المنزلة الحسَنة. وقامت
المرأَة تَنُوح أَي جعَلت تنوح، وقد يُعْنى به ضدّ القُعود لأَن أكثر
نوائح العرب قِيامٌ؛ قال لبيد:
قُوما تَجُوبانِ مَعَ الأَنْواح
وقوله:
يَوْمُ أَدِيمِ بَقَّةَ الشَّرِيمِ
أَفضَلُ من يومِ احْلِقِي وقُومي
إنما أَراد الشدّة فكنى عنه باحْلِقي وقومي، لأَن المرأَة إذا مات
حَمِيمها أو زوجها أو قُتل حلَقَت رأْسها وقامَت تَنُوح عليه. وقولهم: ضَرَبه
ضَرْبَ ابنةِ اقْعُدي وقُومي أي ضَرْبَ أمة، سميت بذلك لقُعودها وقِيامه
في خدمة مواليها، وكأنَّ هذا جعل اسماً، وإن كان فِعْلاً، لكونه من
عادتها كما قال: إن الله ينهاكم عن قِيلٍ وقالٍ. وأَقامَ بالمكان إقاماً
وإقامةً ومُقاماً وقامةً؛ الأخيرة عن كراع: لَبِثَ. قال ابن سيده: وعندي أن
قامة اسم كالطّاعةِ والطّاقَةِ. التهذيب: أَقَمْتُ إقامةً، فإذا أَضَفْت
حَذَفْت الهاء كقوله تعالى: وإقام الصلاةِ وإيتاء الزكاةِ. الجوهري:
وأَقامَ بالمكان إقامةً، والهاء عوض عن عين الفعل لأَن أصلَه إقْواماً،
وأَقامَه من موضعه. وأقامَ الشيء: أَدامَه، من قوله تعالى: ويُقِيمون الصلاةَ،
وقوله تعالى: وإنَّها لبِسَبيل مُقِيم؛ أراد إن مدينة قوم لوط لبطريق
بيِّن واضح؛ هذا قول الزجاج.
والاسْتِقامةُ: الاعْتدالُ، يقال: اسْتَقامَ له الأمر. وقوله تعالى:
فاسْتَقِيمُوا إليه أي في التَّوَجُّه إليه دون الآلهةِ. وقامَ الشيءُ
واسْتقامَ: اعْتدَل واستوى. وقوله تعالى: إن الذين قالوا ربُّنا الله ثم
اسْتَقاموا؛ معنى قوله اسْتَقامُوا عملوا بطاعته ولَزِموا سُنة نبيه، صلى الله
عليه وسلم. وقال الأَسود بن مالك: ثم استقاموا لم يشركوا به شيئاً، وقال
قتادة: استقاموا على طاعة الله؛ قال كعب بن زهير:
فَهُمْ صَرفُوكم، حينَ جُزْتُمْ عنِ الهُدَى،
بأَسْيافِهِِمْ حَتَّى اسْتَقَمْتُمْ على القِيَمْ
قال: القِيَمُ الاسْتِقامةُ. وفي الحديث: قل آمَنتُ بالله ثم اسْتَقِمْ؛
فسر على وجهين: قيل هو الاسْتقامة على الطاعة، وقيل هو ترك الشِّرك.
أَبو زيد: أَقمْتُ الشيء وقَوَّمْته فَقامَ بمعنى اسْتقام، قال:
والاسْتِقامة اعتدال الشيء واسْتِواؤه. واسْتَقامَ فلان بفلان أي مدَحه وأَثنى عليه.
وقامَ مِيزانُ النهار إذا انْتَصفَ، وقام قائمٌ الظَّهِيرة؛ قال الراجز:
وقامَ مِيزانُ النَّهارِ فاعْتَدَلْ
والقَوامُ: العَدْل؛ قال تعالى: وكان بين ذلك قَواماً؛ وقوله تعالى: إنّ
هذا القرآن يَهْدِي للتي هي أَقْومُ؛ قال الزجاج: معناه للحالة التي هي
أَقْوَمُ الحالاتِ وهي تَوْحِيدُ الله، وشهادةُ أن لا إله إلا الله،
والإيمانُ برُسُله، والعمل بطاعته. وقَوَّمَه هو؛ واستعمل أبو إسحق ذلك في
الشِّعر فقال: استقامَ الشِّعر اتَّزَنَ. وقَوّمَََ دَرْأَه: أَزال
عِوَجَه؛ عن اللحياني، وكذلك أَقامَه؛ قال:
أَقِيمُوا، بَني النُّعْمانِ، عَنَّا صُدُورَكُم،
وإلا تُقِيموا، صاغِرِينَ، الرُّؤوسا
عدَّى أَقِيمُوا بعن لأَن فيه معنى نَحُّوا أَو أَزيلُوا، وأَما قوله:
وإلاَّ تُقِيموا صاغرين الرُّؤوسا فقد يجوز أَن يُعْنى به عُني بأَقِيموا
أي وإلا تُقيموا رؤوسكم عنا صاغرين، فالرُّؤوسُ على هذا مفعول بتُقيموا،
وإن شئت جعلت أَقيموا هنا غير متعدّ بعن فلم يكن هنالك حرف ولاحذف،
والرُّؤوسا حينئذ منصوب على التشبيه بالمفعول.
أَبو الهيثم: القامةُ جماعة الناس. والقامةُ أيضاً: قامةُ الرجل. وقامةُ
الإنسان وقَيْمَتُه وقَوْمَتُه وقُومِيَّتُه وقَوامُه: شَطاطُه؛ قال
العجاج:
أَما تَرَيني اليَوْمَ ذا رَثِيَّهْ،
فَقَدْ أَرُوحُ غيرَ ذي رَذِيَّهْ
صُلْبَ القَناةِ سَلْهَبَ القُومِيَّهْ
وصَرَعَه من قَيْمَتِه وقَوْمَتِه وقامَته بمعنى واحد؛ حكان اللحياني عن
الكسائي. ورجل قَوِيمٌ وقَوَّامٌ: حَسَنُ القامة، وجمعهما قِوامٌ.
وقَوام الرجل: قامته وحُسْنُ طُوله، والقُومِيَّةُ مثله؛ وأنشد ابن بري رجز
العجاج:
أَيامَ كنتَ حسَنَ القُومِيَّهْ،
صلبَ القناة سَلهبَ القَوْسِيَّهْ
والقَوامُ: حُسْنُ الطُّول. يقال: هو حسن القامةِ والقُومِيَّة
والقِمّةِ. الجوهري: وقامةُ الإنسان قد تُجمَع على قاماتٍ وقِيَمٍ مِثْل تاراتٍ
وتِيَر، قال: وهو مقصور قيام ولحقه التغيير لأَجل حرف العلة وفارق رَحَبة
ورِحاباً حيث لم يقولوا رِحَبٌ كما قالوا قِيَمٌ وتِيَرٌ. والقُومِيَّةُ:
القَوام أَو القامةُ. الأَصمعي: فلان حسن القامةِ والقِمّة والقُوميَّة
بمعنى واحد؛ وأَنشد:
فَتَمَّ مِنْ قَوامِها قُومِيّ
ويقال: فلان ذُو قُومِيَّةٍ على ماله وأَمْره. وتقول: هذا الأَمر لا
قُومِيَّة له أي لا قِوامَ له. والقُومُ: القصدُ؛ قال رؤبة:
واتَّخَذَ الشَّد لهنَّ قُوما
وقاوَمَه في المُصارَعة وغيرها. وتقاوموا في الحرب أي قام بعضهم لبعض.
وقِوامُ الأمر، بالكسر: نِظامُه وعِماده. أَبو عبيدة: هو قِوامُ أهل
بيته وقِيامُ أهل بيته، وهو الذي يُقيم شأْنهم من قوله تعالى: ولا تُؤتوا
السُّفهاء أَموالكم التي جَعل الله لكم قِياماً. وقال الزجاج: قرئت جعل
الله لكم قِياماً وقِيَماً. ويقال: هذا قِوامُ الأَمر ومِلاكُه الذي يَقوم
به؛ قال لبيد:
أَفَتِلْكَ أمْ وَحْشِيّةٌ مَسْبُوعَةٌ
خُذِلَتْ، وهادِيةُ الصِّوارِ قوامُها؟
قال: وقد يفتح، ومعنى الآية أي التي جعلَها الله لكم قِياماً تُقِيمكم
فتَقُومون بها قِياماً، ومن قرأَ قِيَماً فهو راجع إلى هذا، والمعنى جعلها
الله قِيمةَ الأَشياء فبها تَقُوم أُمورُكم؛ وقال الفراء: التي جعل الله
لكم قِياماً يعني التي بها تَقُومون قياماً وقِواماً، وقرأَ نافع المدني
قيَماً، قال: والمعنى واحد.
ودِينارٌ قائم إذا كان مثقالاً سَواء لا يَرْجح، وهو عند الصيارفة ناقص
حتى يَرْجَح بشيء فيسمى مَيّالاً، والجمع قُوَّمٌ وقِيَّمٌ. وقَوَّمَ
السِّلْعة واسْتَقامها: قَدَّرها. وفي حديث عبد الله بن عباس: إذا
اسْتَقَمْت بنَقْد فبِعْتَ بنقد فلا بأْس به، وإذا اسْتَقَمْت بنقد فبعته
بِنَسيئة فلا خير فيه فهو مكروه؛ قال أَبو عبيد: قوله إذا استقمت يعني
قوَّمت، وهذا كلام أهل مكة، يقولون: اسَتَقَمْتُ المَتاع أي قَوَّمْته، وهما
بمعنى، قال: ومعنى الحديث أن يدفَعَ الرجلُ إلى الرجل الثوب فيقوّمه مثلاً
بثلاثين درهماً، ثم يقول: بعه فما زاد عليها فلك، فإن باعه بأكثر من
ثلاثين بالنقد فهو جائز، ويأْخذ ما زاد على الثلاثين، وإن باعه بالنسيئة
بأَكثر مما يبيعه بالنقد فالبيع مردود ولا يجوز؛ قال أَبو عبيد: وهذا عند من
يقول بالرأْي لا يجوز لأَنها إجارة مجهولة، وهي عندنا معلومة جائزة،
لأَنه إذا وَقَّت له وَقْتاً فما كان وراء ذلك من قليل أو كثير فالوقت يأْتي
عليه، قال: وقال سفيان بن عيينة بعدما روى هذا الحديث يَسْتَقِيمه بعشرة
نقداً فيبيعه بخمسة عشر نسيئة، فيقول: أُعْطِي صاحب الثوب من عندي عشرة
فتكون الخمسة عشر لي، فهذا الذي كره. قال إسحق: قلت لأَحمد قول ابن عباس
إذا استقمت بنقد فبعت بنقد، الحديث، قال: لأنه يتعجل شيئاً ويذهب عَناؤه
باطلاً، قال إسحق: كما قال قلت فما المستقيم؟ قال: الرجل يدفع إلى الرجل
الثوب فيقول بعه بكذا، فما ازْدَدْتَ فهو لك، قلت: فمن يدفع الثوب إلى
الرجل فيقول بعه بكذا فما زاد فهو لك؟ قال: لا بأْس، قال إسحق كما قال.
والقِيمةُ: واحدة القِيَم، وأَصله الواو لأَنه يقوم مقام الشيء.
والقيمة: ثمن الشيء بالتَّقْوِيم. تقول: تَقاوَمُوه فيما بينهم، وإذا انْقادَ
الشيء واستمرّت طريقته فقد استقام لوجه. ويقال: كم قامت ناقتُك أي كم بلغت.
وقد قامَتِ الأمةُ مائة دينار أي بلغ قيمتها مائة دينار، وكم قامَتْ
أَمَتُك أي بلغت. والاستقامة: التقويم، لقول أهل مكة استقَمْتُ المتاع أي
قوَّمته. وفي الحديث: قالوا يا رسول الله لو قوَّمْتَ لنا، فقال: الله هو
المُقَوِّم، أي لو سَعَّرْت لنا، وهو من قيمة الشيء، أي حَدَّدْت لنا
قيمتها. ويقال: قامت بفلان دابته إذا كلَّتْ وأَعْيَتْ فلم تَسِر. وقامت
الدابة: وَقَفَت. وفي الحديث: حين قام قائمُ الظهيرة أي قيام الشمس وقت
الزوال من قولهم قامت به دابته أي وقفت، والمعنى أن الشمس إذا بلغت وسَط
السماء أَبْطأَت حركةُ الظل إلى أن تزول، فيحسب الناظر المتأَمل أنها قد وقفت
وهي سائرة لكن سيراً لا يظهر له أثر سريع كما يظهر قبل الزوال وبعده،
ويقال لذلك الوقوف المشاهد: قام قائم الظهيرة، والقائمُ قائمُ الظهيرة.
ويقال: قام ميزان النهار فهو قائم أي اعْتَدَل. ابن سيده: وقام قائم الظهيرة
إذا قامت الشمس وعقَلَ الظلُّ، وهو من القيام. وعَيْنٌ قائمة: ذهب بصرها
وحدَقَتها صحيحة سالمة. والقائم بالدِّين: المُسْتَمْسِك به الثابت عليه.
وفي الحديث: إنَّ حكيم بن حِزام قال: بايعت رسول الله، صلى الله عليه
وسلم، أن لا أخِرَّ إلا قائماً؛ قال له النبي، صلى الله عليه وسلم: أمّا من
قِبَلِنا فلا تَخِرُّ إلا قائماً أي لسنا ندعوك ولا نبايعك إلا قائماً
أي على الحق؛ قال أبو عبيد: معناه بايعت أن لا أموت إلا ثابتاً على
الإسلام والتمسُّك به. وكلُّ من ثبت على شيء وتمسك به فهو قائم عليه. وقال
تعالى: ليْسُوا سَواء من أهل الكتاب أُمَّةٌ قائمةٌ؛ إنما هو من المُواظبة
على الدين والقيام به؛ الفراء: القائم المتمسك بدينه، ثم ذكر هذا الحديث.
وقال الفراء: أُمَّة قائمة أي متمسكة بدينها. وقوله عز وجل: لا يُؤَدِّه
إليك إلا ما دُمت عليه قائماً؛ أي مُواظِباً مُلازِماً، ومنه قيل في
الكلام للخليفة: هو القائِمُ بالأمر، وكذلك فلان قائِمٌ
بكذا إذا كان حافظاً له متمسكاً به. قال ابن بري: والقائِمُ على الشيء
الثابت عليه، وعليه قوله تعالى: من أهل الكتاب أُمةٌ قائمةٌ؛ أي مواظِبة
على الدين ثابتة. يقال: قام فلان على الشيء إذا ثبت عليه وتمسك به؛ ومنه
الحديث: اسْتَقِيموا لقُريش ما اسْتَقامُوا لكم، فإنْ لم يَفْعَلوا
فضَعُوا سيُوفَكم على عَواتِقكم فأَبِيدُوا خضْراءهم، أي دُوموا لهم في الطاعة
واثْبُتوا عليها ما داموا على الدين وثبتوا على الإسلام. يقال: قامَ
واسْتَقامَ كما يقال أَجابَ واسْتجابَ؛ قال الخطابي: الخَوارِج ومن يَرى
رأْيهم يتأَوَّلونه على الخُروج على الأَئمة ويحملون قوله ما اسْتقاموا لكم
على العدل في السِّيرة، وإنما الاستقامة ههنا الإقامة على الإسلام، ودليله
في حديث آخر: سيَلِيكم أُمَراءُ تَقْشَعِرُّ منهم الجلود وتَشْمَئِزُّ
منهم القلوب، قالوا: يا رسول الله، أَفلا تُقاتلهم؟ قال: لا ما أَقاموا
الصلاة، وحديثه الآخر: الأَئمة من قريش أَبرارُها أُمَراءُ أَبرارِها
وفُجَّارُها أُمَراءُ فُجَّارِها؛ ومنه الحديث: لو لم تَكِلْه لقامَ لكم أي
دام وثبت، والحديث الآخر: لو تَرَكَتْه ما زال قائماً، والحديث الآخر: ما
زال يُقِيمُ لها أُدْمَها. وقائِمُ السيف: مَقْبِضُه، وما سوى ذلك فهو
قائمة نحو قائمةِ الخِوان والسرير والدابة. وقَوائِم الخِوان ونحوها: ما
قامت عليه. الجوهري: قائمُ السيف وقائمتُه مَقْبِضه. والقائمةُ: واحدة قوائم
الدَّوابّ. وقوائم الدابة: أربَعُها، وقد يستعار ذلك في الإنسان؛ وقول
الفرزدق يصف السيوف:
إذا هِيَ شِيمتْ فالقوائِمُ تَحْتها،
وإنْ لمْ تُشَمْ يَوْماً علَتْها القَوائِمُ
أَراد سُلَّت. والقوائم: مقَابِض السيوف.
والقُوام: داءٌ يأْخذ الغنم في قوائمها تقوم منه. ابن السكيت: ما فَعل
قُوام كان يَعتري هذه الدابة، بالضم، إذا كان يقوم فلا يَنْبَعث. الكسائي:
القُوام داءٌ يأْخذ الشاة في قوائمها تقوم منه؛ وقَوَّمت الغنم: أَصابها
ذلك فقامت. وقامُوا بهم: جاؤوهم بأَعْدادهم وأَقرانِهم وأَطاقوهم. وفلان
لا يقوم بهذا الأمر أي لا يُطِيق عليه، وإذا لم يُطِق الإنسان شيئاً
قيل: ما قام به. الليث: القامةُ مِقدار كهيئة رجل يبني على شَفِير البئر
يوضع عليه عود البَكْرة، والجمع القِيم، وكذلك كل شيء فوق سطح ونحوه فهو
قامة؛ قال الأَزهري: الذي قاله الليث في تفسير القامة غير صحيح، والقامة عند
العرب البكرة التي يستقى بها الماء من البئر، وروي عن أبي زيد أنه قال:
النَّعامة الخشبة المعترضة على زُرْنُوقي البئر ثم تعلق القامة، وهي
البَكْرة من النعامة. ابن سيده: والقامةُ البكرة يُستقَى عليها، وقيل: البكرة
وما عليها بأَداتِها، وقيل: هي جُملة أَعْوادها؛ قال الشاعر:
لَمّا رأَيْتُ أَنَّها لا قامهْ،
وأَنَّني مُوفٍ على السَّآمَهْ،
نزَعْتُ نَزْعاً زَعْزَعَ الدِّعامهْ
والجمع قِيَمٌ مثل تارةٍ وتِيَرٍ، وقامٌ؛ قال الطِّرِمّاح:
ومشَى تُشْبِهُ أَقْرابُه
ثَوْبَ سْحْلٍ فوقَ أَعوادِ قامِ
وقال الراجز:
يا سَعْدُ غَمَّ الماءَ وِرْدٌ يَدْهَمُه،
يَوْمَ تَلاقى شاؤُه ونَعَمُهْ،
واخْتَلَفَتْ أَمْراسُه وقِيَمُهْ
وقال ابن بري في قول الشاعر:
لَمّا رأَيت أَنها لا قامه
قال: قال أَبو عليّ ذهب ثعلب إلى أَن قامة في البيت جمع قائِم مثل بائِع
وباعةٍ، كأَنه أَراد لا قائمين على هذا الحوض يَسْقُون منه، قال: ومثله
فيما ذهب إليه الأَصمعي:
وقامَتي رَبِيعةُ بنُ كَعْبِ،
حَسبُكَ أَخلاقُهمُ وحَسْبي
أي رَبِيعة قائمون بأَمري؛ قال: وقال عديّ بن زيد:
وإنِّي لابنُ ساداتٍ
كِرامٍ عنهمُ سُدْتُ
وإنِّي لابنُ قاماتٍ
كِرامٍ عنهمُ قُمْتُ
أَراد بالقاماتِ الذين يقومون بالأُمور والأَحداث؛ ومما يشهد بصحة قول
ثعلب أن القامة جمع قائم لا البكرة قوله:
نزعت نزعاً زعزع الدِّعامه
والدِّعامة إنما تكون للبكرة، فإن لم تكن بكْرَةٌ
فلا دعامة ولا زعزعةَ لها؛ قال ابن بري: وشاهد القامة للبكرة قول
الراجز:إنْ تَسْلَمِ القامةُ والمَنِينُ،
تُمْسِ وكلُّ حائِمٍ عَطُونُ
وقال قيس بن ثُمامة الأرْحبي في قامٍ جمع قامةِ البئر:
قَوْداءَ تَرْمَدُّ مِنْ غَمْزي لها مَرَطَى،
كأَن هادَيها قامٌ على بِيرِ
والمِقْوَم: الخَشَبة التي يُمْسكها الحرّاث. وقوله في الحديث: إنه
أَذِنَ في قَطْع المسَدِ والقائمَتينِ من شجر الحَرَم، يريد قائمتي الرَّحْل
اللتين تكون في مُقَدَّمِه ومُؤَخَّره.
وقَيِّمُ الأمر: مُقِيمهُ. وأمرٌ
قَيِّمٌ: مُسْتقِيم. وفي الحديث: أتاني مَلَك فقال: أَنت قُثَمٌ
وخُلُقُكَ قَيِّم أي مُسْتَقِيم حسَن. وفي الحديث: ذلك الدين القَيِّمُ أي
المستقيم الذي لا زَيْغ فيه ولا مَيْل عن الحق. وقوله تعالى: فيها كُتب
قيِّمة؛ أَي مستقيمة تُبيّن الحقّ من الباطل على اسْتِواء وبُرْهان؛ عن الزجاج.
وقوله تعالى: وذلك دِين القَيِّمة؛ أَي دين الأُمةِ القيّمة بالحق،
ويجوز أَن يكن دين المِلة المستقيمة؛ قال الجوهري: إنما أَنثه لأَنه أَراد
المِلة الحنيفية. والقَيِّمُ: السيّد وسائسُ الأَمر. وقَيِّمُ القَوْم:
الذي يُقَوِّمُهم ويَسُوس أَمرهم. وفي الحديث: ما أَفْلَحَ قَوْمٌ
قَيِّمَتُهُم امرأة. وقَيِّمُ المرأَةِ: زوجها في بعض اللغات. وقال أَبو
الفتح ابن جني في كتابه الموسوم بالمُغْرِب. يروى أَن جاريتين من بني
جعفر بن كلاب تزوجتا أَخوين من بني أَبي بكر ابن كلاب فلم تَرْضَياهما
فقالت إحداهما:
أَلا يا ابْنَةَ الأَخْيار مِن آلِ جَعْفَرٍ
لقد ساقَنا منْ حَيِّنا هَجْمَتاهُما
أُسَيْوِدُ مِثْلُ الهِرِّ لا دَرَّ دَرُّه
وآخَرُ مِثْلُ القِرْدِ لا حَبَّذا هُما
يَشِينانِ وجْهَ الأَرْضِ إنْ يَمْشِيا بِها،
ونَخْزَى إذَا ما قِيلَ: مَنْ قَيِّماهُما؟
قَيِّماهما: بَعْلاهُما، ثنت الهَجّمتين لأَنها أَرادت القِطْعَتَين أَو
القَطيعَيْنِ. وفي الحديث: حتى يكون لخمسين امرأَة قَيِّمٌ واحد؛
قَيِّمُ المرأَةِ: زوجها لأَنه يَقُوم بأَمرها وما تحتاج إليه. وقام بأَمر كذا.
وقام الرجلُ على المرأَة: مانَها. وإنه لَقَوّام علهيا: مائنٌ لها. وفي
التنزيل العزيز: الرجالُ قَوَّامون على النساء؛ وليس يراد ههنا، والله
أَعلم، القِيام الذي هو المُثُولُ والتَّنَصُّب وضدّ القُعود، إنما هو من
قولهم قمت بأَمرك، فكأنه، والله أَعلم، الرجال مُتكفِّلون بأُمور النساء
مَعْنِيُّون بشؤونهن، وكذلك قوله تعالى: يا أَيها الذين آمنوا إذا قُمتم
إلى الصلاة؛ أَي إذا هَمَمْتم بالصلاة وتَوَجّهْتم إليها بالعِناية وكنتم
غير متطهرين فافعلوا كذا، لا بدّ من هذا الشرط لأَن كل من كان على طُهر
وأَراد الصلاة لم يلزمه غَسْل شيء من أعضائه، لا مرتَّباً ولا مُخيراً
فيه، فيصير هذا كقوله: وإن كنتم جُنُباً فاطَّهروا؛ وقال هذا، أَعني قوله
إذا قمتم إلى الصلاة فافعلوا كذا، وهو يريد إذا قمتم ولستم على طهارة، فحذف
ذلك للدلالة عليه، وهو أَحد الاختصارات التي في القرآن وهو كثير جدّاً؛
ومنه قول طرفة:
إذا مُتُّ فانْعِينِي بما أَنا أَهْلُه،
وشُقِّي عَلَيَّ الجَيْبَ، يا ابنةَ مَعْبَدِ
تأْويله: فإن مت قبلك، لا بدّ أَن يكون الكلام مَعْقوداً على هذا لأَنه
معلوم أَنه لا يكلفها نَعْيَه والبُكاء عليه بعد موتها، إذ التكليفُ لا
يصح إلا مع القدرة، والميت لا قدرة فيه بل لا حَياة عنده، وهذا واضح.
وأَقامَ الصلاة إقامةً وإقاماً؛ فإقامةً
على العوض، وإقاماً بغير عوض. وفي التنزيل: وإقامَ الصلاة. ومن كلام
العرب: ما أَدري أَأَذَّنَ أَو أَقامَ؛ يعنون أَنهم لم يَعْتَدّوا أَذانَه
أَذانَاً ولا إقامَته إقامةً، لأَنه لم يُوفِّ ذلك حقَّه، فلما وَنَى فيه
لم يُثبت له شيئاً منه إذ قالوها بأَو، ولو قالوها بأَم لأَثبتوا أَحدهما
لا محالة. وقالوا: قَيِّم المسجد وقَيِّمُ الحَمَّام. قال ثعلب: قال ابن
ماسَوَيْهِ ينبغي للرجل أَن يكون في الشتاء كقَيِّم الحَمَّام، وأَما
الصيف فهو حَمَّام كله وجمع قَيِّم عند كراع قامة. قال ابن سيده: وعندي أَن
قامة إنما هو جمع قائم على ما يكثر في هذا الضرب.
والمِلَّة القَيِّمة: المُعتدلة، والأُمّة القَيِّمة كذلك. وفي التنزيل:
وذلك دين القَيّمة؛ أي الأُمَّة القيمة. وقال أَبو العباس والمبرد: ههنا
مضمرٍ، أَراد ذلك دِينُ الملَّةِ القيمة، فهو نعت مضمرٍ محذوفٌ محذوقٌ؛
وقال الفراء: هذا مما أُضيف إلى نفسه لاختلاف لفظيه؛ قال الأَزهري:
والقول ما قالا، وقيل: أباء في القَيِّمة للمبالغة، ودين قَيِّمٌ كذلك. وفي
التنزيل العزيز: ديناً قِيَماً مِلَّةَ إبراهيم. وقال اللحياني وقد قُرئ
ديناً قَيِّماً أي مستقيماً. قال أَبو إسحق: القَيِّمُ هو المُسْتَقيم،
والقِيَمُ: مصدر كالصِّغَر والكِبَر إلا أَنه لم يُقل قِوَمٌ مثل قوله: لا
يبغون عنها حِوَلاً؛ لأَن قِيَماً من قولك قام قِيَماً، وقامَ كان في
الأصل قَوَمَ أَو قَوُمَ، فصار قام فاعتل قِيَم، وأَما حِوَلٌ
فهو على أَنه جار على غير فِعْل؛ وقال الزجاج: قِيَماً مصدر كالصغر
والكبر، وكذلك دين قَوِيم وقِوامٌ.
ويقال: رمح قَوِيمٌ وقَوامٌ قَوِيمٌ
أَى مستقيم؛ وأَنشد ابن بري لكعب بن زهير:
فَهُمْ ضَرَبُوكُم حِينَ جُرْتم عن الهُدَى
بأَسْيافهم، حتَّى اسْتَقَمْتُمْ على القِيَمْ
(* قوله «ضربوكم حين جرتم» تقدم في هذه المادة تبعاً للأصل: صرفوكم حين
جزتم، ولعله مروي بهما).
وقال حسان:
وأَشْهَدُ أَنَّكَ، عِنْد المَلِيـ
ـكِ، أُرْسلْتَ حَقّاً بِدِينٍ قِيَمْ
قال: إلا أنّ القِيَمَ مصدر بمعنى الإستقامة. والله تعالى القَيُّوم
والقَيَّامُ. ابن الأَعرابي: القَيُّوم والقيّام والمُدبِّر واحد. وقال
الزجاج: القيُّوم والقيَّام في صفة الله تعالى وأَسمائه الحسنى القائم بتدبير
أَمر خَلقه في إنشائهم ورَزْقهم وعلمه بأَمْكِنتهم. قال الله تعالى: وما
من دابّة في الأَرض إلا على الله رِزْقُها ويَعلَم مُسْتَقَرَّها
ومُسْتَوْدَعها. وقال الفراء: صورة القَيُّوم من الفِعل الفَيْعُول، وصورة
القَيَّام الفَيْعال، وهما جميعاً مدح، قال: وأَهل الحجاز أَكثر شيء قولاً
للفَيْعال من ذوات الثلاثة مثل الصَّوَّاغ، يقولون الصَّيَّاغ. وقال الفراء
في القَيِّم: هو من الفعل فَعِيل، أَصله قَوِيم، وكذلك سَيّد سَوِيد
وجَيِّد جَوِيد بوزن ظَرِيف وكَرِيم، وكان يلزمهم أَن يجعلوا الواو أَلفاً
لانفتاح ما قبلها ثم يسقطوها لسكونها وسكون التي بعدها، فلما فعلوا ذلك
صارت سَيْد على فَعْل، فزادوا ياء على الياء ليكمل بناء الحرف؛ وقال
سيبويه: قَيِّم وزنه فَيْعِل وأَصله قَيْوِم، فلما اجتمعت الياء والواو والسابق
ساكن أَبدلوا من الواو ياء وأَدغموا فيها الياء التي قبلها، فصارتا ياء
مشدّدة، وكذلك قال في سيّد وجيّد وميّت وهيّن وليّن. قال الفراء: ليس في
أَبنية العرب فَيْعِل، والحَيّ كان في الأَصل حَيْواً، فلما إجتمعت الياء
والواو والسابق ساكن جعلتا ياء مشدّدة. وقال مجاهد: القَيُّوم القائم
على كل شيء، وقال قتادة: القيوم القائم على خلقه بآجالهم وأَعمالهم
وأَرزاقهم. وقال الكلبي: القَيُّومُ الذي لا بَدِيء له. وقال أَبو عبيدة: القيوم
القائم على الأشياء. الجوهري: وقرأَ عمر الحيُّ القَيّام، وهو لغة،
والحيّ القيوم أَي القائم بأَمر خلقه في إنشائهم ورزقهم وعلمه بمُسْتَقرِّهم
ومستودعهم. وفي حديث الدعاء: ولكَ الحمد أَنت قَيّام السمواتِ والأَرض،
وفي رواية: قَيِّم، وفي أُخرى: قَيُّوم، وهي من أبنية المبالغة، ومعناها
القَيّام بأُمور الخلق وتدبير العالم في جميع أَحواله، وأَصلها من الواو
قَيْوامٌ وقَيْوَمٌ وقَيْوُومٌ، بوزن فَيْعالٍ وفَيْعَلٍ وفَيْعُول.
والقَيُّومُ: من أَسماء الله المعدودة، وهو القائم بنفسه مطلقاً لا بغيره، وهو
مع ذلك يقوم به كل موجود حتى لا يُتَصوَّر وجود شيء ولا دوام وجوده إلا
به.
والقِوامُ من العيش
(* قوله «والقوام من العيش» ضبط القوام في الأصل
بالكسر واقتصر عليه في المصباح، ونصه: والقوام، بالكسر، ما يقيم الإنسان من
القوت، وقال أيضاً في عماد الأمر وملاكه أنه بالفتح والكسر، وقال صاحب
القاموس: القوام كسحاب ما يعايش به، وبالكسر، نظام الأمر وعماده): ما
يُقيمك. وفي حديث المسألة: أَو لذي فَقْرٍ مُدْقِع حتى يُصِيب قِواماً من عيش
أَي ما يقوم بحاجته الضرورية. وقِوامُ العيش: عماده الذي يقوم به.
وقِوامُ الجِسم: تمامه. وقِوام كل شيء: ما استقام به؛ قال العجاج:
رأْسُ قِوامِ الدِّينِ وابنُ رَأْس
وإِذا أَصاب البردُ شجراً أَو نبتاً فأَهلك بعضاً وبقي بعض قيل: منها
هامِد ومنها قائم. الجوهري: وقَوَّمت الشيء، فهو قَويم أي مستقيم، وقولهم
ما أَقوَمه شاذ، قال ابن بري: يعني كان قياسه أَن يقال فيه ما أَشدَّ
تَقْويمه لأَن تقويمه زائد على الثلاثة، وإنما جاز ذلك لقولهم قَويم، كما
قالوا ما أَشدَّه وما أَفقَره وهو من اشتدّ وافتقر لقولهم شديد وفقير.
قال: ويقال ما زِلت أُقاوِمُ فلاناً في هذا الأَمر أي أُنازِله. وفي
الحديث: مَن جالَسه أَو قاوَمه في حاجة صابَره. قال ابن الأَثير: قاوَمَه
فاعَله من القِيام أَي إذا قامَ معه ليقضي حاجتَه صبَر عليه إلى أن
يقضِيها.وفي الحديث: تَسْويةُ الصفّ من إقامة الصلاة أي من تمامها وكمالها، قال:
فأَمّا قوله قد قامت الصلاة فمعناه قامَ أَهلُها أَو حان قِيامهم. وفي
حديث عمر: في العين القائمة ثُلُث الدية؛ هي الباقية في موضعها صحيحة
وإنما ذهب نظرُها وإبصارُها. وفي حديث أَبي الدرداء: رُبَّ قائمٍ مَشكورٌ له
ونائمٍ مَغْفورٌ له أَي رُبَّ مُتَجَهِّد يَستغفر لأَخيه النائم فيُشكر
له فِعله ويُغفر للنائم بدعائه. وفلان أَقوَمُ كلاماً من فلان أَي أَعدَلُ
كلاماً.
والقَوْمُ: الجماعة من الرجال والنساء جميعاً، وقيل: هو للرجال خاصة دون
النساء، ويُقوِّي ذلك قوله تعالى: لا يَسْخَر قَوم من قوم عسى أَن
يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أَن يَكُنَّ خيراً منهن؛ أَي رجال من
رجال ولا نساء من نِساء، فلو كانت النساء من القوم لم يقل ولا نساء من
نساء؛ وكذلك قول زهير:
وما أَدرِي، وسوفَ إخالُ أَدري،
أَقَوْمٌ آلُ حِصْنٍ أَمْ نِساء؟
وقَوْمُ كل رجل: شِيعته وعشيرته. وروي عن أَبي العباس: النَّفَرُ
والقَوْم والرَّهط هؤُلاء معناهم الجمع لا واحد لهم من لفظهم للرجال دون
النساء. وفي الحديث: إن نَسَّاني الشيطان شيئاً من هلاتي فليُسبِّح القومُ
وليُصَفِّقِ النساء؛ قال ابن الأَثير: القوم في الأصل مصدر قام ثم غلب على
الرجال دون النساء، ولذلك قابلن به، وسموا بذلك لأَنهم قوّامون على النساء
بالأُمور التي ليس للنساء أَن يقمن بها. الجوهري: القوم الرجال دون
النساء لا واحد له من لفظه، قال: وربما دخل النساء فيه على سبيل التبع لأَن
قوم كل نبي رجال ونساء، والقوم يذكر ويؤَنث، لأَن أَسماء الجموع التي لا
واحد لها من لفظها إذا كانت للآدميين تذكر وتؤنث مثل رهط ونفر وقوم، قال
تعالى: وكذَّبَ به قومك، فذكَّر، وقال تعالى: كذَّبتْ قومُ نوح، فأَنَّث؛
قال: فإن صَغَّرْتَ لم تدخل فيها الهاء وقلت قُوَيْم ورُهَيْط ونُفَير،
وإنما يلحَقُ التأْنيثُ فعله، ويدخل الهاء فيما يكون لغير الآدميين مثل
الإبل والغنم لأَن التأنيث لازم له، وأَما جمع التكسير مثل جمال ومساجد،
وإن ذكر وأُنث، فإنما تريد الجمع إذا ذكرت، وتريد الجماعة إذا أَنثت. ابن
سيده: وقوله تعالى: كذَّبت قوم نوح المرسلين، إِنما أَنت على معنى كذبت
جماعة قوم نوح، وقال المرسلين، وإن كانوا كذبوا نوحاً وحده، لأَن من كذب
رسولاً واحداً من رسل الله فقد كذب الجماعة وخالفها، لأَن كل رسول يأْمر
بتصديق جميع الرسل، وجائز أَن يكون كذبت جماعة الرسل، وحكى ثعلب: أَن العرب
تقول يا أَيها القوم كفُّوا عنا وكُفّ عنا، على اللفظ وعلى المعنى. وقال
مرة: المخاطب واحد، والمعنى الجمع، والجمع أَقْوام وأََقاوِم وأقايِم؛
كلاهما على الحذف؛ قال أَبو صخر الهذلي أَنشده يعقوب:
فإنْ يَعْذِرِ القَلبُ العَشِيَّةَ في الصِّبا
فُؤادَكَ، لا يَعْذِرْكَ فيه الأَقاوِمُ
ويروى: الأقايِمُ، وعنى بالقلب العقل؛ وأَنشد ابن بري لخُزَز بن
لَوْذان:مَنْ مُبْلغٌ عَمْرَو بنَ لأ
يٍ، حَيْثُ كانَ مِن الأَقاوِمْ
وقوله تعالى: فقد وكلنا بها قوماً ليسوا بها بكافرين؛ قال الزجاج: قيل
عنى بالقوم هنا الأَنبياء، عليهم السلام، الذين جرى ذكرهم، آمنوا بما أَتى
به النبي، صلى الله عليه وسلم، في وقت مَبْعثهم؛ وقيل: عنى به من آمن من
أَصحاب النبي، صلى الله عليه وسلم، وأَتباعه، وقيل: يُعنى به الملائكة
فجعل القوم من الملائكة كما جعل النفر من الجن حين قال عز وجل: قل أُوحي
إليّ أَنه استمع نفر من الجن، وقوله تعالى: يَسْتَبْدِلْ قوماً غيركم؛ قال
الزجاج: جاء في التفسير: إن تولى العِبادُ استبدل الله بهم الملائكة،
وجاء: إن تَوَلَّى أهلُ مكة استبدل الله بهم أهل المدينة، وجاء أيضاً:
يَسْتَبْدِل قوماً غيركم من أهل فارس، وقيل: المعنى إن تتولوا يستبدل قوماً
أَطْوَعَ له منكم. قال ابن بري: ويقال قوم من الجنّ وناسٌ من الجنّ
وقَوْمٌمن الملائكة؛ قال أُمية:
وفيها مِنْ عبادِ اللهِ قَوْمٌ،
مَلائِكُ ذُلُِّلوا، وهُمُ صِعابُ
والمَقامُ والمَقامة: المجلس. ومَقامات الناس: مَجالِسُهم؛ قال العباس
بن مرداس أَنشده ابن بري:
فأَيِّي ما وأَيُّكَ كان شَرّاً
فَقِيدَ إلى المَقامةِ لا يَراها
ويقال للجماعة يجتمعون في مَجْلِسٍ: مَقامة؛ ومنه قول لبيد:
ومَقامةٍ غُلْبِ الرِّقابِ كأَنَّهم
جِنٌّ، لدَى بابِ الحَصِيرِ، قِيامُ
الحَصِير: المَلِك ههنا، والجمع مَقامات؛ أَنشد ابن بري لزهير:
وفيهِمْ مَقاماتٌ حِسانٌ وجُوهُهُمْ،
وأَنْدِيةٌ يَنْتابُها القَوْلُ والفِعْلُ
ومَقاماتُ الناسِ: مَجالِسهم أيضاً. والمَقامة والمَقام: الموضع الذي
تَقُوم فيه. والمَقامةُ: السّادةُ.
وكل ما أَوْجَعَك من جسَدِك فقد قامَ بك. أَبو زيد في نوادره: قامَ بي
ظَهْري أَي أَوْجَعَني، وقامَت بي عيناي.
ويومُ القِيامة: يومُ البَعْث؛ وفي التهذيب: القِيامة يوم البعث يَقُوم
فيه الخَلْق بين يدي الحيّ القيوم. وفي الحديث ذكر يوم القِيامة في غير
موضع، قيل: أَصله مصدر قام الخَلق من قُبورهم قِيامة، وقيل: هو تعريب
قِيَمْثَا
(* قوله «تعريب قيمثا» كذا ضبط في نسخة صحيحة من النهاية، وفي أخرى
بفتح القاف والميم وسكون المثناة بينهما. ووقع في التهذيب بدل المثلثة
ياء مثناة ولم يضبط)، وهو بالسريانية بهذا المعنى. ابن سيده: ويوم
القِيامة يوم الجمعة؛ ومنه قول كعب: أَتَظْلِم رجُلاً يوم القيامة؟
ومَضَتْ قُِوَيْمةٌ من الليلِ أَي ساعةٌ
أَو قِطْعة، ولم يَجِدْه أَبو عبيد، وكذلك مضَى قُوَيْمٌ
من الليلِ، بغير هاء، أَي وَقْت غيرُ محدود.
عقم: العَقْمُ والعُقْمُ، بالفتح والضم: هَزْمةٌ تقعُ في الرَّحِم فلا
تَقْبَلُ الولدَ. عَقِمَتِ الرَّحِمُ عَقْماً وعُقِمَتْ عُقْماً وعَقْماً
وعَقَماً وعَقَمَها اللهُ يَعْقِمُها عَقْماً ورَحِمٌ عَقِيمٌ وعَقِيمةٌ
مَعْــقومةٌ، والجمعُ عَقائمُ وعُقُمٌ، وما كانت عَقِيماً ولقد عُقِمَت،
فهي مَعْــقومةٌ، وعَقُمَت إذا لم تَحْمِلْ فهي عَقِيمٌ وعَقُرَتْ، بفتح
العين وضَمِّ القاف. وحكى ابن الأعرابي: امرأَةٌ عقيمٌ، بغير هاءٍ، لا تَلِدُ
من نِسْوةٍ عَقائم، وزاد اللحياني: من نسوةٍ عُقْمٍ؛ قال أبو دَهْبلٍ
يمدح عبدَ الله بنَ الأَزْرق المخزوميّ، وقيل هو للحزين الليثي:
نَزْر الكلامِ منَ الحَياءِ، تَخالُه
ضَمِناً، وليس بِجِسْمِه سُقْمُ
مُتَهَلِّل بِنَعَمْ، بلا مُتباعِد،
سِيّانِ منه الوَفْرُ والعُدْمُ
عُقِمَ النِّساءُ فلن يَلِدْنَ شَبيهَه،
إن النِّساءَ بمثْلِه عُقْمُ
قال ابن بري: الفصيح عَقَمَ اللهُ رحِمَها وعُقِمَت المرأَة، ومن قال
عَقُمَتْ أو عَقِمَتْ قال أَعْقَمَها اللهُ وعَقَمَها مثل أَحْزَنْتُه
وحَزَنْتُه؛ وأنشد في العُقْمِ المَصْدر للمُخَبَّل السَّعْديّ:
عُقِمَتْ فَناعَمَ نَبْتَه العُقْمُ
وفي الحديث: سَوْداءُ وَلُودٌ خيرٌ من حَسناءَ عَقيم. قال ابن الأثير:
والمرأَةُ عَقيمٌ ومَعْــقومةٌ، والرجلُ عَقِيمٌ ومَعْقومٌ. وفي كلام
الحاضرة: الرجالُ عندَهُ بُكْم، والنِّساءُ بمثلِه عُقْم. ويقال للمرأة
مَعْــقومةُ الرَّحِم كأَنها مَسْدودتُها. ويقال: عُقِمَت المرأَة تُعْقَم عَقْماً
وعَقِمَتْ تَعْقَمُ عَقَماً وعَقُمتْ تَعْقُم عُقْماً، وأَعقمَ اللهُ
رَحِمَها فعُقِمتْ، على ما لم يسمّ فاعله. ورَحِمٌ معــقومةٌ أي مسدودة لا
تلد ومصدره العَقْم؛ وأَنشد ابن بري للأَعشى:
تَلوِي بعِذْقِ خِصابٍ كلما خَطَرَتْ
عن فَرْج مَعْــقومةٍ لم تَتَّبِعْ رُبَعا
ورجلٌ عَقيمٌ وعَقامٌ: لا يُولَد له، والجمع عُقَماء وعِقامٌ وعَقْمى.
وامرأة عَقامٌ ورجل عَقامٌ إذا كانا سيِّئَي الخُلُق، وما كان عَقاماً
ولقد عَقُم: تَخَلَّقه؛ وأنشد أبو عمرو:
وأنتَ عَقامٌ لا يُصابُ له هَوىً،
وذو هِمَّةٍ في المال، وهو مُضَيّعُ
ويقال للمرأة العَقِيم من سُوءِ الخُلُق: عَقُمَتْ. والدنيا عَقيمٌ أي
لا ترُدُّ على صاحبها خيراً، وبومُ القيامة يومٌ عقِيم لأنه لا يومَ
بعدهَ؛ فأما قول النبي، صلى الله عليه وسلم: العقلُ عَقْلان، فأَما عقل صاحب
الدنيا فعَقيمٌ، وأما عقلُ صاحب الآخرة فمُثْمِرٌ، فالعقيمُ ههنا الذي لا
يَنفعُ ولا يرُدُّ خيراً على المثَل. والريحُ العقيمُ في كتاب الله: هي
الدَّبورُ؛ قال الله تعالى: وفي عادٍ إذ أَرسلنا عليهم الريحَ العقيم؛ قال
أبو إسحق: الريحُ العقيمُ التي لا يكون معها لَقَحٌ أي لا تأْتي بمطر
إنما هي ريحُ الإهلاك، وقيل: هي لا تُلقِحُ الشجر ولا تُنشِئُ سَحاباً ولا
تَحْمِل مَطراً، عادَلوا بها ضدَّها، وهو قولهم: رِيحٌ لاقِحٌ أي أنها
تُلْقِح الشجرَ وتُنشِئُ السَّحاب، وجاؤوا بها على حذف الزائد وله نظائر
كثيرة. ويقال: المُلْكُ عَقيمٌ لا ينفع فيه نسَبٌ لأَن الأَبَ يقتُلُ
ابنَه على المُلْك. وقال ثعلب: معناه أنه يقتل أباه وأَخاه وعَمَّه في ذلك.
والعَقْمُ: القَطْعُ، ومنه قيل: المُلك عَقيمٌ لأنه تُقطعُ فيه الأَرحام
بالقتل والعُقوق. وفي الحديث: اليمينُ الفاجرة التي يُقْتَطعُ بها مالُ
المُسلمِ تَعْقِمُ الرَّحِم؛ يريد أنها تَقْطع الصِّلة والمعروفَ بين
الناس. قال ابن الأثير: ويجوز أن يحمل على ظاهره.
وحرب عَقامٌ وعُقام وعَقيم: شديدة لا يَلوِي فيها أَحدٌ على أحد يَكْثُر
فيها القتلُ وتَبقى النساء أَيامى، ويومٌ عَقيمٌ وعُقام وعَقام كذلك.
وداءٌ عَقام وعُقام: لا يَبرأُ، والضمُّ أَفْصحُ؛ قالت ليلى:
شَفاها منَ الداءِ العُقامِ الذي بها
غُلامٌ، إذا هَزَّ القَناةَ سَقاها
قال الجوهري: العَقامُ الداءُ الذي لا يُبرَأُ منه، وقياسه الضم إلا أن
المسموع هو الفتح. ابن الأَعرابي: يقال فلان ذو عُقْمِيَّاتٍ إذا كان
يُلَوِّي بخَصْمِه. والعَقامُ: اسمُ حيةٍ تسكن البحْر، ويقال: إن الأسودَ من
الحيّات يأْتي شطَّ البحر فيَصْفِر فتخرج إليه العقامُ فيتَلاوَيان ثم
يَفْترِقان، فيذهبُ هذا في البرِّ وترجع العَقامُ إلى البحر. وناقةٌ
عَقامٌ: بازلٌ شديدة؛ وأنشد ابن الأَعرابي:
وإن أَجْدَى أَظَلاَّها ومَرَّتْ
لِمَنْهَلِها عَقامٌ خَنْشَلِيلُ
(* قوله «لمنهلها» كذا في الأصل تبعاً للمحكم، والذي في مادة جدي منه:
لمنهبها، بالباء).
أجدَى: منْ جَدِيّة الدَّمِ.
والمَعاقِمُ: فِقَرٌ بين الفَريدة والعَجْب في مُؤخَّر الصُّلب؛ قال
خُفافٌ:
وخَيْلٍ تَنادَى لا هَوادَةَ بَيْنها،
شَهِدْتُ بمَدْلوك المَعاقِمِ مُحْنِقِ
أي ليس برَهِلٍ. والاعْتقامُ: الدُّخول في الأمر. وفي حديث ابن مسعود
حين ذكر القيامة وأَنّ اللهَ يَظهر للخَلْق قال: فيَخِرُّ المسلمون سُجوداً
لربِّ العالمين وتُعْقَمُ أصلابُ المنافقين، وقيل: المشركين، فلا
يَسجدون أي تَيْبَس مَفاصِلُهم وتصير مَشدودةً، فتبقى أصلابُهم طَبَقاً واحداً
أي تُعْقَد ويدخلُ بعضها في بعض فلا يستطيعون السجود. ويقال: عُقِمَتْ
مَفاصِلُ يَدَيه ورجليْه إذا يَبِستْ. والمَعاقِمُ: المفاصل. والمَعاقِمُ
من الخيل: المفاصل، واحدُها مَعْقِمٌ، فالرُّسْغ عند الحافر مَعْقِمٌ،
والرُّكْبة مَعْقِم، والعُرْقوب مَعْقِم، وسُمِّيت المفاصل مَعاقِمَ لأن
بعضها مُنْطبقٌ على بعض.
والاعتِقام: أن يَحْفِروا البئر حتى إذا دَنَوْا من الماء حَفَروا بئراً
صغيرة في وَسَطها حتي يَصِلوا إلى الماء فيَذُوقوه، فإن كان عَذْباً
وَسَّعوها وحفَروا بقيَّتَها، وإن لم يكن عَذْباً تركوها؛ قال العجاج يصف
ثوراً:
بسَلْهَبَيْنِ فوْقَ أنْفٍ أذلَفا،
إذا انتَحى مُعْتَقِماً أو لجَّفا
أي بقَرْنَين طويلين أي عَوَّجَ جِرابَ البئر يَمْنةً ويَسْرة.
والاعتِقامُ: المُضِيُّ في الحفر سُفْلاً. قال ابن بري: ويأْتي يَعْتَقِمُ بمعنى
يَقهَر؛ قال رؤبة بن العجاج:
يَعْتَقِمُ الأجدالَ والخُصوما
وقول الشاعر ربيعة بن مقروم الضَّبِّيِّ:
وماءٍ آجِنِ الجَمَّاتِ قَفْرٍ
تَعَقَّمُ في جَوانِبه السِّباعُ
أي تحْتَفِر، ويقال: ترَدَّدُ. وعاقَمْت فلاناً إذا خاصمْته.
والعَقْمُ: المِرْطُ الأحمر، وقيل: هو كلُّ ثوب أحمر. والعَقْمُ: ضرْب
من الوَشْي، الواحدة عَقْمةٌ ويقال عِقْمة؛ وأنشد ابن بري لعلقمة بن
عبَدة:عَقْماً ورَقْماً يَكادُ الطيرُ يَتْبَعُه،
كأَنه من دَمِ الأَجوافِ مَدمُومُ
وقال اللحياني: العقْمةُ ضرْبٌ من ثياب الهوادج مُوَشّىً، قال: وبعضهم
يقول هي ضُروب من اللبن بيضٌ وحُمْر، وقيل: العِقْمة جمع عَقْمٍ كشَيخٍ
وشِيخةٍ، وإنما قيل للوَشْي عِقْمة لأن الصانع كان يعمَلُ، فإذا أَراد أن
يَشِيَ بغير ذلك اللون لَواه فأَغمَضه وأَظهر ما يُريد عمله.
وكلام عُقْمِيٌّ: قديمٌ قد دَرَسَ؛ عن ثعلب. والعُقِمِيُّ من الكلام:
غريبُ الغريب والعُقْمِيُّ: كلام عَقيم لا يُشتقُّ منه فِعْل. ويقال: إنه
لَعالِمٌ بعُقْمِيِّ الكلام وعُقْبيّ الكلام وهو غامض الكلام الذي لا
يعرفه الناس، وهو مثل النوادر. وقال أَبو عمرو: سأَلت رجلاً من هُذَيل عن حرف
غريب فقال: هذا كلام عُقْمِيٌّ، يعني أنه من كلام الجاهليّة لا يُعرَفُ
اليومَ، وقيل: عُقْمِيُّ الكلام أي قديمُ الكلام. وكلامٌ عُقْمِيٌّ
وعِقْمِيٌّ أَي غامضٌ. والعُقْميُّ: الرجلُ القديمُ
(* قوله «والعقميّ الرجل
القديم إلخ» ضبط في الأصل بالضم وبه صرح في القاموس، وضبط في التهذيب
والتكملة بالفتح) الكرمِ والشرفِ.
والتَّعاقُمُ: الوِرْدُ مرةً بعدَ مرةٍ، وقيل: الميم فيه بدل من باء
التعاقُبِ. والمَعْقِمُ أَيضاً: عُقْدَةٌ في التِّبْن.
رقم: الرَّقْمُ والتَّرقيمُ: تَعْجيمُ الكتاب. ورَقَمَ الكتاب
يَرْقُمُهُ رَقْماً: أَعجمه وبيَّنه. وكتاب مَرْقُوم أي قد بُيِّنتْ حروفه
بعلاماتها من التنقيط. وقوله عز وجل: كتاب مَرْقُومٌ؛ كتاب مكتوب؛
وأنشد:سأَرْقُم في الماء القَراحِ إليكُم،
عل بُعْدِكُمْ، إن كان للماء راقِمُ
أَي سأَكتب. وقولهم: هو يَرْقُمُ في الماء أي بلغ من حِذْقه بالأُمور أن
يَرْقُمَ حيث لا يثبت الرَّقْمُ؛ وأما المؤمن فإن كتابه يجعل في
عِلِّيِّينَ السماء السابعة، وأما الكافر فيجعل كتابه في أسفل الأرضين
السابعة.والمِرْقَمُ: القَلَمُ. يقولون: طاح مِرْقَمُك أي أَخطأَ قلمك. الفراء:
الرَّقِيمةُ المرأة العاقلة البَرْزَةُ الفَطِنَةُ. وهو يَرْقُمُ في
الماء؛ يضرب مثلاً للفَطِنِ. والمُرَقِّمُ والمُرَقِّنُ: الكاتب؛ قال:
دار كَرَقْم الكاتب المُرَقّن
والرَّقْمُ: الكتابة والختم. ويقال للرجل إذا أَسرف في غضبه ولم يقتصد:
طَما مِرْقَمُكَ وجاش مرْقَمُكَ وغَلى وطَفَح وفاضَ وارتفع وقَذَفَ
مِرْقَمُكَ. والمَرْقُومُ من الدواب: الذي في قوائمه خطوط كَيَّاتٍ. وثور
مَرْقُوم القوائم: مُخَطَّطُها بسواد، وكذلك الحمار الوحشي. التهذيب:
والمَرْقُومُ من الدواب الذي يكوى على أَوْظِفَتِهِ كَيّاتٍ صغاراً، فكل واحدة
منها رَقْمَةٌ، وينعت بها الحمار الوحشي لسواد على قوائمه.
والرَّقْمتانِ: شبه ظُفْرَين في قوائم الدابة متقابلتين، وقيل: هو ما
اكتنف جاعِرتي الحمار من كَيَّة النار. ويقال للنكتتين السوداوين على
عَجُزِ الحمار: الرَّقْمتان، وهما الجاعرتان. ورَقْمتا الحمار والفرسِ:
الأثَرانِ بباطن أَعضادهما. وفي الحديث: ما أَنتم في الأُمم إلا كالرَّقْمة في
ذراع الدابة؛ الرَّقْمَةُ: الهَنَةُ الناتئة في ذراع الدابة من داخل،
وهما رَقمتان في ذراعيها، وقيل: الرَّقْمتان اللتان في باطن ذراعي الفرس لا
تُنْبِتان الشعر. ويقال للصَّناعِ الحاذقة بالخِرازة: هي تَرْقُمُ الماء
وتَرْقُمُ في الماء، كأنها تخط فيه.
والرَّقْمُ: خَزّ مُوَشّى. يقال: خَزٌّ رَقْم كما يقال بُرْدٌ وَشْي.
والرَّقْمُ: ضرب من البُرود؛ قال أبو خراش:
تقول: ولولا أنت أُنْكَحْتُ سيداً
أزَفُّ إليه، أَو حُمِلْتُ على قَرْمِ
لَعَمْري لقد مُلِّكْتِ أَمْرَك حِقْبةً
زماناً، فهلا مِسْتِ في العَقْمِ والرَّقْمِ
والرَّقْمُ: ضرب مخطط من الوَشْي، وقيل: من الخَزِّ. وفي الحديث: أَتى
فاطمة، عليها السلام، فوجد على بابها ستْراً مُوَشًّى فقال: ما لنا
والدنيا والرَّقْم؟ يريد النقش والوَشْيَ، والأصل فيه الكتابة. وفي حديث علي،
عليه السلام، في صفة السماء: سَقْف سائر ورَقِيمٌ مائر؛ يريد به وَشْيَ
السماء بالنجوم. ورَقَمَ الثوب يَرْقُمُه رَقْماً ورَقَّمهُ: خططه؛ قال
حميد:
فَرُحْنَ، وقد زايَلنَ كل صَنِعَةٍ
لهنّ، وباشَرنَ السَّديلَ المُرَقَّما
والتاجر يَرْقُمُ ثوبه بسِمَته. ورَقْمُ الثوب: كتابه، وهو في الأصل
مصدر؛ يقال: رَقَمْتُ الثوب ورَقَّمْتُه تَرْقِيماً مثله. وفي الحديث: كان
يزيد في الرَّقْمِ أي ما يكتب على الثياب من أَثمانها لتقع المرابحة عليه
أو يغترّ به المشتري، ثم استعمله المحدثون فيمن يكذب ويزيد في حديثه.
ابن شميل: الأَرْقَمُ حية بين الحيتين مُرَقَّم بحمرة وسواد وكُدْرَةٍ
وبُغْثَةٍ. ابن سيده: الأَرْقَمُ من الحيّات الذي فيه سواد وبياض، والجمع
أُراقِمُ، غلب غلبة الأَسماء فكُسِّرَ تكسيرها ولا يوصف به المؤنث، يقال
للذكر أَرْقَم، ولا يقال حية رَقْماء، ولكن رَقْشاء. والرَّقَمُ
والرُّقْمَةُ: لون الأَرْقَم. وقال رجل لعمر، رضي الله عنه: مثلي كمثل الأَرْقَمِ
إن تقتله يَنْقَمْ وإن تتركه يَلْقمْ. وقال شمر: الأَرقَمُ من الحيات
الذي يشبه الجانَّ في اتقاء الناس من قتله، وهو مع ذلك من أَضعف الحَيّات
وأَقلها غضباً، لأَن الأَرْقَمَ والجانّ يتقى في قتلهما عقوبة الجن لمن
قتلهما، وهو مثل قوله: إن يُقْتَل يَنْقَمْ أي يُثْأرْ به. وقال ابن حبيب:
الأَرْقَمُ أَخبث الحيات وأَطلبها للناس، والأَرْقَمُ إذا جعلته نعتاً
قلت أََرْقَشُ، وإنما الأرقَمُ اسمه. وفي حديث عمر: هو إذاً كالأَرْقَمِ أي
الحية التي على ظهرها رَقْمٌ أي نقش، وجمعها أَراقِمُ.
والأَراقِمُ: قوم من ربيعة، سُمُّوا الأَراقِمَ تشبيهاً لعيونهم بعيون
الأَراقِمِ من الحيات. الجوهري: الأَراقِمُ حي من تَغْلب، وهم جُشَم؛ قال
ابن بري: ومنه قول مُهَلْهِلٍ:
زَوَّجَها فَقْدُها الأَراقِمَ في
جَنْبٍ، وكان الحِباءُ من أدَم
وجَنْبٌ: حيّ من اليمن. ابن سيده: والأَراقِمُ بنو بكر وجُشَم ومالك
والحرث ومعاوية؛ عن ابن الأعرابي؛ قال غيره: إنما سُميت الأَراقِمُ بهذا
الاسم لأن ناظراً نظر إليهم تحت الدِّثارِ وهم صِغار فقال: كأَنّ أَعينهم
أَعين الأَراقِمِ، فَلَجَّ عليهم اللقبُ.
والرَّقِمُ، بكسر القاف: الداهية وما لا يُطاق له ولا يُقام به. يقال:
وقع في الرقِمِ، والرَّقِمِ الرَّقْماء إذا وقع فيما لا يقوم به. الأصمعي:
جاء فلان بالرَّقِمِ الرَّقْماء كقولهم بالداهية الدَّهْياء؛ وأنشد:
تَمَرَّسَ بي من حَيْنه وأنا الرَّقِمْ
يريد الداهية. الجوهري: الرَّقِم، بكسر القاف، الداهية، وكذلك بنت
الرَّقِم؛ قال الراجز:
أَرْسَلَها عَليقَة، وقد عَلِمْ
أن العَلِيقاتِ يلاقِينَ الرَّقِمْ
وجاء بالرَّقِمِ والرَّقْمِ أي الكثير.
والرَّقِيمُ: الدَّواة؛ حكاه ابن دريد، قال: ولا أَدري ما صحته، وقال
ثعلب: هو اللوح، وبه فسر قوله تعالى: أَم حسبت أَن أَصحاب الكهف
والرَّقِيم، وقال الزجاج: قيل الرَّقِيمُ اسم الجبل الذي كان فيه الكهف، وقيل: اسم
القرية التي كانوا فيها، والله أعلم. وقال الفراء: الرّقِيمُ لوحُ رَصاصٍ
كتبت فيه أَسماؤهم وأَنسابهم وقصصهم ومِمَّ فَرُّوا؛ وسأَل ابن عباس
كعباً عن الرَّقِيم فقال: هي القرية التي خرجوا منها، وقيل: الرَّقِيمُ
الكتاب؛ وذكر عِكْرِمةُ عن ابن عباس أنه قال: ما أَدري ما الرَّقِيمُ، أَكتاب
أم بنيان، يعني أَصحاب الكهف والرَّقيمِ. وحكى ابن بري قال: قال أبو
القاسم الزجاجي في الرَّقيم خمسة أقوال: أحدهما عن ابن عباس أنه لوح كتب فيه
أَسماؤهم، الثاني أنه الدَّواة بلغة الرُّوم؛ عن مجاهد، الثالث القرية؛
عن كعب، الرابع الوادي، الخامس الكتاب؛ عن الضحاك وقتادة وإلى هذا القول
يذهب أَهل اللغة، وهو فَعِيلٌ في معنى مَفْعول. وفي الحديث: كان يسوي بين
الصفوف حتى يَدَعَها مثل القِدْحِ أو الرَّقِيمِ، الرّقِيمُ: الكتاب، أي
حتى لا ترى فيها عِوَجاً كما يُقَوِّم الكاتب سُطوره.
والتَّرْقِيمُ: من كلام أَهل ديوان الخراج.
والرَّقْمةُ: الروضة، والرّقْمتان: روضتان إحداهما قريب من البصرة،
والأُخرى بنَجْدٍ. التهذيب: والرَّقْمتانِ روضتان بناحية الصَّمَّانِ؛
وإياهما أَراد زهير بقوله:
ودار لها بالرّقْمَتَيْنِ، كأَنّها
مَراجيع وَشْمٍ في نَواشِر مِعْصَمِ
ورَقْمةُ الوادي: مجتَمَعُ مائه فيه. والرَّقْمةُ: جانب الوادي، وقد
يقال للرّوْضة. وفي الحديث: صَعِدَ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، رَقْمَةً
من جبل؛ رَقمةُ الوادي: جانبه، وقيل: مجتمع مائه، وقال الفراء: رَقْمَةُ
الوادي حيث الماء.
والمَرْــقُومة: أَرض فيها نُبَذٌ من النبت.
والرَّقَمَةُ: نبات يقال إنه الخُبّازَى، وقيل: الرَّقَمَةُ من العُشب
العظام تنبت متسطحة غَصَنَةً كباراً، وهي من أول العُشْب خروجاً تنبت في
السهل، وأَول ما يخرج منها ترى فيه حُمرة كالعِهْن النافض، وهي قليلة ولا
يكاد الما يأْكلها إلا من حاجة. وقال أبو حنيفة: الرَّقَمَةُ من أَحْرار
البَقْل، ولم يصفها بأَكثر من هذا، قال: ولا بلغتني لها حِلْيةٌ.
التهذيب: الرَّقَمَةُ نبت معروف يشبه الكَرِشَ. ويوم الرَّقَمِ: يوم لغَطَفان
على بني عامر؛ الجوهري: ويوم الرَّقَمِ من أيام العرب، عُقِرَ فيه قُرْزُلٌ
فرس طُفَيْلِ بن مالك؛ قال ابن بري: ذكر الجوهري أنه فرس عامر بن
الطُّفَيْلِ؛ قال: والصحيح أن قُرْزُلاً فرس طُفَيل بن مالك، شاهده قول
الفرزذق:ومِنهنَّ إذ نَجَّى طُفَيْلَ بن مالكٍ،
على قُرْزُلٍ، رَجْلا رَكوضِ الهَزائِمِ
وقوله أيضاً:
ونَجَّى طُفَيْلاً من عُلالَةِ قُرْزُلٍ
قَوائمُ، نَجَّى لحمَهُ مُسْتَقِيمها
والرَّقَمِيَّاتُ: سهام تنسب إلى موضع بالمدينة. ابن سيده: والرَّقَمُ
موضع تعمل فيه النِّصالُ؛ قال لبيد:
فرَمَيْتُ القومَ رِشْقاً صائباً،
ليس بالعُصْلِ ولا بالمُقْتَعِلّ
رَقَمِيَّاتٌ عليها ناهضٌ،
تُكلِحُ الأرْوَقُ منهم والأَيَلّ
أي عليها ريشُ ناهضٍ، وقد تقدم الناهضُ. والرّقِيمُ والرُّقَيْمُ:
موضعان. والرَّقيمُ: فرس حِزام بن وابصة.
ركع: الرُّكوع: الخُضوع؛ عن ثعلب. رَكع يَرْكَع رَكْعاً ورُكُوعاً:
طَأْطأَ رأْسَه. وكلُّ قَوْمة يتلوها الركوع والسجْدتان من الصلوات، فهِي
رَكْعة؛ قال:
وأُفْلِتَ حاجِبٌ فَوْتَ العَوالي،
على شَقّاء تَرْكَعُ في الظِّرابِ
ويقال: رَكع المُصلّي ركعة وركعتين وثلاث رَكعات، وأَما الرُّكوع فهو
أَن يَخْفِض المصلي رأْسه بعد الــقَوْمة التي فيها القِراءة حتى يطمئن ظهره
راكعاً؛ قال لبيد:
أَدِبُّ كأَنِّي كُلَّما قُمْتُ راكِع
فالرّاكِعُ: المنحني في قول لبيد. وكلُّ شيء يَنْكَبُّ لوجهه فَتَمسُّ
ركبتُه الأَرضَ أَو لا تمسها بعد أَن يخفض رأْسه، فهو راكع. وفي حديث علي،
كرم الله وجهه، قال: نَهاني أَن أَقرأَ وأَنا راكع أَو ساجد؛ قال
الخطابي: لما كان الركوع والسجود، وهما غاية الذُّلِّ والخُضوع، مخصوصين بالذكر
والتسبيح نهاه عن القراءة فيهما كأَنه كَرِه أَن يجمع بين كلام الله
تعالى وكلام الناس في مَوْطِن واحد فيكونا على السَّواء في المَحَلِّ
والمَوْقِع؛ وجمع الرّاكع رُكَّع ورُكُوع، وكانت العرب في الجاهلية تسمي
الحَنِيف راكعاً إِذا لم يَعْبُد الأَوثان وتقول: رَكَع إِلى الله؛ ومنه قول
الشاعر:
إِلى رَبِّه رَبِّ البَرِيّةِ راكِع
ويقال: ركَع الرجل إِذا افْتَقَرَ بعد غِنًى وانْحَطَّت حالُه؛ وقال:
ولا تُهِينَ الفَقِيرَ، عَلَّكَ أَن
تركَعَ يَوْماً، والدهْرُ قد رَفَعَهْ
أَراد ولا تُهِينَن فجعل النون أَلفاً ساكنة فاستقبلها ساكن آخر فسقطت.
والرُّكوع: الانحناء، ومنه رُكوع الصلاة، وركَع الشيخُ: انحنى من
الكِبَر، والرَّكْعةُ: الهُوِيُّ في الأَرض، يمانية. قال ابن بري: ويقال ركَع
أَي كَبا وعَثَر؛ قال الشاعر:
وأُفلت حاجب فَوْتَ العَوالي
وأَورد البيت
(* راجع هذا البيت سابقاً).
فرق: الفَرْقُ: خلاف الجمع، فَرَقه يَفْرُقُه فَرْقاً وفَرَّقه، وقيل:
فَرَقَ للصلاح فَرْقاً، وفَرَّق للإِفساد تَفْريقاً، وانْفَرَقَ الشيء
وتَفَرَّق وافْتَرقَ. وفي حديث الزكاة: لا يُفَرَّقُ
بين مجتمع ولا يجمع بين مُتَفَرِّق خشية الصدقة، وقد ذكر في موضعه
مبسوطاً، وذهب أَحمد أَن معناه: لو كان لرجل بالكوفة أَربعون شاةً وبالبصرة
أَربعون كان عليه شاتان لقوله لا يُجْمَعُ
بين مُتفرِّق، ولو كان له ببغداد عشرون وبالكوفة عشرون لا شيء عليه، ولو
كانت له إِبل متفرقة في بلْدانٍ شَتَّى إِن جُمِعَتْ وجب فيها الزكاة،
وإِن لم تجمع لم تجب في كل بلد لا يجب عليه فيها شيء. وفي الحديث:
البَيِّعَانِ بالخيار ما لم يَفْتَرِقَا
(* قوله «ما لم يفترقا» كذا في الأصل،
وعبارة النهاية: ما لم يتفرقا، وفي رواية: ما لم يفترقا)؛ اختلف الناس في
التَّفَرُّق الذي يصح ويلزم البيع بوجوبه فقيل: هو بالأَبدان، وإِليه ذهب
معظم الأَئمة والفقهاء من الصحابة والتابعين، وبه قال الشافعي وأَحمد،
وقال أَبو حنيفة ومالك وغيرهما: إِذا تعاقدا صحَّ البيع وإِن لم
يَفْتَرِقَا، وظاهر الحديث يشهد للقول الأَول، فإِن رواية ابن عمر في تمامه: أَنه
كان إِذا بايع رجلاً فأَراد أَن يتمّ البيعُ قام فمشى خَطَوات حتى
يُفارقه، وإِذا لم يُجْعَل التَّفَرُّق شرطاً في الانعقاد لم يكن لذكره فائدة،
فإِنه يُعْلَم أَن المشتري ما لم يوجد منه قبول البيع فهو بالخيار،
وكذلك البائع خيارُه ثابتٌ في ملكه قبل عقد البيع. والتَّفَرّقُ
والافْتِراقُ سواء، ومنهم من يجعل التَّفَرّق للأَبدان والافْتِراقَ في الكلام؛ يقال
فَرَقْت بين الكلامين فافْترقَا، وفَرَّقْتُ
بين الرجلين فَتَفَرّقا. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: فَرِّقُوا عن
المَنِيَّة واجعلوا الرأْس رأْسين؛ يقول: إِذا اشتريتم الرقيق أَو غيره من
الحيوان فلا تُغَالوا في الثمن واشتروا بثمن الرأْس الواحد رأْسين، فإِن
مات الواحد بقي الآخر فكأَنكم قد فَرَّقتم مالكم عن المنيّة. وفي حديث ابن
عمر: كان يُفَرِّق بالشك ويجمع باليقين، يعني في الطلاق وهو أَن يحلف
الرجل على أَمر قد اختلف الناس فيه ولا يُعْلَم مَنِ المُصيبُ منهم فكان
يُفَرِّق بين الرجل والمرأَة احتياطاً فيه وفي أَمثاله من صور الشك، فإِن
تبين له بعد الشك اليقينُ
جَمَعَ بينهما. وفي الحديث: من فارَقَ الجماعة فَمِيتَتُه جاهليّة؛ يعني
أَن كل جماعة عَقَدت عَقْداً يوافق الكتاب والسنَّة فلا يجوز لأَحد أَن
يفارقهم في ذلك العقد، فإِن خالفهم فيه استحق الوعيد، ومعنى قوله فميتته
جاهلية أَي يموت على ما مات عليه أَهل الجاهلية من الضلال والجهل. وقوله
تعالى: وإِذ فَرَقْنا بكم البحر؛ معناه شققناه. والفِرْقُ: القِسْم،
والجمع أَفْراق. ابن جني: وقراءة من قرأَ فَرَّقنا بكم البحر، بتشديد الراء،
شاذة، من ذلك، أَي جعلناه فِرَقاً وأَقساماً؛ وأَخذتُ حقي منه
بالتَّفَارِيق.
والفِرْقُ: الفِلْق من الشيء إِذا انْفَلَقَ منه؛ ومنه قوله تعالى:
فانْفَلَق فكان كلُّ فِرْقٍ كالطَّوْد العظيم. التهذيب: جاءَ
تفسير فرقنا بكم البحر في آية أُخرى وهي قوله تعالى: وأَوحينا إِلى موسى
أَن اضرب بعصاك البحر فانْفَلَق فكان كل فِرْقٍ كالطود العظيم؛ أَراد
فانْفَرَق البحرُ فصار كالجبال العِظام وصاروا في قَرَاره. وفَرَق بين
القوم يَفْرُق ويَفْرِق. وفي التنزيل: فافْرُقْ بيننا وبين القوم الفاسقين؛
قال اللحياني: وروي عن عبيد بن عمير الليثي أَنه قرأَ فافْرِقْ بيننا،
بكسر الراء.
وفَرَّقَ
بينهم: كفَرَقَ؛ هذه عن اللحياني. وتَفَرَّق القوم تَفَرُّقاً
وتَفْرِيقاً؛ الأَخيرة عن اللحياني. الجوهري: فَرَقْتُ بين الشيئين أَفْرُق
فَرْقاً وفُرْقاناً وفَرَّقْتُ الشيءَ تَفْريقاً وتَفْرِقةً فانْفَرقَ
وافْتَرَقَ
وتَفَرَّق، قال: وفَرَقْتُ أَفْرُق بين الكلام وفَرَّقْتُ بين
الأَجسام، قال: وقول النبي، صلى الله عليه وسلم: البَيِّعان بالخيار ما لَم
يَتَفَرقا بالأَبدان، لأَنه يقال فَرَّقْتُ بينهما فَتَفَرَّقا. والفُرْقة:
مصدر الافْتِرَاقِ. قال الأَزهري: الفُرْقة اسم يوضع موضع المصدر الحقيقي
من الافْتِرَاقِ. وفي حديث ابن مسعود: صلَّيت مع النبي، صلى الله عليه
وسلم، بمنىً ركعتين ومع أَبي بكر وعمر ثم تَفَرَّقَتْ بكم الطُرُق، أَي ذهب
كل منكم إِلى مذهب ومَالَ إِلى قول وتركتم السُّنة.
وفارَقَ
الشيءَ مُفَارقةً وفِرَاقاً: بايَنَهُ، والاسم الفُرْقة. وتَفَارق
القومُ: فَارَقَ بعضهم بعضاً. وفَارَقَ فلان امرأَته مُفَارقةً وفِراقاً:
بايَنَها. والفِرْقُ
والفِرْقةُ والفَرِيقُ: الطائفة من الشيء المُتَفَرِّق. والفِرْقةُ:
طائفة من الناس، والفَرِيقُ أَكثر منه. وفي الحديث: أَفارِيق العرب، وهو جمع
أَفْراقٍَ، وأَفراقٌ جمع فِرْقةِ، قال ابن بري: الفَرِيقُ من الناس
وغيرهم فِرْقة منه، والفَرِيقُ المُفارِقُ؛ قال جرير:
أَتَجْمعُ قولاً بالعِراقِ فَرِيقُهُ،
ومنه بأَطْلالِ الأَرَاكِ فَرِيقُ؟
قال: وأَفْرَاق جمع فِرَقٍ، وفِرَقٌ جمع فِرْقةٍ، ومثله فِيقَةٌ وفِيَق
وأَفْواق وأَفَاويق. والفِرْقُ: طائفة من الناس، قال: وقال أَعرابي
لصبيان رآهم: هؤُلاء فِرْقُ سوء. والفَرِيقُ الطائفة من الناس وهم أَكثر من
الفِرْقِ، ونيَّة فَرِيقٌ: مُفَرَّقة؛ قال:
أَحَقّاً أَن جِيرتَنَا اسْتَقَلُّوا؟
فَنِيَّتُنا ونِيَّتُهُمْ فَرِيقُ
قال سيبويه: قال فَرِيقٌ كما تقول للجماعة صَدِيق. وفي التنزيل: عن
اليمين وعن الشمال قَعيدٌ؛ وقول الشاعر:
أَشهدُ بالمَرْوَةِ يوماً والصَّفَا،
أَنَّكَ خيرٌ من تَفارِيقِ العَصَا
قال ابن الأَعرابي: العصا تكسر فيتخذ منها ساجُورٌ، فإِذا كُسر
السَّاجُور اتُّخِذَت منه الأَوْتادُ: فإِذا كُسر الوَتِد اتخذت منه التَّوَادِي
تُصَرُِّ بِهَا الأَخْلاف. قال ابن بري: والرجز لغنية الأَعرابية، وقيل
لامرأَة قالتهما في ولدها وكان شديد العَرَامة مع ضعف أَسْرٍ ودِقَّةٍ،
وكان قد واثب فَتىً فقطع أَنفه فأَخذت أُمه دِيَتَه، ثم واثب آخر فقطع شفته
فأَخذت أُمه ديتها، فصلحت حالها فقالت البيتين تخاطبه بهما.
والفَرْقُ: تَفْرِيقُ
ما بين الشيئين حين يَتَفَرَّقان. والفَرْقُ: الفصل بين الشيئين. فَرَقَ
يَفْرُقُ فَرْقاً: فصل: وقوله تعالى: فالفَارِقاتِ فَرْقاً، قال ثعلب:
هي الملائكة تُزَيِّل بين الحلال والحرام. وقوله تعالى: وقرآناً
فَرَقْناه، أَي فصلناه وأَحكمناه، مَنْ خفَّف قال بَيَّناه من فَرَقَ يَفْرُق،
ومن شدَّد قال أَنزلناه مُفَرَّقاً في أَيامٍ. التهذيب: قرئَ فَرَّقْناه
وفَرَقْناهُ، أَنزل الله تعالى القرآن جملةً إِلى سماءِ الدنيا ثم نزل
على النبي، صلى الله عليه وسلم، في عشرين سنة، فَرَّقةُ الله في التنزيل
ليفهمه الناس. وقال الليث: معناه أَحكمناه كقوله تعالى: فيها يُفَرَّقُ
كل أَمر حكيم؛ أَي يُفَصَّل، وقرأَه أَصحاب عبد الله مخففاً، والمعنى
أَحكمناه وفصلناه. وروي عن ابن عباس فَرَّقْناه، بالتثقيل، يقول لم ينزل في
يوم ولا يومين نزل مُتَفَرِّقاً، وروي عن ابن عباس أَيضاً فَرَقْناه
مخففة. وفَرَقَ الشعرَ
بالمشط يَفرُقُه ويَفْرِقُه فَرْقاً وفَرَّقه: سَرَّحه. والفَرْقُ: موضع
المَفْرِق من الرأْس. وفَرْقُ الرأْس: ما بين الجبين إِلى الدائرة؛ قال
أَبو ذؤيب:
ومَتْلَف مثل فَرْقِ الرأْس تَخْلُجُه
مَطَارِبٌ زَقَبٌ، أَمْيالُها فِيحُ
شبّهه بفَرْقِ الرأْس في ضيقه، ومَفْرِقُه ومَفْرَقُه كذلك: وسط رأْسه.
وفي حديث صفة النبي، صلى الله عليه وسلم: إِن انْفَرَقَتْ عَفِيقَتُه
فَرَقَ
وإِلاَّ فلا يبلغ شعرُه شَحْمة أُذنه إِذا هو وَفَّرَه أَي إِن صار شعره
فِرْقَيْن بنفسه في مَفْرقه تركه، وإِن لم يَنْفَرِقْ لم يَفْرِقْه؛
أَراد أَنه كان لا يَفْرُق شعره إِلاَّ يَنْفَرِق هو، وهكذا كان أَول الأَمر
ثم فَرَقَ. ويقال للماشطة: تمشط كذا وكذا فَرْقاً أَي كذا وكذا ضرباً.
والمَفْرَق والمَفْرِقُ: وسط الرأْس وهو الذي يُفْرَقُ فيه الشعر، وكذلك
مَفْرَق الطريق. وفَرَقَ له عن الشيء: بيَّنه له ؛ عن ابن جني.
ومَفْرِقُ الطريق ومَفْرَقُه: مُتَشَعَّبُه الذي يَتَشَعَّب منه طريق آخر، وقولهم
للمَفِْرِق مَفَارِق كأَنهم جعلوا كل موضع منه مَفْرِقاً فجمعوه على
ذلك. وفَرَقَ له الطريق أَي اتجه له طريقان.
والفَرَقُ في النبات: أَن يَتَفرَّق قِطَعاً من قولهم أَرض فَرِقَةٌ في
نبتها، فَرَق على النسب لأَنه لا فعل له، إِذا لم تكن
(* الضمير يعود
إِلى الأرض الفَرِقة.) واصبَةً متصلة النبات وكان مُتَفَرِّقاً. وقال أَبو
حنيفة: نبت فَرِقٌ صغير لم يغطِّ الأَرض. ورجل أَفْرقُ: للذي ناصيته
كأَنها مَفْروقة، بيِّن الفَرَق
(* بيّن الفرق أي الرجل الأَفرق)، وكذلك
اللحية، وجمع الفَرَق أَفْراق؛ قال الراجز:
يَنْفُضُ عُثْنوناً كثيرَ الأَفْرَاقْ،
تَنْتِحُ ذِفْراهُ بمثل الدِّرْياقْ
الليث: الأَفْرقُ
شبه الأفْلَج إِلاَّ أَن الأَفْلَج زعموا ما يفلّج، والأَفْرَقُ خِلْقة.
والفرقاءُ من الشاءِ: البعيدة ما بين الخصيتين. ابن سيده: الأَفْرقُ:
المتباعد ما بين الثَّنِيَّتَيْنِ. وتَيْس أَفْرَقُ: بعيد ما بين
القَرْنَيْن. وبعير أَفْرَقُ: بعيد ما بين المَنْسِمَيْنِ. وديك أَفْرَقُ: ذو
عُرْفَيْنِ للذي عُرْفُه مَفْروق، وذلك لانفراج ما بينهما. والأفْرَقُ من
الرجال: الذي ناصيته كأَنها مفروقة، بيِّن الفَرَقِ، وكذلك اللحية، ومن
الخيل الذي إِحدى ورِكَيْهِ
شاخصة والأُخرى مطمئنة، وقيل: الذي نقصت إِحدى فخذيه عن الأُخرى وهو
يكره، وقيل: هو الناقص إِحدى الوركين؛ قال:
ليسَتْ من الفُرْقِ البِطاءِ دَوْسَرُ
وأَنشده يعقوب: من القِرْقِ البطاء، وقال: القِرْقُ الأَصل، قال ابن
سيده: ولا أَدري كيف هذه الرواية. وفي التهذيب: الأَفْرَقُ من الدواب الذي
إِحدى حَرْقَفَتَيْهِ شاخصة والأُخرى مطمئنة. وفرس أَفْرَقُ: له خصية
واحدة، والاسم الفَرَقُ من كل ذلك، والفعل من كل ذلك فَرِقَ فَرَقاً.
والمَفْروقان من الأَسباب: هما اللذان يقوم كل واحد منهما بنفسه أَي
يكون حرف متحرك وحرف ساكن ويتلوه حرف متحرك نحو مُسْتَفْ من مُسْتَفْعِلُنْ،
وعِيلُنْ من مَفاعِيلُنْ.
والفُرْقانُ: القرآن. وكل ما فُرِقَ
به بينْ الحق والباطل، فهو فُرْقان، ولهذا قال الله تعالى: ولقد آتينا
موسى وهرون الفرقان. والفُرْق أَيضاً: الفُرْقان ونظيره الخُسْر
والخُسْران؛ وقال الراجز:
ومُشْرِكيّ كافر بالفُرْقِ
وفي حديث فاتحة الكتاب: ما أُنزل في التوراة ولا الإِنجيل ولا الزَّبُور
ولا الفُرْقانِ مِثْلُها؛ الفُرْقان: من أَسماء القرآن أَي أَنه فارِقٌ
بين الحق والباطل والحلال والحرام. ويقال: فَرَقَ بين الحق والباطل،
ويقال أَيضاً: فَرَقَ بين الجماعة؛ قال عدي بن الرِّقاع:
والدَّهْرُ يَفْرُقُ بين كلِّ جماعةٍ،
ويَلُفّ بين تَباعُدٍ وَتَناءِ
وفي الحديث: محمدٌ فَرْقٌ بين الناس أَي يَفْرُقُ بين المؤمنين
والكافرين بتصديقه وتكذيبه. والفُرْقان: الحُجّة. والفُرْقان: النصر. وفي
التنزيل: وما أَنزلنا على عبدنا يوم الفُرْقان، وهو يوم بَدْرٍ لأَن الله
أَظْهَرَ
من نَصْره ما كان بين الحق والباطل. التهذيب وقوله تعالى: وإِذ آتينا
موسى الكتاب والفُرْقان لعلكم تهتدون، قال: يجوز أَن يكونَ الفُرْقانُ
الكتاب بعينه وهو التوراة إِلا أَنه أُعِيدَ ذكره باسم غير الأَول، وعنى به
أَنه يَفْرُقُ بين الحق والباطل، وذكره الله تعالى لموسى في غير هذا
الموضع فقال تعالى: ولقد آتينا موسى وهرون الفُرْقانَ وضياء؛
أَراد التوراة فسَمّى جلّ ثناؤه الكتاب المنزل على محمد، صلى الله عليه
وسلم، فُرْقاناً وسمى الكتاب المنزل على موسى، صلى الله عليه وسلم،
فُرْقاناً، والمعنى أَنه تعالى فَرَقَ بكل واحد منهما بين الحق والباطل، وقال
الفراء: آتينا موسى الكتاب وآتينا محمداً الفُرْقانَ، قال: والقول الذي
ذكرناه قبله واحتججنا له من الكتاب بما احتججنا هو القول.
والفَارُوقُ: ما فَرَّقَ بين شيئين. ورجل فارُوقٌ: يُفَرِّقُ ما بين
الحق والباطل. والفارُوقُ: عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، سماه الله به
لتَفْريقه بين الحق والباطل، وفي التهذيب: لأَنه ضرب بالحق على لسانه في حديث
ذكره، وقيل: إِنه أَظهر الإِسلام بمكة فَفَرَّقَ بين الكفر والإِيمان؛
وقال الفرزدق يمدح عمر بن عبد العزيز:
أَشْبَهْتَ من عُمَرَ الفارُوقِ سِيرَتَهُ،
فاقَ البَرِيَّةَ وأْتَمَّتْ به الأُمَمُ
وقال عتبة بن شماس يمدح عمر بن عبد العزيز أَيضاً:
إن أَوْلى بالحقّ في كلّ حَقٍّ،
ثم أَحْرَى بأَن يَكُونَ حَقِيقا،
مَنْ أَبوهُ عبدُ العَزِيزِ بنُ مَرْوا
نَ، ومَنْ كان جَدُّه الفارُوقا
والفَرَقُ: ما انفلق من عمود الصبح لأَنه فارَقَ سواد الليل، وقد
انْفَرَقَ، وعلى هذا أَضافوا فقالوا أَبْين من فَرَق الصبح، لغة في فَلَق
الصبح، وقيل: الفَرَقُ الصبح نفسه. وانْفَرَقَ الفجرُ وانْفَلَق، قال: وهو
الفَرَق والفَلَقُ للصبح؛ وأَنشد:
حتى إِذا انْشَقَّ عن إِنسانه فَرَقٌ،
هادِيهِ في أُخْرَياتِ الليلِ مُنْتَصِبُ
والفارِقُ من الإِبل: التي تُفارق إِلْفَها فَتَنْتَتِجُ وحدها، وقيل:
هي التي أَخذها المَخاض فذهبت نادَّةً في الأَرض، وجمعها فُرَّق وفَوارِق،
وقد فَرَقَتْ تَفْرُق فُروقاً، وكذلك الأَتان؛ وأَنشد الأَصمعي لعُمارة
بن طارق:
اعْجَلْ بغَرْبٍ مثل غَرْبِ طارقِ،
ومَنْجَنُون كالأَتان الفارق،
من أَثْلِ ذاتِ العَرْض والمَضايقِ
قال: وكذلك السحابة المنفردة لا تخلف وربما كان قبلها رعد وبرق؛ قال ذو
الرمة:
أَو مُزْنَة فارِق يَجْلُو غوارِبَها
تَبوُّجُ البرقِ والظلماءُ عُلْجُومُ
الجوهري: وربما شبهوا السحابة التي تنفرد من السحاب بهذه الناقة فيقال
فارق. وقال ابن سيده: سحابة فارِقٌ منقطعة من معظم السحاب تشبه بالفارِقِ
من الإِبل؛ قال عبد بني الحَسْحاسِ يصف سحاباً:
له فُرَّقٌ منه يُنَتَّجْنَ حَوْلَهُ،
يفَقِّئْنَ بالمِيثِ الدِّماثِ السَّوابيا
فجعل له سوابي كسوابي الإِبل اتساعاً في الكلام، قال ابن بري: ويجمع
أَيضاً على فُرَّاق؛ قال الأَعشى:
أَخرجَتْه قَهْباءُ مُسْبِلةُ الوَدْ
قِ رَجُوسٌ، قدَّامَها فُرّاقُ
ابن الأَعرابي: الفارقُ من الإِبل التي تشتد ثم تُلْقي ولدها من شدة ما
يمرّ بها من الوجع. وأَفْرَقَتِ الناقة: أَخرجت ولدها فكأَنها فارَقَتْه.
وناقة مُفْرق: فارقها ولدها، وقيل: فارقها بموت، والجمع مَفارِيق. وناقة
مُفْرِق: تمكث سنتين أَو ثلاثاً لا تَلْقَح. ابن الأَعرابي: أَفْرَقْنا
إِبلَنا لعام إِذا خلَّوْها في المرعى والكلإِ لم يُنْتِجوها ولم
يُلْقِحوها. قال الليث: والمطعون إِذا برأَ قيل أَفْرَق يُفْرِقُ إِفْراقاً. قال
الأَزهري: وكل عَليلٍ أَفاق من علته، فقد أَفْرَقَ. وأَفْرَقَ المريضُ
والمحْموم: برأَ، ولا يكون إِلا من مرض يصيب الإِنسان مرة واحدة
كالجُدَرِيّ والحَصْبة وما أَشبههما. وقال اللحياني: كل مُفِيقٍ من مرضه مُفْرق
فعَمّ بذلك. قال أَعرابي لآخر: ما أَمَارُ إِفْراقِ المَوْرود؟ فقال:
الرُّحَضاءُ؛ يقول: ما علامة برء المحموم، فقال العَرَق. وفي الحديث: عُدّوا
مَنْ أَفْرقَ من الحيّ أَي من برأَ من الطاعون.
والفِرْقُ، بالكسر: القطيع من الغنم والبقر والظباء العظيمُ، وقيل: هو
ما دون المائة من الغنم؛ قال الراعي:
ولكنما أَجْدَى وأَمْتَعَ جَدُّهُ
بفِرْق يُخَشِّيه، بِهَجْهَجَ، ناعِقُهْ
يهجو بهذا البيت رجلاً من بني نُميرٍ اسمه قيس بن عاصم النُّميري يلقب
بالحَلالِ، وكان عَيَّره بإِبله فهجاه الراعي وعَيَّره أَنه صاحب غنم ومدح
إِبله، يقول أَمْتَعَهُ جدُّه أَي حظه بالغنم وليس له سواها؛ أَلا ترى
إِلى قوله قبل هذا البيت:
وعَيَّرَني الإِبْلَ الحَلالُ، ولم يَكُنْ
ليَجْعَلَها لابن الخَبِيثَةِ خالقُه
والفَريقةُ: القطعة من الغنم. ويقال: هي الغنم الضالة؛ وهَجْهَجْ: زجر
للسباع والذِّئاب، والناعق: الراعي. والفَريقُ: كالفِرْقِ. والفِرْقُ
والفَريقُ من الغنم: الضالة. وأَفْرَقَ فلانٌ غنمه: أَضلَّها وأَضاعها.
والفَريقةُ من الغنم: أَن تتفرق منها قطعة أَو شاة أَو شاتان أَو ثلاث شياه
فتذهب تحت الليل عن جماعة الغنم؛ قال كثيِّر:
وذِفْرى ككاهِلِ ذِيخِ الخَلِيف،
أَصاب فَرِيقةَ ليلٍ فعاثَا
وفي الحديث: ما ذِئْبانِ عادِيانِ أَصابا فَريقة غنمٍ؛ الفَرِيقةُ:
القطعة من الغنم تَشِذّ عن معظمها، وقيل: هي الغنم الضالة. وفي حديث أَبي ذر:
سئل عن ماله فقال فِرْقٌ لنا وذَوْدٌ؛ الفِرْقُ القطعة من الغنم. وقال
ابن بري في بيت كثيِّر: والخَلِيفُ الطريق بين الجبلين؛ وصواب إِنشاده
بذفرى لأَن قبله:
تُوالي الزِّمامَ، إِذا ما وَنَتْ
ركائِبُها، واحْتُثِثْنَ احْتِثاثا
ابن سيده: والفِرْقَةُ من الإِبل، بالهاء، ما دون المائة.
والفَرَقُ، بالتحريك: الخوف. وفَرِقَ منه، بالكسر، فَرَقاً: جَزِع؛ وحكى
سيبويه فَرِقَه على حذف من؛ قال حين مثّل نصب قولهم: أَو فَرَقاً خيراً
من حُبّ أَي أَو أَفْرَقُكَ فَرَقاً. وفَرِقَ عليه: فزع وأَشفق؛ هذه عن
اللحياني. ورجل فَرِقٌ وفَرُق وفَرُوق وفَرُوقَةٌ وفَرُّوق وفَرُّوقةٌ
وفاروق وفارُوقةٌ: فَزِعٌ شديد الفَرَق؛ الهاء في كل ذلك ليست لتأْنيث
الموصوف بما هي فيه إِنما هي إِشعار بما أُريد من تأْنيث الغاية والمبالغة.
وفي المثل: رُبَّ عَجَلة تَهَبُ رَيْثاً ورب فَرُوقةٍ يُدْعى ليْثاً؛
والفَرُوقة: الحُرْمة؛ وأَنشد:
ما زالَ عنه حُمْقُه ومُوقُه
واللؤْمُ، حتى انْتُهكتْ فَروقُه
وامرأَة فَرُوقة ولا جمع له؛ قال ابن بري: شاهد رجلٌ فَرُوقَة للكثير
الفزع قول الشاعر:
بَعَثْتَ غلاماً من قريشٍ فَرُوقَةً،
وتَتْرُك ذا الرأْي الأَصيلِ المُهَلَّبا
وقال مُوَيلك المَرْموم:
إِنِّي حَلَلْتُ، وكنتُ جدّ فَرُوقة،
بلداً يمرُّ به الشجاعُ فَيَفْزَعُ
قال: ويقال للمؤنث فَرُوقٌ أَيضاً؛ شاهده قول حميد بن ثور:
رَأَتْني مُجَلِّيها فصَدَّتْ مَخافَةً،
وفي الخيل رَوْعاءُ الفُؤادِ فَرُوقُ
وفي حديث بدء الوحي: فَجُئِثْتُ منه فَرَقاً؛ هو بالتحريك الخوف والجزع.
يقال: فَرِقَ يَفْرَقُ فَرَقاً، وفي حديث أَبي بكر: أَباللهِ
تُفَرِّقُني؟ أَي تخوِّفني. وحكى اللحياني: فَرَقْتُ الصبيّ إِذا رُعْتَه وأَفزعته؛
قال ابن سيده: وأراها فَرَّقت، بتشديد الراء، لأَن مثل هذا يأْتي على
فَعَّلت كثيراً كقولك فَزّعت ورَوَّعت وخوَّفت. وفارَقَني ففَرَقْتُه
أَفْرُقُه أَي كنت أَشد فَرَقاً منه؛ هذه عن اللحياني حكاه عن الكسائي. وتقول:
فَرِقْتُ منك ولا تقل فَرِقْتُكَ.
وأَفْرَقَ الرجلُ والطائر والسبع والثعلب:: سَلَحَ؛ أَنشد اللحياني:
أَلا تلك الثَّعالبُ قد تَوَِالَتْ
عليَّ، وحالَفَتْ عُرْجاً ضِباعا
لتأْكلني، فَمَرَّ لهنَّ لَحْمِي،
فأَفْرَقَ، من حِذَاري، أَو أَتاعا
قال: ويروى فأَذْرَقَ، وقد تقدم.
والمُفْرِقُ: الغاوِي على التشبيه بذلك أَو لأَنه فارَق الرُّشد،
والأَول أَصح؛ قال رؤْبة:
حتى انتهى شيطانُ كلّ مُفْرِق
والفَريقةُ: أَشياء تخلط للنفساء من بُرّ وتمر وحُلْبة، وقيل: هو تمر
يطبخ بحلبة للنفساء؛ قال أَبو كبير:
ولقدْ ورَدْتُ الماء، لَوْنُ جِمامِهِ
لَوْنُ الفَرِيقَةِ صُفِّيَتْ للمُدْنَفِ
قال ابن بري: صوابه ولقد ورَدتَ الماء، بفتح التاء، لأَنه يخاطب
المُرِّيّ. وفي الحديث: أَنه وصف لسعد في مرضه الفَريقةَ؛ هي تمر يطبخ بحلبة وهو
طعام يعمل للنفساء.
والفَرُوقة: شحم الكُلْيَتَيْنِ؛ قال الراعي:
فبتْنَا، وباتَتْ قِدْرُهُمْ ذاتَ هِزَّةٍ،
يُضِيءُ لنا شحمُ الفَرُوقةِ والكُلَى
وأَنكر شمر الفَروقة بمعنى شحم الكليتين. وأَفرقوا إِبلهم: تركوها في
المرعى فلم يُنْتِجوها ولم يُلقحوها. والفَرْقُ: الكتَّان؛ قال:
وأَغْلاظ النُّجوم مُعَلَّقات
كحبل الفَرْقِ ليس له انتِصابُ
والفَرْق والفَرَقُ: مكيال ضخم لأَهل المدينة معروف، وقيل: هو أَربعة
أَرباع، وقيل: هو ستة عشر رطلاً؛ قال خِدَاشُ بن زهير:
يأْخُذونَ الأَرْشَ في إِخْوَتِهِم،
فَرَقَ السَّمْن وشاةً في الغَنَمْ
والجمع فُرْقان، وهذا الجمع قد يكون للساكن والمتحرك جميعاً، مثل بَطْن
وبُطْنان وحَمَل وحُمْلان؛ وأَنشد أَبو زيد:
تَرْفِدُ بعد الصَّفِّ في فُرْقان
قال: والصَّفُّ أَن تَحْلُبَ في مِحْلَبَيْنِ أَو ثلاثة تَصُفّ بينها.
وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان يتوضأُ بالمُدِّ ويغتسل
بالصاع، وقالت عائشة: كنت أَغتسل معه من إِناء يقال له الفَرَقُ؛ قال
أَبو منصور: والمحدِّثون يقولون الفَرْق، وكلام العرب الفَرَق؛ قال ذلك
أَحمد بن يحيى وخالد بن يزيد وهو إِناء يأْخذ ستة عشر مُدّاً وذلك ثلاثة
أَصْوُعٍ. ابن الأَثير: الفَرَقُ، بالتحريك، مكيال يسع ستة عشر رطلاً وهي
اثنا عشر مُدّاً، وثلاثة آصُعٍ عند أَهل الحجاز، وقيل: الفَرَق خمسة أَقساط
والقِسْط نصف صاع، فأَما الفَرْقُ، بالسكون، فمائة وعشرون رطلاً؛ ومنه
الحديث: ما أَسْكَرَ منه الفَرْقُ فالحُسْوةُ منه حرام؛ وفي الحديث الآخر:
من استطاع أَن يكون كصاحب فَرْقِ الأَرُزّ فليكن مثله؛ ومنه الحديث: في
كلِّ عشرةِ أَفْرُقِ عسلٍ فَرَقٌ؛ الأَفْرُق جمع قلة لفَرَقٍ كجبَلٍ
وأَجْبُل. وفي حديث طَهْفة: بارَكَ الله لهم في مَذْقِها وفِرْقِها، وبعضهم
يقوله بفتح الفاء، وهو مكيال يكال به اللبن
(* قوله «يكال به اللبن» الذي
في النهاية: البرّ). والفُرقان والفُرْقُ: إِناء؛ أَنشد أَبو زيد:
وهي إِذا أَدَرَّها العَيْدان،
وسطَعَت بمُشْرِفٍ شَبْحان،
تَرْفِدُ بعد الصَّفِّ في الفُرْقان
أَراد بالصَّفّ قَدَحَيْن، وقال أَبو مالك: الصف أَن يصفَّ بين القدحين
فيملأهما. والفُرقان: قدحان مفترقان، وقوله بمشرف شبحان أَي بعنق طويل؛
قال أَبو حاتم في قول الراجز:
ترفد بعد الصف في الفرقان
قال: الفُرْقان جمع الفَرْق، والفَرْق أَربعة أَرباع، والصف أَن تصفَّ
بين محلبين أَو ثلاثة من اللبن.
ابن الأَعرابي: الفِرْق الجبل والفِرْق الهَضْبة والفِرْق المَوْجة.
ويقال: وَقَّفْتُ فلاناً على مَفارِقِ الحديث أَي على وجوهه. وقد
فارَقْتُ فلاناً من حسابي على كذا وكذا إِذا قطعتَ الأَمر بينك وبينه على أَمر
وقع عليه اتفاقكما، وكذلك صادَرْتُه على كذا وكذا.
ويقال: فَرَقَ لي هذا الأَمرُ يَفْرُقُ فُرُوقاً إِذا تبين ووضح.
والفَرِيقُ: النخلة يكون فيها أُخرى؛ هذه عن أَبي حنيفة.
والفَرُوق: موضع؛ قال عنترة:
ونحن مَنَعْنا، بالفَرُوقِ، نساءَكُمْ
نُطَرِّف عنها مُبْسِلاتٍ غَوَاشِيا
والفُرُوق: موضع في ديار بني سعد؛ أَنشد رجل منهم:
لا بارَكَ اللهُ على الفُرُوقِ،
ولا سَقاها صائبَ البُرُوقِ
وفي حديث عثمان: قال لخَيْفان كيف تركتَ أَفارِيق العرب؟ هو جمع
أَفْراق، وأَفْراقٌ جمع فِرْق، والفِرْق والفَرِيقُ والفِرْقةُ بمعنى. وفَرَقَ
لي رأْيٌ أَي بدا وظهر. وفي حديث ابن عباس: فَرَقَ لي رأْيٌ أَي ظهر، وقال
بعضهم: الرواية فُرِقَ، على ما لم يسمَّ فاعله.
ومَفْروق: لقب النعمان بن عمرو، وهو أَيضاً اسم. ومَفْرُوق: اسم جبل؛
قال رؤبة:
ورَعْنُ مَفْرُوقٍ تَسامى أُرَّمُهْ
وذاتُ فِرقَيْن التي في شعر عَبيد بن الأَبرص: هَضْبة بين البصرة
والكوفة؛ والبيت الذي في شعر عبيد هو قوله:
فَرَاكِسٌ فَثُعَيْلَباتٌ،
فذاتُ فِرْقَيْنِ فالقَليبُ
وإفْريقيَةُ: اسم بلاد، وهي مخففة الياء؛ وقد جمعها الأَحوص على
أَفارِيق فقال:
أَين ابنُ حَرْبٍ ورَهْطٌ لا أَحُسُّهُمُ؟
كانواعلينا حَديثاً من بني الحَكَمِ
يَجْبُونَ ما الصِّينُ تَحْوِيهِ، مَقانِبُهُمْ
إلى الأَفارِيق من فخصْحٍ ومن عَجَمِ
ومُفَرِّقُ الغنم: هو الظِّرِبان إذا فَسا بينها وهي مجتمعة تفرقت. وفي
الحديث في صفته، عليه السلام: أَن اسمه في الكتب السالفة فَارِق لِيطا
أَي يَفْرُقُ بين الحق والباطل. وفي الحديث: تأتي البقرة وآل عمران كأنهما
فِرْقانِ من طير صَوافّ أَي قطعتان.
منع: المَنْعُ: أَن تَحُولَ بين الرجل وبين الشيء الذي يريده، وهو خلافُ
الإِعْطاءِ، ويقال: هو تحجيرُ الشيء، مَنَعَه يَمْنَعُه مَنْعاً
ومَنَّعَه فامْتَنَع منه وتمنَّع.
ورجل مَنُوعٌ ومانِعٌ ومَنَّاعٌ: ضَنِينٌ مُمْسِكٌ. وفي التنزيل:
مَنَّاعٍ للخير، وفيه: وإِذا مسَّه الخيْرُ مَنُوعاً. ومَنِيعٌ: لا يُخْلَصُ
إِليه في قوم مُنَعاءَ، والاسم المَنَعةُ والمَنْعةُ والمِنْعةُ. ابن
الأَعرابي: رجل مَنُوعٌ يَمْنَع غيره، ورجل مَنِعٌ يمنع نفسه، قال:
والمَنِيعُ أَيضاً الممتنِعُ، والمَنُوع الذي منع غيره؛ قال عمرو بن
معديكرب:بَراني حُبُّ مَنْ لا أَسْتَطِيعُ،
ومَنْ هو للذي أَهْوَى مَنُوعُ
والمانِعُ: من صفات الله تعالى له معنيان: أَحدهما ما روي عن النبي، صلى
الله عليه وسلم، أَنه قال: اللهم لا مانِعَ لما أَعْطَيْتَ ولا مُعْطِيَ
لِما مَنَعْتَ، فكان عز وجل يُعْطِي من استحقَّ العطاءَ ويمنع من لم
يستحق إِلاَّ المنع، ويعطي من يشاء ويمنع من يشاء وهو العادل في جميع ذلك،
والمعنى الثاني من تفسير المانع أَنه تبارك وتعالى يمنع أَهل دينه أَي
يَحُوطُهم وينصرهم،وقيل: يمنع من يريد من خلقه ما يريد ويعطيه ما يريد، ومن
هذا يقال فلان في مَنَعةٍ أَي في قوم يحمونه ويمنعونه، وهذا المعنى في
صفة الله جل جلاله بالغ، إِذ لا منعة لمن لم يمنعه الله ولا يمتنع من لم
يكن الله له مانعاً. وفي الحديث: اللهم مَن مَنَعْتَ مَمْنُوعٌ أَي من
حََرَمْتَه فهو مَحْرُومٌ لا يعطيه أَحد غيرك. وفي الحديث: أَنه كان ينهي عن
عُقُوقِ الأُمَّهات ومَنْعٍ وهات أَي عن مَنْعِ ما عليه إِعطاؤُه وطَلبِ
ما ليس له. وحكى ابن بري عن النَّجِيرَمِيّ
(* قوله« النجيرمي» حكى ياقوت
في مجمعه فتح الجيم وكسرها مع فتح الراء): مَنَعةٌ جمع مانِعٍ. وفي
الحديث: سيَعُوذُ بهذا البيتِ قومٌ ليست لهم مَنْعةٌ أَي قوَّة تمنع من
يريدهم بسوء، وقد تفتح النون،وقيل: هي بالفتح جمعُ مانِعٍ مثل كافِرٍ
وكُفَرةٍ.
ومانَعْتُه الشيءَ مُمَانَعةً، ومَنُعَ الشيءُ مَناعةً، فهو مَنِيعٌ:
اعتَزَّ وتعسَّر. وفلان في عِزٍّ ومَنَعةٍ، بالتحريك وقد يُسكن، يقال:
المَنعةُ جمعٌ كما قدَّمنا أَي هو في عِزٍّ ومن يَمْنعه من عشيرتِه، وقد
تمنَّع وامرأَة مَنِيعةٌ متمنِّعةٌ: لا تؤاآتى على فاحِشةٍ، والفعلُ كالفعل،
وقد مَنُعَتْ مَناعةً، وكذلك حصِنٌ مَنِيعٌ، وقد مَنُعَ، بالضم، مَناعةً
إِذا لم يُرَمُ. وناقة مانِعٌ: مَنَعَتْ لبنها، على النسب؛ قال أُسامةُ
الهُذَلي:
كأَني أُصادِيها على غُبْرِ مانِعٍ
مُقَلِّصةٍ، قد أَهْجَرَتها فُحُولُها
ومَناعِ: بمعنى امْنَعْ. قال اللحياني: وزعم الكسائي أَن بني أَسد
يفتحون مَناعَها ودَراكَها وما كان من هذا الجنس، والكسر أَعرف. وقوسٌ
مَنْعةٌ: ممتنعةٌ مُتَأَبِّيةٌ شاقَّةٌ؛ قال عمرو بن براء:
ارْمِ سَلاماً وأَبا الغَرَّافِ،
وعاصماً عن مَنْعَةٍ قَذَّافِ
والمُتَمنِّعَتانِ: البكْرَةُ والعَناقُ يَتَمَنَّعانِ على السَّنةِ
لفَتائِهما وإِنهما يَشْبَعانِ قَبْلَ الجِلَّةِ، وهما المُقاتِلتانِ
الزمانَ على أَنفُسِهما. ورجل مَنِيعٌ: قويُّ البدن شديدُه. وحكى اللحياني: لا
مَنْعَ عن ذاك، قال: والتأْويل حقّاً أَنك إِن فعلت ذلك.
ابن الأَعرابي: المَنْعِيُّ أَكَّالُ المُنُوعِ وهي السَّرطاناتُ،
واحدها مَنْعٌ.
ومانِعٌ ومَنِيعٌ ومُنَيْعٌ وأَمْنَعُ: أَسماءٌ. ومَناعِ: هَضْبةٌ في
جبل طيِّءٍ. والمَناعةُ: اسم بلد؛ قال ساعدةُ بن جُؤَيَّةَ:
أَرَى الدَّهْر لا يَبْقَى على حَدَثانِه،
أُبُودٌ بأَطرافِ المَناعةِ جَلْعَدُ
(* قوله« بأطراف المناعة» تقدم في مادة أبد إِنشاده بأطراف المثاعد.)
قال ابن جني: المَناعةُ تحتمل أَمرين: أَحدهما أَن تكون فَعالةً من مَنَعَ،
والآخر أَن تكون مَفْعَلَةً من قولهم جائِعٌ نائِعٌ، وأَصلها مَنْوَعةٌ
فجرَت مَجْرى مَقامةٍ وأَصلُها مَقْوَةٌ.
رحم: الرَّحْمة: الرِّقَّةُ والتَّعَطُّفُ، والمرْحَمَةُ مثله، وقد
رَحِمْتُهُ وتَرَحَّمْتُ عليه. وتَراحَمَ القومُ: رَحِمَ بعضهم بعضاً.
والرَّحْمَةُ: المغفرة؛ وقوله تعالى في وصف القرآن: هُدىً ورَحْمةً لقوم
يؤمنون؛ أَي فَصَّلْناه هادياً
وذا رَحْمَةٍ؛ وقوله تعالى: ورَحْمةٌ للذين آمنوا منكم؛ أَي هو رَحْمةٌ
لأَنه كان سبب إِيمانهم، رَحِمَهُ رُحْماً ورُحُماً ورَحْمةً ورَحَمَةً؛
حكى الأَخيرة سيبويه، ومَرحَمَةً. وقال الله عز وجل: وتَواصَوْا
بالصَّبْر وتواصَوْا بالمَرحَمَةِ؛ أَي أَوصى بعضُهم بعضاً بِرَحْمَة الضعيف
والتَّعَطُّف عليه. وتَرَحَّمْتُ عليه أَي قلت رَحْمَةُ الله عليه. وقوله
تعالى: إِن رَحْمَتَ الله قريب من المحسنين؛ فإِنما ذَكَّرَ
على النَّسَبِ وكأَنه اكتفى بذكر الرَّحْمَةِ عن الهاء، وقيل: إِنما ذلك
لأَنه تأْنيث غير حقيقي، والاسم الرُّحْمى؛ قال الأَزهري: التاء في قوله
إِن رَحْمَتَ أَصلها هاء وإِن كُتِبَتْ تاء. الأَزهري: قال عكرمة في
قوله ابْتِغاء رَحْمةٍ من ربك تَرْجُوها: أَي رِزْقٍ، ولئِنْ أَذَقْناه
رَحْمَةً ثم نزعناها منه: أَي رِزقاً، وما أَرسلناك إِلا رَحْمةً: أَي
عَطْفاً وصُنعاً، وإِذا أَذَقْنا الناسَ رَحْمةً من بعد ضَرَّاءَ: أَي حَياً
وخِصْباً بعد مَجاعَةٍ، وأَراد بالناس الكافرين.
والرَّحَمُوتُ: من الرحمة. وفي المثل: رَهَبُوتٌ خير من رَحَمُوتٍ أَي
لأَنْ تُرْهَبَ
خير من أَن تُرْحَمَ، لم يستعمل على هذه الصيغة إِلا مُزَوَّجاً.
وتَرَحَّم عليه: دعا له بالرَّحْمَةِ. واسْتَرْحَمه: سأَله الرَّحْمةَ، ورجل
مَرْحومٌ ومُرَحَّمٌ
شدّد للمبالغة. وقوله تعالى: وأَدْخلناه في رَحْمتنا؛ قال ابن جني: هذا
مجاز وفيه من الأَوصاف ثلاثة: السَّعَةُ والتشبيه والتوكيد، أَما
السَّعَةُ فلأَنه كأَنه زاد في أَسماء الجهات والمحالّ اسم هو الرَّحْمةُ، وأَما
التشبيه فلأنه شَبَّه الرَّحْمةَ وإِن لم يصح الدخول فيها بما يجوز
الدخول فيه فلذلك وضعها موضعه، وأَما التوكيد فلأَنه أَخبر عن العَرَضِ
بما يخبر به عن الجَوْهر، وهذا تَغالٍ بالعَرَضِ وتفخيم منه إِذا
صُيِّرَ إِلى حَيّز ما يشاهَدُ ويُلْمَسُ ويعاين، أَلا ترى إِلى قول بعضهم في
الترغيب في الجميل: ولو رأَيتم المعروف رجلاً لرأَيتموه حسناً جميلاً؟ كقول
الشاعر:
ولم أَرَ كالمَعْرُوفِ، أَمّا مَذاقُهُ
فحُلْوٌ، وأَما وَجْهه فجميل
فجعل له مذاقاً وجَوْهَراً، وهذا إِنما يكون في الجواهر، وإِنما
يُرَغِّبُ فيه وينبه عليه ويُعَظِّمُ من قدره بأَن يُصَوِّرَهُ في النفس على
أَشرف أَحواله وأَنْوَه صفاته، وذلك بأَن يتخير شخصاً مجسَّماً لا عَرَضاً
متوهَّماً. وقوله تعالى: والله يَخْتَصُّ برَحْمته من يشاء؛ معناه
يَخْتَصُّ بنُبُوَّتِهِ من يشاء ممن أَخْبَرَ عز وجل أَنه مُصْطفىً
مختارٌ.والله الرَّحْمَنُ الرحيم: بنيت الصفة الأُولى على فَعْلانَ لأَن معناه
الكثرة، وذلك لأَن رحمته وسِعَتْ كل شيء وهو أَرْحَمُ الراحمين، فأَما
الرَّحِيمُ
فإِنما ذكر بعد الرَّحْمن لأَن الرَّحْمن مقصور على الله عز وجل،.
والرحيم قد يكون لغيره؛ قال الفارسي: إِنما قيل بسم الله الرَّحْمن الرحيم
فجيء بالرحيم بعد استغراق الرَّحْمنِ معنى الرحْمَة لتخصيص المؤمنين به في
قوله تعالى: وكان بالمؤمنين رَحِيماً، كما قال: اقْرَأْ باسم ربك الذي
خَلَقَ، ثم قال: خَلَقَ الإِنسان من عَلَقٍ؛ فخصَّ بعد أَن عَمَّ لما في
الإِنسان من وجوه الصِّناعة ووجوه الحكمةِ، ونحوُه كثير؛ قال الزجاج:
الرَّحْمنُ اسم من أَسماء الله عز وجل مذكور في الكتب الأُوَل، ولم يكونوا
يعرفونه من أَسماء الله؛ قال أَبو الحسن: أَراه يعني أَصحاب الكتب الأُوَلِ،
ومعناه عند أَهل اللغة ذو الرحْمةِ
التي لا غاية بعدها في الرَّحْمةِ، لأَن فَعْلان بناء من أَبنية
المبالغة، ورَحِيمٌ فَعِيلٌ بمعنى فاعلٍ كما قالوا سَمِيعٌ بمعنى سامِع وقديرٌ
بمعنى قادر، وكذلك رجل رَحُومٌ وامرأَة رَحُومٌ؛ قال الأَزهري ولا يجوز
أَن يقال رَحْمن إِلاَّ الله عز وجل، وفَعَلان من أَبنية ما يُبالَعُ في
وصفه، فالرَّحْمن الذي وسعت رحمته كل شيء، فلا يجوز أَن يقال رَحْمن لغير
الله؛ وحكى الأَزهري عن أبي العباس في قوله الرَّحْمن الرَّحيم: جمع
بينهما لأَن الرَّحْمن عِبْرانيّ والرَّحيم عَرَبيّ؛ وأَنشد لجرير:
لن تُدْرِكوا المَجْد أَو تَشْرُوا عَباءَكُمُ
بالخَزِّ، أَو تَجْعَلُوا اليَنْبُوتَ ضَمْرانا
أَو تَتْركون إِلى القَسَّيْنِ هِجْرَتَكُمْ،
ومَسْحَكُمْ صُلْبَهُمْ رَحْمانَ قُرْبانا؟
وقال ابن عباس: هما اسمان رقيقان أَحدهما أَرق من الآخر، فالرَّحْمن
الرقيق والرَّحيمُ العاطف على خلقه بالرزق؛ وقال الحسن؛ الرّحْمن اسم ممتنع
لا يُسَمّى غيرُ
الله به، وقد يقال رجل رَحيم. الجوهري: الرَّحْمن والرَّحيم اسمان
مشتقان من الرَّحْمة، ونظيرهما في اللة نَديمٌ ونَدْمان، وهما بمعنى، ويجوز
تكرير الاسمين إِذا اختلف اشتقاقهما على جهة التوكيد كما يقال فلان جادٌّ
مُجِدٌّ، إِلا أَن الرحمن اسم مختص لله تعالى لا يجوز أَن يُسَمّى به
غيره ولا يوصف، أَلا ترى أَنه قال: قل ادْعُوا الله أَو ادعوا الرَّحْمَنَ؟
فعادل به الاسم الذي لا يَشْرَكُهُ
فيه غيره، وهما من أَبنية المبالغة، ورَحمن أَبلغ من رَحِيمٌ، والرَّحيم
يوصف به غير الله تعالى فيقال رجل رَحِيمٌ، ولا يقال رَحْمن. وكان
مُسَيْلِمَةُ الكذاب يقال له رَحْمان اليَمامة، والرَّحيمُ
قد يكون بمعنى المَرْحوم؛ قال عَمَلَّسُ بن عقيلٍ:
فأَما إِذا عَضَّتْ بك الحَرْبُ عَضَّةً،
فإِنك معطوف عليك رَحِيم
والرَّحْمَةُ في بني آدم عند العرب: رِقَّةُ القلب وعطفه. ورَحْمَةُ
الله: عَطْفُه وإِحسانه ورزقه. والرُّحْمُ، بالضم: الرحمة. وما أَقرب رُحْم
فلان إِذا كان ذا مَرْحَمةٍ وبِرٍّ أَي ما أَرْحَمَهُ وأَبَرَّهُ. وفي
التنزيل: وأَقَربَ رُحْماً، وقرئت: رُحُماً؛ الأَزهري: يقول أَبرَّ
بالوالدين من القتيل الذي قتله الخَضِرُ، وكان الأَبوان مسلمين والابن كافراً
فولو لهما بعدُ بنت فولدت نبيّاً؛ وأَنشد الليث:
أَحْنَى وأَرْحَمُ من أُمٍّ بواحِدِها
رُحْماً، وأَشْجَعُ من ذي لِبْدَةٍ ضارِي
وقال أَبو إِسحق في قوله: وأَقربَ رُحْماً؛ أَي أَقرب عطفاً وأَمَسَّ
بالقرابة. والرُّحْمُ والرُّحُمُ في اللغة: العطف والرَّحْمةُ؛ وأَنشد:
فَلا، ومُنَزِّلِ الفُرْقا
ن، مالَكَ عِندَها ظُلْمُ
وكيف بظُلْمِ جارِيةٍ،
ومنها اللينُ والرُّحْمُ؟
وقال العجاج:
ولم تُعَوَّجْ رُحْمُ مَنْ تَعَوَّجا
وقال رؤبة:
يا مُنْزِلَ الرُّحْمِ على إِدْرِيس
وقرأَ أَبو عمرو بن العلاء: وأَقْرَبَ
رُحُماً، وبالتثقيل، واحتج بقول زهير يمدح هَرِمَ بن سِنانٍ:
ومن ضَرِيبتِه التَّقْوى ويَعْصِمُهُ،
من سَيِّء العَثَراتِ، اللهُ والرُّحُمُ
(* في ديوان زهير: الرِّحِم أي صلة القرابة بدل الرحُم).
وهو مثل عُسْرٍ وعُسُرٍ.
وأُمُّ رُحْمٍ وأُمّ الرُّحْمِ: مكة. وفي حديث مكة: هي أُمُّ رُحْمٍ أَي
أَصل الرَّحْمَةِ. والمَرْحُومةُ: من أَسماء مدينة سيدنا رسول الله، صلى
الله عليه وسلم، يذهبون بذلك إِلى مؤمني أَهلها. وسَمَّى الله الغَيْث
رَحْمةً لأَنه برحمته ينزل من السماء. وقوله تعالى حكاية عن ذي
القَرْنَيْنِ: هذا رَحْمَةٌ من ربي؛ أَراد هذا التمكين الذي قال ما مَكَّنِّي فيه
ربي خير، أَراد وهذا التمكين الذي آتاني الله حتى أَحكمْتُ السَّدَّ
رَحْمَة من ربي.
والرَّحِمُ: رَحِيمُ الأُنثى، وهي مؤنثة؛ قال ابن بري: شاهد تأْنيث
الرَّحِم قولهم رَحِمٌ مَعْــقومَةٌ، وقولُ ابن الرِّقاع:
حَرْف تَشَذَّرَ عن رَيَّانَ مُنْغَمِسٍ،
مُسْتَحْقَبٍ رَزَأَتْهُ رِحْمُها الجَمَلا
ابن سيده: الرَّحِمُ والرِّحْمُ بيت مَنْبِتِ
الولد ووعاؤه في البطن؛ قال عَبيد:
أَعاقِرٌ كذات رِحْمٍ،
أَم غانِمٌ كمَنْ يخيب؟
قال: كان ينبغي أَن يُعادِلَ بقوله ذات رِحْمٍ نقيضتها فيقول أَغَيْرُ
ذات رِحْمٍ كذات رِحْمٍ، قال: وهكذا أَراد لا مَحالة ولكنه جاء بالبيت على
المسأَلة، وذلك أَنها لما لم تكن العاقر وَلُوداً صارت، وإن كانت ذاتِ
رِحْمٍ، كأَنها لا رِحْم لها فكأَنه قال: أَغيرُِ ذات رِحْمٍ كذات
رِحْمٍ، والجمع أَرْحامٌ، لا يكسّر على غير ذلك. وامرأَة رَحُومٌ إِذا اشتكت
بعد الولادة رَحِمَها، ولم يقيده في المحكم بالولادة. ابن الأَعرابي:
الرَّحَمُ خروج الرَّحِمِ من علة؛ والجمع رُحُمٌ
(* قوله «والجمع رحم» أي جمع
الرحوم وقد صرح به شارح القاموس وغيره)، وقد رَحِمَتْ رَحَماً ورُحِمتْ
رَحْماً، وكذلك العَنْزُ، وكل ذات رَحِمٍ تُرْحَمُ، وناقة رَحُومٌ كذلك؛
وقال اللحياني: هي التي تشتكي رَحِمَها بعد الولادة فتموت، وقد رَحُمَتْ
رَحامةٌ ورَحِمَتْ رَحَماً، وهي رَحِمَةٌ، وقيل: هو داء يأْخذها في
رَحِمِها فلا تقبل اللِّقاح؛ وقال اللحياني: الرُّحامُ أَن تلد الشاة ثم لا
يسقط سَلاها. وشاة راحِمٌ: وارمةُ الرَّحِمِ، وعنز راحِمٌ. ويقال: أَعْيَا
من يدٍ في رَحِمٍ، يعني الصبيَّ؛ قال ابن سيده: هذا تفسير ثعلب.
والرَّحِمُ: أَسبابُ القرابة، وأَصلُها الرَّحِمُ التي هي مَنْبِتُ الولد، وهي
الرِّحْمُ. الجوهري: الرَّحِمُ القرابة، والرِّحْمُ، بالكسر، مثلُه؛ قال
الأَعشى:
إِمَّا لِطالِبِ نِعْمة يَمَّمْتَها،
ووِصالَ رِحْمٍ قد بَرَدْتَ بِلالَها
قال ابن بري: ومثله لقَيْل بن عمرو بن الهُجَيْم:
وذي نَسَب ناءٍ بعيد وَصَلتُه،
وذي رَحِمٍ بَلَّلتُها بِبِلاها
قال: وبهذا البيت سمي بُلَيْلاً؛ وأَنشد ابن سيده:
خُذُوا حِذرَكُم، يا آلَ عِكرِمَ، واذكروا
أَواصِرَنا، والرِّحْمُ بالغَيْب تُذكَرُ
وذهب سيبويه إِلى أَن هذا مطرد في كلِّ ما كان ثانِيه من حروف الحَلْقِ،
بَكْرِيَّةٌ، والجمع منهما أَرْحامٌ. وفي الحديث: من مَلَكَ ذا رَحِمٍ
مَحْرَمٍ فهو حُرٌّ؛ قال ابن الأَثير: ذَوو الرَّحِمِ
هم الأَقارب، ويقع على كل من يجمع بينك وبينه نسَب، ويطلق في الفرائض
على الأَقارب من جهة النساء، يقال: ذُو رَحِمٍ مَحْرَم ومُحَرَّم ، وهو مَن
لا يَحِلّ نكاحه كالأُم والبنت والأُخت والعمة والخالة، والذي ذهب إِليه
أَكثر العلماء من الصحابة والتابعين وأَبو خنيفة وأَصحابُه وأَحمدُ
أَن مَنْ مَلك ذا رَحِمٍ مَحْرَمٍ عَتَقَ عليه، ذكراً كان أَو أُنثى،
قال: وذهب الشافعي وغيره من الأئمة والصحابة والتابعين إِلى أَنه يَعْتِقُ
عليه الأَولادُ والآباءُ والأُمهاتُ ولا يَعْتِقُ عليه غيرُهم من ذوي
قرابته، وذهب مالك إِلى أَنه يَعْتِقُ عليه الولد والوالدان والإِخْوة ولا
يَعْتِقُ غيرُهم. وفي الحديث: ثلاث يَنْقُصُ بهنّ العبدُ في الدنيا
ويُدْرِكُ بهنّ في الآخرة ما هو أَعظم من ذلك: الرُّحْمُ والحَياءُ وعِيُّ
اللسان؛ الرُّحْمُ، بالضم: الرَّحْمَةُ، يقال: رَحِمَ رُحْماً، ويريد
بالنقصان ما يَنال المرءُ بقسوة القلب ووَقاحَة الوَجْه وبَسْطة اللسان التي هي
أَضداد تلك الخصال من الزيادة في الدنيا. وقالوا: جزاك اللهُ خيراً
والرَّحِمُ والرَّحِمَ، بالرفع والنصب، وجزاك الله شرّاً والقطيعَة، بالنصب لا
غير. وفي الحديث: إِن الرَّحِمَ شِجْنَةٌ مُعلقة بالعرش تقول: اللهم
صِلْ مَنْ وَصَلَني واقْطَعْ من قَطَعني. الأَزهري: الرَّحِمُ
القَرابة تَجمَع بَني أَب. وبينهما رَحِمٌ أَي قرابة قريبة. وقوله عز
وجل: واتقوا الله الذي تَساءَلون به والأَرْحام؛ من نَصب أَراد واتقوا
الأَرحامَ أَن تقطعوها، ومَنْ خَفَض أَراد تَساءَلون به وبالأَرْحام، وهو
قولك: نَشَدْتُكَ بالله وبالرَّحِمِ. ورَحِمَ السِّقاءُ رَحَماً، فهو
رَحِمٌ: ضَيَّعه أهلُه بعد عينَتِهِ فلم يَدْهُنُوه حتى فسد فلم يَلزم
الماء.والرَّحُوم: الناقةُ التي تشتكي رَحِمَها بعد النِّتاج، وقد رَحُمَتْ،
بالضم، رَحامَةً ورَحِمَتْ، بالكسر، رَحَماً.
ومَرْحُوم ورُحَيْم: اسمان.
هربذ: الهِرْبِذُ، بالكسر، واحد الهَرابِذَة المجوس وهم قَوَمَة بيت
النار التي للهند، فارسي معرب، وقيل: عظماء الهند أَو علماو هم.
والهِرْبِذَى: مِشْيَةٌ فيها اختيال كَمَشْي الهرابذة وهم حكام المجوس؛
قال امرؤ القيس:
مَشَى الهِرْبِذَى في دَفِّه ثم فَرْفَرَا
وقيل: هو الاختيال في المشي. وقال أَبو عبيد: الهِرْبذي مِشْية تشبه
مِشْية الهرابذة، حكاه في سير الإِبل؛ قال: ولا نظير لهذا البناء.
والهَرْبَذة: سير دون الخَبب. وعدا الجملُ الهِرْبذي أَي في شُِقّ.
غصب: الغَصْبُ: أَخْذُ الشيءِ ظُلْماً.
غَصَبَ الشيءَ يَغْصِـبُه غَصْباً، واغْتَصَبَه، فهو غاصِبٌ، وغَصَبه على الشيءِ: قَهَره، وغَصَبَه منه. والاغْتِصَابُ مِثْلُه، والشَّيْءُ غَصْبٌ ومَغْصُوب. الأَزهري: سمعت العرب تقول: غَصَبْتُ الجِلْدَ غَصْباً إِذا كَدَدْتَ عنه شَعَرَه، أَو وَبَره قَسْراً، بِلا عَطْن في الدِّباغِ، ولا إِعْمالٍ في نَـدًى أَو بَوْلٍ، ولا إِدراج. وتكرّر في الحديثِ ذِكْرُ الغَصْبِ، وهو أَخْذُ مالِ الغَيْرِ ظُلْماً وعُدْواناً. وفي الحديث: أَنه غَصَبَها نَفْسَها: أَراد أَنه واقَعَها كُرْهاً، فاستعاره للجِماعِ.
قعس: القَعَس: نقيض الحَدَب، وهو خروج الصدر ودخول الظهر؛ قَعِسَ
قَعَساً، فهو أَقْعَسُ ومُتَقاعِس وقَعِسٌ كقولهم أَنكَِد ونَكِد وأَجرب
وجَرِب، وهذا الضرْب يعتقب عليه هذان المِثالان كثيراً، والمرأَة قَعْساء
والجمع قُعْس. وفي حديث الزَّبْرِقان: أَبغضُ صِبيانِنا إِلينا الأُقَيْعِسُ
الذكر، وهو تصغير الأَقْعَس. والقَعَسُ في القَوْس: نُتُوُّ باطنها من
وسَطها ودخولُ ظاهرها، وهي قَوْس قَعْساء؛ قال أَبو النجم ووصف صائداً:
وفي اليدِ اليُسرى على مَيْسورِها
نَبْعِيَّةٌ قد شُدَّ من تَوْثِيرِها،
كَبْداءُ قَعْساءُ على تَأْطِيرِها
ونملةٌ قَعْساء: رافعة صدرها وذَنبها، والجمع قُعْس وقَعْساوات على غلبة
الصفة. والأَقْعَسُ: الذي في صدره انكباب إِلى ظهره. والقُعاس: التِواء
يأْخذ في العُنُق من ريح كأَنها تَهصِرُه إِلى ما وراءه. والقَعَسُ:
النبات. وعِزَّةٌ قَعْساء: ثابتة؛ قال:
والعِزَّة القَعْساء لِلأَعَزّ
ورجل أَقْعَس: ثابت عزيزٌ مَنِيع. وتَقَاعس العِزّ أَي ثبت وامتنع ولم
يُطَأْطِئْ رأْسه فاقْعَنْسَسَ أَي فثبت معه؛ قال العجاج:
تَقاعَس العِزُّ بِنا فاقْعَنْسَسا،
فَبَخَسَ الناسَ وأَعْيا البُخَّسَا
أَي بَخَسَهم العِزُّ أَي ظلمهم حقوقَهم. وتَقَعَّسَتِ الدابة: ثبتت فلم
تبرح مكانها. وتَقَعْوَس الرجل عن الأَمر أَي تأَخَّر ولم يتَقدَّم فيه؛
ومنه قول الكميت:
كما يَتَقاعَسِ الفَرَسُ الجَرُورُ
وفي حديث الأُخْدُود: فَتَقاعَسَتْ أَن تقع فيها؛ وقوله:
صَدِيق لَرَسْمِ الأَشجَعِيِّين، بَعْدَما
كَسَتْني السِّنُونَ القُعْسُ شَيبَ المفارِقِ
إِنما أَراد السِّنين الثابتة، ومعنى ثباتها طُولها.
وقَعَسَ وتَقاعَس واقْعَنْسَسَ: تأَخر ورجع إِلى خلف. وفي الحديث: أَنه
مَدَّ يَده إِلى حذيفة فتَقاعَسَ عنه أَو تَقَعَّسَ أَي تأَخر؛ قال
الراجز:
بِئْسَ مُقامُ الشَّيْخ أَمْرِسْ أَمْرِسْ،
إِمَّا على قَعْوٍ، وإِمَّا اقْعَنْسِسْ
وإِنما لم يدغم هذا لأَنه ملحق باحْرَنْجَم؛ يقول: إِن استقَى ببكرة وقع
حبلها في غير موضعه فيقال له أَمْرِسْ، وإِن استقَى بغير بكرة ومَتَح
أَوجعه ظهره فيقال له اقْعَنْسِسْ واجذب الدَّلْوَ؛ قال أَبو عليّ: نون
افعنلل بابها إِذا وقعت في ذوات الأَربعة أَن تكون بين أَصلين نحو
اخْرَنْطَمَ واحْرَنجَمَ، واقْعَنْسَسَ ملحق بذلك فيجب أَن يحتذى به طريق ما أُلحق
بمثاله، فلتكن السين الأُولى أَصلاً كما أَن الطاء المقابلة لها من
اخْرَنْطَمَ أَصل، وإِذا كانت السين الأُولى من اقْعَنْسَسَ أَصلاً كانت
الثانية الزائدة بلا ارتياب ولا شبهة.
واقْعَنْسَسَ البعير وغيره: امتنع فلم يتبع، وكل ممتنع مُقْعَنْسِس.
والمُقْعَنسِسُ: الشديد، وقيل: المتأَخر. وجمل مُقْعَنْسِسٌ: يمتنع أَن
يُقاد. قال المبرد: وكان سيبويه يقول في تصغير مُقْعَنْسِس مُقَيْعِس
ومُقَيْعِيس، قال: وليس القياس ما قال لأَن السين ملحقة فالقياس قُعَيْسِس
وقُعَيْسِيس، حتى يكون مثل حُرَيْجِم وحُرَيْجِيم في تحقير مُحْرَنْجِم.
وعِزٌّ مُقْعَنْسِس: عَزَّ أَن يُضام. وكل مُدخلٍ رأْسَه في عنقه كالممتنع
من الشيء: مُقْعَنْسِس. ومَقاعِس، بفتح الميم: جمع المُقْعَنْسِس بعد
حذف الزيادات والنون والسين الأَخيرة، وإِنما لم تحذف الميم، وإِن كانت
زائدة، لأَنها دخلت لمعنى اسم الفاعل، وأَنت في التعويض بالخيار، والتعويضُ
أَن تدخل ياءً ساكنة بين الحرفين اللذين بعد الأَلف، تقول: مَقاعِس وإِن
شئت مَقاعِيس، وإِنما يكون التعويض لازماً إِذا كانت الزيادة رابعة نحو
قِنديل وقَناديل، فقِسْ عليه.
والإِقْعاسُ: الغنى والإِكثار. وفرس أَقْعَسُ إِذا اطمأَنَّ صُلبه من
صَهْوَتِه وارتفعت قَطاتُه، ومن الإِبل التي مال رأْسها وعنقها نحو ظهرها؛
ومنه قولهم: ابنُ خَمْسٍ عَشاء خَلِفاتٍ قُعْس أَي مكثُ الهلال لخمس
خَلَوْنَ من الشعر إِلى أَن يغيب مُكْثُ هذه الحوامل في عَشائها.
والقِنْعاسُ: الناقة العظيمة الطويلة السَّنَمة، وقيل: الجمل؛ قال جرير:
وابنُ اللَّبُون، إِذا ما لُزَّ في قَرَنٍ،
لم يستطِع صَوْلَة البُزْلِ القَناعِيسِ
وليلٌ أَقْعَس: طويل كأَنه لا يبرح. والقَعْسُ: التراب المُنْتِن.
وقَعَسَ الشيءَ قَعْساً: عطفه كقَعَشَه. والقَوْعَسُ: الغليظ العنُق
الشديد الظهر من كل شيء. وتَقَعْوَسَ الشيخ: كَبِرَ كَتَقَعْوشَ.
والقَعْوَسُ: الشيخ الكبير. وتَقَعْوَسَ البيت: انهدم. والقَعْوَسُ:
الخفيف.وقولهم: هو أَهون من قُعَيْسٍ على عَمَّتِه؛ قيل كان غلاماً من بني
تميم، وإِنَّ عَمَّتَه استعارت عَنْزاً من امرأَة فرهنتها قُعَيْساً ثم نحرت
العنز وهَربت، فضرب به المثل في الهوان.
وبعيرٌ أَقْعَسُ: في رجليه قِصَر وفي حارِكِه انْصِباب؛ وقال ان
الأَعرابي: الأَقْعَسُ الذي قد خرجت عجيزته، وقال غيره: هو المنكبُّ على صدره،
قال أَبو العباس: والقول قول صاحبنا؛ وأَنشد:
أَقْعَسُ أَبْدى، في اسْتِه اسْتِيخارُ
وفي الحديث: حتى تأْتي فَتَيات قُعْساً؛ القَعَس: نُتُوُّ الصدر خلقة،
والرجل أَقْعَس، والمرأة قَعْساء، والجمع قُعْس.
وقَعْسان: موضع، والأَقْعسُ: جبَل. وقُعَيسِسٌ وقُعَيْسٌ: اسمان.
ومُقاعِس: قببيلة. وبنو مُقاعِس: بَطْن من بني سعد، سمي مُقاعسِاً لأَنه
تَقاعَس عن حِلْف كان بين قومه، واسمه الحرث، وقيل: إِنما سمي مُقاعِساً يوم
الكُلاب لأَنهم لمّا التَقَوْا همْ وبنو الحرث بن كعب تنادى أُولئك: يا
لَلْحرث وتنادى هؤلاء: يا لَلْحرث فاشتبه الشِّعاران لقالوا: يا
لَمُقاعِس قال الجوهري: ومُقاعِس أَبو حي من تميم، وهو لقب، واسمه الحرث بن عمرو
بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم. وعمرو ابن قِعاس: من شعرائهم. أَبو
عبيدة: الأَقْعَسان هما أَقْعَسُ ومُقاعِس ابنا ضَمْرَة بن ضَمْرة من بني
مجاشع، والأَقْعَسان: الأَقْعَسُ وهُبَيْرة ابنا ضَمْضَم.
قرم: القَرَمُ، بالتحريك: شدّة الشهوة إِلى اللحم، قَرِمَ إِلى اللحم،
وفي المحكم: قَرِمَ يَقْرَم قَرَماً، فهو قَرِمٌ: اشتهاه، ثم كثر حتى
قالوا مثلاً بذلك: قَرِمْتُ إِلى لقائك. وفي الحديث: كان يتعوّذ من القَرَم،
وهو شدة شهوة اللحم حتى لا يُصبَر عنه. يقال: قَرِمت إِلى اللحم. وحكى
بعضهم فيه: قَرِمْتُه. وفي حديث الضحية: هذا يومٌ اللحمُ فيه مَقْروم، قال:
هكذا جاء في رواية، وقيل: تقديره مَقْرومٌ إِليه فحذف الجارّ. وفي حديث
جابر: قَرِمنا إِلى اللحم فاشتريت بدرهم لحماً.
والقَرْمُ: الفحل الذي يترك من الركوب والعمل ويُودَع للفِحْلة، والجمع
قُروم؛ قال:
يا ابْن قُروم لَسْنَ بالأَحْفاضِ
وقيل: هو الذي لم يمسه الحَبْل. والأَقْرَمُ: كالقَرْم. وأَقْرَمه:
جَعله قَرْماً وأَكرمه عن المهْنة، فهو مُقْرَم، ومنه قيل للسيد قَرْمٌ
مُقْرَم تشبيهاً بذلك. قال الجوهري: وأَما الذي في الحديث: كالبعير
الأَقْرَم، فلغة مجهولة. واسْتَقرم البَكرُ قبل أَناه، وفي المحكم: واستقرم البكر
صار قَرْماً. والقَرْمُ من الرجال: السيد المعظم، على المثل بذلك. وفي
حديث علي، عليه السلام: أَنا أَبو حسن القَرْم أَي المُقْرَم في الرأْي؛
والقَرْم: فحل الإِبل، أَي أَنا فيهم بمنزلة الفحل في الإِبل؛ قال ابن
الأَثير: قال الخطابي وأَكثر الروايات القوم، بالواو، قال: ولا معنى له
وإِنما هو بالراء أَي المقدَّم في المعرفة وتَجارِب الأُمور. ابن السكيت:
أَقْرَمْتُ الفحل، فهو مُقْرَم، وهو أَن يُودَع للفحلة من الحمل والركوب،
وهو القَرْم أَيضاً. وفي حديث رواه دُكَين بن سعيد قال: أَمر النبي، صلى
الله عليه وسلم، عمر أَن يُزوِّد النُّعمان بن مُقرِّن المُزَني وأَصحابه
ففتح غُرفة له فيها تمر كالبعير الأَقْرَمِ؛ قال أَبو عبيد: قال أَبو عمرو
لا أَعرف الأَقرم ولكني أَعرف المُقْرَم، وهو البعير المُكْرَم الذي لا
يحمل عليه ولا يذلل، ولكن يكون للفحلة والضراب، قال: وإِنما سمي السيد
الرئيس من الرجال المُقْرَم لأَنه شبه بالمُقْرَم من الإِبل لعِظَم شأْنه
وكَرَمه عندهم؛ قال أَوس:
إِذا مُقْرَمٌ مِنَّا ذرا حَدُّ نابِه،
تَخَمَّطَ فِينا نابُ آخَرَ مُقْرَم
أَراد: إِذا هلَك منا سيد خلفه آخر. قال الزمخشري: قَرِمَ البعير، فهو
قَرِمٌ إِذا اسْتَقْرَمَ أَي صار قَرْماً. وقد أَقرَمَه صاحبه، فهو
مُقْرَم إِذا تركه للفِحْلة، وفَعِلَ وأَفْعَلَ يلتقيان كوَجِلَ وأَوْجَلَ
وتَبِعَ وأَتْبَع في الفعل، وخَشِنٍ وأَخْشَنَ وكَدِرٍ وأَكْدَرَ في الاسم،
قال: وأَما المَقْرُوم من الإِبل فهو الذي به قُرْمةٌ، وهي سِمةٌ تكون فوق
الأَنف تُسلخ منها جِلدة ثم تُجمع فوق أَنفه فتلك القُرمة؛ يقال منه:
قَرَمْتُ البعير أَقْرِمُه. ويقال للقُرْمة أَيضاً القِرام، ومثله في
الجسد الجُرْفة. الليث: هي القُرْمة والقَرْمة لغتان، وتلك الجلدة التي
قطعْتَها هي القُرامة، وربما قَرَمُوا من كِرْكِرَته وأُذنه قُرامات
يُتَبَلَّغ بها في القحط. المحكم: وقَرَمَ البعيرَ يَقْرِمه قَرْماً قطع من أَنفه
جلدة لا تبين وجَمعَها عليه للسِّمة، واسم ذلك الموضع القِرام والقُرْمة
وقيل: القُرْمة اسم ذلك الفعل. والقَرْمة والقُرامة: الجلدة المقطوعة
منه، فإِن كان مثلُ
ذلك الوسْم في الجسم بعد الأُذن والعنق فهي الجُرْفة. وناقة قَرْماء:
بها قَرْم في أَنفها؛ عن ابن الأَعرابي. ابن الأَعرابي: في السِّمات
القَرْمة، وهي سِمة على الأَنف ليست بحَزٍّ، ولكنها جَرْفة للجلد ثم يترك
كالبعرة، فإِذا حُزَّ الأَنف حَزّاً فذلك الفَقْر. يقال: بعير مَفْقُور
ومَقْرُوم ومَجْرُوف؛ ومنه ابن مَقْرُومٍ الشاعر. وقَرَمَ الشيءَ قَرْماً:
قَشَره. والقُرامة من الخبز: ما تقشَّر منه، وقيل: ما يَلتزِق منه في التنور،
وكل ما قَشَرْته عن الخبز فهو القُرامة. وما في حَسَبِه قُرامة أَي
وَصْم، وهما العيب. وقَرَمَه قَرْماً: عابَه. والقَرْمُ: الأَكل ما كان. ابن
السكيت: قَرَم يَقْرِم قَرْماً إِذا أَكل أَكلاً ضعيفاً. ويقال: هو
يَتَقَرَّمُ تَقَرُّم البَهْمة. وقَرَمَتِ البَهمة تَقْرِم قَرْماً وقُروماً
وقَرَماناً وتَقرَّمت: وذلك في أَول ما تأْكل، وهو أدنى التناوُل، وكذلك
الفَصيل والصبي في أَول أَكله. وقَرَّمه هو: علَّمه ذلك؛ ومنه قول
الأَعرابية ليعقوب تذكر له تَرْبِية البَهْم: ونحن في كل ذلك نُقَرِّمه ونعلمه.
أَبو زيد: يقال للصبي أَوّل ما يأْكل قد قَرَم يَقْرِم قَرْماً
وقُروماً. الفراء: السخلة تَقْرِم قَرْماً إِذا تعلمت الأَكل؛ قال عدي:
فَظِباءُ الرَّوْضِ يَقْرِمْنَ الثَّمَرْ
ويقال: قرَم الصبيُّ والبَهْمُ قَرْماً وقُروماً، وهو أَكل ضعيف في أَول
ما يأْكل، وتَقَرَّم مثله. وقَرَّمَ القِدْحَ: عَجَمَه؛ قال:
خَرَجْنَ حَرِيراتٍ وأَبْدَيْنَ ِمجْلَداً، ودارَتْ عليهن المُقَرَّمةُ
الصُّفْر
يعني أَنهن سُبِين واقْتُسمن بالقِداح التي هي صفتها، وأَراد مَجالِد
فَوضع الواحد موضع الجمع.
والقِرامُ: ثوب من صوف ملوّن فيه أَلوان من العِهن، وهو صفيق يتخذ
سِتراً، وقيل: هو الستر الرقيق، والجمع قُرُم، وهو المِقْرَمة، وقيل:
المِقْرمةُ مَحْبِس الفِراش. وقَرَّمَه بالمِقْرمة: حبسَه بها. والقِرام: ستر فيه
رَقْم ونقُوش، وكذلك المِقْرَمُ والمِقْرَمة؛ وقال يصف داراً:
على ظَهْرِ جَرْعاء العَجُوز، كأَنهَّا
دَوائِرُ رَقْمٍ في سَراةِ قِرامِ
وفي حديث عائشة: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، دخل عليها وعلى الباب
قِرامٌ فيه تَماثِيلُ، وفي رواية: وعلى الباب قِرامٌ سِترٍ؛ هو الستر
الرقيق فإِذا خيط فصار كالبيت فهو كِلَّةٌ؛ وأَنشد بيت لبيد يصف الهودج:
مِنْ كلِّ مَحْفُوفٍ يُظِلُّ عِصِيَّه
زَوْجٌ، عليه كِلَّةٌ وقِرامُها
وقيل: القِرام ثوب من صوف غليظ جدّاً يُفرش في الهودج ثم يجعل في قواعد
الهودج أَو الغَبِيط، وقيل: هو الصَّفِيق من صوف ذي أَلوان، والإِضافة
فيه كقولك ثوبُ قميصٍ، وقيل: القِرام الستر الرقِيقُ وراء الستر الغليظ،
ولذلك أَضاف؛ وقوله في حديث الأَحنف بلغه أَن رجلاً يغتابه فقال:
عُثَيْثةٌ تَقْرِمُ جِلْداً أَمْلَسا
أَي تَقْرِض، وقد ذكرته في موضعه.
والقَرْمُ: ضرب من الشجر؛ حكاه ابن دريد، قال: ولا أَدري أَعربي هو أَم
دخيل. وقال أَبو حنيفة: القُرْم، بالضم، شجر ينبت في جَوف ماء البحر، وهو
يشبه شجر الدُّلْب في غِلَظِ سُوقه وبياض قشره، وورقه مثل ورق اللوز
والأَراك، وثمرُه مثل ثمر الصَّوْمَر، وماء البحر عدوّ كل شيء من الشجر
إِلاَّ القُرْم والكَنْدَلى، فإِنهما ينبتان به.
وقارِمٌ ومَقْرُومٌ وقُرَيْمٌ: أَسماء. وبنو قُرَيْمٍ: حي. وقَرْمانُ:
موضع، وكذلك قَرَماء؛ أَنشد سيبويه:
علا قَرَماءَ عالِيةً شَواه،
كأَنَّ بَياضَ غُرَّتِه خِمارُ
قيل: هي عَقَبة، وقد ذكر ذلك في فرم مستوفى. وقال ابن الأَعرابي: هي
قَرْماء بسكون الراء، وكذلك أَنشد البيت على قرْماء ساكنة وقال: هي أَكَمة
معروفة، قال: وقيل قَرْماء هنا ناقة بها قَرْمٌ في أَنفها أَي وَسْم، قال:
ولا أَدري وجهه ولا يعطيه معنى البيت. ابن الأَنباري في كتاب المقصور
والممدود: جاء على فَعَلاء يقال له سَحَناء أَي هَيئة، وله ثَأَداءُ أَي
أَمَة، وقَرَماء اسم أَرض، وأَنشد البيت وقال: كتبت عنه بالقاف، وكان عندنا
فَرَماء لأَرض بمصر، قال: فلا أَدري قَرَماء أَرض بنجد وفَرَماء بمصر.
ومَقْرُوم: اسم جبل؛ وروي بيت رؤبة:
ورَعْنِ مَقْرُومٍ تَسامى أَرَمُهْ
والقَرَمُ: الجِداء الصغار. والقَرَمُ: صِغار الإِبل، والقَزَمُ،
بالزاي: صغار الغنم وهي الحَذَف.