Permalink (الرابط القصير إلى هذا الباب):
http://arabiclexicon.hawramani.com/?p=103648#cd972a
فِيْلِبْس
صورة قديمة لإسم فيليب.
صورة قديمة لإسم فيليب.
جلد: الجِلْدُ والجَلَد: المَسْك من جميع الحيوان مثل شِبْه وشَبَه؛
الأَخيرة عن ابن الأَعرابي، حكاها ابن السكيت عنه؛ قال: وليست بالمشهورة،
والجمع أَجلاد وجُلود والجِلْدَة أَخص من الجلد؛ وأَما قول عبد مناف بن ربع
الهذلي:
إِذا تَجاوَبَ نَوْحٌ قامتا معه،
ضرباً أَليماً بِسِبْتٍ يَلْعَجُ الجِلِدا
فإِنما كسر اللام ضرورة لأَن للشاعر أَن يحرك الساكن في القافية بحركة
ما قبله؛ كما قال:
علَّمنا إِخوانُنا بنو عَجِلْ
شُربَ النبيذ، واعتقالاً بالرِّجِلْ.
وكان ابن الأَعرابي يرويه بالفتح ويقول: الجِلْد والجَلَد مِثْلُ مِثْلٍ
ومَثَلٍ وشِبْه وشَبَه؛ قال ابن السكيت: وهذا لا يُعرف، وقوله تعالى
ذاكراً لأَهل النار: حين تشهد عليهم جوارحهم وقالوا لجلُودهم؛ قيل: معناه
لفروجهم كنى عنها بالجُلود؛ قال ابن سيده: وعندي أَن الجلود هنا مُسوكهم
التي تباشر المعاصي؛ وقال الفرّاءُ: الجِلْدُ ههنا الذكر كنى الله عز وجل
عنه بالجلد كما قال عز وجل: أَو جاءَ أَحد منكم من الغائط؛ والغائط:
الصحراء، والمراد من ذلك: أَو قضى أَحد منكم حاجته.
والجِلْدة: الطائفة من الجِلْد. وأَجلاد الإِنسان وتَجالِيده: جماعة
شخصه؛ وقيل: جسمه وبدنه وذلك لأَن الجلد محيط بهما؛ قال الأَسود بن
يعفر:أَما تَرَيْني قد فَنِيتُ، وغاضني
ما نِيلَ من بَصَري، ومن أَجْلادي؟
غاضني: نقصني. ويقال: فلان عظيم الأَجْلاد والتجاليد إِذا كان ضخماً قوي
الأَعضاءِ والجسم، وجمع الأَجلاد أَجالد وهي الأَجسام والأَشخاص. ويقال:
فلان عظيم الأَجلاد وضئيل الأَجلاد، وما أَشبه أَجلادَه بأَجلادِ أَبيه
أَي شخصه وجسمه؛ وفي حديث القسامة أَنه استحلف خمسة نفر فدخل رجل من
غيرهم فقال: ردُّوا الإِيمان على أَجالِدِهم أَي عليهم أَنفسهم، وكذلك
التجاليد؛ وقال الشاعر:
يَنْبي، تَجالِيدي وأَقتادَها،
ناوٍ كرأْسِ الفَدَنِ المُؤيَدِ
وفي حديث ابن سيرين: كان أَبو مسعود تُشْبه تجاليدُه تجاليدَ عمر أَي
جسمُه جسمَه. وفي الحديث: قوم من جِلْدتنا أَي من أَنفسنا وعشريتنا؛ وقول
الأَعشى:
وبَيْداءَ تَحْسَبُ آرامَها
رجالَ إِيادٍ بأَجلادِها
قال الأَزهري: هكذا رواه الأَصمعي، قال: ويقال ما أَشبه أَجلادَه
بأَجلاد أَبيه أَي شخصه بشخوصهم أَي بأَنفسهم، ومن رواه بأَجيادها أَراد
الجودياء بالفارسية الكساءَ.
وعظم مُجَلَّد: لم يبق عليه إِلا الجلد؛ قال:
أَقول لِحَرْفٍ أَذْهَبَ السَّيْرُ نَحْضَها،
فلم يُبْق منها غير عظم مُجَلَّد:
خِدي بي ابتلاكِ اللَّهُ بالشَّوْقِ والهَوَى،
وشاقَكِ تَحْنانُ الحَمام المُغَرِّدِ
وجَلَّدَ الجزور: نزع عنها جلدها كما تسلخ الشاة، وخص بعضهم به البعير.
التهذيب: التجليد للإِبل بمنزلة السلخ للشاءِ. وتجليد الجزور مثل سلخ
الشاة؛ يقال جَلَّدَ جزوره، وقلما يقال: سلخ. ابن الأَعرابي: أَحزرت
(* قوله
«أحزرت» كذا بالأصل بحاء فراء مهملتين بينهما معجمة، وفي شرح القاموس
أجرزت بمعجمتين بينهما مهملة.) الضأْن وحَلَقْتُ المعزى وجلَّدت الجمل، لا
تقول العرب غير ذلك.
والجَلَدُ: أَن يُسلَخَ جلد البعير أَو غيره من الدواب فيُلْبَسَــه غيره
من الدواب؛ قال العجاج يصف أَسداً:
كأَنه في جَلَدٍ مُرَفَّل
والجَلَد: جِلْد البوّ يحشى ثُماماً ويخيل به للناقة فتحسبه ولدها إِذا
شمته فترأَم بذلك على ولد غيرها.
غيره: الجَلَد أَن يسلخ جِلْد الحوار ثم يحشى ثماماً أَو غيره من الشجر
وتعطف عليه أُمه فترأَمه. الجوهري: الجَلَد جِلْد حوار يسلخ فيلبس حواراً
آخر لتشمه أُم المسلوخ فترأَمه؛ قال العجاج:
وقد أَراني للغَواني مِصْيَدا
مُلاوَةً، كأَنَّ فوقي جَلَدا
أَي يرأَمنني ويعطفن عليَّ كما ترأَم الناقة الجَلَدَ.
وجلَّد البوَّ: أَلبسه الجِلْد. التهذيب: الجِلْد غشاءُ جسد الحيوان،
ويقال: جِلْدة العين.
والمِجْلدة: قطعة من جِلْد تمسكها النائحة بيدها وتلْطِم بها وجهها
وخدها، والجمع مجاليد؛ عن كراع؛ قال ابن سيده: وعندي أَن المجاليد جمع مِجلاد
لأَن مِفْعلاً ومِفْعالاً يعتقبان على هذا النحو كثيراً. التهذيب: ويقال
لميلاء النائحة مِجْلَد، وجمعه مجالد؛ قال أَبو عبيد: وهي خرق تمسكها
النوائح إِذا نحنَ بأَيديهنّ؛ وقال عدي بن زيد:
إِذا ما تكرّهْتَ الخليقةَ لامْرئٍ،
فلا تَغْشَها، واجْلِدْ سِواها بِمِجْلَد
أَي خذ طريقاً غير طريقها ومذهباً آخر عنها، واضرب في الأَرض لسواها.
والجَلْد: مصدر جَلَده بالسوط يَجْلِدُه جَلْداً ضربه. وامرأَة جَلِيد
وجليدة؛ كلتاهما عن اللحياني، أَي مجلودة من نسوة جَلْدى وجلائد؛ قال ابن
سيده: وعندي أَن جَلْدى جمع جَليد، وجلائد جمع جليدة. وجَلَدَه الحدّ
جلداً أَي ضربه وأَصاب جِلْده كقولك رأَسَه وبَطَنَه. وفرس مُجَلَّد: لا
يجزع من ضرب السوط. وجَلَدْتُ به الأَرضَ أَي صرعته. وجَلَد به الأَرض:
ضربها. وفي الحديث: أَن رجلاً طَلَبَ إِلى النبي، صلى الله عليه وسلم، أَن
يُصَلِّي معه بالليل فأَطال النبي، صلى الله عليه وسلم، في الصلاة فجُلِدَ
بالرجل نوماً أَي سقط من شدة النوم. يقال: جُلِدَ به أَي رُميَ إِلى
الأَرض؛ ومنه حديث الزبير: كنت أَتشدّد فيُجلَدُ بي أَي يغلبني النوم حتى
أَقع. ويقال: جَلَدْته بالسيف والسوط جَلْداً إِذا ضربت جِلْدَه.
والمُجالَدَة: المبالطة، وتجالد القوم بالسيوف واجْتَلدوا. وفي الحديث:
فنظر إِلى مُجْتَلَدِ القوم فقال: الآن حَمِيَ الوَطِيسُ، أَي إِلى موضع
الجِلاد، وهو الضرب بالسيف في القتال. وفي حديث أَبي هريرة في بعض
الروايات: أَيُّما رجُلٍ من المسلمين سَبَبْتُه أَو لعنته أَو جَلَدُّه، هكذا
رواه بإِدغام التاءِ في الدال، وهي لغة. وجالَدْناهم بالسيوف مُجالدة
وجِلاداً: ضاربناهم. وجَلَدَتْه الحية: لدغته، وخص بعضهم به الأَسود من
الحيات، قالوا: والأَسود يَجْلِدُ بذنبه.
والجَلَد: القوة والشدة. وفي حديث الطواف: لِيَرى المشركون جَلَدَهم؛
الجَلَد القوّة والصبر؛ ومنه حديث عمر: كان أَخْوفَ جَلْداً أَي قوياً في
نفسه وجسده. والجَلَدُ: الصلابة والجَلادة؛ تقول منه: جَلُد الرجل، بالضم،
فهو جَلْد جَلِيد وبَيِّنُ الجَلَدِ والجَلادَة والجُلودة.
والمَجْلود، وهو مصدر: مثل المحلوف والمعقول؛ قال الشاعر:
واصبِر فإِنَّ أَخا المَجْلودِ من صَبَرا
قال: وربما قالوا رجل جَضْد، يجعلون اللام مع الجيم ضاداً إِذا سكنت.
وقوم جُلْد وجُلَداءُ وأَجلاد وجِلاد، وقد جَلُدَ جَلادَة وجُلودة، والاسم
الجَلَدُ والجُلودُ.
والتَّجَلُّد: تكلف الجَلادة. وتَجَلَّدَ: أَظهر الجَلَدَ؛ وقوله:
وكيف تَجَلُّدُ الأَقوامِ عنه،
ولم يُقْتَلْ به الثَّأْرُ المُنِيم؟
عداه بعن لأَن فيه معنى تصبر.
أَبو عمرو: أَحْرَجْتُهُ لكذا وكذا وأَوْجَيْتُهُ وأَجْلَدْتُه
وأَدْمَغْتُهُ وأَدْغَمْتُه إِذا أَحوجته إِليه.
والجَلَد: الغليظ من الأَرض. والجَلَد: الأَرض الصُّلْبَة؛ قال النابغة:
إِلاَّ الأَواريَ لأْياً ما أُبَيِّنُها،
والنُّؤيُ كالحوض بالمظلومةِ الجَلَدِ
وكذلك الأَجْلَد؛ قال جرير:
أَجالتْ عليهنَّ الروامِسُ بَعْدَنا
دُقاقَ الحصى، من كلِّ سَهْلٍ، وأَجْلَدا
وفي حديث الهجرة: حتى إِذا كنا بأَرض جَلْدة أَي صُلْبة؛ ومنه حديث
سراقة: وحل بي فرسي وإِني لفي جَلَد من الأَرض. وأَرض جَلَد: صلبة مستوية
المتن غليظة، والجمع أَجلاد؛ قاله أَبو حنيفة: أَرض جَلَدٌ، بفتح اللام،
وجَلْدة، بتسكين اللام، وقال مرة: هي الأَجالد، واحدها جَلَد؛ قال ذو
الرمة:فلما تَقَضَّى ذاك من ذاك، واكتَسَت
مُلاءً من الآلِ المِتانُ الأَجالِدُ
الليث: هذه أَرض جَلْدَة ومكان جَلَدَةٌ
(* قوله «ومكان جلدة» كذا
بالأصل وعبارة شرح القاموس؛ وقال الليث هذه أرض جلدة وجلدة ومكان جلد.) ومكان
جَلَد، والجمع الجلَدات.
والجلاد من النخل: الغزيرة، وقيل هي التي لا تبالي بالجَدْب؛ قال سويد
بن الصامت الأَنصاري:
أَدِينُ وما دَيْني عليكم بِمَغْرَم،
ولكن على الجُرْدِ الجِلادِ القَراوِح
قال ابن سيده: كذا رواه أَبو حنيفة، قال: ورواه ابن قتيبة على الشم،
واحدتها جَلْدَة. والجِلادُ من النخل: الكبار الصِّلاب، وفي حديث عليّ،
كرَّم الله تعالى وجهه: كنت أَدْلُوا بتَمْرة اشترطها جَلْدة؛ الجَلْدة،
بالفتح والكسر: هي اليابسة اللحاءِ الجيدة.
وتمرة جَلْدَة: صُلْبة مكتنزة؛ وأَنشد:
وكنتُ، إِذا ما قُرِّب الزادُ، مولَعاً
بكلّ كُمَيْتٍ جَلْدَةٍ لم تُوَسَّفِ
والجِلادُ من الإِبِلِ: الغزيرات اللبن، وهي المَجاليد، وقيل: الجِلادُ
التي لا لبن لها ولا نِتاح؛ قال:
وحارَدَتِ النُّكْدُ الجِلادُ، ولم يكنْ
لِعُقْبَةَ قِدْرُ المسْتَعير بن مُعْقِب
والجَلَد: الكبار من النوق التي لا أَولاد لها ولا أَلبان، الواحدة
بالهاءِ؛ قال محمد بن المكرم: قوله لا أَولاد لها الظاهر منه أَن غرضه لا
أَولاد لها صغار تدر عليها، ولا يدخل في ذلك الأَولاد الكبار، والله أَعلم.
والجَلْد، بالتسكين: واحدة الجِلاد وهي أَدسم الإِبل لبناً. وناقة
جَلْدة: مِدْرار؛ عن ثعلب، والمعروف أَنها الصلبة الشديدة. وناقة جَلْدة ونوق
جَلَدات، وهي القوية على العمل والسير. ويقال للناقة الناجية: جَلْدَة
وإِنها لذات مَجْلود أَي فيها جَلادَة؛ وأَنشد:
من اللواتي إِذا لانَتْ عريكَتُها،
يَبْقى لها بعدَها أَلٌّ ومَجْلود
قال أَبو الدقيش: يعني بقية جلدها. والجَلَد من الغنم والإِبِل: التي لا
أَولاد لها ولا أَلبان لها كأَنه اسم للجمع؛ وقيل: إِذا مات ولد الشاة
فهي جَلَدٌ وجمعها جِلاد وجَلَدَة، وجمعها جَلَد؛ وقيل: الجَلَدُ والجلَدة
الشاة التي يموت ولدها حين تضعه. الفراء: إِذا ولدت الشاة فمات ولدها
فهي شاة جَلَد، ويقال لها أَيضاً جَلَدَة، وجمع جَلَدَة جَلَد وجَلَدات.
وشاة جَلَدة إِذا لم يكن لها لبن ولا ولد. والجَلَد من الإِبل: الكبار التي
لا صغار فيها؛ قال:
تَواكَلَها الأَزْمانُ حتى أَجاءَها
إِلى جَلَدٍ منها قليلِ الأَسافِل
قال الفراء: الجَلَدُ من الإِبل التي لا أَولاد معها فتصبر على الحر
والبرد؛ قال الأَزهري: الجَلَد التي لا أَلبان لها وقد ولى عنها أَولادها،
ويدخل في الجَلَدِ بنات اللبون فما فوقها من السن، ويجمع الجَلَدَ
أَجْلادٌ وأَجاليدُ، ويدخل فيها المخاض والعشار والحيال فإِذا وضعت أَولادها زال
عنها اسم الجَلَدِ وقيل لها العشار واللقاح، وناقة جَلْدة: لا تُبالي
البرد؛ قال رؤبة:
ولم يُدِرُّوا جَلْدَةً بِرْعِيسا
وقال العجاج:
كأَنَّ جَلْداتِ المِخاضِ الأُبَّال،
يَنْضَحْنَ في حَمْأَتِهِ بالأَبوال،
من صفرة الماءِ وعهد محتال
أَي متغير من قولك حال عن العهد أَي تغير عنه.
ويقال: جَلَدات المخاض شدادها وصلابها.
والجَليد: ما يسقط من السماءِ على الأَرض من الندى فيجمد. وأَرض
مَجْلُودة: أَصابها الجليد. وجُلِدَتِ الأَرضُ من الجَلِيد، وأُجْلِد الناسُ
وجَلِدَ البَقْلُ، ويقال في الصّقِيعَ والضَّريب مِثْله. والجليد: ما جَمَد
من الماء وسقط على الأَرض من الصقيع فجمد.
الجوهري: الجليد الضَّريب والسَّقيطُ، وهو ندى يسقط من السماء فيَجْمُد
على الأَرض. وفي الحديث: حُسْنُ الخُلُق يُذيبُ الخطايا كما تُذيبُ الشمس
الجليدَ؛ هو الماء الجامد من البرد.
وإِنه ليُجْلَدُ بكل خير أَي يُظَن به، ورواه أَبو حاتم يُجْلَذُ،
بالذال المعجمة. وفي حديث الشافعي: كان مُجالد يُجْلَد أَي كان يتهم ويرمى
بالكذب فكأَنه وضع الظن موضع التهمة.
واجْتَلَد ما في الإِناء: شربه كله. أَبو زيد: حملت الإِناء فاجتلدته
واجْتَلَدْتُ ما فيه إِذا شربت كل ما فيه. سلمة: القُلْفَة والقَلَفَة
والرُّغْلَة والرَّغَلَة والغُرْلَة
(* قوله «والغرلة» كذا بالأصل والمناسب
حذفه كما هو ظاهر.) والجُلْدَة: كله الغُرْلة؛ قال الفرزدق:
مِنْ آلِ حَوْرانَ، لم تَمْسَسْ أُيورَهُمُ
مُوسَى، فَتُطْلِعْ عليها يابِسَ الْجُلَد
قال: وقد ذكر الأُرْلَة؛ قال: ولا أَدري بالراء أَو بالدال كله الغرلة؛
قال: وهو عندي بالراء. والمُجلَّدُ: مقدار من الحمل معلوم المكيلة
والوزن. وصرحت بِجِلْدان وجِلْداء؛ يقال ذلك في الأَمر إِذا بان. وقال
اللحياني: صرحت بِجِلْدان أَي بِجدٍّ.
وبنو جَلْد: حيّ.
وجَلْدٌ وجُلَيْدٌ ومُجالِدٌ: أَسماء؛ قال:
نَكَهْتُ مُجالداً وشَمِمْتُ منه
كَريح الكلب، مات قَريبَ عَهْدِ
فقلت له: متى استَحْدَثْتَ هذا؟
فقال: أَصابني في جَوْفِ مَهْدِي
وجَلُود: موضع بأَفْريقيَّة؛ ومنه: فلان الجَلوديّ، بفتح الجيم، هو
منسوب إِلى جَلود قرية من قرى أَفريقية، ولا تقل الجُلودي، بضم الجيم،
والعامة تقول الجُلُودي.
وبعير مُجْلَنْدٌ: صلب شديد.
وجْلَنْدى: اسم رجل؛ وقوله:
وجْلَنْداء في عُمان مقيما
(قوله «وجلنداء إلخ» كذا في الأصل بهذا الضبط. وفي القاموس وجلنداء، بضم
أَوله وفتح ثانيه ممدودة وبضم ثانيه مقصورة: اسم ملك عمان، ووهم الجوهري
فقصره مع فتح ثانيه، قال الأعشى وجلنداء اهـ بل سيأتي للمؤلف في جلند
نقلاً عن ابن دريد انه يمد ويقصر.)
إِنما مده للضرورة، وقد روي:
وجْلَنْدى لَدى عُمانَ مُقيما
الجوهري: وجُلَنْدى، بضم الجيم مقصور، اسم ملك عمان.
بشر: البَشَرُ: الخَلْقُ يقع على الأُنثى والذكر والواحد والاثنين
والجمع لا يثنى ولا يجمع؛ يقال: هي بَشَرٌ وهو بَشَرٌ وهما بَشَرٌ وهم بَشَرٌ.
ابن سيده: البَشَرُ الإِنسان الواحد والجمع والمذكر والمؤنث في ذلك
سواء، وقد يثنى. وفي التنزيل العزيز: أَنُؤُمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا؟
والجمع أَبشارٌ. والبَشضرَةُ: أَعلى جلدة الرأْس والوجه والجسد من الإِنسان،
وهي التي عليها الشعر، وقيل: هي التي تلي اللحم. وفي المثل: إِنما
يُعاتَبُ الأَديمُ ذو البَشَرَةِ؛ قال أَبو حنيفة: معناه أَن يُعادَ إِلى
الدِّباغ، يقول: إِنما يعاتَبُ مَن يُرْجَى ومَنْ له مُسْكَةُ عَقْلٍ، والجمع
بَشَرٌ. ابن بزرج: والبَشَرُ جمع بَشَرَةٍ وهو ظاهر الجلد. الليث:
البَشَرَةُ أَعلى جلدة الوجه والجسد من الإِنسان، ويُعْني به اللَّوْنُ
والرِّقَّةُ، ومنه اشتقت مُباشَرَةُ الرجل المرأَةَ لِتَضامِّ أَبْشارِهِما.
والبَشَرَةُ والبَشَرُ: ظاهر جلد الإِنسان؛ وفي الحديث: لَمْ أَبْعَثْ
عُمَّالي لِيَضْرِبُوا أَبْشاركم؛ وأَما قوله:
تُدَرِّي فَوْقَ مَتْنَيْها قُرُوناً
على بَشَرٍ، وآنَسَهُ لَبابُ
قال ابن سيده: قد يكون جمع بشرة كشجرة وشجر وثمرة وثمر، وقد يجوز أَن
يكون أَراد الهاء فحذفها كقول أَبي ذؤَيب:
أَلا لَيْتَ شِعْري، هَلْ تَنَظَّرَ خالِدٌ
عِنادي على الهِجْرانِ، أَم هُوَ يائِسُ؟
قال: وجمعه أَيضاً أَبْشارٌ، قال: وهو جمع الجمع. والبَشَرُ: بَشَرُ
الأَديمِ. وبَشَرَ الأَديمِ يَبْشُرُه بَشْراً وأَبْشَرَهُ: قَشَرَ
بَشَرَتَهُ التي ينبت عليها الشعر، وقيل: هو أَن يأْخذ باطنَه بِشَفْرَةٍ. ابن
بزرج: من العرب من يقول بَشَرْتُ الأَديم أَبْشِرهُ، بكسر الشين، إِذا
أَخذت بَشَرَتَهُ. والبُشارَةُ: ما بُشِرَ منه. وأَبْشَرَه؛ أَظهر
بَشَرَتَهُ. وأَبْشَرْتُ الأََديمَ، فهو مُبْشَرٌ إِذا ظهرتْ بَشَرَتُه التي تلي
اللحم، وآدَمْتُه إِذا أَظهرت أَدَمَتَهُ اليت ينبت عليها الشعر.
الللحياني: البُشارَةُ ما قَشَرْتَ من بطن الأَديم، والتِّحْلئُ ما قَشرْتَ عن
ظهره.
وفي حديث عبدالله: مَنْ أَحَبَّ القُرْآنَ فَليَبْشَرْ أَي فَلْيَفْرَحْ
ولَيُسَرَّ؛ أَراد أَن محبة القرآن دليل على محض الإِيمان من بَشِرَ
يَبْشَرُ، بالفتح، ومن رواه بالضم، فهو من بَشَرْتُ الأَديم أَبْشُرُه إِذا
أَخذت باطنه بالشَّفْرَةِ، فيكون معناه فَلْيُضَمِّرْ نفسه للقرآن فإِن
الاستكثار من الطعام ينسيه القرآن. وفي حديث عبدالله بن عمرو: أُمرنا أَن
نَبْشُرَ الشَّوارِبَ بَشْراً أَي نَحُفّها حتى تَبِينَ بَشَرَتُها، وهي
ظاهر الجلد، وتجمع على أَبْشارٍ. أَبو صفوان: يقال لظاهر جلدة الرأْس
الذي ينبت فيه الشعر البَشَرَةُ والأَدَمَةُ والشَّواةُ. الأَصمعي: رجل
مُؤُدَمٌ مُبْشَرٌ، وهو الذي قد جَمَعَ لِيناً وشِدَّةً مع المعرفة بالأُمور،
قال: وأَصله من أَدَمَةِ الجلد وبَشَرَتِهِ، فالبَشَرَةُ ظاهره، وهو
منبت الشعر، والأَدَمَةُ باطنه، وهو الذي يلي اللحم؛ قال والذي يراد منه
أَنه قد جَمع بَيْنَ لِينِ الأَدَمَةِ وخُشونة البَشَرَةِ وجرّب الأُمور.
وفي الصحاح: فلانٌ مُؤْدَمٌ مَبْشَرٌ إِذا كان كاملاً من الرجال، وامرأَة
مُؤْدَمَةٌ مُبْشَرَةٌ: تامَّةٌ في كُلّ وَجْهٍ. وفي حديث بحنة: ابنتك
المُؤْدَمَةُ المُبْشَرَة؛ يصف حسن بَشَرَتها وشِدَّتَها.
وبَشْرُ الجرادِ الأَرْضَ: أَكْلُه ما عليها. وبَشَرَ الجرادُ الأَرضَ
يَبْشُرُها بَشراً: قَشَرَها وأَكل ما عليها كأَن ظاهر الأَرض
بَشَرَتُها.وما أَحْسَنَ بَشَرَتَه أَي سَحْناءَه وهَيْئَتَه. وأَبْشَرَتِ الأَرْضُ
إِذا أَخرجت نباتها. وأَبْشَرَتِ الأَرضُ إِبْشاراً: بُذِرتْ فَظَهَر
نَباتُها حَسَناً، فيقال عند ذلك: ما أَحْسَنَ بَشَرَتَها؛ وقال أَبو زياد
الأَحمر: أَمْشَرَتِ الأَرضُ وما أَحْسَنَ مَشَرَتَها. وبَشَرَةُ
الأَرضِ: ما ظهر من نباتها. والبَشَرَةُ: البَقْلُ والعُشْبُ وكُلُّه مِنَ
البَشَرَةِ.
وباشَرَ الرجلُ امرأَتَهُ مُباشَرَةً وبِشاراً: كان معها في ثوب واحد
فَوَلَيِتْ بَشَرَتُهُ بَشَرَتَها. وقوله تعالى: ولا تُباشِرُ وهُنَّ
وأَنتم عاكفون في المساجد؛ معنى المباشرة الجماع، وكان الرجل يخرج من المسجد،
وهو معتكف، فيجامع ثم يعود إِلى المسجد. ومُباشرةُ المرأَةِ:
مُلامَسَتُها. والحِجْرُ المُباشِرُ: التي تَهُمُّ بالفَحْلِ. والبَشْرُ أَيضاً:
المُباشَرَةُ؛ قال الأَفوه:
لَمَّا رَأَتْ شَيْبي تَغَيَّر، وانْثَنى
مِنْ دونِ نَهْمَةِ بَشْرِها حينَ انثنى
أَي مباشرتي إِياها. وفي الحديث: أَنه كان يُقَبِّلُ ويُباشِرُ وهو
صائم؛ أَراد بالمباشَرَةِ المُلامَسَةَ وأَصله من لَمْس بَشَرَةِ الرجل
بَشَرَةَ المرأَة، وقد يرد بمعنى الوطء في الفرج وخارجاً منه.
وباشَرَ الأَمْرَ: وَلِيَهُ بنفسه؛ وهو مَثَلٌ بذلك لأَنه لا بَشَرَةَ
للأَمر إذ ليس بِعَيْنٍ. وفي حديث علي، كرّم الله تعالى وجهه: فَباشِرُوا
رُوحَ اليقين، فاستعاره لروح اليقين لأَنّ روح اليقين عَرَضٌ، وبيِّن
أَنَّ العَرَضَ ليست له بَشَرَةٌ. ومُباشَرَةُ الأَمر: أَن تَحْضُرَهُ بنفسك
وتَلِيَه بنفسك.
والبِشْرُ: الطَّلاقَةُ، وقد بَشَرَه بالأَمر يَبْشُرُه، بالضم، بَشْراً
وبُشُوراً وبِشْراً، وبَشَرَهُ به بَشْراً؛ كله عن اللحياني. وبَشَّرَهُ
وأَبْشَرَهُ فَبَشِرَ به، وبَشَرَ يَبْشُرُ بَشْراً وبُشُوراً. يقال:
بَشَرْتُه فَأَبْشَرَ واسْتَبْشَر وتَبشَّرَ وبَشِرَ: فَرِحَ. وفي التنزيل
العزيز: فاسْتْبِشرُوا بِبَيْعِكُمُ الذي بايَعْتُمْ به؛ وفيه أَيضاً:
وأَبْشِروا بالجنة. واسْتَبْشَرَهَ كَبَشَّرَهُ؛ قال ساعدة بن جؤية:
فَبَيْنَا تَنُوحُ اسْتَبْشَرُوها بِحِبِّها،
عَلى حِينِ أَن كُلَّ المَرامِ تَرومُ
قال ابن سيده: وقد يكون طلبوا منها البُشْرى على إِخبارهم إِياهم بمجيء
ابنها. وقوله تعالى: يا بُشْرايَ هذا غُلامٌ؛ كقولك عَصايَ. وتقول في
التثنية: يا بُشْرَبيَّ. والبِشارَةُ المُطْلَقَةُ لا تكون إِلاَّ بالخير،
وإِنما تكون بالشر إِذا كانت مقيدة كقوله تعالى: فَبَشِّرْهُم بعذاب
أَليم؛ قال ابن سيده: والتَّبْشِيرُ يكون بالخير والشر كقوله تعالى: فبشرهم
بعذاب أَليم؛ وقد يكون هذا على قولهم: تحيتك الضَّرْبُ وعتابك السَّيْفُ،
والاسم البُشْرى. وقوله تعالى: لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة؛
فيه ثلاثة أَقوال: أَحدها أَن بُشْراهم في الدنيا ما بُشِّرُوا به من
الثواب، قال الله تعالى: ويُبَشِّرَ المؤمنين؛ وبُشْراهُمْ في الآخرة الجنة،
وقيل بُشْراهم في الدنيا الرؤْيا الصالحة يَراها المؤْمن في منامه أَو
تُرَى له، وقيل معناه بُشْراهم في الدنيا أَن الرجل منهم لا تخرج روحه من
جسده حتى يرى موضعه من الجنة؛ قال الله تعالى: إِنَّ الذين قالوا رَبُّنا
اللهُ ثم استقاموا تَتَنَزَّلُ عليهم الملائكةُ أَن لا تخافوا ولا تحزنوا
وأَبْشِرُوا بالجنةِ التي كنتم توعدون. الجوهري: بَشَرْتُ الرجلَ
أَبْشُرُه، بالضم، بَشْراً وبُشُوراً من البُشْرَى، وكذلك الإِبشارُ
والتَّبْشِيرُ ثلاثُ لغات، والاسم البِشارَةُ والبُشارَةُ، بالكشر والضم. يقال:
بَشَرْتُه بمولود فَأَبْشَرَ إِبْشاراً أَي سُرَّ. وتقول: أَبْشِرْ بخير،
بقطع الأَلف. وبَشِرْتُ بكذا، بالكسر، أَبْشَرُ أَي اسْتَبْشَرْتُ به؛ قال
عطية بن زيد جاهلي، وقال ابن بري هو لعبد القيس بن خفاف البُرْجُميّ:
وإِذا رَأَيْتَ الباهِشِينَ إِلى العلى
غُبْراً أَكُفُّهُمُ بِقاعٍ مْمْحِلِ،
فَأَعِنْهُمُ وابْشَرْ بما بَشِرُوا بِهِ،
وإِذا هُمُ نَزَلُوا بَضَنْكٍ فانْزِلِ
ويروى: وايْسِرْ بما يَسِرُوا به. وأَتاني أَمْرٌ بَشِرْتُ به أَي
سُرِرْتُ به. وبَشَرَني فلانٌ بوجه حَسَنٍ أَي لقيني. وهو حَسَنُ البِشْرِ،
بالكسر، أَي طَلقُ الوجه. والبِشارَةُ: ما بُشِّرْتَ به. والبِشارة:
تَباشُرُ القوم بأَمر، والتَّباشِيرُ: البُشْرَى. وتَبَاشَرَ القومُ أَي
بَشَّرَ بعضُهم بعضاً. والبِشارة والبُشارة أَيضاً: ما يعطاه المبَشِّرُ
بالأَمر. وفي حديث توبة كعب: فأَعطيته ثوبي بُشارَةً؛ البشارة، بالضم: ما يعطى
البشير كالعُمَالَةِ للعامل، وبالكسر: الاسم لأَنها تُظْهِرُ طَلاقَةَ
الإِنسان. والبشير: المبَشِّرُ الذي يُبَشِّرُ القوم بأَمر خير أَو شرٍ.
وهم يتباشرون بذلك الأَمر أَي يُبَشرُ بضعهم بعضاً. والمبَشِّراتُ: الرياح
التي تَهُبُّ بالسحاب وتُبَشِّرُ بالغيث. وفي التنزيل العزيز: ومن آياته
أَن يرسل الرياحَ مُبَشِّرات؛ وفيه: وهو الذي يُرْسِلُ الرياحَ بُشْراً؛
وبُشُراً وبُشْرَى وبَشْراً، فَبُشُراً جَمعُ بَشُورٍ، وبُشْراً مخفف
منه، وبُشْرَى بمعنى بِشارَةٍ، وبَشْراً مصدر بَشَرَهُ بَشْراً إِذا
بَشَّرَهُ. وقوله عز وجل: إِن الله: يُبَشِّرُكِ؛ وقرئ: يَبْشُرُك؛ قال
الفرّاء: كأَن المشدّد منه على بِشاراتِ البُشَرَاء، وكأَن المخفف من وجه
الإِفْراحِ والسُّرُورِ، وهذا شيء كان المَشْيَخَةُ يقولونه. قال: وقال بعضهم
أَبْشَرْتُ، قال: ولعلها لغة حجازية. وكان سفيان بن عيينة يذكرها
فَلْيُبْشِرْ، وبَشَرْتُ لغة رواها الكسائي. يقال: بَشَرَني بوَجْهٍ حَسَنٍ
يَبْشُرُني. وقال الزجاج: معنى يَبْشُرُك يَسُرُّك ويُفْرِحُك. وبَشَرْتُ
الرجلَ أَبْشُرُه إِذا أَفرحته. وبَشِرَ يَبْشَرُ إِذا فرح. قال: ومعنى
يَبْشُرُك ويُبَشِّرُك من البِشارة. قال: وأَصل هذا كله أَن بَشَرَةَ
الإِنسان تنبسط عند السرور؛ ومن هذا قولهم: فلان يلقاني بِبِشْرٍ أَي بوجه
مُنْبَسِطٍ. ابن الأَعرابي: يقال بَشَرْتُه وبَشَّرْتُه وأَبْشَرْتُه
وبَشَرْتُ بكذا وكذا وبَشِرْت وأَبْشَرْتُ إِذا فَرِحْتَ بِه. ابن سيده: أَبْشَرَ
الرجلُ فَرِحَ؛ قال الشاعر:
ثُمَّ أَبْشَرْتُ إِذْ رَأَيْتُ سَواماً،
وبُيُوتاً مَبْثُوثَةً وجِلالا
وبَشَّرَتِ الناقةُ باللِّقاحِ، وهو حين يعلم ذلك عند أَوَّل ما
تَلْقَحُ. التهذيب. يقال أَبْشَرَتِ الناقَةُ إِذا لَقِحَتْ فكأَنها بَشَّرَتْ
بالِّلقاحِ؛ قال وقول الطرماح يحقق ذلك:
عَنْسَلٌ تَلْوِي، إِذا أَبْشَرَتْ،
بِخَوافِي أَخْدَرِيٍّ سُخام
وتَباشِيرُ كُلّ شيء: أَوّله كتباشير الصَّبَاح والنَّوْرِ، لا واحد له؛
قال لبيد يصف صاحباً له عرّس في السفر فأَيقظه:
فَلَمَّا عَرَّسَ، حَتَّى هِجْتُهُ
بالتَّباشِيرِ مِنَ الصُّبْحِ الأُوَلْ
والتباشيرُ: طرائقُ ضَوْءِ الصُّبْحِ في الليل. قال الليث: يقال للطرائق
التي تراها على وجه الأَرض من آثار الرياح إِذا هي خَوَّتْهُ:
التباشيرُ. ويقال لآثار جنب الدابة من الدَّبَرِ: تَباشِيرُ؛ وأَنشد:
نِضْوَةُ أَسْفارٍ، إِذا حُطَّ رَحْلُها،
رَأَيت بِدِفْأَيْها تَباشِيرَ تَبْرُقُ.
الجوهري: تَباشِيرُ الصُّبْحِ أَوائلُه، وكذلك أَوائل كل شيء، ولا يكون
منه فِعلٌ. وفي حديث الحجاج: كيف كان المطرُ وتَبْشِيرُه أَي مَبْدَؤُه
وأَوَّلُه وتَبِاشِيرُ: ليس له نظير إِلاَّ ثلاثة أَحرف: تَعاشِيبُ
الأَرض، وتَعاجِيبُ الدَّهرِ، وتَفاطِيرُ النَّباتِ ما يَنْفَطر منه، وهو
أَيضاً ما يخرج على وجه الغِلْمَان والفتيات؛ قال:
تَفاطِيرُ الجُنُونِ بِوَجْهِ سَلْمَى
قَدِيماً، لا تَقاطِيرُ الشَّبابِ.
ويروى نفاطير، بالنون. وتباشير النخل: في أَوَّل ما يُرْطِبُ. والبشارة،
بالفتح: الجمال والحُسْنُ؛ قال الأَعشى في قصيدته التي أَوَّلها:
بانَتْ لِتَحْزُنَنا عَفارَهْ،
يا جارَتا، ما أَنْتِ جارهْ .
قال منها:
وَرَأَتْ بِأَنَّ الشَّيْبَ جَا
نَبَه البَشاشةُ والبَشارَهْ
ورجلٌ بَشِيرُ الوجه إِذا كان جميله؛ وامرأَةٌ بَشِيرةُ الوجه، ورجلٌ
بَشِيرٌ وامرأَة بَشِيرَةٌ، ووجهٌ بَشيرٌ: حسن؛ قال دكين بن رجاء:
تَعْرِفُ، في أَوجُهِها البَشائِرِ،
آسانَ كُلِّ آفِقٍ مُشاجِرِ
والآسانُ: جمع أُسُنٍ، بضم الهمزة والسين، وقد قيل أَسن بفتحهما أَيضاً،
وهو الشبه. والآفق: الفاضل. والمُشَاجِرُ: الذي يَرْعَى الشجر. ابن
الأَعرابي: المَبْشُورَةُ الجارية الحسنة الخلق واللون، وما أَحْسَنَ
بَشَرَتَها. والبَشِيرُ: الجميل، والمرأَة بَشِيرَة. والبَشِيرُ: الحَسَنُ
الوجه. وأَبْشَرَ الأَمرُ وَجْهَهُ: حَسَّنَه ونَضَّرَه؛ وعليه وَجَّهَ أَبو
عمرو قراءَةَ من قرأَ: ذلك الذي يَبْشُرُ اللهُ عِبادَه؛ قال: إِنما قرئت
بالتخفيف لأَنه ليس فيه بكذا إِنما تقديره ذلك الذي يُنَضِّرُ اللهُ به
وُجوهَهم. اللحياني: وناقة بَشِيرَةٌ أَي حَسَنَةٌ؛ وناقة بَشِيرَةٌ: ليست
بمهزولة ولا سمينة؛ وحكي عن أَبي هلال قال: هي التي ليست بالكريمة ولا
الخسيسة. وفي الحديث: ما مِنْ رَجُلٍ لَهُ إِبِلٌ وبَقَرٌ لا يُؤَدِّي
حَقَّها إِلاَّ بُطِحَ لها يَوْمَ القيامة بِقَاع قَرْقَرٍ كأَكْثَرِ ما
كانَتْ وأَبْشَرِه أَي أَحْسَنِه، من البِشر، وهو طلاقة الوجه وبشاشته،
ويروى: وآشَره من النشاط
(* قوله «من النشاط» كذا بالأصل والأحسن من الأشر
وهو للنشاط). والبطر. ابن الأَعرابي: هم البُشَارُ والقُشَارُ والخُشَارُ
لِسِقاطِ الناسِ.
والتُّبُشِّرُ والتُّبَشِّرُ: طائر يقال هو الصُّفارِيَّة، ولا نظير له
إِلاَّ التُّنَوِّطُ، وهو طائر وهو مذكور في موضعه، وقولُهم: وقع في وادي
تُهلِّكَ، ووادي تُضُلِّلَ، ووادي تُخُيِّبَ. والناقةُ البَشِيرَةُ:
الصالحةُ التي على النِّصْفِ من شحمها، وقيل: هي التي بين ذلك ليست بالكريمة
ولا بالخسيسة.
وبِشْرٌ وبِشْرَةُ: اسمان؛ أَنشد أَبو علي:
وبِشْرَةُ يَأْبَوْنا، كَأَنَّ خِبَاءَنَا
جَنَاحُ سُمَانَى في السَّماءِ تَطِيرُ
وكذلك بُشَيْرٌ وبَشِيرٌ وبَشَّار ومُبَشِّر. وبُشْرَى: اسم رجل لا
ينصرف في معرفة ولا نكرة، للتأْنيث ولزوم حرف التأْنيث له، وإِن لم يكن صفة
لأَن هذه الأَلف يبنى الاسم لها فصارت كأَنها من نفس الكلمة، وليست كالهاء
التي تدخل في الاسم بعد التذكير.
والبِشْرُ: اسم ماء لبني تغلب. والبِشْرُ: اسم جبل، وقيل: جبل بالجزيرة؛
قال الشاعر:
فَلَنْ تَشْرَبي إِلاَّ بِرَنْقٍ، وَلَنْ تَرَيْ
سَواماً وحَيّاً في القُصَيْبَةِ فالبِشْرِ
جرر: الجَرُّ: الجَذْبُ، جَرَّهُ يَجُرُّه جَرّاً، وجَرَرْتُ الحبل
وغيره أَجُرُّه جَرّاً. وانْجَرَّ الشيءُ: انْجَذَب. واجْتَرَّ واجْدَرَّ
قلبوا التاء دالاً، وذلك في بعض اللغات؛ قال:
فقلتُ لِصاحِبي: لا تَحْبِسَنَّا
بِنَزْعِ أُصُولِه واجْدَرَّ شِيحَا
ولا يقاس ذلك. لا يقال في اجْتَرَأَ اجْدَرَأَ ولا في اجْتَرَحَ
اجْدَرَحَ؛ واسْتَجَرَّه وجَرَّرَهُ وجَرَّرَ به؛ قال:
فَقُلْتُ لها: عِيشِي جَعَارِ، وجَرِّرِي
بِلَحْمِ امْرِئٍ لم يَشْهَدِ اليوم ناصِرُهْ
وتَجِرَّة: تَفْعِلَةٌ منه. وجارُّ الضَّبُعِ: المصرُ الذي يَجُرُّ
الضبعَ عن وجارِها من شدته، وربما سمي بذلك السيل العظيم لأَنه يَجُرُّ
الضباعَ من وُجُرِها أَيضاً، وقيل: جارُّ الضبع أَشدّ ما يكون من المطر كأَنه
لا يدع شيئاً إِلاَّ جَرَّهُ. ابن الأَعرابي: يقال للمطر الذي لا يدع
شيئاً إلاَّ أَساله وجَرَّهُ: جاءَنا جارُّ الضبع، ولا يجرّ الضبعَ إِلاَّ
سَيْلٌ غالبٌ. قال شمر: سمعت ابن الأَعرابي يقول: جئتك في مثل مَجَرِّ
الضبع؛ يريد السيل قد خرق الأَرض فكأَنَّ الضبع جُرَّتْ فيه؛ وأَصابتنا
السماء بجارِّ الضبع. أَبو زيد: غَنَّاه فَأَجَرَّه أَغانِيَّ كثيرةً إِذا
أَتبَعَه صوتاً بعد صَوْت؛ وأَنشد:
فلما قَضَى مِنِّي القَضَاءَ أَجَرَّني
أَغانِيَّ لا يَعْيَا بها المُتَرَنِّمُ
والجارُورُ: نهر يشقه السيل فيجرُّه. وجَرَّت المرأَة ولدها جَرّاً
وجَرَّت به: وهو أَن يجوز وِلادُها عن تسعة أَشهر فيجاوزها بأَربعة أَيام أَو
ثلاثة فَيَنْضَج ويتم في الرَّحِمِ. والجَرُّ: أَن تَجُرَّ. الناقّةُ
ولدَها بعد تمام السنة شهراً أَو شهرين أَو أَربعين يوماً فقط. والجَرُورُ:
من الحوامل، وفي المحكم: من الإِبل التي تَجُرُّ ولدَها إِلى أَقصى
الغاية أَو تجاوزها؛ قال الشاعر:
جَرَّتْ تماماً لم تُخَنِّقْ جَهْضا
وجَرَّت الناقة تَجُرُّ جَرّاً إِذا أَتت على مَضْرَبِها ثم جاوزته
بأَيام ولم تُنْتَجْ. والجَرُّ: أَن تزيد الناقة على عدد شهورها. وقال ثعلب:
الناقة تَجُرُّ ولدَها شهراً. وقال: يقال أَتم ما يكون الولد إِذا
جَرَّتْ به أُمّه. وقال ابن الأَعرابي: الجَرُورُ التي تَجُرُّ ثلاثة أَشهر بعد
السنة وهي أَكرم الإِبل. قال: ولا تَجُرُّ إِلاَّ مَرابيعُ الإِبل فأَما
المصاييفُ فلا تَجُرُّ. قال: وإِنما تَجُرُّ من الإِبل حُمْرُها
وصُهْبُها ورُمْكُها ولا يَجُرُّ دُهْمُها لغلظ جلودها وضيق أَجوافها. قال: ولا
يكاد شيء منها يَجُرُّ لشدّة لحومها وجُسْأَتِها، والحُمْرُ والصُّهْبُ
ليست كذلك، وقيل: هي التي تَقَفَّصَ ولدها فَتُوثَقُ يداه إِلى عنقه عند
نِتاجِه فَيُجَرُّ بين يديها ويُسْتَلُّ فصِيلُها، فيخاف عليه أَن يموت،
فَيُلُبَسُ البخرقةَ حتى تعرفها أُمُّهُ عليه، فإِذا مات أَلبسوا تلك
الخرقةَ فصيلاً آخر ثم ظَأَرُوها عليه وسَدّوا مناخرها فلا تُفْتَحُ حتى
يَرْضَعَها ذلك الفصيلُ فتجد ريح لبنها منه فَتَرْأَمَه.
وجَرَّت الفرسُ تَجُرُّ جَرّاً، وهي جَرُورٌ إِذا زادت على أَحد عشر
شهراً ولم تضع ما في بطنها، وكلما جَرَّتْ كان أَقوى لولدها، وأَكثرُ زَمَنِ
جَرِّها بعد أَحد عشر شهراً خمس عشرة ليلة وهذا أَكثر أَوقاتها. أَبو
عبيدة: وقت حمل الفرس من لدن أَن يقطعوا عنها السِّقادَ إِلى أَن تضعه أَحد
عشر شهراً، فإِن زادت عليها شيئاً قالوا: جَرَّتْ. التهذيب: وأَما
الإِبل الجارَّةُ فهي العوامل. قال الجوهري: الجارَّةُ الإِبل التي تُجَرُّ
بالأَزِمَّةِ، وهي فاعلة بمعنى مفعولة، مثل عيشة راضية بمعنى مرضية، وماء
دافق بمعنى مدفوق، ويجوز أَن تكون جارَّةً في سيرها. وجَرُّها: أَن
تُبْطِئَ وتَرْتَع. وفي الحديث: ليس في الإِبل الجارَّةِ صَدَقَةٌ، وهي
العوامل، سميت جارَّةً لأَنها تُجَرُّ جَرّاً بِأَزِمَّتِها أَي تُقاد
بخُطُمِها وأَزِمَّتِها كأَنها مجرورة فقال جارَّة، فاعلة بمعنى مفعولة، كأَرض
عامرة أَي معمورة بالماء، أَراد ليس في الإِبل العوامل صدقة؛ قال الجوهري:
وهي ركائب القوم لأَن الصدقة في السوائم دون العوامل. وفلانٌ يَجُرُّ
الإِبل أَي يسوقها سَوْقاً رُوَيْداً؛ قال ابن لجَأََ:
تَجُرُّ بالأَهْوَنِ من إِدْنائِها،
جَرَّ العَجُوزِ جانِبَيْ خَفَائِها
وقال:
إِن كُنْتَ يا رَبِّ الجِمالِ حُرَّا،
فارْفَعْ إِذا ما لم تَجِدْ مَجَرَّا
يقول: إِذا لم تجد الإِبل مرتعاً فارفع في سيرها، وهذا كقوله: إِذا
سافرتم في الجدْبِ فاسْتَنْجُوا؛ وقال الآخر:
أَطْلَقَها نِضْوَ بلى طلح،
جَرّاً على أَفْواهِهِنَّ السُّجُحِ
(* قوله: «بلى طلح» كذا بالأَصل).
أَراد أَنها طِوال الخراطيم. وجَرَّ النَّوْءُ المكانَ: أَدامَ
المَطَرَ؛ قال حُطَامٌ المُجاشِعِيُّ:
جَرَّ بها نَوْءٌ من السِّماكَيْن
والجَرُروُ من الرَّكايا والآبار: البعيدةُ القَعْرِ. الأَصمعي: بِئْرٌ
جَرُورٌ وهي التي يستقى منها على بعير، وإِنما قيل لها ذلك لأَن دَلْوها
تُجَرُّ على شَفِيرها لبُعْدِ قَعْرِها. شمر: امرأَة جَرُورٌ مُقْعَدَةٌ،
ورَكِيَّةٌ جَرُورٌ: بعيدة القعر؛ ابن بُزُرْجٍ: ما كانت جَرُوراً ولقد
أَجَرَّتْ، ولا جُدّاً ولقد أَجَدَّتْ، ولا عِدّاً ولقد أَعَدَّتْ. وبعير
جَرُورٌ: يُسْنى بِهِ، وجمعه جُرُرٌ. وجَرَّ الفصيلَ جَرّاً وأَجَرَّه:
شق لسانه لئلا يَرْضَعَ؛ قال:
على دِفِقَّى المَشْيِ عَيْسَجُورِ،
لمك تَلْتَفِتْ لِوَلَدٍ مَجْرُورِ
وقيل: الإِجْرارُ كالتَّفْلِيك وهو أَن يَجْعَلَ الراعي من الهُلْبِ مثل
فَلْكَةِ المِغْزَل ثم يَثْقُب لسانَ البعير فيجعله فيه لئلا يَرْضَعَ؛
قال امرؤ القيس يصف الكلاب والثور:
فَكَرَّ إِليها بِمْبراتِهِ،
كما خَلَّ ظَهْرَ اللسانِ المُجِرّ
واسْتَجَرَّ الفصِيلُ عن الرَّضاع: أَخذته قَرْحَةٌ في فيه أَو في سائر
جسده فكفّ عنه لذلك. ابن السكيت: أَجْرَرْتُ الفصيل إِذا شَقَقْتَ لسانه
لئلا يَرْضَع؛ وقال عمرو بن معد يكرب:
فلو أَنَّ قَوْمِي أَنْطَقَتْنِي رِماحُهُمْ،
نَطَقْتُ، ولكِنَّ الرِّماحَ أَجَرَّتِ
أَي لو قاتلوا وأَبلوا لذكرت ذلك وفَخَرْتُ بهم، ولكن رماحهم
أَجَرَّتْنِي أَي قطعت لساني عن الكلام بِفِرارِهم، أَراد أَنهم لم يقاتلوا.
الأَصمعي: يقال جُرَّ الفَصِيلُ فهو مَجْرُورٌ، وأُجِرَّ فهو مُجَرٌّ؛
وأَنشد:وإِنِّي غَيْرُ مَجْرُورِ اللَّسَانِ
الليث: الجِرِيرُ جَبْلُ الزِّمامِ، وقيل: الجَرِيرُ حَبْلٌ من أَدَمٍ
يُخْطَمُ به البعيرُ. وفي حديث ابن عمر: مَنْ أَصْبَحَ على غَيْرِ وتْرٍ
أَصْبَحَ وعلى رأْسِهِ جَرِيرٌ سبعون ذِراعاً؛ وقال شمر: الجَرِيرُ
الحَبْلُ وجَمْعُه أَجِرَّةٌ. وفي الحديث: أَن رجلاً كان يَجُرُّ الجَرِيرَ
فأَصاب صاعين من تمر فتصدّق بأَحدهما؛ يريد، أَنه كان يستقي الماء بالحبل.
وزِمامُ النَّاقَةِ أَيضاً: جَرِيرٌ؛ وقال زهير بن جناب في الجَرِيرِ
فجعله حبلاً:
فَلِكُلِّهِمْ أَعْدَدْتُ تَيْ
ياحاً تُغَازِلُهُ الأَجِرَّةْ
وقال الهوازني: الجَرِيرُ من أَدَمِ مُلَيَّنٍ يثنى على أَنف البعير
النَّجِيبةِ والفرسِ. ابن سَمعانَ: أَوْرَطْتُ الجَرِيرَ في عنق البعير إِذا
جعلت طرفه في حَلْقَتِه وهو في عنقه ثم جذبته وهو حينئذٍ يخنق البعير؛
وأَنشد:
حَتَّى تَراها في الجَرِيرِ المُورَطِ،
سَرْحِ القِيَادِ سَمْحَةَ التَّهَبُّطِ
وفي الحديث: لولا أَن تغلبكم الناسُ عليها، يعني زمزم، لَنَزَعْتُ معكم
حتى يُؤَثِّرَ الجَرِيرُ بظَهْرِي؛ هو حَبْلٌ من أَدَمٍ نحوُ الزِّمام
ويطلق على غيره من الحبال المضفورة. وفي الحديث عن جابر قال: قال رسولُ
الله، صلى الله عليه وسلم: ما من مسلم ولا مسلمةٍ ذكرٍ ولا أُنثى ينام
بالليل إِلاَّ على رأْسه جَرِيرٌ معقودٌ، فإِن هو استيقظ فذكر الله انْحَلَّتْ
عُقْدَةٌ، فإِن قام وتوضأَ انْحَلَّتْ عُقَدُهُ كلها، وأَصْبَح نَشِيطاً
قد أَصاب خيراً، وإِن هو نام لا يذكر الله أَصبح عليه عُقَدُهُ ثقيلاً؛
وفي رواية: وإِن لم يذكر الله تعالى حتى يصبح بال الشيطان في أُذنيه
والجَرِيرُ: حبل مفتول من أَدَمٍ يكون في أَعناق الإِبل، والجمع أَجِرَّةٌ
وَجُرَّانٌ. وأَجَرَّةُ: ترك الجَرِيرَ على عُنُقه. وأَجَرَّهُ جَرِيرة:
خَلاَّهُ وسَوْمَهُ، وهو مَثَلٌ بذلك.
ويقال: قد أَجْرَرْتُه رَسَنَهُ إِذا تركته يصنع ما شاء. الجوهري:
الجَرِيرُ حَبْلٌ يجعل للبعير بمنزلة العِذَارِ للدابة غَيْرُ الزِّمام، وبه
سمي الرجل جَرِيراً. وفي الحديث: أَن الصحابة نازعوا جَرِيرَ ابن عبدالله
زِمامَه فقال رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، خَلُّوا بَيْنَ جَرِيرٍ
والجَرِيرِ: أَي دَعُوا له زمامَه. وفي الحديث: أَنه قال له نقادة الأَسدي:
إِني رجل مُغْفِلٌ فأَيْنَ أَسِمُ؟ قال: في موضع الجَرِيرَ من السالفة؛
أَي في مُقَدَّم صفحة العنق؛ والمُغْفِلُ: الذي لا وسم على إِبله. وقد
جَرَرْتُ الشيء أَجُرُّهُ جَرّاً. وأَجْرَرَتُه الدِّين إِذا أَخرته له.
وأَجَرَّني أَغانيَّ إِذا تابعها. وفلان يُجَارُّ فلاناً أَي يطاوله.
والتَّجْرِيرُ: الجَرُّ، شدّد للكثرة والمبالغة. واجْتَرَّه أَي جره. وفي حديث
عبدالله قال: طعنت مُسَيْلِمَة ومشى في الرُّمْحِ فناداني رجل أَنْ
أَجْرِرْه الرمح فلم أَفهم، فناداني أَن أَلْقِ الرُّمْحَ من يديك أَي اترك
الرمح فيه. يقال: أَجْرَرْتُه الرمح إِذا طعنته به فمشى وهو يَجُرُّهُ
كأَنك أَنت جعلته يَجُرُّهُ. وزعموا أَن عمرو بن بشر بن مَرْثَدٍ حين قتله
الأَسَدِيُّ قال له: أَجِرَّ لي سراويلي فإِني لم أَسْتَعِنْ
(* قوله: «لم
أستعن» فعل من استعان أَي حلق عانته). قال أَبو منصور: هو من قولهم
أَجْرَرْتُه رَسَنَهُ وأَجررته الرمح إِذا طعنته وتركت الرمح فيه، أَي دَع
السراويل عَلَيَّ أَجُرَّه، فَأَظهر الإِدغام على لغة أَهل الحجاز وهذا
أَدغم على لغة غيرهم؛ ويجوز أَن يكون لما سلبه ثيابه وأَراد أَن يأْخذ
سراويله قال: أَجِرْ لي سراويلي، من الإِجَارَةِ وهو الأَمانُ، أَي أَبقه
عليَّ فيكون من غير هذا الباب. وأَجَرَّه الرُّمْحَ: طعنه به وتركه فيه: قال
عنترة:
وآخْرُ مِنْهُمُ أَجْرَرْتُ رُمْحِي،
وفي البَجْلِيِّ مِعْبَلَةٌ وقِيعُ
يقال: أَجَرَّه إِذا طعنه وترك الرمح فيه يَجُرُّه.
ويقال: أَجَرَّ الرمحَ إِذا طعنه وترك الرمح فيه؛ قال الحَادِرَةُ واسمه
قُطْبَةُ بن أَوس:
ونَقِي بِصَالِحِ مَالِنَا أَحْسَابَنَا،
ونَجُرُّ في الهَيُْجَا الرِّماحَ ونَدَّعِي
ابن السكيت: سئل ابنُ لِسَان الحُمَّرَة عن الضأْن، فقال: مَالٌ صِدْقٌ
قَرْيَةٌ لا حِمَى لها إِذا أُفْلِتَتْ من جَرَّتَيْها؛ قال: يعني
بِجَرَّتَيْها المَجَرَ في الدهر الشديد والنَّشَرَ وهو أَن تنتشر بالليل
فتأْتي عليها السباع؛ قال الأَزهري: جعل المَجَرَ لها جَرَّتَيْنِ أَي
حِبَالَتَيْنِ تقع فيهما فَتَهْلِكُ.
والجارَّةُ: الطريق إِلى الماء.
والجَرُّ: الجَبْلُ الذي في وسطه اللُّؤَمَةُ إِلى المَضْمَدَةِ؛ قال:
وكَلَّفُوني الجَرَّ، والجَرُّ عَمَلْ
والجَرَّةُ: خَشَبة
(* قوله: «والجرة خشبة» بفتح الجيم وضمها، وأما التي
بمعنى الخبزة الآتية، فبالفتح لا غير كما يستفاد من القاموس). نحو
الذراع يجعل رأْسها كِفَّةٌ وفي وسطها حَبْلٌ يَحْبِلُ الظَّبْيَ ويُصَادُ بها
الظِّبَاءُ، فإِذا نَشِبَ فيها الظبي ووقع فيها نَاوَصَها ساعة واضطرب
فيها ومارسها لينفلت، فإِذا غلبته وأَعيته سكن واستقرّ فيها، فتلك
المُسالَمَةُ. وفي المثل: نَاوَصَ الجَرَّةَ ثم سَالَمَها؛ يُضْرَبُ ذلك للذي
يخالف القوم عن رأْيهم ثم يرجع إِلى قولهم ويضطرّ إِلى الوِفَاقِ؛ وقيل:
يضرب مثلاً لمن يقع في أَمر فيضطرب فيه ثم يسكن. قال: والمناوصة أَن يضطرب
فإِذا أَعياه الخلاص سكن. أَبو الهيثم: من أَمثالهم: هو كالباحث عن
الجَرَّةِ؛ قال: وهي عصا تربط إِلى حِبَالَةٍ تُغَيَّبُ في التراب للظبي
يُصْطَاد بها فيها وَتَرٌ، فِإِذا دخلت يده في الحبالة انعقدت الأَوتار في
يده، فإِذا وَثَبَ ليُفْلِتَ فمدَّ يده ضرب بتلك العصا يده الأُخْرَى ورجله
فكسرها، فتلك العصا هي الجَرَّةُ. والجَرَّةُ أَيضاً: الخُبْزْةُ التي في
المَلَّةِ؛ أَنشد ثعلب:
داوَيْتُه، لما تَشَكَّى وَوَجِعْ،
بِجَرَّةٍ مثلِ الحِصَانِ المُضْطَجِعْ
شبهها بالفرس لعظمها. وجَرَّ يَجُرُّ إِذا ركب ناقة وتركها ترعى.
وجَرَّتِ الإِبل تَجُرُّ جَرّاً: رعت وهي تسير؛ عن ابن الأَعرابي؛
وأَنشد:لا تُعْجِلاَها أَنْ تَجُرَّ جَرّاً،
تَحْدُرُ صُفْراً وتُعَلِّي بُرّاً
أَي تُعَلِّي إِلى البادية البُرَّ وتَحْدُر إِلى الحاضرة الصُّفْرَ أَي
الذهب، فإِما أَن يعني بالصُّفْر الدنانير الصفر، وإِما أَن يكون سماه
بالصفر الذي تعمل منه الآنية لما بينهما من المشابهة حتى سُمِّيَ
اللاطُونُ شَبَهاً. والجَرُّ: أَن تسير الناقة وترعى وراكبها عليها وهو الانجرار؛
وأَنشد:
إِنِّي، على أَوْنِيَ وانْجِرارِي،
أَؤُمُّ بالمَنْزِلِ وَالذَّرَارِي
أَراد بالمنزل الثُّرَيَّا، وفي حديث ابن عمر: أَنه شهد فتح مكة ومعه
فرس حرون وجمل جرور؛ قال أَبو عبيد: الجمل الجرور الذي لا ينقاد ولا يكاد
يتبع صاحبه؛ وقال الأَزهري: هو فعول بمعنى مفعول ويجوز أَن يكون بمعنى
فاعل. أَبو عبيد: الجَرُورُ من الخيل البطيء وربما كان من إِعياء وربما كان
من قِطَافٍ؛ وأَنشد للعقيلي:
جَرُورُ الضُّحَى مِنْ نَهْكَةٍ وسَآمِ
وجمعه جُرُرٌ، وأَنشد:
أَخَادِيدُ جَرَّتْها السَّنَابِكُ، غَادَرَتْ
بها كُلَّ مَشْقُوقِ القَمِيصِ مُجَدَّلِ
قيل للأَصمعي: جَرَّتْهَا من الجَرِيرَةِ؟ قال: لا، ولكن من الجَرِّ في
الأَرض والتأْثير فيها، كقوله:
مَجَرّ جُيوشٍ غانمين وخُيَّبِ
وفرس جَرُورٌ: يمنع القياد.
والمَجَرَّةُ: السَّمْنَةُ الجامِدَةُ، وكذلك الكَعْبُ. والمَجَرَّةُ:
شَرَحُ السماء، يقال هي بابها وهي كهيئة القبة. وفي حديث ابن عباس:
المَجَرَّةُ باب السماء وهي البياض المعترض في السماء والنِّسْرَان من جانبيها.
والمَجَرُّ: المَجَرَّةُ. ومن أَمثالهم: سَطِي مَجَر تُرْطِبْ هَجَر؛
يريد توسطي يا مَجَرَّةُ كَبِدَ السماء فإِن ذلك وقت إِرطاب النخيل بهجر.
الجوهري: المَجَرَّةُ في السماء سميت بذلك لأَنها كأَثَرِ المَجَرَّةِ.
وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: نَصَبْتُ على باب حُجْرَتِي عَبَاءَةً
وعلى مَجَرّ بيتي سِتْراً؛ المَجَرُّ: هو الموضع المُعَتْرِضُ في البيت
الذي يوضع عليه أَطراف العوارض وتسمى الجائزَة. وَأَجْرَرْتُ لسانَ الفصيل
أَي شققته لئلا يَرْتَضِعَ؛ وقال امرؤ القيس يصف ثوراً وكلباً:
فَكَرَّ إِليه بِمِبْرَاتِهِ،
كما خَلَّ ظَهْرَ اللِّسَانِ المُجِرّ
أَي كر الثور على الكلب بمبراته أَي بقرنه فشق بطن الكلب كما شق
المُجِرُّ لسان الفصيل لئلا يرتضع.
وجَرَّ يَجُرُّ إِذا جنى جناية. والجُرُّ: الجَرِيرَةُ، والجَرِيرةُ:
الذنب والجنابة يجنيها الرجل. وقد جَرَّ على نفسه وغيره جريرةً يَجُرُّها
جَرّاً أَي جنى عليهم جناية: قال:
إِذا جَرَّ مَوْلانا علينا جَرِيرةً،
صَبَرْنا لها، إِنَّا كِرامٌ دعائِمُ
وفي الحديث: قال يا محمدُ بِمَ أَخَذْتَني؟ قال: بِجَريرَةِ حُلفَائك؛
الجَرِيرَةُ: الجناية والذنب، وذلك أَنه كان بين رسول الله، صلى الله عليه
وسلم، وبين ثقيف مُوَادعةٌ، فلما نقضوها ولم يُنْكِرْ عليهم بنو عقيل
وكانوا معهم في العهد صاروا مِثْلَهم في نقض العهد فأَخذه بِجَريرَتهم؛
وقيل: معناه أُخِذْتَ لِتُدْفَعَ بك جَرِيرَةُ حلفائك من ثقيف، ويدل عليه
أَنه فُدِيَ بعدُ بالرجلين اللذين أَسَرَتْهُما ثقيف من المسلمين؛ ومنه
حديث لَقِيطٍ: ثم بايَعَهُ على أَن لا يَجُرَّ إِلاَّ نَفْسَهُ أَي لا
يُؤْخَذَ بجَرِيَرةِ غيره من ولد أَو والد أَو عشيرة؛ وفي الحديث الآخر: لا
تُجارِّ) أَخاك ولا تُشَارِّهِ؛ أَي لا تَجْنِ عليه وتُلْحِقْ به
جَرِيرَةً، وقيل: معناه لا تُماطِلْه، من الجَرِّ وهو أَن تَلْوِيَهُ بحقه
وتَجُرَّه من مَحَلّهِ إِلى وقت آخر؛ ويروى بتخفيف الراء، من الجَرْى والمسابقة،
أَي لا تطاوله ولا تغالبه وفعلتُ ذلك مِنْ جَرِيرتَكِ ومن جَرَّاك ومن
جَرَّائك أَي من أَجلك؛ أَنشد اللِّحْياني:
أَمِن جَرَّا بني أَسَدٍ غَضِبْتُمْ؟
ولَوْ شِئْتُمْ لكانَ لَكُمْ جِوَارُ
ومِنْ جَرَّائِنَا صِرْتُمْ عَبِيداً
لِقَوْمٍ، بَعْدَما وُطِئَ الخِيَارُ
وأَنشد الأَزهري لأَبي النجم:
فَاضَتْ دُمُوعُ العَيْنِ مِنْ جَرَّاها،
وَاهاً لِرَيَّا ثُمَّ وَاهاً وَاها
وفي الحديث: أَن امرأَةً دَخَلَتِ النارَ مِنْ جَرَّا هرَّةٍ أَي من
أَجلها. الجوهري: وهو فَعْلَى. ولا تقل مِجْراكَ؛ وقال:
أُحِبُّ السَّبْتَ مِنْ جَرَّاكِ لَيْلَى،
كَأَنَّي، يا سَلاَمُ، مِنَ اليَهُودِ
قال: وربما قالوا مِنْ جَرَاك، غير مشدّد، ومن جَرَائِكَ، بالمدّ من
المعتل.
والجِرَّةُ: جِرَّةُ البعير حين يَجْتَرُّها فَيَقْرِضُها ثم
يَكُْظِمُها. الجوهري: الجِرَّةُ، بالكسر، ما يخرجه البعير للاجْتِرار. واحْتَرَّ
البعير: من الجِرَّةِ، وكل ذي كَرِشٍ يَجْتَرُّ. وفي الحديث: أَنه خطب على
ناقته وهي تَقْصَعُ بَجَرَّتها؛ الجِرَّةُ: ما يخرجه البعير من بطنه
ليَمْضَغه ثم يبلعه، والقَصْعُ: شدَّةُ المضغ. وفي حديث أُمّ مَعْبَدٍ: فضرب
ظهْرَ الشاة فاجْتَرَّتْ ودَرَّتْ؛ ومنه حديث عمر: لا يَصْلُح هذا
الأَمرُ إِلاَّ لمن يَحْنَقُ على جِرَّتِهِ أَي لا يَحْقِدُ على رعيته فَضَرَب
الجِرَّةَ لذلك مثلاَ. ابن سيده: والجِرَّةُ ما يُفِيضُ به البعيرُ من
كَرِشه فيأْكله ثانيةً. وقد اجْتَرَّت الناقة والشاة وأَجَرَّتْ؛ عن
اللحياني. وفلانٌ لا يَحْنَقُ على جِرَّتِه أَي لا يَكْتُمُ سرّاً، وهو مَثَلٌ
بذلك. ولا أَفْعَلُه ما اختلف الدِّرَّةُ والجِرَّة، وما خالفت دِرَّةُ
جِرَّةً، واختلافهما أَن الدِّرَّة تَسْفُلُ إِلى الرِّجْلَين والجِرَّةَ
تعلو إِلى الرأْس. وروي ابن الأَعرابي: أَن الحَجَّاجَ سأَل رجلاً
قَدِمَ من الحجاز عن المطر فقال: تتابعت علينا الأَسْمِيَةُ حتى مَنَعت
السِّفَارَ وتَظَالَمِت المِعَزى واجْتُلِبَتِ الدِّرَّة بالجِرَّة. اجْتِلابُ
الدِّرَّة بالجرّة: أَن المواشي تَتَمَّلأُ ثم تَبْرُكُ أَو تَرْبِضُ فلا
تزال تَجْتَرُّ إِلى حين الحَلْبِ. والجِرَّة: الجماعة من الناس يقيمون
ويَظْعَنُون.
وعَسْكَرٌ جَرّارٌ: كثير، وقيل: هو الذي لا يسير إِلاَّ زَحْفاً لكثرته؛
قال العجاج:
أَرْعَنَ جَرَّاراً إِذا جَرَّ الأَثَرْ
قوله: جَرَّ الأَثَر يعني أَنه ليس بقليل تستبين فيه آثاراً وفَجْوَاتٍ.
الأَصمعي: كَتِيبَةٌ جَرَّارَةٌ أَي ثقيلة السَّيرِ لا تقدر على
السَّيرِ إِلاَّ رُوَيْداً من كثرتها. والجَرَّارَةُ: عقرب صَفْرَاءُ صَفِيرةٌ
على شكل التِّبْنَةِ، سميت جَرَّارَةً لِجَرّها ذَنَبَها، وهي من أَخبث
العقارب وأَقتلها لمن تَلْدَغُه. ابن الأَعرابي: الجُرُّ جمع الجُرَّةِ،
وهو المَكُّوكُ الذي يثقب أَسفله، يكون فيه البَذْرُ ويمشي به الأَكَّارُ
والفَدَّان وهو يَنْهَالُ في الأَرض.
والجَرُّ: أَصْلُ الجبَل
(* قوله: «والجر أصل الجبل» كذا بهذا الضبط
بالأَصل المعوّل عليه. قال في القاموس: والجرّ أَصل الجبل أَو هو تصحيف
للفراء، والصواب الجرّ أَصل كعلابط الجبل؛ قال شارحه: والعجب من المصنف حيث
لم يذكر الجر أصل في كتابه هذا بل ولا تعرض له أَحد من أَئمة الغريب،
فإِذاً لا تصحيف كما لا يخفى). وسَفْحُهُ، والجمع جِرارٌ؛ قال الشاعر:
وقَدْ قَطَعْتُ وادِياً وجَرَّا.
وفي حديث عبد الرحمن: رأَيته يوم أُحُد عندَ جَرِّ الجبل أَي أَسفله؛
قال ابن دريد: هو حيث علا من السَّهْلِ إِلى الغِلَظ؛ قال:
كَمْ تَرى بالجَرّ مِنْ جُمْجُمَةٍ،
وأَكُفٍّ قَدْ أُتِرّتْ، وجَرَلْ
والجَرُّ: الوَهْدَةُ من الأَرض. والجَرُّ أَيضاً: جُحْرُ الضّبُع
والثعلب واليَربُوع والجُرَذِ؛ وحكى كراع فيهما جميعاً الجُرّ، بالضم، قال:
والجُرُّ أَيضاً المسيل. والجَرَّةُ: إِناء من خَزَفٍ كالفَخَّار، وجمعها
جَرٌّ وجِرَارٌ. وفي الحديث: أَنه نهى عن شرب نبيذ الجَرِّ. قال ابن دريد:
المعروف عند العرب أَنه ما اتخذ من الطين، وفي رواية: عن نبيذ
الجِرَارِ، وقيل: أَراد ما ينبذ في الجرار الضَّارِيَةِ يُدْخَلُ فيها الحَنَاتِمُ
وغيرها؛ قال ابن الأَثير: أَراد النهي عن الجرار المدهونة لأَنها أَسرع
في الشدّة والتخمير. التهذيب: الجَرُّآنية من خَزَفٍ، الواحدة جَرَّةٌ،
والجمع جَرٌّ وجِرَارٌ.
والجِرَارَةُ: حرفة الجَرَّارِ.
وقولهم: هَلُمَّ جَرّاً؛ معناه على هِينَتِكَ. وقال المنذري في قولهم:
هَلُمَّ جَرُّوا أَي تَعَالَوْا على هينتكم كما يسهل عليكم من غير شدّة
ولا صعوبة، وأَصل ذلك من الجَرِّ في السَّوْقِ، وهو أَن يترك الإِبل والغنم
ترعى في مسيرها؛ وأَنشد:
لَطَالَمَا جَرَرْتُكُنَّ جَرَّا،
حتى نَوَى الأَعْجَفُ واسْتَمَرَّا،
فالَيْومَ لا آلُو الرِّكابَ شَرَّا
يقال: جُرَّها على أَفواهها أَي سُقْها وهي ترتع وتصيب من الكلإِ؛
وقوله:فارْفَعْ إِذا ما لم تَجِدْ مَجَرَّا
يقول: إِذا لم تجد الإِبل مرتعاً. ويقال: كان عَاماً أَوَّلَ كذا وكذا
فَهَلُمَّ جَرّاً إِلى اليوم أَي امتدّ ذلك إِلى اليوم؛ وقد جاءت في
الحديث في غير موضع، ومعناها استدامة الأَمر واتصاله، وأَصله من الجَرِّ
السَّحْبِ، وانتصب جَرّاً على المصدر أَو الحال.
وجاء بجيش الأَجَرَّيْنِ أَي الثَّقَلَيْنِ: الجن والإِنس؛ عن ابن
الأَعرابي.
والجَرْجَرَةُ: الصوتُ. والجَرْجَرَةُ: تَرَدُّدُ هَدِيرِ الفحل، وهو
صوت يردده البعير في حَنْجَرَته، وقد جَرْجَرَ؛ قال الأَغلب العجلي يصف
فحلاً:
وَهْوَ إِذا جَرْجَرَ بعد الْهَبِّ،
جَرْجَرَ في حَنْجَرَةٍ كالحُبِّ،
وهامَةٍ كالْمِرجَلِ المُنْكَبِّ
وقوله أَنشده ثعلب:
ثُمَّتَ خَلَّهُ المُمَرَّ الأَسْمَرا،
لَوْ مَسَّ جَنْبَيْ بازِلٍ لَجَرْجَرا
قال: جَرْجَرَ ضَجَّ وصاح. وفَحْلٌ جُراجِرٌ: كثير الجَرْجَرَة، وهو
بعير جَرْجارٌ، كما تقول: ثَرْثَرَ الرجلُ، فهو ثَرْثارٌ. وفي الحديث: الذي
يشرب في الإِناء الفضة والذهب إِنما يُجَرْجِرُ في بطنه نار جهنم؛ أَي
يَحْدُرُ فيه، فجعل الشُّرْبَ والجَرْعَ جَرْجَرَةً، وهو صوت وقوع الماء في
الجوف؛ قال ابن الأَثير: قال الزمخشري: يروى برفع النار والأَكثر النصب.
قال: وهذا الكلام مجاز لأَن نار جهنم على الحقيقة لا تُجَرْجِرُ في
جوفه. والجَرْجَرَةُ: صوت البعير عند الضَّجَرِ ولكنه جعل صوت جَرْعِ
الإِنسان للماء في هذه الأَواني المخصوصة لوقوع النهي عنها واستحقاق العقاب على
استعمالها، كَجَرْجَرَةِ نار جهنم في بطنه من طريق المجاز، هذا وجه رفع
النار ويكون قد ذكر يجرجر بالياء للفصل بينه وبين النار، وأَما على النصب
فالشارب هو الفاعل والنار مفعوله، وجَرْجَرَ فلان الماء إِذا جَرَعَهُ
جَرْعاً متواتراً له صوت، فالمعنى: كأَنما يَجْرَع نار جهنم؛ ومنه حديث
الحسن: يأْتي الحُبَّ فَيَكْتَازُ منه ثم يُجَرْجِرُ قائماً أَي يغرف بالكوز
من الحُبِّ ثم يشربه وهو قائم. وقوله في الحديث: قوم يقرؤون القرآن لا
يجاوز جَراجِرَهُمْ؛ أَي حُلُوقَهم؛ سماها جَراجِرَ لجَرْجَرَة الماء.
أَبو عبيد: الجَراجِرُ والجَراجِبُ العظام من الإِبل، الواحد جُرْجُورٌ.
ويقال: بل إِبل جُرْجُورٌ عظام الأَجواف. والجُرْجُورُ: الكرام من الإِبل،
وقيل: هي جماعتها، وقيل: هي العظام منها؛ قال الكميت:
ومُقِلٍّ أَسَقْتُمُوهُ فَأَثْرَى
مائةً، من عطائكم، جُرْجُورا
وجمعها جَراجِرُ بغير ياء؛ عن كراع، والقياس يوجب ثباتها إِلى أَن يضطرّ
إِلى حذفها شاعر؛ قال الأَعشى:
يَهَبُ الجِلَّةَ الجَرَاجِرَ، كالْبُسْـ
ـتانِ تَحْنُو لِدَرْدَقٍ أَطْفَالِ
ومائةٌ من الإِبل جُرْجُورٌ أَي كاملة.
والتَّجَرْجُرُ: صب الماء في الحلق، وقيل: هو أَن يَجْرَعَه جَرْعاً
متداركاً حتى يُسْمَعَ صوتُ جَرْعِه؛ وقد جَرْجَرَ الشرابَ في حلقه، ويقال
للحلوق: الجَراجِرُ لما يسمع لها من صوت وقوع الماء فيها؛ ومنه قول
النابغة:
لَهِامِيمُ يَسْتَلْهُونَها في الجَراجِرِ
قال أَبو عمرو: أَصلُ الجَرْجَرَةِ الصوتُ. ومنه قيل للعَيْرِ إِذا
صَوَّتَ: هو يُجَرْجِرُ. قال الأَزهري: أَراد بقوله في الحديث يجرجر في جوفه
نار جهنم أَي يَحْدُر فيه نار جهنم إِذا شرب في آنية الذهب، فجعل شرب
الماء وجَرْعَه جَرْجَرَةَ لصوت وقوع الماء في الجوف عند شدة الشرب، وهذا
كقول الله عز وجل: إِن الذين يأْكلون أَموال اليتامى ظلماً إِنما يأْكلون
في بطونهم ناراً؛ فجعل أَكل مال اليتيم مثل أَكل النار لأَن ذلك يؤدّي
إِلى النار. قال الزجاج: يُجَرْجِرُ في جوفه نار جهنم أَي يُردِّدُها في
جوفه كما يردد الفحل هُدَيِرَه في شِقْشِقَتِه، وقيل: التَّجَرْجُرُ
والجَرْجَرَةُ صَبُّ الماء في الحلق. وجَرْجَرَهُ الماء: سقاه إِياه على تلك
الصورة؛ قال جرير:
وقد جَرْجَرَتْهُ الماءَ، حتى كأَنَّها
تُعالِجُ في أَقْصَى وِجارَيْنِ أَضْبُعا
يعنى بالماء هنا المَنِيَّ، والهاء في جرجرته عائدة إِلى الحياء.
وإِبِلٌ جُراجِرَةٌ: كثيرة الشرب؛ عن ابن الأَعرابي، وأُنشد:
أَوْدَى بماء حَوْضِكَ الرَّشِيفُ،
أَوْدَى بِهِ جُراجِراتٌ هِيفُ
وماء جُراجِرٌ: مُصَوِّت، منه. والجُراجِرُ: الجوفُ.
والجَرْجَرُ: ما يداس به الكُدْسُ، وهو من حديد. والجِرْجِرُ، بالكسر:
الفول في كلام أَهل العراق. وفي كتاب النبات: الجِرْجِرُ، بالكسر،
والجَرْجَرُ والجِرْجيرُ والجَرْجار نبتان. قال أَبو حنيفة: الجَرْجارُ عُشْبَةٌ
لها زَهْرَةٌ صفراء؛ قال النابغة ووصف خيلاً:
يَتَحَلَّبُ اليَعْضِيدُ من أَشْداقِها
صُفْراً، مَناخِرُها مِنَ الجَرْجارِ
الليث: الجَرْجارُ نبت؛ زاد الجوهري: طيب الريح. والجِرْجِيرُ: نبت آخر
معروف، وفي الصحاح: الجِرْجِيرُ بقل.
قال الأَزهري في هذه الترجمة: وأَصابهم غيث جِوَرٌّ أَي يجر كل شيء.
ويقال: غيث جِوَرُّ إِذا طال نبته وارتفع. أَبو عبيدة غَرْبٌ جِوَرٌّ فارضٌ
ثقيل. غيره: جمل جِوَرُّ أَي ضخم، ونعجة جِوَرَّة؛ وأَنشد:
فاعْتامَ مِنّا نَعْجَةً جِوَرَّهْ،
كأَنَّ صَوْتَ شَخْبها للدِّرَّهْ
هَرْهَرَة الهِرِّ دَنَا لِلْهِرَّهْ
قال الفراء: جِوَرُّ إِن شئت جعلت الواو فيه زائدة من جَرَرْت، وإِن شئت
جعلته فِعَلاًّ من الجَوْرِ، ويصير التشديد في الراء زيادة كما يقال
حَمارَّةٌ. التهذيب: أَبو عبيدة: المَجَرُّ الذي تُنْتَجُه أُمه يُنْتابُ من
أَسفل فلا يَجْهَدُ الرَّضاعَ، إِنما يَرِفُّ رَفّاً حتى يُوضَعَ
خِلفُها في فيه. ويقال: جوادٌ مُجَرٌّ، وقد جَرَرْتُ الشيء أَجُرُّه جَرّاً؛
ويقال في قوله:
أَعْيَا فَنُطْنَاهُ مَناطَ الجَرِّ
أَراد بالجَرَّ الزَّبِيلَ يُعَلَّق من البعير، وهو النَّوْطُ كالجُلَّة
الصغيرة.
الصحاح: والجِرِّيُّ ضرب من السمك. والجِرِّيَّةُ: الحَوْصَلَةُ؛ أَبو
زيد: هي القِرِّيَّةُ والجِرِّيَّةُ للحوصلة. وفي حديث ابن عباس: أَنه سئل
عن أَكل الجِرِّيِّ، فقال: إِنما هو شيء حرمه اليهود؛ الجِرِّيُّ،
بالكسر والتشديد: نوع من السمك يشبه الحية ويسمى بالفارسية مَارْماهي، ويقال:
الجِرِّيُّ لغة في الجِرِّيت من السمك. وفي حديث علي، كرم الله وجهه:
أَنه كان ينهي عن أَكل الجِرِّيّ والجِرِّيت. وفي الحديث: أَن النبي، صلى
الله عليه وسلم، دُلِّ على أُم سلمة فرأَى عندها الشُّبْرُمَ وهي تريد أَن
تشربه فقال: إِنه حارٌّ جارٌّ، وأَمرها بالسَّنَا والسَّنُّوتِ؛ قال أَبو
عبيد: وبعضهم يرويه حارٌّ يارٌّ، بالياء، وهو إِتباع؛ قال أَبو منصور:
وجارٌّ بالجيم صحيح أَيضاً. الجوهري: حارٌّ جارٌّ إِتباع له؛ قال أَبو
عبيد: وأَكثر كلامهم حارُّ يارُّ، بالياء. وفي ترجمة حفز: وكانت العرب تقول
للرجل إِذا قاد أَلفاً: جَرَّاراً. ابن الأَعرابي: جُرْجُرْ إِذا أَمرته
بالاستعداد للعدوّ؛ ذكره الأَزهري آخر ترجمة جور، وأَما قولهم لا جَرَّ
بمعنى لا جَرَمَ فسنذكره في ترجمة جرم، إِن شاء الله تعالى.
جدل: الجَدْل: شِدَّة الفَتْل. وجَدَلْتُ الحَبْلَ أَجْدِلُه جَدْلاً
إِذا شددت فَتْله وفَتَلْتَه فَتْلاً مُحْكَماً؛ ومنه قيل لزمام الناقة
الجَدِيل. ابن سيده: جدل الشيءَ يَجْدُله ويَجْدِله جَدْلاً أَحكم فَتْله؛
ومنه جارية مَجْدُولة الخَلْق حَسَنة الجَدْل. والجَدِيل: الزمام المجدول
من أَدم؛ ومنه قول امرئ القيس:
وكَشْحٍ لطيفٍ كالجَدِيل مُخَصَّرٍ،
وسَاقٍ كأُنْبُوب السَّقِيِّ المُذلَّل
قال: وربما سُمِّي الوِشاح جَدِيلاً؛ قال عبد افيفي بن
عجلان النهدي:
جَديدة سِرْبالِ الشَّبابِ، كأَنَّها
سَقِيّة بَرْدَيٍّ نَمَتْها غُيُولها
كأَنَّ دِمَقْساً أَو فُروعَ غَمامةٍ،
على مَتْنِها، حيث اسْتَقَرَّ جَديلُها
وأَنشد ابن بري لآخر:
أَذكَرْت مَيَّةَ إِذ لها إِتْبُ،
وجَدَائلٌ وأَنامِلٌ خُطْبُ
والجَدِيل: حَبْل مفتول من أَدم أَو شعر يكون في عُنق البعير أَو
الناقة، والجمع جُدُلٌ، وهو من ذلك. التهذيب: وإِنه لَحَسن الأَدَم وحَسَن
الجَدْل إِذا كان حسن أَسْرِ الخَلْق. وجُدُول الإِنسان: قَصَبُ اليدين
والرجلين.
والجَدْل والجِدْل: كل عَظْم مُوَفَّر كما هو لا يكسَر ولا يُخْلَط به
غيرُه. والجِدْل: العضو، وكل عضو جِدْل، والجمع أَجْدال وجُدُول، وقيل: كل
عظم لم يكسر جَدْل وجِدْل. وفي حديث عائشة، رضي افيفي عنها: العَقِيقة
تُقْطَع جُدُولاً لا يُكْسَر لها عَظْم؛ الجدُول: جمع جَدْل وجِدْل، بالفتح
والكسر، وهو العضو.
ورجل مَجْدول، وفي التهذيب: مَجْدول الخَلْق لَطيف القَصَب مُحْكَم
الفَتْل. والمجدول: القَضِيف لا من هُزَال. وغلام جادل: مُشْتَدّ. وساقٌ
مَجْدولة وجدْلاء: حَسنَة الطَّيِّ، وساعد أَجْدَل كذلك؛ قال الجعدي:
فأَخْرَجَهم أَجْدَلُ السَّاعِدَيْـ
نِ، أَصْهَبُ كالأَسَدِ الأَغْلَب
وجَدَل وَلَدُ الناقة والظبية يَجْدُل جُدُولاً: قَوِي وتَبِع أُمه.
والجَادِل من الإِبل: فَوْقَ الرَّاشِح، وكذلك من أَولاد الشَّاءٍ، وهو الذي
قد قَوِي ومَشى مع أُمه، وجَدَل الغلام يَجْدُل جُدُولاً واجْتَدل كذلك.
والأَجدَل: الصَّقْر، صفة غالبة، وأَصله من الجَدْل الذي هو الشِّدَّة،
وهي الأَجادِل، كَسَّروه تكسير الأَسماءِ لغلبة الصفة، ولذلك جعله سيبوبه
مما يكون صفة في بعض الكلام واسماً في بعض اللغات، وقد يقال للأَجدل
أَجْدَليٌّ، ونظيره عَجَمِيٌّ وأَعْجَمِيٌّ؛ وأَنشد ابن بري لشاعر:
كأَنَّ بَني الدعماءِ، إِذ لَحِقُوا بِنا،
فِراخُ القَطَا لاقَيْنَ أَجْدَلَ بازِيَا
الليث: إِذا جَعَلْت الأَجْدل نعتاً قلت صَقْر أَجْدَل وصُقُور جُدْل،
وإِذا تركته اسماً للصَّقْر قلت هذا الأَجْدَل وهي الأَجادل، لأَن
الأَسماء التي على أَفْعَل تجمع على فُعْل إِذا نُعِت بها، فإِذا جعلتها أَسماء
مَحْضة جمعت على أَفَاعل؛ وأَنشد أَبو عبيد:
يَخُوتُونَ أُخْرى القَوْم خَوْتَ الأَجَادل
أَبو عبيد: الأَجادل الصُّقُور، فإِذا ارتفع عنه فهو جادل. وفي حديث
مطرف: يَهْوِي هُوِيَّ الأَجادل؛ هي الصقور، واحدها أَجدل والهمزة فيه
زائدة. والأَجدل: اسم فرس أَبي ذَرٍّ الغِفاري، رحمه افيفي ، على التشبيه بما
تقدم.
وجَدَالة الخَلْق: عَصْبُه وطَيُّه؛ ورَجل مَجْدول وامرأَة مجدولة.
والجَدَالة: الأَرض لشِدَّتها، وقيل: هي أَرض ذات رمل دقيق؛ قال الراجز:
قد أَرْكَب الآلَةَ بعد الآله،
وأَتْرُك العَاجِزَ بالجَدَاله
والجَدْل: الصَّرْع. وجَدَله جَدْلاً وجَدَّله فانْجدل وتَجَدَّل:
صَرَعه على الجَدَالة وهو مجدول، وقد جَدَلْتُه جَدْلاً، وأَكثر ما يقال
جَدَّلْته تَجْديلاً، وقيل للصَّرِيع مُجَدَّل لأَنه يُضْرَع على الجَدَالة.
الأَزهري: الكلام المعتمد: طَعَنَه فَجَدَّله. وفي الحديث: أَن النبي، صلى
الله عليه وسلم، قال: أَنا خاتم النبيين في أُم الكتاب وإِن آدم
لَمُنْجَدِل في طينته؛ شمر: المنجدل الساقط، والمُجَدَّل المُلْقى بالجَدَالة،
وهي الأَرض؛ ومنه حديث ابن صياد: وهو مُنْجَدِل في الشمس، وحديث علي حين
وقف على طلحة وهو قتيل فقال: أَعْزِزْ عَلَيَّ أَبا محمد أَن أَراك
مُجَدَّلاً تحت نُجوم السماء أَي مُلْقىً على الأَرض قَتيلاً. وفي حديث معاوية
أَنه قال لصعصعة: ما مرَّ عليك جَدَّلتْه أَي رميته وصرعته؛ وقال
الهذلي:مُجَدَّل يَتَكَسَّى جِلْدُه دَمَه،
كما تَقَطَّرَ جِذْعُ الدَّوْمة القُطُلُ
يقال: طعنه فجدَله أَي رماه بالأَرض فانجدل سَقَط. يقال: جَدَلتْه،
بالتخفيف، وجَدَّلته، بالتشديد، وهو أَعم. وعَنَاق جَدْلاء: في أُذُنها
قِصَر. والجَدَالة: البَلْحة إِذا اخْضَرَّت واستدارت، والجمع جَدَالٌ؛ قال
بعض أَهل البادية ونسبه ابن بري للمخبل السعدي:
وسارت إِلى يَبْرِينَ خَمْساً، فأَصْبَحَتْ
يَخِرُّ على أَيدي السُّقَاة جَدَالُها
قال أَبو الحسن: قال لي أَبو الوفاء الأَعرابي جَدَالها ههنا أَولادُها،
وإِنما هو للبلح فاستعاره. قال ابن الأَعرابي: الجَدَالة فوق البَلَحة،
وذلك إِذا جَدَلَتْ نَوَاتُها أَي اشتدَّت، واشتُقَّ جُدول، ولد الظبية،
من ذلك؛ قال: ولا أَدري كيف قال إِذا جَدَلَت نواتها لأَن الجَدَالة لا
نواة لها، وقال مرَّة: سمِّيت البُسْرَة جَدَالة لأَنها تشتد نواتها
وتستتم قبل أَن تُزْهِي، شبهت بالجَدَالة وهي الأَرض. الأَصمعي: إِذا اخضرَّ
حَبُّ طَلْع النخيل واستدار قبل أَن يشتد فإِن أَهل نجد يسمونه الجَدَال.
وجَدَل الحَبُّ في السنبل يَجْدُل: وقع فيه؛ عن أَبي حنيفة، وقيل قَوِي.
والمِجْدَل: القَصْر المُشْرِف لوَثَاقَة بنائه، وجمعه مَجَادل؛ ومنه قول
الكميت:
كَسَوْتُ العِلافِيَّاتِ هُوجاً كأَنَّها
مَجَادِلُ، شدَّ الراصفون اجْتِدَالَها
والاجتدال: البنيان، وأَصل الجَدْل الفَتْل؛ وقال ابن بري: ومثله لأَبي
كبير:
في رأُس مُشْرِفة القَذال، كأَنما
أَطْرُ السحابِ بها بَياضُ المِجْدَل
وقال الأَعشى:
في مِجْدَلٍ شُدِّدَ بنيانُه،
يَزِلُّ عنه ظُفُرُ الطائر
(* في الصحاح: شيّد)
ودِرْع جَدْلاءُ ومَجْدولة: مُحْكَمة النسج. قال أَبو عبيد: الجَدْلاء
والمجدولة من الدروع نحوُ المَوْضونة وهي المنسوجة، وفي الصحاح: وهي
المحكمة؛ وقال الحطيئة:
فيه الجِيَادُ، وفيه كل سابغة
جَدْلاءُ مُحْكمة من نَسْج سَلاَّم
الليث: جمع الجَدْلاء جُدْل. وقد جُدِلَت الدروعُ جُدْلاً إِذا أُحكمت.
شمر: سمِّيت الدُّروع جَدْلاً ومجدولة لإِحكام حَلَقِها كما يقال حَبْل
مجدول مفتول؛ وقول أَبي ذؤَيب:
فهن كعِقْبان الشَّرِيج جَوَانِحٌ،
وهم فوقها مُسْتَلْئِمو حَلَق الجَدْل
أَراد حَلَق الدرع المجدولة فوضع المصدر موضع الصفة الموضوعة موضع
المَوصوف. والجَدْل: أَن يُضْرب عُرْضُ الحَديد حتى يُدَمْلَج، وهو أَن تضرب
حروفه حتى تستدير. وأُذُن جَدْلاء: طويلة ليست بمنكسرة، وقيل: هي
كالصَّمْعاءِ إِلاَّ أَنها أَطول، وقيل: هي الوَسَط من الآذان.
والجِدْل والجَدْل: ذَكَر الرجل، وقد جَدَل جُدولاً فهو جَدِل وجَدْل
عَرْدٌ؛ قال ابن سيده: وأُرى جَدِلاً على النسب. ورأَيت جَدِيلَةَ رَأْيه
أَي عزيمتَه. والجَدَل: اللَّدَدُ في الخُصومة والقدرةُ عليها، وقد جادله
مجادلة وجِدالاً. ورجل جَدِل ومِجْدَل ومِجْدال: شديد الجَدَل. ويقال:
جادَلْت الرجل فجَدَلته جَدْلاً أَي غلبته. ورجل جَدِل إِذا كان أَقوى في
الخِصام. وجادَله أَي خاصمه مُجادلة وجِدالاً، والاسم الجَدَل، وهو شدَّة
الخصومة. وفي الحديث: ما أُوتَي الجَدَل قومٌ إِلاَّ ضَلُّوا؛ الجَدَل:
مقابلة الحجة بالحجة؛ والمجادلة: المناظرة والمخاصمة، والمراد به في
الحديث الجَدَلُ على الباطل وطَلَبُ المغالبة به لا إَظهار الحق فإِن ذلك
محمود لقوله عز وجل: وجادلهم بالتي هي أَحسن. ويقال: إِنه لَجَدِل إِذا كان
شديد الخِصام، وإِنه لمجدول وقد جادل. وسورة المُجادَلة: سورة قد سمع الله
لقوله: قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إِلى الله؛ وهما
يَتَجادلان في ذلك الأَمر. وقوله تعالى: ولا جِدال في الحج؛ قال أَبو
إِسحق: قالوا معناه لا ينبغي للرجل أَن يجادل أَخاه فيخرجه إِلى ما لا ينبغي.
والمَجْدَل: الجماعة من الناس؛ قال ابن سيده: أُراه، لأَن الغالب عليهم
إِذا اجتمعوا أَن يتجادلوا؛ قال العجاج:
فانْقَضَّ بالسَّيْر ولا تَعَلَّلِ
بِمَجْدَل، ونِعْم رأْسُ المَجْدَلِ
والجَدِيلة: شَرِيجة الحمام ونحوها، ويقال لصاحب الجَدِيلة: جَدَّال،
ويقال: رجل جَدَّال بَدَّال منسوب إِلى الجَدِيلة التي فيها الحَمام.
والجَدَّال: الذي يَحْصُر الحَمام في الجَدِيلة. وحَمام جَدَليٌّ: صغير ثقيل
الطيران لصغره. ويقال للرجل الذي يأْتي بالرأْي السَّخِيف: هذا رأْي
الجَدّالين والبَدّالين، والبَدَّال الذي ليس له مال إِلاَّ بقدر ما يشتري به
شيئاً، فإِذا باعه اشترى به بَدَلاً منه فمسي بَدَّالاً. والجَدِيلة:
القَبِيلة والناحية. وجَدِيلة الرجل وجَدْلاؤُه: ناحيته. والقوم على جَدِيلة
أَمرهم أَي على حالهم الأَول. وما زال على جَدِيلة واحدة أَي على حال
واحدة وطريقة واحدة. وفي التنزيل العزيز: قل كُلٌّ يعمَلُ على شاكِلَتِه؛
قال الفراء: الشاكلة الناحية والطريقة والجَدِيلة، معناه على جَدِيلته أَي
طريقته وناحيته؛ قال: وسمعت بعض العرب يقول: وعَبْدُ الملك إِذ ذاك على
جَدِيلته وابن الزبير على جَدِيلته، يريد ناحيته. ويقال: فلان على
جَدِيلته وجَدْلائه كقولك على ناحيته. قال شمر: ما رأَيت تصحيفاً أَشبه بالصواب
مما قرأَ مالك بن سليمان عن مجاهد في تفسير قوله تعالى: قل كلٌّ يعمل
على شاكِلَته، فصحَّف فقال على حَدٍّ يَلِيه، وإِنما هو على جَدِيلته أَي
ناحيته وهو قريب بعضه من بعض. والجَدِيلة: الشاكلة. وفي حديث عمر، رضي
الله عنه: كَتَب في العبد إِذا غزا على جَدِيلته لا ينتفع مولاه بشيء من
خدمته فأَسْهِم له؛ الجَدِيلة: الحالة الأُولى. وركب جَدِيلة رأْيه أَي
عَزيمَته، أَراد أَنه إِذا غَزا منفرداً عن مولاه غير مشغول بخدمته عن الغزو.
والجَدِيلة: الرَّهْط وهي من أَدَم كانت تُصنع في الجاهلية يأْتَزِر بها
الصبيان والنساء الحُيَّض.
ورجل أَجْدَل المَنْكِب: فيه تَطَأْطؤ وهو خلاف الأَشْرَف من المناكب؛
قال الأَزهري: هذا خطأْ والصواب بالحاء، وهو مذكور في موضعه، قال: وكذلك
الطائر، قال بعضهم: به سُمِّي الأَجْدَل والصحيح ما تقدم من كلام
سيبويه.ابن سيده: الجَدِيلة الناحية والقبيلة. وجَدِيلة: بطن من قيس منهم فَهْم
وعَدْوان، وقيل: جَدِيلة حيٌّ من طيِّء وهو اسم أُمهم وهي جَدِيلة بنت
سُبَيْع ابن عمرو بن حِمَيْر، إِليها ينسبون، والنسبة إِليهم جَدَليٌّ مثل
ثَقَفيٍّ.
وجَدِيل: فَحْل لمَهْرة بن حَيْدان، فأَما قولهم في الإِبل جَدَلية
فقيل: هي منسوبة إِلى هذا الفحل، وقيل: إِلى جَديلة طيِّء، وهو القياس، وينسب
إِليهم فيقال: جَدَلِيٌّ. الليث: وجَدِيلة أَسَدٍ قبيلة أُخرى. وجَدِيل
وشَدْقَم: فَحْلان من الإِبل كانا للنعمان ابن المنذر.
والجَدْوَل: النهر الصغير، وحكى ابن جني جِدْوَل، بكسر الجيم، على مثال
خِرْوَع. الليث: الجَدْوَل نهر الحوض ونحو ذلك من الأَنهار الصغار يقال
لها الجَداوِل. وفي حديث البراء في قوله عز وجل: قد جعل ربك تحتك
سَرِيًّا، قال: جَدْوَلاً وهو النهر الصغير. والجَدْوَل أَيضاً: نهر
معروف.
مشق: المشقة في ذوات الحافر: تَفَحُّجٌ في القوائم وتشَحُّج. ومَشِقَ
الرجلُ يَمْشَقُ مَشَقاً، فهو مَشِقٌ إذا اصطَكَّت أَلْيتاه حتى تشَحَّجتا،
وكذلك باطنا الفخذين. ورجل أَمْشَقُ، والمرأة مَشْقاءُ بيِّنا المَشَقِ.
الليث: إذا كانت إحدى ركبتيه تصيب الأُخرى فهو المَشَق؛ وهذا قول أَبي
زيد حكاه عنه أَبو عبيد. أَبو زيد: مَشِقَ الرجل، بالكسر، إذا أَصابت إحدى
ربَلتَيْه الأُخرى. وقال ابن الأَعرابي: المَشْقُ في ظاهر الساق وباطنها
احْتِراقٌ يصبيها من الثوبِ إذا كان خشناً. ومَشَقَها الثوب يَمْشُقُها:
أَحرقها، والاسم من جميع ذلك المُشْقة؛ وقول الحسين بن مطير:
تَفْرِي السِّباعُ سَلىً عنه تُماشِقُهُ،
كأَنه بُرْدُ عَصْبٍ فيه تَضْرِيجُ
فسره ابن الأَعرابي فقال: تُماشِقُه تُمزِّقه. ومَشَقَ الثوبَ: مَزَقه.
وتَمَشَّق عن فلان ثوبُه إذا تمزق. وتَمَشَّقَ الليل إذا وَلَّى.
وتَمَشَّق جِلْبَابُ الليل إذا ظهرت تعباشيرُ الصبح؛ قال الراجز وهو من نوادر
أَبي عمرو:
وقد أُقيم النَّاجِياتِ الشُّنَّقَا
ليلاً، وسِجّفُ الليل قد تَمَشَّقا
والمَشْقُ: شدة الأَكل يأْخذ النَّحْضَة فيَمْشُقُها بفيه مَشْقاً
جذباً. ومَشَق من الطعام يَمْشُق مَشْقاً: تناول منه شيئاً قليلاً. ومَشَقَت
الإبل في الكلإِ تَمْشُق مَشْقاً: أَكلت أَطايبه. ومَشَّقْتُها إذا
أَرعيتها إياه. وتَمَاشَقَ القوم اللحم إذا تجاذبوه فأَكلوه؛ قال
الراعي:ولا يَزالُ لهُمْ في كلِّ مَنْزِلَةٍ
لحم، تَماشَقُهُ الأَيدي، رَعابيلُ
وقال الراجز يصف امرأَة يذمها:
تُمَاشِقُ البادِينَ والحُضّارا،
لم تعرفِ الوَقْفَ ولا السِّوَارا
أي تجاذبهم وتسابّهم. ورجل مَشِيقٌ ومَمْشُوق: خفيف اللحم، ورجل مِشْق
في هذا المعنى؛ عن اللحياني؛ وأَنشد:
فانقاد كلُّ مُشَذَّبٍ مَرِسِ القُوَى
لِخَيالهنَّ، وكلُّ مِشْقٍ شَيْظَمِ
وفرس مَشِيقٌ ومَمْشوق أَي ضامر. التهذيب: يقال فرس مَشِيقٌ مُمَشَّق
مَمْشوق أَي فيه طول وقلة لحم. وجارية مَمْشوقة: حسنة القَوَام قليلة
اللحم. ومُشِق القدحُ مَشْقاً: حمل عليه في البَرْيِ ليَدِقّ. والمَشْق: جذب
الشيء ليمتدَّ ويطول، والسير يُمْشَقُ حتى يلين، والوَتَرُ يُمْشَقُ حتى
يلين ويجوف، كما يَمْشُق الخياط خيطه بحرنقه
(* قوله «بحرنقه» هكذا هو
بالأصل): ومَشَقَ الوَتَرَ: جذبه ليمتد. ووتر مُمَشَّق ومُمَشِّقٌ: ممتد.
وامْتَشَقَ الوترُ: امتد وذهب ما انقشر من لحمه وعصبه. ابن شميل: الشِّرْعة
أَقل الأَوتار وأَشدها مَشْقاً. والمَشْقُ: أَن يلحم ويقشر حتى يسقط كل
سَقَطٍ منه، وذلك أَن العَقَب يؤخذ من المتن ويخالطه اللحم فييبْسَ ثم
يُنْسَطُ حتى لا يبقى فيه إلا مُشَاقُ العَقَب وقلبه وقد هذبوه من أسقاطه
كلها. ومشاق العَقَب: أَجوده، قال: العقب في الساقين وفي المتن وما سواهما
فإنما هو العصب، قال: والعِلْباءُ عصبة لا يكون وتَر ولا خير فيه، وقلم
مَشّاق: سريع الجري في القِرْطاس. ومَشَق الخطَّ يَمْشقُه مَشْقاً: مده،
وقيل أَسرع فيه. والمَشْقُ: السرعة في الطعن والضرب والأكل والكتابة، وقد
مَشَقَ يَمْشُق. والمشْق: الطعن الخفيف السريع، والفعل كالفعل؛ قال ذو
الرمة يصف ثوراً وحشيّاً:
فكَرَّ يَمْشُقُ طَعْناً في جَوَاشِنها،
كأَنه، الأجْرَ في الإقْبالِ، يَحْتَسِبُ
ومَشَقت الإبل في سيرها تَمْشُق مَشْقاً: أَسرعت، وقيل: كل سرعة مَشْق.
الأزهري: سمعت غير واحد من العرب وهو يمارس عملاً فيحْتَثُّه ويقول:
امْشُق امْشُق أَي أَسرع وبادر مثل حلب الإبل وما أَشبهه. ومَشَقَ المرأة
مَشْقاً: نكحها. ومَشَقَهُ مَشْقاً: ضربه، وقيل: هو الضرب بالسوط خاصة،
ومَشَقَه عشرين سوطاً؛ عن ابن الأَعرابي ولم يفسره، وقيل: إنما هو مَشَنَهُ؛
قال رؤبة:
إذا مضت فيه السياطُ المُشَّقُ
والمَشْقُ المَشْطُ، والمَشْق جذب الكتان في مِمْشَقَةٍ حتى يخلص خالصه
وتبقى مُشَاقته، وقد مَشَقَهُ وامْتَشَقه. والمِشْقة والمُشاقة من الكتان
والقطن والشعر: ما خلص منه، وقيل: هو ما طار وسقط عن المَشْق.
والمِشْقة: القطعة من القطن. وفي الحديث: أَنه سُحر في مُشْط ومُشاقةٍ؛ هي
المُشَاطة، وهي أَيضاً ما ينقطع من الإِبْرِيسَم والكتان عند تخلصه وتسريحه.
وثوب مِشَق وأَمْشاقٌ: مُمَشَّق؛ الأخيرة عن اللحياني. والمِشَقُ: أَخلاق
الثياب، واحدتها مِشْقة وفي الأصول مشاقَة من كلإٍ أي قليل. والْمَشْقُ
والمِشْقُ: المَغْرة وهو صبغ أَحمر. وثوب مَمْشوق ومُمَشَّق: مصبوغ
بالمِشَق. الليث: المِشْق والمَشق طين يصبغ به الثوب، يقال: ثوب مُمَشَّق؛ وأَنشد
ابن بري لأَبي وجزة:
قدْ شَقَّها خُلُق منه، وقد قَفَلَتْ
على مِلاحٍ، كلون المَشْق، أَمْشاج
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: رأى على طلحة ثَوْبين مصبوغين وهو محرم
فقال: ما هذا؟ قال: إنما هو مِشْق؛ هو المَغْرة. وفي حديث أبي هريرة رضي
الله عنه: وعليه ثوبان مُمَشَّقان. وفي حديث جابر: كنا نلبس المُمَشَّق في
الإحرام.
وامْتَشَقَ في الشيء: دخل. وامْتَشَق الشيءَ: اختطفه؛ عن ابن الأَعرابي،
وكذلك اخْتَدَفَه واخْتَواه واخْتَاته وتَخَوَّته. وامْتَشَنَه
وامْتَشَقه من يده: اختلسه. وامْتَشَقْتُه: اقتطعته. والمَشِيقُ من الثياب:
اللبيس. وقال في ترجمة مشغ: امْتَشَغْت ما في الضرع وامْتَشَقْته إذا لم تدع
فيه شيئاً، وكذلك امْتَشَغْت ما في يد الرجل وامْتَشَقْته إذا أَخذت ما في
يده كله.
فوض: فَوَّضَ إِليه الأَمرَ: صَيَّرَه إِليه وجعَلَه الحاكم فيه. وفي
حديث الدعاء: فَوَّضْتُ أَمْري إِليك أَي رَدَدْتُه إِليك. يقال: فَوَّضَ
أَمرَه إِليه إِذا ردّه إِليه وجعله الحاكم فيه؛ ومنه حديث الفاتحة:
فَوَّضَ إِليَّ عَبْدي. والتَّفْوِيضُ في النكاح التزويجُ بلا مَهْر.
وقَوْمٌ فَوْضَى: مُخْتَلِطُون، وقيل: هم الذين لا أَمير لهم ولا من
يجمعهم؛ قال الأَفْوَهُ الأَوْدِي:
لا يَصْلُحُ القَوْمُ فَوْضَى لا سَراةَ لَهم،
ولا سَراةَ إِذا جُهّالُهُم سادُوا
وصار الناسُ فَوْضَى أَي متفرِّقين، وهو جماعةُ الفائضِ، ولا يُفْرَدُ
كما يُفْرد الواحد من المتفرّقين. والوحش فَوْضَى: متفرّقة تتردّد. وقوم
فَوْضَى أَي مُتَساوُونَ لا رَئيسَ لهم. ونَعامٌ فَوْضَى أَي مُخْتَلِطٌ
بعضه ببعض، وكذلك جاء القوم فَوْضى، وأَمْرُهم فَيْضَى وفَوْضَى: مختلط؛
عن اللحياني، وقال: معناه سواء بينهم كما قال ذلك في فضا. ومتاعُهم
فَوْضَى بينهم إِذا كانوا فيه شركاء، ويقال أَيضاً فَضاً؛ قال:
طَعامُهُمُ فَوْضَى فَضاً في رِحالِهِمْ،
ولا يَحْسَبُونَ السُّوءَ إِلاَّ تَنادِيا
ويقال: أَمرهم فَيْضُوضا وفَيْضيضَا وفَوْضُوضا بينهم. وهذه الأَحرف
الثلاثة يجوز فيها المدُّ والقصر، وقال أَبو زيد: القوم فَيْضُوضا أَمرُهم
وفَيْضُوضا فيما بينهم إِذا كانوا مختلطين، فيَلْبَسُ هذا ثوبَ هذا،
ويأْكل هذا طعامَ هذا، لا يُؤَامِرُ واحد منهم صاحِبَه فيما يَفْعَلُ في
أَمره. ويقال: أَموالُهم فَوْضَى بينهم أَي هم شرَكاء فيها، وفَيْضُوضا مثله،
يمد ويقصر. وشَرِكةُ
(* قوله «وشركة» ككلمة ويخفف وهو الأَغلب بكسر
أَوّله وتسكين ثانيه؛ أفاده المصباح.) المُفاوضَةِ: الشَّرِكةُ العامّةُ في كل
شيء. وتَفاوَضَ الشَّرِيكانِ في المال إِذا اشتركا فيه أَجمع، وهي شركة
المفاوضة. وقال الأَزهري في ترجمة عنن: وشارَكه شركة مفاوضة، وذلك أَن
يكون مالهما جميعاً من كل شيء يَمْلِكانه بينهما، وقيل: شَرِكةُ المفاوضة
أَن يشتركا في كل شيء في أَيديهما أَو يَسْتَفِيئانِه من بعد، وهذه الشركة
باطلة عند الشافعي، وعند النعمان وصاحبيه جائزة. وفاوَضَه في أَمْره أَي
جارَاه. وتَفاوَضوا الحديث: أَخذوا فيه. وتَفَاوَضَ القوم في الأَمر أَي
فاوَضَ فيه بعضُهم بعضاً. وفي حديث معاوية قال لدَغْفَلِ بن حنظلة: بِمَ
ضَبَطْتَ ما أَرَى؟ قال: بمُفاوَضةِ العُلماء، قال: وما مُفاوَضةُ
العلماء؛ قال: كنت إِذا لقِيتُ عالماً أَخذت ما عنده وأَعطيته ما عندي؛
المُفاوَضةُ: المُساواةُ والمُشارَكةُ، وهي مُفاعلة من التفْويض، كأَن كلَّ
واحد منهما رَدّ ما عنده إِلى صاحبه، أَراد مُحادَثة العلماء ومُذاكرتهم في
العلم، واللّه أَعلم.
فرع: فَرْعُ كلّ شيء: أَعْلاه، والجمع فُرُوعٌ، لا يُكَسَّر على غير
ذلك. وفي حديث افْتِتاحِ الصلاة: كان يَرْفَعُ يديه إِلى فُرُوعِ أُذُنَيْهِ
أَي أَعالِيها. وفَرْعُ كل شيء: أَعلاه. وفي حديث قيام رمضان: فما كنا
نَنْصَرِفُ إِلا في فُرُوعِ الفجْر؛ ومنه حديث ابن ذي المِشْعارِ: على أَن لهم
فِراعَها؛ الفِراعُ: ما عَلا من الأَرض وارْتَفَعَ؛ ومنه حديث عطاء:
وسئل ومن أَين أَرْمِي الجمرتين؟ فقال: تَفْرَعُهما أَي تَقِفُ على
أَعْلاهما وتَرْمِيهما. وفي الحديث: أيُّ الشجَرِ أَبْعَدُ من الخارِفِ؟ قالوا:
فَرْعُها، قال: وكذلك الصفُّ الأَوَّلُ؛ وقوله أَنشده ثعلب:
مِنَ المُنْطِياتِ المَوْكب المَعْج بَعْدَما
يُرَى، في فُرُوعِ المُقْلَتَيْنِ، نُضُوبُ
إِنما يريد أَعالِيَهما. وقَوْسٌ فَرْعٌ: عُمِلَتْ من رأْس القَضِيبِ
وطرَفه. الأَصمعي: من القِسِيّ القَضِيبُ والفَرْعُ، فالقضيب التي عملت من
غُصْنٍ واحد غير مشقوق، والفَرْعُ التي عملت من طرف القضيب. وقال أَبو
حنيفة: الفَرْعُ من خير القِسِيِّ. يقال: قَوْسٌ فَرْعٌ وفَرْعةٌ؛ قال
أَوس:على ضالةٍ فَرْعٍ كأَنَّ نَذِيرها،
ِذا لَمْ تُخَفِّضْه عن الوَحْشِ، أَفْكَلُ
يقال: قوس فرْع أَي غيرُ مَشْقوقٍ، وقوسٌ فِلْقٌ أَي مشقوق؛ وقال:
أَرْمي عليها، وهْيَ فَرْعٌ أَجْمَعُ،
وهْيَ ثَلاثُ أَذْرُعٍ وإِصْبَعُ
وفَرَعْتُ رأْسَه بالعَصا أَي عَلَوْته، وبالقاف أَيضاً. وفَرَعَ الشيءَ
يَفْرَعُه فَرْعاً وفُرُوعاً وتَفَرَّعَه: عَلاه. وقيل: تَفَرَّعَ فلانٌ
القومَ عَلاهم؛ قال الشاعر:
وتَفَرَّعْنا، مِنَ ابْنَيْ وائِلٍ،
هامةَ العِزِّ وجُرْثُومَ الكَرَمْ
وفَرَعَ فلان فلاناً: عَلاه. وفَرع القومَ وتَفَرَّعهم: فاقَهم؛ قال:
تُعَيِّرُني سَلْمَى، وليسَ بِقَضْأَةٍ،
ولَوْ كنتُ مِنْ سَلْمَى، تَفَرَّعْتُ دارما
والفَرْعةُ: رأْسُ الجبل وأَعْلاه خاصّة، وجمعها فِراعٌ؛ ومنه قيل: جبل
فارِعٌ. ونَقاً فارِعٌ: عالٍ أَطْوَلُ مما يَلِيهِ. ويقال: ائْتِ فَرْعةً
من فِراعِ الجبل فانْزِلْها، وهي أَماكنُ مرتفعة. وفارعةُ الجبل:
أَعلاه. يقال: انزل بفارِعة الوادي واحذر أَسفَله. وتِلاعٌ فَوارِعُ:
مُشْرِفاتُ المَسايِلِ، وبذلك سميت المرأَة فارِعةً. ويقال: فلان فارِعٌ. ونَقاً
فارِعٌ: مُرْتَفِعٌ طويل. والمُفْرِعُ: الطويلُ من كل شيء. وفي حديث شريح:
أَنه كان يجعل المُدَبَّر من الثلث، وكان مسروق يجعله الفارِعَ من
المال.والفارِعُ: المُرْتَفِعُ العالي الهَيِّءُ الحَسَنُ. والفارِعُ: العالي.
والفارِعُ: المُسْتَفِلُ. وفي الحديث: أَعْطى يومَ حُنَيْنٍ
(* قوله« أعطى
يوم حنين إلخ» كذا بالأصل، وفي نسخة من النهاية: اعطى العطايا إلخ.)
فارِعةً من الغَنائِمِ أَي مُرْتَفِعة صاعِدة من أَصلها قبل أَن تُخَمَّسَ.
وفَرَعةُ الجُلّة: أَعلاها من التمر. وكَتِفٌ مُفْرِعةٌ: عالية مُشْرِفة
عريضة. ورجل مُفْرِعُ الكتِف أَي عَرِيضُها، وقيل مرتفعها، وكل عالٍ طويلٍ
مُفْرِعٌ. وفي حديث ابن زِمْلٍ: يَكادُ يَفْرَعُ الناسَ طُولاً أَي
يَطُولُهم ويَعْلُوهم، ومنه حديث سودةَ: كانت تَفْرَعُ الناسَ
(* قوله«تفرع
الناس» كذا بالأصل، وفي نسخة من النهاية: النساء.) طُولاً. وفَرْعةُ الطريقِ
وفَرَعَتُه وفَرْعاؤُه وفارِعَتُه، كله: أَعلاه ومُنْقَطَعُه، وقيل: ما
ظهر منه وارتفع، وقيل: فارِعتُه حواشِيه. والفُرُوعُ: الصُّعُود.
وفَرَعْتُ رأْسَ الجبَلِ: عَلَوْتُه. وفَرَعَ رأْسَه بالعَصا والسيف فَرْعاً:
عَلاه. ويقال: هو فَرْعُ قَوْمِه للشريف منهم. وفَرَعْتُ قوْمي أَي
عَلَوْتُهم بالشرَف أَو بالجَمالِ. وأَفْرَعَ فلانٌ: طالَ وعَلا. وأَفْرَعَ في
قومِه وفَرَّعَ: طال؛ قال لبيد:
فأَفْرَعَ بالرِّبابِ، يَقُودُ بُلْقاً
مُجَنَّبَةً تَذُبُّ عن السِّخالِ
شبَّه البَرْقَ بالخيل البُلْقِ في أَوّلِ الناسِ. وتَفَرَّعَ القومَ:
رَكِبَهم بالشتْمِ ونحوه. وتَفَرَّعهم: تزوَّجَ سيِّدةَ نِسائِهم
وعُلْياهُنَّ. يقال: تَفَرَّعْتُ ببني فلان تزوَّجْتُ في الذُّرْوةِ منهم
والسَّنامِ، وكذلك تَذَرَّيْتُهم وتنَصَّيْتُهم. وفَرَّعَ وأَفْرَعَ: صَعَّدَ
وانْحَدَرَ. قال رجل من العرب: لَقِيتُ فلاناً فارِعاً مُفْرِعاً؛ يقول:
أَحدُنا مُصَعِّدُ والآخَرُ مُنْحَدِرٌ؛ قال الشماخ في الإِفْراعِ بمعنى
الانْحِدارِ:
فإِنْ كَرِهْتَ هِجائي فاجْتَنِبْ سَخَطي،
لا يُدْرِكَنَّكَ إِفْراعِي وتَصْعِيدي
إِفْراعي انْحِداري؛ ومثله لبشر:
إِذا أَفْرَعَتْ في تَلْعَةٍ أَصْعَدَتْ بها،
ومَن يَطْلُبِ الحاجاتِ يُفْرِعْ ويُصْعِد
وفَرَّعْتُ في الجبل تَفْرِيعاً أَي انْحَدَرْتُ، وفَرَّعْتُ في الجبل:
صَعَّدْتُ، وهو من الأَضداد. وروى الأَزهري عن أَبي عمرو: فَرَّعَ الرجُلُ
في الجبل إِذا صَعَّدَ فيه، وفَرَّعَ إِذا انْحَدَرَ. وحكى ابن بري عن
أَبي عبيد: أَفْرَعَ في الجبل صَعَّدَ، وأَفْرَعَ منه نزل؛ قال معن بن أَوس في
التفريع بمعنى الانحدار:
فسارُوا، فأَمّا جُلُّ حَيِّي فَفَرَّعُوا
جَمِيعاً، وأَمّا حَيُّ دَعْدٍ فَصَعَّدُوا
قال شمر: وأَفْرَعَ أَيضاً بالمعنيين، ورواه فأَفْرَعوا أَي انحدروا؛
قال ابن بري: وصواب إِنشاد هذا البيت: فَصَعَّدا لأَنّ القافيةَ منصوبة؛
وبعده:
فَهَيْهاتَ مِمَّن بالخَوَرْنَقِ دارُه
مُقِيمٌ، وحَيٌّ سائِرٌ قد تَنَجَّدا
وأَنشد ابن بري بيتاً آخر في الإِصْعاد:
إِنِّي امْرُؤٌ من يَمانٍ، حين تَنْسُبُني،
وفي أُمَيَّةَ إِفْراعِي وتَصْوِيبي
قال: والإِفْراعُ هنا الإِصعادُ لأَنه ضَمَّه إِلى التصويبِ وهو
الانْحِدارُ. وفَرَّعْتَ إِذا صَعَّدْتَ، وفَرَّعْتَ إِذا نزلت. قال ابن
الأَعرابي: فَرَّعَ وأَفْرعَ صَعَّدَ وانْحَدَرَ، من الأَضْداد؛ قال عبد الله بن
همّام السّلُولي:
فإِمّا تَرَيْني اليَوْمَ مُزْجِي ظَعينَتي،
أُصَعِّدُ سِرًّا في البِلادِ وأُفْرِعُ
(* قوله «سراً» تقدم انشاده في صعد سيراً، وأنشده الصحاح هناك طوراً.)
وفَرعَ، بالتخفيف: صَعَّدَ وعَلا؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
أَقولُ، وقد جاوَزْنَ مِنْ صَحْنِ رابِغٍ
صَحاصِحَ غُبْراً، يَفْرَعُ الأُكْمَ آلُها
وأَصْعَدَ في لُؤْمِه وأَفْرَعَ أَي انحَدَرَ. وبئس ما أَفْرَعَ به أَي
ابتدأَ. ابن الأَعرابي: أَفْرَعَ هَبَطَ، وفَرَّعَ صَعَّدَ.
والفَرَعُ والفَرَعَةُ، بفتح الراء: أَوَلُ نتاج الإِبل والغنم، وكان
أَهل الجاهلية يذبحونه لآلِهتهم يَتَبَرَّعُون بذلك فنُهِيَ عنه المسلمون،
وجمع الفَرَعِ فُرُعٌ؛ أَنشد ثعلب:
كَغَرِيّ أَجْسَدَتْ رأْسه
فُرُعٌ بَيْنَ رئاسٍ وحَامِ
رئاس وحام: فحلانِ. وفي الحديث: لا فَرَعَ ولا عَتِيرةَ. تقول: أَفْرَعَ
القومُ إِذا ذبحوا أَوَّلَ ولدٍ تُنْتَجُه الناقة لآلِهتهم. وأَفْرَعُوا:
نُتِجُوا. والفرَعُ والفَرَعةُ: ذِبْح كان يُذْبَحُ إِذا بلت الإِبل ما
يتمناه صاحبها، وجمعهما فِراعٌ. والفَرَعُ: بعير كان يذبح في الجاهلية
إِذا كان للإِنسان مائة بعير نحر منها بعيراً كل عام فأَطْعَمَ الناسَ ولا
يَذُوقُه هو ولا أَهلُه، وقيل: إِنه كان إِذا تمت له إِبله مائة قدَّم
بكراً فنحره لصنمه، وهو الفَرَع؛ قال الشاعر:
إِذْ لا يَزالُ قَتِيلٌ تَحْتَ رايَتِنا،
كما تَشَحَّطَ سَقْبُ الناسِكِ الفَرَعُ
وقد كان المسلمون يفعلونه في صدر الإِسلام ثم نسخ؛ ومنه الحديث:
فَرِّعُوا إِن شئتم ولكن لا تَذْبَحوه غَراةً حتى يَكْبَرَ أَي صغيراً لحمه
كالغَراة وهي القِطْعة من الغِراء؛ ومنه الحديث الآخر: أَنه سئل عن الفَرَعِ
فقال: حق، وأَن تتركه حتى يكون ابن مخاضٍ أَو ابن لَبُونٍ خير من أَن
تَذْبَحَه يَلْصَقُ لحمه بِوَبَرِه، وقيل: الفَرَعُ طعام يصنع لنَتاجِ الإِبل
كالخُرْسِ لولادِ المرأَة. والفَرَعُ: أَن يسلخ جلد الفَصِيلِ
فيُلْبَسَــه آخَرُ وتَعْطِفَ عليه سِوَى أُمه فَتَدِرَّ عليه؛ قال أَوس بن حجر يذكر
أَزْمةً في شدَّة برد:
وشُبِّهَ الهَيْدَبُ العَبامُ مِنَ الـ
ـأَقوام سَقْباً مُجَلَّلاً فَرَعا
أَراد مُجَلَّلاً جِلْدَ فَرَعٍ، فاختصر الكلام كقوله:واسأَلِ القرية
أَي أَهل القرية. ويقال: قد أَفْرَعَ القومُ إِذا فعلت إِبلهم ذلك
والهَيْدَبُ:الجافي الخِلْقة الكثيرُ الشعر من الرجال. والعَبامُ: الثَّقِيلُ.
والفَرَعُ: المال الطائلُ المُعَدّ؛ قال:
فَمَنَّ واسْتَبْقَى ولم يَعْتَصِرْ،
مِنْ فَرْعِه، مالاً ولا المَكْسِرِ
أَراد من فَرَعِه فسكن للضرورة. والمَكْسرُ: ما تَكَسَّرَ من أَصل ماله،
وقيل: إِنما الفَرْعُ ههنا الغُصْنُ فكنى بالفَرْعِ عن حديث ماله
وبالمَكْسِرِ عن قديمه، وهو الصحيح.
وأَفْرَعَ الوادي أَهلَه: كَفاهُم. وفارَعَ الرجلَ: كفاه وحَمَلَ عنه؛
قال حسان بن ثابت:
وأُنشِدُكُمْ، والبَغْيُ مُهْلِكُ أَهْلِه،
إِذا الضَّيْفُ لم يُوجَدْ له مَنْ يُفارِعُهْ
والفَرْعُ: الشعر التام. والفَرَعُ: مصدر الأَفْرَعِ، وهو التامُّ
الشعَر. وفَرِعَ الرجلُ يَفْرَعُ فَرَعاً وهو أَفْرَعُ: كثر شعَره.
والأَفْرَعُ: ضِدُّ الأَصْلَعِ، وجمعهما فُرْعٌ وفُرْعانٌ. وفَرْعُ المرأَة:
شعَرُها، وجعه فُرُوعٌ. وامرأَة فارِعةٌ وفَرْعاءُ: طويلة الشعر، ولا يقال
للرجل إِذا كان عظيم اللحية والجُمَّة أَفْرَعُ، وإِنما يقال رجل أَفْرَعُ
لضدّ الأَصْلَع، وكان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أَفْرَعَ ذا جُمَّة. وفي
حديث عمر: قيل الفُرْعانُ أَفضَلُ أَمِ الصُّلْعانُففقال: الفُرعان،
قيل: فأَنت أَصْلَعُ؛ الأَفْرَعُ: الوافي الشعر، وقيل: الذي له جُمَّةٌ.
وتَفَرَّعَتْ أَغصانُ الشجرة أَي كثرت. والفَرَعَةُ: جِلدةٌ تزاد في
القِرْبة إِذا لم تكن وفْراء تامة.
وأَفرَعَ به: نزل. وأَفرَعْنا بفلان فما أَحْمَدناه أَي نَزَلْنا به.
وأَفْرَعَ بنو فلان أَي انتجعوا في أَوّل الناس. وفَرَعَ الأَرض وأَفْرَعَها
وفرَّع فيها جوَّل فيها وعَلِمَ عِلْمَها وعَرَفَ خَبَرَها، وفَرعَ بين
القوم يَفْرَعُ فَرْعاً: حَجَزَ وأَصلَح، وفي الحديث: أَن جاريتين جاءتا
تَشْتَدّانِ إِلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهو يصلي فأَخذتا بركبتيه
فَفَرَعَ بينهما أَي حَجَزَ وفرَّق؛ ويقال منه: فرَّع يُفَرِّعُ أَيضاً،
وفَرَّع بين القوم وفرَّقَ بمعنى واحد. وفي الحديث عن أَبي الطفيل قال: كنت
عند ابن عباس فجاءه بنو أَبي لهب يختصمون في شيء بينهم فاقْتَتَلُوا عنده
في البيت، فقام يُفَرِّعُ بينهم أَي يَحْجُزُ بينهم. وفي حديث علقمة: كان
يُفَرِّعُ بيْن الغنم أَي يُفَرِّقُ، قال ابن الأَثير: وذكره الهرويّ في
القاف، وقال: قال أَبو موسى وهو من هَفَواته. والفارِعُ: عَوْنُ السلطانِ،
وجمعه فَرَعةٌ، وهو مثل الوازِعِ. وأَفْرَعَ سفَره وحاجَته: أَخذ فيهما.
وأَفْرَعُوا من سفَره: قدموا وليس ذلك أَوانَ قدومهم. وفرَعَ فرسَه
يَفْرَعُه فَرْعاً: كبَحَه وكَفَّه وقَدَعَه؛ قال أَبو النجم:
بِمُفْرَعِ الكِتْفَيْنِ حُرٍّ عَطَلُهْ
نفْرَعُه فَرْعاً، ولسْنا نَعْتِلُهْ
(* قوله« بمفرع إلخ» سيأتي إِنشاده في مادة عتل) :
من مفرع الكتفين حر عطله
شمر: استفْرَعَ القومُ الحديثَ وافْتَرَعُوه إِذا ابتَدَؤوه؛ قال الشاعر
يرثي عبيد بن أَيوب:
ودلَّهْتَنِي بالحُزْنِ حتى تَرَكْتَنِي،
إِذا اسْتَفْرَعَ القومُ الأَحاديثَ، ساهِيا
وأَفرَعَتِ المرأَةُ: حاضَتْ. وأفْرَعَها الحَيْضُ: أَدْماها.
وأَفْرَعَتْ إِذا رأَت دماً قَبْلَ الولادة. والإِفْراعُ: أَوّلُ ما تَرَى
الماخِضُ من النساء أَو الدوابّ دماً. وأَفْرَعَ لها الدمُ: بدا لها. وأَفْرَعَ
اللِّجامُ الفرسَ: أَدْماه؛ قال الأَعشى:
صَدَدْت عن الأَعْداءِ، يومَ عُباعِبٍ،
صُدُودَ المَذاكي أَفْرَعَتْها المَساحِلُ
المَساحِلُ: اللُّجُمُ، واحدها مِسْحَلٌ، يعني أَنَّ المَساحِل
أَدْمَتْها كما أَفْرَعَ الحيضُ المرأَةَ بالدم.
وافْتَرَعَ البِكْرَ: اقْتَضَّها، والفُرْعةُ دمها، وقيل له افْتِراعٌ
لأَنه أَوّلُ جِماعِها، وهذا أَول صَيْدٍ فَرَعَه أَي أَراقَ دمه. قال
يزيد بن مرة: من أَمثالهم: أَوّلُ الصيْدِ فَرَعٌ، قال: وهو مُشَبَّه
بأَوَّلِ النِّتاجِ. والفَرَعُ: القِسْمُ وخَصَّ به بعضهم الماء. وأُفْرِعَ
بسيد بني فلان: أُخِذَ فقتل. وأَفْرَعَتِ الضَّبُعُ في الغنم: قتلتها
وأَفْسَدَتْها؛ أَنشد ثعلب:
أَفْرَعْتِ في فُرارِي،
كأَنَّما ضِرارِي
أرَدْتِ، يا جَعارِ
وهي أَفْسَدُ شيء رُؤيَ. والفُرارُ: الضأْن، وأَما ما ورد في الحديث: لا
يَؤُمَّنَّكُمْ أنْصَرُ ولا أَزَنّ ولا أَفْرَعُ؛ الأَفْرَعُ ههنا:
المُوَسْوِسُ.
والفَرَعةُ: القَمْلةُ العظيمة، وقيل: الصغيرةُ، تسكن وتحرك، وبتصغيرها
سميت فُرَيْعةُ، وجمعها فِراعٌ وفَرْعٌ وفَرَعٌ. والفِراعُ:
الأَوْدِيةُ.والفَوارِعُ: موضعٌ، وفارِعٌ وفُرَيْعٌ وفُرَيْعةُ وفارِعةُ، كلها:
أَسماء رجال. وفارِعة: اسم امرأَة. وفُرْعانُ: اسم رجل. ومَنازِلُ بن
فُرْعانَ: من رهط الأَحْنَف بن قَيْسٍ. والأَفْرَعُ: بطن من حِمْيَرٍ.
وفَرْوَعٌ: موضع؛ قال البريق الهذلي:
وقَدْ هاجَنِي مِنْها بِوَعْساءِ فَرْوَعٍ،
وأَجْزاعِ ذي اللَّهْباءِ، مَنْزِلةٌ قَفْرُ
وفارِعٌ: حِصْنٌ بالمدينة يقال إِنه حصن حسّان بن ثابت؛ قال مِقْيَسُ بن
صُبابةَ حين قَتَلَ رجلاً من فِهْرٍ بأَخيه:
قَتَلْتُ به فِهْراً، وحَمَّلْتُ عَقْلَه
سَراةَ بَني النّجّارِ أَرْبابَ فارِعِ
وأَدْرَكْتُ ثَأْرِي، واضْطَجَعْتُ مُوَسشَّداً،
وكُنْتُ إِلى الأَوْثانِ أَوّلَ راجِعِ
والفارِعانِ: اسم أَرض؛ قال الطِّرِمّاحُ:
ونَحْنُ، أَجارَتْ بِالأُقَيْصِرِ هَهُنا
طُهَيَّةُ، يَوْمَ الفارِعَيْنِ، بِلا عَقْدِ
والفُرْعُ: موضع وهو أَيضاً ماء بِعَيْنِه؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
تَرَبَّعَ الفُرْع بِمَرْعًى مَحْمُود
وفي الحديث ذكر الفُرْع، بضم الفاء وسكون الراء، وهو موضع بين مكة
والمدينة، وفُرُوعُ الجَوْزاءِ: أَشدّ ما يكون من الحَرّ، قال أَبو
خِراشٍ:وظَلَّ لَنا يَوْمٌ، كأَنَّ أُوارَه
ذَكا النّارِ من نَجْمِ الفُرُوعِ طَوِيلُ
قال: وقرأْته على أَبي سعيد بالعين غير معجمة؛ قال أَبو سعيد في قول
الهذلي:
وذَكَّرَها فَيْحُ نَجْمِ الفُرو
عِ، مِنْ صَيْهَبِ الحَرِّ، بَرْدَ الشَّمال
قال: هي فُروعُ الجَوْزاءِ بالعين، وهو أَشدّ ما يكون من الحر، فإِذا
جاءت الفروغُ، بالغين، وهي من نُجُوم الدّلْو كان الزمان حينئذ بارداً ولا
فَيْحَ يومئذ.
خلط: خَلَطَ الشيء بالشيء يَخْلِطُه خَلْطاً وخَلَّطَه فاخْتَلَطَ:
مَزَجَه واخْتَلَطا. وخالطَ الشيءَ مُخالَطة وخِلاطاً: مازَجَه. والخِلْطُ:
ما خالَطَ الشيءَ، وجمعه أَخْلاطٌ. والخِلْطُ: واحد أَخْلاطِ الطِّيب.
والخِلْطُ: اسم كلّ نوع من الأَخْلاطِ كأَخْلاطِ الدّواء ونحوه. وفي حديث
سعد: وإِن كان أَحدُنا ليَضَعُ كما تضعُ الشاةُ ما له خِلْطٌ أَي لا
يَخْتَلِطُ نَجْوُهُم بعضُه ببعض لجَفافِه ويُبْسِه، فإِنهم كانوا يأْكلون خبز
الشعير وورقَ الشجر لفقرهم وحاجتهم. وأَخْلاطُ الإِنسان: أَمْزِجَتُه
الأَربعة.
وسَمْنٌ خَلِيطٌ: فيه شَحْم ولَحْم. والخَلِيطُ من العَلَفِ: تِبن
وقَتٌّ، وهو أَيضاً طين وتِبن يُخْلَطانِ. ولبَن خَلِيطٌ: مختلط من حُلو
وحازِر. والخَلِيطُ: أَن تُحْلَب الضأْنُ على لبن المِعْزى والمِعزى على لبَن
الضأْنِ، أَو تحلب الناقةُ على لبن الغنم. وفي حديث النبيذِ: نهى عن
الخَلِيطَيْنِ في الأَنْبِذة، وهو أَن يجمع بين صِنْفين تمر وزبيب، أَو عنب
ورُطَب. الأَزهري: وأَما تفسير الخليطين الذي جاء في الأَشربة وما جاء من
النهي عن شُرْبه فهو شَراب يتخذ من التمر والبُسْر أَو من العنب والزبيب،
يريد ما يُنْبَذُ من البسر والتمر معاً أَو من الزبيب والعنب معاً،
وإِنما نهى عن ذلك لأَن الأَنواع إِذا اختلفت في الانتباذ كانت أَسرَعَ
للشدَّة والتخمير، والنبيذُ المعمول من خَلِيطَيْن ذهب قوم إِلى تحريمه وإِن
لم يُسكر، أَخذاً بظاهر الحديث، وبه قال مالك وأَحمد وعامّة المحدّثين،
قالوا: من شربه قبل حدوث الشدّة فيه فهو آثمٌ من جهة واحدة، ومن شربه بعد
حدوثها فيه فهو آثمٌ من جهتين: شربِ الخَلِيطيْن وشُربِ المُسْكِر؛
وغيرُهم رَخَّص فيه وعللوا التحريم بالإِسْكار. وفي الحديث: ما خالَطَتِ
الصدَقةُ مالاً إِلا أَهْلَكَتْه، قال الشافعي: يعني أَنّ خِيانةَ الصدَقةِ
تُتْلِفُ المالَ المَخْلُوطَ بها، وقيل: هو تَحْذِير للعمَّال عن الخيانة في
شيء منها، وقيل: هو حَثٌّ على تعجيل أَداء الزكاة قبل أَن تُخْلَطَ
بماله. وفي حديث الشُّفْعَةِ: الشَّرِيكُ أَوْلى من الخَلِيطِ، والخَلِيطُ
أَولى من الجارِ؛ الشرِيكُ: المُشارِكُ في الشُّيوعِ، والخَلِيطُ:
المُشاركُ في حُقوقِ المِلك كالشِّرْبِ والطريق ونحو ذلك.
وفي الحديث: أَن رجلين تقدّما إِلى مُعاوِيةَ فادَّعَى أَحدهما على
صاحبه مالاً وكان المُدَّعي حُوَّلاً قُلَّباً مِخْلَطاً؛ المِخْلَطُ،
بالكسر: الذي يَخْلِطُ الأَشْياء فيُلَبِّسُــها على السامعين والناظرين.
والخِلاط: اخْتِلاطُ الإِبِل والناسِ والمَواشي؛ أَنشد ثعلب:
يَخْرُجْنَ من بُعْكُوكةِ الخِلاطِ
وبها أَخْلاطٌ من الناس وخَلِيطٌ وخُلَيْطى وخُلَّيْطى أَي أَوْباشٌ
مُجْتَمِعُون مُخْتَلِطُون، ولا واحد لشيء من ذلك. وفي حديث أَبي سعيد: كنا
نُرْزَقُ تَمْرَ الجَمْعِ على عَهْدِ رسولِ اللّه، صلّى اللّه عليه
وسلّم، وهو الخِلْطُ من التمر أَي المُخْتَلِطُ من أَنْواعِ شَتَّى. وفي حديث
شريح: جاءه رجل فقال: إِنِّي طلقت امرأَتي ثلاثاً وهي حائض، فقال: أَما
أَنا فلا أَخْلِطُ حَلالاً بحَرامٍ أَي لا أَحْتَسِبُ بالحَيْضةِ التي وقع
فيها الطلاقُ من العِدّةِ، لأَنها كانت له حلالاً في بعض أَيام الحيضة
وحراماً في بعضها. ووقع القومُ في خُلَيْطى وخُلَّيْطى مثال السُّمَّيْهى
أَي اخْتِلاطٍ فاختلط عليهم أَمرُهم. والتخْلِيطُ في الأَمْرِ:
الإِفْسادُ فيه. ويقال للقوم إِذا خَلَطُوا مالَهم بعضَه ببعض: خُلَّيْطى؛ وأَنشد
اللحياني:
وكُنَّا خُلَيطى في الجِمالِ، فراعني
جِمالي تُوالى وُلَّهاً من جِمالِك
ومالُهم بينهم خِلِّيطى أَي مُخْتَلِط. أَبو زيد: اخْتَلَطَ الليلُ
بالتُّرابِ إِذا اختلطَ على القوم أَمرهم واختلط المَرْعِيُّ بالهَمَلِ.
والخِلِّيطى: تَخْلِيطُ الأَمْرِ، وإِنه لَفي خُلَّيْطى من أَمرِه؛ قال أَبو
منصور: وتخفف اللام فيقال خُلَيْطى. وفي حديث النبي، صلّى اللّه عليه
وسلّم، أَنه قال: لا خِلاطَ ولا شِناقَ في الصدقة. وفي حديث آخر: ما كان من
خَلِيطَيْنِ فإِنهما يتراجَعانِ بينهما بالسَّوِيّةِ؛ قال الأَزهري: كان
أَبو عبيد فسّر هذا الحديث في كتاب غريب الحديث فَثَبَّجَه ولم
يُفَسِّرُه على وجهه، ثم جَوَّدَ تفسيره في كتاب الأَمْوالِ، قال: وفسره على نحو
ما فسّره الشافعي، قال الشافعيّ: الذي لا أَشُكّ فيه أَن الخَلِيطَيْنِ
الشريكان لن يقتسما الماشية، وتراجُعُهما بالسويّة أَن يكونا خليطين في
الإِبل تجب فيها الغنم فتوجد الإِبل في يد أَحدهما، فتؤخذ منه صدقتُها فيرجع
على شريكه بالسوية، قال الشافعيّ: وقد يكون الخليطان الرجلين يتخالطان
بماشيتهما، وإِن عرف كل واحد منهما ماشيته، قال: ولا يكونان خليطين حتى
يُرِيحا ويُسَرِّحا ويَسْقِيا معاً وتكونَ فُحولُهما مُخْتَلِطةً، فإِذا
كانا هكذا صَدّقا صدقةَ الواحد بكل حال، قال: وإِن تفرَّقا في مُراحٍ أَو
سَقْيٍ أَو فُحولٍ فليسا خَليطين ويُصَدِّقانِ صدقةَ الاثنين، قال: ولا
يكونان خليطين حتى يحول عليهما حَوْلٌ من يومَ اخْتَلطا، فإِذا حال عليهما
حول من يومَ اختلطا زَكَّيا زكاةَ الواحد؛ قال الأَزهري: وتفسير ذلك أَن
النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، أَوجب على مَن مَلك أَربعين شاة فحال
عليها الحولُ، شاةً، وكذلك إِذا ملك أَكثر منها إِلى تمام مائة وعشرين ففيها
شاة واحدة، فإِذا زادت شاةٌ واحدة على مائة وعشرين ففيها شاتان، ولو أَن
ثلاثة نفر ملكوا مائة وعشرين لكل واحد منهم أَربعون شاة، ولم يكونوا
خُلَطاء سنةً كاملة، فعلى كل واحد منهم شاة، فإِذا صاروا خلطاء وجمعوها على
راع واحد سنة فعليهم شاة واحدة لأَنهم يصدّقون إِذا اخْتَلَطُوا، وكذلك
ثلاثة نفر بينهم أَربعون شاة وهم خلطاء، فإن عليهم شاة كأَنّه ملكها رجل
واحد، فهذا تفسير الخلطاء في المواشي من الإِبل والبقر والغنم. وقوله عزّ
وجلّ: وإِن كثيراً من الخلطاء ليَبْغي بعضُهم على بعض إِلا الذين آمنوا
وعملوا الصالحات؛ فالخُلَطاء ههنا الشُّرَكاء الذين لا يَتَمَيَّزُ مِلْكُ
كل واحد من مِلْكِ صاحبه إِلا بالقِسْمة، قال: ويكون الخلطاء أَيضاً أَن
يخلطوا العين المتميز بالعين المتميز كما فسر الشافعي، ويكونون مجتمعين
كالحِلَّةِ يكون فيها عشرة أَبيات، لصاحب كل بيت ماشيةٌ على حدة، فيجمعون
مواشِيَهم على راعٍ واحد يرعاها معاً ويَسْقِيها معاً، وكلّ واحد منهم
يعرف ماله بسِمَته ونِجارِه. ابن الأَثير: وفي حديث الزكاة أَيضاً: لا
خِلاطَ ولا وِراطَ؛ الخِلاطُ: مصدر خالَطه يُخالِطُه مُخالَطةً وخِلاطاً،
والمراد أَن يَخْلِطَ رجل إِبله بإِبل غيره أَو بقره أَو غنمه ليمنع حق
اللّه تعالى منها ويَبْخَسَ المُصَدِّقَ فيما يجب له، وهو معنى قوله في
الحديث الآخر: لا يُجْمَعُ بين متفرِّقٍ ولا يُفَرَّقُ بين مُجتمع خشيةَ
الصدقة، أَما الجمع بين المتفرِّق فهو الخِلاط، وذلك أَن يكون ثلاثة نفر مثلاً
لكل واحد أَربعون شاة، فقد وجب على كل واحد منهم شاةٌ، فإِذا أَظَلَّهم
المُصَدِّقُ جمعوها لئلا يكون عليهم فيها إِلا شاةٌ واحدة، وأَما تفريقُ
المجتمع فأَن يكون اثنان شريكان ولكل واحد منهما مائة شاةٍ وشاةٌ فيكون
عليهما في مالهما ثلاث شياه، فإِذا أَظَلَّهما المصدِّق فرَّقا غنمهما فلم
يكن على كل واحد إِلا شاة واحدة، قال الشافعي: الخطابُ في هذا للمُصدّقِ
ولربِّ المال، قال: فالخَشْيَةُ خَشْيَتانِ: خَشْيةُ السّاعي أَن تقلّ
الصدقةُ، وخشْيةُ ربِّ المال أَن يقلَّ مالُه، فأُمر كلّ واحد منهما أَن
لا يُحْدِثَ في المال شيئاً من الجمع والتفريق؛ قال: هذا على مذهب الشافعي
إِذ الخُلْطةُ مؤثِّرة عنده، وأَما أَبو حنيفة فلا أَثر لها عنده، ويكون
معنى الحديث نفي الخِلاطِ لنفي الأَثر كأَنه يقول لا أَثر للخُلْطةِ في
تقليل الزكاة وتكثيرها. وفي حديث الزكاة أَيضاً: وما كان من خَليطَيْنِ
فإِنهما يَتراجَعانِ بينهما. بالسويَّةِ؛ الخَلِيطُ: المُخالِط ويريد به
الشريك الذي يَخْلِط ماله بمال شريكه، والتراجع بينهما هو أَن يكون
لأَحدهما مثلاً أَربعون بقرة وللآخر ثلاثون بقرة ومالهما مختلط، فيأْخذ الساعي
عن الأَربعين مُسِنّةً وعن الثلاثين تَبِيعاً، فيرجع باذِلُ المسنَّةِ
بثلاثة أَسْباعها على شريكه، وباذل التَّبيعِ بأَربعة أَسْباعه على شريكه
لأَن كل واحد من السنَّين واجب على الشيوع، كأَنَّ المال ملك واحد، وفي
قوله بالسوية دليل على أَن الساعيَ إِذا ظلم أَحدهما فأَخذ منه زيادة على
فرضه فإِنه لا يرجع بها على شريكه، وإِنما يَضْمَنُ له قِيمةَ ما يَخُصُّه
من الواجب دون الزيادة، وفي التراجع دليل على أَن الخُلطة تصح مع تمييز
أَعْيان الأَموال عند من يقول به، والذي فسره ابن سيده في الخلاط أَن
يكون بين الخليطين مائة وعشرون شاة، لأَحدهما ثمانون وللآخر أَربعون، فإِذا
أَخذ المُصَدِّقُ منها شاتين ردّ صاحبُ الثمانين على ربّ الأَربعين ثلثَ
شاة، فيكون عليه شاةٌ وثلث، وعلى الآخر ثلثا شاة، وإِن أَخذ المُصَدّق من
العشرين والمائة شاةً، واحدة ردّ صاحبُ الثمانين على ربّ الأَربعين ثلث
شاة، فيكون عليه ثلثا شاة وعلى الآخر ثلثُ شاة، قال: والوِراطُ الخديعةُ
والغِشُّ. ابن سيده: رجل مِخْلَطٌ مِزْيَلٌ، بكسر الميم فيهما، يُخالِطُ
الأُمور ويُزايِلُها كما يقال فاتِقٌ راتِقٌ، ومِخْلاطٌ كمِخْلطٍ؛ أَنشد
ثعلب:
يُلِحْنَ مِن ذِي دَأَبٍ شِرواطِ،
صاتِ الحُداء شَظِفٍ مِخْلاطِ
وخلَط القومَ خَلْطاً وخالَطَهم: داخَلهم. وخَليطُ الرجل: مُخالطُه.
وخَلِيطُ القوم: مُخالطهم كالنَّديم المنادِمِ، والجَلِيسِ المُجالِسِ؛
وقيل: لا يكون إِلا في الشركة. وقوله في التنزيل: وإِنّ كثيراً من الخُلَطاء؛
هو واحد وجمع. قال ابن سيده: وقد يكون الخَليطُ جمعاً. والخُلْطةُ،
بالضم: الشِّرْكة. والخِلْطةُ، بالكسر: العِشْرةُ. والخَلِيطُ: القوم الذين
أَمْرُهم واحد، والجمعُ خُلَطاء وخُلُطٌ؛ قال الشاعر:
بانَ الخَلِيطُ بسُحْرةٍ فتَبَدَّدُوا
وقال الشاعر:
إِنَّ الخَلِيطَ أَجَدُّوا البَيْنَ فانْصَرَمُوا
قال ابن بري صوابه:
إِنَّ الخَلِيطَ أَجَدُّوا البَيْنَ فانْجَرَدُوا،
وأَخْلَفُوك عِدَى الأَمْرِ الذي وَعَدُوا
ويروى: فانْفَرَدُوا؛ وأَنشد ابن بري هذا المعنى لجماعة من شعراء العرب؛
قال بسَّامَةُ بن الغَدِير:
إِنّ الخَلِيطَ أَجَدُّوا البين فابْتَكَرُوا
لِنِيَّة، ثم ما عادُوا ولا انْتَظَرُوا
وقال ابن مَيّادةَ:
إِن الخليط أَجدُّوا البين فانْدَفَعُوا،
وما رَبُوا قَدَرَ الأَمْرِ الذي صَنَعُوا
وقال نَهْشَلُ بن حَرِّيّ:
إِن الخليط أَجدوا البين فابتكروا،
واهْتاجَ شَوْقَكَ أَحْداجٌ لها زُمَر
وقال الحسين بن مُطَيْرٍ:
إِن الخليط أَجدوا البين فادّلَجُوا،
بانُوا ولم ينْظرُوني، إِنهم لَحِجُوا
وقال ابن الرَّقاعِ:
إِن الخليط أَجدوا البين فانْقَذَفُوا،
وأَمْتَعُوكَ بشَوْقٍ أَيّةَ انْصَرَفُوا
وقال عمر بن أَبي ربيعة:
إِنَّ الخليط أَجدّ البين فاحْتَمَلا
وقال جرير:
إِنّ الخَلِيطَ أَجدُّوا البين يومَ غَدَوْا
مِنْ دارةِ الجأْبِ، إِذ أَحْداجُهم زُمَرُ
وقال نُصَيْبُ:
إِن الخليط أَجدّوا البين فاحْتَمَلُوا
وقال وَعْلةُ الجَرْمِيُّ في جمعه على خُلُطٍ:
سائلْ مُجاوِرَ جَرْمٍ: هَلْ جَنَيْتَ لهُمْ
حَرْباً، تُفَرِّقُ بين الجِيرةِ الخُلُطِ؟
وإِنما كثر ذلك في أَشعارهم لأَنهم كانوا يَنْتَجِعُونَ أَيام الكَلإِ
فتجتمع منهم قبائل شتى في مكان واجد، فتقع بينهم أُلْفَةٌ، فإِذا
افْتَرَقوا ورجعوا إِلى أَوطانهم ساءَهم ذلك. قال أَبو حنيفة: يلقى الرجلُ الرجلَ
الذي قد أَورد إِبله فأَعْجَلَ الرُّطْبَ ولو شاءَ لأَخَّرَه، فيقول:
لقد فارَقْتَ خَليطاً لا تَلْقى مثلَه أَبداً يعني الجَزَّ. والخَلِيطُ:
الزوجُ وابن العم.
والخَلِطُ: المُخْتَلِطُ
(* قوله «والخلط المختلط» في القاموس: والخلط
بالفتح وككتف وعنق المختلط بالناس المتملق اليهم.) بالناس المُتَحَبِّبُ،
يكون للذي يَتَمَلَّقُهم ويتحَبَّبُ إِليهم، ويكون للذي يُلْقي نساءَه
ومتاعَه بين الناس، والأُنثى خَلِطةٌ، وحكى سيبويه خُلُط، بضم اللام، وفسره
السيرافي مثل ذلك. وحكى ابن الأَعرابي: رجل خِلْطٌ في معنى خَلِطٍ؛
وأَنشد:
وأَنتَ امرُؤٌ خِلْطٌ، إِذا هي أَرْسَلتْ
يَمينُكَ شيئاً، أَمْسَكَتْهُ شِمالُكا
يقول: أَنت امرؤ مُتَمَلِّقٌ بالمَقال ضنينٌ بالنَّوال، ويمينُك بدل من
قوله هي، وإِن شئت جعلت هي كنايةً عن القِصّة ورفَعْت يمينك بأَرسلت،
والعرب تقول: أَخْلَطُ من الحمَّى؛ يريدون أَنها متحببة إِليه مُتَمَلِّقة
بورُودها إِياه واعْتيادِها له كما يفعل المُحِبُّ المَلِقُ. قال أَبو
عبيدة: تنازعَ العجاجُ وحُمَيْدٌ الأَرْقَطُ أُرْجُوزَتين على الطاء، فقال
حميد: الخِلاطَ يا أَبا الشعْثاء، فقال العجاج: الفجاجُ أَوْسَعُ من ذلك
يا ابن أَخي أَي لا تَخْلِطْ أُرْجُوزَتي بأُرْجُوزَتِكَ.
واخْتَلَطَ فلان أَي فسد عقله. ورجل خِلْطٌ بَيِّنُ الخَلاطةِ: أَحْمَقُ
مُخالَطُ العقْل، عن أَبي العَمَيْثَلِ الأَعرابي. وقد خُولِطَ في
عَقْلِه خِلاطاً واخْتَلَطَ، ويقال: خُولِط الرجلُ فهو مُخالَطٌ، واخْتَلَطَ
عقلُه فهو مُخْتَلِط إِذا تغير عقلُه. والخِلاطُ: مخالطةُ الداءِ الجوفَ.
وفي حديث الوَسْوَسةِ: ورجَعَ الشيطانُ يَلْتمس الخِلاطَ أَي يخالِط
قَلْبَ المصلي بالوَسْوَسةِ، وفي الحديث يَصِف الأَبرار: فظنَّ الناس أَن قد
خُولِطُوا وما خُولِطُوا ولكن خالط قلْبَهم هَمٌّ عَظيمٌ، من قولهم خُولط
فلان في عقله مُخالَطة إِذا اختلَّ عقله. وخالَطه الداءُ خِلاطاً:
خامره. وخالط الذئبُ الغَنَمَ خِلاطاً: وقَع فيها. الليث: الخِلاطُ مخالطةُ
الذئبِ الغَنَم؛ وأَنشد:
يَضْمَنُ أَهل الشاءِ في الخِلاطِ
والخِلاط: مخالَطة الرجلُ أَهلَه. وفي حديث عَبِيدةَ: وسُئل ما يُوجِبُ
الغُسْلَ؟ قال: الخَفْقُ والخِلاطُ أَي الجِماعُ من المخالطة. وفي خطبة
الحجاج: ليس أَوانَ يَكْثُر الخِلاط، يعني السِّفادَ، وخالَط الرجلُ
امرأَتَه خِلاطاً: جامَعها، وكذلك مخالَطةُ الجملِ الناقةَ إِذا خالَط ثِيلُه
حَياءَها. واسْتخلط البعير أَي قَعا. وأَخلط الفحْلُ: خالط الأُنثى.
وأَخلطه صاحبه وأَخلط له؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي، إِذا أَخطأَ فسدَّده
وجعل قضيبه في الحَياء. واسْتَخْلَطَ هو: فعل ذلك من تلقاء نفسه. ابن
الأَعرابي: الخِلاطُ أَن يأْتي الرجلُ إِلى مُراحِ آخر فيأْخذَ منه جمَلاً
فيُنزِيَه على ناقته سِرّاً من صاحِبه، قال: والخِلاط أَيضاً أَن لا يُحْسن
الجملُ القَعْو على طَرُوقَتِه فيأْخذَ الرجلُ قَضِيبَه فيُولجه. قال
أَبو زيد: إِذا قَعا الفحلُ على الناقةِ فلم يَسْتَرْشِدْ لحَيائها حتى
يُدخله الراعي أَو غيرُه قيل: قد أَخْلطه إِخْلاطاً وأَلْطَفَه إِلْطافاً،
فهو يُخْلِطُه ويُلْطِفُه، فإِن فعل الجمل ذلك من تلقاء نفسه قيل: قد
اسْتَخْلَطَ هو واسْتَلْطَفَ. ابن شميل: جمل مُختلِط وناقة مختلطة إِذا سَمِنا
حتى اختلَط الشحم باللحم. ابن الأَعرابي: الخُلُط المَوالي، والخُلَطاء
الشركاء، والخُلُطُ جِيران الصَّفا، والخَلِيط الصاحِبُ، والخَلِيطُ
الجار يكون واحداً وجمعاً؛ ومنه قول جرير:
بانَ الخَلِيطُ ولو طُووِعتُ ما بانا
فهذا واحد والجمع قد تقدم الاستشهاد عليه. والأَخْلاطُ: الجماعة من
الناس. والخِلْطُ والخِلِطُ من السِّهام: السهم الذي ينبُت عُودُه على عَوَج
فلا يزال يتعوَّج وإِن قُوِّم، وكذلك القوسُ، قال المتنخل الهذلي:
وصفراءُ البُرايةِ غَيْر خِلْطٍ،
كوَقْفِ العاجِ عاتِكة اللياطِ
وقد فُسِّر به البيتُ الذي أَنشده ابن الأَعرابي:
وأَنتَ امرؤٌ خِلْطٌ إِذا هي أَرسلت
قال: وأَنت امرؤ خِلْط أَي أَنك لا تستقيم أَبداً وإِنما أَنت كالقِدْح
الذي لا يزال يَتعوَّج وإِن قُوِّم، والأَوّل أَجود. والخِلْط: الأَحمق،
والجمع أَخْلاط؛ وقوله أَنشده ثعلب:
فلمّا دخَلْنا أَمْكَنَتْ من عِنانِها،
وأَمْسَكْتُ من بعض الخِلاطِ عِناني
فسره فقال: تكلَمت بالرفَثِ وأَمسكْتُ نفسي عنها فكأَنه ذهب بالخلاط
إِلى الرفَثِ. الأَصمعي: المِلْطُ الذي لا يُعْرَفُ له نسب ولا أَب،
والخِلْطُ يقال فلان خِلْطٌ فيه قولان، أَحدُهما المُخَتَلِطُ النسَبِ؛ ويقال هو
والد الزِّنا في قول الأَعْشَى:
أَتاني ما يقولُ ليَ ابنُ بَظْرا،
أَقَيْسٌ، يا ابنَ ثَعْلبة الصَّباحِ،
لِعَبْدانَ ابنُ عاهِرَةٍ، وخِلْطٌ
رَجوفُ الأَصلِ مَدْخولُ النَّواحي؟
أَراد أَقَيْسٌ لِعَبْدانَ ابنُ عاهِرَةٍ، هَجا بهذا جِهنّاماً أَحد بني
عَبْدانَ. واهْتَلَبَ السيفَ من غِمْده وامْتَرَقه واعْتَقَّه
واخْتَلَطَه إِذا اسْتَلَّه؛ قال الجرجاني: الأَصل اخْتَرَطَه وكأَنَّ اللامَ
مبدلة منه، قال: وفيه نظر.
سكندر: رأَيت في مسودّات كتابي هذا هذه الترجمة ولم أَدر من أَي جهة
نقلتها: كان الإِسْكَنْدَرُ والفَرَما أَخوين وهما ولدا فيلبس اليوناني،
فقال: الإِسكندر: أَبني مدينة فقيرة إِلى الله عز وجل غنية عن الناس، وقال
الفرما: أَبني مدينة فقيرة إِلى الناس غنية عن الله تعالى، فسلط الله على
مدينة الفرما الخراب سريعاً فذهب رسمها وعفا أَثرها، وبقيت مدينة
الإِسكندر إِلى الآن.