عن اللاتينية بمعنى عذراء وبكر وعفاف وطهر.
عن اللاتينية بمعنى عذراء وبكر وعفاف وطهر.
بسط: في أَسماء اللّه تعالى: الباسطُ، هو الذي يَبْسُطُ الرزق لعباده
ويوسّعه عليهم بجُوده ورحمته ويبسُط الأَرواح في الأَجساد عند الحياة.
والبَسْطُ: نقيض القَبْضِ، بسَطَه يبسُطه بَسْطاً فانبسَط وبَسَّطَه
فتبَسَّط؛ قال بعض الأَغفال:
إِذا الصَّحيحُ غَلَّ كَفّاً غَلاّ،
بَسَّطَ كَفَّيْهِ مَعاً وبَلاّ
وبسَط الشيءَ: نشره، وبالصاد أَيضاً. وبَسْطُ العُذْرِ: قَبوله. وانبسَط
الشيءُ على الأَرض، والبَسِيطُ من الأَرض: كالبِساطِ من الثياب، والجمع
البُسُطُ. والبِساطُ: ما بُسِط. وأَرض بَساطٌ وبَسِيطةٌ: مُنْبَسطة
مستويَة؛ قال ذو الرمة:
ودَوٍّ ككَفِّ المُشْتَرِي، غيرَ أَنه
بَساطٌ لأَخْفافِ المَراسِيل واسِعُ
وقال آخر:
ولو كان في الأَرضِ البَسيطةِ منهمُ
لِمُخْتَبِطٍ عافٍ، لَما عُرِفَ الفَقْرُ
وقيل: البَسِيطةُ الأَرض اسم لها. أَبو عبيد وغيره: البَساطُ والبَسيطة
الأَرض العَريضة الواسعة. وتبَسَّط في البلاد أَي سار فيها طولاً
وعَرْضاً. ويقال: مكان بَساط وبسِيط؛ قال العُدَيْلُ بن الفَرْخِ:
ودُونَ يَدِ الحَجّاجِ من أَنْ تَنالَني
بَساطٌ لأَيْدِي الناعجات عَرِيضُ
قال وقال غير واحد من العرب: بيننا وبين الماء مِيلٌ بَساطٌ أَي مِيلٌ
مَتَّاحٌ. وقال الفرّاء: أَرض بَساطٌ وبِساط مستوية لا نَبَل فيها. ابن
الأَعرابي: التبسُّطُ التنزُّه. يقال: خرج يتبسَّطُ مأْخوذ من البَساط، وهي
الأَرضُ ذاتُ الرَّياحين. ابن السكيت: فرَشَ لي فلان فِراشاً لا
يَبْسُطُني إِذا ضاقَ عنك، وهذا فِراشٌ يبسُطني إِذا كان سابِغاً، وهذا فراش
يبسُطك إِذا كان واسعاً، وهذا بِساطٌ يبسُطك أَي يَسَعُك. والبِساطُ: ورقُ
السَّمُرِ يُبْسَطُ له ثوب ثم يضرب فيَنْحَتُّ عليه. ورجل بَسِيطٌ:
مُنْبَسِطٌ بلسانه، وقد بسُط بساطةً. الليث: البَسِيطُ الرجل المُنْبَسِط
اللسان، والمرأَة بَسِيطٌ. ورجل بَسِيطُ اليدين: مُنْبَسِطٌ بالمعروف،
وبَسِيطُ الوجهِ: مُتَهَلِّلٌ، وجمعها بُسُطٌ؛ قال الشاعر:
في فِتْيةٍ بُسُطِ الأَكُفِّ مَسامِحٍ،
عند الفِصالِ، قدِيمُهم لم يَدْثُرِ
ويد بِسْطٌ أَي مُطْلَقةٌ. وروي عن الحكم قال في قراءة عبد اللّه: بل
يداه بِسْطانِ، قال ابن الأَنباري: معنى بِسْطانِ مَبْسُوطَتانِ. وروي عن
عروة أَنه قال: مكتوب في الحِكمة: ليكن وجْهُك بِسْطاً تكن أَحَبّ إِلى
الناسِ ممن يُعْطِيهم العَطاء أَي مُتبسِّطاً منطلقاً. قال: وبِسْطٌ
وبُسْطٌ بمعنى مبسوطَتَين. والانْبِساطُ: ترك الاحْتِشام. ويقال: بسَطْتُ من
فلان فانبسَط، قال: والأَشبه في قوله بل يداه بُسْطان
(* قوله «بل يداه
بسطان» سبق انها بالكسر، وفي القاموس: وقرئ بل يداه بسطان بالكسر والضم.) ،
أَن تكون الباء مفتوحة حملاً على باقي الصفات كالرحْمن والغَضْبان،
فأَما بالضم ففي المصادر كالغُفْرانِ والرُّضْوان، وقال الزمخشري: يدا اللّه
بُسْطانِ، تثنيةُ بُسُطٍ مثل رَوْضة أُنُفٍ ثم يخفف فيقال بُسْطٌ كأُذُنٍ
وأُذْنٍ. وفي قراءة عبد اللّه: بل يداه بُسْطانِ، جُعل بَسْطُ اليدِ
كنايةً عن الجُود وتمثيلاً، ولا يد ثم ولا بَسْطَ تعالى اللّه وتقدس عن ذلك.
وإِنه ليَبْسُطُني ما بسَطَك ويَقْبِضُني ما قبَضَك أَي يَسُرُّني ما
سَرَّك ويسُوءُني ما ساءك. وفي حديث فاطمة، رِضْوانُ اللّه عليها: يبسُطُني
ما يبسُطُها أَي يسُرُّني ما يسُرُّها لأَن الإِنسان إِذا سُرَّ انبسط
وجهُه واستَبْشر. وفي الحديث: لا تَبْسُطْ ذِراعَيْكَ انْبِساطَ الكلب أَي
لا تَفْرُشْهما على الأَرض في الصلاة. والانْبِساطُ: مصدر انبسط لا
بَسَطَ فحمَله عليه.
والبَسِيط: جِنْس من العَرُوضِ سمي به لانْبِساط أَسبابه؛ قال أَبو
إِسحق: انبسطت فيه الأَسباب فصار أَوّله مستفعلن فيه سببان متصلان في
أَوّله.وبسط فلان يده بما يحب ويكره، وبسَط إِليَّ يده بما أُحِبّ وأَكره،
وبسطُها مَدُّها، وفي التنزيل العزيز: لئن بسطْتَ إِليَّ يدك لتقتلني. وأُذن
بَسْطاء: عريضة عَظيمة. وانبسط النهار وغيره: امتدّ وطال. وفي الحديث في
وصف الغَيْثِ: فوقع بَسِيطاً مُتدارِكاً أَي انبسط في الأَرض واتسع،
والمُتدارِك المتتابع.
والبَسْطةُ: الفضيلة. وفي التنزيل العزيز قال: إِنَّ اللّه اصطفاه عليكم
وزاده بَسْطةً في العلم والجسم، وقرئ: بَصْطةً؛ قال الزجاج: أَعلمهم
أَن اللّه اصطفاه عليهم وزاده بسطة في العلم والجسم فأَعْلَمَ أَن العلم
الذي به يجب أَن يقَع الاخْتيارُ لا المالَ، وأَعلم أَن الزيادة في الجسم
مما يَهيبُ
(* قوله «يهيب» من باب ضرب لغة في يهابه كما في المصباح.)
العَدُوُّ. والبَسْطةُ: الزيادة. والبَصْطةُ، بالصاد: لغة في البَسْطة.
والبَسْطةُ: السِّعةُ، وفلان بَسِيطُ الجِسْمِ والباع. وامرأَة بَسْطةٌ:
حسَنةُ الجسمِ سَهْلَتُه، وظَبْية بَسْطةٌ كذلك.
والبِسْطُ والبُسْطُ: الناقةُ المُخَلاَّةُ على أَولادِها المتروكةُ
معها لا تمنع منها، والجمع أَبْساط وبُساطٌ؛ الأَخيرة من الجمع العزيز، وحكى
ابن الأَعرابي في جمعها بُسْطٌ؛ وأَنشد للمَرّار:
مَتابِيعُ بُسْطٌ مُتْئِماتٌ رَواجِعٌ،
كما رَجَعَت في لَيْلِها أُمُّ حائلِ
وقيل: البُسْطُ هنا المُنْبَسطةُ على أَولادها لا تنقبضُ عنها؛ قال ابن
سيده: وليس هذا بقويّ؛ ورواجعُ: مُرْجِعةٌ على أَولادها وتَرْبَع عليها
وتنزع إِليها كأَنه توهّم طرح الزائد ولو أَتم لقال مَراجِعُ. ومتئمات:
معها حُوارٌ وابن مَخاض كأَنها ولدت اثنين اثنين من كثرة نَسْلها. وروي عن
النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، أَنه كتب لوفْد كَلْب، وقيل لوفد بني
عُلَيْمٍ، كتاباً فيه: عليهم في الهَمُولةِ الرَّاعِيةِ البِساطِ الظُّؤارِ
في كل خمسين من الإِبل ناقةٌ غيرُ ذاتِ عَوارٍ؛ البساط، يروى بالفتح والضم
والكسر، والهَمُولةُ: الإِبل الراعِيةُ، والحَمُولةُ: التي يُحْمل
عليها. والبِساطُ: جمع بِسْط، وهي الناقة التي تركت وولدَها لا يُمْنَعُ منها
ولا تعطف على غيره، وهي عند العرب بِسْط وبَسُوطٌ، وجمع بِسْط بِساطٌ،
وجمع بَسُوط بُسُطٌ، هكذا سمع من العرب؛ وقال أَبو النجم:
يَدْفَعُ عنها الجُوعَ كلَّ مَدْفَعِ
خَمسون بُسْطاً في خَلايا أَرْبَعِ
البساط، بالفتح والكسر والضم، وقال الأَزهري: هو بالكسر جمع بِسْطٍ،
وبِسْطٌ بمعنى مَبْسوطة كالطِّحن والقِطْفِ أَي بُسِطَتْ على أَولادها،
وبالضم جمع بِسْطٍ كظِئْرٍ وظُؤار، وكذلك قال الجوهري؛ فأَما بالفتح فهو
الأَرض الواسعة، فإِن صحت الرواية فيكون المعنى في الهمولة التي ترعى الأَرض
الواسعة، وحينئذ تكون الطاء منصوبة على المفعول، والظُّؤار: جمع ظئر وهي
التي تُرْضِع. وقد أُبْسِطَت أَي تُركت مع ولدها. قال أَبو منصور:
بَسُوطٌ فَعُول بمعنى مَفْعولٍ كما يقال حَلُوبٌ ورَكُوبٌ للتي تُحْلَبُ
وتُرْكَب، وبِسْطٌ بمعنى مَبْسوطة كالطِّحْن بمعنى المَطْحون، والقِطْفِ بمعنى
المَقْطُوفِ.
وعَقَبة باسِطةٌ: بينها وبين الماء ليلتان، قال ابن السكيت: سِرْنا
عَقبةً جواداً وعقبةً باسِطةً وعقبة حَجُوناً أَي بعيدة طويلة. وقال أَبو
زيد: حفر الرجل قامةً باسِطةً إِذا حفَرَ مَدَى قامتِه ومدَّ يَدِه. وقال
غيره: الباسُوطُ من الأَقْتابِ ضدّ المَفْروق. ويقال أَيضاً: قَتَبٌ
مَبسوطٌ، والجمع مَباسِيطُ كما يُجمع المَفْرُوقُ مفارِيقَ. وماء باسِطٌ: بعيد
من الكلإِ، وهو دون المُطْلِب.
وبُسَيْطةُ: اسم موضع، وكذلك بُسَيِّطةُ؛ قال:
ما أَنْتِ يا بُسَيِّطَ التي التي
أَنْذَرَنِيكِ في المَقِيلِ صُحْبَتي
قال ابن سيده: أَراد يا بُسَيِّطةُ فرخَّم على لغة من قال يا حارِ، ولو
أَراد لغة من قال يا حارُ لقال يا بُسَيِّطُ، لكن الشاعر اختار الترخيم
على لغة من قال يا حارِ، ليعلم أَنه أَراد يا بسيطةُ، ولو قال يا
بُسَيِّطُ لجاز أَن يُظن أَنه بلد يسمى بَسيطاً غير مصغّر، فاحتاج إِليه فحقّره
وأَن يظن أَن اسم هذا المكان بُسَيّط، فأَزال اللبس بالترخيم على لغة من
قال يا حارِ، فالكسر أَشْيَعُ وأَذْيَع. ابن بري: بُسَيْطةُ اسم موضع ربما
سلكه الحُجّاج إِلى بيت اللّه ولا تدخله الأَلف واللام. والبَسِيطةُ
(*
قوله «والبسيطة إلخ» ضبطه ياقوت بفتح الياء وكسر السين.) ، وهو غير هذا
الموضع: بين الكوفة ومكة؛ قال ابن بري: وقول الراجز:
إِنَّكِ يا بسيطةُ التي التي
أَنْذَرَنِيكِ في الطَّريقِ إِخْوتي
قال: يحتمل الموضعين.
قرط: القُرْطُ: الشَّنْف، وقيل: الشَّنْفُ في أَعْلى الأُذن والقُرْط في
أَسفلها، وقيل: القُرْط الذي يعلَّق في شحمة الأُذن، والجمع أَقْراط
وقِراط وقُروط وقِرَطة. وفي الحديث: ما يمنع إِحْداكنَّ أَن تصنَع قُرْطين
من فضة؛ القُرْطُ: نوع من حُلِيِّ الأُذُن معروف؛ وقَرَّطْت الجارية
فتقَرَّطتْ هي؛ قال الراجز يخاطب امرأَته:
قَرَّطكِ اللّه، على العَيْنَينِ،
عَقَارِباً سُوداً وأَرْقَمَيْنِ
وجارية مُقَرَّطة: ذات قُرْط. ويقال للدُّرّة تعلَّق في الأُذُن قُرْط،
وللتُّومة من الفضة قُرْط، وللمَعاليق من الذهب قُرْط، والجمع في ذلك كله
القِرَطة. والقُرْط: الثُّرَيّا. وقُرْطا النَّصْل: أُذُناه.
والقَرَط: شِية
(* قوله «والقرط شية» كذا بالأصل.) حسَنة في المعزى، وهو
أَن يكون لها زَنَمَتان معلَّقتان من أُذنيها، فهي قَرْطاء، والذكر
أَقْرَط مُقَرَّط، ويستحب في التيس لأَنه يكون مِئناثاً. قال ابن سيده:
والقُرَطة والقِرَطة أَن يكون للمعزى أَو التَّيْس زَنَمَتان معلَّقتان من
أُذنيه، وقد قَرِطَ قَرَطاً، وهو أَقْرَط.
وقَرَّط فَرَسه اللِّجام: مَدَّ يدَه بعِنانه فجعله على قَذاله، وقيل:
إِذا وضع اللِّجام وراء أُذنيه. ويقال: قَرَّط فَرَسه إِذا طرح اللِّجام
في رأْسه. وفي حديث النعمان بن مقرّن: أَنه أَوصى أَصحابه يومَ نِهاوَنْد
فقال: إِذا هزَزْت اللواءَ فَلْتَثِب الرجال إِلى خيولها فيُقَرِّطوها
أَعِنّتها، كأَنه أَمرَهم بإِلجامها. قال ابن دريد: تَقْرِيط الفرس له
موضعان: أَحدهما طَرْحُ اللجام في رأْس الفرس، والثاني إِذا مدَّ الفارس يده
حتى جعلها على قَذال فرسِه وهي تُحْضِر؛ قال ابن بري وعليه قول المتنبي:
فقَرِّطْها الأَعِنَّةَ راجعاتٍ
وقيل: تَقْرِيطُها حَمْلُها على أَشدّ الخُضْر، وذلك أَنه إِذا اشتدَّ
حُضْرها امتدَّ العِنان على أُذُنها فصار كالقُرْط. وقَرَط الكُرّاثَ
وقَرَّطه: قطَّعه في القِدْرِ، وجعل ابن جِني القُرْطُم ثلاثيّاً، وقال:
سُمِّي بذلك لأَنه يُقَرَّط. وقَرَّطَ عليه: أَعطاه قليلاً. والقُرْط:
الصَّرْع؛ عن كراع. وقال ابن دريد: القِرْطي الصَّرْع على القَفا، والقُرْط
شُعْلة النار، والقِرط شُعْلة السِّراج. وقَرَّط السراجَ إِذا نزع منه ما
احترق ليُضيء. والقُراطة: ما يُقطع من أَنف السراج إِذا عشى، والقُراطة ما
احترق من طَرف الفَتيلة، وقيل: بل القُراطة المصباح نفسه؛ قال ساعدة
الهذلي:
سَبَقْتُ بها مَعابِلَ مُرْهَفات
مُسالاتِ الأَغِرَّةِ كالقِراطِ
(* قوله «سبقت» كذا بالأصل، والذي في شرح القاموس: شنفت. قال ويروى
قرنت، ونسبه عن الصاغاني للمتنخل الهذلي يصف قوساً.)
مُسالات: جمع مُسالة، والأَغِرَّة: جمع الغِرار، وهو الحدّ، والجمع
أَقْرِطة. ابن الأَعرابي: القِراط السراج وهو الهِزْلقِ.
والقِرَّاط والقِيراط من الوزن: معروف، وهو نصف دانِق، وأَصله قِرّاط
بالتشديد لأَن جمعه قَراريط فأُبدل من إِحدى حرفي تضعيفه ياء على ما ذكر في
دينار كما قالوا ديباج وجمعوه دَبابيج، وأَما القيراط الذي في حديث ابن
عمر وأَبي هريرة في تَشْييع الجنازة فقد جاء تفسيره فيه أَنه مثل جبل
أُحُد، قال ابن دريرد: أَصل القيراط من قولهم قَرَّط عليه إِذا أَعطاه
قليلاً قليلاً. وفي حديث أَبي ذَرّ: ستفتحون أَرضاً يذكر فيها القيراط
فاستوصوا بأَهلها خيراً فإِن لهم ذِمّة ورَحِماً؛ القيراط جُزء من أَجزاء
الدينار وهو نصف عُشره في أَكثر البلاد، وأَهل الشام يجعلونه جزءاً من أَربعة
وعشرين، والياء فيه بدل من الراء وأَصله قِرّاط، وأَراد بالأَرض
المُستفتحة مِصر، صانها اللّه تعالى، وخصها بالذكر وإِن كان القيراط مذكوراً في
غيرها لأَنه كان يغلِب على أَهلها أَن يقولوا: أَعطيت فلاناً قَراريط إِذا
أَسمعه ما يَكْرهه، واذهَبْ لا أُعطيك قَراريطك أَي أَسُبُّك وأُسْمِعك
المكروه، قال: ولا يوجد ذلك في كلام غيرهم، ومعنى قوله فإِن لهم ذمّة
ورَحِماً أَنَّ هاجَرَ أُم إسمعيل، عليهما السلام، كانت قِبْطِيّة من أَهْل
مصر.
والقُرْط: الذي تُعْلَفه الدوابّ وهو شبيه بالرُّطْبة وهو أَجلُّ منها
وأَعظم ورَقاً.
وقُرْط وقُرَيْط وقَرِيط: بطون من بني كلاب يقال لهم القُروط. وقُرط:
اسم رجل من سِنْبِس. وقُرْط: قبيلة من مَهْرة بن حَيْدان. والقَرطِيّة
والقُرْطِيّة: ضرْب من الإِبل ينسب إِليها؛ قال:
قال ليَ القُرْطِيُّ قَوْلاً أَفهَمُهْ،
إِذ عَضَّه مَضْروسُ قِدٍّ يأْلَمُهْ
كنس: الكَنْسُ: كَسْحُ القُمام عن وجه الأَرض. كَنَسَ الموضع يَكْنُسُه،
بالضم، كَنْساً: كَسَح القُمامَة عنه. والمِكْنَسَة: ما كُنِس به،
والجمع مَكانِس. والكُناسَة: ما كُنِسَ. قال اللحياني: كُناسَة البيت ما
كُسِحَ منه من التراب فأُلقي بعضه على بعض. والكُناسة أَيضا: مُلْقَى
القُمَامِ. وفَرَسٌ مَكْنوسَة: جَرْداء.
والمَكْنِسُ
(* قوله «والمكنس» هكذا في الأصل مضبوطاً بكسر النون،
وهومقتضى قوله بعد البيت وكنست الظباء والبقر تكنس بالكسر، ولكن مقتضى قوله قبل
البيت وهو من ذلك لأنها تكنس الرمل أَن تكون النون مفتوحة وكذا هو مقتضى
قوله جمع مكنس مفعل الآتي في شرح حديث زياد حيث ضبطه بفتح العين.):
مَوْلِجُ الوَحْشِ من الظِّباء والبَقر تَسْتَكِنُّ فيه من الحرِّ، وهو
الكِناسُ، والجمع أَكْنِسَة وكُنْسٌ، وهو من ذلك لأَنها تَكْنُسُ الرمل حتى
تصل إِلى الثَّرَى، وكُنُسَات جمع كطُرُقاتٍ وجُزُرات؛ قال:
إِذا ظُبَيُّ الكُنُساتِ انْغَلاَّ،
تَحْت الإِرانِ، سَلَبَتْه الطَّلاَّ
(* قوله «سلبته الطلا» هكذا في الأصل، وفي شرح القاموس: سلبته الظلا.)
وكَنَسَتِ الظِّباء والبقر تَكْنِسُ، بالكسر، وتَكَنَّسَتْ
واكْتَنَسَتْ: دخلت في الكِناس؛ قال لبيد:
شاقَتُكَ ظُعْنُ الحَيِّ يوم تَحَمَّلُوا،
فَتَكَنَّسُوا قُطْناً تَصِرُّ خِيامُها
أَي دخَلوا هَوادِجَ جُلِّلَتْ بثياب قُطْن. والكَانِسُ: الظبي يدخل في
كِناسِهِ، وهو موضع في الشجر يَكْتَنُّ فيه ويستتر؛ وظِباء كُنَّسٌ
وكُنُوس؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
وإِلا نَعاماً بها خِلْفَةً،
وإِلاَّ ظِباءً كُنُوساً وذِيبَا
وكذلك البقر؛ أَنشد ثعلب:
دارٌ لليلى خَلَقٌ لَبِيسُ،
ليس بها من أَهلِها أَنِيسُ
إِلا اليَعافِيرُ وإِلاَّ العِيسُ،
وبَقَرٌ مُلَمَّعٌ كُنُوسُ
وكَنَسَتِ النجوم تَكْنِسُ كُنُوساً: استمرَّت في مَجاريها ثم انصرفت
راجعة. وفي التنزيل: فلا أُقْسِمُ بالخُنْسِ الجَوارِ الكُنَّسِ؛ قال
الزجاج: الكُنَّسُ النجوم تطلع جارية، وكُنُوسُها أَن تغيب في مغاربها التي
تغِيب فيها، وقيل: الكُنَّسُ الظِّباء. والبقر تَكْنِس أَي تدخل في
كُنُسِها إِذا اشتدَّ الحرُّ، قال: والكُنَّسُ جمع كانِس وكانِسَة. وقال الفراء
في الخُنَّسِ والكُنَّسِ: هي النجوم الخمسة تُخْنُِسُ في مَجْراها
وترجِع، وتَكْنِسُ تَسْتَتِر كما تَكْنِسُ الظِّباء في المَغار، وهو الكِناسُ،
والنجوم الخمسة: بَهْرام وزُحَلُ وعُطارِدٌ والزُّهَرَةُ والمُشْتَرِي،
وقال الليث: هي النجوم التي تَسْتَسِرُّ في مجاريها فتجري وتَكْنِسُ في
مَحاوِيها فَيَتَحَوَّى لكل نجم حَوِيّ يَقِف فيه ويستدِيرُ ثم ينصرف
راجعاً، فكُنُوسُه مُقامُه في حَويِّه، وخُنُوسُه أَن يَخْنِسَ بالنهار فلا
يُرى. الصحاح: الكُنَّسُ الكواكِب لأَنها تَكْنِسُ في المَغيب أَي
تَسْتَسِرُّ، وقيل: هي الخُنَّسُ السَّيَّارة. وفي الحديث: أَنه كان يقرأ في
الصلاة بالجَوارِي الكُنَّسِ؛ الجَوارِي الكواكب، والكُنَّسُ جمع كانِس، وهي
التي تغيب، من كَنَسَ الظَّبْيُ إِذا تغيَّب واستتر في كِناسِه، وهو
الموضع الذي يَأْوِي إِليه. وفي حديث زياد: ثم أَطْرَقُوا وَراءكم في
مَكانِسِ الرِّيَبِ؛ المَكانِسُ: جمع مَكْنَس مَفْعَل من الكِناس، والمعنى
اسْتَترُوا في موضع الرِّيبَة. وفي حديث كعب: أَول من لَبسَ القَباءَ سليمان،
على نبينا وعليه الصلاة والسلام، لأَنه كان إِذا أَدخل رأْسه لِلُبْسِ
الثَّياب كَنَسَتْ الشياطين استهزاء. يقال: كَنَسَ أَنفه إِذا حَرَّكه
مستهزٍئاً؛ ويروى: كنَّصت، بالصاد. يقال: كنَّصَ في وجه فلان إِذا استهزأَ
به. ويقال: فِرْسِنٌ مَكْنُوسَة وهي المَلْساء الجَرْداء من الشعَر. قال
أَبو منصور: الفِرْسِنُ المَكْنُوسَة المَلْساء الباطن تُشَبِّهُها العرب
بالمَرايا لِمَلاسَتِها. وكَنِيسَةُ اليهود وجمعها كَنائِس، وهي معرَّبة
أَصلها كُنِشْتُ. الجوهري: والكنِيسَة للنصارى. ورَمْلُ الكِناس: رمل في
بلاد عبد اللَّه بن كلاب، ويقال له أَيضاً الكِناس؛ حكاه ابن الأَعرابي؛
وأَنشد:
رَمَتْني، وسِتْرُ اللَّه بَيْني وبَيْنها،
عَشِيَّة أَحْجار الكِناس، رَمِيمُ
(* قوله «رميم» هو اسم امرأة كما في شرح القاموس.)
قال: أَراد عشية رَمْل الكِناس فلم يستقم له الوزن فوضع الأَحجار موضع
الرمل.
والكُناسَةُ: اسم موضع بالكوفة. والكُناسَة والكانِسيَّة: موضعان؛ أَنشد
سيبويه:
دارٌ لِمَرْوَةَ إِذْ أَهْلي وأَهْلُهُمُ،
بالكانِسِيَّة تَرْعى اللَّهْوَ والغَزَلا
شرق: شَرَقَت الشمسُ تَشْرُق شُروقاً وشَرْقاً: طلعت، واسم الموضع
المَشْرِق، وكان القياس المَشْرَق ولكنه أحد ما ندر من هذا القبيل. وفي حديث
ابن عباس: نهى عن الصلاة بعد الصبح حتى تشرق الشمس. يقال: شَرَقَت الشمسُ
إذا طلعت، وأشْرَقَت إذا أضاءت، فإن أراد الطلوع فقد جاء في الحديث الآخر
حتى تطلع الشمس، وإن أراد الإضاءة فقد ورد في حديث آخر: حتى ترتفع
الشمس، والإضاءة مع الإرتفاع. وقوله تعالى: يا ليت بيني وبَينَك بُعْدَ
المَشْرِقَيْنِ فبئس القَرِين؛ إنما أَراد بُعْدَ المشرق والمغرب، فلما جُعِلا
اثنين غَلَّب لفظَ المشرق لأنه دالّ على الوجود والمغرب دال على العدم،
والوجودُ لا محالة أشرفُ، كما يقال القمران للشمس والقمر؛ قال:
لنا قَمراها والنجومُ الطَّوالعُ
أَراد الشمس والقمر فغَلّب القمر لشرف التذكير، وكما قالوا سُنَّة
العُمَرين يريدون أَبا بكر وعمر، رضوان الله عليهما، فآثروا الخِفَّة. وأما
قوله تعالى: رَبّ المشرقين وربّ المَغْربَيْن ورب المشارق المغارب، فقد ذكر
في فصل الغين من حرف الباء في ترجمة غرب. والشَّرْق: المَشْرِق، والجمع
أَشراق؛ قال كُثَيِّر عزّة:
إذا ضَرَبُوا يوماً بها الآل، زيَّنُوا
مَساندَ أَشْراقٍ بها ومَغاربا
والتَّشْرِيقُ: الأخذ في ناحية المشرق. يقال: شَتّانَ بَيْن مُشَرِّقٍ
ومُغرِّبٍ. وشَرِّقوا: ذهبوا إلى الشَّرْق أَو أتوا الشرق. وكل ما طلَع من
المشرق فقد شَرَّق، ويستعمل في الشمس والقمر والنجوم.
وفي الحديث: لا تَسْتَقْبلوا القِبْلة ولا تَسْتَدْبروها، ولكن شَرِّقوا
أَو غَرِّبوا؛ هذا أَمر لأَهل المدينة ومن كانت قِبْلته على ذلك
السَّمْتِ ممن هو في جهة الشمال والجنوب، فأما من كانت قبلته في جهة المَشْرِق
أو المغرب فلا يجوز له أَن يُشَرِّق ولا يُغَرِّب إنما يَجْتَنِب
ويَشْتَمِل. وفي الحديث: أناخَتْ بكم الشُّرْق الجُونُ، يعني الفِتَن التي تجيء
من قِبَل جهة المشرق جمع شارِق، ويروى بالفاء، وهو مذكور في موضعه.
والشَّرْقيّ: الموضع الذي تُشْرِق فيه الشمس من الأَرض. وأَشْرَقَت الشمسُ
إشْراقاً: أضاءت وانبسطت على الأَرض، وقيل: شَرَقَت وأَشْرَقت طلعت، وحكى
سيبويه شَرَقت وأَشْرَقَت أَضاءت. وشَرِقَت، بالكسر: دَنَتْ للغروب. وآتِيك
كلَّ شارقٍ أي كلَّ يوم طلعت فيه الشمس، وقيل: الشارِقُ قَرْن الشمس.
يقال: لا آتِيك ما ذَرَّ شارِقٌ. التهذيب: والشمس تسمى شارقاً. يقال: إني
لآتِيه كلَّما ذرَّ شارِقٌ أي كلما طلع الشَّرْقُ، وهو الشمس. وروى ثعلب عن
ابن الأَعرابي قال: الشَّرْق الضوء والشَّرْق الشمس. وروى عمرو عن أَبيه
أَنه قال: الشَّرْق الشمس، بفتح الشين، والشِّرْق الضوء الذي يدخل من
شقّ الباب، ويقال له المِشْرِيق. وأَشْرَقَ وجههُ ولونُه: أَسفَر وأضاء
وتلألأ حُسْناً.
والمَشْرقة: موضع القعود للشمس، وفيه أربع لغات: مَشْرُقة ومَشْرَقة،
بضم الراء وفتحها، وشَرْقة، بفتح الشين وتسكين الراء، ومِشْراق.
وتَشَرَّقْت أي جلست فيه. ابن سيده: والمَشْرَقة والمَشْرُقة والمَشْرِقة الموضع
الذي تَشْرُق عليه الشمس، وخصَّ بعضهم به الشتاء؛ قال:
تُرِيدين الفِراقَ، وأنْتِ منِّي
بِعيشٍ مِثْل مَشْرَقة الشَّمالِ
ويقال: اقعُد في الشَّرْق أَي في الشَّمْسِ، وفي الشَّرْقة والمَشْرَقة
والمَشْرُقة.
والمِشْرِيقُ: المَشْرِقُ، عن السيرافي. ومِشْرِيقُ الباب: مدْخَلُ
الشمس فيه. وفي الحديث: أَنَّ طائراً يقال له القَرْقَفَنَّة يقع على
مِشْرِيق باب مَنْ لا يَغار على أهله فلو رأَى الرجال يدخلون عليها ما غَيَّر؛
قيل في المِشْرِيق: إنه الشق الذي يقع فيه ضِحُّ الشمس عند شروقها؛ وفي
الرواية الأُخرى في حديث وهب: إذا كان الرجل لا ينكرُ عَمَل السوء على
أهله، جاءَ طائر يقال له الفَرْقَفَنَّة فيقع على مِشْرِيق بابه فيمكث أربعين
يوماً، فإن أنكر طار، وإن لم يُنْكر مسح بجناحيه على عينيه فصار
قُنْذُعاً دَيُّوثاً. وفي حديث ابن عباس: في السماء بابٌ للتوبة يقال له
المِشْرِيق وقد رُدَّ فلم يبق إلاّ شَرْقُه أَي الضوءُ الذي يدخل من شقِّ
الباب.ومكان شَرِقٌ ومُشْرِق، وشَرِقَ شَرَقاً وأَشْرَق: أَشْرَقَت عليه الشمس
فأضاء. ويقال: أَشْرَقَت الأَرض إشراقاً إذا أنارت بإشْراق الشمس
وضِحِّها عليها. وفي التنزيل: وأَشْرَقَت الأَرضُ بنور رَبِّها.
والشَّرْقة: الشمس، وقيل: الشَّرَق والشَّرْق، بالفتح. والشَّرِقة
والشارِقُ والشَّرِيق: الشمس، وقيل: الشمس حين تَشرُق. يقال: طلعت الشَّرَق
والشَّرُق، وفي الصحاح: طلع الشَّرْق ولا يقال غرَبت الشَّرْق ولا
الشَّرَق. ابن السكيت: الشَّرَق الشمس، والشَّرْق، بسكون الراء، المكان الذي
تَشْرُق فيه الشمس. يقال: آتيك كل يوم طَلْعَةَ شَرَقِه. وفي الحديث:
كأَنَّهما ظُلَّتان سَوْداونِ بينهما شَرَقٌ؛ الشَّرَقُ: الضوءُ وهو الشمس،
والشَّرْق والشَّرْقة والشَّرَقة موضع الشمس في الشتاء، فأما في الصيف فلا
شَرقة لها، والمَشْرِقُ موقعها في الشتاء على الأَرض بعد طلوعها،
وشَرْقَتُها دَفاؤُها إلى زوالها. ويقال: ما بين المَشْرِقَيْنِ أَي ما بين
المَشْرِق والمغرب.
وأَشْرَق الرجلُ أَي دخل في شروقِ الشمس. وفي التنزيل: فأَخَذَتْهم
الصَّيْحةُ مُشْرِقِينَ؛ أَي مُصْبِحين. وأَشْرَقَ القومُ: دخلوا في وقت
الشروق كما تقول أَفْجَرُوا وأَصْبَحُوا وأَظْهَرُوا، فأما شَرَّقُوا
وغَرَّبوا فسارُوا نحوَ المَشْرِق والمغرب. وفي التنزيل: فأَتْبَعُوهم
مُشْرقينَ، أي لَحِقوهم وقت دخولهم في شروق الشمس وهو طلوعها. يقال: شَرَقَت
الشمسُ إذا طلعت، وأَشْرَقَت أَضاءت على وجه الأَرض وصَفَتْ، وشَرِقْت إذا
غابت.
والمَشْرِقان: مَشْرِقا الصيف والشتاء.
ابن الأَنباري في قولهم في النداء على الباقِلاَّ شَرْقُ الغداة طَرِيّ
قال أَبو بكر: معناه قَطْعُ الغداة أَي ما قُطِع بالغداة والْتُقِط؛ قال
الأَزهري: وهذا في الباقلاَّ الرَّطْب يُجْنَى من شجره. يقال: شَرقَتُ
الثمرةَ إذا قطعتها.
وقال الفراءُ وغيره من أَهل العربية في تفسير قوله تعالى: من شَجَرةِ
مُبارَكة زَيْتونةٍ لا شَرْقِيَّة ولا غَرْبِيَّة؛ يقول هذه الشجرة
ليست مما تطْلع عليها الشمسُ في وقت شُروقِها فقط أَو في وقت غروبها فقط،
ولكنها شَرْقِيَّة غرْبِيَّة تُصِيبها الشمس بالغداة والعشيَّة، فهو
أَنْضَر لها وأَجود لزيتونها وزيتِها، وهو قول أكثر أَهل التفسير؛ وقال الحسن:
لا شَرْقِيَّة ولا غَرْبِيَّة إنها ليست من شجر أَهل الدنيا أَي هي من
شجر أَهل الجنة، قال الأَزهري: والقول الأَول أَولى؛ قال وروى المنذري عن
أَبي الهيثم في قول الحرث بن حِلِّزة:
إنه شارِق الشَّقِيقة، إذ جا
ءَت مَعَدٌّ، لكل حَيٍّ لواء
قال: الشَّقِيقة مكان معلوم، وقوله شارق الشَّقِيقة أَي من جانبها
الشَّرْقي الذي يلي المَشْرِق فقال شارق، والشمس تَشْرُق فيه، هذا مفعول فجعله
فاعلاً. وتقول لِما يلي المَشْرِق من الأَكَمَةِ والجبل: هذا شارِقُ
الجبل وشَرْقِيُّه وهذا غاربُ الجبل وغَربِيُّه؛ وقال العجاج:
والفُتُن الشارق والغَرْبيّ
أَراد الفُتُنَ التي تلي المَشْرِق وهو الشَّرْقيُّ؛ قال الأزهري: وإنما
جاز أَن يفعله شارقاً لأَنه جعله ذا شَرْقٍ كما يقال سِرُّ كاتمٌ ذو
كِتْمان وماء دافِقٌ ذو دَفْقٍ.
وشَرَّقْتُ اللحم: شَبْرَقْته طولاً وشَرَرْته في الشمس ليجِفَّ لأن
لحوم الأَضاحي كانت تُشَرَّق فيها بمنى؛ قال أَبو ذؤيب:
فغدا يُشَرِّقُ مَتْنَه، فَبَدا له
أُولى سَوابِقها قَرِيباً تُوزَعُ
يعني الثور يُشَرِّقُ مَتْنَه أَي يُظْهِرُه للشمس ليجِف ما عليه من ندى
الليل فبدا له سوابقُ
الكِلابِ. تُوزَع: تُكَفّ. وتَشْريق اللحم: تَقْطِيعُه وتقدِيدُه
وبَسْطُه، ومنه سميت أيام التشريق.
وأيام التشريق: ثلاثة أَيام بعد يوم النحر لأَن لحم الأَضاحي يُشَرَّق
فيها للشمس أَي يُشَرَّر، وقيل: سميت بذلك لأَنهم كانوا يقولون في
الجاهلية: أَشْرِقْ ثَبِير كيما نُغِير؛ الإِغارةُ: الدفع، أَي ندفع للنَّفْر؛
حكاه يعقوب، وقال ابن الأَعرابي: سميت بذلك لأن الهَدْيَ والضحايا لا
تُنْحَر حتى تَشْرُق الشمسُ أَي تطلع، وقال أَبو عبيد: فيه قولان: يقال سميت
بذلك لأَنهم كانوا يُشَرِّقون فيها لُحوم الأَضاحي، وقيل: بل سميت بذلك
لأَنها كلَّها أَيام تشريق لصلاة يومِ النحر،يقول فصارت هذه الأيام تبعاً
ليوم النحر، قال: وهذا أَعجب القولين إليَّ، قال: وكان أَبو حنيفة يذهب
بالتَّشْرِيقِ إلى التكبير ولم يذهب إليه غيره، وقيل: أَشْرِق ادْخُلْ في
الشروق، وثَبِيرٌ جبل بمكة، وقيل في معنى قوله أَشْرِق ثبِير: كَيْما
نُغِير: يريد ادْخل أيها الجبل في الشروق وهوضوء الشمس، كما تقول أَجْنَب
دخل في الجنوب وأَشْمَلَ دخل في الشِّمال، كيما نُغِير أَي كيما ندفع
للنحر، وكانوا لا يُفِيضون حتى تطلع الشمس فخالفهم رسول الله، صلى الله عليه
وسلم، ويقال كيما ندفع في السير من قولك أَغارَ إغارةَ الثَّعْلبِ أَي
أَسْرع ودفع في عَدْوِه. وفي الحديث: مَنْ ذَبَح قبل التشريق فلْيُعِدْ، أَي
قبل أَن يصلِّيَ صلاة العيد ويقال لموضعها المُشَرَّق. وفي حديث
مَسْروق: انْطَلِقْ بنا إلى مُشَرِّقِكم يعني المُصَلَّى. وسأل أَعرابي رجلاً
فقال: أَين مَنْزِل المُشَرَّق؟ يعني الذي يُصَلَّى فيه العيد، ويقال لمسجد
الخَيْف المُشَرَّق وكذلك لسوق الطائف. والمُشَرَّق: العيد، سمي بذلك
لأن الصلاة فيه بعد الشَّرْقةِ أَي الشمس، وقيل: المُشَرَّق مُصَلَّى العيد
بمكة، وقيل: مُصَلَّى العيد ولم يقيد بمكة ولا غيرها، وقيل: مصلى
العيدين، وقيل: المُشَرَّق المصلّى مطلقاً؛ قال كراع: هو من تشريق اللحم؛ وروى
شعبة أن سِماك بن حَرْب قال له يوم عيد: اذهب بنا إلى المُشَرَّق يعني
المصلى؛ وفي ذلك يقول الأَخطل:
وبالهَدايا إذا احْمَرَّتْ مَدارِعُها،
في يوم ذَبْحٍ وتَشْرِيقٍ وتَنْخار
والتَّشْرِيق: صلاة العيد وإنما أُخذ من شروق الشمس لأَن ذلك وقتُها.
وفي الحديث: لا ذَبْحَ إلا بَعْد التَّشْرِيق أَي بعد الصلاة، وقال شعبة:
التَّشْرِيق الصلاة في الفطر والأَضحى بالجَبّانِ. وفي حديث عليّ، رضي
الله عنه: لا جُمْعة ولا تَشْرِيقَ إلا في مِصْرٍ جامع؛ وقوله أَنشده ابن
الأَعرابي:
قُلْتُ لِسَعْدٍ وهو بالأَزارِق:
عَلَيْكَ بالمَحْضِ وبالمَشارق
فسره فقال: معناه عليك بالشمس في الشتاء فانْعَمْ بها ولَذَّ؛ قال ابن
سيده: وعندي أن المَشارِق هنا جمع لحمٍ مُشَرَّق، وهو هذا المَشْرُور عند
الشمس، يُقَوِّي ذلك قولُه بالمحض لأَنهما مطعومان؛ يقول: كُلِ اللحم
واشْرَب اللبن المحض. والتَّشْريق: الجمالُ وإشْراقُ الوجه؛ قاله ابن
الأَعرابي في بيت المرار:
ويَزِينُهنَّ مع الجمالِ مَلاحةٌ،
والدَّلُّ والتَّشْرِيقُ والفَخْرُ
(* قوله «والفخر» كذ بالأصل، وفي شرح القاموس: والعذم، بالذال، وفسره عن
الصاغاني بالعض من اللسان بالكلام).
والشُّرُق: الغِلْمان الرُّوقة. وأُذُنٌ شَرْقاءُ: قطِعت من أَطرافها
ولم يَبِنْ منها شيء. ومِعْزة شَرْقاء: انْشَقَّتْ أُذُناها طُولاً ولم
تَبِنْ، وقيل: الشَّرْقاءُ الشاة يُشَقُّ باطنُ أُذُنِها من جانب الأُذن
شَقّاً بائناً ويترك وسط أُذُنِها صحيحاً، وقال أَبو علي في التذكرة:
الشَّرْقاءُ التي شُقَّت أُذناها شَقَّين نافذين فصارت ثلاث قطع متفرقة.
وشَرَقَتْ الشاة أَشْرُقُها شَرْقاً أَي شَقَقْت أُذُنَها. وشَرِقت الشاةُ،
بالكسر، فهي شاة شَرْقاء بيّنَة الشَّرَقِ. وفي حديث عليّ، رضي الله عنه: أن
النبي، صلى الله عليه وسلم، نهى أن يُضَحَّى بِشَرْقاء أَو خَرْقاء أَو
جَدْعاء. الأَصمعي: الشَّرْقاء في الغنم المشقوقة الأُذن باثنين كأنه
زنَمة، واسم السِّمَةِ الشَّرَقة، بالتحريك، شَرَقَ أُذُنَها يَشْرِقُها
شَرْقاً إذا شَقَّها؛ والخَرْقاء: أَن يكون في الأُذن ثقب مستدير. وشاة
شَرْقاء: مقطوعة الأُذن.
والشَّرِيقُ من النساء: المُفْضاة.
والشَّرِقُ من اللحم: الأَحمر الذي لا دَسَم له.
والشَّرَقُ: الشجا والغُصّة. والشَّرَقُ بالماء والرِّيق ونحوهما:
كالغَصَص بالطعام؛ وشَرِقَ شَرَقاً، فهو شَرِقٌ؛ قال عدي بن زيد:
لو بِغَيْرِ الماء حَلْقِي شَرِقٌ،
كنتُ كالغَصّانِ بالماء اعْتِصاري
الليث: يقال شَرِقَ فلانٌ برِيقِه وكذلك غَصَّ بريقه، ويقال: أَخذَتْه
شَرْقة فكاد يموت. ابن الأَعرابي: الشُّرُق الغَرْقَى. قال الأَزهري:
والغَرَقُ أَن يدخل الماءُ في الأَنف حتى تمتلئ منافذُه. والشَّرَقُ: دخولُ
الماء الحَلْقَ حتى يَغَصَّ به، وقد غَرِقَ وشَرِقَ. وفي الحديث: فلما
بلغ ذِكْرَ موسى أَخذتْه شَرْقةٌ فركَع أي أَخذته سُعْلة منعته عن القراءة.
قال ابن الأَثير: وفي الحديث أَنه قرأَ سورة المؤمن في الصلاة فلما أتى
على ذكرِ عيسى، عليه السلام، وأُمِّه أَخذته شَرْقةٌ فركع؛ الشَّرْقة:
المرة الواحدة من الشّرَقِ، أَي شَرِقَ بدمعِه فعَيِيَ بالقراءة، وقيل:
أَراد أَنه شَرِقَ بريقه فترك القراءة وركع؛ ومنه الحديث: الحَرَقُ
والشِّرَقُ شهادةٌ؛ هو الذي يَشْرَقُ بالماء فيموت. وفي حديث أُبَيّ: لقد اصطلح
أَهل هذه البلدة على أَن يَعْصِّبُوه فشَرِقَ بذلك أَي غَصَّ به، وهو مجاز
فيما ناله من أَمْرِ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وحَلّ به حتى كأَنه
شيء لم يقدر علي إِساغتِه وابتلاعِه فغَصَّ به.
وشَرِقَ الموضعُ بأَهله: امتلأَ فضاق، وشَرِقَ الجسدُ بالطيب كذلك؛ قال
المخبَّل:
والزَّعْفَرانُ على تَرائِبها
شَرِقاً به اللَّبَّاتُ والنَّحْرُ
وشَرِقَ الشيءُ شَرَقاً، فهو شَرِقٌ: اختلط؛ قال المسَّيب بن عَلَسٍ:
شَرِقاً بماءِ الذَّوْبِ أَسْلَمه
للمُبْتَغِيه مَعاقل الدَّبْرِ
والتَّشْريق: الصَّبغ بالزعفران غير المُشْبَع ولا يكون بالعُصْفُر.
والتَّشْويق: المُشْبَع بالزعفران. وشَرِقَ الشيءُ شَرَقاً، فهو شَرِقٌ:
اشتدت حمرته بدم أَو بحسن لون أَحمر؛ قال الأَعشى:
وتَشْرَقُ بالقولِ الذي قد أَذَعْته،
كما شَرِقَت صَدْرُ القَناةِ من الدَّمِ
ومنه حديث عكرمة: رأَيت ابْنَينِ لسالمٍ عليهما ثياب مُشْرَقة أَي
محمّرة. يقال شَرِقَ الشيءُ إذا اشتدت حمرته، وأَشْرَقْته بالصِّبْغ إذا
بالَغْت في حمرته؛ وفي حديث الشعبي: سُئِل عن رجل لَطَمَ عينَ آخَرَ فشَرِقَت
بالدم ولمّا يَذْهَبْ ضَوْءُها فقال:
لها أَمْرُها، حتى إذا ما تَبَوَّأَتْ
بأَخْفافِها مَأْوًى، تَبَوَّأ مَضْجَعا
الضمير في لها للإبل يُهْمِلها الراعي حتى إذا جاءت إلى الموضع الذي
أَعجبها فأقامت فيه مالَ الراعي إلى مَضْجَعِه؛ ضربه مثلاً للعين أَي لا
يُحْكَم فيها بشيء حتى تأتيَ على آخر أمْرِها وما تؤول إليه، فمعنى شَرِقَت
بالدم أَي ظهر فيها ولم يَجْرِ منها. وصَرِيع شَرِقٌ بدمه: مُخْتَضِب.
وشَرِقَ لونُه شَرَقاً: احْمَرَّ من الخَجَلِ. والشَّرْقِيّ: صِبْغ أَحمر.
وشَرِقَتْ عينُه واشْرَوْرَقَت: احْمَرَّت، وشَرِقَ الدمُ فيها: ظهر.
الأَصمعي: شَرِقَ الدم بجسده يَشْرَقُ شَرَقاً إذا ظهر ولم يَسِلْ، وقيل إذا
ما نَشِبَ، وكذلك شَرِقت عينُه إذابَقِي فيها دمٌ؛ قال: وإذا اختلطت
كُدورةٌ بالشمس ثم قلت شَرِقَت جاز ذلك كما يَشْرَق الشيء بالشيء يَنْشَبُ
فيه ويختلط. يقال: شَرِقَ الرجلُ يَشْرَقُ شَرَقاً إذا ما دخل الماءُ
حَلْقَه فشَرِقَ أي نَشِبَ؛ ومنه حديث عمر، رضي الله عنه، قال في الناقة
المُنْكَسرة: ولا هي بفَقِيٍّ فتشْرَق أَي تمتلئ دماً من مرض يَعْرِضُ لها
في جوفها؛ ومنه حديث ابن عمر: أَنه كان يُخْرِج يديه في السجود وهما
مُتَفَلِّقَتان قد شَرِق بينهما الدم. وشَرِقَ النخل وأَشْرَق وأَزْهَقَ
(*
قوله «وأزهق» هكذا في الأصل ولعله وأزهى.) لوَّنَ بحمرة. قال أَبو حنيفة:
هو ظهور أَلوان البُسْر. ونَبْتٌ شَِرِقٌ أَي رَيَّان؛ قال الأَعشى:
يُضاحِك الشمسَ منها كوكَبٌ شَرِقٌ،
مُؤَزَّرٌ بعَمِيم النَّبْتِ مُكْتَهِلُ
وأَما ما جاء في الحديث من قوله: لعلكم تُدْرِكون قوماً يُؤَخِّرون
الصلاة إلى شَرِقِ المَوْتَى فصَلّوا الصلاةَ للوقت الذي تَعْرِفون ثم صَلّوا
معهم؛ فقال بعضهم: هو أن يَشْرَقَ الإنسانُ بريقِه عند الموت، وقال:
أَراد أَنهم يصلون الجمعة ولم يبق من النهار إلا بقدر ما بَقِي من نَفْس هذا
الذي قد شَرِق بريقه عند الموت، أَراد فَوْتَ وقْتِها ولم يقيّد الصلاة
في الصحاح بجمعة ولا بغيرها، وسئل عن هذا الحديث فقال: أَلم ترَ الشمسَ
إذا ارتفعت عن الحيطان وصارت بين القبور كأنها لُجّة؟ فذلك شَرَقُ الموتى؛
قال أَبو عبيد: يعني أَن طلوعها وشُروقَها إنما هو تلك الساعة للموتى
دون الأَحياء. أَبو زيد: تُكْرَه الصلاة بشَرَقِ الموتى حين تصفرُّ الشمس،
وفعلت ذلك بشَرَقِ الموتى: في ذلك الوقت. وفي الحديث: أَنه ذكر الدنيا
فقال: إنما بقي منها كشَرَقِ الموتى؛ له معنيان: أَحدهما أَنه أَراد به
آخِرَ النهار لأن الشمس في ذلك الوقت إنما تَلْبَث قليلاً ثم تغيب فشبَّه ما
بقي من الدنيا ببقاء الشمس تلك الساعة، والآخَرُ من قولهم شَرِقَ الميت
بريقه إذا غَصَّ به، فشَّبه قِلَّةَ ما بقي من الدنيا بما بقي من حياة
الشَّرِق بريقه إلى أَن تخرج نفسه. وسئل الحسن بن محمد بن الحنفية عنه
فقال: أَلم تَرَ إلى الشمس إذا ارتفعت عن الحيطان
فصارت بين القبور كأنها لُجّة؟ فذلك شَرَقُ الموتى. يقال: شَرِقَت الشمس
شَرَقاً إذا ضعف ضوءُها، قال: ووَجّه قولَه حين ذكر الدنيا فقال إنما
بقي منها كشَرَقِ الموتى إلى معنيين: أَحدهما أَن الشمس في ذلك الوقت إنما
تَلْبَثُ ساعة ثم تغيب فشبَّه قِلَّة ما بقي من الدنيا ببقاء الشمس تلك
الساعة من اليوم، والوجه الآخر في شَرَقِ الموتى شَرَقُ الميت برِيقِه عند
خروج نفسه. وفي بعض الروايات: واجعلوا صلاتَكم معهم سُبْحَة أَي نافلة.
وقال أبو عبيد: المُشَرَّق جبل بسوق الطائف، وقال غيره: المُشَرَّق
سُوقُ الطائف؛ وقول أبي ذؤيب:
حتى كأَنِّي للحوادِثِ مَرْوَةٌ،
بصَفا المُشَرَّق، كلَّ يومٍ تُقْرَعُ
يُفَسَّر بكلا ذَيْنِك، ورواه ابن الأعرابي: بصفا المُشَقَّر؛ قال: وهو
صفا المُشَقَّر الذي ذكره امرؤ القيس فقال:
دُوَيْنَ الصَّفا اللاَّئي يَلِينَ المُشَقَّرا
والشارِقُ: الكِلْسُ، عن كراع.
والشَّرْقُ: طائر، وجمعه شُروق، وهو من سِباع الطير؛ قال الراجز:
قد أَغْتَدِي والصُّبْحُ ذو بَرِيقِ،
بمُلْحَمٍ أَحْمَرَ سَوْذَنِيقِ،
أَجْدَلَ أو شَرْقٍ من الشُّروقِ
قال شمر: أَنشدني أَعرابي في مجلس ابن الأَعرابي وكتبها ابن الأعرابي:
انْتَفِخي، يا أَرْنَبَ القِيعان،
وأَبْشِرِي بالضَّرْبِ والهَوانِ،
أو ضربة من شرق شاهيان،
أو توجي جائع غرثان
(* قوله «أو ضربة من شرق إلى آخر البيت» هكذا في الأصل).
قال: الشَّرْق بين الحِدَأَة والشاهين ولونه أَسود. والشارِق: صنم كان
في الجاهلية، وعبد الشارِق: اسم وهو منه. والشَّرِيقُ: اسم صنم أيضاً.
والشَّرْقِيُّ: اسم رجل راوِية أَخبار. ومِشْرِيق: موضع. وشَرِيق: اسم
رجل.
حمر: الحُمْرَةُ: من الأَلوان المتوسطة معروفة. لونُ الأَحْمَرِ يكون في
الحيوان والثياب وغير ذلك مما يقبله، وحكاه ابن الأَعرابي في الماء
أَيضاً.
وقد احْمَرَّ الشيء واحْمَارَّ بمعنًى، وكلُّ افْعَلَّ من هذا الضرب
فمحذوف من افْعَالَّ، وافْعَلْ فيه أَكثر لخفته. ويقال: احْمَرَّ الشيءُ
احْمِراراً إِذا لزم لَوْنَه فلم يتغير من حال إِلى حال، واحْمارَّ
يَحْمارُّ احْمِيراراً إِذا كان عَرَضاً حادثاً لا يثبت كقولك: جَعَلَ يَحْمارُّ
مرة ويَصْفارُّ أُخْرَى؛ قال الجوهري: إِنما جاز إِدغام احْمارَّ لأَنه
ليس بملحق ولو كان له في الرباعي مثال لما جاز إِدغامه كما لا يجوز إِدغام
اقْفَنْسَسَ لما كان ملحقاً باحْرَنْجَمَ. والأَحْمَرُ من الأَبدان: ما
كان لونه الحُمْرَةَ. الأَزهري في قولهم: أَهلك النساءَ الأَحْمرانِ،
يعنون الذهب والزعفران، أَي أَهلكهن حب الحلى والطيب. الجوهري: أَهلك
الرجالَ الأَحمرانِ: اللحم والخمر. غيره: يقال للذهب والزعفران الأَصفران،
وللماء واللبن الأَبيضان، وللتمر والماء الأَسودان. وفي الحديث: أُعطيت
الكنزين الأَحْمَرَ والأَبْيَضَ؛ هي ما أَفاء الله على أُمته من كنوز الملوك.
والأَحمر: الذهب، والأَبيض: الفضة، والذهب كنوز الروم لأَنه الغالب على
نقودهم، وقيل: أَراد العرب والعجم جمعهم الله على دينه وملته. ابن سيده:
الأَحمران الذهب والزعفران، وقيل: الخمر واللحم فإِذا قلت الأَحامِرَةَ
ففيها الخَلُوقُ؛ وقال الليث: هو اللحم والشراب والخَلُوقُ؛ قال
الأَعشى:إِن الأَحامِرَةَ الثَّلاثَةَ أَهْلَكَتْ
مالي، وكنتُ بها قديماً مُولعَا
ثم أَبدل بدل البيان فقال:
الخَمْرَ واللَّحْمَ السَّمينَ، وأَطَّلِي
بالزَّعْفَرانِ، فَلَنْ أَزَاَلُ مُوَلَّعَا
(* قوله: «فلن أزال مولعا» التوليع: البلق، وهو سواد وبياض؛ وفي نسخة
بدله مبقعاً؛ وفي الأَساس مردّعاً).
جعل قولَه وأَطَّلي بالزعفران كقوله والزعفران. وهذا الضرب كثير، ورواه
بعضهم:
الخمر واللحم السمين أُدِيمُهُ
والزعفرانَ . . . . . . . . . .
وقال أَبو عبيدة: الأَصفران الذهب والزعفران؛ وقال ابن الأَعرابي:
الأَحمران النبيذ واللحم؛ وأَنشد:
الأَحْمَرينَ الرَّاحَ والمُحَبَّرا
قال شمر: أَراد الخمر والبرود. والأَحمرُ الأَبيض: تَطَيُّراً بالأَبرص؛
يقال: أَتاني كل أَسود منهم وأَحمر، ولا يقال أَبيض؛ معناه جميع الناس
عربهم وعجمهم؛ يحكيها عن أَبي عمرو بن العلاء. وفي الحديث: بُعِثْتُ إِلى
الأَحمر والأَسود. وفي حديث آخر عن أَبي ذر: أَنه سمع النبي، صلى الله
عليه وسلم، يقول: أُوتيتُ خَمْساً لم يؤتَهُن نبيّ قبلي، أُرسلت إِلى
الأَحمر والأَسود ونصرت بالرعب مسيرة شهر؛ قال شمر: يعني العرب والعجم والغالب
على أَلوان العرب السُّمرة والأُدْمَة وعلى أَلوان العجم البياض
والحمرة، وقيل: أَراد الإِنس والجن، وروي عن أَبي مسحل أَنه قال في قوله بعثت
إِلى الأَحمر والأَسود: يريد بالأَسود الجن وبالأَحمر الإِنس، سمي الإِنس
الأَحمر للدم الذي فيهم، وقيل أَراد بالأَحمر الأَبيض مطلقاً؛ والعرب
تقول: امرأَة حمراء أَي بيضاء. وسئل ثعلب: لم خَصَّ الأَحمرَ دون الأَبيض؟
فقال: لأَن العرب لا تقول رجل أَبيض من بياض اللون، إِنما الأَبيض عندهم
الطاهر النقيُّ من العيوب، فإِذا أَرادوا الأَبيض من اللون قالوا أَحمر:
قال ابن الأَثير: وفي هذا القول نظر فإِنهم قد استعملوا الأَبيض في أَلوان
الناس وغيرهم؛ وقال عليّ، عليه السلام، لعائشة، رضي الله عنها: إِياك أَن
تَكُونيها يا حُمَيْراءُ أَي يا بيضاء. وفي الحديث: خذوا شَطْرَ دينكم
من الحُمَيْراءِ؛ يعني عائشة، كان يقول لها أَحياناً تصغير الحمراء يريد
البيضاء؛ قال الأَزهري: والقول في الأَسود والأَحمر إِنهما الأَسود
والأَبيض لأَن هذين النعتين يعمان الآدميين أَجمعين، وهذا كقوله بعثت إِلى
الناس كافة؛ وقوله:
جَمَعْتُم فأَوْعَيْتُم، وجِئْتُم بِمَعْشَرٍ
تَوافَتْ به حُمرانُ عَبْدٍ وسُودُها
يريد بِعَبْدٍ عَبْدَ بنَ بَكْرِ بْنِ كلاب؛ وقوله أَنَشده ثعلب:
نَضْخَ العُلوجِ الحُمْرِ في حَمَّامِها
إِنما عنى البيضَ، وقيل: أَراد المحَمَّرين بالطيب. وحكي عن الأَصمعي:
يقال أَتاني كل أَسود منهم وأَحمر، ولا يقال أَبيض. وقوله في حديث عبد
الملك: أَراكَ أَحْمَرَ قَرِفاً؛ قال: الحُسْنُ أَحْمَرُ، يعني أَن الحُسْنَ
في الحمرة؛ ومنه قوله:
فإِذا ظَهَرْتِ تَقَنَّعي
بالحُمْرِ، إِن الحُسْنَ أَحْمَر
قال ابن الأَثير: وقيل كنى بالأَحمر عن المشقة والشدة أَي من أَراد
الحسن صبر على أَشياء يكرهها. الجوهري: رجل أَحمر، والجمع الأَحامر، فإِن
أَردت المصبوغ بالحُمْرَة قلت: أَحمر، والجمع حُمْر. ومُضَرُ الحَمْراءِ،
بالإِضافة: نذكرها في مضر. وبَعير أَحمر: لونه مثل لون الزعفران إِذا
أُجْسِدَ الثوبُ به، وقيل بعير أَحمر إِذا لم يخالط حمرتَه شيءٌ؛ قال:
قام إِلى حَمْراءَ من كِرامِها،
بازِلَ عامٍ أَو سَدِيسَ عامِها
وهي أَصبر الإِبل على الهواجر. قال أَبو نصر النَّعامِيُّ: هَجَّرْ
بحمراء، واسْرِ بوَرْقاءَ، وصَبَّح القومَ على صَهْباء؛ قيل له: ولِمَ ذلك؟
قال: لأَن الحمراء أَصبر على الهواجر، والورقاء أَصبر على طول السُّرى،
والصهباء أَشهر وأَحسن حين ينظر إِليها. والعرب تقول: خير الإِبل حُمْرها
وصُهْبها؛ ومنه قول بعضهم: ما أُحِبُّ أَنَّ لي بمعاريض الكلم حُمْرَ
النَّعَمِ. والحمراء من المعز: الخالصة اللون. والحمراء: العجم لبياضهم ولأَن
الشقرة أَغلب الأَلوان عليهم، وكانت العرب تقول للعجم الذين يكون البياض
غالباً على أَلوانهم مثل الروم والفرس ومن صاقبهم: إنهم الحمراء؛ ومنه
حديث علي، رضي الله عنه، حين قال له سَرَاةٌ من أَصحابه العرب: غلبتنا
عليك هذه الحمراء؛ فقال: لنضربنكم على الدين عَوْداً كما ضربتموهم عليه
بَدْءاً؛ أَراد بالحمراء الفُرْسَ والروم. والعرب إِذا قالوا: فلان أَبيض
وفلانة بيضاء فمعناه الكرم في الأَخلاق لا لون الخلقة، وإِذا قالوا: فلان
أَحمر وفلانة حمراء عنوا بياض اللون؛ والعرب تسمي المَوَاليَ الحمراء.
والأَحامرة: قوم من العجم نزلوا البصرة وتَبَنَّكُوا بالكوفة. والأَحمر: الذي
لا سلاح معه.
والسَّنَةُ الحمراء: الشديدة لأَنها واسطة بين السوداء والبيضاء؛ قال
أَبو حنيفة: إِذا أَخْلَفَتِ الجَبْهَةُ فهي السنة الحمراءُ؛ وفي حديث
طَهْفَةَ: أَصابتنا سنة حمراء أَي شديدة الجَدْبِ لأَن آفاق السماء تَحْمَرُّ
في سِنِي الجدب والقحط؛ وفي حديث حليمة: أَنها خرجت في سنة حمراء قَدْ
بَرَتِ المال الأَزهري: سنة حمراء شديدة؛ وأَنشد:
أَشْكُو إِليكَ سَنَواتٍ حُمْرَا
قال: أَخرج نعته على الأَعوام فذكَّر، ولو أَخرجه على السنوات لقال
حَمْراواتٍ؛ وقال غيره: قيل لِسِني القحط حَمْراوات لاحمرار الآفاق فيه ومنه
قول أُمية:
وسُوِّدَتْ شْمْسُهُمْ إِذا طَلَعَتْ
بالجُِلبِ هِفّاً، كأَنه كَتَمُ
والكتم: صبغ أَحمر يختضب به. والجلب: السحاب الرقيق الذي لا ماء فيه.
والهف: الرقيق أَيضاً، ونصبه على الحال. وفي حديث علي، كرم الله تعالى
وجهه، أَنه قال: كنا إِذا احْمَرَّ البَأْس اتَّقينا برسول الله، صلى الله
عليه وسلم، وجعلناه لنا وقاية. قال الأَصمعي: يقال هو الموت الأَحمر والموت
الأَسود؛ قال: ومعناه الشديد؛ قال: وأُرى ذلك من أَلوان السباع كأَنه من
شدته سبع؛ قال أَبو عبيد: فكأَنه أَراد بقوله احْمَرَّ البأْسُ أَي صار
في الشدة والهول مثل ذلك.
والمُحْمِّرَةُ: الذين علامتهم الحمرة كالمُبَيِّضَةِ والمُسَوِّدَةِ،
وهم فرقة من الخُرَّمِيَّةِ، الواحد منهم مُحَمِّرٌ، وهم يخالفون
المُبَيِّضَةَ. التهذيب: ويقال للذين يُحَمِّرون راياتِهم خلاف زِيٍّ
المُسَوِّدَةِ من بني هاشم: المُحْمِّرَةُ، كما يقال للحَرُورَيَّة المُبَيِّضَة،
لأَن راياتهم في الحروب كانت بيضاً.
ومَوْتٌ أَحمر: يوصف بالشدَّة؛ ومنه: لو تعلمون ما في هذه الأُمة من
الموت الأَحمر، يعني القتل لما فيه من حمرة الدم، أَو لشدّته. يقال: موت
أَحمر أَي شديد. والموت الأَحمر: موت القتل، وذلك لما يحدث عن القتل من
الدم، وربما كَنَوْا به عن الموت الشديد كأَنه يلْقَى منه ما يلْقَى من
الحرب؛ قال أَبو زبيد الطائي يصف الأَسد:
إِذا عَلَّقَتْ قِرْناً خطاطِيفُ كَفِّهِ،
رَأَى الموتَ رَأْيَ العَيْنِ أَسْوَدَ أحْمَرا
وقال أَبو عبيد في معنى قولهم: هو الموت الأَحمر يَسْمَدِرُّ بَصَرُ
الرجلِ من الهول فيرى الدنيا في عينيه حمراء وسوداء، وأَنشد بيت أَبي زبيد.
قال الأَصمعي: يجوز أَن يكون من قول العرب وَطْأَةٌ حمراء إِذا كانت طرية
لم تدرُس، فمعنى قولهم الموت الأَحمر الجديد الطري. الأَزهري: ويروى عن
عبدالله بن الصامت أَنه قال: أَسرع الأَرض خراباً البصرة، قيل: وما
يخربها؟ قال: القتل الأَحمر والجوع الأَغبر. وقالوا: الحُسْنُ أَحْمرُ أَي
شاقٌّ أَي من أَحب الحُسْنَ احتمل المشقة. وقال ابن سيده أَي أَنه يلقى منه
ما يلقى صاحب الحَرْبِ من الحَرْب. قال الأَزهري: وكذلك موت أَحمر. قال:
الحُمْرَةُ في الدم والقتال، يقول يلقى منه المشقة والشدّة كما يلقى من
القتال. وروى الأَزهري عن ابن الأَعرابي في قولهم الحُسْنُ أَحمر: يريدون
إن تكلفتَ الحسن والجمال فاصبر فيه على الأَذى والمشقة؛ ابن الأَعرابي:
يقال ذلك للرجل يميل إِلى هواه ويختص بمن يحب، كما يقال: الهوى غالب، وكما
يقال: إِن الهوى يميلُ باسْتِ الراكبِ إِذا آثر من يهواه على غيره.
والحُمْرَةُ: داءٌ يعتري الناس فيحمرّ موضعها، وتُغالَبُ بالرُّقْيَة. قال
الأَزهري: الحُمْرَةُ من جنس الطواعين، نعوذ بالله منها.
الأَصمعي: يقال هذه وَِطْأَةٌ حَمْراءُ إِذا كانت جديدة، وَوَطْأَةٌ
دَهْماء إِذا كانت دارسة، والوطْأَة الحَمْراءُ: الجديدة. وحَمْراءُ
الظهيرة: شدّتها؛ ومنه حديث عليّ، كرم الله وجهه: كنا إِذا احْمَرَّ البأْسُ
اتقيناه برسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، فلم يكن أَحدٌ أَقربَ إِليه منه؛
حكى ذلك أَبو عبيد، رحمه الله، في كتابه الموسوم بالمثل؛ قال ابن
الأَثير: معناه إِذا اشتدّت الحرب استقبلنا العدوّ به وجعلناه لنا وقاية، وقيل:
أَراد إِذا اضطرمت نار الحرب وتسعرت، كما يقال في الشر بين القوم: اضطرمت
نارهم تشبيهاً بحُمْرة النار؛ وكثيراً ما يطلقون الحُمْرَة على
الشِّدّة. وقال أَبو عبيد في شرح الحديث الأَحمرُ والأَسودُ من صفات الموت:
مأْخوذ من لون السَّبعُ كأَنه من شدّته سَبُعٌ، وقيل:شُبه بالوطْأَة الحمراءِ
لجِدَّتها وكأَن الموت جديد.
وحَمارَّة القيظ، بتشديد الراء، وحَمارَتُه: شدّة حره؛ التخفيف عن
اللحياني، وقد حكيت في الشتاء وهي قليلة، والجمع حَمَارٌّ. وحِمِرَّةُ
الصَّيف: كَحَمَارَّتِه. وحِمِرَّةُ كل شيء وحِمِرُّهُ: شدّنه. وحِمِرُّ
القَيْظِ والشتاء: أَشدّه. قال: والعرب إذا ذكرت شيئاً بالمشقة والشدّة وصفَته
بالحُمْرَةِ، ومنه قيل: سنة حَمْرَاء للجدبة. الأَزهري عن الليث:
حَمَارَّة الصيف شدّة وقت حره؛ قال: ولم أَسمع كلمة على تقدير الفَعَالَّةِ غير
الحمارَّة والزَّعارَّة؛ قال: هكذا قال الخليل؛ قال الليث: وسمعت ذلك
بخراسان سَبارَّةُ الشتاء، وسمعت: إِن وراءك لَقُرّاً حِمِرّاً؛ قال
الأَزهري: وقد جاءت أَحرف أُخر على وزن فَعَالَّة؛ وروى أَبو عبيد عن الكسائي:
أَتيته في حَمارَّة القَيْظِ وفي صَبَارَّةِ الشتاء، بالصاد، وهما شدة الحر
والبرد. قال: وقال الأُمَوِيُّ أَتيته على حَبَالَّةِ ذلك أَي على حِين
ذلك، وأَلقى فلانٌ عَلَيَّ عَبَالَّتَهُ أَي ثِقْلَه؛ قاله اليزيدي
والأَحمر. وقال القَنَاني
(*
قوله: «وقال القناني» نسبة إِلى بئر قنان، بفتح القاف والنون، وهو
أَستاذ الفراء: انظر ياقوت). أَتوني بِزِرَافَّتِهِمْ أَي جماعتهم، وسمعت
العرب تقول: كنا في حَمْرَاءِ القيظ على ماءِ شُفَيَّة
(* قوله: «على ماء
شفية إلخ» كذا بالأَصل. وفي ياقوت ما نصه: سقية، بالسين المهملة المضمومة
والقاف المفتوحة، قال: وقد رواها قوم: شفية، بالشين المعجمة والفاء مصغراً
أَيضاً، وهي بئر كانت بمكة، قال أَبو عبيدة: وحفرت بنو أَسد شفية، قال
الزبير وخالفه عمي فقال إِنما هي سقية). وهي رَكِيَّةٌ عَذْبَةٌ. وفي حديث
عليّ: في حَمارَّةِ القيظ أَي في شدّة الحر. وقد تخفف الراء. وقَرَبٌ
حِمِرٌّ: شديد. وحِمِرُّ الغَيْثِ: معظمه وشدّته. وغيث حِمِرٌّ، مثل
فِلِزٍّ: شديد يَقْشِرُ وجه الأَرض. وأَتاهم الله بغيث حِمِرٍّ: يَحْمُرُ
الأَرضَ حَمْراً أَي يقشرها.
والحَمْرُ: النَّتْقُ. وحَمَرَ الشاة يَحْمُرُها حَمْراً: نَتَقَها أَي
سلخها. وحَمَرَ الخارزُ سَيْرَه يَحْمُره، بالضم، حَمْراً: سَحَا بطنه
بحديدة ثم لَيَّنَه بالدهن ثم خرز به فَسَهُلَ.
والحَمِيرُ والحَمِيرَةُ: الأُشْكُزُّ، وهو سَيْرٌ أَبيض مقشور ظاهره
تؤكد به السروج؛ الأَزهري: الأُشكز معرّب وليس بعربي، قال: وسميت حَمِيرة
لأَنها تُحْمَرُ أَي تقشر؛ وكل شيء قشرته، فقد حَمَرْتَه، فهو محمور
وحَمِيرٌ. والحَمْرُ بمعنى القَشْر: يكون باللسان والسوط والحديد. والمِحْمَرُ
والمِحْلأُ: هو الحديد والحجر الذي يُحْلأُ به الإِهابُ وينتق به.
وحَمَرْتُ الجلد إذا قشرته وحلقته؛ وحَمَرَتِ المرأَةُ جلدَها تَحْمُرُه.
والحَمْرُ في الوبر والصوف، وقد انْحَمَر ما على الجلد. وحَمَرَ رأْسه:
حلقه.والحِمارُ: النَّهَّاقُ من ذوات الأَربع، أَهليّاً كان أَو وحْشِيّاً.
وقال الأَزهري: الحِمارُ العَيْرُ الأَهْلِيُّ والوحشي، وجمعه أَحْمِرَة
وحُمُرٌ وحَمِيرٌ وحُمْرٌ وحُمُورٌ، وحُمُرَاتٌ جمع الجمع، كَجُزُراتٍ
وطُرُقاتٍ، والأُنثى حِمارة. وفي حديث ابن عباس: قدَمْنا رسول الله، صلى
الله عليه وسلم، ليلةَ جَمْعٍ على حُمُرَاتٍ؛ هي جمع صحةٍ لحُمُرٍ، وحُمُرٌ
جمعُ حِمارٍ؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
فأَدْنَى حِمارَيْكِ ازْجُرِي إِن أَرَدْتِنا،
ولا تَذْهَبِي في رَنْقِ لُبٍّ مُضَلَّلِ
فسره فقال: هو مثل ضربه؛ يقول: عليك بزوجكِ ولا يَطْمَحْ بَصَرُك إِلى
آخر، وكان لها حماران أَحدهما قد نأَى عنها؛ يقول: ازجري هذا لئلاَّ يلحق
بذلك؛ وقال ثعلب: معناه أَقبلي عليَّ واتركي غيري. ومُقَيَّدَةُ
الحِمَارِ: الحَرَّةُ لأَن الحمار الوحشي يُعْتَقَلُ فيها فكأَنه مُقَيَّدٌ. وبنو
مُقَيَّدَةِ الحمار: العقارب لأَن أَكثر ما تكون في الحَرَّةِ؛ أَنشد
ثعلب:
لَعَمْرُكَ ما خَشِيتُ على أُبَيٍّ
رِماحَ بَنِي مُقَيِّدَةِ الحِمارِ
ولكِنِّي خَشِيتُ على أُبَيٍّ
رِماحَ الجِنِّ، أَو إِيَّاكَ حارِ
ورجل حامِرٌ وحَمَّارٌ: ذو حمار، كما يقال فارسٌ لذي الفَرَسِ.
والحَمَّارَةُ: أَصحاب الحمير في السفر. وفي حديث شريح: أَنه كان يَرُدُّ
الحَمَّارَةَ من الخيل؛ الحَمَّارة: أَصحاب الحمير أَي لم يُلْحِقْهم بأَصحاب
الخيل في السهام من الغنيمة؛ قال الزمخشري فيه أَيضاً: إِنه أَراد
بالحَمَّارَةِ الخيلَ التي تَعْدُو عَدْوَ الحمير. وقوم حَمَّارَة وحامِرَةٌ:
أَصحاب حمير، والواحد حَمَّار مثل جَمَّال وبَغَّال، ومسجدُ الحامِرَةِ منه.
وفرس مِحْمَرٌ: لئيم يشبه الحِمَارَ في جَرْيِه من بُطْئِه، والجمع
المَحامِرُ والمَحامِيرُ؛ ويقال للهجين: مِحْمَرٌ، بكسر الميم، وهو بالفارسية
بالاني؛ ويقال لمَطِيَّةِ السَّوْءِ مِحْمَرٌ. التهذيب: الخيل
الحَمَّارَةُ مثل المَحامِرِ سواء، وقد يقال لأَصحاب البغال بَغَّالَةٌ، ولأَصحاب
الجمال الجَمَّالَة؛ ومنه قول ابن أَحمر:
شَلاًّ كما تَطْرُدُ الجَمَّالَةُ الشَّرَدَا
وتسمى الفريضة المشتركة: الحِمَارِيَّة؛ سميت بذلك لأَنهم قالوا: هَبْ
أَبانا كان حِمَاراً. ورجل مِحْمَرٌ: لئيم؛ وقوله:
نَدْبٌ إِذا نَكَّسَ الفُحْجُ المَحامِيرُ
ويجوز أَن يكون جمع مِحْمَرٍ فاضطرّ، وأَن يكون جمع مِحْمارٍ. وحَمِرَ
الفرس حَمَراً، فهو حَمِرٌ: سَنِقَ من أَكل الشعير؛ وقيل: تغيرت رائحة فيه
منه. الليث: الحَمَرُ، بالتحريك، داء يعتري الدابة من كثرة الشعير
فَيُنْتِنُ فوه، وقد حَمِرَ البِرْذَوْنُ يَحْمَرُ حَمَراً؛ وقال امرؤ
القيس:لعَمْرِي لَسَعْدُ بْنُ الضِّبابِ إِذا غَدا
أَحَبُّ إِلينا مِنكَ، فَا فَرَسٍ حَمِرْ
يُعَيِّره بالبَخَرِ، أَراد: يا فا فَرَسٍ حَمِرٍ، لقبه بفي فَرَسٍ
حَمِرٍ لِنَتْنِ فيه. وفي حديث أُمِّ سلمة: كانت لنا داجِنٌ فَحَمِرَتْ من
عجين: هو من حَمَرِ الدابة. ورجل مِحْمَرٌ: لا يعطِي إِلاَّ على الكَدِّ
والإِلْحاحِ عليه. وقال شمر: يقال حَمِرَ فلان عليّ يَحْمَرُ حَمَراً إِذا
تَحَرَّقَ عليك غضباً وغيظاً، وهو رجل حَمِرٌ من قوم حَمِرينَ.
وحِمَارَّةُ القَدَمِ: المُشْرِفَةُ بين أَصابعها ومفاصلها من فوق. وفي
حديث عليّ: ويُقْطَعُ السارقُ من حِمَارَّةِ القَدَمِ؛ هي ما أَشرف بين
مَفْصِلِها وأَصابعها من فوق. وفي حديثه الآخر: أَنه كان يغسل رجله من
حِمَارَّةِ القدم؛ قال ابن الأَثير: وهي بتشديد الراء. الأَصمعي: الحَمائِرُ
حجارة تنصب حول قُتْرَةِ الصائد، واحدها حِمَارَةٌ، والحِمَارَةُ
أَيضاً: الصخرة العظيمة. الجوهري: والحمارة حجارة تنصب حول الحوض لئلا يسيل
ماؤه، وحول بيت الصائد أَيضاً؛ قال حميد الأَرقط يذكر بيت صائد:
بَيْتُ حُتُوفٍ أُرْدِحَتْ حَمَائِرُهْ
أُردحت أَي زيدت فيها بَنِيقَةٌ وسُتِرَتْ؛ قال ابن بري: صواب انشاد هذا
البيت: بيتَ حُتُوفٍ، بالنصب، لأَن قبله:
أَعَدَّ لِلْبَيْتِ الذي يُسامِرُهْ
قال: وأَما قول الجوهري الحِمَارَةُ حجارة تنصب حول الحوض وتنصب أَيضاً
حول بيت الصائد فصوابه أَن يقول: الحمائر حجارة، الواحد حِمَارَةٌ، وهو
كل حجر عريض. والحمائر: حجارة تجعل حول الحوض تردّ الماء إِذا طَغَى؛
وأَنشد:
كأَنَّما الشَّحْطُ، في أَعْلَى حَمائِرِهِ،
سَبائِبُ القَزِّ مِن رَيْطٍ وكَتَّانِ
وفي حديث جابر: فوضعته
(* قوله: «فوضعته إلخ» ليس هو الواضع، وإنما رجل
كان يبرد الماء لرسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، على حمارة، فأرسله
النبي يطلب عنده ماء لما لم يجد في الركب ماء. كذا بهامش النهاية). على
حِمارَةٍ من جريد، هي ثلاثة أَعواد يُشَدَّ بعض ويخالَفُ بين أَرجلها
تُعَلَّقُ عليها الإِداوَةُ لتُبَرِّدَ الماءَ، ويسمى بالفارسية سهباي، والحمائر
ثلاث خشبات يوثقن ويجعل عليهنّ الوَطْبُ لئلا يَقْرِضَه الحُرْقُوصُ،
واحدتها حِمارَةٌ؛ والحِمارَةُ: خشبة تكون في الهودج.والحِمارُ خشبة في
مُقَدَّم الرجل تَقْبِضُ عليها المرأَة وهي في مقدَّم الإِكاف؛ قال
الأَعشى:وقَيَّدَنِي الشِّعْرُ في بَيْتهِ،
كما قَيَّدَ الآسِراتُ الحِمارا
الأَزهري: والحِمارُ ثلاث خشبات أَو أَربع تعترض عليها خشبة وتُؤْسَرُ
بها. وقال أَبو سعيد: الحِمارُ العُود الذي يحمل عليه الأَقتاب، والآسرات:
النساء اللواتي يؤكدن الرحال بالقِدِّ ويُوثِقنها. والحمار: خشبة
يَعْمَلُ عليها الصَّيْقَلُ. الليث: حِمارُ الصَّيْقَلِ خشبته التي يَصْقُلُ
عليها الحديد. وحِمَار الطُّنْبُورِ: معروف. وحِمارُ قَبَّانٍ: دُوَيْبِّةٌ
صغيرة لازقة بالأَرض ذات قوائم كثيرة؛ قال:
يا عَجَبا لَقَدْ رَأَيْتُ العَجَبا:
حِمَارَ قَبَّانٍ يَسُوقُ الأَرْنَبا
والحماران: حجران ينصبان يطرح عليهما حجر رقيق يسمى العَلاةَ يجفف عليه
الأَقِطُ؛ قال مُبَشِّرُ بن هُذَيْل بن فَزارَةَ الشَّمْخِيُّ يصف جَدْبَ
الزمان:
لا يَنْفَعُ الشَّاوِيِّ فيها شاتُهُ،
ولا حِماراه ولا عَلاَتُه
يقول: إِن صاحب الشاء لا ينتفع بها لقلة لبنها، ولا ينفعه حماراه ولا
عَلاَته لأَنه ليس لها لبن فيُتخذ منه أَقِط. والحمَائر: حجارة تنصب على
القبر، واحدتها حِمارَةٌ. ويقال: جاء بغنمه حُمْرَ الكُلَى، وجاء بها سُودَ
البطون، معناهما المهازيل.
والحُمَرُ والحَوْمَرُ، والأَوَّل أَعلى: التمر الهندي، وهو بالسَّراةِ
كثير، وكذلك ببلاد عُمان، وورقه مثل ورق الخِلافِ الذي قال له
البَلْخِيّ؛ قال أَبو حنيفة: وقد رأَيته فيما بين المسجدين ويطبخ به الناس، وشجره
عظام مثل شجر الجوز، وثمره قرون مثل ثمر القَرَظِ.
والحُمَّرَةُ والحُمَرَةُ: طائر من العصافير. وفي الصحاح: الحُمَّرة ضرب
من الطير كالعصافير، وجمعها الحُمَرُ والحُمَّرُ، والتشديد أَعلى؛ قال
أَبو المهوش الأَسدي يهجو تميماً:
قَدْ كُنْتُ أَحْسِبُكُمْ أُسُودَ خَفِيَّةٍ،
فإِذا لَصَافٍ تَبِيضُ فيه الحُمَّرُ
يقول: قد كنت أَحسبكم شجعاناً فإِذا أَنتم جبناء. وخفية: موضع تنسب
إِليه الأُسد. ولصاف: موضع من منازل بني تميم، فجعلهم في لصاف بمنزلة
الحُمَّر، متى ورد عليها أَدنى وارد طارت فتركت بيضها لجبنها وخوفها على نفسها.
الأَزهري: يقال للحُمَّرِ، وهي طائر: حُمَّرٌ، بالتخفيف، الواحدةُ
حُمَّرَة وحُمَرَة؛ قال الراجز:
وحُمَّرات شُرْبُهُنَّ غِبُّ
وقال عمرو بن أَحْمَر يخاطب يحيى بن الحَكَم بن أَبي العاص ويشكو إِليه
ظلم السُّعاة:
إِن نَحْنُ إِلاَّ أُناسٌ أَهلُ سائِمَةٍ؛
ما إِن لنا دُونَها حَرْثٌ ولا غُرَرُ
الغُرَرُ: لجمع العبيد، واحدها غُرَّةٌ.
مَلُّوا البلادَ ومَلَّتْهُمْ، وأَحْرَقَهُمْ
ظُلْمُ السُّعاةِ، وبادَ الماءُ والشَّجَرُ
إِنْ لا تُدارِكْهُمُ تُصْبِحْ مَنازِلُهُمْ
قَفْراً، تَبِيضُ على أَرْجائها الحُمَرُ
فخففها ضرورة؛ وفي الصحاح: إِن لا تلافهم؛ وقيل: الحُمَّرَةُ
القُبَّرَةُ، وحُمَّراتٌ جمع؛ قال: وأَنشد الهلالي والكِلابِيُّ بيتَ
الراجز:عَلَّقَ حَوْضِي نُغَرٌ مُكِبُّ،
إِذا غَفِلْتُ غَفْلَةً يَغُبُّ،
وحُمَّراتٌ شُرْبُهُنَّ غِبُّ
قال: وهي القُبَّرُ. وفي الحديث: نزلنا مع رسولُ الله، صلى الله عليه
وسلم، فجاءت حُمَّرَةٌ؛ هي بضم الحاء وتشديد الميم وقد تخفف، طائر صغير
كالعصفور. واليَحْمُورُ: طائر. واليحمور أَيضاً: دابة تشبه العَنْزَ؛ وقيل:
اليحمور حمار الوحش.
وحامِرٌ وأُحامِر، بضم الهمزة: موضعان، لا نظير له من الأَسماء إِلاَّ
أُجارِدُ، وهو موضع. وحَمْراءُ الأَسد: أَسماء مواضع. والحِمَارَةُ:
حَرَّةٌ معروفة.
وحِمْيَرٌ: أَبو قبيلة، ذكر ابن الكلبي أَنه كان يلبس حُلَلاً حُمْراً،
وليس ذلك بقوي. الجوهري: حِمْيَر أَبو قبيلة من اليمن، وهو حمير بن سَبَأ
بن يَشْجُب بن يَعْرُبَ بن قَحْطَانَ، ومنهم كانت الملوك في الدهر
الأَوَّل، واسم حِمْيَر العَرَنْجَجُ؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
أََرَيْتَكَ مَوْلايَ الذي لسْتُ شاتِماً
ولا حارِماً، ما بالُه يَتَحَمَّرُ
فسره فقال: يذهب بنفسه حتى كأَنه ملك من ملوك حمير. التهذيب: حِمْيَرٌ
اسم، وهو قَيْلٌ أَبو ملوك اليمن وإِليه تنتمي القبيلة، ومدينة ظَفَارِ
كانت لحمير. وحَمَّرَ الرجلُ: تكلم بكلام حِمْيَر، ولهم أَلفاظ ولغات تخالف
لغات سائر العرب؛ ومنه قول الملك الحِمْيَرِيِّ مَلِك ظَفارِ، وقد دخل
عليه رجل من العرب فقال له الملك: ثِبْ، وثِبْ بالحميرية: اجْلِسْ،
فَوَثَبَ الرجل فانْدَقَّتْ رجلاه فضحك الملك وقال: ليستْ عندنا عَرَبِيَّتْ،
من دخل ظَفارِ حَمَّر أَي تَعَلَّم الحِمْيَرِيَّةَ؛ قال ابن سيده: هذه
حكاية ابن جني يرفع ذلك إِلى الأَصمعي، وأَما ابن السكيت فإِنه قال: فوثب
الرجل فتكسر بدل قوله فاندقت رجلاه، وهذا أَمر أُخرج مخرج الخبر أَي
فلْيُحَمِّرْ.
ابن السكيت: الحُمْرة، بسكون الميم، نَبْتٌ. التهذيب: وأُذْنُ الحِمَار
نبت عريض الورق كأَنه شُبِّه بأُذُنِ الحمار.
وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: ما تَذْكُر من عَجُوزٍ حَمْراءَ
الشِّدقَيْنِ؛ وصفتها بالدَّرَدِ وهو سقوط الأَسنان من الكِبَرِ فلم يبق إِلاَّ
حُمْرَةُ اللَّثَاةِ. وفي حديث عليّ: عارَضَه رجل من الموالي فقال: اسكت
يا ابْنَ حْمْراء العِجانِ أَي يا ابن الأَمة، والعجان: ما بين القبل
والدبر، وهي كلمة تقولها العرب في السَّبِّ والذمِّ.
وأَحْمَرُ ثَمُودَ: لقب قُدارِ بْنِ سالِفٍ عاقِرِ ناقَةِ صالح، على
نبينا وعليه الصلاة والسلام؛ وإِنما قال زهير كأَحمر عاد لإِقامة الوزن لما
لم يمكنه أَن يقول كأَحمر ثمود أَو وهم فيه؛ قال أَبو عبيد: وقال بعض
النُّسَّابِ إِن ثموداً من عادٍ.
وتَوْبَةُ بن الحُمَيِّرِ: صاحب لَيْلَى الأَخْيَلِيَّةِ، وهو في الأَصل
تصغير الحمار.
وقولهم: أَكْفَرُ من حِمَارٍ، هو رجل من عاد مات له أَولاد فكفر كفراً
عظيماً فلا يمرّ بأَرضه أَحد إِلاَّ دعاه إِلى الكفر فإِن أَجابه وإِلاَّ
قتله. وأَحْمَرُ وحُمَيْرٌ وحُمْرانُ وحَمْراءُ وحِمَارٌ: أَسماء. وبنو
حِمِرَّى: بطن من العرب، وربما قالوا: بني حِمْيَريّ. وابنُ لِسانِ
الحُمَّرةِ: من خطباء العرب. وحِمِرُّ: موضع.
حلل: حَلَّ بالمكان يَحُلُّ حُلولاً ومَحَلاًّ وحَلاًّ وحَلَلاً، بفك
التضعيف نادر: وذلك نزول القوم بمَحَلَّة وهو نقيض الارتحال؛ قال الأَسود
بن يعفر:
كَمْ فاتَني من كَريمٍ كان ذا ثِقَة،
يُذْكي الوَقُود بجُمْدٍ لَيْلة الحَلَل
وحَلَّه واحْتَلَّ به واحْتَلَّه: نزل به. الليث: الحَلُّ الحُلول
والنزول؛ قال الأَزهري: حَلَّ يَحُلُّ حَلاًّ؛ قال المُثَقَّب العَبْدي:
أَكُلَّ الدهر حَلٌّ وارتحال،
أَما تُبْقِي عليّ ولا تَقِيني؟
ويقال للرجل إِذا لم يكن عنده غَنَاء: لا حُلِّي ولا سِيرِي، قال ابن
سيده: كأَن هذا إِنما قيل أَوَّل وَهْلَة لمؤنث فخوطب بعلامة التأْنيث، ثم
قيل ذلك للمذكر والاثنين والاثنتين والجماعة مَحْكِيًّا بلفظ المؤنث،
وكذلك حَلَّ بالقوم وحَلَّهُم واحْتَلَّ بهم، واحْتَلَّهم، فإِما أَن تكونا
لغتين كلتاهما وُضِع، وإِمَّا أَن يكون الأَصل حَلَّ بهم، ثم حذفت الباء
وأُوصل الفعل إِلى ما بعده فقيل حَلَّه؛ ورَجُل حَالٌّ من قوم حُلُول
وحُلاَّلٍ وحُلَّل. وأَحَلَّه المكانَ وأَحَلَّه به وحَلَّله به وحَلَّ به:
جَعَله يَحُلُّ، عاقَبَت الباء الهمزة؛ قال قيس بن الخَطِيم:
دِيَار التي كانت ونحن على مِنًى
تَحُلُّ بنا، لولا نَجَاءُ الرَّكائب
أَي تَجْعلُنا نَحُلُّ. وحَالَّه: حَلَّ معه. والمَحَلُّ: نقيض
المُرْتَحَل؛ وأَنشد:
إِنَّ مَحَلاًّ وإِن مُرْتَحَلا،
وإِنَّ في السَّفْر ما مَضَى مَهَلا
قال الليث: قلت للخليل: أَلست تزعم أَن العرب العاربة لا تقول إِن رجلاً
في الدار لا تبدأْ بالنكرة ولكنها تقول إِن في الدار رجلاً؟ قال: ليس
هذا على قياس ما تقول، هذا حكاية سمعها رجل من رجل: إِنَّ مَحَلاًّ وإِنَّ
مُرْتَحَلا؛ ويصف بعد حيث يقول:
هل تَذْكُرُ العَهْد في تقمّص، إِذ
تَضْرِب لي قاعداً بها مَثَلا؛
إِنَّ مَحَلاًّ وإِنَّ مُرْتَحَلا
المَحَلُّ: الآخرة والمُرْتَحَل؛ . . .
(* هكذا ترك بياض في الأصل)
وأَراد بالسَّفْر الذين ماتوا فصاروا في البَرْزَخ، والمَهَل البقاء
والانتظار؛ قال الأَزهري: وهذا صحيح من قول الخليل، فإِذا قال الليث قلت للخليل
أَو قال سمعت الخليل، فهو الخليل بن أَحمد لأَنه ليس فيه شك، وإِذا قال
قال الخليل ففيه نظر، وقد قَدَّم الأَزهري في خطبة كتابه التهذيب أَنه في
قول الليث قال الخليل إِنما يَعْني نَفْسَه أَو أَنه سَمَّى لِسانَه
الخَليل؛ قال: ويكون المَحَلُّ الموضع الذي يُحَلُّ فيه ويكون مصدراً، وكلاهما
بفتح الحاء لأَنهما من حَلِّ يَحُلُّ أَي نزل، وإِذا قلت المَحِلّ، بكسر
الحاء، فهو من حَلَّ يَحِلُّ أَي وَجَب يَجِب. قال الله عز وجل: حتى
يبلغ الهَدْيُ مَحِلَّه؛ أَي الموضع الذي يَحِلُّ فيه نَحْرُه، والمصدر من
هذا بالفتح أَيضاً، والمكان بالكسر، وجمع المَحَلِّ مَحَالُّ، ويقال
مَحَلٌّ ومَحَلَّة بالهاء كما يقال مَنْزِل ومنزِلة. وفي حديث الهَدْي: لا
يُنْحَر حتى يبلغ مَحِلَّه أَي الموضع أَو الوقت اللذين يَحِلُّ فيهما
نَحْرُه؛ قال ابن الأَثير: وهو بكسر الحاء يقع على الموضع والزمان؛ ومنه حديث
عائشة: قال لها هل عندكم شيء؟ قالت: لا، إِلا شيء بَعَثَتْ به إِلينا
نُسَيْبَة من الشاة التي بَعَثْتَ إِليها من الصدقة، فقال: هاتي فقد
بَلَغَتْ مَحِلَّها أَي وصلت إِلى الموضع الذي تَحِلُّ فيه وقُضِيَ الواجبُ فيها
من التَّصَدّق بها، وصارت مِلْكاً لن تُصُدِّق بها عليه، يصح له التصرف
فيها ويصح قبول ما أُهدي منها وأَكله، وإِنما قال ذلك لأَنه كان يحرم
عليه أَكل الصدقة. وفي الحديث: أَنه كره التَّبَرُّج بالزينة لغير
مَحِلِّها؛ يجوز أَن تكون الحاء مكسورة من الحِلِّ ومفتوحة من الحُلُول، أَراد به
الذين ذكرهم الله في كتابه: ولا يبدين زينتهن إِلا لبُعُولتهن، الآية،
والتَّبَرُّج: إِظهار الزينة. أَبو زيد: حَلَلْت بالرجل وحَلَلْته ونَزَلْت
به ونَزَلْته وحَلَلْت القومَ وحَلَلْت بهم بمعنًى. ويقال: أَحَلَّ فلان
أَهله بمكان كذا وكذا إِذا أَنزلهم. ويقال: هو في حِلَّة صِدْق أَي
بمَحَلَّة صِدْق. والمَحَلَّة: مَنْزِل القوم.
وحَلِيلة الرجل: امرأَته، وهو حَلِيلُها، لأَن كل واحد منهما يُحَالُّ
صاحبه، وهو أَمثل من قول من قال إِنما هو من الحَلال أَي أَنه يَحِلُّ لها
وتَحِلُّ له، وذلك لأَنه ليس باسم شرعي وإِنما هو من قديم الأَسماء.
والحَلِيل والحَلِيلة: الزَّوْجان؛ قال عنترة:
وحَلِيل غانيةٍ تَرَكْتُ مُجَدَّلاً،
تَمْكُو فَرِيصَتُه كشِدْقِ الأَعْلَم
وقيل: حَلِيلَته جارَتُه، وهو من ذلك لأَنهما يَحُلاَّن بموضع واحد،
والجمع الحَلائل؛ وقال أَبو عبيد: سُمِّيا بذلك لأَن كل واحد منهما يُحَالُّ
صاحبَه. وفي الحديث: أَن تُزَاني حَلِيلة جارك، قال: وكل من نَازَلَكَ
وجَاوَرَك فهو حَليلك أَيضاً. يقال: هذا حَليله وهذه حَليلته لمن
تُحَالُّه في دار واحدة؛ وأَنشد:
ولَستُ بأَطْلَسِ الثَّوْبَيْن يُصْبي
حَلِيلَته، إِذا هَدَأَ النِّيَامُ
قال: لم يرد بالحَلِيلة هنا امرأَته إِنما أَراد جارته لأَنها تُحَالُّه
في المنزل. ويقال: إِنما سميت الزوجة حَلِيلة لأَن كل واحد منهما
مَحَلُّ إِزار صاحبه. وحكي عن أَبي زيد: أَن الحَلِيل يكون للمؤنث بغير
هاء.والحِلَّة: القوم النزول، اسم للجمع، وفي التهذيب: قوم نزول؛ وقال
الأَعشى:
لقد كان في شَيْبان، لو كُنْتَ عالماً،
قِبَابٌ وحَيٌّ حِلَّة وقَبائل
وحَيٌّ حِلَّة أَي نُزُول وفيهم كثرة؛ هذا البيت استشهد به الجوهري،
وقال فيه:
وحَوْلي حِلَّة ودَراهم
(* قوله «وحولي» هكذا في الأصل، والذي في نسخة الصحاح التي بايدينا:
وحيّ).
قال ابن بري: وصوابه وقبائل لأَن القصيدة لاميَّة؛ وأَولها:
أَقَيْس بنَ مَسْعود بنِ قيس بن خالدٍ،
وأَنتَ امْرُؤ يرجو شَبَابَك وائل
قال: وللأَعشى قصيدة أُخرى ميمية أَولها:
هُرَيْرَةَ ودِّعْها وإِن لام لائم
يقول فيها:
طَعَام العراق المُسْتفيضُ الذي ترى،
وفي كل عام حُلَّة وَدَارهِم
قال: وحُلَّة هنا مضمومة الحاء، وكذلك حَيٌّ حِلال؛ قال زهير:
لِحَيٍّ حِلالٍ يَعْصِمُ الناسَ أَمْرُهُم،
إِذا طَرَقَت إِحْدى اللَّيَالي بمُعْظَم
والحِلَّة: هَيئة الحُلُول. والحِلَّة: جماعة بيوت الناس لأَنها
تُحَلُّ؛ قال كراع: هي مائة بيت، والجمع حِلال؛ قال الأَزهري: الحِلال جمع بيوت
الناس، واحدتها حِلَّة؛ قال: وحَيٌّ حِلال أَي كثير؛ وأَنشد شمر:
حَيٌّ حِلالٌ يَزْرَعون القُنْبُلا
قال ابن بري: وأَنشد الأَصمعي:
أَقَوْمٌ يبعثون العِيرَ نَجْداً
أَحَبُّ إِليك، أَم حَيٌّ حِلال؟
وفي حديث عبد المطلب:
لا هُمَّ إِنَّ المَرْءَ يَمْـ
ـنَعُ رَحْلَه، فامْنَعْ حِلالَك
الحِلال، بالكسر: القومُ المقيمون المتجاورون يريد بهم سُكَّان الحَرَم.
وفي الحديث: أَنهم وَجَدوا ناساً أَحِلَّة، كأَنه جمع حِلال كعِماد
وأَعْمِدَة وإِنما هو جمع فَعال، بالفتح؛ قال ابن الأَثير: هكذا قال بعضهم
وليس أَفْعِلة في جمع فِعال، بالكسر، أَولى منها في جمع فَعال، بالفتح،
كفَدَان وأَفْدِنة. والحِلَّة: مجلس القوم لأَنهم يَحُلُّونه. والحِلَّة:
مُجْتَمَع القوم؛ هذه عن اللحياني. والمَحَلَّة: منزل القوم.
ورَوْضة مِحْلال إِذا أَكثر الناسُ الحُلول بها. قال ابن سيده: وعندي
أَنها تُحِلُّ الناس كثيراً، لأَن مِفْعالاً إِنما هي في معنى فاعل لا في
معنى مفعول، وكذلك أَرض مِحْلال. ابن شميل: أَرض مِحْلال وهي السَّهْلة
اللَّيِّنة، ورَحَبة مِحْلال أَي جَيِّدة لمحَلّ الناس؛ وقال ابن الأَعرابي
في قول الأَخطل:
وشَرِبْتها بأَرِيضَة مِحْلال
قال: الأَرِيضَة المُخْصِبة، قال: والمِحْلال المُخْتارة للحِلَّة
والنُّزول وهي العَذاة الطَّيِّبة؛ قال الأَزهري: لا يقال لها مِحْلال حتى
تُمْرِع وتُخْصِب ويكون نباتها ناجعاً للمال؛ وقال ذو الرمة:
بأَجْرَعَ مِحْلالٍ مِرَبٍّ مُحَلَّل
والمُحِلَّتانِ: القِدْر والرَّحى، فإِذا قلت المُحِلاَّت فهي القِدْر
والرَّحى والدَّلْو والقِرْبة والجَفْنَة والسِّكِّين والفَأْس والزَّنْد،
لأَن من كانت هذه معه حَلَّ حيث شاء، وإِلا فلا بُدَّ له من أَن يجاور
الناس يستعير منهم بعض هذه الأَشياء؛ قال:
لا يَعْدِلَنَّ أَتاوِيُّون تَضْرِبُهم
نَكْباءُ صِرٌّ بأَصحاب المُحِلاَّت
الأَتاويُّون: الغُرَباء أَي لا يَعْدِلَنَّ أَتاوِيُّون أَحداً بأَصحاب
المُحِلاَّت؛ قال أَبو علي الفارسي: هذا على حذف المفعول كما قال تعالى:
يوم تُبَدَّل الأَرضُ غيرَ الأَرض والسمواتُ؛ أَي والسمواتُ غيرَ
السمواتِ، ويروى: لا يُعْدَلَنَّ، على ما لم يسمَّ فاعله، أَي لا ينبغي أَن
يُعْدل فعلى هذا لا حذف فيه.
وتَلْعة مُحِلَّة: تَضُمُّ بيتاً أَو بيتين. قال أَعرابي: أَصابنا
مُطَيْر كسَيْل شعاب السَّخْبَرِ رَوَّى التَّلْعة المُحِلَّة، ويروى: سَيَّل
شِعابَ السَّخْبَر، وإِنما شَبَّه بشِعاب السَّخْبَر، وهي مَنابِته، لأَن
عَرْضَها ضَيِّق وطولها قدر رَمْية حَجَر.
وحَلَّ المُحْرِمُ من إِحرامه يَحِلُّ حِلاًّ وحَلالاً إِذا خَرج من
حِرْمه. وأَحَلَّ: خَرَج، وهو حَلال، ولا يقال حالٌّ على أَنه القياس. قال
ابن الأَثير: وأَحَلَّ يُحِلُّ إِحْلالاً إِذا حَلَّ له ما حَرُم عليه من
مَحْظورات الحَجِّ؛ قال الأَزهري: وأَحَلَّ لغة وكَرِهها الأَصمَعي وقال:
أَحَلَّ إِذا خَرج من الشُّهُور الحُرُم أَو من عَهْد كان عليه. ويقال
للمرأَة تَخْرُج من عِدَّتها: حَلَّتْ. ورجل حِلٌّ من الإِحرام أَي حَلال.
والحَلال: ضد الحرام. رَجُل حَلال أَي غير مُحْرِم ولا متلبس بأَسباب
الحج، وأَحَلَّ الرجلُ إِذا خرج إِلى الحِلِّ عن الحَرَم، وأَحَلَّ إِذا
دخل في شهور الحِلِّ، وأَحْرَمْنا أَي دخلنا في الشهور الحُرُم. الأَزهري:
ويقال رجل حِلٌّ وحَلال ورجل حِرْم وحَرام أَي مُحْرِم؛ وأَما قول زهير:
جَعَلْن القَنانَ عن يَمينٍ وحَزْنَه،
وكم بالقَنان من مُحِلّ ومُحْرِم
فإِن بعضهم فسره وقال: أَراد كَمْ بالقَنان من عَدُوٍّ يرمي دَماً
حَلالاً ومن مُحْرم أَي يراه حَراماً. ويقال: المُحِلُّ الذي يَحِلُّ لنا
قِتالُه، والمُحْرِم الذي يَحْرُم علينا قتاله. ويقال: المُحِلُّ الذي لا
عَهْد له ولا حُرْمة، وقال الجوهري: من له ذمة ومن لا ذمة له. والمُحْرِم:
الذي له حُرْمة. ويقال للذي هو في الأَشهر الحُرُم: مُحْرِم، وللذي خرج
منها: مُحِلٌّ. ويقال للنازل في الحَرَم: مُحْرِم، والخارج منه: مُحِلّ،
وذلك أَنه ما دام في الحَرَم يحرم عليه الصيد والقتال، وإِذا خرج منه حَلَّ
له ذلك. وفي حديث النخعي: أَحِلَّ بمن أَحَلَّ بك؛ قال الليث: معناه من
ترك الإِحرام وأَحَلَّ بك فقاتَلَك فأَحْلِل أَنت أَيضاً به فقائِلُه
وإِن كنت مُحْرماً، وفيه قول آخر وهو: أَن المؤمنين حَرُم عليهم أَن يقتل
بعضهم بعضاً ويأْخذ بعضهم مال بعضهم، فكل واحد منهم مُحْرِم عن صاحبه،
يقول: فإِذا أَحَلَّ رجل ما حَرُم عليه منك فادفعه عن نفسك بما تَهَيَّأَ لك
دفعُه به من سلاح وغيره وإِن أَتى الدفع بالسلاح عليه، وإَحْلال البادئ
ظُلْم وإِحْلال الدافع مباح؛ قال الأَزهري: هذا تفسير الفقهاء وهو غير
مخالف لظاهر الخبر. وفي حديث آخر: من حَلَّ بك فاحْلِلْ به أَي من صار
بسببك حَلالاً فَصِرْ أَنت به أَيضاً حَلالاً؛ هكذا ذكره الهروي وغيره، والذي
جاء في كتاب أَبي عبيد عن النخعي في المُحْرِم يَعْدو عليه السَّبُع أَو
اللِّصُّ: أَحِلَّ بمن أَحَلَّ بك. وفي حديث دُرَيد بن الصِّمَّة: قال
لمالك بن عوف أَنت مُحِلٌّ بقومك أَي أَنك قد أَبَحْت حَرِيمهم وعَرَّضتهم
للهلاك، شَبَّههم بالمُحْرِم إِذا أَحَلَّ كأَنهم كانوا ممنوعين
بالمُقام في بيوتهم فحَلُّوا بالخروج منها. وفعل ذلك في حُلِّه وحُرْمه وحِلِّه
وحِرْمه أَي في وقت إحْلاله وإِحرامه. والحِلُّ: الرجل الحَلال الذي خرج
من إِحرامه أَو لم يُحْرِم أَو كان أَحرم فحَلَّ من إِحرامه. وفي حديث
عائشة: قالت طَيَّبْت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لحِلِّه وحِرْمه؛ وفي
حديث آخر: لحِرْمِه حين أَحْرَم ولحِلِّه حين حَلَّ من إِحرامه، وفي
النهاية لابن الأَثير: لإِحْلاله حين أَحَلَّ.
والحِلَّة: مصدر قولك حَلَّ الهَدْيُ. وقوله تعالى: حتى يَبْلغ الهَدْيُ
مَحِلَّه؛ قيل مَحِلُّ من كان حاجّاً يوم النَّحر، ومَحِلُّ من كان
معتمراً يوم يدخل مكة؛ الأَزهري: مَحِلُّ الهدي يوم النحر بمِنًى، وقال:
مَحِلُّ هَدْي المُتَمَتِّع بالعُمْرة إِلى الحج بمكة إِذا قَدِمها وطاف
بالبيت وسعى بين الصفا والمروة. ومَحِلُّ هَدْيِ القارن: يوم النحر بمنًى،
ومَحِلُّ الدَّيْن: أَجَلُه، وكانت العرب إِذا نظرت إِلى الهلال قالت: لا
مَرْحَباً بمُحِلِّ الدَّيْن مُقَرِّب الأَجَل. وفي حديث مكة: وإِنما
أُحِلَّت لي ساعة من نهار، يعني مَكَّة يوم الفتح حيث دخلها عَنْوَة غير
مُحْرِم. وفي حديث العُمْرة: حَلَّت العُمْرة لمن اعْتَمَرَ أَي صارت لكم
حَلالاً جائزة، وذلك أَنهم كانوا لا يعتمرون في الأَشهر الحُرُم، فذلك معنى
قولهم إِذا دَخَل صَفَر حَلَّت العُمْرَةُ لمن اعْتَمَر.
والحِلُّ والحَلال والحِلال والحَلِيل: نَقِيض الحرام، حَلَّ يَحِلُّ
حِلاًّ وأَحَلَّه الله وحَلَّله. وقوله تعالى: يُحِلُّونه عاماً
ويُحَرِّمونه عاماً؛ فسره ثعلب فقال: هذا هو النسِيء، كانوا في الجاهلية يجمعون
أَياماً حتى تصير شهراً، فلما حَجَّ النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: الآنَ
اسْتَدارَ الزمانُ كهيئته. وهذا لك حِلٌّ أَي حَلال. يقال: هو حِلٌّ
وبِلٌّ أَي طَلْق، وكذلك الأُنثى. ومن كلام عبد المطلب: لا أُحِلُّها لمغتسل
وهي لشارب حِلٌّ وبِلٌّ أَي حَلال، بِلٌّ إِتباع، وقيل: البِلُّ مباح،
حِمْيَرِيَّة. الأَزهري: روى سفيان عن عمرو بن دينار قال: سمعت ابن عباس
يقول: هي حِلٌّ وبِلٌّ يعني زمزم، فسُئِل سفيان: ما حِلٌّ وبِلٌّ؟ فقال:
حِلٌّ مُحَلَّل. ويقال: هذا لك حِلٌّ وحَلال كما يقال لضدّه حِرْم وحَرام
أَي مُحَرَّم. وأَحْلَلت له الشيءَ. جعلته له حَلالاً. واسْتَحَلَّ
الشيءَ: عَدَّه حَلالاً. ويقال: أَحْلَلت المرأَةَ لزوجها. وفي الحديث: لعن
رسول الله، صلى الله عليه وسلم، المُحَلِّل والمُحَلَّل له، وفي رواية:
المُحِلَّ والمُحَلَّ له، وهو أَن يطلق الرجل امرأَته ثلاثاً فيتزوجها رجل
آخر بشرط أَن يطلقها بعد مُوَاقَعته إِياها لتَحِلَّ للزوج الأَول. وكل شيء
أَباحه الله فهو حَلال، وما حَرَّمه فهو حَرَام. وفي حديث بعض الصحابة:
ولا أُوتي بحَالٍّ ولا مُحَلَّل إِلا رَجَمْتُهما؛ جعل الزمخشري هذا
القول حديثاً لا أَثراً؛ قال ابن الأَثير: وفي هذه اللفظة ثلاث لغات حَلَّلْت
وأَحْلَلت وحَلَلْت، فعلى الأَول جاء الحديث الأَول، يقال حَلَّل فهو
مُحَلِّل ومُحَلَّل، وعلى الثانية جاء الثاني تقول أَحَلَّ فهو مُحِلٌّ
ومُحَلٌّ له، وعلى الثالثة جاء الثالث تقول حَلَلْت فأَنا حَالٌّ وهو
مَحْلول له؛ وقيل: أَراد بقوله لا أُوتَى بحالٍّ أَي بذي إِحْلال مثل قولهم
رِيحٌ لاقِح أَي ذات إِلْقاح، وقيل: سُمِّي مُحَلِّلاً بقصده إِلى التحليل
كما يسمى مشترياً إِذا قصد الشراء. وفي حديث مسروق في الرجل تكون تحته
الأَمة فيُطَلِّقها طلقتين ثم يشتريها قال: لا تَحِلُّ له إِلا من حيث
حَرُمت عليه أَي أَنها لا تَحِلُّ له وإِن اشتراها حتى تنكح زوجاً غيره، يعني
أَنها حَرُمت عليه بالتطليقتين، فلا تَحِلُّ له حتى يطلقها الزوج الثاني
تطليقتين، فتَحِلّ له بهما كما حَرُمت عليه بهما. واسْتَحَلَّ الشيءَ:
اتخذه حَلالاً أَو سأَله أَن يُحِلَّه له. والحُلْو الحَلال: الكلام الذي
لا رِيبة فيه؛ أَنشد ثعلب:
تَصَيَّدُ بالحُلْوِ الحَلالِ، ولا تُرَى
على مَكْرَهٍ يَبْدو بها فيَعِيب
وحَلَّلَ اليمينَ تحليلاً وتَحِلَّة وتَحِلاًّ، الأَخيرة شاذة:
كَفَّرَها، والتَّحِلَّة: ما كُفِّر به. وفي التنزيل: قد فرض الله لكم تَحِلَّة
أَيمانكم؛ والاسم من كل ذلك الحِلُّ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
ولا أَجْعَلُ المعروف حِلَّ أَلِيَّةٍ،
ولا عِدَةً في الناظر المُتَغَيَّب
قال ابن سيده: هكذا وجدته المُتَغَيَّب، مفتوحة الياء، بخَطِّ الحامِض،
والصحيح المُتَغَيِّب، بالكسر. وحكى اللحياني: أَعْطِ الحالف حُلاَّنَ
يَمينه أَي ما يُحَلِّل يمينه، وحكى سيبويه: لأَفعلن كذا إِلاَّ حِلُّ ذلك
أَن أَفعل كذا أَي ولكن حِلُّ ذلك، فحِلُّ مبتدأ وما بعدها مبنيّ عليها؛
قال أَبو الحسن: معناه تَحِلَّةُ قَسَمِي أَو تحليلُه أَن أَفعل كذا.
وقولهم: فعلته تَحِلَّة القَسَم أَي لم أَفعل إِلا بمقدار ما حَلَّلت به
قَسَمي ولم أُبالِغ. الأَزهري: وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم: لا يموت
لمؤمن ثلاثة أَولاد فتَمَسّه النار إِلا تَحِلَّة القَسَم؛ قال أَبو
عبيد: معنى قوله تَحِلَّة القَسَم قول الله عز وجل: وإِنْ منكم إِلا
واردُها، قال: فإِذا مَرَّ بها وجازها فقدأَبَرَّ الله قَسَمَه. وقال غير أَبي
عبيد: لا قَسَم في قوله تعالى: وإِن منكم إِلا واردها، فكيف تكون له
تَحِلَّة وإِنما التَّحِلَّة للأَيْمان؟ قال: ومعنى قوله إِلا تَحِلَّة
القَسَم إِلا التعذير الذي لا يَبْدَؤُه منه مكروه؛ ومنه قول العَرَب: ضَرَبْته
تحليلاً ووَعَظْته تَعْذيراً أَي لم أُبالِغ في ضربه ووَعْظِه؛ قال ابن
الأَثير: هذا مَثَل في القَلِيل المُفْرِط القِلَّة وهو أَن يُباشِر من
الفعل الذي يُقْسِم عليه المقدارَ الذي يُبِرُّ به قَسَمَه ويُحَلِّلُه،
مثل أَن يحلف على النزول بمكان فلو وَقَع به وَقْعة خفيفة أَجزأَته فتلك
تَحِلَّة قَسَمِه، والمعنى لا تَمَسُّه النار إِلا مَسَّة يسيرة مثل
تَحِلَّة قَسَم الحالف، ويريد بتَحِلَّتِه الوُرودَ على النار والاجْتيازَ
بها، قال: والتاء في التَّحِلَّة زائدة؛ وفي الحديث الآخر: من حَرَس ليلة من
وراء المسلمين مُتَطَوِّعاً لم يأْخذه الشيطان ولم ير النار تَمَسُّه
إِلا تَحِلَّة القَسَم؛ قال الله تعالى: وإِن منكم إِلا واردها، قال
الأَزهري: وأَصل هذا كله من تحليل اليمين وهو أَن يحلف الرجل ثم يستثني استثناء
متصلاً باليمين غير منفصل عنها، يقال: آلى فلان أَلِيَّة لم يَتَحَلَّل
فيها أَي لم يَسْتثْنِ ثم جعل ذلك مثلاً للتقليل؛ ومنه قول كعب بن زهير:
تَخْدِي على يَسَراتٍ، وهي لاحقة،
بأَرْبَعٍ، وَقْعُهُنَّ الأَرضَ تَحْلِيل
(* قوله «لاحقة» في نسخة النهاية التي بأيدينا: لاهية).
وفي حواشي ابن بري:
تَخْدِي على يَسَرات، وهي لاحقة،
ذَوَابِل، وَقْعُهُنَّ الأَرضَ تَحْلِيل
أَي قليل
(* قوله «أي قليل» هذا تفسير لتحليل في البيت) كما يحلف
الإِنسان على الشيء أَن يفعله فيفعل منه اليسير يُحَلِّل به يَمِينه؛ وقال
الجوهري: يريد وَقْعَ مَناسِم الناقة على الأَرض من غير مبالغة؛ وقال
الآخر:أَرَى إِبلي عافت جَدُودَ، فلم تَذُقْ
بها قَطْرَةً إِلا تَحِلَّة مُقْسِم
قال ابن بري: ومثله لعَبْدَةَ بن الطبيب:
تُحْفِي الترابَ بأَظْلافٍ ثَمانية
في أَرْبَع، مَسُّهنَّ الأَرضَ تَحْلِيلُ
أَي قليل هَيِّن يسير. ويقال للرجل إِذا أَمْعَن في وَعِيد أَو أَفرط في
فَخْر أَو كلام: حِلاًّ أَبا فلان أَي تَحَلَّلْ في يمينك، جعله في
وعيده إِياه كاليمين فأَمره بالاستثناء أَي اسْتَثْن يا حالف واذْكُر حِلاًّ.
وفي حديث أَبي بكر: أَنه قال لامرأَة حَلَفت أَن لا تُعْتِق مَوْلاة لها
فقال لها: حِلاًّ أُمَّ فلان، واشتراها وأَعتقها، أَي تَحَلَّلِي من
يمينك، وهو منصوب على المصدر؛ ومنه حديث عمرو بن معد يكرب: قال لعمر حِلاًّ
يا أَمير المؤمنين فيما تقول أَي تَحَلَّلْ من قولك. وفي حديث أَنس: قيل
له حَدِّثْنا ببعض ما سمعتَه من رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال:
وأَتَحلَّل أَي أَستثني. ويقال: تَحَلَّل فلان من يمينه إِذا خرج منها
بكفارة أَو حِنْث يوجب الكفارة؛ قال امرؤ القيس:
وآلَتْ حِلْفةً لم تَحَلَّل
وتَحَلَّل في يمينه أَي استثنى.
والمُحَلِّل من الخيل: الفَرَسُ الثالث من خيل الرِّهان، وذلك أَن يضع
الرَّجُلانِ رَهْنَين بينهما ثم يأْتي رجل سواهما فيرسل معهما فرسه ولا
يضع رَهْناً، فإِن سَبَق أَحدُ الأَوَّليْن أَخَذَ رهنَه ورهنَ صاحبه وكان
حَلالاً له من أَجل الثالث وهو المُحَلِّل، وإِن سبَقَ المُحَلِّلُ ولم
يَسْبق واحد منهما أَخَذَ الرهنين جميعاً، وإِن سُبِقَ هو لم يكن عليه
شيء، وهذا لا يكون إِلاَّ في الذي لا يُؤْمَن أَن يَسْبق، وأَما إِذا كان
بليداً بطيئاً قد أُمِن أَن يَسْبِقهما فذلك القِمَار المنهيّ عنه،
ويُسَمَّى أَيضاً الدَّخِيل.
وضَرَبه ضَرْباً تَحْلِيلاً أَي شبه التعزير، وإِنما اشتق ذلك من
تَحْلِيل اليمين ثم أُجْري في سائر الكلام حتى قيل في وصف الإِبل إِذا
بَرَكَتْ؛ ومنه قول كعب
بن زهير:
نَجَائِب وَقْعُهُنَّ الأَرضَ تَحْليل
أَي هَيِّن. وحَلَّ العُقْدة يَحُلُّها حَلاًّ: فتَحَها ونَقَضَها
فانْحَلَّتْ. والحَلُّ: حَلُّ العُقْدة. وفي المثل السائر: يا عاقِدُ اذْكُرْ
حَلاًّ، هذا المثل ذكره الأَزهري والجوهري؛ قال ابن بري: هذا قول
الأَصمعي وأَما ابن الأَعرابي فخالفه وقال: يا حابِلُ اذْكُرْ حَلاًّ وقال: كذا
سمعته من أَكثر من أَلف أَعرابي فما رواه أَحد منهم يا عاقِدُ، قال:
ومعناه إِذا تحَمَّلْتَ فلا نُؤَرِّب ما عَقَدْت، وذكره ابن سيده على هذه
الصورة في ترجمة حبل: يا حابِلُ اذْكُرْ حَلاًّ. وكل جامد أُذِيب فقد
حُلَّ.والمُحَلَّل: الشيء اليسير، كقول امرئ القيس يصف جارية:
كبِكْرِ المُقاناةِ البَيَاض بصُفْرة،
غَذَاها نَمِير الماءِ غَيْر المُحَلَّل
وهذا يحتمل معنيين: أَحدهما أَن يُعْنَى به أَنه غَذَاها غِذَاء ليس
بمُحَلَّل أَي ليس بيسير ولكنه مُبالَغ فيه، وفي التهذيب: مَرِيءٌ ناجِعٌ،
والآخر أَن يُعْنى به غير محلول عليه فيَكْدُر ويَفْسُد. وقال أَبو
الهيثم: غير مُحَلَّل يقال إِنه أَراد ماء البحر أَي أَن البحر لا يُنْزَل عليه
لأَن ماءه زُعَاق لا يُذَاق فهو غير مُحَلَّل أَي غير مَنْزولٍ عليه،
قال: ومن قال غير مُحَلَّل أَي غير قليل فليس بشيء لأَن ماء البحر لا يوصف
بالقلة ولا بالكثرة لمجاوزة حدِّه الوصفَ، وأَورد الجوهري هذا البيت
مستشهداً به على قوله: ومكان مُحَلَّل إِذا أَكثر الناسُ به الحُلُولَ، وفسره
بأَنه إِذا أَكثروا به الحُلول كدَّروه. وكلُّ ماء حَلَّتْه الإِبل
فكَدَّرَتْه مُحَلَّل، وعَنى امرُؤ القيس بقوله بِكْر المُقَاناة دُرَّة غير
مثقوبة. وحَلَّ عليه أَمرُ الله يَحِلُّ حُلولاً: وجَبَ. وفي التنزيل:
أَن يَحِلَّ عليكم غَضَبٌ من ربكم، ومن قرأَ: أَن يَحُلَّ، فمعناه أَن
يَنْزِل. وأَحَلَّه اللهُ عليه: أَوجبه؛ وحَلَّ عليه حَقِّي يَحِلُّ
مَحِلاًّ، وهو أَحد ما جاء من المصادر على مثال مَفْعِل بالكسر كالمَرْجِعِ
والمَحِيص وليس ذلك بمطَّرد، إِنما يقتصر على ما سمع منه، هذا مذهب سيبويه.
وقوله تعالى: ومن يَحْلُِلْ عليه غَضَبي فقد هَوَى؛ قرئَ ومن يَحْلُل
ويَحْلِل، بضم اللام وكسرها، وكذلك قرئَ: فيَحُِلُّ عليكم غضبي، بكسر الحاء
وضمها؛ قال الفراء: والكسر فيه أَحَبُّ إِليَّ من الضم لأَن الحُلول ما
وقع من يَحُلُّ، ويَحِلُّ يجب، وجاء بالتفسير بالوجوب لا بالوقوع، قال:
وكلٌّ صواب، قال: وأَما قوله تعالى: أَم أَردتم أَن يَحِلَّ عليكم، فهذه
مكسورة، وإِذا قلت حَلَّ بهم العذابُ كانت تَحُلُّ لا غير، وإِذا قلت
عَليَّ أَو قلت يَحِلُّ لك كذا وكذا، فهو بالكسر؛ وقال الزجاج: ومن قال
يَحِلُّ لك كذا وكذا فهو بالكسر، قال: ومن قرأَ فيَحِلُّ عليكم فمعناه فيَجِب
عليكم، ومن قرأَ فيَحُلُّ فمعناه فيَنْزِل؛ قال: والقراءة ومن يَحْلِل
بكسر اللام أَكثر. وحَلَّ المَهْرُ يَحِلُّ أَي وجب. وحَلَّ العذاب يَحِلُّ،
بالكسر، أَي وَجَب، ويَحُلُّ، بالضم، أَي نزل. وأَما قوله أَو تَحُلُّ
قريباً من دارهم، فبالضم، أَي تَنْزل. وفي الحديث: فلا يَحِلُّ لكافر
يَجِد ريح نَفَسه إِلاَّ مات أَي هو حَقٌّ واجب واقع كقوله تعالى: وحَرَام
على قَرْية؛ أَي حَقٌّ واجب عليها؛ ومنه الحديث: حَلَّت له شفاعتي، وقيل:
هي بمعنى غَشِيَتْه ونَزَلَتْ به، فأَما قوله: لا يَحُلُّ المُمْرِض على
المُصِحّ، فبضم الحاء، من الحُلول النزولِ، وكذلك فَلْيَحْلُل، بضم اللام.
وأَما قوله تعالى: حتى يبلغ الهَدْيُ مَحِلَّه، فقد يكون المصدرَ ويكون
الموضعَ. وأَحَلَّت الشاةُ والناقةُ وهي مُحِلٌّ: دَرَّ لبَنُها، وقيل:
يَبِسَ لبنُها ثم أَكَلَت الرَّبيعَ فدَرَّت، وعبر عنه بعضهم بأَنه نزول
اللبن من غير نَتاج، والمعنيان متقاربان، وكذلك الناقة؛ أَنشد ابن
الأَعرابي:
ولكنها كانت ثلاثاً مَيَاسِراً،
وحائلَ حُول أَنْهَزَتْ فأَحَلَّتِ
(* قوله «أَنهزت» أورده في ترجمة نهز بلفظ أنهلت باللام، وقال بعده:
ورواه ابن الاعرابي أنهزت بالزاي ولا وجه له).
يصف إِبلاً وليست بغنم لأَن قبل هذا:
فَلو أَنَّها كانت لِقَاحِي كَثيرةً،
لقد نَهِلَتْ من ماء جُدٍّ وعَلَّت
(* قوله «من ماء جد» روي بالجيم والحاء كما أورده في المحلين).
وأَنشد الجوهري لأُمية بن أَبي الصلت الثقفي:
غُيوث تَلتَقي الأَرحامُ فيها،
تُحِلُّ بها الطَّروقةُ واللِّجاب
وأَحَلَّت الناقةُ على ولدها: دَرَّ لبنُها، عُدِّي بعَلى لأَنه في معنى
دَرَّت. وأَحَلَّ المالُ فهو يُحِلُّ إِحْلالاً إِذا نزل دَرُّه حين
يأْكل الربيع. الأَزهري عن الليث وغيره: المَحالُّ الغنم التي ينزل اللبن في
ضروعها من غير نَتاج ولا وِلاد.
وتَحَلَّل السَّفَرُ بالرجل: اعْتَلَّ بعد قدومه.
والإِحْلِيل والتِّحْلِيل: مَخْرَج البول من الإِنسان ومَخْرج اللبن من
الثدي والضَّرْع. الأَزهري: الإِحْلِيل مَخْرج اللبن من طُبْي الناقة
وغيرها. وإِحْلِيل الذَّكَرِ: ثَقْبه الذي يخرج منه البول، وجمعه
الأَحالِيل؛ وفي قصيد كعب بن زهير:
تُمِرُّ مثلَ عَسِيب النخل ذا خُصَلٍ،
بغارب، لم تُخَوِّنْه الأَحالِيل
هو جمع إِحْلِيل، وهو مَخْرَج اللبن من الضَّرْع، وتُخَوِّنه: تَنْقُصه،
يعني أَنه قد نَشَفَ لبنُها فهي سمينة لم تضعف بخروج اللبن منها.
والإِحْلِليل: يقع على ذَكَرِ الرجل وفَرْج المرأَة، ومنه حديث ابن عباس:
أَحْمَد إِليكم غَسْل الإِحْلِيل أَي غَسْل الذكر. وأَحَلَّ الرجلُ بنفسه إِذا
استوجب العقوبة. ابن الأَعرابي: حُلَّ إِذا سُكِن، وحلَّ إِذا عَدا،
وامرأَة حَلاَّء رَسْحاء، وذِئْب أَحَلُّ بَيِّن الحَلَل كذلك. ابن
الأَعرابي: ذئب أَحَلُّ وبه حَلَل، وليس بالذئب عَرَج، وإِنما يوصف به لخَمَع
يُؤنَس منه إِذا عَدا؛ وقال الطِّرِمَّاح:
يُحِيلُ به الذِّئْبُ الأَحَلُّ، وَقُوتُه
ذَوات المَرادِي، من مَناقٍ ورُزّح
(* قوله «المرادي» هكذا في الأصل، وفي الصحاح: الهوادي، وهي الأعناق.
وفي ترجمة مرد: أن المراد كسحاب العنق).
وقال أَبو عمرو: الأَحَلُّ أَن يكون مَنْهوس المُؤْخِر أَرْوَح
الرِّجلين. والحَلَل: استرخاء عَصَب الدابة، فَرَسٌ أَحَلُّ. وقال الفراء:
الحَلَل في البعير ضعف في عُرْقوبه، فهو أَحَلُّ بَيِّن الحَلَل، فإِن كان في
الرُّكْبة فهو الطَّرَق. والأَحَلُّ: الذي في رجله استرخاء، وهو مذموم في
كل شيء إِلا في الذئب. وأَنشد الجوهري بيت الطرماح: يُحِيلُ به الذِّئبُ
الأَحَلُّ، ونسبه إِلى الشماخ وقال: يُحِيلُ أَي يُقِيم به حَوْلاً. وقال
أَبو عبيدة: فَرَس أَحَلُّ، وحَلَلُه ضعف نَساه ورَخاوة كَعْبه، وخَصّ
أَبو عبيدة به الإِبل. والحَلَل: رخاوة في الكعب، وقد حَلِلْت حَلَلاً.
وفيه حَلَّة وحِلَّة أَي تَكَسُّر وضعف؛ الفتح عن ثعلب والكسر عن ابن
الأَعرابي. وفي حديث أَبي قتادة: ثم تَرَك فتَحَلَّل أَي لما انْحَلَّت قُواه
ترك ضَمَّه إِليه، وهو تَفَعُّل من الحَلِّ نقيض الشَّدّ؛ وأَنشد ابن بري
لشاعر:
إِذا اصْطَكَّ الأَضاميمُ اعْتَلاها
بصَدْرٍ، لا أَحَلَّ ولا عَموج
وفي الحديث: أَنه بَعَث رجلاً على الصدقة فجاء بفَصِيل مَحْلُول أَو
مَخْلول بالشك؛ المحلول، بالحاء المهملة: الهَزِيل الذي حُلَّ اللحم عن
أَوصاله فعَرِيَ منه، والمَخْلُول يجيء في بابه.
وفي الحديث: الصلاة تحريمها التكبير وتَحْلِيلها التسليم أَي صار
المُصَلِّي بالتسليم يَحِلُّ له ما حرم فيها بالتكبير من الكلام والأَفعال
الخارجة عن كلام الصلاة وأَفعالها، كما يَحِلُّ للمُحْرِم بالحج عند الفراغ
منه ما كان حَراماً عليه. وفي الحديث: أَحِلُّوا الله يغفر لكم أَي
أَسلموا؛ هكذا فسر في الحديث، قال الخطابي: معناه الخروج من حَظْر الشِّرك إِلى
حِلِّ الإِسلام وسَعَته، من قولهم حَلَّ الرجلُ إِذا خرج من الحَرَم
إِلى الحِلِّ، ويروى بالجيم، وقد تقدم؛ قال ابن الأَثير: وهذا الحديث هو عند
الأَكثر من كلام أَبي الدرداء، ومنهم من جعله حديثاً. وفي الحديث: من
كانت عنده مَظْلِمة من أَخيه فَلْيسْتَحِلَّه. وفي حديث عائشة أَنها قالت
لامرأَة مَرَّتْ بها: ما أَطول ذَيْلَها فقال: اغْتَبْتِها قُومي إِليها
فَتَحلَّليها؛ يقال: تَحَلَّلته واسْتَحْلَلْته إِذا سأَلته أَن يجعلك في
حِلٍّ من قِبَله. وفي الحديث: أَنه سئل أَيّ الأَعمال أَفضل فقال:
الحالُّ المُرْتَحِل، قيل: وما ذاك؟ قال: الخاتِم المفتَتِح هو الذي يَخْتم
القرآن بتلاوته ثم يَفْتَتح التلاوة من أَوّله؛ شبَّهه بالمُسافر يبلغ
المنزل فيَحُلُّ فيه ثم يفتتح سيره أَي يبتدئه، وكذلك قُرَّاء أَهل مكة إِذا
ختموا القرآن بالتلاوة ابتدأُوا وقرأُوا الفاتحة وخمس آيات من أَول سورة
البقرة إِلى قوله: أُولئك هم المفلحون، ثم يقطعون القراءة ويُسَمُّون ذلك
الحالَّ المُرْتَحِل أَي أَنه ختم القرآن وابتدأَ بأَوَّله ولم يَفْصِل
بينهما زمان، وقيل: أَراد بالحالِّ المرتحل الغازِيَ الذي لا يَقْفُل عن
غَزْوٍ إِلا عَقَّبه بآخر.
والحِلال: مَرْكَبٌ من مراكب النساء؛ قال طُفَيْل:
وراكضةٍ، ما تَسْتَجِنُّ بجُنَّة،
بَعِيرَ حِلالٍ، غادَرَتْه، مُجَعْفَلِ
مُجَعْفَل: مصروع؛ وأَنشد ابن بري لابن أَحمر:
ولا يَعْدِلْنَ من ميل حِلالا
قال: وقد يجوز أَن يكون متاعَ رَحْل البعير. والحِلُّ: الغَرَض الذي
يُرْمى إِليه. والحِلال: مَتاع الرَّحْل؛ قال الأَعشى:
وكأَنَّها لم تَلْقَ سِتَّة أَشهر
ضُرّاً، إِذا وَضَعَتْ إِليك حِلالَها
قال أَبو عبيد: بلغتني هذه الرواية عن القاسم بن مَعْن، قال: وبعضهم
يرويه جِلالَها، بالجيم؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
ومُلْوِيَةٍ تَرى شَماطِيطَ غارة،
على عَجَلٍ، ذَكَّرْتُها بِحِلالِها
فسره فقال: حِلالُها ثِيابُ بدنها وما على بعيرها، والمعروف أَن الحِلال
المَرْكَب أَو متاع الرَّحْل لا أَن ثياب المرأَة مَعْدودة في الحِلال،
ومعنى البيت عنده: قلت لها ضُمِّي إِليك ثِيابَك وقد كانت رَفَعَتْها من
الفَزَع. وفي حديث عيسى، عليه السلام، عند نزوله: أَنه يزيد في الحِلال؛
قيل: أَراد أَنه إِذا نَزَل تَزَوَّجَ فزاد فيما أَحَلَّ اللهُ له أَي
ازداد منه لأَنه لم يَنْكِح إِلى أَن رُفِع.
وفي الحديث: أَنه كسا عليّاً، كرّم الله وجهه، حُلَّة سِيَراء؛ قال خالد
بن جَنْبة: الحُلَّة رِداء وقميص وتمامها العِمامة، قال: ولا يزال الثوب
الجَيِّد يقال له في الثياب حُلَّة، فإِذا وقع على الإِنسان ذهبت
حُلَّته حتى يجتمعن له إِمَّا اثنان وإِما ثلاثة، وأَنكر أَن تكون الحُلَّة
إِزاراً ورِداء وَحْدَه. قال: والحُلَل الوَشْي والحِبرَة والخَزُّ والقَزُّ
والقُوهِيُّ والمَرْوِيُّ والحَرِير، وقال اليَمامي: الحُلَّة كل ثوب
جَيِّد جديد تَلْبسه غليظٍ أَو دقيق ولا يكون إِلا ذا ثوبَين، وقال ابن
شميل: الحُلَّة القميص والإِزار والرداء لا تكون أَقل من هذه الثلاثة، وقال
شمر: الحُلَّة عند الأَعراب ثلاثة أَثواب، وقال ابن الأَعرابي: يقال
للإِزار والرداء حُلَّة، ولكل واحد منهما على انفراده حُلَّة؛ قال الأَزهري:
وأَما أَبو عبيد فإِنه جعل الحُلَّة ثوبين. وفي الحديث: خَيْرُ الكَفَن
الحُلَّة، وخير الضَّحِيَّة الكبش الأَقْرَن. والحُلَل: بُرود اليمن ولا
تسمى حُلَّة حتى تكون ثوبين، وقيل ثوبين من جنس واحد؛ قال: ومما يبين ذلك
حديث عمر: أَنه رأَى رجلاً عليه حُلَّة قد ائتزرَ بأَحدهما وارْتَدى
بالآخر فهذان ثوبان؛ وبَعَث عمر إِلى مُعاذ بن عَفْراء بحُلَّة فباعها واشترى
بها خمسة أَرؤس من الرقيق فأَعتقهم ثم قال: إِن رجلاً آثر قِشْرَتَيْن
يَلْبَسُهما على عِتْق هؤلاء لَغَبينُ الرأْي: أَراد بالقِشْرَتَين
الثوبين؛ قال: والحُلَّة إِزار ورداء بُرْد أَو غيره ولا يقال لها حُلَّة حتى
تكون من ثوبين والجمع حُلَل وحِلال؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
ليس الفَتى بالمُسْمِن المُخْتال،
ولا الذي يَرْفُل في الحِلال
وحَلَّله الحُلَّة: أَلبسه إِياها؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
لَبِسْتَ عليك عِطاف الحَياء،
وحَلَّلَك المَجْدَ بَنْيُ العُلى
أَي أَلْبَسك حُلَّته، وروى غيره: وجَلَّلَك. وفي حديث أَبي اليَسَر: لو
أَنك أَخَذْت بُرْدة غُلامك وأَعْطَيْتَه مُعافِرِيَّك أَو أَخَذْت
مُعافِريَّه وأَعطيته بُرْدتك فكانت عليك حُلَّة وعليه حُلَّة. وفي حديث
عَليّ: أَنه بعث ابنته أُم كلثوم إِلى عمر، رضي الله عنهم، لمَّا خَطَبَها
فقال لها: قُولي له أَبي يقول هل رَضِيت الحُلَّة؟ كَنى عنها بالحُلَّة
لأَن الحُلَّة من اللباس ويكنى به عن النساء؛ ومنه قوله تعالى: هُنَّ لِباس
لكم وأَنتم لباس لهن. الأَزهري: لَبِس فلان حُلَّته أَي سِلاحه.
الأَزهري: أَبو عَمْرو الحُلَّة القُنْبُلانِيَّة وهي الكَراخَة.
وفي حديث أَبي اليَسَر
(* قوله «وفي حديث أَبي اليسر» الذي في نسخة
النهاية التي بأيدينا أنه حديث عمر) والحُلاَّن الجَدْيُ، وسنذكره في
حلن.والحِلَّة: شجرة شاكَة أَصغر من القَتادة يسميها أَهل البادية
الشِّبْرِق، وقال ابن الأَعرابي: هي شجرة إِذا أَكَلَتْها الإِبل سَهُل خروج
أَلبانها، وقيل: هي شجرة تنبت بالحجاز تظهر من الأَرض غَبْراء ذات شَوْك
تأْكلها الدواب، وهو سريع النبات ينبت بالجَدَد والآكام والحَصباء، ولا ينبت
في سَهْل ولا جَبَل؛ وقال أَبو حنيفة: الحِلَّة شجرة شاكَة تنبت في غَلْظ
الأَرض أَصغر من العَوْسَجة ووَرَقُها صغار ولا ثمر لها وهي مَرْعى
صِدْقٍ؛ قال:
تأْكل من خِصْبٍ سَيالٍ وسَلَم،
وحِلَّة لَمَّا تُوَطَّأْها قَدَم
والحِلَّة: موضع حَزْن وصُخور في بلاد بني ضَبَّة متصل برَمْل.
وإحْلِيل: اسم واد؛ حكاه ابن جني؛ وأَنشد:
فلو سَأَلَتْ عَنَّا لأُنْبِئَتَ آنَّنا
بإِحْلِيل، لا نُزْوى ولا نتَخَشَّع
وإِحْلِيلاء: موضع. وحَلْحَل القومَ: أَزالهم عن مواضعهم.
والتَّحَلْحُل: التحرُّك والذهاب. وحَلْحَلْتهم: حَرَّكْتهم. وتَحَلْحَلْت عن المكان
كتَزَحْزَحْت؛ عن يعقوب. وفلان ما يَتَحَلْحل عن مكانه أَي ما يتحرك؛
وأَنشد للفرزدق:
ثَهْلانُ ذو الهَضَبات ما يَتَحَلْحَل
قال ابن بري: صوابه ثَهْلانَ ذا الهَضَبات، بالنصب، لأَن صدره:
فارفع بكفك إِن أَردت بناءنا
قال: ومثله لليلى الأَخيلية:
لنا تامِكٌ دون السماء، وأَصْلُه
مقيم طُوال الدهر، لن يَتَحَلْحلا
ويقال: تَحَلْحَل إِذا تَحَرَّك وذهب، وتَلَحْلَح إِذا أَقام ولم
يتحرَّك. والحَلُّ: الشَّيْرَج. قال الجوهري: والحَلُّ دُهْن السمسم؛ وأَما
الحَلال في قول الراعي:
وعَيَّرني الإِبْلَ الحَلالُ، ولم يكن
ليَجْعَلَها لابن الخَبِيثة خالِقُه
فهو لقب رجل من بني نُمَيْر؛ وأَما قول الفرزدق:
فما حِلَّ من جَهْلٍ حُبَا حُلَمائنا،
ولا قائلُ المعروف فينا يُعَنَّف
أَراد حُلَّ، على ما لم يسم فاعله، فطرح كسرة اللام على الحاء؛ قال
الأَخفش: سمعنا من ينشده كذا، قال: وبعضهم لا يكسر الحاء ولكن يُشِمُّها
الكسر كما يروم في قيل الضم، وكذلك لغَتُهم في المُضعَّف مثل رُدَّ
وشُدَّ.والحُلاحِل: السَّيِّد في عشيرته الشجاع الرَّكين في مجلسه، وقيل: هو
الضَّخْم المروءة، وقيل: هو الرَّزِين مع ثَخانة، ولا يقال ذلك للنساء،
وليس له فعل، وحكى ابن جني: رجل مُحَلْحَل ومُلَحْلَح في ذلك المعنى، والجمع
الحَلاحِل؛ قال امرؤ القيس:
يا لَهْفَ نفسي إِن خَطِئْن كاهِلا،
القاتِلِينَ المَلِكَ الحُلاحِلا
قال ابن بري: والحُلاحِل أَيضاً التامّ؛ يقال: حَوْلٌ حُلاحِل أَي تام؛
قال بُجَير بن
لأْي بن حُجْر:
تُبِين رُسوماً بالرُّوَيْتِج قد عَفَتْ
لعَنْزة، قد عُرِّين حَوْلاً حُلاحِلا
وحَلْحَل: اسم موضع. وحَلْحَلة: اسم رجل. وحُلاحِل: موضع، والجيم أَعلى.
وحَلْحَل بالإِبل: قال لها حَلْ حَلْ، بالتخفيف؛ وأَنشد:
قد جَعَلَتْ نابُ دُكَيْنٍ تَزْحَلُ
أُخْراً، وإِن صاحوا به وحَلْحَلوا
الأَصمعي: يقال للناقة إِذا زَجَرَتْها: حَلْ جَزْم، وحَلٍ مُنَوَّن،
وحَلى جزم لا حَليت؛ قال رؤبة:
ما زال سُوءُ الرَّعْي والتَّنَاجِي،
وطُولُ زَجْرٍ بحَلٍ وعاجِ
قال ابن سيده: ومن خفيف هذا الاسم حَلْ وحَلٍ، لإِناث الإِبل خاصة.
ويقال: حَلا وحَلِيَ لا حَليت، وقد اشتق منه اسم فقيل الحَلْحال؛ قال
كُثَيِّر عَزَّة:
نَاجٍ إِذا زُجِر الركائبُ خَلْفَه،
فَلَحِقْنه وثُنِينَ بالحَلْحال
قال الجوهري: حَلْحَلْت بالناقة إِذا قلت لها حَلْ، قال: وهو زَجْر
للناقة، وحَوْبٌ زَجْر للبعير؛ قال أَبو النجم:
وقد حَدَوْناها بحَوْبٍ وحَلِ
وفي حديث ابن عباس: إِن حَلْ لَتُوطِيءُ الناس وتُؤْذِي وتَشْغَل عن ذكر
الله عز وجل، قال: حَلْ زَجْر للناقة إِذا حَثَثْتَها على السير أَي إِن
زجرك إِياها عند الإِفاضة من عرفات يُؤَدِّي إِلى ذلك من الإِيذاء
والشَّغْل عن ذكر الله، فَسِرْ على هِينَتِك.
دير: التهذيب: الدير الدارات في الرمل، ودَيْرُ النصارى، أَصله الواو،
والجمع أَدْيارٌ. والدَّيْرَانِيُّ: صاحب الدَّيْرِ. ابن سيده: الدَّيْرُ
خان النصارى؛ وفي التهذيب: دَيْرُ النصارى، والجمع أَدْيارٌ، وصاحبه الذي
يسكنه ويعمره دَيَّارٌ ودَيْرَانِيٌّ، نسب على غير قياس. قال ابن سيده:
وإِنما قلنا إِنه من الياء وإِن كان دور أَكْثَرَ وأَوسع لأَن الياء قد
تصرفت في جمعه وفي بناء فَعَّالٍ، ولم نقل إِنها معاقبة لأَن ذلك لو كان
لكان حَرِيّاً أَن يسمع في وجه من وجوه تصاريفه. ابن الأَعرابي: يقال
للرجل إِذا رأَس أَصحابه: هو رأْس الدَّيْرِ.
قرح: القَرْحُ والقُرْحُ، لغتان: عَضُّ السلاح ونحوه مما يَجْرَحُ
الجسدَ ومما يخرج بالبدن؛ وقيل: القَرْحُ الآثارُ، والقُرْحُ الأَلَمُ؛ وقال
يعقوب: كأَنَّ القَرْحَ الجِراحاتُ بأَعيانها، وكأَنَّ القُرْحَ أَلَمُها؛
وفي حديث أُحُدٍ: بعدما أَصابهم القَرْحُ؛ هو بالفتح وبالضم: الجُرْحُ؛
وقيل: هو بالضم الاسم، وبالفتح المصدر؛ أَراد ما نالهم من القتل والهزيمة
يومئذ.
وفي حديث جابر: كنا نَخْتَبِطُ بقِسيِّنا ونأْكلُ حتى قَرِحَتْ
أَشداقُنا أَي تَجَرَّحَتْ من أَكل الخَبَطِ. ورجل قَرِحٌ وقَرِيحٌ: ذو قَرْحٍ
وبه قَرْحةٌ دائمة. والقَرِيحُ: الجريح من قوم قَرْحَى وقَراحَى؛ وقد
قَرَحه إِذا جَرَحه يَقْرَحُه قَرْحاً؛ قال المتنخل الهذلي:
لا يُسْلِمُونَ قَرِيحاً حَلَّ وَسْطَهُمُ،
يومَ اللِّقاءِ، ولا يَشْوُونَ من قَرَحُوا
قال ابن بري: معناه لا يُسْلِمُونَ من جُرِحَ منهم لأَعدائهم ولا
يُشْوُونَ من قَرَحُوا أَي لا يُخْطِئُون في رمي أَعدائهم.
وقال الفراء في قوله عز وجل: إِن يَمْسَسْكم قَرْحٌ وقُرْحٌ؛ قال
وأَكثر القراء على فتح القاف، وكأَنَّ القُرْحَ أَلَمُ الجِراحِ، وكأَنَّ
القَرْحَ الجِراحُ بأَعيانها؛ قال: وهو مثلُ الوَجْدِ والوُجْد ولا يجدونَ
إِلاَّ جُهْدَهم وجَهْدَهم.
وقال الزجاج: قَرِحَ الرجلُ
(* قوله «وقال الزجاج قرح الرجل إلخ» بابه
تعب كما في المصباح.) يَقْرَحُ قَرْحاً، وقيل: سمِّيت الجراحات قَرْحاً
بالمصدر، والصحيح أَن القَرْحةَ الجِراحةُ، والجمع قَرْحٌ وقُروح. ورجل
مَقْروح: به قُرُوح. والقَرْحة: واحدة القَرْحِ والقُروح. والقَرْحُ أَيضاً:
البَثْرُ إِذا تَرامَى إِلى فساد؛ الليث: القَرْحُ جَرَبٌ شديد يأْخذ
الفُصْلانَ فلا تكاد تنجو؛ وفَصِيل مَقْرُوح؛ قال أَبو النجم:
يَحْكِي الفَصِيلَ القارِحَ المَقْرُوحا
وأَقْرَحَ القومُ: أَصاب مواشِيَهم أَو إِبلهم القَرْحُ. وقَرِحَ قلبُ
الرجل من الحُزْنِ، وهو مَثَلٌ بما تقدَّم.
قال الأَزهري: الذي قاله الليث من أَن القَرْحَ جَرَبٌ شديد يأْخذ
الفُصْلانَ غلط، إِنما القَرْحة داءٌ يأْخذ البعير فَيَهْدَلُ مِشْفَرُه منه؛
قال البَعِيثُ:
ونحْنُ مَنَعْنا بالكُلابِ نِساءَنا،
بضَرْبٍ كأَفْواهِ المُقَرِّحة الهُدْلِ
ابن السكيت: والمُقَرِّحةُ الإِبل التي بها قُروح في أَفواهها
فَتَهْدَلُ مَشافِرُها؛ قال: وإِنما سَرَقَ البَعِيثُ هذا المعنى من عمرو بن
شاسٍ:وأَسْيافُهُمْ، آثارُهُنَّ كأَنها
مَشافِرُ قَرْحَى، في مَبارِكِها، هُدْلُ
وأَخذه الكُمَيْتُ فقال:
تُشَبِّهُ في الهامِ آثارَها،
مَشافِرَ قَرْحَى، أَكَلْنَ البَرِيرا
الأَزهري: وقَرْحَى جمع قَرِيح، فعيل بمعنى مفعول. قُرِحَ البعيرُ، فهو
مَقْرُوحٌ وقَرِيح، إِذا أَصابته القَرْحة. وقَرَّحَتِ الإِبلُ، فهي
مُقَرِّحة. والقَرْحةُ ليست من الجَرَب في شيء. وقَرِحَ جِلْدُهُ، بالكسر،
يَقْرَحُ قَرَحاً، فهو قَرِحٌ، إِذا خرجت به القُروح؛ وأَقْرَحه اللهُ.
وقيل لامرئ القيس: ذو القُرُوحِ، لأَن ملك الروم بعث إِليه قميصاً مسموماً
فَتَقَرَّحَ منه جسده فمات. وقَرَحه بالحق
(* قوله «وقرحه بالحق إلخ»
بابه منع كما في القاموس.) قَرْحاً: رماه به واستقبله به.
والاقتراحُ: ارتِجالُ الكلام. والاقتراحُ: ابتداعُ الشيء تَبْتَدِعُه
وتَقْتَرِحُه من ذات نَفْسِك من غير أَن تسمعه، وقد اقْتَرَحه فيهما.
واقْتَرَحَ عليه بكذا: تَحَكَّم وسأَل من غير رَوِيَّة. واقْترح البعيرَ: ركبه
من غير أَن يركبه أَحد. واقْتُرِحَ السهمُ وقُرِحَ: بُدِئَ عَمَلُه.
ابن الأَعرابي: يقال اقْتَرَحْتُه واجْتَبَيْتُه وخَوَّصْتُه وخَلَّمْتُه
واخْتَلَمْتُه واسْتَخْلَصْتُه واسْتَمَيْتُه، كلُّه بمعنى اخْتَرْتُه؛
ومنه يقال: اقْتَرَحَ عليه صوتَ كذا وكذا أَي اختاره.
وقَرِيحةُ الإِنسانِ: طَبِيعَتُه التي جُبِلَ عليها، وجمعها قَرائح،
لأَنها أَول خِلْقَتِه. وقَرِيحةُ الشَّبابِ: أَوّلُه، وقيل: قَرِيحة كل شيء
أَوّلُه. أَبو زيد: قُرْحةُ الشِّتاءِ أَوّلُه، وقُرْحةُ الربيع
أَوّلُه، والقَرِيحة والقُرْحُ أَوّل ما يخرج من البئر حين تُحْفَرُ؛ قال ابن
هَرْمَةَ:
فإِنكَ كالقَريحةِ، عامَ تُمْهَى
شَرُوبُ الماءِ، ثم تَعُودُ مَأْجا
المَأْجُ: المِلْحُ؛ ورواه أَبو عبيد بالقَرِيحة، وهو خطأٌ؛ ومنه قولهم
لفلان قَريحة جَيِّدة، يراد استنباط العلم بِجَوْدَةِ الطبع.
وهو في قُرْحِ سِنِّه أَي أَوَّلِها؛ قال ابن الأَعرابي: قلت لأَعرابي:
كم أَتى عليك؟ فقال: أَنا في قُرْحِ الثلاثين. يقال: فلان في قُرْحِ
الأَربعين أَي في أَوّلها. ابن الأَعرابي: الاقتراحُ ابتداء أَوّل الشيء؛ قال
أَوْسٌ:
على حين أَن جدَّ الذَّكاءُ، وأَدْرَكَتْ
قَرِيحةُ حِسْيٍ من شُرَيحٍ مُغَمِّم
يقول: حين جدَّ ذكائي أَي كَبِرْتُ وأَسْنَنْتُ وأَدركَ من ابني قَريحةُ
حِسْيٍ: يعني شعر ابنه شريح ابن أَوس، شبهه بماءٍ لا ينقطع ولا
يَغَضْغَضُ. مُغَمِّم أَي مُغْرِق.
وقَرِيحُ السحاب: ماؤُه حين ينزل؛ قال ابن مُقْبل:
وكأَنما اصْطَبَحَتْ قَرِيحَ سَحابةٍ
وقال الطرماح:
ظَعائنُ شِمْنَ قَرِيحَ الخَرِيف،
من الأَنْجُمِ الفُرْغِ والذابِحَهْ
والقريحُ: السحاب أَوّلَ ما ينشأُ.
وفلان يَشْوِي القَراحَ أَي يُسَخِّنُ الماءَ.
والقُرْحُ: ثلاث ليال من أَوّل الشهر.
والقُرْحانُ، بالضم، من الإِبل: الذي لا يصبْه جَرَبٌ قَطُّ، ومن الناس:
الذي لم يَمَسَّه القَرْحُ، وهو الجُدَرِيّ، وكذلك الاثنان والجمع
والمؤنث؛ إِبل قُرْحانٌ وصَبيٌّ قُرْحانٌ، والاسم القَرْحُ. وفي حديث عمر، رضي
الله عنه: أَن أَصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قَدِمُوا معه
الشام وبها الطاعون، فقيل له: إِن معك من أَصحاب رسول الله، صلى الله عليه
وسلم، قُرْحانٌ فلا تُدْخِلْهُمْ على هذا الطاعون؛ فمعنى قولهم له قُرْحانٌ
أَنه لم يصبهم داء قبل هذا؛ قال شمر: قُرْحانٌ إِن شئت نوّنتَ وإِن شئتَ
لم تُنَوِّنْ، وقد جمعه بعضهم بالواو والنون، وهي لغة متروكة، وأَورده
الجوهري حديثاً عن عمر، رضي الله عنه، حين أَراد أَن يدخل الشام وهي
تَسْتَعِرُ طاعوناً، فقيل له: إِن معك من أَصحاب رسول الله، صلى الله عليه
وسلم، قُرْحانِينَ فلا تَدْخُلْها؛ قال: وهي لغة متروكة. قال ابن الأَثير:
شبهوا السليم من الطاعون والقَرْحِ بالقُرْحان، والمراد أَنهم لم يكن
أَصابهم قبل ذلك داء. الأَزهري: قال بعضهم القُرْحانُ من الأَضداد: رجل
قُرْحانٌ للذي مَسَّهُ القَرْحُ، ورجل قُرْحانٌ لم يَمَسَّه قَرْحٌ ولا
جُدَرِيّ ولا حَصْبة، وكأَنه الخالص من ذلك. والقُراحِيُّ والقُرْحانُ: الذي لم
يَشْهَدِ الحَرْبَ.
وفرس قارِحٌ: أَقامت أَربعين يوماً من حملها وأَكثر حتى شَعَّرَ
ولَدُها. والقارحُ: الناقةُ أَوّلَ ما تَحْمِلُ، والجمع قَوارِحُ وقُرَّحٌ؛ وقد
قَرَحَتْ تَقْرَحُ قُرُوحاً وقِراحاً؛ وقيل: القُرُوح في أَوّلِ ما
تَشُول بذنبها؛ وقيل: إِذا تم حملها، فهي قارِحٌ؛ وقيل: هي التي لا تشعر
بلَقاحِها حتى يستبين حملها، وذلك أَن لا تَشُولَ بذنبها ولا تُبَشِّرَ؛ وقال
ابن الأَعرابي: هي قارحٌ أَيام يَقْرَعُها الفحل، فإِذا استبان حملها
فهي خَلِفة، ثم لا تزال خَلِفة حتى تدخل في حَدِّ التعشير. الليث: ناقة
قارحٌ وقد قَرَحَتْ تَقْرحُ قُرُوحاً إِذا لم يظنوا بها حملاً ولم تُبَشِّرْ
بذنبها حتى يستبين الحمل في بطنها. أَبو عبيد: إِذا تمَّ حملُ الناقة
ولم تُلْقِه فهي حين يستبين الحمل بها قارح؛ وقد قَرَحَتْ قُرُوحاً.
والتقريحُ: أَول نبات العَرْفَج؛ وقال أَبو حنيفة: التقريح أَوّل شيء
يخرج من البقل الذي يَنْبُتُ في الحَبِّ. وتقريحُ البقل: نباتُ أَصله، وهو
ظهور عُوده. قال: وقال رجل لآخر ما مَطَرُ أَرضك؟ فقال: مُرَكِّكةٌ فيها
ضُرُوسٌ، وثَرْدٌ يَذُرُّ بَقْلُه ولا يُقَرِّحُ أَصلُه، ثم قال ابن
الأَعرابي: ويَنْبُتُ البقلُ حينئذ مُقْتَرِحاً صُلْباً، وكان ينبغي أَن يكون
مُقَرِّحاً إِلاَّ أَن يكون اقْتَرَحَ لغة في قَرَّحَ، وقد يجوز أَن
يكون قوله مُقْتَرِحاً أَي مُنْتصباً قائماًعلى أَصله. ابن الأَعرابي: لا
يُقَرِّحُ البقلُ إِلا من قدر الذراع من ماء المطر فما زاد، قال: ويَذُرُّ
البقلُ من مطر ضعيف قَدْرِ وَضَحِ الكَفِّ. والتقريحُ: التشويكُ. ووَشْمٌ
مُقَرَّح: مُغَرَّز بالإِبرة. وتَقْرِيحُ الأَرض: ابتداء نباتها. وطريق
مَقْرُوح: قد أُثِّرَ فيه فصار مَلْحُوباً بَيِّناً موطوءًا.
والقارحُ من ذي الحافر: بمنزلة البازل من الإِبل؛ قال الأَعشى في
الفَرس:والقارح العَدَّا وكل طِمِرَّةٍ،
لا تَسْتَطِيعُ يَدُ الطويلِ قَذالَها
وقال ذو الرمة في الحمار:
إِذا انْشَقَّتِ الظَّلْماءُ، أَضْحَتْ كأَنها
وَأًى مُنْطَوٍ، باقي الثَّمِيلَةِ، قارِحُ
والجمع قَوارِحُ وقُرَّحٌ، والأُنثى قارحٌ وقارحةٌ، وهي بغير هاء أَعلى.
قال الأَزهري: ولا يقال قارحة؛ وأَنشد بيت الأَعشى: والقارح العَدَّا؛
وقول أَبي ذؤيب:
حاوَرْتُه، حين لا يَمْشِي بعَقْوَتِه،
إِلا المَقانِيبُ والقُبُّ المَقارِيحُ
قال ابن جني: هذا من شاذ الجمع، يعني أَن يُكَسَّرَ فاعل على مفاعيل،
وهو في القياس كأَنه جمع مِقْراح كمِذْكار ومَذاكير ومِئْناث ومآنيث؛ قال
ابن بري: ومعنى بيت أَبي ذؤَيب: أَي جاورت هذا المرثِيَّ حين لا يمشي
بساحة هذا الطريق المخوف إِلا المَقانِيبُ من الخيل، وهي القُطُعُ منها،
والقُبُّ: الضُّمْرُ.
وقد قَرَحَ الفرسُ يَقْرَحُ قُرُوحاً، وقَرِحَ قَرَحاً إِذا انتهت
أَسنانه، وإِنما تنتهي في خمس سنين لأَنه في السنة الأُولى حَوْلِيّ، ثم
جَذَعٌ ثم ثَنِيّ ثم رَباعٌ ثم قارح، وقيل: هو في الثانية فِلْوٌ، وفي الثالثة
جَذَع.
يقال: أَجْذَع المُهْرُ وأَثْنَى وأَرْبَعَ وقَرَِحَ، هذه وحدها بغير
أَلف. والفرس قارحٌ، والجمع قُرَّحٌ وقُرحٌ، والإِناثُ قَوارِح، وفي
الأَسْنان بعد الثَّنايا والرَّباعِيات أَربعةٌ قَوارِحُ.
قال الأَزهري: ومن أَسنان الفرس القارحانِ، وهما خَلْفَ رَباعِيَتَيْهِ
العُلْيَيَيْنِ، وقارِحانِ خلف رَباعِيَتَيْه السُّفْلَيَيْن، وكل ذي
حافر يَقْرَحُ. وفي الحديث: وعليهم السالغُ والقارحُ أَي الفرسُ القارح، وكل
ذي خُفٍّ يَبْزُلُ وكل ذي ظِلْف يَصْلَغُ. وحكى اللحياني: أَقْرَحَ،
قال: وهي لغة رَدِيَّة. وقارِحُه: سنُّه التي قد صار بها قارحاً؛ وقيل:
قُرُوحه انتهاء سنه؛ وقيل: إِذا أَلقى الفرسُ أَقصى أَسنانه فقد قَرَحَ،
وقُرُوحُه وقوعُ السِّنّ التي تلي الرَّباعِيَةَ، وليس قُرُوحه بنباتها، وله
أَربع أَسنان يتحَوَّل من بعضها إِلى بعض: يكون جَذَعاً ثم ثَنِيّاً
رَباعِياً ثم قارِحاً؛ وقد قَرَِحَ نابُه. الأَزهري: ابن الأَعرابي: إِذا
سقطت رَباعِيَةُ الفرس ونبتَ مكانَها سِنٌّ، فهو رَباعٌٍ، وذلك إِذا استتم
الرابعة، فإِذا حان قُروحه سقطت السِّن التي تلي رَباعِيَتَه ونَبَت
مكانَها نابُه، وهو قارِحُه، وليس بعد القُرُوح سقوط سِنّ ولا نَباتُ سِنّ.
قال: وإِذا دخل الفرس في السادسة واستتم الخامسة فقد قَرِحَ.
الأَزهري: القُرْحةُ الغُرَّة في وَسَطِ الجَبْهة. والقُرْحةُ في وجه
الفرس: ما دون الغُرَّةِ؛ وقيل: القُرْحةُ كل بياض يكون في وجه الفرس ثم
ينقطع قبل أَن يَبْلُغَ المَرْسِنَ، وتنسب القُرْحة إِلى خِلْقتها في
الاستدارة والتثليث والتربيع والاستطالة والقلة؛ وقيل: إِذا صغُرت الغُرَّة،
فهي قُرْحة؛ وأَنشد الأَزهري:
تُباري قُرْحةً مثلَ الـ
ـوَتِيرةِ، لم تكن مَغْدا
يصف فرساً أُنثى. والوتيرة: الحَلْقَةُ الصغيرة يُتَعَلَّمُ عليها
الطَّعْنُ والرّمي. والمَغْدُ: النَّتْفُ؛ أَخبر أَن قُرْحَتَها جِبِلَّة لم
تَحْدُثْ عن عِلاجِ نَتْفٍ. وفي الحديث: خَيْرُ الخَيْلِ الأَقْرَحُ
المُحَجَّلُ؛ هو ما كان في جبهته قُرحة، بالضم، وهي بياض يسير في وجه الفرس
دون الغرّة. فأَما القارح من الخيل فهو الذي دخل في السنة الخامسة، وقد
قَرِحَ يَقْرَحُ قَرَحاً، وأَقْرَحَ وهو أَقْرَحُ وهي قرْحاءُ؛ وقيل:
الأَقْرَحُ الذي غُرَّته مثل الدرهم أَو أَقل بين عينيه أَو فوقهما من الهامة؛
قال أَبو عبيدة: الغُرَّةُ ما فوق الدرهم والقُرْحة قدر الدرهم فما دونه؛
وقال النضر: القُرْحة بين عيني الفرس مثل الدرهم الصغير، وما كان
أَقْرَحَ، ولقد قَرِحَ يَقْرَحُ قَرَحاً. والأَقْرَحُ: الصبحُ، لأَنه بياض في
سواد؛ قال ذو الرمة:
وسُوح، إِذا الليلُ الخُدارِيُّ شَقَّه
عن الرَّكْبِ، معروفُ السَّمَاوَةِ أَقْرَحُ
يعني الفجر والصبح. وروضة قَرْحاءُ: في وَسَطها نَوْرٌ أَبيضُ؛ قال ذو
الرمة يصف روضة:
حَوَّاءُ قَرْحاءُ أَشْراطِيَّةٌ، وكَفَتْ
فيها الذِّهابُ، وحَفَّتْها البَراعِيمُ
وقيل: القَرْحاءُ التي بدا نَبْتُها. والقُرَيْحاءُ: هَنَةٌ تكون في بطن
الفرس مثل رأْس الرجلِ؛ قال: وهي من البعير لَقَّاطةُ الحَصى.
والقُرْحانُ: ضَرْبٌ من الكَمْأَةِ بيضٌ صِغارٌ ذواتُ رؤُوس كرؤُوس
الفُطْرِ؛ قال أَبو النجم:
وأَوقَرَ الظَّهْرَ إِليَّ الجاني،
من كَمْأَةٍ حُمْرٍ، ومن قُرْحانِ
واحدته قُرْحانة، وقيل: واحدها أَقْرَحُ.
والقَراحُ: الماءُ الذي لا يُخالِطه ثُفْلٌ من سَويق ولا غيره، وهو
الماءُ الذي يُشْرَبُ إِثْر الطعام؛ قال جرير:
تُعَلِّلُ، وهي ساغِبةٌ، بَنِيها
بأَنْفاسٍ من الشَّبِمِ القَراحِ
وفي الحديث: جِلْفُ الخُبْزِ والماءِ القَراحِ؛ هو، بالفتح، الماءُ الذي
لم يخالطه شيءٌ يُطَيَّب به كالعسل والتمر والزبيب.
وقال أَبو حنيفة: القَريحُ الخالص كالقَراح؛ وأَنشد قول طَرَفَةَ:
من قَرْقَفٍ شِيبَتْ بماءٍ قَرِيح
ويروى قَديح أَي مُغْتَرف، وقد ذُكِرَ. الأَزهري: القَريح الخالصُ؛ قال
أَبو ذؤَيب:
وإِنَّ غُلاماً، نِيلَ في عَهْدِ كاهِلٍ،
لَطِرْفٌ، كنَصْلِ السَّمْهَريِّ، قَريحُ
نيل أَي قتل. في عَهْد كاهِلٍ أَي وله عهد وميثاق. والقَراح من
الأَرضين: كل قطعة على حِيالِها من منابت النخل وغير ذلك، والجمع أَقْرِحة كقَذال
وأَقْذِلة؛ وقال أَبو حنيفة: القَراحُ الأَرض المُخَلَّصةُ لزرع أَو
لغرس؛ وقيل: القَراحُ المَزْرَعة التي ليس عليها بناءٌ ولا فيها شجر.
الأَزهري: القَراحُ من الأَرض البارزُ الظاهر الذي لا شجر فيه؛ وقيل: القَراحُ
من الأَرض التي ليس فيها شجر ولم تختلط بشيء.
وقال ابن الأَعرابي: القِرْواحُ الفَضاءُ من الأَرض التي ليس بها شجرٌ
ولم يختلط بها شيء؛ وأَنشد قول ابن أَحمر:
وعَضَّتْ من الشَّرِّ القَراحِ بمُعْظَمٍ
(* قوله «وعضت من الشر إلخ» صدره كما في الأساس: «نأت عن سبيل الخير إلا
أقله» ثم انه لا شاهد فيه لما قبله، ولعله سقط بعد قوله ولم يختلط بها
شيء: والقراح الخالص من كل شيء.)
والقِرْواحُ والقِرْياحُ والقِرْحِياءُ: كالقَراحِ؛ ابن شميل:
القِرْواحُ جَلَدٌ من الأَرض وقاعٌ لا يَسْتَمْسِكُ فيه الماءُ، وفيه إِشرافٌ
وظهرهُ مُسْتو ولا يستقر فيه ماءٌ إِلا سال عنه يميناً وشمالاً. والقِرْواحُ:
يكون أَرضاً عريضة ولا نبت فيه ولا شجر، طينٌ وسَمالِقُ. والقِرْواحُ
أَيضاً: البارز الذي ليس يستره من السماءِ شيءٌ، وقيل: هو الأَرض البارزة
للشمس؛ قال عَبيد:
فَمَنْ بنَجْوتِه كمن بعَقْوتِه،
والمُسْتَكِنُّ كمن يَمْشِي بقِرْواحِ
وناقة قِرْواحٌ: طويلة القوائم؛ قال الأَصمعي: قلت لأَعرابي: ما الناقة
القِرْواحُ؟ قال: التي كأَنها تمشي على أَرماح. أَبو عمرو: القِرواح من
الإِبل التي تَعاف الشربَ مع الكِبارِ فإِذا جاءَ الدَّهْداه، وهي الصغار،
شربت معهنّ. ونخلة قِرْواحٌ: مَلْساء جَرْداءُ طويلة، والجمع القَراويح؛
قال سُوَيْدُ بنُ الصامت الأَنصاري:
أَدِينُ، وما دَيْني عليكم بمَغْرَمٍ،
ولكن على الشُّمِّ الجِلادِ القَراوح
أَراد القراويح، فاضطرّ فحذف، وهذا يقوله مخاطباً لقومه: إِنما آخُذ
بدَيْنٍ على أَن أُؤَدِّيَه من مالي وما يَرْزُقُ الله من ثمره، ولا أُكلفكم
قضاءَه عني. والشُّمُّ: الطِّوالُ من النخل وغيرها. والجِلادُ: الصوابر
على الحرِّ والعَطَشِ وعلى البرد. والقَراوِحُ: جمع قِرْواح، وهي النخلة
التي انْجَرَدَ كَرَبُها وطالت؛ قال: وكان حقه القراويح، فحذف الياء
ضرورة؛ وبعده:
وليستْ بسَنْهاءٍ، ولا رُجَّبِيَّةٍ،
ولكن عَرايا في السِّنينَ الجَوائِحِ
والسَّنْهاءُ: التي تحمل سنة وتترك أُخرى. والرُّجَّبيَّةُ: التي يُبْنى
تحتها لضعفها؛ وكذلك هَضْبَةٌ قِرْواح، يعني ملساء جرداء طويلة؛ قال
أَبو ذؤَيب:
هذا، ومَرْقَبَةٍ غَيْطاءَ، قُلَّتُها
شَمَّاءُ، ضَحْيانةٌ للشمسِ، قِرْواحُ
أَي هذا قد مضى لسبيله ورُبَّ مَرْقبة.
ولقيه مُقارَحةً أَي كِفاحاً ومواجهة. والقُراحِيّ: الذي يَلْتزم القرية
ولا يخرج إِلى البادية؛ وقال جرير:
يُدافِعُ عنكم كلَّ يومِ عظيمةٍ،
وأَنتَ قُراحيٌّ بسِيفِ الكَواظِمِ
وقيل: قُراحِيّ منسوب إِلى قُراحٍ، وهو اسم موضع؛ قال الأَزهري: هي قرية
على شاطئِ البحر نسبه إِليها الأَزهري. أَنت قُرْحانٌ من هذا الأَمر
وقُراحِيّ أَي خارج، وأَنشد بيت جرير «يدافع عنكم» وفسره، أَي أَنت خِلْوٌ
منه سليم.
وبنو قَريح: حيّ. وقُرْحانُ: اسم كلب. وقُرْحٌ وقِرْحِياء: موضعان؛
أَنشد ثعلب:
وأَشْرَبْتُها الأَقْرانَ، حتى أَنَخْتُها
بقُرْحَ، وقد أَلْقَيْنَ كلَّ جَنِين
هكذا أَنشده غير مصروف ولك أَن تصرفه؛ أَبو عبيدة: القُراحُ سِيفُ
القَطِيفِ؛ وأَنشد للنابغة:
قُراحِيَّةٌ أَلْوَتْ بِلِيفٍ كأَنها
عِفاءُ قَلُوصٍ، طارَ عنها تَواجِرُ
قرية بالبحرين
(* قوله «قرية بالبحرين»: يريد أَن قُراحيةً نسبة إِلى
قراح، وهي قرية بالبحرين.). وتَواجِرُ: تَنْفُقُ في البيع لحسنها؛ وقال
جرير:
ظَعائِنُ لم يَدِنَّ مع النصارى،
ولم يَدْرينَ ما سَمَكُ القُراحِ
وفي الحديث ذِكْرُ قُرْح، بضم القاف وسكون الراء، وقد يجرّك في الشعر:
سُوقُ وادي القُرى صلى به رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وبُنِيَ به
مسجد؛ وأَما قول الشاعر:
حُبِسْنَ في قُرْحٍ وفي دارتِها،
سَبْعَ لَيالٍ، غيرَ مَعْلوفاتِها
فهو اسم وادي القُرى.
غرب: الغَرْبُ والـمَغْرِبُ: بمعنى واحد. ابن سيده: الغَرْبُ خِلافُ الشَّرْق، وهو الـمَغْرِبُ. وقوله تعالى: رَبُّ الـمَشْرِقَيْن ورَبُّ الـمَغْرِبَيْنِ؛ أَحدُ الـمَغْرِبين: أَقْصَى ما تَنْتَهي إِليه الشمسُ في الصيف، والآخَرُ: أَقْصَى ما تَنْتَهِي إِليه في الشتاءِ؛ وأَحدُ
الـمَشْرقين: أَقْصى ما تُشرِقُ منه الشمسُ في الصيف، وأَقْصَى ما تُشْرِقُ منه في الشتاءِ؛ وبين المغرب الأَقْصَى والـمَغْربِ الأَدْنى مائةٌ وثمانون مَغْرباً، وكذلك بين الـمَشْرقين. التهذيب: للشمس مَشْرِقانِ ومَغْرِبانِ: فأَحدُ مشرقيها أَقْصَى الـمَطالع في الشتاءِ، والآخَرُ أَقصى مَطالعها في القَيْظ، وكذلك أَحدُ مَغْرِبَيْها أَقصى الـمَغارب في الشِّتاءِ، وكذلك في الجانب الآخر. وقوله جَلَّ ثناؤُه: فلا أُقْسِمُ برَبِّ الـمَشارق والـمَغارِب؛ جَمعَ، لأَنه أُريد أَنها تُشْرِقُ كلَّ يومٍ من موضع، وتَغْرُبُ في موضع، إِلى انتهاءِ السنة. وفي التهذيب: أَرادَ مَشْرِقَ كلِّ يوم ومَغْرِبَه، فهي مائة وثمانون مَشْرقاً، ومائة وثمانون مغْرِباً.
والغُرُوبُ: غُيوبُ الشمس.
غَرَبَتِ الشمسُ تَغْرُبُ غُروباً ومُغَيْرِباناً: غابَتْ في الـمَغْرِبِ؛ وكذلك غَرَبَ النجمُ، وغَرَّبَ. ومَغْرِبانُ الشمسِ: حيث تَغرُبُ.
ولقيته مَغرِبَ الشمسِ ومُغَيْرِبانَها ومُغَيرِباناتِها أَي عند غُروبها.
وقولُهم: لقيته مُغَيْرِبانَ الشمسِ، صَغَّروه على غير مُكَبَّره، كأَنهم
صغروا مَغرِباناً؛ والجمع: مُغَيْرِباناتُ، كما قالوا: مَفارِقُ الرأْس،
كأَنهم جعلوا ذلك الـحَيِّز أَجزاءً، كُـلَّما تَصَوَّبَتِ الشمسُ ذَهَبَ
منها جُزْءٌ، فَجَمَعُوه على ذلك. وفي الحديث: أَلا إِنَّ مَثَلَ آجالِكُم في آجالِ الأُمَمِ قَبْلَكم، كما بين صلاةِ العَصْر إِلى مُغَيْربانِ
الشمس أَي إِلى وَقتِ مَغِـيبها. والـمَغرِبُ في الأَصل: مَوْضِعُ
الغُروبِ ثم استُعْمِل في المصدر والزمان، وقياسُه الفتح، ولكن استُعْمِل بالكسر كالـمَشْرِق والمسجِد. وفي حديث أَبي سعيدٍ: خَطَبَنا رسولُ اللّهِ، صلى اللّه عليه وسلم، إِلى مُغَيربانِ الشمسِ.
والـمُغَرِّبُ: الذي يأْخُذُ في ناحية الـمَغْرِبِ؛ قال قَيْسُ بنُ الـمُلَوّح:
وأَصْبَحْتُ من لَيلى، الغَداة، كناظِرٍ * مع الصُّبْح في أَعْقابِ نَجْمٍ مُغَرِّبِ
وقد نَسَبَ الـمُبَرِّدُ هذا البيتَ إِلى أَبي حَيَّةَ النُّمَيْري.
وغَرَّبَ القومُ: ذَهَبُوا في الـمَغْرِبِ؛ وأَغْرَبُوا: أَتَوا الغَرْبَ؛
وتَغَرَّبَ: أَتَى من قِـبَلِ الغَرْب. والغَرْبيُّ من الشجر: ما أَصابته
الشمسُ بحَرِّها عند أُفُولها. وفي التنزيل العزيز: زَيْتُونةٍ لا
شَرْقِـيَّةٍ ولا غَرْبِـيَّةٍ.
والغَرْبُ: الذهابُ والتَّنَحِّي عن الناسِ. وقد غَرَبَ عنا يَغْرُبُ
غَرْباً، وغَرَّبَ، وأَغْرَبَ، وغَرَّبه، وأَغْرَبه: نَحَّاه. وفي الحديث:
أَن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، أَمَر بتَغْريبِ الزاني سنةً إِذا لم
يُحْصَنْ؛ وهو نَفْيُه عن بَلَده.
والغَرْبة والغَرْبُ: النَّوَى والبُعْد، وقد تَغَرَّب؛ قال ساعدة بن
جُؤَيَّة يصف سحاباً:
ثم انْتَهى بَصَري وأَصْبَحَ جالِساً، * مِنْه لنَجْدٍ، طَائفٌ مُتَغَرِّبُ
وقيل: مُتَغَرِّبٌ هنا أَي من قِـبَل الـمَغْرب.
ويقال: غَرَّبَ في الأَرض وأَغْرَبَ إِذا أَمْعَنَ فيها؛ قال ذو الرمة:
أَدْنَى تَقاذُفِه التَّغْريبُ والخَبَبُ
ويُروى التَّقْريبُ.
ونَـوًى غَرْبةٌ: بعيدة. وغَرْبةُ النَّوى: بُعْدُها؛ قال الشاعر:
وشَطَّ وليُ النَّوَى، إِنَّ النَّوَى قُذُفٌ، * تَيَّاحةٌ غَرْبةٌ بالدَّارِ أَحْيانا
النَّوَى: المكانُ الذي تَنْوي أَنْ تَـأْتِـيَه في سَفَرك.
ودارُهم غَرْبةٌ: نائِـيَةٌ.
وأَغْرَبَ القومُ: انْتَوَوْا.
وشَـأْوٌ مُغَرِّبٌ ومُغَرَّبٌ، بفتح الراءِ: بعيد؛ قال الكميت:
عَهْدَك من أُولَى الشَّبِـيبةِ تَطْلُبُ * على دُبُرٍ، هيهاتَ شَـأْوٌ مُغَرِّبُ
وقالوا: هل أَطْرَفْتَنا من مُغَرِّبةِ خَبَرٍ؟ أَي هل من خَبَر جاءَ من
بُعْدٍ؟ وقيل إِنما هو: هل من مُغَرِّبةِ خَبَرٍ؟ وقال يعقوب إِنما هو:
هل جاءَتْك مُغَرِّبةُ خَبَرٍ؟ يعني الخَبَر الذي يَطْرَأُ عليك من بلَدٍ
سوَى بلدِك. وقال ثعلب: ما
عِنْدَه من مُغَرِّبةِ خَبرٍ، تَسْتَفْهِمُه أَو تَنْفِـي ذلك عنه أَي طَريفةٌ. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: أَنه قال لرجل قَدِمَ عليه من بعض الأَطْرافِ: هل من مُغَرِّبةِ خَبَر؟ أَي هل من خبَرٍ جديدٍ جاءَ من بلدٍ بعيدٍ؟ قال أَبو عبيد: يقال بكسر الراءِ وفتحها، مع الإِضافة فيهما. وقالها الأُمَوِيُّ، بالفتح، وأَصله فيما نُرَى من الغَرْبِ، وهو البُعْد؛ ومنه قيل: دارُ فلانٍ غَرْبةٌ. والخبرُ
الـمُغْرِبُ: الذي جاءَ غريباً حادثاً طريفاً.
والتغريبُ: النفيُ عن البلد.
وغَرَبَ أَي بَعُدَ؛ ويقال: اغْرُبْ عني أَي تباعَدْ؛ ومنه الحديث: أَنه أَمَرَ بتَغْريبِ الزاني؛ التغريبُ: النفيُ عن البلد الذي وَقَعَتِ
الجِنايةُ فيه. يقال: أَغرَبْتُه وغَرَّبْتُه إِذا نَحَّيْتَه وأَبْعَدْتَه.والتَّغَرُّبُ: البُعْدُ. وفي الحديث: أَن رجلاً قال له: إِنَّ امرأَتي لا تَرُدُّ يَدَ لامِس، فقال: غرِّبْها أَي أَبْعِدْها؛ يريدُ الطلاق.
وغَرَّبَت الكلابُ: أَمْعَنَتْ في طلب الصيد.
وغَرَّبه وغَرَّبَ عليه: تَرَكه بُعْداً.
والغُرْبةُ والغُرْب: النُّزوحُ عن الوَطَن والاغْتِرابُ؛ قال
الـمُتَلَمِّسُ:
أَلا أَبْلِغا أَفناءَ سَعدِ بن مالكٍ * رِسالةَ مَن قد صار، في الغُرْبِ، جانِـبُهْ
والاغْتِرابُ والتغرُّب كذلك؛ تقول منه: تَغَرَّبَ، واغْتَرَبَ، وقد
غَرَّبه الدهرُ. ورجل غُرُب، بضم الغين والراء، وغريبٌ: بعيد عن وَطَنِه؛ الجمع غُرَباء، والأُنثى غَريبة؛ قال:
إِذا كَوْكَبُ الخَرْقاءِ لاحَ بسُحْرةٍ * سُهَيْلٌ، أَذاعَتْ غَزْلَها في الغَرائبِ
أَي فَرَّقَتْه بينهنّ؛ وذلك أَن أَكثر من يَغْزِل بالأُجرة، إِنما هي غريبةٌ. وفي الحديث: أَن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، سُئِلَ عن الغُرباء، فقال: الذين يُحْيُونَ ما أَماتَ الناسُ من سُنَّتِـي. وفي حديث آخر: إِنّ الإِسلامَ بَدأَ غريباً، وسيعود غريباً كما بَدأَ، فطوبَـى للغُرباءِ؛ أَي إِنه كان في أَوّلِ أَمْرِه كالغريبِ الوحيدِ الذي لا أَهل له عنده، لقلة المسلمين يومئذ؛ وسيعودُ غريباً كما كان أَي يَقِلُّ المسلمون في آخر الزمان فيصيرون كالغُرباء، فطُوبى للغُرَباء؛ أَي الجنةُ لأُولئك المسلمين الذين كانوا في
أَوّل الإِسلام، ويكونون في آخره؛ وإِنما خَصَّهم بها لصبْرهم على أَذى الكفار أَوَّلاً وآخراً، ولُزومهم دينَ الإِسلام. وفي حديث آخر: أُمَّتِـي كالمطر، لا يُدْرَى أَوَّلُها خير أَو آخِرُها. قال: وليس شيءٌ من هذه الأُحاديث مخالفاً للآخر، وإِنما أَراد أَن أَهلَ الإِسلام حين بَدأَ كانوا قليلاً، وهم في آخر الزمان يَقِلُّون إِلاَّ أَنهم خيارٌ. ومما يَدُلُّ على هذا المعنى الحديثُ الآخر: خِـيارُ أُمَّتِـي أَوَّلُها وآخِرُها، وبين ذلك ثَبَجٌ أَعْوَجُ ليس منكَ ولَسْتَ منه. ورَحَى اليدِ يُقال لها: غَريبة، لأَنّ الجيران يَتعاورُونها بينهم؛ وأَنشد بعضُهم:
كأَنَّ نَفِـيَّ ما تَنْفِي يَداها، * نَفِـيُّ غريبةٍ بِـيَدَيْ مُعِـينِ
والـمُعينُ: أَن يَسْتعينَ الـمُدير بيد رجل أَو امرأَة، يَضَعُ يده على
يده إِذا أَدارها.
واغْتَرَبَ الرجلُ: نَكَح في الغَرائبِ، وتَزَوَّجَ إِلى غير أَقاربه.
وفي الحديث: اغْتَرِبُوا لا تُضْوُوا أَي لا يتزوّج الرجلُ القرابة
القريبةَ، فيجيءَ ولدُه ضاوِيّاً. والاغْتِرابُ: افتِعال من الغُرْبة؛ أَراد: تَزَوَّجُوا إِلى الغرائب من النساءِ غير الأَقارب، فإِنه
أَنْجَبُ للأَولاد. ومنه حديث الـمُغِـيرة: ولا غريبةٌ نَجِـيبةٌ أَي إِنها مع كونها غريبةً، فإِنها غيرُ نَجيبةِ الأَولاد. وفي الحديث: إِنّ فيكم مُغَرِّبين؛ قيل: وما مُغَرِّبون؟ قال: الذين يَشترِكُ فيهم الجنُّ؛ سُمُّوا مُغَرِّبين لأَنه دخل فيهم عِرْقٌ غريبٌ، أَو جاؤُوا من نَسَبٍ بعيدٍ؛ وقيل: أَراد بمشاركة الجنّ فيهم أَمْرَهم إِياهم بالزنا، وتحسينَه لهم، فجاء أَولادُهم عن غير رِشْدة، ومنه قولُه تعالى: وشارِكْهُم في الأَموال والأَولاد. ابن الأَعرابي: التغريبُ أَن يأْتي ببنينَ بِـيضٍ، والتغريبُ أَن يأْتِـيَ ببَنينَ سُودٍ، والتغريبُ أَن يَجْمَعَ الغُرابَ، وهو الجَلِـيدُ والثَّلْج، فيأْكلَه.
وأَغْرَبَ الرجلُ: صار غريباً؛ حكاه أَبو نصر.
وقِدْحٌ غريبٌ: ليس من الشجر التي سائرُ القِداحِ منها. ورجل غريبٌ: ليس من القوم؛ ورجلٌ غريبٌ وغُرُبٌ أَيضاً، بضم الغين والراءِ، وتثنيته غُرُبانِ؛ قال طَهْمانُ بن عَمْرو الكِلابيّ:
وإِنيَ والعَبْسِـيَّ، في أَرضِ مَذْحِجٍ، * غَريبانِ، شَتَّى الدارِ، مُخْتلِفانِ
وما كان غَضُّ الطَّرْفِ منا سَجِـيَّةً، * ولكننا في مَذْحِجٍ غُرُبانِ
والغُرباءُ: الأَباعِدُ. أَبو عمرو: رجل غَريبٌ وغَريبيٌّ وشَصِـيبٌ
وطارِيٌّ وإِتاوِيٌّ، بمعنى.
والغَريبُ: الغامِضُ من الكلام؛ وكَلمة غَريبةٌ، وقد غَرُبَتْ، وهو من ذلك.
وفرس غَرْبٌ: مُتَرامٍ بنفسه، مُتَتابعٌ في حُضْره، لا يُنْزِعُ حتى
يَبْعَدَ بفارسه. وغَرْبُ الفَرَسِ: حِدَّتُه، وأَوَّلُ جَرْيِه؛ تقول: كَفَفْتُ من غَرْبه؛ قال النابغة الذبياني:
والخَيْلُ تَمْزَعُ غَرْباً في أَعِنَّتِها، * كالطَّيْرِ يَنْجُو من الشُّؤْبُوبِ ذي البَرَدِ
قال ابن بري: صوابُ انشادِهِ: والخيلَ، بالنصب، لأَنه معطوف على المائة من قوله:
الواهِبِ المائةَ الأَبْكارَ زَيَّنَها، * سَعْدانُ تُوضِـحَ، في أَوبارِها اللِّبَدِ
والشُّؤْبُوبُ: الدَّفْعةُ من الـمَطر الذي يكون فيه البَرَدُ.
والـمَزْعُ: سُرْعةُ السَّيْر. والسَّعْدانُ: تَسْمَنُ عنه الإِبل، وتَغْزُر
أَلبانُها، ويَطِـيبُ لحمها. وتُوضِـحُ: موضع. واللِّبَدُ: ما تَلَبَّدَ من
الوَبر، الواحدةُ لِبْدَة، التهذيب: يقال كُفَّ من غَرْبك أَي من
حِدَّتك.والغَرْبُ: حَدُّ كلِّ شيء، وغَرْبُ كلِّ شيءٍ حَدُّه؛ وكذلك غُرابه.
وفرسٌ غَرْبٌ: كثيرُ العَدْوِ؛ قال لبِـيد:
غَرْبُ الـمَصَبَّةِ، مَحْمودٌ مَصارِعُه، * لاهي النَّهارِ لسَيْرِ الليلِ مُحْتَقِرُ
أَراد بقوله غرْبُ الـمَصَبَّة: أَنه جَوَادٌ، واسِعُ الخَيْر والعَطاء
عند الـمَصَبَّة أَي عند إِعْطاءِ المال، يُكْثِرُه كما يُصَبُّ الماءُ.
وعينٌ غَرْبةٌ: بعيدةُ الـمَطْرَح. وإِنه لغَرْبُ العَين أَي بعيدُ مَطْرَح العين؛ والأُنثى غَربةُ العين؛ وإِياها عَنَى الطِّرمَّاحُ بقوله:
ذَاكَ أَمْ حَقْباءُ بَيْدانَةٌ، * غَرْبةُ العَيْنِ جَهادُ الـمَسَامْ
وأَغْرَبَ الرجلُ: جاءَ بشيءٍ غَريب. وأَغْرَب عليه، وأَغْرَب به: صَنَع به صُنْعاً قبيحاً. الأَصمعي: أَغْرَب الرجلُ في مَنْطِقِه إِذا لم يُبْقِ شَيْئاً إِلاَّ تكلم
به. وأَغْرَبَ الفرسُ في جَرْيه: وهو غاية الاكثار. وأَغْرَبَ الرجلُ إِذا اشْتَدَّ وجَعُه من مرضٍ أَو غيره. قال الأَصمعي وغيره: وكُلُّ ما وَاراك وسَتَرك، فهو مُغْرِبٌ؛ وقال ساعدة الـهُذَليُّ:
مُوَكَّلٌ بسُدُوف الصَّوْم، يُبْصِرُها * من الـمَغارِبِ، مَخْطُوفُ الـحَشَا، زَرِمُ
وكُنُسُ الوَحْش: مَغارِبُها، لاسْتتارها بها.
وعَنْقاءُ مُغْرِبٌ ومُغْرِبةٌ، وعَنْقاءُ مُغْرِبٍ، على الإِضافة، عن
أَبي عليّ: طائرٌ عظيم يَبْعُدُ في طَيرانه؛ وقيل: هو من الأَلْفاظِ
الدالةِ على غير معنى. التهذيب: والعَنْقاءُ الـمُغْرِبُ؛ قال: هكذا جاءَ عن العَرَب بغير هاء، وهي التي أَغْرَبَتْ في البلادِ، فَنَـأَتْ ولم تُحَسَّ ولم تُرَ. وقال أَبو مالك: العَنْقاءُ الـمُغْرِبُ رأْسُ الأَكمَة في أَعْلى الجَبَل الطويل؛ وأَنْكر أَن يكون طائراً؛ وأَنشد:
وقالوا: الفتى ابنُ الأَشْعَرِيَّةِ، حَلَّقَتْ، * به، الـمُغْرِبُ العَنْقاءُ، إِنْ لم يُسَدَّدِ
ومنه قالوا: طارَتْ به العَنْقاءُ الـمُغْرِبُ؛ قال الأَزهري: حُذفت هاء التأْنيث منها، كما قالوا: لِحْيةٌ ناصِلٌ، وناقة ضامر، وامرأَة عاشق.
وقال الأَصمعي: أَغْرَبَ الرجلُ إِغراباً إِذا جاءَ بأَمر غريب. وأَغْرَبَ الدابَّةُ إِذا اشْتَدَّ بياضُه، حتى تَبْيَضَّ مَحاجِرُه وأَرْفاغُه،
وهو مُغْرِبٌ. وفي الحديث: طارتْ به عَنْقاءُ مُغْرِبٌ أَي ذَهَبَتْ به
الداهيةُ.
والـمُغْرِبُ: الـمُبْعِدُ في البلاد.
وأَصابه سَهْمُ غَرْبٍ وغَرَبٍ إِذا كان لا يَدْري مَن رَماه. وقيل:
إِذا أَتاه مِن حيثُ لا يَدْرِي؛ وقيل: إِذا تَعَمَّد به غيرَه فأَصابه؛ وقد
يُوصَف به، وهو يسكَّن ويحرك، ويضاف ولا يضاف، وقال الكسائي والأَصمعي: بفتح الراءِ؛ وكذلك سَهْمُ غَرَضٍ. وفي الحديث: أَن رجلاً كان واقِفاً معه في غَزاةٍ، فأَصَابَه سَهْمُ غَرْبٍ أَي لا يُعْرَفُ راميه؛ يقال: سَهْمُ غرب وسهمٌ غَربٌ، بفتح الراءِ وسكونها، بالإِضافة وغير الإِضافة؛ وقيل: هو بالسكون إِذا أَتاه مِن حيثُ لا يَدْرِي، وبالفتح إِذا رماه فأَصاب غيره. قال ابن الأَثير والهروي: لم يثبت عن الأَزهري إِلا الفتح.
والغَرْبُ والغَرْبة: الـحِدَّةُ. ويقال لِحَدِّ السيف: غَرْبٌ. ويقال: في لسانه غَرْبٌ أَي حِدَّة. وغَرْبُ اللسانِ: حِدَّتُه. وسيفٌ غَرْبٌ: قاطع حديد؛ قال الشاعر يصف سيفاً:
غَرْباً سريعاً في العِظامِ الخُرْسِ
ولسان غَرْبٌ: حَديدٌ. وغَرْبُ الفرس: حِدَّتُه. وفي حديث ابن عباس ذَكَر الصِّدِّيقَ، فقال: كانَ واللّهِ بَرّاً تَقِـيّاً يُصَادَى غَرْبُه؛
(يتبع...)
(تابع... 1): غرب: الغَرْبُ والـمَغْرِبُ: بمعنى واحد. ابن سيده: الغَرْبُ خِلافُ... ...
وفي رواية: يُصَادَى منه غَرْبٌ؛ الغَرْبُ: الحِدَّةُ؛ ومنه غَرْبُ السيف؛ أَي كانَتْ تُدَارَى حِدَّتُه وتُتَّقَى؛ ومنه حديث عمر: فَسَكَّنَ من غَرْبه؛ وفي حديث عائشة، قالت عن زينب، رضي اللّه عنها: كُلُّ خِلالِها مَحْمودٌ، ما خَلا سَوْرَةً من غَرْبٍ، كانت فيها؛ وفي حديث الـحَسَن: سُئل عن القُبلة للصائم، فقال: إِني أَخافُ عليك غَرْبَ الشَّباب أَي حِدَّته. والغَرْبُ: النَّشاط والتَّمادِي.
واسْتَغْرَب في الضَّحِك، واسْتُغْرِبَ: أَكْثَرَ منه. وأَغْرَبَ:
اشْتَدَّ ضَحِكُه ولَجَّ فيه. واسْتَغْرَبَ عليه الضحكُ، كذلك. وفي الحديث: أَنه ضَحِكَ حتى استَغْرَبَ أَي بالَغَ فيه. يُقال: أَغْرَبَ في ضَحِكه، واسْتَغْرَبَ، وكأَنه من الغَرْبِ البُعْدِ؛
وقيل: هو القَهْقهة. وفي حديث الحسن: إِذا اسْتَغْرَب الرجلُ ضَحِكاً في الصلاة، أَعادَ الصلاةَ؛ قال: وهو مذهب أَبي حنيفة، ويزيد عليه إِعادةَ الوضوء. وفي دُعاءِ ابنِ هُبَيْرَة: أَعُوذُ بك من كل شيطانٍ مُسْتَغْرِبٍ، وكُلِّ نَبَطِـيٍّ مُسْتَعْرِبٍ؛ قال الـحَرْبيُّ: أَظُنُّه الذي جاوَزَ القَدْرَ في الخُبْثِ، كأَنه من الاسْتِغْراب في الضَّحِك، ويجوز أَن يكون بمعنى الـمُتَناهِي في الـحِدَّةِ، من الغَرْبِ: وهي الـحِدَّةُ؛ قال الشاعر:
فما يُغْرِبُونَ الضَّحْكَ إِلاَّ تَبَسُّماً، * ولا يَنْسُبُونَ القولَ إِلاَّ تَخَافِـيَا
شمر: أَغْرَبَ الرجلُ إِذا ضَحِكَ حتى تَبْدُوَ غُروبُ أَسْنانه.
والغَرْبُ: الرَّاوِيَةُ التي يُحْمَلُ عليها الماء. والغَرْبُ: دَلْو عظيمة من مَسكِ ثَوْرٍ، مُذَكَّرٌ، وجمعهُ غُروبٌ. الأَزهري، الليث: الغَرْبُ يومُ السَّقْيِ؛ وأَنشد:
في يوم غَرْبٍ، وماءُ البئر مُشْتَرَكُ
قال: أُراه أَراد بقوله في يوم غَربٍ أَي في يوم يُسْقَى فيه بالغَرْبِ، وهو الدلو الكبير، الذي يُسْتَقَى به على السانية؛ ومنه قول لبيد:
فصَرَفْتُ قَصْراً، والشُّؤُونُ كأَنها * غَرْبٌ، تَخُبُّ به القَلُوصُ، هَزِيمُ
وقال الليث: الغَرْبُ، في بيت لبيدٍ: الرَّاوية، وإِنما هو الدَّلْو
الكَبيرةُ. وفي حديث الرؤيا: فأَخَذَ الدَّلْوَ عُمَرُ، فاسْتَحالَتْ في
يَدِه غَرْباً؛ الغَرْبُ، بسكون الراءِ: الدلو العظيمة التي تُتَّخَذُ من
جلدِ ثَوْرٍ، فإِذا فتحت الراء، فهو الماء السائل بين البئر والحوض، وهذا تمثيل؛ قال ابن الأَثير: ومعناه أَن عمر لما أَخذ الدلو ليستقي عَظُمَتْ في يده، لأَن الفُتُوح كان في زمنه أَكْثَرَ منه في زمن أَبي بكر، رضي اللّه عنهما. ومعنى اسْتَحالَتْ: انقلبتْ عن الصِّغَر إِلى الكِـبَر. وفي حديث الزكاة: وما سُقِـيَ بالغَرْبِ، ففيه نِصْفُ العُشْر. وفي الحديث: لو أَنَّ غَرْباً من جهنم جُعِلَ في الأَرض، لآذى نَتْنُ رِيحِه وشِدَّة حَرِّه ما بين الـمَشْرق والمغرب. والغَرْبُ: عِرْقٌ في مَجْرَى الدَّمْع يَسْقِـي ولا يَنْقَطِـع، وهو كالناسُور؛ وقيل: هو عرقٌ في العين لا ينقطع سَقْيُه. قال الأَصمعي: يقال: بعينه غَرْبٌ إِذا كانت تسيل، ولا تَنْقَطع
دُمُوعُها. والغَرْبُ: مَسِـيلُ الدَّمْع، والغَرْبُ: انْهِمالُه من العين.
والغُرُوبُ: الدُّموع حين تخرج من العين؛ قال:
ما لكَ لا تَذْكُر أُمَّ عَمْرو، * إِلاَّ لعَيْنَيْكَ غُروبٌ تَجْرِي
واحِدُها غَرْبٌ.
والغُروبُ أَيضاً: مَجارِي الدَّمْعِ؛ وفي التهذيب: مَجارِي العَيْنِ.
وفي حديث الحسن: ذَكَر ابنَ عباس فقال: كان مِثَجّاً يَسِـيلُ غَرْباً.
الغَرْبُ: أَحدُ الغُرُوبِ، وهي الدُّمُوع حين تجري. يُقال: بعينِه غَرْبٌ إِذا سالَ دَمْعُها، ولم ينقطعْ، فشَبَّه به غَزَارَة علمه، وأَنه لا
ينقطع مَدَدُه وجَرْيُه. وكلُّ فَيْضَة من الدَّمْع: غَرْبٌ؛ وكذلك هي من الخمر.
واسْتَغْرَبَ الدمعُ: سال.
وغَرْبَا العين: مُقْدِمُها ومُؤْخِرُها. وللعين غَرْبانِ: مُقْدِمُها
ومُؤْخِرُها.
والغَرْبُ: بَثْرة تكون في العين، تُغِذُّ ولا تَرْقأُ.
وغَرِبَت العينُ غَرَباً: وَرِمَ مَـأْقُها.
وبعينه غَرَبٌ إِذا كانت تسيل، فلا تنقطع دُموعُها. والغَرَبُ،
مُحَرَّك: الخَدَرُ في العين، وهو السُّلاقُ.
وغَرْبُ الفم: كثرةُ ريقِه وبَلَلِه؛ وجمعه: غُرُوبٌ. وغُروبُ
الأَسنانِ: مَناقِـعُ ريقِها؛ وقيل: أَطرافُها وحِدَّتُها وماؤُها؛ قال
عَنترة:
إِذْ تَستَبِـيكَ بِذي غُروبٍ واضِـحٍ، * عَذْبٍ مُقَبَّلُه، لَذِيذ الـمَطْعَمِ وغُروبُ الأَسنانِ: الماءُ الذي يَجرِي عليها؛ الواحد: غَرْبٌ. وغُروبُ الثَّنايا: حدُّها وأُشَرُها. وفي حديث النابغة: تَرِفُّ غُروبُه؛ هي جمع غَرْب، وهو ماء الفم، وحِدَّةُ الأَسنان. والغَرَبُ: الماءُ الذي يسيل من الدَّلْو؛ وقيل: هو كلُّ ما انصَبَّ من الدلو، من لَدُنْ رأْسِ البئر إِلى الحوضِ. وقيل: الغَرَبُ الماءُ الذي يَقْطُر من الدِّلاءِ بين البئر والحوض، وتتغير ريحُه سريعاً؛ وقيل: هو ما بين البئر والحوض، أَو حَوْلَهُما من الماءِ والطين؛ قال ذو الرمة:
وأُدْرِكَ الـمُتَبَقَّى من ثَميلَتِه، * ومن ثَمائِلها، واسْتُنشِئَ الغَرَبُ
وقيل: هو ريح الماء والطين لأَنه يتغير ريحُهُ سريعاً. ويقال للدَّالج بين البئر والحوْض: لا تُغْرِبْ أَي لا تَدْفُقِ الماءَ بينهما
فتَوْحَل.وأَغْرَبَ الـحَوضَ والإِناءَ: ملأَهما؛ وكذلك السِّقاءَ؛ قال بِشْر بن أَبي خازِم:
وكأَنَّ ظُعْنَهُمُ، غَداةَ تَحَمَّلُوا، * سُفُنٌ تَكَفَّـأُ في خَليجٍ مُغْرَبِ
وأَغربَ الساقي إِذا أَكثر الغَرْبَ. والإِغرابُ: كثرةُ المال، وحُسْنُ
الحال من ذلك، كأَنَّ المالَ يَمْلأُ يَدَيْ مالِكِه، وحُسنَ الحال يَمْلأُ نفسَ ذي الحال؛ قال عَدِيُّ بن زيد العِـبادِيّ:
أَنتَ مما لَقِـيتَ، يُبْطِرُكَ الإِغـ * ـرابُ بالطَّيشِ، مُعْجَبٌ مَحبُورُ
والغَرَبُ: الخَمْرُ؛ قال:
دَعِـيني أَصْطَبِـحْ غَرَباً فأُغْرِبْ * مع الفِتيانِ، إِذ صَبَحوا، ثُمُودا
والغَرَبُ: الذَّهَبُ، وقيل: الفضَّة؛ قال الأَعشى:
إِذا انْكَبَّ أَزْهَرُ بين السُّقاة، * تَرامَوْا به غَرَباً أَو نُضارا
نَصَبَ غَرَباً على الحال، وإِن كان جَوْهراً، وقد يكون تمييزاً. ويقال الغَرَب: جامُ فِضَّةٍ؛ قال الأَعشى:
فَدَعْدَعا سُرَّةَ الرَّكاءِ، كما * دَعْدَعَ ساقي الأَعاجِمِ الغَرَبا
قال ابن بري: هذا البيت للبيد، وليس للأَعشى، كما زعم الجوهري، والرَّكاء، بفتح الراءِ: موضع؛ قال: ومِن الناسِ مَن يكسر الراء، والفتح أَصح. ومعنى دَعدَعَ: مَلأَ. وصَفَ ماءَينِ التَقَيا من السَّيل، فملآ سُرَّة الرَّكاءِ كما ملأَ ساقي الأَعاجِمِ قَدَحَ الغَرَب خمْراً؛ قال: وأَما بيت الأَعشى الذي وقع فيه الغَرَبُ بمعنى الفضة فهو قوله:
تَرامَوا به غَرَباً أَو نُضارا
والأَزهر: إِبريقٌ أَبيضُ يُعْمَلُ فيه الخمرُ، وانكبابُه إِذا صُبَّ
منه في القَدَح. وتَراميهم بالشَّراب: هو مُناوَلةُ بعضهم بعضاً أَقداحَ الخَمْر. والغَرَبُ:
الفضة. والنُّضارُ: الذَّهَبُ. وقيل: الغَرَبُ والنُّضار: ضربان من الشجر تُعمل منهما الأَقْداحُ. التهذيب: الغَرْبُ شَجَرٌ تُسَوَّى منه الأَقْداحُ البِـيضُ؛ والنُّضار: شَجَرٌ تُسَوَّى منه أَقداح صُفْر، الواحدةُ: غَرْبَةٌ، وهي شَجَرة ضَخْمةٌ شاكة خَضراءُ، وهي التي يُتَّخَذُ منها الكُحَيلُ، وهو القَطِرانُ، حِجازية.
قال الأَزهري: والأَبهَلُ هو الغَرْبُ لأَنَّ القَطِرانَ يُسْتَخْرَجُ منه. ابن سيده: والغَرْبُ، بسكون الراءِ: شجرة ضَخْمة شاكة خَضْراءُ
حِجازِيَّة، وهي التي يُعْمَلُ منها الكُحيلُ الذي تُهْنأُ به الإِبلُ،
واحِدَتُه غَرْبة. والغَرْبُ: القَدَح، والجمع أَغْراب؛ قال الأَعشى:
باكَرَتْهُ الأَغْرابُ في سِنَةِ النَّوْ * مِ، فتَجْري خِلالَ شَوْكِ السَّيالِ
ويُروى باكَرَتْها. والغَرَبُ: ضَرْبٌ من الشجر، واحدته غَرَبَةٌ؛ قاله الجوهري (1)
(1 قوله «قاله الجوهري» أي وضبطه بالتحريك بشكل القلم وهو مقتضى سياقه فلعله غير الغرب الذي ضبطه ابن سيده بسكون الراء.) ؛ وأَنشد:
عُودُكَ عُودُ النُّضارِ لا الغَرَبُ
قال: وهو اسْبِـيدْدارْ، بالفارسية.
والغَرَبُ: داء يُصِـيبُ الشاةَ، فيتَمَعَّط خُرْطُومُها، ويَسْقُطُ منه
شَعَرُ العَين؛ والغَرَبُ في الشاة: كالسَّعَفِ في الناقة؛ وقد غَرِبَت
الشاةُ، بالكسر.
والغارِبُ: الكاهِلُ من الخُفِّ، وهو ما بين السَّنام والعُنُق، ومنه
قولهم: حَبْلُكِ على غارِبكِ. وكانت العربُ إِذا طَلَّقَ أَحدُهم امرأَته، في الجاهلية، قال لها: حَبْلُك على غارِبك أَي خَلَّيتُ سبيلك، فاذْهَبي حيثُ شِئْتِ. قال الأَصمعي: وذلك أَنَّ الناقة إِذا رَعَتْ وعليها خِطامُها، أُلْقِـيَ على غارِبها وتُرِكَتْ ليس عليها خِطام، لأَنها إِذا رأَت الخِطامَ لم يُهْنِها الـمَرْعى. قال: معناه أَمْرُكِ إِلَيكِ، اعمَلي ما شِئْتِ. والغارِب: أَعْلى مُقَدَّم السَّنام، وإِذا أُهْمِلَ البعيرُ طُرِحَ حَبلُه على سَنامه، وتُرِكَ يَذْهَبُ حيث شاءَ. وتقول: أَنتَ مُخَلًّى كهذا البعير، لا يُمْنَعُ من شيءٍ، فكان أَهل الجاهلية يُطَلِّقونَ بهذا. وفي حديث عائشة، رضي اللّه عنها، قالت ليَزِيدَ بن الأَصَمِّ: رُمِيَ بِرَسَنِك على غارِبك أَي خُلِّـيَ سَبِـيلُك، فليس لك أَحدٌ يمنعك عما تريد؛ تَشْبيهاً بالبعير يُوضَعُ زِمامُه على ظهرِه، ويُطْلَقُ يَسرَح أَين أَراد في المرْعى. وورد في الحديث في كنايات الطلاق: حَبْلُكِ على غارِبِك أَي أَنتِ مُرْسَلةٌ مُطْلَقة، غير مشدودة ولا مُمْسَكة بعَقْدِ النكاح.
والغارِبانِ: مُقَدَّمُ الظهْر ومُؤَخَّرُه.
وغَوارِبُ الماءِ: أَعاليه؛ وقيل: أَعالي مَوْجِه؛ شُبِّهَ بغَوارِبِ
الإِبل.
وقيل: غاربُ كلِّ شيءٍ أَعْلاه. الليث: الغارِبُ أَعْلى الـمَوْج،
وأَعلى الظَّهر. والغارِبُ: أَعلى مُقَدَّمِ السَّنام. وبعيرٌ ذُو غارِبَين
إِذا كان ما بَينَ غارِبَيْ سَنامِه مُتَفَتِّقاً، وأَكثرُ ما يكون هذا في
البَخاتِـيِّ التي أَبوها الفالِـجُ وأُمها عربية. وفي حديث الزبير: فما
زال يَفْتِلُ في الذِّرْوَةِ والغارِب حتى أَجابَتْه عائشةُ إِلى الخُروج. الغاربُ: مُقَدَّمُ السَّنام؛ والذِّرْوَةُ أَعلاه. أَراد: أَنه ما زال يُخادِعُها ويَتَلطَّفُها حتى أَجابَتهُ؛ والأَصل فيه: أَن الرجل إِذا أَراد أَن يُؤَنِّسَ البعيرَ الصَّعْبَ، لِـيَزُمَّه ويَنْقاد له، جَعَل يُمِرُّ يَدَه عليه، ويَمسَحُ غاربَه، ويَفتِلُ وبَرَه حتى يَسْـتَأْنِسَ، ويَضَعَ فيه الزِّمام.
والغُرابانِ: طَرَفا الوَرِكَينِ الأَسْفَلانِ اللَّذان يَلِـيانِ أَعالي الفَخِذَين؛ وقيل: هما رُؤُوس الوَرِكَين، وأَعالي فُرُوعهما؛ وقيل: بل هما عَظْمانِ رَقيقانِ أَسفل من الفَراشة. وقيل: هما عَظْمانِ شاخصانِ، يَبْتَدّانِ الصُّلْبَ. والغُرابانِ، من الفَرس والبعير: حَرفا الوَرِكَينِ الأَيْسَرِ والأَيمنِ، اللَّذانِ فوقَ الذَّنَب، حيث التَقَى رأْسا الوَرِكِ اليُمْنى واليُسْرى، والجمع غِربانٌ؛ قال الراجز:
يا عَجَبا للعَجَبِ العُجابِ،
خَمْسَةُ غِرْبانٍ على غُرابِ
وقال ذو الرمة:
وقَرَّبْنَ بالزُّرْقِ الـحَمائلَ، بَعْدما * تَقَوَّبَ، عن غِرْبان أَوْراكها، الخَطْرُ
أَراد: تَقَوَّبَتْ غِرْبانُها عن الخَطْرِ، فقلبه لأَن المعنى معروف؛ كقولك: لا يَدْخُلُ الخاتَمُ في إِصْبَعِي أَي لا يَدْخُلُ إِصْبَعي في خاتَمي. وقيل: الغِرْبانُ أَوْراكُ الإِبل أَنْفُسها؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
سأَرْفَعُ قَوْلاً للـحُصَينِ ومُنْذِرٍ، * تَطِـيرُ به الغِرْبانُ شَطْرَ الـمَواسم
قال: الغِرْبانُ هنا أَوْراكُ الإِبِلِ أَي تَحْمِلُه الرواةُ إِلى المواسم. والغِرْبانُ: غِرْبانُ الإِبِلِ، والغُرابانِ: طَرَفا الوَرِك، اللَّذانِ يَكونانِ خَلْفَ القَطاةِ؛ والمعنى: أَن هذا الشِّعْرَ يُذْهَبُ به على الإِبِل إِلى الـمَواسم، وليس يُرِيدُ الغِربانَ دونَ غيرِها؛ وهذا كما قال الآخر:
وإِنَّ عِتاقَ العِـيسِ، سَوْفَ يَزُورُكُمْ * ثَنائي، على أَعْجازِهِنَّ مُعَلَّقُ
فليس يريد الأَعجاز دون الصُّدور. وقيل: إِنما خصَّ الأَعْجازَ
والأَوْراكَ، لأَنَّ قائِلَها جَعل كِتابَها في قَعْبَةٍ احْتَقَبها، وشدَّها على
عَجُز بعيره.
والغُرابُ: حَدُّ الوَرك الذي يلي الظهْرَ.
والغُرابُ: الطائرُ الأَسْوَدُ، والجمع أَغْرِبة، وأَغْرُبٌ، وغِرْبانٌ،
وغُرُبٌ؛ قال:
وأَنْتُم خِفافٌ مِثْلُ أَجْنحةِ الغُرُبْ
وغَرابِـينُ: جمعُ الجمع. والعرب تقول: فلانٌ أَبْصَرُ من غُرابٍ، وأَحْذَرُ من غُرابٍ، وأَزْهَى من غُرابٍ، وأَصْفَى عَيْشاً من غُرابٍ، وأَشدُّ سواداً من غُرابٍ. وإِذا نَعَتُوا أَرْضاً بالخِصْبِ، قالوا: وَقَعَ في أَرْضٍ لا يَطِـير غُرابُها. ويقولون: وجَدَ تَمْرَةَ الغُرابِ؛ وذلك أَنه يتَّبِـعُ أَجودَ التَّمْر فيَنْتَقِـيه. ويقولون: أَشْـأَمُ من غُرابٍ، وأَفْسَقُ من غُراب. ويقولون: طارَ غُرابُ فلانٍ إِذا شاب رأْسُه؛ ومنه قوله:
ولـمَّا رَأَيْتُ النَّسْرَ عَزَّ ابنَ دَايةٍ
أَراد بابْنِ دايةٍ الغُرابَ. وفي الحديث: أَنه غَيَّرَ اسمَ غُرابٍ، لـمَا فيه من البُعْدِ، ولأَنه من أَخْبَث الطُّيور. وفي حديث عائشة، لـمّا
نَزَلَ قولُه تعالى: ولْيَضْرِبْنَ بخُمُرِهِنَّ على جُيوبِهِنَّ: فأَصْبَحْنَ على رؤوسِهِنَّ الغِرْبانُ. شَبَّهَتِ الخُمُرَ في سوادها بالغِرْبان، جمع غُراب؛ كما قال الكميت:
كغِرْبانِ الكُروم الدوالِجِ
وقوله:
زَمانَ عَليَّ غُرابٌ غُدافٌ، * فطَيَّرَهُ الشَّيْبُ عنِّي فطارا
إِنما عَنى به شِدَّةَ سوادِ شعره زمانَ شَبابِه. وقوله:
(يتبع...)
(تابع... 2): غرب: الغَرْبُ والـمَغْرِبُ: بمعنى واحد. ابن سيده: الغَرْبُ خِلافُ... ...
فَطَيَّرَه الشَّيْبُ، لم يُرِدْ أَن جَوْهَرَ الشَّعر زال، لكنه أَراد أَنّ السَّوادَ أَزالَه الدهرُ فبَقِـي الشعرُ مُبْيَضّاً.
وغُرابٌ غاربٌ، على المبالغة، كما قالوا: شِعْرٌ شاعِرٌ، ومَوتٌ مائِتٌ؛ قال رؤبة:
فازْجُرْ من الطَّيرِ الغُرابَ الغارِبا
والغُرابُ: قَذالُ الرأْس؛ يقال: شابَ غُرابُه أَي شَعَرُ قَذالِه.
وغُرابُ الفأْسِ: حَدُّها؛ وقال الشَّمّاخ يصف رجلاً قَطَعَ نَبْعةً:
فأَنْحَى، عليها ذاتَ حَدٍّ، غُرابُها * عَدُوٌّ لأَوْساطِ العِضاهِ، مُشارِزُ
وفأْسٌ حديدةُ الغُرابِ أَي حديدةُ الطَّرَف.
والغرابُ: اسم فرسٍ لغَنِـيٍّ ، على التشبيه بالغُرابِ من الطَّيرِ.
ورِجْلُ الغُراب: ضَرْبٌ من صَرِّ الإِبلِ شديدٌ، لا يَقْدِرُ الفَصِـيلُ على أَن يَرْضَعَ معه، ولا يَنْحَلُّ. وأَصَرَّ عليه رِجْلَ الغرابِ:
ضاقَ عليه الأَمْرُ؛ وكذلك صَرَّ عليه رِجلَ الغُرابِ؛ قال الكُمَيْتُ:
صَرَّ، رِجْلَ الغُرابِ، مُلْكُكَ في النا * سِ على من أَرادَ فيه الفُجُورا
ويروى: صُرَّ رِجْلَ الغُراب مُلْكُكَ. ورجلَ الغرابِ: مُنْتَصِبٌ على الـمَصْدَر، تقديره صَرّاً، مِثْلَ صَرِّ رِجْلِ الغراب.
وإِذا ضاقَ على الإِنسان معاشُه قيل: صُرَّ عليه رِجْلُ الغُرابِ؛ ومنه قول الشاعر:
إِذا رِجْلُ الغُرابِ عليَّ صُرَّتْ، * ذَكَرْتُكَ، فاطْمأَنَّ بيَ الضَّمِـيرُ
وأَغرِبةُ العَرَبِ: سُودانُهم، شُبِّهوا بالأَغْرِبَةِ في لَوْنِهِم.
والأَغْرِبَةُ في الجاهلية: عَنْترةُ، وخُفافُ ابن نُدْبَةَ السُّلَمِـيُّ، وأَبو عُمَيرِ بنُ الـحُبابِ السُّلَمِـيُّ أَيضاً، وسُلَيْكُ بنُ السُّلَكَةِ، وهشامُ ابنُ عُقْبة بنِ أَبي مُعَيْطٍ، إِلا أَنَّ هشاماً هذا مُخَضْرَمٌ، قد وَلِـيَ في الإِسلام. قال ابن الأَعرابي: وأَظُنُّهُ قد وَلِـيَ الصائفَةَ وبعضَ الكُوَر؛ ومن الإِسلاميين: عبدُاللّه بنُ خازم، وعُمَيْرُ بنُ أَبي عُمَير بنِ الـحُبابِ السُّلَمِـيُّ، وهمّامُ بنُ مُطَرِّفٍ التَّغْلَبِـيّ،
ومُنْتَشِرُ بنُ وَهْبٍ الباهِليُّ، ومَطَرُ ابن أَوْفى المازِنيّ، وتأَبـَّطَ شَرّاً، والشّنْفَرَى، (1)
(1 ليس تأبّط شراً والشنفرى من الإسلاميين وإنما هما جاهليّان.)
وحاجِزٌ؛ قال ابن سيده: كل ذلك عن ابن الأَعرابي. قال: ولم يَنْسُبْ حاجزاً هذا إِلى أَب ولا أُم، ولا حيٍّ ولا مكانٍ، ولا عَرَّفَه بأَكثر من هذا. وطار غرابُها بجَرادتِكَ: وذلك إِذا فات الأَمْرُ،
ولم يُطْمَعْ فيه؛ حكاهُ ابنُ الأَعرابي.
وأَسودُ غُرابيٌّ وغِرْبيبٌ: شديدُ السوادِ؛ وقولُ بِشْر بن أَبي خازم:
رأَى دُرَّة بَيْضاءَ، يَحْفِلُ لَوْنَها * سُخامٌ، كغِرْبانِ البَريرِ، مُقَصَّبُ
يعني به النضيج من ثَمَر الأَراك. الأَزهري: وغُرابُ البَرِيرِ
عُنْقُودُه الأَسْوَدُ، وجمعه غِرْبانٌ، وأَنشد بيت بشر بن أَبي خازم؛ ومعنى يَحْفِلُ لَوْنَها: يَجْلُوه؛ والسُّخَامُ: كُلُّ شيءٍ لَيِّن من صوف، أَو قطن، أَو غيرهما، وأَراد به شعرها؛ والـمُقَصَّبُ: الـمُجَعَّدُ.
وإِذا قلت: غَرابيبُ سُودٌ، تَجْعَلُ السُّودَ بَدَلاً من غَرابيبِ لأَن
توكيد الأَلوان لا يتقدَّم. وفي الحديث: إِن اللّه يُبْغِضُ الشيخَ
الغِرْبِـيبَ؛هو
الشديدُ السواد، وجمعُه غَرابيبُ؛ أَراد الذي لا يَشيبُ؛وقيل: أَراد الذي يُسَوِّدُ شَيْبَه. والـمَغارِبُ: السُّودانُ. والـمَغارِبُ: الـحُمْرانُ. والغِرْبِـيبُ: ضَرْبٌ من العِنَب بالطائف، شديدُ السَّوادِ، وهو أَرَقُّ العِنَب وأَجْوَدُه، وأَشَدُّه سَواداً.
والغَرَبُ: الزَّرَقُ في عَيْنِ الفَرس مع ابْيضاضِها.
وعينٌ مُغْرَبةٌ: زَرْقاءُ، بيضاءُ الأَشْفارِ والـمَحاجِر، فإِذا ابْيَضَّتْ الـحَدَقةُ، فهو أَشدُّ الإِغرابِ. والـمُغْرَبُ: الأَبيضُ؛ قال مُعَوية الضَّبِّـيُّ:
فهذا مَكاني، أَو أَرَى القارَ مُغْرَباً، * وحتى أَرَى صُمَّ الجبالِ تَكَلَّمُ
ومعناه: أَنه وَقَعَ في مكان لا يَرْضاه، وليس له مَنْجًى إِلاّ أَن
يصير القارُ أَبيضَ، وهو شِـبه الزفت، أَو تُكَلِّمَه الجبالُ، وهذا ما لا يكون ولا يصح وجوده عادة.
ابن الأَعرابي: الغُرْبةُ بياض صِرْفٌ، والـمُغْرَبُ من الإِبل: الذي تَبْيَضُّ أَشْفارُ عَيْنَيْه، وحَدَقَتاه، وهُلْبُه، وكلُّ شيء منه.
وفي الصحاح: الـمُغْرَبُ الأَبيضُ الأَشْفارِ من كل شيءٍ؛ قال الشاعر:
شَرِيجَانِ من لَوْنَيْنِ خِلْطانِ، منهما * سَوادٌ، ومنه واضِـحُ اللَّوْنِ مُغْرَبُ
والـمُغْرَبُ من الخَيل: الذي تَتَّسِـعُ غُرَّتُه في وجهِه حتى تُجاوِزَ عَيْنَيْه.
وقد أُغْرِبَ الفرسُ، على ما لم يُسمَّ فاعله، إِذا أَخَذَتْ غُرَّتُه
عينيه، وابْيَضَّت الأَشفارُ؛ وكذلك إِذا ابيضتْ من الزَّرَق أَيضاً.
وقيل: الإِغرابُ بياضُ الأَرْفاغ، مما يَلي الخاصرةَ.
وقيل: الـمُغْرَب الذي كلُّ شيء منه أَبيضُ، وهو أَقْبَحُ البياض.
والـمُغْرَبُ: الصُّبْح لبياضه، والغُرابُ: البَرَدُ، لذلك. وأُغْرِبَ الرجلُ: وُلِدَ له وَلدٌ أَبيضُ. وأُغْرِبَ الرجلُ إِذا اشْتَدَّ وَجَعُه؛ عن
الأَصمعي. والغَرْبِـيُّ: صِـبْغٌ أَحْمَرُ. والغَرْبيُّ: فَضِـيخُ النبيذِ. وقال أَبو حنيفة: الغَرْبِـيُّ يُتَّخَذُ من الرُّطَب وَحْده، ولا يَزال
شارِبُه مُتَماسِكاً، ما لم تُصِـبْه الريحُ، فإِذا بَرَزَ إِلى الهواءِ،
وأَصابتْه الريحُ، ذَهَبَ عقلُه؛ ولذلك قال بعضُ شُرَّابه:
إِنْ لم يكنْ غَرْبِـيُّكُم جَيِّداً، * فنحنُ باللّهِ وبالرِّيحِ
وفي حديث ابن عباس: اخْتُصِمَ إِليه في مَسِـيلِ الـمَطَر، فقال:
الـمَطَرُ غَرْبٌ، والسَّيْلُ شَرْقٌ؛ أَراد أَن أَكثر السَّحاب يَنْشَـأُ من
غَرْبِ القِـبْلَة، والعَيْنُ هناك، تقول العربُ: مُطِرْنا بالعَيْن إِذا
كان السحابُ ناشئاً من قِـبْلة العِراق. وقوله: والسَّيْلُ شَرْقٌ، يريد
أَنه يَنْحَطُّ من ناحيةِ الـمَشْرِقِ، لأَن ناحيةَ المشرق عاليةٌ، وناحية
المغرب مُنْحَطَّة، قال ذلك القُتَيْبي؛ قال ابن الأَثير: ولعله شيء يختص بتلك الأَرض، التي كان الخِصَام فيها. وفي الحديث: لا يزالُ أَهلُ الغَرْبِ ظاهرين على الحق؛ قيل: أَراد بهم أَهلَ الشام، لأَنهم غَرْبُ الحجاز؛ وقيل: أَراد بالغرب الـحِدَّةَ والشَّوْكَةَ، يريد أَهلَ الجهاد؛ وقال ابن المدائني: الغَرْبُ هنا الدَّلْوُ، وأَراد بهم العَرَبَ لأَنهم أَصحابها، وهم يَسْتَقُون بها. وفي حديث الحجاج:
لأَضْرِبَنَّكم ضَرْبةَ غَرائبِ الإِبلِ؛ قال ابن الأَثير: هذا مَثَلٌ
ضَرَبه لنَفْسه مع رعيته يُهَدِّدُهم، وذلك أَن الإِبل إِذا وردت الماء، فدَخَلَ
عليها غَريبةٌ من غيرها، ضُرِبَتْ وطُرِدَتْ حتى تَخْرُجَ عنها. وغُرَّبٌ: اسم موضع؛ ومنه قوله:
في إِثْرِ أَحْمِرَةٍ عَمَدْنَ لِغُرَّبِ
ابن سيده: وغُرَّبٌ ، بالتشديد، جبل دون الشام، في بلاد بني كلب، وعنده عين ماء يقال لها: الغُرْبة، والغُرُبَّةُ، وهو الصحيح.
والغُراب: جَبَلٌ؛ قال أَوْسٌ:
فَمُنْدَفَعُ الغُلاَّنِ غُلاَّنِ مُنْشِدٍ، * فنَعْفُ الغُرابِ، خُطْبُه فأَساوِدُهْ
والغُرابُ والغَرابةُ: مَوْضعان (1)
(1 قوله «والغراب والغرابة موضعان» كذا ضبط ياقوت الأول بضمه والثاني بفتحه وأنشد بيت ساعدة.) ؛ قال ساعدةُ ابنُ جُؤَيَّةَ:
تذَكَّرْتُ مَيْتاً، بالغَرابةِ، ثاوِياً، * فما كانَ لَيْلِـي بَعْدهُ كادَ يَنْفَدُ
وفي ترجمة غرن في النهاية ذِكْرُ غُران: هو بضم الغين، وتخفيف الراء: وادٍ قريبٌ من الـحُدَيْبية، نَزَلَ به سيدُنا رسولُ اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، في مسيره، فأَما غُرابٌ بالباءِ، فجبل بالمدينة على طريق الشام. والغُرابُ: فرسُ البَراءِ بنِ قَيْسٍ.
والغُرابِـيُّ: ضَرْبٌ من التمر؛ عن أَبي حنيفة.