[في الانكليزية] Junction ،communication
[ في الفرنسية] Jonction ،communication
في اللغة پيوستن ضد الانفصال وهو أمر إضافي يوصف به الشيء بالقياس إلى غيره.
لبط: لبَطَ فلان بفلان الأَرضَ يَلْبِطُ لَبْطاً مثل لبَجَ به: ضرَبها
به، وقيل: صرَعَه صَرْعاً عَنِيفاً. ولُبِطَ بفلان إِذا صُرِع من عين أَو
حُمّى. وَلُبِطَ به لَبْطاً: إِذا صُرع من عين أَو حُمّى. وَلُبِطَ به
لَبْطاً: ضرَب بنفسه الأَرض من داء أَو أَمر يَغْشاه مفاجأَةً. ولُبِطَ به
يُلْبَط لَبْطاً إِذا سقَط من قِيام، وكذلك إِذا صُرعَ.
وتَلَبَّط أَي اضْطَجَع وتَمَرَّغَ. والتَّلَبُّط: التَّمرُّغُ. وسئل
النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، عن الشهداء فقال: أُولئك يَتَلَبَّطُون في
الغُرَفِ العُلا من الجنَّةِ أَي يَتَمَرَّغُون ويَضْطَجِعُون، ويقال:
يَتَصَرَّعُون، ويقال: فلان يَتَلَبَّطُ في النَّعِيم أَي يتمرَّغُ فيه. ابن
الأَعرابي: اللَّبْطُ التَّقَلّبُ في الرِّياضِ. وفي حديث ماعِز: لا
تَسُبُّوه إِنه ليَتَلَبَّطُ في رِياضِ الجنة بعدما رُجِمَ أَي يتمرَّغُ
فيها؛ ومنه حديث أُم إِسمعيل: جعلت تنظُر إِليه يَتَلَوَّى ويَتَلَبَّطُ.
وفي الحديث: أَنَّ عائشة، رضي اللّه عنها، كانت تَضْرِب اليتيمَ حتى
يَتَلَبَّطَ أَي يَنْصَرِعَ مُسْبِطاً على الأَرض أَي مُمْتَدّاً، وفي رواية:
تضرب اليتيم وتَلْبِطُه أَي تصْرَعُه إِلى الأَرض. وفي الحديث: أَنَّ عامر
بن أَبي ربيعةَ رأَى سَهْلَ بن حُنَيْف يغْتسل فعانَه فلُبِطَ به حتى ما
يَعْقِل أَي صُرِعَ وسقَطَ إِلى الأَرض، وكان قال: ما رأَيتُ كاليومِ
ولا جِلْدَ مُخَبَّأَةٍ، فأَمَر، عليه الصلاة والسلام، عامِر بن أَبي
رَبيعةَ العائنَ حتى غسل له أَعْضاءه وجمع الماء ثم صبَّ على رأْس سهل فراح مع
الركب. ويقال: لُبِطَ بالرّجل فهو مَلْبوطٌ به. وفي الحديث: أَنه، صلّى
اللّه عليه وسلّم، خرج وقريشٌ ملْبُوطٌ بهم، يعني أَنهم سُقُوطٌ بين
يديه، وكذلك لُبِجَ به، بالجيم، مثل لُبط به سواء. ابن الأَعرابي: جاء فلان
سَكْرانَ مُلْتَبِطاً كقولك مُلْتَبِجاً، ومُتَلَبِّطاً أَجْود من
مُلْتَبِط لأَن الالْتِباطَ من العَدْوِ. وفي الحديث الحَجَّاج السُّلَميّ حين
دخل مكة قال للمشركين: لَيْسَ عندي
(* قوله «ليس عندي إلخ» كذا بالأصل،
وهو في النهاية بدون ليس.) من الخبَر ما يسُرّكم، فالتَبَطُوا بَجَنْبَيْ
ناقته يقولون: إِيه يا حجاج الفرّاء: اللَّبَطةُ أَن يضرب البعير بيديه.
ولَبطه البعيرُ يَلْبِطُه لَبْطاً: خَبَطَه. واللَّبْط باليد: كالخَبْطِ
بالرجل، وقيل: إِذا ضرب البعير بقوائمه كلها فتلك اللَّبَطَةُ، وقد
لَبَطَ يَلْبِطُ؛ قال الهذلي:
يَلْبِطُ فيها كلّ حَيْزَبُون
الحيزبون: الشَّهْمةُ الذَّكِيَّةُ. والتَبَطَ: كَلَبَطَ. وتَلَبَّطَ
الرجلُ: اختلطت عليه أُمُوره. ولُبِطَ الرجلُ لَبْطاً: أَصابَه سعال
وزُكام، والاسم اللَّبَطَةُ، واللبَطة: عَدْوُ الشدِيد العَرج، وقيل: عَدْوُ
الأَقْزَل. أَبو عمرو: اللَّبَطة والكَلَطةُ عدْو الأَقزل، والالْتباطُ
عَدْوٌ مع وَثْب. والتَبَطَ البعيرُ يَلْتَبِطُ التِباطاً إِذا عَدا في
وَثْب؛ قال الراجز:
ما زِلْتُ أَسْعى مَعَهم وأَلْتَبطْ
وإِذا عدا البعير وضرب بقوائمه كلها قيل: مَرَّ يَلْتَبطُ، والاسم
اللبَطةُ، بالتحريك.
والأَلباطُ: الجُلودُ؛ عن ثعلب؛ وأَنشد:
وقُلُصٍ مُقْوَرَّةِ الأَلباطِ
ورواية أَبي العَلاء: مقوَّرة الأَلْياط، كأَنه جمع لِيطٍ. ولَبَطةُ:
اسم، وكان للفرزدق من الأَولاد لَبَطةُ وكَلَطةُ وجَلَطة
(* قوله «وجلطة»
هو بالجيم، وقد مر في كلط خبطة بالخاء المعجمة ووقع في القاموس حلطة
بالهاء المهملة.).
لقس: اللَّقِسُ: الشَّرِه النفْس الحَريص على كل شيء. يقال: لَقِسَت
نفسُه إِلى الشيء إِذا نازَعَتْه إِليه وحَرَصَت عليه؛ قال: ومنه الحديث: لا
يَقُولَنَّ أَحدُكم خَبُثتْ نفسي ولكن لِيَقُلْ لَقِسَت نفسي أَي
غَثَتْ. واللَّقَسُ: الغَثَيان، وإِنما كَرِه خَبُثَتْ هَرَباً من لفظ الخُبْث
والخبيث. ولَقِسَت نفسُه من الشيء تَلْقَسُ لَقَساً، فهي لَقِسَة،
وتمَقَّسَت نفسُه تَمَقُّساً: غَثَتْ غَثَياناَ وخَبُثَت، وقيل: نازعته إِلى
الشرِّ، وقيل: بَخِلَت وضاقَتْ؛ قال الأَزهري: جعل الليث اللَّقَس الحِرْص
والشَّرَه، وجعله غيره الغَثَيَان وخُبْث النَّفْس، قال: وهو الصواب.
أَبو عمرو: اللَّقِس الذي لا يستقيم على وجْه. ابن شميل: رجل لَقِس
سَيّء الخلُق خَبيثُ النَّفس فَحَّاشٌ. وفي حديث عُمر وذكر الزبير، رضي
اللَّه عنهما، فقال: وَعِْقَةٌ لَقِسٌ؛ اللَّقِس: السَّيّء الخلق، وقيل:
الشَّحِيح. ولَقِسَت نفسُه إِلى الشيء إِذا حَرَصَتْ عليه ونازعتْه إِليه.
واللَّقِس: العَيَّاب للناس المُلَقِّب الساخِر يلقِّب الناس ويسخَر منهم
ويفسد بينهم. واللاَّقِس: العَيَّاب. ويقال: فلان لَقِس أَي شَكِس عَسِر،
ولَقَسَه يَلْقِسُهُ لَقْساً. وتَلاقَسُوا: تَشاتَمُوا. أَبو زيد: لَقِسْت
الناس أَلقَسُهم ونَقِسْتُهم أَنقَسُهم، وهو الإِفساد بينهم وأَن تسخَر
منهم وتلقِّبهم الأَلقاب. ولاقِس: اسم.
شطر: الشَّطْرُ: نِصْفُ الشيء، والجمع أَشْطُرٌ وشُطُورٌ.
وشَطَرْتُه: جعلته نصفين. وفي المثل: أَحْلُبُ حَلَباً لكَ شَطْرُه.
وشاطَرَه مالَهُ: ناصَفَهُ، وفي المحكم: أَمْسَكَ شَطْرَهُ وأَعطاه شَطْره
الآخر. وسئل مالك بن أَنس: من أَن شاطَرَ عمر ابن الخطاب عُمَّالَهُ؟
فقال: أَموال كثيرة ظهرت لهم. وإِن أَبا المختار الكلابي كتب إِليه:
نَحُجُّ إِذا حَجُّوا، ونَغْزُو إِذا غَزَوْا،
فَإِنِّي لَهُمْ وفْرٌ، ولَسْتُ بِذِي وَفْرِ
إِذا التَّاجِرُ الدَّارِيُّ جاءَ بِفَأْرَةٍ
مِنَ المِسْكِ، راحَتْ في مَفارِقِهِمْ تَجْرِي
فَدُونَكَ مالَ اللهِ حَيْثُ وجَدْتَهُ
سَيَرْضَوْنَ، إِنْ شاطَرْتَهُمْ، مِنْكَ بِالشَّطْرِ
قال: فَشاطَرَهُمْ عمر، رضي الله عنه، أَموالهم. وفي الحديث: أَن
سَعْداً استأْذن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَن يتصدَّق بماله، قال: لا، قال:
فالشَّطْرَ، قال: لا، قال الثُّلُثَ، فقال: الثُّلُثُ والثُّلُثُ
كَثِيرٌ؛ الشَّطْرُ: النصف، ونصبه بفعل مضمر أَي أَهَبُ الشَّطْرَ وكذلك الثلث،
وفي حديث عائشة: كان عندنا شَطْرٌ من شَعير. وفي الحديث: أَنه رهن درعه
بشَطْر من شعير؛ قيل: أَراد نِصْفَ مَكُّوكٍ، وقيل: نصفَ وسْقٍ. ويقال:
شِطْرٌ وشَطِيرٌ مثل نِصْفٍ ونَصِيفٍ. وفي الحديث: الطُّهُورُ شَطْرُ
الإِيمان لأَن الإِيمان يَظْهَرُ بحاشية الباطن، والطُّهُور يظهر بحاشية
الظاهر. وفي حديث مانع الزكاةِ: إِنَّا آخِذُوها وشَطْرَ مالِهِ عَزْمَةٌ مِنْ
عَزَماتِ رَبِّنا. قال ابن الأَثير: قال الحَرْبِيُّ غَلِطَ بَهْزٌ
الرَّاوِي في لفظ الرواية إِنما هو: وشُطِّرَ مالُهُ أَي يُجْعَل مالُهُ
شَطْرَيْنِ ويَتَخَيَّر عليه المُصَدّقُ فيأْخذ الصدقة من خير النصفين، عقوبة
لمنعه الزكاة، فأَما ما لا يلزمه فلا. قال: وقال الخطابي في قول الحربي:
لا أَعرف هذا الوجه، وقيل: معناه أَن الحقَّ مُسْتَوْفًى منه غَيْرُ
متروك عليه، وإِن تَلِفَ شَطرُ ماله، كرجل كان له أَلف شاة فتلفت حتى لم يبق
له إِلا عشرون، فإنه يؤخذ منه عشر شياه لصدقة الأَلف، وهو شطر ماله
الباقي، قال: وهذا أَيضاً بعيد لأَنه قال له: إِنَّا آخذوها وشطر ماله، ولم
يقل: إِنَّا آخذو شطر ماله، وقيل: إِنه كان في صدر الإِسلام يقع بعض
العقوبات في الأَموال ثم نسخ، كقوله في الثمر المُعَلَّقِ: من خرج بشيء منه
فعليه غرامةُ مثليه والعقوبةُ، وكقوله في ضالة الإِبل المكتومة: غَرامَتُها
ومِثْلُها معها، وكان عمر يحكم به فَغَرَّمَ حاطباً ضِعْفَ ثمن ناقةِ
المُزَنِيِّ لما سرقها رقيقه ونحروها؛ قال: وله في الحديث نظائر؛ قال: وقد
أَخذ أَحمد ابن حنبل بشيء من هذا وعمل به. وقال الشافعي في القديم: من
منع زكاة ماله أُخذت منه وأُخذ شطر ماله عقوبة على منعه، واستدل بهذا
الحديث، وقال في الجديد: لا يؤخذ منه إِلا الزكاة لا غير، وجعل هذا الحديث
منسوخاً، وقال: كان ذلك حيث كانت العقوبات في الأَموال، ثم نسخت، ومذهب عامة
الفقهاء أَن لا واجبَ على مُتْلِفِ الشيء أَكْثَرُ من مثله أَو قيمته.
وللناقة شَطْرَانِ قادِمان وآخِرانِ، فكلُّ خِلْفَيْنِ شَطْرٌ، والجمع
أَشْطُرٌ. وشَطَّرَ بناقته تَشْطِيراً: صَرَّ خِلْفَيْها وترك خِلْفَيْنِ،
فإِن صَرَّ خِلْفاً واحداً قيل: خَلَّفَ بها، فإِن صَرَّ ثلاثةَ
أَخْلاَفٍ قيل: ثَلَثَ بها، فإِذا صَرَّها كلها قيل: أَجْمَعَ بها وأَكْمَشَ
بها. وشَطْرُ الشاةِ: أَحَدُ خُلْفَيها؛ عن ابن الأَعرابي، وأَنشد:
فَتَنَازَعَا شَطْراً لِقَدْعَةَ واحِداً،
فَتَدَارَآ فيهِ فكانَ لِطامُ
وشَطَرَ ناقَتَهُ وشاته يَشْطُرُها شَطْراً: حَلَبَ شَطْراً وترك
شَطْراً. وكل ما نُصِّفَ، فقد شُطِّرَ. وقد شَطَرْتُ طَلِيِّي أَي حلبت شطراً
أَو صررته وتَرَكْتُهُ والشَّطْرُ الآخر. وشاطَرَ طَلِيَّهُ: احتلب
شَطْراً أَو صَرَّهُ وترك له الشَّطْرَ الآخر. وثوب شَطُور: أَحدُ طَرَفَيْ
عَرْضِهِ أَطولُ من الآخر، يعني أَن يكون كُوساً بالفارسية.
وشَاطَرَنِي فلانٌ المالَ أَي قاسَمني بالنِّصْفِ. والمَشْطُورُ من
الرَّجَزِ والسَّرِيعِ: ما ذهب شَطْرُه، وهو على السَّلْبِ.
والشَّطُورُ من الغَنَمِ: التي يَبِسَ أَحدُ خِلْفَيْها، ومن الإِبل:
التي يَبِسَ خِلْفانِ من أَخلافها لأَن لها أَربعة أَخلاف، فإِن يبس ثلاثة
فهي ثَلُوثٌ. وشاة شَطُورٌ وقد شَطَرَتْ وشَطُرَتْ شِطاراً، وهو أَن يكون
أَحد طُبْيَيْها أَطولَ من الآخر، فإِن حُلِبَا جميعاً والخِلْفَةُ
كذلك، سميت حَضُوناً، وحَلَبَ فلانٌ الدَّهْرُ أَشْطُرَهُ أَي خَبَرَ
ضُرُوبَهُ، يعني أَنه مرَّ به خيرُه وشره وشدّته ورخاؤُه، تشبيهاً بِحَلْبِ جميع
أَخلاف الناقة، ما كان منها حَفِلاً وغير حَفِلٍ، ودَارّاً وغير دارّ،
وأَصله من أَشْطُرِ الناقةِ ولها خِلْفان قادمان وآخِرانِ، كأَنه حلب
القادمَين وهما الخير، والآخِرَيْنِ وهما الشَّرُّ، وكلُّ خِلْفَيْنِ شَطْرٌ؛
وقيل: أَشْطُرُه دِرَرُهُ. وفي حديث الأَحنف قال لعلي، عليه السلام، وقت
التحكيم: يا أَمير المؤمنين إِني قد حَجَمْتُ الرجلَ وحَلَبْتُ
أَشْطُرَهُ فوجدته قريبَ القَعْرِ كَلِيلَ المُدْيَةِ، وإِنك قد رُميت بِحَجَر
الأَرْضِ؛ الأَشْطُرُ: جمع شَطْرٍ، وهو خِلْفُ الناقة، وجعل الأَشْطُرَ
موضع الشَّطْرَيْنِ كما تجعل الحواجب موضع الحاجبين، وأَراد بالرجلين
الحَكَمَيْنِ الأَوَّل أَبو موسى والثاني عمرو بن العاص. وإِذا كان نصف ولد
الرجل ذكوراً ونصفهم إِناثاً قيل: هم شِطْرَةٌ. يقال: وَلَدُ فُلانٍ
شِطْرَةٌ، بالكسر، أَي نصفٌ ذكورٌ ونصفٌ إِناثٌ. وقَدَحٌ شَطْرانُ أَي نَصْفانُ.
وإِناءٌ شَطْرانُ: بلغ الكيلُ شَطْرَهُ، وكذلك جُمْجُمَةٌ شَطْرَى
وقَصْعَةٌ شَطْرَى.
وشَطَرَ بَصَرُه يَشْطِرُ شُطُوراً وشَطْراً: صار كأَنه ينظر إِليك
وإِلى آخر. وقوله، صلى الله عليه وسلم: من أَعان على دم امرئ مسلم بِشَطْرِ
كلمة جاء يوم القيامة مكتوباً بين عينيه: يائس من رحمة الله؛ قيل: تفسيره
هو أَن يقول: أُقْ، يريد: أُقتل كما قال، عليه السلام: كفى بالسيف شا،
يريد: شاهداً؛ وقيل: هو أَن يشهد اثنان عليه زوراً بأَنه قتل فكأَنهما قد
اقتسما الكلمة، فقال هذا شطرها وهذا شطرها إِذا كان لا يقتل بشهادة
أَحدهما. وشَطْرُ الشيء: ناحِيَتُه. وشَطْرُ كل شيء: نَحْوُهُ وقَصْدُه.
وقصدتُ شَطْرَه أَي نحوه؛ قال أَبو زِنْباعٍ الجُذامِيُّ:
أَقُولُ لأُمِّ زِنْباعٍ: أَقِيمِي
صُدُورَ العِيسِ شَطْرَ بَني تَمِيمِ
وفي التنزيل العزيز: فَوَلِّ وجْهَك شَطْرَ المسجِد الحرامِ؛ ولا فعل
له. قال الفرّاء: يريد نحوه وتلقاءه، ومثله في الكلام: ولِّ وجهك شَطْرَه
وتُجاهَهُ؛ وقال الشاعر:
إِنَّ العَسِيرَ بها داءٌ مُخامِرُها،
فَشَطْرَها نَظَرُ العَيْنَيْنِ مَحْسُورُ
وقال أَبو إِسحق: الشطر النحو، لا اختلاف بين أَهل اللغة فيه. قال: ونصب
قوله عز وجل: شطرَ المسجد الحرام، على الظرف. وقال أَبو إِسحق: أُمر
النبي، صلى الله عليه وسلم، أَن يستقبل وهو بالمدينة مكة والبيت الحرام،
وأُمر أَن يستقبل البيت حيث كان. وشَطَرَ عن أَهله شُطُوراً وشُطُورَةً
وشَطارَةً إِذا نَزَحَ عنهم وتركهم مراغماً أَو مخالفاً وأَعياهم خُبْثاً؛
والشَّاطِرُ مأْخوذ منه وأُراه مولَّداً، وقد شَطَرَ شُطُوراً وشَطارَةً،
وهو الذي أَعيا أَهله ومُؤَدِّبَه خُبْثاً. الجوهري: شَطَرَ وشَطُرَ
أَيضاً، بالضم، شَطارة فيهما، قال أَبو إِسحق: قول الناس فلان شاطِرٌ معناه
أَنه أَخَذَ في نَحْوٍ غير الاستواء، ولذلك قيل له شاطر لأَنه تباعد عن
الاستواء.
ويقال: هؤلاء القوم مُشاطرُونا أَي دُورهم تتصل بدورنا، كما يقال: هؤلاء
يُناحُونَنا أَي نحنُ نَحْوَهُم وهم نَحْوَنا فكذلك هم مُشاطِرُونا.
ونِيَّةٌ شَطُورٌ أَي بعيدة. ومنزل شَطِيرٌ وبلد شَطِيرٌ وحَيٌّ
شَطِيرٌ: بعيد، والجمع شُطُرٌ. ونَوًى شُطْرٌ، بالضم، أَي بعيدة؛ قال امرؤ
القيس:أَشاقَك بَيْنَ الخَلِيطِ الشُّطُرْ،
وفِيمَنْ أَقامَ مِنَ الحَيِّ هِرْ
قال: والشُّطُرُ ههنا ليس بمفرد وإِنما هو جمع شَطِير، والشُّطُرُ في
البيت بمعنى المُتَغَرِّبِينَ أَو المُتَعَزِّبِينَ، وهو نعت الخليط،
والخليط: المخالط، وهو يوصف بالجمع وبالواحد أَيضاً؛ قال نَهْشَلُ بنُ
حَريٍّ:إِنَّ الخَلِيطَ أَجَدُّوا البَيْنَ فابْتَكَرُوا،
واهْتَاجَ شَوْقَك أَحْدَاجٌ لَها زَمْرُ
والشَّطِيرُ أَيضاً: الغريب؛ قال:
لا تَدَعَنِّي فِيهمُ شَطِيرا،
إِنِّي إِذاً أَهْلِكَ أَوْ أَطِيرَا
وقال غَسَّانُ بنُ وَعْلَةَ:
إِذا كُنْتَ في سَعْدٍ، وأُمُّكَ مِنْهُمُ،
شَطِيراً فَلا يَغْرُرْكَ خالُكَ مِنْ سَعْدِ
وإِنَّ ابنَ أُخْتِ القَوْمِ مُصْغًى إِناؤُهُ،
إِذا لم يُزاحِمْ خالَهُ بِأَبٍ جَلْدِ
يقول: لا تَغْتَرَّ بخُؤُولَتِكَ فإِنك منقوص الحظ ما لم تزاحم أَخوالك
بآباء أَشرافٍ وأَعمام أَعزة. والمصغَى: المُمالُ: وإِذا أُميل الإِناء
انصبَّ ما فيه، فضربه مثلاً لنقص الحظ، والجمع الجمع. التهذيب:
والشَّطِيرُ البعيد. ويقال للغريب: شَطِيرٌ لتباعده عن قومه. والشَّطْرُ: البُعْدُ.
وفي حديث القاسم بن محمد: لو أَن رجلين شهدا على رجل بحقٍّ أَحدُهما
شطير فإِنه يحمل شهادة الآخر؛ الشطير: الغريب، وجمعه شُطُرٌ، يعني لو شهد له
قريب من أَب أَو ابن أَو أَخ ومعه أَجنبي صَحَّحَتْ شهادةُ الأَجنبي
شهادَةَ القريب، فجعل ذلك حَمْلاً له؛ قال: ولعل هذا مذهب القاسم وإِلا
فشهادة الأَب والابن لاتقبل؛ ومنه حديث قتادة: شهادة الأَخ إِذا كان معه شطير
جازت شهادته، وكذا هذا فإِنه لا فرق بين شهادة الغريب مع الأَخ أَو
القريب فإِنها مقبولة.
صفر: الصُّفْرة من الأَلوان: معروفة تكون في الحيوان والنبات وغير ذلك
ممَّا يقبَلُها، وحكاها ابن الأَعرابي في الماء أَيضاً. والصُّفْرة
أَيضاً: السَّواد، وقد اصْفَرَّ واصفارّ وهو أَصْفَر وصَفَّرَه غيرُه. وقال
الفراء في قوله تعالى: كأَنه جِمَالاتٌ صُفْرٌ، قال: الصُّفر سُود الإِبل لا
يُرَى أَسود من الإِبل إِلا وهو مُشْرَب صُفْرة، ولذلك سمَّت العرب سُود
الإِبل صُفراً، كما سَمَّوا الظِّباءَ أُدْماً لِما يَعْلُوها من الظلمة
في بَياضِها. أَبو عبيد: الأَصفر الأَسود؛ وقال الأَعشى:
تلك خَيْلي منه، وتلك رِكابي،
هُنَّ صُفْرٌ أَولادُها كالزَّبِيب
وفرس أَصْفَر: وهو الذي يسمى بالفارسية زَرْدَهْ. قال الأَصمعي: لا
يسمَّى أَصفر حتى يصفرَّ ذَنَبُه وعُرْفُهُ. ابن سيده: والأَصْفَرُ من الإِبل
الذي تَصْفَرُّ أَرْضُهُ وتَنْفُذُه شَعْرة صَفْراء.
والأَصْفَران: الذهب والزَّعْفَران، وقيل الوَرْسُ والذهب. وأَهْلَكَ
النِّساءَ الأَصْفَران: الذهب والزَّعْفَرا، ويقال: الوَرْس والزعفران.
والصَّفْراء: الذهب لِلَوْنها؛ ومنه قول عليّ بن أَبي طالب، رضي الله عنه:
يا دنيا احْمَرِّي واصْفَرِّي وغُرِّي غيري. وفي حديث آخر عن عليّ، رضي
الله عنه: يا صَفْراءُ اصْفَرِّي ويا بَيْضاء ابْيَضِّي؛ يريد الذهب
والفضة، وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، صالَحَ أَهلَ خَيْبَر على
الصَّفْراء والبَيْضاء والحَلْقَة؛ الصَّفْراء: الذهب، والبيضاء: الفِضة،
والحَلْقة: الدُّرُوع. يقال: ما لفلان صفراء ولا بَيْضاء. والصَّفْراءُ
من المِرَرِ: سمَّيت بذلك للونها. وصَفَّرَ الثوبَ: صَبغَهُ بِصُفْرَة؛
ومنه قول عُتْبة ابن رَبِيعة لأَبي جهل: سيعلم المُصَفِّر اسْتَه مَن
المَقْتُولُ غَداً. وفي حديث بَدْر: قال عتبة بن ربيعة لأَبي جهل: يا
مُصَفِّر اسْتِهِ؛ رَماه بالأُبْنَةِ وأَنه يُزَعْفِر اسْتَهُ؛ ويقال: هي كلمة
تقال للمُتَنَعِّمِ المُتْرَفِ الذي لم تُحَنِّكْهُ التَّجارِب والشدائد،
وقيل: أَراد يا مُضَرِّط نفسه من الصَّفِير، وهو الصَّوْتُ بالفم
والشفتين، كأَنه قال: يا ضَرَّاط، نَسَبه إِلى الجُبْن والخَوَر؛ ومنه الحديث:
أَنه سَمِعَ صَفِيرَه. الجوهري: وقولهم في الشتم: فلان مُصَفَّر اسْتِه؛
هو من الصِفير لا من الصُّفرة، أَي ضَرَّاط.
والصَّفْراء: القَوْس. والمُصَفِّرة: الَّذِين عَلامَتُهم الصُّفْرَة،
كقولك المُحَمَّرة والمُبَيِّضَةُ.
والصُّفْريَّة: تمرة يماميَّة تُجَفَّف بُسْراً وهي صَفْراء، فإِذا
جَفَّت فَفُركَتْ انْفَرَكَتْ، ويُحَلَّى بها السَّوِيق فَتَفوق مَوْقِع
السُّكَّر؛ قال ابن سيده: حكاه أَبو حنيفة، قال: وهكذا قال: تمرة يَمامِيَّة
فأَوقع لفظ الإِفراد على الجنس، وهو يستعمل مثل هذا كثيراً. والصُّفَارَة
من النَّبات: ما ذَوِيَ فتغيَّر إِلى الصُّفْرَة. والصُّفارُ: يَبِيسُ
البُهْمَى؛ قال ابن سيده: أُراه لِصُفْرَته؛ ولذلك قال ذو الرمة:
وحَتَّى اعْتَلى البُهْمَى من الصَّيْفِ نافِضٌ،
كما نَفَضَتْ خَيْلٌ نواصِيَها شُقْرُ
والصَّفَرُ: داءٌ في البطن يصفرُّ منه الوجه. والصَّفَرُ: حَيَّة تلزَق
بالضلوع فَتَعَضُّها، الواحد والجميع في ذلك سواء، وقيل: واحدته صَفَرَة،
وقيل: الصَّفَرُ دابَّة تَعَضُّ الضُّلوع والشَّرَاسِيف؛ قال أَعشى
باهِلة يَرْثِي أَخاه:
لا يَتَأَرَّى لِمَا في القِدْرِ يَرْقُبُهُ،
ولا يَعَضُّ على شُرْسُوفِه الصَّفَرُ
وقيل: الصَّفَر ههنا الجُوع. وفي الحديث: صَفْرَة في سبيل الله خير من
حُمْر النَّعَمِ؛ أَي جَوْعَة. يقال: صَغِر الرَطْب إِذا خلا من اللَّبَن،
وقيل: الصَّفَر حَنَش البَطْن، والصَّفَر فيما تزعم العرب: حيَّة في
البطن تَعَضُّ الإِنسان إِذا جاع، واللَّذْع الذي يجده عند الجوع من عَضِّه.
والصَّفَر والصُّفار: دُودٌ يكون في البطن وشَراسيف الأَضلاع فيصفرُّ
عنه الإِنسان جِدّاً وربَّما قتله. وقولهم: لا يَلْتاطُ هذا بِصَفَري أَي
لا يَلْزَق بي ولا تقبَله نفسي. والصُّفار: الماء الأَصْفَرُ الذي يُصيب
البطن، وهو السَّقْيُ، وقد صُفِرَ، بتخفيف الفاء. الجوهري: والصُّفار،
بالضم، اجتماع الماء الأَصفر في البطن، يُعالَجُ بقطع النَّائط، وهو عِرْق
في الصُّلْب؛ قال العجاج يصِف ثور وحش ضرب الكلب بقرنه فخرج منه دم كدم
المفصود أَو المَصْفُور الذي يخرج من بطنه الماء الأَصفر:
وبَجَّ كلَّ عانِدٍ نَعُورِ،
قَضْبَ الطَّبِيبِ نائطَ المَصْفُورِ
وبَجَّ: شق، أَي شق الثورُ بقرنه كل عِرْق عانِدٍ نَعُور. والعانِد:
الذي لا يَرْقأُ له دمٌ. ونَعُور: يَنْعَرُ بالدم أَي يَفُور؛ ومنه عِرْق
نَعَّار. وفي حديث أَبي وائل: أَن رجلاً أَصابه الصَّفَر فنُعِت له
السُّكَّر؛ قال القتيبي: هو الحَبَنُ، وهو اجتماع الماء في البطن. يقال: صُفِر،
فهو مَصْفُور، وصَفِرَ يَصْفَرُ صَفَراً؛ وروى أَبو العباس أَن ابن
الأَعرابي أَنشده في قوله:
يا رِيحَ بَيْنُونَةَ لا تَذْمِينا،
جِئْتِ بأَلْوان المُصَفَّرِينا
قال قوم: هو مأْخوذ من الماء الأَصفر وصاحبه يَرْشَحُ رَشْحاً
مُنْتِناً، وقال قوم: هو مأْخوذ من الصَّفَر، وهو الجوعُ، الواحدة
صَفْرَة.ورجل مَصْفُور ومُصَفَّر إِذا كان جائعاً، وقيل: هو مأْخوذ من الصَّفَر،
وهي حيَّات البطن.
ويقال: إِنه لفي صُفْرة للذي يعتريه الجنون إِذا كان في أَيام يزول فيها
عقله، لأَنهم كانوا يمسحونه بشيء من الزعفران.
والصُّفْر: النُّحاس الجيد، وقيل: الصُّفْر ضرْب من النُّحاس، وقيل: هو
ما صفر منه، واحدته صُفْرة، والصِّفْر: لغة في الصُّفْر؛ عن أَبي عبيدة
وحده؛ قال ابن سيده: لم يَكُ يُجيزه غيره، والضم أَجود، ونفى بعضهم الكسر.
الجوهري: والصُّفْر، بالضم، الذي تُعمل منه الأَواني. والصَّفَّار: صانع
الصُّفْر؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
لا تُعْجِلاها أَنْ تَجُرَّ جَرّا،
تَحْدُرُ صُفْراً وتُعَلِّي بُرّا
قال ابن سيده: الصُّفْر هنا الذهب، فإِمَّا أَن يكون عنى به الدنانير
لأَنها صُفْر، وإِمَّا أَن يكون سماه بالصُّفْر الذي تُعْمل منه الآنية لما
بينهما من المشابهة حتى سمي اللاَّطُون شَبَهاً.
والصِّفْر والصَّفْر والصُّفْر: الشيء الخالي، وكذلك الجمع والواحد
والمذكر والمؤنث سواء؛ قال حاتم:
تَرَى أَنَّ ما أَنفقتُ لم يَكُ ضَرَّني،
وأَنَّ يَدِي، مِمَّا بخلتُ به، صفْرُ
والجمع من كل ذلك أَصفار؛ قال:
لَيْسَتْ بأَصْفار لِمَنْ
يَعْفُو، ولا رُحٍّ رَحَارحْ
وقالوا: إِناءٌ أَصْفارٌ لا شيء فيه، كما قالوا: بُرْمَة أَعْشار. وآنية
صُفْر: كقولك نسْوَة عَدْل. وقد صَفِرَ الإِناء من الطعام والشراب،
والرَطْب من اللَّبَن بالكسر، يَصْفَرُ صَفَراً وصُفُوراً أَي خلا، فهو
صَفِر. وفي التهذيب: صَفُر يَصْفُر صُفُورة. والعرب تقول: نعوذ بالله من
قَرَعِ الفِناء وصَفَرِ الإِناء؛ يَعْنُون به هَلاك المَواشي؛ ابن السكيت:
صَفِرَ الرجل يَصْفَر صَفِيراً وصَفِر الإِناء. ويقال: بيت صَفِر من المتاع،
ورجل صِفْرُ اليدين. وفي الحديث: إِنَّ أَصْفَرَ البيوت
(* قوله: «ان
أصفر البيوت» كذا بالأَصل، وفي النهاية أصفر البيوت بإسقاط لفظ إِن). من
الخير البَيْتُ الصَّفِرُ من كِتاب الله. وأَصْفَر الرجل، فهو مُصْفِر، أَي
افتقر. والصَّفَر: مصدر قولك صَفِر الشيء، بالكسر، أَي خلا.
والصِّفْر في حِساب الهند: هو الدائرة في البيت يُفْني حِسابه.
وفي الحديث: نهى في الأَضاحي عن المَصْفُورة والمُصْفَرة؛ قيل:
المَصْفورة المستأْصَلة الأُذُن، سميت بذلك لأَن صِماخيها صَفِرا من الأُذُن أَي
خَلَوَا، وإِن رُوِيَت المُصَفَّرة بالتشديد فَللتَّكسِير، وقيل: هي
المهزولة لخلوِّها من السِّمَن؛ وقال القتيبي في المَصْفُورة: هي
المَهْزُولة، وقيل لها مُصَفَّرة لأَنها كأَنها خَلَت من الشحم واللحم، من قولك: هو
صُِفْر من الخير أَي خالٍ. وهو كالحديث الآخر: إِنَّه نَهَى عن العَجْفاء
التي لا تُنْقِي، قال: ورواه شمر بالغين معجمة، وفسره على ما جاء في
الحديث، قال ابن الأَثير: ولا أَعرفه؛ قال الزمخشري: هو من الصِّغار. أَلا
ترى إِلى قولهم للذليل مُجَدَّع ومُصلَّم؟ وفي حديث أُمِّ زَرْعٍ: صِفْرُ
رِدائها ومِلءُ كِسائها وغَيْظُ جارَتِها؛ المعنى أَنها ضامِرَة البطن
فكأَن رِداءها صِفْر أَي خالٍ لشدَّة ضُمور بطنها، والرِّداء ينتهي إِلى
البطن فيقع عليه. وأَصفَرَ البيتَ: أَخلاه. تقول العرب: ما أَصْغَيْت لك
إِناء ولا أَصْفَرْت لك فِناءً، وهذا في المَعْذِرة، يقول: لم آخُذْ
إِبِلَك ومالَك فيبقى إِناؤُك مَكْبوباً لا تجد له لَبَناً تَحْلُبه فيه، ويبقى
فِناؤك خالِياً مَسْلُوباً لا تجد بعيراً يَبْرُك فيه ولا شاة تَرْبِضُ
هناك.
والصَّفارِيت: الفقراء، الواحد صِفْرِيت؛ قال ذو الرمة:
ولا خُورٌ صَفارِيتُ
والياء زائدة؛ قال ابن بري: صواب إِنشاده ولا خُورٍ، والبيت بكماله:
بِفِتْيَةٍ كسُيُوف الهِنْدِ لا وَرَعٍ
من الشَّباب، ولا خُورٍ صَفارِيتِ
والقصيدة كلها مخفوضة وأَولها:
يا دَارَ مَيَّةَ بالخَلْصاء حُيِّيتِ
وصَفِرَت وِطابُه: مات، قال امرؤُ القيس:
وأَفْلَتَهُنَّ عِلْباءٌ جَرِيضاً،
ولو أَدْرَكْنَهُ صَفِرَ الوِطاب
وهو مثَل معناه أَن جسمه خلا من رُوحه أَي لو أَدركته الخيل لقتلته
ففزِعت، وقيل: معناه أَن الخيل لو أَدركته قُتل فصَفِرَت وِطابُه التي كان
يَقْرِي منها وِطابُ لَبَنِه، وهي جسمه من دَمِه إِذا سُفِك. والصَّفْراء:
الجرادة إِذا خَلَت من البَيْضِ؛ قال:
فما صَفْراءُ تُكْنَى أُمَّ عَوْفٍ،
كأَنَّ رُجَيْلَتَيْها مِنْجَلانِ؟
وصَفَر: الشهر الذي بعد المحرَّم، وقال بعضهم: إِنما سمي صَفَراً لأَنهم
كانوا يَمْتارُون الطعام فيه من المواضع؛ وقال بعضهم: سمي بذلك لإِصْفار
مكة من أَهلها إِذا سافروا؛ وروي عن رؤبة أَنه قال: سَمَّوا الشهر
صَفَراً لأَنهم كانوا يَغْزون فيه القَبائل فيتركون من لَقُوا صِفْراً من
المَتاع، وذلك أَن صَفَراً بعد المحرم فقالوا: صَفِر الناس مِنَّا صَفَراً.
قال ثعلب: الناس كلهم يَصرِفون صَفَراً إِلاَّ أَبا عبيدة فإِنه قال لا
ينصرف؛ فقيل له: لِمَ لا تصرفه؟
(* هكذا بياض بالأصل) . . . لأَن النحويين
قد أَجمعوا على صرفه، وقالوا: لا يَمنع الحرف من الصَّرْف إِلاَّ
علَّتان، فأَخبرنا بالعلتين فيه حتى نتبعك، فقال: نعم، العلَّتان المعرفة
والسَّاعةُ، قال أَبو عمر: أَراد أَن الأَزمنة كلها ساعات والساعات مؤنثة؛ وقول
أَبي ذؤيب:
أَقامَتْ به كمُقام الحَنِيـ
ـفِ شَهْرَيْ جُمادى، وشَهْرَيْ صَفَر
أَراد المحرَّم وصفراً، ورواه بعضهم: وشهرَ صفر على احتمال القبض في
الجزء، فإِذا جمعوه مع المحرَّم قالوا: صَفران، والجمع أَصفار؛ قال
النابغة:لَقَدْ نَهَيْتُ بَني ذُبْيانَ عن أُقُرٍ،
وعن تَرَبُّعِهِم في كلِّ أَصْفارِ
وحكى الجوهري عن ابن دريد: الصَّفَرانِ شهران من السنة سمي أَحدُهما في
الإِسلام المحرَّم. وقوله في الحديث: لا عَدْوَى ولا هامَةَ ولا صَفَر؛
قال أَبو عبيد: فسر الذي روى الحديث أَن صفر دَوَابُّ البَطْن. وقال أَبو
عبيد: سمعت يونس سأَل رؤبة عن الصَّفَر، فقال: هي حَيَّة تكون في البطن
تصيب الماشية والناس، قال: وهي أَعدى من الجَرَب عند العرب؛ قال أَبو
عبيد: فأَبطل النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنها تعدي. قال: ويقال إِنها تشتد
على الإِنسان وتؤذيه إِذا جاع. وقال أَبو عبيدة في قوله لا صَفَر: يقال
في الصَّفَر أَيضاً إِنه أَراد به النَّسيءَ الذي كانوا يفعلونه في
الجاهلية، وهو تأْخيرهم المحرَّم إِلى صفر في تحريمه ويجعلون صَفَراً هو الشهر
الحرام فأَبطله؛ قال الأَزهري: والوجه فيه التفسير الأَول، وقيل للحية
التي تَعَضُّ البطن: صَفَر لأَنها تفعل ذلك إِذا جاع الإِنسان.
والصَّفَرِيَّةُ: نبات ينبت في أَوَّل الخريف يخضِّر الأَرض ويورق
الشجر. وقال أَبو حنيفة: سميت صفرية لأَن الماشية تَصْفَرُّ إِذا رعت ما يخضر
من الشجر وترى مَغابِنَها ومَشَافِرَها وأَوْبارَها صُفْراً؛ قال ابن
سيده: ولم أَجد هذا معروفاً.
والصُّفَارُ: صُفْرَة تعلو اللون والبشرة، قال: وصاحبه مَصْفُورٌ؛
وأَنشد:
قَضْبَ الطَّبِيبِ نائطَ المَصْفُورِ
والصُّفْرَةُ: لون الأَصْفَر، وفعله اللازم الاصْفِرَارُ. قال: وأَما
الاصْفِيرارُ فَعَرض يعرض الإِنسان؛ يقال: يصفارُّ مرة ويحمارُّ أُخرى،
قال: ويقال في الأَوَّل اصْفَرَّ يَصْفَرُّ.
والصَّفَريُّ: نَتَاج الغنم مع طلوع سهيل، وهو أَوَّل الشتاء، وقيل:
الصَّفَرِيَّةُ
(* قوله: وقيل الصفرية إلخ» عبارة القاموس وشرحه: والصفرية
نتاج الغنم مع طلوع سهيل، وهو أوّل الشتاء. وقيل الصفرية من لدن طلوع سهيل
إِلى سقوط الذراع حين يشتد البرد، وحينئذ يكون النتاج محموداً كالصفري
محركة فيهما). من لدن طلوع سُهَيْلٍ إِلى سقوط الذراع حين يشتد البرد
وحينئذ يُنْتَجُ الناس، ونِتاجه محمود، وتسمى أَمطار هذا الوقت صَفَرِيَّةً.
وقال أَبو سعيد: الصَّفَرِيَّةُ ما بين تولي القيظ إِلى إِقبال الشتاء،
وقال أَبو زيد: أَول الصفرية طلوع سُهَيْلٍ وآخرها طلوع السِّماك. قال:
وفي أَوَّل الصَّفَرِيَّةِ أَربعون ليلة يختلف حرها وبردها تسمى المعتدلات،
والصَّفَرِيُّ في النّتاج بعد القَيْظِيِّ. وقال أَبو حنيفة:
الصَّفَرِيَّةُ تولِّي الحر وإِقبال البرد. وقال أَبو نصر: الصَّقَعِيُّ أَول
النتاج، وذلك حين تَصْقَعُ الشمسُ فيه رؤوسَ البَهْم صَقْعاً، وبعض العرب يقول
له الشَّمْسِي والقَيْظي ثم الصَّفَري بعد الصَّقَعِي، وذلك عند صرام
النخيل، ثم الشَّتْوِيُّ وذلك في الربيع، ثم الدَّفَئِيُّ وذلك حين تدفأُ
الشمس، ثم الصَّيْفي ثم القَيْظي ثم الخَرْفِيُّ في آخر القيظ.
والصَّفَرِية: نبات يكون في الخريف؛ والصَّفَري: المطر يأْتي في ذلك
الوقت.وتَصَفَّرَ المال: حسنت حاله وذهبت عنه وَغْرَة القيظ.
وقال مرة: الصَّفَرِية أَول الأَزمنة يكون شهراً، وقيل: الصَّفَري أَول
السنة.
والصَّفِير: من الصوت بالدواب إِذا سقيت، صَفَرَ يَصْفِرُ صَفِيراً،
وصَفَرَ بالحمار وصَفَّرَ: دعاه إِلى الماء. والصَّافِرُ: كل ما لا يصيد من
الطير. ابن الأَعرابي: الصَّفارِيَّة الصَّعْوَةُ والصَّافِر الجَبان؛
وصَفَرَ الطائر يَصْفِرُ صَفِيراً أَي مَكَا؛ ومنه قولهم في المثل:
أَجْبَنُ من صَافِرٍ وأَصفَرُ من بُلْبُلٍ، والنَّسْر يَصْفِر. وقولهم: ما في
الدار صافر أَي أَحد يصفر. وفي التهذيب: ما في الدار
(* قوله: وفي التهذيب
ما في الدار إلخ» كذا بالأَصل). أَحد يَصْفِرُ به، قال: هذا مما جاء على
لفظ فاعل ومعناه مفعول به؛ وأَنشد:
خَلَتِ المَنازل ما بِها،
مِمَّن عَهِدْت بِهِنَّ، صَافِر
وما بها صَافِر أَي ما بها أَحد، كما يقال ما بها دَيَّارٌ، وقيل: أَي
ما بها أَحد ذو صَفير. وحكى الفراء عن بعضهم قال: كان في كلامه صُفار،
بالضم، يريد صفيراً. والصَّفَّارَةُ: الاست. والصَّفَّارَةُ: هَنَةٌ جَوْفاء
من نحاس يَصْفِر فيها الغلام للحَمَام، ويَصْفِر فيها بالحمار ليشرب.
والصَّفَرُ: العَقل والعقد. والصَّفَرُ: الرُّوعُ ولُبُّ القَلْبِ،
يقال: ما يلزق ذلك بصَفَري.
والصُّفَار والصِّفَارُ: ما بقي في أَسنان الدابة من التبن والعلف
للدواب كلها. والصُّفَار: القراد، ويقال: دُوَيْبَّةٌ تكون في مآخير الحوافر
والمناسم؛ قال الأَفوه:
ولقد كُنْتُمْ حَدِيثاً زَمَعاً
وذُنَابَى، حَيْثُ يَحْتَلُّ الصُّفَار
ابن السكيت: الشَّحْمُ والصَّفَار، بفتح الصاد، نَبْتَانِ؛ وأَنشد:
إِنَّ العُرَيْمَةَ مانِعٌ أَرْوَاحنا،
ما كانَ مِنْ شَحْم بِهَا وَصَفَار
(* قوله: «أرواحنا» كذا بالأصل وشرح القاموس، والذي في الصحاح وياقوت:
ان العريمة مانع أرماحنا * ما كان من سحم بها وصفار
والسحم، بالتحريك: شجر).
والصَّفَار، بالفتح: يَبِيس
(* قوله «والصفار بالفتح يبيس إلخ» كذا في
الصحاح وضبطه في القاموس كغراب) البُهْمى.
وصُفْرَةُ وصَفَّارٌ: اسمان. وأَبو صُفْرَةَ: كُنْيَة.
والصُّفْرِيَّةُ، بالضم: جنس من الخوارج، وقيل: قوم من الحَرُورِيَّة
سموا صُفْرِيَّةً لأَنهم نسبوا إِلى صُفْرَةِ أَلوانهم، وقيل: إِلى عبدالله
بن صَفَّارٍ؛ فهو على هذا القول الأَخير من النسب النادر، وفي الصحاح:
صِنْفٌ من الخوارج نسبوا إِلى زياد بن الأَصْفَرِ رئيسهم، وزعم قوم أَن
الذي نسبوا إِليه هو عبدالله ابن الصَّفَّار وأَنهم الصِّفْرِيَّة، بكسر
الصاد؛ وقال الأَصمعي: الصواب الصِّفْرِيَّة، بالكسر، قال: وخاصم رجُل منهم
صاحبَه في السجن فقال له: أَنت والله صِفْرٌ من الدِّينِ، فسموا
الصِّفْرِيَّة، فهم المَهَالِبَةُ
(* قوله: «فهم المهالبة إلخ» عبارة القاموس
وشرحه: والصفرية، بالضم أَيضاً، المهالبة المشهورون بالجود والكرم، نسبوا
إِلى أَبي صفرة جدهم). نسبوا إِلى أَبي صُفْرَةَ، وهو أَبو المُهَلَّبِ
وأَبو صُفْرَةَ كُنْيَتُهُ.
والصَّفْراءُ: من نبات السَّهْلِ والرَّمْل، وقد تنبُت بالجَلَد، وقال
أَبو حنيفة: الصَّفْراءُ نبتا من العُشب، وهي تُسَطَّح على الأَرض،
وكأَنَّ ورقَها ورقُ الخَسِّ، وهي تأْكلها الإِبل أَكلا شديداً، وقال أَبو نصر:
هي من الذكور. والصَّفْراءُ: شِعْب بناحية بدر، ويقال لها الأَصَافِرُ.
والصُّفَارِيَّةُ: طائر. والصَّفْراء: فرس الحرث
بن الأَصم، صفة غالبة. وبنو الأَصْفَرِ: الرَّوم، وقيل: ملوك الرّوم؛
قال ابن سيده: ولا أَدري لم سموا بذلك؛ قال عدي ابن زيد:
وِبَنُو الأَصْفَرِ الكِرامُ، مُلُوكُ الـ
ـرومِ، لم يَبْقَ مِنْهُمُ مَذْكُورُ
وفي حديث ابن عباس: اغْزُوا تَغْنَمُوا بَناتِ الأَصْفَرِ؛ قال ابن
الأَثير: يعني الرومَ لأَن أَباهم الأَول كان أَصْفَرَ اللون، وهو رُوم
بن عِيْصُو بن إِسحق
بن إِبراهيم. وفي الحديث ذكر مَرْجِ الصُّفَّرِ، وهو بضم الصاد وتشديد
الفاء، موضع بغُوطَة دمشق وكان به وقعة للمسلمين مع الروم. وفي حديث مسيره
إِلى بدر: ثُمَّ جَزَع الصُّفَيْراءَ؛ هي تصغير الصَّفْرَاء، وهي موضع
مجاور بدر. والأَصَافِرُ: موضع؛ قال كُثَيِّر:
عَفَا رابَغٌ مِنْ أَهْلِهِ فَالظَّوَاهِرُ،
فأَكْنَافُ تْبْنَى قد عَفَتْ فَالأَصافِرُ
(* قوله: «تبنى» في ياقوت: تبنى، بالضم ثم السكون وفتح النون والقصر،
بلدة بحوران من أَعمال دمشق، واستشهد عليه بأَبيات أُخر. وفي باب الهمزة مع
الصاد ذكر الأَصافر وأَنشد هذا البيت وفيه هرشى بدل تبنى، قال هرشى
بالفتح ثم السكون وشين معجمة والقصر ثنية في طريق مكة قريبة من الجحفة اـ هـ.
وهو المناسب).
وفي حديث عائشة: كانت إذا سُئِلَتْ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ من
السِّبَاعِ قَرَأَتْ: قُلْ لا أَجِدُ فيما أُوحِيَ إِليَّ مُحَرَّماً على
طَاعِمٍ يَطْعَمُه (الآية) وتقول: إِن البُرْمَةَ لَيُرَى في مائِهَا
صُفْرَةٌ، تعني أَن الله حرَّم الدَّم في كتابه، وقد تَرَخّص الناس في ماء
اللَّحْم في القدر وهو دم، فكيف يُقْضَى على ما لم يحرمه الله بالتحريم؟ قال:
كأَنها أَرادت أَن لا تجعل لحوم السِّبَاع حراماً كالدم وتكون عندها
مكروهة، فإِنها لا تخلو أَن تكون قد سمعت نهي النبي، صلى الله عليه وسلم،
عنها.
صحر: الصَّحْراء من الأَرض: المُستوِيةُ في لِينٍ وغِلَظ دون القُفِّ،
وقيل: هي الفَضاء الواسع؛ زاد ابن سيده: لا نَبات فيه. الجوهري: الصَّحراء
البَرِّيَّة؛ غير مصروفة وإِن لم تكن صفة، وإِنما لم تصرف للتأْنيث
ولزوم حرف التأْنيث لها، قال: وكذلك القول في بُشرى. تقول: صَحْراءُ واسعة
ولا تقل صَحْراءَة فتدخل تأْنيثاً على تأْنيث. قال ابن شميل: الصَّحْراء من
الأَرض مثل ظهر الدابة الأَجْرَد ليس بها شجر ولا إِكام ولا جِبال
مَلْساء. يقال: صحراء بَيِّنة الصَّحَر والصُّحْرَة.
وأَصْحَر المكانُ أَي اتَّسع. وأَصْحَرَ. الرجل: نزل الصحراء. وأَصْحَرَ
القوم: برزوا في الصَّحْراء، وقيل: أَصْحَرَ الرجل إِذا . . .
(* هكذا
بياض بالأصل). كأَنه أَفضى إِلى الصَّحْراء التي لا خَمَرَ بها فانكشف.
وأَصْحَرَ القوم إِذا برزوا إِلى فضاء لا يُوارِيهم شيء. وفي حديث أُم سلمة
لعائشة: سَكَّن الله عُقَيراكِ فلا تُصْحِرِيها؛ معناه لا تُبْرِزِيها
إِلى الصَّحْراء؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاء في هذا الحديث متعدِّياً على
حذف الجار وإِيصال الفعل فإِنه غير متعدّ، والجمع الصَّحارى والصَّحارِي،
ولا يجمع على صُحْر لأَنه ليس بنعت. قال ابن سيده: الجمع صَحْرَاوَات
وصَحارٍ، ولا يكسَّر على فُعْل لأَنه وإِن كان صفة فقد غلب عليه الاسم. قال
الجوهري: الجمع الصَّحارِي والصَّحْراوات، قال: وكذلك جمع كل فعلاء إِذا
لم يكن مؤنث أَفْعَلَ مثل عَذْراء وخَبْراء ووَرْقاء اسم رجل، وأَصل
الصَّحارِي صَحارِيّ، بالتشديد، وقد جاء ذلك في الشرع لأَنك إِذا جمعت
صَحْراء أَدخلت بين الحاء والراء أَلفاً وكسرت الراء، كما يُكسر ما بعد أَلِف
الجمع في كل موضع نحو مساجد وجَعافِر، فتنقلب الأَلف الأُولى التي بعد
الراء ياءً للكسرة التي قبلها، وتنقلب الأَلف الثانية التي للتأْنيث أَيضاً
ياء فتدغَم، ثم حذفوا الياء الأُولى وأَبدلوا من الثانية أَلفاً فقالوا
صَحارى، بفتح الراء، لتسلم الأَلف من الحذف عند التنوين، وإِنما فعلوا
ذلك ليفرقوا بين الياء المنقلبة من الأَلف للتأْنيث وبين الياء المنقلبة من
الأَلف التي ليست للتأْنيث نحو أَلِفِ مَرْمًى ومغزًى، إِذ قالوا
مَرَامِي ومَغازِي، وبعض العرب لا يحذف الياءَ الأُولى ولكن يحذف الثانية فيقول
الصَّحارِي بكسر الراء، وهذه صَحارٍ، كما يقول جَوارٍ. وفي حديث علي:
فأَصْحِرْ لعدُوّك وامْض على بَصِيرَتِك أَي كُنْ من أَمره على أَمرٍ واضح
منكَشِف، من أَصْحَر الرجل إِذا خرج إِلى الصَّحراء. قال ابن الأَثير:
ومنه حديث الدعاء: فأَصْحِرْ بِي لغَضَبك فَريداً. والمُصاحِرُ: الذي يقاتل
قِرْنه في الصَّحراء ولا يُخاتِلُه.
والصُّحْرة: جَوْبة تَنْجاب في الحرَّة وتكون أَرضاً ليِّنة تُطِيف بها
حجارة، والجمع صُحَرٌ لا غير؛ قال أَبو ذؤيب يصف يرَاعاً:
سَبِيٌّ من يَراعَتِه نَفاهُ
أَتيٌّ مَدَّهُ صُحَرٌ وَلُوبُ
قوله سَبِيّ أَي غريب. واليَراعَة ههنا: الأَجَمَة. ولَقِيته صَحْرَةَ
بَحْرَةَ إِذا لم يكن بينك وبينه شيء، وهي غير مُجْراةٍ، وقيل لم
يُجْرَيَا لأَنهما اسمان جعلا اسماً واحداً. وأَخبره بالأَمر صَحْرَةَ بَحْرَةَ،
وصَحْرَةً بَحْرَةً أَي قَبَلا لم يكن بينه وبينه أَحد.
وأَبرز له ما في نفسه صَحَاراً: كأَنه جاهره به جِهاراً. والأَصْحَرُ:
قريب من الأَصهَب، واسم اللَّوْن الصَّحَرُ والصُّحْرَةُ، وقيل: الصَّحَرُ
غُبرة في حُمْرة خفيفة إِلى بياض قليل؛ قال ذو الرمة:
يَحْدُو نَحائِصَ أَشْباهاً مُحَمْلَجةً،
صُحْرَ السَّرابِيل في أَحْشائها قَبَبُ
وقيل: الصُّحْرة حمرة تضرِب إِلى غُبرة؛ ورجل أَصْحَر وامرأَة صَحْراء
في لونها. الأَصمعي: الأَصْحَرُ نحو الأَصْبَح، والصُّحْرة لَوْن
الأَصْحَر، وهو الذي في رأْسه شُقرة.
واصْحارَّ النبْت اصْحِيراراً: أَخذت فيه حمرة ليست بخالصة ثم هاج
فاصفرَّ فيقال له: اصْحارَّ. واصحارَّ السُّنْبُل: احمرَّ، وقيل: ابيضَّت
أَوائله. وحِمار أَصْحَرُ اللون، وأَتان صَحُورٌ: فيها بياض وحمرة، وجمعه
صُحُر، والصُّحْرة اسم اللَّوْن، والصَّحَر المصدر.
والصَّحُور أَيضاً: الرَّمُوح يعني النَّفُوحَ برجلها.
والصَّحِيرة: اللَّبَن الحلِيب يغلى ثم يصب عليه السمن فيشرب شرباً،
وقيل: هي مَحْض الإِبل والغنم ومن المِعْزَى إِذا احتيج إِلى الحَسْوِ
وأَعْوَزَهُمُ الدقيق ولم يكن بأَرضهم طَبَخُوه ثم سَقَوْه العَليل حارّاً؛
وصَحَره يَصْحَره صَحْراً: طبخه، وقيل: إِذا سُخِّن الحليب خاصة حتى يحترق،
فهو صَحِيرة، والفِعْل كالفعل، وقيل: الصَّحِيرة اللبن الحليب يسخن ثم
يذرُّ عليه الدقيق، وقيل: هو اللبن الحليب يُصْحَر وهو أَن يلقى فيه
الرَّضْفُ أَو يجعل في القِدْر فيغلى فيه فَوْرٌ واحد حتى يحترق، والاحتراق
قبل الغَلْي، وربما جعل فيه دقيق وربما جعل فيه سمن، والفعل كالفعل، وقيل:
هي الصَّحِيرة من الصَّحْرِ كالفَهِيرة من الفِهْر.
والصُّحَيْراء، ممدود على مثال الكُدَيْراء: صِنْف من اللبن؛ عن كراع،
ولم يُعيِّنه.
والصَّحِير: من صوْت الحمير، صَحَر الحمار يَصْحَر صَحِيراً وصُحَاراً،
وهو أَشد من الصَّهِيل في الخيل. وصُحار الخيل: عرَقها، وقيل: حُمَّاها.
وصَحَرته الشمس: آلَمَتْ دِماغه.
وصُحْرُ: اسم أُخت لُقْمان بن عاد. وقولهم في المثل: ما لي ذَنْب إِلاَّ
ذنب صُحْرَ؛ هو اسم امرأَة عُوقبت على الإِحسان؛ قال ابن بري: صُحُرُ هي
بنت لقمان العادي وابنه لُقَيم، بالميم، خرجا في إِغارة فأَصابا إِبلاً،
فسبق لُقَيم فأَتى منزله فنحرت أُخته صُحْرُ جَزُوراً من غَنيمته وصنعت
منها طعاماً تتحِف به أَباها إِذا قدِم، فلما قدِم لُقْمان قدَّمت له
الطعام، وكان يحسُد لقيماً، فَلَطَمَهَا ولم يكن لها ذنب. قال: وقال ابن
خالَوْيهِ هي أُخت لقمان بن عاد، وقال: إِنَّ ذنبها هو أَن لقمان رأَى في
بيتها نُخامة في السَّقْف فقتلها، والمشهور من القولين هو الأَول.
وصُحَارٌ: اسم رجل من عبد القَيْس؛ قال جرير:
لقيت صُحارَ بني سِنان فيهم
حَدَباً كأَعصلِ ما يكون صُحار
ويروي: كأَقْطَمِ ما يكون صُحار. وصُحار: قبيلة. وصُحار: مدينة عُمَان.
قال الجوهري: صُحار، بالضم، قَصَبَة عُمان مما يلي الجبل، وتُؤَام
قَصَبتها مما يلي السَّاحل. وفي الحديث: كُفِّن رسولُ الله، صلى الله عليه
وسلم، في ثَوْبَيْن صُحَارِيَّيْنِ؛ صحار: قرية باليمن نُسِب الثوبُ إِليها،
وقيل: هو من الصُّخْرة من اللَّوْن، وثَوْب أَصْحَر وصُحارِيّ. وفي حديث
عثمان: أَنه رأَى رجلاً يقطَع سَمُرة بِصُحَيرات اليَمام؛ قال ابن
الأَثير: هو اسم موضع، قال: واليَمام شَجرَ أَو طير.
والصُّحَيرات: جمعٌ مصغر واحده صُحْرة،. وهي أَرض لَيِّنة تكون في وسط
الحرَّة. قال: هكذا قال أَبو موسى وفَسَّر اليَمام بشجر أَو طير، قال:
فأَما الطير فصحيح، وأَما الشجر فلا يُعرف فيه يّمام، بالياء، وإِنما هو
ثُمام، بالثاء المثلثة، قال: وكذلك ضبطه الحازِمي قال: هو صُحَيْرات
الثُّمَامة، ويقال فيه الثّمام، بلا هاء قال: وهي إِحدى مراحل النبي، صلى الله
عليه وسلم، إِلى بَدْر.
لبس: اللُّبْسُ، بالضم: مصدر قولك لَبِسْتُ الثوبَ أَلْبَس، واللَّبْس،
بالفتح: مصدر قولك لَبَسْت عليه الأَمر أَلْبِسُ خَلَطْت. واللِّباسُ: ما
يُلْبَس، وكذلك المَلْبَس واللِّبْسُ، بالكسر، مثلُه. ابن سيده: لَبِسَ
الثوب يَلْبَسُه لُبْساً وأَلْبَسَه إِياه، وأَلْبَس عليك ثوبَك. وثوب
لَبِيس إِذا كثر لُبْسُه، وقيل: قد لُبِسَ فأَخْلَق، وكذلك مِلْحَفَة
لَبِيسٌ، بغير هاء، والجمع لُبُسٌ؛ وكذلك المزادة وجمعها لَبائِس؛ قال الكميت
يصف الثور والكلاب:
تَعَهّدَها بالطَّعْنِ، حتى كأَنما
يَشُقُّ بِرَوْقَيْهِ المَزادَ اللَّبائِسا
يعني التي قد استعملت حتى أَخْلَقَتْ، فهو أَطوَعُ للشَّقِّ والخَرْق.
ودارٌ لَبِيسٌ: على التشبيه بالثوْب الملبوس الخَلَق؛ قال:
دارٌ لِلَيْلى خَلَقٌ لَبِيسُ،
ليس بها من أَهلها أَنيسُ
وحَبْل لَبيسٌ:مستعمَل؛ عن أَبي حنيفة. ورجل لَبِيسٌ: ذو لِبَاسٍ، على
التَّشبيه؛ حكاه سيبويه. ولَبُوسٌ: كثير اللِّباس. واللَّبُوس: ما يُلبس؛
وأَنشد ابن السكيت لِبَيْهَس الفزاري، وكان بَيْهس هذا قتل له ستة إِخوة
هو سابعُهم لما أَغارَتْ عليهم أَشْجَع، وإِنما تركوا بَيْهَساً لأَنه
كان يحمُق فتركوه احْتِقاراً له، ثم إِنه مرَّ يوماً على نِسْوَة من قومه،
وهنَّ يُصلِحْن امرأَة يُرِدْنَ أَن يُهْدِينَها لبعض من قَتَل إِخَوتَه.
فكشف ثوبه عن اسْتِه وغطَّى رأَسه فقلْنَ له: وَيْلَك أَيَّ شيء تصنَع؟
فقال:
الْبَسْ لِكُلِّ حَالَة لَبُوسَها:
إِمَّا نَعِيمَها وإِمَّا بُوسَهَا
واللَّبُوس: الثياب والسِّلاح. مُذكَّر، فإِن ذهبت به إِلى الدِّرْع
أَنَّثْتَ. وقال اللَّه تعالى: وعلَّمناه صَنْعَة لَبُوس لكم؛ قالوا: هو
الدِّرْعُ تُلبَس في الحروب. ولِبْسُ الهَوْدج: ما عليه من الثياب. يقال:
كشَفْت عن الهَوْدج لِبْسَه، وكذلك لِبْس الكعبة، وهو ما علينا من
اللِّباسِ؛ قال حميد بن ثور يصف فرَساً خدمته جَواري الحيِّ:
فَلَما كَشَفْنَ اللِّبْسَ عنه مَسَحْنَهُ
بأَطْرافِ طَفْلٍ، زانَ غَيْلاً مُوَشَّما
وإِنه لحسَنُ اللَّبْسَة واللِّباس. واللِّبْسَةُ: حالة من حالات
اللُّبْس؛ ولَبِستُ الثوب لَبْسَةً واحدة. وفي الحديث: أَنه نهى عن
لِبْسَتَيْن، هي بكسر اللام، الهيئة والحالة، وروي بالضم على المصدر؛ قال الأَثير:
والأَوّل الوجه. ولِباسُ النَّوْرِ: أَكِمَّتُهُ. ولِباسُ كل شيء:
غِشاؤُه. ولِباس الرجل: امرأَتُه، وزوجُها لِباسُها. وقوله تعالى في النساء:
هنَّ لِباسٌ لكم وأَنتم لِباسٌ لهنَّ؛ أَي مثل اللِّباسِ؛ قال الزجاج:: قد
قيل فيه غيرُ ما قوْلٍ قيل: المعنى تُعانِقونهنَّ ويُعانِقْنَكم، وقيل:
كلُّ فَرِيقٍ منكم يَسْكُنُ إِلى صاحبه ويُلابِسُه كما قال تعالى: وجَعَل
منها زوجها ليَسْكُنْ إِليها. والعرب تسَمِّي المرأَة لِباساً وإِزاراً؛
قال الجعدي يصف امرأَة:
إِذا ما الضَّجِيعُ ثَنَى عِطْفَها،
تَثَنَّتْ، فكانت عليه لِباسا
ويقال: لَبِسْت امرأَة أَي تمتَّعت بها زماناً، ولَبِست قَوْماً أَي
تملَّيْت بهم دهراً؛ وقال الجعدي:
لَبِسْت أُناساً فأَفْنَيْتُهُمْ،
وأَفْنَيْتُ بعد أُناسٍ أُناسا
ويقال: لَبِسْت فلانة عُمْرِي أَي كانت معي شَبابي كلَّه. وتَلَبَّسَ
حُبُّ فلانة بَدَمِي ولَحْمِي أَي اختلط. وقوله تعالى: الذي جعل لكم الليل
لِباساً أَي تَسْكُنُون فيه، وهو مشتملٌ عليكم. وقال أَبو إِسحق في قوله
تعالى: فأَذاقها اللَّه لِباسَ الجُوعِ والخَوْف، جاعُوا حتى أَكلوا
الوَبَرَ بالدَّمِ وبلغ منهم الجُوعُ الحالَ التي لا غاية بعدها، فضُرِبَ
اللِّباسُ لما نالهم مثلاً لاشتماله على لابِسِه. ولِباسُ التَّقْوَى:
الحياءُ؛ هكذا جاء في التفسير، ويقال: الغليظ الخشِنُ القصير.
وأُلْبِسَتِ الأَرض: غطَّاها النَّبْتُ. وأَلبَسْت الشيء، بالأَلف، إِذا
غَطَّيْته. يقال: أَلْبَس السماءَ السحابُ إِذا غَطَّاها. ويقال:
الحَرَّةُ الأَرض التي لَبِسَتها حجارة سُودٌ. أَبو عمرو: يقال للشيء إِذا
غَطَّاه كلَّه أَلبَسَه ولا يكون لَبِسَه كقولهم أَلبَسَنا الليل، وأَلْبَسَ
السماءَ السحابُ ولا يكون لَبِسَنا الليل ولا لَبِس السماءَ السحابُ.
ويقال: هذه أَرض أَلْبَسَتْها حجارة سود أَي غطَّتْها. والدَّجْنُ: أَن
يُلْبِسَ الغيمُ السماء.
والمَلْبَسُ: كاللِّباسِ. وفي فلان مَلْبَسٌ أَي مُسْتَمْتَعٌ. قال أَبو
زيد: يقال إَن في فلان لمَلْبَساً أَي ليس به كِبْرٌ، ويقال: كِبَرٌ،
ويقال: ليس لفلان لَبِيسٌ أَي ليس له مثل. وقال أَبو مالك: هو من
المُلابَسَة وهي المُخالَطة. وجاء لابِساً أُذُنَيْه أَي مُتغافلاً، وقد لَبِس له
أُذُنَهُ؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
لَبِسْتُ لِغالِبٍ أُذُنَيَّ، حتَّى
أَراد لقَوْمِه أَنْ يأْكُلُوني
يقول: تغافَلْت له حتى أَطمَعَ قومَه فيَّ.
واللَّبْسُ واللَّبَسُ: اختلاط الأَمر. لبَسَ عليه الأَمرَ يَلْبِسُه
لَبْساً فالْتَبَسَ إِذا خَلَطَه عليه حتى لا يعرِف جِهَتَه. وفي
المَوْلَدِ والمَبْعَثِ: فجاء المَلَكُ فشقَّ عن قلبه، قال: فَخِفْتْ أَن يكون قد
الْتُبِسَ بي أَي خُولِطْت في عَقْلي، من قولك في رَأْيهِ لَبْسٌ أَي
اختلاطٌ، ويقال للمجنون: مُخالَط. والْتَبَسَ عليه الأَمر أَي اختلَطَ
واشْتَبَه. والتَّلْبيسُ: كالتَّدْليس والتَّخليط، شُدِّد للمبالغة، ورجل
لَبَّاسٌ ولا تقل مُلَبَّس. وفي حديث جابر: لما نزل قوله تعالى: أَو
يُلْبِسَكُم شِيَعاً؛ اللَّبْس: الخلْط. يقال: لَبَسْت الأَمر، بالفتح، أَلْبِسُه
إِذا خَلَطت بعضه ببعض، أَي يَجْعَلكم فِرَقاً مختلفين؛ ومنه الحديث:
فَلَبَسَ عليه صَلاتَه. والحديث الآخر: من لَبَسَ على نفسه لَبْساً، كلُّه
بالتخفيف؛ قال: وربما شدد للتكثير؛ ومنه حديث ابن صيّاد: فَلَبَسَني أَي
جَعَلني أَلْتَبِسُ في أَمره، والحديث الآخر: لَبَسَ عليه. وتَلَبَّس بيَ
الأَمرُ: اختلط وتعلق؛ أَنشد أَبو حنيفة:
تَلَبَّسَ حُبُّها بَدَمي ولَحْمِي،
تَلَبُّسَ عِطْفَةٍ بفُرُوعِ ضالِ
وتَلَبَّسَ بالأَمر وبالثَّوْب. ولابَسْتُ الأَمرَ: خالَطْتُه. وفيه
لُبْسٌ ولُبْسَةٌ أَي التِباسٌ. وفي التنزيل العزيز: وللبَسْنا عليهم ما
يَلْبِسُون؛ يقال: لَبَسْت الأَمر على القوم أَلْبِسُه لَبْساً إِذا
شَبَّهْتَه عليهم وجَعَلتَه مُشْكِلاً، وكان رؤساء الكفار يَلْبِسُون على
ضَعَفَتهم في أَمر النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، فقالوا: هَلاَّ أُنزل إِلينا
مَلَك؟ قال اللَّه تعالى: ولو أَنزَلْنا مَلَكاً فرأَوْه، يعني المَلَك،
رجُلاً لكان يَلْحَقهم فيه من اللَّيْس مثل ما لحق ضَعَفَتَهُم منه. ومن
أَمثالهم: أَعْرَضَ ثَوْبُ المُلْتَبِس إِذا سأَلتَه عن أَمر فلم
يُبَيِّنْهُ لك. وفي التهذيب: أَعْرَضَ ثَوْبُ المُلْبِسِ؛ يُضرَب هذا المَثَل
لِمَن اتَّسَعت فِرْقَتُه أَي كثر من يَتَّهِمُه فيما سَرَقه.
والمِلْبَس: الذي يلبسُك ويُجلِّلك. والمِلْبَسُ: الليل بعَيْنه كما
تقول إِزارٌ ومِئْزًرٌ ولِحافٌ ومِلْحَفٌ؛ ومن قال المَلْبَس أَراد ثَوْب
اللُّبْس كما قال:
وبَعْدَ المَشِيبِ طُول عُمْرٍ ومَلْبَسَا
وروي عن الأَصمعي في تفسير هذا المثل قال: ويقال ذلك للرجل، يقال له:
ممن أَنت؟ فيقول: من مُضَر أَو من رَبيعَة أَو من اليَمَن أَي عَمَمْت ولم
تخصَّ. واللَّبْسُ: اختِلاطُ الظلام. وفي الحديث: لُبْسَةٌ، بالضم، أَي
شُبْهَةٌ ليس بواضح. وفي الحديث: فيَأْكلُ فما يَتَلَبَّسُ بِيَدِه طَعام
أَي لا يَلْزَق به لنظافة أَكله؛ ومنه الحديث: ذهب ولم يَتَلَبَّسْ منها
بشيء يعني من الدنيا. وفي كلامه لَبُوسة ولُبُوسَة أَي أَنه مُلْتَبِس؛
عن اللحياني، ولَبَّسَ الشيءُ: الْتَبَسَ، وهو من باب:
قد بَيَّنَ الصبحُ لِذِي عَينَيْن
ولابَسَ الرجلُ الأَمر: خالطَه. ولابَسْتَ فلاناً: عَرَفت باطنَه. وما
في فلان مَلبَس أَي مُسْتَمْتَع. ورجل البِيسٌ: أَحمق
(* قوله «البيس
أَحمق» كذا في الأصل. وفي شرح القاموس: ورجل لبيس، بكسر اللام. أَحمق.).
الليث: اللَّبَسَة بَقْلة؛ قال الأَزهري: لا أَعرف اللَّبَسَة في
البُقُول ولم أَسمع بها لغير الليث.
عول: العَوْل: المَيْل في الحُكْم إِلى الجَوْر. عالَ يَعُولُ عَوْلاً:
جار ومالَ عن الحق. وفي التنزيل العزيز: ذلك أَدْنَى أَن لا تَعُولوا؛
وقال:
إِنَّا تَبِعْنا رَسُولَ الله واطَّرَحوا
قَوْلَ الرَّسول، وعالُوا في المَوازِين
والعَوْل: النُّقْصان. وعال المِيزانَ عَوْلاً، فهو عائل: مالَ؛ هذه عن
اللحياني. وفي حديث عثمان، رضي الله عنه: كتَب إِلى أَهل الكوفة إِني
لسْتُ بميزانٍ لا أَعُول
(* قوله «لا أعول» كتب هنا بهامش النهاية ما نصه:
لما كان خبر ليس هو اسمه في المعنى قال لا أعول، ولم يقل لا يعول وهو يريد
صفة الميزان بالعدل ونفي العول عنه، ونظيره في الصلة قولهم: أنا الذي
فعلت كذا في الفائق) أَي لا أَمِيل عن الاستواء والاعتدال؛ يقال: عالَ
الميزانُ إِذا ارتفع أَحدُ طَرَفيه عن الآخر؛ وقال أَكثر أَهل التفسير: معنى
قوله ذلك أَدنى أَن لا تَعُولوا أَي ذلك أَقرب أَن لا تَجُوروا
وتَمِيلوا، وقيل ذلك أَدْنى أَن لا يَكْثُر عِيَالكم؛ قال الأَزهري: وإِلى هذا
القول ذهب الشافعي، قال: والمعروف عند العرب عالَ الرجلُ يَعُول إِذا جار،
وأَعالَ يُعِيلُ إِذا كَثُر عِيالُه. الكسائي: عالَ الرجلُ يَعُول إِذا
افْتقر، قال: ومن العرب الفصحاء مَنْ يقول عالَ يَعُولُ إِذا كَثُر
عِيالُه؛ قال الأَزهري: وهذا يؤيد ما ذهب إِليه الشافعي في تفسير الآية لأَن
الكسائي لا يحكي عن العرب إِلا ما حَفِظه وضَبَطه، قال: وقول الشافعي نفسه
حُجَّة لأَنه، رضي الله عنه، عربيُّ اللسان فصيح اللَّهْجة، قال: وقد
اعترض عليه بعض المُتَحَذْلِقين فخَطَّأَه، وقد عَجِل ولم يتثبت فيما قال،
ولا يجوز للحضَريِّ أَن يَعْجَل إِلى إِنكار ما لا يعرفه من لغات العرب.
وعال أَمرُ القوم عَوْلاً: اشتدَّ وتَفاقَم. ويقال: أَمر عالٍ وعائلٌ أَي
مُتفاقِمٌ، على القلب؛ وقول أَبي ذؤَيب:
فذلِك أَعْلى مِنك فَقْداً لأَنه
كَريمٌ، وبَطْني للكِرام بَعِيجُ
إِنما أَراد أَعْوَل أَي أَشَدّ فقَلَب فوزنه على هذا أَفْلَع.
وأَعْوَلَ الرجلُ والمرأَةُ وعَوَّلا: رَفَعا صوتهما بالبكاء والصياح؛ فأَما
قوله:تَسْمَعُ من شُذَّانِها عَوَاوِلا
فإِنه جَمَع عِوّالاً مصدر عوّل وحذف الياء ضرورة، والاسم العَوْل
والعَوِيل والعَوْلة، وقد تكون العَوْلة حرارة وَجْدِ الحزين والمحبِّ من غير
نداء ولا بكاء؛ قال مُلَيح الهذلي:
فكيف تَسْلُبنا لَيْلى وتَكْنُدُنا،
وقد تُمَنَّح منك العَوْلة الكُنُدُ؟
قال الجوهري: العَوْل والعَوْلة رفع الصوت بالبكاء، وكذلك العَوِيل؛
أَنشد ابن بري للكميت:
ولن يَستَخِيرَ رُسومَ الدِّيار،
بِعَوْلته، ذو الصِّبا المُعْوِلُ
وأَعْوَل عليه: بَكَى؛ وأَنشد ثعلب لعبيد الله بن عبد الله بن عتبة:
زَعَمْتَ، فإِن تَلْحَقْ فَضِنٌّ مُبَرِّزٌ
جَوَادٌ، وإِن تُسْبَقْ فَنَفْسَكَ أَعْوِل
أَراد فعَلى نفسك أَعْوِلْ فَحَذف وأَوصَلَ. ويقال: العَوِيل يكون صوتاً
من غير بكاء؛ ومنه قول أَبي زُبَيْد:
للصَّدْرِ منه عَوِيلٌ فيه حَشْرَجةٌ
أَي زَئِيرٌ كأَنه يشتكي صَدْرَه. وأَعْوَلَتِ القَوْسُ صَوَّتَتْ. قال
سيبويه: وقالوا وَيْلَه وعَوْلَه، لا يتكلم به إِلا مع ويْلَه، قال
الأَزهري: وأَما قولهم وَيْلَه وعَوْلَه فإِن العَوْل والعَوِيل البكاء؛
وأَنشد:
أَبْلِغْ أَمير المؤمنين رِسالةً،
شَكْوَى إِلَيْك مُظِلَّةً وعَوِيلا
والعَوْلُ والعَوِيل: الاستغاثة، ومنه قولهم: مُعَوَّلي على فلان أَي
اتِّكالي عليه واستغاثتي به. وقال أَبو طالب: النصب في قولهم وَيْلَه
وعَوْلَه على الدعاء والذم، كما يقال وَيْلاً له وتُرَاباً له. قال شمر:
العَوِيل الصياح والبكاء، قال: وأَعْوَلَ إِعْوالاً وعَوَّلَ تعويلاً إِذا صاح
وبكى.
وعَوْل: كلمة مثل وَيْب، يقال: عَوْلَك وعَوْلَ زيدٍ وعَوْلٌ لزيد.
وعالَ عَوْلُه وعِيلَ عَوْلُه: ثَكِلَتْه أُمُّه. الفراء: عالَ الرجلُ
يَعُولُ إِذا شَقَّ عليه الأَمر؛ قال: وبه قرأَ عبد الله في سورة يوسف ولا
يَعُلْ أَن يَأْتِيَني بهم جميعاً، ومعناه لا يَشُقّ عليه أَن يأَتيني بهم
جميعاً. وعالَني الشيء يَعُولُني عَوْلاً: غَلَبني وثَقُلَ عليّ؛ قالت
الخنساء:
ويَكْفِي العَشِيرةَ ما عالَها،
وإِن كان أَصْغَرَهُمْ مَوْلِداً
وعِيلَ صَبْرِي، فهو مَعُولٌ: غُلِب؛ وقول كُثَيِّر:
وبالأَمْسِ ما رَدُّوا لبَيْنٍ جِمالَهم،
لَعَمْري فَعِيلَ الصَّبْرَ مَنْ يَتَجَلَّد
يحتمل أَن يكون أَراد عِيلَ على الصبر فحَذف وعدّى، ويحتمل أَن يجوز على
قوله عِيلَ الرَّجلُ صَبْرَه؛ قال ابن سيده: ولم أَره لغيره. قال
اللحياني: وقال أَبو الجَرَّاح عالَ صبري فجاء به على فعل الفاعل. وعِيلَ ما هو
عائله أَي غُلِب ما هو غالبه؛ يضرب للرجل الذي يُعْجَب من كلامه أَو غير
ذلك، وهو على مذهب الدعاء؛ قال النمر بن تَوْلَب:
وأَحْبِبْ حَبِيبَك حُبًّا رُوَيْداً،
فلَيْسَ يَعُولُك أَن تَصْرِما
(* قوله «أن تصرما» كذا ضبط في الأصل بالبناء للفاعل وكذا في التهذيب،
وضبط في نسخة من الصحاح بالبناء للمفعول).
وقال ابن مُقْبِل يصف فرساً:
خَدَى مِثْلَ الفالِجِيِّ يَنُوشُني
بسَدْوِ يَدَيْه، عِيلَ ما هو عائلُه
وهو كقولك للشيء يُعْجِبك: قاتله الله وأَخزاه الله. قال أَبو طالب:
يكون عِيلَ صَبْرُه أَي غُلِب ويكون رُفِع وغُيِّر عما كان عليه من قولهم
عالَتِ الفريضةُ إِذا ارتفعت. وفي حديث سَطِيح: فلما عِيلَ صبرُه أَي
غُلِب؛ وأَما قول الكميت:
وما أَنا في ائْتِلافِ ابْنَيْ نِزَارٍ
بمَلْبوسٍ عَلَيَّ، ولا مَعُول
فمعناه أَني لست بمغلوب الرأْي، مِنْ عِيل أَي غُلِبَ.
وفي الحديث: المُعْوَلُ عليه يُعَذَّب أَي الذي يُبْكي عليه من
المَوْتى؛ قيل: أَراد به مَنْ يُوصي بذلك، وقيل: أَراد الكافر، وقيل: أَراد شخصاً
بعينه عَلِم بالوحي حالَه، ولهذا جاء به معرَّفاً، ويروى بفتح العين
وتشديد الواو من عوّل للمبالغة؛ ومنه رَجَز عامر:
وبالصِّياح عَوَّلوا علينا
أَي أَجْلَبوا واستغاثو. والعَوِيل: صوت الصدر بالبكاء؛ ومنه حديث شعبة:
كان إِذا سمع الحديث أَخَذَه العَوِيلُ والزَّوِيل حتى يحفظه، وقيل: كل
ما كان من هذا الباب فهو مُعْوِل، بالتخفيف، فأَما بالتشديد فهو من
الاستعانة. يقال: عَوَّلْت به وعليه أَي استعنت. وأَعْوَلَت القوسُ: صوّتت.
أَبو زيد: أَعْوَلْت عليه أَدْلَلْت عليه دالَّة وحَمَلْت عليه. يقال:
عَوِّل عليَّ بما شئت أَي استعن بي كأَنه يقول احْملْ عَليَّ ما أَحببت.
والعَوْلُ: كل أَمر عَالَك، كأَنه سمي بالمصدر. وعالَه الأَمرُ يَعوله:
أَهَمَّه. ويقال: لا تَعُلْني أَي لا تغلبني؛ قال: وأَنشد الأَصمعي قول النمر
بن تَوْلَب:
وأَحْبِب حَبِيبَك حُبًّا رُوَيْداً
وقولُ أُمية بن أَبي عائذ:
هو المُسْتَعانُ على ما أَتى
من النائباتِ بِعافٍ وعالِ
يجوز أَن يكو فاعِلاً ذَهَبت عينُه، وأَن يكون فَعِلاً كما ذهب إِليه
الخليل في خافٍ والمالِ وعافٍ أَي يأْخذ بالعفو. وعالَتِ الفَريضةُ تَعُول
عَوْلاً: زادت. قال الليث: العَوْل ارتفاع الحساب في الفرائض. ويقال
للفارض: أَعِل الفريضةَ. وقال اللحياني: عالَت الفريضةُ ارتفعت في الحساب،
وأَعَلْتها أَنا الجوهري: والعَوْلُ عَوْلُ الفريضة، وهو أَن تزيد سِهامُها
فيدخل النقصان على أَهل الفرائض. قال أَبو عبيد: أَظنه مأْخوذاً من
المَيْل، وذلك أَن الفريضة إِذا عالَت فهي تَمِيل على أَهل الفريضة جميعاً
فتَنْقُصُهم. وعالَ زيدٌ الفرائض وأَعالَها بمعنًى، يتعدى ولا يتعدى. وروى
الأَزهري عن المفضل أَنه قال: عالَت الفريضةُ أَي ارتفعت وزادت. وفي حديث
علي: أَنه أُتي في ابنتين وأَبوين وامرأَة فقال: صار ثُمُنها تُسْعاً،
قال أَبو عبيد: أَراد أَن السهام عالَت حتى صار للمرأَة التُّسع، ولها في
الأَصل الثُّمن، وذلك أَن الفريضة لو لم تَعُلْ كانت من أَربعة وعشرين،
فلما عالت صارت من سبعة وعشرين، فللابنتين الثلثان ستة عشر سهماً،
وللأَبوين السدسان ثمانية أَسهم، وللمرأَة ثلاثة من سبعة وعشرين، وهو التُّسْع،
وكان لها قبل العَوْل ثلاثة من أَربعة وعشرين وهو الثُّمن؛ وفي حديث
الفرائض والميراث ذكر العَوْل، وهذه المسأَلة التي ذكرناها تسمى
المِنْبَريَّة، لأَن عليًّا، كرم الله وجهه، سئل عنها وهو على المنبر فقال من غير
رَوِيَّة: صار ثُمُنها تُسْعاً، لأَن مجموع سهامِها واحدٌ وثُمُنُ واحد،
فأَصلُها ثَمانيةٌ
(* قوله «فأصلها ثمانية إلخ» ليس كذلك فان فيها ثلثين
وسدسين وثمناً فيكون اصلها من أربعة وعشرين وقد عالت الى سبعة وعشرين اهـ.
من هامش النهاية) والسِّهامُ تسعةٌ؛ ومنه حديث مريم: وعالَ قلم زكريا أَي
ارتفع على الماء. والعَوْل: المُستعان به، وقد عَوِّلَ به وعليه.
وأَعْوَل عليه وعَوَّل، كلاهما: أَدَلَّ وحَمَلَ. ويقال: عَوَّلْ عليه أَي
اسْتَعِنْ به. وعَوَّل عليه: اتَّكَلَ واعْتَمد؛ عن ثعلب؛ قال اللحياني: ومنه
قولهم:
إِلى الله منه المُشْتَكى والمُعَوَّلُ
ويقال: عَوَّلْنا إِلى فلان في حاجتنا فوجَدْناه نِعْم المُعَوَّلُ أَي
فَزِعْنا إِليه حين أَعْوَزَنا كلُّ شيء. أَبو زيد: أَعالَ الرجلُ
وأَعْوَلَ إِذا حَرَصَ، وعَوَّلْت عليه أَي أَدْلَلْت عليه. ويقال: فلان عِوَلي
من الناس أَي عُمْدَتي ومَحْمِلي؛ قال تأَبَّط شرّاً:
لكِنَّما عِوَلي، إِن كنتُ ذَا عِوَلٍ،
على بَصير بكَسْب المَجْدِ سَبَّاق
حَمَّالِ أَلْوِيةٍ، شَهَّادِ أَنْدِيةٍ،
قَوَّالِ مُحْكَمةٍ، جَوَّابِ آفاق
حكى ابن بري عن المُفَضَّل الضَّبِّيّ: عِوَل في البيت بمعنى العويل
والحُزْن؛ وقال الأَصمعي: هو جمع عَوْلة مثل بَدْرة وبِدَر، وظاهر تفسيره
كتفسير المفضَّل؛ وقال الأَصمعي في قول أَبي كبير الهُذَلي:
فأَتَيْتُ بيتاً غير بيتِ سَنَاخةٍ،
وازْدَرْتُ مُزْدار الكَريم المُعْوِلِ
قال: هو من أَعالَ وأَعْوَلَ إِذا حَرَص، وهذا البيت أَورده ابن بري
مستشهداً به على المُعْوِلِ الذي يُعْوِل بدَلالٍ أَو منزلة. ورجُل مُعْوِلٌ
أَي حريص. أَبو زيد: أَعْيَلَ الرجلُ، فهو مُعْيِلٌ، وأَعْوَلَ، فهو
مُعْوِل إِذا حَرَص. والمُعَوِّل: الذي يَحْمِل عليك بدالَّةٍ. يونس: لا
يَعُولُ على القصد أَحدٌ أَي لا يحتاج، ولا يَعيل مثله؛ وقول امرئ
القيس:وإِنَّ شِفائي عَبْرةٌ مُهَراقةٌ،
فهَلْ عِنْدَ رَسْمٍ دارسٍ مِن مُعَوَّل؟
أَي من مَبْكىً، وقيل: من مُسْتَغاث، وقيل: من مَحْمِلٍ ومُعْتَمَدٍ؛
وأَنشد:
عَوِّلْ على خالَيْكَ نِعْمَ المُعَوَّلُ
(* قوله «عوّل على خاليك إلخ» هكذا في الأصل كالتهذيب، ولعله شطر من
الطويل دخله الخرم).
وقيل في قوله:
فهلْ عند رَسْمٍ دارِسٍ من مُعَوَّلِ
مذهبان: أَحدهما أَنه مصدر عَوَّلْت عليه أَي اتَّكَلْت، فلما قال إِنَّ
شِفائي عَبْرةٌ مُهْراقةٌ، صار كأَنه قال إِنما راحتي في البكاء فما
معنى اتكالي في شفاء غَلِيلي على رَسْمٍ دارسٍ لا غَناء عنده عنِّي؟ فسَبيلي
أَن أُقْبِلَ على بُكائي ولا أُعَوِّلَ في بَرْد غَلِيلي على ما لا
غَناء عنده، وأَدخل الفاء في قوله فهل لتربط آخر الكلام بأَوّله، فكأَنه قال
إِذا كان شِفائي إِنما هو في فَيْض دمعي فسَبِيلي أَن لا أُعَوِّل على
رَسمٍ دارسٍ في دَفْع حُزْني، وينبغي أَن آخذ في البكاء الذي هو سبب
الشّفاء، والمذهب الآخر أَن يكون مُعَوَّل مصدر عَوَّلت بمعنى أَعْوَلْت أَي
بكَيْت، فيكون معناه: فهل عند رَسْم دارس من إِعْوالٍ وبكاء، وعلى أَي
الأَمرين حمَلْتَ المُعوَّلَ فدخولُ الفاء على هل حَسَنٌ جميل، أَما إِذا
جَعَلْت المُعَوَّل بمعنى العويل والإِعوال أَي البكاء فكأَنه قال: إِن
شفائي أَن أَسْفَحَ، ثم خاطب نفسه أَو صاحبَيْه فقال: إِذا كان الأَمر على ما
قدّمته من أَن في البكاء شِفاءَ وَجْدِي فهل من بكاءٍ أَشْفي به غَليلي؟
فهذا ظاهره استفهام لنفسه، ومعناه التحضيض لها على البكاء كما تقول:
أَحْسَنْتَ إِليَّ فهل أَشْكُرُك أَي فلأَشْكُرَنَّك، وقد زُرْتَني فهل
أُكافئك أَي فلأُكافِئَنَّك، وإِذا خاطب صاحبيه فكأَنه قال: قد عَرَّفْتُكما
ما سببُ شِفائي، وهو البكاء والإِعْوال، فهل تُعْوِلان وتَبْكيان معي
لأُشْفَى ببكائكما؟ وهذا التفسير على قول من قال: إِن مُعَوَّل بمنزلة
إِعْوال، والفاء عقدت آخر الكلام بأَوله، فكأَنه قال: إِذا كنتما قد عَرَفتما
ما أُوثِرُه من البكاء فابكيا وأَعْوِلا معي، وإِذا استَفْهم نفسه فكأَنه
قال: إِذا كنتُ قد علمتُ أَن في الإِعْوال راحةً لي فلا عُذْرَ لي في
ترك البكاء.
وعِيَالُ الرَّجُلِ وعَيِّلُه: الذين يَتَكفَّلُ بهم، وقد يكون
العَيِّلُ واحداً والجمع عالةٌ؛ عن كراع وعندي أَنه جمع عائل على ما يكثر في هذا
انحو، وأَما فَيْعِل فلا يُكَسَّر على فَعَلةٍ البتَّةَ. وفي حديث أَبي
هريرة، رضي الله عنه: ما وِعاءُ العَشَرة؟ قال: رجُلٌ يُدْخِل على عَشَرةِ
عَيِّلٍ وِعاءً من طعام؛ يُريد على عَشَرةِ أَنفسٍ يَعُولُهم؛ العَيِّلُ
واحد العِيَال والجمع عَيَائل كَجَيِّد وجِياد وجَيائد، وأَصله عَيْوِلٌ
فأَدغم، وقد يقع على الجماعة، ولذلك أَضاف إِليه العشرة فقال عشرةِ
عَيِّلٍ ولم يقل عَيَائل، والياء فيه منقلبة عن الواو. وفي حديث حَنْظَلة
الكاتب: فإِذا رَجَعْتُ إِلى أَهلي دَنَتْ مني المرأَةُ وعَيِّلٌ أَو
عَيِّلانِ. وحديث ذي الرُّمَّةِ ورُؤبةَ في القَدَر: أَتُرَى اللهَ عز وجل
قَدَّر على الذئب أَن يأْْكل حَلُوبةَ عَيائلَ عالةٍ ضَرَائكَ؟ وقول النبي،
صلى الله عليه وسلم، في حديث النفقة: وابْدأْ بمن تَعُول أَي بمن تَمُون
وتلزمك نفقته من عِيَالك، فإِن فَضَلَ شيءٌ فليكن للأَجانب. قال الأَصمعي:
عالَ عِيالَه يَعُولُهم إِذا كَفَاهم مَعاشَهم، وقال غيره: إِذا قاتهم،
وقيل: قام بما يحتاجون إِليه من قُوت وكسوة وغيرهما. وفي الحديث أَيضاً:
كانت له جاريةٌ فَعَالَها وعَلَّمها أَي أَنفق عليها. قال ابن بري:
العِيَال ياؤه منقلبة عن واو لأَنه من عالَهُم يَعُولهم، وكأَنه في الأَصل
مصدر وضع على المفعول. وفي حديث القاسم
(* قوله «وفي حديث القاسم» في نسخة
من النهاية: ابن مخيمرة، وفي أُخرى ابن محمد، وصدر الحديث: سئل هل تنكح
المرأَة على عمتها أو خالتها فقال: لا، فقيل له: انه دخل بها وأعولت أفنفرق
بينهما؟ قال: لا ادري): أَنه دَخل بها وأَعْوَلَتْ أَي ولدت أَولاداً؛
قال ابن الأَثير: الأَصل فيه أَعْيَلَتْ أَي صارت ذاتَ عِيال، وعزا هذا
القول إِلى الهروي، وقال: قال الزمخشري الأَصل فيه الواو، يقال أَعالَ
وأَعْوَلَ إِذا كَثُر عِيالُه، فأَما أَعْيَلَتْ فإِنه في بنائه منظور فيه
إِلى لفظ عِيال، لا إِلى أَصله كقولهم أَقيال وأَعياد، وقد يستعار
العِيَال للطير والسباع وغيرهما من البهائم؛ قال الأَعشى:
وكأَنَّما تَبِع الصُّوارَ بشَخْصِها
فَتْخاءُ تَرْزُق بالسُّلَيِّ عِيالَها
ويروى عَجْزاء؛ وأَنشد ثعلب في صفة ذئب وناقة عَقَرها له:
فَتَرَكْتُها لِعِيالِه جَزَراً
عَمْداً، وعَلَّق رَحْلَها صَحْبي
وعالَ وأَعْوَلَ وأَعْيَلَ على المعاقبة عُؤولاً وعِيالةً: كَثُر
عِيالُه. قال الكسائي: عالَ الرجلُ يَعُول إِذا كثُر عِيالُه، واللغة الجيدة
أَعالَ يُعِيل. ورجل مُعَيَّل: ذو عِيال، قلبت فيه الواو ياء طَلَبَ الخفة،
والعرب تقول: ما لَه عالَ ومالَ؛ فَعالَ: كثُر عِيالُه، ومالَ: جارَ في
حُكْمِه. وعالَ عِيالَه عَوْلاً وعُؤولاً وعِيالةً وأَعالَهم
وعَيَّلَهُم، كلُّه: كفاهم ومانَهم وقاتَهم وأَنفَق عليهم. ويقال: عُلْتُهُ شهراً
إِذا كفيته مَعاشه.
والعَوْل: قَوْتُ العِيال؛ وقول الكميت:
كما خامَرَتْ في حِضْنِها أُمُّ عامرٍ،
لَدى الحَبْل، حتى عالَ أَوْسٌ عِيالَها
أُمُّ عامر: الضَّبُعُ، أَي بَقي جِراؤُها لا كاسِبَ لهنَّ ولا مُطْعِم،
فهن يتتَبَّعْنَ ما يبقى للذئب وغيره من السِّباع فيأْكُلْنه، والحَبْل
على هذه الرواية حَبْل الرَّمْل؛ كل هذا قول ابن الأَعرابي، ورواه أَبو
عبيد: لِذِي الحَبْل أَي لصاحب الحَبْل، وفسر البيت بأَن الذئب غَلَب
جِراءها فأَكَلَهُنَّ، فَعَال على هذا غَلَب؛ وقال أَبو عمرو: الضَّبُعُ إِذا
هَلَكَت قام الذئب بشأْن جِرائها؛ وأَنشد هذا البيت:
والذئبُ يَغْذُو بَناتِ الذِّيخِ نافلةً،
بل يَحْسَبُ الذئبُ أَن النَّجْل للذِّيب
يقول: لكثرة ما بين الضباع والذئاب من السِّفاد يَظُنُّ الذئب أَن
أَولاد الضَّبُع أَولاده؛ قال الجوهري: لأَن الضَّبُع إِذا صِيدَت ولها ولَدٌ
من الذئب لم يزل الذئب يُطْعِم ولدها إِلى أَن يَكْبَر، قال: ويروى غال،
بالغين المعجمة، أَي أَخَذ جِراءها، وقوله: لِذِي الحَبْل أَي للصائد
الذي يُعَلِّق الحبل في عُرْقوبها.
والمِعْوَلُ: حَديدة يُنْقَر بها الجِبالُ؛ قال الجوهري: المِعْوَل
الفأْسُ العظيمة التي يُنْقَر بها الصَّخْر، وجمعها مَعاوِل. وفي حديث حَفْر
الخَنْدق: فأَخَذ المِعْوَل يضرب به الصخرة؛ والمِعْوَل، بالكسر: الفأْس،
والميم زائدة، وهي ميم الآلة. وفي حديث أُمّ سَلَمة: قالت لعائشة: لو
أَراد رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، أَن يَعْهَدَ إِليكِ عُلْتِ أَي
عَدَلْتِ عن الطريق ومِلْتِ؛ قال القتيبي: وسمعت من يرويه: عِلْتِ، بكسر
العين، فإِن كان محفوظاً فهو مِنْ عالَ في البلاد يَعيل إِذا ذهب، ويجوز
أَن يكون من عالَه يَعُولُه إِذا غَلَبَه أَي غُلِبْتِ على رأْيك؛ ومنه
قولهم: عِيلَ صَبْرُك، وقيل: جواب لو محذوف أَي لو أَراد فَعَلَ فتَرَكَتْه
لدلالة الكلام عليه ويكون قولها عُلْتِ كلاماً مستأْنفاً.
والعالَةُ: شبه الظُّلَّة يُسَوِّيها الرجلُ من الشجر يستتر بها من
المطر، مخففة اللام. وقد عَوَّلَ: اتخذ عالةً؛ قال عبد مناف بن رِبْعٍ
الهُذْلي:
الطَّعْنُ شَغْشَغةٌ والضَّرْبُ هَيْقَعةٌ،
ضَرْبَ المُعَوِّل تحتَ الدِّيمة العَضَدا
قال ابن بري: الصحيح أَن البيت لساعدة بن
جُؤيَّة الهذلي. والعالَة: النعامةُ؛ عن كراع، فإِمَّا أَن يَعْنيَ به
هذا النوع من الحيوان، وإِمَّا أَن يَعْنيَ به الظُّلَّة لأَن النَّعامة
أَيضاً الظُّلَّة، وهو الصحيح. وما له عالٌ ولا مالٌ أَي شيء. ويقال
للعاثِر: عاً لَكَ عالياً، كقولك لعاً لك عالياً، يدعى له بالإِقالة؛ أَنشد
ابن الأَعرابي:
أَخاكَ الذي إِنْ زَلَّتِ النَّعْلُ لم يَقُلْ:
تَعِسْتَ، ولكن قال: عاً لَكَ عالِيا
وقول الشاعر أُمية بن أَبي الصلت:
سَنَةٌ أَزْمةٌ تَخَيَّلُ بالنا
سِ، تَرى للعِضاه فِيها صَرِيرا
لا على كَوْكَبٍ يَنُوءُ، ولا رِيـ
حِ جَنُوبٍ، ولا تَرى طُخْرورا
ويَسُوقون باقِرَ السَّهْلِ للطَّوْ
دِ مَهازِيلَ، خَشْيةً أَن تَبُورا
عاقِدِينَ النِّيرانَ في ثُكَنِ الأَذْ
نابِ منها، لِكَيْ تَهيجَ النُّحورا
سَلَعٌ مَّا، ومِثْلُه عُشَرٌ مَّا
عائلٌ مَّا، وعالَتِ البَيْقورا
(* قوله «فيها» الرواية: منها. وقوله «طخرورا» الرواية: طمرورا، بالميم
مكان الخاء، وهو العود اليابس او الرحل الذي لا شيء له. وقوله «سلع ما
إلخ» الرواية: سلعاً ما إلخ، بالنصب).
أَي أَن السنة الجَدْبة أَثْقَلَت البقرَ بما حُمِّلَت من السَّلَع
والعُشَر، وإِنما كانوا يفعلون ذلك في السنة الجَدْبة فيَعْمِدون إِلى البقر
فيَعْقِدون في أَذْنابها السَّلَع والعُشَر، ثم يُضْرمون فيها النارَ وهم
يُصَعِّدونها في الجبل فيُمْطَرون لوقتهم، فقال أُمية هذا الشعر يذكُر
ذلك.
والمَعاوِلُ والمَعاوِلةُ: قبائل من الأَزْد، النَّسَب إِليهم
مِعْوَليٌّ؛ قال الجوهري: وأَما قول الشاعر في صفة الحَمام:
فإِذا دخَلْت سَمِعْت فيها رَنَّةً،
لَغَطَ المَعاوِل في بُيوت هَداد
فإِن مَعاوِل وهَداداً حَيَّانِ من الأَزْد. وسَبْرة بن
العَوَّال: رجل معروف. وعُوالٌ، بالضم: حيٌّ من العرب من بني عبد الله
بنغَطَفان؛ وقال:
أَتَتْني تَميمٌ قَضُّها بقَضِيضِها،
وجَمْعُ عُوالٍ ما أَدَقَّ وأَلأَما