Academy of the Arabic Language in Cairo, al-Muʿjam al-Wasīṭ (1998) المعجم الوسيط لمجموعة من المؤلفين
Permalink (الرابط القصير إلى هذا الباب):
http://arabiclexicon.hawramani.com/?p=72195#99f723
(الرفاغية) الرفاغة
فغا: الفَغْو والفَغْوَة والــفاغِيةُ: الرائحة الطيبة؛ الأَخيرة عن ثعلب.
والفَغْوة: الزهرة. والفَغْو والــفاغِيَةُ: وَرْدُ كل ما كان من الشجر له
ريح طيبة لا تكون لغير ذلك. وأَفغى النبات أَي خرجت فاغيته. وأَفْغَتِ
الشجرة إِذا أَخرجت فاغِيَتها، وقيل: الفَغْو والــفاغِيةُ نور الحِناء
خاصة، وهي طيبة الريح تَخْرج أَمثال العناقيد وينفح فيها نَوْر صِغار
فتُجْتَنَى ويُرَبَّب بها الدُّهن. وفي حديث أَنس، رضي الله عنه: كان رسول الله،
صلى الله عليه وسلم، تُعْجبه الــفاغيةُ. ودُهْنٌ مَفْغُوٌ: مُطَيِّب بها.
وفَغَا الشَجَرُ فَغْوًا وأَفْغى: تفَتَّح نَوْرُه قبل أَن يُثْمِر.
ويقال: وجدت منه فَغْوةً طيبة وفَغْمة. وفي الحديث: سَيِّدُ رَيْحانِ أهلِ
الجنةِ الــفاغِيةُ؛ قال الأَصمعي: الــفاغِيةُ نَوْرُ الحِنَّاء، وقيل: نور
الريحان، وقيل: نَوْر كل نبت من أَنوار الصحراء التي لا تزرع، وقيل: فاغية
كل نبت نوره. وكلُّ نَوْرٍ فاغِيةٌ؛ وأَنشد ابن بري لأَوْس ابن حَجر:
لا زالَ رَيْحانٌ وفَغْوٌ ناضِرٌ
يَجْري عَلَيْكَ بِمُسْبِلٍ هَطَّالِ
قال: وقال العريان:
فَقُلْتُ له: جادَتْ عَلَيْكَ سحابةٌ
بِنَوْءٍ يُنَدِّي كلَّ فَغْوٍ ورَيْحانِ
وسئل الحسن عن السَّلَف في الزعفران فقال: إِذا فَغا، يريد إِذا نَوَّر،
قال: ويجوز أَن يريد إِذا انتشرت رائحته، من فَغَتِ الرائحةُ فَغْواً،
والمعروف في خروج النَّوْر من النبات أَفْغى لا فَغا. الفراء: هو الفَغْوُ
والــفاغِيةُ لنَوْرِ الحِناء. ابن الأَعرابي: الــفاغِيةُ أَحْسَنُ
الرَّياحِينِ وأَطيَبُها رائحة. شمر: الفَغْوُ نَوْر، والفَغْوُ رائحة طيبة؛ قال
الأَسود بن يعفر:
سُلافة الدَّنِّ مَرْفُوعاً نَصائِبُه،
مُقَلَّدَ الفَغْوِ والرَّيْحانِ مَلْثُوما
والفَغى، مقصور: البُسْر الفاسد المُغْبَرُّ؛ قال قَيْسُ بن الخَطِيم:
أَكُنْتُم تَحْسَبونَ قِتالَ قَوْمي،
كأَكْلِكُم الفَغايا والهَبِيدا؟
وقال ابن سيده في موضع آخر
(* قوله« في موضع آخر» أي في باب الياء والمؤلف
لم يفرد الواوي من اليائي كما صنع ابن سيده وتبعه المجد لكنه قصر هنا.) :
الفَغى فسادُ البُسر. والفَغى، مقصور: التمر الذي يَغْلُظ ويصير فيه مثل
أَجنحة الجَراد كالغَفى. قال الليث: الفَغى ضرب من التمر؛ قال الأَزهري:
هذا خطأٌ. والفَغى: داءٌ يقع على البُسر مثل الغبار،ويقال: ما الذي
أَفْغاكَ أَي أَغْضَبَك وأَوْرَمك؛ وأَنشد ابن السكيت:
وصارَ أَمثالَ الفَغى ضَرائِري
وقد أَفْغَت النخلة. غيره: الإِغْفاء في الرُّطب مثل الإِفْغاء سواء.
والفَغى: ما يَخرج من الطعام فيُرمى به كالغَفى. أَبو العباس: الفغى الرديء
من كل شيء من الناس والمأْكول والمشروب والمركوب؛ وأَنشد:
إِذا فِئةٌ قُدِّمت للقِتا
ل، فَرَّ الفَغى وصَلِينا بها
ابن سيده: والفَغى مَيَلٌ في الفم والعُلْبة والجَفْنة. والفَغى: داء؛ عن
كراع، ولم يَحُدّه، قال: غير أَني أُراه المَيَل في الفم. وأَخذَ بفَغْوه
أَي بفمه. ورجل أَفْغى وامرأَة فَغْواء إِذا كان في فمه مَيَل. وأَفْغى
الرجلُ إِذا افتقر بعد غنى، وأَفْغى إِذا عَصى بعد طاعة، وأَفغى إِذا
سَمُجَ بعد حُسْن، وأَفْغى إِذا دام على أَكل الفَغى، وهو المُتغَيِّر من
البُسر المتترب.
والفَغْواء: اسم، وقيل: اسم رجل أَو لقب؛ قال عنترة:
فهَلاَّ وَفى الفَغْواءُ عَمرُو بنُ جابِرٍ
بذِمَّتِه، وابنُ اللَّقِيطةِ عِصْيَدُ
رفه: الرَّفاهَةُ والرَّفَاهِيَة والرُّفَهْنِية: رَغَدُ الخِصْبِ
ولينُ العيش، وكذلك الرَّــفاغِيَةُ والرُّفَغْنِيَةُ والرَّفاغَةُ. رَفُه
عيشُه، فهو رَفِيهٌ ورافِهٌ وأَرْفَهَهم اللهُ ورَفَّهَهُم، ورَفَهْنا
نَرْفَه رَفْهاً ورِفْهاً ورُفُوهاً. والرِّفْهُ، بالكسر: أَقْصَرُ الوِرْدِ
وأَسْرَعُه، وهو أَن تشرب الإبلُ الماء كل يوم، وقيل: هو أَن تَرِدَ كلما
أَرادت. رَفَهَت الإبلُ، بالفتح، تَرْفَهُ رفْهاً ورُفُوهاً وأَرْفَهها؛
قال غَيْلانُ الرَّبَعِيُّ:
ثُمَّتَ فاظَ مُرْفَهاً في إِدْناءْ،
مُدَاخَلاً في طِوَلٍ وإغْماءْ
ورَفَّهَها ورَفَّهَ عنها: كذلك. وأَرْفَهَ القومُ: رَفَهَتْ ماشيتُهم؛
واستعار لبيد الرِّفْهَ في نَخْلٍ نابتةٍ على الماء فقال:
يَشْرَبْنَ رِفْهاًعِراكاً غَيْرَ صادِيَةٍ،
فكُلُّها كارِعٌ في الماء مُغْتَمِرُ
وأَرْفَه المالُ: أَقام قريباً من الماء في الحَوْض واضِعاً فيه.
والإرْفاه: الادِّهانُ والتَّرْجِيلُ كُلَّ يوم. وفي الحديث: أَنه، صلى الله
عليه وسلم، نَهَى عن الإرْفاه؛ هو كثرة التَّدَهُّن والتنعم، وقيل:
التَّوَسُّع في المَطْعم والمَشْرَب، وهو من الرِّفْه وِرْدِ الإبلِ، وذلك
أَنها إذا وَرَدَتْ كُلَّ يوم متى شاءتْ قيل وَرَدَتْ رِفْهاً؛ قاله
الأَصمعي. ويقال: قد أَرْفَه القومُ إذا فَعَلَت إبلُهم ذلك، فهم مُرْفِهُون،
فشبه كثرة التدهن وإدامته به. والإرْفاهُ: التنعم والدَّعَةُ ومُظاهرةُ
الطعام على الطعام واللباس على اللباس، فكأَنه نهى عن التنعم والدَّعةِ
ولِينِ العَيْشِ لأَنه من فعل العجم وأَرباب الدنيا، وأَمَر بالتَّقَشُّفِ
وابْتذال النفس. وقال بعضهم: الإرْفاهُ التَّرَجُّلُ كُلَّ يوم. ابن
الأَعرابي: وأَرْفَه الرجلُ دام على أَكل النعيم كل يوم وقد نُهِيَ عنه.
قال الأَزهري: كأَنه أَراد الإرْفاهَ الذي فسره أَبو عبيد أَنه كثرة
التدهن. ويقال: بيني وبينَك ليلةٌ رافِهَةٌ وثلاثُ ليال رَوافِهُ إذا كان
يُسار فيهنَّ سيراً لَيِّناً.ورجل رافِهٌ أَي وَادِعٌ. وهو في رَفاهَةٍ من
العيش أَي سَعَة، ورَفاهِيةٍ، على فَعالِيَةٍ، ورُفَهْنِيةٍ، وهو ملحق
بالخماسي بأَلف في آخره، وإنما صارت ياء لكسرة ما قبلها. ورَفَّهَ عن
الرجل تَرْفيهاً: رَفَقَ به. ورَفَّهَ عنه: كان في ضِيقٍ فنَفَّسَ عنه.
ورَفِّهْ عن غريمك تَرْفيهاً أَي نَفِّسْ عنه. والرُّفَهُ: التِّبْنُ؛ عن
كراع، والمعروف الرُّفَةُ. وفي المثل: أَغْنَى من التُّفَةِ عن الرُّفَةِ.
يقال: الرُّفَةُ التِّبْنُ، والتُّفَةُ السبُعُ، وهو الذي يسمى عَناقَ
الأَرض لأَنه لا يَقْتاتُ التِّبْنِ. قال ابن بري: الذي ذكره ابن حمزة
الأَصفهاني في أَفعلَ من كذا أَغْنَى من التُّفَةِ عن الرُّفَةِ،بالتخفيف
وبالتاء التي يوقف عليها بالهاء، قال: والأَصل رُفَهَةٌ وجمعها رُفاتٌ، وقد
تقدم الكلام في ذلك في فصل تفه. قال الأَزهري: العرب تقول: إذا سَقَطتِ
الطَّرْفَةُ قَلَّتْ في الأَرْضِ الرَّفَهَةُ؛ قال أَبو الهيثم:
الرَّفَهَةُ الرَّحْمة
(* قوله «الرفهة الرحمة» وهي بفتح الراء والفاء كما صرح به
في التكملة، ثم نقل عن ابن دريد رفه عليّ ترفيهاً أي أنظرني، والرفهان
أي كعطشان المستريح، والرفه أي بكسر فسكون صغار النخل). قال أَبو ليلى:
يقال فُلانٌ رافِهٌ بفلان أَي راحِمٌ له. ويقال: أما تَرْفَهُ فلاناً؟
والطَّرْفة: عينا الأَسَدِ كوكبانِ الجَبهةُ أَمامَها وهي أَربعة كواكب.
وفي النوادر: أَرْفِهْ عِنْدِي واسْتَرْفِهْ ورَفِّهْ عندي ورَوِّحْ
عندي؛ المعنى أَقِمْ واسْتَرِحْ واسْتَجِمَّ واسْتَنْفِهْ أَيضاً. وفي
حديث عائشة: فلما رُفِّهَ عنه أَي أُزِيلَ وأُزِيحَ عنه الضِّيقُ والتعبُ؛
ومنه حديث جابر: أَراد أَن يُرَفِّه عنه أَي يُنَفِّس ويُخَفِّفَ. وفي
حديث ابن مسعود: إن الرجلَ ليَتَكَلَّمُ بالكلمةِ في الرَّفاهِيةِ من
سَخَطِ الله تُرْدِيه بُعْدَ ما بين السماء والأَرض الرَّفاهِيَةُ: السَّعَة
والتنعم أَي أَنه ينطق بالكلمة على حُسْبانِ أَن سَخَطَ الله تعالى
لايَلْحَقُه إنْ نَطَقَ بها، وأَنه في سَعةٍ من التكلم بها، وربما أوقعته في
مَهْلَكةٍ مَدَى عِظَمِها عند الله تعالى ما بين السماء والأَرض. وأَصلُ
الرَّفاهية: الخِصْبُ والسَّعَةُ في المَعاش. وفي حديث سَلْمانَ:
وطَيْرُ السماءِ على أَرْفَهِ خَمَرِ الأَرض تَقَعُ؛ قال الخطابي: لستُ أَدري
كيف رواه الأَصَمُّ، بفتح الأَلف أو ضمها، فإن كانت بالفتح فمعناه على
أَخْصَبِ خَمَرِ الأَرضِ، وهو من الرِّفْهِ وتكون الهاء أَصلية، وإن كانت
بالضم فمعناها الحَدُّ والعَلَم يُجْعَلُ فاصلاً بين أََرضين، وتكون
التاء للتأْنيث مثلها في غُرْفَةٍ، والله أَعلم.
شبه: الشِّبْهُ والشَّبَهُ والشَّبِيهُ: المِثْلُ، والجمع أَشْباهٌ.
وأَشْبَه الشيءُ الشيءَ: ماثله. وفي المثل: مَنْ أَشْبَه أَباه فما ظَلَم.
وأَشْبَه الرجلُ أُمَّه: وذلك إذا عجز وضَعُفَ؛ عن ابن الأَعرابي؛
وأَنشد:أَصْبَحَ فيه شَبَهٌ من أُمِّهِ،
من عِظَمِ الرأْسِ ومن خرْطُمِّهِ
أَراد من خُرْطُمِهِ، فشدد للضرورة، وهي لغة في الخُرْطُوم، وبينهما
شَبَه بالتحريك، والجمع مَشَابِهُ على غير قياس، كما قالوا مَحاسِن
ومَذاكير. وأَشْبَهْتُ فلاناً وشابَهْتُه واشْتَبَه عَلَيَّ وتَشابَه الشيئانِ
واشْتَبَها: أَشْبَهَ كلُّ واحدٍ صاحِبَه. وفي التنزيل: مُشْتَبِهاً
وغَيْرَ مُتَشابه. وشَبَّهه إِياه وشَبَّهَه به مثله. والمُشْتَبِهاتُ من
الأُمور: المُشْكِلاتُ. والمُتَشابِهاتُ: المُتَماثِلاتُ. وتَشَبَّهَ فلانٌ
بكذا. والتَّشْبِيهُ: التمثيل. وفي حديث حذيفة: وذَكَر فتنةً فقال
تُشَبَّهُ مُقْبِلَةً وتُبَيِّنُ مُدْبِرَةً؛ قال شمر: معناه أَن الفتنة إذا
أَقبلت شَبَّهَتْ على القوم وأَرَتْهُمْ أَنهم على الحق حتى يدخلوا فيها
ويَرْكَبُوا منها ما لا يحل، فإذا أَدبرت وانقضت بانَ أَمرُها، فعَلِمَ مَنْ
دخل فيهاأَنه كان على الخطأ. والشُّبْهةُ: الالتباسُ. وأُمورٌ
مُشْتَبِهةٌ ومُشَبِّهَةٌ
(* قوله ومشبهة» كذا ضبط في الأصل والمحكم، وقال المجد:
مشبهة كمعظمة): مُشْكِلَة يُشْبِهُ بعضُها بعضاً؛ قال:
واعْلَمْ بأَنَّك في زَما
نِ مُشَبِّهاتٍ هُنَّ هُنَّهْ
وبينهم أَشْباهٌ أَي أَشياءُ يتَشابهون فيها. وشَبَّهَ عليه: خَلَّطَ
عليه الأَمْرَ حتى اشْتَبه بغيره. وفيه مَشابهُ من فلان أَي أَشْباهٌ، ولم
يقولوا في واحدته مَشْبَهةٌ، وقد كان قياسه ذلك، لكنهم اسْتَغْنَوْا
بشَبَهٍ عنه فهو من باب مَلامِح ومَذاكير؛ ومنه قولهم: لم يَسْرِ رجلٌ
قَطُّ ليلةً حتى يُصْبِحَ إلا أَصْبَح وفي وجهه مَشابِهُ من أُمِّه.
وفيه شُبْهَةٌ منه أَي شَبَهٌ. وفي الحديث الدِّياتِ: دِيَةُ
شِبْهِ العَمْدِ أَثْلاثٌ؛ هو أَن ترمي إِنساناً بشيءٍ ليس من عادته أَن
يَقْتُل مِثْلُه، وليس من غَرَضِكَ قتله، فيُصادِفَ قَضاءً وقَدَراً
فيَقَعَ في مَقْتَلٍ فيَقْتُل، فيجب فيه الديةُ دون القصاص. ويقال:
شَبَّهْتُ هذا بهذا، وأَشْبَه فلانٌ فلاناً. وفي التنزيل العزيز: منه
آياتٌمُحْكَماتٌ
هُنَّ أُمُّ الكتاب وأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ؛ قيل: معناه يُشْبِهُ بعضُها
بعضاً. قال أَبو منصور: وقد اختلف المفسرون في تفسير قوله وأُخر متشابهات،
فروي عن ابن عباس أَنه قال: المتشابهات الم الر، وما اشْتَبه على اليهود
من هذه ونحوها. قال أَبو منصور: وهذا لو كان صحيحاً ابن عباس كان
مُسَلَّماً له، ولكن أَهل المعرفة بالأَخبار وَهَّنُوا إسْنادَه، وكان الفراء
يذهب إلى ما روي عن ابن عباس، وروي عن الضحاك أَنه قال: المحكمات ما لم
يُنْسَخْ، والمُتَشابِهات ما قد نسخ. وقال غيره: المُتَشابِهاتُ هي الآياتُ
التي نزلت في ذكر القيامة والبعث ضَرْبَ قَوْلِه: وقال الذين كفروا هل
نَدُلُّكُمْ على رجل يُنَبِّئُكم إذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ ممَزَّقٍ إنَّكم
لفي خَلْقٍ جديد أَفْتَرى على الله كَذِباً أَم به جِنَّةٌ، وضَرْبَ
قولِه: وقالوا أَئِذا مِتْنا وكنا تُراباً وعِظاماً أَئنا لمَبْعُوثون أَو
آباؤُنا الأَوَّلونَ؛ فهذا الذي تشابه عليهم، فأَعْلَمهم الله الوَجْهَ الذي
ينبغي أَن يَسْتَدِلُّوا به على أَن هذا المُتَشابِهَ عليهم كالظاهر لو
تَدَبَّرُوه فقال: وضَرَب لنا مثلاً ونَسِيَ خَلْقَه قال من يُحْيِي
العِظامَ وهي رَمِيمٌ
قل يُحْيِيها الذي أَنْشأَها أَوَّلَ مرَّةٍ وهو بكل خَلْقٍ عليم الذي
جَعَلَ لكم من الشَّجر الأَخضَرِ ناراً فإذا أَنتم منه تُوقِدُون،
أَوَلَيْس الذي خلق السموات والأَرض بقادر على أَن يَخْلُق مثلهم؛ أَي إذا كنتم
أَقررتم بالإِنشاء والابتداء فما تنكرون من البعث والنُّشور، وهذا قول
كثير من أَهل العلم وهو بَيِّنٌ واضح، ومما يدل على هذا القول قوله عز وجل:
فيَتَّبِعُونَ ما تَشابَه منه ابْتِغاء الفِتْنة وابتغاء تَأْويله؛ أَي
أَنهم طلبوا تأويل بعثهم وإِحيائهم فأَعلم الله أَن تأْويل ذلك ووقته لا
يعلمه إلا الله عز وجل، والدليل على ذلك قوله: هل يَنْظُرون إلا تأْويلَه
يومَ يأْتي تأْويلُه؛ يريد قيام الساعة وما وُعِدُوا من البعث والنشور،
والله أَعلم. وأَما قوله: وأُتُوا به مُتَشابهاً، فإن أَهل اللغة قالوا
معنى مُتَشابهاً يُشْبِهُ بعضُه بعضاً في الجَوْدَة والحُسْن، وقال
المفسرون: متشابهاً يشبه بعضه بعضاً في الصورة ويختلف في الطَّعْم، ودليل
المفسرين قوله تعالى: هذا الذي رُزِقْنا من قَبْلُ؛ لأَن صُورتَه الصورةُ
الأُْولى، ولكنَّ اختلافَ الطعم مع اتفاق الصورة أَبلغُ وأَغرب عند الخلق، لو
رأَيت تفاحاً فيه طعم كل الفاكهة لكان نهايةً في العَجَبِ. وفي الحديث
في صفة القرآن: آمنوا بمُتَشابهِه واعْمَلُوا بمُحْكَمِه؛ المُتَشابه: ما
لم يُتَلَقَّ معناه من لفظه، وهو على ضربين: أَحدهما إذا رُدَّ إلى
المُحْكم عُرف معناه، والآخر ما لا سبيل إلى معرفة حقيقته، فالمُتَتَبِّعُ له
مُبْتَغٍ للفتنة لأَنه لا يكاد ينتهي إلى شيء تَسْكُنُ نَفْسُه إليه.
وتقول: في فلان شَبَهٌ من فلان، وهو شِبْهُه وشَبَهُه وشَبِيهُه؛ قال العجاج
يصف الرمل:
وبالفِرِنْدادِ له أُمْطِيُّ،
وشَبَهٌ أَمْيَلُ مَيْلانيُّ
الأُمْطِيُّ: شجر له عِلْكٌ تَمْضَغُه الأَعراب. وقوله: وشَبَهٌ، هو اسم
آخر اسمه شَبَهٌ، أَمْيَلُ: قد مال، مَيْلانيُّ: من المَيل. ويروى:
وسَبَطٌ أَمْيَلُ، وهو شجر معروف أَيضاً.
حَيْثُ انْحَنى ذو اللِّمَّةِ المَحْنِيُّ
حيث انحنى: يعني هذا الشَّبَه. ذو اللِّمَّةِ: حيث نَمَّ العُشْبُ؛
وشَبَّهه بلِمَّةِ الرأْس، وهي الجُمَّة.
في بَيْضِ وَدْعانَ بِساطٌ سِيُّ
بَيْضُ وَدْعانَ: موضعٌ. أَبو العباس عن ابن الأَعرابي: وشَبَّه الشيءُ
إذا أَشْكَلَ، وشَبَّه إذا ساوى بين شيء وشيء، قال: وسأَلته عن قوله
تعالى: وأُتُوا به مُتَشابهاً، فقال: ليس من الاشْتِباهِ المُشْكِل إنما هو
من التشابُه الذي هو بمعنى الاستواء. وقال الليث: المُشْتَبِهاتُ من
الأُمور المُشْكِلاتُ. وتقول: شَبَّهْتَ عليَّ يا فلانُ إذا خَلَّطَ عليك.
واشْتَبَه الأَمْرُ إذا اخْتَلَطَ، واشْتَبه عليَّ الشيءُ.
وتقول: أَشْبَهَ فلانٌ أَباه وأَنت مثله في الشِّبْهِ والشَّبَهِ.
وتقول: إني لفي شُبْهةٍ منه، وحُروفُ الشين يقال لها أَشْباهٌ، وكذلك كل شيء
يكونُ سَواءً فإِنها أَشْباهٌ كقول لبيد في السَّواري وتَشْبيه قوائمِ
الناقة بها:
كعُقْرِ الهاجِريِّ، إذا ابْتَناهُ،
بأَشْباهٍ خُذِينَ على مِثالِ
قال: شَبَّه قوائم ناقته بالأَساطين. قال أَبومنصور: وغيرُه يَجْعَلُ
الأَشباهَ في بيت لبيد الآجُرَّ لأَن لَبِنَها أَشْباهٌ
يُشْبِه بعضُها بعضاً، وإنما شَبَّه ناقته في تمام خَلْقِها وحَصانةِ
جِبِلَّتها بقَصْر مبني بالآجر، وجمعُ الشُّبْهةِ شُبَهٌ، وهو اسم من
الاشْتِباهِ. روي عن عمر، رضي الله عنه، أنه قال: اللَّيَنُ يُشَبَّهُ عليه
(*
قوله «اللين يشبه عليه» ضبط يشبه في الأصل والنهاية بالتثقيل كما ترى،
وضبط في التكملة بالتخفيف مبنياً للمفعول). ومعناه أَن المُرْضِعَة إذا
أَرْضَعَتْ
غلاماً فإِنه يَنْزِعُ إلى أَخلاقِها فيُشْبِهُها، ولذلك يُختار
للرَّضاعِ امرأةٌ
حَسَنَةُ الأَخلاقِ صحيحةُ الجسم عاقلةٌ غيرُ حَمْقاء. وفي الحديث عن
زيادٍ السَّهْمِيّ قال: نهى رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، أَن
تُسْتَرْضَعَ الحمْقاء فإن اللَّبنَ يُشَبَّه. وفي الحديث: فإن اللبن
يَتَشَبَّهُ.والشِّبْهُ والشَّبَهُ: النُّحاس يُصْبَغُ فيَصْفَرُّ. وفي التهذيب:
ضَرْبٌ من النحاس يُلْقى عليه دواءٌ
فيَصْفَرُّ. قال ابن سيده: سمي به لأَنه إذا فُعِلَ ذلك به أَشْبَه
الذهبَ بلونه، والجمع أَشْباهٌ، يقال: كُوزُ
شَبَهٍ وشِبْهٍ بمعنىً؛ قال المَرَّارُ:
تَدينُ لمَزْرُورٍ إلى جَنْب حَلْقَةٍ،
من الشِّبْهِ، سَوَّاها برِفْقٍ طَبِيبُها
أَبو حنيفة: الشَّبَهُ شجرة كثيرة الشَّوْك تُشْبِهُ السَّمُرَةَ وليست
بها. والمُشَبَّهُ: المُصْفَرُّ من النَّصِيِّ. والشَّباهُ: حَبٌّ على
لَوْنِ الحُرْفِ يُشْرَبُ للدواء. والشَّبَهانُ: نبت يُشْبِهُ الثُّمام،
ويقال له الشَّهَبانُ. قال ابن سيده: والشَّبَهانُ والشُّبُهانُ ضَرْبٌ
من العِضاه، وقيل: هو الثُّمامُ، يَمانية؛ حكاها ابن دريد؛ قال رجل من
عبد القيس:
بوادٍ يَمانٍ يُنْبِتُ الشَّثَّ صَدْرُهُ،
وأَسْفَلُه بالمَرْخِ والشَّبَهانِ
قال ابن بري: قال أَبو عبيدة البيت للأَحْوَل اليَشْكُري، واسمه يَعْلى،
قال: وتقديره وينبت أَسفلُه المَرْخَ؛ على أَن تكون الباء زائدة، وإِن
شئت قَدَّرْتَه: ويَنْبُتُ أَسفلُه بالمَرْخِ، فتكون الباء للتعدية لما
قَدَّرْتَ الفعل ثلاثيّاً. وفي الصحاح: وقيل الشَّبَهانُ هو الثُّمامُ من
الرياحين. قال ابن بري: والشَّبَهُ كالسَّمُرِ كثير الشَّوْكِ.
رفغ: الرَّفْغُ والرُّفْغُ: أُصُولُ الفَخِذيْنِ من باطن وهما ما
اكْتَنَفَا أَعالي جانِبَي العانةِ عند مُلْتَقَى أَعالي بَواطِنِ الفخذين
وأَعلى البطن، وهما أَيْضاً أُصول الإبْطَيْنِ، وقيل: الرُّفْغ من باطن
الفَخذِ عند الأُرْبِيَّةِ، والجمع أَرْفُغٌ وأَرْفاغٌ ورِفاغٌ؛ قال
الشاعر:قد زَوَّجُوني جَيْأَلاً، فيها حَدَبْ،
دَقِيقةَ الأَرْفاغِ ضَخْماءَ الرُّكَبْ
وناقةٌ رَفْغاءُ: واسِعةُ الرُّفْغِ. وناقة رفِغةٌ: قَرِحةُ
الرفْغَيْنِ. والرَّفْغاءُ من النساء: الدَّقِيقةُ الفَخِذيْن المُعِيقةُ
(* قوله «
المعيقة» كذا ضبط بالأَصل، وهو في القاموس بلا ضبط، وبهامش شارحه ما نصه:
قوله المعيقة يظهر أن الميم من زيادة الناسخ في المتن وحقه العيقة كضيقة
بتشديد الياء على فيعلة من عوق، وفي اللسان عيق اتباع لضيق أي بشد الياء
فيهما، في ضيقة تعويق للرجل عن حاجته، قاله نصر). الرّفْغَيْنِ الصغيرة
المَتاعِ. وقال ابن الأَعرابي: المَرافِغُ أُصول اليدين والفخذين لا واحد
لها من لفظها. والأَرْفاغُ: المَغابنُ من الآباط وأُصولِ الفخذين
والحوالِبِ وغيرها من مَطاوِي الأَعْضاء وما يجتمع فيه الوَسَخُ والعَرَقُ.
والمَرْفُوغةُ: التي التَزَقَ خِتانُها صغيرة فلا يصل إِليها الرِّجال.
والرُّفْغُ: وسَخُ الظفُر، وقيل: الوسخ الذي بين الأُنْملة والظُّفْرِ، وقيل:
الرُّفْغ كل موضع يجتمع فيه الوسخ كالإبْط والعُكْنةِ ونحوهما. وفي
الحديث: أَنَّ النبي، صلى الله عليه وسلم، صلَّى فأَوْهَم في صلاتِه فقيل له:
يا رسولَ الله كأَنك قد أَوْهَمْتَ، قال: وكيف لا أُوهِمُ ورُفْغُ
أَحدِكم بين ظُفُرِه وأُنْمُلَتِه؟ قال الأَصمعي: جمْع الرُّفْغ أَرْفاغٌ وهي
الآباطُ والمَغابِنُ من الجسد يكون ذلك في الإبلِ والناسِ؛ قال أَبو
عبيد: ومعناه في هذا الحديث ما بين الأُنثيين وأُصول الفخذين وهي المَغابِنُ،
ومما يُبَيِّنُ ذلك حديث عمر: إِذا التقى الرُّفْغانِ فقد وجَبَ
الغُسْلُ، يريد إذا التقى ذلك من الرجلِ والمرأَةِ ولا يكون هذا إلاَّ بعد
التقاء الخِتانَيْنِ، قال: ومعنى الحديث الأَوَّل أَنَّ أَحدهم يحك ذلك
المَوْضِعَ من جسده فيَعْلَقُ دَرَنه ووسَخُه بأَصابعه فيبقى بين الظفر
والأُنملة، وإِنما أَنْكَرَ من هذا طُولَ الأَظفار وتركَ قَصِّها حتى تطولَ،
وأَراد بالرُّفْغ ههنا وسَخَ الظفر كأَنه قال ووسَخُ رُفْغ أَحدِكم، والمعنى
أَنكم لا تُقَلِّمُونَ أَظْفاركم ثم تحكون أَرْفاغَكم فيَعْلَقُ بها ما
فيها من الوَسخ، والله أَعلم؛ قلت: وقوله في تفسير الحديث لا يكون التقاء
الرُّفْغَيْنِ من الرجل والمرأَة إلاَّ بعد التقاء الخِتانَيْن فيه نظر
لأَنه قد يمكن أَن يلتقي الرفغان ولا يلتقي الخِتانان، ولكنه أَراد
الغالب من هذه الحالة، والله أَعلم. والرُّفْغان:أَصْلا الفخذين. وفي الحديث:
عشر من السنة كذا وكذا ونَتْفُ الرُّفْغَيْن أَي الإِبْطين، وجعل الفراء
الرفغين الإِبطين في قوله في الحديث: عشر من السنة منها تقليم الأَظْفار
ونَتْفُ الرُّفْغَيْنِ؛ وهو في حديث النبي، صلى الله عليه وسلم: ونَتْفُ
الإِبْطِ، وهو مروي عن أَبي هريرة أَنَّ النبي، صلى الله عليه وسلم، قال:
خمس من الفِطْرةِ: الاسْتِحْدادُ والخِتانُ وقَصُّ الشارِب ونتفُ
الإِبْطِ وتَقْلِيمُ الأَظفارِ. ابن شميل: والرُّفْغُ من المرأَة ما حولَ
فرجها.وقال أَعرابي: تَرَفَّغَ الرجلُ المرأَةَ إذا قعد بين فخذيها لِيَطأَها،
وفي موضع آخر: رَفَغَ الرجلُ المرأَةَ إِذا قعد بين فخذيها. ويقال:
تَرَفَّغَ فلان فوق البعير إِذا خشي أَن يَرْمِيَ به فلَفَّ رجْلَيه عند
ثِيلِ البعير. والرَّفْغُ: تِبْنُ الذُّرةِ؛ قال الشاعر:
دُونكِ بوغاءَ تُرابَ الرَّفْغِ
والرَّفْغُ: أَسفلُ الفلاةِ وأَسفلُ الوادِي. والرَّفْغُ أَيضاً: المكان
الجَدْبُ الرَّقِيقُ المُقارِبُ. والرَّفْغُ: الأَرضُ الكثيرةُ
التُّراب. وجاءَ فلان بمال كرَفْغِ التراب في كثرته. وتراب رَفْغٌ وطعامٌ رَفْغٌ:
لَيِّن. قال بعضهم: أَصل الرَّفْغِ اللِّينُ والسُّهولةُ. والرَّفْغُ:
الناحيةُ؛ عن الأَخفش؛ وقول أَبي ذؤَيب:
أَتى قَرْيةً كانَتْ كثيراً طَعامُها،
كرَفْغِ التُّرابِ ، كلُّ شيءٍ يَميرُها
يُفَسَّر بجميع ذلك أَو بعامَّتِه. ابن الأَعرابي: يقال هو في رَفْغٍ من
قومه وفي رَفْغٍ من القريةِ إذا كان في ناحيةٍ منها وليس في وسَط قومه.
والرَّفْغُ: السِّقاءُ الرَّقِيقُ المُقارِبُ. والرَّفْغُ أَلأَيامُ
موْضِعٍ في الوادِي وشَرُّه تُراباً. وأَرْفاغُ الناسِ: أَلائمهُم
وسُفَّالُهم، الواحد رَفْغٌ. وقال أَبو حنيفة: أَرْفاغ الوادِي جَوانِبُه.
والرَّفْغ: الأَرضُ السَّهْلة، وجمعها رِفاغٌ. والرَّفْغُ والرَّفاغةُ
والرَّــفاغِيةُ: سَعةُ العَيْشِ والخِصْبُ والسَّعةُ. وعيشٌ أَرْفَغ ورافِغٌ
ورفِيغٌ: خصيبٌ واسِعٌ طيِّب. ورَفُغَ عيشُه، بالضم، رَفاغةً: اتَّسَعَ.
وتَرَفَّغَ الرجلُ: تَوَسَّعَ. لفي وإنه رَفاغةٍ ورَــفاغِيةٍ من العيش مثل
ثمانية؛ وأَنشد:
تحتَ دُجُنَّاتِ الأَرْفَغِ
والرُّفَغْنِيةُ والرُّفَهْنِيةُ: سعة العيش. وفي حديث عليّ: أَرْفَغَ
لكم المَعاشَ أَي أَوْسَعَ، وفي حديثه: النَّعَم الرَّوافِغُ، جمع
رافِغةٍ. والأَرْفَغُ: موضِعٌ.
قعل: القُعال: ما تَناثر عن نَوْرِ العنب وفاغِية الحِنَّاء وشبهِه من
كِمامه، واحدته قُعالة. وأَقعَل النَّوْرُ: انشقت عنه قُعالته.
والاقتِعالُ: تَنْحِية القُعال. واقتَعَله الرجل إِذا اسْتَنْفَضَه في يده عن
شجره.والقَعْل: عود يسمَّى المِشْحَط يجعل تحت سُرُوغ القُطوف لئلا
تتَعَفَّر، وخصص الجوهري فقال: القُعال نَوْرُ العنب. أَقعَل الكرمُ: انشقَّ
قُعاله وتَناثر. والقاعِلة: الجبل الطويل. والقَواعِل: رؤوس الجبال؛ قال امرؤ
القيس:
عُقاب تَنُوفَى لا عُقابُ القَواعِل
(* صدر هذا البيت: كأنّ دِثاراً حلَّقَت بلَبُونِه)
وقيل: القَواعِل الجبال الصغار. الجوهري: القاعِلة واحدة القَواعِل، وهي
الطِّوال من الجبال؛ قال ابن بري: قال أَبو عمرو واحدة القَواعِل
قَوْعَلة؛ وشعر الأَفوَه دليل على أَنه قاعِلة قال:
والدهرُ، لا يَبْقى عليه لِقْوَةٌ
في رأْس قاعِلة نَمَتْها أَرْبَعُ
قوله نَمَتْها أَربع أَي أَربع لِقْوات. وعُقاب قَيْعَلة: تأْوِي إِلى
القَواعِل أَو تَعلوها؛ أَنشد ثعلب لخالد بن قيس بن منقذ:
لَيْتك، إِذ رُهِنْت آلَ مَوْأَلَهْ،
حَزُّوا بنَصْل السيف عند السَّبَلَهْ،
وحَلَّقَت بك العُقاب القَيْعَلهْ
وقيل: عُقاب قَيْعَلةٍ وقَوْعَلةٍ بالإِضافة أَي عُقاب موضع يسمى بهذا.
والقَيْعَلة: المرأَة الجافية العظيمة. والمُقْتَعَلُ: السهم الذي لم
يُبْرَ بَرْياً جيداً؛ قال لبيد:
فَرمَيْت القوم رِشْقاً صائباً،
ليس بالعُصْل ولا بالمُقْتَعَلْ
والاقعِيلالُ: الانتصاب في الركوب. وصخرةٌ مُقْعالَّة: منتصِبة لا أَصل
لها في الأَرض. والقَعْلُ: الرجل القصير المَشْؤُوم. والقَعْوَلة في
المشي: إِقبال القدَم كلها على الأُخرى، وقيل: هو تباعد ما بين الكعبين
وإِقبال كل واحدة من القدَمين بجماعتها على الأُخرى، وقيل: هي مشيٌ ضعيف، وقد
قَعْوَل في مشيه قَعْوَلة، وقيل: القَعْوَلة أَن يمشي كأَنه يَغْرِف
التراب بقدميه، يقال: قَعْوَل إِذا مَشَى مِشْية قبيحة كأَنه يَغْرف التراب
بقدميه. وقَعْوَل إِذا مشى مِشْية مَنْ يَحْثي الترابَ بإِحدى قدميه على
الأُخرى لقَبَلٍ فيهما؛ وقال صخر بن عمير:
فإِنْ تَريني في المَشِيب والعَلَهْ،
فَصِرْت أَمشِي القَعْوَلى والفَنْجَلَهْ،
وتارةً أَنْبُثُ نَبْثاً نَقْثَلَهْ
والفَنْجلة: مثل القَعْوَلة؛ يقال: مَرَّ يُقَعْوِل ويُفَنْجِل؛
والنَّقْثَلة: أَن يُثِير الترابَ إِذا مشى.
فوغ: فَوْغةُ الطيبِ: كفَوْعَتِه؛ حكاها كراع وقال: فَوْغةُ، بإعْجام
الغين، ولم يقلها أَحد غيره. قال: ولست منها على ثقة. قال شمر: وفَوْغةٌ
من الــفاغية، قال الأَزهري: كأَنه مقلوب عنده. وفي الحديث: احْبِسُوا
صِبيانَكم حتى تذهَبَ فَوْعةُ العِشاءْ أَي أَوَّله كفَوْرتِه. وفَوْعةُ
الطِّيبِ: أَوّلُ ما يَفُوحُ منه. قال ابن الأثير: ويروى بالغين لغة
فيه.
وغف: الوَغْفُ والإيغافُ: ضَعف البصر؛ الأَزهري: رأَيت بخط الإياديِّ في
الوغْف قال: في كتاب أَبي عمرو الشيباني لأَبي سعد المَعْني:
لعَيْنَيْك وَغْفٌ، إذ رأَيتَ ابنَ مَرْثَدٍ
يُقَسْبِرُها بفَرْقَمٍ يَتَزَبَّدُ
قال: هكذا قيده بفرقم، يريد الحَشفةَ بالفاء والقاف:
إذا انْتَشَرَتْ حَسِبْتَها ذاتَ هَضْبةٍ،
تَرَمَّزُ في أَلغازِها وتَرَدَّدُ
وروى عَرْقم قال: وأَنا واقف فيه. والقَسْبرة: النكاح. والوغْف:
السُّرْعة، وقيل: سرعة العدْو؛ وأَنشد:
وأَوْغَفَتْ شَوارِعاً وأَوْغَفا
وقد أَوْغَفَ إذا سار سيراً مُتْعِباً. وأَوْغَفَ إذا عَمِشَ. وأَوْغَفَ
إذا أَكل من الطعام ما يكفيه. والإيغافُ: سُرعة ضَرب الجناحين.
والإيغاف: سرعة العَدو. وقال أَبو عمرو: الإيغاف التحرُّك. وأَوغفَتِ المرأَة
إيغافاً إذا ارْتَهَزَت عند الجِماع تحت الرجل؛ وأَنشد لرِبْعي
الدُّبَيْريّ:لمّا دَحاها بمِتَلٍّ كالصَّقْب،
وأَوْغَفَتْ لذاك إيغافَ الكلْب
قالت: لقد أَصبحْتَ قَرْماً ذا وَطْب،
لما يُديمُ الحُبَّ منه في القَلْب
والوغْف: قِطْعة أَدم أَو كِساء أَو شيء يُشدّ على بطن التيْس لئلاَّ
يَنْزُو أَو يشرَب بوله.
تمر: التَّمْرُ: حَمْلُ النخل، اسم جنس، واحدته تمرة وجمعها تمرات،
بالتحريك. والتُّمْرانُ والتُّمورُ، بالضم: جمع التَّمْرِ؛ الأَوَّل عن
سيبويه، قال ابن سيده: وليس تكسير الأَسماء التي تدل على الجموع بمطرد، أَلا
بمطرد، أَلا ترى أَنهم لم يقولوا أَبرار في جمع بُرٍّ؟ الجوهري: جمع
التَّمر تُمُورٌ وتُمْرانٌ، بالضم، فتراد به الأَنواع لأَن الجنس لا يجمع في
الحقيقة.
وتَمَّرَ الرُّطَبُ وأَتْمَرَ، كلاهما: صار في حد التَّمْرِ. وتَمَّرَتِ
النخلة وأَتْمَرَت، كلاهما: حَمَلَتِ التمر. وتَمَرَ القَوْمَ
يَتْمُرُهُمْ تَمْراً وتَمَّرَهُمْ وأَتْمَرَهُمْ: أَطعمهم التمر. وتَمَّرَني
فلان: أَطعمني تَمْراً. وأَتْمَرُوا، وهم تامِرُونَ: كَثُرَ تَمْرُهم؛ عن
اللحياني؛ قال ابن سيده: وعندي أَن تامِراً على النسب؛ قال اللحياني: وكذلك
كل شيء من هذا إِذا أَردت أَطعمتهم أَو وهبت لهم قلته بغير أَلف، وإِذا
أَردت أَن ذلك قد كثر عندهم قلت أَفْعَلُوا.
ورجل تامِرٌ: ذو تمر. يقال: رجل تامر ولابن أَي ذو تمر وذو لبن، وقد
يكون من قولِكَ تَمَرْتُهم فأَنا تامِرٌ أَي أَطعمتهم التمر.
والتَّمَّار: الذي يبيع التمر. والتَّمْرِيُّ: الذي يحبه. والمُتْمِرُ:
الكثير التَّمْرِ. وأَتْمَرَ الرجلُ إِذا كثر عنده التمر. والمَتْمُورُ:
المُزَوَّدُ تَمْراً؛ وقوله أَنشده ثعلب:
لَسْنَا مِنَ القَوْمِ الذين، إِذا
جاءَ الشتاءُ، فَجارُهم تَمْرُ
يعني أَنهم يأْكلون مال جارهم ويَسْتَحلُونه كما تَسْتَحْلي الناسُ
التمر في الشتاء؛ ويروى:
لَسْنَا كَأَقْوَامٍ، إِذا كَحَلَتْ
إِحدى السِّنِينَ، فجارُهُمْ تَمْرُ
والتَّتْمِيرُ: التقديد. يقال: تَمَّرْتُ القَدِيدَ، فهو مُتَمَّرٌ؛
وقال أَبو كاهل اليشكري يصف فرخة عقاب تسمى غُبَّة، وقال ابن بري يصف
عُقاباً شبه راحلته بها:
كأَنَّ رَحْلي على شَغْواءَ حادِرَةٍ
ظَمْياءِ، قَدْ بُلَّ مِنْ طَلٍّ خَوافيها
لها أَشارِيرُ من لَحْمٍ تُتَمِّرُهُ
من الثَّعالي، وَوَخْزٌ مِنْ أَرَانِيها
أَراد الأَرانب والثعالب أَي تقدّده؛ يقول: إِنها تصيد الأَرانب
والثعالب فأَبدل من الباء فيهما ياء، شبه راحلته في سرعتها بالعقاب، وهي
الشغواء، سميت بذلك لاعوجاجِ منقارها. والشَّغاء: العِوَجُ. والظمياء: العطشى
إِلى الدم. والخوافي: قصار ريش جناحها. والوخز: شيء ليس بالكثير.
والأَشارير: جمع إِشرارة: وهي القطعة من القديد. والثعالي: يريد الثعالب، وكذلك
الأَراني يريد الأَرانب فأَبدل من الباء فيهما ياء للضرورة. والتَّتْمِيرُ:
التَّيْبِيسُ. والتَّتْمير: أَن يقطع اللحم صغاراً ويجفف. وتَتْمِيرُ
اللحم والتمر: تَجْفِيفُهما. وفي حديث النخعي: كان لا يرى بالتتمير بأْساً؛
التتمير: تقطيع اللحم صغاراً كالتمر وتجفيفه وتنشيقه، أَراد لا بأْس أَن
يَتَزَوَّدَهُ المُحْرِمُ، وقيل: أَراد ما قُدِّدَ من لحوم الوحوش قبل
الإِحرام. واللحمُ المُتَمَّرُ: المُقَطَّع.
والتامور والتَّامُورة جميعاً: الإِبريق؛ قال الأَعشى يصف خَمَّارة:
وإِذا لَها تامُورَةٌ
مرفوعةٌ لِشَرابِها
ولم يهمزه، وقيل: حُقَّة يجعل فيها الخمر: وقيل: التامور والتامورة
الخمر نفسها. الأَصمعي: التامور الدم والخمر والزعفران. والتامور: وزير
الملك. والتامور: النَّفْسُ. أَبو زيد: يقال لقد علم تامورُك ذلك أَي قد علمت
نفسُك ذلك. والتامور: دم القلب، وعمَّ بعضهم به كل دم؛ وقول أَوْسِ بن
حَجَرٍ:
أُنْبِئْتُ أَنَّ بَني سُحَيْمٍ أَوْلَجُوا
أَبْيَاتَهُمْ تامورَ نَفْسِ المُنذِرِ
قال الأَصمعي: أَي مُهْجَةَ نَفْسه، وكانوا قتلوه؛ وقال عمر بن قُنْعاسٍ
المرادي، ويقال قُعاس:
وتامُورٍ هَرَقْتُ، وليس خَمْراً،
وحَبَّةِ غَيْرِ طاحيَةٍ طَحَيْتُ
وأَورده الجوهري:
وحبة غير طاحنة طحنت
بالنون. قال ابن بري: صواب إِنشاده: وحبة غير طاحية طحيت، بالياء فيهما،
لأَن القصيدة مردفة بياء وأَوّلها:
أَلا يا بَيْتُ بالعَلْيَاءِ بَيْتُ،
ولولا حُبُّ أَهْلِكَ ما أَتَيْتُ
قال ابن بري: ورأَيته بخط الجوهري في نسخته طاحنة طحنت، بالنون فيهما.
وقد غيره من رواه طحيت، بالياء، على الصواب. ومعنى قوله: حبة غير طاحية،
بالياء، حبة القلب أَي رب علقة قلب مجتمعة غير طاحية هرقتها وبسطتها بعد
اجتماعها. الجوهري: والتَّامُورَةُ غِلافُ القلب. ابن سيده: والتامور غلاف
القلب، والتامور حبة القلب، وتامور الرجل قلبه. يقال: حَرْفٌ في تامُورك
خير من عشرة في وعائك. وعَرَّفْتُه بِتامُوري أَي عَقْلي. والتَّامُور:
وعاء الولد. والتَّامُور: لَعِبُ الجواري، وقيل: لعب الصبيان؛ عن ثعلب.
والتَّامُور: صَوْمَعَةُ الراهب. وفي الصحاح: التامورة الصومعة؛ قال ربيعة
ابن مَقْرومٍ الضَّبّيُّ:
لَدَنا لبَهْجَتِها وحُسْنِ حَدِيثِها،
ولَهَمَّ مِنْ تامُورِهِ يَتَنَزَّلُ
ويقال: أَكل الذئبُ الشاةَ فما ترك منها تاموراً؛ وأَكلنا جَزَرَةً، وهي
الشاة السمينة، فما تركنا منها تاموراً أَي شيئاً. وقالوا: ما في
الرَّكِيَّةِ تامُورٌ يعني الماء أَي شيء من الماء؛ حكاه الفارسي فيما يهمز
وفيما لا يهمز. والتَّامُورُ: خِيسُ الأَسد، وهو التامورة أَيضاً؛ عن ثعلب.
ويقال: احذر الأَسد في تاموره ومِحْرابِهِ وغِيلِهِ وعِرْزاله. وسأَل عمر
ابن الخطاب، رضي الله عنه، عمرو بن معد يكرب عن سعد فقال: أَسد في
تامورته أَي في عَرِينِهِ، وهو بيت الأَسد الذي يكون فيه، وهي في الأَصل
الصومعة فاستعارها للأَسد. والتَّامُورَةُ والتامور: عَلَقَةُ القلب ودَمُه،
فيجوز أَن يكون أَراد أَنه أَسَدٌ في شدّة قلبه وشجاعته. وما في الدار
تامُورٌ وتُوموُرٌ وما بها تُومُريٌّ، بغير همز، أَي ليس بها أَحد. وقال
أَبو زيد: ما بها تأْمور، مهموز، أَي ما بها أَحد. وبلادٌ خَلاءٌ ليس بها
تُومُرِيٌّ أَي أَحد. وما رأَيت تُومُرِيّاً أَحْسَنَ من هذه المرأَة أَي
إِنسيّاً وخَلْقاً. وما رأَيت تُومُرِيّاً أَحْسنَ منه.
والتُّمارِيُّ: شجرة لها مُصَعٌ كَمُصَعِ العَوْسَجِ إِلاَّ أَنها أَطيب
منها، وهي تشبه النَّبْعَ؛ قال:
كَقِدْحِ التُّماري أَخْطَأَ النَّبْعَ قاضبُهْ
والتُّمَّرَةُ: طائر أَصغر من العصفور، والجمع تُمَّرٌ، وقيل:
التُّمَّرُ طائر يقال له ابن تَمْرَة وذلك أَنك لا تراه أَبداً إِلا وفي فيه
تَمْرَةٌ.
وتَيْمَرى: موضع؛ قال امرؤ القيس:
لَدَى جانِب الأَفْلاج من جَنْبِ تَيْمَرى
واتْمَأَرَّ الرمح اتْمِئْراراً، فهو مُتْمَئِرٌّ إِذا كان غليظاً
مستقيماً. ابن سيده: واتّمَأَرَّ الرمح والحبل صلب، وكذلك الذكر إِذا اشتدَّ
نَعْظُه. الجوهري: اتْمَأَرَّ الشيءُ طال واشتد مثل اتْمَهَلَّ
واتْمَأَلَّ؛ قال زهير بن مسعود الضبي:
ثَنَّى لها يَهْتِكُ أَسْحَارَها
بِمْتمَئِرٍّ فيه تَخْزِيبُ
رفهن: قال الأَزهري في الرباعي: البُلَهْنِيَةُ والرُّفَهنِيَةُ سعة
العيش وكثرة الرُّفَغْنِية. يقال: هو في رُفَهنِية من العيش أَي في سعة
ورَــفَاغِية، وهو ملحق بالخماسي بأَلف في آخره، وإنما صارت ياء للكسرة
قبلها.
رغف: رَغَفَ الطِّينَ والعَجينَ يَرْغَفُه رَغْفاً: كَتَّلَه بيديه،
وأَصل الرَّغْفِ جمعك الرَّغِيفَ تُكَتِّلُه. والرَّغيف: الخُبْزة، مشتقّ من
ذلك، والجمع أَرْغِفة ورُغُفٌ ورُغْفانٌ؛ قال لقيط بن زُرارةَ:
إنَّ الشِّواءَ والنَشِيلَ والرُّغُفْ،
والقَيْنةَ الحَسْناء والكأْسَ الأُنُفْ،
للطَّاعِنِينَ الخيلَ، والخيلُ قُطُفْ
(* قوله «للطاعنين الخيل» سيأتي في مادة نشل: للضاربين الهام.)
ورغَفَ البعيرَ رَغْفاً: لَقَّمَهُ البِزْر والدقيق.
وأَرْغَفَ الرجلُ: حدَّدَ بَصَره، وكذلك الأَسدُ.
بلهن: البُلَهْنِية والرُّفَهْنِية: سَعَة العيش، وكذلك الرُّفَغْنِية.
يقال: هو في بُلَهْنِية من العيش أَي في سَعة ورَــفاغِية، وهو مُلْحق
بالخماسي بأَلف في آخره، وإنما صارت ياءً لكسرة ما قبلها؛ قال ابن بري:
بُلَهْنِية حقها أَن تُذْكر في بله في حرف الهاء لأَنها مُشتقة من البَلَه أَي
عَيْش أَبْلَه قد غَفَل
(* قوله «قد غفل» عبارة القاموس: وعيش أبله ناعم
كأن صاحبه غافل عن الطوارق). والنونُ والياءُ فيه زائدتان للإلحاق
بخُبَعْثِنةٍ، والإلحاق هو بالياء في الأَصل، فأَما أَلف مِعْزًى فإنها بدل من
ياء الإلحاق.
حنن: الحَنّانُ: من أَسماء الله عز وجل. قال ابن الأَعرابي: الحَنّانُ،
بتشديد النون، بمعنى الرحيم، قال ابن الأَثير: الحَنَّانُ الرحيم
بعبادِه، فعّالٌ من الرحمة للمبالغة؛ الأَزهري: هو بتشديد النون صحيح، قال: وكان
بعضُ مشايِخنا أَنكر التشديد فيه لأَنه ذهَب به إلى الحَنين، فاسْتَوحش
أَن يكون الحَنين من صفات الله تعالى، وإنما معنى الحَنّان الرحيم من
الحَنان، وهو الرحمة؛ومنه قوله تعالى: وحنَاناً مِنْ لَدُنَّا؛ أَي رَحْمة
منْ لَدُنّا؛ قال أَبو إسحق: الحَنَّانُ في صفة الله، هو بالتشديد، ذو
الرَّحمة والتعطُّفِ. وفي حديث بلال: أَنه مَرَّ عليه ورقةُ ابن نوْفَل وهو
يُعَذَّب فقال: والله لئن قَتَلْتُموه لأَتَّخِذَنَّه حَناناً؛ الحَنانُ:
الرحمةُ والعطفُ، والحَنَانُ: الرِّزْقُ والبركةُ، أَراد لأَجْعَلَنَّ
قَبْرَه موضعَ حَنانٍ أَي مَظِنَّةً منْ رحمة الله تعالى فأَتَمَسَّحُ به
متبرّكاً، كما يُتمسَّح بقبور الصالحين الذين قُتلوا في سبيل الله من
الأُمَمِ الماضية، فيرجع ذلك عاراً عليكم وسُبَّةً عند الناس، وكان ورقةُ
على دين عيسى، عليه السلام، وهلك قُبَيْل مَبْعَثِ النبي، صلى الله عليه
وسلم، لأَنه قال للنبي، صلى الله عليه وسلم، إِن يُدْرِكْنِي يَوْمُك
لأَنْصُرَنَّكَ نَصْراً مُؤَزَّراً؛ قال ابن الأَثير. وفي هذا نظرٌ فإن بلالاً
ما عُذِّب إلا بعد أَن أَسْلَمَ. وفي الحديث: أَنه دخل على أُمِّ سَلَمة
وعندها غلامٌ يُسَمَّى الوليدَ، فقال: اتَّخَذْتُمْ الوليدَ حَناناً
غَيِّرُوا اسمَه أَي تَتَعَطَّفُون على هذا الاسم فَتُحِبُّونه، وفي رواية:
أَنه من أَسماء الفَراعِنة، فكَرِه أَن يُسَمَّى به. والحَنانُ،
بالتخفيف: الرحمة. تقول: حَنَّ عليه يَحِنُّ حَناناً؛ قال أَبو إسحق في قوله
تعالى: وآتَيْناه الحُكْمَ صَبِيّاً وحَناناً مِنْ لدُنَّا؛ أَي وآتَيْناه
حَناناً؛ قال: الحَنانُ العَطْفُ والرحمة؛ وأَنشد سيبويه:
فقالت: حَنانٌ ما أَتى بك هَهُنا؟
أَذُو نَسَبٍ أَمْ أَنْتَ بالحَيِّ عارِفُ؟
أَي أَمْرِي حَنانٌ أَو ما يُصيبُنا حَنانٌ أَي عَطْفٌ ورحمة، والذي
يُرْفَع عليه غير مستعمَل إظهارُه. وقال الفَراء في قوله سبحانه: وحَناناً
مِنْ لَدُنَّا الرحمةُ؛ أَي وفعلنا ذلك رَحْمةً
لأَبَوَيْك. وذكر عكرمة عن ابن عباس في هذه الآية أَنه قال: ما أَدْري
ما الحَنانُ. والحَنينُ: الشديدُ من البُكاءِ والطَّرَبِ، وقيل: هو صوتُ
الطَّرَبِ كان ذلك عن حُزْنٍ أَو فَرَحٍ. والحَنِينُ: الشَّوْقُ وتَوَقانُ
النَّفس، والمَعْنَيان متقاربان، حَنَّ إليه يَحِنُّ حَنِيناً فهو
حانٌّ. والاسْتِحْنانُ: الاسْتِطْرابُ. واسْتَحَنَّ: اسْتَطْرَبَ: وحَنَّت
الإِبلُ: نَزَعَتْ إلى أَوْطانِها أَو أَوْلادِها، والناقةُ تَحِنُّ في
إِثْرِ ولَدِها حَنِيناً تَطْرَبَ مع صَوْت، وقيل: حَنِينُها نِزَاعُها بصوتٍ
وبغير يصوتٍ والأَكثر أَن الحَنين بالصَّوْتِ. وتَحَنَّنَت النَّاقةُ
على ولدِها: تَعَطَّفَت، وكذلك الشاة؛ عن اللحياني. الأَزهري عن الليث:
حنينُ الناقة على معنيين: حَنِينُها صوْتُها إذا اشتاقت إلى وَلَدِها،
وحَنينُها نِزَاعُها إلى ولدها من غير صوت؛ قال رؤبة:
حَنَّت قَلُوصِي أَمْسِ بالأُرْدُنِّ،
حِنِّي فما ظُلِّمْتِ أَن تَحِنِّي.
يقال: حَنَّ قَلْبي إليه فهذا نِزاعٌ واشْتِياق من غير صوت، وحَنَّت
النّاقةُ إلى أُلاَّفِها فهذا صوتٌ مع نِزاعٍ، وكذلك حَنَّتْ إلى ولدها؛ قال
الشاعر:
يُعارِضْنَ مِلْواحاً كأَنَّ حَنِينَها،
قُبَيْلَ انْفِتاقِ الصُّبْحِ، تَرْجِيعُ زامِرِ.
ويقال: حَنَّ عليه أَي عَطَف. وحَنَّ إليه أَي نزَعَ إليه. وفي الحديث:
أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان يصلي في أَصل أُسْطُوانةِ جِذْعٍ في
مسجده، ثم تحوَّلَ إلى أَصلِ أُخرى، فحنَّتْ إليه الأُولى ومالت نحوَه
حتى رجَع إليها فاحْتَضَنها فسكنت. وفي حديث آخر: أَنه كان يصلِّي إلى
جذْعٍ في مسجده، فلما عُمِلَ له المِنْبَرُ صَعِدَ عليه فحَنَّ الجِذْعُ إليه
أَي نَزَع واشتاق، قال: وأَصلُ الحَنِينِ ترجيعُ الناقة صوْتَها إثْرَ
ولدها. وتحانَّت: كحنَّتْ؛ قال ابن سيده: حكاه يعقوبُ في بعض شروحه، وكذلك
الحَمامَةُ والرجلُ؛ وسمع النبي، صلى الله عليه وسلم، بِلالاً يُنشِد:
أَلا لَيْتَ شِعْري هل أَبِيتَنَّ لَيْلَةً
بوادٍ وحَوْلي إِذْخِرٌ وجَليلُ؟
فقال له: حَنَنْتْ يا ابنَ السَّوْداء. والحَنَّانُ: الذي يَحِنُّ إلى
الشيء. والحِنَّةُ، بالكسر: رقَّةُ القلبِ؛ عن كراع. وفي حديث زيد بن
عَمْرو بن نُفَيل: حَنانَيْكَ يَا رَبِّ أَي ارْحَمْني رحمة بعد رحمة، وهو من
المصادر المُثنَّاة التي لا يَظْهر فعْلُها كلَبَّيْكَ وسَعْدَيْكَ،
وقالوا: حَنانَك وحَنانَيْك أَي تَحَنُّناً عليَّ بعد تَحَنُّن، فمعنى
حَنانَيْك تَحَنَّنْ عليَّ مرَّة بعد أُخرى وحَنانٍ بعد حَناناٍ؛ قال ابن
سيده: يقول كلَّما كنْتُ في رحمةٍ منك وخيرٍ فلا يَنْقَطِعنَّ، ولْيَكُنْ
موصولاً بآخرَ من رحمتِك، هذا معنى التثنية عند سيبويه في هذا الضرب؛ قال
طرفة:
أَبا مُنْذِرٍ، أَفْنَيْتَ فاسْتَبْقِ بَعْضَنا،
حَنانَيْكَ، بعضُ الشَّرِّ أَهْوَنُ مِنْ بعضِ.
قال سيبويه: ولا يُسْتَعْمل مُثَنّىً إلا في حَدِّ الإضافة. وحكى
الأَزهري عن الليث: حَنانَيْكَ يا فلان افْعَلْ كذا ولا تفعل كذا، يذكِّرُه
الرَّحمةَ والبِرَّ، وأَنشد بيت طرفة؛ قال ابن سيده: وقد قالوا حَناناً
فصَلُوه من الإضافة في حَدِّ الإِفْراد، وكلُّ ذلك بدلٌ من اللفظ بالفعل،
والذي ينتصب عليه غيرُ مستعمَلٍ إظهارُه، كما أَنَّ الذي يرتفع عليه كذلك،
والعرب تقول: حَنانَك يا رَبِّ وحَنانَيْك بمعنى واحد أَي رحمتَك، وقالوا:
سبحانَ الله وَحَنانَيْه أَي واسْتِرْحامَه، كما قالوا: سبحانَ الله
ورَيْحانَه أَي اسْتِرْزاقَه؛ وقول امرئ القيس:
ويَمْنَعُها بَنُو شَمَجَى بنِ جَرْم
مَعِيزَهُمُ، حَنانَك ذا الحَنانِ.
فسره ابن الأَعرابي فقال: معناه رَحمتَك يا رحمنُ فأَغْنِني عنهم، ورواه
الأَصمعي: ويَمْنَحُها أَي يُعْطِيها، وفسَّر حَنانَك برحمتك أَيضاً أَي
أَنْزِلْ عليهم رحمتَك ورزقك، فروايةُ ابن الأَعرابي تَسَخُّطٌ وذمٌّ،
وكذلك تفسيره، وروايةُ الأَصمعي تَشكُّرٌ وحمدٌ ودعاءٌ لهم، وكذلك تفسيره،
والفعل من كل ذلك تَحَنَّنَ عليه، وهو التحنُّنُ. وتَحَنَّنْ عليه:
ترحَّمْ؛ وأَنشد ابن بري للحُطَيْئة:
تَحَنَّنْ عليَّ، هَداك المَلِيك،
فإِن لكلِّ مقامٍ مقالا.
والحَنانُ: الرحمةُ، والحَنانُ: الرِّزق. والحَنانُ: البركة. والحَنانُ:
الهَيْبَةُ. والحَنانُ: الوَقار. الأُمَوِيُّ: ما نرى له حَناناً أَي
هيبةً. والتَّحنُّنُ: كالحَنانِ. وفي حديث عمر، رضي الله عنه، لما قال
الوليد بن عُقْبةَ بنِ أَبي مُعَيْطٍ: أُقْتَلُ من بَيْنِ قُرَيش، فقال عمر:
حَنَّ قِدْحٌ ليس منها؛ هو مَثَلٌ يضرب للرجل يَنْتَمي إلى نسبٍ ليس منه
أَو يَدَّعي ما ليس منه في شيء، والقِدْحُ، بالكسر: أَحدُ سِهام
المَيْسِر، فإِذا كان من غير جوهر أَخَواتِه ثم حرَّكها المُفيض بها خرج له صوتٌ
يخالِف أَصواتَها فعُرِفَ به؛ ومنه كتاب عليٍّ، رضوان الله عليه، إلى
معاوية: وأَما قولك كَيْتَ وكَيْتَ فقد حَنَّ قِدْحٌ ليس منها. والحَنُونُ
من الرياح: التي لها حَنِينٌ كحَنِين الإِبِل أَي صَوْتٌ يُشْبِه صَوْتَها
عند الحَنِين؛ قال النابغة:
غَشِيتُ لها مَنازِلَ مُقْفِراتٍ،
تُذَعْذِعُها مُذَعْذعَةٌ حَنُونٌ
وقد حَنَّتْ واسْتَحَنَّتْ؛ أَنشد سيبويه لأَبي زُبَيد:
مُسْتَحِنٌّ بها الرِّياحُ، فمَا يَجْــ
ـتابُها في الظَّلامِ كلُّ هَجُودِ.
وسحابٌ حَنَّانٌ كذلك؛ وقوله: فاسْتَقْبَلَتْ لَيْلَةَ خِمْسٍ حَنَّانْ.
جعل الحَنَّان للخِمْس، وإنما هو في الحقيقة للناقة، لكن لما بَعُد عليه
أَمدُ الوِرْد فحنَّت نسَب ذلك إلى الخِمْسِ حيث كان من أَجْلِه.
وخِمْسٌ حَنَّانٌ أَي بائصٌ؛ الأَصمعي: أَي له حَنِينٌ مِن سُرْعَتِه.
وامْرأَةٌ حَنَّانةٌ: تَحِنُّ إلى زوجها الأَول وتعطِفُ عليه، وقيل: هي التي
تَحِنُّ على ولدها الذي من زوجها المُفارِقِها. والحَنونُ من النساء: التي
تَتَزوَّج رِقَّةً على وَلَدِها إذا كانوا صغاراً ليقومَ الزوجُ بأَمرهم،
وفي بعض الأَخْبار: أَنَّ رَجُلاً أَوْصى ابنه فقال: لا تَتَزَوَّجَنَّ
حَنَّانةً ولا مَنَّانة. وقال رجل لابنه: يا بُنيَّ إِيَّاكَ والرَّقُوبَ
الغَضُوبَ الأَنَّانةَ الحَنَّانَةَ المنَّانةَ؛ الحَنَّانةُ التي كان لها
زوجٌ قبله فهي تَذْكُره بالتَّحَزُّنِ والأَنينِ والحَنينِ إليه.
الحرَّاني عن ابن السكيت قال: الحَنونُ من النساءِ التي تَتَزَوَّج رِقَّةً على
ولدها إذا كانوا صغاراً ليقومَ الزوجُ بأَمْرِهم. وحَنَّةُ الرَّجل:
امرأَتُه؛ قال أَبو محمد الفَقْعَسِيّ:
ولَيْلة ذات دُجىً سَرَيْتُ،
ولم يَلِتْنِي عَنْ سُراها لَيْتُ،
ولم تَضِرْني حَنَّةٌ وبَيْتُ.
وهي طَلَّتُه وكَنِينتُه ونَهضَتُه وحاصِنته وحاضِنتُه. وما لَهُ
حانَّةٌ ولا آنَّةٌ أَي ناقة ولا شاةٌ؛ والحَانَّةُ: الناقةُ، والآنَّةُ:
الشاةُ، وقيل: هي الأَمَةُ لأَنها تَئِنُّ من التَّعَب. الأَزهري: الحَنِينُ
للناقة والأَنينُ للشاةِ. يقال: ما له حانَّةٌ ولا آنَّةٌ
أَي ما لَه شاةٌ ولا بَعِيرٌ. أَبو زيد: يقال ما له حانَّة ولا جارَّة،
فالحانَّةُ: الإِبلُ التي تَحِنُّ، والجارَّةُ: الحَمُولةُ تَحْمِلُ
المتاعَ والطعامَ. وحَنَّةُ البعيرِ: رُغاؤُه. قال الجوهري: وما له حانَّةٌ
ولا آنَّةٌ أَي ناقةٌ ولا شاةٌ، قال: والمُسْتَحِنُّ مِثْله؛ قال الأَعشى:
تَرَى الشَّيخَ منها يُحِبُّ الإِيا
بَ، يَرْجُفُ كالشارِفَ المُستَحِنّ.
قال ابن بري: الضميرُ في منها يعود على غزوة في بيت متقدم؛ وهو:
وفي كلِّ عامٍ له غزْوةٌ تَحُتُّ الدَّوابِرَ حَتَّ السَّفَنْ.
قال: والمُسْتَحِنُّ الذي اسْتَحَنَّه الشوقُ إلى وَطَنِه؛ قال: ومثلُه
ليزيدَ بنِ النُّعمانِ الأَشعري:
لقد تَرَكَتْ فُؤَادَك، مُسْتَحِناً،
مُطَوَّقَةٌ على غُصْنٍ تَغَنَّى.
وقالوا: لا أَفْعلُ ذلك حتى يَحِنَّ الضبُّ في إثْرِ الإِبلِ الصَّادرة،
وليس للضبِّ حَنِينٌ إنما هُوَ مَثَلٌ، وذلك لأَنَّ الضبَّ لا يَرِدُ
أَبداً. والطَّسْتُ تَحِنُّ إذا نُقِرَت، على التشبيه. وحَنَّت القوسُ
حَنيناً: صَوَّتَت، وأَحَنَّها صاحِبُها. وقوسٌ حَنَّانة: تَحِنُّ عند
الإِنْباضِ؛ وقال:
وفي مَنْكِبَيْ حَنَّانةٍ عُودُ نَبْعَةٍ،
تَخَيَّرَها لِي، سُوقَ مَكَّةَ، بائعُ.
أَي في سوق مكة؛ وأَنشد أَبو حنيفة:
حَنَّانةٌ من نَشَمٍ أَو تأْلَبِ.
قال أَبو حنيفة: ولذلك سميت القوس حَنَّانةً اسم لها علم؛ قال: هذا قول
أَبي حنيفة وَحْدَه، ونحن لا نعلم أَنَّ القوس تُسَمَّى حَنَّانةً، إنما
هو صفة تَغْلِب عليها غَلَبة الاسم، فإِن كان أَبو حنيفة أَراد هذا،
وإلاَّ فقد أَساءَ التعبيرَ. وعُودٌ حَنَّانٌ: مُطَرِّب. والحَنَّانُ من
السهام: الذي إذا أُديرَ بالأَناملِ على الأَباهِيم حَنّ لِعِتْقِ عُودِه
والْتئامِهِ. قال أَبو الهيثم: يقال للسهم الذي يُصَوِّت إذا نَفَّزْته بين
إصْبعيك حَنَّان؛ وأَنشد قول الكميت يَصِف السَّهم:
فاسْتَلَّ أَهْزَعَ حَنَّاناً يُعَلِّله،
عند الإدامةِ حتى يَرْنُوَ الطَّرِبُ.
إدامتُه: تَْنفِيزُه، يُعَلِّلُه: يُغَنِّيه بصوته حتى يَرْنُوَ له
الطَّرِب يستمع إليه وينظر متعجِّباً من حُسْنِه. وطريقٌ حَنَّانٌ: بَيِّنٌ
واضح مُنْبَسِط. وطريق يَحِنُّ فيه العَوْدُ: يَنْبَسِط. الأَزهري: الليث
الحَنَّةُ خِرْقَةٌ تلبسها المرأَةَ فَتُغَطِّي رأْسها؛ قال الأَزهري:
هذا حاقُّ التصحيف، والذي أَراد الخْبَّة، بالخاء والباء، وقد ذكرناه في
موضعه، وأَما الحَنَّةُ، بالحاء والنون، فلا أَصل له في باب الثِّياب.
والحَنِينُ والحَنَّةُ: الشَّبَهُ. وفي المثل: لا تَعْدَمُ ناقةٌ من أُمِّها
حَنِيناً وحَنَّةً أَي شَبَهاً. وفي التهذيب: لا تَعْدَمُ أَدْماءُ من
أُمِّها حنَّةً؛ يضرب مثلاً للرجُل يُشْبِهُ الرجل، ويقال ذلك لكل مَنْ
أَشْبَه أَباه وأُمَّه؛ قال الأَزهري: والحَنَّةُ في هذا المَثَلِ
العَطْفَةُ والشَّفَقةُ والحِيطةُ. وحَنَّ عليه يَحُنُّ، بالضم، أَي صَدَّ. وما
تَحُنُّني شيئاً من شَرِّكَ أَي ما تَرُدُّه وما تَصْرِفه عني. وما حَنَّنَ
عني أَي ما انثنى ولا قَصَّرَ؛ حكاه ابن الأَعرابي، قال شمر: ولم أَسمع
تَحنُنُّي بهذا المعنى لغير الأَصمعي. ويقال: حُنَّ عَنَّا شَرَّكَ أَي
اصْرِفْه. ويقال: حَمَلَ فَحَنَّنَ كقولك حَمَلَ فَهَلَّلَ إذا جَبُنَ.
وأَثَرٌ لا يُحِنُّ عن الجِلْدِ أَي لا يزول؛ وأَنشد:
وإِنَّ لها قَتْلَى فَعَلَّكَ مِنْهُمُ،
وإِلاَّ فجُرْحٌ لا يُحِنُّ عن العَظْمِ
وقال ثعلب: إنما هو يَحِنُّ، وهكذا أَنشد البيت ولم يفسره. والمَحْنُون
من الحقِّ: المنقوصُ. يقال: ما حَنَنْتُك شيئاً من حقِّك أَي ما
نَقَصْتُكَ. والحَنُّونُ: نَوْرُ كلِّ شجرة ونَبْتٍ، واحدتُه حَنُّونةٌ. وحَنَّنَ
الشجرُ والعُشْبُ: أَخرج ذلك. والحِنَّانُ: لغة في الحِنَّآء؛ عن ثعلب.
وزيت حَنِينٌ: متغير الريح، وجَوْزٌ حَنِينٌ كذلك؛ قال عَبِيدُ بن
الأَبرَصِ:
كأَنَّها لِقْوَةٌ طَلُوبُ،
تَحِنُّ في وَكْرِهَا القُلُوبُ.
وبنو حُنٍّ: حيٌّ؛ قال ابن دُرَيْد: هم بطنٌ من بني عُذْرَةَ؛ وقال
النابغة:
تَجَنَّبْ بني حُنٍّ، فإِن لقاءَهُمْ
كَرِيهٌ، وإن لم تَلْقَ إلاَّ بِصابِرِ.
والحِنُّ، بالكسر: حيٌّ من الجن، يقال: منهم الكلابُ السود البُهْمُ،
يقال: كلب حِنِّيٌّ، وقيل: الحِنُّ ضرب من الجن؛ وأَنشد:
يَلْعَبْنَ أَحْواليَ مِنْ حِنٍّ وجِنٌّ.
والحِنُّ: سَفِلَةُ الجِنِّ أَيضاً وضُعَفاؤُهم؛ عن ابن الأَعرابي؛
وأَنشد لمُهاصِرِ بنِ المُحِلِّ:
أَبيتُ أَهْوِي في شيَاطين تُرِنّ،
مُخْتلفٍ نَجْواهُمُ جِنٍّ وحِنّ.
قال ابن سيده: وليس في هذا ما يدل على أَن الحِنَّ سَفِلَةُ الجِنِّ،
ولا على أَنهم حَيٌّ من الجن، إنما يدل على أَن الحِنَّ نوعٌ آخر غير
الجنّ. ويقال: الحِنُّ خَلْقٌ بَيْنَ الجن والإنس. الفراء: الحِنُّ كِلابُ
الجِنِّ. وفي حديث عليّ: إنَّ هذه الكلاب التي لها أَربعُ أَعْيُنٍ من
الحِنِّ؛ فُسِّرَ هذا الحديث الحِنُّ حيٌّ من الجِنِّ. ويقال: مَجْنونٌ
مَحْنونٌ، ورجلٌ مَحْنونٌ
أَي مجنون، وبه حِنَّةٌ أَي جِنَّةٌ. أَبو عمرو: المَحْنون الذي يُصْرعُ
ثم يُفيق زماناً. وقال ابن السكيت الحِنُّ الكلابُ السُّود المُعَيَّنة.
وفي حديث ابن عباس: الكِلابُ من الحِنِّ، وهي ضَعَفَةُ الجِنِّ، فإذا
غَشِيَتْكُم عند طَعامِكم فأَلْقُوا لَهُنَّ، فإِنَّ لَهُنَّ أَنْفُساً؛
جمعُ نَفْسٍ أَي أَنها تُصِيبُ بأَعْيُنِها. وحَنَّةُ وحَنُّونةُ: اسمُ
امرأَة، قال الليث: بلغنا أَن أُمَّ مريم كانت تسمى حَنَّةَ. وحُنَيْنٌ:
اسمُ وادٍ بين مكة والطائف. قال الأَزهري: حُنَيْنٌ اسمُ وادٍ به كانت
وَقْعَةُ أَوْطاسٍ، ذكره الله تعالى في كتابه فقال: ويومَ حُنَيْنٍ إذْ
أَعْجَبَتْكُم كَثْرَتُكُم؛ قال الجوهري: حُنَيْنٌ موضع يذكر ويؤنث، فإذا
قَصَدْتَ به الموضع والبلَد ذكَّرْتَه وصَرفْتَه كقوله تعالى: ويومَ حُنَيْنٍ،
وإن قصدْتَ به البلدةَ والبُقْعةَ أَنَّثْته ولم تصرفه كما قال حَسَّان
بن ثابت:
نَصَرُوا نَبِيَّهُم وشَدُّوا أَزْرَه
بِحُنَيْنَ، يومَ تَواكُلِ الأَبْطال.
وحُنَيْنٌ: اسمُ رجل. وقولُهم للرجل إذا رُدَّ عن حاجتِه ورجَعَ
بالخَيْبةِ: رجع بخُفَّيْ حُنَيْنٍ؛ أَصله أَن حُنَيْناً كان رجلاً شريفاً
ادَّعَى إلى أَسدِ بنِ هاشمِ ابن عبدِ منافٍ، فأَتى إلى عبدِ المُطَّلب وعليه
خُفَّانِ أَحْمرانِ فقال: يا عَمِّ أَنا ابنُ أَسدِ بن هاشمٍ، فقال له
عبدُ المطلب: لا وثيابِ هاشمٍ ما أَعْرِفُ شمائلَ هاشم فيك فارْجِعْ
راشداً، فانْصَرَف خائباً فقالوا: رجعَ حُنَيْنٌ بِخُفَّية، فصار مثلاً؛ وقال
الجوهري: هو اسم إِسْكافٍ من أَهل الحيرةِ، ساوَمه أَعْرابيٌّ بخُفَّيْن
فلم يَشتَرِهما، فغاظَه ذلك وعلَّقَ أَحَدَ الخُفَّيْنِ في طريقه،
وتقدَّم وطرَحَ الآخَرَ وكَمَن له، وجاءَ الأَعرابيُّ فرأَى أَحَدَ الخُفَّيْن
فقال: ما أَشْبَه هذا بِخُفِّ حُنَيْنٍ لو كان معه آخرُ اشْتَرَيْتُه
فتقدَّم ورأَى الخُفَّ الآخرَ مطروحاً في الطريق، فنزلَ وعَقَلَ بعيرَه
ورجع إلى الأوّل، فذهب الإسكافُ براحِلتِه، وجاءَ إلى الحَيِّ بِخُفَّيْ
حُنَيْنٍ. والحَنَّانُ: موضعٌ ينسب إليه أَبْرَقُ الحَنَّانِ. الجوهري:
وأَبْرَقُ الحَنَّانِ موضعٌ. قال ابن الأَثير: الحَنَّانُ رمْلٌ بين مكة
والمدينة له ذِكْرٌ في مَسِير النبي، صلى الله عليه وسلم، إلى بَدْرٍ؛
وحَنَانةُ: اسمُ راعٍ في قول طرفة:
نَعاني حَنَانةُ طُوبالةً،
تسفُّ يَبِيساً من العِشرِقِ.
قال ابن بري: رواه ابن القطاع بَغاني حَنَانةُ، بالباء والغين المعجمة،
والصحيح بالنون والعين غير معجمة كما وقع في الأُصول، بدليل قوله بعد هذا
البيت:
فنَفْسَك فانْعَ ولا تَنْعَني،
وداوِ الكُلُومَ ولا تَبْرَقِ.
والحَنَّانُ: اسمُ فحْلٍ من خُيولِ العرب معروف. وحُنٌّ، بالضم: اسم
رجل. وحَنِينٌ والحَنِينُ
(* قوله «وحنين والحنين إلخ» بوزن أمير وسكيت
فيهما كما في القاموس). جميعاً: جُمادَى الأُولى اسمٌ له كالعَلَم؛ وقال:
وذو النَّحْبِ نُؤْمِنْه فيَقْضي نُذورَه،
لَدَى البِيضِ من نِصْفِ الحَنِين المُقَدَّرِ
وجمعُه أَحِنَّةٌ وحُنُونٌ وحَنَائِنُ. وفي التهذيب عن الفراء والمفضل
أَنهما قالا: كانت العرب تقول لِجُمادَى الآخِرة حَنِينٌ، وصُرِفَ لأَنه
عُني به الشهر.