Permalink (الرابط القصير إلى هذا الباب):
http://arabiclexicon.hawramani.com/?p=104571#f22ef3
غَنِيــم
من (غ ن م) غَنُوم.
من (غ ن م) غَنُوم.
غنا: في أَسْماء الله عز وجل: الــغَنِيُّ. ابن الأثير: هو الذي لا
يَحْتاجُ إلى أَحدٍ في شيءٍ وكلُّ أَحَدٍ مُحْتاجٌ إليه، وهذا هو الغِنى
المُطْلَق ولا يُشارِك الله تعالى فيه غيرُهُ. ومن أَسمائه المُــغْني، سبحانه
وتعالى، وهو الذي يُــغني من يشاءُ من عِباده. ابن سيده: الغنى، مقصورٌ، ضدُّ
الفَقْر، فإذا فُتِح مُدَّ؛ فأَما قوله:
سَيُــغْنِيــني الذي أَغْناكَ عني،
فلا فَقْرٌ يدوُمُ ولا غِناءٌ
فإنه: يُروى بالفتح والكسر، فمن رواه بالكسر أَراد مصدَرَ غانَيْت، ومن
رواه بالفتح أَراد الغِنى نَفْسه؛ قال أَبو اسحق: إنما وَجْهُه ولا
غَناء لأَن الغَناء غيرُ خارجٍ عن معنى الغِنى؛ قال: وكذلك أَنشده من يُوثَقُ
بعِلْمِه. وفي الحديث: خيرُ الصَّدَقَةِ ما أَبْقَتْ غِنًى، وفي رواية:
ما كان عن ظَهْرِ غِنًى أَي ما فَضَل عن قُوت العيال وكِفايتِهِمْ، فإذا
أَعْطَيْتَها غَيْرَك أَبْقَيْتَ بعدَها لكَ ولهُم غِنًى، وكانت عن
اسْتِغْناءٍ منكَ ،ومِنْهُم عَنْها، وقيل: خيرُ الصَّدَقَة ما أَــغْنَيْــتَ به
مَن أَعْطَيْته عن المسأَلة؛ قال: ظاهر هذا الكلامِ أَنه ما أَغْنى عن
المَسْأَلة في وقْتِه أَو يَوْمِه، وأَما أَخْذُه على الإطلاق ففيه مَشقَّة
للعَجْزِ عن ذلك. وفي حديث الخيل: رجلٌ رَبَطها تَــغَنِّيــاً وتَعَفُّفًا
أَي اسْتَغْناءً بها عن الطَّلب من الناس.
وفي حديث الجُمعة: مَن اسْتَغْنى بلَهْوٍ أَو تِجارةٍ اسْتَغْنى الله
عنه، واللهُ غَنِيٌّ حَمِيد، أَي اطَّرَحَه اللهُ ورَمَى به من عَيْنه
فِعْلَ من اسْتَغْنى عن الشيء فلم يَلْتَفِتْ إليه، وقيل: جَزاهُ جَزاءَ
اسْتِغْنائه عنها كقوله تعالى: نَسُوا الله فنَسِيَهُم. وقد غَنِيَ به عنه
غُنْيــة وأَغْناه الله. وقد غَنِيَ غِنىً واسْتَغْنى واغْتَنى وتَغَانَى
وتَغَنَّى فهو غَنِيٌّ. وفي الحديث: ليس مِنَّا مَنْ لم يَتَغَنَّ بالقرآنِ؛
قال أَبو عبيد: كان سفيانُ بنُ عُيَيْنة يقول ليسَ مِنَّا مَنْ لم
يَسْتَغنِ بالقرآن عن غيرِه ولم يَذْهَبْ به إلى الصوت؛ قال أَبو عبيد: وهذا
جائزٌ فاش في كلام العرب، ويقول: تَــغَنَّيْــت تَــغَنِّيــاً بمعنى
اسْتَــغْنَيْــت وتَغانَيْتُ تَغانِياً أَيضاً؛ قال الأعشى:
وكُنْتُ امْرَأً زَمَناً بالعِراق،
عَفِيفَ المُناخِ طَويلَ التَّغَنْ
يريد الاسْتِغْناءَ، وقيل: أَرادَ مَنْ لم يَجْهَر بالقراءة. قال
الأزهري: وأَما الحديث الآخر ما أُذِنَ الله لشيءٍ كأَذَنِه لنَبيٍّ يَتَغَنَّى
بالقرآنِ يَجْهَرُ به، قال: فإنَّ عبدَ الملِك أَخْبرني عن الربيع عن
الشافعي أَنه قال معناه تَحْسِينُ القِراءةِ وتَرْقِيقُها، قال: ومما
يُحَقّقُ ذلك الحديثُ الآخرُ زَيِّنُوا القرآن بأصواتكم، قال: ونحوَ ذلك قال
أبو عبيد؛ وقال أَبو العباس: الذي حَصَّلْناه من حُفَّاظ اللغة في قوله،
صلى الله عليه وسلم: كأَذَنِه لِنَبيٍّ يَتَغَنَّى بالقرآنِ، أَنه على
مَعْنَيَيْنِ: على الاستغناء، وعلى التَّطْرِيبِ؛ قال الأزهري: فمن ذهَب به
إلى الاستغناء فهو من الغِنى، مقصورٌ، ومن ذهَب به إلى التَّطْرِيبِ فهو
من الغِناء الصَّوْتِ، ممدودٌ. الأصمعي في المقصور والممدود: الغِنى من
المال مقصورٌ، ومن السِّماعِ ممدود، وكلُّ مَنْ رَفَع صوتَه ووَالاهُ
فصَوْتُه عند العرب غِناءٌ. والغَناءُ، بالفتح: النَّفْعُ. والغِناء، بالكسر:
من السَّماع. والغِنَى، مقصورٌ: اليَسارُ. قال ابن الأعرابي: كانت العرب
تتَغَنَّى بالرُّكْبانيِّ،
(*قوله «الركباني» في هامش نسخة من النهاية:
هو نشيد بالمد والتمطيط يعني ليس منا من لم يضع القرآن موضع الركباني في
اللهج به والطرب عليه.)
إذا رَكِبَت الإبلَ، وإذا جَلَست في الأفْنِية وعلى أَكثر أَحوالها،
فلمَّا نَزَلَ القرآنُ أَحبَّ النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، أَن يكون
هِجِّيرَاهُم بالقرآن مكانَ التَّــغَنِّي بالرُّكْبانيِّ، وأَوْلُ مَن قرَأَ
بالأَلحانِ عُبَيْدُ اللهِ بنُ أبي بَكْرة، فَوَرِثَه عنه عَبَيْدُ الله بنُ
عُمر، ولذلك يقال قرأْتُ العُمَرِيَّ، وأَخَذ ذلك عنه سعيدٌ العَلاَّفُ
الإباضيُّ. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: وعندي جارِيتان تُــغَنِّيــانِ
بغِناءِ بُعاثَ أَي تُنْشِدانِ الأشعارَ التي قيلَتْ يومَ بُعاث، وهو
حربٌ كانت بين الأنصار، ولم تُرِدِ الغِناء المعروفَ بين أَهلِ اللَّهْوِ
واللَّعِبِ، وقد رَخَّصَ عمر، رضي الله عنه، في غناءِ الأعرابِ وهو صوتٌ
كالحُداءِ.
واسْتَغْنَى اللهَ: سأَله أَن يُــغْنِيــهَ؛ عن الهَجَري، قال: وفي الدعاء
اللهمَّ إني أَسْتَــغْنِيــكَ عن كلِّ حازِمٍ، وأَسْتَعِينُك على كلِّ
ظالِمٍ. وأَغْناهُ اللهُ وغَنَّاه، وقيل: غَنَّاه في الدعاء وأَغْناه في
الخبر، والاسم من الاستغناء عن الشيء الــغُنْيَــة والغُنْوة والــغِنْيــة
والــغُنْيــانُ.
وتَغانُوا أَي استغنى بعضهم عن بعض؛ قال المُغيرة ابن حَبْناء
التَّميمي.كِلانا غَنِيٌّ عن أَخِيه حَياتَه،
ونَحْنُ إذا مُتْنا أَشَدُّ تَغانِيَا
واستغنى الرجلُ: أَصابَ غِنًى. أَبو عبيد: أَغْنَى اللهُ الرجلَ حتى
غَنِيَ غِنًى أَي صار له مالٌ، وأًقناه اللهُ حتى قَنِيَ قِنًى وهو أَن
يَصيرَ له قِنيةٌ من المال. قال الله عز وجل: وأَنّهُ هو أَغْنَى وأَقْنى.
وفي حديث عمر، رضي الله عنه، أَنَّ غُلاماً لأَناسٍ فُقِراء قَطَع أُذُنَ
غُلامٍ لأَــغْنِيــاءَ، فأَتَى أَهلُه النبي، صلى الله عليه وسلم، فلم
يَجْعَلْ عليه شيئاً. قال ابن الأثير: قال الخطَّابي كانَ الغلامُ الجاني
حُرًّا وكانت جِنايتُه خَطَأَ وكانت عاقِلَتُه فقراءَ فلا شيء عليهم
لفَقْرِهم. قال: ويُشْبِه أَن يكون الغلامُ المَجْنيّ عليه حُرًّا أَيضاً، لأنه
لو كان عبداً لم يكن لاعتذارِ أَهلِ الجاني بالفَقْرِ معنًى، لأن العاقلة
لا تَحْمِلُ عبداً كما لا تحْمِلُ عَمْداً ولا اعترافاً، فأمّا المَمْلوك
إذا جنَى على عَبْدٍ أو حُرٍّ فجنايَتُه في رَقَبَتِه، وللفُقهاء في
اسْتِيفائها منه خلافٌ؛ وقول أبي المُثَلّم:
لَعَمْرُكَ والمَنايا غالِياتٌ، * وما تُــغْني التَّمِيماتُ الحِمامَا
(* قوله «غاليات» هو هكذا في المحكم بالمثناة.)
أراد من الحِمامِ، فحذَفَ وعَدَّى. قال ابن سيده: فأَما ما أُثِرَ من
أَنه قيلَ لابْنةِ الخُسِّ ما مِائةٌ من الضأْنِ فقالت غِني، فرُوِي أَن
بعضَهم قال: الغِنَى اسمُ المِائةِ من الغَنمِ، قال: وهذا غيرُ معروفٍ في
موضوعِ اللغةِ، وإنما أَرادَتْ أَن ذلك العدَدَ غِنًى لمالِكِه كما قيل
لها عند ذلك وما مِائةٌ من الإبلِ فقالت مُنى، فقيل لها: وما مِائة من
الخيل؟ فقالت: لا تُرَى؛ فمُنى ولا تُرَى ليسا باسمَين للمائة من الإبلِ
والمِائةِ من الخَيْلِ، وكتَسْمِية أبي النَّجْم في بعضِ شعْره الحِرْباء
بالشقِيِّ، وليس الشَّقِيُّ باسمٍ للحِرْباء، وإنما سمَّاه به
لمكابَدَتِه للشمسِ واستِقبالِه لها، وهذا النحوُ كثيرٌ. والــغَنِيُّ والغاني: ذُو
الوَفْرِ؛ أَنشد ابن الأعرابي لعَقِيل بن عُلَّفة قال:
أَرى المالَ يَغْشَى ذا الوُصُومِ فلا تُرى،
ويُدْعى من الأشرافِ مَن كان غانِيا
وقال طرفة:
وإن كنتَ عنها غانياً فاغْنَ وازْدَدِ
ورجل غانٍ عن كذا أَي مُسْتَغْنٍ، وقد غَنِيَ عنه. وما لَك عنه غِنًى
ولا غُنْيَــةٌ ولا غُنْيــانٌ ولا مَغْنًى أَي ما لك عنهُ بُدٌّ. ويقال: ما
يُــغْني عنك هذا أي
ما يُجْزِئُ عنك وما يَنْفَعُك. وقال في معتل الألف: عنه غُنْوَةٌ أَي
غِنًى؛ حكاه اللحياني عن الكسائي، والمعروف غُنيــة. والغانيَةُ من
النساء: التي غَنِيَــتْ بالزَّوْج؛ وقال جميل:
أُحبُّ الأيامى: إذْ بُثَيْنَةُ أَيِّمٌ،
وأَحْبَبْتُ لمَّا أَن غَنِيــتِ الغَوانيا
وغَنِيَــت المرأةُ بزَوْجِها غُنْيــاناً أَي اسْتَغْنَتْ، قال قَيْسُ بنُ
الخَطيم:
أَجَدَّ بعَمْرة غُنْيــانُها،
فتَهْجُرَ أَمْ شانُنا شانُها؟
والغانِيَةُ من النساء: الشابَّة المُتَزَوّجة، وجمعُها غَوانٍ؛ وأَنشد
ابن بري لنُصَيْب:
فهَل تَعُودَنْ لَيالينا بذي سَلمٍ،
كما بَدَأْنَ، وأَيّامي بها الأُوَلُ
أَيّامُ لَيلى كعابٌ غيرُ غانِيَةٍ،
وأَنتَ أَمْرَدُ معروفٌ لَك الغَزَلُ
والغانية: التي غَنِيَــتْ بحُسْنِها وجمالها عن الحَلْي، وقيل: هي التي
تُطْلَب ولا تَطْلُب، وقيل: هي التي غَنِيَــتْ ببَيْتِ أَبَويْها ولم
يَقَعْ عليها سِباءٌ. قال ابن سيده: وهذه أَعْزَبُها؛ وهي عن ابن جني، وقيل:
هي الشابَّة العَفيفة، كان لها زَوْجٌ أَو لم يكُنْ. الفراء: الأَغْناءُ
إملاكاتُ العَرائسِ. وقال ابن الأعرابي: الغِنى التَّزْويجُ، والعَرَبُ
تقول: الغِنى حِصْنُ العَزَب أَي التَّزْويجُ. أَبو عبيدة: الغَواني
ذواتُ الأزْواج؛ وأَنشد:
أَزْمانُ ليلى كعابٌ غيرُ غانِيَةٍ
وقال ابن السكيت عن عمارة: الغَواني الشَّوابُّ اللَّواتي يُعْجِبْنَ
الرجالَ ويُعْجِبُهُنَّ الشُّبَّانُ. وقال غيره: الغانية الجاريَةُ
الحَسْناءُ، ذاتَ زوْج كانت أَو غيرَ ذاتِ زَوْج، سميِّتْ غانِيَة لأنها
غَنِيَــتْ بحُسْنِها عن الزينَة. وقال ابن شميل: كلُّ امْرأَة غانِيَةٌ، وجمعها
الغَواني؛ وأَما قول ابنِ قيس الرُّقَيَّات:
لا بارَكَ اللهُ في الغَوانِي، هَلْ
يُصْبِحْنَ إلاَّ لَهُنَّ مُطَّلَب؟
فإنما حرَّك الياءَ بالكَسْرة للضَّرُُورة ورَدَّه إلى أَصْله، وجائزٌ
في الشعر أَن يُرَدَّ الشيءُ إلى أَصْله
وأَخُو الغَوَانِ متى يَشأْ يَصْرِمْنَهُ،
ويَعُدْنَ أَعْداءً بُعَيْدَ ودادِ
إنما أَراد الغَواني، فحذَف الياء تشبيهاً لِلام المَعْرفة بالتنوين من
حيث كانت هذه الأشياءُ من خَواصِّ الأَسماء، فحذَفَ الياءَ لأَجل اللام
كما تحذِفها لأجل التنوين؛ وقول المثَقّب العَبْدي:
هَلْ عندَ غانٍ لفُؤادٍ صَدِ،
مِنْ نَهْلَةٍ في اليَوْمِ أَوْ في غَدِ؟
إنما أَراد غانِيَةِ فذَكّرَ على إرادة الشخص، وقد غَنِيَــتْ غِنًى.
وأَغْنى عنه غَناء فلانٍ ومَغْناه ومَغْناتَه ومُغْناهُ ومُغْناتَه:
نابَ عنه وأَجْزَأَ عنه مُجْزَأَه. والغَناءُ، بالفتح: النَّفْعُ.
والغَناءُ، بفتح الغين ممدودٌ: الإجْزاءُ والكفايَة. يقال: رَجُلٌ مُغْنٍ أَي
مُجْزئٌ كافٍ؛ قال ابن بري: الغَناءُ مصدرُ أَغْنى عنْكَ أَي كَفاكَ على
حَذْفِ الزّوائد مثل قوله:
وبعْدَ عَطائِك المائَةَ الرِّتاعا
وفي حديث عثمان: أَنّ عَلِيًّا ، رضي الله عنهُما، بَعث إليه بصَحيفة
فقال للرّسول أَغْنِها عَنَّا أَي اصْرفْها وكُفَّها، كقوله تعالى: لكلِّ
امْرِئٍ منهم يومئذ شأْنٌ يُــغْنِيــه؛ أَي يَكُفُّه ويَكْفِيه. يقال:
أَغْنِ عَني شَرَّكَ أَي اصْرِفْه وكُفَّهُ؛ ومنه قوله تعالى: لَنْ يُغْنُوا
عَنْكَ من الله شيئاً؛ وحديث ابن مسعود: وأَنا لا أُــغْني لو كانت
مَنَعَة أَي لو كان مَعِي مَنْ يَمْنَعُني لكَفَيْت شَرَّهم وصَرَفْتُهم. وما
فيه غَناءُ ذلك أَي إقامَتُه والاضْطلاعُ به .
بغا: بَغَى الشيءَ بَغْواً: نَظَراً إليه كيف هو. والبَغْوُ: ما يخرج من
زَهْرةِ القَتادِ الأَعْظَمِ الحجازي، وكذلك ما يخرج من زَهْرَة
العُرْفُط والسَّلَم. والبَغْوَةُ: الطَّلْعة حين تَنْشَقُّ فتخرج بيضاء
رَطْبَةً. والبََغْوة: الثمرة قبل أَن تَنْضَج؛ وفي التهذيب: قبل أَن
يَسْتَحْكِم يُبْسُها، والجمع بَغْوٌ، وخص أَبو حنيفة بالبَغْوِ مَرَّةً البُسَر
إذا كَبِرَ شيئاً، وقيل: البَغْوَة التمْرة التي اسودّ جوفُها وهي
مُرْطِبة. والبَغْوة: ثمرةُ العِضاه، وكذلك البَرَمَةُ. قال ابن بري: البَغْوُ
والبَغْوَة كل شجر غَضٍّ ثَمرهُ أَخْضَر صغير لم يَبْلُغْ. وفي حديث عمر،
رضي الله عنه: أَنه مرَّ برجل يقطع سَمُراً بالبادية فقال: رَعَيْتَ
بَغْوَتَها وبَرَمَتَها وحُبْلَتها وبَلَّتها وفَتْلَتَها ثم تَقْطَعُها؛ قال
ابن الأَثير: قال القتيبي يرويه أَصحاب الحديث مَعْوَتَها، قال: وذلك غلط
لأَن المَعْوَةَ البُسْرَة التي جرى فيها الإرْطابُ، قال: والصواب
بَغْوَتَها، وهي ثمرة السَّمُرِ أول ما تخرج، ثم تصير بعد ذلك بَرَمَةً ثم
بَلَّة ثم فَتْلة. والبُغَةُ: ما بين الرُّبَع والهُبَع؛ وقال قطرب: هو
البُعَّة، بالعين المشدّدة، وغلطوه في ذلك. وبَغَى الشيءَ ما كان خيراً أَو
شرّاً يَبْغِيه بُغاءً وبُغىً؛ الأَخيرة عن اللحياني والأُولى أَعرف:
طَلَبَه؛ وأَنشد غيره:
فلا أَحْبِسَنْكُم عن بُغَى الخَيْر، إني
سَقَطْتُ على ضِرْغامةٍ، وهو آكِلي
وبَغَى ضالَّته، وكذلك كل طَلِبَة، بُغاءً، بالضم والمد؛ وأَنشد
الجوهري:لا يَمْنَعَنَّك من بُغا
ءِ الخَيْرِ تَعْقادُ التَّمائم
وبُغايةً أَيضاً. يقال: فَرِّقوا لهذه الإبلِ بُغياناً يُضِبُّون لها
أَي يتفرَّقون في طلبها. وفي حديث سُراقة والهِجْرةِ: انْطَلِقوا بُغياناً
أَي ناشدين وطالبين، جمع باغ كراع ورُعْيان. وفي حديث أَبي بكر، رضي
الله عنه، في الهجرة: لقيهما رجل بكُراعِ الغَمِيم فقال: من أَنتم؟ فقال
أَبو بكر: باغٍ وهادٍ؛ عَرَّضَ بِبُغاء الإبل وهداية الطريق، وهو يريد طلبَ
الدِّينِ والهدايةَ من الضلالة. وابتغاه وتَبَغَّاه واسْتَبْغاه، كل ذلك:
طلبه؛ قال ساعدة ابن جُؤيَّة الهُذَلي:
ولكنَّما أَهلي بوادٍ، أَنِيسُه
سِباغٌ تَبَغَّى الناسَ مَثْنى ومَوْحَدا
وقال:
أَلا مَنْ بَيَّنَ الأَخَوَيْـ
ـنِ، أُمُّهما هي الثَّكْلَى
تُسائلُ من رَأَى ابْنَيْها،
وتَسْتَبْغِي فما تُبْغَى
جاء بهما بعد حرف اللين
(* قوله «جاء بهما بعد حرف اللين إلخ» كذا
بالأصل، والذي في المحكم: بغير حرف إلخ). المعوَّض مما حذف، وبَيَّنَ بمعنى
تَبَيَّنَ، والاسم البُغْيَةُ. وقال ثعلب: بَغَى الخَيْرَ بُغْيَةً
وبِغْيَةً، فجعلهما مصدرين. ويقال: بَغَيْتُ المال من مَبْغاتِه كما تقول أَتيت
الأَمر من مَأتاته، يريد المَأْتَي والمَبْغَى. وفلان ذو بُغاية للكسب
إذا كان يَبغِي ذلك. وارْتَدَّتْ على فلان بُغْيَتُه أَي طَلِبَتُه، وذلك
إذا لم يجد ما طَلَب. وقال اللحياني: بَغَى الرجلُ الخير والشر وكلَّ ما
يطلبه بُغاءً وبِغْيَة وبِغىً، مقصور. وقال بعضهم: بُغْيَةً وبُغىً.
والبُغْيَةُ: الحاجة. الأَصمعي: بَغَى الرجلُ حاجته أَو ضالته يَبْغيها بُغاءً
وبُغْيَةً وبُغايةً إذا طلبها؛ قال أَبو ذؤيب:
بغايةً إنما تَبْغي الصحاب من الـ
فِتْيانِ في مثله الشُّمُّ الأَناجِيجُ
(* قوله «الاناجيج» كذا في الأصل والتهذيب).
والبَغِيَّةُ: الطَّلِبَةُ، وكذلك البِغْية. يقال: بَغِيَّتي عندك
وبَغْيتي عندك. ويقال: أَبْــغِني شيئاً أَي أَعطني وأَبْغِ لي شيئاً. ويقال:
اسْتَبْغَيْتُ القوم فَبَغَوْا لي وبَغَوْني أَي طَلَبوا لي. والبِغْية
والبُغْيَةُ والبَغِيَّةُ: ما ابْتُغِي. والبَغِيّةُ: الضالة المَبْغِيَّة.
والباغي: الذي يطلب الشيء الضالَّ، وجمعه بُغاة وبُغْيانٌ؛ قال ابن
أَحمر:أَو باغيان لبُعْرانٍ لنا رَقصَتْ،
كي لا تُحِسُّون من بُعْرانِنا أَثَرَا
قالوا: أَراد كيف لا تُحِسُّونَ. والبِغْية والبُغْية: الحاجة
المَبْغِيَّة، بالكسر والضم، يقال: ما لي في بني فلان بِغْيَة وبُغْية أَي حاجة،
فالبِغْيَة مثل الجلْسة التي تَبْغِيها، والبُغْية الحاجة نفسها؛ عن
الأَصمعي. وأَبغاه الشيءَ: طلبه له أَو أَعانه على طلبه، وقيل: بَغاه الشيءَ
طلبه له، وأَبغاه إياه أَعانه عليه. وقال اللحياني: اسْتَبْغَى القومَ
فَبَغَوْه وبغَوْا له أَي طلبوا له. والباغي: الطالِبُ، والجمع بُغاة
وبُغْيانٌ. وبَغَيْتُك الشيءَ: طلبته لك؛ ومنه قول الشاعر:
وكم آمِلٍ من ذي غِنىً وقَرابةٍ
لِتَبْغِيَه خيراً، وليس بفاعِل
وأبْغَيْتُك الشيءَ: جعلتك له طالباً. وقولهم: يَنْبَغِي لك أَن تفعل
كذا فهو من أَفعال المطاوعة، تقول: بَغَيْتُه فانْبَغَى، كما تقول: كسرته
فانكسر. وفي التنزيل العزيز: يَبْغُونكم الفِتْنة وفيكم سَمَّاعُون لهم؛
أَي يَبْغُون لكم، محذوف اللام؛ وقال كعب بن زهير:
إذا ما نُتِجْنا أَرْبَعاً عامَ كَفْأَةٍ،
بَغاها خَناسيراً فأَهْلَكَ أَرْبعا
أَي بَغَى لها خَناسير، وهي الدواهي، ومعنى بَغَى ههنا طَلَب. الأَصمعي:
ويقال ابْــغِني كذا وكذا أَي أطلبه لي، ومعنى ابْــغِني وابْغِ لي سواء،
وإذا قال أَبْــغِني كذا وكذا فمعناه أَعِنِّي على بُغائه واطلبه معي. وفي
الحديث: ابْــغِني أَحجاراً أَسْتَطبْ بها. يقال: ابْــغِني كذا بهمزة الوصل
أَي اطْلُبْ لي. وأَبْــغِني بهمزة القطع أَي أَعنَّي على الطلب. ومنه
الحديث: ابْغُوني حَديدةً أَسْتَطِبْ بها، بهمز الوصل والقطع؛ هو من بَغَى
يَبْغِي بُغاءً إذا طلب. وفي حديث أَبي بكر، رضي الله عنه: أَنه خرج في بُغاء
إبل؛ جعلوا البُغاء على زنة الأَدْواء كالعُطاس والزُّكام تشبيهاً لشغل
قلب الطالب بالداء. الكسائي: أَبْغَيتُك الشيءَ إذا أَردت أَنك أَعنته
على طلبه، فإذا أَردت أَنك فعلت ذلك له قلت قد بَغَيْتُك، وكذلك أعْكَمْتُك
أَو أَحْمََلْتُك. وعَكَمْتُك العِكْم أَي فعلته لك. وقوله: يَبْغُونَها
عِوَجاً؛ أَي يَبْغُون للسبيل عوجاً، فالمفعول الأَول منصوب بإسقاط
الخافض؛ ومثله قول الأَعشى:
حتى إذا ذَرَّ قَرْنُ الشَّمْسِ صَبَّحها
ذُؤالُ نَبْهانَ، يَبْغِي صَحْبَه المُتَعا
أَي يبغي لصحبه الزادَ؛ وقال واقِدُ بن الغِطرِيف:
لئن لَبَنُ المِعْزَى بماء مَوَيْسِلِ
بَغانيَ داءً، إنني لَسَقِيمُ
وقال الساجع: أَرْسِل العُراضاتِ أَثَراً يَبْغِينك مَعْمَراً أَي
يَبْغِينَ معمراً. يقال: بَغَيتُ الشيءَ طلبته، وأَبْغَيْتُك فَرساً
أَجْنَبْتُك إياه، وأَبْغَيْتُك خيراً أَعنتك عليه. الزجاج: يقال انْبَغَى لفلان
أَن يفعل كذا أَي صَلَحَ له أَن يفعل كذا، وكأَنه قال طَلَبَ فِعْلَ كذا
فانْطَلَبَ له أَي طاوعه، ولكنهم اجْتزَؤوا بقولهم انْبَغَى. وانْبَغى
الشيءُ: تيسر وتسهل. وقوله تعالى: وما علَّمناه الشعر وما ينبغي له؛ أَي ما
يتسهل له ذلك لأَنا لم نعلمه الشعر. وقال ابن الأَعرابي: وما ينبغي له
وما يَصْلُح له. وإنه لذُو بُغايةٍ أَي كَسُوبٌ.
والبِغْيةُ في الولد: نقِيضُ الرِّشْدَةِ. وبَغَتِ الأَمة تَبْغِي
بَغْياً وباغَتْ مُباغاة وبِغاء، بالكسر والمدّ، وهي بَغِيٌّ
وبَغُوٌ: عَهَرَتْ وزَنَتْ، وقيل: البَغِيُّ الأَمَةُ، فاجرة كانت أَو
غير فاجرة، وقيل: البَغِيُّ أَيضاً الفاجرة، حرة كانت أَو أَمة. وفي
التنزيل العزيز: وما كانت أُمُّكِ بغيّاً؛ أَي ما كانت فاجرة مثل قولهم
ملْحَفَة جَدِيدٌ؛ عن الأَخفش، وأُم مريم حرَّة لا محالة، ولذلك عمَّ ثعلبٌ
بالبِغاء فقال: بَغَتِ المرأَةُ، فلم يَخُصَّ أَمة ولا حرة. وقال أَبو عبيد:
البَغايا الإماءُ لأَنهنَّ كنَّ يَفْجُرْنَ. يقال: قامت على رؤُوسهم
البَغايا، يعني الإماءَ، الواحدة بَغِيٌّ، والجمع بغايا. وقال ابن خالويه:
البِغاءُ مصدر بَغَتِ المرأَة بِغاءً زَنَت، والبِغاء مَصْدَرُ باغت بِغاء
إذا زنت، والبِغاءُ جمع بَغِيٍّ ولا يقال بغِيَّة؛ قال الأَعشى:
يَهَبُ الْجِلَّةَ الجَراجِرَ، كالبُسْـ
ـتانِ، تَحْنو لدَرْدَقٍ أَطفالِ
والبَغايا يَرْكُضْنَ أَكْسِيةَ الإضْـ
رِيجِ والشَّرْعَبيَّ ذا الأَذْيالِ
أَراد: ويَهَبُ البغايا لأَن الحرة لا توهب، ثم كثر في كلامهم حتى
عَمُّوا به الفواجر، إماءً كنّ أَو حرائر. وخرجت المرأَة تُباغِي أَي تُزاني.
وباغَتِ المرأَة تُباغِي بِغاءً إذا فَجَرَتْ. وبغَتِ المرأَةُ تَبْغِي
بِغاء إذا فَجرَت. وفي التنزيل العزيز: ولا تُكْرِهوا فَتياتِكم على
البِغاء؛ والبِغاء: الفُجُور، قال: ولا يراد به الشتم، وإن سُمِّينَ بذلك في
الأَصل لفجورهن. قال اللحياني: ولا يقال رجل بَغيّ. وفي الحديث: امرأَة
بَغِيّ دخلت الجنة في كَلْب، أَي فاجرة، ويقال للأَمة بَغِيٌّ وإن لم
يُرَدْ به الذَّم، وإن كان في الأَصل ذمّاً، وجعلوا البِغاء على زنة العيوب
كالحِرانِ والشِّرادِ لأَن الزناعيب. والبِغْيةُ: نقيض الرِّشْدةِ في
الولد؛ يقال: هو ابن بِغْيَةٍ؛ وأَنشد:
لدَى رِشْدَةٍ من أُمِّه أَو بَغِيَّةٍ،
فيَغلِبُها فَحْلٌ، على النسل، مُنْجِب
قال الأَزهري: وكلام العرب هو ابن غَيَّة وابن زَنيَة وابن رَشْدَةٍ،
وقد قيل: زِنْيةٍ ورِشْدةٍ، والفتح أَفصح اللغتين، وأَما غَيَّة فلا يجوز
فيه غير الفتح. قال: وأَما ابن بِغْية فلم أَجده لغير الليث، قال: ولا
أُبْعِدُه عن الصواب.
والبَغِيَّةُ: الطليعةُ التي تكون قبل ورودِ الجَيْش؛ قال طُفَيل:
فأَلْوَتْ بَغاياهُم بنا، وتباشَرَتْ
إلى عُرْضِ جَيْشٍ، غَيرَ أَنْ لم يُكَتَّبِ
أَلْوَتْ أَي أَشارت. يقول: ظنوا أَنَّا عِيرٌ فتباشروا علم يَشْعُروا
إلا بالغارة، وقيل: إن هذا البيت على الإماء أَدَلُّ منه على الطَّلائع؛
وقال النابغة في البغايا الطَّلائع:
على إثْرِ الأَدِلَّةِ والبَغايا،
وخَفْقِ الناجِياتِ من الشآمِ
ويقال: جاءت بَغِيَّةُ القوم وشَيِّفَتُهم أَي طَلِيعَتُهم. والبَغْيُ:
التَّعَدِّي. وبَغَى الرجلُ علينا بَغْياً: عَدَل عن الحق واستطال.
الفراء في قوله تعالى: قل إنما حرَّم ربِّي الفواحشَ ما ظهر منها وما بطن
والإثم والبَغْيَ بغير الحق، البَغْي الإستطالة على الناس؛ وقال الأَزهري:
معناه الكبر، والبَغْي الظُّلْم والفساد، والبَغْيُ معظم الأَمر. الأَزهري:
وقوله فمن اضْطُر غيرَ باغِ ولا عادٍ، قيل فيه ثلاثة أَوجه: قال بعضهم:
فمن اضْطُرَّ جائعاً غير باغٍ أَكْلَها تلذذاً ولا عاد ولا مجاوزٍ ما
يَدْفَع به عن نفسه الجُوعَ فلا إثم عليه، وقيل: غير باغٍ غير طالب مجاوزة
قدر حاجته وغيرَ مُقَصِّر عما يُقيم حالَه، وقيل: غير باغ على الإمام وغير
مُتَعدٍّ على أُمّته. قال: ومعنى البَغْي قصدُ الفساد. ويقال: فلان
يَبْغي على الناس إذا ظلمهم وطلب أَذاهم. والفِئَةُ الباغيةُ: هي الظالمة
الخارجة عن طاعة الإمام العادل. وقال النبي، صلى الله عليه وسلم، لعَمَّار:
وَيْحَ ابنِ سُمَيَّة تَقْتله الفئةُ الباغية وفي التنزيل: فلا تَبْغُوا
عليهن سبيلاً؛ أي إن أَطَعْنكم لا يَبْقَى لكم عليهن طريقٌ إلا أَن يكون
بَغْياً وجَوْراً، وأَصلُ البَغْي مجاوزة الحدّ. وفي حديث ابن عمر: قال
لرجل أَنا أُبغضك، قال: لِمَ؟ قال: لأَنك تَبْغِي في أَذانِكَ؛ أَراد
التطريب فيه، والتمديد من تجاوُز الحد. وبَغَى عليه يَبْغِي بَغْياً: علا
عليه وظلمه. وفي التنزيل العزيز: بَغَى بعضُنا على بعض. وحكى اللحياني عن
الكسائي: ما لي وللبَغِ بعضُكم على بعض؛ أَراد وللبَغْي ولم يعلله؛ قال:
وعندي أَنه استثقل كسرة الإعراب على الياء فحذفها وأَلقى حركتها على
الساكن قبلها. وقوم بُغاء
(* قوله «وقوم بغاء» كذا بالأصل بهمز آخره بهذا
الضبط ومثله في المحكم، وسيأتي عن التهذيب بغاة بالهاء بدل الهمز وهو المطابق
للقاموس). وتَباغَوْا: بَغَى بعضُهم على بعض؛ عن ثعلب. وبَغَى الوالي:
ظلم. وكلُّ مجاوزة وإفراط على المقدار الذي هو حد الشيء بَغْيٌ. وقال
اللحياني: بَغَى على أَخيه بَغْياً حسده. وفي التنزيل العزيز: ثم بُغِيَ عليه
ليَنْصُرَنَّه الله، وفيه: والذين إذا أَصابهم البَغْيُ هم ينتصرون.
والبَغْيُ: أَصله الحسد، ثم سمي الظلم بَغْياً لأَن الحاسد يظلم المحسود
جُهْدَه إراغَةَ زوالِ نعمةِ الله عليه عنه. وبَغَى بَغْياً: كَذَب. وقوله
تعالى: يا أَبانا ما نَبْغي هذه بضاعَتُنا؛ يجوز أَن يكون ما نَبْتَغي أَي
ما نطلب، فما على هذا إستفهام، ويجوز أَن يكون ما نكْذب ولا نَظْلِم فما
على هذا جَحْد. وبَغَى في مِشْيته بَغْياً: اخْتال وأَسرع. الجوهري:
والبَغْيُ اخْتِيالٌ ومَرَحٌ في الفَرس. غيره: والبَغْيُ في عَدْوِ الفرس
اختيالٌ ومَرَح. بَغَى بَغْياً: مَرِحَ واختال، وإنه ليَبْغِي في عَدْوِه.
قال الخليل: ولا يقال فرس باغٍ. والبَغْيُ: الكثير من المَطَر. وبَغَتِ
السماء: اشتد مطرها؛ حكاه أَبو عبيد. وقال اللحياني: دَفَعْنا بَغْيَ
السماء عنا أَي شدَّتَها ومُعْظَم مطرها، وفي التهذيب: دَفَعْنا بَغْيَ
السماء خَلفَنا. وبَغَى الجُرحُ يَبْغِي بَغْياً: فَسَدَ وأَمَدَّ ووَرِمَ
وتَرامَى إلى فساد. وبَرِئَ جُرْحُه على بَغْي إذا برئَ وفيه شيء من
نَغَلٍ. وفي حديث أَبي سَلَمة: أَقام شهراً يداوي جُرْحَه فَدَمَلَ على بَغْي
ولا يَدْري به أَي على فساد. وجَمَل باغٍ: لا يُلْقِح؛ عن كراع. وبَغَى
الشيءَ بَغْياً: نظر إليه كيف هو. وبغاه بَغْياً: رَقبَه وانتَظره؛ عنه
أَيضاً. وما يَنْبَغِي لك أَن تَفْعَل وما يَبْتَغِي أَي لا نَوْلُكَ. وحكى
اللحياني: ما انْبَغَى لك أَن تفعل هذا وما ابْتَغَى أَي ما ينبغي.
وقالوا: إنك لعالم ولا تُباغَ أَي لا تُصَبْ بالعين، وأَنتما عالمان ولا
تُباغَيا، وأَنتم علماء ولا تُباغَوْا. ويقال للمرأَة الجميلة: إنك
لجميلة ولا تُباغَيْ، وللنساء: ولا تُباغَيْنَ. وقال: والله ما نبالي أَن
تُباغيَ أَي ما نبالي أَن تصيبك العين. وقال أَبو زيد: العرب تقول إنه لكريم
ولا يُباغَهْ، وإنهما لكريمان ولا يُباغَيا، وإنهم لكرام ولا يُباغَوْا،
ومعناه الدعاء له أَي لا يُبْغَى عليه؛ قال: وبعضهم لا يجعله على الدعاء
فيقول لا يُباغَى ولا يُباغَيان ولا يُباغَون أَي ليس يباغيه أَحد، قال:
وبعضهم يقول لا يُباغُ ولا يُباغان ولا يُباغُونَ. قال الأَزهري: وهذا
من البَوْغِ، والأَول من البَغْي، وكأَنه جاء مقلوباً. وحكى الكسائي: إنك
لعالم ولا تُبَغْ، قال: وقال بعض الأَعراب مَنْ هذا المَبُوغُ عليه؟ وقال
آخر: مَن هذا المَبيغُ عليه؟ قال: ومعناه لا يُحْسَدُ. ويقال: إنه لكريم
ولا يُباغُ؛ قال الشاعر:
إِما تَكَرّمْ إنْ أَصَبْتَ كَريمةً،
فلقد أَراك، ولا تُباغُ، لَئِيما
وفي التثنية: لا يُباغانِ، ولا يُباغُونَ، والقياس أَن يقال في الواحد
على الدعاء ولا يُبَغْ، ولكنهم أَبوا إلاَّ أَن يقولوا ولا يُباغْ. وفي
حديث النَّخَعِي: أَن إبراهيم بن المُهاجِر جُعِلَ على بيت الوَرِقِ فقال
النخعي ما بُغِي له أَي ما خير له.
غنم: الغَنَم: الشاء لا واحد له من لفظه، وقد ثَنَّوْه فقالوا غنَمانِ؛
قال الشاعر:
هُمَا سَيِّدانا يَزْعُمانِ، وإنَّما
يَسُودانِنا إن يَسَّرَتْ غَنماهُما
قال ابن سيده: وعندي أَنهم ثنوه على إرادة القَطِيعين أو السِّرْبين؛
تقول العرب: تَرُوح على فلان غَنمانِ أي قطيعان لكل قَطِيع راع على حدة؛
ومنه حديث عمر: أَعْطُوا من الصَّدقة من أَبْقت له السنة غَنماً ولا
تُعطوها من أَبقت له غَنمَيْنِ أي من أَبقت له قِطعةً واحدة لا يُقَطَّعُ مثلها
فتكون قِطْعتين لقلتها، فلا تُعطوا من له قطعتان منها، وأَراد بالسَّنة
الجَدْب؛ قال: وكذلك تروح على فلان إبلان: إبل ههنا وإبل ههنا، والجمع
أَغْنام وغُنوم، وكسَّره أَبو جندب الهذلي أَخو خِراش على أَغانِم فقال من
قصيدة يذكر فيها فِرار زُهير بن الأَغرّ اللحياني:
فَرَّ زُهَيْرٌ رَهْبةً مِن عِقابنا،
فَلَيْتَكَ لم تَغْدِرْ فتُصْبِح نَادما
منها:
إلى صلح الفَيْفَا فَقُنَّةِ عَاذِبٍ،
أُجَمِّعُ منهم جامِلاً وأَغانِما
قال ابن سيده: وعندي أَنه أَراد وأَغانيم فاضطر فحذف كما قال:
والبَكَراتِ الفُسَّجَ العَطامِسَا
وغَنَم مُغْنَمةٌ ومُغَنَّمَة: كثيرة. وفي التهذيب عن الكسائي: غنم
مُغَنِّمة ومُغَنَّمَة أي مُجتمعة. وقال أَبو زيد: غنم مُغَنَّمة وإبل
مُؤبَّلة إذا أُفرد لكل منها راع، وهو اسم مؤنث موضوع للجنس، يقع على الذكور
وعلى الإناث وعليهما جميعاً، فإذا صغرتها أَدخلتها الهاء قلت غُنَيْــمة،
لأَن أَسماء الجموع التي لا واحد لها من لفظها إذا كانت لغير الآدميين
فالتأْنيث لها لازم، يقال: له خمس من الغنم ذكور فيؤنث العدد وإن عنيت الكِباش
إذا كان يليه من الغنم لأَن العدد يجري في تذكيره وتأْنيثه على اللفظ لا
على المعنى، والإبل كالغنم في جميع ما ذكرنا، وتقول: هذه غنم لفظ
الجماعة، فإذا أَفردت الواحدة قلت شاة. وتَغَنَّم غَنَماً: اتخذها. وفي الحديث:
السَّكِينةُ في أَهل الغَنَم؛ قيل: أراد بهم أَهل اليمن لأن أَكثرهم
أَهل غنم بخلاف مُضر ورَبيعة لأَنهم أَصحاب إبل. والعرب تقول: لا آتيك
غَنَمَ الفِزْرِ أَي حتى يجتمع غنم الفزر، فأَقاموا الغنم مقام الدهر ونصبوه
هو على الظرف، وهذا اتساع. والغُنْم: الفَوْز بالشي من غير مشقة.
والاغتِنام: انتهاز الغُنم. والغُنم والــغَنِيــمة والمَغْنم: الفيء. يقال: غَنِمَ
القَوم غُنْماً، بالضم. وفي الحديث: الرَّهْن لمن رَهَنه له غُنْمه وعليه
غُرْمه؛ غُنَّمه: زيادته ونَماؤه وفاضل قيمته؛ وقول ساعدة بن جُؤية:
وأَلزمَهَا من مَعْشَرٍ يُبْغِضُونها،
نَوافِلُ تأْتيها به وغُنومُ
يجوز أَن يكون كسَّر غُنْماً على غُنوم. وغَنِم الشيءَ غُنْماً: فاز به.
وتَغَنَّمه واغْتَنَمه: عدّه غَنِيــمة، وفي المحكم: انتهز غُنْمه.
وأَغْنَمه الشيءَ: جعله له غَنِيــمة. وغَنَّمته تَــغْنِيــماً إذا نفَّلته. قال
الأَزهري: الــغَنِيــمة ما أَوجَف عليه المسلمون بخيلهم وركابهم من أَموال
المشركين، ويجب الخمس لمن قَسَمه الله له، ويُقسَم أَربعةُ أخماسها بين
المُوجِفين: للفارس ثلاثة أَسهم وللراجل سهم واحد، وأَما الفَيء فهو ما أَفاء
الله من أَموال المشركين على المسلمين بلا حرب ولا إيجاف عليه، مثل جِزية
الرؤوس وما صُولحوا عليه فيجب فيه الخمس أَيضاً لمن قسمه الله، والباقي
يصرف فيما يَسُد الثغور من خيل وسلاح وعُدّة وفي أَرزاق أَهل الفيء
وأَرزاق القضاة ومن غيرهم ومن يجري مَجراهم، وقد تكرر في الحديث ذكر الــغنيــمة
والمَغنم والغنائم، وهو ما أُصيب من أَموال أهل الحرب وأَوجَف عليه
المسلمون الخيل والركاب. يقال: غَنِمت أَغْنَم غُنماً وغَنيــمة، والغنائم جمعها.
والمَغانم: جمع مَغْنم، والغنم، بالضم، الاسم، وبالفتح المصدر. ويقال
فلان يتغنم الأمر أي يَحرِص عليه كما يحرص على الــغنيــمة. والغانم: آخذ
الــغنيــمة، والجمع الغانمون. وفي الحديث الصوم في الشتاء الــغنيــمة الباردة؛ سماه
غنيــمة لما فيه من الأَجر والثواب.
وغُناماك وغُنْمك أن تفعل كذا أي قُصاراك ومَبْلَغ جُهدك والذي تتغنمه
كما يقال حُماداك، ومعناه كله غايتك وآخر أَمرك.
وبنو غَنْم: قبيلة من تَغْلِب وهو غَنم بن تغلب بن وائل. ويَغْنَم: أبو
بطن. وغنّام وغانم وغُنَيــم: أَسماءٌ. وغَنَّمة: اسم امرأَة. وغَنّام: اسم
بعير؛ وقال:
يا صاح، ما أَصْبَرَ ظَهْرَ غَنَّام
خَشِيتُ أَن تَظْهَرَ فيه أَوْرام
مِن عَوْلَكَيْنِ غَلَبا بالإِبْلام
حبب: الحُبُّ: نَقِيضُ البُغْضِ. والحُبُّ: الودادُ والـمَحَبَّةُ،
وكذلك الحِبُّ بالكسر. وحُكِي عن خالد ابن نَضْلَة: ما هذا الحِبُّ
الطارِقُ؟وأَحَبَّهُ فهو مُحِبٌّ، وهو مَحْبُوبٌ، على غير قياس هذا الأَكثر، وقد قيل مُحَبٌّ، على القِياس. قال الأَزهري: وقد جاء الـمُحَبُّ شاذاً في الشعر؛ قال عنترة:
ولقد نَزَلْتِ، فلا تَظُنِّي غيرَه، * مِنِّي بِمَنْزِلةِ المُحَبِّ الـمُكْرَمِ
وحكى الأَزهري عن الفرَّاءِ قال: وحَبَبْتُه، لغة. قال غيره: وكَرِهَ
بعضُهم حَبَبْتُه، وأَنكر أَن يكون هذا البيتُ لِفَصِيحٍ، وهو قول عَيْلانَ بن شُجاع النَّهْشَلِي:
أُحِبُّ أَبا مَرْوانَ مِنْ أَجْل تَمْرِه، * وأَعْلَمُ أَنَّ الجارَ بالجارِ أَرْفَقُ
فَأُقْسِمُ، لَوْلا تَمْرُه ما حَبَبْتُه، * ولا كانَ أَدْنَى مِنْ عُبَيْدٍ ومُشْرِقِ
وكان أَبو العباس المبرد يروي هذا الشعر:
وكان عِياضٌ منه أَدْنَى ومُشْرِقُ وعلى هذه الروايةِ لا كون فيه إِقواء.
وحَبَّه يَحِبُّه، بالكسر، فهو مَحْبُوبٌ. قال الجوهري: وهذا شاذ لأَنه لا يأْتي في المضاعف يَفْعِلُ بالكسر، إِلاّ ويَشرَكُه يَفْعُل بالضم، إِذا كان مُتَعَدِّياً، ما خَلا هذا الحرفَ. وحكى سيبويه: حَبَبْتُه وأَحْبَبْتُه بمعنى. أَبو زيد: أَحَبَّه اللّه فهو مَحْبُوبٌ. قال: ومثله مَحْزُونٌ، ومَجْنُونٌ، ومَزْكُومٌ، ومَكْزُوزٌ، ومَقْرُورٌ، وذلك أَنهم يقولون: قد فُعِلَ بغير أَلف في هذا كله، ثم يُبْنَى مَفْعُول على فُعِلَ، وإِلاّ فلا وَجْهَ له، فإِذا قالوا: أَفْعَلَه اللّه، فهو كلُّه بالأَلف؛ وحكى اللحياني عن بني سُلَيْم: ما أَحَبْتُ ذلك، أَي ما أَحْبَبْتُ، كما قالوا: ظَنْتُ ذلك، أَي ظَنَنْتُ، ومثله ما حكاه سيبويه من قولهم ظَلْتُ. وقال:
في ساعةٍ يُحَبُّها الطَّعامُ
أَي يُحَبُّ فيها. واسْتَحَبَّه كأَحَبَّه.
والاسْتِحْبابُ كالاسْتِحْسانِ.
وإِنه لَمِنْ حُبَّةِ نَفْسِي أَي مِمَّنْ أُحِبُّ. وحُبَّتُك: ما أَحْبَبْتَ أَن تُعْطاهُ، أَو يكون لك. واخْتَرْ
حُبَّتَك ومَحَبَّتَك من الناس وغَيْرِهِم أَي الذي تُحِبُّه.
والـمَحَبَّةُ أَيضاً: اسم للحُبِّ.
والحِبابُ، بالكسر: الـمُحابَّةُ والـمُوادَّةُ والحُبُّ . قال أَبو ذؤيب:
فَقُلْتُ لقَلْبي: يا لَكَ الخَيْرُ، إِنَّما * يُدَلِّيكَ، للخَيْرِ الجَدِيدِ، حِبابُها
وقال صخر الغي:
إِنّي بدَهْماءَ عَزَّ ما أَجِدُ * عاوَدَنِي، مِنْ حِبابِها، الزُّؤُدُ
وتَحَبَّبَ إِليه: تَودَّدَ. وامرأَةٌ مُحِبَّةٌ لزَوْجِها ومُحِبٌّ أَيضاً، عن الفرَّاءِ.
الأَزهري: يقال: حُبَّ الشيءُ فهو مَحْبُوبٌ، ثم لا يقولون: حَبَبْتُه،
كما قالوا: جُنَّ فهو مَجْنُون، ثم يقولون: أَجَنَّه اللّهُ.
والحِبُّ: الحَبِيبُ، مثل خِدْنٍ وخَدِينٍ، قال ابن بري، رحمه اللّه:
الحَبِيبُ يجيءُ تارة بمعنى الـمُحِبِّ، كقول الـمُخَبَّلِ:
أَتَهْجُرُ لَيْلَى، بالفِراقِ، حَبِيبَها، * وما كان نَفْساً، بالفِراقِ، تَطِيبُ
أَي مُحِبَّها، ويجيءُ تارة بمعنى الـمحْبُوب كقول ابن الدُّمَيْنةِ:
وانّ الكَثِيبَ الفَرْدَ، مِن جانِبِ الحِمَى، * إِلَيَّ، وإِنْ لم آتهِ، لحَبِيبُ
أَي لـمَحْبُوبٌ.
والحِبُّ: الـمَحْبُوبُ، وكان زَيْدُ بن حارِثةَ، رضي اللّه عنه،
يُدْعَى: حِبَّ رَسولِ اللّه، صلة اللّه عليه وسلم؛ والأَنثى بالهاءِ. وفي الحديث: ومن يَجْتَرئُ على ذلك إِلا أُسامةُ، حِبُّ رسولِ اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، أَي مَحْبُوبُه، وكان رسولُ اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، يُحِبُّه كثيراً. وفي حديث فاطِمَة، رضوان اللّه عليها، قال لها رسولُ اللّهِ، صلى اللّه عليه وسلم، عن عائشة: إِنَّها حِبَّةُ أَبِيكِ. الحِبُّ بالكسر: الـمَحْبُوبُ، والأُنثى: حِبَّةٌ، وجَمْعُ الحِبِّ أَحْبابٌ، وحِبَّانٌ، وحُبُوبٌ، وحِبَبةٌ، وحُبٌّ؛ هذه الأَخيرة إِما أَن تكون من الجَمْع العزيز، وإِما أَن تكون اسماً للجَمْعِ.
والحَبِيبُ والحُبابُ بالضم: الحِبُّ، والأُنثى بالهاءِ. الأَزهري: يقال للحَبِيب: حُبابٌ، مُخَفَّفٌ.
وقال الليث: الحِبَّةُ والحِبُّ بمنزلة الحَبِيبةِ والحَبِيب. وحكى ابن
الأَعرابي: أَنا حَبِيبُكم أَي مُحِبُّكم؛ وأَنشد:
ورُبَّ حَبِيبٍ ناصِحٍ غَيْرِ مَحْبُوبِ
والحُبابُ، بالضم: الحُبُّ. قال أَبو عَطاء السِّنْدِي، مَوْلى بني
أَسَد:
فوَاللّهِ ما أَدْرِي، وإِنِّي لصَادِقٌ، * أَداءٌ عَراني مِنْ حُبابِكِ أَمْ سِحْرُ
قال ابن بري: المشهور عند الرُّواة: مِن حِبابِكِ، بكسر الحاءِ، وفيه وَجْهان: أَحدهما أَن يكون مصدر حابَبْتُه مُحابَّةً وحِباباً، والثاني أَن يكون جمع حُبٍّ مثل عُشٍّ وعِشاشٍ، ورواه بعضهم: من جَنابِكِ، بالجيم والنون، أَي ناحِيَتكِ.
وفي حديث أُحُد: هو جَبَلُّ يُحِبُّنا ونُحِبُّه. قال ابن الأَثير: هذا
محمول على المجاز، أَراد أَنه جبل يُحِبُّنا
أَهْلُه، ونُحِبُّ أَهْلَه، وهم الأَنصار؛ ويجوز أَن يكون من باب الـمَجاز الصَّريح، أَي إِنَّنا نحِبُّ الجَبلَ بعَيْنِهِ لأَنه في أَرْضِ مَن نُحِبُّ.
وفي حديث أَنس، رضي اللّه عنه: انْظُروا حُبّ الأَنصار التَّمرَ، يُروى بضم الحاءِ، وهو الاسم من الـمَحَبَّةِ، وقد جاءَ في بعض الرِّوايات، باسقاط انظُروا، وقال: حُبّ الانصار التمرُ، فيجوز أَن يكون بالضم كالأَوّل، وحذف الفعل وهو مراد للعلم به، أَو على جعل التمر نفس الحُبِّ مبالغة في حُبِّهم إِياه، ويجوز أَن تكون الحاءُ مكسورة، بمعنى المحبوب، أَي مَحْبُوبُهم التمرُ، وحينئذ يكون التمر على الأَوّل، وهو المشهور في الرواية
منصوباً بالحُب، وعلى الثاني والثالث مَرْفُوعاً على خبر المبتدإِ.
وقالوا: حَبَّ بِفُلان، أَي ما أَحَبَّه إِلَيَّ؛ قال أَبو عبيد: معناه(1)
(1 قوله «قال أبو عبيد معناه إلخ» الذي في الصحاح قال الفراء معناه إلخ.)
حَبُبَ بِفُلان، بضم الباءِ، ثم سُكِّن وأُدغم في الثانية.
وحَبُبْتُ إِليه: صِرْتُ حَبِيباً، ولا نَظِير له إِلا شَرُرْتُ، مِن الشَّرِّ، وما حكاه سيبويه عن يونس قولهم: لَبُبْتُ من اللُّبِّ. وتقول: ما
كنتَ حَبيباً، ولقد حَبِبْتَ، بالكسر، أَي صِرْتَ حَبِيباً. وحَبَّذَا الأَمْرُ أَي هو حَبِيبٌ. قال سيبويه: جعلوا حَبّ مع ذا، بمنزلة الشيءِ
الواحد، وهو عنده اسم، وما بعده مرفوع به، ولَزِمَ ذا حَبَّ، وجَرَى كالمثل؛ والدَّلِيلُ على ذلك أَنهم يقولون في المؤَنث: حَبَّذا، ولا يقولون: حَبَّذِه. ومنهُ قولهم: حَبَّذا زَيْدٌ، فَحَبَّ فِعْل ماضٍ لا يَتصرَّف، وأَصله حَبُبَ، على ما قاله الفرّاءُ، وذا فاعله، وهو اسم مُبْهَم مِن أَسْماءِ الإشارة، جُعِلا شيئاً واحداً، فصارا بمنزلة اسم يُرْفَع ما بعده، وموضعه رفع بالابْتداءِ، وزيد خبره، ولا يجوز أَن يكون بدلاً مِن ذا، لأَنّك تقول حَبَّذا امرأَةٌ، ولو كان بدلاً لقلت: حَبَّذِهِ المرأَةُ. قال جرير:
يا حَبَّذَا جَبَلُ الرَّيَّانِ مِنْ جَبَلٍ، * وحَبَّذا ساكِنُ الرَّيّانِ مَنْ كانا
وحَبَّذا نَفَحاتٌ مِنْ يَمانِيةٍ، * تَأْتِيكَ، مِنْ قِبَلِ الرَّيَّانِ، أَحيانا
الأَزهري: وأَما قولهم: حبّذا كذا وكذا، بتشديد الباء، فهو حَرْفُ
مَعْنىً، أُلِّفَ من حَبَّ وذا. يقال: حَبَّذا الإِمارةُ، والأَصل حَبُبَ ذا،
فأَدْغِمَتْ إِحْدَى الباءَين في الأُخْرى وشُدّدتْ، وذا إِشارةٌ إِلى ما
يَقْرُب منك. وأَنشد بعضهم:
حَبَّذا رَجْعُها إِلَيها يَدَيْها، * في يَدَيْ دِرْعِها تَحُلُّ الإِزارَا(2)
(2 قوله «إليها يديها» هذا ما وقع في التهذيب أيضاً ووقع في الجزء العشرين إليك.)
كأَنه قال: حَبُبَ ذا، ثم ترجم عن ذا، فقالَ هو رَجْعُها يديها إِلى
حَلِّ تِكَّتِها أَي ما أَحَبَّه، ويَدَا دِرْعِها كُمَّاها. وقال أَبو الحسن
بن كيسان: حَبَّذا كَلِمتان جُعِلَتا شيئاً واحداً، ولم تُغَيَّرا في تثنية، ولا جمع، ولا تَأْنِيث، ورُفِع بها الاسم، تقول: حَبَّذا زَيْدٌ، وحَبَّذا الزَّيْدانِ، وحَبَّذا الزَّيْدُونَ، وحَبَّذا هِنْد، وحَبَّذا أَنـْتَ. وأَنـْتُما، وأَنتُم. وحَبَّذا يُبتدأُ بها، وإِن قلت: زَيْد حَبَّذا، فهي جائزة، وهي قَبِيحة، لأَن حَبَّذا كلمة مَدْح يُبْتَدأُ بها لأَنها جَوابٌ، وإِنما لم تُثَنَّ، ولم تُجمع، ولم
تُؤَنَّثْ، لأَنك إِنما أَجْرَيْتَها على ذِكر شيءٍ سَمِعْته، فكأَنك قلت: حَبَّذا الذِّكْرُ، ذُكْرُ زَيْدٍ، فصار زيدٌ موضعَ ذكره، وصارَ ذا مشاراً إِلى الذِّكْرِيّةِ، والذِّكرُ مُذَكَّرٌ. وحَبَّذا في الحَقِيقةِ:
فِعْلٌ واسْم، حَبَّ بمنزلة نِعْم، وذا فاعل، بمنزلة الرَّجل. الأَزهري قال: وأَمـَّا حَبَّذا، فإِنه حَبَّ ذا، فإِذا وَصَلْتَ رَفَعْتَ به فقلت: حَبَّذا زَيْدٌ.
وحَبَّبَ إِليه الأَمـْرَ: جعله يُحِبُّه.
وهم يَتَحابُّون: أَي يُحِبُّ بعضُهم بَعْضاً. وحَبَّ إِلَيَّ هذا الشيءُ
يَحَبُّ حُبّاً. قال ساعدة:
هَجَرَتْ غَضُوبُ، وحَبَّ مَنْ يَتَجَنَّبُ، * وعَدَتْ عَوادٍ، دُونَ وَلْيِكَ، تَشْعَبُ
وأَنشد الأَزهري:
دَعانا، فسَمَّانَا الشِّعارَ، مُقَدِّماً، * وحَبَّ إِلَيْنا أَن نَكُونَ الـمُقدَّما
وقولُ ساعدة: وحَبَّ مَنْ يَتَجَنَّب أَي حَبَّ بها إِليّ مُتَجَنِّبةً.
وفي الصحاح في هذا البيت: وحُبَّ مَنْ يَتَجَنَّبُ، وقال: أَراد حَبُبَ، فأَدْغَمَ، ونَقَل الضَّمَّةَ إِلى الحاءِ، لأَنه مَدْحٌ، ونَسَبَ هذا
القَوْلَ إِلى ابن السكيت.
وحَبابُكَ أَن يكون ذلِكَ، أَو حَبابُكَ أَن تَفْعَلَ ذلك أَي غايةُ مَحَبَّتِك؛ وقال اللحياني: معناه مَبْلَغُ جُهْدِكَ، ولم يذكر الحُبَّ؛ ومثله: حماداكَ. أَي جُهْدُك وغايَتُكَ.
الأَصمعي: حَبَّ بِفُلانٍ، أَي ما أَحَبَّه إِليَّ ! وقال الفرَّاءُ: معناه
حَبُبَ بفلان، بضم الباء، ثم أُسْكِنَتْ وأُدْغِمَتْ في الثانية. وأَنشد
الفرَّاءُ:
وزَادَه كَلَفاً في الحُبِّ أَنْ مَنَعَتْ، * وحَبَّ شيْئاً إِلى الإِنْسانِ ما مُنِعَا
قال: وموضِعُ ما، رفْع، أَراد حَبُبَ فأَدْغَمَ. وأَنشد شمر:
ولَحَبَّ بالطَّيْفِ الـمُلِمِّ خَيالا
أَي ما أَحَبَّه إِليَّ، أَي أَحْبِبْ بِه! والتَّحَبُّبُ: إِظْهارُ الحُبِّ.
وحِبَّانُ وحَبَّانُ: اسْمانِ مَوْضُوعانِ مِن الحُبِّ.
والـمُحَبَّةُ والـمَحْبُوبةُ جميعاً: من أَسْماءِ مَدِينةِ النبيّ، صلى
اللّه عليه وسلم، حكاهما كُراع، لِحُبّ النبيّ، صلى اللّه عليه وسلم، وأَصحابِه إِيَّاها.
ومَحْبَبٌ: اسْمٌ عَلَمٌ، جاءَ على الأَصل، لمكان العلمية، كما جاءَ
مَكْوَزةٌ ومَزْيَدٌ؛ وإِنما حملهم على أَن يَزِنوا مَحْبَباً بِمَفْعَلٍ، دون فَعْلَلٍ، لأَنهم وجدوا ما تركب من ح ب ب، ولم يجدوا م ح ب، ولولا هذا، لكان حَمْلُهم مَحْبَباً على فَعْلَلٍ أَولى، لأَنّ ظهور التضعيف في فَعْلَل، هو القِياسُ والعُرْفُ، كقَرْدَدٍ ومَهْدَدٍ. وقوله أَنشده ثعلب:
يَشُجُّ به الـمَوْماةَ مُسْتَحْكِمُ القُوَى، * لَهُ، مِنْ أَخِلاَّءِ الصَّفاءِ، حَبِيبُ
فسره فقال: حَبِيبٌ أَي رَفِيقٌ.
والإِحْبابُ: البُروكُ. وأَحَبَّ البَعِيرُ: بَرَكَ. وقيل: الإِحْبابُ في
الإِبلِ، كالحِرانِ في الخيل، وهو أَن يَبْرُك فلا يَثُور. قال أَبو محمد الفقعسي:
حُلْتُ عَلَيْهِ بالقَفِيلِ ضَرْبا، * ضَرْبَ بَعِيرِ السَّوْءِ إِذْ أَحَبَّا
القَفِيلُ: السَّوْطُ. وبعير مُحِبٌّ. وقال أَبو عبيدة في
<ص:293> قوله تعالى: إِنّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الخَيْر عن ذِكْرِ رَبِّي؛ أَي لَصِقْتُ بالأَرض، لِحُبّ الخَيْلِ، حتى فاتَتني الصلاةُ. وهذا غير معروف في الإِنسان، وإِنما هو معروف في الإِبل.
وأَحَبَّ البعِيرُ أَيضاً إِحْباباً: أَصابَه كَسْرٌ أَو مَرَضٌ، فلم يَبْرَحْ مكانَه حتى يَبْرأَ أَو يموتَ. قال ثعلب: ويقال للبَعِيرِ الحَسِيرِ: مُحِبٌّ. وأَنشد يصف امرأَةً، قاسَتْ عَجِيزتها بحَبْلٍ، وأَرْسَلَتْ
به إِلى أَقْرانِها:
جَبَّتْ نِساءَ العالَمِينَ بالسَّبَبْ، * فَهُنَّ بَعْدُ، كُلُّهُنَّ كالمُحِبّْ
أَبو الهيثم: الإِحْبابُ أَن يُشْرِفَ البعيرُ على الموت مِن شدّة
الـمَرض فَيَبْرُكَ، ولا يَقدِرَ أَن يَنْبَعِثَ. قال الراجز:
ما كان ذَنْبِي في مُحِبٍّ بارِك، أَتاهُ أَمْرُ اللّهِ، وهو هالِك
والإِحْبابُ: البُرْءُ من كلّ مَرَضٍ ابن الأَعرابي: حُبَّ: إِذا أُتْعِبَ، وحَبَّ: إِذا وقَفَ، وحَبَّ: إِذا تَوَدَّدَ، واسْتحَبَّتْ كَرِشُ المالِ: إِذا أَمْسَكَتِ الماء وطال ظِمْؤُها؛ وإِنما يكون ذلك، إِذا التقت الطَّرْفُ والجَبْهةُ، وطَلَعَ معهما سُهَيْلٌ.
والحَبُّ: الزرعُ، صغيراً كان أَو كبيراً، واحدته حَبَّةٌ؛ والحَبُّ
معروف مُستعمَل في أَشياءَ جَمة: حَبَّةٌ مِن بُرّ، وحَبَّة مِن شَعير، حتى يقولوا: حَبَّةٌ من عِنَبٍ؛ والحَبَّةُ، من الشَّعِير والبُرِّ ونحوهما،
والجمع حَبَّاتٌ وحَبٌّ وحُبُوبٌ وحُبَّانٌ، الأَخيرة نادرة، لأَنَّ
فَعلة لا تجمع على فُعْلانٍ، إِلاّ بعد طَرْحِ الزائد.
وأَحَبَّ الزَّرْعُ وأَلَبَّ: إِذا دخَل فيه الأُكْلُ، وتَنَشَّأَ فيه الحَبُّ واللُّبُّ. والحَبَّةُ السَّوْداءُ، والحَبَّة الخَضْراء، والحَبَّةُ من الشيءِ: القِطْعةُ منه. ويقال للبَرَدِ: حَبُّ الغَمامِ، وحَبُّ الـمُزْنِ، وحَبُّ قُرٍّ. وفي صفتِه، صلى اللّه عليه وسلم: ويَفْتَرُّ عن مِثْلِ حَبّ الغَمامِ، يعني البَرَدَ، شَبَّه به ثَغْرَه في بَياضِه وصَفائه وبَرْدِه.
(يتبع...)
(تابع... 1): حبب: الحُبُّ: نَقِيضُ البُغْضِ. والحُبُّ: الودادُ والـمَحَبَّةُ،... ...
قال ابن السكيت: وهذا جابِرٌ بن حَبَّةَ اسم للخُبْزِ، وهو معرفة.
وحَبَّةُ: اسم امرأَةٍ؛ قال:
أَعَيْنَيَّ! ساءَ اللّهُ مَنْ كانَ سَرَّه * بُكاؤُكما، أَوْ مَنْ يُحِبُّ أَذاكُما
ولوْ أَنَّ مَنْظُوراً وحَبَّةَ أُسْلِما * لِنَزْعِ القَذَى، لَمْ يُبْرِئَا لي قَذاكُما
قال ابن جني: حَبَّةُ امرأَةٌ عَلِقَها رجُل من الجِنِّ، يقال له
مَنْظُور، فكانت حَبَّةُ تَتَطَبَّبُ بما يُعَلِّمها مَنْظُور.
والحِبَّةُ: بُزورُ البقُولِ والرَّياحِينِ، واحدها حَبٌّ(1)
(1 قوله «واحدها حب» كذا في المحكم أيضاً.). الأَزهري عن الكسائي: الحِبَّةُ: حَبُّ الرَّياحِينِ، وواحده حَبَّةٌ؛ وقيل: إِذا كانت الحُبُوبُ مختلفةً من كلِّ شيءٍ شيءٌ، فهي حِبَّةٌ؛ وقيل: الحِبَّةُ، بالكسر: بُزورُ الصَّحْراءِ، مـما ليس بقوت؛ وقيل: الحِبَّةُ: نبت يَنْبُتُ في الحَشِيشِ صِغارٌ. وفي حديثِ أَهلِ النارِ: فَيَنْبُتون كما تَنْبُتُ الحِبَّةُ في حَمِيل السَّيْلِ؛ قالوا: الحِبَّةُ إِذا كانت حُبوب مختلفة من كلّ شيءٍ، والحَمِيلُ: مَوْضِعٌ يَحْمِلُ فيه السَّيْلُ،والجمع حِبَبٌ؛ وقيل: ما كان له
حَبٌّ من النَّباتِ، فاسْمُ ذلك الحَبِّ الحِبَّة. وقال أَبو حنيفة: الحِبَّة،
بالكسر: جميعُ بُزورِ النَّباتِ، واحدتها حَبَّةٌ، بالفتح، عن الكسائي.
قال: فأَما الحَبُّ فليس إِلا الحِنْطةَ والشَّعِيرَ، واحدتها حَبَّةٌ، بالفتح، وإِنما افْتَرَقا في الجَمْع. الجوهري: الحَبَّةُ: واحدة حَبِّ الحِنْطةِ، ونحوها من الحُبُوبِ؛ والحِبَّةُ: بَزْر كلِّ نَباتٍ يَنْبُتُ وحْدَه من غير أَن يُبْذَرَ، وكلُّ ما بُذِرَ، فبَزْرُه حَبَّة، بالفتح.
وقال ابن دريد: الحِبَّةُ، بالكسر، ما كان مِن بَزْرِ العُشْبِ. قال أَبو
زياد: إِذا تَكَسَّرَ اليَبِيسُ وتَراكَمَ، فذلك الحِبَّة، رواه عنه أَبو
حنيفة. قال: وأَنشد قَوْلَ أَبي النَّجْمِ، وَوَصَفَ إِبِلَه:
تَبَقَّلَتْ، مِن أَوَّلِ التَّبَقُّلِ، * في حِبَّةٍ جَرْفٍ وحَمْضٍ هَيْكَلِ
قال الأَزهري: ويقال لِحَبّ الرَّياحِين: حِبَّةٌ، وللواحدة منها
حَبّةٌ؛ والحِبَّةُ: حَبُّ البَقْل الذي ينْتَثِر، والحَبَّة: حَبَّةُ الطَّعام،
حَبَّةٌ من بُرٍّ وشَعِيرٍ وعَدَسٍ وأَرُزٍّ، وكل ما يأْكُله الناسُ.
قال الأَزهري: وسمعت العربَ تقول: رَعَيْنا الحِبَّةَ، وذلك في آخر الصَّيْف، إِذا هاجتِ الأَرضُ، ويَبِسَ البَقْلُ والعُشْبُ، وتَناثَرتْ بُزُورُها وَوَرَقُها، فإِذا رَعَتْها النَّعَم سَمِنَتْ عليها. قال: ورأَيتهم يسمون الحِبَّةَ، بعد الانْتثارِ، القَمِيمَ والقَفَّ؛ وتَمامُ سِمَنِ
النَّعَمِ بعد التَّبَقُّلِ، ورَعْيِ العُشْبِ، يكون بِسَفِّ الحِبَّةِ والقَمِيم. قال: ولا يقع اسم الحِبَّةِ، إِلاّ على بُزُورِ العُشْبِ والبُقُولِ البَرِّيَّةِ، وما تَناثر من ورَقِها، فاخْتَلَطَ بها، مثل القُلْقُلانِ، والبَسْباسِ، والذُّرَق، والنَّفَل، والـمُلاَّحِ، وأَصْناف أَحْرارِ البُقُولِ كلِّها وذُكُورها.
وحَبَّةُ القَلْبِ: ثَمَرتُه وسُوَيْداؤُه، وهي هَنةٌ سَوْداءُ فيه؛ وقيل: هي زَنَمةٌ في جَوْفِه. قال الأَعشى:
فأَصَبْتُ حَبَّةَ قَلْبِها وطِحالَها
الأَزهري: حَبَّةُ القَلْب: هي العَلَقةُ السَّوْداء، التي تكون داخِلَ
القَلْبِ، وهي حَماطةُ القلب أَيضاً. يقال: أَصابَتْ فلانةُ حَبَّةَ
قَلْبِ فُلان إِذا شَغَفَ قَلْبَه حُبُّها. وقال أَبو عمرو: الحَبَّةُ وَسَطُ
القَلْبِ.
وحَبَبُ الأَسْنانِ: تَنَضُّدُها. قال طرفة:
وإِذا تَضْحَكُ تُبْدِي حَبَباً * كَرُضابِ المِسْكِ بالماءِ الخَصِرْ
قال ابن بري، وقال غير الجوهري: الحَبَبُ طَرائقُ مِن رِيقِها، لأَنّ قَلَّةَ الرِّيقِ تكون عند تغير الفم. ورُضابُ المِسْكِ: قِطَعُه.
والحِبَبُ: ما جَرَى على الأَسْنانِ من الماءِ، كقِطَعِ القَوارِير،
وكذلك هو من الخَمْرِ، حكاه أَبو حنيفة؛ وأَنشد قول ابن أَحمر:
لَها حِبَبٌ يَرَى الرَّاؤُون منها، * كما أَدْمَيْتَ، في القَرْوِ، الغَزالا
أَراد: يَرى الرَّاؤُون منها في القَرْوِ كما أَدْمَيْتَ الغَزالا.
الأَزهري: حَبَبُ الفَمِ: ما يَتَحَبَّبُ من بَياضِ الرِّيقِ على الأَسْنانِ.
وحِبَبُ الماء وحَبَبُه، وحَبابه، بالفتح: طَرائقُه؛ وقيل: حَبابُه
نُفّاخاته وفَقاقِيعُه، التي تَطْفُو، كأَنـَّها القَوارِيرُ، وهي اليَعالِيلُ؛ وقيل: حَبابُ الماءِ مُعْظَمُه. قال
طَرفةُ:
يَشُقُّ حَبابَ الماءِ حَيْزُومُها بِها، * كما قَسَمَ التُّرْبَ الـمُفايِلُ باليَدِ
فَدَلَّ على انه الـمُعْظَمُ. وقال ابن دريد: الحَبَبُ: حَبَبُ الماءِ،
وهو تَكَسُّره ، وهو الحَبابُ. وأَنشد الليث:
كأَنَّ صلاَ جَهِيزةَ، حِينَ قامَتْ، * حَبابُ الماءِ يَتَّبِعُ الحَبابا
ويُروى: حين تَمْشِي. لم يُشَبِّهْ صَلاها ومَآكِمَها بالفَقاقِيع،
وإِنما شَبَّهَ مَآكِمَها بالحَبابِ، الذي عليه،(1)
(1 عليه أي على الماء.)
كأَنـَّه دَرَجٌ في حَدَبةٍ؛ والصَّلا: العَجِيزةُ، وقيل: حَبابُ الماءِ
مَوْجُه، الذي يَتْبَعُ بعضُه بعضاً. قال ابن الأَعرابي، وأَنشد شمر:
سُمُوّ حَبابِ الماءِ حالاً على حالِ
قال، وقال الأَصمعي: حَبابُ الماءِ الطَّرائقُ التي في الماءِ، كأَنـَّها الوَشْيُ؛ وقال جرير:
كنَسْجِ الرِّيح تَطَّرِدُ الحَبابا
وحَبَبُ الأَسْنان: تَنَضُّدها. وأَنشد:
وإِذا تَضْحَكُ تُبْدِي حَبَباً، * كأَقاحي الرَّمْلِ عَذْباً، ذا أُشُرْ
أَبو عمرو: الحَبابُ: الطَّلُّ على الشجَر يُصْبِحُ عليه. وفي حديث
صِفةِ أَهل الجَنّةِ: يَصِيرُ طَعامُهم إِلى رَشْحٍ، مثْلِ حَباب المِسْكِ.
قال ابن الأَثير: الحَبابُ، بالفتح: الطَّلُّ الذي يُصْبِحُ على النَّباتِ،
شَبّه به رَشْحَهم مَجازاً، وأَضافَه إلى المِسْكِ ليُثْبِتَ له طِيبَ
الرَّائحةِ. قال: ويجوز أَن يكون شبَّهه بحَباب الماءِ، وهي نُفَّاخاتهُ
التي تَطْفُو عليه؛ ويقال لِمُعْظَم الماءِ حَبابٌ أَيضاً، ومنه حديث عليّ، رضي اللّه عنه، قال لأَبي بكر، رضي اللّه عنه: طِرْتَ بعُبابِها، وفُزْتَ بحَبابِها، أَي مُعْظَمِها.
وحَبابُ الرَّمْلِ وحِبَبهُ: طَرائقُه، وكذلك هما في النَّبِيذ.
والحُبُّ: الجَرَّةُ الضَّخْمةُ. والحُبُّ: الخابِيةُ؛ وقال ابن دريد: هو
الذي يُجْعَلُ فيه الماءُ، فلم يُنَوِّعْه؛ قال: وهو فارِسيّ مُعَرّب.
قال، وقال أَبو حاتم: أَصلُه حُنْبٌ، فَعُرِّبَ، والجَمْعُ أَحْبابٌ
وحِبَبةٌ(2)
(2 قوله «وحببة» ضبط في المحكم بالكسر وقال في المصباح وزان عنبة.)
وحِبابٌ. والحُبَّةُ، بالضم: الحُبُّ؛ يقال: نَعَمْ وحُبَّةً وكَرامةً؛ وقيل في تفسير الحُبِّ والكَرامةِ: إِنَّ الحُبَّ الخَشَباتُ الأَرْبَعُ التي
تُوضَعُ عليها الجَرَّةُ ذاتُ العُرْوَتَيْنِ، وإِنّ الكَرامةَ الغِطاءُ الذي
يَوضَعُ فوقَ تِلك الجَرّة، مِن خَشَبٍ كان أَو من خَزَفٍ.
والحُبابُ: الحَيَّةُ؛ وقيل: هي حَيَّةٌ ليست من العَوارِمِ. قال أَبو
عبيد: وإِنما قيل الحُبابُ اسم شَيْطانٍ، لأَنَّ الحَيَّةَ يُقال لها
شَيْطانٌ. قال:
تُلاعِبُ مَثْنَى حَضْرَمِيٍّ، كأَنـَّه * تَعَمُّجُ شَيْطانٍ بذِيِ خِرْوَعٍ، قَفْرِ
وبه سُمِّي الرَّجل. وفي حديثٍ: الحُبابُ شيطانٌ؛ قال ابن الأَثير: هو بالضم اسم له، ويَقَع على الحَيَّة أَيضاً، كما يقال لها شَيْطان، فهما مشتركان فيهما. وقيل: الحُبابُ حيَّة بعينها، ولذلك غُيِّرَ اسم
حُبابٍ، كراهية للشيطان.
والحِبُّ: القُرْطُ مِنْ حَبَّةٍ واحدة؛ قال ابن دُرَيْد: أَخبرنا أَبو
حاتم عن الأَصمعي أَنه سأَل جَنْدَلَ بن عُبَيْدٍ الرَّاعِي عن معنى قول أَبيه الرَّاعِي(1)
(1 قوله «الراعي» أي يصف صائداً في بيت من حجارة منضودة تبيت الحيات قريبة منه قرب قرطه لو كان له قرط تبيت الحية إلخ وقبله:
وفي بيت الصفيح أبو عيال * قليل الوفر يغتبق السمارا
يقلب بالانامـــل مرهفات * كساهنّ المناكب والظهارا
أفاده في التكملة.) :
تَبِيتُ الحَيّةُ النَّضْناضُ مِنْهُ * مَكانَ الحِبِّ، يَسْتَمِعُ السِّرارا
ما الحِبُّ؟ فقال: القُرْطُ؛ فقال: خُذُوا عن الشيخ، فإِنه عالِمٌ. قال
الأَزهريّ: وفسر غيره الحِبَّ في هذا البيت، الحَبِيبَ؛ قال: وأُراه
قَوْلَ ابن الأَعرابي.
والحُبابُ، كالحِبِّ. والتَّحَبُّبُ: أَوَّلُ الرِّيِّ.
وتَحَبَّبَ الحِمارُ وغَيْرُه: امْتَلأَ من الماءِ. قال ابن سيده: وأُرَى حَبَّبَ مَقُولةً في هذا الـمَعنى، ولا أَحُقُّها. وشَرِبَتِ الإِبلُ حتى حَبَّبَتْ: أَي تَمَلأَتْ رِيّاً. أَبو عمرو: حَبَّبْتُه فتَحَبَّبَ، إِذا مَلأْتَه للسِّقاءِ وغَيْرِه.
وحَبِيبٌ: قبيلةٌ. قال أَبو خِراش:
عَدَوْنا عَدْوةً لا شَكَّ فِيها، * وخِلْناهُمْ ذُؤَيْبةَ، أَو حَبِيبا
وذُؤَيْبة أَيضاً: قَبِيلة. وحُبَيْبٌ القُشَيْرِيُّ من شُعَرائهم.
وذَرَّى حَبّاً: اسم رجل. قال:
إِنَّ لها مُرَكَّناً إِرْزَبَّا، * كأَنه جَبْهةُ ذَرَّى حَبَّا
وحَبَّانُ، بافتح: اسم رَجل، مَوْضُوعٌ مِن الحُبِّ.
وحُبَّى، على وزن فُعْلى: اسم امرأَة. قال هُدْبةُ بن خَشْرمٍ:
فَما وَجَدَتْ وَجْدِي بها أُمُّ واحِدٍ، * ولا وَجْدَ حُبَّى بِابْنِ أُمّ كِلابِ