من (ش غ ل) جمع شَــغْلَة المرة من الشَّغْل ضد الفراغ، والعارض يذهل الإنسان ونحوه ويطلق على العمل وعلى ما يعمل.
من (ش غ ل) جمع شَــغْلَة المرة من الشَّغْل ضد الفراغ، والعارض يذهل الإنسان ونحوه ويطلق على العمل وعلى ما يعمل.
خطر: الخاطِرُ: ما يَخْطُرُ في القلب من تدبير أَو أَمْرٍ. ابن سيده:
الخاطر الهاجس، والجمع الخواطر، وقد خَطَرَ بباله وعليه يَخْطِرُ
ويَخْطُرُ، بالضم؛ الأَخيرة عن ابن جني، خُطُوراً إِذا ذكره بعد نسيان. وأَخْطَرَ
الله بباله أَمْرَ كذا، وما وَجَدَ له ذِكْراً إِلاَّ خَطْرَةً؛ ويقال:
خَطَر ببالي وعلى بالي كذا وكذا يِخْطُر خُطُوراً إِذا وقع ذلك في بالك
ووَهْمِك. وأَخْطَرَهُ اللهُ ببالي؛ وخَطَرَ الشيطانُ بين الإِنسان وقلبه:
أَوصل وَسْواسَهُ إِلى قلبه. وما أَلقاه إِلاَّ خَطْرَةً بعد خَطْرَةٍ
أَي في الأَحيان بعد الأَحيان، وما ذكرته إِلاَّ خَطْرَةً واحدةً. ولَعِبَ
الخَطْرَةَ بالمِخْراق.
والخَطْرُ: مصدر خَطَرَ الفحلُ بذنبه يَخْطِرُ خَطْراً وخَطَراناً
وخَطِيراً: رَفَعَهُ مرة بعد مرة، وضرب به حاذيْهِ، وهما ما ظهر من فَخِذيْه
حيث يقع شَعَرُ الذَّنَبِ، وقيل: ضرب به يميناً وشمالاً. وناقةٌ
خَطَّارَةٌ: تَخْطِرُ بذنبها. والخَطِيرُ والخِطَارُ: وَقْعُ ذنب الجمل بين
وَرَكَيْهِ إِذا خَطَرَ؛ وأَنشد:
رَدَدْنَ فَأَنْشَفْنَ الأَزِمَّةَ بعدما
تَحَوَّبَ، عن أَوْراكِهِنَّ، خَطِيرُ
والخاطِرُ: المُتَبَخْتِرُ؛ يقال: خَطَرَ يَخْطِرُ إِذا تَبَخْتَرَ.
والخَطِيرُ والخَطَرَانُ عند الصَّوْلَةِ والنَّشَاطِ، وهو التَّصَاوُل
والوعيد؛ قال الطرماح:
بالُوا مَخافَتَهُمْ على نِيرانِهِمْ،
واسْتَسْلَمُوا، بعد الخَطِيرِ، فَأَُخْمِدُوا
التهذيب: والفحل يَخْطِرُ بذنبه عند الوعيد من الخُيَلاءِ. وفي حديث
مَرْحَبٍ: فخرج يَخْطِرُ بسيفه أَي يَهُزُّهُ مُعْجباً بنفسه مُتَعَرِّضاً
للمبارزة، أَو أَنه كان يَخْطِرُ في مشيه أَي يتمايل ويمشي مِشْيَةَ
المُعْجبِ وسيفه في يده، يعني كان يَخْطِرُ وسيفه معه، والباء للملابسة.
والناقةُ الخَطَّارَةُ: تَخْطِرُ بذنبها في السير نشاطاً. وفي حديث الاستسقاء:
والله ما يَخْطِرُ لنا جمل؛ أَي ما يحرك ذنبه هُزَالاً لشدة القَحْطِ
والجَدْبِ؛ يقال: خَطَرَ البعيرُ بذنبه يَخْطِرُ إِذا رفعه وحَطَّهُ،
وإِنما يفعل ذلك عند الشَّبَعِ والسِّمَنِ؛ ومنه حديث عبد الملك لما قَتَلَ
عَمْرو بْنَ سَعِيدٍ: والله: لقد قَتَلْتُه، وإِنه لأَعز عليّ من جِلْدَةِ
ما بَيْنَ عَيْنَيَّ، ولكن لا يَخْطِرُ فحلانِ في شَوْلٍ؛ وفي قول
الحجاج لما نَصَبَ المِنْجَنيقَ على مكة:
خَطَّارَةٌ كالجَمَلِ الفَنِيقِ
شبه رميها بِخَطَرَانِ الفحل. وفي حديث سجود السهو: حتى يَخْطِرَ
الشيطانُ بين المرء وقلبه؛ يريد الوسوسة. وفي حديث ابن عباس: قام نبيّ الله
يوماً يصلي فَخَطَر خَطْرَةً، فقال المنافقون: إِن له قلبين. والخَطِيرُ:
الوعيد والنشاط؛ وقوله:
هُمُ الجَبَلُ الأَعْلَى، إِذا ما تَنَاكَرَتْ
مُلُوكُ الرِّجالِ، أَو تَخاطَرَتِ البُزْلُ
يجوز أَن يكون من الخطير الذي هو الوعيد، ويجوز أَن يكون من قولهم
خَطَرَ البعير بذنبه إِذا ضرب به. وخَطَرَانُ الفحل من نشاطه، وأَما خطران
الناقة فهو إِعلام للفحل أَنها لاقح. وخَطَرَ البعير بذنبه يَخْطِرُ،
بالكسر، خَطْراً، ساكن، وخَطَرَاناً إِذا رفعه مرة بعد مرة وضرب به فخذيه.
وخَطَرَانُ الرجلِ: اهتزازُه في المشي وتَبَخْتُرُه. وخَطَر بسيفه ورمحه
وقضيبه وسوطه يَخْطِرُ خَطَراناً إِذا رفعه مرة ووضعه أُخْرَى. وخَطَرَ في
مِشْيَتِه يَخْطِرُ خَطِيراً وخَطَراناً: رفع يديه ووضعهما. وقيل: إِنه
مشتق من خَطَرانِ البعير بذنبه، وليس بقويّ، وقد أَبدلوا من خائه غيناً
فقالوا: غَطَرَ بذنبه يَغْطِرُ، فالغين بدل من الخاء لكثرة الخاء وقلة الغين،
قال ابن جني: وقد يجوز أَن يكونا أَصلين إِلاَّ أَنهم لأَحدهما أَقلُّ
استعمالاً منهم للآخر. وخَطَرَ الرجلُ بالرَّبِيعَةِ يَخْطُر خَطْراً:
رفعها وهزها عند الإِشالَةِ؛ والرَّبِيعَةُ: الحَجَرُ الذي يرفعه الناس
يَخْتَبِرُونَ بذلك قُواهُمْ.
الفراء: الخَطَّارَةُ حَظِيرَةُ الإِبل.
والخَطَّارِ: العطَّار؛ يقال: اشتريت بَنَفْسَجاً من الخَطَّارِ.
والخَطَّارُ: المِقْلاعُ؛ وأَنشد:
جُلْمُودُ خَطَّارٍ أُمِرَّ مِجْذَبُهْ
ورجل خَطَّارٌ بالرمحِ: طَعَّانٌ به؛ وقال:
مَصالِيتُ خَطَّارونَ بالرُّمْحِ في الوَغَى
ورمح خَطَّارٌ: ذو اهتزاز شديد يَخْطِرُ خَطَراناً، وكذلك الإِنسان إِذا
مشى يَخْطِرُ بيديه كثيراً. وخَطَرَ الرُّمْحُ يَخْطِرُ: اهْتَزَّ، وقد
خَطَرَ يَخْطِرُ خَطَراناً.
والخَطَرُ: ارتفاعُ القَدْرِ والمالُ والشرفُ والمنزلة. ورجلٌ خَطِيرٌ
أَي له قَدْرٌ وخَطَرٌ، وقد خَطُرَ، بالضم، خُطُورَةً. ويقال: خَطَرانُ
الرمح ارتفاعه وانخفاضه للطعن. ويقال: إِنه لرفيع الخَطَرِ ولئيمه. ويقال:
إِنه لعظيم الخَطَرِ وصغير الخَطَرِ في حسن فعاله وشرفه وسوء فعاله
ولؤمه. وخَطَرُ الرجلِ: قَدْرُه ومنزلته، وخص بعضهم به الرفعة، وجمعه
أَخْطارٌ. وأَمْرٌ خَطِيرٌ: رفيعٌ. وخَطُرَ يَخْطُرُ خَطَراً وخُطُوراً إِذا
جَلَّ بعد دِقَّةٍ. والخَطِيرُ من كل شيء: النَّبِيلُ. وهذا خَطِيرٌ لهذا
وخَطَرٌ له أَي مِثْلٌ له في القَدْرِ، ولا يكون إِلاَّ في الشيء المَزِيزِ؛
قال: ولا يقال للدون إِلاَّ للشيء السَّرِيِّ. ويقال للرجل الشريف: هو
عظيم الخَطَرِ. والخَطِيرُ: النَّظِيرُ. وأَخْطَرَ به: سَوَّى.
وأَخْطَرَهُ: صار مثله في الخَطَرِ. الليث: أُخْطِرْتُ لفلان أَي صُيِّرْتُ نظيره
في الخَطَرِ. وأَخْطَرَني فلانٌ، فهو مُخْطِرٌ إِذا صار مثلك في الخَطَرِ.
وفلانٌ ليس له خَطِيرٌ أَي ليس له نظير ولا مثل. وفي الحديث: أَلا هل
مُشَمِّرٌ للجنة فإِن الجنة لا خَطَرَ لها؛ أَي لا عِوَضَ عنها ولا مِثْلَ
لها؛ ومنه: أَلاَّ رَجُلٌ يُخاطِرُ بنفسه وماله؛ أَي يلقيها في
الهَلَكَةِ بالجهاد. والخَطَرُ، بالتحريك: في الأَصل الرهن، وما يُخاطَرُ عليه
ومِثْلُ الشيء وَعَدِلْهُ، ولا يقال إِلاَّ في الشيء الذي له قدر ومزية؛
ومنه حديث عمر في قسمة وادِي القُرَى: وكان لعثمان فيه خَطَرٌ ولعبد الرحمن
خَطَرٌ أَي حظ ونصيب؛ وقول الشاعر:
في ظِلِّ عَيْشٍ هَنِيٍّ ماله خَطَرُ
أَي ليس له عَِدْلٌ. والخَطَرُ: العَِدْلُ؛ يقال: لا تجعل نفسك خَطَراً
لفلان وأَنت أَوْزَنُ منه. والخَطَرُ: السَّبَقُ الذي يترامى عليه في
التراهن، والجمع أَخْطارٌ. وأَخْطَرَهُمْ خَطَراً وأَخْطَرَه لهم: بذل لهم
من الخَطَرِ ما أَرضاهم. وأَخْطَرَ المالَ أَي جعله خَطَراً بين
المتراهنين. وتَخاطَرُوا على الأَمر: تراهنوا؛ وخاطَرَهم عليه: راهنهم. والخَطَرُ؛
الرَّهْنُ بعينه. والخَطَرُ: ما يُخاطَرُ عليه؛ تقول: وَضَعُوا لي
خَطَراً ثوباً ونحو ذلك؛ والسابق إِذا تناول القَصَبَةَ عُلِمَ أَنه قد
أَحْرَزَ الخَطَرَ. والخَطَرُ والسَّبَقُ والنَّدَبُ واحدٌ، وهو كله الذي يوضع
في النِّضالِ والرِّهانِ، فمن سَبَقَ أَخذه، ويقال فيه كله: فَعَّلَ،
مشدّداً، إِذا أَخذه؛ وأَنشد ابن السكيت:
أَيَهْلِكُ مُعْتَمٌّ وزَيْدٌ، ولم أَقُمْ
على نَدَبٍ يوماً، ولي نَفْسُ مُخْطِرِ؟
والمُخْطِرُ: لذي يجعل نفسه خَطَراً لِقِرْنِه فيبارزه ويقاتله؛ وقال:
وقلتُ لمن قد أَخْطَرَ الموتَ نَفْسَه:
أَلا مَنْ لأَمْرٍ حازِمٍ قد بَدَا لِيَا؟
وقال أَيضاً:
أَين عَنَّا إِخْطارُنا المالَ والأَنْـ
ـفُسَ، إِذ ناهَدُوا لِيَوْمِ المِحَالِ؟
وفي حديث النعمان بن مُقَرِّنٍ أَنه قال يوم نَهاوَنْدَ، حين التقى
المسلمون مع المشركين: إِن هؤلاء قد أَخْطَرُوا لكم رِثَةً ومَتاعاً،
وأَخْطَرتم لهم الدِّينَ، فَنافِحُوا عن الدين؛ الرِّثَةُ: رَدِيء المتاع، يقول:
شَرَطُوها لكم وجعلوها خَطَراً أَي عِدْلاً عن دينكم، أَراد أَنهم لم
يُعَرِّضُوا للهلاك إِلاَّ متاعاً يَهُونُ عليهم وأَنتم قد عَرَّضْتُمْ لهم
أَعظم الأَشياء قَدْراً، وهو الإِسلام.
والأَخطارُ من الجَوْزِ في لَعِب الصبيان هي الأَحْرازُ، واحدها خَطَرٌ.
والأَخْطارُ: الأَحْرازُ في لعب الجَوْز.
والخَطَرُ: الإِشْرافُ على هَلَكَة. وخاطَرَ بنفسه يُخاطِرُ: أَشْفَى
بها على خَطَرِ هُلْكٍ أَو نَيْلِ مُلْكٍ. والمَخاطِرُ: المراقي. وخَطَرَ
الدهرُ خَطَرانَهُ، كما يقال: ضرب الدهرُ ضَرَبانَهُ؛ وفي التهذيب: يقال
خَطَرَ الدهرُ من خَطَرانِهِ كما يقال ضَرَبَ من ضَرَبانِه. والجُنْدُ
يَخْطِرُونَ حَوْلَ قائدهم يُرُونَهُ منهم الجِدَّ، وكذلك إِذا احتشدوا في
الحرب.
والخَطْرَةُ: من سِماتِ الإِبل؛ خَطَرَهُ بالمِيسَمِ في باطن الساق؛ عن
ابن حبيب من تذكرة أَبي علي كذلك.
قال ابن سيده: والخَطْرُ ما لَصِقَ
(* قوله: «والخطر ما لصق إلخ» بفتح
الحاء وكسرها مع سكون الطاء كما في القاموس). بالوَرِكَيْنِ من البول؛ قال
ذو الرمة:
وقَرَّبْنَ بالزُّرْقِ الحَمائِلَ. بعدما
تَقَوَّبَ، عن غِرْبانِ أَوْرَاكِها، الخَطْرُ
قوله: تقوّب يحتمل أَن يكون بمعنى قوّب، كقوله تعالى: فتقطَّعوا أَمرهم
بينهم؛ أَي قطعوا، وتقسمت الشيء أَي قسمته. وقال بعضهم: أَراد تقوّبت
غربانها عن الخطر فقلبه.
والخِطْرُ: الإِبل الكثيرة؛ والجمع أَخطار، وقيل الخِطْرُ مائتان من
الغنم والإِبل، وقيل: هي من الإِبل أَربعون، وقيل: أَلف وزيادة؛ قال:
رَأَتْ لأَقْوامٍ سَوَاماً دَثْراً،
يُرِيحُ رَاعُوهُنَّ أَلْفاً خَِطِرْا،
وبَعْلُها يَسُوقُ مِعْزَى عَشْرا
وقال أَبو حاتم: إِذا بلغت الإِبل مائتين، فهي خَِطْرٌ، فإِذا جاوزت ذلك
وقاربت الأَلف، فهي عَِرْجٌ.
وخَطِيرُ الناقة: زمامُها؛ عن كراع. وفي حديث علي، عليه السلام، أَنه
أَشار لعَمَّارٍ وقال: جُرُّوا له الخَطِيرَ ما انْجَرَّ لكم، وفي رواية:
كا جَرَّهُ لكم؛ معناه اتَّبِعُوه ما كان فيه مَوْضِعٌ مُتَّبَعٌ،
وتَوَقَّوْا ما لم يكن فيه موضع؛ قال: الخطير زمام البعير، وقال شمر في الخطير:
قال بعضهم الخَطِير الحَبْلُ، قال: وبعضهم يذهب به إِلى إِخْطارِ النفس
وإِشْرَاطِهَا في الحرب؛ المعنى اصبروا لعمَّار ما صبر لكم.
وتقول العرب: بيني وبينه خَطْرَةُ رَحِمٍ؛ عن ابن الأَعرابي، ولمن
يفسره، وأُراه يعني شُبْكَةَ رَحِمٍ، ويقال: لا جَعَلَها اللهُ خَطْرَتَه ولا
جعلها آخر مَخْطَرٍ منه أَي آخِرَ عَهْدٍ منه، ولا جعلها الله آخر
دَشْنَةٍ
(* قوله: «آخر دشنة إلخ» كذا بالأَصل وشرح القاموس). وآخر دَسْمَةٍ
وطَيَّةٍ ودَسَّةٍ، كلُّ ذلك: آخِرَ عَهْدٍ؛ وروي بيت عدي بن زيد:
وبِعَيْنَيْكَ كُلُّ ذاك تَخَطَرْا
كَ، ويمْضِيكَ نَبْلُهُمْ في النِّضَالِ
قالوا: تَخَطْراكَ وتَخَطَّاكَ بمعنى واحد، وكان أَبو سعيد يرويه تخطاك
ولا يعرف تخطراك، وقال غيره: تَخَطْرَاني شَرُّ فلان وتخطاني أَي جازني.
والخِطْرَةُ: نبت في السهل والرمل يشبه المَكْرَ، وقيل: هي بقلة، وقال
أَبو حنيفة: تَنْبُتُ الخِطْرَةُ مع طلوع سهيل، وهي غَبْراءُ حُلْوَةٌ طيبة
يراها من لا يعرفها فيظن أَنها بقلة، وإِنما تنبت في أَصل قد كان لها
قبل ذلك، وليست بأَكثر مما يَنْتَهِسُ الدابةُ بفمه، وليس لها ورق، وإِنما
هي قُضْبانٌ دِقَاقٌ خُضْرٌ، وقد تُحْتَبَلُ بها الظِّباءُ، وجمعها
خِطَرٌ مثل سِدْرَةٍ وسِدَرٍ. غيره: الخِطْرَةُ عُشْبَةٌ معروفة لها قَضْبَةٌ
يَجْهَدُها المالُ ويَغْزُرُ عليها، والعرب تقول: رَعَيْنا خَطَرات
الوَسْمِيّ، وهي اللُّمَعُ من المَراتِعِ والبُقَعِ؛ وقال ذو الرمة:
لها خَطَراتُ العَهْدِ من كُلِّ بَلْدَةٍ
لِقَوْمٍ، ولو هاجَتْ لهم حَرْبُ مَنْشِمِ
والخِطَرَةُ: أَغصان الشجرة، واحدتها خِطْرٌ، نادر أَو على توهم طرح
الهاء. والخِطْرُ، بالكسر: نبات يجعل ورقه في الخضاب الأَسود يختضب به؛ قال
أَبو حنيفة: هو شبيه بالْكَتَمِ، قال: وكثيراً ما ينبت معه يختضب به
الشيوخ؛ ولحية مَخْطُورَةٌ ومُخَطَّرَةٌ: مَخْضُوبَةٌ به؛ ومنه قيل اللبن
الكثير الماء: خِطْرٌ.
والخَطَّارُ: دهن من الزيت ذو أَفاويه، وهو أَحد ما جاء من الأَسماء على
فَعَّال.
والخَطْرُ: مكيال ضخم لأَهل الشام.
والخَطَّارُ: اسم فرس حذيفة بن بدر الفَزارِيِّ.
غزل: غَزَلَت المرأَة القطن والكتان وغيرهما تَغْزله غَزْلاً، وكذلك
اغْتَزَلَتْه وهي تَغْزِل بالمِغْزل، ونسوةٌ غُزَّلٌ غَوازُِلُ؛ قال جندل بن
المثنى الحارثي:
كأَنه، بالصَّحْصَحانِ الأَنْجَلِ،
قُطْنٌ سُخامٌ بأَيادي غُزَّلِ
على أَن الغُزَّلَ قد يكون هنا الرجالَ لأَن فُعَّلاً في جمع فاعلٍ من
المذكر أَكثر منه في جمع فاعِلة. والغَزْلُ أَيضاً: المغزول. والغَزْلُ:
ما تغْزِلُه مذكر، والجمع غُزول؛ قال ابن سيده: وسمى سيبويه ما تنسجه
العنكبوت غَزْلاً فقال في قول العجاج:
كأَنّ نَسْجَ العنكبوت المُرْمَل
الغَزْلُ: مذكر، والعنكبوت أُنثى، كذا قال الغَزْل مذكر وأَضرب عن ذكر
النسج الذي في شعر العجاج؛ واستعمال أَبو النجم الغزل في الجبل
(* قوله
«في الجبل» هكذا في الأصل) فقال:
يَنْفِشُ منه الموت ما لا تَغْزِلُه
واسم ما تَغْزلُ به المرأَة المِغْزَلُ والمُغْزَلُ والمَغْزَلُ، تميم
تكسر الميم وقيس تضمها، والأَخيرة أَقلها، والأَصل الضم، وإِنما هو مِنْ
أُغْزِلَ أَي أُدِيرَ وفُتِل. وأَغْزَلَت المرأَة: أَدارت المِغْزَلَ؛ قال
الشاعر:
من السَّيْلِ والغُثَّاءِ فَلْكة مِغْزَل
قال الفراء: وقد استثقلت العرب الضمة في حروف وكسرت ميمها، وأَصلها
الضم، من ذلك مِصْحَف ومِخْدَع ومِجْسَد ومِطْرَف ومِغْزَل، لأَنها في المعنى
أُخذت من أُصْحِف أَي جُمعت فيه الصحف، وكذلك المِغْزَل إِنما هو من
أُغْزِل أَي فُتِل وأُدير فهو مُغْزَل، وفي كتاب لقوم من اليهود: عليكم كذا
وكذا ورُبع المغْزل أَي ربع ما غَزَلَ نساؤكم؛ قال ابن الأَثير: هو
بالكسر الآلة، وبالفتح موضع الغَزْل، وبالضم ما يجعل فيه الغَزْل، وقيل: هو
حُكْم خص به هؤلاء.
والمُغَيْزِل: حبل دقيق؛ قال ابن سيده: أَراه شُبّه بالمِغْزل لدقته؛
قال: حكى ذلك الحِرْمازي؛ وأَنشد:
وقال اللَّواتي كنّ فيها يَلُمْنَني:
لعل الهوى، يوم المُغَيزِل، قاتِلُهْ
والغَزَلُ: حديثُ الفِتْيان والفَتَيات. ابن سيده: الغَزَلُ اللهو مع
النساء، وكذلك المَغْزَلُ؛ قال:
تقول لِيَ العَبْرَى المُصابُ حَلِيلُها:
أَيا مالكٌ هل في الظَّعائِن مَغْزَلُ؟
ومُغازَلَتُهنّ: مُحادثتُهن ومُراوَدتُهنَّ، وقد غازَلَها،
والتَّغَزُّلُ: التكلّف لذلك؛ وأَنشد:
صُلْب العَصا جافٍ عن التَّغَزُّل
تقول: غازَلْتُها وغازَلَتْني، وتَغَزَّلَ أَي تكلف الغَزَلَ، وقد
غَزِلَ غَزلاً وقد تَغَزَّلَ بها وغازَلَها وغازَلَتْه مُغازَلة. ورجل غَزِلٌ:
مُتَغَزِّلٌ بالنساء على النسب أَي ذو غَزَلٍ. وفي المثل: هو أَغْزَلُ
من امرئ القيس. والعرب تقول: أَغْزَلُ من الحُمَّى؛ يريدون أَنها معتادة
للعليل متكررة عليه فكأَنها عاشقة له مُتَغَزلة به. ورجل غَزِلٌ: ضعيف عن
الأَشياء فاترٌ فيها؛ عن ابن الأَعرابي. وغازَلَ الأَرْبَعين: دَنا
منها؛ عن ثعلب.
والغَزالُ من الظِّباء: الشادِنُ قَبْل الإِثْناءِ حين يتحرك ويمشي،
وتشبه به الجارية في التشبيب فيذكّر النعت والفعل على تذكير التشبيه، وقيل:
هو بَعْد الطَّلا، وقيل: هو غَزالٌ من حين تَلِدُهُ أُمُّه إِلى أَن يبلغ
أَشَدَّ الإِحْضار، وذلك حين يَقْرُن قوائمه فيضعها معاً ويرفعها معاً،
والجمع غِزْلة وغِزْلانٌ مثل غِلْمة وغِلْمان، والأُنثى بالهاء، وقد
أَغْزَلَت الظبيةُ. وظبية مُغْزِلٌ: ذات غَزال. وغَزِلَ الكلبُ، بالكسر،
غَزَلاً إِذا طلب الغَزَالَ حتى إِذا أَدركه وثَغا من فَرَقِه انصرف منه
ولهِيَ عنه. ابن الأَعرابي: الغَزَلُ مِنْ غَزِلَ الكلبُ، بالكسر، أَي فَتَر
وهو أَن يطلب الغَزال فإِذا أَحسَّ بالكلب خَرِقَ أَي لَصِقَ بالأَرض
ولَهِيَ عنه الكلبُ وانصرف، فيقال: غَزِلَ واللهِ كلبُك، وهو كلب غَزِلٌ.
ويقال للضعيف الفاتر عن الشيء: غَزِلٌ، ومنه: رجل غَزِلٌ لصاحب النساء
لضعفه عن غير ذلك.
والغَزالةُ: الشمس، وقيل: هي الشمس عند طلوعها، يقال: طلعت الغَزالةُ
ولا يقل غابت الغَزالةُ، ويقال: غرَبت الجَوْنةُ، وإِنما سميت جَوْنةً
لأَنها تَسْودّ عند الغُروب، ويقال: الغَزالةُ الشمس إِذا ارتفع النهار،
وقيل: الغَزالةُ عين الشمس، وغَزالةُ الضحى وغَزالاتُه بعدما تنبسط الشمس
وتُضْحي، وقيل: هو أَول الضحى إِلى مَدِّ النهار الأَكْبَرِ حتى يمضي من
النهار نحوٌ من خُمُسِه. يقال: أَتيتُه غَزالاتِ الضُّحى؛ قال:
يا حَبَّذا، أَيامَ غَيْلانَ، السُّرى
ودَعْوةُ القوم: أَلا هل مِنْ فتًى
يَسُوق بالقوم غَزالاتِ الضحى؟
وأَنشد أَبو عبيد لعُتَيبة بن الحرث اليربوعي:
تَرَوَّحْنا من اللَّعْباءِ عَصْراً،
فأَعْجَلْنا الغَزالةَ أَن تَؤُوبا
ويقال: فأَعجلنا الإِلاهةَ وهي المَهاة. ويقال: جاءنا فُلان في غَزالةِ
الضحى؛ قال ذو الرمة:
فأَشرفْتُ، الغزالةَ، رأْسَ حُزْوى
أَراقِبُهم، وما أغنى قِبالا
يعني الأَظْعانَ، ونصب الغزالة على الظرف. وقال ابن خالويه: الغزالة في
بيت ذي الرمة الشمس، وتقديرُه عنده فأَشرفتُ طلوعَ الغَزالةِ، ورأْس
حُزْوى مفعول أَشْرَفْت، على معنى علَوْت أَي علوت رأْس حزوى طلوع الشمس،
وجمعُ غَزالةِ الضحى غَزالاتٌ؛ قال:
دَعَتْ سُلَيْمى دَعْوَةً: هل مِنْ فَتًى
يَسُوقُ بالقوم، غَزالاتِ الضُّحى؟
وغَزالةُ والغَزالةُ: المرأَة الحَرُوريّة معروفة، سميت بأَحد هذه
الأَشياء؛ قال أَيْمُنُ بن خُرَيم:
أَقامَت غَزالةُ سُوقَ الضِّراب،
لأَهْلِ العِراقَيْن، حَوْلاً قَمِيطا
وقال آخر:
هلاَّ كَرَرْتَ على غَزالَة في الوَغى؟
بل كان قَلْبُك في جَناحَيْ طائر
(* هذا البيت لعمران بن حِطّان يتهكم فيه الحجَّاج، وفي رواية أخرى:
هلاّ برزت الى غزالة في الوغى).
وغَزالُ شَعْبانَ: ضربٌ من الجنادب. وغَزالٌ: موضع؛ قال سويد بن عمير
الهذلي:
أَقْرَرْت لمَّا أَن رأَيت عَدِيَّنا،
ونَسِيت ما قدّمْت يومَ غَزالِ
وفَيْفاء غَزالٍ، وقَرْنُ غزال: موضعان. والغَزالةُ: عُشْبة من
السُّطَّاح ينفرش على الأَرض يخرج من وسطه قضيب طويل يُقْشَر ويؤكل حلواً. ودمُ
الغَزال: نبات شبيه بنبات البقلة التي تسمى الطَّرْخُون، يؤكل وله حُروفة،
وهو أَخضر وله عِرق أَحمر مثل عرق الأَرْطاة تخطِّط بمائه مَسَكاً
حُمْراً في أَيديهن. وغَزال وغُزَيّل: اسمان.
غرم: غَرِمَ يَغرَمُ غُرْماً وغَرامةً، وأغرَمَه وغَرَّمَه. والغُرْمُ:
الدَّيْنُ. ورَجُلٌ غارمٌ: عليه دَيْنٌ. وفي الحديث: لا تَحِلُّ المسأَلة
إلاَّ لِذِي غُرمٍ مُفْظِعٍ أَي ذي حاجة لازمة من غَرامة مُثْقِلة. وفي
الحديث: أعوذ بك من المَأْثَم والمَغْرَمِ، وهو مصدر وضع موضع الاسم،
ويريد به مَغْرَمَ الذنوب والمعاصي، وقيل: المَغْرَم كالغُرْم، وهو
الدَّيْن، ويريد به ما اسْتُدِين فيما يكرهه الله أَو فيما يجوز ثم عجز عن
أَدائه، فأَما دين إحتاج إليه وهو قادر على أَدائه فلا يستعاذ منه. وقوله عز
وجل: والغارِمِين وفي سبيل الله؛ قال الزجاج: الغارمون هم الذين لَزِمَهم
الدَّيْنُ في الحَمالة، وقيل: هم الذين لزمهم الدين في غير معصية.
والغَرامةُ: ما يلزم أَداؤه، وكذلك المَغْرَمُ والغُرْمُ، وقد غَرِمَ الدِّيةَ،
وأَنشد ابن بري في الغَرامة للشاعر:
دار ابْنِ عَمِّكَ بِعْتَها،
تَقْضي بها عَنْكَ الغَرامه
والغَرِيم: الذي له الدِّيْن والذي عليه الدين جميعاً، والجمع غُرَماء؛
قال كثير:
قَضى كلُّ ذِي دَيْنٍ فَوَفَّى غَرِيمَه،
وعَزَّةُ مَمْطُولٌ مُعَنّىً غرِيمُها
والغَرِيمان: سَواءٌ، المُغْرِمُ والغارِمُ. ويقال: خُذْ مِنْ غَرِيمِ
السُّوء ما سَنَحَ. وفي الحديث: الدَّيْنُ مَقْضيٌّ والزَّعِيمُ غارِمٌ
لأَنه لازم لما زَعَم
أَي كَفَل أَو الكفيل لازم لأَداء ما كَفَّله مُغْرِمُه. وفي حديث آخر:
الزَّعِيم غارِمٌ؛ الزَّعِيم الكفيل، والغارِم الذي يلتزم ما ضَمِنه
وتكَفَّل به. وفي الحديث في الثَّمر المُعَلَّق: فمن خرج بشيء منه فعليه
غَرامةُ مِثْلَيْه والعقوبة؛ قال ابن الأثير: قيل كان هذا في صدر الإسلام ثم
نُسخ، فإنه لا واجب على مُتْلِف الشيء أَكثر من مثله، وقيل: هو على سبيل
الوعيد لينتهي عنه؛ ومنه الحديث الآخر: في ضالَّةِ الإبل المكتومة
غَرامَتُها ومِثْلُها معها. وفي حديث أشراط الساعة: والزكاة مَغْرَماً أي يَرَى
رَبُّ المال أن إخراج زكاته غَرامةٌ
يَغرَمُها. وأَما ما حكاه ثعلب في خبر من أَنه لما قعد بعض قريش لقضاء
دينه أَتاه الغُرَّامُ فقضاهم دَيْنَه؛ قال ابن سيده: فالظاهر أَنه جمع
غَرِيمٍ، وهذا عزيز إن فَعِيلاً لا يجمع على فُعَّال، إنما فُعَّال جمع
فاعل، قال: وعندي أن غُرَّاماً جمع مُغَرِّم على طرح الزائد، كأَنه جمع فاعل
من قولك غَرَمَه أَي غَرَّمَه، وإن لم يكن ذلك مقولاً، قال: وقد يجوز أن
يكون غارمٌ على النسب أي ذو إغرام أو تَغْريم، فيكون غُرَّامٌ جمعاً له،
قال: ولم يقل ثعلب في ذلك شيئاً.
وفي حديث جابر: فاشْتَدَّ عليه بَعْضُ غُرَّامِه في التَّقاضي؛ قال ابن
الأثير: جمع غَرِيم كالغُرَماء وهم أصحاب الدين، قال: وهو جمع غريب، وقد
تكرر ذلك في الحديث مفرداً ومجموعاً وتصريفاً. وغُرِّمَ السحابُ:
أَمطَرَ؛ قال أَبو ذؤيب يصف سحاباً:
وَهَى خَرْجُهُ واسْتُجِيلَ الرَّبا
بُ مِنْهُ، وغُرِّمَ ماءً صَرِيحا
والغَرامُ: اللازم من العذاب والشرُّ الدائم والبَلاءُ والحُبُّ والعشق
وما لا يستطاع أَن يُتَفَصَّى منه؛ وقال الزجاج: هو أَشدُّ العذاب في
اللغة، قال الله، عز وجل: إن عذابها كان غراماً؛ وقال الطرماح:
وَيَوْمُ النِّسارِ وَيَوْمُ الجِفا
رِ كانا عَذاباً، وكانا غَراما
وقوله عز وجل: إن عذابها كان غراماً؛ أي مُلِحّاً دائماً ملازماً؛ وقال
أبو عبيدة: أي هلاكاً ولِزاماً لهم، قال: ومنه رَجُلٌ مُعْرَمٌ، من
الغُرْم أَو الدَّيْن. والغَرام: الوَلُوعُ. وقد أُغْرِم بالشيء أي أُولِع به؛
وقال الأَعشى:
إنْ يُعاقِبْ يَكُنْ غَراماً، وإن يُعْـ
طِ جَزِيلاً فإنَّه لا يُبالي
وفي حديث معاذ: ضَرَبَهُمُ الله بِذُلٍّ مُغْرَمٍ أي لازم دائم. يقال:
فلان مُغْرَمٌ بكذا أي لازم له مُولَعٌ به. الليث: الغُرْمُ أَداء شيء
يلزم مثل كفالة يَغْرَمها، والغَرِيمُ: المُلْزَم ذلك. وأَغْرَمْتُه
وغَرَّمْته بمعنى. ورجل مُغْرَمٌ: مُولَعٌ بعشق النساء وغيرهن. وفلان مُغْرَمٌ
بكذا أي مُبتَلىً به. وفي حديث عليّ، رضي الله عنه: فَمَنِ اللَّهِجُ
باللذَّة السَّلِسُ القِياد للشهوة أَو المُغْرَمُ بالجَمْع والادِّخار؟
والعرب تقول: إن فلاناً لمُغْرَمٌ بالنساء إذا كان مُولَعاً بهنَّ. وإني بك
لَمُغْرَمٌ إذا لم يصبر عنه. قال: ونُرَى أن الغَرِيم إنما سمي غَرِيماً
لأَنه يطلب حَقَّه ويُلِحُّ حتى يقبضه. ويقال للذي له المال يطلبه ممن له
عليه المال: غَرِيمٌ، وللذي عليه المال: غَرِيمٌ. وفي الحديث: الرَّهْنُ
لمن رَهَنَه له غُنْمُه وعليه غُرْمُه أي عليه أَداء ما رهن به
وفَكاكُه.ابن الأَعرابي: الغَرْمى المرأَة المُغاضِبة. وقال أَبو عمرو: غَرْمى
كلمة تقولها العرب في معنى اليمين. يقال: غَرْمى وجَدِّك كما يقال أَما
وجَدّك؛ وأَنشد:
غَرْمى وجَدِّكَ لَوْ وَجَدْتَ بِهِمْ،
كَعَداوَةٍ يَجِدُونها بَعْدِي
همس: الهَمْس: الخفيّ من الصوت والوطء والأَكل، وقد هَمَسُوا الكلام
هَمْساً. وفي التنزيل: فلا تَسْمَعُ إِلا هَمْساً؛ في التهذيب: يعني به،
واللَّه أَعلم، خَفْقَ الأَقدام على الأَرض، وقال الفراء: يقال إِنه نَقْل
الأَقْدام إِلى المحشر، ويقال: إَنه الصوت الخفيّ؛ وروي عن ابن عباس أَنه
تَمَثَّل فأَنشد:
وهُنَّ يَمشِين بِنا هَمِيسَا
قال: وهو صوت نَقْل أَخفاف الإِبل، وروي عن ابن الأَعرابي قال: ويقال
اهمِسْ وصَهْ أَي امْشِ خَفِيّاً واسكت. ويقال: هَمْساً وصَهْ وهَسّاً
وصَهْ، قال: وهذا سارق قال لصاحبه: امش خفيّاً واسكت. وفي الحديث: فجعل
بعضُنا يَهْمِس إِلى بعضٍ؛ الهَمْس: الكلام الخفي لا يكاد يفهم؛ ومنه الحديث:
كان إِذا صلى العَصر هَمَسَ. الجوهري: هَمْسُ الأَقدام أَخفى ما يكون من
صوت الوطء. والأَسد الهَمُوس: الخفيّ الوطء؛ قال رؤبة يصف نفسه بالشدة:
لَيْثٌ يدُقّ الأَسَدَ الهَمُوسا،
والأَقْهَبَيْنِ الفِيلَ والجاموسَا
والشيطان يُوَسْوِس فيَهْمِس بوسواسه في صدر ابن آدم. وروي عن النَّبي،
صلى اللَّه عليه وسلم، أَنه كان يتعوذ باللَّه من هَمْزِ الشيطان
ولَمْزِه وهَمْسه؛ هو ما يُوَسْوِسُه في الصدر. والهمز: كلام من وراء القَفَا
كالاستهزاء، واللمز: مُواجَهَة. قال أَبو الهيثم: إِذا أَسرَّ الكلام
وأَخفاه فذلك الهَمْس من الكلام. قال شمر: الهَمْسُ من الصوت والكلامِ ما لا
غَوْر له في الصدر، وهو ما هُمِس في الفم.
والهَمُوس والهَمِيس، جميعاً: كالهَمْس في جميع هذه الأَشياء، وقيل:
الهَمِيسُ المضْغُ الذي لا يُفْغَر به الفم، وكذلك المشْي الخفيّ الحِسِّ،
وإِذا مضَغ الرجل من الطعام وفُوه منضمٌّ، قيل: هَمَسَ يَهْمِسُ هَمْساً؛
وأَنشد:
يأْكُلن ما في رَحْلِهنَّ هَمْسا
والهَمْس: أَكل العجوز الدَّرْداء. والهَمْسُ والهَمِيسُ: حِسّ الصوت في
الفم مما لا إَشْرابَ له من صوت الصدر ولا جهارَة في المنطق ولكنه كلام
مَهْمُوس في الفم كالسِّرِّ.
وتَهَامَسَ القومُ: تسارُّوا؛ قال:
فَتَهامَسوا سِرّاً وقالوا: عَرِّسُوا
في غَير تَمْئِنَةٍ بغير مُعَرَّسِ
والحروف المَهْموسة عشرة أَحرف يجمعها قولك «حَثَّه شَخْصٌ فَسَكَت» وفي
المحكم: يجمعها في اللفظ قولك «سَتَشْحَثُك خَصَفَه» وهي الهاء والحاء
والخاء والكاف والشين والصاد والتاء والسين والثاء والفاء؛ قال سيبويه:
وأَما المَهْمُوس فحرف ضَعُف الاعتمادُ من موضعه حتى جرى معه النَّفَس؛ قال
بعض النحويين: وأَنت تعتبر ذلك بأَنه قد يمكنك تكرير الحرف مع جَرْي
الصوت نحو «سسس كككك هههه» ولو تكلفت ذلك في المجهور لما أَمكنك. قال ابن
جني: فأَما حروف الهَمْس فإِن الصوت الذي يخرج معها نَفَس وليس من صوت
الصدر، إِنما يخرج مُنْسلاً وليس كنفخ الزاي والظاء والذالِ والصادِ والراءُ
شبيهة بالضاد.
الأَزهري: وأَخذته أَخذاً هَمْساً أَي شديداً، ويقال: عَصْراً. وهَمَسَه
إِذا عَصره؛ وقال الكميت فجعل الناقة هَمُوساً:
غُرَيْرِيَّة الأَنْسَابِ أَو شَدْقَمِيَّة،
هَمُوساً تُبارِي اليَعْمَلاتِ الهَوامِسا
وفي رجز مسيلمة: والذئبُ الهامِس والليل الدَّامس؛ الهامِس: الشديد.
وأَسد هَمُوس وهَمَّاس: شديد الغَمْز بضرسه؛ قال الهذلي:
يَحْمِي الصَّرِيمَةَ، أُحْدانُ الرجالِ له
صَيْدٌ، ومُجْتَرِئٌ باللَّيْل هَمَّاس
والهَمُوس: من أَسماء الأَسد لأَنه يَهْمِس في الظلمة ثم جُعل ذلك اسماً
يعرف به؛ يقال: أَسد هَمُوس؛ قال أَبو زبيد:
بَصِيرٌ بالدُّجَى هادٍ هَمُوس
قال أَبو الهيثم: سمي الأَسد هَمُوساً لأَنه يَهْمِس هَمْساً أَي يمشي
مشياً بخُفْيَة فلا يُسْمَع صوتُ وطئه. وأَسد هَمُوس: يمشي قليلاً قليلاً.
يقال: هَمَسَ لَيْلَه أَجمع.
جشب: جَشَبَ الطعامَ: طَحَنه جَريشاً.
وطَعامٌ جَشِبٌ ومَجْشُوبٌ أَي غليظ خَشِنٌ، بَيِّنُ الجُشُوبةِ إِذا
أُسِيءَ طَحْنُه، حتى يَصير مُفَلَّقاً. وقيل: هو الذي لا أُدْمَ له. وقد
جَشُبَ جَشابةً. ويقال للطعام: جَشْبٌ وجَشِبٌ وجَشِيبٌ، وطَعامٌ
مَجْشُوبٌ، وقد جَشَبْتُه. وأَنشد ابن الأَعرابي:
لا يَأْكُلُونَ زادَهُمْ مَجْشُوبا
الجوهري: ولو قيل اجْشَوْشِبُوا كما قيل اخْشَوْشِبُوا، بالخاء، لم
يبعد، إِلا أَني لم أَسمعه بالجيم. وفي الحديث: أَنه، صلى اللّه عليه وسلم، كان يأْكل الجَشِبَ، هو
الغَلِيظُ الخَشِنُ من الطَّعامِ، وقيل غيرُ المأْدوم. وكلُّ بَشِعِ الطَّعْم فهو جَشِبٌ. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: كان يأْتينا بطعام جَشِبٍ. وفي حديث صلاة الجماعة: لو وَجَد عَرْقاً سَمِيناً أَو مِرْماتَيْنِ جَشِبَتَيْنِ أَو خَشِبَتَيْنِ لأَجاب. قال ابن الأَثير: هكذا ذكره بعض المتأَخرين في حرف الجيم: لو دُعِيَ إِلى مِرْماتَيْنِ جَشِبَتَيْنِ أَو خَشِبَتَيْنِ لأَجاب. وقال: الجَشِبُ الغليظ. والخَشِبُ اليابس من الخَشَبِ. والمِرْماةُ ظِلْفُ الشاةِ، لأَنه يُرْمى به، انتهى كلامه. قال ابن الأَثير: والذي قرأْناه وسمعناه، وهو الـمُتداوَل بين أَهل
الحديث: مِرْماتَين حَسَنَتَيْن، من الحُسْنِ والجَوْدة، لأَنه عطفهما
على العَرْقِ السَّمِين. قال: وقد فسره أَبو عبيدة ومَنْ بعده من العلماء، ولم يتعرّضوا إِلى تفسير الجَشِب أَو الخَشِب في هذا الحديث. قال: وقد حكيت ما رأَيت، والعُهدة عليه.
والجَشِيبُ: البَشِعُ من كلِّ شيءٍ. والجَشِيبُ من الثياب: الغليظ.
ورجلٌ جَشِيبٌ: سَيِّئُ الـمَأْكلِ. وقد جَشُبَ جُشُوبةً.
شمر: رَجُلٌ مُجَشَّبٌ: خَشِنُ الـمَعيشةِ. قال رؤبة:
ومن صُباحٍ رامِياً مُجَشَّبا
وجَشِبُ الـمَرْعى: يابِسُه.
وجَشَبَ الشيءُ يَجْشُبُ: غَلُظَ.
والجَشْبُ والمِجْشابُ: الغليظُ، الأُولى عن كراع، وسيأْتي ذكر الجَشَنِ في النون.
التهذيب: المِجْشابُ: البَدَنُ الغَلِيظُ. قال أَبو زُبَيْد الطائي:
قِرابَ حِضْنِك لا بِكْرٌ ولا نَصَفٌ، * تُولِيكَ كَشْحاً لَطيفاً، ليس مِجْشابا
قال ابن بري: وقِرابَ منصوب بفعل في بيت قبله:
نِعْمَتْ بِطانةُ، يَوْمِ الدَّجْنِ، تَجْعَلُها * دُونَ الثِّيابِ، وقد سَرَّيْتَ أَثْوابا
أَي تَجْعَلُها كبِطانةِ الثوب في يوم بارِدٍ ذي دَجْنٍ؛ والدَّجْنُ إِلباسُ الغَيْمِ السَّماء عند الـمَطر، ورُبما لم يكن معه مطر. وسَرَّيْتُ
الثوب عني نَزَعْتُه. والحِضْنُ شِقُّ البَطْنِ. والكَشْحانِ الخاصِرتانِ،
وهما ناحِيتا البطن. وقِرابَ حِضْنِكَ مفعول ثان بتَجْعَلُها.
ابن السكيت: جَمَلٌ جَشِبٌ: ضَخْمٌ شَدِيدٌ. وأَنشد:
بِجَشِبٍ أَتْلَعَ في إِصْغائِه
ابن الأَعرابي: المِجْشَبُ: الضَّخْمُ الشجاع. وقول رؤبة:
ومَنْهَلٍ، أَقْفَرَ مِنْ أَلْقائه، * ورَدْتُه، واللَّيْلُ في أَغْشائِه،
بجشب أَتلع في إِصغائه، * جاءَ، وقد زادَ على أَظْمائِه،
يُجاوِرُ الحَوْضَ إِلى إِزائِه، * رَشْفاً بِمَخْضُوبَينِ مِنْ صَفْرائِه،
وقَدْ شَفَتْه وَحْدَها مِنْ دائِه، * منْ طائِف الجَهْلِ، ومِنْ نُزائِه
الأَلْقاء: الأَنِيسُ. يُجاوِرُ الحوضَ إِلى إِزائه أَي يستقبل الدلو حين
يُصَبُّ في الحَوْضِ من عَطشه. ومَخْضُوباه: مِشْفراه، وقد اخْتَضَبا بالدم من بُرَته. وقد شَفَتْه يعني البُرة أَي ذَلَّلَتْه وسَكَّنَتْه. ونَدًى
جَشَّابٌ: لا يَزالُ يَقَعُ على البَقْل. قال رؤبة:
رَوْضاً بِجَشّابِ النَّدى مَأْدُوما
وكلامٌ جَشِيبٌ: جافٍ خَشِنٌ. قال:
لها مَنْطِقٌ، لا هِذْرِيانٌ طَما به * سَفاهٌ، ولا بادِي الجَفاءِ، جَشِيبُ
وسِقاءٌ جَشِيبٌ: غَلِيظٌ خَلَقٌ.
ومَرةٌ جَشُوبٌ: خَشِنَةٌ، وقيل قَصيرةٌ. أَنشد ثعلب:
كواحِدةِ الأُدْحيِّ لا مُشْمَعِلَّةٌ، * ولا جَحْنةٌ، تحت الثِّيابِ، جَشُوبُ
والجُشْبُ: قُشورُ الرّمان، يمانية.
وبَنُو جَشِيبٍ: بَطْنٌ.
جوب: في أَسماءِ اللّه الـمُجِيبُ، وهو الذي يُقابِلُ الدُّعاءَ
والسُّؤَال بالعَطاءِ والقَبُول، سبحانه وتعالى، وهو اسم فاعل مِن أَجاب يُجِيبُ. والجَوابُ، معروفٌ: رَدِيدُ الكلام، والفِعْل: أَجابَ يُجِيبُ. قال اللّه تعالى: فإِني قَريبٌ أُجِيبُ دَعْوةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ
فَلْيَسْتَجِيبُوا لي؛ أَي فَلْيُجِيبوني. وقال الفرَّاءُ: يقال: إِنها التَّلْبِيةُ،
والمصدر الإِجابةُ، والاسم الجَابةُ، بمنزلة الطاعةِ والطاقة.
والإِجابةُ: رَجْعُ الكلام، تقول: أَجابَه عن سُؤَاله، وقد أَجابَه
إِجابةً وإِجاباً وجَواباً وجابةً واسْتَجْوَبَه واسْتَجابَه واسْتَجابَ له. قال كعبُ ابن سَعْد الغَنَويّ يرثي أَخاه أَبا المِغْوار:
وَداعٍ دَعا يا مَنْ يُجيبُ إِلى النَّدَى، * فلم يَسْتَجِبْه، عِنْدَ ذاكَ، مُجِيبُ(1)
(1 قوله «الندى» هو هكذا في غير نسخة من الصحاح والتهذيب والمحكم.)
فقُلتُ: ادْعُ أُخرى، وارْفَعِ الصَّوتَ رَفعةً، * لَعَلَّ أَبا المِغْوارِ مِنْكَ قَرِيبُ
والإِجابةُ والاستِجابةُ، بمعنى، يقال: اسْتَجابَ اللّه دعاءَه، والاسم
الجَوابُ والجابةُ والـمَجُوبةُ،
الأَخيرةُ عن ابن جني، ولا تكون مصدراً لأَنَّ الـمَفْعُلةَ، عند سيبويه، ليست من أَبنية المصادر، ولا تكون من باب الـمَفْعُول لأَنَّ فِعْلها مزيد. وفي أَمثالِ العَرب: أَساءَ سَمْعاً فأَساءَ جابةً. قال: هكذا يُتَكلَّم به لأَنَّ الأَمثال تُحْكَى على موضوعاتها. وأَصل هذا المثل، على ما ذكر الزُّبَيْر ابن بكار، أَنه كان لسَهلِ بن عَمْرٍو ابنٌ مَضْعُوفٌ، فقال له إِنسان: أَين أَمُّكَ أَي أَين قَصْدُكَ؟ فظَنَّ أَنه يقول له: أَين أُمُّكَ، فقال: ذهَبَتْ تَشْتَري دَقِيقاً، فقال أَبُوه: أَساءَ سَمْعاً فأَساءَ جابةً. وقال كراع: الجابةُ مصدر
كالإِجابةِ. قال أَبو الهيثم: جابةٌ اسم يُقُومُ مَقامَ المصدر، وإِنه
لَحَسَنُ الجيبةِ، بالكسر، أَي الجَوابِ.
قال سيبويه: أَجاب مِنَ الأَفْعال التي اسْتُغْني فيها بما أَفْعَلَ
فِعْلَه، وهو أَفْعَلُ فِعْلاً، عَمَّا أَفْعَلَه، وعن هُوَ أَفْعَلُ مِنكَ،
فيقولون: ما أَجْوَدَ جَوابَه، وهو أَجْوَدُ جَواباً، ولا يقال: ما
أَجْوَبَه، ولا هو أَجْوَبُ منك؛ وكذلك يقولون: أَجْوِدْ بَجَوابهِ، ولا
يقال: أَجوِب به. وأَما ما جاءَ في حديث ابن عمر أَنَّ رجلاً قال: يا رسولَ اللّه أَيُّ الليلِ أَجْوَبُ دَعْوةً؟ قال: جَوْفُ الليلِ الغابِرِ،
فسَّره شمر، فقال: أَجْوَبُ من الإِجابةِ أَي أَسْرَعُه إِجابةً، كما يقال
أَطْوَعُ من الطاعةِ. وقياسُ هذا أَن يكون من جابَ لا مِن أَجابَ. وفي المحكم عن شمر، أَنه فسره، فقال: أَجْوَبُ أَسْرَعُ إِجابةً. قال: وهو عندي من باب أَعْطَى لفارِهةٍ، وأَرسلنا الرِّياحَ لوَاقِحَ. وما جاءَ مِثلُه، وهذا على المجاز، لأَنَّ الإِجابةَ ليست لِلَّيل إِنما هي للّه تعالى فيه، فَمعناه: أَيُّ الليلِ اللّهُ أَسرع إِجابةً فِيه مِنه في غَيْرِه، وما زاد على الفِعْل الثُّلاثي لا يُبْنَى مِنْه أفْعَلُ مِنْ كذا، إِلا في أَحرف جاءَت شاذة. وحَكى الزمخشريُّ قال: كأَنـَّه في التَّقْدير مِن جابَتِ الدَّعْوةُ بوزن فَعُلْتُ، بالضم، كطالَتْ، أَي صارَتْ مُسْتَجابةَ، كقولهم في فَقِيرٍ وشَديدٍ كأَنهما مِنْ فَقُرَ وشَدُدَ، وليس ذلك بمستعمل. ويجوز أَن يكون من جُبتُ الأَرضَ إِذ قَطَعْتَها بالسير، على معنى أَمْضَى دَعْوَةً وأَنـْفَذُ إِلى مَظانِّ الإِجابةِ والقَبُول. وقال غيره: الأَصل جاب يجوب مثل طاع يَطُوعُ. قال الفرَّاءُ قيل لأَعرابي: يا مُصابُ. فقال: أَنتَ أَصْوَبُ مني. قال: والأَصل الإِصابةُ مِن صابَ يَصُوبُ إِذا قَصَدَ،
وانجابَتِ الناقةُ: مَدَّت عُنُقَها للحَلَبِ، قال: وأُراه مِن هذا
كَأَنـَّها أَجابَتْ حالِبَها، على أَنـَّا لم نَجِدِ انْفَعَل مِنْ أَجابَ. قال
أَبو سعيد قال لي أَبو عَمْرو بن العلاءِ: اكْتُبْ لي الهمز، فكتبته له فقال لي: سَلْ عنِ انْجابَتِ الناقةُ أَمَهْموز أَمْ لا؟ فسأَلت، فلم
أَجده مهموزاً.
والمُجاوَبةُ والتَّجارُبُ: التَّحاوُرُ.
وتَجاوَبَ القومُ: جاوَبَ بَعضُهم بَعْضاً، واسْتَعمله بعضُ الشُعراءِ في الطير، فقال جَحْدَرٌ:
ومِـمَّا زادَني، فاهْتَجْتُ شَوْقاً، * غِنَاءُ حَمامَتَيْنِ تَجاوَبانِ(1)
(1 قوله «غناء» في بعض نسخ المحكم أيضاً بكاء.)
تَجاوَبَتا بِلَحْنٍ أَعْجَمِيٍّ، * على غُصْنَينِ مِن غَرَبٍ وبَانِ
واسْتَعمَلَه بعضُهم في الإِبل والخيل، فقال:
تَنادَوْا بأَعْلى سُحْرةٍ، وتَجاوَبَتْ * هَوادِرُ، في حافاتِهِم، وصَهِيلُ
وفي حديث بناءِ الكَعْبَةِ: فسَمِعنا جَواباَ مِن السَّماءِ، فإِذا بِطائِرٍ أَعظَم مِن النَّسْرِ؛ الجَوابُ: صَوْتُ الجَوْبِ، وهو انْقِضاضُ
الطير. وقولُ ذي الرمة:
كأَنَّ رِجْلَيْهِ رِجْلا مُقْطِفٍ عَجِلٍ، * إِذا تَجاوَبَ، مِنْ بُرْدَيْهِ، تَرْنِيمُ
أَراد تَرْنِيمانِ تَرْنِيمٌ من هذا الجَناح وتَرْنِيمٌ مِن هذا الآخر.
وأَرضٌ مُجَوَّبةٌ: أَصابَ المطَرُ بعضَها ولم يُصِبْ بَعْضاً.
وجابَ الشيءَ جَوْباً واجْتابَه: خَرَقَه. وكُلُّ مُجَوَّفٍ قَطَعْتَ
وسَطَه فقد جُبْتَه. وجابَ الصخرةَ جَوْباً: نَقَبها. وفي التنزيل العزيز: وثَمُودَ الذين جابُوا الصَّخْرَ بِالوادِ. قال الفرَّاءُ: جابُوا
خَرَقُوا الصَّخْرَ فاتَّخَذُوه بُيُوتاً. ونحو ذلك قال الزجاجُ واعتبره بقوله: وتَنْحِتُون مِن الجِبال بُيُوتاً فارِهِينَ. وجابَ يَجُوبُ جَوْباً:
قَطَعَ وخَرَقَ. ورجُلٌ جَوَّابٌ: مُعْتادٌ لذلك، إِذا كان قَطَّاعاً للبِلادِ سَيَّاراً فيها. ومنه قول لقمان بن عاد في أَخيه: جَوَّابُ لَيْلٍ سَرْمد. أَراد: أَنه يَسْري لَيْلَه كُلَّه لا يَنامُ، يَصِفُه بالشَّجاعة.
وفلان جوَّابٌ جَأّبٌ أَي يَجُوبُ البِلاد ويَكْسِبُ المالَ.
وجَوَّابٌ: اسم رجل من بني كلابٍ؛ قال ابن السكيت: سُمي جَوَّاباً لأَنه كان لا يَحْفِرُ بئْراً ولا صخْرةً إِلا أَماهَها.
وجابَ النعلَ جَوْباً: قَدَّها. والمِجْوَب: الذي يُجابُ به، وهي حَديدةٌ يُجابُ بها أَي يُقْطَعُ. وجابَ المفَازةَ والظُّلْمةَ جَوْباً واجْتابَها: قَطَعَها. وجابَ البِلادَ يَجُوبُها جَوْباً: قَطَعَها سَيْراً.وجُبْتُ البَلدَ واجْتَبْتُه: قَطَعْتُه. وجُبْتُ البِلاد أَجُوبُها وأَجِيبُها إِذا قَطَعتها. وجَوَّابُ الفَلاةِ: دَلِيلُها لقَطْعِه إِيَّاها.والجَوْبُ: قطْعُك الشيءَ كما يُجابُ الجَيْبُ، يقال: جَيْبٌ مَجُوبٌ ومُجَوَّبٌ، وكلُّ مُجَوَّفٍ وسَطُه فهو مُجَوَّبٌ. قال الراجز:
واجْتابَ قَيْظاً، يَلْتَظِي التِظاؤُهُ
وفي حديث أَبي بكر، رضي اللّه عنه، قال للأَنـْصارِ يَوْم السَّقِيفةِ: إِنما جِيبَتِ العَرَبُ عنا كما جِيبَت الرَّحَى عن قُطْبها أَي خُرِقَتِ العَربُ عَنَّا، فكُنَّا وسَطاً، وكانت العرَبُ حَوالَينا كالرَّحَى.
وقُطْبِها الذي تَدُورُ عليه.
وانْجابَ عنه الظَّلامُ: انْشَقَّ. وانْجابَتِ الأَرضُ: انْخَرَقَتْ.
والجَوائِبُ: الأَخْبارُ الطَّارِئةُ لأَنها تَجُوبُ البِلادَ. تقول: هل
جاءَكم من جائبِة خَبَرٍ أي مِن طَريقةٍ خارِقةٍ، أَو خَبَرٍ يَجُوبُ
الأَرْضَ منْ بَلَدٍ إلى بَلَدٍ، حكاه ثعلب بالإِضافة. وقال الشاعر:
يَتَنازَعُون جَوائِبَ الأَمْثالِ
يعني سَوائِرَ تَجُوبُ البلاد.
والجابةُ: المِدْرى من الظِّباءِ، حين جابَ قَرْنُها أَي قَطَعَ اللحم
وطَلَع. وقيل: هي الـمَلْساءُ اللَّيِّنةُ القَرْن؛ فإِن كان على ذلك، فليس لها اشتقاق. التهذيب عن أَبي عبيدة: جابةُ المِدْرَى من الظِّباءِ، غير مهموز، حين طَلَعَ قَرْنهُ.
شمر: جابةُ المِدْرَى أَي جائِبَتُه حِينَ جابَ قَرْنُها الجِلدَ، فَطَلَعَ، وهو غير مهموز.
وجُبْتُ القَمِيصَ: قَوَّرْتُ جَيْبَه أَجُوبُه وأَجِيبُه. وقال شَمر:
جُبْتُه، وجِبْتُه. قال الراجز:
باتَتْ تَجِيبُ أَدْعَجَ الظَّلامِ،
جَيْبَ البِيَطْرِ مِدْرَعَ الهُمامِ
قال: وليس من لفظ الجَيْبِ لأَنه من الواو والجَيْبُ من الياءِ. قال:
وليس بفَيْعلٍ لأَنه لم يُلْفظ به على فَيْعَلٍ. وفي بعض نسخ الـمُصَنَّف: جِبْتُ القَمِيصَ، بالكسر، أَي قَوَّرْتُ جَيْبَه. وجَيَّبْتُه: عَمِلت له جَيْباً، واجْتَبْتُ القَمِيصَ إِذا لَبِسْتَه. قال لبيد:
فَبِتِلْكَ، إِذْ رَقَصَ اللَّوامِعُ بالضُّحَى، * واجْتابَ أَرْدِيةَ السَّرابِ إِكامُها
قوله: فَبِتِلْكَ، يعني بناقَتِه التي وصَفَ سَيْرَها، والباءُ في بتلك
متعلقة بقوله أَقْضي في البيت الذي بعده، وهو:
أَقْضِي اللُّبانةَ، لا أَفَرِّطُ رِيبةً، * أَو أَنْ يَلُومَ، بِحاجةٍ، لُوَّامُها
واجْتابَ: احْتَفَر. قال لبيد:
تَجْتابُ أَصْلاً قائماً، مُتَنَبِّذاً، * بُعُجُوبِ أَنْقاءٍ، يَمِيلُ هَيامُها(1)
(1 قوله «قائماً» كذا في التهذيب والذي في التكملة وشرح الزوزني قالصاً.)يَصِف بقرة احْتَفَرَت كِناساً تَكْتَنُّ فيه من المطر في أَصْل أَرطاةٍ.ابن بزرج: جَيَّبْتُ القَمِيصَ وجَوَّبْتُه. التهذيب: واجتابَ فلانٌ ثوباً إذا لَبِسَه. وأَنشد:
تَحَسَّرَتْ عِقَّةٌ عنها، فأَنْسَلَها، * واجْتاب أُخْرَى جَديداً، بَعْدَما ابْتَقَلا
وفي الحديث: أَتاه قَومٌ مُجْتابي(2)
(2 قوله «قوم مجتابي» كذا في النهاية مضبوطاً هنا وفي مادة نمر.) النِّمارِ أَي لابِسِيها. يقال: اجْتَبْتُ القمِيصَ، والظَّلامَ أَي دَخَلْتُ فيهما. قال: وكلُّ شيءٍ قُطِع وَسَطُه، فهو مَجْيُوبٌ ومَجُوبٌ ومُجَوَّبٌ، ومنه سُمي جَيْبُ القَمِيصِ. وفي حديث عليّ، كَرَّم اللّه وجهه: أَخَذْتُ إِهاباً مَعْطُوناً فَجَوَّبْتُ وَسَطه، وأَدْخَلْتُه في عُنُقي. وفي حديث خَيْفانَ: وأَما هذا الحَيُّ مِن أَنـْمارٍ فَجَوْبُ أَبٍ وأَوْلادُ عَلَّةٍ أَي إِنهم جِيبُوا من أَبٍ واحد وقُطِعُوا منه.
والجُوَبُ: الفُرُوجُ لأَنها تُقْطَع مُتَّصلاً.
والجَوْبة: فَجْوةُ ما بين البُيُوتِ. والجَوْبةُ: الحُفْرةُ.
والجَوْبةُ: فَضاءٌ أَمـْلَسُ سَهْلٌ بَيْنَ أَرْضَيْنِ. وقال أَبو حنيفة:
الجَوْبةُ من الأَرضِ: الدارةُ، وهي المكانُ الـمُنْجابُ الوطِيءُ من الأَرض، القليلُ الشجرِ مِثْلُ الغائط الـمُسْتَدير، ولا يكون في رَمْلٍ ولا جَبَلٍ، إِنما يكون في أَجلاد الأَرض ورِحابِها، سمي جَوْبةً لانْجِيابِ الشجر عنها، والجمع جَوْباتٌ، وجُوَبٌ، نادر. والجَوْبةُ: موضع يَنْجابُ في الحَرَّة، والجمع جُوَبٌ.
التهذيب: الجَوْبةُ شِبْهُ رَهْوة تكون بين ظَهْرانَيْ دُورِ القَوْمِ
يَسِيلُ منها ماءُ المطَر. وكل مُنْفَتِقٍ يَتَّسِعُ فهو جَوْبةٌ. وفي
حديث الاسْتِسْقاء: حتى صارت الـمَدينةُ مِثلَ الجَوْبةِ؛ قال: هي الحُفْرةُ الـمُسْتَديرةُ الواسِعةُ، وكلُّ مُنْفَتِقٍ بلا
بِناءٍ جَوْبةٌ أَي حتى صار الغَيْمُ والسَّحابُ مُحِيطاً بآفاق المدينةِ. والجَوْبةُ: الفُرْجةُ في السَّحابِ وفي الجبال. وانْجابَتِ السَّحابةُ: انْكَشَفَتْ. وقول العَجَّاج:
حتى إِذا ضَوْءُ القُمَيْرِ جَوَّبا، * لَيْلاً، كأَثْناءِ السُّدُوسِ، غَيْهَبا
قال: جَوَّبَ أَي نَوَّرَ وكَشَفَ وجَلَّى. وفي الحديث: فانْجابَ
السَّحابُ عن المدينةِ حتى صار كالإِكْلِيل أَي انْجَمَعَ وتَقَبَّضَ بعضُه إِلى بعض وانْكَشَفَ عنها.
والجَوْبُ: كالبَقِيرة. وقيل: الجَوْبُ: الدِّرْعُ تَلْبَسُه المرأَةُ.
والجَوْبُ: الدَّلْو الضَّخْمةُ، عن كراع. والجَوْبُ: التُّرْسُ، والجمع
أَجْوابٌ، وهو المِجْوَبُ. قال لبيد:
فأَجازَني منه بِطِرْسٍ ناطِقٍ، * وبكلِّ أَطْلَسَ، جَوْبُه في الـمَنْكِبِ
يعني بكل حَبَشِيٍّ جَوْبهُ في مَنْكِبَيْه. وفي حديث غَزْوة أُحُدٍ:
وأَبو طلحةَ مُجَوِّبٌ على النبي، صلى اللّه عليه وسلم، بحَجَفَةٍ أَي
مُتَرِّسٌ عليه يَقِيه بها. ويقال للتُّرْسِ أَيضاً: جَوبةٌ.
والجَوْبُ: الكانُونُ. قال أَبو نخلةَ:
كالجَوْبِ أَذْكَى جَمرَه الصَّنَوْبَرُ
وجابانُ: اسمُ رجل، أَلفُه منقلبة عن واو، كأَنه جَوَبانُ، فقلبت الواو قلباً لغير علة، وإِنما قيل فيه إِنه فَعَلانُ ولم يقل إِنه فاعال من ج ب ن لقول الشاعر:
عَشَّيْتُ جابانَ، حتى اسْتَدَّ مَغْرِضُه، * وكادَ يَهْلِكُ، لولا أَنه اطَّافا
قُولا لجَابانَ: فلْيَلْحَقْ بِطِيَّتِه، * نَوْمُ الضُّحَى، بَعْدَ نَوْمِ الليلِ، إِسْرافُ(1)
(1 قوله «إسراف» هو بالرفع في بعض نسخ المحكم وبالنصب كسابقه في بعضه أيضاً وعليها فلا اقواء.)
فَتَركَ صَرْفَ جابانَ فدلَّ ذلك على أَنه فَعَلانُ ويقال: فلان فيه
جَوْبانِ من خُلُقٍ أَي ضَرْبان لا يَثْبُتُ على خُلُقٍ واحدٍ. قال ذو
الرمة:
جَوْبَيْنِ مِن هَماهِمِ الأَغْوالِ
أَي تَسْمَعُ ضَرْبَيْنِ من أَصوات الغِيلانِ. وفي صفةِ نَهَرِ الجنة:
حافَتاه الياقوتُ الـمُجَيَّبُ. وجاءَ في مَعالِم السُّنَن: الـمُجَيَّبُ أَو الـمُجَوَّبُ، بالباءِ فيهما على الشك، وأَصله: من جُبْتُ الشيءَ إِذا
قَطَعْتَه، وسنذكره أَيضاً في جيب.
والجابَتانِ: موضِعانِ. قال أَبو صَخْرٍ الهُذلي:
لمَن الدِّيارُ تَلُوحُ كالوَشْمِ، * بالجَابَتَيْنِ، فَرَوْضةِ الحَزْمِ
وتَجُوبُ: قَبيلةٌ من حِمْيَر حُلَفاءُ لمُرادٍ، منهم ابن مُلْجَمٍ، لَعَنَهُ اللّه. قال الكميت:
أَلا إِنَّ خَيْرَ الناسِ، بَعْدَ ثلاثةٍ، * قَتِيلُ التَّجُوِبيِّ، الذي جاءَ مِنْ مِصْرِ
هذا قول الجوهري. قال ابن بري: البيت للوَليد بن عُقْبة، وليس للكميت كما ذكر، وصواب إِنشاده:
قَتِيلُ التُّجِيبِيِّ الذي جاءَ من مصرِ
وإِنما غَلَّطه في ذلك أَنه ظَنَّ أَن الثلاثة أَبو بكر وعمرُ وعثمانُ،
رضوانُ اللّه عليهم، فظَنَّ أَنه في عليّ، رضي اللّه عنه، فقال
التَّجُوبِيّ، بالواو، وإِنما الثلاثة سيِّدُنا رسولُ اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، وأَبو بكر وعمر رضي اللّه عنهما، لأَن الوليد رَثَى بهذا الشِّعْر عثمانَ بن عفان، رضي اللّه عنه، وقاتِلُه كِنانةُ بن بِشر التُّجِيبيّ، وأَما قاتل عليّ، رضي اللّه عنه، فهو التَّجُوبِيُّ؛ ورأَيت في حاشيةٍ ما مِثالُه: أَنشد أَبو عبيد البَكْرِيّ، رحمه اللّه، في كتابه فَصْلِ المقال في شرح كتاب الأَمثال هذا البيت الذي هو:
أَلا إِنَّ خير الناس بعد ثلاثة
لِنائلةَ بنتِ الفُرافِصةِ بن الأَحْوَصِ الكَلْبِيَّةِ زَوْجِ عثمان، رضي اللّه عنه، تَرثِيه، وبعده:
وما لِيَ لا أَبْكِي، وتَبْكِي قَرابَتي، * وقد حُجِبَتْ عنا فُضُولُ أَبي عَمْرِو